You are on page 1of 2

‫اهتمام اإلسالم باإلدارة‬

‫تجلت معاني اإلدارة اإلسالمية في الصور اآلتية‪:‬‬

‫‪ - 1‬التعاون في الوصول إلى حكم الشرع‪.‬‬

‫‪ - 2‬محاولة كشف األخطاء المالزمة لإلدارة‪.‬‬

‫‪ - 3‬الوصول إلى الحل السليم فيما يجد من ألمور‪ ( )).‬اإلدارة اإلسالمية د ‪ /‬فوزي كمال أدهم )‬

‫هناك عالقة وطيدة بين اإلدارة والشريعة اإلسالمية‪ ،‬فقد أشار القرآن الكريم بلفظة اإلدارة في قوله تعالى‪ { :‬إال أن تكون‬
‫تجارة حاضرة تديرونها بينكم } (البقرة آية ‪)282‬وفي السنة النبوية إشارة أخرى في حديث كعب بن عجرة ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلي هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪ ( :‬ال تقوم الساعة حتى يدير الرجل أمر خمسين امرأة ) [رواه الطبراني]‪.‬‬

‫ونجد أن أدوات اإلدارة الرئيسة هي‪:‬‬

‫‪ -1‬التخطيط‪ -2 .‬التنظيم‪ -3 .‬التوجيه‪ -4 .‬الرقابة‪.‬‬

‫فضال عن بعض النظم واألساليب الفرعية األخرى المستمدة من القرآن الكريم‪ ،‬ومن سنة نبينا القائد اإلداري الحكيم‪،‬‬
‫عليه أفضل الصالة وأزكى التسليم‪.‬‬

‫ولنستعرض أمثلة على هذه األدوات األربعة ( والمسماة بوظائف العملية اإلدارية )‪:‬‬

‫‪ - 1‬التخطيط‪ :‬هو عبارة عن عملية فكرية تعتمد على المنطق والترتيب والتقدير والمرونة وإيجاد البدائل‪ ،‬ومن شواهده‬
‫في القرآن قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السالم‪" :‬قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إال‬
‫قليالً مما تأكلون‪ .‬ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إال قليالً مما تحصنون‪ .‬ثم يأتي بعد ذلك عام فيه‬
‫يغاث الناس وفيه يعصرون " [يوسف ‪ ،]49-47‬وبهذا التوجيه القرآني الذي هدى هللا إليه يوسف عليه السالم‪ ،‬فإن‬
‫ُلزم بالتخطيط المستقبلي لتفادي النكبات واألزمات التي قد تحيط باألمة في كل مجال‪ .‬ومن األحاديث النبوية‬‫المسلم م َ‬
‫الدالَّة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل حتى يحمي اإلنسان نفسه و َمنْ تحت واليته قوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫لسعد بن أبي وقاص‪ -‬رضي هللا عنه‪..." :-‬إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس‪ )...‬وأيضًا‬
‫قوله لألعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون أن يعقلها‪" :‬اعقلها وتوكل"‪ ،‬وفي هذا الحديث إشارة لإلداري المسلم‬
‫بأن يربط التوكل على هللا باالحتياط والتخطيط الذي ال يتنافى مع التوكل‪ ،‬وال مع القضاء والقدر‪.‬‬

‫‪ - 2‬التنظيم‪ :‬هو بيان وتحديد الهيكل الذي تنتظم فيه عالقات السلطة والمسؤولية وهو كيان حي متحرك والبد من إعداده‬
‫ليتالءم دائمًا مع المتغيرات الداخلية والخارجية‪ ،‬وهو ما جاء به اإلسالم قال تعالى‪ { :‬أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا‬
‫بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } [الزخرف‪ ،]23 :‬وهذا غاية في التنظيم‪ ،‬فهو تنظيم‬
‫الكون والحياة بأجمعها‪ .‬ونجد في قدوم النبى ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أولى خطوات التنظيم وهي المؤاخاة حيث قال‪:‬‬
‫(تآخوا في هللا أخوين أخوين) فآخى بين المهاجرين واألنصار ليكونوا نوا ًة لتنظيم المجتمع‪.‬‬

‫‪ - 3‬التوجيه‪ :‬هو القدرة على السير الصحيح مع الموظفين‪ ،‬وهدايتهم وتوجيههم مع إيجاد روح الود والحب والرضى‬
‫واالنتماء للعمل‪ .‬ولقد اعتنى اإلسالم بالتوجيه وأواله رعاية خاصة لشحذ الهمم‪ ،‬فمن ذلك قوله تعالى‪{ :‬ولو كنت ً‬
‫فظا‬
‫غليظ القلب النفضوا من حولك }[آل عمران‪ ،]159 :‬وهذا توجيه أعلى للقائد والحاكم‪ ،‬وكذلك قوله تعالى‪{ :‬وأن تعفوا‬
‫أقرب للتقوى وال تنسوا الفضل بينكم}[البقرة‪ ،]237 :‬وهذا توجيه عام للمحكومين والعامة‪.‬‬

