You are on page 1of 97

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد خيضر‪ -‬بسكرة–‬

‫كلية اآلداب واللغات‬


‫قسم اآلداب واللغة العربية‬

‫حضور فلسطين في الشعر‬


‫األوراسي"قصائد من األوراس إلى‬
‫القدس" لــ ‪:‬حسين زيدان أنموذجا‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في اآلداب واللغة العربية‬


‫تخصص‪:‬أدب حديث ومعاصر‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعدادالطالبة ‪:‬‬


‫‪ -‬لخضر تومي‬ ‫‪-‬أحالم عجرود‬

‫السنة الجامعية‪1437/1436 :‬هـــ‬


‫‪ 2016/2015‬م‬
‫شكــر و عرفــان‬
‫شك َْرت ُ ْم ََل َ ِزي َدنَّ ُك ْم﴾‬
‫قال تعالى بعد بسم اهلل الرحمان الرحيم ﴿ لَئِ ْن َ‬

‫سورة إبراهيم ‪ /‬اآلية‪ .7‬الحمد هلل الذي أنار لنا درب العلم و المعرفة و أعاننا‬

‫على إنجاز هذا العمل وأداء هذا الواجب و وفقنا إلتمام هذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫نتقدم بجزيل الشكر و االمتنان إلى كل من ساعدنا من قريب أو من بعيد في‬

‫إنجاز هذا العمل المتواضع‬

‫و تذليل ما واجهنا من صعوبات و نخص بالذكر األستاذ المشرف "تومي‬

‫لخضر" الذي لم يبخل علينا بتوجيهاته و نصائحه القيمة‪.‬‬


‫مقـــدمــــة‬

‫تعد فلسطين موطنا مقدسا‪ ،‬يهوديا ومسيحيا وإسالميا ‪ ،‬فكل هذه الديانات‬
‫تركت بصمات في الجغرافية الفلسطينية ‪.‬‬

‫وفلسطين بقعة مباركة ‪ ،‬بل هي من أقدس البالد‪،‬وأشرفها إنها أرض اإلسراء‬


‫والمعراج‪ ،‬والمحشر والمنشر‪ ،‬وقد أخذت مكانتها إسالميا‪ ،‬من وجود المسجد‬
‫األقصى المبارك أولى القبلتين‪ ،‬وثاني المسجدين‪ ،‬وثالث الحرمين الشريفين‪،‬‬
‫ففلسطين أرض النبوات وتاريخها مرتبط بسير الرسل الكرام عليهم الصالة‬
‫والسالم‪.‬‬

‫وقد تعرضت لالغتصاب من قبل اليهود الصهاينة‪ ،‬الذين عملوا على سلب‬
‫حق شعبها‪ ،‬من خالل قتل اإلنسانية‪ ،‬وتدنيس المقدسات واحتالل األراضي‪،‬‬
‫وتشريد أهلها من ديارهم وثرواتهم وانتهاك أعراضهم وحرماتهم‪ ،‬فكل هذه الجرائم‬
‫واألوضاع المزرية التي يعيشها الفلسطيني‪،‬أعطتها في العصر الراهن أهمية‬
‫سياسية بالغة‪،‬على المستويين العربي والدولي ‪.‬‬

‫إضافة إلى هذا‪ ،‬ففلسطين تعد عامل استفزاز وإثارة للفن والجمال عموما‪،‬‬
‫ومنها الشعر‪ ،‬فال نكاد نعثر في ديوان الشعر العربي الكبير على ديوان أو‬
‫مجموعة شعرية‪ ،‬لم تتحدث عن فلسطين كأرض مقدسة طاهرة ‪،‬تتعرض لالحتالل‬
‫والنهب وانتهاك المحارم وتدنيس للمقدسات‪.‬‬

‫والشعر الجزائري هو تجل في الشعر العربي المعاصر ‪ ،‬تناول هذه القضية‬


‫منذ وقت مبكر‪،‬وحاول مسايرة مراحل القضية الفلسطينية‪ ،‬منذ ظهورها على‬
‫مسرح السياسة العربية والعالمية‪ ،‬فسجلوا ‪،‬الشعراء إحساسهم العميق والحاد بها؛‬
‫ومن أعالم الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬الشاعر حسين زيدان‪ ،‬والذي اخترنا‬

‫أ‬
‫مقـــدمــــة‬

‫قصائده الفلسطينية لتكون محل الدراسة من خالل ديوان "قصائد من األوراس إلى‬
‫القدس"‪ ،‬ومن هذا المنطلق ‪،‬سنحاول اإلجابة عن التساؤالت اآلتية ‪:‬‬

‫كيف كان تجاوب الشاعر حسين زيدان مع القضية الفلسطينية ولماذا ؟‬

‫وكيف عبر فنيا وجماليا عن موقفه اتجاه هذه القضية ؟‬

‫وقد استدعى موضوع البحث ‪،‬أن نقسمه إلى ‪:‬‬

‫مقدمة وفصلين وخاتمة وملحق ‪.‬‬

‫فالفصل األول ‪ :‬عنوناه بفلسطين في الشعر العربي والجزائري‪ ،‬وقسمناه إلى‬


‫عنصرين‪ ،‬العنصر األول‪ :‬فلسطين في الشعر العربي‪،‬والعنصر الثاني‪ :‬فلسطين‬
‫في الشعر الجزائري‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني‪ :‬فقد جاء تطبيقيا‪،‬وقفا على الشاعر حسين زيدان وصدى‬
‫أو حضور القضية الفلسطينية‪ ،‬في شعره‪ ،‬محاولين الوقوف في العنصر األول‪:‬‬
‫عند أهم الموضوعات التي طرقها الشاعر مع إبراز موقفه من ذلك‪ ،‬أما العنصر‬
‫الثاني‪ :‬فقد عرض للجانب الفني‪ ،‬وفيه قمنا بدراسة ‪ ،‬اللغة الشعرية والصورة‬
‫البالغية والموسيقى الشعرية ‪.‬‬

‫وختمنا الدراسة بخاتمة‪ ،‬احتوت على أهم النتائج المتوصل إليها‪ ،‬ثم ملحق‬
‫عرفنا فيه بالمدونة والشاعر ‪.‬‬

‫وإن طبيعة هذا البحث‪ ،‬وطريقة تناوله اقتضت منا االعتماد على المنهج‬
‫الوصفي‪،‬وكذلك اإلحصائي‪،‬مما ساهم في جمع المعلومات‪ ،‬واستخراج النصوص‬
‫لها صلة بالقضية الفلسطينية‪ ،‬و وصفها ‪،‬وتحليل‬ ‫واألبيات الشعرية التي‬
‫عناصرها الفنية ‪.‬‬
‫ب‬
‫مقـــدمــــة‬

‫وقد عدنا إلى جملة من المصادر والمراجع أهمها ‪:‬‬

‫فلسطين في األدب الجزائري الحديث لعبد اهلل الركيبي‪،‬االلتزام في الشعر‬


‫العربي ألحمد أبو حاقة‪ ،‬لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقتها‬
‫اإلبداعية لسعيد الورقي‪ ،‬ومدخل لدراسة الشعر العربي الحديث إلبراهيم الخليل‪،‬‬
‫ووهج القصيدة دراسات في الشعر العربي المقاوم ألحمد موسى الخطيب‪.‬‬

‫ومما الشك فيه أن كل بحث تعترضه صعوبات‪ ،‬تتطلب الصبر واألناة‬


‫لبلوغ المرام‪ ،‬وصعوبات هذا البحث تتمثل في ضيق الوقت ‪.‬‬

‫وال يسعنا إال أن نتوجه ‪،‬إلى اهلل عز وجل بالحمد والشكر أوال ‪ ،‬وإلى‬
‫مشرفي األستاذ الفاضل لخضر تومي اعترافا بالمجهودات التي بذلها معنا‪ ،‬وعلى‬
‫دعمه وتوجيهه ‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل األول ‪ :‬فلسطين في الشعر العربي و الجزائري‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫أ‪ .‬فلسطين في الشعر العربي‬

‫استمد الشعر العربي المعاصر‪ ،‬قوته وصحته من الواقع المعاش‪" ،‬ولقد استطاع‬
‫أن يصور الواقع العربي تصويرا فنيا‪ ،‬وذلك باختيار الكلمة الموحية بطاقتها وجرسها‬
‫و معناها‪ ،‬فجاء قويا مؤثرا بعد أن تخطى الشاعر العربي الحدود الذاتية‪ ،‬فارتفع شعره‬
‫إلى ذروة الجمال الفني‪ ،‬ليحمل لنا صورة موحية وصادقة ألحوال األمة العربية‬
‫وصراعها بحيث نجد أن بعض الشعراء الملتزمين بقضايا أمتهم‪ ،‬قد سخروا شعرهم‬
‫لخدمة القضايا العربية‪ ،‬وخاصة قضية فلسطين‪ ،‬وسجلوا األحداث الدامية والمحن‬
‫السياسية‪ ،‬التي شهدتها هذه البقعة المقدسة من الوطن العربي‪ ،‬تحت نير العدو‬
‫الصهيوني‪ ،‬وأعبائه الثقيلة‪ ،‬إذ نلمس في شعرهم صدق العاطفة القومية والعربية‪ ،‬ولهذا‬
‫فشعرهم بمثابة مرآة تعكس أحوال الوطن العربي عامة وفلسطين خاصة‪،‬فنجد في‬
‫كلماتهم صيحتهم الوطنية وصرخة األلم وصور الثوار المناضلين والمناهضين للطغيان‬
‫(‪)1‬‬
‫واالستبداد‪".‬‬

‫وبما أننا ب صدد الحديث عن فلسطين في الشعر العربي‪ ،‬فال بد من التطرق أوال‬
‫ألهميتها عند العرب والمسلمين‪" ،‬فهي أرض مباركة مقدسة‪ ،‬مرتوية بدماء اآلباء‬
‫واألجداد وهي أرض اإلسراء والمعراج‪ ،‬وقد أخذت مكانتها من وجود المسجد األقصى‬
‫المبارك أولى القبلتين‪ ،‬وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين‪ ،‬بالنسبة للمسلمين في‬
‫مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وفلسطين أرض األنبياء وتاريخها مرتبط بسير الرسل‬
‫الكرام عليهم الصالة والسالم‪ ،‬وهي من أقدس البالد وأشرفها‪ ،‬ولهذا لها في قلوب‬
‫المسلمين جميعا مكانة سامية‪ ،‬كما ظهرت هذه المكانة أيضا عبر التاريخ من خالل‬
‫(‪)2‬‬
‫حرص المسلمين والعرب على فتح فلسطين عامة والقدس خاصة‪".‬‬

‫‪w.w.w.startimes.com.2016/01/27/18: 48.:(1‬‬
‫يوسف جمعة سالمة‪ ،‬إسالمية فلسطين‪ ،‬مكتبة وهبة‪،‬القاهرة ‪،‬مصر‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪ ،‬ص‪.14،19‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪5‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ومن هنا "حظيت فلسطين والزالت باهتمام المسلمين والعرب على مدى العصور‬
‫فكانوا يدافعون عنها بالنفس والنفيس‪ ،‬ألنهم كانوا يعتقدون أن التفريط فيها تفريط في‬
‫(‪)1‬‬
‫دينهم وعقيدتهم‪".‬‬

‫وانطالقا من هذه المكانة العظيمة جاء الشعر العربي مصورا‪" ،‬لهذه األرض التي‬
‫صارت ساحة من الدماء‪ ،‬بعد حلول المأساة سنة ‪ ،1948‬التي كان وقعها أشد في‬
‫نفوس الكتاب عامة والشعراء خاصة‪ ،‬فكان من الطبيعي أن ينحو الشعر منحى المعاناة‬
‫واأللم فكثر الحديث عن الحملة على االستعمار والصهيونية‪ ،‬ووصف حالة البؤس‬
‫والتشرد التي يعانيها الفلسطيني خارج دياره‪ ،‬والحملة على الملوك والرؤساء العرب‪،‬‬
‫الذين تهاونوا في حق أمتهم وهادنوا االستعمار‪ ،‬كما دعوا إلى استنهاض همم العرب‬
‫(‪)2‬‬
‫لكي يستعدوا لجولة أخرى ويقدموا على استعادة حقهم السليب في فلسطين"‪.‬‬

‫وحين أعلنت إسرائيل" سنة ‪1948‬م عن قيام دولتها في فلسطين "‪)3 ( .‬وقامت‬
‫بتشريد عدد كبير من أهلها خارج ديارهم‪ ،‬واحتلت أغلب أراضيه‪ ،‬وحولتهم إلى‬
‫الجئين‪ ،‬إضافة إلى الدمار والنهب وغير ذلك‪.‬‬

‫جراء هذا انبجس الشاعر عمر أبي ريشة‪ ،‬صارخا ومعاتبا أمته يلومها عن‬
‫تقصيرها وغضها عن ضياع فلسطين‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ف أوْ للْقَلمِ‬
‫َم ْن َبرٌ للسَيْ ِ‬ ‫ن الْأمَ ِم‬
‫أُ َمتي هَلْ لكِ َبيْ َ‬

‫ص ِر ِم‬
‫ك المنْ َ‬
‫س َ‬
‫ال َمنْ أمْ َ‬
‫ج ً‬‫خَ‬
‫َ‬ ‫أتَلقَاكِ َوطَ َر ِفي مطْ َرق‬

‫إسماعيل أحمد ياغي‪ :‬الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية‪ ،‬دار المريخ‪ ،‬الرياض‪،‬السعودية‪1403 ،‬ه‪1983 /‬م‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ص‪.3‬‬
‫حسام الخطيب‪ ،‬ظالل فلسطينية في التجربة األدبية‪ ،‬دائرة الثقافة‪،‬تونس ‪ ،‬تونس ‪،‬ط‪1990 ،1‬م‪ ،‬ص‪.33/30‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪ )3‬محسن محمد صالح ‪ :‬القضية الفلسطينية خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة‪ ،‬مركز الزيتونة للدراسات‬
‫واالستشارات ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪2012،‬م ‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪6‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ظل الحَ َر ِم‬


‫ح َمى المَهْ ِد َو ِ‬
‫ِفي ِ‬ ‫أالسرا ِئيل َتعْلُو رَايَة‬

‫(‪)1‬‬
‫غ َبارَ التُ َه ِم‪.‬‬
‫ك ُ‬
‫عنْ ِ‬
‫ضي َ‬
‫تَنْفَ ِ‬ ‫على الذَ ِم َولمْ‬
‫ضيْتُ َ‬
‫ف أُغْ َ‬
‫كَيْ َ‬

‫وفي هذه الصدد هب الشعراء"يعبرون عن أسفهم عن تخاذل البعض تجاه‬


‫القضية‪،‬من أولئك الذين حسبوا أن المؤتمرات السياسية هي الحل لقضيتهم ناسين‬
‫أو متناسين‪،‬أن ما أخذ بالقوة ال يسترد إال بالقوة فال جدوى إذا من هذه المؤتمرات‬
‫فالتاريخ يقول بأن إسرائيل لم تف بتعهداتها في مؤتمراتها السابقة‪ ،‬فكيف يصدقونها؟‬
‫ومن الذين عبروا عن هذه النظرة الشاعر أحمد مطر‪ ،‬الذي شن حملة على الساسة‬
‫(‪)2‬‬
‫متهما إياهم بضياع القدس بتلك المؤتمرات"‪.‬‬

‫قائال‪:‬‬

‫س يعْتَ َذر‬
‫َيا قُدْسٌ َمعذِرة َو ِمثْلي لَ ْي َ‬

‫َمالي يَد فيِ َما جرى فَاألمر َما أُ ِمروا‬

‫س لي أثَر‬
‫َوأنا ضعيف ل ِي َ‬

‫ص ِر‬
‫على السَمْ ِع َوالبَ َ‬
‫عار َ‬
‫َ‬

‫فَالحَرْب أُغْ ِن َية َيحْن ِبلحْ ِن َها الوَتَر‬

‫َوالسلم مختصر‬

‫ساق عَلى سَاق‬


‫َ‬

‫وأقداح يعرش فوقها الحذر‬

‫عمر أبو ريشة‪ :‬الديوان‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1998 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.9/7‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪.)www.odabasham.‬‬ ‫‪net.2016/03/23, 23 :16 ) 2‬‬

‫‪7‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ويكون مؤتمر‬

‫(‪)1‬‬
‫هزي إليك بجدع مؤتمر ‪.‬‬

‫وهذا الشاعر هاشم الرفاعي‪ ،‬يندد حاثا شباب العرب على التطوع والجهاد‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫وأمسك حسامك وأطعن قلب صهيونا‬ ‫آن الجهاد فأقدم أيها البطل‬

‫(‪)2‬‬
‫والسيف يسطرهم لن نقبل الهونا‪.‬‬ ‫جاءوا يريدون تقسيما فقل لهم‬

‫وبالرغم مما يحدث داخل فلسطين‪ ،‬من مجازر ومذابح شنيعة‪ ،‬إال أن الصمود وأمل‬
‫العودة والرغبة في الثأر‪،‬مازال قائما‪،‬وهذا ما تحدث عنه الشاعر صالح عبد الصبور‬
‫قائال‪:‬‬

‫كانت له أرض وزيتونة‬

‫وكرمة وساحة ودار‬

‫وعندما أوفت به سفائن العمر إلى شواطئ السكينة‬

‫وخط قبره على دار التالل‬

‫انطلقت كتائب التتار‬

‫تذوده عن أرضه الحزينة‬

‫لكنه خلف سياج الشوك والصبار‬

‫ظل واقفا بال مالل‬

‫أحمد مطر‪:‬المجموعة الشعرية الكاملة‪ ،‬دار الحرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪2011 ،1‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪)1‬‬

‫هاشم الرفاعي‪ :‬الديوان‪ ،‬تحقيق محمد حسن بريغش‪ ،‬مكتبة المنار‪،‬الزرقاء‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1405 ،2‬ه‪1985/‬م‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫ص‪.339‬‬

‫‪8‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫يرفض أن يموت قبل الثأر‬

‫(‪)1‬‬
‫يا حلم يوم الثأر‪.‬‬

‫ولعل هذا الشعور العميق بهذه المأساة‪ ،‬جعل من الشاعر ينقل لنا صورة حقيقية‬
‫صادقة‪ ،‬جسد من خاللها مدى معاناة الالجئ الفلسطيني خارج دياره‪ ،‬وإصراره على‬
‫العودة ورفضه للموت قبل الثأر لحقه السليب‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول عبد الوهاب البياتي‪ ،‬على لسان الالجئ الفلسطيني‪:‬‬

‫أنا لن أموت‬

‫مادام في مصباح ليل الالجئين‬

‫زيت ونار‪ ،‬عبر مقبرة الحدود‬

‫حيث الخيام الباليات‬

‫كأنها في الريح الفتة تشير‬

‫(‪)2‬‬
‫إلى طريق العودة الدامي القريب‪.‬‬

‫"واألرض عند الشاعر الفلسطيني المقاوم‪ ،‬ليست ترابا‪،‬وسكانا ومناخا وأشجارا‬


‫واألرض ليست تاريخا فقط‪ ،‬وليست جغرافيا فقط‪ ،‬األرض عنده ذات مفهوم رمزي‪،‬‬
‫ذات مفهوم حركي‪ ،‬وذات مفهوم اقتصادي‪ ،‬وكذلك سياسي‪ ،‬باإلضافة إلى مفهومها‬
‫(‪)3‬‬
‫النفسي والسيكولوجي‪".‬‬

‫‪)1‬صالح عبد الصبور‪ :‬الديوان‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1973 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.138‬‬
‫عبد الوهاب البياني‪ :‬األعمال الشعرية‪ ،‬المؤسسة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1995 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.194‬‬ ‫‪)2‬‬

‫أحمد موسى الخطيب‪ :‬وهج القصيدة‪ .‬دراسات في الشعر العربي المقاوم‪ ،‬مكتبة الرائد عمان‪،‬األردن‪2010 ،‬م‪،‬‬ ‫‪)3‬‬

‫ص‪ .55‬نقال عن‪ :‬شاكر النابلسي‪ ،‬مجنوب التراب‪ ،‬المؤسسة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1987 ،‬م‪ ،‬ص ‪.72‬‬

‫‪9‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫يقول محمود درويش‪:‬‬

‫ليس المكان مساحة فحسب‬

‫إنه حالة نفسية أيضا‬

‫وال الشجر شجر‬

‫(‪)1‬‬
‫إنه أضالع الطفولة‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول في قصيدته (األرض)‪:‬‬

‫بالدي البعيدة عني‪...‬كعلبي!‬

‫بالدي القريبة مني‪...‬كسجني!‬

‫لماذا أغني‬

‫مكانا‪ ،‬ووجهي مكان‬

‫لماذا أغني‬

‫لطفل ينام على الزعفران‬

‫وفي طرف النوم حنجر‬

‫وأمي تناولني‬

‫صدرها‬

‫أحمد موسى الخطيب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،59‬نقال عن‪ :‬محمود درويش‪ ،‬شيء عن الوطن‪ ،‬دار العودة‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫بيروت‪ ،‬لبنان‪1971 ،‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪10‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وتموت أمامي‬

