Professional Documents
Culture Documents
تُع ّد ظاهرة التسوّل ظَاهرةً عالميّةً ال تختصُّ بوط ٍن بعينه ،بل هي ُمنتشرةٌ في ك ّل بُلدان العالم الفقيرة والغنيّة ،ويُعر ُ8
َّف
اإلنسان الما َل من األشخاص في ُّ
الطرق العامة ،عبر استِخدام ع ّدة َوسائل 8الستثارة َشفَقة الناس ِ التّسول بأنّه طَلبُ
َوعطفهم .ويُع ّد أح َد أبرز األمراض االجتماعية ال ُمنتشرة الذي ال يخلو منها ُمجتمع حول العالم .يُعرّفُ ال ّشخصُ
المتس ِّول بأنّه الشخص الذي يطلبُ من النّاس اإلحسان ،عبر َم ّد يده لهم وطلب الرزق سوا ًء أكان في المحالت أو
الطّرق العامة.
التسول
ُّ أنواع
تس ّو ٌل مباشر :يُس ّمى أيضا ً بالتسوّل الظّاهر وهو التسوّل الصّريح الذي يطلبُ فيه المتسوّل المال ويتم عن طريق8
ت ُمعيّنة كعبارات ال ّدعاء
إظهار عاه ٍة ُمعيّنة لديه ،أو ترديد عبارا ٍ
ِ ارتداء مالبس ممزقّة ومتّسخة أو م ّد يده للمارة أو
التي تستثير 8عاطفة الناس أو الجمع بين أكثر من وسيلة منها .
تس ّول غير مباشر :يُس ّمى أيضا ً بالتسوّل غير الظّاهر أو ال ُمقنّع ،وهو أن يستتر 8ال ُمتسوّل خلفَ خدمات رمزيّة يق ّدمها
لشراء بعض السِّلع الخفيفة كالمناديل الورقية أو ُممارسة عمل خفيف كمسح زجاج السيّارات أو
للناس ؛كدَعوتهم ِ
األحذية وغيرها.
ي :هو التسوّل الذي يُجبر فيه المتس ّول على ممارسة هذا الفعل كحاالت إجبار األطفال على ذلك.
تس ّول إجبار ّ
ي :هو التسوّل الذي ال يَكون فيه المتس ّول 8مضط ّراً لشيء سوى 8رغبته في كسب المال .تسوّل موسم ّي:
تس ّول اختيار ّ
هو التسوّل الذي يكونُ في ال ُمناسبات والمواسم 8فقط كمواسم األعياد وشهر 8رمضان.
تس ّول عارض :هو التسوّل الذي يكونُ طارئا ً وعابِراً لحاجة ماسّة حلّت للشخص؛ كال ّشخص الذي ض ّل طريقه أو
ُ
حيث ينتهي هذا النّوع من التسوّل بانتهاء حاجة الشخص ال ُمتسوّل8. أضاع أمواله في الغربة،
تسول الشخص القادر :هو التسوّل الذي يُمارسه ال ّشخص ال ُمقتدر على العمل والكسب ،لكنّه يُحبّذ التسول.
ُ
حيث يوض ُع في دور تس ّول غير القادر :هو التسّول الذي يُمارسه ال ّشخص العاجز أو المريض والمتخلّف عقلياً؛
الرعاية ال ُمخصّصة له حين القبض عليه.
ُ
حيث يُسهّل غطاء التسوّل على المتسوّل ُممارسة تس ّول الجانح :هو التسّول الذي تُصاحبه أفعا ٌل إجرامية كالسّرقة؛
هذه األفعال اإلجرامية.
التسول
ُّ أشكال
يَستخد ُم ال ُمتسوّلون أشكاالً ُمختلفةً للقيام بالتسوّل ،ويتّخذون كثيراً من الطرق 8والحيل للحصو ِل على المال
ويتفنّنون في ذلك ،ومن هذه األشكال:
إظها ُر الحاجة الماسّة للناس عبر البكاء ،كأن يَ ّدعي المتس ِّول أنّه عاب ُر سبيل ضاع ماله أو نفد ،فيطلب من
الناس المساعدة.
بعض األمراض والعاهات غير الحقيقية عبر الخداع والتّمويه؛ كاستخدام المستحضرات التجميلية
ِ انتحا ُل
مثالً الستثارة عواطف الناس.
مشروع 8خيري كبنا ِء المساجد أو المدارس ونحوها.
