Professional Documents
Culture Documents
أبريل 2010م
1
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
الحمد هلل والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..وبعد ،
بناء على
فهذا بحث حول سياسة توزيع األرباح في المؤسسات المالية اإلسالمية ،جرى إعداده ً
الــباحـــث
2
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المقدمة:
تهدف المصرفية اإلسالمية إلى انتشال المسلمين من ربقة التعامل الربوي ،واألخذ بهم إلى رحاب
الشريعة اإلسالمية بضوابطها التي تقوم باألساس على العدل بين المتعاملين ،ووفق اً لهذا األساس
حرم اهلل الربا والغرر والغش وأكل المال بالظلم .وفي المقابل نظمت الشريعة اإلسالمية العالقات
المالي ة بين الن اس على أس اس ال بيوع المش روعة والمش اركات واالج ارات وف ق ش روط وض وابط
وكما هو معلوم فإن نظرية المصرف اإلسالمي قامت على أساس تقديم عقد المضاربة الشرعي
ب ديالً للعالق ة الربوي ة ال تي تق وم عليه ا نظري ة المص ارف التقليدي ة .ف انتظمت العالق ة بين العمالء
والبن ك على أس اس تق ديم العمالء ألم والهم في ش كل ودائ ع /حس ابات اس تثمار يق وم المص رف
ف الربح إذن ه و مح ور نظري ة المص رف اإلس المي ،وه ذا يقتض ي ص ياغة أس س وقواع د عادل ة
لتوزيع ه بين أص حاب حق وق الملكي ة وأص حاب حس ابات االس تثمار ،وبي ان السياس ات ال تي تتبعه ا
المؤسسات المالية اإلسالمية في إدارة الحسابات االستثمارية خاصة وأن حسابات االستثمار تمثل
الجزء األكبر من أصول البنك اإلسالمي ،ضرورة أن يكون للمصارف اإلسالمية سياسات وأسس
3
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى بيان السياسات التي تتبعها المؤسسات المالية اإلسالمية في توزيع األرباح
أهمية البحث:
إن عملية توزيع األرباح تعد من الموضوعات المهمة في مجال الصيرفة اإلسالمية ،من حيث إنها
تعكس مدى التزام المصارف اإلسالمية بالشروط والضوابط الشرعية لعقد المضاربة ،كما إنها
تعكس مدى شفافية المصارف اإلسالمية في عالقتها مع أصحاب حسابات االستثمار ،ومدى إتباع
يض اف إلى م ا تق دم ف إن عدال ة توزي ع األرب اح في المص ارف اإلس المية من ش أنها أن تس هم في
وتأسيساً على ما تقدم فقد ُبني هذا البحث على ثالثة مباحث وذلك على النحو اآلتي:
4
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المبحث األول
األحكامـ الشرعية للربح في عقد المضاربة
الربح في عقد المضاربة نابع من عالقة مالية ثنائية ناتجة عن تمازج رأس المال بالعمل ،وتقوم
ه ذه العالق ة الثنائي ة في المص رف اإلس المي بين ط رفين ،أح دهما رب الم ال ويتمث ل في " جمي ع
أص حاب الودائ ع االس تثمارية " واآلخ ر المض ارب وه و المص رف اإلس المي بشخص يته
المعنوي ة ... .ويحكم ه ذه العالق ة الثنائي ة بين الم ودعين والمص رف اإلس المي أحك ام ش ركة
المضاربة الشرعية .أما العالقة بين المودعين بعضهم .أما العالقة بين المودعين بعضهم البعض،
أو المس اهمين بعض هم البعض ،فتق وم على أس اس ش ركة العن ان ،من حيث تحدي د وتوزي ع األرب اح
والخسائر.1 "..
وعلى ذلك توضح شروط وأحكام الربح في شركتي المضاربة والعنان طريقة المصرف اإلسالمي
في تحدي د واحتس اب وتوزي ع أرباح ه على مختل ف الودائ ع المص رفية .وعلي ه س نتناول الش روط
واألحكام المتعلقة بالربح في شركة المضاربة باختصار في القواعد التالية:
) (1قرارات مجمع الفقه اإلسالمي الدولي في دورية الثالثة عشرة بدولة الكويت 12 -7شوال 1422هـ الموافق 27/12/2001-22م
5
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
وفيما يتعلق بالنقطة األخيرة المتعلقة باختصاص رب المال والمضارب بالربح فإن األصل أن
يكون الربح خاص اً بهما :وذلك ألن الربح ثمر ما قدمه المتعاقدان من مال وعمل لذا ،وذلك فإن
الربح يصبح خالصاً لهما ،بحيث يقتصر عليهما وال يعدوهما إلى غيرهما .في رأي بعض الفقهاء،
حيث نص الش افعية على ذل ك بق ولهم( :ويشترط اختصاص هما ب الربح ،فال يج وز ش رط ش يء من ه
لثالث ،إال عبد المالك أو عبد العامل ،فإن شرط له ،يضم إلى ما شرط لسيده).2
وهناك من الفقهاء من يورد تفصيالً حول هذا الموضوع األمر الذي يقتضي طرح السؤال التالي:
هل يجوز حجز أو تخصيص جزء من أرباح المضاربة لصالح طرف ثالث ،أو جهات أخرى غير
طرفي المض اربة (أي رب الم ال والعام ل في ه) ؟ في ه ذا الص دد نج د أن الفقه اء المتق دمين ميزوا
في هذه المسألة بين حالتين:
الحالــة األولى :يج وز إذا ش رط على الط رف الث الث القي ام بعم ل في المض اربة ،ففي ه ذه الحال ة
اتفق الفقهاء على جواز أن يشترط له جزء من الربح ،وتكون المضاربة مع عاملين فيستحق كل
منهم ا بعض ال ربح لغ ير المض ارب ،ف إن ك ان ألجن بي وش رط عمل ه فالمض اربة ج ائزة والش رط
جائز ،ويعتبر رب المال دافعاً المال مضاربة لرجلين).3
الحالة الثانية :إذا لم يشترط على الطرف الثالث القيام بأي عمل مع المضارب ،وفي هذه الحالة
اختلفت الفقهاء على ثالثة أقوال:
القول األول :الشرط فاسد والعقد صحيح ،ألن الربح ،إنما يستحق برأس المال أو بالعمل ،أو
بالضمان ،ولم يوجد من ذلك األجنبي شيء من هذه األمور الثالثة ،فال يستحق شيئاً مما شرط
له.
القــول الثــاني :فس اد الش رط والعق د مع اً ،وه و رأي الش افعية والحنابل ة ،ألن الط رف الث الث لم
يوجد منه شيء يستحق به ما شرط له من الربح ،وألن هذا الشرط يؤدي إلى جهالة نصيب كل
من المتعاقدين من الربح .
4
6
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
القول الثالث :ويرى أصحابه جواز الشرط والعقد مع اً .جاء في الخرشي ( :يجوز اشتراط ربح
القراض كله لرب المال ،أو للعامل أو لغيرهما ،ألنه من باب التبرع ،وإ طالق القراض عليه
حينئ ذ مج از ويلزمهم ا الوف اء ب ذلك إن ك ان المش ترط معين اً ،وقي ل يقض ي ب ه إن امتن ع المل تزم
منهما) .
5
ورأى المالكي ة بج واز الش رط والعق د مع اً في نظرن ا ،ه و ال رأي األرجح ألن ربح
المض اربة ح ق للمتعاق دين ،حيث إن حص ة ك ل منهم ا ج زء معل وم وش ائع من مجم وع ال ربح ،
فلهم ا أن يتبرع ا ،أو يهب ا من ه ،وألن ه ذا الش رط ال ي ؤدي إلى جهال ة ال ربح ،وال يوق ع في
محظور شرعي ،ويفتح باب التطوع لألعمال الصالحة.
تعديل نسبة الربح بعد التعاقد:
هل يجوز تعديل نسبة الربح بين المضارب ورب المال بعد التعاقد ؟
األصل أن يتفق كل من رب المال والمضارب على تحديد نصيب كل منهما من الربح في بداية
االتفاق في عقد المضاربة وذلك كأن يحدد نصيب المضارب بالثلث ورب المال بالثلثين ،ولكن
أثناء ممارسة العمل أو بعد االنتهاء منه وتصفية المال ،قد يطلب أحدهما تعديل الربح إذا ظن أنه
مغبون فهل يجوز ذلك ؟
ذهب الحنفية والمالكية على جواز تعديل نسبة الربح بين المضارب ورب المال إذا حصل
غبن على أح دهما ،وتراض يا على ه ذا التع ديل .وه ذا م ا أخ ذت ب ه بعض المص ارف اإلس المية
6
حيث جاء في فتاوى المضاربة ( :يجوز التعديل في الشروط المقترنة بعقد المضاربة في أي وقت
،سواء كان التعديل في نسبة الربح أو غيرها ما دام ذلك برضاء الطرفين ،وكان الشرط الالحق
ج ائزاً ول و لم يكن منصوص اً علي ه في العق د ،وإ ذا رأي البن ك مص لحة في أن يتض من عق د
المضاربة نصاً بمراجعة نسبة الربح المشروطة في العقد في نهاية الصفقة ،أو في نهاية عام مثالً
لتع ديلها بالتراض ي بين الط رفين ،فال م انع ش رعاً من ه ذا الش رط ،وال جهال ة في ه ،ب ل يج وز
التعديل في نسبة الربح في شركة المضاربة قبل نهاية الصفقة برضاء الطرفين كما نص على ذلك
الشيخ خليل في مختصره. )....
