You are on page 1of 404

‫‪ ١٤٤٢‬ﻫـ ‪ ٢٠٢١ -‬م‬

‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬


‫‪1‬‬

‫ف مِنن‬ ‫ول ا ْل ِف ْقه‪َ ،‬و َذل ِ َك مؤ َّل ٌ‬


‫أص ِ‬ ‫ول من ُ‬ ‫تشتَمل على ُف ُص ٍ‬ ‫ات ْ‬ ‫َه ِذه َو َر َق ٌ‬
‫ُج ْزأ ْين ُم ْفر َد ْين‪َ ،‬ف ْاْلَ ْصل َما ُبنِي َع َل ْي ِنه ََينره َوا ْلفنرَ َمنا ي ْننى علنى ََينره‪،‬‬
‫الش ْر ِع َّية ا َّلتِي طري ُقها ِاِل ْجتِ َهاد‪.‬‬ ‫َوا ْل ِف ْقه‪ :‬معر َفة ْاْلَ ْح َكام َّ‬

‫نن‪َ ،،‬وا ْل َمنْننُُ ُ‬ ‫َو ْاْلَ ْح َكننام نن ْ َعة‪ :‬ا ْل َو ِ‬


‫والمُ ُ ُ‬
‫ننور‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫نناح‪،‬‬
‫وو‪ ،‬والم َ ُ‬ ‫اج ُ‬ ‫َ‬
‫يح‪َ ،‬وا ْل َاطِ ُل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصُ ُ‬ ‫َوا ْل َم ْك ُرو ُه‪َ ،‬و َّ‬
‫ات‪َ ،‬وإِن ََّما ل ِ ُك ِّل ا ْم ِر ٍئ َما ن ََوى‪َ ،‬ف َم ْن كَان َْت‬ ‫قال ‪« :‬إِنَّما ْاْلَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه َف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه‪َ ،‬و َم ْن كَان َْت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى‬
‫اج َر إِ َل ْي ِه»‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُد ْن ًيا ُيصي ُ َها َأ ْو ا ْم َر َأة َينْك ُُ َها َف ِه ْج َر ْت ُه إِ َلى َما َه َ‬
‫هننو كتنناو‬ ‫أمنا بعننُ‪ :‬فهننذا الكتنناو الننذر نتُار ننه م هننذا المجلن‬
‫[الورقات] ْلبي المعنالي ع نُ الملنك بنن ع نُ اهَّلل بنن يو نف الجنويني‬
‫الشافعي الشهير بإمام الُرمين‪ ،‬وق ل أن نتذاكر فصول هذا الكتناو فإننه‬
‫يُسن ْ‬
‫أن ن ُأ بمقُمة تتضمن التعريف بمؤلفه وبمنهجه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪2‬‬
‫تعريف المؤ ِّلف‪:‬‬
‫فمؤ ِّلف هذا الكتاو هو ع ُ الملك بن ع ُ اهَّلل بن يو نف الجنويني‬
‫الشننافعي‪ ،‬وهننو مننن أامننة الشننافعية وكننلااه ‪ ،‬و ُيل َّقنن‪ ،‬بإمننام الُننرمين‪،‬‬
‫والس ‪ ،‬م تلقي ه بذلك‪:‬‬
‫ٍ‬
‫نوات يُرس ويناظر‪.‬‬ ‫‪ -1‬قيل‪ :‬إنَّه جاور الُرمين أربع‬
‫‪ -2‬وقيل‪ :‬بل جاور م أحُهما وإنما ُل ِّق‪ ،‬بإمنام الُنرمين منن بناو‬
‫الس ْكي م [ط قات الشافعية الكلى]‪.‬‬
‫التغلي‪ ،،‬وهذا ذكره ابن ُ‬
‫وإذا قال الشافعية م كت ه الفقهية‪" :‬قال اإلمام" فيريُون بذلك أبنا‬
‫المعالي الجويني‪ ،‬بخالف أ َّما إذا قالوا م كت ه اْلصولية‪" :‬قال اإلمام"‬
‫فيقصُون بذلك الفخر الرازر صناح‪[ ،‬المُسنوم]‪ ،‬وهنذا ينُل علنى‪:‬‬
‫علو كع‪ ،‬الجويني عنُ الشافعي‪ ،‬فلهذا يلق ونه باإلمام‪.‬‬
‫وقُ أخذ العل عن علماء كثينرين منن أبنرزه ع نُ اهَّلل بنن يو نف‪،‬‬
‫شنراح كتناو [ر نالة الشنافعي] فلنه‬
‫أيضنا منن أامنة الشنافعية ومنن َّ‬
‫وهو ً‬
‫نُون م أصنول الفقنه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كتناو ُم َّ‬ ‫شرح على ر الة الشنافعي التني هني أول‬
‫ٌ‬
‫ولكن هذا الشرح كساار شروح الر الة ويا لأل ف ِل ُيع َل عنه شيء‪.‬‬
‫ومن مشايخه‪ :‬ال يهقي اإلمام الفقينه‪ ،‬المُنُ ‪ ،‬الشنافعي‪ ،‬الشنهير‪،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من اْلخذ عنه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فقُ أكثر ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪3‬‬
‫وكننان الجننويني قننُ ُولننُ م نننة تسننع عشننرة وأربعمااننة‪ ،‬وتصننَُّ ر‬
‫للتُري م ننة تسنع وثالثنين وأربعماانة‪ ،‬وهنذا ينُل علنى أننه اشنتغل‬
‫ٍ‬
‫زمان م ِّكر من حياته‪.‬‬ ‫بالتعلي م‬
‫ٍ‬
‫عميق‪ ،‬وكان من أشهره أبنو حامنُ‬ ‫وأق ل عليه التالميذ من كل فجٍ‬
‫وخمسمااة من هجرة الن ي ‪.‬‬ ‫الغزالي الشافعي المتوىف م نة خم‬
‫عج ًا بأبي المعالي الجنويني‪ ،‬حتنى إن الغزالني أ َّلنف‬
‫وكان الغزالي ُم َ‬
‫م بُاية ش ابه كتا ًبا م اْلصنول نماه [المنقنول منن تعليقنات اْلصنول]‬
‫ضمنه آراء شيخه أبي المعالي الجويني‪ ،‬ولما فرغ منه جاء‬
‫ّ‬
‫إلى شيخه أبي المعالي وعرضه عليه‪ ،‬فقال له أبو المعنالي‪" :‬دفنتنني‬
‫ضمن آراءه فيه‪ ،‬فكان أبو حامُ‬
‫وأنا حي‪ ،‬هال تركتني حتى أموت"؛ ْلنه َّ‬
‫الغزالي ُمعج ًا بشيخه أبي المعالي الجويني‪.‬‬
‫كثينر جنًُ ا منن طنالو العلن ‪ ،‬فهنذا ينُل‬
‫جمنع ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فكان يُضر درو ه‬
‫على ن اهته وارتفاَ شأنه ‪-‬ر ِحمنه اهَّلل‪ ،-‬وأ ّلنف مؤ َّل ٍ‬
‫فنات كثينرة م أصنول‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫الفقه وم َيره من الفنون‪.‬‬
‫ٌ‬
‫جلينل‬ ‫كتناو‬
‫ٌ‬ ‫ومن أبرز مؤ َّلفاته كتاو [اللهان م أصول الفقه] وهو‬
‫جننًُ ا‪ ،‬قننُ صنناَه بأريقننة أصننولية أدبيننة‪ ،‬وبننال ابننن السن كي م [ط قننات‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪4‬‬
‫الشافعية] فوصف هذا الكتاو بأنَّه لغز اْلمة؛ وذلنك إشنارة إلنى صنعوبة‬
‫هذا الكتاو‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪5‬‬
‫بتلك الصعوبة التي أشار‬ ‫وهذا الوصف فيه م الغة‪ ،‬فإن الكتاو لي‬
‫اهَّلل‪ -‬وإنما هو كساار كت‪ ،‬اْلصول اْلخرى‪ ،‬إِل‬ ‫ِ‬
‫لها ابن الس كي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أنننه يتميننز بصننياَة أدبيننة رااقننة رفيعننة‪ ،‬وهننذا الكتنناو اشننتغل بننه علمنناء‬
‫المالكية وشرحوه مع أن أبا المعالي الجويني على مذه‪ ،‬الشافعي‪.‬‬
‫والس ‪ ،‬م ذلك أمران‪:‬‬
‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ :‬أن الشافعية مع ما ْلبي المعالي الجنويني منن مكاننة‬
‫لُيه إِل أنه شغله عنه تلميذه أبنو حامنُ الغزالني‪ ،‬فاشنتغلوا بُرا نة‬
‫كت ه وقراءهتا‪.‬‬
‫‪ -‬الس ‪ ،‬الثاين‪ :‬أن المالكينة اشنتغلوا بشنرح هنذا الكتناو منن بناو‬
‫الننرد علننى أبنني المعننالي الجننويني؛ ْلنننه نننال مننن مننذه ه م [المصننلُة‬
‫المر لة] وم [إجماَ أهل المُينة]‪.‬‬
‫نرح ُيسن َّنمى [إيضنناح المُصننول مننن برهننان‬
‫ومننن هننذه الشننروح شن ٌ‬
‫نازرر ‪ -‬بفننتح الننزار – المالكيننة‪ ،‬المننازرر‬
‫اْلصننول] ْلبنني ع ننُ اهَّلل المن َ‬
‫بكس ِرها كالهما جااز‪ ،‬وقُ ط ع ط ع ًة ُمُ َق َق ٌة هي أشن ه منا‬
‫بفتح الزار أو ْ‬
‫يكون بالمخأوط‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪6‬‬
‫أيضننا‪[ :‬التُقيننق وال يننان] ْلبنني الُسننن اْلبيننارر‬
‫ومننن شننروحه ً‬
‫المالكي‪ ،‬وقُ ح َّقق م ر الة علمية ول يخرج إلنى انن‪ ،‬وهنذا الكتناو‬
‫وهو [اللهان] ُيعت َر من أعمُة كت‪ ،‬أصول الفقه وأشهرها‪.‬‬
‫م أصنول الفقنه] وقنُ‬ ‫أيضنا كتناو [التلخني‬
‫ومن كت نه اْلصنولية ً‬
‫ناقالين‪ ،‬فننإذا أردت أن‬
‫فيننه أبننو المعننالي الجننويني آراء القاضنني ال ن َّ‬ ‫َّ‬
‫لخن‬
‫] ْلبي المعنالي‬ ‫تتعرف على آراء القاضي ال اقالين‪ ،‬فإن كتاو [التخلي‬
‫الجويني م ن ٌة لذلك‪.‬‬
‫أيضنننا هنننذا الكتننناو النننذر نتُار نننه وهنننو‬
‫ومنننن كت نننه اْلصنننولية ً‬
‫كتاو مشنهور‬
‫[الورقات] و يأيت الُُيث عنه بعُ قليل إن شاء اهَّلل‪ ،‬وله ٌ‬
‫م الفقننه ا ننمه [هنايننة المألنن‪ ،‬م درايننة المننذه‪ ]،‬وهننو مننن أكننل كتنن‪،‬‬
‫الشافعية وأج َّلها‪ ،‬وِل يزال مخأو ًطا‪.‬‬
‫وقُ اشتغل أبو المعالي الجويني م ُج ِّل حياته بعلن الكنالم‪ ،‬ولكننه‬
‫نارات‬
‫ٌ‬ ‫نُم على ذلك ورجع إلى عقيُة أهنل الُنُيث م الجملنة‪ ،‬ولنه ع‬
‫اهَّلل‪ -‬م [درء‬ ‫ِ‬
‫شننهيرة م هننذا نقلهننا شنني اإل ننالم ابننن تيميننة ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫التعارض] وَيره‪ ،‬وقُ ُتوم م نة ثمان و عين وأربعمااة‪.‬‬
‫وأمنا كتابننه الننذر بننين يننُينا وهننو [الورقننات] فهننو مقُمن ٌة وجيننزة م‬
‫للُِللة على صغر حجمه وقلته؛ ّ‬
‫ْلن‬ ‫أصول الفقه‪ ،‬وقُ ُ ِّمي هبذا اِل‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪7‬‬
‫كلمة "ورقات" جمع مؤنث نال ‪ ،‬وجمنع المؤننث السنال ُيعتنل عننُ‬
‫ي ويه من جموَ القلة‪ ،‬إِل إذا دخلت عليه (أل) اِل تغراقية أو أضيف‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ِل يكون من جموَ القلة وإنما يكون من جموَ الكثرة‪.‬‬ ‫فإنه‬

‫وذلك كقوله تعالى‪{ :‬إِنَّ الْمُسْلِمممَ َالْمُسْلِممِ}م ‪ ،‬فنن {الْمُسْلِممِ}م‬


‫جمننع مؤنننث ننال ‪ ،‬دخلننت (أل) اِل ننتغراقية فيننُل علننى الكثننرة؛ ْلنننه‬
‫دخلت عليه (أل) اِل تغراقية‪.‬‬
‫وع َّر هبذا الجمع وهنو جمنع المؤننث السنال لتنشنيب طالن‪ ،‬العلن‬
‫ٌ‬
‫مسنلك تربنور قنرآين‪ ،‬وذلنك كمنا م‬ ‫على درا ة هنذا المختصنر‪ ،‬وهنذا‬

‫قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪ -‬م آيننات الصننيام‪{ :‬أَيَِّمًللِ مدْ لٍََُا} مننع ّ‬
‫أن‬
‫شهر كامل‪ ،‬فع َّر المصننف بقولنه‪( :‬ورقنات) منن بناو التسنهيل‬
‫رمضان ٌ‬
‫على طال‪ ،‬العل ‪ ،‬وتنشيأه على درا ة هذا الكتاو‪.‬‬
‫مسلك لكه بعض العلماء‪ ،‬حتى إن بعضه أ َّلف كتا ًبا و ماه‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫عالما ُيقنال لنه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫[الورقة] كما ذكره ابن النُي م [الفهر ت] فقُ ذكر أن ً‬
‫مُمننُ بننن داود الجننراح أ ّلننف كتا ًبننا و ننماه [الورقننة]‪ ،‬وكننذلك ذكننر‬
‫السننخاور م [الضننوء الالمننع] أن أحننُ أهننل العل ن أ َّلننف كتا ًبننا و ننماه‬
‫َّ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫[الورقة] ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪8‬‬
‫وهذا الكتاو وهو كتناو [الورقنات] اقتصنر فينه المصننف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫قول واحُ وهو الراجح عنُه من َير ذكر الُليل أو التعلينل م‬ ‫اهَّلل‪ -‬على ٍ‬
‫ُ‬
‫الغالن‪ ،،‬وإن كنان أحيانًنا قنُ يننذكر الخنالف باختصنار شنُيُ‪ ،‬وذلننك م‬
‫تسعة مواطن فقب م هذا الكتاو أشار فيها إلى الخالف باختصار شُيُ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هبننذا الكتنناو حف ً ننا ودرا ن ًة‬ ‫ِ‬
‫وقننُ اشننتغل العلمنناء ‪َ -‬رح َم ُه ن ُ‬
‫وشرحا وتُشيةً‪ ،‬حتى إن بعض ال ناحثين ذكنر أن هنذا الكتناو‬ ‫ً‬ ‫وتُريسا‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫وحاشنية‪ ،‬و َن ْ ن ٍ ونُنو ذلنك‪،‬‬ ‫عمنال منا بنين‪ :‬شنرحٍ ‪،‬‬
‫ً‬ ‫عليه أكثر من تين‬
‫وهذا يُل على أن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬قنُ كتن‪ ،‬لهنذا الكتناو الق نول‬
‫أثر فيه‪.‬‬
‫واِلنتشار بين الناس‪ ،‬ولعل إخالص صاح ه م ذلك له ٌ‬
‫ومن أبرز شروحات هذا الكتاو [شنرح الجنالل المُلني] لمُمنُ‬
‫بن أحمُ المُلي الشافعي‪ ،‬وهذا الشرح ُيعتل أبرز شروح هذا الكتناو‪،‬‬
‫و[الجالل المُلي] اشتهر بالتُقيق والتُقيق‪ ،‬وقوة الفه واِل تن اط‪.‬‬
‫ومننن لأننااف مننا ُذكننر م ننيرته‪ :‬أنننه كننان قننور الفهن ‪ ،‬إِل أنننه كننان‬
‫يصع‪ ،‬عليه الُفظ‪[ ،‬الجالل المُلي] ُذكنر أننه كنان قنور العارضنة م‬
‫الفه إِل أن الُفظ كان يشنق علينه‪ ،‬فُفنظ م ينوم واحنُ عشنرين ورقنة‬
‫ُفأصي‪ ،‬بالُمى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪9‬‬
‫أيضننا‪[ :‬قننرة العننين م شننرح ورقننات إمننام‬
‫ومننن شننروح الورقننات ً‬
‫الُرمين] لمُمُ بن مُمُ الرعيني المالكي الشهير بالُ َّأاو‪.‬‬
‫وهذا الكتاو أخذ جملته منن شنرح المُلني كمنا ن َّنه علنى ذلنك م‬
‫ٍ‬
‫زيادات مفيُة‪ ،‬وهو من أحسنن شنروح هنذا‬ ‫مقُمته‪ّ ،‬‬
‫وهذبه وأضاف إليه‬
‫ُيقنال لنه‪:‬‬ ‫الكتاو‪ ،‬وعلى هذا الشنرح حاشنية نفيسنة ْلحنُ علمناء تنون‬
‫مُمُ الهُة التونسي‪.‬‬
‫وشروح الكتاو والتعليقات عليه كثير ٌة جًُ ا‪ ،‬ون َّ مه الشريف يُينى‬
‫العمريأنني م ن نن الورقننات الننذر ننماه [تسننهيل الأرقننات م ن نن‬
‫نرح مفيننُ‪ ،‬وقننُ‬
‫الأرقننات]‪ ،‬وعليننه شننرح لع ننُ الُميننُ القننُس وهننو شن ٌ‬
‫كثيرا منه من كتاو [قرة العين] للُ ّأاو‪.‬‬ ‫ا تفاد ً‬
‫اهَّلل‪"( :-‬بِسن اهَّلل الن َّنر ْح َمن الن َّنر ِحي "‪َ ،‬هن ِنذه‬ ‫ِ‬
‫قننال المصنننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أصول ا ْل ِف ْقه)‪.‬‬
‫ول من ُ‬ ‫تشتَمل على ُف ُص ٍ‬
‫ات ْ‬‫َو َر َق ٌ‬
‫قوله‪( :‬هذه)‪ ،‬اإلشارة هنا‪:‬‬
‫ٍ‬
‫شيء حاضر م الذهن إذا كان قُ كت‪ ،‬هذه المقُمة ق نل‬ ‫‪ -1‬إما إلى‬
‫تأليف الكتاو‪.‬‬
‫‪ -2‬وإما إلى شيء موجود م الخارج إذا كان قُ كت‪ ،‬هنذه المقُمنة‬
‫بعُ تأليف الكتاو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪10‬‬
‫فهي إما إشار ٌة إلى شيء حاضر م الذهن‪َ ،‬ير حاضر م الخارج أر‬
‫م خارج الذهن‪ ،‬كذلك إذا كان قُ كتن‪ ،‬هنذه المقُمنة ق نل تنأليف هنذه‬
‫شنيء حاضنر م الخنارج ‪-‬أر‪ :‬م‬ ‫ٍ‬ ‫الورقات‪ ،‬وإما أن تكنون اإلشنارة إلنى‬
‫خارج الذهن‪ -‬إذا كان قُ أ َّلف هذه المقُمة بعُ تأليف هذه الورقات‪.‬‬
‫(الو َر َقات)‪ ،‬ع َّر هبذا اللفظ ‪-‬كما ت َّقُم معنا‪ -‬من باو تنشيب‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫طال‪ ،‬العل وتسهيل درا ة هذا الكتاو عليه‪.‬‬
‫وقولننه‪َ ( :‬ت ْش نت َِم ُل َع َلننى فصن ٍ‬
‫نول)‪ ،‬والفصننول‪ :‬جمننع فصننل‪ ،‬والمننراد‬ ‫َ‬
‫بالفصل‪ :‬ا ٌ لأاافة من العل تشتمل على مسناال َال ًنا‪ ،‬وهنو أقنل منن‬
‫ال او‪.‬‬
‫اعنُ اْلُ ُصنول و َم َعاقِنُ‬
‫وقُ يألق الفصل ويراد بنه الفنرَ‪ ،‬ومننه‪َ [ :‬قو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫كتاو لصنفي النُين ال غنُادر الُن لني‪ ،‬فقولنه‪:‬‬ ‫ول]‪ ،‬فإن هذا ا‬ ‫ال ُف ُص ِ‬
‫(وم َعاقُِ ال ُف ُص ِ‬
‫ول)‪ ،‬فالمراد بالمعاقُ‪ :‬المجامع‪ ،‬ومعقُ الشيء مجمعنه‪،‬‬ ‫َ‬
‫والمراد بالفصول الفروَ‪.‬‬
‫ومراد المصنف بالفصنل هننا‪ :‬هنو المعننى اْلول‪ ،‬وهنو الأاافنة منن‬
‫العل التي تشتمل على مسناال َال ًنا‪ ،‬وقولنه‪ُ ( :‬ف ُصنول) و ( ُأ ُصنول) هنذا‬
‫‪.‬‬ ‫يسمى عنُ ال الَيين بالجناس الناق‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪11‬‬
‫(و َذل ِ َك ُمؤ َّلف مِ ْن ُجزأ ْين ُم ْف َر َد ْين)‪ ،‬ف نُأ المصننف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م هذه الجملة وما بعُها م تعريف أصول الفقه‪ ،‬وقنُ جنرت عنادة‬
‫ُ‬
‫العلماء أهن يقُِّ مون التعريف م صُور مؤلفاهت ‪ ،‬وذلك لس ين‪:‬‬
‫‪ -‬الس ‪ ،‬اْلول‪ :‬أنه ِل يمكنن الخنوض م علن منن العلنوم إِل بعنُ‬
‫تصننوره ومعرفتننه‪ ،‬والتصننور ُيسننتفاد مننن التعريننف وِل ينُصننر فيننه‪ ،‬فقننُ‬
‫منثال‪ ،‬أو‬
‫التصور بغينره كالتمثينل ً‬
‫ُّ‬ ‫التصور بالتعريف‪ ،‬وقُ يُصل‬
‫ُّ‬ ‫يُصل‬
‫اإلشارة أو نُو ذلك‪.‬‬
‫وِلح وا أننا قلنا‪ :‬التصور ُيستفاد من التعريف‪ ،‬ول نقل‪ :‬التصور ِل‬
‫يستفاد إِل من التعريف‪.‬‬
‫فالتصور قُ ُيسنتفاد منن التعرينف وقنُ يسنتفاد‬‫ُّ‬ ‫وفرق بين الع ارتين‪:‬‬‫ٌ‬
‫اهَّلل‪ -‬وأبو إ ُاق‬ ‫ِ‬
‫من َيره كما قرر ذلك شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ ،-‬فننال يمكننن الخننوض م أصننول الفقننه إِل بعننُ‬ ‫ِ‬
‫الشنناط ي ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫تصوره‪ ،‬والتصور يستفاد من تعريفه‪.‬‬
‫‪ -‬الس ‪ ،‬الثاين‪ :‬أن من عرف ما ُيأل‪ ،‬هان عليه ما ُي ذل كمنا يقنال‪،‬‬
‫وتفهمه‪.‬‬
‫فمن عرف أصول الفقه وتصوره هل عليه درا ته ُّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪12‬‬
‫وأصول الفقه ُت َّ‬
‫عرف باعت ارين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬باعت ار مفرديه‪ ،‬أر‪ :‬باعت ار كونه مضا ًفا ومضا ًفا إليه‪.‬‬
‫وعلما على هذا الفن المعين‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬والثاين‪ :‬باعت ار كونه لق ًا‬
‫واْلحكام علنى اْلشنياء تختلنف بناختالف الجهنات واِلعت نارات‪،‬‬
‫شيء واحُ بُكمين مختلفين‪ِ ،‬ل من جهة واحُة ولكن‬ ‫ٍ‬ ‫فقُ تُك على‬
‫من جهتين مختلفتين‪.‬‬
‫جالسننا بننين عمننرو وبكننر فإنننه يكننون أيمننن بالنسنن ة‬
‫ً‬ ‫فزيننٌُ إذا كننان‬
‫ْلحُهما وأيسر بالنس ة لآلخر‪ ،‬فقُ حكمنا عليه بأنه أيمن وحكمنا علينه‬
‫بأنه أيسر‪ ،‬وِل تعارض م ذلك؛ ْلن الجهتين مختلفتان‪.‬‬
‫فأصننول الفقننه ُتعن َّنرف باعت ننارين ‪-‬أر‪ :‬مننن جهتننين مختلفتننين‪ -‬وِل‬
‫عرف منن جهنة كوننه ُمضنا ًفا ومضنا ًفا إلينه تعري ًفنا‬
‫تعارض م ذلك؛ ْلنه ُي َّ‬
‫وعلما على هنذا الفنن المعنين تعري ًفنا‬
‫ً‬ ‫عرف من جهة كونه لق ًا‬
‫مستقال‪ ،‬و ُي َّ‬
‫ً‬
‫مستقال‪.‬‬
‫ً‬
‫اهَّلل‪ -‬بتعريف أصول الفقه من الجهنة اْلولنى‬ ‫ِ‬
‫وبُأ المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وهي كونه‪ :‬مضا ًفا ومضا ًفا إليه‪ ،‬والس ‪ ،‬م ذلك‪ :‬أن أصول الفقه ُمرك ٌ‬
‫َّ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫أصول"‪ ،‬والثانية‪" :‬فقه"‪.‬‬‫من كلمتين‪ :‬اْلولى‪" :‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪13‬‬
‫عنرف إِل بعنُ معرفنة منا تركَّن‪،‬‬
‫والمرك‪ ،‬عننُ أكثنر اْلصنوليين ِل ُي َّ‬
‫اهَّلل‪ -‬بتعرينف أصنول الفقنه منن الجهنة‬ ‫ِ‬
‫منه‪ ،‬فلهذا بُأ المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اْلولى وهي تعريفه باعت ار مفردينه‪ ،‬أر‪ :‬باعت نار كلمنة "أصنول" وكلمنة‬
‫"فقه"‪.‬‬
‫وأكثر اْلصوليين ي ُؤون بتعريف أصول الفقه من هذه الجهنة‪ ،‬وإن‬
‫كان بعضه كابن الُاج‪ ،‬م مختصره قُ بُأ بتعريف أصنول الفقنه منن‬
‫وعلما على هذا الفن المعين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جهة كونه لق ًا‬
‫ف مِن ْن ُج ْنز َأ ْي ِن ُم ْف َنر َد ْي ِن)‪،‬‬
‫(و َذل ِ َك ُم َؤ َّل ٌ‬
‫اهَّلل‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫فقول المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يريُ به تعريف أصول الفقه من جهة مفرديه‪ ،‬أر‪ :‬منن جهنة كوننه مضنا ًفا‬
‫ومضا ًفا إليه‪ ،‬واإلشارة م قوله‪َ ( :‬ذل ِ َك) راجع ٌة إلى أصول الفقه‪.‬‬
‫وقُ ّنزله منزلة ال عيُ‪ ،‬فقال‪( :‬و َذل ِ َك) من باو التن يه على رفعة شأن‬

‫هذا العل ‪ ،‬وعلو منزلته كما قال اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪{ :-‬ذَلمك الْكمتَِبُ ال‬

‫أن المصنف كان يكفينه أن يقنول‪:‬‬ ‫ريْب فميهم هًَُى لمِْمُلتقِمَ [ال قرة‪ ،]2:‬مع ّ‬
‫(و َذل ِ َ‬
‫نك)؛ منن بناو التن ينه علنى رفعنة‬ ‫"وهو مؤ َّلف"‪ ،‬لكنه عنل بقولنه‪َ :‬‬
‫منزلة هذا العل وعلو شأنه‪.‬‬
‫وقوله‪ُ ( :‬مؤ َّلف)‪ ،‬التأليف معناه‪ :‬اِلنضمام واِلنسجام‪ ،‬وهو أخن‬
‫منن الككين‪،‬؛ ْلن الككينن‪ ،‬قنُ يُصننل منع تنأليف وقننُ ِل يُصنل معننه‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪14‬‬
‫تننأليف‪ ،‬قننُ يُصننل معننه تننالؤم وانسننجام‪ ،‬وقننُ ِل يُصننل معننه تننالؤم‬
‫من الككي‪ ،،‬والككي‪ ،‬أع ‪.‬‬ ‫وانسجام‪ ،‬فالتأليف أخ‬
‫وقوله‪( :‬مِ ْن ُجنزأ ْين)‪ ،‬هنذا الجنزءان همنا‪ :‬كلمنة "أصنول"‪ ،‬وكلمنة‬
‫"فقه"‪.‬‬
‫وقوله‪ُ ( :‬م ْف َر َد ْين) اإلفراد هنا المراد به‪ :‬اإلفراد الذر يقابل الككي‪،،‬‬
‫فاإلفراد قُ ُيألق ويراد به ما يقابل الككي‪ ،،‬وقُ يألق ويراد به ما يقابنل‬
‫التثنية‪ ،‬وقُ يألق ويراد به ما يقابل الجمع‪.‬‬
‫والمننراد بنناإلفراد هنننا‪ :‬اإلفننراد اْلول وهننو الننذر يقابننل الككينن‪،،‬‬
‫والُليل على ذلك‪ :‬أن الجزء اْلول وهو كلمة " ُأ ُصول" جمع‪ ،‬ولو كان‬
‫المراد باإلفراد هنا‪ :‬ما يقابل الجمع أو ما يقابل التثنية ل يصنح أن يكنون‬
‫قول‪ُ " :‬أ ُصول" مفر ًدا؛ ْلنه جمع‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬وهنو تعرينف أصنول‬ ‫ِ‬
‫ون ُأ الكالم بما بُأ به المصنف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الفقه باعت ار جزأين‪ ،‬أر باعت ار كلمة "أصول الفقه"‪ ،‬وكلمة "فقه"‪.‬‬
‫أصول الفقه هبذا اِلعت ار مؤلف من كلمتين‪:‬‬
‫‪ -‬الكلمة اْلولى‪ :‬كلمة أصول‪.‬‬
‫‪ -‬والكلمة الثانية‪ :‬كلمة فقه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪15‬‬
‫‪ً ‬‬
‫أوِل‪ :‬كلمننة "أصننول"‪ ،‬وأصننول‪ :‬جمننع أصننل‪ ،‬واْلصننل م لغننة‬
‫العننرو ُيألننق علننى اْل نناس‪ ،‬ومنننه قننوله ‪ :‬أصننل الننُار‪ ،‬أر‪ :‬أ ا نها‪،‬‬

‫وأصل الشجرة‪ ،‬أر‪ :‬طرفها الثابت م اْلرض‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬أَصُِْهِ‬

‫ثَِبِتٌ َفَرْعُهِ فمي السَّمِءم [إبراهي ‪.]24:‬‬


‫وقُ ُيألق اْلصل على معنى الشرف‪ ،‬ومننه قولنه‪ :‬فنالن ِل أصنل لنه‬
‫وِل فصننل‪ ،‬فننالمراد باْلصننل هنننا‪ :‬الشننرف‪ ،‬فهننذا معنننى اْلصننل م لغننة‬
‫العرو‪.‬‬
‫وعرف اْلصوليون اْلصل م اللغة‪ :‬بأننه منا ُي ننى علينه َينره‪ ،‬وهنذا‬
‫َّ‬
‫التعريف أصله ْلبي الُسن ال صرر صاح‪[ ،‬المعتمنُ] ثن تتنابع علينه‬
‫اْلصوليون من بعُه وا تُسنوه‪ ،‬وهو أحسن تعريفات اْلصنل اللغوينة‬
‫عنُ اْلصوليين‪.‬‬
‫ومنه من قال‪ :‬اْلصل م اللغة‪ :‬هو ما يتفنرَ عننه َينره‪ ،‬وهنذا وإن‬
‫كان مؤد ًيا للمقصود إِل أنه ِل ينا ‪ ،‬الصنعة اْلصولية‪ْ ،‬لن فيه دور‪.‬‬
‫ووجه ذلك وبيان كيفية الُور فيه‪ :‬أنه ِل ُيعرف اْلصل إِل إذا ُع ِنرف‬
‫الفرَ‪ ،‬وِل ُيعرف الفرَ إِل إذا ُعرف اْلصل‪ ،‬فوقع الُور‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪16‬‬
‫فتعريننف اْلصننل م اللغننة بأنننه مننا يتفننرَ عنننه َيننره وإن كننان مؤد ًيننا‬
‫للمقصننود إِل أن عليننه ملُ ً ننا وهننو أن فيننه دور‪ ،‬والننُور ِل يُصننل بننه‬
‫التعريف؛ ْلنه ِل يمكن معرفة اْلصنل إِل بعنُ معرفنة الفنرَ‪ ،‬وِل يمكنن‬
‫معرفة الفرَ إِل بعُ معرفة اْلصل فال يُصل التعريف حينئذ‪.‬‬
‫وقنال بعضنه ‪" :‬اْلصنل م لغنة العننرو هنو منا مننه الشنيء"‪ ،‬وقننال‬
‫بعضه ‪" :‬المُتاج إليه"‪ ،‬وهذه كلها فيها ن ر‪ ،‬فهذا معنى اْلصل م لغة‬
‫العننرو‪ ،‬فقننول المصنننف‪َ ( :‬ف ْاْلَ ْصننل َمننا ُبنِنني َع َل ْين ِنه ََيننره) يريننُ بننه معنننى‬
‫اْلصل م لغة العرو‪.‬‬

