You are on page 1of 9

‫الجمهورية الجزائرية ال ّديمقراطية ال ّشعبية‬

‫وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي‬


‫المركز الجامعي أحمد بن يحي الونشريسي تيسمسيلت‬
‫معهد اآلداب واللّغات‬

‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫السنة أولى ماستر أدب عربي قديم‬

‫الفوج الثاني (‪)02‬‬

‫المدح في العصر األموي‬


‫مقياس‪ :‬تاريخ أدب إسالمي أموي‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬

‫د‪/‬هدروق لخضر‬ ‫عسوس إسماعيل‬

‫عميش أيمن‬

‫دبازي بوطهرة‬

‫السنة الجامعية ‪2019‬م‪2020/‬م‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫ظير غرض المديح في الشعر الجاىمي فنًا شعريًا يعنى بتمجيد المثل العميا لألخالق‬
‫واألفعال التي تعارفوا عمييا‪ ،‬وورثوىا عن أجدادىم‪ ،‬فكانت قصيدة المدح ميدان التعبير‬
‫عن اإلعجاب االجتماعي‪ ،‬يصور الفضائل التي تبير النفس‪ ،‬وتدفعيا إلى تخميد المآثر‬
‫المقيدة بالمثل العميا القائمة عمى تقديس سمات القوة‪ ،‬والكرم‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬وحفظ العيد‪،‬‬
‫وحماية الجار‪ ،‬ورعاية الضعيف‪ ،‬والتعفف عن دنايا األمور‪ ،‬واغاثة المميوف وعراقة‬
‫النسب‪ ،‬ورجاحة العقل وسداد الرأي‪ ،‬وصنيع الجميل واطالق األسرى‪ .‬وكانت ىذه‬
‫األخالق واألفعال حاجة إنسانية لممجتمع القبمي وبيئتو الطبيعية التي تحتاج إلى سمو‬
‫وايثار لمتغمب عمى قسوتيا وتحقيق المعايير المثالية لنظميا‪ ،‬واختص شعر المديح‬
‫بالتغني بيذه السجايا‪ ،‬وقام شعر المديح في المجتمع القبمي مقام السجل الشعري الذي أرخ‬
‫وصور جوانب متعددة من‬
‫ّ‬ ‫ألعالم ذاك العصر من مموك وسادة‪ ،‬وأبطال‪ ،‬وأجواد وحكماء‪،‬‬
‫طبيعة الحياة الجاىمية‪ ،‬فأغنى شعر المديح التاريخ وكان رديفًا لو ومتممًا‪ ،‬ولكنو عمى ما‬
‫فيو من أىمية في تصوير ىذه الجوانب إال أنيا صور تختمط فييا الواقعية بالفنية‪.‬‬
‫‪ _1‬مفهوم المدح‪:‬‬

‫تعري المدح لُل ًةة‪:‬‬

‫يعرف المدح في قاموس الفيروزآبادي عمى َّأنو‪ :‬المدح من مدحو كمنعو مدحًا و ِمدحة‪،‬‬
‫ّ‬
‫أي حسن الثناء عمى الشيء‪ ،‬والمديح واألُمدوحة ىي كل أمر ُيمدح بو‪ ،‬وتُجمع عمى‬
‫مدائح‪ ،‬وأماديح‪ ،‬وجاء في لسان العرب البن منظور َّ‬
‫أن المدح عكس اليجاء‪ ،‬وىو ُحسن‬
‫الثناء‪.‬‬

‫تعري المدح اصطالحا‪:‬‬

‫بينما ُيعرف المدح في االصطالح َّأنو وصف الشاعر غيره وصفًا جمي ً‬
‫ال‪ ،‬ووصف‬
‫فضائمو‪ ،‬وحسن الثناء عميو‪ ،‬وجاءت لفظة ِ‬
‫المدحة واألماديح في الشعر العربي‪.‬‬

‫مثل قول أبو ذؤيب‪1:‬‬

‫األماديح‬ ‫تک ُّ‬


‫الش َّم‬ ‫أبو َ‬ ‫َلو َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫أحيا ّ‬ ‫َح َدًا‬
‫دح َة َح ٍّي أَن َش َرت أ َ‬
‫أن م َ‬