‫(‪)1‬‬
‫بنسمة عنبر‪.‬‬

‫فهذه "أغنية الغربة والتشرد والضياع‪ ،‬أغنية العذاب والسجن واالضطهاد‪ ،‬وأغنية‬
‫المرض والموت والقتل واإلبادة‪ ،‬وفقدان األمومة‪ ،‬وفقدان األرض‪ ،‬شريط من الذكريات‬
‫يمر في خاطر الشاعر‪ ،‬لكنها ذكريات مختارة تعرض صورا من تاريخ أرض‬
‫(‪)2‬‬
‫فلسطين‪".‬‬

‫وهاهو "بألفاظ معبرة ودالة على التعسف‪ ،‬واالضطهاد الصهيوني‪ ،‬يؤكد أن كل‬
‫جرائمه القذرة التي يستعملها للضغط والسيطرة‪ ،‬لن تجعله يستسلم ويتخلى عن وطنه‪،‬‬
‫وسيظل صامدا‪ ،‬ومقاوما لمثل هذه الجرائم‪ ،‬وهو يؤكد أيضا على أنه سيظل يكدح‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ويكسب قوته من عرق جبينه كأي كادح‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫سجل‬

‫أنا عربي‬

‫ورقم بطاقتي خمسون ألفا‬

‫وأطفالي ثمانية‬

‫وتاسعهم سيأتي بعد صيف فهل تغضب‬

‫سجل‬

‫محمود درويش‪ :‬الديوان (األعمال األولى)‪ ،‬رياض الريس للكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ‪.288،289‬‬ ‫‪)1‬‬

‫أحمد أبو حاقة‪ :‬االلتزام في الشعر العربي‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1979 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.646‬‬ ‫‪)2‬‬

‫إبراهيم الخليل ‪،‬مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث‪،‬دار المسيرة ‪ ،‬عمان ‪،‬األردن‪ ،‬ط‪2003 ، 1‬م ‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪11‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫أنا عربي‬

‫وأعمل مع رفاق الكدح في محجر‬

‫وأطفالي ثمانية‬

‫وال أتوسل الصدقات‬

‫من بابك‬

‫وال أصغر‬

‫أمام بالط أعتابك‬

‫(‪)1‬‬
‫فهل تغضب‪.‬‬

‫وهذا الشاعر " توفيق زياد‪ ،‬يصف صمود الفلسطيني على أرضه وتشبثه بها على‬
‫الرغم من وسائل الترهيب التي ينتجها الغزاة من أجل اقتالعه من جذوره‪ ،‬واجتثاثه من‬
‫قريته ومن بلدته وا لقذف به خارجا‪ ،‬و يخاطب المحتل مؤكدا له أن كافة مكائده بما فيها‬
‫من المستحيل إلى الممكن‪ ،‬ال يستطيع أن يطفئ بها شعلة المقاومة في نفس ذلك اإلنسان‬
‫(‪)2‬‬
‫الذي اضطهد"‪.‬‬

‫أهون ألف مرة‬

‫أن تدخلوا الفيل بثقب إبرة‬

‫وأن تصيدوا السمك المشوي في المجره‬

‫أهون ألف مرة‬

‫إبراهيم الخليل‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،245‬نقال عن علي الخليلي‪ ،‬مختارات من الشعر الفلسطيني‪ ،‬منشورات أمانة‬ ‫‪)1‬‬

‫عمان الكبرى ‪ ،‬عمان‪،‬األردن‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م ص ‪.159‬‬


‫إبراهيم الخليل‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.239‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪12‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وأن تطفئوا الشمس‪ ،‬وأن‪..‬‬

‫تحبسوا الرياح‬

‫أن تسترجوا البحر أن‬

‫تنطقوا التمساح‬

‫أهون ألف مرة‬

‫من أن تميتوا باضطهادكم‬

‫وميض فكرة‬

‫وتحرفونها عن طريقنا الذي اخترناه‬

‫(‪)1‬‬
‫قيد شعرة‪.‬‬

‫وهذه الشاعرة فدوى طوقان‪ ،‬التي صورت مأساة فلسطين‪ ،‬وكتبت عن معاناة‬
‫المرأة والطفل الفلسطيني‪ ،‬وعن ضياع أرضها وآالم أبناء وطنها ومعاناتهم من التشرد‬
‫والضياع وعن الغربة‪ ،‬توجه نداء من خالل شعرها ألبناء وبنات وطنها الذين التهمتهم‬
‫السجون اإلسرائيلية قائلة‪:‬‬

‫وشرعت جهنم أبوابها‬

‫وابتلعت براعم الصبا الطرى في أقبائها‬

‫ولم تزل هناك‬

‫على شفاه الفتية الفرسان‬

‫إبراهيم الخليل‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ،240/239‬نقال عن علي الخليلي‪ ،‬مختارات من الشعر الفلسطيني‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ص‪.90‬‬

‫‪13‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫حمراء مزهوة‬

‫تخترق الظالم والجدران‬

‫"يا إخوتي"‬

‫"بدمي أخط وصيتي"‬

‫"أن تحفظوا إلي ثورتي"‬

‫"بدمائكم"‬

‫"بجموع شعبي الزاحفة"‬

‫"فتح أنا"‬

‫"أنا جبهة"‬

‫(‪)1‬‬
‫"أنا عاصفة"‪.‬‬

‫وتنادي بالحرية والتحرر‪ ،‬والتمسك من أجل نيل حرية شعب يعاني االضطهاد‪،‬‬
‫والتعسف ورغم كل هذا فهي مصرة‪.‬‬

‫قائلة‪:‬‬

‫حريتي‬

‫حريتي‬

‫حريتي‬

‫فدوى طوقان‪ :‬األعمال الشعرية الكاملة‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‪ ،‬بيروت ‪،‬لبنان‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪)1‬‬

‫‪.477/476‬‬

‫‪14‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫صوت أردده بملء فم الغضب‬

‫تحت الرصاص وفي اللهب‬

‫وأظل رغم القيد أعدو خلفها‬

‫وأظل رغم الليل أقفو خطوها‬

‫وأظل محموال على مد الغضب‬

‫(‪)1‬‬
‫وأنا أناضل داعيا حريتي‪.‬‬

‫إنها تصرخ ‪ ،‬بأعلى صوتها‪ ،‬تحت سيطرة الغضب مؤكدة مبدأ الحرية‪ ،‬مناديه‬
‫بالتمسك‪ ،‬والسعي وراءها وعدم االستسالم‪ ،‬وتطلب من الشعب الفلسطيني‪ ،‬أطفاال‪،‬‬
‫رجاال نساء الصمود من أجل الظفر بهذه الحرية‪ ،‬مهما كان عنف واضطهاد وتعسف‬
‫االحتالل الصهيوني‪.‬‬

‫ها هو الشاعر "عبد الكريم الكرمي‪ ،‬يتحدث عن "النازحين" من أبناء شعب‬


‫فلسطين‪ ،‬الذين قذفت بهم األحداث العاتية بعيدا عن وطنهم الحبيب‪ ،‬وأرضهم الطاهرة‬
‫التي تخضبت بدماء الشهداء األبرار‪ ،‬ويشير إلى أن سبب المأساة هو تفرق العرب‬
‫وخيانة العديد من زعمائها‪ ،‬كما يصور لنا آالم هؤالء‪-‬النازحين‪ -‬الذين تحولوا إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫متشردين بعيدا عن ديارهم‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫وحيدي اليتم أم أنين األضافي‬ ‫لغة الدمع أم بيان الجراح‬

‫‪)1‬فدوى طوقان‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.427‬‬


‫أمين صالح محمود عبد ربه‪ ،‬الغربة والحنين للوطن في الشعر الفلسطيني بعد المأساة‪ ،‬دكتوراه‪( ،‬مخطوطة)‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫جامعة األزهر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1977 ،‬م‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫‪15‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫تغتضها يد المجتاح‬ ‫يا فلسطين أين تربتك العذراء‬

‫بشظايا األعراض واألرواح‬ ‫حر قلبي على التراب خضيبها‬

‫نجوما على غريب البطاح‬ ‫أيها النازحون كيف تهاويتم‬

‫في فلسطين وحدكم في الساح‬ ‫ليتكم في مالعب الحرب كنتم‬

‫وكفرتم بعصبة األشباح‬ ‫لو حملتم عبء القضية أنتم‬

‫بين السني وخفق الوشاح‬ ‫لجلوتم عرائس المجد فوق األفق‬

‫طهرته الدماء قبل البراح‬ ‫أو دفنتم هناك في تراب‬

‫غير دنيا اآلالم واألتراح‬ ‫أيها النازحون ماذا لقيتم‬

‫(‪)1‬‬
‫بعد تاريخ ثورة وكفاح‪.‬‬ ‫وحملتم ذل السؤال ثقيال‬

‫فالشاعر هنا يشير‪،‬إلى آالم النازحين الذين تم تشريدهم خارج ديارهم وبعيد عن‬
‫أهلهم وأن سبب معاناتهم ‪،‬تفرق العرب وتخاذلهم عن هذه القضية ‪،‬فهي ليست قضية‬
‫شعب وإنما قضية كل العرب والمسلمين ‪.‬‬

‫أما عن "الشهادة والشهيد‪ ،‬فنرى الشاعر إبراهيم طوقان يقيم لها صرحا شامخا‬
‫(‪)2‬‬
‫بالصورة الفنية الصادقة الرائعة‪".‬‬

‫من ذلك قوله في قصيدة"الشهيد" المشهورة‪.‬‬

‫وطفى الهول فاقتحم‬ ‫عبس الخطب فابتسم‬

‫‪)1‬أمين صالح محمود عبد ربه‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪ ، 209‬نقال عن عبد الكريم الكرمي‪ ،‬المشرد‪ ،‬المكتبة الكبرى‬
‫للتأليف والنشر‪ ،‬دمشق‪،‬سوريا ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫مصطفى السيوفي‪ :‬تاريخ األدب العربي الحديث‪ ،‬الدار الدولية لالستثمارات الثقافية ش‪.‬م‪.‬م‪ .‬القاهرة‪،‬مصر‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪2008‬م ‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪16‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ثابت القلب والقدم‬ ‫رابط الجأش والنهى‬

‫يثنه طارئ األلم‬ ‫لم يبال األذى ولم‬

‫بطرق الخلد منزال‬ ‫سار في منهج العلى‬

‫(‪)1‬‬
‫فهو رهن بما عزم‪.‬‬

‫فهو يرى أن الشهيد بطل صامد‪ ،‬ثابت يضحي من أجل وطنه ال يبالي بخطر وال‬
‫بألم قد يصيبه‪ ،‬سائر نحو المجد والخلود‪ ،‬بخطى ثابتة ورباطة جأش‪.‬‬

‫وحين " عينت الحكومة المنتدبة يهوديا بريطاني الجنسية لوظيفة النائب العام في‬
‫فلسطين‪ ،‬وأمعن في النكاية والكيد للعرب بالقوانين التعسفية الجائرة التي كان يطبخها‬
‫ولما ثقلت على العرب وطأته‪ ،‬كمن له أحد الشباب المتحمسين في مدخل دار الحكومة‬
‫(‪)2‬‬
‫في القدس‪ ،‬وأطلق النار عليه فجرحه"‪.‬‬

‫انطلق إبراهيم طوقان قائال‪:‬‬

‫روحه فوق راحته‬ ‫ال تسل عن سالمته‬

‫كفنا من وسادته‬ ‫بدلته همومه‬

‫بعدها هول ساعة‬ ‫يرقب الساعة التي‬

‫يتلظى بغايته‬ ‫بين جنبيه خافق‬

‫أضر من شرارته‬ ‫من رأى فحمة الدجى‬

‫والردى منه خائف‬ ‫هو بالباب واقف‬

‫إبراهيم طوقان‪ :‬األعمال الشعرية الكاملة‪ ،‬كلمات عربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪2012 ،‬م‪ ،‬ص ‪.201‬‬ ‫‪)1‬‬

‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.127‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪17‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫خجال من جراءته‬ ‫فاهدئي يا عواصف‬

‫لفظ النار والدما‬ ‫صامت لو تكلما‬

‫خلق الجزم أبكما‬ ‫قل لمن عاب صمته‬

‫(‪)1‬‬
‫منهج الحق مظما‪.‬‬ ‫تلوموه قد رأى‬

‫وإلى جانب هذا نجد أن الشعراء اإلسالميين لم تغب عنهم‪ ،‬هذه القضية‪ ،‬حيث سجلوا‬
‫اهتمامهم بها ومساندتهم لها‪ ،‬في الكثير من أشعارهم‪.‬‬

‫فهذا الشاعر المغربي حسن األمرّاني مثال‪ ،‬يعلن العودة إلى فلسطين عبر الجهاد‬
‫والكفاح وإسقاط نظام الجور واالستبداد باسم الدين واإلسالم‪ ،‬في قوله‪:‬‬

‫هبت النار على األحرف‬

‫فاألحرف نار‬

‫يسقط اآلن الحصار‬

‫ال تقل‪:‬نحن انتهينا‬

‫إننا نبتدئ اآلن‬

‫وخوف الجرح نوار وغار‬

‫إننا نفتح بوابة تاريخ فلسطين المجيدة‬

‫إننا نرفع‪ ،‬باسم اهلل‪ ،‬فوق السور والصخرة‬

‫والقبة والقدس العتيدة‬

‫إبراهيم طوقان‪ :‬األعمال الشعرية الكاملة‪،‬ص ‪.128/127‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪18‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫راية التوحيد والعودة‬

‫(‪)1‬‬
‫فأقرأ (سورة الفتح) لقد حم القرار‪.‬‬

‫"ويستعين حسن األمرّاني بصالح الدين األيوبي‪ ،‬باعتباره رمزا تاريخيا في الجهاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وذلك لتحرير فلسطين من قبضة الصهاينة وأن الحل الوحيد السترجاع‬
‫(‪)2‬‬
‫يقول‬ ‫القدس السليبة هو الجهاد واالعتصام بحبل اهلل وتطبيق شريعة القرآن‪".‬‬

‫كنا من أغوار الجب نناديك‬

‫صالح الدين‬

‫صالح الدين‬

‫ناجيناك عسى تمنحنا سيفا‬

‫يقطع رأس التنين‬

‫لكنك ما جئت‬

‫وال في اليرموك تجلى سيف اهلل البتار‬

‫والنسوة خلف القوم بأسياف‬

‫تترصد من ولى األدبار‬

‫لكن أبصر صوتا يخترق األحقاب‬

‫لن يبلغك القدس سوى درب واحد‬

‫‪)1‬جميل حمداوي‪ :‬مدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص ‪ .16‬نقال عن‪:‬‬
‫حسن األمرّانى‪ ،‬ديوان الزمان الجديد‪ ،‬دار األمان‪،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪1988 ،1‬م‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪)2‬جميل حمداوي‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪19‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫سيف وكتاب‪.‬‬

‫وقد" صارت القضية الفلسطينية‪،‬موضوعا لكل شاعر إسالمي معاصر‪،‬سواء‬


‫فلسطينيا أكان مثل محمود مفلح وحلمى الزواتي‪ ،‬أم غير فلسطيني مثل حسن األمراني‬
‫الشاعر المغربي‪ ،‬ومصطفى محمد الغماري الشاعر الجزائري‪،‬والذي يتهم الطغاة‬
‫(‪)2‬‬
‫اليهود بالكفر واالعتداء على أرض اهلل ويحرض المسلمين على الجهاد والتحدي‪".‬‬

‫قائال‪:‬‬

‫ضاعت فلسطين‪...‬قلناها وقلناها‬

‫ويشهد اهلل أنا قد أضعناها‬

‫ظل التآمر يطوينا ونحسبه‬

‫وجها من السلم ما ننفك نهواها‬

‫تظل تعلكنا أيامها رهقا‬

‫وندمن آاله‪...‬نفنى في حمياها‬

‫نقول‪ :‬يا ليل‪ ،‬يرتد الصدى صدأ‬

‫مرا‪ ...‬يا قدس ننعاها مراياها‬

‫أيامنا في لهاة العصر الهثة‬

‫وليس إال ضالل الكفر يغشاها‬

‫جميل حمداوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬نقال عن‪ :‬حسن األمرانى‪ ،‬ديوان الزمان الجديد‪،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪)2‬جميل حمداوي‪ :‬مدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪20‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وأرضنا لألولى باعوا مالمحها‬

‫(‪)1‬‬
‫واستنبطوا الكفر أضدادا وأشباها‪.‬‬

‫ويقول داعيا إلى الجهاد مستنكرا تخاذل العرب وتقاعسهم‪.‬‬

‫من يرد التتار‬

‫آه ال سيف سيف‬

‫وال درب درب‬

‫وال الدار دار‬

‫من يرد الرياح التي سلبت (ذا يزن)؟‬

‫سلبته اليمن‬

‫سلبته الخمائل‬

‫والدرب‪...‬ال شفة‬

‫والعيون انكسار‬

‫نحن نحن الشهود‬

‫(‪)2‬‬
‫يا زمانا يتوج فيه اليهود‪.‬‬

‫جميل حمداوي‪ :‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪ ،18‬نقال عن‪ :‬مصطفى محمد الغماري‪ ،‬ديوان حديث الشمس والذاكرة‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1986 ،‬م‪ ،‬ص ‪.18-17‬‬


‫‪ )2‬جميل حمداوي‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ .19‬نقال عن مصطفى محمد الغماري ديوان حديث الشمس والذاكرة ‪،‬‬
‫ص‪.78‬‬

‫‪21‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ويوضح حسين علي محمد‪ ،‬في( كتابه األدب اإلسالمي وقضاياه المعاصرة)‪،‬‬
‫كيف صور بعض الشعراء اإلسالميين‪ ،‬االنتفاضة الفلسطينية التي هزت ضمير العالم‬
‫العربي وذلك الطفل الصغير الذي حمل عبء الثورة باحثا عن الحرية‪ .‬واسترجاع‬
‫أرضه‪ ،‬بسالح الحجارة‪ ،‬الذي قاوم به الجيش اليهودي‪ ،‬مصرا كل اإلصرار على‬
‫التحدي والمقاومة‪ ،‬وكل هذا صوره الشعراء اإلسالميون بإحساس صادق‪،‬ولغة إبداعية‬
‫متميزة‪ ،‬كما بشروا بالعطاء المنتظر في مستقبل كريم‪ ،‬وهذا ما جعل إحساس العدو‬
‫(‪)1‬‬
‫بالخطر يزداد من أن يتحول األمر إلى صراع ديني‪.‬‬

‫ومن الشعراء الذين قاموا ببعث األمل في روح الطفل الفلسطيني‪،‬ودفعه نحو‬
‫المقاومة الشاعر محمد مفلح في قصيدته "نقوش إسالمية على الحبر الفلسطيني" قائال‪:‬‬

‫وفي أكفكم قد غرد الحجر‬ ‫شدوا الخناق فأنتم وجها القمر‬

‫وزاغ التيه منا السمع والبصر‬ ‫شدوا الخناق فقد ضاقت مالمحنا‬

‫ولست لألنجم الزهراء أعتذر‬ ‫يا من بزغتم بهذا الليل أوسمة‬

‫وفي لهات الصحاري أنتم المطر‬ ‫أنتم سنابل هذا العمر في بلدي‬

‫(‪)2‬‬
‫يقودها زمن اإلسالم والظفر‪.‬‬ ‫أنتم خيول بني اإلسالم جامحة‬

‫"فالطفل الفلسطيني هو رجل مسؤول‪ ،‬وبطل مدرب "جاهز للتضحية" له أحالم‬


‫الطفولة ولهم أحزانهم ورغباتهم‪ ،‬وال شك للحظة واحدة في أن االحتالل االستيطاني‬
‫الغاشم‪ ،‬قد سلب بممارسته اإلرهابية طفولة الطفل الفلسطيني‪ ،‬وقام بذبح هذه الطفولة‬

‫حسين علي محمد‪ :‬األدب اإلسالمي وقضاياه المعاصرة‪ ،‬هبة النيل العربية للنشر والتوزيع‪،‬الجيزة ‪،‬مصر‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪2009‬م‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫المرجع نفسه‪ :‬ص ‪ ،77‬نقال عن محمود مفلح‪ ،‬نقوش إسالمية على الحجر الفلسطيني‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫مصر‪ ،‬ط‪1412 ،1‬ه‪1991-‬م‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪22‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫علنا على مرأى ومسمع من العالم وجعلها تتحول منذ وقت مبكر إلى رجولة جادة‬
‫(‪)1‬‬
‫محملة بعبء التأثر وبعبء التحرير‪".‬‬

‫ولهذا نجد أن بعض القصائد نجحت في رسم بطولة الطفل‪،‬وال يختلف اثنان في أهمية‬
‫هذه الصورة‪ ،‬وفي استحضار أبعادها المثيرة‪ ،‬وهل هناك إكبار للطفل الفلسطيني‬
‫ولدوره وعطاءاته أعمق من هذا اإلكبار الذي عبرت عنه قصيدة "العشاق الفلسطينيون‬
‫الصغار" لشوقي البغدادي‪ ،‬وهذا مقطعها األول‪:‬‬