‫ٍ‬
‫معان‪:‬‬ ‫وأما اْلصل م اصأالح اْلصوليين ف ُيألق باِلشكاك على‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬الُليل‪ ،‬ومنه قوله ‪ :‬اْلصنل م تُنري الربنا قولنه‬

‫ه َّلُل ُه النَّل ْيلَِ ُن مملن‬


‫تعالى‪{ :‬القذم ين ي ْأ ُكُِون الرِّبلِ ال يُِومُلون ِإلقلِ كَملِ يُِلو َُّ القلذمخ ي َت َ‬

‫الْمل}ِّ [ال قننرة‪ ،]275:‬يعننني‪ :‬الننُليل علننى ذلننك‪ ،‬واْلصننل م وجننوو‬

‫الصالة‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬أَقميمُوا الصَّالة ‪ ،‬واْلصل م تُري النجش‪ :‬قوله‬

‫‪َ « :‬و َِل َتن َ‬


‫َاج ُشوا» أر‪ :‬الُليل على ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬المعننى الثنناين‪ :‬النراجح‪ ،‬في ُألننق اْلصنل ويننراد بنه الننراجح‪ ،‬ومنننه‬
‫قوله ‪ :‬اْلصل م الكالم العموم‪ ،‬أر‪ :‬الراجح فينه‪ ،‬فنإذا احتمنل الكنالم‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪17‬‬
‫العموم أو احتمل الخصوص فاْلصل والراجح فيه العموم‪ ،‬واْلصنل م‬
‫النصوص اإلحكام‪ ،‬أر‪ :‬عُم النس ‪ ،‬واْلصنل م الكنالم الُقيقنة‪ ،‬أر‪:‬‬
‫الراجح فيه الُقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الثالث‪ :‬القاعنُة المسنتمرة م الشنرَ‪ ،‬ومننه قنوله ‪ :‬أكنل‬
‫الميتننة علننى خننالف اْلصننل‪ ،‬يعننني‪ :‬علننى خننالف القاعننُة المعروفننة م‬
‫الشرَ‪.‬‬
‫علينه‪ ،‬ف ُيألنق اْلصنل وينراد بنه منا يقابنل‬ ‫‪ -‬المعنى الرابع‪ :‬المقني‬
‫نثال إذا قلنننا‪ :‬يُننرم بيننع الصننل ان قيا ً ننا علننى بيننع‬
‫الفننرَ م القينناس‪ ،‬فمن ً‬
‫اْلوثان بجامع فساد اْلديان‪ ،‬فلُينا م هنذا المثنال أربعنة أركنان‪ :‬أصنل‪،‬‬
‫وحك أصل‪ ،‬وعلة حك اْلصل‪ ،‬وفرَ‪.‬‬
‫عليه هنا م هذا المثال هنو بينع اْلوثنان‪ ،‬وحكمنه‪:‬‬ ‫فاْلصل المقي‬
‫التُري ‪ِ ،‬‬
‫وع َّلته‪ :‬إفساد اْلديان‪ ،‬والفرَ المقي ‪ :‬بيع الصل ان‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الخام ‪ :‬الشني ‪ ،‬ف ُيألنق اْلصنل و ُينراد بنه الشني ‪ ،‬ومننه‬
‫قول اْلصوليين‪ :‬إذا خالف الفرَ رواية اْلصنل‪ ،‬أر‪ :‬إذا خنالف التلمينذ‬
‫رواية الشي ‪ ،‬فيألق اْلصل ويراد به هنا الشي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪18‬‬
‫فهذه معاين اْلصل اِلصنأالحية عننُ اْلصنوليين ولن يتعنرض لهنا‬
‫اهَّلل‪-‬؛ ْلنننه يؤلننف مقُمننة مختصننرة لأالنن‪ ،‬العلنن‬ ‫ِ‬
‫المصنننف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫الم تُئ م درا ة هذا الفن‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اْلصنل بأننه منا ُبنني علينه َينره‬ ‫ِ‬
‫عنرف المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولما َّ‬
‫عرف ما يقابله وهو الفرَ‪ ،‬والفرَ م لغة العرو‪ :‬هو أعلى الشيء‪ ،‬وفرَ‬
‫َّ‬
‫الشيء‪ ،‬ففرَ الج ل أعاله‪ ،‬وفرَ اإلنسان أعاله‪.‬‬
‫ويعرفه اْلصوليون‪ :‬بأنه ما ُي نى على َيره‪ ،‬فهو يقابنل اْلصنل‪ ،‬فنإذا‬
‫ِّ‬
‫كان اْلصل ما ُي نى عليه َيره‪ ،‬فالفرَ هو ما ُي نى على َيره‪.‬‬
‫هذه هي الكلمة اْلولى وهي كلمة أصول‪ ،‬وقُ عرفنا معنى اْلصول‬
‫م لغة العرو‪ ،‬وم اصأالح اْلصوليين‪.‬‬
‫‪ ‬ثان ًيا‪ :‬كلمة "فقه"‪ ،‬والفقه م لغة العرو معناه‪ :‬الفه مأل ًقنا‪ ،‬أر‪:‬‬
‫فهما لألشياء الخفية‪.‬‬
‫فهما لألشياء الواضُة أم كان ً‬
‫واء أكان ً‬
‫الس َنالم‪{ :-‬يفَِْهُلوا‬ ‫ِ‬
‫ومنه قولنه تعنالى علنى لسنان ن ينه مو نى ‪َ -‬ع َل ْينه َّ‬
‫قَ لوْلمي [طننه‪ ،]28:‬أر‪ :‬يفهمننوا قننولي‪ ،‬وقولننه تعننالى علننى لسننان قننوم‬

‫شعي‪ { :،‬قَِلُوا يِ شُلديْبُ ملِ فَفَِْلهُ كَلاممًا مممَّلِ لَُِلو ُ [هنود‪ ،]91:‬يعنني‪ :‬منا‬
‫نفهمه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪19‬‬
‫وقال بعض أهل العل كأبي الع اس القرام وأبي إ ُاق الشيرازر‪:‬‬
‫" الفقه م لغة العرو معناه فه اْلشياء الُقيقة‪ ،‬أما فه اْلشياء الواضُة‬
‫فقها"‪.‬‬
‫فال يسمى ً‬
‫‪ :‬فقهنت المسنألة‪ ،‬وِل‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإنه يصح أن يقنول الشنخ‬
‫يصح أن يقول‪ :‬فقهت ّ‬
‫أن السماء فوقنا وأن اْلرض تُتنا؛ ْلن هذا الفه‬
‫يتعلق بشيء خفي دقيق‪ ،‬وِل يصح أن يقول‪ :‬فقهت أن السماء فوقنا‪ ،‬وأن‬
‫اْلرض تُتنا؛ ْلن الفقه هنا يتعلق بأمر واضح جلي‪.‬‬
‫وأكثر أهل العل من اْلصوليين وَينره علنى أن الفقنه ُيألنق علنى‬
‫فهمنا لألشننياء‬ ‫الفهن مأل ًقنا نواء أكنان ً‬
‫فهمنا لألشنياء الواضنُة أم كنان ً‬
‫يفرقنون بنين اْلشنياء‬
‫الخفية؛ ْلن المنر َّد م ذلنك إلنى العنرو‪ ،‬وهن وِل ّ‬
‫الواضُة واْلشياء الخفية‪.‬‬
‫كل ٍ‬
‫لفظ من هنذه‬ ‫ويفرق أهل اللغة بين‪َ :‬ف ِق َه‪ ،‬و َف َق َه‪ ،‬و َف ُق َه‪ ،‬ويقولون‪ُّ :‬‬
‫ِّ‬
‫اْللفاظ الثالثة يُل على معننى‪ ،‬ف َف ِقن َه ينُل علنى معننى‪ ،‬و َف َقن َه ينُل علنى‬
‫معنى‪ ،‬و َف ُق َه ُّ‬
‫يُل على معنى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪20‬‬
‫فهي كما يلي‪:‬‬
‫‪َ -1‬ف ِق َه بكسر القاف بمعنى‪ :‬فه ‪.‬‬
‫‪َ -2‬ف َق َه بمعنى‪ :‬ق َيره م الفه ‪.‬‬

‫‪َ -3‬ف ُق َه‪ :‬صار الفقه له ط يعة و جية‪ ،‬وأفعال السنجايات ً‬


‫داامنا تنأيت‬
‫على وزن َف ُع َل‪.‬‬
‫والنذر يننذكره اللغويننون هننو َف ِقن َه‪ ،‬و َف َقنه‪ ،‬أمننا َف ُقننه فهننذا مننن زيننادات‬
‫اْلصوليين –‪َ -‬ر ْح َم ُة اهَّللِ َع َل ْي ِه جمي ًعا‪.-‬‬
‫تعريفات كثيرة جًُ ا عنُ اْلصوليين‪ ،‬ومنن هنذه التعريفنات منا ذكنره‬
‫الش ْنر ِع َّية ا َّلتِني طري ُقهنا‬
‫اهَّلل‪ -‬هنا بأنه‪( :‬معر َفنة ْاْلَ ْح َكنام َّ‬ ‫ِ‬
‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ِاِل ْجتِ َهاد)‪ ،‬وكل كلمة من هنذه الكلمنات تنُل علنى معننى‪ ،‬فلنو حنذفت‬
‫كلمة واحُة اختل التعريف‪.‬‬
‫وإيضاح هذا التعريف على وجه اِلختصار‪:‬‬
‫يشننمل معرفننة اْلحكننام‪ ،‬ومعرفننة‬ ‫أن قولننه‪َ ( :‬م ْع ِر َفننة)‪ ،‬أر‪ :‬جننن‬
‫َّ‬
‫الذوات كمعرفة ذات زيُ وعمنرو وهننُ‪ ،‬ومعرفنة اْلفعنال كمعرفنة قينام‬
‫زيُ وذهابه ومجيئه‪ ،‬ومعرفنة الصنفات كمعرفنة نواد زينُ وبيناض عمنر‬
‫وح َمار ٍ‬
‫بكر‪.‬‬ ‫َ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪21‬‬
‫فالمعرفة ٌ‬
‫لفظ عام يشمل معرفة اْلحكام‪ ،‬ومعرفة النذوات‪ ،‬ومعرفنة‬
‫ودااما ت ُأ التعريفات بألفناظ عامنة‪ ،‬ثن تنأيت‬
‫ً‬ ‫اْلفعال‪ ،‬ومعرفة الصفات‪،‬‬
‫القيود إلخراج ما ِل يُخل م التعريف‪.‬‬
‫وقول المصنف‪( :‬اْلَ ْح َكام) هذا قيٌُ يُكز بنه عنن معرفنة النذوات‪،‬‬
‫ومعرفة اْلفعال‪ ،‬ومعرفة الصفات‪ ،‬فإهنا ِل تُخل م حُ الفقه؛ ْلن الفقه‬
‫بمعرفة اْلحكام‪.‬‬ ‫م اِلصأالح يخت‬
‫تصنور اْلحكنام الشنرعية؛ ْلن هنذا‬ ‫والمراد بمعرفنة اْلحكنام لني‬
‫من وظيفة الفقينه وإنمنا هنو منن وظيفنة اْلصنول‪ ،‬فالنذر ي ُنث م‬ ‫لي‬
‫معنى الواج‪ ،‬وحقيقتنه أو م معننى المننُوو‪ ،‬أو م معننى الرخصنة‪ ،‬أو‬
‫هننو‬ ‫م معنننى العزيمننة‪ ،‬أو م معنننى الصننُيح‪ ،‬أو م معنننى الفا ننُ‪ ،‬لنني‬
‫الفقيه وإنما هو اْلصولي‪.‬‬
‫معرفننة حقننااق اْلحكننام‬ ‫فننالمراد بننن ( َم ْع ِر َفننة اْلَ ْح َكننام) هنننا لنني‬
‫وصورها‪ ،‬وإنما المراد بمعرفة اْلحكنام" معرفنة جزاياهتنا‪ ،‬كمعرفنة أهننا‬
‫بالفعل حالل‪ ،‬أو أن هذا الفعنل حنرام‪ ،‬أو أن هنذا الفعنل صنُيح‪ ،‬أو أن‬
‫هذا الفعل فا ُ‪ ،‬أو أنه رخصة‪ ،‬أو أنه عزيمة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪22‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هنننا عننل بكلمننة ( َم ْع ِر َفننة ) وهننو تعرين ٌ‬
‫نف‬ ‫ِ‬
‫والمصنننف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م كتنناو‬ ‫ِ‬
‫حسننن‪ ،‬وقننُ ع َّننر بننه شنني اإل ننالم ابننن تيميننة ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫[اِل ننتقامة] فقننال‪" :‬الفقننه‪ :‬معرفننة أحكننام أفعننال الع نناد"‪ ،‬وكثين ٌنر مننن‬
‫يعرفون الفقه بأنه‪ :‬العل باْلحكام‪.‬‬
‫اْلصوليين ِّ‬
‫اهَّلل‪ -‬هنا عل بالمعرفة وهو تع ٌير جينُ‪ ،‬وكثينر منن‬ ‫ِ‬
‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اْلصننوليين عننل بقولننه‪ :‬الفقننه هننو العلن باْلحكننام‪ ،‬وقننُ ورد علننى هننذا‬
‫اعكاض شهير للقاضي ال اقالين‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫التع ير‬
‫وخالصة هذا اِلعنكاض‪ :‬اعنكض القاضني ال ناقالين علنى تعرينف‬
‫الفقه بأننه العلن باْلحكنام‪ ،‬وهنو‪ :‬أن أكثنر المسناال الفقهينة ظنّينة؛ ْلهننا‬
‫ُمستفادة من العمومات‪ ،‬وأخ نار انحناد –وهني ظنّين ٌة عننُه– واْلقيسنة‪،‬‬
‫والمفاهي ‪ ،‬ونُو ذلك‪ ،‬وما ُيستفاد من ال ني يكنون ظن ًينا‪ ،‬فيكنون الفقنه‬
‫ظن ًيا فكيف ُيعرف بأنه العل باْلحكام!‬
‫وقُ تعنُدت مسنالك اْلصنوليين م الجنواو عنن هنذا اِلعنكاض‪،‬‬
‫اعكاض ِلزم صنُيح‪ ،‬وبننا ًء‬
‫ٌ‬ ‫فمنه من َّل لهذا اِلعكاض وقال‪ :‬هذا‬
‫علننى هننذا عننَُّ ل تعريننف الفقننه فقننال‪" :‬الفقننه هننو ظننن اْلحكننام"‪ ،‬فعننَُّ ل‬
‫فرارا من اعكاض ال اقالين‪.‬‬
‫تعريف الفقه ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪23‬‬
‫نوَ بننه‪ ،‬وإنمننا ال ننن م طريق نه ‪-‬أر‪ :‬م‬
‫ومنننه مننن قننال‪ :‬الفقننه مقأن ٌ‬
‫مقأنوَ بنه‬
‫ٌ‬ ‫أدلته‪ ،-‬وهذا جواو الرازر م [المُصنول]‪ ،‬وهنو أن الفقنه‬
‫وال ن إنما هو م طريقه‪.‬‬
‫دليال ظن ًيا وج‪ ،‬عليه العمل به‪،‬‬
‫وإيضاح ذلك‪ :‬أن المجتهُ إذا وجُ ً‬
‫أمر مقأوَ به‪ ،‬فال تثري‪ ،‬حينئذ من تعريف الفقه بأنه العل ‪.‬‬
‫وهذا ٌ‬
‫جواو فا ُ أفسُه شي اإل نالم ابنن تيمينة ‪-‬‬
‫ٌ‬ ‫وجواو الرازر هذا‬
‫الهمنننام الُنفننني م‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬م [مجمنننوَ الفتننناوى]‪ ،‬وأفسنننُ ابنننن ُ‬
‫َرح َمننن ُه ُ‬
‫[التُرير]‪ ،‬والمقصود إعأاء فكرة عن هذا اِلعكاض فُس‪.،‬‬
‫ومنننه مننن تخلنن مننن هننذا اِلعننكاض بتعريننف الفقننه بمعرفننة‬
‫اهَّلل‪ -‬هنا‪ ،‬وذلنك ْلن المعرفنة ٌ‬
‫لفنظ‬ ‫ِ‬
‫اْلحكام كما صنع المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يشمل معرفة ما هو مقأوَ به‪ ،‬ومعرفة منا هنو م ننون‪ ،‬فهني لفنظ يشنمل‬
‫معرفة المساال القأعية‪ ،‬ويشمل معرفة المساال ال نية‪ ،‬والفقه منه ما هو‬
‫قأعي ومنه ما هو ظني‪.‬‬
‫ِ‬
‫تعرينف جينُ؛‬
‫ٌ‬ ‫فإ ًذا تعريف المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬للفقنه بأننه معرفنة‬
‫أيضنا معرفنة اْلشنياء‬
‫ْلن المعرفة تشمل معرفة اْلشياء القأعية‪ ،‬وتشمل ً‬
‫ال نية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪24‬‬
‫ننع دخلنننت علينننه "أل"‬ ‫وقولنننه‪( :‬اْلَ ْح َكنننام) لفن ٌ‬
‫ننظ عنننام؛ ْلننننه جمن ٌ‬
‫اِل تغراقية‪ ،‬فيُل على أن الفقه هو معرفة جميع اْلحكام‪.‬‬
‫وقُ اعكض على تعريف الفقه بأنه معرفنة اْلحكنام بأننه ينؤدر إلنى‬
‫ِلزم فا ُ وهو أنه ِل يوجُ فقيه أبنًُ ا؛ ْلننه منا منن فقينه منن الفقهناء إِل‬
‫مسألة من مساال الُالل والُرام فقال‪ِ :‬ل أدرر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقُ ُ ئل عن‬
‫فلو كان الفقه معرفة جميع اْلحكام للزم من ذلك أنه ِل يوجنُ فقينه‬
‫أبًُ ا‪ ،‬وقُ أجاو اْلصوليون عن هذا بأن المراد بقوله ‪ :‬معرفة اْلحكنام‬
‫معرفة جمينع اْلحكنام‪ ،‬وإنمنا المنراد‪ :‬التهينؤ واِل نتعُاد بمعرفنة‬ ‫لي‬
‫اْلحكام‪.‬‬
‫وبعض اْلصوليين فر من هذا اِلعكاض‪ ،‬فعنُّ ل م التعرينف فقنال‪:‬‬
‫الفقه هو معرفة جملة َال ة من اْلحكام‪ ،‬و ‪ ،‬التع ير هبذا ْ‬
‫أن يسل من‬
‫هذا اِلعت ار‪.‬‬
‫فإ ًذا قوله ‪ :‬معرفة اْلحكام‪ ،‬المراد بالمعرفة هنا ليست معرفة جميع‬
‫اْلحكام وإنما هي التهيؤ واِل تعُاد لمعرفة حك المسألة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪25‬‬
‫واْلحكام قُ تكون‪:‬‬
‫مثال أن الواحنُ‬
‫‪ -1‬أحكا ًما عقلية‪ ،‬أر‪ :‬مستفادة من العقل‪ ،‬كمعرفة ً‬
‫عشر ربع اْلربعين‪ ،‬فهذا الُكن ُيسنتفاد منن طرينق العقنل‪ ،‬أو معرفنة أن‬
‫أيضنا ُتسنتفاد منن جهنة‬
‫اِلثنين ثلث نصنف اِلثنني عشنر‪ ،‬فهنذه المعرفنة ً‬
‫العقل‪.‬‬
‫أن الفاعنننل مرفنننوَ‪ّ ،‬‬
‫وأن الُنننال‬ ‫‪ -2‬أو أحكا ًمنننا لغوينننة‪ ،‬كمعرفنننة ّ‬
‫منصوو‪ ،‬وأن الفعل ِل ُيجر‪ ،‬فهذه أحكام مستفادة من جهة اللغة‪.‬‬
‫‪ -3‬أو أحكا ًما عادية‪ ،‬كمعرفة ّ‬
‫أن المكان المرتفع ِل يوصنل إلينه إِل‬
‫بسل ونُوه‪.‬‬
‫‪ -4‬أو أحكا ًما شرعية‪ ،‬وهي التي يخت الفقه بمعرفتها‪.‬‬
‫(الشن ْنر ِعية)؛ ليخننرج اْلحكننام‬
‫اهَّلل‪َ :-‬‬ ‫ِ‬
‫ولهننذا قننال المصنننف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫العقلية واْلحكام اللغوية واْلحكام العادية‪ ،‬فإن معرفة أن الفاعل مرفوَ‬
‫فقها‪ْ ،‬لهنا معرف ٌة لُك ٍ لغور‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ِل ُتسمى ً‬
‫بمعرفة اْلحكام الشرعية‪ ،‬واْلحكنام الشنرعية قنُ‬ ‫فإ ًذا الفقه يخت‬
‫تكون‪ :‬أحكا ًما علمية اعتقادينة‪ ،‬وقنُ تكنون أحكا ًمنا عملينة مقأو ًعنا هبنا‪،‬‬
‫وقننُ تكننون أحكا ًمننا عمليننة اجتهاديننة؛ أر‪ :‬معروفننة مننن طريننق الن ننر‬
‫واِلجتهاد‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪26‬‬

‫فاْلحكام الشرعية إما ْ‬


‫أن تكون‪:‬‬
‫نوَ هبننا؛ ْلن اِلعتقنناد ِل ُبننَُّ فيننه مننن‬
‫‪ -1‬أحكننام اعتقاديننة وهنني مقأن ٌ‬
‫العل والقأع‪.‬‬
‫‪ -2‬أو أحكا ًما عملية؛ أر‪ :‬متعلقنة بنالُالل والُنرام‪ ،‬وهني قأعينة‬
‫كمعرفة وجوو الصلوات الخم ‪ ،‬وتُري الربا‪ ،‬وتُري الزنا‪.‬‬
‫‪ -3‬أو أحكا ًما عملية ظنية؛ أر‪ُ :‬مستفادة من طريق اِلجتهاد والن ر‪،‬‬
‫بمعرفننة اْلحكننام‬ ‫والفقننه عنننُ المصنننف وكثيننر مننن اْلصننوليين يخننت‬
‫الشرعية اِلجتهادية‪.‬‬
‫أما معرفة اْلحكام اِلعتقادية أو معرفة اْلحكام العملية القأعية فنال‬
‫تننُخل عنننُه م ُمسننمى الفقننه‪ ،‬فمعرفننة أن اهَّلل مسن ٍ‬
‫نتو علننى عرشننه وأن‬
‫فقهنا؛ ْلهننا معرفن ٌة لُكن ٍ‬ ‫منصنوو علنى منتن جهنن ِل ُت َّ‬
‫سنمى ً‬ ‫ٌ‬ ‫الصراط‬
‫سنمى‬
‫ُرم ِل تنُخل م ُم َّ‬
‫اعتقادر‪ ،‬ومعرفة أن الصالة واج ة‪ ،‬وأن الربا ُم َّ‬
‫الفقه عنُ المصنف؛ ْلهنا معرفة لُك عملي مقأوَ به‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪27‬‬
‫مثال ِل تج‪ ،‬م ُحلي المرأة المعُ لال تعمال‪،‬‬
‫وأما معرفة أن الزكاة ً‬
‫َّ‬
‫الُال ِل يصح‪ ،‬وأن من رمى ق ل الزوال فإن رمينه ِل يجزانه‪،‬‬ ‫السل‬
‫وأن َّ‬
‫ونُننو ذلننك مننن المسنناال اِلجتهاديننة فتننُخل م ُمسن َّنمى الفقهنني؛ ْلهنننا‬
‫اهَّلل‪:-‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫مساال معروفة من طريق اِلجتهاد‪ ،‬ولهنذا قنال المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫(ا َّلتِي طري ُقها ِاِل ْجتِ َهاد)‪.‬‬
‫فهذا القيُ أتى بنه المصننِّف إلخنراج اْلحكنام الشنرعية اِلعتقادينة‪،‬‬
‫طريقها اِلجتهاد وإنما طريقها أهل‬ ‫واْلحكام الشرعية العملية التي لي‬
‫اهَّلل‪ -‬وقننرره هننو الننذر عليننه أكثننر‬ ‫ِ‬
‫القأننع‪ ،‬ومننا ذكننره المصنننف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫اْلصوليين‪.‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫وذهن‪ ،‬بعننض اْلصننوليين كشنني اإل ننالم ابننن تيميننة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وابن الهمام الُنفني إلنى أن اْلحكنام العملينة القأعينة تنُخل م حقيقنة‬
‫الفقه‪ ،‬ويُل على ذلك دليالن‪:‬‬
‫ٍ‬
‫لكثيننر مننن‬ ‫‪ -‬الننُليل اْلول‪ّ :‬‬
‫أن معرفننة الصننُابة رضنني اهَّلل عنننه‬

‫اْلحكام العملية كانت قأعية‪ ،‬وِل ُيقال إن هذه المعرفنة ِل ُتسنمى ً‬


‫فقهنا‪،‬‬
‫باْلحكننام اِلجتهاديننة للننزم مننن ذلننك ّ‬
‫أن معرفننة‬ ‫فلننو قلنننا‪ :‬الفقننه يخننت‬
‫الصننُابة لكثيننر مننن اْلحكننام العمليننة ِل تننُخل م ُمسننمى الفقننه‪ ،‬وهننذا‬
‫الالزم ِلز ٌم باطل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪28‬‬
‫‪ -‬الُليل الثاين‪ :‬ما جرى عليه الفقهاء ومشوا عليه م كت ه الفقهينة‪،‬‬
‫فنإهن يننذكرون م كتنن‪ ،‬الفقننه المسنناال القأعيننة والمسنناال ال نيننة‪ ،‬فن َّ‬
‫نُل‬
‫ذلننك علننى أن المسنناال العمليننة القأعيننة تننُخل م حقيقننة الفقننه‪ ،‬وهننذا‬
‫القول الثاين هو اْلظهر واْل عُ بالرجُان‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪29‬‬
‫ِ‬
‫والمُ ُ نننور‪،‬‬‫ْ‬ ‫َو ْاْلَ ْح َكنننام َ ننن ْ َعة‪ :‬ا ْل َواجننن‪َ ،،‬وا ْل َمنْنننُُ وو‪ُ ،‬‬
‫الم َننناح‪،‬‬
‫ُيح‪َ ،‬وا ْل َاطِل‪.‬‬‫وا ْلم ْكروه‪ ،‬والص ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِس ِ اهَّللِ الرحم ِن ِ‬
‫الرحي ِ ‪ ،‬ا ْل َُ ْمُُ ل َّله َر ِّو ا ْل َعا َلمين‪َ ،‬و َص َّلى ُ‬
‫اهَّلل َو َ َّل َ‬ ‫َّ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫ين‪ ،‬و َع َلى آل ِ ِه و َأصُابِ ِه ومن َت ِعه بِإِحس ٍ‬
‫ان إِ َلى َي ْو ِم‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َُ ْ ْ َ‬ ‫َو َب َار َك َع َلى َن ِ ِّيه ْاْلَم ِ َ‬
‫الُِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫ْنت‬‫َّنك َأن َ‬ ‫ال َّل ُه َّ َع ّل ْمنَنا َمنا َينْ َف ُعنَنا‪َ ،‬وا ْن َف ْعنَنا بِ َمنا َع َّل ْم َتنَنا‪َ ،‬و ِز ْدنَنا ِع ْل ًمنا إِن َ‬
‫ِ‬
‫اج َع ْنل َمنا َع ّل ْم َتنَنا ُح َّجن ًة َلنَنا َِل ُح َّجن َة َع َل ْينَنا َينا َر َّو‬ ‫ا ْل َعلِي ُ ا ْل َُكي ُ ‪ ،‬ال َّل ُهن َّ ْ‬
‫ُ ْك َم َة َوال َّت ْأ ِو َيل‪.‬‬ ‫ين‪ ،‬و َع ّلمنَا ا ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ْل َعا َلمي َن‪ ،‬ال َّل ُه َّ َف ّق ْهنَا في الُِّ ِ َ ْ‬
‫ات‪َ ،‬وإِن ََّما ل ِ ُك ِّل ا ْم ِر ٍئ َما ن ََوى‪َ ،‬ف َم ْن كَان َْت‬ ‫قال ‪« :‬إِنَّما ْاْلَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه َف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه‪َ ،‬و َم ْن كَان َْت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى‬
‫اج َر إِ َل ْي ِه»‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُد ْن ًيا ُيصي ُ َها َأ ْو ا ْم َر َأة َينْك ُُ َها َف ِه ْج َر ْت ُه إِ َلى َما َه َ‬
‫أ َّما بعُ‪:‬‬
‫اهَّلل‪ -‬الفقنه م اصنأالح اْلصنوليين‪:‬‬ ‫ِ‬
‫عنرف المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫فلما َّ‬
‫بأنه معرفة اْلحكام الشرعية نا ن‪ ،‬أن ي نين أننواَ اْلحكنام‪ ،‬ولهنذا قنال‬
‫(اْلَ ْح َكام َ ْ َعة)‪.‬‬
‫بعُه‪ْ :‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪30‬‬
‫واْلحكام م لغة العرو جمع حك ‪ ،‬والُك هو المنع‪ ،‬ومننه قنول‬
‫جرير‪:‬‬
‫إين أخننننناف عليكمنننننوا أن‬ ‫أبنننننني حنيفننننننة أحكمننننننوا‬
‫ننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننفهاءك‪ :‬أر‪ :‬امنعوه‪.‬‬
‫أَضنننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن‪،‬‬ ‫ن فقوله‪ :‬أحكموا فهاءك‬
‫أيضا م اللغة على القضناء‪ ،‬وهنو راجنع إلنى المعننى‬
‫و ُيألق الُك ً‬
‫اْلول؛ ْلن القاضي ُ ِّمي هبذا اِل ن ْلننه يمننع الخصنوم منن الت نال ‪،‬‬
‫عرف أكثره الُك‬
‫راجع إلى المنع‪ ،‬وأما عنُ اْلصوليين فقُ َّ‬
‫ٌ‬ ‫فالقضاء‬
‫خأاو الشارَ المتع ِّلق بأفعال المك َّلفين باِلقتضناء أو التخيينر أو‬
‫ُ‬ ‫بأنه "‬
‫الوضع"‪.‬‬
‫فقوله ‪" :‬خأاو الشارَ" المراد به‪ :‬كالمه‪ ،‬وقال اإلمنام أحمنُ ‪-‬‬

‫اهَّلل‪ :-‬خأاو اهَّلل كالمنه‪ ،‬فقولنه تعنالى‪{ :‬أَقميمُلوا الصَّلالة حكن ؛‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫خأاو للشارَ الكري ‪ ،‬وقوله‪{ :‬يلِ َأيههلِ القل مذين نماُلوا ا ْن َت ما ُلوا كَل مامًا مملن‬
‫ٌ‬ ‫ْلنه‬

‫خأاو من الشارَ الكري ‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫الظقنِّ [الُجرات‪ ]13:‬حك ؛ ْلنه ً‬
‫أيضا‬
‫خأناو منن الشنارَ‬ ‫ات» حكن ؛ ْلننه‬ ‫وقولنه ‪« :‬إِنَّما ْاْلَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الكنري ‪ ،‬وقولنه ‪َ « :‬من ْن َقت ََنل َقتِ ً‬
‫نيال َف َلن ُه َ ن َل ُ ُه» حكن ؛ ْلننه خأناو مننن‬
‫الشارَ الكري وهكذا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪31‬‬
‫هننذا هننو الننذر عليننه أكثننر علمنناء اْلصننول أن الُك ن هننو خأنناو‬
‫خأناو الشنارَ‪،‬‬ ‫الشارَ‪ ،‬وذه‪ ،‬بعض اْلصوليين إلى أن الُكن لني‬
‫ولكنه ُمقت ََضى خأاو الشارَ‪.‬‬
‫عرفوه ُمقتضى خأاو الشارَ‪ ،‬وع ّنر بعضنه بقولنه‪ :‬منُلول‬
‫ولهذا ّ‬
‫خأاو الشارَ‪.‬‬
‫والفننرق بينننه وبننين تعريننف الُك ن بأنننه خأنناو الشننارَ أن قولننه‪:‬‬

‫{أَقميمُوا الصَّلالة حكن علنى التعرينف اْلول؛ ْلننه خأناو‪ ،‬وأ َّمنا علنى‬

‫هننو قولننه‪{ :‬أَقميمُللوا الصَّللالة وإنمننا هننو‬ ‫التعريننف الثنناين فننالُك لنني‬

‫وجوو الصالة المستفاد من قوله‪{ :‬أَقميمُوا الصَّالة ‪.‬‬

‫وكذلك قوله‪َ{ :‬نلُوا الزَّكَِة حك ٌ علنى التعرينف اْلول‪ ،‬أ َّمنا علنى‬
‫هننو الُك ن ‪ ،‬وإنمننا الُك ن هننو وجننوو الزكنناة‬ ‫التعريننف الثنناين فلنني‬