7
7
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
والمقص ود به ذه القاع دة :أن يتأك د المص رف اإلس المي أوالً من س المة رأس الم ال ،ثم م ا زاد
على رأس الم ال تط رح من ه جمي ع النفق ات والمص روفات الخاص ة به ذه المض اربة ( وتط رح من
رأس الم ال نفس ه إن لم يوج د ربح في ه ذه الحال ة فق ط ) ،وم ا تبقى بع د ذل ك يع د ربح اً ق ابالً
للتوزيع بين طرفي أو أطراف المضاربة بحسب ما اتفقا عليه مسبقاً .يقول ابن قدامة( :الربح هو
الفاضل عن رأس المال ،وما لم يفضل فليس بربح ،وال نعلم في هذا خالفاً) .
8
ويسري هذا الحكم عند تكرار الربح والخسارة في المضاربات المتعددة التي يربح بعضها ويخسر
بعض ها اآلخ ر ،إذا ك انت جميعه ا ممول ة من حس اب االس تثمار المش ترك الع ام كم ا ه و الح ال في
حساب االستثمار في المصارف اإلسالمية ،وذلك ألن المضاربة ( :تقتضي رد رأس المال على
ص فته) .وبالت الي ف إن المض ارب ال يس تحق (أخ ذ ش يء من ال ربح ح تى يس لم رأس الم ال إلى
9
ربه) .
10
المبحث الثاني
8
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
يجري االستثمار في المؤسسات المالية اإلسالمية على أساس قيام البنك بخلط حسابات االستثمار
ال تي يودعه ا المس تثمرون ب األموال األخ رى ال تي تحت إدارت ه ،ثم يق وم باس تثمارها .وه ذا األم ر
يتطلب منا تحديد مصادر األموال وتحديد إسهامها في توليد األرباح ،حتى يتسنى لنا إبراز آليات
توزيع األرباح.
أ ) مصادر األموال
وفي هذا الصدد فإن مصادر األموال في المؤسسات المالية اإلسالمية تأخذ عدة أشكال وهي:
أوالً – رأس المال الذاتي ويشمل:
رأس المال المدفوع من المساهمين بعد خصم التكوينات الرأسمالية. -1
االحتياطات النقدية . -2
األرباح غير الموزعة واألرباح المرحلة. -3
) (11انظر د .الغريب ناصر ،أصول المصرفية اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص .66
د .عبدالرزاق نعيم الهيتي ،المصارف اإلسالمية بين النظرية والتطبيقـ ،االردن ،عمان ،دار اسامة للنشر والتوزيع ،1998ص.271
د .عاشور عبدالجواد عبدالحميد ،النظام القانوني للبنوك اإلسالمية ،القاهرة ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي 1996 ،م ص .136
9
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
وهي الحسابات أو الودائع النقدية التي يقوم أصحابها بإيداعها في المصرف اإلسالمي
بناء على رغبتهم
بغرض استثمارها في مشاريع محددة " تجارية ،عقارية ،صناعية " ً
بناء على نصيحة يقدمها إليهم المصرف اإلسالمي على أن يوزع العائد
الخاصة ،أو ً
الناشئ من هذه المشروعات المخصصة على المشاركين فيها كل مشروع على حده.12
ب -سياسات المؤسسات المالية فيما يتعلق بتشغيل األصول التي تحت إدارتها:
) (12انظر د .عاشور عبد الحميد ،النظام القانوني ،مرجع سابق ،ص .137
معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ،البحرين ،المنامة 1988م ،ص .259 ،201
) (13انظر بنك التضامن ،النشأة والتطور ،مرجع سابق ص . 24
د .احمد حسن الحسني ،الودائع المصرفية ،انواعها ،استخدامها ،استثمارها – بيروت :المكتبة المكية ،دار ابن حزم للطباعة والنشر
والتوزيع 1999م ص .102
) (14انظر فتاوى الخدمات المصرفية ،مرجع سابق ص * . 161يرى الباحث أن هذه الجوائز غير جائزة ألن فيها شبهة ربا.
10
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ال شك أن الطريقة التي تدير بها المؤسسات المالية لألصول المالية التي تحت إدارتها لها تأثير
مباش ر في عملي ة توزي ع األرب اح ،ويتض ح ذل ك إذا علمن ا أن المؤسس ات المالي ة اإلس المية تتب ع
سياسات متباينة فيما يتعلق بالجوانب التالية:
أولوية األموال المستثمرة (أ)
النموذج الثاني :ووفقاً لهذا النموذج فإن السياسة المتبعة تقوم على أساس إعطاء أولوية االستثمار
ألموال البنك ،بحيث تعتبر أموال المساهمين مستثمرة بنسبة %100وما زاد على ذلك تشترك فيه
أموال المستثمرين ،ومن أمثلة المؤسسات المالية اإلسالمية التي تتبع هذه السياسة بنك دبي
11
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
اإلسالمي وبيت التمويل الكويتي .ويالحظ أن هذه المؤسسات تقوم بإشراك الحسابات االستثمارية
في جميع اإليرادات وتحمل النفقات.
النموذج الثالث :يتبنى أصحاب هذا النموذج طريقة النمر أو األعداد ووفقاً لهذه الطريقة يتم اعتبار
مساهمة األموال المشتركة في االستثمار على أساس فئات المستثمرين ومدة االستثمار والوزن
النسبي لكل فئة ،يشترك في ذلك أموال المستثمرين وأموال المساهمين وذلك على النحو التالي:
المصدر :د .حسين شحاتة ،الجوانب المحاسبية لمشكلة قياس وتوزيع عوائد االستثمارات في
المصارف اإلسالمية " دراسة فكرية ميدانية " بحوث مختارة من المؤتمر األول للبنوك اإلسالمية
المنعقد باسطنبول 1988ص .136
االستثمار والحسابات الجارية ،وكذلك االحتياطي الذي يحتفظ به البنك لمجابهة السحوبات
اليومية.
وفي ظننا أن طريقة األعداد أو النمر تعد هي اآللية األكثر عدالة والتي ينبغي على المؤسسات
المالية اإلسالمية إتباعها فهي تقوم على أسس منطقية تبدو أقرب للعدالة من المنهجين السابقين.
12
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
من المسائل ذات الصلة بالموضوع المتقدم ،موضوع حساب معدالت االستثمار ،والسياسات التي
تتبعها المؤسسات المالية في حسابها ،فمن المعروف أن عملية حساب الربح تقتضي حساب معدل
االستثمار الذي هو نسبة من أصل الوديعة التي تعتبر مشاركة في االستثمار فعلياً.
وعند حساب المؤسسات المالية اإلسالمية لمعدل االستثمار تأخذ في اعتبارها عدة أمور منها:
االحتياطيات النظامية -
االحتياطيات النقدية -
بحيث تقتطع المؤسسات المالية اإلسالمية نسبة من الحساب االستثماري في شكل احتياطي نقدي
أو احتياطي نظامي ،وهذا في واقع األمر يعد أمراً مقبوالً من حيث المبدأ ،غير أن السياسات
التي تتبعها المؤسسات المالية اإلسالمية في هذا الصدد غير متجانسة فمنها ما يربط ذلك بحسب
آجل الحساب االستثماري بحيث يرتفع معدل الحساب االستثماري كلما طال أجل الحساب ،فيكون
معدل الحساب االستثماري لمدة سنة %90ولمدة 9أشهر %70ولمدة ثالث أشهر %50وهكذا.
ومن المؤسسات المالية من يأخذ بمعدل استثمار موحد مثل البنوك اإلسالمية السودانية التي تقتطع
نسبة واحدة من جميع الحسابات ،وما بقي يعد مستثمراً.
وال شك أن السياسات المتبعة في حساب معدل االستثمار من شأنها أن تحدث تفاوتاً في توزيع
الربح بين المستثمرين والمساهمين ،وفي اعتقادنا أن بناء معدل االستثمار على أساس نسب
االحتياطي النظامي والقانوني التي تطلبها البنوك المركزية يعد أقرب السياسات للعدالة وذك في
حال عدم إعطاء المصارف اإلسالمية خصوصية من المصارف المركزية تعفيها من اشتراط نسبة
االحتياطي القانوني بالنسبة لحسابات االستثمار.