‫لم يبقَ سوى األطفال لهذا الحب‬

‫فكل العشاق اليوم عصافير‬

‫والمحبوبة مغردة في ذروة جبل عال‬

‫تبكي جثث األطفال‬

‫(‪)2‬‬
‫والزقزقة الواصلة إليها حشرجة وسعال‪.‬‬

‫ففي هذا المقطع يصبح تحرير فلسطين من المهام الموكلة إلى األطفال لماذا؟ ألن‬
‫عشقهم ما يزال حارا‪ ،‬وألن قلوبهم ما تزال حية نابضة مؤكدا‪:‬‬

‫لم يبق سوى األطفال لهذا الحب‬

‫فأرجعني يا رب صغيرا‪،‬‬

‫(‪)3‬‬
‫كي أتذكر حب فلسطين‪.‬‬

‫عبد العزيز المقالح‪ :‬صدمة الحجارة‪-‬دراسة في قصيدة االنتفاضة‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.237‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪)2‬عبد العزيز المقالح‪:‬المرجع السابق‪ ،‬نقال عن محمد علي اليوسفي‪ ،‬أبجدية الحجارة‪ ،‬ص ‪.138-132‬‬
‫‪)3‬المرجع نفسه‪:‬ص ‪ 239‬نقال عن محمد علي اليوسفي‪ ،‬أبجدية الحجارة‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪23‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وفي هذا الصدد يصرح الشاعر السوري نزار قباني في مدخل ديوانه"ثالثية أطفال‬
‫الحجارة"‪ .‬بدور أطفال الحجارة في هذه القضية‪" ،‬ويعتقد أنهم نقلوا وغيروا من الشعر‬
‫العربي‪ ،‬وأدخلوه في حداثة من نوع جديد‪ ،‬وهي حداثة المعاناة والواقعية الثورية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إضافة إلى ذلك هم أطفال كان لهم دور فعال في الحركة الثورية الفلسطينية"‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫بهروا الدنيا‬

‫وما في يدهم إال الحجارة‬

‫وأضاءوا كالقناديل‬

‫وجاءوا كالبشارة‬

‫قاوموا‪...‬‬

‫وانفجروا‪...‬‬

‫واستشهدوا‬

‫وبقينا دببا قطبية‬

‫(‪)2‬‬
‫صفحت أجسادها ضد الحرارة‪.‬‬

‫يصور الشاعر األطفال ويمجدهم‪ ،‬فهم بهروا الدنيا‪ ،‬وحاربوا وال زالوا يحاربون‬
‫من أجل وطنهم‪ ،‬بسالحهم البسيط‪،‬آال وهو الحجر‪ ،‬كما فرضوا وجودهم على الساحة‬
‫السياسية واألدبية وخاصة الشعرية‪ ،‬وفي كتابات الشعراء‪ ،‬فهم أبطال هذه الملحمة التي‬
‫ينتظروا انتصارها‪.‬‬

‫نزار قباني‪ ،‬ديوان‪-‬ثالثية أطفال الحجارة‪،‬منشورات نزار قباني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،1988 ،1‬ص ‪.16‬‬ ‫‪)1‬‬

‫نزار قباني‪:‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪24‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ب‪ .‬فلسطين في الشعر الجزائري‪:‬‬

‫قضية فلسطين " قضية العرب األولى‪ ،‬كانت في مقدمة القضايا والمآسي العربية‬
‫التي انفعل بها شعراء الجزائر‪ ،‬وعبروا عنها في شعرهم‪ ،‬يترجمون بذلك إحساس‬
‫الشعب وتعلقه بها‪ ،‬وإيمانه بحق أبناء فلسطين في استرداد وطنهم السليب‪ .‬وقد احتلت‬
‫هذه القضية في شعرهم مكان الصدارة منذ نكبة ‪1948‬م فحسب بل منذ وقت مبكر‬
‫جدا‪ ...‬منذ بدأت تتضح خيوط المؤامرات الصهيونية االستعمارية على هذا الجزء من‬
‫(‪)1‬‬
‫الوطن العربي‪".‬‬

‫وحين نتأمل القصائد اآلتية‪ " ،‬نجد أن قضية فلسطين في ضمير الشعب‪ ،‬وقد عبر‬
‫عنها شعراؤه منذ وقت مبكر‪ .‬وحضورها كان في الشعر مثلما كان في النثر‪ ،‬فقد سجل‬
‫الشعراء األحداث التي عاشتها فلسطين قبل عام ‪1948‬م‪ ،‬مثل ثورة ‪1936‬م‪ ،‬ومشروع‬
‫التقسيم‪ ،‬وسياسة االنجليز المعادية للعرب‪ ،‬وتخاذل العرب وخالفهم وتفرقهم إلى آخر‬
‫الموضوعات التي ظهرت في قصائد الشعراء في الفترة األولى من كفاح الشعب‬
‫الفلسطيني والظروف التي أحاطت بهذه القضية‪ .‬وقد كانت هذه الفترة نفسها في‬
‫الجزائر فترة غليان وصراع بين الشعب الجزائري واالستعمار الفرنسي‪ ،‬وكانت فترة‬
‫مليئة بالحركة والنشاط السياسي واإلصالحي واالجتماعي‪ ،‬جعلت الشعب الجزائري‬
‫يعي أكثر من ذي قبل ذاته ووجوده ويبحث عن طريق حقيقي للحرية‪ ،‬وفي ذات الوقت‬
‫يعي بقوة قضية فلسطين‪ ،‬ولعل الشاعر" محمد العيد آل خليفة" من أكثر الشعراء في‬
‫هذه الفترة حديثا عن فلسطين وعن أحداثها الكثيرة‪ ،‬فهو لم ينظم قصيدة واحدة لنقول‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪1983‬م‪،‬ص‪.54‬‬

‫‪25‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫أو مشاركة وجدانية منه وإنما تضمنت قصائده عن فلسطين‬ ‫مثال أنها مجاملة‬
‫(‪)1‬‬
‫إحساسه العميق بها‪ ،‬وامتد هذا اإلحساس والتعبير عنه إلى االستقالل"‪.‬‬

‫وعندما أحس بالخطر البريطاني على األرض الطيبة‪ ،‬أرض األنبياء وما‬
‫تتعرض له من مؤامرات ومكائد‪ ،‬كتب قصيدته"بني التاميز" يتحسر فيها على ما حل‬
‫بأولى القبلتين‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫فهل لكم عن الجوار ازدحام‬ ‫بني(التاميز)قد جرتم كثيرا‬

‫تسوم (القبلة) األولى التجار‬ ‫أفي أسواقكم نصيبا وعضبنا‬

‫(‪)2‬‬
‫كما للبحر بالملجح انسجار‪.‬‬ ‫أخال (القبلة) انسجرت دماء‬

‫ويواصل محمد العيد نظرته هذه‪ ،‬و " لعلها نظرة مثالية‪ ،‬فهو ال ينظر نظرة‬
‫عنصرية أو عرقي ة‪ ،‬ألنه مؤمن ببقية األديان السماوية األخرى‪ ،‬إذ ينظر لليهود كأنهم‬
‫أبناء عمومة للعرب‪ ،‬وأن انجلترا هي التي فرقت بينهما‪ ،‬و لكن هذه النظرة فيها مثالية‪،‬‬
‫حيث أن هناك من اليهود من يتعصب ضد األجناس األخرى‪ ،‬بل يؤمن بالتفوق‬
‫العنصري‪ ،‬وخاصة من يحملون ويعتنقون فكرة "الصهيونية" العنصرية التي تفرق بين‬
‫" شعب اهلل المختار" وبين بقية الشعوب‪ ،‬فالشاعر إذن ينظر إلى الخالف بين العرب‬
‫واليهود من زاوية خاصة يوعز سبب الخالف إلى بريطانيا فقط‪ ،‬ثم يوبخ بعد ذلك‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلنجليز"‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫ولوالكم لما وقع الشجار‬ ‫تشاجرت العمومة في ذراها‬

‫المرجع نفسه ‪:‬ص‪.56‬‬ ‫‪)1‬‬

‫محمد العيد آل خليفة‪ :‬الديوان‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين ميلة‪ ،‬الجزائر‪2010 ،‬م‪.‬ص ‪.339‬‬ ‫‪)2‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪26‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫بها وكالهما ألخيه جار‬ ‫غدا العبري للعربي خصما‬

‫وتأبى الترب فيها والحجار‬ ‫ترون لها سوى العربي أمال‬

‫وشعب يستجير وال يجار‬ ‫لم يؤلمكم حرم مباح‬

‫لمثل جمالها صنع العجار‬ ‫ونكبة أوجه بالكشف غر‬

‫(‪)1‬‬
‫ولكن في قلوبكم أنحجار‪.‬‬ ‫كم احتجت لظلمكم وضجت‬

‫ويذهب الشاعر بعد ذلك ليكشف أالعيب وتآمر انجلترا مع الصهيونية‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫لم يأمنوا الغدر من بنيك‬ ‫يا(لندا) لو درى بنونا‬

‫سباك بالمسجد السبيك‬ ‫إدخال شعب اليهود سرا‬

‫بحكمها لجنة المليك‬ ‫أهكذا تفصل القضايا‬

‫)‪(2‬‬
‫على فناء لها وشيك ‪.‬‬ ‫قد دل طغيان انجلترا‬

‫الشاعر بعد "كشف أالعيب االنجليز وتآمرهم على فلسطين‪ ،‬من مثل تكوين اللجان‬
‫لتهدئة الخواطر‪ ،‬يلقى بحكم أخير على مستقبل انجلترا ويتنبأ لها بالفناء والضعف نتيجة‬
‫ظلمها‪ ،‬وقد تحققت هذه النبوءة‪ ،‬إذ أصبحت انجلترا بعد أن كانت ال تغرب عن‬
‫مستعمراتها الشمس‪ ،‬أصبحت دولة من الدرجة الثانية‪ ،‬وهذا الحكم من الشاعر يشتد إلى‬
‫(‪)3‬‬
‫مبدأ عام وهو أن الظلم واالستغالل بداية النهاية‪".‬‬

‫محمد العيد آل خليفة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.339‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪)2‬محمد العيد آل خليفة‪:‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.286‬‬


‫‪)3‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪27‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫" وال شك أن الشاعر"أحمد سحنون" مثل "محمد العيد" ينتمي إلى "الحركة‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلصالحية" التي تنظر إلى القضية نظرة دينية كما تنظر إليها نظرة قومية"‪.‬‬

‫ولهذا نجد في قصيدته "يا أمال تجددا" ينادي بالجهاد والنضال في سبيل هذا الوطن‬
‫العربي‪ ،‬ويصر على اتحاد العرب حتى يستطيعوا استعادة هذه األرض‪ ،‬كما نجده في‬
‫هذه القصيدة يتوجه بكلماته نحو الصهيوني‪ ،‬ويحذره ليستعد ليوم أسود‪ ،‬يوم يطرد‬
‫خارج هذه األراضي‪ ،‬ألن هذه البقاع أصبحت ملكا ألصحابها‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫يغدو به جميعهم مشتتا مشردا‬ ‫فليستعد شعب صهيوني ليوم أسودا‬

‫وشيدت مجدا سيبقى خالدا على المدى‬ ‫يا أمة قد رفعت للناس أكالم الهوى‬

‫(‪)2‬‬
‫تلك بقاع أصبحت ملكا لنا مؤبدا!‪.‬‬ ‫ال تتركي القدس لمن عاث به وأفسدا‬

‫وها هو مرة أخرى‪ ،‬يتكلم بنبرة حادة مندفعا‪ ،‬نحو تلبية النداء‪ ،‬واستغاثة الشعب‬
‫الفلسطيني‪ ،‬وتحريره من قبضة العدو الصهيوني الظالم‪ ،‬واستعادة أرضه الطاهرة‪،‬‬
‫أرض األنبياء والقرآن‪ ،‬فال بد من نصرتها وإجابة ندائها‬

‫يقول‪:‬‬

‫وإنا مددنا إليك اليدا‬ ‫فلسطين إنا أجبنا الندا‬

‫لنسحق كل جموع العدا‬ ‫وجئناك يا موطن األنبياء‬

‫(‪)3‬‬
‫ويصبح في أرضه سيدا‪.‬‬ ‫ويعلن شعبك أفراحه‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬القبة‪ ،‬الجزائر‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.51‬‬ ‫‪)1‬‬

‫أحمد سحنون‪ :‬ديوان الشيخ أحمد سحنون‪ ،‬منشورات الحبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪2007 ،2‬م‪،‬ج‪ ،1‬ص ‪.228‬‬ ‫‪)2‬‬

‫المصدر نفسه‪ :‬ص ‪.124‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪28‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ويتحدث "الشاعر في قصيدة أخرى" شباب محمد" عن الشباب العربي ويركز على‬
‫اإليمان ويربط بينه وبين استرداد فلسطين‪ ،‬وأن اإليمان بالقيم اإلسالمية هو السبيل إلى‬
‫المحافظة على فلسطين‪ ،‬وهذه الفكرة يتفق فيها جميع الشعراء الجزائريين تقريبا‪ ،‬الذين‬
‫ينظرون– كما سبق‪ -‬إلى فلسطين من زاويتين‪ ،‬الزاوية الدينية والزاوية القومية‪،‬‬
‫و يتعرض في هذه القصيدة إلى أخالق العرب‪ ،‬مثلما يفعل غيره من الشعراء‪ ،‬فيشيد‬
‫بشجاعة العرب وال ينسى أخالق الصهاينة‪ ،‬ثم يتعرض إلى عصبة األمم التي وافقت‬
‫(‪)1‬‬
‫على التقسيم وأن موقفها هذا هو سبب ما تعاني منه فلسطين والشرق العربي‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫لها في القبلة األولى التهاب‬ ‫لقد شبت بأرض الشرق نار‬

‫(‪)2‬‬
‫فكيف يروعكم هذا الذباب؟‪.‬‬ ‫وأنتم خير من خاضوا لظاها‬

‫ثم " كانت الحرب عام ‪1948‬م‪ ،‬ودخلت الجيوش العربية فلسطين‪ ،‬وهب الشعب‬
‫الجزائري يناصر أبناء فلسطين‪ ،‬ففتح باب التطوع‪ ،‬ونظمت الحمالت لجميع التبرعات‬
‫لمساعدة الثوار‪ ،‬ورغم الحواجز التي كانت تفصل الجزائر عن المشرق العربي وعن‬
‫فلسطين بالذات‪ ،‬كانت قلوب الجزائريين تخفق بحب فلسطين‪ ،‬ومشاعرهم تغلي على‬
‫نكبة الشعب الشقيق‪ ،‬حيث خرج أبناء الشعب الجزائري محاولين تخطي هذه الحواجز‪،‬‬
‫فمنهم من وصل ومنهم من تلقفته سجون االستعمار قبل أن يصل إلى فلسطين وفي هذه‬
‫الفترة تناول الشعراء القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها‪)3(".‬وراحوا يدعون الشباب‬
‫العربي للتضامن مع فلسطين والدفاع عنها مطالبين بالحرية و الجهاد دون يأس أو‬
‫تشاؤم‪.‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث‪ ،‬ص‪.53‬‬ ‫‪)1‬‬

‫أحمد سحنون‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬ ‫‪)2‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث‪ ،‬ص‪.54، 53‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪29‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫فهذا الشاعر " مفدي زكريا في قصيدته"رسالة الشعر في الدنيا مقدسة" يلوم أولئك الذين‬
‫يتفرجون على مأتم في فلسطين بعد النكبة والذين كانوا السبب فيها‪ ،‬فهو يصب سخطه‬
‫على الخلق الذي أضاع هذا الجزء من الوطن العربي‪ ،‬وعلى األبناء الذين يعيشون‬
‫ألنفسهم وذواتهم وال يفكرون في مصيرهم ومصير األجيال القادمة بينما إسرائيل أخذت‬
‫(‪)1‬‬
‫قطعة من وطنهم وهي تترصد الباقي‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫وسامها الخلق‪ ،‬إفالسا وخذالنا‬ ‫ويح للعروبة‪...‬كم ديست قداستها‬

‫صفو الليالي‪...‬ومارقو البلوانا‬ ‫وعاكفين على النعمى‪...‬يهدهدهم‬

‫(‪)2‬‬
‫وأغمضوا دون إسرائيل أجفانا‪.‬‬ ‫ناموا‪...‬وفي الدار إسرائيل ترصدنا‬

‫والشاعر" بعد هذا مباشرة يربط بين مأساة فلسطين وثورة الجزائر التي تعيش بدورها‬
‫حربا دامية‪ ،‬ويصرح بأن الشرق قد بدأ يفيق وأن الكارثة التي حاقت به بسبب فلسطين‬
‫(‪)3‬‬
‫أيقظت فيه الوعي بما يتعرض له من محنة‪ ،‬ولوالها لظل نائما ساردا في سباته‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫راحت عند العرب قربانا وغفرانا‬ ‫وفي الجزائر أشالء ممزقة‬

‫لوال المصاب لظل الشرق سكرانا‬ ‫الشرق في الخطب طارت عنه سكرته‬

‫(‪)4‬‬
‫ياليت ما كان‪ ،‬قبل اليوم‪ ،‬ما كان‪.‬‬ ‫قد كانا ما كان‪ ،‬واأليام موعظة‬

‫المرجع نفسه‪ :‬ص ‪.64 ،63‬‬ ‫‪)1‬‬

‫مفدي زكريا‪ :‬اللهب المقدس‪ ،‬الشركة الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1983،‬م‪ ،‬ص‪.293‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪)3‬عبد اهلل الركيبي ‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث ‪،‬ص ‪.64‬‬


‫مفدي زكريا‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.294‬‬ ‫‪)4‬‬

‫‪30‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫فالشاعر هنا"تناول القضية من خالل عالقتها بالعرب والعروبة‪ ،‬األسباب التي‬


‫أدت إليها محاوال استنهاض الهمم‪ ،‬وعدم االستسالم فهو يري أنه ما وقع قد وقع‪ ،‬ال‬
‫يجب التحسر عليه‪ ،‬وكل ما علينا هو إعادة النظر في هذه المأساة فهي مأساة أيقظت‬
‫فينا الوعي لنواصل الدفاع من جديد‪ ،‬إضافة إلى هذا‪ ،‬الشاعر لم يفض النظر أو‬
‫الحديث عن "مدينة القدس" التي تمثل رمزا فلسطينيا ومكانا مقدسا تناوله الشعراء في‬
‫(‪)1‬‬
‫شعرهم وتغنوا به كما تجسم أيضا إيمان العرب بقداستها ومكانتها لديهم وحبهم لها‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫ما انفك تغمره حبا طوايانا‬ ‫قدس العروبة واآليات شاهدة‬

‫يرتاش من نبل معناها‪،‬جناحانا‬ ‫وحرمة الضاد في األجيال ما فتئت‬

‫يسيل من دمه المسفوك عطفانا‬ ‫والجرح‪ ،‬ما انفك في أكبادنا غدقا‬

‫(‪)2‬‬
‫بالشرف ما انفك مسحورا‪ ،‬وولهانا‪.‬‬ ‫والمغرب الحر ال تخبو لواعجه‬

‫ففلسطين رغم ضياعها مازالت تعتبر بلدا عربيا‪ ،‬و هي جزء ال يتجزأ من الوطن‬
‫العربي وقد عبر عنها الشعراء العرب والجزائريون‪ ،‬إيمانا منهم بعودتها واستقاللها‪،‬‬
‫فنجدهم يحملون في نفسهم اإليمان بالعودة والكفاح الستعادتها‪ ،‬فمنهم من كان تعبيره‬
‫مباشرا‪ ،‬ومنهم من كان نداؤه جهرا عاليا‪ ،‬وبعضهم األخر صورها بأسلوب بسيط مؤثر‬
‫وعميق و هذا ما نجده عند الشاعر" محمد األخضر السائحي" بحيث يعالج هذا الموضوع‬
‫بنداء موجه إلى اإلنسان العربي‪ ،‬يطالبه فيه بالوقوف بجانب أخيه الفلسطيني‪ ،‬وتحرير‬
‫(‪)3‬‬
‫هذا الوطن الذي تم اغتصابه من طرف اليهود‪.‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.65 ،64‬‬ ‫‪)1‬‬

‫مفدي زكريا‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.296‬‬ ‫‪)2‬‬

‫عبد اهلل الركيبي ‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث ‪ ،‬ص ‪.67-65‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪31‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫يقول في قصيدته"من سوانا"‬

‫فلقد طال المدى‬ ‫يا أخي لب النداء‬

‫لفلسطين الفدا؟‬ ‫من سوانا يا أخي‬

‫كيف تعطي لليهود؟‬ ‫إنها أرض الجدود‬

‫(‪)1‬‬
‫يا فلسطين غدا‪.‬‬ ‫قل غدا سوف نعود‬

‫والفكرة نفسها نجدها عند الشاعر" أبو القاسم سعد اهلل"‪ ،‬حيث اختار الشعر الجديد ليعبر‬
‫عن وحدة الكفاح في الجزائر وفلسطين‪.‬‬