‫المستفاد من قوله‪َ{ :‬نلُوا الزَّكَِة ‪.‬‬


‫و ننوا ٌء عرفنننا الُك ن بأنننه خأنناو الشننارَ أو عرفننناه بأنننه ُمقت ََضننى‬
‫خأنناو الشننارَ فإنننه ِل يكتنن‪ ،‬علننى هننذا الخننالف ثمننرة عمليننة إِل أن‬
‫تعريفننه بمقتضننى خأنناو الشننارَ أدق؛ وذلننك حتننى يتميننز الننُليل عننن‬
‫المُلول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪32‬‬
‫فهذا التعريف الثاين الذر ذهن‪ ،‬لنه بعنض اْلصنوليين ‪-‬وهنو النذر‬
‫عليننه الفقهنناء‪ -‬أدق‪ ،‬و نن ‪ ،‬ذلننك حتننى يكننون المننُلول ‪-‬الننذر هننو‬
‫متميزا عن الُليل الذر هو خأاو الشارَ وكالمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫الُك ‪-‬‬
‫وصنف للخأناو‪ ،‬والمنراد بنه‪ :‬المنرت ب‬
‫ٌ‬ ‫وقوله ‪" :‬المتع ِّلق" هنذا‬
‫ٍ‬
‫صنُة‬ ‫ٍ‬
‫وجنوو أو تُنري ٍ أو‬ ‫بأفعال المك َّلفين على ٍ‬
‫وجه ي ين صفتها منن‬
‫ٍ‬
‫فساد أو نُو ذلك‪.‬‬ ‫أو‬
‫نال المك َّل ِفنين" معنناه‪ :‬المنرت ب‬
‫فقوله م التعريف‪" :‬المتع ِّلق بأ ْف َع ِ‬

‫بأفعال المكلفين على وجه ي ين صفتها من وجوو أو تُري أو ننُو أو‬


‫كراهة أو صُة أو فساد أو كوهنا رخصة أو عزيمة أو نُو ذلك‪.‬‬
‫ننال المك َّل ِفننين"‪ ،‬فاْلفعننال يننُخل فيهننا إيقاعننات‬
‫وقننوله ‪" :‬بأ ْف َع ِ‬

‫المك َّلفين وهي إحُى ذاهت ‪ ،‬ويُخل فيهنا أقنوال المكلفنين؛ ْلن القنول‬
‫أيضا‪ ،‬والمك َّلفنون‬
‫فعل‪ ،‬ويُخل فيها تروكات المكلفين؛ ْلن الكك فعل ً‬
‫جمع مكلف وهو ال ال العاقل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪33‬‬
‫وقوله ‪" :‬باِلقتضاء أو التخيينر أو الوضنع" هنذا فينه ٌ‬
‫بينان ْلقسنام‬
‫الُك الشرعي عنُ جمهور اْلصوليين‪ ،‬فالُك الشنرعي ِل يخلنو منن‬
‫قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬أن يكون تكليف ًيا‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬أن يكون وضع ًيا‪.‬‬
‫أيضا‪:‬‬
‫فالقس اْلول‪ :‬وهو الُك التكليفي‪ ،‬ينقس إلى قسمين ً‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬حك اقتضااي‪ ،‬أر‪ :‬طل ي‪.‬‬
‫‪ -‬والثاين‪ :‬حك تخييرر‪.‬‬
‫فأما الُك التخييرر فهو الم ناح؛ ْلن الشنارَ خ َّينر فينه بنين الفعنل‬
‫أيضا إلى قسمين‪:‬‬
‫والكك‪ ،‬وأما الُك اِلقتضااي الأل ي فينقس ً‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬طل‪ ،‬فعل‪.‬‬
‫‪ -‬والثاين‪ :‬طل‪ ،‬ترك‪.‬‬
‫فأما طل‪ ،‬الفعل فإن كان على وجه الجنزم فهنو الواجن‪ ،،‬وإن كنان‬
‫على َير وجه الجزم فهو المنُوو‪ ،‬وأما طل‪ ،‬الكك فإن كان على وجنه‬
‫المُرم‪ ،‬وإن كان على َير وجه الجزم فهو المكروه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الجزم فهو‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪34‬‬
‫أما القس الثاين وهو‪ :‬الُك الوضعي‪ ،‬والمراد به‪ :‬خأناو الشنارَ‬
‫ننُيُا‪ ،‬أو فا نننًُ ا‪ ،‬أو ننن ًا‪ ،‬أو شنننر ًطا‪ ،‬أو مان ًعنننا‪ ،‬أو‬
‫بجعنننل الشنننيء صن ً‬
‫رخصةً‪ ،‬أو عزيمة‪.‬‬
‫حكما وضع ًيا َّ‬
‫ْلن الشارَ وضعه وجعله عالمة على الُكن‬ ‫ً‬ ‫و ُ مي‬
‫أيضا بخأاو الوضع واإلخ ار‪.‬‬
‫التكليفي‪ ،‬و ُيسمى ً‬
‫والفرق بين الُك التكليفي والُك الوضعي‪ :‬أن الُك التكليفي‬
‫ِل ُبَُّ أن يكون م قُرة المكلف‪ ،‬ولهذا ُيأال‪ ،‬بنه‪ ،‬أمنا الُكن الوضنعي‬
‫فال ُيأال‪ ،‬به المكلف واء أكان م قُرته أو ل يكن م قُرته‪.‬‬
‫عالم ٌة على وجوو صالة ال هر‪ ،‬فقُ‬ ‫ومثال ذلك‪ :‬أن زوال الشم‬
‫م‬ ‫وضعه الشارَ الكري عالمنة علنى وجنوو صنالة ال هنر‪ ،‬وهنو لني‬
‫قُرة المك َّلف وِل يأال‪ ،‬بنه‪ ،‬وبلنوغ المنال نصنا ًبا عالمنة علنى وجنوو‬
‫الزكاة فيه‪ ،‬وهو م قُرة المك َّلف وِل يأال‪ ،‬به‪ ،‬فال يأال‪ ،‬المك َّلف بأن‬
‫يجمع المال حتى ي ل نصا ًبا منن أجنل أن يزكني‪ ،‬فنإ ًذا قنوله م تعرينف‬
‫الُك ن باِلقتضنناء أو التخييننر أو الوضننع هننذا فيننه بيننان ْلقسننام الُك ن‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪35‬‬
‫فإن قال قاال‪ :‬ما وجنه إدخنال الُكن التخيينرر ‪-‬وهنو الم ناح‪ -‬م‬
‫فيها تكليف؟‬ ‫الُك التكليفي مع أن اإلباحة لي‬
‫والجواو على هذا‪ :‬أن الم اح ُأدخنل م أحكنام التكلينف منن بناو‬
‫فيه تكليف ِل بفعنل وِل‬ ‫المسامُة وتقليل القسمة‪ ،‬وإِل فإن الم اح لي‬
‫بكك‪ ،‬وإنما ُأدخل م جملة اْلحكام التكليفية من باو تقليل القسمة‪.‬‬
‫وقننال بعننض علمنناء اْلصننول‪ُ :‬أدخننل الم نناح م جملننة اْلحكننام‬
‫التكليفية؛ ْلنه يوصف به فعل المكلف‪ ،‬وهنذا ذكنره شني اإل نالم ابنن‬
‫اهَّلل‪ -‬م [المسننو ّدة]‪ ،‬أمننا فعننل َيننر المك َّلننف كننالمجنون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تيميننة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫معفنو‬
‫ٌ‬ ‫عفنوا؛ ْلننه‬
‫احنا وإنمنا يسنمى ً‬
‫والص ي‪ ،‬والُابة‪ ،‬فهنذا ِل ُيسنمى م ً‬
‫عنه‪.‬‬
‫هذا تعريف الُك عنُ اْلصوليين‪ ،‬وقُ عرفننا أن أكثنر اْلصنوليين‬
‫عرفوا الُك بأنه خأاو الشارَ المتعلق بأفعال المكلفين باِلقتضاء أو‬
‫َّ‬
‫التخيير أو الوضع‪.‬‬
‫منقسما إلى عة أقسام وهي‪:‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬جعل الُك‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الواجنن‪ ،،‬والمنننُوو‪ ،‬والم نناح‪ ،‬والمُ ننور‪ ،‬والمكننروه‪ ،‬والصننُيح‪،‬‬
‫وال اطل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪36‬‬
‫ينه َو ِاِل ْ نتُِْ َِلل َط َلن‪ ،‬النَُّ لِيل‬‫والنَّ َ ر ُهو ا ْل ِفكر فِني حنال المن نور فِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المر ِشُ إِ َلى ا ْل َم ْأ ُلوو ِْلَ َّن ُه َعال َمة َع َل ْي ِه‪َ ،‬وال َّ ن َت ْج ِويز َأمر ْين‬ ‫ِ‬
‫َوالَُّ ليل ُه َو ْ‬
‫ِ‬ ‫حُهما أ ْظ َهر مِ ْن انخر‪َ ،‬و َّ‬
‫الش ّك َت ْج ِو ُيز َأ ْم َنر ْين َِل م ْزينة ْلَ َح َ‬
‫نُهما َع َلنى‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫َ‬
‫انخر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِس ِ اهَّللِ الرحم ِن ِ‬
‫الرحي ِ ‪ ،‬ا ْل َُ ْمُُ ل َّله َر ِّو ا ْل َعا َلمين‪َ ،‬و َص َّلى ُ‬
‫اهَّلل َو َ َّل َ‬ ‫َّ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫ين‪ ،‬و َع َلى آل ِ ِه و َأصُابِ ِه ومن َت ِعه بِإِحس ٍ‬
‫ان إِ َلى َي ْو ِم‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َُ ْ ْ َ‬ ‫َو َب َار َك َع َلى َن ِ ِّيه ْاْلَم ِ َ‬
‫الُِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫ات‪َ ،‬وإِن ََّما ل ِ ُك ِّل ا ْم ِر ٍئ َما ن ََوى‪َ ،‬ف َم ْن كَان َْت‬ ‫قال ‪« :‬إِنَّما ْاْلَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه َف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه‪َ ،‬و َم ْن كَان َْت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى‬
‫اج َر إِ َل ْي ِه»‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُد ْن ًيا ُيصي ُ َها َأ ْو ا ْم َر َأة َينْك ُُ َها َف ِه ْج َر ْت ُه إِ َلى َما َه َ‬
‫أ َّما بعُ ‪...‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أن العل نوعان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فلما ذكر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫‪ -‬النوَ اْلول‪ :‬عل ضرورر‪.‬‬
‫وعنرف المكتسنن‪ ،‬بأنننه الموقننوف‬
‫‪ -‬والننوَ الثنناين‪ :‬علن مكتسنن‪َّ ،،‬‬
‫على الن ر واِل تُِلل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪37‬‬
‫نا ‪ ،‬ذلك أن ي ين معنى الن ر واِل تُِلل‪ ،‬فقال‪( :‬النَّ َر ُه َو ا ْل ِفكر‬
‫يه)‪ ،‬والفكر هو التأمل م الشيء‪ ،‬وترتي‪ ،‬النتااج على‬ ‫ور فِ ِ‬ ‫فِي َح ِ‬
‫ال المنْ ُ ِ‬

‫المقُمات‪.‬‬
‫مقلوو من الكك‪ ،‬وذلك؛ ْلن الفكر هنو‬
‫ٌ‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬الفكر‬
‫طرح المعاين وطل ها للوصول إلى الصواو‪.‬‬
‫ور فِ ِ‬
‫يه) يعني‪ :‬بن نر ال صنيرة‪ ،‬وإذا ُأرينُ ن نر‬ ‫وقوله‪( :‬فِي َح ِ‬
‫ال المنْ ُ ِ‬

‫ال صر قيل‪ :‬المن ور إليه؛ ْلن ن ر ال صيرة يتعُى بكلمة "م"‪ ،‬وأما ن نر‬
‫ال صر فيتعُى بكلمة "إلى"‪ ،‬كقولك‪ :‬ن رت إلى زينُ‪ ،‬وقولنك‪ :‬ن نرت‬
‫م المسألة‪.‬‬
‫عرفنه‬
‫واِل تُِلل ا تفعال بمعنى‪ :‬طل‪ ،‬النُليل‪ ،‬والنُليل م اللغنة ّ‬
‫(المر ِشُ إِ َلى ا ْل َم ْأ ُلوو)؛ أر‪ :‬إلى المقصنود‬
‫ْ‬ ‫اهَّلل‪ -‬بأنه‬ ‫ِ‬
‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الم ُو عننه‪ ،‬و ُ نمي مرشنًُ ا إلنى المألنوو ْلننه عالمن ٌة علينه‪ ،‬فقنول‬
‫لغنور للنُليل‪ ،‬وقولنه‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫تعرينف‬
‫ٌ‬ ‫(المر ِشُ إِ َلى ا ْل َم ْأ ُلوو) هذا‬
‫ْ‬ ‫المصنف‪:‬‬
‫وو) يعني‪ :‬م لغة العرو‪.‬‬‫المر ِشُُ إِ َلى ا ْل َم ْأ ُل ِ‬ ‫ِ‬
‫(والَُ ل ُيل ُه َو ْ‬
‫َ‬
‫التوصل‬
‫ُّ‬ ‫فيعرف اْلصوليون الُليل‪ :‬بأنه ما يمكن‬
‫أما م اِلصأالح‪ِّ :‬‬
‫بصُيح الن ر فيه إلى حك ٍ شرعي‪ ،‬وبعنض اْلصنوليين يع ِّنر بقولنه‪ :‬منا‬
‫توصل بصُيح الن ر فيه إلى حك ٍ شرعي‪.‬‬
‫ُي َّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪38‬‬
‫يتوصنل المجتهنُ بنالن ر فينه‬
‫لكن التع ير اْلول أدق؛ ْلن الُليل قُ َّ‬
‫التوصننل‬
‫ُّ‬ ‫إلننى حك ن ٍ شننرعي وقننُ ِل َّ‬
‫يتوصننل‪ ،‬فننالتع ير بقولنننا‪ِ :‬ل يمكننن‬
‫توصل‪.‬‬
‫بصُيح الن ر فيه‪ ،‬أدق من التع ير بقولنا‪ :‬ما ُي َّ‬
‫وجملة "بصنُيح الن نر فينه" م التعرينف تعنني‪ :‬بنالن ر الصنُيح‪،‬‬
‫تُ َرز به عن الُليل الذر ُيتوصل بالن ر الفا ُ فيه إلى حك ‪.‬‬ ‫و ُي َ‬
‫نح ا ْل ُم ِقني ُ َي ْو ًمنا‬
‫ومثال ذلك‪ :‬ا تُِلل بعض الفقهاء بقوله ‪َ « :‬ي ْم َس ُ‬
‫يه َّن» علنى أن ُمنَُّ ة القصنر م السنفر ثالثنة‬ ‫َو َل ْي َل ًة َوا ْل ُم َسافِ ُر َث َال َث َة َأ َّيا ٍم بِ َل َينال ِ ِ‬

‫أيننام‪ ،‬فهننذا الننُليل دلين ٌنل صننُيح‪ ،‬لكننن الن ننر فيننه هنننا ن ن ٌنر فا ننُ؛ َّ‬
‫ْلن‬
‫الُُيث يُل على مُة المسح على الخفين ِل على مُة قصنر الصنالة م‬
‫السفر‪.‬‬

‫وكذلك ا تُِلل بعض الفقهاء بقولنه تعنالى‪{ :‬يلِ أَيههلِ القلذمين نماُلوا ال‬

‫لَأْكُُِوا الرِّبِ أَضْدِفًِ مُضَِعفَةً [آل عمران‪ ،]130:‬على أنه يجوز أكل اليسير‬
‫من الربا‪ ،‬فالُليل هنا ٌ‬
‫دليل صُيح لكن الن ر فيه هنا ن ٌر فا ُ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأرينق قأعني‪ ،‬أمنا منا‬ ‫وأكثر اْلصوليين يألقون الُليل على ما ث ت‬
‫دليال وإنما يسمونه أمارة‪.‬‬
‫كان ظن ًيا فال يسمونه ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪39‬‬
‫ولكن الذر عليه المُققون من اْلصوليين هو أن الُليل ُيألق على‬
‫مننا كننان قأع ًيننا وعلننى مننا كننان ظن ًيننا‪ ،‬وهننذا القننول اختنناره أبننو إ ننُاق‬
‫الشيرازر والقاضي أبو يعلى وَيره ؛ ْلن المرجنع م التسنمية هنو لغنة‬
‫العرو‪ ،‬والعرو يألقون الُليل على ما كان قأع ًيا وما كنان ظن ًينا‪ ،‬وهنذه‬
‫التفرقة ِل دليل عليها‪.‬‬
‫عنرف ال نن والشنك ْلهنمنا منن مراتن‪ ،‬اإلدراك‪،‬‬
‫عرف العلن َّ‬
‫ولما َّ‬
‫ومرات‪ ،‬اإلدراك هي من اْلعلى إلى اْلدنى كما يلي‪:‬‬
‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬العل ‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬ال ن‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪ :‬الشك‪.‬‬
‫‪ -‬راب ًعا‪ :‬الوه ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الجهل ال سيب‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬اد ً ا‪ :‬الجهل المرك‪.،‬‬
‫حُهما أ ْظ َهر مِ َن َ‬
‫انخر)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عرفه المصنف بأنه ( َت ْج ِويز َأمر ْين َأ‬
‫وال ن َّ‬
‫وقوله‪َ ( :‬ت ْج ِنويز) معنناه‪ :‬إدراك‪ ،‬وقولنه‪َ ( :‬أمنر ْين) حصنر التجنويز م‬
‫أمرين‪ ،‬مع أن ال ن قُ يكون م أمنرين وقنُ يكنون م أكثنر‪ ،‬فلنو أننه عنل‬
‫بقوله‪" :‬تجويز أمرين أو أكثر" لكان أدق‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪40‬‬
‫حُهما أ ْظ َهر مِ َن َ‬
‫انخر) هذا فيه دور‪ ،‬ووجه الُور معنناه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وقوله‪َ ( :‬أ‬
‫المعرف أو بعض مشتقاته م التعريف‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أن يذكر‬
‫واْلصننوليون يألقننون ال ننن ويريننُون بننه ال ننن الغالنن‪ ،،‬وال ننن‬
‫تعذ ِره‪ ،‬وهذا من رحمة الشارَ بنالمكلفين؛‬
‫الغال‪ ،‬يقوم مقام اليقين عنُ ُّ‬
‫ْلنه لو اشكط اليقين م كل مسألة لوقع الناس م الُرج والمشقة‪.‬‬
‫والعمل بال ن الغال‪ ،‬يشكط فيه عُة شروط‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط اْلول‪ :‬أن يكنون فينه شنيء ِل يشنكط فينه العلن واليقنين‪،‬‬
‫فأما ما يشكط فيه العل واليقين كمساال اِلعتقاد فال يكفي فيه ال ن‬
‫‪ -‬الشرط الثاين‪ :‬أن يكون العمل بال ن فيما ِل يمكن فيه العلن ‪ ،‬أمنا‬
‫ما يمكن فيه العل فال يكفي فيه العمل بال ن‪.‬‬
‫ومثننال ذلننك‪ :‬مننن اشننت هت عليننه الق لننة م الصننُراء فيكفيننه العمننل‬
‫بال ن الغال‪،‬؛ ْلنه ِل يمكنه العل ‪ ،‬أما من اشتملت علينه الق لنة م ال لنُ‬
‫فال يكفيه العمل بال ن الغال‪،‬؛ ْلنه يمكنه العل ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الش ّك َت ْج ِويز َأمر ْين َِل مزية ْلَ َح َ‬
‫ُهما على انخر)‪ ،‬فقوله‪:‬‬ ‫(و َّ‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫(ِل مِزية) يعني‪ِ :‬ل مرجح‪ ،‬وكما يكون الشك م أمرين يكون م أكثر من‬
‫أمرين‪ ،‬فلو أنه قال‪" :‬تجويز أمرين أو أكثنر ِل مزينة ل عضنها عنن انخنر"‬
‫لكان ذلك أدق‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪41‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬نعل أن ال ن هو إدراك الشيء على ما هو علينه منع‬
‫اعتقاد ضُ مرجوح‪ ،‬وأما الشك فهو إدراك علنى منا هنو علينه منع اعتقناد‬
‫ٍ‬
‫مساو‪ ،‬ويقابل ال ن الوه ‪ ،‬فنالوه ‪ :‬هنو إدراك الشنيء علنى منا هنو‬ ‫ضُ‬
‫عليه مع اعتقاد ضُ راجح‪.‬‬
‫فمنثال‪ :‬إذا كاننت إحنُى كفتني المينزان مرتفعنة‬
‫ً‬ ‫ويتضح هذا بمثال‪،‬‬
‫عن اْلخرى فنإن هنذا ُيسنمى ظنًنا‪ ،‬فتكنون الكفنة الراجُنة ظنًنا‪ ،‬والكفنة‬
‫وهمننا‪ ،‬وإذا ا ننتوت الكفتننان فإنننه يكننون ش ن ًكا‪ ،‬وإذا‬
‫المرجوحننة تكننون ً‬
‫علما ويقينًا‪.‬‬
‫طاشت كفة الميزان ووصلت هنايتها فإن هذا ُيسمى ً‬
‫إ ًذا ما هي المنا ة م ذكر العل والشنك وال نن والنوه م أصنول‬
‫الفقه؟‬
‫فننالجواو‪ّ :‬‬
‫أن المنا ن ة هنني أن موضننوَ أصننول الفقننه هننو اْلدلننة‪،‬‬
‫والن ر م اْلدلة قُ يكون على وجه العل ‪ ،‬وقُ يكنون علنى وجنه ال نن‪،‬‬
‫وقُ يكون على وجنه الشنك‪ ،‬وقنُ يكنون علنى وجنه النوه ‪ ،‬فنا ن‪ ،‬أن‬
‫اهَّلل‪ -‬حقااق هذه اْلشياء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ي ِّين المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪42‬‬
‫بمعنى‪ :‬أن المجتهُ قُ ين نر م النُليل فيسنتخرج مننه الُكن علنى‬
‫ٍ‬
‫وجه قأعي‪ ،‬وقُ ين ر فيه فيستخرج منه الُك على وجه ال ن الغالن‪،،‬‬
‫وقُ ين ر فيه فال يكجح له شيء بل يستويا عنُه اْلمران‪ ،‬فنا ‪ْ ،‬‬
‫أن ي ِّين‬
‫اهَّلل‪ -‬حقااق هذه اْلشياء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪43‬‬
‫اإل ْج َمال َو َك ْي ِف َّية ِاِل ْ تُِْ َِلل هبَا‪.‬‬
‫أصول ا ْل ِف ْقه طرقه على ِيل ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َوعل ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬الفقه باِلعت ار اْلول‪ ،‬وهو باعت ار‬ ‫ِ‬
‫عرف المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫لما َّ‬
‫مفرديه‪ ،‬أر‪ :‬باعت ار كوننه مضنا ًفا ومضنا ًفا إلينه‪ ،‬بنُأ ِّ‬
‫يعنرف أصنول الفقنه‬
‫وعلما على هذا الفن المعين‪.‬‬
‫ً‬ ‫باِلعت ار الثاين‪ ،‬وهو‪ :‬باعت ار كونه لق ًا‬
‫وبعننض اْلصنننوليين يقننول‪ :‬تعرينننف أصنننول الفقننه باعت ننناره لق ًنننا‪،‬‬
‫علما‪ ،‬والمقصود واحنُ‪ ،‬إِل‬
‫وبعضه يقول‪ :‬تعريف أصول الفقه باعت ار ً‬
‫أن اْلكثر منه يستُسنون التع ير بتعريف أصول الفقه لق ًنا؛ وذلنك ْلن‬
‫اللق‪ ،‬يشعر بمُح هذا العل ؛ ْلن تعريف اللق‪ :،‬هو ما أشنعر بمنُح أو‬
‫ذم‪ ،‬واختاروا أحسن اْلمرين فيهما وهو ما أشعر بمُح‪.‬‬
‫والفرق بين تعريف اْلصول باِلعت ار اْلول ‪-‬وهو اعت نار جزأينه –‬
‫وتعريف أصول الفقه باِلعت ار الثاين –وهو باعت ار كوننه لق ًنا علنى هنذا‬
‫الفن – من وجهين‪:‬‬
‫‪ -‬الوجه اْلول‪ :‬أن أصول الفقه باِلعت ار اْلول ُين ر فيه إلنى جزأينه‬
‫ومفرديه‪ ،‬بخالف تعريف أصول الفقه باِلعت ار الثاين‪ ،‬فال ُين نر فينه إلنى‬
‫علما على الشيء المعين‪.‬‬
‫الجزأين‪ ،‬بل ُينقل الجزءان ويكونان ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪44‬‬
‫مثال قال‪" :‬إين ع ُ اهَّلل"‪ ،‬فإن ذلك‬
‫وإيضاح ذلك بالمثال‪ :‬لو أن زيًُ ا ً‬
‫يالحظ فيها الجزءان‪ :‬الجزء اْلول‪" :‬ع ُ"‪ ،‬والجزء الثاين‪ :‬لفظ الجاللة‪،‬‬
‫لكن لو قال‪" :‬إين ع ُ اهَّلل"‪ ،‬فال ين ر فيه إلى الجزأين‪ ،‬بل ُينقنل الجنزءان‬
‫معين‪.‬‬ ‫علما على شخ‬
‫وهما كلمة "ع ُ" ولفظ الجاللة ويكونان ً‬
‫‪ -‬الوجه الثناين م التفرينق بينهمنا‪ :‬أن أصنول الفقنه باِلعت نار اْلول‬
‫بأدلة الفقه‪ ،‬فيكون معنى أصول الفقه أدلنة الفقنه‪ ،‬وأمنا باِلعت نار‬ ‫يخت‬
‫باْلدلنة‪ ،‬بنل يشنمل اْلدلنة‪ ،‬ويشنمل كيفينة اِل نتُِلل‬ ‫الثاين فال يخنت‬
‫أيضا حال المستُل وهو المجتهُ‪.‬‬
‫باْلدلة‪ ،‬ويشمل ً‬
‫ف‬‫وعلما على هنذا الفنن المعنين ُع ِّنر َ‬ ‫ً‬ ‫وأصول الفقه باعت ار كونه لق ًا‬
‫اهَّلل‪:-‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بتعريفننات كثيننرة عنننُ اْلصننوليين‪ ،‬منهننا‪ :‬قننول المصنننف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫اإل ْج َمال َو َك ْي ِف َّية ِاِل ْ تُِْ َِلل هبَا)‪.‬‬
‫(طرقه َع َلى ِيل ْ ِ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫مشتمل على جملتين‪:‬‬ ‫وهذا التعريف‬
‫‪ -‬الجملة اْلول‪ :‬قوله‪ُ ( :‬طرقه َع َلى ن ِيل ْ ِ‬
‫اإل ْج َمنال)‪ ،‬والأنرق هني‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اْلدلة‪ ،‬فإن اْلصوليين يع ِّرون بالأريق ويريُون به الُليل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪45‬‬
‫اإل ْجم ِ‬
‫ِ‬
‫ال) يعني‪ :‬على وجه اإلجمال‪ ،‬واإلجمال‬ ‫وقوله‪َ ( :‬ع َلى َ ِيل ْ َ‬
‫م لغة العرو يألق على معان‪:‬‬
‫‪ -‬ف ُيألق اإلجماَ بمعننى‪ :‬الجمنع‪ ،‬ومننه قولنك‪ :‬أجمنل الُسناو‪،‬‬
‫أر‪ :‬اجمعه‪.‬‬
‫‪ -‬ويألننق اإلجمننال بمعنننى‪ :‬اإلهبننام‪ ،‬ومنننه قولننك‪ :‬هننذه المسننألة‬
‫ُمجملة‪ ،‬أر‪ُ :‬م همة‪.‬‬
‫‪ -‬ويألق بمعنى‪ :‬اإلذابنة‪ ،‬تقنول‪ :‬جملنت الشنُ ‪ ،‬أر‪ :‬أذبتنه‪ ،‬ومننه‬

‫اهَّلل ا ْل َي ُهو َد‪ ،‬إِ َّن َ‬


‫اهَّلل َل َّما َح َّر َم َع َل ْي ِه ْ ُش ُُو َم َها َج َم ُلو ُه» يعني‪:‬‬ ‫قوله ‪َ « :‬ل َع َن ُ‬
‫أذابوه‪.‬‬
‫ومن اللأيف ما ذكره الجوهرر م [الصُاح] ّ‬
‫أن امرأ ًة قالنت ل نتهنا‬
‫ليلننة نكاحهننا‪ :‬تعففنني وتجملنني‪ ،‬وأدركننت ال نننت هننذه الوصننية وعرفننت‬
‫المننذاو‪،‬‬
‫مقصننود أمهننا‪ ،‬ومقص نُها‪" :‬تجملنني" معننناه‪ :‬خننذر الشننُ ُ‬
‫فيرجع اإلجمال هنا إلى المعنى الثالث‪ ،‬وقولها‪" :‬تعففي" معناه‪ :‬اشنربي‬
‫العفافة من الل ن‪ ،‬والعفافة من الل ن هي ما ي قى م الضرَ من اللن ن بعنُ‬
‫الوِلدة‪.‬‬
‫فإ ًذا اإلجمال م لغة العرو ُيألنق علنى ثالثنة معنان‪ :‬وهني الجمنع‪،‬‬
‫واإلهبام‪ ،‬واإلذابة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪46‬‬
‫وأصننول الفقننه هننو أدلننة الفقننه اإلجماليننة؛ َّ‬
‫ْلن اْلدلننة نوعننان‪ :‬أدلننة‬
‫إجمالية‪ ،‬وأدلة تفصيلية‪.‬‬
‫‪ -1‬فأما اْلدلة اإلجمالية المراد هبا‪ :‬اْلدلة الكلية التني ِل تنُل علنى‬
‫مسن ٍ‬
‫نألة معينننة‪ ،‬مثننل‪ :‬اْلمننر للوجننوو‪ ،‬والعننام يسننتغرق جميننع أفننراده‪،‬‬
‫ِّ‬
‫والمتأخر ينس المتقنُم إذا لن‬ ‫ومفهوم المخالفة حجة‪ ،‬والقياس ُمعتل‪،‬‬
‫يمكننن الجمننع بينهمننا‪ ،‬وا تُصنناو اإلجمنناَ م مُننل النننزاَ ِل ُيعتننل‪،‬‬
‫واِل تُسان ُحجة‪.‬‬
‫و ُ ميت إجمالية ْلهنا تجمع أحكنام مسناال كثينرة منن َينر أن تنُل‬
‫على مسألة معينة‪ ،‬فتضمنت معنى الجمع‪ ،‬وتضمنت معنى اإلهبام‪.‬‬
‫فمننثال‪ :‬اْلمننر للوجننوو ٌ‬
‫دليننل إجمننالي‪ ،‬فيننُخل فيننه‪ :‬اْلمننر بننل‬ ‫ً‬
‫الوالُين‪ ،‬واْلمر بإقامة الصالة‪ ،‬واْلمر بالوفاء بالعقود‪ ،‬واْلمر بالصيام‪،‬‬
‫وكل أمر م الشرَ‪.‬‬
‫فهو دليل إجمالي؛ ْلنه يجمع جميع اْلوامر الشرعية وِل ينُل علنى‬
‫ٍ‬
‫أمر معين‪ ،‬فإ ًذا اْلمر للوجوو ِل يُل على اْلمر للصنالة ً‬
‫منثال‪ ،‬أو اْلمنر‬
‫بالزكنناة‪ ،‬أو اْلمننر بالوفنناء بننالعقود‪ ،‬أو نُننو ذلننك مننن اْلوامننر‪ ،‬فاْلدلننة‬
‫اإلجمالية هي اْلدلة الكلية التي ِل تُل على مسألة معينة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪47‬‬
‫و ُ م َّيت إجمالية؛ ْلهنا تجمع أحكام مساال كثينرة منن َينر أن تنُل‬
‫على مسألة بعينهنا‪ ،‬وأصنول الفقنه ي ُنث م هنذا الننوَ منن اْلدلنة وهنو‬
‫اْلدلة اإلجمالية‪.‬‬
‫‪ -2‬النوَ الثاين‪ :‬اْلدلة التفصنيلية‪ ،‬وهني‪ :‬اْلدلنة الجزاينة التني تنُل‬
‫على مسألة معينة‪ ،‬وأمثله ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬كقوله تعالى‪{ :‬يلِ َأيههلِ القل مذين نماُلوا ِإذَا لَلَايا ُت ْد بِلَ ْي ىن ِإلَلٍ أَنل ىًّ مُسلمٍ‬
‫ٍ‬
‫مسنألة معيننة وهني‪:‬‬ ‫فَِكْتُ ُوهُ [ال قرة‪ ،]282:‬فهذا ٌ‬
‫دليل جزاي ينُل علنى‬
‫اْلمر بكتابة الُين‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله ‪َ « :‬م ْن َبَُّ َل ِدينَ ُه َفنا ْق ُت ُلوه» فهنذا ٌ‬
‫دلينل تفصنيلي؛ ْلننه ينُل‬
‫على مسألة معينة‪.‬‬
‫ار ِه» هذا دليل تفصيلي؛ ْلنه يُل‬
‫‪ -‬وقوله ‪« :‬ا ْل َج ُّار َأ َح ُّق بِ ُش ْف َع ِة َج ِ‬