مساهمة األصول الثابتة في األرباح: (ث)
بعض المؤسسات المالية اإلسالمية تقوم بإدراج جميع رأس مال البنك المدفوع عند قياس األموال
المشتركة في توليد األرباح ،ويشمل ذلك أيضا األصول الثابتة التي تم تكوينها من رأس المال.
والحجة التي يبرر بها أصحاب هذا المنهج هي أن رأس المال قد أوجد للمصرف اسماً وشهرة
16
وساهمت هذه األصول بحسب حجمها في بلورة االسم والشهرة" ..
وتذهب البنوك التي تتبع هذه السياسة إلى إشراك المستثمرين في جميع اإليرادات وتحمل جميع
النفقات .غير أن هذه السياسة يشوبها الكثير من عدم الوضوح ،يتضح ذلك إذا علمنا أن ليس هناك
) )16د .أحمد على عبدهللا ،معادلة توزيع األرباح بين المساهمين والمستثمرين ،ص18
13
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
أسس واضحة تتبعها المؤسسات المالية اإلسالمية في حساب النفقات وتحميلها كما سيتضح لنا
الحقاً.
هن اك بعض األس س والسياس ات ال تي ينبغي أن تتبعه ا البن وك في س بيل قي اس األرب اح المتحقق ة
،حيث أن ع دم االتف اق على ه ذه األس س من ش أنه أن ي ؤثر على نت ائج القي اس ومن ثم نت ائج
التوزيع.وتشمل هذه األسس ما يلي :
أوال :األخذ بمبدأ التنضيض:
طبق ا للش روط الش رعية للمض اربة ف ان ال ربح ال يتحق ق إال بع د التأك د من س المة رأس الم ال ،
ويكون ذلك بتنضيض أصول المضاربة والذي يعني طبقا للصاوي( ..خلوص المال وظهوره ببيع
17
السلع)
ويتم ذلك محاسبياً عن طريق( :تقويم أعمال المشروع بالقيمة الجارية لها وقت التقويم في نهاية
18
كل فترة محاسبية ،وذلك لغرض تصفيتها وتوزيع نتائجها على مستحقيها).
جاء في المغني عن اإلمام أحمد في المضارب يربح ويضع مراراً أنه قال ( :يرد الوضيعة على
الربح ،إال أن يقبض المال صاحبه ،ثم يرده إليه ،فيقول أعمل به ثانية ،فما ربح بعد ذلك ال
تج بر ب ه وض يعة األول ،فه ذا ليس في نفس من ه ش يء ،وإ نم ا م ا لم ي دفع إلي ه ،فح تى يحتس با
حس اباً ك القبض ،قي ل لإلمـام ،وكي ف يك ون حس اباً ك القبض ؟ ق ال يظه ر الم ال ـ يع ني ينض ـ
ويجئ فيحتسبان عليه ،فإن شاء صاحب المال قبضه ،قيل له فيحتسبان على المتاع ،فقال :ال
19
يحتسبان إال على الناض ،ألن المتاع قد ينحط سعره ويرتفع).
وعلى ذل ك ،فل و نض الم ال ،وحض ر رب الم ال القس مة وتأك د من س المة رأس الم ال وقبض ه ،
فإذا كانت هناك أرباح فإنها توزع بين رب المال والمضارب بحسب شرطهما واتفاقهما في بداية
العقد .ويتحقق ذلك محاسبياً بطريقين :ـ
) ( 17الصاوي ،الشيخ احمد بن محمد ،بلغة السالك ألقرب المسالك ،مصر :شركة مكتبة مطبعة مصطفى البابي الحلبي 1372هـ
1952 م .2/254
) ( 18األبجي ،كوثر عبدالفتاح محمود ،قياس وتوزيع الربح في البنك اإلسالمي ،القاهرة :المعهد العالمي للفكر اإلسالمي 1996م ص 22
د .شوقي اسماعيل شحاته ،نظرية المحاسبة المالية من منظورـ إسالمي ،القاهرة :الزهراء لإلعالم العربي 1987 ،م ص .142
14
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
األول :التنض يض الفعلي أو الحقيقي ،وذل ك بتحوي ل الع روض إلى نق ود ثم إج راء التص فية
الحسابية التامة أو النهائية ،وذلك فيما يتعلق بالمضاربات التي يمكن تصفيتها سنوياً عند
نهاية المشروع ،أو الفترة المحاسبية ،كما هو الحال في المضاربات الخاصة .
الثــاني :التنض يض الحكمي ،وذل ك فيم ا يتعل ق بالمض اربات المس تمرة ال تي ال يمكن للمص رف
تصفيتها كلها في وقت واحد ثم إعادة رؤوس األموال ألصحابها ،واقتسام الربح المتبقي
ألنها مضاربة مستمرة وال تتوقف رغم دخول العشرات وخروج أمثالهم في كل يوم ،كما
هو الحال في المضاربة المشتركة التي تمارسها المصارف اإلسالمية باعتبارها مضارباً .
وقد بحث الفقهاء هذه المسألة ،وهي :إذا ظهر ربح في المضاربة وهي مستمرة فهل يجوز اقتسامه
مع استمرار المضاربة ؟ أم البد من فسخ المضاربة السابقة ؟ ولهم في ذلك رأيان -:
الرأي األول:
يرى أصحابه عدم جواز استمرار المضاربة إذا تم تقسيم الربح ،ألن الربح وقاية لرأس المال ،
وقد تحدث خسارة بعد القسمة فتجبر بالربح السابق ،ألن العقد مستمر وال يسمى ربح اً إال ما زاد
على رأس الم ال بع د انته اء المض اربة وعلى ه ذا األس اس ،ف إن ال ربح ال يمكن تقس يمه م ا دامت
20
المضاربة مستمرة ،وبهذا قال الحنفية.
الرأي الثاني :
يج وز اقتس ام ال ربح الن اتج عن المض اربة بين أطرافه ا ،وتنض يض م ال المض اربة ،م ع بق اء
المضاربة واستمرارها ،ألن الربح حق للمتعاقدين ،فيجوز لهما اقتسامه في أي وقت يتفقان عليه
،وال تجبر الخسارة التي تحدث بعد ذلك من الربح السابق الذي تم تقسيمه بموافقة كل الطرفين
وبذلك تكون المحاسبة والقسمة بمثابة فسخ حكمي للمضاربة األولى ،وإ بقاء رأس المال بيد نفس
المضارب ،على نفس الشروط السابقة بمثابة عقد جديد ،فيأخذ كل منهما حكم نفسه وال تجبر
خسارة أحدهما بربح اآلخر وبهذا قال الحنابلة وغيرهم .جاء في كشاف القناع ( :ويحرم قسمته ـ
أي الربح ـ والعقد باق ،إال باتفاقهما على قسمته ،ألنه مع امتناع رب المال وقاية لرأس ماله ،
)( 20ا بن حزم محمد بن احمد ،المحلى ،بيروت :المكتب التجاري للطباعة والنشر (بدون) 8/248
15
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ألن ه ال ي أمن من الخس ران فيج بره الربح ،وم ع امتن اع العام ل ال ي أمن أن يلزم ه رد م ا أخ ذه في
وقت ال يقدر عليه ،فال يجبر واحد منهما ،وإ ن اتفقا على قسمة أو قسم بعضه ،أو على أن يأخذ
كل واحد منهما كل يوم قدراً معلوماً جاز ،ألن الحق لهما ،ال يعدوهما) 21.
والرأي األول الذي يأخذ بمبدأ التنضيض الحكمي هو الرأي الراجح في نظرنا ،وهو الذي يجري
بموجبه العمل في المصارف اإلسالمية القائمة حالياً .وقد صدر قرار المجمع الفقهي اإلسالمي في
دورت ه السادس ة عش رة بمك ة المكرم ة بت اريخ 26/10/1422-21هـ بج واز التنض يض الحكمي
والذي نصه على اآلتي:
أوالً :ال م انع ش رعاً من العم ل بالتنض يض الحكمي ( التق ويم) من أج ل تحدي د أو توزي ع أرب اح
المضاربة المشتركة أو الصناديق االستثمارية أو الشركات بوجه عام ويكون هذا التوزيع نهائياً مع
تحقق المبارأة بين الشركاء صراحة أو ضمناً .22.....
ثانياً :يجب إجراء التنضيض الحكمي من قبل أهل الخبرة في كل مجاله وينبغي تعددهم بحيث ال
يقل العدد عن ثالثة وفي حالة تباين تقديراتهم يصار إلى المتوسط منها واألصل في التقويم اعتبار
القيمة النقدية العادلة.