‫‪َ _2‬نشأَة المدح و طوعه‪:‬‬

‫أن المدح قديم النشأة‪ ،‬ويرجع إلى زمن قديم جداً؛ حيث ُيعتقد َّأنو فن يتصل‬
‫ُيذكر َّ‬
‫بالعاطفة القديمة‪ ،‬وىو فن عريق َّ‬
‫لكنو لم ُيحفظ في التراث العربي القديم‪ ،‬إذ لم تكن دواعي‬
‫ويشار إلى َّ‬
‫أن المدح امتزج بفن الغزل منذ القدم؛‬ ‫حفظو قوية مثل باقي الفنون األخرى‪ُ ،‬‬
‫فالغزل ُيكثر الثناء عمى الحبيب‪ ،‬وذكر األفراح واألحزان؛ لذلك كان المدح ُمحتجبًا تحت‬
‫طيات الفخر‪ ،‬حتّى ُع َّد المدح من الفخر‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫ستار الغزل‪ ،‬كما ُوجد المدح تحت ّ‬
‫تطور المدح‪ ،‬وظير العديد من شعرائو‪ ،‬ومنيم‪ :‬األعشى‪ ،‬وامرؤ القيس‪ ،‬وزىير بن أبي‬‫ّ‬
‫ُسممى‪ ،‬والنابغة الذبياني‪ ،‬وغيرىم الكثير‪ ،‬وفي المقابل ترّفع عدد من الشعراء عن شعر‬
‫المدح‪ ،‬ومنيم‪ :‬جميل بن معمر‪ ،‬وعمر بن أبي ربيعة‪ ،‬والعباس بن األحنف ‪.‬‬
‫‪ _3‬المدح في التصع الجاهمي‪:‬‬

‫يعد المدح أحد أبرز األغراض الشعرية في ِّ‬


‫الشعر الجاىمي وما وليو من عصور‬ ‫ُّ‬
‫الجاىمي في نمطين بارزين‪ :‬يتجمَّى األول‬
‫ِّ‬ ‫رصد نشأتو األولى في العصر‬ ‫ُ‬ ‫األدب‪ ،‬ويمكننا‬
‫في قصيدة الحمد والعرفان‪ ،‬ويتجمَّى الثَّاني في قصيدة االعتذار‪ ،‬وقد نظم ُّ‬
‫الشعراء‬
‫الجاىميون مدائحيم في قصيدة الحمد والعرفان اعترافاً بالجميل ومكافأة عن ٍيد لمممدوح‬
‫ُّ‬
‫الحقيقي لنشأة قصيدة المدح في ِّ‬
‫الشعر‬ ‫َّ‬ ‫الباعث‬
‫َ‬ ‫ويعد ىذا األمر‬ ‫يؤدون حقَّيا ُّ‬
‫بالشكر‪ُّ ،‬‬
‫صنعت لمحمد والعرفان عبارات الثَّناء‬
‫الجاىمي‪ ،‬ولذلك تكثر في قصائد المدح التي ُ‬
‫ِّ‬
‫الغنوي‪:‬‬‫الرغبة في نوال الممدوح أو عطائو‪ ،‬فمن ذلك قول الطُّفيل َ‬ ‫و ُّ‬
‫الشــكر من غير َّ‬

‫اء َخي اًر ُك ُّـل َج ٍار ُم َوَّدعُ‬


‫َوَنكر َ‬ ‫ناب ٍة‬
‫َجزى المَوُ َعوفًا من موالي َج َ‬

‫ومنو قول طَ َرفة بن العبد‪:‬‬

‫الشـك ِـم‬
‫عاج َل َّ‬
‫اب و ِ‬ ‫ِ‬ ‫تادةَ َغ َير سـ ــائِمـِِو‬
‫أَبمِ َق َ‬
‫منوُ الثو َ َ‬
‫ـك م ِرقَّ َة الع ِ‬
‫ظم‬ ‫َ ِ‬ ‫ـيرِة إِذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫جاءت إليـ ـ َ ُ‬ ‫معشـ ـ َ‬
‫أَّني َحمدتُ َك ل َ‬

‫صنعت في الحمد والعرفان مدائح زىير بن أبي ُسممى في ىرم بن‬


‫وأبرز المدائح التي ُ‬
‫بالصمح بين قبيمتي عبس وذبيان بعد حرب داحس‬
‫ُّ‬ ‫سعيا‬
‫سنان والحارث بن عوف حين َ‬
‫وتحمال ديات القتمى‪ ،‬من ذلك قولو في معمقتو‪:‬‬
‫َّ‬ ‫والغبراء‪،‬‬

‫حال ِمن س ٍ‬
‫حيل َو ُم َبرِم‬ ‫َعمى ُك ِّل ٍ‬ ‫ِّدان ُو ِجدتُم ــا‬
‫عم الس ــي ِ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َيمينًا لَن َ‬