‫يقول‪ :‬من فم األطلس نشدو يا فلسطين المجيد‬

‫من هنا‪ ،‬من قمة مشحونة بالثائرين‬

‫من هنا من مشرق البعث المجيد‬

‫من ذرى األطلس صخاب الفداء‬

‫سوف يمتد الفداء‬

‫لفلسطين التي تتلو الوالء‬

‫والتي لما تزل حمراء جرحا وسالح‬

‫للجروح الراعفات‬

‫في بالدي حيث كانت‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :،‬المرجع السابق‪ :‬ص‪ ،67‬نقال عن محمد األخضر السائحي‪ ،‬همسات وصرخات‪ ،‬دار‬ ‫‪)1‬‬

‫المطبوعات الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1965،‬م‪ ،‬د ص‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫سوف يمتد الفداء‪.‬‬

‫و" إذا كان الشعراء الجزائريون قد نظروا إلى الكفاح في الجزائر على أنه بداية‬
‫لتحرير فلسطين‪ ،‬وأن المعركة واحدة‪ ،‬فهم أيضا قد ربطوا بين الالجئين هنا وهناك‪،‬‬
‫نلمح هذا في تلك الصور التي تعبر عن مأساة الالجئين بالجزائر وفلسطين‪ ،‬هذه‬
‫(‪)2‬‬
‫الصورة المتحركة التي يرسمها الشاعر"محمد بلقاسم خمار" وهم يعيشون الضياع‪".‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫الالجئون تلوح من أقدامهم وصمات عار‬

‫الضائعون على كهوف الذل بين دم و نار‬

‫من"سوق أهراس" ومن"يافا"أيا لعن القفار‬

‫(‪)3‬‬
‫عشش على هاماتنا حتى تعود إلى الديار‪.‬‬

‫قضية الالجئين هي قضية إنسانية وقومية وعالمية هزت الكيان العربي بأكمله‬
‫وخاصة الشعراء‪ ،‬وفي هذا يقول الدكتور عبد اهلل الركيبي‪ " :‬وال أظن أن شاعرا عربيا‬
‫واحدا لم تهزه الكارثة ولم ينفعل بها كقضية قومية وإنسانية معا‪ ،‬وقد هزت مشاعر‬
‫شعرائنا في الجزائر وعبروا عنها‪ ،‬لكن تعبيرهم ال يتخذ طابع البكاء والحنين‪-‬كما فعل‬
‫غيرهم‪ -‬وإنما اتخذ طابع السخط على هذا الواقع الذي فرض بالقوة كما اتخذ أشكاال‬
‫(‪)4‬‬
‫جديدة في التعبير‪ ،‬باإلضافة إلى الشكل القديم في القصائد المألوفة‪".‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث ‪ ،‬ص‪ ،70‬نقال عن‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬ثائر وحب ‪ ،‬دار‬ ‫‪)1‬‬

‫اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1967 ،‬م‪ ،‬د ص‪.‬‬


‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬ص‪.76‬‬ ‫‪)2‬‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬الديوان‪ ،‬دار أطفالنا‪ ،‬البويرة‪ ،‬الجزائر‪2010،‬م ‪،‬ج‪ ،2‬ص ‪.549‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪)4‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر ‪ ،‬ص‪.76‬‬

‫‪33‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫ويواصل بلقاسم خمار طرقه لقضية الالجئين‪ ،‬من خالل وصفه لمعاناة فتاة‬
‫فلسطينية تعاني آالم الدهر وأهواله‪ ،‬هي فتاة الجئة ذاقت مرارة الطرد من وطنها‬
‫(‪)1‬‬
‫وشقاء التشرد‪ ،‬فكانت مجبورة على التمرد والثورة من أجل الحياة‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫كحبل وريد‪...‬‬

‫قريب‪...‬بعيد‬

‫هنالك من خيمة نازحة‬

‫إلى جانب القرية النائحة‬

‫هنالك خلف القبور العراة‬

‫وبين المآسي‪ ،‬ولفح السراب‬

‫بدت عائدة‬

‫بقبضتها كمشة من تراب‬

‫تزاحمها صخرة صامدة‬

‫وقد هتفت ببريق عجيب‬

‫كلون اللهيب‬

‫(‪)1‬‬
‫كلحن األلم‪.‬‬

‫عبد المجيد دقياني‪:‬االلتزام في شعر محمد بلقاسم خمار‪ ،‬دار علي بن زيد‪ ،‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪2015‬م‪،‬ص‪.165‬‬

‫‪34‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وبعد" أن رسم صورة هذه الفتاه التي تعيش تحت الخيام‪ ،‬والتعب والشقاء‪ ،‬قد أضنا‬
‫قواها‪ ،‬وأخذ في إظهار ما يختلج في نفسها من صراع داخلي معبرة عن ذلك‬
‫(‪)2‬‬
‫يقول‪:‬‬ ‫بتساؤالتها عن األلم الذي يحيط بها ومعددة ما ألحق بها وبذويها‪".‬‬

‫إالم‪...‬الشقاء‪...‬؟‬

‫لماذا تحاربني يا زمان‬

‫أما فيك إشراقة أو حنان‬

‫قتلت أبي‪ ،‬وأضعت أخي‬

‫وأبقيتني ذرة شاردة‬

‫أالقي الهوان‬

‫وازحف فوق السنان‬

‫وتعصف السنان‬

‫وتعصف بي زفرة عاتية‬

‫شرود‪ ،‬سقام‪ ،‬فتوق‬

‫وآهة قلب مشوق‬

‫وذل العقوق‬

‫(‪)3‬‬
‫وظلم األمم‪.‬‬

‫بلقاسم خمار‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.665‬‬ ‫‪)1‬‬

‫عبد المجيد دقياني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬ ‫‪)2‬‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪35‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وال يقف الشاعر عند هذا الحد بل يعود بذاكرته إلى زمن كان يملئه االستقرار‪،‬‬
‫مبينا لنا كيف كانت هذه الفتاة‪ -‬وهى رمز لفلسطين ‪ -‬تلهو في وطنها مع أترابها في‬
‫(‪)1‬‬
‫سذاجة وبراءة تداعب ألوان الزهر وتنشد ألحان الطفولة‪.‬‬

‫لماذا أعيش‪...‬؟‬

‫وقد كنت آمرة ناهية‬

‫كحلم بأزهاره الزاهية‬

‫أداعب في روضة كل لون‪...‬‬

‫وأنشده كل لحن حبيب‬

‫أرى القائمة‬

‫فأحسبها باسمه‬

‫ويسعدني إن أتانا غربي‬

‫فأرقص في حجرتي من طرب‬

‫أهدد قطتي‪...‬وبعض اللعب‬

‫ببسمة حب‬

‫(‪)2‬‬
‫وكم كنت كم‪...‬‬

‫عبد المجيد دقياني ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.167‬‬ ‫‪)1‬‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.566‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪36‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وهكذا صور الشاعر فلسطين في أبهى أيامها ‪ ،‬مبينا لنا كيف كان يغمرها‬
‫السالم‪ ،‬وكيف كانت الفتاة تلهو في سذاجة وبراءة ‪ ،‬تداعب ألوان الزهر وتنشد‬
‫(‪)1‬‬
‫ألحان الطفولة ال يشغلها خوفا وال يهددها انقراضا‪.‬‬

‫وحين وقعت "ثورة يونيو ‪1967‬م‪ ،‬وكانت الهزيمة من نصيب الشعب الفلسطيني‬
‫فكانت هذه الهزيمة على رأس العرب‪ ،‬هزت كيانهم وأدخلتهم في حالة من‬
‫االضطرابات في شتى النواحي‪ ،‬وهذا ما جعل شعرائنا يشعرون بوقع هذه الكارثة‪،‬‬
‫فأصبحوا يعيشون في حيرة‪ ،‬ألن هذه الهزيمة هزت وجدانهم وأحاسيسهم‪ ،‬وأصبحوا ال‬
‫يدرون ما يقولون‪،‬أوعلى من يوجهون لومهم‪ ،‬فمنهم من زعزع إيمانه‪ ،‬وانطلق العنا‬
‫ساخطا‪ ،‬ومنهم من غلب عليه اليأس والتشاؤم واأللم‪ ،‬فصمت صمتا‪ ،‬يعبر عما يجول‬
‫في داخله وعن حالة الوطن العربي المضطربة‪ ،‬وهناك من دفعته هذه الحادثة‪ ،‬إلى‬
‫والتمسك بالنضال والدفاع عن آماله في البقاء صامدا‬ ‫طريق يمأله اإليمان والقوة‬
‫لنيل حريته‪ ،‬ومما زاد على هذا ظهور المقاومة الفلسطينية التي كان لها دورا قويا‬
‫وفعاال‪ ،‬ساعد على وضوح الرؤية بالنسبة لألديب بصفة عامة والشاعر بصفة خاصة‪،‬‬
‫و مما ال شك فيه أن الشاعر الجزائري لم يكن بمعزل عن هذه الكارثة‪ ،‬فهو كغيره من‬
‫الشعراء أحسن بها إحساسا قويا مما هزت في نفسه وعقله و وجدانه‪ ،‬فانبثق عن هذا‬
‫اإلحساس القوي‪ ،‬قصائد مشحونة بانفعال ثوري‪ ،‬تؤكد بأن هذه الهزيمة لن تؤثر على‬
‫(‪)2‬‬
‫رغبة العرب في استرجاع فلسطين وفي تحقيق االنتصار‪".‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول الشاعر خمار في قصيدته"القسم"‬

‫لن ترتضي عارا جديد في فلسطين السليبة‬

‫ال‪...‬لن يداس المسجد األقصى وأردننا الحبيبة‬

‫عبد المجيد دقياني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪)1‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث‪ ،‬ص‪.81-78‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪37‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫وترى دمشق‪ ،‬معاقل األبطال‪ ،‬جبهتنا المهيبة‬

‫كالسبيل تقتحم الجحيم‪ ،‬كتيبة تتلو كتيبة‬

‫ومن المحيط إلى الخليج‪...‬دماؤنا حمم رهيبة‬

‫(‪)1‬‬
‫أرواحنا إن لم نعش للنصر‪ ،‬ندفعها ضريبة‪.‬‬

‫وفي أخر هذه القصيدة‪،‬يقسم الشاعر باسم الشعب والالجئين واألرض‪،‬والشهداء‬


‫ويصرح ‪ ،‬أنهم لن يستسلموا ولن يسمحوا لهذا الكائن الصهيوني باالستمرار على هذه‬
‫األرض الطيبة‪ ،‬وسوف يتم تغيير هذا الواقع وتزرع الحياة من جديد يقول‪:‬‬

‫قسمنا بنعمة شعبنا‪...‬بالجيش يكتسح الخلودا‬

‫بالالجئات عيونهن‪ :‬الثأر يسألنا الصمودا‬

‫باألرض‪ ،‬بالشهداء‪ ،‬باألحرار‪ ،‬لن ندع اليهود‬

‫حتى ولو جاءتهمو األقدار تملؤهم جنودا‬

‫(‪)2‬‬
‫وسنزرع الدنيا كما كنا عمالقة بنودا‪.‬‬

‫" وتزداد نبرة "خمار" علوا" أثناء معارك يونيو ‪1967‬م‪ ،‬فيدوى صوت الشعر‬
‫ليتجاوب مع صوت المدفع‪ ،‬وتتوالى كلماته أشبه ما تكون بالطلقات المدوية في سرعة‬
‫(‪)3‬‬
‫يقول‪:‬‬ ‫متتابعة في قصيدته"االنفجار"وعنوانها يوحي بمضمونها‪".‬‬

‫تفجر شعبي‪...‬هنا القاهرة‪...‬‬

‫هجمنا‪...‬على الموت يا غادرة‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.557‬‬ ‫‪)1‬‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.558‬‬ ‫‪)2‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في شعر الجزائري المعاصر‪ ،‬ص‪.85‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪38‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫هنا الشام‪...‬في كل شبر جحيم‬

‫هنا القدس‪...‬يا أمتي رددي‬

‫هنا تل أبيب‪ ...‬هنا الناصرة‬

‫زحفنا‪ ...‬زحفنا‪ ...‬فال مدفع‬

‫(‪)1‬‬
‫يرد خطانا‪ ...‬وال طائرة‪.‬‬

‫فهذه انفجارات شعرية توحي بقوة وصمود هذا الشعب‪ ،‬من أجل تحقيق هدفه‪،‬‬
‫وطرد هذا اإلسرائيلي خارج هذه األرض‪ ،‬وذلك بالعزم واالتحاد بين أبناء العرب‪.‬‬

‫"والشاعر «عز الدين ميهوبي» هو أيضا لم يكن بمعزل عن مشكالت عصره‬


‫وقضاياه العربية فقد وعى أحداثها‪ ،‬وتجاوب مع الصدمات التي حفلت بها الساحة‬
‫العربية‪ ،‬فهو واحد من الشعراء العرب المهمين‪ ،‬الذين انطلقوا من إيمانهم العميق بأن‬
‫(‪)2‬‬
‫العمل الفني‪،‬هو مشاركة صميمة في واقع الحياة ومحاولة التخاذ موقف منها‪".‬‬

‫فالشاعر عز الدين ميهوبي يعايش القضية الفلسطينية بكل جوارحه‪،‬حيث استأثرت‬


‫باهتمامه واستطاعت أن تحتل جانبا مهما من وعيه ‪،‬فبرز اهتمامه بها منذ أزمة‬
‫الصراع القاسي الذي تعرضت له التجربة الفلسطينية‪ ،‬وسودوايتها في تلك المدة‪ ،‬حتى‬
‫كان الجوهر الشامل للقصائد التي واجهت التجربة الفلسطينية‪ ،‬مشحونة بحصرة‬
‫موجعة‪ ،‬وإحساس طاغ باليأس والتذمر واإلخفاق‪ .‬ففلسطين التي تعقد لها الجلسات‬
‫والقمم الطارئة من الدول العربية والغربية لكن دونما حل للقضية‪ ،‬حتى أنه يعتبر‬

‫محمد بلقاسم خمار‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.554‬‬ ‫‪)1‬‬

‫موسى كراد‪ :‬تجليات الواقع السياسي في ملصقات عز الدين ميهوبي‪ ،‬مجلة األثر‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪)2‬‬

‫العدد ‪ ،23‬ديسمبر ‪2015‬م ص‪ ،46‬نقال عن عز الدين إسماعيل‪ ،‬الشعر في إطار العصر الثوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪1974 ،1‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪39‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫الشعر فيها دما ينزف من قلب جريح فيقول‪ :‬ليس شعرا ولكنه القلب ينزف في لحظة‬
‫(‪)1‬‬
‫جارحة‪.‬‬

‫ثم يواصل أنينه وحزنه حول أرض كانت وحدها وظلت وحدها والكل خذلها‪ ،‬إنها‬
‫فلسطين‪ .‬يقول‪:‬‬

‫كلما ضرب الغرب ضربته‬

‫واستباح اليهود حمى أرضها‬

‫أدركت أنها وحدها‬

‫(‪)2‬‬
‫كلهم ضدها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد " نجد الشاعر"محمد الصالح باوية " لكي يصور هذه المأساة‪ ،‬وهي‬
‫ضياع فلسطين‪ ،‬يختار الحديث مع طفلة فلسطينية يرصد من خاللها ما يعانيه الشعب‬
‫الفلسطيني من محن وآالم‪ ،‬فالطفلة هنا رمز لفلسطين التي ضاعت‪ ،‬وفي مقدمة القصيدة‬
‫وعنوانها «الصدى» يعالج الشاعر فكرة الزمن وكيف يمر سرعانا والقضية في تلك‬
‫الفترة‪ .‬أي عقب النكبة‪-‬مازال طريقها مسدودا‪ ،‬وذلك ألن الحركة الفدائية الفلسطينية لم‬
‫تكن قد ولدت بعد‪ ،‬لذلك فإن هذه الطفلة تحس بالمرارة واأللم جراء هذا الموقف‪،‬‬
‫ويعتمد الشاعر على طريقة استرجاع الذكريات لهذه الطفلة‪ ،‬وهي تفكر في األرض‬
‫وتذكر جدها الذي يروي لها حكايات البطولة الماضية والفارس العربي الذي يعبر عن‬
‫(‪)3‬‬
‫األمل واالنتصارات‪".‬‬

‫‪ )1‬موسى كراد‪ :‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪ ،46‬نقال عن عز الدين ميهوبي‪ ،‬الديون ملصقات‪ ،‬منشورات أصالة‪ ،‬سطيف‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص‪.36‬‬
‫موسى كراد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 46‬نقال عن عز الدين ميهوبي‪ ،‬ديوان ملصقات‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪)2‬‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬األوراس في الشعر العربي ودراسات أخرى‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪)3‬‬

‫الجزائر‪1982 ،‬م‪ ،‬ص ‪.79 ،78‬‬

‫‪40‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫وتمضي السنون‬

‫وأذكر جدي‬

‫ينومنا بأغاني الطفولة‬

‫وتنسل من شقرة األبيض‬

‫كنوز الحكايات‪...‬وذكرى الطفولة‬

‫وتضحية الفارس األسمر‬

‫بليلة حب‬

‫فيهز مني الشوق يا طفلتي‬

‫ويعتصم الحب بالثقة‬

‫(‪)1‬‬
‫بكل حكاية‪.‬‬

‫ويستمر الشاعر في الحديث مع هذه الطفلة ليجسد من خاللها المأساة التي حدثت‬
‫لفلسطين ويزيد من مأساة الفلسطيني‪ ،‬أن األسئلة الكثيرة ترتسم أمام عينه وفي نفسه‬
‫ولكنه ال يجيد اإلجابة عنها‪.‬‬

‫وتمضي السنون‬

‫وأذكر يا طفلتي الوداعة‬

‫بعينك أنت‪...‬‬

‫‪ )1‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬األوراس في الشعر العربي ودراسات أخرى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،79‬نقال عن محمد الصالح‬
‫باوية‪،‬أغنيات نضالية‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1971،‬م‪ ،‬ص ‪.36-35‬‬

‫‪41‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫بعينك ترتعش مأساتيه‬

‫وترقد يافا وحيفا وأصحابه‬

‫بعينك عمق كثيف الطالل‬

‫لهيب‪ ،‬يغلق ألف سؤال‬

‫تطاردني‬

‫تصارع ذلي وغطرستي‬

‫تمزق ليلى‬

‫(‪)1‬‬
‫وتغزو وجودي في خيمتي‪.‬‬

‫وهكذا يصف الشاعر المأساة الفلسطينية من خالل طفلة‪،‬وهي تعني فلسطين الحبيبة‬
‫التي تصارع أبشع أنواع اإلجرام والعنف‪.‬‬

‫و بعد هذه النظرة يتضح "أن الشعر الجزائري قد تناول القضية الفلسطينية‪،‬‬
‫انطالقا من نظرة دينية‪ ،‬وقومية‪ ،‬وإنسانية‪ ،‬ولم يقتصر تناوله على الشعر العمودي‬
‫فحسب بل انفتح على الشعر الحر أيضا‪ ،‬وقد كان في مجمله ذا دالالت ثورية‪ ،‬وروحية‬
‫خالصة‪ ،‬وقد حفل بمضامين عميقة‪ ،‬و واكب تطورات القضية بدقة وهاجم بعض‬
‫الحكام المتخاذلين و صب غضبه على الجرائم الصهيونية المرتكبة في حق الشعب‬
‫الفلسطيني المقاوم والصامد في وجه المظالم‪ ،‬والعدوان الغاشم‪ ،‬كما أنه لم ينطلق من‬
‫نظرة عنصرية بل كان هادفا‪ ،‬وواقعيا في طرحه للقضية‪ ،‬وطرائق حلها من خالل‬

‫عبد اهلل الركيبي‪ :‬األوراس في الشعر العربي ودراسات أخرى ‪ :‬نقال عن محمد الصالح باوية‪ ،‬أغنيات نضالية‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ص‪.37 ،36‬‬

‫‪42‬‬
‫فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬ ‫الفصــــــل األول‪:‬‬

‫انطالقه من أسس واقعية يمليها على الشعراء التاريخ والحقائق التي تؤكد حق الشعب‬
‫(‪)1‬‬
‫الفلسطيني في تحرير كامل أرضه المغتصبة"‪.‬‬

‫‪www.swat.alahrar.net.10/2/1016,14)1‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فلسطين في الشعر األوراسي‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫فلسطين في الشعر األوراسي‪:‬‬

‫أ‪ .‬التجليات‪:‬‬

‫‪-‬الحنين والغربة‪:‬‬

‫إذا كانت الغربة تعني البعد‪ ،‬فإن الحنين يعني القرب‪ ،‬والعودة تفصل بينهما لحظة‬
‫زمنية معينة‪ ،‬يسبقها الشعور الطاغي بالحنين‪ ،‬وللحنين ألوان عدة منها‪ ،‬الحنين إلى‬
‫الوطن الذي نفي منه أهله‪ ،‬أو الحنين الروحي للوطن‪ ،‬أي يحن الشاعر لغير وطنه‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وهو شعور إنساني قومي ‪.‬‬