واألخذ بمب دأ التنض يض الحكمي يع د أمر الزم اً مبدأ الدوري ة المتب ع في العرف المحاس بي والذي
يقوم على أساس تقسيم حياة المشروع الى فترات دورية .كما أن تطبيق مبدأ التنضيض يعد من
ل وازم المض اربات المش تركة المس تمرة بس بب اختالف مواعي د التخ ارج ألرب اب األم وال ،إذ
يقتضي التخارج نهائية التوزيع الذي تم بين األطراف تحقيق اً لمبدأ المبارأة الذي أشار إليه قرار
ندوة البركة الذي جاء فيه :
أوالً " -في حالة التنضيض الحكمي آخر كل فترة مالية يمتنع جبر خسارة عملية في فترة بربح
عملية في فترة أخرى ألن التحاسب التام الذي تمثله القوائم المالية بمثابة إنهاء للمضاربة السابقة
والشروع في مضاربة جديدة.
ثانيـاً -إذا لم يقبض أح د ط رفي المض اربة حص ته من األرب اح بالتنض يض الحكمي بقص د ض مها
إلى رأس الم ال يعت بر ال ربح في الف ترة الالحق ة م ا زاد عن مجم وع رأس الم ال الس ابق المض موم
إليه.
16
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
أما فيما يتعلق بالديون فإنها ال تكون مشمولة بمبدأ التنضيض الحكمي ,بل ينبغي أن تتم معالجتها
على أساس تكوين المخصصات.
ثالثا :اس تنادا إلى م ا ج اء في ق رار مجم ع الفق ه اإلس المي ال دولي رقم )5/5(43بش ان الحق وق
المعنوية ،من أن لها قيمة مالية معتبرة ،فإنه يتم تقويمها ضمن التنضيض الحكمي إذا اشتريت
من مال المضاربة.
رابعا :ال تخضع الديون للتنضيض ،ألن اعتبار القيمة الزمنية للديون أو النقود مبدأ ربوي ،وإ ذا
كان تحصيل الدين مشكوكاً فيه فإنه يتم عند التنضيض الحكمي للمضاربة تكوين مخصص له ،
وهو من قبيل التفرقة المقررة في الفقه بين ما هو مرجو السداد وغير موجود السداد منها" 23.
وعند األخذ بمبدأ التنضيض الحكمي ينبغي مراعاة االلتزام بالمبادئ والشروط التي أشارت إليه
هيئة المعايير وهي.
االعتماد على المؤشرات الخارجية مثل أسعار السوق. أ-
استخدام جميع المعلومات المتاحة ذات العالقة باالستثمار عند تقدير القيمة النقدية المتوقع ب-
تحقيقها بما في ذلك السالب والموجب منها.
استخدام طرق منطقية مالئمة لتقدير القيمة النقدية المتوقع تحقيقها. ت-
الثب ات في اس تخدام طري ق التنض يض الحكمي ألن واع االس تثمارات المماثل ة بين الف ترات ث-
المحاسبية المختلفة.
االعتماد على أصحاب الخبرة لتقدير القيمة النقدية المتوقع تحقيقها. ج-
الحيطة والحذر في التقدير وذلك عن طريق االلتزام بالموضوعية والحياد في اختيار القيمة ح-
النقدية المتوقع تحقيقها .24إضافة إلى أهمية أن تكون المعلومات المفصح عنها دقيقة وموثوق اً بها،
وأن يتصف التقويم باإلظهار العادل والموضوعية ،والحياد التام.
وهناك عدد من األسس المحاسبية التي يمكن إتباعها لتقويم أصول المضاربة منها :
التقويم على أساس القيمة التاريخية ألصول المضاربة وهو المعيار األكثر استخداما
لدى المحاسبين
17
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
التقويم على أساس القيمة االستبدالية ،وبمعنى آخر قياس التكلفة التي
س تدفعها المؤسس ة فيم ا ل و أرادت الحص ول على نفس موج ودات
المضاربة عند لحظة التقويم
التقويم على أساس القيمة الجارية لموجودات المشروع
ويمكن للمص ارف اإلس المية اس تخدام أك ثر من معي ار لقي اس أص ول المض اربة فتس تخدم معي ار
التكلف ة التاريخي ة لقي اس واثب ات رأس مال المض اربة ،واس تخدام معي ار القيم ة الجاري ة لتق ويم
موجودات المضاربة عند إجراء التقويم.
أما بالنسبة للديون فال تخضع للتقويم أو التنضيض كما أشار إلى ذلك قرار المجمع الفقهي
اإلسالمي المذكور أعاله .ألن اعتبار القيمة الزمنية للديون مبدأ ربوي ،وعلى المصرف معالجة
الديون المشكوك في تحصيلها عن طريق المخصصات .
ثانيا :األخذ بمبدأ التحقق:
وه و أن ال ربح في المض اربة ال يتحق ق إال بع د تص فية عملي ات المض اربة ،وع ودة راس الم ال
نقوداً كما كان .والتحقق إما أن يكون بالقبض الفعلي أو باالستحقاق وال يكون باالفتراض والتقدير
أو التوقع كما نص على ذلك قرار المجمع الفقهي الدولي ،وعلى ذلك ،يتحقق الربح في المضاربة
بالمحاسبة التامة المعتمدة على القبض ،أو التحقق النقدي الفعلي لألرباح ،بعد سالمة رأس المال
،وخصم مصروفات المضاربة .
أما بالنسبة لألرباح التي نشأت نتيجة تقويم موجودات المضاربة بالقيمة الجارية ،ولكن لم تتحقق
بالبيع الفعلي فيجب أخذها في الحسبان واعتبارها أرباح اً حقيقية من حق جميع الشركاء في الفترة
المحاسبية ،ولكن غير قابلة للتوزيع حتى تتحقق بالبيع الفعلي ،فإن تحققت فعالً ،يجب توزيعها
على جميع الشركاء في الفترة المحاسبية التي نشأت فيها هذه األرباح ،كل بقدر ماله .
وبناء على هذا المفهوم لتحقق الربح في المضاربة صدرت بعض الفتاوى المصرفية بذلك مثل :
فتوى الهيئة الشرعية للبركة عن كيفية تحقيق األرباح في المضاربة ،حيث جاء فيها ما يلي :ـ
أ ـ تعتمد الشركة على تحديد األرباح على إحدى طريقتين :
* التحقق الفعلي لألرباح بالتنضيض الحقيقي " تحويل األصول إلى نقود.
* التنض يض الحكمي ،وذل ك ب التقويم لألصول بالقيم ة النقدية المتوقع تحقيقها طبق اً
للمعايير المحاسبية المعتبرة .
18
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ب ـ يتوقف تحقيق الربح في حاالت التمويل بالمشاركة العادية ،أو بالمضاربة الشرعية
على تم ام التنض يض ،س واء أك ان حقيقي اً أو حكمي اً بع د المحاس بة ،وحس م المص اريف
واسترداد رأس المال .وتكون أرباح كل فترة دورية داخلة في حساب تلك الفترة التي تتم
فيها المحاسبة ،سواء على كامل العملية ،أو على أي جزء منها".25
) )25فتاوى الهيئة الشرعية ،دلة البركة ،جمع وفهرسة د .عبدالستار أبو غده ،عز الـدين محمد خـوجه ،مجموعة دلـة البركة 1997م ص .54
) )26انظر الكاساني ،بدائع الصنائع ،مرجع سابق ،6/87
والبهوتيـ ،شرح االرادات ،مرجع سابق .2/334 ،
19
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ويمكن أن يضاف لهذه الشروط شرط رابع وهو :عدم اشتراط استحقاق العميل لجوائز أو هدايا.
كما يحق للمصرف أخذ أجرة على خدمات الحساب الجاري.30
20
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
وإ يرادات الخزائن الحديدية وما يماثل ذلك ..فهذه اإليرادات هي أيض اً تخص المضارب وحده
وليس ألصحاب الودائع ألنها خدمات من تمويل المساهمين الذي يمثلهم المضارب.
أم ا الحس ابات االس تثمارية المش تركة فكم ا تمت اإلش ارة ف إن البن ك ي ديرها على أس اس عق د
المضاربة ،كما انه يقوم بخلطه ا بأموال ه الذاتية ويستثمرها في تموي ل أنشطته المختلف ة وبذلك
فإن اإليرادات المتولدة من هذه المحفظة تكون مشتركة بين المستثمرين باعتبارهم أرباب مال
من جه ة وبين البن ك باعتب اره مض ارباً وباعتب اره مال ك لحص ة من رأس الم ال ال ذي اش ترك في
التموي ل ،ففي ح ال تحق ق أرب اح ف إن البن ك يس تحق النس بة المتف ق عليه ا إلدارة المض اربة كم ا
يستحق نسبة من الربح تكون متناسبة مع نسبة رأس مال البنك الذي اشترك في التمويل ،وفي
حال ة الخس ارة يتحمله ا أص حاب الحس ابات االس تثمارية والبن ك بنس بة مس اهمة ك ل منهم في
21
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المحفظة كما يخسر البنك عمله وتتحمل المحفظة في جميع األحوال المصروفات والمخصصات
الخاصة بها كما سنرى الحقاً.