‫على حك مسألة معينة‪.‬‬


‫‪ -‬وقوله ‪« :‬إِنَّما ْاْلَ ْعم ُال بِالنِّي ِ‬
‫ات» هنذا دلينل تفصنيلي؛ ْلننه ينُل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫على مسألة معينة‪.‬‬
‫السننننَّة‪ ،‬أو‬
‫وهكنننذا م ننناار اْلدلنننة الخاصنننة منننن أدلنننة الكتننناو أو ُ‬
‫مسألة معينة‪ ،‬أو القياس الخاص‪ ،‬أو نُو ذلنك منن اْلدلنة‬ ‫ٍ‬ ‫اإلجماَ على‬
‫الخاصة‪ ،‬فإهنا ُتسمى أدلة تفصيلية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪48‬‬
‫أخنذا منن التفصنيل؛ َّ‬
‫ْلن التفصنيل معنناه ال ينان‬ ‫ً‬ ‫و ُ م َّيت هبذا اِل‬

‫كما م قوله تعالى‪َ{ :‬كَذَلمك فُفَصًُِّّ اآليِ}م [اْلنعام‪ .]55:‬يعنني‪ :‬ن ينهنا‪،‬‬
‫وهذه اْلدلة ت ِّين أحكام هذه المساال المعينة‪.‬‬
‫ْلن موضنوَ أصنول‬ ‫واْلدلة التفصيلية ليست موضوَ أصول الفقه؛ ّ‬
‫اهَّلل‪ -‬أصنول‬ ‫ِ‬
‫عنرف المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الفقه هو اْلدلة اإلجمالينة‪ ،‬ولهنذا َّ‬
‫الفقه بأنه (طرقنه َع َلنى َ ن ِيل)‪ ،‬فيُنكز هبنذا عنن طنرق الفقنه عنن ن يل‬
‫التفصيل‪.‬‬
‫(و َك ْي ِف َّينة ِاِل ْ نتُِْ َِلل هبَنا)‪ ،‬يعنني‪:‬‬
‫الجملة الثانية م التعرينف‪ :‬قولنه‪َ :‬‬
‫كيفينننة ا نننتُِلل المجتهنننُ باْلدلنننة اإلجمالينننة‪ ،‬وا نننتفادته اْلحكنننام‬
‫بوا ننأتها‪ ،‬وذلننك بمعرفننة دِلِلت اْللفنناظ مننن العمننوم‪ ،‬والخصننوص‪،‬‬
‫واإلطننالق‪ ،‬والتقييننُ‪ ،‬والمنأننوق‪ ،‬والمفهننوم‪ ،‬والنصوصننية‪ ،‬وال هننور‪،‬‬
‫واإلجمال‪ ،‬وال يان‪ ،‬أو بمعرفة العلل والمعاين الشرعية‪.‬‬
‫فقولننه‪( :‬وكيفيننة اِل ننتُِلل هبننا)‪ ،‬معننناه‪ :‬وكيفيننة ا ننتن اط اْلحكننام‬
‫بوا ننأة هننذه اْلدلننة اإلجماليننة مننن اْلدلننة التفصننيلية؛ ْلن المجتهننُ‬
‫يسنتعمل هننذه اْلدلننة اإلجماليننة ِل ننتن اط اْلحكننام وأخننذها مننن اْلدلننة‬
‫التفصيلية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪49‬‬
‫ننننننننثال‪ :‬قولنننننننننه تعنننننننننالى‪َ{ :‬اسْتَنْللللللل لهََُِا شللللللل لهِيَيْنِ ممللللللل لنْ‬
‫ً‬ ‫فمن‬

‫رِنِلمكُدْ [ال قرة‪ْ ،]282:‬لن على صيغة ا ْف َعل‪ ،‬فقولنه‪َ{ :‬اسْتَنْلهََُِا‬


‫على صيغة افعلوا‪ ،‬وهي من صي الوجوو‪.‬‬
‫والننُليل اإلجمننالي أن اْلمننر المألننق يقتضنني الوجننوو‪ ،‬فتكننون‬
‫النتيجة أن اِل تشهاد واج‪ ،،‬أر ا تشهاد رجلين من المسلمين واج‪،‬‬
‫على الُين‪ ،‬هذا هو ظناهر انينة‪ ،‬لكنن جناء منا يصنرف هنذا النُليل عنن‬
‫ظاهره وهو أن الن ي ‪ ‬اشكى من جابر ‪ ‬فر ً ا ول يشهُ‪.‬‬

‫وكذلك قوله تعنالى‪َ{ :‬ال لَِْربُلوا الزِّفَلٍ [اإل نراء‪ ،]32:‬هنذا ٌ‬


‫دلينل‬
‫تفصيلي وهو على صيغة النهي وهي "ِل تفعلوا"‪ ،‬والُليل اإلجمنالي أن‬
‫النهي المألق يقتضي التُري ‪ ،‬فتكون النتيجة أن قربان الزنا مُرم‪.‬‬
‫فإ ًذا أصول الفقه كما أننه يشنمل اْلدلنة اإلجمالينة فهنو يشنمل ً‬
‫أيضنا‬
‫كيفيننة اِل ننتُِلل باْلدلننة اإلجماليننة علننى اْلحكننام الشننرعية مننن اْلدلننة‬
‫التفصيلة‪.‬‬
‫ومُار اِل تُِلل وا تن اط اْلحكام الشرعية م ني على أمرين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ :‬معرفة الُِلِلت اللف ية‪.‬‬
‫‪ -‬واْلمر الثاين‪ :‬معرفة العلل والمعاين الشرعية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪50‬‬
‫فالُِلِلت اللف ية متع ِّلقنة ب نواهر النصنوص منن الكتناو ُ‬
‫والسننَّة‪،‬‬

‫والعلل والمعاين الشرعية متع ِّلقة ب واطن النصوص من الكتاو ُ‬


‫والسنَّة‪.‬‬
‫وفقنه العلنل والمعناين الشنرعية فقنُ ِ‬
‫فقنه‬ ‫فمن فقه الُِلِلت اللف ينة ِ‬

‫ظننواهر النصننوص وبواطنهننا‪ ،‬وهننذا ين ِّ ُهننك علننى أهميننة معرفننة دِلِلت‬


‫اْللفاظ ومعرفة اْلقيسة والعلل والمعاين الشرعية‪.‬‬
‫ويلُننق اْلصننوليون بم احننث أصننول الفقننه أحكننام المسننتُل وهننو‬
‫المجتهُ؛ ْلنه هو الذر يسنتعمل اْلدلنة اإلجمالينة م ا نتن اط اْلحكنام‬
‫الشرعية‪ ،‬ولهذا يذكرون م آخر م احث أصول الفقه اِلجتهاد وأحكامه‪.‬‬
‫مكمالتنه ومتمماتنه‪،‬‬
‫من صل‪ ،‬أصول الفقنه‪ ،‬ولكننه منن ِّ‬ ‫وهذا لي‬
‫كما ّ‬
‫أن اْلحكام الشرعية التي تقَُّ م الكالم عليها ليست من صل‪ ،‬أصول‬
‫وممهُاته‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الفقه ولكنها من مقُماته‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪51‬‬

‫أصول ا ْل ِف ْقه‬
‫َأ ْب َواو ُ‬

‫قسام ا ْل َك َالم‪َ ،‬و ْاْلَمر َوالنَّ ْهي‪َ ،‬وا ْل َعام َوا ْل َخاص‪ ،‬والمجمل والم ين‪،‬‬
‫َأ َ‬
‫اهر والمؤول‪َ ،‬و ْاْلَ ْف َعال‪ ،‬والنا والمنسوخ‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫اإل ْج َماَ‪َ ،‬و ْاْلَ ْخ َار‪،‬‬ ‫وال َّ ِ‬
‫َ‬
‫اإل َبا َحة‪ ،‬وترتي‪ْ ،‬اْلَ ِد َّلة‪َ ،‬وص َفة ا ْل ُم ْفتي والمستفتي‪،‬‬
‫َوا ْل ِق َياس‪ ،‬والُ ر َو ْ ِ‬

‫َو َأ ْح َكام ا ْل ُم ْجتَهُين‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬أصنول الفقنه باعت نار كوننه لق ًنا‬ ‫ِ‬


‫عنرف المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولما َّ‬
‫على هذا الفن المعين عُد أبواو أصول الفقه التي ذكرها م كتابه فقنال‪:‬‬
‫قسام‪ :‬ا ْل َك َالم‪َ ،‬و ْاْلَمر َوالن َّْهي ‪ ) ...‬إل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أصول ا ْلف ْقه َأ َ‬
‫(وأبواو ُ‬
‫ول ا ْل ِف ْقه)‪ :‬أبوابه التني ذكرهنا م كتابنه‪ ،‬وإن‬ ‫أص ِ‬ ‫أبواو ُ‬
‫ُ‬ ‫ومقصوده بن (‬
‫كان َيره من اْلصوليين قُ زاد َير هذه اْلبواو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪52‬‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬عشرين با ًبا‪ ،‬وهي‪َ ( :‬أ َ‬
‫قسام ا ْل َك َنالم‪،‬‬ ‫وقُ ذكر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهر والمؤول‪،‬‬ ‫و ْاْلَمر والنَّهي‪ ،‬وا ْلعام وا ْل َخاص‪ ،‬والمجمل والم ين‪ ،‬وال َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫اإل ْج َماَ‪َ ،‬و ْاْلَ ْخ َار‪َ ،‬وا ْل ِق َياس‪ ،‬والُ ر‬ ‫َو ْاْل َ ْف َعال‪ ،‬والنا ِ والمنْسوخ‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫ُ‬
‫احنننة‪ ،‬وترتيننن‪ْ ،‬اْلَ ِد َّلنننة‪َ ،‬وصننن َفة ا ْل ُم ْفتننني والمسنننتفتي َو َأ ْح َكنننام‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬
‫ا ْل ُم ْجتَهُين)‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م أبواو الكتاو اِل تصُاو‪ ،‬إِل‬ ‫ِ‬
‫وقُ ذكر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أنه ل يعُُّ ه هنا؛ إما ْلنه نسيه أثناء تعُاد أصول الفقه‪ ،‬أو أنه بُا له بعُ أن‬
‫ذكر هذه اْلبواو أن يضيف إليها باو اِل تصنُاو‪ ،‬والغفلنة والنسنيان‬
‫من ط يعة اإلنسان‪ ،‬وِل عت‪ ،‬على اإلنسان فيما ج له اهَّلل ُانه وتعنالى‬
‫عليه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪53‬‬

‫َأ َ‬
‫قسام ا ْل َك َالم‬

‫قسام ا ْل َك َالم َف َأقل َما يكك‪ ،‬مِنْ ُه ا ْل َك َالم ا مان‪َ ،‬أو ا ْ َوفعل‪،‬‬
‫َف َأما َأ َ‬
‫َأو فعل وحرف‪َ ،‬أو ا ْ وحرف‪.‬‬
‫َوا ْل َك َالم َينْ َق ِس ‪ :‬إِ َلى َأمر َوهني‪َ ،‬وخل وا تخ ار‪ ،‬وينقس َأ ْيضنا إِ َلنى‬
‫ٍ‬
‫تمن َوعرض َو َق َس ‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬منن هنذه المقُمنة بنُأ ينتكل علنى‬ ‫ِ‬


‫لما فرغ المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ال او اْلول من أبواو أصول الفقه وهو أقسام الكالم‪.‬‬
‫وم ُننث الكننالم مننن أع ن وأجن ّنل م احننث أصننول الفقننه‪ ،‬و ُيسننمى‬
‫بم ُث الُِلِلت اللف ية أو الُِلِلت اللغوية‪ ،‬وهو من أع ن م احنث‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫اْلصول شأنًا‪ ،‬وقُ ُعني به اْلصوليون ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪54‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م كتابنه [رفنع ا لمنالم]‬ ‫ِ‬
‫وذكر شي اإل الم ابن تيمينة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫جننًُ ا‪ :‬ين غنني لأالنن‪ ،‬العل ن أن ُيعنننى بننذكر أن شننأر‬ ‫ناو نفنني‬
‫وهننو كتن ٌ‬
‫نع إلننى الخننالل م الننُِلِلت اللف يننة‪،‬‬
‫الخننالف م أصننول الخننالف راجن ٌ‬
‫و ‪ ،‬عناية اْلصوليين بُِلِلت اْللفاظ اللغوية أن النصوص الشنرعية‬
‫والسنَّة جاءت بلسان عربي ولغته ‪ ،‬وِل يمكن فقهها إِل بفقه‬
‫من الكتاو ُ‬
‫نإن معرفننة لغننة العننرو ُت ْعتننل ن ً‬
‫نياجا مني ًعننا لُفننظ‬ ‫لغننة العننرو‪ ،‬ولهننذا فن َّ‬
‫النصوص‪.‬‬
‫كثير من ال َُ إِل بس ‪ ،‬الجهل بلغنة العنرو‪ ،‬وإذا تأ َّم ْلنت‬
‫وما دخل ٌ‬
‫رؤ اء الفنرق الم تُعنة وزعماءهنا فإنَّنك تجنُ ّ‬
‫أن أَلن ه ‪-‬إن لن يكنن‬
‫كله ‪ -‬ليسوا من العرو‪ ،‬وإنمنا هن منن العجن النذين لن ُيفأنروا علنى‬
‫اللغة العربية ول يُركوها‪ ،‬فأ َّدى ذلك إلى نتااج وخيمة وفتن ع يمة‪.‬‬
‫أثر ك ير م الفقه‪ ،‬ومن لأينف منا ذكنره ابنن هشنام‬
‫واللغة العربية لها ُ‬
‫هنارون الرشنيُ‪،‬‬ ‫وَيره أن الكسااي والقاضي أبا يو نف كاننا م مجلن‬
‫فقال الكسااي ْلبي يو ف‪" :‬أ ألك مسنألة"‪ ،‬فقنال أبنو يو نف‪" :‬أم‬
‫معننروف بمعرفننة لغننة العننرو أو بالفقننه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫نُننو؟" والكسننااي‬ ‫فقن ٍنه أم م‬
‫فاشتهر بمعرفة النُنو واللغنة‪ ،‬فقنال الكسنااي‪" :‬بنل م فقنه"‪ ،‬فضنُك‬
‫بقُمنه‪ ،‬وقنال الكسنااي‪" :‬يسنأل م فقنه!"‬ ‫هارون الرشنيُ حتنى فُن‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪55‬‬
‫فأحفظ ذلك الكسااي وأَض ه‪ ،‬ث قنال ْلبني يو نف‪" :‬منا تقنول لنو َّ‬
‫أن‬
‫نالق ْ‬
‫أن دخلننت الننُار"‪ ،‬ف ننادر أبننو يو ننف‬ ‫رجن ًنال قننال ِلمرأتننه‪ :‬أنننت طن ٌ‬
‫بالجواو وقال‪ " :‬إن دخلت النُار طلقنت‪ ،‬وإن لن تنُخل لن تألنق"‪،‬‬
‫الكسنااي الصنعُاء وعلن أن نهمه قنُ أصناو‪ ،‬وقنال‪ :‬أخأنأت‬ ‫فتنف‬
‫أخأأت‪.‬‬
‫أن دخلنت النُار"‪ ،‬فنن "أ ْن" هننا‬
‫ووجه الخأأ أننه قنال‪" :‬أننت طنالق ْ‬
‫للتعليل وليست للشرط والتعليق‪ ،‬فتأ ُلق ْلهنا دخلت النُار‪ ،‬بخنالف منا‬
‫إذا قال‪" :‬أنت طالق ْ‬
‫إن دخلت الُار"‪ ،‬فُينئذ إن دخلت طلقت‪ ،‬وإن ل‬
‫تُخل تألق‪.‬‬
‫وعرض هارون الرشيُ على أبي يو ف مسألة‪ ،‬فقال له‪ :‬ما تقنول ينا‬
‫أبا يو ف م قول القاال‪:‬‬
‫* وإن َت ْخرقي يا هنُ فنالخرق‬ ‫فإن َترفقني ينا هنْنُ فنالر ْف ُق أيمن ُن‬
‫ْ‬
‫ننق‬ ‫أشن ثنننال ٌ ومنننن َي ْخنننرق أعن‬ ‫ننالق َعزيمنن ٌة‬
‫ْ*‬ ‫طننالق وال َأ َ‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫فأنننت‬
‫نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننأ ُم‬
‫بنالجواو‪ ،‬وقنال‪" :‬هنذه‬
‫نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن‬ ‫فتذكر أبو يو ف حادثته اْلولى ول ي ادروأ ْظ َل‬
‫مسألة فقهية نُوية"‪ ،‬فانألق إلى الكسااي عال اللغنة فسنأله عنن ذلنك‪،‬‬
‫فقام الكسااي وقال‪ :‬يختلنف الُكن م قولنه‪( :‬ثنال ) فنإن قنال‪ :‬فأننت‬
‫ٌ‬
‫طالق والأالق عزيمة ثال ‪ ،‬فإهنا تألق طلقة واحُة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪56‬‬
‫ْلنننه قننال‪( :‬فأنننت طننالق) فوقننع الأننالق‪ ،‬ث ن ابتننُأ الكننالم وقننال‪:‬‬
‫(والأالق عزيمة ثال ) يعني‪ :‬العزيمة م الشرَ ثال طلقنات‪ ،‬فيكنون‬
‫قوله‪( :‬ثال ) خلًا لقوله‪( :‬الأالق)‪.‬‬
‫وأمننا إن قننال‪ :‬ثال ًثننا فإهنننا تألننق ثننال طلقننات؛ ْلن التقننُير‪ :‬فأنننت‬
‫طننالق ثال ًثننا‪ ،‬فتألننق ثننال طلقننات‪ ،‬ويكننون قولننه‪( :‬والأننالق عزيم ن ٌة)‬
‫جملننة معكضننة‪ ،‬فهننذا ي ننين لننك أهميننة معرفننة لغننة العننرو م اْلحكننام‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫أيضا ما ذكره أبو اْل نود النُؤلي أننه رأى علنى‬
‫ومن لأيف ما يذكر ً‬
‫بعنننض النننُكاكين ع نننارة ْلبننني فنننالن فقنننال‪ " :‬ننن ُان اهَّلل يلُننننون‬
‫و ُيرزقون!"‪.‬‬
‫أيضا يأ ق على طالن‪ ،‬العلن إذا كنان يلُنن م كالمنه فكينف‬
‫وهذا ً‬
‫يننرزق العل ن ! فالمقصننود تن يننه طالنن‪ ،‬العل ن علننى العنايننة بلغننة العننرو‬
‫واِلهتمننام بُرا ننتها؛ وذلننك لمننا لهننا مننن أثننر ع نني م التعننرف علننى‬
‫اْلحكام الشرعية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪57‬‬
‫والكننالم عنننُ اْلصننوليين أو ننع مننن الكننالم عنننُ النُنناة‪ ،‬فالنُنناة‬
‫يعرفننون الكننالم بأنننه‪ :‬اللفننظ المفيننُ فااننُة يُسننن السننكوت عليهننا‪ ،‬أمننا‬
‫ِّ‬
‫اْلصنننوليون فيعرفنننون الكنننالم بأننننه‪ :‬اْللفننناظ المجموعنننة واْلصنننوات‬
‫المسموعة‪.‬‬
‫وهذا يشمل الكالم المفيُ فااُ ٌة يُسنن السنكوت عليهنا‪ ،‬والكنالم‬
‫الذر ِل تُصل به اإلفادة‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬الكالم إلى عُة أقسام لعُة اعت ارات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وقس المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫َّ‬
‫فقس الكالم باعت ار ما يكك‪ ،‬منه إلى أقسام‪.‬‬
‫‪َّ -‬‬
‫‪ -‬وقسمه باعت ار الأل‪ ،‬وعُمه إلى أقسام‪.‬‬
‫‪ -‬وقسمه باعت ار ا تعماله إلى قسمين‪.‬‬
‫واْلحكام على اْلشياء تختلف باختالف الجهات واِلعت ارات‪.‬‬
‫فأما الكالم باعت ار أقل ما يكك‪ ،‬منه فينقس إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬ا مان‪ ،‬وذلك مثل قولنا‪" :‬الصُق منجناة" الصنُق‪ :‬ا ن ‪،‬‬
‫آخر‪" ،‬والصيف حار"‪ ،‬و"اهَّلل كري "‪ ،‬و"مُمُ ر ول"‪.‬‬ ‫ومنجاة‪ :‬ا‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬ا ٌ وفعل‪ ،‬وذلك مثل قولنا‪" :‬اشتُ الكرو"‪ ،‬اشنتُ‪ :‬فعنل‪،‬‬
‫والكننرو ا ن ‪ ،‬و"جنناء النصننر"‪ ،‬جنناء‪ :‬فعننل‪ ،‬والنصننر‪ :‬ا ن ‪ ،‬و"ا ننتقام‬
‫وفاعل‪.‬‬ ‫مُمُ"‪ ،‬ا تقام‪ :‬فعل‪ ،‬ومُمُ‪ :‬ا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪58‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا عنُ المصنف‪ :‬فعل وحرف‪ ،‬وم ّثلوا له بن "لن يقن " فنإن لن ‪:‬‬
‫حرف‪ ،‬ويق ‪ :‬فعل‪ ،‬وكذلك "ما قام"‪ ،‬فإن ما‪ :‬حرف‪ ،‬وقام‪ :‬فعل‪.‬‬
‫وهذا الذر ذكره المصنف ل يرتضه جمهور العلماء من اْلصوليين‬
‫واللغويين؛ ّ‬
‫ْلن هناك كلمة ُمضمرة‪ ،‬والتقُير‪ :‬ل يق هنو‪ ،‬ومنا قنام هنو‪،‬‬
‫فليست هذه الجملة مؤ َّلفة من كلمتين‪ ،‬ولكنها مؤلفة من ثال كلمنات‪،‬‬
‫هي‪ :‬ل ‪ ،‬والفعل يق المجزوم‪ ،‬والضمير المستك هو‪.‬‬
‫و"ما قام" جملة ليست مؤلفة من كلمتنين‪ ،‬ولكنهنا مؤلفنة منن "منا"‬
‫التي هي حرف وقام الذر هو فعل‪ ،‬والضمير المستك الذر هو "هو"‪.‬‬
‫وحرف‪ ،‬وم ّثلوا له بن "يا زيُ" فإن‬ ‫أيضا‪ :‬ا‬
‫‪ -‬راب ًعا عنُ المصنف ً‬
‫‪.‬‬ ‫يا‪ :‬حرف نُاء‪ ،‬وزيُ‪ :‬ا‬
‫أيضا أكثر اْلصوليين واللغنويين؛ ْلن حنرف‬
‫وهذا القس ل يرتضه ً‬
‫"يا" ناو مناو فعل وفاعنل‪ ،‬والتقنُير‪ :‬أدعنو زينًُ ا‪ ،‬فنأدعو‪ :‬مؤ َّلنف منن‬
‫كلمتين‪ :‬الفعل والضمير المتصل وهو واو الجماعة‪ ،‬وزينًُ ا‪ :‬مفعنول بنه‪،‬‬
‫فليست مؤ َّلفة من كلمتين ولكنها مؤلفة من ثال كلمات‪.‬‬
‫والتُقيق‪ :‬أن أقل ما يكك‪ ،‬منه الكالم إما قسنمان‪ ،‬أو ا ن وفعنل‪،‬‬
‫لكن اْلصوليين أحيانًا يتسامُون م أشياء يُقق فيها النُاة‪ ،‬وِل يثينرون‬
‫عن التُقيق المعروف عنُ علماء النُو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪59‬‬
‫التقسي الثاين‪ :‬أقسام الكالم باعت ار الأل‪ ،‬وعُمه‪.‬‬
‫والكالم هبذا اِلعت ار ينقس إلى أقسام عنُ المصنف وهي‪:‬‬
‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬اْلمر‪ ،‬ومثاله‪ :‬ق ‪ ،‬واكت‪ ،،‬واذه‪ ،،‬واجل ‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬النهني‪ ،‬مثنل‪ِ :‬ل تقن ‪ ،‬وِل تنذه‪ ،،‬وِل تجلن ‪ ،‬وِل تكتن‪،،‬‬
‫و يأيت تعريف النهي م مُله حيث ذكره المصنف‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪ :‬الخل‪ ،‬مثل‪ :‬جاء زيُ ول يق عمرو‪ ،‬و يأيت تعرينف الخنل‬
‫م مُله حيث ذكره المصنف‪.‬‬
‫‪ -‬راب ًعا‪ :‬اِل تخ ار‪ ،‬وهو طل‪ ،‬الخل‪ ،‬و ُيع َّر عنه باِل تفهام‪ ،‬مثنل‪:‬‬
‫هل جاء زيُ؟ وهل قام عمرو؟ ف ُيقال‪ :‬نع أو يقال‪ِ :‬ل‪.‬‬
‫ث قال‪( :‬وينقس َأ ْيضا إِ َلى ٍ‬
‫تمن َوعرض َو َق َس )‪.‬‬
‫والتمني‪ :‬هو طل‪ ،‬الشيء النذر ِل طمنع م حصنوله‪ ،‬وذلنك كقنول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬
‫َفن ُنأ ْخ ِره بِ َمننا َف َعننل المشن ُ‬
‫ني‪،‬‬ ‫*‬ ‫نت َ‬
‫الش ن َاو ًي ُعننو ُد َي ْو ًمننا‬ ‫أِل ل ْين َ‬
‫رجوعنه‪ ،‬وعلننى تمنني الشن او فنإن أَلنن‪،‬‬ ‫فنإن الشن او ِل طمننع م‬ ‫أيمن ّ‬
‫نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن ُن‬
‫الناس يكرهون الشي‪ ،‬مع أنه وقار‪ ،‬وم ذلك يقول أحُه لما شاو‪:‬‬
‫* ف َا َد َر ْت َهننا بننالنتف َخ ْو ًفننا مِننن‬ ‫وزاارات للشي‪ً ،‬ح َّلت بِم ْف ٍ‬
‫نرق‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫الُتن ُرو ْيُة بِالجيش الذر َجا َء مِ ِ‬
‫ن‬ ‫ف َقالننت َع َلننى ضننعف ا ننتأ َّل‬
‫نننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننف‬ ‫ن * *َ‬ ‫ت‬
‫أيمننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن ُ‬
‫* َخ ْل ِفنننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننني‬
‫ووحنننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننَُ يت *‬
‫ْ‬
‫*‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪60‬‬
‫فننالتمني هننو طلنن‪ ،‬مننا ِل طمننع م حصننوله‪ ،‬بخننالف الكجنني‪ :‬فهننو‬
‫طل‪ ،‬الشيء الممكن‪.‬‬
‫وأمننا العن ْنرض بإ ننكان الننراء فهننو طلنن‪ ،‬الشننيء بلننين ورفننق‪ ،‬كقننول‬
‫خيرا‪ ،‬بخالف الُض‪ ،‬فهو‪ :‬طل‪ ،‬الشنيء‬
‫القاال‪ :‬أِل تنزل عنُنا فتصي‪ً ،‬‬
‫بِ َُ ٍّث‪.‬‬
‫وال َق َس ‪ :‬هو الُلف كما لو قلت‪ :‬واهَّلل لتنزل َّن عنُنا‪ ،‬وهذه اْلقسنام‬
‫الثالثة راجعة إلى التقسي باِلعت ار السابق‪ ،‬باعت ار الأل‪ ،‬وعُمه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬أعناد قولنه‪( :‬و َينْ َقسن ُ ) م قولنه‪( :‬و َينْ َقسن ُ‬
‫والمصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫تمن َوعرض َو َق َس )‪ ،‬منع أن منا ذكنره وهنو‪ :‬التمنني والعنرض‬ ‫َأ ْيضا إِ َلى ٍ‬

‫اهَّلل‪ -‬يقنول‪:‬‬ ‫ِ‬


‫والقس داخل م التقسي الذر ق له‪ ،‬فكان ين غي له ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الكالم ينقس إلى أمر وهني‪ ،‬وخل‪ ،‬وا تخ ٍ‬
‫ار‪ ،‬وتمن‪ ،‬وعنرض‪ ،‬وقسن ‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وِل حاجة إلى أن يقول‪ :‬وينقس ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪61‬‬
‫جنه آخنر َينْ َق ِسن إِ َلنى‪َ :‬ح ِقي َقنة ومجناز‪ ،‬فالُقيقنة َمنا َب ِقني فِني‬
‫ومن و ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نألح َع َل ْي ِنه منن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اص َ‬ ‫يمنا ْ‬
‫اِل ْ ت ْع َمال علنى َم ْو ُضنوعه‪َ ،‬وقينل‪َ :‬منا ا ْ ن ُت ْعمل ف َ‬
‫المخاطِ ة‪.‬‬
‫تجوز َعن َم ْو ُضوعه‪ ،‬والُقيقة إِ َّما لغوية َوإِ َّما َش ْر ِع َّية َوإِ َّما‬ ‫َوا ْل َ‬
‫مج ُاز َما َّ‬
‫عرفية‪.‬‬

‫التقسنني الثالننث‪ :‬أقسننام الكننالم باعت ننار ا ننتعماله‪ ،‬ويعننل بعضننه‬


‫بقوله‪ :‬أقسام الكالم باعت ار مُلوله‪ ،‬وهو هبذا اِلعت نار ينقسن عننُ أكثنر‬
‫اْلصوليين واللغويين إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬الُقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬مجاز‪.‬‬
‫خننالف طويننل شننهير بننين العلمنناء مننن‬
‫ٌ‬ ‫وهننذا التقسنني وقننع فيننه‬
‫اْلصوليين واللغويين وَيره ‪ ،‬ونذكر منا ي هنر أننه التُقينق م المسنألة‬
‫عنُ هناية الكالم على المجاز م در نا القادم بإذن اهَّلل تعالى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪62‬‬
‫فهذا التقسي للكالم باعت ار ا تعماله إلنى حقيقنة أو مجناز إنمنا هنو‬
‫عنُ أكثر اْلصوليين واللغويين‪ ،‬والكالم هبذا اِلعت ار ينقس إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬الُقيقة‪ ،‬والُقيقة فعيلة منن حنق الشنيء إذا ث نت‪،‬‬

‫ومنننننننه قولننننننه تعننننننالى‪{ :‬حِميلللل لٌَ عَِللللللٍ أَنْ ال أَقُللللللو َ عَِللللللٍ الِقلللل لهم إِلقللللللِ‬