‫‪ -4‬الرقابة‪ :‬هي عملية مالحظة نتائج األعمال التي سبق تخطيطها ومقارنتها مع األهداف التي كانت محددة واتخاذ‬
‫اإلجراءات التصحيحية لعالج االنحرافات‪ ،‬وهي غاية األمر ومنتهاه‪ ،‬فبعد التطبيق الكامل يأتي دور التأكد من أن تنفيذ‬
‫األهداف المطلوب تحقيقها في العملية اإلدارية تسير سيرً ا صحيحً ا حسب الخطة والتنظيم والتوجيه‪ ،‬ولعل اإلداري المسلم‬
‫المؤمن هو المدرك حق اإلدراك حقيقة الرقابة‪ ،‬والعمل على إنفاذها سواء على نفسه أو على غيره‪ ،‬ومن شواهد الرقابة‬
‫في القرآن الكريم قول هللا تعالى‪ { :‬وقل اعملوا فسيرى هللا عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة‬
‫فينبئكم بما كنتم تعملون } وقوله عز وجل‪{ :‬ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد} ومن السنة النبوية حديث جبريل عليه‬
‫السالم‪ ...( :‬فأخبرني عن اإلحسان؟ فقال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أن تعبد هللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‪...‬‬
‫الحديث)‪ ،s‬وهذا من أعظم أنواع الرقابة الذاتية‪ ،‬وهنا يتفاضل الناس ليس فقط بمقدار ما يحملونه من (علوم) اإلدارة‪ ،‬بل‬
‫أيضً ا بمقدار ما يُجيدونه من (فنونها) وأساليب تطبيقه‪ " .‬من موقع المجلة العربية "‬

‫بداية النهضة اإلسالمية في اإلدارة وقصة تطوره‪:‬‬

‫لقد ظهرت فكرة التخطيط منذ تأسيس الدولة اإلسالمية األولى في المدينة المنورة على يد الرسول الكريم‪ ،‬فقد حدد صلى‬
‫هللا عليه وسلم األهداف وأولوياتها‪ ،‬واالحتياجات الالزمة لتحقيق هذه األهداف وف ًقا للسياسات التي نزلت بها الشريعة‬
‫السمحة‪ ،‬وقد تم حصر اإلمكانات المادية والبشرية المتوافرة آنذاك للعمل على استكمالها من أجل تحقيق أهداف الدولة‬
‫الناشئة‪.‬‬

‫ومن َث َّم يمكن القول بأن إدارة الدولة اإلسالمية لم تكن تتبع األساليب العشوائية‪ ،‬وإنما كانت تتم بأسلوب علمي‬
‫وموضوعي بأخذ األسباب لمواجهة توقعات المستقبل‪.‬‬
‫ً‬
‫تخطيطا شامالً لمجاالت الحياة كافة‪ )).‬موقع مفكرة اإلسالم‬ ‫ولقد كان التخطيط آنذاك‬

‫لقد أدخلت النظرية اإلسالمية بعدا اجتماعيا مهما ومؤثرا في السلوك اإلداري داخل المنظمة‪ ،‬وهو البعد األخالقي‪ .‬فال‬
‫إدارة في اإلسالم بال أخالق‪ ،‬كما أنه ال يوجد مجتمع إسالمي بال أخالق‪.‬‬

‫اإلدارة العامة في الفكر اإلسالمي‬

‫اإلدارة العامة هي تلك المعنية بإدارة شؤون الدولة‪ ،‬ويرى د‪ .‬أحمد سلمان في ورقته التي قدم فيها مقارنة بين الفكر‬
‫الغربي والفكر اإلسالمي في اإلدارة العامة ‪ -‬المؤتمر العربي الرابع‪ ،‬للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية والذي عقد بالقاهرة‬
‫‪ ،-‬يرى أن اإلدارة العامة اإلسالمية محورها األساسي العقيدة واإليمان‪ ،‬وبهما يتجاوز الفرد المسلم المنافع الشخصية‬
‫والدنيوية إلى سعة التكليف الرباني الذي جعل الحياة كلها هلل‪ ،‬وأن غاية خلق اإلنسان هي العبادة والخالفة في األرض‬
‫تحقيقا ً لقوله تعالى‪" :‬وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون (‪ )56‬ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (‪")57‬‬
‫(الذاريات )‬
‫أما الفكر الغربي فإنه يعالج المشكلة اإلدارية في إطار نظريات ذات نظرة تعتمد على المنافع الشخصية أو الجماعية‪ ،‬أو‬
‫المنافع المشتركة في إطار العالقات بين الدول دون أدنى نظرة للدين أو العقائد‪.‬‬

‫ومن خالل المقارنات نجد أن اإلدارة العامة اإلسالمية تتميز عن نظيرتها المعاصرة بثالث خصال هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلدارة العامة اإلسالمية تسعى بصفة أساسية لخدمة األهداف المشروعة من خالل أنشطتها الخدمية والسلعية المباحة‪،‬‬
‫ويحكمها في ذلك اإليمان والعقيدة الربانية‪.‬‬
‫‪ - 2‬يؤدي المكلف بالعمل في اإلدارة اإلسالمية واجبه على أساس أنه قيمة إيمانية يسعى من خاللها للعبادة‪.‬‬
‫‪ - 3‬التعامل في اإلدارة اإلسالمية يتم على أساس األخوة اإلسالمية‪ ،‬والمساواة‪ ،‬واحترام إنسانية العامل‪ ،‬ونوع العمل‬
‫الذي يؤديه‪.‬‬

You might also like