‫وهذا ما تجسد عند شاعرنا حسين زيدان‪ ،‬من خالل قصيدة "حديث جبل" يقول‪:‬‬

‫إني أحن إلى عناق الكرمل‬ ‫جبل من األوراس حدث قال لي‬

‫ونسيت قمة فرحتي وتهللى‬ ‫فلقد نسيت مسافتي في دربه‬

‫(‪)2‬‬
‫ولم أفه يوما بسر المرسل‪.‬‬ ‫وتركت في كهفي الرسالة لم أرد‬

‫فهذه األبيات توحي بنوع من الحنين الروحي‪ ،‬وشعور حافل باليأس والقلق‪ ،‬فالشاعر‬
‫يحن لعناق الكرمل وهو جبل في فلسطين‪ ،‬التي لها مكانة عظيمة في نفسه‪ .‬وإنها بمثابة‬
‫بلده الثاني‪ ،‬فنجده يعيد شريط ذكرياته‪ ،‬متذكرا مسافاته األولى التي حملته إليها‪ ،‬فيزداد‬
‫شعوره بالشوق والحنين‪ .‬يقول‪:‬‬

‫فتلوت في أفيائه من منهلي‬ ‫جبل من األوراس ضم طفولتي‬

‫ولمست أنفاس الحنين األول‬ ‫فعشقت صوت الروح يكبر في دمي‬

‫عمر بوقرورة‪ :‬الغربة والحنين في الشعر الجزائري الحديث ‪-1962-1945‬منشورات جامعة باتنة‪ ،‬باتنة‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫الجزائر‪ ،1997 ،‬ص ‪.20-18‬‬


‫حسين زيدان‪ :‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ ،‬سوترامب ىسبا‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬دت‪،‬ص‪.44‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪44‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫جسد أنا‪ ...‬والروح عند الكرمل‪.‬‬ ‫وتجهمت فيه الصبابة قائال‪:‬‬

‫فرغم بعد المسافة الجغرافية إال أنا الشاعر يشعر بحنينا عميقا وواضحا تجاه‬
‫األرض المحتلة وجبلها الكرمل‪ .‬فهو متعلق بهذه األرض والذكرى تهزه إلى رؤيتها‬
‫طالبا القرب منها ومن تلك الديار التي تفصله عنها مسافات‪.‬‬

‫أما بخصوص الغربة‪ ،‬فنجد الشاعر يحمل في نفسه مشاعر الالمنتمي وهو" إنسان‬
‫أصبح حائرا بين ذاته و الوجود الخارجي‪ ،‬حيث رفض هذا الوجود أن يعترف بحرية‬
‫اإلرادة اإلنسانية‪ ،‬فأصبح اإلنسان وفقا للنظريات العلمية يخضع لمؤثرات خارجية‬
‫وداخلية ال يملك من أمرها شيئا‪ ،‬ولهذا حدث انفصال بين الذات والوجود‪ ،‬و أصبح‬
‫المناخ مهيئا ألن يشعر اإلنسان بأنه غريب عن هذا العالم الكثيف الذي سلب بنظرياته‬
‫(‪)2‬‬
‫الجديدة إحساس اإلنسان بإرادته ووعيه المسيطر على الكون‪".‬‬

‫وانطالقا من هنا "قفز الفشل الوجودي إلى مركز الوعي اإلنساني متأثر بالظروف‬
‫االجتماعية والسياسية والفكرية التي سيطرت على عصرنا‪ ،‬وأدى هذا إلى انشقاق‬
‫وعدم انسجام بين الشخص والعالم وكانت هذه المقولة هي اإلحساس الذي قاد اإلنسان‬
‫(‪)3‬‬
‫لمشاعر الالانتماء‪".‬‬

‫ومن هذا المنطلق نجد أن حسين زيدان يعاني الضياع والغربة وأنه محاصر‬
‫بثورتين ويسعى لفك هذا الحصار من خالل قصيدة "اعترافات منتم" يقول‪:‬‬

‫وأنا الفتى الالمنتمي‬

‫أسعى إلى فك الحصار بثورتين‬

‫حسين زيدان‪:‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫‪)1‬‬

‫السعيد الورقي‪ :‬لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقاتها االبداعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬بيروت‪،‬لبنان‬ ‫‪)2‬‬

‫‪،‬ط‪1984 ،3‬م ‪،‬ص‪.282‬‬


‫المرجع نفسه‪ :‬ص ‪.283‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪45‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫فثورة كالتيه يغمرها الغسام‬

‫وثورة أغاللها في معصمي‬

‫وأن المحاصر بالضباب بمغنطيس االرتجال‬

‫ووثبة لم ترتم‬

‫(‪)1‬‬
‫فبأي حبل احتمي؟ !‪.‬‬

‫ففي هذا المقطع يربط الشاعر بين ثورتين ثورة الجزائر وثورة فلسطين التي‬
‫قادها الشهيد "الغسام عام ‪ )2(. "1936‬حيث نجده يشعر بالمسؤولية تجاه هذه الثورة‪،‬‬
‫وهو شعور منطقي نابع من ذات اإلنسانية والقومية‪ ،‬تدفعه لفك الحصار القائم بثورتين‪،‬‬
‫والرغبة في التحرر‪ ،‬فالشاعر لم تعد تربطه تلك الحدود الجغرافية ألن الروابط الدينية‬
‫واإلنسانية أقوى بكثير‪ ،‬و هذا ما جعله يشعر بأنه ال منتمي‪ ،‬حيث يشعر بأن كلتا‬
‫الثورتين تعنيه وتشغله وال يعرف إلى أيهما ينتمي‪ ،‬فصار غريبا و ضائعا بين هاتين‬
‫الثورتين‪.‬‬

‫‪-‬الدعوة للكفاح والنضال‪:‬‬

‫وما يقصد بالكفاح هو الكفاح المسلح "وهو حركة عنيفة جماهيرية مسلحة ضد‬
‫االستعمار والظلم والطغيان‪ ،‬وتستخدم فيها جميع أشكال المقاومة على العدو‪ ،‬وجميع‬
‫أشكال المقاومة الثورية المشروعة‪ ،‬والتي تندرج تحت مسميات المقاومة المسلحة‪،‬‬
‫والعمل الجهادي والنضال‪ ،‬ومن أهم األمثلة على الكفاح المسلح الجماهيري الثورة‬
‫(‪)3‬‬
‫الفلسطينية ضد االحتالل الصهيوني‪".‬‬

‫‪)1‬قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص‪.67‬‬


‫‪ ) 2‬محسن محمد صالح‪ :‬القضية الفلسطينية خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫مها البدينى ‪ :‬الكفاح المسلح –مقاومة الشعوب المشروعة لطرد االحتالل‪. 15:31 ،2016/3/11 ، -‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪46‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫وهذا الكفاح ضد االحتالل الصهيوني من أجل نيل الحرية هو واجب قومي‬


‫وإنساني‪ ،‬دعت إليه جميع الفئات ومن بينهما فئة األدباء والشعراء العرب عامة‬
‫والشعراء الجزائريين خاصة ومنهم حسين زيدان حيث نجده يدعو إلى النضال والكفاح‪،‬‬
‫في قصيدة "رسائل من األوراس إلى القدس" قائال‪:‬‬

‫تحاول الهروب من جديد‬

‫تحاول اكتشاف سنبلة‬

‫وتختفي في غيم قاموس عنيد‬

‫ال لغم ينسيك الحصار‬

‫أنت أنت القنبلة تحاول الهروب لألمام‬

‫تأول التاريخ‬

‫كم أنجب التاريخ من حمام‬

‫ال شيء يغسل الحدود من فمك‬

‫ال شيء ينهي مأتمك‬

‫ال بد أن تمزق الكالم‬

‫(‪)1‬‬
‫ال بد من دمك‪.‬‬

‫الشاعر هنا وبأسلوب عميق وألفاظ دالة وموحية يحث الفلسطيني على تحطيم كل القيود‬
‫وفك الحصار‪ ،‬للنهوض وتحرير بالده‪ ،‬عن طريق النضال والفداء والكفاح ال عن‬
‫طريق الهروب والسكوت‪ ،‬فتحقيق الحرية و فك الحصار يكون بالتضحية بالنفس‬

‫قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص ‪.46،47‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪47‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫يحاول الشاعر تنبيه هذا الشعب بأن ال يختفي وأال تغره عهود‬ ‫والنفيس‪ ،‬كما‬
‫وأكاذيب الصهاينة‪ ،‬فهي محاوالت إلخفاء الحقوق فقط‪ ،‬فال بد من فك هذا الحصار وال‬
‫شيء ينهي هذا الحصار والدمار إال الجهاد واالستشهاد‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول عبد الرحيم محمود‪ ،‬الذي نبها هو أيضا الشعب الفلسطيني‬
‫بالخطر الذي يهدده‪ ،‬ودعي إلى الدفاع عن الوطن والتضحية في سبيل الخالص من‬
‫االضطهاد ومن الحرب‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫أغر على ربي أرض الميعاد‬ ‫بني وطني دنا يوم الضحايا‬

‫أبي ال يقيم على اضطهاد‬ ‫وما أهل الفداء سوى شباب‬

‫ومن إالكم قدح الزناد‬ ‫ومن للحرب إن هاجت لظاها‬

‫تصب على العدى في كل واد‬ ‫فسيروا للنضال الحق نارا‬

‫عن الجلي وموطنه ينادي‬ ‫فليس أحط من شعب قعيد‬

‫فما بعد التعسف من رقاد‬ ‫بني وطني أفيقوا من رقاد‬

‫حديدا ال يؤول إلى انفراد‬ ‫قفوا في وجه أي كان صفا‬

‫على قيد الحياة ففي اعتقادي‬ ‫إذا ضاعت فلسطين وأنتم‬

‫(‪)1‬‬
‫وأخطأ سعيهم نهج الرشاد‪.‬‬ ‫بأن بني عروبتنا استكانوا‬

‫عبد الرحيم محمود‪ :‬األعمال الكاملة‪ ،‬تحقيق عز الدين المناصرة‪ ،‬دار الجليل‪ ،‬دمشق‪،‬سورية‪ ،‬ط‪1988 ،1‬م‪،‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ص‪.44،45‬‬

‫‪48‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫فالشاعر هنا لم يكتف بالدعوة إلى النضال والكفاح بل حاول استنهاض الشعب‬
‫الفلسطيني واألمة العربية بأكملها من سباتها وتحذيرها من خطر ضياع فلسطين‪ ،‬وهم‬
‫على قيد الحياة يتفرجون‪.‬‬

‫ومن خالل الموازنة‪،‬بين حسين زيدان والشاعر عبد الرحيم محمود‪،‬نستنتج أن‬
‫زيدان قد عبر عن رأيه حول هذه القضية‪،‬وفق رؤية روحية قومية‪،‬ذات حس جمالي‬
‫والقارئ لهذا الخطاب الشعري ‪،‬يرى نفسه أمام نص يهوى البحث في خباياه ومعانيه‬
‫الالمتناهية‪ ،‬وذلك ألنها ذات لغة مشفرة مشحونة بالرموز واإلشارات تتطلب الغوص‬
‫فيها الكتشاف دالالتها‪.‬‬

‫‪-‬الرفض‪:‬‬

‫و هو موقف يعبر به الشاعر عن حالة موجودة أو سابقة لم يعد قابال‬


‫الستمرارها من خالل دواعي مختلفة‪ ،‬قد تكون مادية أو معنوية ومهما كانت‬
‫موضوعية الرفض‪ ،‬فإنه يمكن تجزئة محيطه إلى وجهين؛ فالوجه األول‪ :‬في إطار‬
‫الرؤية الكونية للرفض بما تشمله من اكتشاف لمعاني الحياة والموت ومنزلة اإلنسان‬
‫في الوجود‪ ،‬أما الوجه الثاني‪ :‬فيمثل مواقف الرفض من الواقع االقتصادي والثقافي‬
‫(‪)1‬‬
‫واالجتماعي والسياسي‪.‬‬

‫وهذا األخير نجد صداه بارزا في شعر حسين زيدان‪ ،‬حيث عبر بكلماته النارية‬
‫عن رفضه للعدو الصهيوني ورفضه لكل ضمير ينسى أو يتناسى من هم‪ .‬يقول‪:‬‬

‫ليكن في علم حثالتكم‬

‫أني أرفض جلدتكم‬

‫فاتنة محمد حسين‪ :‬تجليات الرفض في شعر فدوى طوقان‪ ،‬مجلة سرمن رأي ‪ ،‬العراق ‪،‬العدد ‪ ،27‬تشرين األول‬ ‫‪)1‬‬

‫‪2011‬م‪ ،‬مج‪ ،1‬ص‪.178‬‬

‫‪49‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أرفض كل ضمير ينسى‪...‬من أنتم‪.‬‬

‫فالشاعر هنا يرفض هذا الكيان الصهيوني‪ ،‬ويرفض كل من يعترف بوجوده‪،‬‬


‫أمثال العرب الذين ساندوا هذا المحتل وتناسوا حقيقته وخبثه‪.‬‬

‫وتعلو نبرة الشاعر معبرا عن رفضه بحدة‪ ،‬ونظرة احتقار وسخرية لليهود قائال‪:‬‬

‫أرفض صلب سفينتكم‬

‫لو طهر ابن حفيدكم‪ ،‬في ماء الورد وعطر الجان‬

‫شهرا !‪...‬سنة ! ‪...‬أو قرنين!‬

‫لن تنزل منه نتانتكم‬

‫ليكن في علم مكيدتكم‬

‫أني أعتق من خمرتكم‬

‫ولقد أقسم ما جنناه‪-‬في الحي‪ -‬فويل إذ يقسم‪.‬‬

‫لن أكشف أجمل فاتنة‬

‫(‪)2‬‬
‫كشفت مثقال غريزتكم‪.‬‬

‫فالشاعر هنا يصر وبقوة رفضه لليهود‪ ،‬ولن يتراجع عن رفضه هذا حتى لو‬
‫طهروا من رجسهم‪ ،‬ونتانتهم كما نجده يستهزئ بهؤالء‪ ،‬ويقسم أنه رغم جمال إغرائهم‬
‫ومكائدهم التي يظهرونها ويحاولون بها التأكيد واإلصرار على البقاء في هذه البقعة‬
‫الطيبة فإنه لن يقبلهم‪.‬‬

‫قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص‪.47‬‬ ‫‪)1‬‬

‫قصائد من األوراس إلى القدس ‪:‬ص‪.48‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪50‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫ويواصل الشاعر في تأكيده لمبدأ رفضه لهذا العدو‪ ،‬مع اإلصرار على موقفه ونفيهم‬
‫نهائيا قائال‪:‬‬

‫أنا لست أرفضكم فقط‬

‫أنا ضدكم‪ ،‬في القدس‪ /‬أو في كوكب لم يلتقط‬

‫في كل عضو من حضارة أضلعي‬

‫زرعت بذور االنتقام من الغلط‬

‫فوجدكم في كفة اإلنسان ميزان سقط‬

‫فوجدكم في حكمة الرحمان‪...‬موعظة فقط‬

‫(‪)1‬‬
‫اهلل يخلقكم لفتنتنا فقط‪.‬‬

‫فهذه المقاطع تحمل في طياتها مضامين سياسية ‪،‬قومية‪،‬وإنسانية ‪،‬إذ يصرح‬


‫الشاعر برفضه واحتقاره لليهود الذين يحاولون اقتالع ذلك الشعب من وطنه – فلسطين‬
‫– التي تمثل "مهبط الرساالت السماوية ‪،‬ومهد الكثيرين من األنبياء و المرسلين ‪،‬‬
‫وأفضلها القدس حيث المسجد األقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث‬
‫(‪)2‬‬
‫الحرمين الشريفين ومسرى نبينا محمد صلى اهلل عليه وسلم ومعراجه ‪".‬‬

‫ولهذا فهي تعنى الكثير عند الشاعر حسين زيدان ‪،‬وهذا بارز من خالل هذه‬
‫المقاطع الشعرية ‪،‬ومن موقفه ضد الصهاينة ‪ ،‬وإصراره على رفضهم ونفيهم من‬
‫الوجود اإلنساني بأكمله ومن كل العالم اإلسالمي ‪،‬فليس لوجودهم أي فائدة‪ ،‬وذكرهم‬
‫في القرآن هو موعظة ليس إال ‪ ،‬فال فائدة من خلقهم إال فتنة بين المسلمين ‪.‬‬

‫‪)1‬قصائد من األوراس إلى القدس ‪:‬ص ‪.50‬‬


‫يوسف جمعة سالمة ‪ :‬إسالمية فلسطين‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪)2‬‬

‫‪51‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫‪-‬التحذير من المكائد‪:‬‬

‫يحذر الشاعر حسين زيدان الشعب عامة والفلسطيني خاصة‪ ،‬ويوقضه من غفلته‬
‫وينبهّم من المخاطر والمكائد التي تعد لهم من طرف العدو الصهيوني‪ ،‬لينتبهوا‬
‫ألخطاره ويفعلوا شيئا يدفع عنهم هذا البالء‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫أعرف أعداءك يا "موسى"‬

‫احفظهم‪...‬أبدا‪...‬ال تنسى‬

‫افعل شيئا يربكهم‬

‫ضع في جيبك قاموسنا‬

‫ال تخدع بالبسمات الحمر‪...‬فهم أشباح‬

‫أبدا‪...‬ال تركع في "راكاح"‬

‫أنا ثقفوك بنوا رمسا‬

‫(‪)1‬‬
‫فاعرف أعداءك يا موسى‪.‬‬

‫ي خاطب الشاعر هنا الشعب الفلسطيني ويأمره بتوخي الحذر من أطماع وجشع‬
‫العدو وأن يحذر من مكائده وأساليبه المزيفة التي طالما استعملها إلغراء هذا الشعب‬

‫‪)1‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص‪.49‬‬

‫‪52‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫من أجل اغتصاب أرضيه‪ ،‬فال بد أن يكون لك علم‪-‬مخاطب شعب فلسطين‪ -‬بخبايا‬
‫هذه المؤامرات والمكائد وأال تركع لهذه األحزاب اليهودية‪ ،‬واحمل في نفسك روح‬
‫الفداء والقوة وعدم االستسالم‪ ،‬وحاول فعل شيء يجعل العدو يهابك‪ ،‬ويواصل الشاعر‬
‫تحذيره مع بث روح الحماس في نفس هذا الشعب ولدعوته للصمود‪ .‬يقول‪:‬‬

‫واحمل في قلبك "أوراسي"‬

‫فسيعبث في "الكرمل" "طورا"‬

‫وينادي اهلل‪ :‬أيا موسى‬

‫اعرف أعداءك يا قدسي‬

‫ال تبحث فيهم عن ليلى‬

‫دع ليلى تصرخ‪ :‬يا قيسي‬

‫واجهر بالدعوة يا موسى‬

‫(‪)1‬‬
‫ما أقسى مرحلة الهمس‪.‬‬

‫فالشاعر هنا يحث الفلسطيني‪ ،‬أال يكتم دعوته وأن يجهر بجهاده والدفاع عن أرضه‬
‫المسلوبة‪ ،‬وأن يعرف عدوه وآال يبحث فيه عن السالم واألمان‪ ،‬ألنه عدو يهودي‪ ،‬جاء‬
‫الضطهاده وتدميره ال لشيء آخر‪.‬‬

‫وعلى هذا النحو نجد الشاعر فاروق جويدة‪ ،‬يحذر من مكائد الصهاينة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫سيجيئ إليك الدجالون‬

‫بأغنية عن فجر‬

‫‪)1‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص‪.49‬‬

‫‪53‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫السلم بصناعة محتال‬

‫وبقايا عهد األصنام‬

‫والسلم العاجز مقبرة‬

‫وسيوف‪...‬ظالم‬

‫ال تأمن ذئبا يا ولدي‬

‫أن يحرس طفال في األرحام‬

‫لن يصبح وكر السفاحين‬

‫(‪)1‬‬
‫وإن شئنا أبراج حمام‪.‬‬

‫أليست هذه حقيقة فعال تنبأ بها الشاعر وقد تحققت بمجيء اليهود بأكاذيب مزيفة‬
‫وحجج للسالم‪ ،‬حيث ألبسوا ألنفسهم أقنعة مخالفة لحقيقتهم الظالمة والطاغية من أجل‬
‫اغتصاب هذا الوطن العربي‪ ،‬ولهذا نجد الشاعر كان يحذر من هذه المكائد ويدعو‬
‫للحيطة من هؤالء الذئاب‪.‬‬

‫‪ -‬مخاطبة الضمير العربي الذي أضاع القضية‪:‬‬

‫لقضية فلسطين ومأساة شعبها مكانة عميقة في قلب كل عربي ومسلم لذلك فواجب‬
‫"العرب والمسلمين هو العمل واالستعداد السترداد فلسطين‪ ،‬ورفع ذلك العار الذي لحق‬
‫بهم في الهزيمة والتفريط‪ ،‬فإن الواقع ينبغي أن يطابق الواجب‪ ،‬ونحن إذا انظرنا إلى‬
‫الواقع‪ ،‬فإنا نجد تحفزا وآماال لدي الشعوب العربية واإلسالمية واستعدادهم لتلبية نداء‬
‫الواجب ومع األسف أن هذا االستعداد لم يواكبه عمل جاد من كثير من الزعماء العرب‬

‫فاروق جويدة‪ :‬زمان القهر علمني‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬ط‪1990 ،1‬م‪.،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪54‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫والمسلمين‪ ،‬و لم يكن الشعور منهم متفقا وما يتطلبه العمل المنتظر من خطورة‬
‫واستعداد‪ ،‬وبكل أسى إن هذه الالمباالة قد أفقدت المسلمين والعرب في قديم تاريخهم‬
‫وحديثه الكثير جدا‪ ،‬وجرت عليهم المآسي والدموع الغزيرة وصاروا يندبون حظهم‬
‫(‪)1‬‬
‫العاثر"‪.‬‬