‫طر َمنشـِِم‬ ‫ِ‬


‫تَفانوا َوَد ّقوا َب َينيُم ع َ‬ ‫عدمـا‬
‫بيان َب َ‬
‫داركتُما َعبس ـ ـاً َوُذ َ‬
‫تَ َ‬

‫أما قصيدة االعتذار َفتُ َع ُّد شعب ًة من قصيدة المدح‪ ،‬وأبرز المالمح الفارقة بينيما َّ‬
‫أن‬
‫الشاعر إلصالح ما فسد بينو وبين ممدوحو بوشاية و ٍ‬
‫اش أو‬ ‫قصيدة االعتذار يصنعيا َّ‬

‫نشب بينيما أو استعطافًا لو‪ ،‬وقد انصرفت قصيدة االعتذار غالبًا في العصر‬
‫لخالف َ‬
‫الجاىمي إلى بالط المَّخميِّين في الحيرة والى بالط الغساسنة في حوران‪ .‬ويمكننا القول َّ‬
‫إن‬ ‫ِّ‬
‫الفني فتبدو‬
‫ُّ‬ ‫البناء‬
‫ُ‬ ‫أما من حيث‬
‫قصيدة االعتذار ارتبطت ارتباطاً وثيقاً ببالط المموك‪َّ ،‬‬
‫النيج الذي حدده ابن‬ ‫خاصة بيا‪ ،‬وىي أقرب إلى َّ‬
‫َّ‬ ‫قصيدة المدح أكثر تشعُّبًا وليا معان‬
‫قتيبة لممدحة العر َّبية في كتابو « ِّ‬
‫الشعر والشعراء»‪.‬‬

‫ويمكن أن نجد النسيب في مقدمات االعتذارَّيات‪ ،‬وصور الظَّعن ووصف َّ‬


‫الراحمة التي‬
‫يقطعون بيا ظير الصَّحراء‪ ،‬وقد يمزجون ذلك بوصف الحيوان‪ ،‬ثم ينصرفون إلى‬
‫التبرؤ مما اتُّيموا بو‪ ،‬والحمفان عمى ذلك‪،‬‬
‫االعتذار واالستعطاف‪ ،‬والتعريض بالوشاة‪ ،‬و ّ‬
‫ووصف ما بيم من قمق واضطراب نتيجة لذلك‪ .‬وأبرز شعراء االعتذار النابغة الذبياني‪،‬‬
‫ومن اعتذارياتو قولو‪:‬‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫وتِ َ َّ‬ ‫عن أََّن َك لِمتَني‬‫أَتاني أَب َ َّ‬


‫َنص ُ‬
‫مك التي أُىتَ ُّم منيا َوأ َ‬ ‫َ‬ ‫يت الم َ‬ ‫َ‬

‫ولعل المدح من أبرز موضوعات االعتذارية‪ ،‬إذ يعمد الشاعر إلى مدح المعتذر منو‬
‫بأبرز معاني المدح المشيورة‪ ،‬ومثال ذلك قول النابغة‪:‬‬

‫بأنك شمس والمموك كواكب إذا طمعت لم يبد منين كوكب‬

‫‪ _4‬المدح في التصع اإلسالمي‪:‬‬

‫واستمر المدح في العصور األدبية التي تمت العصر الجاىمي‪ ،‬ولكن ط أر عميو بعض‬
‫التغيير في الشكل والمضمون‪ ،‬ففي صدر اإلسالم برزت بعض معاني المدح الجديدة‬
‫المنطمقة من قيم الدين اإلسالمي‪ ،‬إضاف ًة إلى بروز بعض الموضوعات الجديدة‪ .‬فمن‬
‫المعاني اإلسالمية ما نراه في شعر حسان بن ثابت‪:‬‬

‫سـ َّـنةً لِ ِ َّ‬ ‫خوتِ ِيم‬ ‫إن ال َذوائِ ِ ِ‬


‫مناس تُتَبعُ‬ ‫قَد َبَّينوا ُ‬ ‫ب من فيـ ٍـر َوِا َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪ _1‬المدح في التصع األموي‪:‬‬