من الموض وعات ال تي ت ؤثر في عملي ة توزي ع األرب اح قض ية اس ترداد الم ودع لكام ل وديعت ه أو
بعض اً منه ا قب ل انته اء ف ترة المض اربة المتف ق عليه ا ،األم ر ال ذي ي ترتب علي ه ص عوبة معرف ة
األرباح التي تستحقها الوديعة فضالً عن إمكانية حدوث خسائر فيما تبقى من فترة المضاربة.
وفي هذا الصدد نجد أن هناك اتجاهين متباينين حول التخريج الشرعي لهذه المسألة:
األول :يرى أن رب المال إذا استرد كامل وديعته أو بعضاً منها قبل انتهاء أجل المضاربة فإنه ال
يحاس ب في الح ال ب ل ي ترك أم ر المحاس بة معلق اً إلى تم ام الس نة المالي ة فتج ري المحاس بة عندئ ٍذ
ويك ون للوديع ة االس تثمارية حص تها من ال ربح أو الخس ارة .ج اء في فت اوى بيت التموي ل الكوي تي
إجابة على سؤال حول سحب الوديعة قبل انتهاء أجلها " فإن أقرب اآلراء إلى العدالة التي تتفق
مع قواعد الشريعة السمحة من غير تعقيد ،وال تحكم في عمالء البنوك اإلسالمية هي أن صاحب
الوديعة االستثمارية أن اضطر إلى سحبها ،أو سحب جزء منها أثناء السنة المالية ،ورضي البنك
بردها إليه ،أن ال يحاسب على المكسب ،أو الخسارة في الحال بل عند تمام السنة المالية ،فإن تبين
له ربح ،أعطى له ،وأن تبين خسارة فإن للبنك حق الرجوع عليه،كما له حق التنازل عن هذه
الخسارة .وتحتسب األرباح ،والخسارة بحسب المدة التي كانت فيها الوديعة مستثمرة لدى البنك
31
طالت المدة أو قصرت " ..
وهذا الرأي قائم على أساس أن ليس لرب المال سحب وديعته قبل أن يتبين أن كان هناك ربح أو
خس ارة ،وفي ح ال موافق ة البن ك على عملي ة الس حب فينبغي أن يأخ ذ البن ك تعه داً من العمي ل
بالرجوع عليه في نهاية الفترة المحاسبية.
الثاني :يرى أصحاب هذا الرأي أن المودع "المستثمر" إذا استرد جميع ماله أو بعض اً منه قبل
انتهاء السنة المالية ،فإن المبلغ الذي تم استرداده ال يستحق شيئاً من الربح الذي يتم توزيعه في
نهاية السنة ،ذلك ألن الربح المعلن في نهاية كل سنة مالية ال يتقرر إال للمبلغ الذي يكون باقي اً
ق خالل الفترة الزمينة المتفق عليها .جاء في لدى المضارب من بداية السنة وحتى نهايتها أو با ٍ
نهاية المحتاج( :أنه لو استرد المالك بعض مال القراض قبل ظهور ربح أو خسارة ،فإن رأس
22
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المال المضارب به يرجع إلى الباقي ،وذلك ألن مالك المال ،لم يترك في يده ـ أي يد المضارب ـ
غيره ،فصار كما لو اقتصر في االبتداء على إعطائه له).32
وهذا الرأي قائم على أساس أن طبيعة المضاربة التي تمارسها المصارف اإلسالمية هي مجموعة
مض اربات متعاقب ة ومس تمرة ،وليس من الممكن انته اج األس لوب الم ذكور في ال رأي األول ب ل
يجب فسخ كل مضاربة ينسحب فيها رب المال وذلك عن طريق المخارجة الشرعية .ووفق هذا
ص در ق رار المجم ع الفقهي اإلس المي الت ابع لرابط ة الع الم اإلس المي ،إذ نص ق راره بش أن
التنضيض الحكمي على ما يلي " :ال مانع شرعاً من العمل بالتنضيض الحكمي( التقويم ) من أجل
تحديد أو توزيع أرباح المضاربة المشتركة ،أو الصناديق االستثمارية ،أو الشركات بوجه عام ،
33
ويكون هذا التوزيع نهائياً ،مع تحقق المبارأة بين الشركاء صراحةً أو ضمناً" .. ،
وعند الموازنة بين الرأيين السابقين يظهر لنا أن الرأي القاضي بحرمان الوديعة من األرباح في
حال سحبها قبل أجلها على أساس مبدأ التخارج هو األولى بالترجيح وذلك لالعتبارات التالية :
من الناحية العلمية يكون من الصعوبة بمكان تطبيق الرأي األول القائم على أساس أخذ تعه د -1
من ص احب الوديع ة بمراجع ة عملية توزي ع الربح بعد انته اء أج ل المض اربة ،ف ذلك يتطلب
إما أخذ ضمانات مالية من المودع يجبر بها رأس المال في حالة الخسارة ،وهو أمر قد يشق
على المودع أكثر من حصة الربح التي يتوقعها.
-2أن المودع حينما يسحب وديعته ال شك أنه يستفيد منها في مجال آخر قد يراه أكثر ربح اً له.
ولهذا فإن تخارجه على أساس التولية أكثر عدالة وأكثر عملية.
ال يصادم هذا المبدأ أصالً شرعياً. -3
المبحث الثالث
سياسة تحميل المصروفات والمخصصات واالحتياطيات
استقر الفقه اإلسالمي فيما يتعلق بمصروفات المضاربة الخاصة ،أو المفردة على مجرى العرف
والعادة ،وبناء على ذلك يتم تحميل المضاربة الخاصة بالنفقات والمصروفات الخاصة بها بحسب
34
مجرى العرف والعادة.
) ( 32الرملي ،شمس الدين بن ابي العباس احمد بن حمزة ،نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ،بيروت :دار الفكر 1984 ،م .5/239
) )33قرار المجمع الفقهي اإلسالمي الدورة السادسة عشرة 26/10/1422 -21هـ الموافق 10/1/2002-5م – القرار الرابع .
)(34البهوتي ،شرح منتهي اإلرادات ،مرجع سابق .2/332 ،
الكاساني ،بدائع الصنائع ،مرجع سابق .9/106 ،
الرملي ،نهاية المحتاج ،مرجع سابق .5/236 ،
23
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
أما مصروفات المضاربة المشتركة التي تجريها المصارف اإلسالمية في الوقت الحاضر ،فهي
أك ثر تعقي داً ،ولم يتك ون له ا ع رف مس تقر يحتكم إلي ه الجمي ع ،ل ذلك هن اك بعض المص ارف
اإلس المية ،كبن ك التض امن اإلس المي الس وداني والبن ك اإلس المي األردني ،يحمالن حس اب
العملي ات االس تثمارية المش تركة بالنفق ات المباش رة المتعلق ة بتل ك العملي ة االس تثمارية فق ط ،
وبذلك ال يتحمل حساب هذا االستثمار أي اً من المصروفات اإلدارية والعمومية ،وسائر النفقات
العام ة للبن ك .وعلى العكس من ذل ك ،هن اك بعض البن وك اإلس المية يعت بر أن أص حاب الودائ ع
االس تثمارية يش اركون في تحم ل النفق ات اإلداري ة والمحاس بية العام ة ،م ا ع دا نفق ات مجلس
اإلدارة ،كم ا يفع ل بيت التموي ل الكوي تي ،وبن ك فيص ل اإلس المي المصري ،وذل ك على اعتبار
أن األعم ال ال تي ص رفت عليه ا النفق ات اإلداري ة والمحاس بية ،هي من األعم ال ال تي يقتض يها
االستثمار ومما يحقق للمضارب أن يستأجر لها من مال المضاربة .وعلى ذلك فإن المؤسسات
المالية اإلسالمية ،قد اختلفت في شأن تحميل المصروفات اإلدارية والعمومية على رأيين :
الرأي األول:
ويرى أنه ال يجوز للمصرف اإلسالمي أن يحسم المصروفات اإلدارية والعمومية للمصرف من
إي رادات أص حاب الودائ ع االس تثمارية ،ألن ه يحص ل على حص ة من ال ربح نظ ير قيام ه بأنش طته
التجاري ة واإلداري ة والمحاس بية كش ريك مض ارب ،ألن ه ذه األنش طة ،هي العم ل ال ذي اس تحق
عليه الربح ،وال يجوز شرعاً ،أن يجمع عنصر العمل في المضاربة بين األجر والربح .وبناء
على ذلك ،نصت إحدى الفتاوى على ما يلي :
(األص ل في المص روفات الخاص ة بعملي ات االس تثمار في المص ارف اإلس المية ،أن تتحم ل ك ل
عملي ة التك اليف الالزم ة لتنفي ذها ،أم ا المص روفات اإلداري ة العام ة الالزم ة لممارس ة المص رف
اإلسالمي ألنشطته المختلفة ،فيتحملها المصرف وحده ،وذلك باعتبار أن هذه المصروفات تغطى
بج زء من حص ته في ال ربح ال ذي يتقاض اه كمض ارب ،حيث يتحم ل المص رف م ا يجب على
المضارب أن يقوم به من أعمال .