‫و انطالقا من هذا الموقف نجد الشاعر حسين زيدان يخاطب الضمير العربي الذي‬
‫أضاع القضية بغفوته وتصديقه لمؤامرات اليهود‪ .‬قائال‪:‬‬

‫أعدو لكم ما استطاعوا‬

‫أقول‪ ،‬هو الحق حمق وقد ال يشاع‬

‫أعدو لكم دبكة فرفصتم‬

‫وفيكم عقول‪...‬شتات تباع‬

‫أقول هو الحق حمق بعيدا‪...‬بعيدا‪ ...‬وضد الصواب‬

‫أعدوا لكم ألف ألف حساب‬

‫ذخيرتكم رحبت بالزعم‬

‫فأطلقتم في الفنان الشهاب‬

‫أقول وفي القول فصل الخطاب‬

‫هو الحق حمق‪...‬وقد ال يشاع‬

‫أعدوا لكم ما استطاعوا‬

‫‪www.alukah.net.2016/03/31.18/45‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪55‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫فتهتم (كما األربعين) ‪...‬وضعتم‬

‫(‪)1‬‬
‫كما القوم من قبل ضاعوا‪.‬‬

‫وبأسلوب رمزي‪ ،‬وضمن رؤية قومية وكلمات حادة مشحونة بالغضب‬


‫والحيرة‪،‬يصف لنا الشاعر الواقع الفلسطيني ‪،‬الذي تعرض لالغتصاب من قبل اليهود‬
‫الصهاينة‪ ،‬وقاموا بقتل اإلنسانية وتدنيس المقدسات واحتالل األراضي وتشريد أهلها‬
‫خارج ديارهم ‪.‬‬

‫ورغم كل هذه الواقف السلبية ‪،‬والواقع البائس‪،‬لم تكن هناك ردة فعل ايجابية من‬
‫قبل األمة العربية واإلسالمية‪،‬ولهذا نجد الشاعر يؤنب الضمير العربي واإلسالمي ‪،‬‬
‫الذي أضاع القضية الفلسطينية‪ ،‬وتاه عنها بتغافله وتواطئه مع الكيان الصهيوني‪ ،‬الذي‬
‫استطاع بدهائه أن يصرف الشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة عن جوهر هذه‬
‫القضية فانعزل وتاه الكثير عنها‪.‬‬

‫وبعد هذا اإلفصاح والجرأة في مواجهة هؤالء الذين باعوا القضية‪-‬يصرح الشاعر‬
‫عن جرأته التي كان بها في بداية القصيدة‪ ،‬وربما هي جرأة كانت من أجل إيصال هذه‬
‫القضية والنهوض بمستقبل شعبها‪ .‬يقول‪:‬‬

‫أصارح نفسي‬

‫ولو مرة سمحت غفوتي‪...‬تتبع أعذار حراسيه‬

‫وأستسمح (الكل) عن جرأتي‬

‫(‪)1‬‬
‫وأستسمح (البعض) إفالسيه‪.‬‬

‫قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص ‪.51/49‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪56‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫وبعد هذا مباشرة وفي األخير يؤكد بأن الذين خذلوا فلسطين وتخلوا عنها‬
‫وتجاهلوها كان تجاهلهم عمدا‪ ،‬وأن فضيحة هؤالء حكمة‪ ،‬وأن هذا الصراع القائم يعنى‬
‫به كل العرب‪ ،‬لكنه تمركز في هذه البقعة الشريفة من فلسطين وهي القدس ‪.‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫فال تحسبن الذين قصدت‪...‬يتامى عقول‬

‫وإن كان ثكلهم سنة‬

‫وإن كان فضحهم حكمة‬

‫تزين ماسته رأسيه‬

‫وال لغز إال (صراع العقائد) ‪...‬من بدأ البدء‬

‫حتى تمركز في ذروة‬

‫(‪)2‬‬
‫هي‪( :‬قاف‪...‬دال‪...‬سيه)‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نجد الشاعرة فدوى طوقان‪ ،‬بدورها تخاطب الزعماء العرب والعمالء‬
‫الذين أدى تخاذلهم وتفرق كلمتهم وامتالء أنفسهم باألهواء واألنانية إلى ضياع‬
‫(‪)3‬‬
‫فلسطين‪.‬‬

‫تقول في قصيدة "بعد الكارثة"‬

‫روحك معنى الموت‪ ،‬معنى العدم‬ ‫يا وطني‪ ،‬مالك يخنى على‬

‫‪ ) 1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬


‫قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص‪.55‬‬ ‫‪)2‬‬

‫رجا سمرين‪ :‬شعر المرأة العربية ‪ ،1970.1945‬دار الحداثة‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.491‬‬ ‫‪)3‬‬

‫‪57‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫أساته في المأزق المحترم‬ ‫أمضك الجرح الذي خانه‬

‫كم يتنزى تحت ناب األلم‬ ‫جرحك‪ ،‬ما أعمق أغواره‬

‫تحسبهم ذراك والمعتصم‬ ‫أين األلى استصرختم ضارعا‬

‫ودون مأساتك حسن أصم‬ ‫ما بالهم قد حال من دونهم‬

‫قلوبهم دون البالء الملم‬ ‫هم األنانيون قد أغلقوا‬

‫واستسلموا للقادر المتحكم‬ ‫أحنوا رقاب الذل يا ضعفهم‬

‫فرائس الضعف بقايا الرمم‬ ‫يا هذه األقدار ال ترحمي‬

‫(‪)1‬‬
‫كل ضعيف الروح وهي القدم‪.‬‬ ‫كوني أتيا عارما وأجرفي‬

‫فالقارئ ألبيات حسين زيدان‪ ،‬وأبيات فدوى طوقان وغيرها وكيفية تناولهما لهذه‬
‫القضية‪ -‬قضية فلسطين‪ -‬يستنتج أن حسين زيدان‪ ،‬قد تناول القضية وفق نظرة إسالمية‬
‫فكانت له رؤية قومية صادقة‪ ،‬عبر من خاللها عن قضايا ومآسي هذا الشعب‬
‫الفلسطيني‪ ،‬فجاءت ألفاظه ذات معاني عميقة ودالالت مشحونة بالغضب واليأس من‬
‫الواقع العربي واإلسالمي‪.‬‬

‫‪-‬التذمر من الواقع‪:‬‬

‫التذمر من الواقع هو حالة نفسية تصاحب الشاعر‪ ،‬نتيجة عدم رضاه عن الواقع‬
‫المعاش‪ ،‬الحافل بالظلم والتسلط والعبودية والالمباالة‪ ،‬رغبة منه في تحسين هذا الواقع‬
‫وتغيره بواقع أحسن منه‪ ،‬يالءم نفسيته ويعيش فيه بسالم‪ ،‬وهذا ما تردد صداه عند‬
‫حسين زيدان‪ ،‬في مثل قوله‪:‬‬

‫فدوى طوقان‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.108،109‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪58‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‪.‬‬ ‫الفصــل الثانـي‪:‬‬

‫كرهت من جريدتي‬

‫كرهت من أشرطتي‬

‫من قهوة الحي الشقي‪ ،‬من مسافة الدروب‬

‫مللت شهقة الشروق‪ ،‬عفت زفرة الغروب‪...‬‬


‫كرهت أبناء الصدى‬
‫مللت صوت العاصفة‬
‫مللت صوت فتحكم‬
‫مللت صوت الثورة‪...‬ال تنتمي للراجفة‬
‫فالثورة الكبرى تهب‪...‬يوم موت العاطفة (‪.)1‬‬
‫فالشاعر هنا يجسد لنا صورة مليئة بالملل من الواقع ‪،‬فهو يتألم من أجل واقعه وواقع‬
‫الشعب الفلسطيني الذي هدم من طرف األجنبي المستعمر‪ ،‬أو باألحر من الواقع العربي‬
‫واإلسالمي‪،‬إذ يأخذ الشاعر موقف من منظمة التحرير الفلسطينية‪،‬ومن منحاها السلبي‬
‫غير العنيف في وجه المحتل‪.‬‬
‫فالواقع على األرض الفلسطينية ال يلتقي‪ -‬مع وجهة نظر الشاعر‪-‬مع الواقع السياسي‬
‫واألدبي‪ ،‬ففي األخير ثورة حاصية‪،‬وغليان مستعمر يريد الدمار والنهب واالستيالء‬
‫‪،‬وفي األول مهادنة وليونة وخطب‪.‬‬

‫قصائد من األوراس إلى القدس‪ ،‬ص ‪.53-52‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪59‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب‪-‬الجانب الفني‪:‬‬

‫‪-‬اللغة الشعرية‪:‬‬

‫هي مادة الشعر العربي وقيمته ‪ "،‬تكمن بوصفه فنا أدبيا في استخدام اللغة على‬
‫نحو خاص يك سبها قيما وسمات فنية تحمل تأثيرا معينا في القارئ أو المستمع الذي‬
‫)‪(1‬‬
‫يجيد فهم اللغة‪ ،‬ويملك من القدرات على تذوقها ما يملك"‪.‬‬

‫واللغة الشعرية‪" :‬هي أهم أدوات الفن الشعري‪ ،‬فهي تلعب الدور األساسي في‬
‫)‪(2‬‬
‫إبرازه عن طريق نقل التجربة الشعورية وتوصيلها"‪.‬‬

‫كما أننا نجد أنها تختلف عن لغة النثر فاللغة في الشعر تحمل دالالت ومدلوالت‬
‫خلفية ومتعددة‪ ،‬تخلق لدى القارئ رؤية بعيدة التصور‪،‬إنها " خلق فني في ذاته يتشكل‬
‫)‪(3‬‬
‫عبر نمط خاص من جهة وبين المدلوالت بعضها ببعض من جهة أخرى"‪.‬‬

‫ومن أجل معرفة أو اكتشاف خصائص اللغة الشعرية لدى حسين زيدان‪،‬كان‬
‫علينا القيام بإحصاء لمجموع المفردات واأللفاظ ذات الصلة‪،‬التي استخدمها الشاعر‬
‫للداللة على مراده‪ .‬من خالل القصائد الثالثية‪»:‬حديث جبل« و» رسائل من األوراس‬
‫القدس« و»اعترافات منتم« من ديوان » قصائد من األوراس إلى القدس«‬ ‫إلى‬

‫) كمال فنيش‪ :‬البناء الفني في الشعر الجزائري المعاصر مرحلة التحوالت )‪2000-1988‬م(‪ ،‬ماجستير‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(مخطوطة)‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬الجزائر ‪2010-2009 ،‬م‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫) المرجع نفسه‪:‬ص ‪ 10،‬نقال عن رجاء عيد‪ ،‬دراسات في لغة الشعر رؤية نقدية‪ ،‬منشأة المعاصر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مصر‪1979 ،‬م‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫)المرجع نفسه‪ :‬ص ‪ ، 10‬نقال عن‪ ،‬محمد مندور‪ ،‬فن األدب والنقد‪ ،‬دار النهضة‪،‬القاهرة ‪1988 ،‬م‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪60‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حيث جاءت هذه القصائد حاملة أللفاظ ودالالت‪ ،‬مشحونة بالحيرة والتساؤل والخوف‬
‫من المصير‪.‬‬

‫وكان الشاعر عميقا في نظرته للواقع الفلسطيني‪ ،‬والصراع الذي يعانيه الشعب‬
‫من أجل قضيتهم‪ ،‬و كانت اللغة هي األداة التي استطاع من خاللها التعبير عما يشغله‬
‫وينتابه من معاناة وصراع ورفضه للواقع‪ .‬ومن األلفاظ الواردة التي تتعلق باليأس‬
‫والتشاؤم نذكر قول الشاعر‪:‬‬

‫ونسيت قمة فرحتي وتهللي‬ ‫فلقد نسيت مسافتي في دربه‬

‫(‪)1‬‬
‫عن كشف آخر حلمنا المتجول‪.‬‬ ‫ظلت كآبته جراحا ال تنى‬

‫فهذان البيتان نجد ضمنهما عبارات تحمل معنى اليأس والحزن‪،‬وقد جاءت نابعة‬
‫من شعور صادق‪،‬جسدت لنا فعال مدى حزن ويأس الذات الشاعرة‪ ،‬في مثل قوله‪،‬‬
‫نسيت قمة فرحتي وتهللي‪ ،‬كاتبة جراحا‪،‬فكل هذه األلفاظ تزيد من حضور خاصية‬
‫الحزن واليأس ضمن لغة الشاعر‪.‬‬

‫ويتجلى اليأس‪ ،‬قائال عنيفا ممتدا في مساحة شاسعة من دنيا الشاعر وعالمه وذلك في‬
‫قوله مكررا فعل (الكره) ‪:‬كرهت من جريدتي‬

‫كرهت من أشرطتي‬

‫مللت شهقة الشروق‪ ،‬عفت زفرة الغروب‬

‫كرهت جلسة الرفاق‪ ،‬والحديث من ذنوب‬

‫كرهت أبناء الصدى‬

‫كرهت مغرب الشروق‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.45-44‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪61‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫كرهت لبنان الشمال‪ ...‬مثل لبنان الجنوب‪.‬‬

‫فهذه المقطوعة تحمل عبارات ال تختلف عن بعضها‪ ،‬حضرت مشحونة باليأس‬


‫والملل من الواقع –واقع الشاعر والواقع الفلسطيني والواقع العربي ككل الذي لم يكن‬
‫أبدا في مستوى المسؤولية اتجاه فلسطين ‪ -‬وقد عمد الشاعر من خالل اللغة‪ ،‬كرهت‪،‬‬
‫مللت إلى إبراز انفعاالته الرافضة وعواطفه الغاضبة‪،‬و يتوجه بها إلى اآلخرين عبر‬
‫لغة شعرية دالة وموحية‪ .‬إن لغة الشعر " تعبير عن عمق التجربة سواء ذاتية أو‬
‫جماعية ‪،‬فالشعر وإن كان فرديا‪ ،‬فهو إنما يتجه إلى الجماعة من خالل تفاعل الذات‬
‫معه‪ ،‬والشاعر مطلوب منه أن يستنفد في الكلمات كل طاقاتها التصويرية واإليمانية‬
‫والموسيقية في نقله تجربته إلى القارئ ‪،‬ألن هذا الشعر ينبع من أعماق الشاعر فهو‬
‫(‪)2‬‬
‫يعبر عن انفعال عاطفي يتوجه به من ذاته إلى ذات اآلخرين"‪.‬‬

‫والمتأمل في اللغة الشعرية عند حسين زيدان‪ ،‬ومن خالل قصيدة "رسائل من‬
‫األوراس إلى القدس" يجد أنها مليئة باأللفاظ القرآنية وهذا إن دل فهو دليل على قوة‬
‫إيمانه وعقيدته‪ ،‬لذلك جاءت تعابيره وكلماته تحمل معاني إسالمية مشحونة باإليمان‬
‫والقوة ومثال ذلك قوله‪:‬‬

‫ليكن في علم مكيدتكم‬

‫أني أعتق من خمرتكم‬

‫(‪)3‬‬
‫ولقد أقسم ما جننا في الحي –فويل إذ يقسم‪. -‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص ‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫) كمال فنينش‪ :‬البناء الفني في الشعر الجزائري مرحلة التحوالت )‪2000-1988‬م(‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪2‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪.48 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فهذه األسطر الشعرية تحمل معاني وداللة على الرفض‪،‬رفض الشاعر للعدو‬
‫الصهيوني‪ ،‬إذ يقسم على ذلك ويصر على رفضه بألفاظ حادة مشحونة بالغضب‪ ،‬وهي‬
‫ألفاظ دالة وموحية‪.‬‬

‫إضافة إلى هذا هذه مجموعة من األلفاظ التي تم اقتباسها من القرآن الكريم‪:‬‬
‫أعدو لكم ما استطاعوا‪ ،‬وفي القول فصل الخطاب‪،‬جمراتنا‪ ،‬عرفات‪ ،‬فكل هذه األلفاظ‬
‫تحمل دالالت مختلفة وهي أغلبها تدل على قوة إيمان الشاعر وإسالمه‪.‬‬

‫إن قصيدة "رسائل من األوراس إلى القدس" هي" قصيدة تمتاز بالحركية‬
‫والتفاعل ضمنها الشاعر آهاته وأحزانه وفي المقابل بث فيها الحياة من خالل دعوته‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى التغيير ورفض الواقع"‪.‬‬

‫وقد جاءت بلغة كلها إيحاء وعمق‪ ،‬وألفاظ حادة مشحونة بالغضب واليأس تعبيرا‬
‫عما يجول في داخله‪ ،‬من ذلك قوله مخاطبا اليهود المحتلين ‪:‬‬

‫ليكن في علم حثالتكم‬

‫أني أرفض جلدتكم ‪...‬‬

‫وطاوعني هوى اإلصرار في نفسي‬

‫(‪)2‬‬
‫وأيدني فقيهان ‪ ...‬شهدت بأني أحبهما‪.‬‬

‫فالشاعر في هذه القصيدة وفي هذا المقطع " لجأ لتوظيف أقصى دالالت‬
‫الوضوح والقوة من أجل توصيل رسالته التي يريد أن يستقبلها المتلقي وهي ‪-‬عمق‬
‫الجرح الفلسطيني وقضية القدس الشريف– بوضوح دون أن يعتريها غموض أو‬

‫) توفيق بن خميس‪ :‬البنية اللغوية في شعر حسين زيدان ‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص ‪.51-47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪63‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ضعف‪ ،‬ودون تقطيع أو تشويش‪ ،‬حتى ال يؤثر على محتوى ومكنون الغاية التواصلية‬
‫التي يلعب فيها المتلقي دورا فعاال باعتباره شارك في العملية اإلبداعية والبالغية‬
‫(‪)1‬‬
‫معا"‪.‬‬

‫ورغم الحزن واأللم الذي يعانيه الشاعر‪ ،‬ورفضه للواقع وهذا واضح من خالل‬
‫القصائد التي تم دراستها‪ ،‬فإن الشاعر يشعر بالتفاؤل والرغبة في تغيير هذا الواقع‬
‫األليم وهذا بارز في ثنايا القصائد حيث جاءت كلماته مجسدة لحقيقة الوضع ومعبرة‬
‫عن مدى خطورة ومأساة القضية‪ ،‬وقد دعى بأسلوب بارز ولغة قوية وواضحة‬
‫للنهوض بمستقبل هذه األرض –فلسطين‪ -‬ومحاولة تغيير الواقع المأساوي يقول‬
‫مخاطبا الفلسطيني حاثا له على فعل المقاومة والتصدي وبذل الدم ‪:‬‬

‫ال شيء يغسل الحدود في فمك‬

‫ال شيء ينهى مأتمك‬

‫ال بد ألن تمزق الكالم‬

‫(‪)2‬‬
‫ال بد من دمك‪.‬‬

‫فهذه الجمل الشعرية جاءت محملة بحروف النفي وهذه داللة على مدى رفض‬
‫الشاعر‪،‬لهذا الواقع واإلصرار على تغييره إلى واقع أحسن منه‪ ،‬واقع ملئ باألمل‬
‫واالستقرار‪ ،‬إضافة إلى إصراره على نزع الغشاوة والغموض عن وجه هذا الشعب‬
‫ليشعره بمدى خطورة وحقيقة هذا المستعمر‪.‬‬

‫‪ ) 1‬توفيق بن خميس‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪64‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويؤكد على هذا ويصرخ بقوة‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ال شيء لك‬

‫ال شيء يغني ‪ ...‬ال للصخور ‪ ...‬ال الربى‬

‫ال شيء يرحمك‬

‫ال شيء يمحو من ذهولك الصبا‬

‫ال شيء لك‬

‫ال حل لك‬

‫(‪)1‬‬
‫ال بد من دمك ‪.‬‬

‫فالشاعر هنا في موقف يحتم عليه إسماع صوته إلى أكبر قدر من المتلقين‬
‫ممكن‪ ،‬يستنهض همتهم‪،‬ويحثهم على النهوض‪ ،‬من أجل استرجاع حقوقهم المسلوبة‬
‫وأراضيهم المحتلة التي تم اغتصابها من طرف المحتل الصهيوني‪ ،‬إنه يصرخ وبكل‬
‫(‪)2‬‬
‫قوة وهذا صادرا من أعماقه المجروحة المغروس فيها خنجر الذل واالستكانة‪.‬‬