‫الْحََّ [اْلعراف‪ ،]105:‬والُق هو الشيء الثابت‪.‬‬


‫والُقيقنننة م اِلصنننأالح‪ :‬هننني اللفنننظ المسنننتعمل م موضنننوعه‪،‬‬
‫فقننوله ‪" :‬اللفننظ" هننذا جننن ٌ يننُخل فيننه اللفننظ المسننتعمل‪ ،‬واللفننظ‬
‫المهمل‪ ،‬مثل ديز مقلوو زيُ‪ ،‬ومثل رمع مقلوو عمنرو‪ ،‬ومثنل حنروف‬
‫الهجاء‪ :‬أ‪ ،‬و‪ ،‬ت‪ ،‬فإن هذه ق ل تأليفها وترتي ها مهملة؛ ْلن حنرف "أ"‬
‫وحننُه ِل يننُل علننى معنننى‪ ،‬وحننرف "و" وحننُه ِل يننُل علننى معنننى‪،‬‬
‫وهكذا م اار اْلحرف‪.‬‬
‫وقوله ‪" :‬المستعمل"‪ ،‬هذا قيٌُ خرج به اللفظ المهمل‪ ،‬فال يوصف‬
‫بأنه حقيقة أو مجاز‪ ،‬وقوله ‪" :‬فيما وضع له" هذا قيُ خرج بنه المجناز؛‬
‫ْلنه ٌ‬
‫لفظ ُمستعمل م َير ما وضع له‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪63‬‬
‫ومن أمثلة الُقيقة‪ :‬اْل ُ إذا ُأطلِق على الُيوان المفكس‪ ،‬وال ُر‬
‫إذا ُأطلِق على الماء الكثير‪ ،‬والغنااِب إذا ُأطلنق علنى المكنان المننخفض‪،‬‬
‫والعذرة إذا ُأطلِقت على احة الُار وباحته‪ ،‬وال عيننة إذا ُأطلِقنت علنى‬
‫الجمل الذر ترك‪ ،‬عليه المنرأة‪ ،‬والُابنة إذا ُأطلقنت علنى كنل منا ينُو‬
‫علننى اْلرض‪ ،‬ننوا ٌء كننان مننن ذوات اْلربننع أم مننن َيرهننا‪ ،‬فهننذه كلهننا‬
‫حقااق‪.‬‬
‫والُقيقننة إذا ُأطلقننت فننالمراد هبننا الُقيقننة اللغويننة‪ ،‬و ُتسن َّنمى ً‬
‫أيضننا‬
‫بالُقيقة الوضعية‪ ،‬فإذا قيل‪ :‬الُقيقة‪ ،‬أو قيل‪ :‬الُقيقة اللغوينة‪ ،‬أو قينل‪:‬‬
‫الُقيقة الوضعية فالمراد شي ٌء واحُ وهو اللفنظ المسنتعمل فيمنا وضنع‬
‫له‪.‬‬
‫وقول المصنف‪( :‬فالُقيقة َما َب ِقي فِي ِاِل ْ تِ ْع َمال على َم ْو ُضوعه)‪.‬‬
‫(مننا) معناهننا‪ :‬اللفننظ‪ ،‬وقولننه‪( :‬فِنني ِاِل ْ ننتِ ْع َمال) أر‪ :‬المسننتعمل‪،‬‬
‫وقولننه‪( :‬علننى َم ْو ُضننوعه) أر‪ :‬فيمننا وضننع لننه‪ ،‬وهننذا التعريننف خنناص‬
‫بالُقيقة الوضعية اللغوية‪.‬‬
‫ألح َع َل ْي ِه من‬
‫اص َ‬
‫ِ ِ‬
‫ث ذكر تعري ًفا آخر للُقيقة فقال‪َ ( :‬ما ا ْ ُت ْعمل ف َ‬
‫يما ْ‬
‫المخاطِ ننة)‪ ،‬أر‪ :‬اللفننظ المسننتعمل فيمننا اصننألح عليننه مننن الجماعننة‬
‫المخاط ين‪ ،‬وه الذين يُصل منه الخأاو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪64‬‬ ‫نثال علننى تسننمية شن ٍ‬
‫نيء با ن ٍ فإنننه يكننون‬ ‫فننإذا اصننألح أهننل اللغننة من ً‬
‫حقيقنة لغوينة‪ ،‬وإذا اصنألح أهنل‬‫حقيقة‪ ،‬ويكون إطالقه على َيره لي‬
‫ٍ‬
‫شيء با ٍ فإنه يكون حقيقة ويكون إطالقه على َيره‬ ‫الشرَ على تسمية‬
‫حقيقة‪ ،‬وإذا اصألح أهل العرف على تسمية شيء با ٍ فإنه يكنون‬ ‫لي‬
‫حقيقة‪.‬‬ ‫حقيقة ويكون إطالقه على َيره لي‬
‫ننثال إذا اصنننألح أهنننل اللغنننة علنننى تسنننمية الصنننالة دعننناء‪ ،‬فنننإن‬
‫فمن ً‬
‫"الصننالة" يكننون حقيقننة م الننُعاء‪ ،‬ويكننون إطننالق الصننالة علننى َيننر‬
‫حقيقة‪.‬‬ ‫الُعاء لي‬
‫وإذا اصألح أهل الشنرَ علنى تسنمية الع نادة ذات الهيئنة واْلركنان‬
‫المعروفة صالة‪ ،‬فيكون إطالق الصالة على هذه الع ادة حقيقنة‪ ،‬ويكنون‬
‫حقيقة‪.‬‬ ‫إطالقها على َير هذه الع ادة لي‬
‫وإذا اصألح أهل العرف على تسنمية ذوات اْلربنع فقنب دابنة‪ ،‬فنإن‬
‫إطالق الُابة على ذوات اْلربع يكون حقيقة‪ ،‬وإطالق الُابنة علنى ذات‬
‫اْلربع بعُ هذا اِلصأالح ِل يكون حقيقة‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪65‬‬
‫وبنا ًء على هذا الفرق بين التعريف اْلول والتعريف الثاين‪:‬‬
‫بالُقيقة اللغوية‪.‬‬ ‫‪ -‬أن التعريف اْلول يخت‬
‫‪ -‬أمننا التعريننف الثنناين فيشننمل الُقيقننة اللغويننة‪ ،‬ويشننمل الُقيقننة‬
‫الشرعية‪ ،‬ويشمل الُقيقة العرفية‪.‬‬
‫وظاهر قول المصنف‪َ ( :‬وقيل) أنه يختنار التعرينف الثناين؛ ْلن عنادة‬
‫العلماء جرت أن التع ير بن "قيل" م الغال‪ ،‬تُل على تضعيف المقول‪.‬‬
‫وظاهر صنيع المصنف هنا‪ ،‬وظاهره م آخر كالمه يقتضي أنه يختنار‬
‫ألح َع َل ْي ِه من المخاطِ ة)‪.‬‬
‫اص َ‬‫يما ْ‬
‫ِ ِ‬
‫التعريف الثاين‪ ،‬وهو‪َ ( :‬ما ا ْ ُت ْعمل ف َ‬
‫فعرفهنا بتعنريفين‪ ،‬فقنال‪:‬‬
‫وعرف المجاز بتعريف واحُ‪ ،‬أما الُقيقة ّ‬
‫َّ‬
‫(وا ْل َ‬
‫مجاز َما تجوز َعن َم ْو ُضوعه)‪.‬‬ ‫َ‬
‫مصُر ميمي من الجواز وهو الع نور‪ ،‬تقنول‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫المجاز م لغة العرو‪:‬‬
‫"جزت كذا" يعني‪ :‬علته‪.‬‬
‫والمجاز م اِلصأالح –أر‪ :‬م اصأالح اْلصوليين واللغنويين‪:-‬‬
‫هننو اللفننظ المسننتعمل م َيننر مننا وضننع لننه‪ ،‬فقننوله ‪ :‬اللفننظ المسننتعمل‬
‫الكالم فيه كالكالم فيما تقُم‪ ،‬وقوله ‪ :‬م َير ما وضع‪ :‬هذا القيُ ُيُت ََرز‬
‫به عن الُقيقة؛ ْلن الُقيقة لفظ مستعمل فيما وضع له‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪66‬‬
‫ومنن أمثلننة المجناز عنننُ القناالين بننه‪ :‬اْل نُ إذا ُأطلننق علنى الرجننل‬
‫الشجاَ‪ ،‬وال ُر إذا ُأطلق على العنال أو علنى الرجنل الكنري ِ‬
‫المعأناء‪،‬‬
‫والغننااب إذا ُأطلننق علننى الفضننلة المسننتقذرة الخارجننة مننن اإلنسننان‪،‬‬
‫وال عينة إذا ُأطلقت على المنرأة التني تركن‪ ،‬علنى الجمنل‪ ،‬والعنذرة إذا‬
‫ُأطلقت على الفضنلة الخارجنة منن اإلنسنان‪ ،‬فهنذه كلهنا مجنازات ْلهننا‬
‫ٌ‬
‫ألفاظ مستعملة م َير ما وضعت له‪.‬‬
‫تجوز َعن َم ْو ُضوعه)‪ ،‬أر‪:‬‬
‫وعرفه المصنف م اِلصأالح بقوله‪َ ( :‬ما َّ‬
‫َّ‬
‫اللفظ الذر ُتجوز به عن موضوعه‪ ،‬وهو م معنى التعريف السابق‪ ،‬وهنو‬
‫أن المجاز هو اللفظ المستعمل م َير ما وضع له‪.‬‬
‫دور‪ْ ،‬لن الُور هو‬
‫تجوز َعن َم ْو ُضوعه) هذا فيه ٌ‬ ‫وقوله‪( :‬ا ْل َ‬
‫مج ُاز َما َّ‬
‫ذكر المعرف أو بعض المشتقات م التعريف‪ ،‬كما لو قلت‪ :‬الواج‪ ،‬هنو‬
‫ما أوج ه اهَّلل‪ ،‬والم اح هو ما أباحه اهَّلل‪.‬‬
‫مجنازا؛ ْلن المسنتعمل‬
‫ً‬ ‫و ُ ِّمي اللفظ المستعمل م َير ما ُوضع لنه‬
‫له َع َّر المعنى الُقيقني‪ ،‬وتجناوزه إلنى المعننى المجنازر‪ ،‬فلهنذا ُ نمي‬
‫مجاز‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪67‬‬
‫هَّلل‪ -‬يقابنل التعرينف‬ ‫ِ‬
‫وهذا التعريف النذر ذكنره المصننف ‪َ -‬رح َمن ُه ا ُ‬
‫نابال للتعريننف الثنناين فإننننا نقننول‪:‬‬
‫اْلول‪ ،‬وإذا أردنننا أن نعن ِّنرف المجنناز مقن ً‬
‫المجاز هو اللفظ المستعمل م َير ما اصألح عليه من المخاطِ ة‪.‬‬
‫عنرف‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬الُقيقة إلى ثالثة أقسنام‪ ،‬لمنا َّ‬
‫قس المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ث َّ‬
‫وعرف المجاز بُأ الكالم على أقسام الُقيقنة وأقسنام المجناز‪،‬‬
‫الُقيقة َّ‬
‫فذكر َّ‬
‫أن الُقيقة تنقس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬حقيقة لغوية‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬حقيقة شرعية‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثالث‪ :‬حقيقة عرفية‪.‬‬
‫وهذه اْلقسام م ني ٌة على تعريف الُقيقة بالتعريف الثاين‪ ،‬وهو‪َ ( :‬منا‬
‫نألح َع َل ْين ِنه مننن المخاطِ ننة)‪ِ ،‬ل علننى تعريننف الُقيقننة‬
‫اصن َ‬‫يمننا ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ا ْ ن ُت ْعمل ف َ‬
‫بالتعريف اْلول‪ ،‬وهنو‪ :‬اللفنظ المسنتعمل فيمنا ُوضنع لنه؛ َّ‬
‫ْلن التعرينف‬
‫بالُقيقة اللغوية‪ ،‬أما الُقيقة على التعريف الثناين فيشنمل‬ ‫اْلول يخت‬
‫الُقيقة اللغوية‪ ،‬والُقيقة الشرعية‪ ،‬والُقيقة العرفية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪68‬‬
‫‪ -‬فالقس اْلول وهو الُقيقة اللغوينة‪ :‬هني اللفنظ المسنتعمل فيمنا‬
‫ُوضع له م اللغة‪ ،‬كما م َّثلنا باْلمثلنة السنابقة‪ ،‬كالصنالة إذا ُأطلقنت علنى‬
‫والصوم إذا ُأطلق على اإلمساك‪،‬‬
‫ْ‬ ‫الُعاء‪ ،‬والزكاة إذا ُأطلقت على النماء‪،‬‬
‫والُج إذا ُأطلق على القصُ المع ‪ ،‬والعمرة إذا ُأطلقت علنى الزينادة‪،‬‬
‫ُّ‬
‫وال يع إذا ُأطلق على الم ادلة‪ ،‬والوقف إذا ُأطلق على التسن يل‪ ،‬واإلقنرار‬
‫إذا ُأطلق على الشيء الثابت‪ ،‬والنكاح إذا ُأطلق على الض ‪ ،‬والأنالق إذا‬
‫ُأطلنق علننى اإلر ننال‪ ،‬فهننذه كلهننا حقنااق لغويننة‪ ،‬والُقيقننة اللغويننة هنني‬
‫أصل الُقااق‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬حقيقة شرعية‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما ُوضع له‬
‫م الشرَ‪ ،‬كالصالة إذا ُأطلقت على الع ادة المعروفة‪ ،‬والزكاة إذا ُأطلقت‬
‫والصنوم إذا‬ ‫ٍ‬
‫لأاافنة خاصنة م زمنان خناص‪،‬‬ ‫على الُق المنالي الخناص‬
‫ْ‬
‫ُأطلننق علننى اإلمسنناك‪ ،‬أر‪ :‬اْلكننل و نناار المفأننرات مننن تُقننق طلننوَ‬
‫الفجر الثاين إلى تُقق َروو الشم ‪ ،‬والُج إذا ُأطلق على قصُ مكنة‬
‫مخصوص لعم ٍل مخصوص‪ ،‬وال يع إذا ُأطلق على م ادلة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫زمان‬ ‫وقرهبا م‬
‫مال بمال ِ‬
‫بع َوض‪ ،‬واإلجارة إذا ُأطلقت على العقُ على منفعة‪ ،‬والوقنف‬ ‫ٍ‬

‫اْلصل وتس يل المنفعة‪.‬‬ ‫إذا ُأطلق على تُ ي‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪69‬‬
‫شنرعي"‬
‫ٌ‬ ‫تعريف‬
‫ٌ‬ ‫فهذه كلها حقااق شرعية‪ ،‬وكل ما قال عنه الفقهاء "‬
‫فالمراد به الُقيقة الشرعية‪ ،‬ومعرفة الُقااق الشرعية مهمنة جنًُ ا‪ ،‬وهني‬
‫من شأن الرا خين م العل ‪ ،‬أما الجهالء فال يعرفون الُقااق الشرعية‪.‬‬
‫وقُ وصف اهَّلل اْلعنراو بنأهن ِل يعلمنون حنُود منا أننزل اهَّلل علنى‬

‫ر وله‪ ،‬فقال‪{ :‬األَعْرابُ أَشَه كُفْرًا َفمفَِقًِ َأَنَْرُ أَلقِ يدَِْمُوا حٍََُُ مِ أَفز َ الِقهُ‬

‫عَِللٍ رسُ لولمهم [التوبننة‪ ،]97:‬والمننراد بالُننُود هنننا‪ :‬الُقننااق الشننرعية‪،‬‬


‫فكلما كان اإلنسان أعرف بالُقااق الشرعية كلما كنان أشن ه بالرا نخين‬
‫م العل ‪ ،‬وكلما كان اإلنسنان أجهنل بالُقنااق الشنرعية كلمنا كنان أشن ه‬
‫باْلعراو الذين ذكره اهَّلل ُانه وتعالى م هذه انية الكريمة‪.‬‬
‫كثير من ال نَُ واِلنُرافنات إِل بسن ‪ ،‬الجهنل بالُقنااق‬
‫وما دخل ٌ‬
‫الشرعية‪ ،‬فمعرفة الُقااق الشرعية م َاية اْلهمية لأال‪ ،‬العل ‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثالث‪ :‬حقيقة عرفية‪ ،‬وهي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما وضع له‬
‫م العرف‪ ،‬كالُابة إذا أطلقنت علنى ذوات اْلربنع‪ ،‬وال عيننة إذا أطلقنت‬
‫على المرأة التي ترك‪ ،‬على الجمل‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تعمال للفظ م َير ما ُوضع لنه‪ ،‬فهني تشن ه‬ ‫والُقيقة العرفية فيها ا‬
‫المجاز من هذا الوجه‪ ،‬لكن هناك ٌ‬
‫فرق بين المجاز والُقيقة العرفية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪70‬‬
‫ووجه الفرق بينهما‪:‬‬
‫‪ -‬أن الُقيقة العرفية‪ :‬مجاز اشنتهر م َينر معنناه اْلصنلي‪ ،‬وأصن ح‬
‫مهجورا منس ًيا ِل يت ادر إلى الذهن‪.‬‬
‫ً‬ ‫المعنى اْلصلي الُقيقة‬
‫‪ -‬أما المجاز‪ :‬فإن المعنى اْلصلي يت ادر إلى النذهن‪ ،‬ولهنذا ُيُمنل‬
‫الكالم عليه وِل ُيصرف إلى المجاز إِل إذا ُوجُت قرينة‪.‬‬
‫إ ًذا ما فااُة معرفة انقسام الكالم إلى هذه اْلقسام الثالثة؟‬
‫والجواو‪ :‬أن فااُة ذلك ع يمة‪ ،‬وهي‪ :‬أن الكالم إذا ُأطلق م لسان‬
‫أهل اللغة ُيُمل على المعنى اللغور‪ ،‬وإذا ورد م لسان أهل الشرَ فإنه‬
‫ُيُمل على المعنى الشرعي‪ ،‬وإذا ورد م لسان أهنل العنرف فإننه ُيُمنل‬
‫على المعنى العرم‪.‬‬
‫فإذا جاء لفظ الصنالة م أشنعار العنرو وأمثناله فإنننا نُملنه علنى‬
‫الُقيقة اللغوية‪ ،‬وإذا جاء لفظ الصالة م لسان الشرَ أو م كت‪ ،‬الفقهاء‬
‫فإننا نُملها على المعنى الشرعي وهكذا‪.‬‬
‫ُمنل الوضنوء م‬ ‫ِ‬
‫َّنار» فنال ُي َ‬
‫ممنا َم َّسنت الن ُ‬
‫فمثال‪ :‬قوله ‪َ « :‬تو َّضؤوا َّ‬
‫ً‬
‫الُننُيث علننى المعنننى اللغننور وهننو‪ :‬الن افننة والنزاهننة مننن اْلقننذار بننل‬
‫ُمل على المعنى الشرعي؛ ْلنه ورد م لسان الشرَ‪ ،‬وهذا هو اْلصنل‬
‫ُي َ‬
‫إِل إذا جاءنا ٌ‬
‫دليل يصرف عنه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪71‬‬
‫مجاز إِ َّما َأن يكون بِ ِز َيا َدة َأو ُن ْق َصان)‪.‬‬
‫(وا ْل َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬يتكل على أقسام المجاز‪ ،‬وهذه نتكل‬ ‫ِ‬
‫بُأ المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عليها إن شاء اهَّلل تعالى م لقاء قادم‪ ،‬واهَّلل أعلن ‪ ،‬وصنلى اهَّلل و نل علنى‬
‫ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪72‬‬
‫« َف َم ْن كَان َْت ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه َف ِه ْج َر ُت ُه إِ َلى اهَّللِ َو َر ُ ول ِ ِه‪َ ،‬و َم ْن كَان َْت‬
‫اج َر إِ َل ْي ِه»‪ ،‬أ َّما‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ه ْج َر ُت ُه إِ َلى ُد ْن ًيا ُيصي ُ َها َأ ْو ا ْم َر َأة َينْك ُُ َها َف ِه ْج َر ْت ُه إِ َلى َما َه َ‬
‫ِ‬

‫بعُ‪:‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منن الكنالم علنى أقسنام الُقيقنة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫فلما فرغ ُ‬
‫انتقل للكالم على أقسام المجاز‪ ،‬والمراد بالمجاز هنا المجاز م اللفظ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أربعة أقسام‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ذكَر له ُ‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬المجاز بالزيادة‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬المجاز بالنقصان‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثالث‪ :‬المجاز بالنقل‪.‬‬
‫‪ -‬القس الرابع‪ :‬المجاز باِل تعارة‪.‬‬
‫وأقسام المجاز‪َ :‬ق َّول علماء اْلصول وال الَنة فيهنا الكنالم‪ ،‬وألفنوا‬
‫فيها تآليف مستقلة‪ ،‬وممن ألنف م أننواَ المجناز وأقسنامه العنز بنن ع نُ‬
‫اهَّلل‪ -‬فقُ ألف كتا ًبا ماه [اإلشارة إلى اإليجاز م بعنض‬ ‫ِ‬
‫السالم ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫كتاو مأ وَ‪.‬‬
‫أنواَ المجاز]‪ ،‬وهو ٌ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪73‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصر منها على أربعة أنواَ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫‪ -‬الننننوَ اْلول‪ :‬المجننناز بالزينننادة‪ ،‬أر‪ :‬بسننن ‪ ،‬الزينننادة‪ ،‬ال ننناء هننننا‬
‫للس ية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمثال مشهور‪ :‬وهو قوله ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪:-‬‬ ‫ويمثل له اْلصوليون‬

‫{لَيْ} كَمماِْمهم شيْءٌ َهُو السَّمميعُ ال صممُ [الشورى‪.]11:‬‬


‫فهننذه انيننة فيهننا مجنناز بالزيننادة‪ ،‬وموضننع الزيننادة فيهننا‪ :‬هننو حننرف‬
‫الكاف‪ ،‬و ‪ ،‬الزيادة أننا لو قلنا‪ :‬الكاف هنا ليست زااُة‪ ،‬لكان الكنالم‬
‫مثل مثله شيء‪ ،‬وهذا يلزم منه ِلزم باطل وهو إث نات مثنل هَّلل‬ ‫معناه‪ :‬لي‬
‫ْلن نفي المثنل يلنزم مننه ث نوت المثنل‪ ،‬واهَّلل – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى– ِل‬
‫‪‬؛ ّ‬
‫مثل له‪.‬‬

‫كما قال اهَّلل ‪{ :‬فَال لَضْلرِبُوا لمِقلهم األَمْاَلِ َ [النُنل‪ ،]74:‬فهنذا هنو‬
‫أن يقولنوا‪ّ :‬‬
‫إن‬ ‫الس ‪ ،‬الذر دعا العلماء منن اْلصنوليين وال الَينين إلنى ْ‬
‫الكاف هنا زااُة؛ ْلننا لو قلنا‪ :‬إهنا ليست زااُة‪ ،‬للزم من ذلك ِلز ٌم باطل‬
‫مثنل مثلنه شنيء‪ ،‬وهنذا‬ ‫وهو إث ات مثل هَّلل ‪ ،‬فيكنون معننى انينة لني‬
‫يتضمن إث ات مثل هَّلل ‪ ،‬واهَّلل ِل مثل له‪.‬‬
‫َّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪74‬‬
‫ووجه المجاز م انية‪ّ :‬‬
‫أن المجاز كما تقَُّ م معنا م تعريفه هو اللفظ‬
‫المستعمل م َير منا وضنع لنه‪ ،‬وهننا‪ :‬ا نتعمل نفني مثنل المثنل م نفني‬
‫المثل‪.‬‬
‫المجاز كما تقنَُّ م معننا م تعريفنه‪ :‬هنو اللفنظ المسنتعمل م َينر منا‬
‫وضع له‪ ،‬وهننا ا نتعمل نفني مثنل المثنل م َينر منا وضنع لنه وهنو نفني‬
‫المثل‪.‬‬
‫فانأ ق علنى ذلنك معننى المجناز‪ ،‬ومثلنه قولنه – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى–‪:‬‬

‫{ماَُِهُدْ كَماًَِّ القلذمخ اسْلتَوْقََ فَلِرًا [ال قنرة‪ ،]17:‬فنالكالم علنى هنذه انينة‬
‫كالكالم على انية التي ق لها‪.‬‬
‫وقال بعض اْلصوليين‪ :‬هذه انية ِل مجاز فيهنا؛ ّ‬
‫ْلن المنراد بالمثنل‬

‫كذاته شيء‪ ،‬وبنا َء على‬ ‫م قوله‪{ :‬لَيْ} كَمماِْمهم شيْءٌ فيكون المعنى لي‬
‫هذا‪ّ :‬‬
‫فإن انية ِل مجاز فيها‪.‬‬
‫كذاتنه‬ ‫فقالوا‪ :‬المثل م انية معناه الذات‪ ،‬ويكنون معننى انينة لني‬
‫شيء‪ ،‬وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن انية ِل يكون فيها مجاز‪.‬‬
‫هذا النوَ اْلول‪ :‬وهو المجاز بالزيادة‪.‬‬
‫‪ -‬الننننوَ الثننناين –عكسنننه‪ :-‬وهنننو المجننناز بالنقصنننان‪ ،‬أر‪ :‬بسننن ‪،‬‬
‫أيضا للس ية‪.‬‬
‫النقصان‪ ،‬فال اء هنا ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪75‬‬
‫ٍ‬
‫بمثنال مشنهور وهنو قولنه –‬ ‫أيضنا‬
‫ويمثل له اْلصوليون وال الَيون ً‬

‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى–‪َ{ :‬اسأ الِرية ‪ ،‬والتقُير‪ :‬وا أل أهل القرية‪ ،‬وهنذا‬
‫أيضنا المجناز‬
‫المصننِّف‪ ،-‬و ُيسنمى ً‬
‫ُيسمى المجاز بالنقصنان ‪-‬كمنا ذكَنر ُ‬
‫أيضا المجاز باإلضمار‪.‬‬
‫بالُذف‪ ،‬و ُيسمى ً‬
‫وم انية دليل على المجاز‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن المراد بالقرينة اْلبنينة‪ ،‬واْلبنينة‬
‫هل تسأل أو ِل ُتسأل؟ اْلبنية من شأهنا أهنا ِل تسنأل‪َّ ،‬‬
‫فنُل ذلنك علنى ّ‬
‫أن‬
‫انية فيها مضمر وهو "أهل"‪.‬‬
‫مجازا‪ّ :‬‬
‫أن المجناز كمنا تقنُم م تعريفنه هنو اللفنظ‬ ‫ً‬ ‫ووجه كون ذلك‬
‫المستعمل م َير ما وضع له‪ ،‬وهنا‪ :‬ا تعمل ؤال القرية م نؤال أهنل‬
‫القرية‪ ،‬فا تعمل اللفظ م َير ما وضع له‪.‬‬
‫ومننن اْلمثل نة علننى المجنناز بالُننذف والنقصننان‪ :‬قولننه – ُ ن ْ َُا َن ُه‬

‫َو َت َعا َلى–‪َ{ :‬يُحمًُّّ لَهُدُ اللقيِّ ِ}م َيُحرَُِّّ عَِليْهِدُ الْهَ ِِمل} [اْلعنراف‪،]157:‬‬
‫والتقُير ويُل له أكل الأي ات‪ ،‬ويُرم عليه أكل الخ ااث؛ فهذا فينه‬
‫مجاز بالنقصان‪.‬‬
‫وكذلك قوله ‪َ « :‬فإِ َّن ِد َما َء ُك ْ َو َأ ْم َوا َل ُك ْ َو َأ ْع َر َ‬
‫اض ُك ْ َع َل ْي ُك ْ َح َرا ٌم»‪.‬‬
‫والتقُير‪ّ :‬‬
‫فإن فك دمااك ‪ ،‬وَص‪ ،‬أموالك ‪ ،‬وانتهناك أعراضنك‬
‫عليك حرام‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪76‬‬
‫ويمثل بعض اْلصوليين والنُاة للمجاز بالنقصنان بمثنال فينه ن نر‪:‬‬

‫فيقولنون‪ :‬مننن أمثلتننه قولننه تعننالى‪َ{ :‬نلِء ربللك ويقننُرون وجنناء أمننر‬
‫ربك؛ وهذا م نن ٌي علنى أصن ٍل فا نُ‪ ،‬وهنو‪ :‬نفني المجنيء عنن ال نارر –‬
‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى–‪.‬‬
‫واهَّلل ‪ ‬له مجيء يليق بجالله وع مته وكماله من َير تكييف‪ ،‬وِل‬
‫تعأيل‪ ،‬وِل تش يه‪ ،‬وِل تمثيل‪ ،‬فهذا المثنال ِل يسنتقي ‪ ،‬بنل هنو حقيقنة ِل‬
‫مجاز فيه‪.‬‬
‫‪ -‬النوَ الثالث‪ :‬المجاز بالنقل‪ ،‬أر‪ :‬بس ‪ ،‬النقنل‪ ،‬والمقصنود وه‪:‬‬
‫المجاز بنقل اللفظ من معناه الُقيقي إلى معنًى مجازر؛ لوجنود منا ن ة‬
‫بينهما‪.‬‬
‫المستقذرة التي تخرج من‬‫ومن أمثلته‪ :‬الغااب إذا ُأطلق على الفضلة ُ‬
‫اإلنسان‪ ،‬فهذا فيه مجاز بالنقل؛ ْلنه ن ُِقل اللفظ من معناه الُقيقني‪ ،‬وهنو‬
‫المكان المنخفض من اْلرض إلى معنًى آخنر‪ ،‬وهنو الفضنلة المسنتقذرة‬
‫الخارجة من اإلنسان‪.‬‬
‫وكننذلك الُابننة‪ ،‬فن ّ‬
‫نإن فيهننا مجنناز بالنقننل‪ ،‬فقننُ نقلننت مننن المعنننى‬
‫الُقيقنني وهننو كننل مننا يننُو علننى اْلرض إلننى معنًننى آخننر وهننو ذوات‬
‫اْلربع الخاصة‪ ،‬فهذا فيه مجاز بالنقل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪77‬‬
‫وكذلك ال عينة إذا أطلقت على المرأة التي ترك‪ ،‬علنى الناقنة‪ ،‬فقنُ‬
‫نقل هذا اللفظ من المعنى الُقيقي وهو الناقة التني تركن‪ ،‬عليهنا المنرأة‬
‫إلى معنًى آخر وهو المرأة التي ترك‪ ،‬على الناقة‪.‬‬
‫وكذلك من أمثلته‪ :‬الراوية إذا أطلقت على المزادة التي ُيستقى منها‪،‬‬
‫فقُ نقل اللفظ من معناه الُقيقي وهو الناقة التي ُيستقى عليها إلى معنًنى‬
‫آخر وهو المزادة التي يستقى منها‪.‬‬
‫هذا هو النوَ الثالث‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هننو‪ :‬المجنناز‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫‪ -‬النننوَ الرابننع الننذر ذكننره ُ‬
‫باِل تعارة‪ ،‬أر‪ :‬بس ‪ ،‬اِل تعارة‪.‬‬
‫والمراد باِل تعارة‪ :‬المجاز الذر عالقته التش يه‪ ،‬فكل مجاز العالقة‬
‫فيه التش يه فهو ا تعارة‪.‬‬
‫تزوج المجاز التش يه فولُ اِل تعارة‪ ،‬فالمجاز النذر‬
‫يقول العلماء‪َّ :‬‬
‫عالقتننه تش ن يه ُيسننمى ا ننتعارة‪ ،‬أ َّمننا المجنناز م اللفننظ إذا كانننت عالقتننه‬
‫مجازا مر ًال‪.‬‬
‫ً‬ ‫ليست المشاهبة فال ُيسمى ا تعارة‪ ،‬وإنَّما ُيسمى‬