أم ا المص روفات عن األعم ال ال تي ال يجب على المض ارب أن يق وم به ا ،فتتحمله ا حس ابات
االستثمار وفق اً لما قرره الفقهاء ألحكام المضاربة ،ويرجع إلى ما يراه الخبراء عند االشتباه في
ن وع المص روفات ال تي تتطلب أن يتحمله ا المض ارب ،أو تتحمله ا العملي ة االس تثمارية وفق اً لم ا
35
تقرره هيئة الرقابة الشرعية في المصرف اإلسالمي ذي العالقة).
24
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
الرأي الثاني:
جواز حسم المصروفات اإلدارية والعمومية للبنك اإلسالمي من إجمالي أرباح االستثمار المشترك
،قب ل التوزي ع على أص حاب الودائ ع االس تثمارية ،وذل ك ألن األعم ال ال تي ص رفت عليه ا
المصروفات اإلدارية والعموميـة ،هي مـن األعمال التي يتطلبها االستثمار ،ومما يحق للمضارب
أن يستأجر لها من مال المضاربة.
وطبقاً لذلك جاءت فتوى بيت التمويل الكويتي ،رداً على السؤال التالي (فيما أرى أن بيت التمويل
باعتب اره ش ريكاً مض ارباً ،وأن ه يأخ ذ أج ره ال ذي ه و رواتب الم وظفين كاف ة وملحق ات تل ك
الرواتب ،وأن هذه الرواتب وملحقاتها تخصم من اإليرادات ،ويوزع بعد ذلك صافي الربح على
المساهمين والمستثمرين ،فإذا اقتطع جزء آخر يمثل %20من صافي الربح ذاك ،فإن معنى هذا
،أن األجر قد اقتطع مرتين ،مرة ودفع لكافة العاملين في بيت التمويل ،ومرة أدخر للمساهمين ،
فإن كان ذلك كذلك ،فهل يجوز شرعاً تحميل أرباح المضاربة بأجر الشريك المضارب مرتين ؟
الجواب:
إن ال رواتب المدفوع ة للم وظفين وملحقاته ا ،هي من مص اريف المض اربة ،وتخص م من ال ربح
اإلجم الي ،ألن ه ال ربح إال بع د وقاي ة رأس الم ال ،وإ س قاط المص اريف ،أم ا نص يب %20من
ال ربح ،فه و نص يب المض ارب ـ بيت التموي ل ـ وه و مجم وع المس اهمين ،ويعطى من ه مكاف أة
36
أعضاء مجلس اإلدارة كوكالء عن المساهمين).
ومناقش ة المص روفات ال تي يج وز تحميله ا على حس اب المض اربة المش تركة تقتض ي تحدي د أن واع
المصروفات التي تقوم بها المؤسسات المالية اإلسالمية ،وما هي الجهات التي ينبغي أن تتحملها.
فمن حيث المبدأ هناك أنواع متعددة من النفقات التي تقوم المصارف بدفعها أثناء أدائها ألعمالها
اليومية ،منها ما هو متعلق بالنشاط االستثماري المشترك ،ومنها ما هو متعلق بالجوانب اإلدارية
العامة في البنك .ويمكن بصورة عامة التمييز بين نوعين من النفقات هما:
أ -النفقات العمومية واإلدارية:
25
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
وهذه النفقات عبارة عن المصاريف التي ينفقها البنك إلدارة أنشطته المختلفة بما فيها إدارة الوعاء
االستثماري وتشمل هذه النفقات تحديداً مايلي:
أجرة األيدي العاملة -1
مكافآت اإلدارة العليا -2
مكافآت أعضاء الهيئات الشرعية -3
البنية التحتية -4
المواصالت واالتصاالت -5
مسك الدفاتر وإ دارة األرصدة. -6
فجمي ع ه ذه التك اليف ينبغي أن يتحمله ا المص رف على أنش طته األخ رى وال يتحم ل الوع اء
االستثماري منها شيئاً .وتمثل هذه المصروفات جزءاً مما يستحقه المصرف باعتباره مضارباً "
القاعدة السادسة ".
26
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
اإلجاب ة على ه ذا الس ؤال تقتض ي الت ذكير ب أن من قواع د المض اربة األساس ية هي أن نفق ات
المض اربة تك ون على رأس الم ال ،يق ول أبن عاب دين في حاش يته " أن م ا أنفق ه المض ارب يجع ل
وج اء في فتح الق دير " المض ارب ليس ل ه إال ال ربح ، 37
كالهال ك ،والهال ك يص رف إلى ال ربح"
38
وهو في حيز التردد( الوجود أو عدم الوجود ) فلو أنفق من مال يتضرر به "
فاألص ل إذن أن ال يتحم ل المض ارب ج زءاً من نفق ات المض اربة ،غ ير أن البن وك والمؤسس ات
المالي ة اإلس المية ال تي تتقب ل الحس ابات االس تثمارية تختل ف عن المض ارب التقلي دي الم ذكور في
كتب الفق ه ،فهي عب ارة عن مؤسس ات له ا العدي د من األنش طة ،وله ا العدي د من النفق ات ال تي هي
جزء من عملها األساسي ،ولذلك ففي اعتقادنا أن المنهج الذي ينبغي أن تتبعه المصارف اإلسالمية
هو الفصل التام بين حسابات االستثمار وحساب الخدمات األخرى التي يقدمها البنك بحيث يكون
لحس اب االس تثمار إيرادات ه ومص روفاته الخاص ة ب ه وأن يك ون هن اك حس اب خ اص تس جل في ه
إيرادات ونفقات المصرف فيما يتعلق باألنشطة األخرى التي يمارسها البنك بحيث يتم تحميل كل
عملي ة المص روفات الالزم ة لتنفي ذها .يؤي د ه ذا م ا أوص ى ب ه المش اركون بن دوة البرك ة الرابع ة
بالجزائر حيث نصت على ما يلي:
" األص ل في المص روفات الخاص ة بعملي ات االس تثمار في المص ارف اإلس المية أن تتحم ل ك ل
عملية التكاليف الالزمة لتنفيذها.
أما المصروفات اإلدارية العامة الالزمة لممارسة المصرف اإلسالمي ألنشطته المختلفة فيتحملها
المص رف وح ده وذل ك باعتب ار أن ه ذه المص روفات تغطي بج زء من حص ته في ال ربح ال ذي
يتقاضاه كمضارب حيث يتحمل المصرف ما يجب على المضارب أن يقوم به من أعمال.
أم ا المص روفات عن األعم ال ال تي ال يجب على المض ارب أن يق وم به ا فتتحمله ا حس ابات
االستثمار وفقاً لما قرره الفقهاء في أحكام المضاربة 39".....وهذا أيض اً ما أكده قرار مجمع الفقه
اإلس المي رقم ) 13 / 5 ( 123حيث ج اء في ه " بم ا أن الش خص المعن وي ي دير المض اربة من
خالل موظفي ه وعمال ه فإن ه يتحم ل نفق اتهم ،كم ا يتحم ل جمي ع النفق ات غير المباش رة ألنها تغطى
بجزء من حصته من الربح .وال تتحمل المضاربة إال النفقات المباشرة التي تخصها وكذلك نفقات
27
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ما ال يجب على المضارب عمله مثل من يستعين بهم من خارج جهازه الوظيفي" .وهذا أيض اً ما
أكدته الفقرة (د) من المادة ( )19من قانون البنك اإلسالمي األردني والتي تنص " تتحمل عمليات
التمويل بتكلفة كافة النفقات والتكاليف المباشرة الخاصة بها فقط وال يجوز تحميل هذه العمليات أي
قس ط من نفق ات البن ك العامة .40وفي ض وء م ا تق دم فإنن ا ن رجح االتج اه ال ذي يأخ ذ بع دم تحمي ل
النفقات اإلدارية العامة على حساب االستثمار وفي المقابل استحقاق البنك لجميع اإليرادات الناشئة
عن الخ دمات ال تي يق وم به ا البن ك وك ذلك اإلي رادات الناش ئة عن اس تثمار الحس ابات الجاري ة .ألن
هذا االتجاه " يتفق مع األصل العام للمضاربة ،كما أنه األعدل ،وال يؤدي إلى الخلط بين الحقوق
،كما أن الفصل بين الحسابين يسهل عملية التوزيع إلى أنه ال يؤدي إلى استفادة جهة على حساب
41
جهة أخرى".
