Professional Documents
Culture Documents
- 3الوصول إلى الحل السليم فيما يجد من ألمور ( )).اإلدارة اإلسالمية د /فوزي كمال أدهم )
هناك عالقة وطيدة بين اإلدارة والشريعة اإلسالمية ،فقد أشار القرآن الكريم بلفظة اإلدارة في قوله تعالى { :إال أن تكون
تجارة حاضرة تديرونها بينكم } (البقرة آية )282وفي السنة النبوية إشارة أخرى في حديث كعب بن عجرة -رضي هللا
عنه -أن النبي -صلي هللا عليه وسلم -قال ( :ال تقوم الساعة حتى يدير الرجل أمر خمسين امرأة ) [رواه الطبراني].
فضال عن بعض النظم واألساليب الفرعية األخرى المستمدة من القرآن الكريم ،ومن سنة نبينا القائد اإلداري الحكيم،
عليه أفضل الصالة وأزكى التسليم.
ولنستعرض أمثلة على هذه األدوات األربعة ( والمسماة بوظائف العملية اإلدارية ):
- 1التخطيط :هو عبارة عن عملية فكرية تعتمد على المنطق والترتيب والتقدير والمرونة وإيجاد البدائل ،ومن شواهده
في القرآن قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السالم" :قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إال
قليالً مما تأكلون .ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إال قليالً مما تحصنون .ثم يأتي بعد ذلك عام فيه
يغاث الناس وفيه يعصرون " [يوسف ،]49-47وبهذا التوجيه القرآني الذي هدى هللا إليه يوسف عليه السالم ،فإن
ُلزم بالتخطيط المستقبلي لتفادي النكبات واألزمات التي قد تحيط باألمة في كل مجال .ومن األحاديث النبويةالمسلم م َ
الدالَّة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل حتى يحمي اإلنسان نفسه و َمنْ تحت واليته قوله صلى هللا عليه وسلم
لسعد بن أبي وقاص -رضي هللا عنه..." :-إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس )...وأيضًا
قوله لألعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون أن يعقلها" :اعقلها وتوكل" ،وفي هذا الحديث إشارة لإلداري المسلم
بأن يربط التوكل على هللا باالحتياط والتخطيط الذي ال يتنافى مع التوكل ،وال مع القضاء والقدر.
- 2التنظيم :هو بيان وتحديد الهيكل الذي تنتظم فيه عالقات السلطة والمسؤولية وهو كيان حي متحرك والبد من إعداده
ليتالءم دائمًا مع المتغيرات الداخلية والخارجية ،وهو ما جاء به اإلسالم قال تعالى { :أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا
بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } [الزخرف ،]23 :وهذا غاية في التنظيم ،فهو تنظيم
الكون والحياة بأجمعها .ونجد في قدوم النبى -صلى هللا عليه وسلم -أولى خطوات التنظيم وهي المؤاخاة حيث قال:
(تآخوا في هللا أخوين أخوين) فآخى بين المهاجرين واألنصار ليكونوا نوا ًة لتنظيم المجتمع.
- 3التوجيه :هو القدرة على السير الصحيح مع الموظفين ،وهدايتهم وتوجيههم مع إيجاد روح الود والحب والرضى
واالنتماء للعمل .ولقد اعتنى اإلسالم بالتوجيه وأواله رعاية خاصة لشحذ الهمم ،فمن ذلك قوله تعالى{ :ولو كنت ً
فظا
غليظ القلب النفضوا من حولك }[آل عمران ،]159 :وهذا توجيه أعلى للقائد والحاكم ،وكذلك قوله تعالى{ :وأن تعفوا
أقرب للتقوى وال تنسوا الفضل بينكم}[البقرة ،]237 :وهذا توجيه عام للمحكومين والعامة.