‫اإلسالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجاىمي و‬
‫ّ‬ ‫المدح غرض قديم من أغراض الشعر العربي انتشر في العصر‬
‫مدح لشجاعتو وكرمو وقوتو‪ ،‬ولكن مع بداية العصر األموي فقد تغيرت‬
‫وكان المرُء ُي ُ‬
‫أمية‬
‫السياسية واالنقسام الذي حصل بين مؤيدين لحكم بني ّ‬
‫ّ‬ ‫صفات الممدوح متأثرةً بالحياة‬
‫أن الخالفة من ِّ‬
‫حق بني‬ ‫ومعارضين ليم‪ ،‬كحزب الشيعة الذي كان في العراق ويرى َّ‬
‫ديني يجعميم محببين‬ ‫ٍ‬
‫اء ىذه الحزب أئمتيم بصفات جديدة ليا طابعٌ ّ‬‫ومدح شعر ُ‬
‫َ‬ ‫ىاشم‪،‬‬
‫أيضا والذي يرى أحقية الخالفة‬ ‫أما حزب الخوارج المعارض لبني َّ‬
‫أمية ً‬ ‫لدى عامة الناس‪ ،‬و َّ‬
‫في األصمح من المسممين‪ ،‬فقد كان المديح عندىم لمن لديو التقوى والشجاعة في الجياد‪،‬‬
‫كثير ما‬
‫طمعا في المكاسب‪ ،‬وكانوا ًا‬‫أغمبو ً‬ ‫بينما كان مدح الخمفاء والوالة من بني َّ‬
‫أمية ُ‬
‫يمدحون الخمفاء بالصفات الدينية ُليضفوا عمييم الشر َّ‬
‫عية في أحقيتيم في الحكم‪ ،‬وقد كان‬
‫غالبا ما يكون بأمر من الخمفاء والوالة األمويين الذي يعرفون‬
‫المدح في العصر األموي ً‬
‫األىمية الكبيرة لمشعر في ذلك الزمن‪ ،‬والذي سيثبت دعائم حكميم‪.‬‬

‫‪ _2‬المؤثعات الخاعجرة في شتع المدرح‪:‬‬

‫وتنوعت بذلك‬
‫عام في العصر األموي‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫السياسية عمى األدب بشكل ّ‬ ‫لقد أثَّرت الحياة‬
‫بتنوع البيئات واالنقسام الذي حصل بين الناس في تمك الحقبة‪ ،‬حيث‬
‫أغراض األدب ّ‬
‫األموي الحاكم المتمركز في بيئة الشام‬
‫َّ‬ ‫الحزب‬
‫َ‬ ‫عارض‬
‫ظيرت أحزاب في العراق والحجاز تُ ُ‬
‫لكل حزب معارض شاعره‬ ‫أدبيا بعد انتقال الخالفة إلييا‪ ،‬وكان ِّ‬
‫سياسيا و ً‬
‫ً‬ ‫التي ازدىرت‬
‫يذم بني َّ‬
‫أمية وحكميم من جية أخرى‪ ،‬وازدىر في تمك‬ ‫المادح لمبادئو من جية‪ ،‬والذي ُّ‬
‫الفترة الغزل العذري في البادية‪ ،‬كما ظير شعر جديد ىو شعر الغزل الالىي في الحجاز‪،‬‬
‫تطور فيو‬
‫عصر َّ‬
‫ًا‬ ‫وانتشر شعر اليجاء وال سيما شعر النقائض‪ ،‬فكان العصر األموي‬
‫كبير وتنوعت أغراضو من مدح وغزل وىجاء ورثاء‪.‬‬
‫تطور ًا‬
‫ًا‬ ‫األدب العربي‬
‫وعمى الرغم من بقاء الشكل الجاىمي في قصيدة المدح األموية‪ ،‬كالذي نراه في شعر‬
‫وكثير َعّزة‪،‬‬
‫العجاج وولده رؤبة‪ ،‬وجرير والفرزدق ّ‬
‫الرّمة و ّ‬
‫الراعي النميري وذي ّ‬
‫األخطل و َّ‬
‫إال أننا نرى شيئًا من التجديد في الشكل؛ كالتخمي عن مراعاة ترتيب بناء المدحة وفق‬
‫نسقيا الجاىمي‪ ،‬وترك المقدمات أو التقميل من أبياتيا أحياناً‪ ،‬أما من حيث المضمون‬
‫فبرزت بعض المعاني التي تأثرت بالخالفات السياسية التي دارت حول الخالفة‪ ،‬كقول‬
‫كثير عزة يمدح عبد الممك بن مروان‪:‬‬

‫رون ِاغتِياَليا‬
‫آخ َ‬‫أَراد ِرجا ٌل َ‬ ‫الخال َف ِة َب َ‬
‫عدما‬ ‫طت يداه بِ ِ‬
‫أَحا َ َ ُ‬

‫شرِف ّي ِاستَقالَيا‬ ‫ِ ِ‬
‫َوَلكن ب َح ِّد َ‬
‫الم ِ‬ ‫فَما تََركوىا َع َنوةً َعن َم َوَّد ٍة‬

‫كسبي في التصع األموي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪ _3‬المدح ال‬