‫ومننن أمثلتننه‪ :‬قولننه – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى–‪{ :‬نِللَارًا يُرِي لَُ أَنْ يللاَِ َّ‬
‫أن اهَّلل – ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى–‬
‫إن هذه انية فيها مجاز‪ ،‬وهو ّ‬
‫[الكهف‪ ،]77:‬ف ّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪78‬‬
‫ش ن ه قننرو الجننُار مننن السننقوط بننإرادة السننقوط‪ ،‬واإلرادة مننن صننفات‬
‫اإلنسان ِل من صفات الجُار‪.‬‬
‫ْلن اهَّلل – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى– ش ن َّه الجننُار‬
‫فهننذه انيننة فيهننا مجنناز؛ ّ‬
‫باإلنسان م اإلرادة‪ ،‬فيكون ا تعارة ّ‬
‫بأن عالقته هي المشاهبة‪ ،‬وهكذا كل‬
‫مجاز عالقته المشاهبة فهو مجاز باِل تعارة‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫أحن‪ ،‬إلني منن نفسني‬ ‫نف‬ ‫قامت ت للني منن الشنم‬
‫ت للني من الشنم‬ ‫شم‬ ‫قامت ت للنني ومنن عجن‪،‬‬
‫فقوله‪ :‬شم ‪ ،‬اْلولى فينه مجناز باِل نتعارة؛ ّ‬
‫ْلن شن ه المنرأة التني‬
‫م ال هنناء والضننياء‪ ،‬فيكننون ا ننتعارة ْلنننه مجنناز عالقتننه‬ ‫ت للننه بالشننم‬
‫المشاهبة‪.‬‬
‫لفظ مستعمل فيما وضع له‪.‬‬ ‫وأ َّما الشم الثانية فهي حقيقة؛ ْلهنا ٌ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فهذه هي اْلنواَ اْلربعة التي ذكرها ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪79‬‬
‫المصننِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫أن ُ‬‫وهنا تن ينه يتع َّلنق هبنذه اْلننواَ اْلربعنة‪ ،‬وهنو ّ‬
‫نوَ مستقل من‬ ‫أن النقل ٌ‬ ‫يوه ّ‬‫اهَّلل‪ -‬جعل من أنواَ المجاز النقل‪ ،‬وذلك ِ‬ ‫ُ‬
‫أنواَ المجاز‪ ،‬مع ّ‬
‫أن كل مجاز فيه نقل؛ ْلنه ينقل اللفنظ فينه منن المعننى‬
‫الُقيقي إلى معنًى آخر مجاز‪.‬‬
‫مسنتقال‪ ،‬ولكننه يشنمل جمينع أننواَ‬
‫ً‬ ‫نو ًعنا‬ ‫قسما‪ ،‬لني‬
‫ً‬ ‫فالنقل لي‬
‫المجاز‪ ،‬فالمجاز بالزيادة فيه نقل‪ ،‬والمجاز بالنقصان فيه نقل‪ ،‬والمجناز‬
‫المصننِّف‬
‫باِل تعارة فيه نقل‪ ،‬وهكذا اار أنواَ المجاز التي ل يذكرها ُ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬فيها نقل ً‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫نوَ مستقل من أننواَ‬ ‫اهَّلل‪ -‬يوه ّ‬ ‫ِ‬
‫أن النقل ٌ‬ ‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وصنيع ُ‬
‫المجاز‪ ،‬مع أنه يشمل جميع أنواَ المجاز‪ ،‬فما من مجاز إِل وفيه نقل‪.‬‬
‫وإذا عرفنننا أقسننام المجنناز فإننننا نخننت الكننالم علننى المجنناز بمسننألة‬
‫وهي‪ :‬حك المجاز‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪80‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م المجاز هل هو ثابت أو لني‬ ‫ِ‬
‫وقُ اختلف العلماء ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ثابتًا؟‬
‫وذلك على أربعة أقوال‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن المجاز واقع م لغة العرو‪ ،‬وم نصوص الكتاو‬
‫والسننَّة‪ ،‬وهننذا هننو مننذه‪ ،‬جمهننور العلمنناء مننن اْلصننوليين واللغننويين‬
‫ُ‬
‫وَيره ‪.‬‬
‫وا نننتُلوا علنننى ذلنننك بكثنننرة وقنننوَ المجننناز م كنننالم العنننرو‬
‫أيضا م نصوص الكتاو‬
‫وقصااُه ‪ ،‬وأشعاره ‪ ،‬ونثره ‪ ،‬وكثرة وقوعه ً‬
‫والسنَّة‪ ،‬وما دام أنه واقع ّ‬
‫فإن ذلك يُل على جوازه؛ ْلن الوقوَ هو دليل‬ ‫ُ‬
‫الجواز‪.‬‬
‫فهذا هو مذه‪ ،‬جمهور العلماء من اْلصوليين واللغويين وَيره ‪،‬‬
‫وهننو إث ننات المجنناز مأل ًقننا‪ ،‬أر‪ :‬ننوا ًء كننان م لغننة العننرو أم كننان م‬
‫والسنَّة‪.‬‬
‫نصوص الكتاو ُ‬
‫‪ -‬القول الثاين –يقابله ‪ :-‬وهو إنكار المجناز مأل ًقنا‪ ،‬نوا ًء أكنان م‬
‫والسنَّة‪ ،‬وهنذا اختناره بعنض أهنل‬
‫لغة العرو أم كان م نصوص الكتاو ُ‬
‫العل كأبي إ ُاق اإل فراييني‪ ،‬وأبي علي الفار ي المعتزلي‪ ،‬واختاره‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪81‬‬
‫شنني اإل ننالم ابننن تيميننة وتلميننذه ابننن القنني ‪ ،‬والشنني مُمننُ اْلمننين‬
‫الشنقيأي‪ ،‬وألف م ذلك ر الة مستقلة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حقيقنة ومجناز تقسني‬ ‫وا تُلوا على ذلك‪ّ :‬‬
‫بأن تقسني الكنالم إلنى‬
‫حاد بعُ القرون المفضلة‪ ،‬ل ينرد عنن الصنُابة‪ ،‬أو عنن التنابعين‪ ،‬أو‬
‫عن اْلامة المعتلين‪ ،‬وا ًء أكانوا من علماء اللغنة أم كنانوا منن َينره ‪،‬‬
‫فل ُينقل عن اإلمام مالك‪ ،‬أو الليث بن عُ‪ ،‬أو الشنافعي‪ ،‬أو أحمنُ‪ ،‬أو‬
‫الخليل‪ ،‬أو ي ويه أو َيره ّ‬
‫أن الكالم ينقس إلى حقيقة ومجاز‪.‬‬
‫وإنَّما أحُ هذا التقسي المعتزلة ليكون متن َّف ًسنا يتوصنلون بنه إلنى‬
‫خصناا‬ ‫نفي صفات ال ارر – ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى–؛ وذلك ّ‬
‫ْلن من أخن‬
‫المجاز أنه يصح نفيه‪.‬‬
‫رجال شجا ًعا فلمن نمعك ْ‬
‫أن‬ ‫فإذا قلت‪ :‬رأيت أ ًُ ا‪ ،‬وأنت تقصُ ً‬
‫المجناز‬ ‫خصناا‬ ‫مثال‪ ،‬فمن أخن‬
‫بأ ُ وإنَّما هو زيُ ً‬ ‫يقول‪ :‬هذا لي‬
‫أنه يجوز نفيه‪ ،‬وإذا أث تنا المجاز م القرآن َّ‬
‫دل ذلك على ّ‬
‫أن القرآن فيه منا‬
‫يجوز نفيه ومنه صفات اهَّلل ‪.‬‬
‫فأث ننت المعتزلننة المجنناز ليتوصننلوا بننه إلننى نفنني صننفات ال ننارر –‬
‫كننذلك‪ ،‬وإنَّمننا هننو‬ ‫ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى–‪ ،‬ومنا زعمننوا أنننه مجنناز فهننو لنني‬
‫أ لوو من اْل الي‪ ،‬اللغوية عنُ العرو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪82‬‬
‫فننالعرو أحيا ًنننا يألقننون اللفننظ ويننُل علننى معننناه مننن َيننر قرينننة‪،‬‬
‫وأحيانًا يألقون اللفظ وِل يُل على المعننى إِل إذا وجنُت قريننة‪ ،‬وكنل‬
‫من هذين اْل لوبين حقيقة م مُله‪ ،‬فما َّ‬
‫دل على المعنى منن َينر قريننة‬
‫أيضنا؛ فهنذا إنَّمنا هنو‬ ‫حقيقة‪ ،‬وما َّ‬
‫دل على المعنى مع وجود قرينة حقيقنة ً‬
‫لوو من أ الي‪ ،‬العرو‪ .‬هذا هو القول الثناين م المسنألة وهنو إنكنار‬
‫ٌ‬ ‫أ‬
‫المجاز مأل ًقا‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقُ تك َّل شي اإل الم ابن تيمينة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬علنى هنذه المسنألة‬
‫م كتننناو [اإليمنننان]‪ ،‬وتكلننن عليهنننا ابنننن القننني م كتننناو [الصنننواعق‬
‫ٍ‬
‫كتاو لنه‬ ‫أيضا الشي مُمُ اْلمين الشنقيأي م‬
‫المر لة]‪ ،‬وتكل عليها ً‬
‫ماه [منع المجاز عن المنزل للتع ُ واإلعجاز]‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثالث ‪-‬التفصيل م المسألة‪ :-‬وهو ّ‬
‫أن المجاز واقع م لغة‬
‫السنَّة‪ ،‬وهنذا‬
‫والسنَّة‪ ،‬فال مجاز م القرآن وِل مجاز م ُ‬
‫العرو دون القرآن ُ‬
‫أيضا القاضي أبو يعلى الُن لي‪.‬‬
‫هو مذه‪ ،‬ال اهرية‪ ،‬واختاره ً‬
‫والسنَّة منزهان عن‬
‫وا تُلوا على ذلك‪ :‬بأن المجاز كذو‪ ،‬والقرآن ُ‬
‫فمن‬ ‫الكذو‪ ،‬ووجه كونه كذ ًبا ّ‬
‫أن اللفظ فيه ا تعمل فيه َير ما وضع له‪َ ،‬‬
‫رجال شجا ًعا‪ ،‬ف ّ‬
‫إن كالمه لن يأنابق الواقنع‬ ‫مثال ويقصُ ً‬
‫قال‪ :‬رأيت أ ًُ ا ً‬
‫م حقيقة اْلمر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪83‬‬
‫‪ -‬القول الرابع –وهو ٌ‬
‫قول َري‪ :-،‬هو ّ‬
‫أن اللغة كلهنا مجناز‪ ،‬وهنذا‬
‫منثال‪:‬‬
‫]‪ ،‬فنإذا قلنت ً‬ ‫اختار أبو الفتح بن جني صناح‪ ،‬كتناو [الخصناا‬
‫أكلت الأعام‪ّ ،‬‬
‫فإن ظاهر ذلك أنك أكلت جميع الأعام‪ ،‬مع أنك ل تأكل‬
‫إِل بعضه‪ ،‬فا تعملت اللفظ م َير ما وضع له‪ ،‬وهذا هو معنى المجاز‪.‬‬
‫فإن ظاهر ذلك ّ‬
‫أن زينًُ ا جناء كنل المجنيء‬ ‫مثال‪ :‬جاز زيُ‪ّ ،‬‬
‫وإذا قلت ً‬
‫مع أنه ل يجئ إِل مجي ًئا معينًا‪ ،‬فا تعملت اللفظ م َير ما وضع له‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬علنى ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫وهذا القول ٌ‬
‫قنول َرين‪ ،،‬وقنُ ن َّنه الزركشني ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أن اهَّلل – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى– ِل‬
‫هنذا القنول م نني علنى أصن ٍل فا نُ‪ ،‬وهنو‪ّ :‬‬
‫ٌ‬
‫يخلق أفعال الع اد‪ ،‬وإنَّما الذر يخلقها الع اد أنفسه ‪.‬‬
‫أن توجننُ بعننض المسنناال اْلصننولية التنني ُت نننى علننى‬
‫وِل َرابننة م ّ‬
‫مساال عقُية فا ُة؛ ْلنه ِل يمكن ْ‬
‫أن يؤلف اإلنسان أو يصننف وهنو م‬
‫ً‬
‫منأى عما يعتقُ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م الفخنر النرازر‬ ‫ِ‬
‫ولهذا يقول شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫صنناح‪[ ،‬المُصننول] و "المعننال " و [التفسننير الك يننر] وَيرهننا مننن‬
‫المؤلفات الشهيرة يقول‪ :‬وأبو ع ُ اهَّلل الخأي‪ ،،‬والمقصود بأبي ع ُ اهَّلل‬
‫الخأينن‪ ،‬هننو الننرازر‪ ،‬فننإذا قننال شنني اإل ننالم ابننن تيميننة‪ :‬أبننو ع ننُ اهَّلل‬
‫الخأي‪ ،‬أو قال ابن الخأي‪ ،‬فيقصُ الفخر الرازر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪84‬‬
‫يقول‪ :‬وأبو ع ُ اهَّلل الخأي‪ ،‬ي ني كالمه م أصول الفقه علنى كالمنه‬
‫م أصول الُين‪.‬‬
‫وهذا يُلك على ّ‬
‫أن بعض المساال المنذكورة م أصنول الفقنه م نينة‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫بغري‪،‬؛ ْلنه ِل يمكنن ْ‬ ‫على مساال عقُية فا ُة‪ ،‬وهذا كما قلنا‪ :‬لي‬
‫يعتقُ اإلنسان رأ ًيا ث يؤلف‪ ،‬وهو َير مستصُ‪ ،‬لهذا الرأر‪.‬‬
‫فهذه هني أقاوينل العلمناء ‪-‬رحمهن اهَّلل‪ -‬م المجناز‪ ،‬والنذر ي هنر‬
‫خالف لف ي ِل يكت‪ ،‬عليه ثمرة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫والعل عنُ اهَّلل تعالى ّ‬
‫أن هذا الخالف‬
‫إذا قلنننا‪ّ :‬‬
‫إن صننفات اهَّلل ‪ ‬حقننااق ِل مجنناز فيهننا‪ ،‬فصننفات ال ننارر‬
‫خنالف لف ني‪ ،‬كمنا‬
‫ٌ‬ ‫حقااق ِل مجناز فيهنا‪ ،‬ومنا عنُا ذلنك فنالخالف فينه‬
‫صرح بذلك أبو مُمُ المقُ ي الشهير بابن قُامنة الُن لني م [روضنة‬
‫خالف لف ي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الناظر]‪ ،‬فقُ صرح ّ‬
‫بأن الخالف م هذه المسألة‬
‫فنننُن نعتقننُ ّ‬
‫أن صننفات ال ننارر كلهننا حقننااق ِل مجنناز فيهننا‪ ،‬و َمننن‬
‫ا ّدعى فيها المجاز فهو مخأئ‪ ،‬وما عُا ذلك ّ‬
‫فإن الخالف يكنون م هنذه‬
‫المسألة خال ًفا لف ًيا ِل يكت‪ ،‬عليه ثمرة‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منن الكنالم علنى ال ناو اْلول‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وبعُما فنرغ ُ‬
‫وهو أقسام الكالم‪ ،‬انتقل للكالم على ال او الثاين وهو اْلمر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪85‬‬
‫وم ُث اْلمر من أه م احث عل اْلصنول‪ ،‬ولهنذا ي نُأ بنه بعنض‬
‫علماء اْلصول مؤلفاهت اْلصولية كأبي هل السرخسي م كتابه الشهير‬
‫بن [أصول السرخسي] قُ بُأ بم ُث اْلمر‪ ،‬وقال‪" :‬أحنق منا ي نُأ بنه م‬
‫ال يان اْلمر والنهي؛ ّ‬
‫ْلن الشريعة إ َّما أوامر وإ َّما نواهي"‪.‬‬
‫والسنَّة تجنُ أهننا إ َّمنا أمنر ينؤمر بنه‬
‫وأنت إذا تأملت نصوص الكتاو ُ‬
‫هني ُينهى عنه؛ كمنا قنال ابنن مسنعود ‪ :‬إذا نمعت {يلِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وإ َّما ٌ‬
‫‪ ،‬فألق لها معك فإهنا إ َّمنا أمنر تنؤمر بنه‪ ،‬وإ َّمنا هنني‬ ‫أيهِ الذين نماوا ‪. .‬‬
‫ُتنهى عنه‪.‬‬

‫والكالم م اْلمر يتع َّلق به مساال‪:‬‬


‫‪ -‬المسألة اْلولى‪ :‬تعريف اْلمر‪ ،‬واْلمر م لغة العرو معناه‪ :‬طل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫معان أخر‪:‬‬ ‫الفعل‪ ،‬وهذا هو المعنى الُقيقي‪ ،‬ويألق أي ًضا على‬

‫منهننا‪ :‬الشننأن‪ ،‬ومنننه قولننه – ُ نن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى–‪َ{ :‬مللِ أَمْ لرُ فمرْع لوْن‬

‫بِرشميَ [هود‪ .]97:‬يعني‪ :‬ما شأنه‪.‬‬

‫ويألننق علننى الفعننل‪ ،‬كقولننه – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى–‪َ{ :‬شللَِِرْهُدْ فمللي‬

‫األَمْرِ [آل عمران‪ ،]159:‬يعني‪ :‬م الفعل‪.‬‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪86‬‬
‫أيضا على الصفة‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫ويألق ً‬
‫ننو ُد مننن َيسننود‬
‫ْلمننر مننا ُي َس َّ‬ ‫عزمت على إقامة ذر ص اح‬
‫ٍ‬
‫لصفة ما‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ْلمر ما‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫وأ َّما م اصأالح اْلصوليين فقُ عرف بتعريفات كثيرة‪:‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقوله‪( :‬واْلمر ا نتُعاء الفعنل‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫منها ما ذكره ُ‬
‫بالقول ممن هو دونه على يل الوجوو)‪.‬‬
‫وكل كلمة من كلمات هذا التعريف تنُل علنى معننى‪ ،‬فلنو أ نقأت‬
‫كلمة واحُة اختل تعريف اْلمر‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬ا تُعاء)‪ ،‬اِل تُعاء ا تفعال من الُعاء‪ ،‬ومعناه‪ :‬الأل‪،،‬‬
‫تقول‪ :‬ا تُعيت فالنًا يعني‪ :‬طل ته‪ ،‬و ُيُكز به عن اإلباحة فإهنا ِل تُخل‬
‫فيها طل‪ ،‬فعل وِل طل‪ ،‬ترك‪.‬‬ ‫م حقيقة اْلمر؛ ْلنه لي‬
‫اهَّلل‪( :‬ا تُعاء)‪ ،‬هذا يخرج به اإلباحة‪ْ ،‬لنه‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فقول ُ‬
‫م اإلباحة ا تُعاء فعل أو ا تُعاء ترك‪.‬‬ ‫لي‬
‫وقوله‪( :‬الفعل)‪ ،‬الفعل يُخل فيه إيقاَ الفعل وإحُاثه‪ ،‬ويُخل فينه‬
‫القول فإن القول فعل‪.‬‬

‫ويُل على هذا‪ :‬قوله – ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى–‪{ :‬زُخْلرَُ الَِْلوْ ِ رُلرَُرًا َلَلوْ‬

‫شِء ربهك مِ فَدُِوهُ [اْلنعام‪َّ ،]112:‬‬


‫فُل ذلك على ّ‬
‫أن القول فعل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪87‬‬
‫أيضنا النكك ّ‬
‫فنإن النكك فعنل‪ ،‬وينُل علينه قولنه –‬ ‫ويُخل م الفعنل ً‬

‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى–‪{ :‬كَِفُوا ال يتَاِهوْن عنْ مُاكَرى فَدُِوهُ [الماانُة‪{ ،]79:‬ال‬

‫يتاِهون وهذا ترك‪ ،‬ث قال بعُها‪{ :‬لَ ِئْ} مِ كَِفُوا يفْدُِون ‪.‬‬
‫فيُخل م الفعل هنذه اْلشنياء الثالثنة‪ :‬اإلحنُا للشنيء‪ ،‬والقنول‪،‬‬
‫والكك؛ ْلهنا كلها تُخل م حقيقة الفعل‪.‬‬
‫ْلن النهنني ْ‬
‫وإن كننان ا ننتُعاء‬ ‫ويُننكز لقولننه‪( :‬الفعننل) عننن النهنني؛ ّ‬
‫وطل ًا إِل أنه ا تُعاء لكك الفعل‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬إخراج‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أيضا قوله‪( :‬الفعل)‪ ،‬هذا قيُ قصُ به ُ‬
‫ً‬
‫ا تُعاء إليقاَ الفعنل‪ ،‬وإنَّمنا هنو ا نتُعاء لنكك‬ ‫النهي؛ ّ‬
‫ْلن النهي لي‬
‫الفعل‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬تقَُّ م معنا ّ‬
‫أن الفعل يُخل فيه الكك‪.‬‬ ‫ْ‬
‫أن طل‪ ،‬الكك ْ‬
‫إن كان بصيغة "افعل" وما قام‬ ‫فالجواو على هذا‪ّ :‬‬

‫أمنر؛ كمنا م قولنه – ُ ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى–‪{ :‬فَلِعْتَزِلُوا الاِّسلِء فملي‬


‫مقامها فهو ٌ‬
‫الْمحمللي ِ [ال قننرة‪ ،]222:‬فهننذا طلنن‪ ،‬لننكك وقنناَ النسنناء م المُننيض‪،‬‬

‫لكنه جاء على صيغة اْلمر م قوله‪{ :‬فِعتزلوا ‪.‬‬


‫وقوله ‪« :‬اجتَن ِ نوا السن ع ا ْلمو َق ِ‬
‫نات» فهنذا طلن‪ ،‬لنكك المهلكنات‬ ‫َّ ْ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫الس ع‪ ،‬وهو أمر؛ ْلنه جاء على صيغة اْلمر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪88‬‬
‫نك إِ َلنى َمنا َِل َي ِري ُ َ‬
‫نك»‪ ،‬فقنُ أمنر بنكك منا‬ ‫وكذا قوله ‪َ « :‬د َْ َمنا َي ِري ُ َ‬
‫يسكي‪ ،‬المرء فيه‪ ،‬ويشت ه عليه شأنه‪ ،‬ومنع أننه طلن‪ ،‬لنكك ذلنك إِل أننه‬
‫أمر؛ ْلنه جاء بصيغة اْلمر‪.‬‬
‫أ َّما ْ‬
‫إن جاء طلن‪ ،‬النكك بصنيغة "ِل تفعنل" فهنو هنني‪ ،‬كمنا م قولنه‬

‫تعننننننالى‪َ{ :‬ال لَِْربُللللللوا الزِّفَللللللٍ [اإل ننننننراء‪َ{ ،]32:‬ال لَِْربُللللللوا مللللللِ َ‬

‫الْيتميدِ [اإل راء‪ ]34:‬ونُو ذلك من النواهي‪.‬‬


‫فننإ ًذا قولننه‪( :‬الفعننل)‪ ،‬هننذا يشننمل القننول‪ ،‬ويشننمل الننكك‪ ،‬ويشننمل‬
‫إحُا الشيء‪.‬‬
‫ا ننتُعاء للفعننل‪ ،‬ولكنننه‬ ‫ويُننكز بننه عننن النهنني؛ ّ‬
‫ْلن النهنني لنني‬
‫ا تُعاء للكك‪.‬‬
‫متعلق بقوله‪( :‬ا تُعاء)‪ ،‬وهنو يفينُ‬
‫ٌ‬ ‫وقوله‪( :‬بالقول) ٍ‬
‫جار ومجرور‬
‫أن اْلمر ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن يكون بالقول‪ ،‬ويُكز به عن طل‪ ،‬الفعل باإلشارة‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬
‫وإن َّ‬
‫دل على ما يُل عليه اْلمر‪.‬‬ ‫أمرا ْ‬
‫ُيسمى ً‬
‫فلو أنك رأيت زيًُ ا واق ًفا فقلت له هكذا‪ ،‬فهل ُيسمى هنذا ً‬
‫أمنرا أو ِل‬
‫بالقول‪.‬‬ ‫أمرا؛ ْلنه ْ‬
‫وإن كان ا تُعاء للفعل إِل أنه لي‬ ‫ُيسمى؟ ِل ُيسمى ً‬
‫فإ ًذا قوله (بالقول)‪ ،‬هذا قيُ يُكز به عن ا تُعاء الفعنل باإلشنارة‪،‬‬
‫وإن َّ‬
‫دل على ما يُل عليه ا تُعاء الفعل بالقول‪.‬‬ ‫أمرا ّ‬
‫فال ُيسمى ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪89‬‬
‫وقوله‪( :‬ممن هو دونه)‪ ،‬هذا فيه بيان شرط من شروط اْلمنر؛ وهنو‪:‬‬
‫أن يكننون مننن عن ٍ‬
‫نال لمننن هننو دونننه‪ ،‬وهننو مننا يعننل عنننه‬ ‫أن اْلمننر ِل ُبننَُّ ْ‬
‫ّ‬
‫اْلصوليون بالعلو‪.‬‬
‫وهذه المسألة وهي اْلمر هل يشكط فيه العلو أو ِل يشكط فيه؟‬
‫اختلف فيها اْلصوليون على أربعة أقوال‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬فمنه َمن قال‪ :‬يشكط م اْلمر العلو‪ ،‬وهنذا القنول‬
‫أن انمنر ِل ُبنَُّ ْ‬
‫أن يكنون أعلنى‬ ‫اهَّلل‪ ،-‬بمعننى‪ّ :‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اختاره ُ‬
‫رت ة من المأمور‪.‬‬
‫‪ -‬القننول الثنناين‪ :‬ومنننه َمننن قننال‪ِ :‬ل يشننكط العلننو وإنَّمننا يشننكط‬
‫اِل تعالء‪ ،‬وهذا القول اختاره الرازر‪ ،‬وانمُر‪ ،‬وابن الُاج‪.،‬‬
‫‪ -‬القول الثالث‪ :‬ومنه َمن قال‪ :‬يشكط اِلثنان‪ :‬العلو واِل تعالء‪.‬‬
‫‪ -‬القول الرابع‪ :‬ومنه َمن قال‪ِ :‬ل يشكطان‪ .‬فهذه أربعة أقوال‪.‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬ما الفرق بين العلو واِل تعالء؟‬
‫فالجواو على ذلنك‪ّ :‬‬
‫أن العلنو منن صنفات انمنر‪ ،‬واِل نتعالء منن‬
‫صفات اْلمر‪ ،‬فالعلو معناه ْ‬
‫أن يكون اإلنسان عال ًيا م حقيقنة اْلمنر‪ ،‬وأ َّمنا‬
‫أن يتكلف انمر العلو؛ ْ‬
‫وإن كنان م حقيقنة اْلمنر لني‬ ‫اِل تعالء فمعناه ْ‬
‫عال ًيا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪90‬‬
‫المصننِّف ُيسنمى‬
‫فمثال‪ :‬لو قال السيُ لع ُه‪ :‬اكت‪ ،،‬فهنذا علنى رأر ُ‬
‫ً‬
‫أمرا‪ْ ،‬لنه حصنل فينه العلنو‪ْ ،‬لننه ا نتُعاء‬
‫أمرا؟ يسمى ً‬
‫أمرا أو ِل ُيسمى ً‬
‫ً‬
‫فعل بالقول ممن هو دونه‪.‬‬
‫ولو قال –على رأر المصنِّف– لو قال الع ُ لسيُه بن ٍ‬
‫رة فيها ٍ‬
‫تعال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫اكتنن‪ ،،‬فهننذا ِل ُيسننمى أمن ًنرا؛ ْلنننه ْ‬
‫وإن حصننل فيننه اِل ننتعالء إِل أنننه لن‬
‫يُصل فيه العلو‪.‬‬
‫وهذه المسألة وهي هل يشكط العلو أو ِل يشنكط العلنو؟ ِل حاجنة‬
‫لها م اْلوامنر الشنرعية؛ ّ‬
‫ْلن اْلوامنر الشنرعية صنادرة منن اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه‬
‫عنال م‬ ‫عنال م قنُره‪ٍ ،‬‬ ‫مستو على عرشه‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َو َت َعا َلى– وهو ٍ‬
‫عال على خلقه‪،‬‬
‫أمره‪ٍ ،‬‬
‫عال م قهره ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى– وصادرة من الر ول الكنري وهنو‬
‫أعلننى الخلننق ‪-‬صننلوات اهَّلل و ننالمه عليننه– فهننذا الخننالف ِل أثننر لننه م‬
‫اْلوامر الشرعية؛ ْلهنا صادرة من الشارَ الكري ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪91‬‬
‫وقوله‪( :‬علنى ن يل الوجنوو)‪ ،‬هنذا فينه تصنريح ّ‬
‫بنأن طلن‪ ،‬إيقناَ‬
‫أمرا على وجه الُقيقة إِل إذا كان على يل الوجوو‪.‬‬
‫الفعل ِل ُيسمى ً‬
‫أمنرا حقيقنة؛‬
‫أ َّما إذا كان على يل النُو ف اهر هنذا أننه ِل ُيسنمى ً‬
‫مجنازا‪ ،‬ظناهر ّ‬
‫أن ا نتُعاء الفعنل بنالقول ممنن هنو‬ ‫ً‬ ‫أمنرا‬ ‫ْ‬
‫وإن كان ُيسمى ً‬
‫مجازا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬ ‫أمرا حقيقة؛ ْ‬
‫وإن كان ُيسمى ً‬ ‫دونه على يل النُو ِل ُيسمى ً‬
‫وهننذه المسننألة وهنني المنننُوو‪ ،‬هننل هننو مننأمور بننه حقيقننة أو لنني‬
‫مأمورا به حقيقة؟ وقع فيها خالف بين علماء اْلصول على قولين‪:‬‬
‫ً‬
‫منأمور بنه‪ ،‬وهنذا هنو منذه‪ ،‬جمهنور‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن المنُوو‬
‫اْلصوليين‪ ،‬وهو الصواو‪.‬‬

‫ويننُل علننى هننذا‪ :‬قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى–‪{ :‬إِنَّ الِقلله ي لأْمُرُ بِِلْد لَْ ِ‬

‫َاإلِحْسِنِ [النُل‪ ،]90:‬والعُل واج‪ ،،‬واإلحسان منُوو‪.‬‬

‫نأمور بننه فقننال‪{ :‬إِنَّ الِقلله ي لأْمُرُ ‪،‬‬ ‫وقننُ أخننل اهَّلل ‪ّ ‬‬
‫أن كن ًنال منهمننا من ٌ‬
‫فُلت هذه انية الكريمة على ّ‬
‫أن المنُوو الذر هو اإلحسان مأمور بنه‪،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫مأمور به ً‬
‫ٌ‬ ‫كما ّ‬
‫أن الواج‪ ،‬الذر هو العُل‬
‫منأمورا بنه‬
‫ً‬ ‫مجنازا‪ ،‬لكننه لني‬
‫ً‬ ‫مأمور به‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬القول الثاين‪ّ :‬‬
‫أن المنُوو‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪92‬‬
‫وا تُلوا على ذلك بأدلة‪:‬‬

‫منها‪ :‬قوله ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى–‪{ :‬فَِْيحْلذَرِ القلذمين يُهَلِلمفُون علنْ أَمْلرِهم أَنْ‬

‫لُصمي هُدْ فمتْاةٌ أََْ يُصمي هُدْ عذَابٌ أَلمليدٌ [النور‪ ،]63:‬فذلك يُل على ّ‬
‫أن اْلمنر‬
‫بالواج‪،‬؛ ّ‬
‫ْلن المننُوو ِل يكتن‪ ،‬علنى تركنه حصنول الفتننة أو‬ ‫يخت‬
‫منأمورا بنه‬
‫ً‬ ‫العذاو اْللي ‪ ،‬فا نتُلوا هبنذه انينة علنى ّ‬
‫أن المننُوو لني‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫منأمور بنه حقيقنةً‪ ،‬لكنن‬
‫ٌ‬ ‫أن يجاو على هنذا‪ّ :‬‬
‫بنأن المننُوو‬ ‫ويمكن ْ‬
‫اْلمر الذر توعُ الشارَ على تركه بُصنول الفتننة والعنذاو اْللني هنو‬
‫اْلمر إذا كان على يل الوجوو‪.‬‬
‫أ َّما اْلمر إذا ل يكن على يل الوجنوو‪ ،‬فلن يتوعنُ الشنارَ علنى‬
‫تركه بُصول الفتنة أو العذاو اْللي ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬علننى نن يل‬ ‫ِ‬ ‫وبننناء ًعلننى هننذا‪ّ :‬‬
‫المصنننِّف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫فننإن قننول ُ‬
‫الوجوو ِل حاجة له؛ ْلن اْلمر يشمل ما كان على يل الوجوو‪ ،‬ومنا‬
‫ل يكن على يل الوجوو‪.‬‬
‫‪ -‬فهذه المسألة اْلولى‪ :‬وهي تعريف اْلمر‪.‬‬
‫‪ -‬المسألة الثانية‪ :‬صيغة اْلمر‪.‬‬
‫والمراد بصيغة اْلمر‪ :‬اللفظ الُال على اْلمر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪93‬‬
‫السننَّة والجماعنة‪ ،‬خال ًفنا لألشناعرة‪ ،‬فقنُ‬
‫واْلمر له صيغة عنُ أهنل ُ‬
‫ٍ‬
‫خيال فا ُ وهنو‬ ‫ذه وا إلى ّ‬
‫أن اْلمر ِل صيغة له‪ ،‬وهذا م ني عنُه على‬
‫إث ات الكالم النفسي‪.‬‬
‫بأن الكالم معنًى يقوم بنذات ال نارر ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى–‬
‫ويفسرونه ّ‬
‫ِل يفارقه‪ ،‬ويُخل فيه اْلمر والنهي‪ ،‬والخل والعل ‪ ،‬والقُرة‪ ،‬وإنَّما يميز‬
‫اْلمر والنهي والخل متعلقاهتا‪ ،‬فإذا تع ّلق بالكالم طل‪ ،‬إيقاَ فعل نمي‬
‫أمرا‪ ،‬وإذا تع ّلق به طل‪ ،‬تنرك شنيء نمي هن ًينا‪ ،‬وإذا تعلنق بنه منا يُتمنل‬
‫ً‬
‫الصُق أو الكذو مي خلًا‪.‬‬
‫فزعمننوا ّ‬
‫أن اْلمننر ِل صننيغة لننه بنننا ًء علننى أص ن ٍل فا ننُ‪ ،‬وهننو إث ننات‬
‫الكالم النفسي‪ ،‬واهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى– ينتكل بكنال ٍم حقيقني مسنموَ‬
‫على ما يليق بجالله وع مته وكماله‪ ،‬كما د َّلنت علنى ذلنك دِلانل كثينرة‬
‫والسنَّة‪.‬‬
‫من الكتاو ُ‬
‫وبنا ًء على هذا –بنا ًء على ّ‬
‫أن اْلمر له صيغة– فما صيغة اْلمر؟‬
‫أن اْلمر له أربع صي ‪ُ ،‬تسمى الصني الصنريُة‪،‬‬
‫الجواو على هذا‪ّ :‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪94‬‬
‫أوِل‪ :‬افعننل‪ ،‬كمننا م قولننه تعننالى‪َ{ :‬أَقميمُللوا الصَّللالة َنلُللوا الزَّكَللِة‬
‫‪ً -‬‬

‫[ال قرة‪ ،]43:‬فقولنه‪{ :‬أقيملوا أمنر علنى وزن افعنل‪ ،‬وقولنه‪{ :‬نللوا‬
‫على وزن افعل‪.‬‬

‫وكقولننه تعننالى‪{ :‬يللِ أَيههللِ الق لذمين نماُللوا القُِللوا الِقلله َقُولُللوا قَوْلًللِ س لَميًَا‬

‫[اْلحزاو‪ ،]70:‬فقوله‪{ :‬الِوا أمر على وزن افعل‪ ،‬وقوله‪{ :‬قولوا‬


‫أمر على وزن افعل‪.‬‬
‫هذه الصيغة اْلولى وهي أم الصي ‪.‬‬
‫‪ -‬الصيغة الثانية‪ :‬الفعل المضارَ المقكن بالم اْلمنر‪ ،‬وهنو لتفعنل‪،‬‬
‫وليفعل‪،‬‬

‫ومنه قوله تعالى‪َ{ :‬إِذَا كُات فميهِدْ فَأَقَمْت لَهُدُ الصَّلالة فَِْلتَُِدْ اَِِمفَلةٌ مملاْهُدْ‬

‫مدك [النساء‪ ،]102:‬فهذا فعل مضارَ مقكن بالم اْلمر‪.‬‬

‫{َلْيأْخُذَُا أَسِْمحتَهُدْ فَإِذَا سجََُا فَِْيكُوفُوا ممنْ َراِمكُدْ َلْتَأْ}م اَِِمفَةٌ أُخْرى‬

‫لَدْ يُصُِّوا فَِْيُصُِّوا مدك َلْيأْخُذَُا حمذْرهُدْ َأَسِْمحتَهُدْ ‪.‬‬

‫وكذلك قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى–‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُلوا إِذَا لَلَاياتُدْ بِلَيْنى‬