-4الرقابة :هي عملية مالحظة نتائج األعمال التي سبق تخطيطها ومقارنتها مع األهداف التي كانت محددة واتخاذ
اإلجراءات التصحيحية لعالج االنحرافات ،وهي غاية األمر ومنتهاه ،فبعد التطبيق الكامل يأتي دور التأكد من أن تنفيذ
األهداف المطلوب تحقيقها في العملية اإلدارية تسير سيرً ا صحيحً ا حسب الخطة والتنظيم والتوجيه ،ولعل اإلداري المسلم
المؤمن هو المدرك حق اإلدراك حقيقة الرقابة ،والعمل على إنفاذها سواء على نفسه أو على غيره ،ومن شواهد الرقابة
في القرآن الكريم قول هللا تعالى { :وقل اعملوا فسيرى هللا عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة
فينبئكم بما كنتم تعملون } وقوله عز وجل{ :ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد} ومن السنة النبوية حديث جبريل عليه
السالم ...( :فأخبرني عن اإلحسان؟ فقال صلى هللا عليه وسلم :أن تعبد هللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك...
الحديث) ،sوهذا من أعظم أنواع الرقابة الذاتية ،وهنا يتفاضل الناس ليس فقط بمقدار ما يحملونه من (علوم) اإلدارة ،بل
أيضً ا بمقدار ما يُجيدونه من (فنونها) وأساليب تطبيقه " .من موقع المجلة العربية "
لقد ظهرت فكرة التخطيط منذ تأسيس الدولة اإلسالمية األولى في المدينة المنورة على يد الرسول الكريم ،فقد حدد صلى
هللا عليه وسلم األهداف وأولوياتها ،واالحتياجات الالزمة لتحقيق هذه األهداف وف ًقا للسياسات التي نزلت بها الشريعة
السمحة ،وقد تم حصر اإلمكانات المادية والبشرية المتوافرة آنذاك للعمل على استكمالها من أجل تحقيق أهداف الدولة
الناشئة.
ومن َث َّم يمكن القول بأن إدارة الدولة اإلسالمية لم تكن تتبع األساليب العشوائية ،وإنما كانت تتم بأسلوب علمي
وموضوعي بأخذ األسباب لمواجهة توقعات المستقبل.
ً
تخطيطا شامالً لمجاالت الحياة كافة )).موقع مفكرة اإلسالم ولقد كان التخطيط آنذاك
لقد أدخلت النظرية اإلسالمية بعدا اجتماعيا مهما ومؤثرا في السلوك اإلداري داخل المنظمة ،وهو البعد األخالقي .فال
إدارة في اإلسالم بال أخالق ،كما أنه ال يوجد مجتمع إسالمي بال أخالق.
اإلدارة العامة هي تلك المعنية بإدارة شؤون الدولة ،ويرى د .أحمد سلمان في ورقته التي قدم فيها مقارنة بين الفكر
الغربي والفكر اإلسالمي في اإلدارة العامة -المؤتمر العربي الرابع ،للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية والذي عقد بالقاهرة
،-يرى أن اإلدارة العامة اإلسالمية محورها األساسي العقيدة واإليمان ،وبهما يتجاوز الفرد المسلم المنافع الشخصية
والدنيوية إلى سعة التكليف الرباني الذي جعل الحياة كلها هلل ،وأن غاية خلق اإلنسان هي العبادة والخالفة في األرض
تحقيقا ً لقوله تعالى" :وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون ( )56ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (")57
(الذاريات )
أما الفكر الغربي فإنه يعالج المشكلة اإلدارية في إطار نظريات ذات نظرة تعتمد على المنافع الشخصية أو الجماعية ،أو
المنافع المشتركة في إطار العالقات بين الدول دون أدنى نظرة للدين أو العقائد.
ومن خالل المقارنات نجد أن اإلدارة العامة اإلسالمية تتميز عن نظيرتها المعاصرة بثالث خصال هي:
-1اإلدارة العامة اإلسالمية تسعى بصفة أساسية لخدمة األهداف المشروعة من خالل أنشطتها الخدمية والسلعية المباحة،
ويحكمها في ذلك اإليمان والعقيدة الربانية.
- 2يؤدي المكلف بالعمل في اإلدارة اإلسالمية واجبه على أساس أنه قيمة إيمانية يسعى من خاللها للعبادة.
- 3التعامل في اإلدارة اإلسالمية يتم على أساس األخوة اإلسالمية ،والمساواة ،واحترام إنسانية العامل ،ونوع العمل
الذي يؤديه.