‫حيث وظف الشاعر في قصائده الثالثة هذه مجموعة من األلفاظ والكلمات‪ ،‬عكست‬
‫فعال عمق إحساسه بهذه القضية ومثال ذلك‪ :‬الجهاد‪ ،‬تهزني‪ ،‬دمك‪ ،‬الفتنة الكبرى‬
‫الجسد‪،‬الروح‪ ،‬الحصار‪ ،‬القنبلة‪ ،‬أرفض‪ ،‬أضلعي اإلصرار‪ ،‬الثورة الكبرى‪ ،‬االنتقام‬
‫عقول شتات‪ ،‬حمق‪ ،‬الضباب‪ ،‬فهذه كلها ألفاظ لها دالالت عميقة في نفس الشاعر‬
‫عكسها من خالل هذه القصائد "وبالتحقيق في مضمون الخطاب الشعري وتحسس‬
‫سياقات ورود معاني هذه األلفاظ داخل النصوص‪ ،‬نجد أن الكلمة الرئيسية في‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ) 2‬توفيق بن خميس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪65‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫النصوص هي القدس من حيث كثرة الورود وعودة جميع المعاني التي في الخطاب إلى‬
‫مضمون هذه الكلمة والتي جسدتها الرؤية الفنية للشاعر بمحاورها الثالثة المتمثلة في‬
‫األلفاظ السابقة‪ :‬القدس العدة‪ ،‬الحق‪ ،‬فالقدس البقعة المقدسة شطر اإليمان والدين وشطر‬
‫(‪)1‬‬
‫األرض العقيدة‪ ،‬قضية حق ال بد لها من عدة"‪.‬‬

‫‪-‬الصورة البالغية ‪:‬‬

‫‪ -‬الصورة التشبيهية ‪ :‬وتعد من األساليب والفنون البالغية ‪ ،‬وهي "بيان شيئا أو‬
‫أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة هي الكاف أو نحوها ملفوظة أو ملحوظة‬
‫وتتكون من أربعة أركان هي‪ :‬المشبه‪ ،‬والمشبه به‪ ،‬ويسميان طرفي التشبيه‪ ،‬وأداة‬
‫(‪)2‬‬
‫التشبيه ووجه الشبه"‪.‬‬

‫ومن التشبيهات التي استخدمها الشاعر‪ ،‬التشبيه المرسل‪ :‬وقد ورد في قصيدة "اعترافات‬
‫منتم" في قوله‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫فثورة كالتيه يغمرها الغسام ‪.‬‬

‫تشبيه مرسل ألنه ذكر فيه المشبه وهو الثورة واألداة وهي الكاف‪ ،‬والمشبه به‬
‫وهو التيه‪ ،‬فالشاعر هنا شبه الثورة باإلنسان التائه الذي يعاني الضياع في هذا الواقع‬
‫البائس ‪،‬حيث جاء الشاعر بهذا النوع من التشبيه ‪ ،‬من أجل ترسيخ المعنى وتقويته ‪،‬‬
‫والكشف عن حالته النفسية والشعورية ‪،‬وعن حقيقة هذا الواقع األليم ‪.‬‬

‫‪ -‬الصورة االستعارية‪:‬‬

‫توفيق بن خميس ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.176 ،175‬‬ ‫‪) 1‬‬

‫) علي الجارم ومصطفى أمين‪ :‬البالغة الواضحة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪1999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ) 3‬قصائد من األوراس إلى القدس‪،‬ص‪.67‬‬

‫‪66‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هي وجه من وجوه البيان‪،‬وهي"أداة من أدوات التشكيل الجمالي للصورة‬


‫الشعرية‪.‬‬

‫و وسيلة للتعبير عن األفكار الصعبة والمعقدة عن طريق اإليحاء والتحليل‪ ،‬وليس‬


‫(‪)1‬‬
‫المباشرة والتصريح‪".‬‬

‫ومن االستعارات الواردة في القصائد الثالث‪ .‬نذكر‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫االستعارة المكنية‪ :‬وهي "ما حذف فيها المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه"‪.‬‬

‫وقد وردت في "قصيدة حديث جبل" بقوله ‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫إني أحن إلى عناق الكرمل‪.‬‬ ‫جبل من ألوراس حدث قال لي‬

‫فاالستعارة هنا في قوله‪ :‬جبل من ألوراس حدث قال لي‪ ،‬إذ شبه الشاعر الجبل‬
‫باإلنسان‪ ،‬ثم حذفه وترك الزم من لوازمه وهو الحديث‪ ،‬على سبيل االستعارة المكنية‪.‬‬

‫فالشاعر هنا نقل اللفظ من مجال استعماله القريب المألوف‪،‬إلي مجال أخر‬
‫مبتكر‪،‬حيث اعتمد على وصف مدركات حاسة بصفة مدركات حاسة أخري أخرى‪،‬‬
‫وهو يعتبر وسيلة مهمة من وسائل تشكيل الصورة الشعرية‪،‬ساعدت على نقل األثر‬
‫(‪)4‬‬
‫اإلحساس النفسي الخاص بالشاعر كما هو أو كما يفترض أن يكون‪.‬‬

‫وكذلك حين يقول في" قصيدة اعترافات منتم"‬

‫) المقطوف عثمان الطيف كرناف‪ :‬الصورة الشعرية عند ابن حيوس‪ ،‬ماجستير‪( ،‬مخطوطة)‪ ،‬جامعة‬ ‫‪1‬‬

‫الزقازيق‪،‬القاهرة ‪2005‬م‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫) عبد العزيز عتيق‪:‬علم البيان ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬بيروت لبنان‪ 1985 ،‬م‪ ،‬ص ‪.171‬‬ ‫‪2‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.44‬‬ ‫‪3‬‬

‫) عبد الرزاق بلغيث‪ :‬الصورة الشعرية في تجربة الشاعر عز الدين ميهوبي دراسة أسلوبية‪ ،‬ماجستير‬ ‫‪4‬‬

‫(مخطوطة)‪ ،‬جامعة بوزريعة‪2010-2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪67‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للصخر نبض فوق قلبك فاتحد‬

‫أحد ‪ ...‬أحد‬

‫(‪)1‬‬
‫وأمية من هول ما ذاق ارتعد‪.‬‬

‫ففي هذه الصورة استعارة مكنية‪ ،‬ألن الصخر شيء جامد ليس له نبض وال‬
‫قلب‪ ،‬فالنبض خاصية إنسانية يتميز بها اإلنسان‪ ،‬فالشاعر هنا استعار للصخر صفة من‬
‫صفات اإلنسان فذكر المشبه وهو الصخر‪ ،‬وحذف المشبه به وهو اإلنسان وترك الزم‬
‫من لوازمه وهو النبض‪.‬‬

‫‪ -‬الصورة الكنائية‪:‬‬

‫وهي من األساليب والفنون البالغية وتعد وجه من وجوه البيان‪ ،‬هي"كل ما فهم من‬
‫(‪)2‬‬
‫سياق الكالم من غير أن يذكر اسمه صريحا في العبارة"‪.‬‬

‫وقد وردت قي قصيدة "حديث جبل" من خالل قوله‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫عانقت فيضك رغم عجز تحملي‪.‬‬ ‫يا شعلة الروح المنيرة إنني‬

‫فالشاعر هنا يصف لنا حالة شوقه وحنينه للقدس‪ ،‬ومدى يأسه وحزنه على‬
‫المأساة الفلسطينية‪ ،‬فورد في عجز هذا البيت كناية‪ ،‬جاء مدلولها عن الشوق والحنين‬
‫الذي يأسر روح الشاعر‪.‬‬

‫إضافة إلى ورود كناية أخرى‪ ،‬في قصيدة "رسائل من األوراس إلى القدس" بقوله‪:‬‬

‫تحاول الهروب لألمام‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪:‬ص ‪.69‬‬ ‫‪1‬‬

‫) عبد العزيز عتيق ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬ ‫‪2‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪:‬ص ‪.45‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪68‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تأول التاريخ‪ :‬كم‬

‫كم أنجب التاريخ من حمام‬

‫(‪)1‬‬
‫ال شيء يغسل الحدود في فمك‬

‫فالشاعر في هذا المقطع‪ ،‬يدعو الفلسطيني للكفاح والصمود في وجه العدو‬


‫الصهيوني‪ ،‬من أجل تحقيق انتصاره وحريته‪ ،‬ومن أجل وطنه ‪ ،‬فجاء بدعوته هذه عن‬
‫طريق صورة زادتها وضوحا وعمقا وهي الكناية‪ ،‬التي وردت في الشطر الثالث من‬
‫هذه المقطوعة‪ .‬كما أنجب التاريخ من حمام وهي كناية عن العدو الذي برز عبر‬
‫التاريخ ليزرع جشعه واحتالله لهذا الشعب‪.‬‬

‫كما وردت كناية أخرى في نفس القصيدة في قوله‪:‬‬

‫أعرف أعداءك يا موسى‬

‫احفظ ‪ ...‬ابدأ ‪ ...‬ال تنس‬

‫افعل شيئا يريكم‬

‫(‪)2‬‬
‫صنع في جيبك قاموسا‪.‬‬

‫ففي هذا الشطر‪ ،‬ضع في جيبك قاموسا ‪،‬كناية عن المعرفة فالشاعر يأمر‬
‫الفلسطيني أن يكون على معرفة اإلطالع بمكائد واألساليب االستعمارية التي يستعملها‬
‫العدو الصهيوني‪ ،‬كما ينهيه على أن ال ينخدع بأفعاله المزيفة وبالمحبة التي يظهرها‪.‬‬

‫ويواصل الشاعر في وصفه وعرضه للمعاناة والمآسي الفلسطينية‪ ،‬وتأسفه على‬


‫الوضع والواقع غير المرغوب فيه‪ ،‬ليعرض لنا كناية أخرى من خالل قوله‪:‬‬

‫‪ ) 1‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص‪.46‬‬


‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.48‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪69‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مللت صوت الثورة ال تنتمي للراجفة‬

‫(‪)1‬‬
‫فالثورة الكبرى تحب يوم موت العاصفة‪.‬‬

‫ففي هذه األسطر الشعرية‪ ،‬كناية عن القوة واالستغالل والحرية‪،‬والشاعر من‬


‫خالل هذه الصور عمل على عرض معانيه غير المصرح بها‪ ،‬والتي فيها الخفاء‬
‫الغنى‪ ،‬الذي يترك مساحة للمتلقي ليعمل ذهنه‪،‬وليصل من خالل هذه الصور الخفية إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫معاني ودالالت أبلغ من التعبير المباشر‪.‬‬

‫الصورة الرمزية‪ :‬تعد من أهم الصور الشعرية الحداثية ‪،‬إذ تساهم في تعميق الدالالت‬
‫الشعرية ‪،‬وتجعل من النصوص أكثر عمقا وتأثيرا في المتلقي ‪ ،‬إذ" يمثل الرمز في‬
‫اللغة الشعرية عنصرا هاما‪ ،‬فالشعراء هم القادرون على منح الكلمات العادية دالالت‬
‫رمزية بعد وضعها في السياق الشعري الخاص ‪ ،‬وهذه الرموز منها ما يكون عن وعي‬
‫وشعور ومنها ما يترسب في العمل األدبي بدون شعور ‪،‬مما يفسح المجال أمام التحليل‬
‫(‪)3‬‬
‫النفسي‪".‬‬

‫ومن خالل دراستنا لقصائد زيدان ‪،‬الحظنا أن قصيدة "رسائل من األوراس إلى القدس"‬
‫قد حفلت برموز دينية لبعض األنبياء ‪،‬الذين وردت قصصهم في القرآن الكريم ‪،‬وبعض‬
‫الرموز التاريخية‪ ،‬وذلك من خالل قوله ‪:‬‬

‫أحمل في قلبك "أوراسي "‬

‫فسيبعث في "الكرمل" "طورا "‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص ‪.53‬‬ ‫‪1‬‬

‫) المقطوف عثمان الطيف كرناف‪ :‬الصورة الشعرية عند ابن حيوس ‪ ،‬ص ‪.176/175‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ) 3‬عبد المجيد دقياني‪ :‬االلتزام في شعر محمد بلقاسم خمار‪ ،‬ص‪.288‬‬

‫‪70‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وينادي اهلل أيا موسى‬

‫اعرف أعداءك يا قدسي‬

‫ال تبحث فيهم عن ليلى‬

‫دع ليلى تصرخ يا قيسي‬

‫واجهر بالدعوة يا موسى‬

‫(‪)1‬‬
‫ما أقسى مرحلة الهمس ‪.‬‬

‫فالشاعر في هذه األسطر الشعرية ‪ ،‬وظف العديد من الرموز دينية وتاريخية‬


‫وأخرى مستمدة من التراث العربي ‪،‬حيث استدعاء األوراس وهو رمز للثورة‬
‫الجزائرية وللتحدي والصمود والحرية ‪،‬وقد استدعاه الشاعر هنا ليؤكد للشعب‬
‫الفلسطيني على مبدأ التحدي وتحرير األرض من قبضة العدو الصهيوني ‪.‬‬

‫أما الكرمل وهو جبل في فلسطين ‪ ،‬استدعاه الشاعر ليرمز به للوطن الفلسطيني ‪.‬‬

‫ويسير في استحضاره للرمز الديني‪ ،‬فيستحضر موسى عليه السالم ‪،‬وقصة‬


‫(‪)2‬‬
‫التكليم التي شرف بها موسى على جبل الطور والذي كان فاتحة عهد جديد ‪.‬‬

‫فالشاعر أراد إيصال شيئا من وراء هذا الرمز‪،‬وهو الجهر بالدعوة والجهاد في سبيل‬
‫النصر ومن أجل مستقبل مشرق ‪.‬كما نجده يستحضر رموزا تراثية مثل ‪ :‬ليلى وقيس‬
‫تنبيها منه للفلسطيني بمعرفة أعداءه وعدم محاولته للبحث فيهم عن األمان والسالم‬
‫والحب ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬قصائد من األوراس إلى القدس‪ :‬ص‪.49‬‬


‫‪ ) 2‬مسعود بودوخة‪ :‬استلهام الرموز الدينية في ديوان اللهب المقدس لمفدي زكرياء‪ ،‬مجلة الواحات للبحوث‬
‫والدراسات‪،‬سطيف‪ ،‬العدد ‪2،2014‬م‪ ،‬مج ‪، 7‬ص‪.2‬‬

‫‪71‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬الموسيقى الشعرية‪:‬‬

‫الشعر من الفنون الجميلة‪ ،‬يخاطب العاطفة ويستشير المشاعر والوجدان وهو جميل‬
‫في تخير ألفاظه‪ ،‬جميل في تركيب كلماته‪ ،‬جميل في توالي مقاطعه‪ ،‬وانسجامها فتسمعه‬
‫اآلذان موسيقى ونغما منتظما‪ ،‬ولهذا ينشأ عند المتلقي حس يجعله يعي هذا النغم‬
‫(‪)1‬‬
‫الموسيقي‪.‬‬

‫فالعنصر الموسيقي في الشعر إذن يتمثل لنا في الوزن واإليقاع واالنسجام الصوتي‬
‫وهو من أهم عناصر الشعر‪ ،‬إذ أن النغم الموسيقي نابع من اللغة العربية ذاتها‪ ،‬فهي‬
‫لغة منغمة لها موازين صوتية وإيقاع وقوافي وحركات وسكنات وإعراب وتنوين‬
‫(‪)2‬‬
‫ووقفات وجهر وهمس‪.‬‬

‫أما الموسيقى الشعرية عند الشاعر حسين زيدان فقد تميزت بتنوع في أشكال‬
‫النصوص الشعرية‪ ،‬مما أدى إلى تنوع في اإليقاع والموسيقى حيث اعتمد على شكل‬
‫القصيدة العمودية والحرة وهذا ما الحظناه من خالل دراستنا للقصائد الثالثة‪" ،‬حديث‬
‫جبل"‪"،‬رسائل من األوراس إلى القدس"‪ ،‬و"اعترافات منتم"‪.‬‬

‫وسنقف عند هذه القصائد‪ ،‬لكي نتعرف إلى أي البحور تنتمي‪.‬‬

‫القصيدة األولى‪ :‬قصيدة "حديث جبل" من الشعر العمودي‪:‬‬

‫إن لم تثر للقدس باسم كتابها‬

‫ي كِتَ ْابِهَ ْا‬


‫ن لَ ْم تُثِ ْر لِلْقُدْسِيْ بِسْ ِم ْ‬
‫إِ ْ‬

‫‪0//0//0/0/0/0/0/0//0/0/‬‬

‫) إبراهيم أنيس‪ ،‬موسيقى الشعر‪ ،‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1952 ، 2‬م‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫) محمد عبد المنعم خفاجي‪ ،‬موسيقى الشعر وأوزانه دراسات في الشعر العربي‪ ،‬دار االتحاد التعاوني‪1996 ،‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.11 ،10‬‬

‫‪72‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مستفعلن‪/‬فاعل‪/‬مستفعل‪/‬متفعلن‬

‫(‪)1‬‬
‫فاغسل فؤادك مرَّتين ونفِّل‬

‫ي َونَفْفِ ْل‬
‫سلْ فُؤَاْدَكَ مَرْ َرتَيْن ْ‬
‫فَغْ ِ‬

‫‪0/0//0/0//0///0//0/0/‬‬
‫مستفعلن‪/‬فعلن‪/‬متفعل‪/‬متفعل‬

‫القصيدة‪ :‬من البحر البسيط‪ :‬مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن‬

‫القافية‪ :‬ونففل‬ ‫الروي‪ :‬الالم‬

‫‪0 /0 //‬‬

‫ما نلحظه على هذا البيت‪ ،‬هو دخول بعض الزحافات والعلل على تفعيالته حيث‬
‫أن فاعلن أصبحت فاعل ‪،‬ومستفعلن أصبحت مستفعل ومتفعل ‪.‬‬

‫"فالقصيدة حافظت على موسيقاها الخارجية بالمحافظة على اإليقاع المتكرر في‬
‫كل بيت من أبياتها وقافية‪ ،‬وهذا بارز من خالل العالقة الرابطة بين المشاعر‬
‫واألحاسيس التي تصبغ النص الشعري بصبغة الفني وبين موسيقاه عالقة عضوية‪،‬‬
‫تجعل من النص صورة فنية متماسكة‪ ،‬فالشاعر البارع يمكنه أن يستغل الدفقات‬
‫(‪)2‬‬
‫الموسيقية لتتناسق وتتموسق في الوقت ذاته بما يصوره أو يعبر عنه من إحساس"‪.‬‬

‫‪ ) 1‬قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص‪.45‬‬


‫) كمال فنينش‪ :‬البناء الفني في الشعر الجزائري المعاصر مرحلة التحوالت )‪2000-1988‬م(‪ ،‬ص ‪.127‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪73‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وهذا فعال ما نلمسه عند الشاعر حسين زيدان‪ ،‬من خالل هذه القصيدة ومن خالل‬
‫نظمه وفق بحر البسيط‪ ،‬استطاع أن يجسد لنا وفق صورة فنية متماسكة‪ ،‬وإحساس‬
‫صادق عن آالمه وآهاته‪ ،‬وآساه‪ ،‬فجاءت أبياته حاملة لدفقات موسيقية متناسقة مع ما‬
‫يعبر عنه‪.‬‬

‫القصيدة الثانية‪ :‬قصيدة "رسائل من األوراس إلى القدس" من الشعر الحر‪:‬‬

‫ال لغم ينسيك الحصار‬

‫(‪)1‬‬
‫ال لغم ينسيك لحصاريْ ‪.‬‬

‫‪0/0//0/ 0//0/0/‬‬

‫مستفعلن ‪ /‬مستفعلن‬

‫وما نلحظه على هذا الشطر‪ ،‬أنه ينتمي إلى بحر منهوك الرجز وهو النوع الرابع‬
‫(‪)2‬‬
‫من أنواع الرجز‪ ،‬وهو "ما سقط ثلثاه وبقي قائما على تفعيلتين فقط"‪.‬‬

‫أما القافية‪ ،‬فقد تغيرت في هذه القصيدة من مقطع آلخر إلى غاية النهاية‪ ،‬وهذا‬
‫هو حال شعر التفعيلة‪.‬‬

‫القصيدة الثالثة‪ :‬قصيدة "اعترافات منتم" من الشعر الحر‬

‫هذا وتاريخ الخالفة في دمي‬

‫(‪)3‬‬
‫هاذا وتاريخ لخالفة في دمي ‪.‬‬

‫‪0//0/// 0//0/0/ 0//0/0/‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫) عبد الفتاح لكرد‪ :‬العروض العربي نظريا وتطبيقيا‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2015 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫) قصائد من األوراس إلى القدس ‪ :‬ص ‪.67‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪74‬‬
‫فلسطين في الشعر األوراسي‬ ‫الفصل الثاني‬

‫متفاعلن ‪ /‬متفاعلن ‪ /‬متفاعلن‬

‫والمال حظ هنا أن البيت من بحر الكامل‪ ،‬تم دخول زحاف اإلضمار على بحره‪ ،‬وهو‬
‫تسكين الثاني المتحرك‪.‬‬

‫حيث متفاعلن أصبحت متفاعلن‪.‬‬

‫‪0//0/0/‬‬ ‫‪0//0///‬‬

‫وفي األخير نستنتج أن الشاعر قد نوع في استخدامه للبحور الشعرية في هذه‬


‫القصائد الثالثة‪ ،‬حيث استخدم نوعين من البحور‪ ،‬الكامل والرجز‪،‬والبسيط‪ ،‬فجاءت هذه‬
‫البحور خادمة إلحساسه ومشاعره‪ ،‬واستطاع من خاللها أن يصرح لنا عن حالته‬
‫النفسية التي تعاني االغتراب والغضب واأللم والملل من الواقع الذي ال يتالءم معه‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمـــة‬