وفي نظرن ا أن وع اء المض اربة يجب أال يتحم ل س وى المص روفات أو النفق ات ال تي تخص إدارة
االستثمار وهذا ما أشارت إليه الحلقة العلمية األولى للبركة التي جاء فيها.
المص روفات ال تي تل زم المض ارب في مقاب ل حص ته من ال ربح هي المص روفات ال تي تل زم -1
لوض ع الخط ط ورس م السياس ات واختي ار مج االت االس تثمار واتخ اذ الق رارات االس تثمارية
ومتابعة تنفيذها وحساب األرباح والخسائر وتوزيعها وتشمل مصروفات إدارات االستثمار
واألجه زة ال تي تعتم د قراراته ا وإ دارة المتابع ة واإلدارة المحاس بية ،على أن ه إذا اقتض ت
طبيع ة المض اربة واالس تعانة بخ برات في المج االت الس ابقة ال تي تل زم المض ارب وال تي لم
تكن متاحة في هيكلة الوظيفي وقت الدخول في المضاربة فإن تكلفة هذه الخبرات تكون من
مال المضاربة.
42
أما بقية المصروفات الالزمة لتنفيذ العمليات فتحسب على مال المضاربة". -2
ونخلص مم ا تق دم بش أن مص روفات أو نفق ات المض اربة أن المص روفات اإلداري ة العام ة الالزم ة
لممارس ة المص رف لنش اطه مث ل المص روفات الثابت ة ومص روفات مجلس اإلدارة ومص روفات
الهيئات الشرعية فهذه يتحملها المصرف وحده " وذلك باعتبار أن هذه المصروفات تغطى بجزء
28
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
من حص ته في ال ربح ال ذي يتقاض اه كمض ارب ،حيث يتحم ل المص رف م ا يجب على المض ارب
أن يقوم به "
أم ا المص روفات ال تي تنف ق مم ا ال يجب على المض ارب أن يق وم ب ه فهي تحس ب على وع اء
المضارب.
ومن حيث المبدأ ال مانع من أتباع كل ما من شأنه وقاية أموال المستثمرين والحفاظ عليها ،كما
أش ار إلى ذل ك ص راحة ق رار المجم ع الفقهي اإلس المي في دورت ه السادس ة عش رة المنعق دة بمك ة
المكرمة الذي نص على ما يلي:
أوالً :أن حماي ة الحس ابات االس تثمارية في المص ارف اإلس المية بوجهيه ا الوق ائي والعالجي أم ر
مطلوب ومشروع في حفظ المال.
ثانيـاً :يجب على المص ارف اإلس المية أن تتب ع في أثن اء إدارته ا ألم وال المس تثمرين اإلج راءات
والوس ائل المش روعة والمعروف ة في الع رف المص رفي لحماي ة الحس ابات االس تثمارية وتقلي ل
المخاطر.
وحيث إن هن اك ع دداً من المخصص ات واالحتياطي ات ال تي تقتطعه ا المص ارف أثن اء ممارس تها
لنش اطها ،ف إن الفق ه المعاص ر اس تقر على أن ال يتحم ل المودع ون إال مخصص ات مخ اطر
االستثمار والديون الناتجة من العمليات االستثمارية.
) (43د .محمد عبد الحليم عمر ،المرجع سابق ص.22
29
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
وعلى هذا األساس فإن االحتياطي يعد جزءاً من النفقات فيجب أن يقتطع من حصة أرباب المال
في الربح دون تحميل المضارب أي شيء من ذلك ،ألن تحميل المضارب في هذه الحالة يؤدي
إلى ضمانه لجزء من خسارة رأس المال وهو غير جائز.
وهذا ما جاء في قرارات المؤتمر األول للمصرف اإلسالمي بدبي إذ جاء في فتواه الثالثة " يرى
كل من المودع وأصحاب رأس المال والبنك المضارب المؤتمر ضرورة النص على بيان نصيب ٍ
وأن يك ون النص يب نس بة ش ائعة في ال ربح لكي تص ح المض اربة في الحال ة األولى ،وفيم ا يتعل ق
بموضوع االحتياطي المجنب يتعين أن يكون استقطاعه من حقوق المساهمين دون حصته أصحاب
44
الودائع االستثمارية"
وهناك أنواع من االحتياطيات تفرضها السلطات المصرفية في البالد مثل االحتياطي القانوني الذي
يش ترط المص رف المرك زي على ك ل بن ك االحتف اظ ب ه في ش كل س يولة نقدي ة ل دى المص رف
المرك زي ،وه و يعت بر أح د أدوات السياس ة النقدي ة ال تي ي ديرها من خالل المص رف المرك زي
الش ئون النقدي ة في البالد ،وت تراوح نس بة ه ذا االحتي اطي في المص ارف المركزي ة في البل دان
المختلفة تبعاً لما تجابهه من تضخم اقتصادي أو انكماش وبصفة عامة تتراوح نسبة هذا االحتياطي
بين . %25 -%5وفي الع ادة يتم اقتط اع ه ذا االحتي اطي بنس بة أك بر من الحس ابات الجاري ة
وبنسبة أقل من الحسابات االستثمارية.
وعلى ذل ك ففي ح ال اقتط اع نس بة االحتي اطي الق انوني من الحس ابات االس تثمارية ،ف إن النس بة
المقتطعة يكون لها تأثير فعلي في نسبة التشغيل .فإذا اشترط المصرف المركزي نسبة احتياطي
ق انوني مق دارها %10من الحس ابات االس تثمارية ,فه ذا يع ني أن المت اح للتش غيل من الحس ابات
االستثمارية هو فقط .%90على أنه ينبغي مراعاة ما إذا كان هذا المخصص يستحق عائداً من
البنك المركزي كما هو الحال بالنسبة للودائع اآلجلة أم ال.
وحيث إن طاعة ولي األمر ممثالً في أجهزته النقدية يعد أمراً الزماً ويجب األخذ به ،ففي مثل
هذه األحوال ينبغي مراعاة نسب االحتياطي القانوني عند إجراء عمليات توزيع األرباح.
أم ا المخصص ات فهي تختل ف عن االحتياطي ات من حيث أنه ا تك ون لمجابه ة خس ائر واقعي ة أو
متوقع ة لبعض أص ول المض اربة أو ق د تك ون به دف تحقي ق ت وازن في مس توى األرب اح الموزع ة
) (44قرارات المؤتمر األول للمصرف اإلسالمي بدبي الفتوى الثالثة .
30
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
على المودعين .وهذا الهدف أيض اَ يبدو مشروعاً وال مانع من األخذ به طالما جرى االتفاق عليه
بين المودعين والمضارب يؤيد هذا قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي الخامس في دورة مؤتمره
الرابع ة ال ذي ينص " ليس هن اك م ا يمن ع ش رعاً من النص في نش رة اإلص دار على اقتط اع نس بة
معينة في نهاية كل دورة ،إما من حصة حملة الصكوك
في األرب اح في حال ة وج ود تنض يض دوري ،وإ م ا من حصص هم في اإلي راد أو الغل ة الموزع ة
45
تحت الحساب ووضعها في احتياطي " مخصص " خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال"
) )45قرارات الدورة الرابعة لمجمع الفقه اإلسالمي الدولي ،القرار رقم (.)5
) )46قرارات الحلقة العلمية الثانية للبركة 1413هـ1993/م.
) (47آدم إسحاق حامد العالم ،أرباح المصارف اإلسالمية ووسائل تحقيقهاـ وكيفية توزيعها،ـ رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة أم القرى
2003-2002م ،ص ص 297 ،290
31
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
يتبنى أصحاب هذا المنهج إستراتيجية توزيع تقوم على أساس أن يتحمل المساهمون والمستثمرون
جميع المصروفات التي ينفقها المصرف ويشتركون في جميع العوائد /اإليرادات التي يتحصل
علي ه البن ك من أنش طته االس تثمارية والخدمي ة ،دونم ا تمي يز في ذل ك س واء فيم ا يتعل ق بمص ادر
األموال أو فيما يتعلق بنوع الخدمة التي يقدمها البنك.
ومن أمثل ة المص ارف اإلس المية ال تي تتب نى ه ذا المنهج بن ك دبي اإلس المي ،ال ذي تق وم السياس ة
ال تي يتبعه ا على أس اس خل ط أم وال المس تثمرين ب المتوفر من رأس ماله والحس ابات الجاري ة ال تي
تحت ي ده واألرب اح المرحل ة ،ثم يقوم باس تثمارها جميع اً ،وم ا تحقق ل ه من إي رادات ج راء ذلك
يضيف إليها عوائد الخدمات المصرفية ،ويخصم منها جميع النفقات التي تحملها ثم يوزع الباقي
على األموال المشتركة في التمويل طبقاً لوزنها النسبي.