‫إِلٍَ أَنًّى مُسمٍ فَِكْتُ ُوهُ َلْيكْتُبْ بيْاكُدْ كَِلمبٌ بِِلْدَْ ِ [ال قرة‪.]282:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪95‬‬
‫فعل اْلمر‪ ،‬وق ل ْ‬
‫أن نمثل لنه نسنأل منا الفنرق‬ ‫‪ -‬الصيغة الثالثة‪ :‬ا‬
‫فعل اْلمر؟‬ ‫بين اْلمر وا‬
‫فعل اْلمر‪ :‬ما يُل على طل‪ ،‬إيقاَ الفعل ويق ل عالمة اْلمر‪.‬‬
‫وا ن فعنل اْلمنر‪ :‬منا ينُل علنى طلن‪ ،‬إيقناَ الفعنل‪ ،‬لكننه ِل يق نل‬
‫عالمة فعل اْلمر‪.‬‬
‫فمثال من عالمات فعل اْلمر‪ :‬ق ول نون التوكيُ‪ ،‬فتقول‪ :‬اكت‪ ،،‬فهو‬
‫ً‬
‫يُل علنى الألن‪ ،،‬ويق نل دخنول ننون التوكينُ فتقنول‪ :‬اكتُن َ َّن أو اكتُن َ ْن‪،‬‬
‫وكذلك ياء المخاط‪ ،‬فتقول‪ :‬اكت‪ ،،‬واكت ي‪.‬‬
‫وإن َّ‬
‫دل على طل‪ ،‬السنكوت إِل أننه ِل‬ ‫أمر‪ْ ،‬لنه ْ‬ ‫لكن صه فهذا ا‬
‫يق ل عالمة فعل اْلمر‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬الصيغة الثالثة من صني اْلمنر‪ :‬ا ن فعنل اْلمنر‪ ،‬كقولنه ‪:‬‬
‫اإل ْث ِم ُِ َفإِ َّن ُه َي ْج ُلو ا ْل َ َص َر َو ُينْ ِ ُت َّ‬
‫الش ْع ُر»‪.‬‬ ‫« َع َل ْي ُك بِ ْ ِ‬
‫ْ‬
‫وكقوله تعالى‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا عَِيْكُدْ أَففُسكُدْ [المااُة‪.]105:‬‬
‫وكقول المؤذن‪ :‬حي على الصالة‪.‬‬

‫فإن قلت‪ :‬قولنه تعنالى‪َ{ :‬يحْيلِ ملنْ حليَّ علنْ بيِّالة [اْلنفنال‪،]42:‬‬
‫ْ‬

‫فعنل أمنر أو ِل؟ هنل هنو كقنول المنؤذن‪ :‬حني‬ ‫هنا هل هو ا‬ ‫{حيَّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪96‬‬
‫مثله؛ ْلن قوله‪َ{ :‬يحْيلِ ملنْ حليَّ أصنله قولنه‪ :‬منن‬ ‫على الصالة؟ لي‬
‫حيا‪ ،‬فهو ٌ‬
‫فعل ماض‪.‬‬
‫‪ -‬والصننيغة الرابعننة‪ :‬المصننُر الناانن‪ ،‬مننناو اْلمننر‪ ،‬كقولننه تعننالى‪:‬‬

‫{فَاظمرةٌ إِلٍَ ميْسرة [ال قرة‪ ،]280:‬فقوله‪{ :‬فَظمرةٌ مصُر نناو منناو‬
‫اْلمر‪.‬‬

‫والمعنى‪ :‬ان روا إلى ميسنرة‪ ،‬وكقولنه تعنالى‪{ :‬فَصمليَُِّ ثَالثَلةم أَيَّلَِّى ‪،‬‬

‫مصنُر نناو منناو اْلمنر‪ ،‬والمعننى‪ :‬صنوموا‪ ،‬أو صن ثالثنة‬ ‫{فصيَِّ‬


‫أيام‪.‬‬

‫وكقولننه تعننالى‪{ :‬فَضَ لرْب الرِّقَللِبِ ‪{ ،‬فضللرب هنننا مصننُر ننناو‬


‫مناو اْلمر‪ ،‬والتقُير اضرو‪ ،‬أو اضربوا‪.‬‬
‫ومعرفة صي اْلمر مهمة جنُا ا؛ وذلنك ْلننه ِل يصنح ْ‬
‫أن تقنول‪ :‬هنذا‬
‫أمر إِل إذا بينت صيغة اْلمر‪.‬‬
‫فال يصح ْ‬
‫أن تقول‪ :‬هذه انية أمر بكذا‪ ،‬أو هذا الُُيث أمر بكذا إِل‬
‫إذا بينت صيغة اْلمر فيه‪.‬‬
‫وهننذه الصنني ُتسننمى صنني اْلمننر الصننريُة‪ ،‬وهننناك صنني ذكرهننا‬
‫اهَّلل‪ -‬م [الموافقننات] ُتسننمى صنني اْلمننر الت عيننة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫الشنناط ي ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪97‬‬
‫صي اْلمر التي ليست صريُة‪ ،‬وهي‪ :‬كل ما َّ‬
‫دل على طل‪ ،‬إيقاَ الفعنل‬
‫بغير هذه الصي اْلربع‪.‬‬

‫أن هننذا الفعننل مكتننوو؛ كقولننه تعننالى‪{ :‬كُتمللب‬


‫نأن يخننل الشننارَ ّ‬
‫كن ْ‬

‫عَِيْكُدُ الِْمتَِ ُ َهُو كُرْهٌ لَكُدْ [ال قرة‪ ،]216:‬وقوله‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا كُتمب‬

‫عَِيْكُدُ الصِّيَُِّ [ال قرة‪{ ،]183:‬كُتمب عَِيْكُدْ إِذَا حضَر أَحَكُدُ الْموْ}ُ إِنْ لَركَ‬

‫خيْرًا الْوصميَّةُ [ال قرة‪.]180:‬‬


‫أو ْ‬
‫أن يرت‪ ،‬الشارَ العقاو على الفعل ونُو ذلك من اْللفاظ التي‬
‫تُل على طل‪ ،‬إيقاَ الفعل‪ ،‬لكنها ل ترد بصيغة "افعل"‪ ،‬أو المضنارَ‬
‫فعل اْلمر‪ ،‬أو المصُر الناا‪ ،‬مناو اْلمر‪.‬‬ ‫المقكن بالم اْلمر‪ ،‬أو ا‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬نقول‪ :‬صي اْلمر قسمان‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬صي صريُة‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬صي ليست صريُة‪ ،‬وهي الصيغة الت عية‪.‬‬
‫‪ -‬المسألة الثالثة‪ :‬دِللة اْلمر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪98‬‬
‫مسناال اْلمنر‪ ،‬وأهمهنا؛ وذلنك لمنا يكتن‪،‬‬ ‫وهذه المسألة من أع‬
‫عليها من الفقه الكثير‪ ،‬وقُ اختلنف العلمناء م دِللنة اْلمنر علنى أقنوال‪،‬‬
‫أن اْلمنر ْ‬
‫إن‬ ‫قوِل‪ ،‬واتفنق العلمناء علنى ّ‬
‫أوصلها بعضه إلى خمسة عشر ً‬
‫اقكنت به قرينة تُل على الوجوو فإنه يُمل على الوجوو‪.‬‬
‫هذا مُل اتفاق بين العلماء‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر إن اقكنت به قرين ٌة دالنة علنى‬
‫الوجوو فإنه يُمل على الوجوو‪.‬‬

‫ومثال ذلك‪ :‬قوله ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬يلِ أَيههلِ القلذمين نماُلوا القُِلوا الِقله‬

‫َذَرَُا مِ بِمي ممن الرِّبِ إِنْ كُالتُدْ مُلمْممامَ [ال قنرة‪ ،]278:‬وقولنه‪َ{ :‬ذرَا‬
‫أمر‪ ،‬وقُ اقكن به قريننة تنُل علنى الوجنوو وهني ترتين‪ ،‬العقناو علنى‬

‫الفعل م قوله‪{ :‬فَإِنْ لَدْ لَفْدُِوا فَأْذَفُوا بِحرْبى ممن الِقهم َرسُولمهم [ال قرة‪.]279:‬‬
‫أن اْلمنر ْ‬
‫إن اقكننت بنه‬ ‫فإ ًذا هذا مُل اتفاق بين اْلصوليين؛ وهنو‪ّ :‬‬
‫قرينة تُل على الوجوو فإنه يُمل على الوجوو‪.‬‬
‫أن اْلمر ْ‬
‫إن اقكنت بنه قريننة تنُل علنى‬ ‫أيضا اتفا ًقا آخر وهو ّ‬
‫واتفقوا ً‬
‫النُو فإنه يُمل على النُو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪99‬‬
‫وذلك كما م قوله ‪َ « :‬م ِن ا ْ ت َْج َم َر َف ْل ُيوتِ ْر»‪ ،‬فقولنه‪َ « :‬ف ْل ُينوتِ ْر» هنذا‬
‫أمرا‪ ،‬على صيغة الفعل المقكن بالم اْلمر‪َ « ،‬م ْن ا ْ ت َْج َم َر َف ْل ُيوتِ ْر‪َ ،‬م ْن َف َع َل‬
‫ً‬
‫َف َقُْ َأ ْح َس َن َو َم ْن َِل َف َال َح َر َج»‪ ،‬فقولنه‪ْ َ« :‬ن َف َع َنل َف َقنُْ َأ ْح َسن َن َو َمن ْن َِل َف َنال‬
‫َح َر َج» قرينة تُل على ّ‬
‫أن اْلمر باإليتار هنا يُمل على النُو‪.‬‬
‫و‪َ ،‬صن ُّلوا َق ْ َنل ا ْل َم ْغ ِنر ِ‬
‫و‪َ ،‬صن ُّلوا‬ ‫وكما م قوله ‪َ « :‬ص ُّلوا َق ْ َل ا ْل َم ْغ ِر ِ‬

‫و ل ِ َم ْن َشا َء» فقوله‪َ « :‬ص ُّلوا» أمر‪ ،‬وقوله‪« :‬ل ِ َم ْن َشا َء» قرينة تُل‬ ‫َق ْ َل ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫على ّ‬
‫أن اْلمر هنا ُيراد به النُو‪.‬‬
‫واختلف العلماء م اْلمر المألق‪ ،‬والمراد به اْلمر النذر لن تقنكن‬
‫به قرينة تنُل علنى الوجنوو أو علنى الننُو أو َيرهمنا‪ ،‬علنى أر شنيء‬
‫يُمننل؟ وذلننك علننى أقن ٍ‬
‫نوال كثيننرة‪ ،‬وهننذا هننو مُننل النننزاَ‪ ،‬وهنو اْلمننر‬
‫المألق‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬إلى مُل النزاَ فقال‪( :‬وهي عننُ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ أشار ُ‬
‫اإلطالق والتجرد عن القرينة)‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪100‬‬
‫قوله‪( :‬والتجرد عن القرينة) هذا تفسير لقوله‪ :‬اإلطالق‪.‬‬
‫المصننِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫فالمراد باإلطالق‪ :‬هو التجرد عن القرينة‪ ،‬فأشار ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬إلننى مُننل النننزاَ وهننو اْلمننر إذا تجننرد عننن القرينننة علننى أر شننيء‬
‫ُ‬
‫يُمل؟ قلنا‪ :‬اختلف اْلصوليون م ذلك اختال ًفا ً‬
‫كثيرا‪ ،‬وأصنح اْلقنوال‬
‫أن اْلمر المألق أر المتجرد عن‬‫اهَّلل‪ -‬وهو ّ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ما ذه‪ ،‬له ُ‬
‫القرينة يُمل على الوجوو‪.‬‬
‫وقُ َّ‬
‫دل على ذلك أدلة كثيرة‪:‬‬

‫منها‪ :‬قوله ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬فَِْيحْلذَرِ القلذمين يُهَلِلمفُون علنْ أَمْلرِهم أَنْ‬

‫لُصمي هُدْ فمتْاةٌ أََْ يُصمي هُدْ عذَابٌ أَلميدٌ ‪.‬‬


‫ووجه اِل تُِلل هبذه انية الكريمة علنى ّ‬
‫أن اْلمنر المألنق يقتضني‬
‫أن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬رت‪ ،‬على مخالفة أمنره حصنول‬
‫الوجوو‪ :‬هو ّ‬
‫أحُ أمرين‪:‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫فسننرها اإلمنننام أحمننُ ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫‪ -‬اْلمننر اْلول‪ :‬الفتنننة‪ ،‬وقنننُ َّ‬
‫بالشرك‪.‬‬
‫وفسرها بعض أهل العل بما هو أع من ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬المنراد بالفتننة‬
‫هو الزي والضالل‪ ،‬والخروج عن الصراط المستقي ‪.‬‬
‫‪ -‬واْلمر الثاين‪ :‬حصول العذاو اْللي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪101‬‬
‫ومثل ذلك ِل يكت‪ ،‬إِل على ترك واج‪َّ ،،‬‬
‫فُل ذلك على ّ‬
‫أن أمنره ‪-‬‬
‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬يُمل على الوجوو‪ ،‬وكذلك أمر الن ي ‪ ‬فإنه يُمنل‬
‫على الوجوو‪.‬‬
‫وِل يصرف اْلمنر عنن هنذا اْلصنل إِل إذا وجنُت قريننة تنُل علنى‬
‫هذا‪.‬‬
‫وبنننا ًء علننى ذلننك‪ :‬فلننو ّ‬
‫أن شخصننين اختلفننا م دِللننة اْلمننر‪ ،‬فقننال‬
‫أحُهما‪ :‬هذا اْلمر يُل على الوجوو‪ ،‬وقنال انخنر‪ :‬ينُل علنى الننُو‬
‫فأر القولين أقوى؟‬
‫ْلن قااله متمسك باْلصل‪ ،‬وهو‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر‬ ‫اْلقوى هو القول اْلول؛ ّ‬
‫المألق يقتضي الوجوو‪ ،‬وِل يق ل القول الثاين إِل إذا أقام صناح ه علينه‬
‫الُليل‪.‬‬
‫فإ ًذا القاعُة ّ‬
‫أن اْلمر المألق أر‪ :‬المجنرد عنن القريننة يُمنل علنى‬
‫الوجوو‪ ،‬إِل إذا وجُت قرينة صارفة فإنه يُمل على الننُو أو يُمنل‬
‫على اإلباحة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪102‬‬
‫ومثال حمله على النُو‪ :‬قولنه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬يلِ أَيههلِ القلذمين‬

‫نماُوا إِذَا لَلَاياتُدْ بِلَيْنى إِلَلٍ أَنلًّى مُسلمٍ فَلِكْتُ ُوهُ ‪ ،‬فقولنه‪{ :‬فلِكت وه أمنر‪،‬‬
‫واْلصل م اْلمر بنا ًء على هذه القاعُة أنه يُمل على الوجنوو‪ ،‬إِل أننه‬
‫صرفه صارف عن الوجوو وهو فعل الن ي ‪.‬‬
‫فقُ اشكى من جابر ‪-‬رضي اهَّلل عننه وعنن أبينه‪ -‬فر ً نا ولن يكتن‪،‬‬
‫ول يشهُ؛ َّ‬
‫فُل ذلك على ّ‬
‫أن كتاو الُين ليست واج ة‪.‬‬

‫وكذلك قوله تعالى‪َ{ :‬اسْتَنْهََُِا شلهِيَيْنِ مملنْ رِنلِلمكُدْ ‪ ،‬واْلصنل‬


‫م اْلمر أنه يُمل على الوجوو‪ ،‬إِل أنه صرفه هنا صارف وهنو حنُيث‬
‫جابر المتقُم‪.‬‬

‫وكذلك قوله تعالى‪{ :‬فَكَِلم ُوهُدْ إِنْ عِممْلتُدْ فمليهِدْ خيْلرًا [الننور‪،]33:‬‬
‫فقُ أمر اهَّلل بمكات ة الع ُ على نجوم يُفعها لسيُه مقابل عتقه‪ ،‬واْلصنل‬
‫م اْلمر أنه يقتضي الوجوو إِل أنه صرفه صارف‪.‬‬
‫قال بعنض العلمناء‪ :‬الصنارف هننا اإلجمناَ علنى ّ‬
‫أن مكات نة السنيُ‬
‫لع ُ ليست واج ة‪.‬‬
‫وقننال بعننض العلمنناء‪ :‬بننل الصننارف هننو ّ‬
‫أن الع ننُ ملننك لسننيُه‪ ،‬وِل‬
‫يج‪ ،‬على السيُ ْ‬
‫أن يخرج ماله من تُت يُه‪ ،‬فكنان ذلنك قريننة صنارفه‬
‫لألمر عن الوجوو إلى اِل تُ او‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪103‬‬
‫و مثال القرينة الصارفة لألمر عن الوجوو إلى اإلباحة‪ :‬قوله تعالى‪:‬‬

‫{يِ أَيههِ القذمين نماُوا كُُِلوا مملنْ اَيِّ لِ}م ملِ رزَقْالِكُدْ [ال قنرة‪ ،]172:‬فقنُ أمنر‬

‫باْلكل بقوله‪{ :‬كِوا ‪ ،‬واْلصل م اْلمر أنه يُمل على الوجوو‪.‬‬


‫إِل أننه صننرف اْلمننر هنننا صننارف وهننو ّ‬
‫أن اْلكنل لنني واج ًننا علننى‬
‫ٍ‬
‫حينئنذ‬ ‫اإلنسان بإجماَ العلماء‪ ،‬إِل إذا اضأر إلى اْلكل فإنه يجن‪ ،‬علينه‬
‫حف ً ا لمهجته‪ ،‬ورعاية لُق نفسه‪ ،‬فالُليل الصارف هنا‪ :‬اإلجماَ‪.‬‬

‫وكننذلك قولننه تعننالى‪{ :‬فَ لإِذَا قُضملليتم الصَّللالةُ فَِفتَنم لرَُا فمللي األَرْ ِ‬

‫[الجمعننة‪ ،]10:‬فقولننه‪{ :‬فِفتنللرَا هننذا أمننر‪ ،‬واْلصننل م اْلمننر أنننه‬


‫أن العلمنناء مجمعننون علننى ّ‬
‫أن هننذا اِلنتشننار‬ ‫يُمننل علننى الوجننوو‪ ،‬إِل ّ‬
‫واج ًا‪ ،‬فتكون قرينة الصارف عن اْلمر هنا اإلجماَ‪.‬‬ ‫لي‬
‫وقال بعض العلماء‪ :‬القرينة الصنارفة هننا هني تقنُم الُ نر م قولنه‬

‫تعالى‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا إِذَا فُوٍمخ لمِصَّال ةم ممنْ يوَِّْ الْجُمُدةم فَِسْدوْا إِلٍَ ذمكْلرِ الِقلهم‬

‫َذَرَُا الْ يْع [الجمعة‪ ،]9:‬فقنُ َّ‬


‫حنرم ال ينع وح نره‪ ،‬ثن أمنر بنه م قولنه‪:‬‬

‫{فَإِذَا قُضميتم الصَّالةُ فَِفتَنمرَُا ‪.‬‬


‫وإذا ورد اْلمر بعُ الُ ر فإنه ُيُمل على اإلباحة‪ ،‬هكنذا قنال أكثنر‬
‫اْلصوليين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪104‬‬
‫وأرجح اْلقوال م اْلمر بعُ الُ ر أنه يُمل على ما كان عليه ق نل‬
‫فإن كان الُك ق ل الُ ر اإلباحة ّ‬
‫فإن اْلمنر بعنُ الُ نر يُمنل‬ ‫اْلمر‪ْ ،‬‬
‫وإن كان الُك ق ل الُ ر الوجوو ّ‬
‫فإن اْلمر بعُ الُ ر‬ ‫على اإلباحة‪ْ ،‬‬
‫يُمل على الوجوو‪.‬‬
‫فمثال‪ :‬الصيُ ق ل اإلحرام م اح‪ ،‬ث حضره اهَّلل باإلحرام‪ ،‬أر‪ :‬بس ‪،‬‬
‫ً‬

‫اإلحرام كما م قوله تعالى‪{ :‬رَيْر مُحمِِّي الصَّيَْم َأَفْتُدْ حُرٌَُّ [الماانُة‪،]1:‬‬

‫ث أمر به فقال‪َ{ :‬إِذَا حَِِْتُدْ فَِصْلٍََُِا فيُمل اْلمنر باِلصنأياد علنى‬


‫اإلباحة السابقة للُ ر‪.‬‬
‫وكذلك قتال المشركين واج‪ ،‬وقُ ح ره اهَّلل م اْلشهر الُرم‪ ،‬ثن‬

‫أمر به بعُ انسالخ اْلشهر الُرم فقال‪{ :‬فَإِذَا افسلََِ األَشْلهُرُ الْحُلرَُُّ فَلِقْتُُِوا‬

‫الْمُنْرِكمَ [التوبنة‪ ،]5:‬فهنذا أمنر بعنُ ح نر يُمنل علنى الوجنوو؛ ّ‬


‫ْلن‬
‫الُك كان ق ل الُ ر هو الوجوو‪.‬‬
‫‪ -‬المسألة الرابعة من مساال اْلمر‪ :‬هل اْلمنر يقتضني التكنرار أو ِل‬
‫إن شاء اهَّلل تعالى م ٍ‬
‫لقاء قادم‪.‬‬ ‫يقتضيه؟ هذه المسألة نتكل عليها ْ‬
‫واهَّلل أعل ‪ ،‬وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪105‬‬
‫وعرفنننا ّ‬
‫أن اْلمننر المألننق وهننو المجننرد عننن القننراان يننُل علننى‬
‫الوجوو عنُ جمهور اْلصوليين‪ ،‬ومن فروَ هذه القاعُة‪:‬‬
‫أوِل‪ :‬وجوو اِل تنشاق م الوضوء‪ ،‬وذلك لقوله ‪« :‬إِ َذا َت َو َّض َنأ‬ ‫‪ً -‬‬
‫َأ َحُُ ُك ْ َف ْل َي ْج َع ْل فِي َأن ِْف ِه َما ًء» فقولنه‪َ « :‬ف ْل َي ْج َع ْنل» أمنر علنى صنيغة الفعنل‬
‫المضارَ المقكن بالم اْلمر‪.‬‬
‫والقاعُة‪ّ " :‬‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الوجوو"‪.‬‬
‫فرَ آخر‪ :‬وهو وجوو َسل اإلناء من ولوغ الكل‪ً ،‬عا‪ ،‬وذلك‬ ‫‪ٌ -‬‬
‫اإلن ِ‬
‫َاء َفا َْ ِس ُلو ُه َ ْ ًعا‪ » . .‬الُُيث‪.‬‬ ‫‪ ،‬فِي ْ ِ‬
‫لقوله ‪« :‬إِ َذا َو َل َ ا ْل َك ْل ُ‬
‫‪ -‬المسألة الثالثة من مساال اْلمر‪ :‬فقوله‪« :‬ا َْ ِس ُلو ُه» أمر على صنيغة‬
‫افعل‪ ،‬والقاعُة " ّ‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الوجوو"‪ ،‬هذه هي المسنألة‬
‫الثالثة من مساال اْلمر‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هي‪ :‬هل اْلمر‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬المسألة الرابعة التي ذكرها المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يقتضنني التكننرار أو ِل يقتضنني؟ والتكننرار بفننتح التنناء ويجننوز فيننه الكسننر‬
‫المراد بالتكرار إعادة الفعل نفسه‪ ،‬وإنَّما المراد به ا نتيعاو‬ ‫أيضا‪ ،‬ولي‬
‫ً‬
‫جميع الزمان بالفعل‪.‬‬
‫بأن يوقع المك َّلف الفعل كلمنا فنرغ مننه‪ ،‬فهنذا هنو المقصنود‬
‫وذلك ْ‬
‫بالتكرار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪106‬‬
‫ا تيعاو جميع الزمنان بالفعنل‪ ،‬فهنل اْلمنر يقتضني التكنرار أو أننه‬
‫يقتضي المرة الواحنُة؟ اختلنف م ذلنك اْلصنوليون علنى عنُة أقنوال‪،‬‬
‫أن اْلمر ْ‬
‫إن اقكنت به قريننة تنُل علنى التكنرار‬ ‫أن اتفقوا على ّ‬
‫وذلك بعُ ْ‬
‫فإنه يُمل على التكرار‪ ،‬فهذا مُل اتفاق بنين علمناء اْلصنول ّ‬
‫أن اْلمنر‬
‫ْ‬
‫إن اقكنت به قرينة تُل على التكرار فإنه يُمل على التكرار‪.‬‬
‫أيضنا‬ ‫وكذا ْ‬
‫إن اقكنت به قرينة تُل على المنرة الواحنُة فإننه ُيُمنل ً‬
‫على المرة الواحُة‪.‬‬
‫فمثال اْلول ‪-‬وهو اْلمر الذر اقكنت به القرينة تُل على التكرار–‬

‫قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪{ :-‬يِ أَيههلِ القلذمين ن ماُلوا إِذَا قُمْلتُدْ إِلَلٍ الصَّلالةم فَِرْسملُِوا‬

‫َُنُللللوهكُدْ َأَيْلل لَميكُدْ إِلَللللٍ الْمرافملل لَِ ‪[ . .‬المااننننُة‪ ]6:‬انيننننة‪ ،‬فقولننننه‪:‬‬

‫هذا أمر اقكن بنه قريننة تنُل علنى التكنرار وهني الشنرط م‬ ‫{فِرسِوا‬

‫قوله‪{ :‬إذا قمتد ‪.‬‬

‫فإ ًذا قوله‪{ :‬فَِرْسمُِوا َُنُوهكُدْ َأَيَْميكُدْ إِلَلٍ الْمرافملَِ ‪ . .‬ينُل علنى‬
‫التكرار؛ ْلنه اقكن به قرينة تُل على التكرار وهي الشرط‪.‬‬

‫وكنذلك قولنه تعننالى‪{ :‬الزَّافميلةُ َالزَّافمللي فَِنِْملََُا كُلًّق َاحمللَ مماْهُملِ ممَِِلةَ‬

‫هذا أمر يُل علنى التكنرار؛ ْلننه‬ ‫نَِْة [النور‪ ،]2:‬فقوله‪{ :‬فِنََِا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪107‬‬
‫اقكن به قرينة وهي‪ :‬وصف الزنا‪ ،‬فكلما وجُ الزنا وجنُ اْلمنر بالجلنُ‪،‬‬
‫فهذا مثال اْلمر التي اقكنت به قرينة تُل على التكرار‪.‬‬
‫ومثال اْلمر الذر اقكنت به قرينة تُل على المرة الواحُة‪ :‬قوله ‪:‬‬
‫َ‪َ ،‬ع َل ْي ُك ُ ا ْل َُ َّج َف َُ ُّجوا»‪ ،‬فقولنه‪َ « :‬ح ُّجنوا» أمنر‪،‬‬ ‫َّاس إِ َّن َ‬
‫اهَّلل َكت َ‬ ‫« َيا َأ ُّي َها الن ُ‬
‫وقُ اقكن به قرينة تُل على المرة الواحُة وهي قوله ‪« :‬ا ْل َُ ُّج َم َّر ًة َف َما‬
‫َزا َد َف ُه َو ُم َت َأ ِّو ٌَ» وم لفظ « َف ُه َو ُم َت َأ ِّو ٌَ»‪.‬‬
‫فقولننه‪َ « :‬من َّنر ًة» دليننل علننى ّ‬
‫أن اْلمننر هنننا ِل يقصننُ بننه التكننرار‪ ،‬وإنَّمننا‬
‫يقصُ به المرة الواحُة‪ْ ،‬‬
‫فإن ل يقكن باْلمر قريننة تنُل علنى التكنرار أو‬
‫تُل على المرة الواحُة‪ ،‬فهل يُمُ على التكنرار أو يُمنل علنى المنرة‬
‫الواحُة؟ وقع م هذا خالف بين اْلصوليين على أقنوال‪ ،‬أشنهرها ثالثنة‬
‫أقوال‪:‬‬
‫‪ -‬القننول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن اْلمننر ِل يقتضنني التكننرار‪ ،‬وإنَّمننا يقتضنني المننرة‬
‫الواحُة‪.‬‬
‫وا تُل القاالون هبذا القول ّ‬
‫بأن اْلمر يُل على مجرد طلن‪ ،‬الفعنل‬
‫وإيقاعه‪ ،‬وذلك يُصل بمرة واحُة وما زاد على ذلك فاْلصل عُمه‪ ،‬ما‬
‫زاد على المرة الواحُة فاْلصل عُمه؛ فهذا هو القول اْلول‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثاين –عكسه‪ :-‬وهو اْلمر المألق يقتضي التكرار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪108‬‬
‫وا تُل أصُاو هذا القول بقياس اْلمر علنى النهني‪ّ ،‬‬
‫فنإن الشنارَ‬
‫ٍ‬
‫بشنيء‬ ‫ٍ‬
‫شيء وج‪ ،‬ا تُانة ترك المنهي عنه‪ ،‬فكنذلك إذا أمنر‬ ‫إذا هنى عن‬
‫فإنه يج‪ ،‬ا تُانة فعل المأمور به وتكراره‪.‬‬
‫فُليل أصُاو هذا القول هو القياس علنى النهني‪ّ ،‬‬
‫فنإن الشنارَ إذا‬
‫ٍ‬
‫بشنيء‬ ‫ٍ‬
‫شنيء وجن‪ ،‬ا نتُانة تنرك المنهني عننه‪ ،‬فكنذلك إذا أمنر‬ ‫هنى عن‬
‫وج‪ ،‬ا تُانة فعل المأمور به وتكراره‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثالث م المسألة –واختاره طاافة من المُققين‪ :-‬هنو ّ‬
‫أن‬
‫اْلمننر ِل يقتضنني المننرة الواحننُة‪ ،‬وِل يقتضنني التكننرار‪ ،‬وإنَّمننا يننُل علننى‬
‫مجرد طل‪ ،‬إيقاَ الفعل المأمور به‪ ،‬لكن لما كان اِلمتثال ِل يُصنل إِل‬
‫بالمرة الواحُة‪ ،‬كانت المرة الواحنُة منن لوازمنه وضنروراته ِل أننه ينُل‬
‫جمع من المُققين كالرازر‪ ،‬وانمنُر‪ ،‬وابنن‬
‫ٌ‬ ‫عليه؛ وهذا القول اختاره‬
‫الُاج‪ ،‬وَيره‪.‬‬
‫المصنِّف هنا م المتن‪( :‬وِل تقتضي التكنرار علنى الصنُيح)‬
‫وقول ُ‬
‫يُتمننل أنننه يريننُ القننول اْلول‪ ،‬وهننو‪ّ :‬‬
‫أن اْلمننر المألننق يقتضنني المننرة‬
‫الواحننُة‪ ،‬ويُتمننل أنننه يريننُ القننول الثال نث‪ ،‬وهننو‪ّ :‬‬
‫أن اْلمننر ِل يقتضنني‬
‫تكرارا وِل يقتضني منرة واحنُ‪ ،‬إِل أننه صنرح م [اللهنان] ّ‬
‫بنأن اْلمنر ِل‬ ‫ً‬
‫يقتضي مرة واحُة وِل يقتضي التكرار‪ ،‬وإنَّما يقتضي إيجاد ماهية الفعل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪109‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬وِل تقتضنني‬ ‫ِ‬ ‫وبنننا ًء علننى هننذا‪ :‬فن ّ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫نإن قننول ُ‬
‫تكنرارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫التكرار) على الصُيح يُمل على أنه يرى ّ‬
‫أن اْلمنر ِل يقتضني‬
‫أيضا مرة واحُة‪ ،‬وإنَّما يقتضي إيجاد الفعل إِل ما َّ‬
‫دل النُليل‬ ‫وِل يقتضي ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على التكرار‪.‬‬ ‫على قصُ التكرار فإنه يُمل‬

‫كما مثلنا بقوله تعالى‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا إِذَا قُمْتُدْ إِلٍَ الصَّالةم فَِرْسملُِوا‬

‫َُ نُوهكُدْ َأَيَْميكُدْ إِلٍَ الْمرافمَِ ‪ ،‬وقوله‪{ :‬الزَّافميةُ َالزَّافمي فَِنِْملََُا كُلًّق َاحملَ‬

‫مماْهُمِ ممَِِةَ نَِْة ‪ ،‬وقوله‪َ{ :‬السَِّرِقُ َالسَِّرِقَةُ فَِقْلَدُوا [المااُة‪.]38:‬‬