‫وفي ىذا النوع ييدف الشاعر إلى الحصول عمى المال‪ ،‬أو الجاه‪ ،‬أو الرضا من‬
‫الممدوح‪ ،‬وىو شعر فني فقير من العاطفة الصادقة‪ ،‬ومثالو يقول األخطل مادحاً بني‬
‫الحق عيافو الخنا أنف إذا ألمت بيم مكروىة صبروا‬
‫ّ‬ ‫حشد عمى‬ ‫أمية‪:‬‬

‫ال صغير بعـد محتقرو‬


‫جد إ ّ‬
‫جدًا ينصرون بو ال ّ‬
‫أعطاىم اهلل ّ‬

‫و تقول ليمة األخيمية مادحة الحجاج ‪:‬‬

‫تتبع أقضى دائـيا فشفاىــا‬


‫إذا ىبط الحج ــاج أرضاً مريضة ّ‬

‫ىز القناة سقاى ــا‬


‫شفاىا من الداء العضال الذي بيا غالم إذا ّ‬

‫و قد استنكر عمران بن حطّان المدح التكسبي ‪:‬‬

‫أييـا المادح العابـد ليعطـ ــى إن هلل مــا بأيــدي العب ــاد‬

‫تسمي البخيل باسم الجواد‬


‫ال تقل في الجواد ما ليس فيو و ّ‬
‫خا مة‪:‬‬

‫خالصة القول أن المدح أحد أبرز األغراض في الشعر العربي عمى مر العصور‪،‬‬
‫ُّ‬
‫يستحق العناية‪ ،‬ألنيا ال‬ ‫ولذلك فإن قصيدة المدح في ِّ‬
‫الشعر العربي تُعد فرعاً نضي اًر‬
‫وسياسية‪َّ ،‬‬
‫ألنو من خالليا‬ ‫َّ‬ ‫اجتماعية وتار َّ‬
‫يخية‬ ‫َّ‬ ‫تش ّكل وثيقة َّ‬
‫فنية فحسب‪ ،‬بل ىي وثيقة‬
‫أمكن رسم صورة لتطور المجتمعات العر َّبية عبر العصور‪ ،‬ورصد بعض ظروفيا‬
‫ِّياسية في مراحل مختمفة من التَّاريخ العربي‪ ،‬إذ إنيا تجسِّد الظُّروف التَّار َّ‬
‫يخية التي‬ ‫الس َّ‬
‫ناىيك عن قيمتيا َّ‬
‫الفنية وما حممتو من دالالت عن قيم المجتمع العربي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُنظمت فييا‪،‬‬

‫الراسخة في األدب‬ ‫َّ‬


‫األخالقية َّ‬ ‫َّ‬
‫الجاىمية لجممة من المعاني والقيم‬ ‫أسست قصيدة المدح‬ ‫ّ‬
‫المَنعة من َّ‬
‫الناس‪ ،‬وقد أسَّست ىذه‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عامة‪ ،‬كالكرم و َّ‬
‫النجدة والشجاعة والعفة واإلباء و َ‬ ‫بي َّ‬
‫العر ِّ‬
‫ي ليا‪ ،‬فالكرم مثالً مرتبط بصورة البحر وصورة السُّحب‬
‫القيم ألساليب البناء التصوير ِّ‬
‫الرياح التي تحمل السُّحب الممطرة إلى األرض القاحمة‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫وصورة ِّ‬
‫معاجع البحث‪:‬‬

‫ـ عمي أبو زيد‪ ،‬البديعيات في األدب العربي (عالم الكتب‪ ،‬بيروت ‪.)1983‬‬

‫ـ عبد اهلل التَّطاوي‪ ،‬قصيدة المدح َّ‬


‫العب َّ‬
‫اسية بين االحتراف واإلمارة (دار قباء‪ ،‬القاىرة‬
‫‪2000‬م)‪.‬‬

‫ـ عبد اهلل التَّطاوي‪ ،‬قضايا ِّ‬


‫الفن في قصيدة المدح العباسية (دار الثقافة‪ ،‬القاىرة ‪1981‬م)‪.‬‬

‫رومية‪ ،‬قصيدة المدح حتَّى نياية العصر األموي (و ازرة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.)1981‬‬
‫ـ وىب َّ‬

‫ـ محمود سالم محمد‪ ،‬المدائح النبوية حتى نياية العصر الممموكي (دار الفكر‪ ،‬دمشق‬
‫‪.)1996‬‬

‫َّ‬
‫النبوية في األدب العربي (دار الكاتب العربي‪ ،‬القاىرة ‪.)1935‬‬ ‫ـ زكي مبارك‪ ،‬المدائح‬

You might also like