ويمكن تلخيص هذه السياسة في توزيع الربح فيما يلي:
يقوم البنك بتحديد جميع اإليرادات -1
يطرح البنك من أجمالي اإليرادات إجمالي المصروفات -2
تكون حصيلة ( )2 -1هو إجمالي األرباح -3
يطرح البنك من إجمالي األرباح المخصصات واإلهالكات -4
تكون حصيلة ( )4هو الربح القابل للتوزيع. -5
يق وم البن ك بتحدي د األم وال المس تخدمة في التموي ل على أس اس ض رب مجم وع األم وال في -6
نسب التشغيل ،مع مالحظة أن أموال المساهمين تعتبر مستثمرة بنسبة %100بينما يخصم
من الحس ابات االس تثمارية نس بة االحتي اطي ال تي تق ل كلم ا زاد أج ل الوديع ة فتك ون نس بة
الحسابات االستثمارية لمدة نسبة %80مثالً ونسبة الحسابات االستثمارية لمدة 3أشهر %50
..وهكذا
للحص ول على نس بة ال ربح العام ة يق وم البن ك بض رب ص افي ال ربح في مجم وع األم وال -7
المستخدمة.
يحس ب البن ك ربح المس تثمرين عن طري ق ض رب نس بة ال ربح العام ة في مجم وع أم وال -8
المستثمرين المستخدمة.
يخص م من ربح المس تثمرين نس بة معي ة حس ب االتف اق عب ارة عن نص يب البن ك باعتب اره -9
مضارباً.
يك ون ربح المس تثمرين الص افي عب ارة عن ربح المس تثمرين مطروح اً من ه نص يب البن ك -10
باعتباره مضارباً.
32
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المنهج الثــاني :اختصــاص بعوائــد الخــدمات والحســابات الجاريــة وتحملــه للمصــروفات العموميــة
واإلدارية:
يم يز أص حاب ه ذا المنهج في توزي ع األرب اح بين دور البن ك باعتب اره ممثالً للمس اهمين ويق وم
بم وجب ذل ك بمه ام معين ة تخ رج عن نط اق المض اربة ،ودوره باعتب اره مض اربة يت ولى إدارة
حس ابات المس تثمرين طبق اً ألحك ام وش روط عق د المض اربة .ومن أش هر البن وك ال تي تتب نى ه ذا
المنهج الت وزيعي البن ك اإلس المي األردني ،ال ذي يمكن تلخيص أهم مع الم المنهج ال ذي يتبع ه فيم ا
يلي:
اقتط اع نس بة معين ة من حس ابات االس تثمار والتوف ير والحس ابات الجاري ة لمجابه ة -1
السحوبات واالحتياطيات القانونية ويكون الباقي مشاركاً في نتائج االستثمار بالنسبة للبنك.
يتب ع البن ك طريق ة النم ر" األع داد" لك ل وديع ة وذل ك بض رب مبل غ الوديع ة في م دة -2
استثمارها،مع مراعاة أن البنك يحدد حالً أدنى لرصيد الوديعة الذي يحق له المشاركة في
الربح ،كما أن الودائع التي تسحب قبل أجلها ال تستحق حصة من الربح.
يقتطع البنك من إجمالي األرباح المحققة نسبة %10مخصص مخاطر االستثمار. -3
يقتط ع البن ك من إجم الي األرب اح حص ته مقاب ل مس اهمته ب أموال الذاتي ة بم ا في ذل ك -4
الحسابات الجارية.
33
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
ويمكن تس جيل المالحظ ات التالي ة على ه ذا المنهج الذي تتبع ه بعض المؤسس ات المالي ة اإلس المية
في توزيع األرباح:
من إيجابي ات ه ذا المنهج أن ه يعم ل على أس اس الفص ل بين دور البن ك باعتب اره مض ارباً -1
ودوره باعتب اره مس اهماً وبالت الي ال يحم ل المس تثمرين بالمص روفات اإلداري ة والعمومي ة
الذي ينفقها ،وفي نفس الوقت ال يكافئ المستثمرين بعوائد الخدمات والحسابات الجارية.
أم ا س لبيات ه ذا المنهج فتتمث ل في أن البن ك يحتج ز نس بة متفاوت ة ت تراوح بين (-10 -2
)%50كاحتي اطي س يولة ،مم ا ي ؤدي إلى تف اوت في األرب اح ال تي يحققه ا ك ل من
المستثمرين والمساهمين.
34
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
اإليرادات الناشئة من عمليات االستثمار والتي يجري تمويلها من الودائع االس تثمارية ومن -2
حقوق الملكية وما يتم استثماره من الحسابات الجارية.
اإلي رادات الناش ئة من الخ دمات المص رفية أو المالي ة ال تي تمث ل ج زءاً من األنش طة ال تي -3
يقدمها المصرف لعمالئه عادة.
اإليرادات الناشئة من حسابات االستثمار المخصص. -4
35
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
المبالغ التي يكون المصرف قد أشركها في الوعاء االستثماري " ويجري تحديد نصيب كل وديعة
استثمارية عدة عوامل وهي:
مبلغ الوديعة -3
الفترة الزمنية التي أمضتها في الوعاء االستثماري ويحسب باأليام . -4
معدل عائد االستثمار. -5
وصلى اهلل على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم ،،،
36
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
فهرس المراجع
-4األمين ،حس ن عب د اهلل ،الودائ ع المص رفية والنقدي ة واس تثمارها في اإلس الم ،ج دة دار
الشروق 1983م .
-5البابرتي ،أكمل الدين محمد بن محمود .
شرح العناية على الهداية (مطبوع مع شرح فتح القدير) القاهرة :شركة مكتبة ومطبعة
مصطفى البابي الحلبي 1970 ،م .
-6البهوتي ،منصور بن يونس بن إدريس .
ش رح منتهى اإلرادات المس مى دق ائق أولي النهي لش رح المنتهى ،ب يروت :ع الم الكتب
(بدون) .
-7كش اف القن اع عن متن اإلقن اع ،مراجع ة وتعلي ق هالل مص يلحي ،مكتب ة النص ر الحديث ة
بالرياض (بدون) .
-8بنك التضامن اإلسالمي السوداني.
النشأة والتطور ،سلسلة مطبوعات بنك التضامن اإلسالمي ،رقم (1993 ، )10م .
37
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
-9بن ك التض امن الس وداني ،إدارة الفت وى والبح وث ،الفت اوى الش رعية لبن ك التض امن
اإلسالمي ،سلسلة مطبوعات البنك رقم (1997 )11م .
-10تق ارير مجلس اإلدارة للمس اهمين لبن ك فيص ل اإلس المي الس وداني لألع وام 1995م ـ
1999م ،التقارير السنوية للبنك لألعوام 1996م ـ 1998م .
-11الجمال ،غريب .
المصارف واألعمال المصرفية في الشريعة اإلسالمية والقانون ،بيروت :مؤسسة الري ان
ـ دار الشروق 1972 ،م .
-12الحسني ،د .أحمد حسن .
الودائ ع المص رفية ـ أنواعه ا ـ اس تخدامها واس تثمارها ،ب يروت :المكتب ة المكي ة ،دار ابن
حزم للطباعة والنشر والتوزيع 1999 ،م .
-13حمود ،سامي حسن .
تط وير األعم ال المص رفية بم ا يتف ق والش ريعة اإلس المية ،ط ، 2عم ان :دار الفك ر ،
1982م .
-14داغي ،د .علي بن محي الدين القرة .
األس س الش رعية لتوزي ع الخس ائر واألرب اح في البن وك اإلس المية بحث مق دم إلى م ؤتمر
دور المؤسس ات المص رفية اإلس المية في االس تثمار والتنمي ة ال ذي نظمت ه كلي ة الش رعية
والدراسات اإلسالمية جامعة الشارقة 2002م.
-15الخرشي ،محمد بن عبد اهلل .
شرح الخرشي على مختصر خليل ،بيروت :دار صادر (بدون) .
-16الرملي ،شهاب الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة .
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ،بيروت :دار إحياء التراث العربي (بدون).
-17الرافعي ،أبو القاسم عبد الكريم بن محمد .
فتح العزيز شرح الوجيز مطبوع مع المجموع ،بيروت :دار الفكر (بدون).
-18السرخسي ،محمد بن أحمد بن سهل .
المبسوط ،بيروت :دار المعرفة للطباعة والنشر (بدون).
-19السالوس ،علي أحمد .
االقتص اد اإلس المي والقض ايا الفقهي ة المعاص رة :الدوح ة :دار الثقاف ة ،مؤسس ة الري ان
للطباعة والنشر والتوزيع 1998م .
38
مؤتمر الخدمات المالية اإلسالمية الثاني
39