ٍ طلبُ التّبرعات؛ ألج ِل
ت ُمبهمة؛ لكسب ا ّدعاء الشخص إصابته بالخلل العقل ّي عبر التلفّظ بعبارا ٍ
ت غير مفهومة أو التلويح بإشارا ٍ
َشفقة النّاس وأموالهم.
صةً األطفال الذين يُعانون من خل ٍل أو إعاقة ُمعيّنة إلى أماكن ُمعيّنة يرتادها الناس
اصطحاب األطفال خا ّ
بكثرة كالمساجد 8واألسواق؛ لكسب عواطف الرّحمة والعطف لدى الناس.
ُ
حيث يقومون بعمل عاهات استئجار أطفا ٍل واستخدامهم 8كوسيلة للتسول مع دفع مقاب ٍل ألسرة الطفل؛
ُمصطنعة لألطفال غالبا ً ما تكون باستخدام أطراف 8صناعية مشوّهة.
استغالل مشاعر النّاس وعطفهم عبر إظهار 8وثائق رسميّة وصكوك غير حقيقيّة لحوادث وهميّة يَلزم دفعها
كفواتير الماء والكهرباء ،أو وصفات األدوية.
أسباب التسول
الحاجة والضرورة ،فعلى الرغم من أن الحاجة والفقر الشديد قد يكون سببا ً للمتسولين النتهاج هذا المسلك لطلب
الرزق والمال في حياتهم ،إال أنه ال يعد بالتأكيد عذراً مشروعا ً للتسول.
سهولة سلك التسول في تحصيل المال ،فكثير 8من المتسولين يرون أن هذا المسلك والطريق 8في تحصيل المال يعتبر
ميسراً وسهالً ،وال يحتاج إلى إعداد أو جهد بدني ،وأغرى هذا األمر كثيراً من المتسولين النتهاج مسلك التسول،
وأدى إلى شيوع هذه الظاهرة االجتماعية الخطيرة .نظرة الناس إلى المتسولين ،فعلى الرغم من تحذير الدعاة
والعلماء من ظاهرة التسول والمتسولين ،والنهي المتكرر عن دفع األموال لهم ،إال أن كثيراً من الناس تجده يدفع
األموال إلى هؤالء المتسولين ،مما يشجعهم 8على انتهاج هذا المسلك في الحياة ،وترك اتباع السبل األخرى الصحيحة
في تحصيل الرزق والمال الحالل .تهاون السلطات في الحد من هذه الظاهرة ،حيث أغرى تقاعس السلطات عن تنفيذ
مسؤولياتها في الرقابة على هذه الظاهرة ،ومحاسبة من يقف وراءها إلى انتشارها وشيوعها 8في مجتمعاتنا8.
عدم وجود مظلة أمان اجتماعي تحمي الفقراء والمحتاجين 8وتسد احتياجاتهم.
ألن الشريعة اإلسالمية شريعة شاملة ،ولم تغفل معالجة أي قضية من قضايا المجتمع المسلم ،ومن بينها ظاهرة
التسول وسؤال الناس ،فقد وضع النبي عليه الصالة والسالم 8منهجا ً واضحا ً يقضي على هذه الظاهرة حينما حث على
طلب الرزق بالسعي والكد والعمل بعيداً عن التعطل والتواكل على الغير ،وفي 8الحديث النبوي الشريف( :ألن
سأل أَ َحدًا ،فيُعطيَه أو يمن َعه) [صحيح البخاري] ،كما تحدث عن
ظهره ،خي ٌر من أن يَ َ
ِ حتطب أحدُكم حُز َمةً على
َ يَ
صورة من يسأل الناس كثيراً في الدنيا حين قال( :ال تزا ُل المسألةُ بأحدكم حتى يَ ْلقى هللاَ ،وليس في وج ِهه ُم ْز َعةُ ٍ
لحم)
[صحيح مسلم].
القضاء على ظاهرة التسول يستدعي تضافر 8جميع فئات المجتمع من أفراد 8ومؤسسات وسلطات ،كل على حسب
مسؤولياته ،فالفرد عليه مسؤولية ذاتية في أن يسعى للعمل حتى لو كان هذا العمل متعبا ً أو ال يناسب مؤهالته ،وعلى
المؤسسات المختلفة؛ ومنها :المؤسسات الدينية ،والعلماء ،والدعاة مسؤولية توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة
وسلبياتها ،وعلى السلطات أن تقوم بمسؤولياتها أيضا في القضاء على هذه الظاهرة من خالل تفعيل صندوق الزكاة
الذي يسد حاجات الفقراء والمساكين ،والقبض على العصابات التي تقف وراء المتسولين الصغار.