‫وفي ختام هذا البحث يمكن إجمال النتائج المتوصل إليها في المذكرة‬
‫بــ‪ :‬حضور فلسطين في الشعر األوراسي "قصائد من األوراس إلى‬ ‫الموسومة‬
‫القدس لحسين زيدان أنموذجا في‪:‬‬

‫‪-‬أن الشعر العربي استمد قوته من الواقع المعاش ‪،‬وقد استطاع أن يصور‬
‫الواقع العربي تصويرا فنيا صادقا ‪،‬بحيث أننا نجد الشعراء العرب سخروا شعرهم‬
‫لخدمة القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية ‪،‬وسجلوا أحداثها وتتبعوا‬
‫تفاصيلها ورصدوا الواقع الفلسطيني‪،‬وما فيه من آالم ومحن ‪،‬فشعرهم كان مرآة‬
‫صادقة عكست لنا حقائق وظالل هذه القضية‪.‬‬

‫‪-‬وهذا ما لمسناه عند الشعراء الجزائريين ‪،‬حيث حركت القضية الفلسطينية‬


‫وجدانهم منذ ظهورهاعلى مسرح السياسة العربية والعالمية ‪،‬فعبروا عنها وعن‬
‫عواطف الشعب وأحاسيسه وأسهموا بدورهم في توعية الجماهير‪،‬والتنديد بجرائم‬
‫المحتل الصهيوني‪.‬‬

‫‪ -‬والشاعر حسين زيدان كان على خطى هؤالء الشعراء ‪،‬حيث ساهم في‬
‫مساندة القضية ونصرتها ‪ ،‬وذلك من خالل عاطفته اإلسالمية القومية ‪ ،‬فوصف‬
‫من خالل قصائده معاناة الشعب الفلسطيني ‪،‬منبها و منددا بجرائم اليهود‪ ،‬وتخاذل‬
‫العرب عن هذه القضية‪،‬كما صرح بأن فلسطين مسؤولية كل المسلمين والعرب‬
‫وعليهم التجند لتحريرها من يد المحتل ‪.‬‬

‫‪ -‬وقد استعان على توضيح مشاعره و أحاسيسه ‪،‬بآلية التصوير التي‬


‫ساهمت في إيصال مراده والبوح به ‪،‬ورفضه لهذا الواقع البائس‪،‬الذي ال يتناسب‬
‫مع حقيقة واقعه الجزائري اإلسالمي‪ ،‬إضافة إلى أسلوبه البالغ التأثير في المتلقي‬
‫ولغة شعرية تمتاز باإليحاء والتأثير ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الخاتمـــة‬

‫‪-‬أما اإليقاع عنده فكان متناغما ومتناسبا مع حالته النفسية والشعورية‪ ،‬وقد‬
‫استطاع من خالله أن يصرح لنا عن آالمه وملله ورفضه للواقع السياسي العربي‬
‫المتسم بالتقاعس والخذالن ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مــــلـــــــحـــــــــــــــق‬

‫التعريف بالمدونة‪:‬‬

‫المدونة عبارة عن "مجموعة شعرية اختار لها صاحبها عنوان "قصائد من‬
‫األوراس إلى القدس" وهي خطاب ثوري يتجاوز المضامين الوطنية والشعارات‬
‫السياسية القومية‪،‬خطاب تلتقي فيه المطالب العقائدية والوطنية واإلنسانية ليحمل‬
‫هما مؤرقا اسمه ‪:‬النهضة اإلسالمية و عقبة القدس المحتلة‪،‬عمق القضية‬
‫الفلسطينية‪،‬والجرح الغائر في جسد األمة اإلسالمية"قصائد من األوراس إلى القدس"‬
‫كلمات نارية مشحونة بنوع من التهجم تارة و الترقب و المهانة تارة أخرى‪ ،‬تبرم‬
‫بالواقع السياسي والثقافي لألمة وتبرؤ من المواقف المتخاذلة‪،‬حسرة ولوعة في‬
‫دهشة ترسم عالما ال متناهيا من الحيرة و الذهول‪...‬غيرة تندفع بين جوانح محطمة‬
‫نحو المطلق‪ ،‬فتعود بال حدود وجرح األمة في جرح القدس ينتظر الفرج‬
‫(‪)1‬‬
‫الموعود‪".‬‬
‫تعريف بالشاعر‪:‬‬
‫أبصر النور في ربوع األوراس في يوم ‪1960/02/22‬م ‪ ،‬ليبدأ رحلته في‬
‫الحياة بدءا من حصوله على شهادة الكفاءة للمدرسين عام ‪،1981‬وبعدها على‬
‫شهادة الكفاءة ألساتذة الرياضيات سنة ‪1982‬م‪ ،‬ليكمل تعليمه الجامعي و يتحصل‬
‫على شهادة اللسانس في اللغة وآدابها عام‪1990‬م‪،‬وبعدها يحصل على شهادة‬
‫الماجستير ثم الدكتوراه بعنوان " التحليل المستقبلي لألدب"كما امتازت حياته رحمه‬
‫اهلل بالعديد من النشاطات األدبية و الثقافية فقد كان‪:‬‬
‫‪ -‬عضوا عامال في اإلتحاد الوطني للكتاب الجزائريين‪.‬‬
‫‪ -‬عضوا عامال بالمكتب البلدي التحاد الكتاب الجزائريين بباتنة‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس تحرير مجلة " الرواسي" التربوية‪،‬ذات الطابع األكاديمي‪.‬‬

‫‪ ) 1‬توفيق بن خميس ‪ :‬البنية اللغوية في شعر حسين زيدان ‪ ،‬ص‪.03‬‬

‫‪80‬‬
‫مــــلـــــــحـــــــــــــــق‬

‫‪ -‬ذا خبرة تدريسية في أغلب األطوار‪.‬‬

‫أعماله‪:‬‬
‫أ‪/‬دواوينه المطبوعة‪:‬‬
‫‪ -1‬فضاء لموسم اإلصرار‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتصام‪.‬‬
‫‪ -3‬قصائد من األوراس إلى القدس‪.‬‬
‫ب‪/‬دواوينه المخطوطة‪:‬‬
‫‪ -1‬شاهد الثلث األخير‪.‬‬
‫‪ -2‬نهار ألهل الكهف‪.‬‬
‫‪ -3‬أهددكم بالسكوت‪.‬‬
‫ج‪/‬قصصه المخطوطة‪:‬‬
‫‪ -1‬يوم لك‪.‬‬
‫‪ -2‬الرخصة‪.‬‬
‫كما له روايتان هما‪:‬‬
‫‪ -1‬الحجوم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -2‬الخير‪.‬‬

‫‪ ) 1‬توفيق بن خميس ‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.05-04‬‬

‫‪81‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫و المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬المصادر ‪:‬‬

‫‪-1‬حسين زيدان ‪:‬قصائد من األوراس إلى القدس ‪ ،‬سوترامب سبا‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬د ت‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المراجع ‪:‬‬

‫‪-2‬إبراهيم الخليل‪ :‬مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫ط‪ 2003 ،1‬م ‪.‬‬
‫‪-3‬إبراهيم أنيس‪ ،‬موسيقى الشعر‪ ،‬مكتبة االنجلو المصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1952، 2‬م‪.‬‬
‫‪-4‬إبراهيم طوقان‪ :‬األعمال الشعرية الكاملة‪ ،‬كلمات عربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪2012‬م‪.‬‬
‫‪-5‬أحمد أبو حاقة‪ :‬االلتزا م في الشعر العربي‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1979‬م‪.‬‬
‫‪-6‬أحمد سحنون ‪:‬ديوان الشيخ أحمد سحنون‪،‬منشورات الحبر‪،‬الجزائر‪،‬الجزائر‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫‪2007‬م ‪.‬‬

‫‪ -7‬أحمد موسى الخطيب‪ :‬وهج القصيدة‪ .‬دراسات في الشعر العربي المقاوم‪ ،‬مكتبة‬
‫الرائد عمان‪ ،‬األردن ‪2010،‬م‪.‬‬

‫‪-8‬أحمد مطر‪:‬المجموعة الشعرية‪ ،‬دار الحرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2011 ،1‬م‪.‬‬


‫‪-9‬إسماعيل أحمد ياغي‪ :‬الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية‪ ،‬دار المريخ‪،‬‬
‫الرياض‪،‬السعودية‪1403 ،‬ه‪1983 /‬م‪.‬‬
‫‪-10‬جميل حمداوي ‪ :‬مدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫ط‪2010 ،1‬م‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -11‬حسام الخطيب‪ ،‬ظالل فلسطينية في التجربة األدبية‪ ،‬دائرة الثقافة‪ ،‬تونس‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬نيسان‪1990،‬م‪1.‬‬
‫‪ -12‬حسين علي محمد ‪:‬األدب اإلسالمي وقضاياه المعاصرة ‪،‬هبة النيل العربية للنشر‬
‫والتوزيع ‪،‬الجيزة ‪،‬مصر‪2009،‬م‬
‫‪-13‬رجا سمرين ‪:‬شعر المرأة العربية ‪،1970-1945‬دار الحداثة ‪،‬بيروت ‪،‬لبنان‬
‫‪،‬ط‪1990 ،1‬م‪.‬‬

‫‪-14‬السعيد الورقي ‪ :‬لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقاتها االبداعية ‪،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪،‬ط‪ 1984 ،3‬م‪.‬‬

‫‪ -15‬صالح عبد الصبور‪ :‬ديوان‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1973 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪ -16‬عبد الرحيم محمود‪:‬األعمال الكاملة ‪،‬تحقيق عز الدين المناصرة ‪،‬دار الجليل‬
‫‪،‬دمشق ‪،‬سورية ‪1988،‬م‪.‬‬

‫‪-17‬عبد العزيز المقالح‪ :‬صدمة الحجارة‪-‬دراسة في قصيدة االنتفاضة‪ ،‬دار اآلداب‪،‬‬


‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪-18‬عبد العزيز عتيق‪ :‬علم البيان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1985 ،‬م ‪.‬‬

‫‪-19‬عبد الفتاح لكرد‪ :‬العروض العربي نظريا وتطبيقيا‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬إربد‪ ،‬االردن‪،‬‬
‫ط ‪ 2015 ،1‬م‪.‬‬

‫‪-20‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬األوراس في الشعر العربي ودراسات أخرى‪ ،‬الشركة الوطنية‬
‫للنشروالتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪،‬الجزائر ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬فلسطين في األدب الجزائري الحديث‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪،‬‬
‫القبة‪،‬الجزائر‪2009 ،‬م‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -22‬عبد اهلل الركيبي‪ :‬قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1983 ،‬م ‪.‬‬
‫‪-23‬عبد المجيد دقياني‪ ،‬اال لتزام في شعر محمد بلقاسم خمار‪ ،‬دار علي بن زيد‪،‬‬
‫بسكرة‪،‬الجزائر‪ ،‬ط‪2015 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -24‬عبد الوهاب البياني‪ :‬األعمال الشعرية‪ ،‬المؤسسة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪1995‬م‪ ،‬ج‪. 1‬‬
‫‪-25‬علي الجارم ومصطفى أمين‪ :‬البالغة الواضحة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫‪1999‬م‬

‫‪-26‬عمر أبو ريشة‪ :‬الديوان‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1998 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪-27‬عمربوقرورة ‪:‬الغربة والحنين في الشعر الجزائري الحديث ‪-1945‬‬
‫‪،1962‬منشورات جامعة باتنة ‪،‬باتنة ‪،‬الجزائر‪1997،‬م ‪.‬‬

‫‪-28‬فاروق جويدة‪ :‬زمان القهر علمني ‪،‬دار غريب ‪،‬مصر ‪،‬القاهرة ‪،‬ط‪1990 ،1‬م ‪.‬‬

‫‪ -29‬فدوى طوقان‪ :‬األعمال الشعرية الكاملة‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‪ ،‬بيروت‬


‫لبنان‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪.‬‬
‫‪-30‬محمد العيد آل خليفة‪ :‬الديوان‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين ميلة‪،‬الجزائر‪2010 ،‬م‪.‬‬

‫‪-31‬محمد بلقاسم خمار‪ :‬الديوان‪ ،‬دار أطفالنا‪ ،‬البويرة‪ ،‬الجزائر‪2010،‬م ‪،‬ج‪.2‬‬

‫‪ -32‬محمد عبد المنعم خفاجي‪ ،‬موسيقى الشعر وأوزانه دراسات في الشعر العربي‪،‬‬
‫دار االتحاد التعاوني‪1996 ،‬م‪.‬‬
‫‪-33‬مصطفى السيوفي‪ :‬تاريخ األدب العربي الحديث‪ ،‬الدار الدولية لالستثمارات‬
‫الثقافية ش‪.‬م‪.‬م‪ .‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2008 1‬م‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -34‬محمود درويش‪ :‬ديوان (األعمال األولى)‪ ،‬رياض الريس للكتب‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪2005‬م ‪.‬‬

‫‪-35‬مفدى زكريا‪:‬اللهب المقدس ‪،‬الشركة الوطنية ‪،‬الجزائر‪ ،‬الجزائر‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫‪-36‬نزار قباني‪ ،‬ديوان‪-‬ثالثية أطفال الحجارة‪ ،‬منشورات نزار قباني ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪.1988 ،1‬‬

‫‪ -37‬هاشم الرفاعي‪ :‬الديوان‪ ،‬تحقيق محمد حسن بريغش‪ ،‬مكتبة المنار‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫الزرقاء‪ ،‬ط‪1405 ،2‬ه‪1985/‬م‪.‬‬
‫‪-38‬يوسف جمعة سالمة‪ ،‬إسالمية فلسطين‪ ،‬مكتبة وهبة ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬المجالت والدوريات‪:‬‬
‫‪ -40‬تجليات الواقع السياسي في ملصقات عزالدين ميهوبي ‪،‬مجلة األثر‪،‬جامعة أم‬
‫البواقي ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬العدد ‪ ، 23‬ديسمبر‪ 2015‬م‪.‬‬
‫‪ -41‬تجليات الرفض في شعر فدوى طوقان ‪،‬مجلة سرمن رأي‪ ،‬العراق ‪ ،‬العدد ‪27‬‬
‫‪،‬شيرين األول ‪ 2011‬م‪ ،‬مج ‪. 1‬‬
‫رابعا‪:‬الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -42‬أمين صالح محمود عبد ربه ‪ :‬الغربة و الحنين للوطن في الشعر الفلسطيني بعد‬
‫المأساة ‪ ،‬دكتوراه ‪ (،‬مخطوطة) ‪ ،‬جامعة األزهر ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ 1977‬م ‪.‬‬
‫‪ -43‬توفيق بن خميس ‪ :‬البنية اللغوية في شعر حسين زيدان ‪ ،‬ديوان قصائد القدس الى‬
‫القدس أنموذجا ‪،‬ماجستير ‪،‬مخطوطة ‪،‬جامعة الحاج لخضر باتنة ‪2009/2008،‬م‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪-44‬كمال فنينش ‪ :‬البناء الفني في الشعر الجزائري المعاصر مرحلة التحوالت‬


‫)‪2000-1988‬م(‪ ،‬ماجستير‪( ،‬مخطوطة)‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪2010-2009‬م‪.‬‬
‫‪-45‬المقطوف عثمان الطيف كرناف‪ :‬الصورة الشعرية عند ابن حيوس‪ ،‬ماجستير‪،‬‬
‫(مخطوطة)‪ ،‬جامعة الزقازيق‪،‬القاهرة‬
‫‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ -46‬عبد الرزا ق بلغيث‪ ،‬الصورة الشعرية في تجربة الشاعر عز الدين ميهوبي دراسة‬
‫أسلوبية‪ ،‬ماجستير‪( ،‬مخطوطة)‪ ،‬جامعة بوزريعة‪2010/2009،‬م‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫خامسا‪ :‬المواقع االلكترونية‬

‫‪47 - w.w.w startimes . com . 2016/01/27 .18:48.‬‬


‫‪48-w.w.w adaba a sham. Net . 2016/03/23 . 23:16.‬‬
‫‪49-w.w.w swat alahrar. Net . 2016/02/10 . 14:16.‬‬
‫‪50-w.w.w alukah. Net . 2016/03/31 . 18:45.‬‬

‫‪87‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫مقدمة ‪ ..............................................................‬أ ب ج‬
‫الفصل األول ‪ :‬فلسطين في الشعر العربي والجزائري‬
‫أ ـ فلسطين في الشعر العربي‪) 5-24 (...............................‬‬

‫‪-‬عمر أبو ريشة‪)6-7(.............................................‬‬

‫‪-‬أحمد مطر‪)7-8(...................................................‬‬

‫‪-‬هاشم الرفاعي‪)8(..................................................‬‬

‫‪-‬صالح عبد الصبور‪)8-9(.........................................‬‬

‫‪-‬عبد الوهاب البياتي‪)9(.............................................‬‬

‫‪-‬محمود درويش ‪)10-12(.............................................‬‬

‫‪-‬توفيق زياد ‪)12-13( .................................................‬‬

‫‪-‬فدوى طوقان‪)13-15(.................................................‬‬

‫‪-‬عبد الكريم الكرمي‪)15-16(...........................................‬‬

‫‪-‬إبراهيم طوقان‪)16-18(................................................‬‬

‫‪-‬حسن األمراني‪)18-19(................................................‬‬

‫‪-‬مصطفى محمد الغماري‪)20-22(......................................‬‬

‫‪-‬محمد مفلح‪)22( .......................................................‬‬

‫‪-‬شوقي البغدادي‪)23(...................................................‬‬

‫‪-‬نزار قباني‪)23-24( .....................................................‬‬

‫ب ـ فلسطين في الشعر الجزائري ‪)25-42( ............................‬‬

‫‪-‬محمد العيد آل خليفة ‪)25-27(..........................................‬‬

‫‪-‬أحمد سحنون‪)27-29(...................................................‬‬

‫‪89‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪-‬مفدي زكريا‪)29-31(.....................................................‬‬

‫‪-‬محمد األخضر السائحي‪)31-32(........................................‬‬

‫‪-‬أبو القاسم سعدهللا‪)32(..................................................‬‬

‫‪-‬محمد بلقاسم خمار‪)33-39(..............................................‬‬

‫‪-‬عزالدين ميهوبي‪)39(...................................................‬‬

‫‪-‬محمد الصالح باوية‪)40-42(.............................................‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬فلسطين في الشعر األوراسي‬
‫أ‪-‬التجليات ‪)44-59(...........................................................‬‬

‫‪-‬الحنين والغربة‪)44-46(......................................................‬‬

‫‪-‬الدعوة للكفاح والنضال‪)46-49(.............................................‬‬

‫‪-‬الرفض‪)49-51(..............................................................‬‬

‫‪-‬التحذير من المكائد‪)52-54(.................................................‬‬

‫‪-‬مخاطبة الضمير العربي الذي أضاع القضية‪)54-58(.....................‬‬

‫‪-‬التذمر من الواقع‪)58-59(...................................................‬‬

‫ب‪-‬الجانب الفني ‪)60-75(...................................................‬‬

‫‪-‬اللغة الشعرية‪)60-66(.......................................................‬‬

‫‪-‬الصورة البالغية‪)66-71(...................................................‬‬

‫‪-‬الموسيقى الشعرية‪)71-75(..................................................‬‬

‫‪-‬خاتمة ‪)77-78(..............................................................‬‬

‫‪-‬ملحق‪)80-81(...............................................................‬‬

‫‪-‬قائمة المصادر والمراجع ‪.)83-87(........................................‬‬

‫‪90‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪-‬فهرس الموضوعات‪)89(.................................................‬‬

‫‪91‬‬
‫ملخص‬

‫من أهم القضايا العربية البارزة في الشعر‬،‫تعد القضية الفلسطينية‬


‫والشاعر حسين زيدان من الذين ساهموا في مساندة القضية‬،‫الجزائري المعاصر‬
‫فوصف من خالل‬، ‫وذلك من خالل عاطفته اإلسالمية والقومية‬، ‫ونصرتها‬
‫منبها ومنددا بجرائم اليهود‬،‫قصائده الواقع الفلسطيني وما فيه من آالم ومحن‬
‫وقد استعان على توضيح مشاعره‬، ‫و تخاذل العرب عن هذه القضية‬
‫بآلية التصوير التي ساهمت في إيصال مراد الشاعر والبوح به‬،‫وأحاسيسه‬
‫الذي ال يتناسب مع حقيقة واقعه الجزائري‬،‫ورفضه لهذا الواقع البائس‬،
. ‫واإلسالمي‬

Résumé
La cause palestinienne des questions arabes les plus
importants dans la poésie contemporaine Algérie, et
poète Hussein Zidane a aidé à soutenir la cause et de le
soutenir, et à travers la passion nationale islamique
décrit à travers ses poèmes de réalité palestinienne et
de la douleur et de tribulations, d'alerte et dénonçant les
crimes juifs, et la faiblesse des Arabes sur cette
question, a été engagé pour clarifier ses sentiments et
ses sentiments mécanisme qui a contribué à la livraison
de Moradh et révélez l'imagerie, et son rejet de cette
triste réalité, qui ne correspond pas à la réalité de la
réalité algérienne et islamique.

You might also like