‫فهننذه َّ‬
‫دل الننُليل فيهننا علننى التكننرار‪ ،‬فتُُمننل علننى التكننرار‪ ،‬وهننذه‬
‫المسألة وهي اْلمر هل يُل على التكرار أو ِل ينُل علينه ثمرهتنا الفقهينة‬
‫قليلة؛ ْلنه ما من ٍ‬
‫أمر من أوامر الشريعة إِل وفيه منا ينُل علنى التكنرار أو‬
‫على عُم التكرار‪.‬‬
‫ومن الفروَ الفقهية التي يذكرها اْلصوليون والفقهاء لهذه القاعُة‬
‫أن يقنول مثنل منا يقنول‬ ‫أن َمن مع اْلذان منرة ثانينة هنل يشنرَ لنه ْ‬ ‫هي‪ّ :‬‬
‫ان َف ُقو ُلوا مِ ْث َل َما َي ُق ُ‬
‫ول ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن»؟‬ ‫المؤذن؛ لقوله ‪« :‬إِ َذا َ ِم ْع ُت ُ ْاْلَ َذ َ‬
‫فمن قال‪ :‬اْلمر المألنق يقتضني التكنرار‪ ،‬قنال‪ :‬يشنرَ لنه أننه كلمنا‬
‫َ‬
‫مع المؤذن قال مثلما يقول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪110‬‬
‫و َمننن قننال‪ :‬اْلمننر المألننق ِل يقتضنني التكننرار‪ ،‬ننوا ًء أقننال‪ :‬يقتضنني‬
‫المننرة الواحننُة‪ ،‬أو قننال‪ :‬يقتضنني إيجنناد الفعننل فقننب‪ ،‬قننال‪ِ :‬ل يشننرَ لننه‬
‫التكرار‪.‬‬
‫هذه هي المسألة الرابعة من مساال اْلمر‪.‬‬
‫والننذر ي هننر والعل ن عنننُ اهَّلل م هننذه المسننألة‪ّ :‬‬
‫أن اْلمننر المألننق‬
‫يقتضني مجنرد إيجنناد الفعنل‪ ،‬أ َّمننا الُِللنة علنى المننرة الواحنُة أو مننا زاد‬
‫عليها‪ ،‬فذلك ِل يقتضيه اْلمر وإنَّما يؤخذ من أدلة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬المسألة الخامسنة‪ :‬هنل اْلمنر يقتضني الفنور أو ينُل علنى جنواز‬
‫الكاخي؟‬
‫وق ل ذكر هذه المسألة نعرف بالفور والكاخي‪.‬‬
‫والمراد بالفور‪ :‬هو الم ادرة والمسارعة بإيقاَ الفعل وإيجابه م أول‬
‫اْلزمنة الممكنة‪.‬‬
‫ويقابله الكاخي‪ ،‬فالكاخي هو‪ :‬تأخير إيقاَ الفعنل عنن أول اْلزمننة‬
‫الممكنة‪.‬‬
‫لهنا‬ ‫وهذه المسنألة مفروضنة م الواج نات المألقنة‪ ،‬أر‪ :‬التني لني‬
‫وقت معلوم ال ُاية معلوم النهاية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪111‬‬
‫هننذه المسننألة وهنني اْلمننر هننل يقتضنني الفننور أو يننُل علننى جننواز‬
‫لهنا وقنت معلنوم‬ ‫الكاخي مفروضة م اْلوامنر المألقنة‪ ،‬أر‪ :‬التني لني‬
‫ال ُاية معلوم النهاية‪.‬‬
‫أ َّما الواج نات المقينُة وهني التني لهنا وقنت معلنوم ال ُاينة‪ ،‬معلنوم‬
‫نثال فإهنننا‬
‫النهايننة فليسننت هننذه المسننألة مفروضننة فيهننا؛ كصننالة ال هننر من ً‬
‫واج‪ ،‬مقيُ؛ ّ‬
‫ْلن وقتها معلوم ال ُاية معلوم النهاية‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫أن يوقننع الصننالة م أول الوقننت‪ ،‬ويجننوز لننه ْ‬
‫أن‬ ‫فيجننوز للمكلننف ْ‬
‫يوقعها م و أها‪ ،‬ويجوز له ْ‬
‫أن يوقعها م آخرها‪ ،‬لكن المسألة مفروضة‬
‫لهننا وقننت معلننوم ال ُايننة معلننوم النهايننة‪ ،‬فهننل‬ ‫م الواج ننات التنني لنني‬
‫يقتضي اْلمر هبا الفور أو يقتضي الكاخي؟ هذه هي صورة المسألة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪112‬‬
‫وقُ اختلف فيها علماء اْلصول على ثالثة أقوال مشهور‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر يقتضي الفور‪ ،‬وهذا هنو منذه‪ ،‬المالكينة‪،‬‬
‫والُنابلة‪.‬‬
‫وا تُلوا على ذلك بأدلة‪:‬‬

‫منها‪ :‬قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪َ{ :-‬سِرِعُوا إِلٍَ مغْفملرة مملنْ ربِّكُلدْ [آل‬
‫عمران‪ ،]133:‬فقنُ أمنر اهَّلل ‪ ‬بالمسنارعة بإيقناَ الواج نات‪ ،‬والقاعنُة‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الوجوو"؛ فَُّ ل ذلك علنى ّ‬
‫أن اْلمنر يقتضني‬ ‫" ّ‬
‫الفور‪.‬‬
‫أيضنا‪ّ :‬‬
‫أن المسنارعة بإتينان الواجن‪ ،‬وأداانه أبنرأ للذمنة‬ ‫ومن أدلته ً‬
‫وأحوط؛ ّ‬
‫ْلن اإلنسان ِل يُرر ماذا يعرض له‪ ،‬وأ َّما التأخير فيكت‪ ،‬علينه‬
‫آفات‪.‬‬
‫‪ -‬القنول الثنناين‪ّ :‬‬
‫أن اْلمننر ِل يقتضني الفننور‪ ،‬وإنَّمننا ينُل علننى جننواز‬
‫الكاخي؛ وهذا هو منذه‪ ،‬أكثنر الُنفينة‪ ،‬وأكثنر الشنافعية ّ‬
‫أن اْلمنر ينُل‬
‫على جواز الكاخي‪.‬‬
‫وا تُلوا على ذلك ّ‬
‫بأن اْلمر يُل على طل‪ ،‬إيقناَ الفعنل منن َينر‬
‫تعرض لزمان إيقاَ الفعنل‪ ،‬فيكنون إيجناو اْلمنر م أول أزمنن اإلمكنان‬
‫ً‬
‫قوِل من َير دليل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪113‬‬
‫فمثال إذا قال الشارَ‪ :‬افعلوا‪ّ ،‬‬
‫فإن ذلك يُل على مجرد طلن‪ ،‬إيقناَ‬ ‫ً‬
‫الفعل‪ ،‬ول يتعرض لكون الفعل م أول الوقت أو م و أه‪ ،‬أو م آخره‪،‬‬
‫ً‬
‫وقوِل من َير دليل‪.‬‬ ‫تُكما‬
‫ً‬ ‫فيكون تُُيُ أول الوقت بإيقاَ الفعل‬
‫‪ -‬القول الثالث‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر يُل على مجرد طلن‪ ،‬الفعنل‪ ،‬وِل يُمنل‬
‫على الفور أو على الكاخي إِل إذا وجُت قرينة تُل على هذا‪.‬‬
‫وهننذا القننول اختنناره جماعننة مننن المُققننين كننأبي حامننُ الغزالنني‪،‬‬
‫والرازر‪ ،‬وانمُر‪ ،‬وابن الُاج‪.،‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬وِل تقتضي الفور) يُتمل أنه يقصُ‬ ‫ِ‬
‫الم ِّصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقول ُ‬
‫أيضننا أنننه يقصننُ القننول الثالننث‪ ،‬وقننُ صننرح م‬
‫القننول الثنناين‪ ،‬ويُتمننل ً‬
‫[اللهان] ّ‬
‫أن اْلمر إنَّما يُل على مجرد طل‪ ،‬إيقاَ الفعل‪.‬‬
‫أ َّما الفور والكاخي فال يؤخذ من اْلمر‪ ،‬وإنَّما يأل‪ ،‬من دلين ٍل آخنر‪،‬‬
‫فهذه المسألة مفروضة م اْلمر المألق وهو الذر ل يقكن به قرينة تنُل‬
‫على الفور أو تُل على جواز الكاخي‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن اقكن به قرينة تُل على الفور فإنه يُمل على الفور‪ ،‬وذلك كما‬
‫لو قال السيُ لع نُه‪ :‬قن انن‪ ،‬فقولنه‪ :‬قن أمنر‪ ،‬وقولنه‪ :‬انن‪ ،‬قريننة تنُل‬
‫على الفور‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪114‬‬
‫ْ‬
‫وإن اقكن به قرينة تُل على جواز الكاخي فيُمل عليه‪ ،‬كما لو قال‬
‫مثال‪ :‬ق اليوم‪ ،‬فقوله‪ :‬ق أمر‪ ،‬وقوله‪ :‬اليوم قريننة تنُل علنى‬
‫السيُ لع ُه ً‬
‫جواز الكاخي؛ ْلنه أباح له القيام م اار الينوم‪ ،‬نوا ًء أكنان م أولنه‪ ،‬أم‬
‫كان م و أه‪ ،‬أم كان م آخره‪.‬‬
‫ويعننل بعننض اْلصننوليين بتع ين ٍنر دقيننق فيقولننون‪ :‬اْلمننر هننل يقتضنني‬
‫الفور أو يقتضي جواز الكاخي؛ وهذا تع ٌير دقيق؛ ّ‬
‫ْلن بعض اْلصنوليين‬
‫يقول‪ :‬اْلمر هل يقتضي الفور أو يقتضي الكاخي؟‬
‫وظنناهر قننوله ‪ :‬يقتضنني الكاخنني أنننه يجنن‪ ،‬الكاخنني‪ ،‬فلننو أنننه قننُم‬
‫المأمور به لكان َير ممتثل لألمر‪ ،‬ولهذا اْلدق م الع ارة ْ‬
‫أن يقال‪ :‬اْلمنر‬
‫هل يقتضي الفور أو يقتضي جواز الكاخي؟‬
‫وهذه المسألة ان نى علنى الخنالف فيهنا خنالف عننُ الفقهناء‪ ،‬ومنن‬
‫أمثلة ذلك‪:‬‬
‫أخننر الصننالة حتننى خننرج وقتهننا‪ ،‬هننل يجنن‪ ،‬عليننه‬ ‫أوِل‪ّ :‬‬
‫أن َمننن ّ‬ ‫‪ً -‬‬
‫الم ادرة بالقضاء أو يجوز له تأخيره؟ ذهن‪ ،‬أكثنر الفقهناء إلنى أننه يجن‪،‬‬
‫عليه الم ادرة للقضاء لقوله ‪َ « :‬م ْن نَا َم َع ْن َص َال ٍة َأ ْو ن َِسن َي َها َف ْل ُي َصن ِّل َها إِ َذا‬
‫َذك ََر َها» فقوله‪َ « :‬ف ْل ُي َص ِّل َها» هذا أمر؛ ْلنه جاء على صيغة الفعل المضنارَ‬
‫المقكن بالم اْلمر‪ ،‬والقاعُة " ّ‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الفور"‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪115‬‬
‫ْلن قوله‪َ « :‬ف ْل ُي َصن ِّل َها» أمنر‬
‫وقال بعض الفقهاء‪ :‬يجوز تأخير القضاء؛ ّ‬
‫واْلمر يُل على جواز الكاخي‪.‬‬
‫أيضنا‪ّ :‬‬
‫أن َمنن ملنك نصنا ًبا‬ ‫ومن الفروَ التي تن ني على هذه القاعُة ً‬
‫وحال عليه الُول وج ت فيه الزكاة‪ ،‬فإذا تلف النصاو بعُ النتمكن منن‬
‫اْلداء‪ ،‬فهل يج‪ ،‬عليه ضمانه أو ِل يج‪ ،‬عليه ضنمانه؟ اختلنف م هنذا‬
‫الفقهاء على قولين‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬فمنه َمن قال‪ :‬يج‪ ،‬عليه ضمانه؛ ْلنه يج‪ ،‬علينه‬
‫الم ادرة بالزكاة‪ ،‬وقُ أخرها مع إمكانه‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬وقال بعضه ‪ِ :‬ل يج‪ ،‬عليه ضنمانه؛ ْلننه يجنوز لنه‬
‫تأخير الزكاة‪.‬‬
‫فالخالف م هذه المسألة م ني على الخالف م هذه القاعنُة وهني‪:‬‬
‫اْلمر المألق هل يقتضي الفور أو يُل على جواز الكاخي؟‬
‫وهذه المسألة من أه المساال التي ين ني عليها ثمار فقهية كثيرة‪.‬‬
‫(و ْاْلَمر بإيجاد ا ْل ِف ْعل َأمر بِ ِنه‬ ‫المصنِّف‪َ :-‬‬ ‫‪ -‬المسألة الساد ة –قول ُ‬
‫الص َال ِة َفإِ َّن ُه َأمر بِال َّأ َه َار ِة المؤدية إِ َل ْي َها)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوبِ َما َِل يت ا ْلف ْعل إِ َِّل بِه كاْلمر بِ َّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪116‬‬
‫هذه المسألة تعرف عنُ اْلصوليين بمسنألة مقُمنة الواجن‪ ،،‬ويعنل‬
‫بعضه عنها بمسألة و يلة الواج‪ ،،‬ويعل بعضنه عنهنا هبنل منا ِل ينت‬
‫واج ًا؟‬ ‫الواج‪ ،‬إِل به واج‪ ،‬أو لي‬
‫وصورة هذه المسألة‪ّ :‬‬
‫أن الشنارَ إذا أمنر بشنيء ويتوقنف فعنل هنذا‬
‫الشيء على و يلة فهل تج‪ ،‬هذه الو يلة أو ِل تج‪،‬؟‬
‫فمثال الشارَ أمر بأداء صالة الجماعة م المسجُ‪ ،‬وِل يت ذلنك إِل‬
‫ً‬
‫واج ًا؟ وكنذلك‬ ‫بالسعي إلى صالة الجماعة‪ ،‬فهل السعي واج‪ ،‬أو لي‬
‫أن يننأيت بشن ٍ‬
‫نيء م السننأح‪ ،‬وِل يمكنننه ذلننك إِل‬ ‫أن الوالننُ أمننر ولننُه ْ‬
‫لننو ّ‬
‫بنص‪َّ ُ ،‬ل ‪ ،‬فهل يج‪ ،‬علينه ْ‬
‫أن ينصن‪ ،‬السنل أو ِل يجن‪ ،‬علينه؟ هنذه‬
‫هي مسألة مقُمة الواج‪ ،،‬فهل هي واج ة أو ليست واج ة؟‬
‫اهَّلل‪ -‬إلنى ّ‬
‫أن منا‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ذه‪ ،‬جمهور اْلصوليون ومنه ُ‬
‫ِل يت الواج‪ ،‬إِل بنه فهنو واجن‪ ،،‬فالصنالة ِل تنت إِل بالأهنارة فتكنون‬
‫الأهننارة واج ننة‪ ،‬وأداء صننالة الجمعننة ِل يننت إِل بالسننعي إليهننا فيكننون‬
‫جزء يسير من الرأس‬‫السعي واج ا‪ ،‬وَسل جميع الوجه ِل يت إِل بغسل ٍ‬
‫ً‬
‫فيكون َسل هذا الجزء واج ًا‪ ،‬وإمساك جمينع النهنار ِل ينت إِل بإمسناك‬
‫جزء من الليل‪ ،‬فيكون إمساك جزء من الليل واج ًا؛ ْلننه ِل ينت الواجن‪،‬‬
‫إِل به؛ هذا هو مذه‪ ،‬جمهور اْلصوليين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪117‬‬
‫وا تُلوا على ذلك‪ّ :‬‬
‫بأن مقُمة الواج‪ ،‬وو يلته لو ل تكن واج نة‬
‫أن يككهننا لجنناز لننه ْ‬
‫أن يننكك‬ ‫أن يككهننا‪ ،‬ولننو جنناز لننه ْ‬
‫لجنناز للمكلننف ْ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ لي واج ًا‪.‬‬ ‫الواج‪ ،،‬وإذا جاز ترك الواج‪ ،‬كان‬
‫َّ‬
‫فُل ذلك على أن مقُمة الواج‪ ،‬واج ة‪.‬‬
‫ومن الفروَ التي تن ني على هذه القاعُة‪:‬‬
‫أن الأهارة واج ة؛ ّ‬
‫ْلن الصالة ِل تت إِل هبا‪.‬‬ ‫أوِل‪ّ :‬‬
‫‪ً -‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ّ :‬‬
‫أن السعي إلى الجمعة واج‪،‬؛ ْلن أدااها ِل يت إِل به‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪ّ :‬‬
‫أن َسنل جنزء منن النرأس م الوضنوء واجن‪،‬؛ ْلننه ِل ينت‬
‫ا تيعاو جميع إِل بذلك وهكذا ‪ ،. .‬فكل ما ِل يتوصنل إِل الواجن‪ ،‬إِل‬
‫به فهو واج‪.،‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪118‬‬
‫(وإِذا فعل يخرج ا ْل َم ْأ ُمور َعنن‬
‫المصنِّف‪َ :-‬‬
‫‪ -‬المسألة السابعة –قول ُ‬
‫عهَُ ة)‪.‬‬‫ا ْل ْ‬
‫( ُف ِعل) م ني للمجهول‪ ،‬والمراد به الواج‪.،‬‬
‫وقوله‪( :‬عن العهُة) يعني‪ :‬عن المأال ة بإيقناَ الواجن‪ ،‬منرة ثانينة‪،‬‬
‫فالمراد بالعهُة المأال‪.،‬‬
‫وهذه المسألة هي المسألة المعروفة عنُ اْلصوليين باْلمر هنل يقتضني‬
‫اإلجزاء أو ِل يقتضيه؟‬
‫أن المك َّلنف إذا أتنى بالع نادة بجمينع مصنُُاهتا‬
‫وصورة المسنألة‪ّ :‬‬
‫وشروطها‪ ،‬فهل يقتضي ذلك براءة ذمة منها وعُم مأال ته هبنا منرة ثانينة‪،‬‬
‫أو أهنا ت قى م ذمته؟‬
‫هننذه هنني صننورة المسننألة‪ّ :‬‬
‫أن المكلننف إذا أوقننع الع ننادة وجنناء هبننا‬
‫بجميع مصُُاهتا‪ ،‬فهل تلأ ذمته منها ويسقب عننه قضناؤها‪ ،‬وِل يجن‪،‬‬
‫أن يأيت هبا مرة ثانية‪ ،‬أو ّ‬
‫أن الذمة ت قى منشغلة هبذا الواج‪ ،‬معمنورة‬ ‫عليه ْ‬
‫به؟ هذه هي صورة المسألة‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن المراد باإلجزاء هو قوط القضاء‪ ،‬وبراءة الذمة‬
‫من الواج‪.،‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪119‬‬
‫واْلجننزاء يشن ه شنني ًئا تقننَُّ م معنننا م الننُروس السننابقة‪ ،‬يشن ه تقسنني‬
‫كثيرا كما ن ه علنى‬
‫به ً‬ ‫الكالم إلى مجاز‪ ،‬فاإلجزاء يش ه الصُيح‪ ،‬ويلت‬
‫أن بينهما فر ًقنا‪ ،‬وهنذا‬
‫اهَّلل‪ ،-‬إِل ّ‬ ‫ِ‬
‫ذلك أبو الع اس القرام المالكي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫الفرق هو أن الصُة أع من اإلجزاء‪.‬‬
‫الصُة توصنف هبنا الع نادات والمعنامالت‪ ،‬أ َّمنا اإلجنزاء فيخنت‬
‫بالع ادات‪ ،‬ف ُيقال‪ :‬هذه صالة صُيُة‪ ،‬وهذه صالة مجزاة‪ ،‬و ُيقنال‪ :‬هنذا‬
‫بيع صُيح‪ ،‬لكن ِل ُيقال‪ :‬هذا بيع مجزئ؛ فهذا هو وجه الفرق بينهما‪.‬‬
‫وإذا فعل الع ُ الع ادة بجمينع مصنُُاهتا منع انتفناء موانعهنا‪ ،‬فإهننا‬
‫تكون مجزاة عنُ جمناهير الفقهناء –وهنو منذه‪ ،‬اْلامنة اْلربعنة–‪ ،‬وِل‬
‫يج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يوقعها مرة ثانية‪.‬‬
‫أن الع ُ قُ فعل ما ُأمر به‬
‫أن اْلمر يقتضي اإلجزاء‪ :‬هو ّ‬
‫والُليل على ّ‬
‫فخرج عن العهُة والمأال ة‪ ،‬ولو قلنا‪ّ :‬‬
‫إن اْلمر ِل يقتضي اإلجزاء‪ ،‬للنزم‬
‫من ذلك بقاء التكليف وا تمراره أبًُ ا؛ فهذا ينُل علنى أن اْلمنر يقتضني‬
‫اإلجزاء‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪120‬‬
‫إن اْلمر ِل يقتضي اإلجزاء‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫أن الع نُ إذا أوقنع‬ ‫ْلننا لو قلنا‪ّ :‬‬
‫الع ننادة يجنن‪ ،‬عليهننا ْ‬
‫أن يننأيت هبننا مننرة ثانيننة‪ ،‬للننزم مننن ذلننك عننُم انقأنناَ‬
‫التكليف بالع ادة؛ وهذا ِلز ٌم فا ُ‪ ،‬فهنذه المسنألة السنابعة التني أوردهنا‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يتفرَ على هذه المسألة من الفروَ الفقهية‪ّ :‬‬
‫أن المكلف إذا ل‬ ‫ومما َّ‬
‫يجُ الماء أو لن يستأع ا تعماله فإنه يج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يتيم ‪.‬‬
‫فإذا تيم وصلى‪ ،‬ث وجُ الماء م الوقت‪ ،‬فهل يج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يعينُ‬
‫الصالة أو ِل يج‪ ،‬عليه إعادهتا؟ والجواو على ذلك‪ :‬أنه ِل يج‪ ،‬علينه‬
‫أن يعيُها؛ ّ‬
‫ْلن القاعُة "أن اْلمر يقتضي اإلجزاء"‪ ،‬فنالمكلف أوقنع منا‬ ‫ْ‬
‫ُأمر به فخرج عن العهُة والمأال ة‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا من الفروَ التي تن نني علنى هنذه القاعنُة‪ّ :‬‬
‫أن المتمتنع النذر‬
‫من حاضنرر المسنجُ الُنرام يجن‪ ،‬علينه دم المتعنة‪ ،‬يجن‪ ،‬علينه‬ ‫لي‬
‫الهُر‪ ،‬فإذا ل يجُ الهُر وج‪ ،‬علينه ْ‬
‫أن يصنوم ثالثنة أينام م الُجنة‪،‬‬
‫و عة إذا رجع إلى أهله‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪121‬‬
‫فإذا صام عشرة كاملة‪ ،‬ث وجُ الهُر‪ ،‬فهل يجزاه صيامه‪ ،‬أو يج‪،‬‬
‫عليه ْ‬
‫أن يذبح الهُر؟‬
‫ْلن القاعننُة " ّ‬
‫أن اْلمننر‬ ‫والجننواو علننى ذلننك‪ :‬أنننه يجزاننه صننيامه؛ ّ‬
‫يقتضي اإلجزاء"‪ ،‬والمكلنف إذا فعنل منا ُأمنر بنه بجمينع مصنُُاته منع‬
‫انتفاء موانعه‪ ،‬فإنه يخرج عن العهُة والمأال ة به مرة ثانية‪.‬‬
‫‪ -‬المسألة الثامنة من مساال اْلمر‪َ :‬من يُخل م اْلمر والنهني و َمنن‬
‫ِل يُخل فيه؟‬
‫والذر يُخل م اْلمر والنهي هو المسل ‪ ،‬الذاكر‪ ،‬ال ال ‪ ،‬العاقل‪.‬‬
‫وأ َّمننا َيننر المسننل وهننو الكننافر فهننل يننُخل م اْلمننر والنهنني أو ِل‬
‫يُخل؟ بمعننى‪ :‬أننه هنل يخاطن‪ ،‬بالشنرَ أو ِل يخاطن‪،‬؟ اتفنق العلمناء‬
‫أن الكنافر يخاطن‪ ،‬بأصنول النُين‪ ،‬وهنذا بننا ًء علنى‪ّ :‬‬
‫أن النُين مننه‬ ‫على ّ‬
‫أصننول ومنننه فننروَ‪ ،‬هننذا مُننل اتفنناق بننين علمنناء اْلصننول ّ‬
‫أن الكفننار‬
‫مخاط ون بأصول الشريعة‪.‬‬
‫واختلف اْلصوليون م الكفنار هنل هن مخناط ون بفنروَ الشنريعة‬
‫اهَّلل‪ّ -‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫كما أهن مخاط ون بأصولها؟ والنذر اختناره ُ‬
‫الكفار مخاط ون بفروَ الشريعة‪ ،‬كما أهن مخاط ون بأصولها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪122‬‬
‫ويُل على ذلك قوله تعالى‪{ :‬مِ سَِكَكُدْ فمي سَِر * قَِلُوا لَدْ فَكُ مملن‬

‫الْمُصَِِّ * َلَدْ فَكُ فُلْدمدُ الْممسْكمَ * َكُاَِّ فَهُو ُ مع الْهَِِمضمَ * َكُاَّلِ فُكَلذِّبُ‬

‫بِيوَِّْ الَِّينِ [المُثر‪.]46-43:‬‬


‫فاهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬أخل أهن يعاق ون على تكذي ه بيوم النُين‬
‫وهو من أصول الُين‪ ،‬وأخل أهن يعاق ون على ترك الصالة‪ ،‬وعلى ترك‬
‫إطعام المسكين‪ ،‬وعلى خوضه مع الخااضين وهذه من فروَ الُين‪.‬‬
‫فُ َّلت هذه انية الكريمة على ّ‬
‫أن الكفار مخاط ون بفنروَ الشنريعة‪،‬‬
‫كما أهن مخاط ون بأصولها لكن لنو فعلوهنا لن تصنح مننه ؛ ْلهنن لنن‬
‫حج الكافر ل يصح حجه‪ ،‬ولو صلى ل‬ ‫يأتوا بشرطها وهو اإل الم‪ ،‬فلو َّ‬
‫ِ‬
‫ينأت بشنرط ذلنك وهنو‬ ‫تصح صالته‪ ،‬ولو زكى ل تصح زكاته؛ ْلننه لن‬
‫اإل الم‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن قيل‪ :‬ما دام أهن لو فعلوها حال كفره ل تصح منه فما فاانُة‬
‫مخاط ته هبا؟ زيادة العذاو عليه ‪ ،‬فه يعاق ون علنى فنروَ الشنريعة‪،‬‬
‫أيضا على أصولها‪.‬‬
‫ويعاق ون ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪123‬‬
‫ويُل على هذا قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬القلذمين كَفَلرَُا َصلَهَا علنْ‬

‫سل ِيًِّ الِقلهم زٍِْفَللِهُدْ علذَابًِ فَلوْقَ الدلذَابِ [النُننل‪ ،]88:‬وهنذه المسننألة مننن‬
‫المساال المشنهورة التني وقنع فيهنا خنالف‪ ،‬والنذر اختناره المصننف ‪-‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هو ما ذكرناه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫وقال بعض اْلصوليين‪ :‬بل الكفار َير مخاط ين بفروَ الشريعة‪.‬‬
‫وقال بعضه ‪ :‬الكفار مخاط ون بالنواهي دون اْلوامر؛ ّ‬
‫ْلن اْلوامنر‬
‫تُتاج إلى قصُ ونية بخالف النواهي‪.‬‬
‫والراجح م هذه المسألة هو القول اْلول‪ ،‬وهو‪ّ :‬‬
‫أن الكفار يخاط ون‬
‫بفروَ الشريعة كما يخاط ون بأصولها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪124‬‬
‫ْ‬
‫فإن قيل‪ :‬هل الشريعة فيها أصول وفروَ؟‬
‫أيضننا بننين العلمنناء‪،‬‬ ‫فننالجواو‪ّ :‬‬
‫أن هننذه المسننألة وقننع فيهننا خننالف ً‬
‫والذر ي هر والعل عنُ اهَّلل تعالى ّ‬
‫أن مساال الُين تنقس إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬مساال علمية‪ ،‬وهذه فيها أصول وفيها فروَ‪.‬‬
‫فمن اْلصول كالمساال العلمينة اإليمنان بناهَّلل وبر نوله‪ ،‬وبال عنث‪،‬‬
‫والجزاء‪.‬‬
‫ومننن الفننروَ العلميننة مسننألة رؤيننة الن نني ‪ ‬هَّلل ليلننة اإل ننراء‪ ،‬فهننذه‬
‫مسألة متعلقة بالعل ‪ ،‬وهي مسألة فرعية‪ ،‬ولهذا اختلنف فيهنا الصنُابة ‪-‬‬
‫رضي اهَّلل عنه ‪.-‬‬
‫أيضنا‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬مسناال عملينة‪ ،‬وهنذه المسناال منهنا أصنول ً‬
‫ومنها فروَ‪.‬‬
‫فمن اْلصول العلمية‪ :‬الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والُج‪.‬‬
‫ومن الفروَ‪ :‬المساال اِلجتهادية التي وقنع فيهنا ننزاَ بنين الفقهناء‪،‬‬
‫هننذا هننو اْلقننرو م المسننألة والعل ن عنننُ اهَّلل تعننالى‪ ،‬واْلكثننر علننى ّ‬
‫أن‬
‫الشريعة منها أصول وفروَ‪ ،‬وذه‪ ،‬بعض أهل العل كشي اإل الم ابن‬
‫عليه‬ ‫تيمية وتلميذه ابن القي إلى ّ‬
‫أن تقسي الُين إلى أصول وفروَ لي‬
‫هناك ضابب يض ب ما هو أصل وما هو فرَ‪.‬‬ ‫دليل؛ ْلنه لي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪125‬‬
‫فننإ ًذا الشننرط اْلول‪ :‬هننو اإل ننالم‪ ،‬والمكلننف هننو المسننل ‪ ،‬الننذاكر‪،‬‬
‫ال ال ‪ ،‬العاقل‪.‬‬
‫(وأما‬ ‫وكذلك النا ي حال نسيانه لي مكل ًفا‪ ،‬ولهذا قال ُ‬
‫المصننِّف‪َ :‬‬
‫الص ِ ّي َوا ْل َم ْجنُون فه َير داخلين فِي ا ْلخأاو)‪.‬‬
‫الساهي َو َّ‬

‫والسنناهي‪ :‬هننو النا نني؛ لقولننه تعننالى‪{ :‬ربَّاللِ ال لُماخملذْفَِ إِنْ فَسمللياِ أََْ‬

‫أَخْلَأْفَللِ وجنناء م صننُيح مسننل مننن حننُيث أبنني هريننرة ‪ّ ‬‬


‫أن اهَّلل ‪‬‬
‫قال‪َ « :‬قُْ َف َع ْل َت»‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن قال قاال‪َ :‬من ها م الصالة وج‪ ،‬عليه جود السهو‪ ،‬أفال يُل‬
‫ذلك على ّ‬
‫أن الساهي مكلف؟‬
‫أر‪ :‬أنه َير مكلف حال نسيانه‪ ،‬فإذا زال عن السهو خوط‪ ،‬بسجود‬
‫السهو‪.‬‬
‫فنقول‪ْ :‬‬
‫إن قاال‪َ :‬من ها م الصالة وج‪ ،‬عليه جود الصنالة أفنال‬
‫أن السنناهي مكلننف؟ والجننواو‪ :‬أنننه ِل يننُل علننى ّ‬
‫أن‬ ‫يننُل ذلننك علننى ّ‬
‫الساهي مكلف؛ ْلنه ِل يأال‪ ،‬بسجود السهو حال نسيانه‪ ،‬وإنَّما يأالن‪،‬‬
‫بسجود السهو بعُ زوال السهو عنه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪126‬‬
‫لهمنا قصنُ‬ ‫وكذلك المجنون والص ي َينر المكلفنين؛ ْلهنمنا لني‬
‫صُيح‪ ،‬والتكاليف يشكط فيها النية والقصُ‪ ،‬والص ي َير الممينز عنُم‬
‫التكليف فيه واضح؛ ْلنه ِل عقل له‪.‬‬
‫والص ي المميز َير مكلف؛ ْلنه ْ‬
‫وإن كان لنه عقنل يتننامى بالتنُريج‬
‫كما يتنامى الن ات‪ ،‬إِل ّ‬
‫أن الشارَ لن يخاط نه بالتكناليف الشنرعية؛ وهنذا‬
‫منن رحمننة الشننارَ‪ ،‬ولأفننه بع نناده؛ ّ‬
‫ْلن الُننال التنني يكتمننل فيهننا العقننل‬
‫ويستعُ لفه الخأابات الشرعية ِل يمكن الوقوف عليها‪.‬‬
‫فجعل الشارَ عالمة ظاهرة وعلق الُك هبا وهي ال لوغ‪ ،‬فنإذا بلن‬
‫بأحنُ علمناء ال لنوغ ال ناهرة المعروفنة للمكلفنين‪ ،‬فإننه يخاطن‪ ،‬حينئن ٍذ‬
‫بالتكاليف الشرعية‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن قال قاال‪ :‬كيف ُيقال‪ :‬الص ي والمجنون َير مكلفنين منع أهنمنا‬
‫تج‪ ،‬الزكاة م مالهما‪ ،‬ولو أ لفا شي ًئا وج‪ ،‬عليهما ضمانه؟ فلو أتلف‬
‫مناِل لعمنرو‬ ‫ماِل لزيُ وج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يضمنه‪ ،‬ولو أتلف المجنون ً‬ ‫الص ي ً‬
‫وج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يضمنه‪.‬‬
‫من باو خأاو التكليف‪،‬‬ ‫الجواو على هذا‪ّ :‬‬
‫أن هذا الوجوو لي‬
‫أمنورا ور َتن‪ ،‬عليهنا‬
‫ً‬ ‫وإنَّما هو منن بناو خأناو الوضنع‪ ،‬فالشنارَ جعنل‬
‫أحكامها من باو رفض اْلشياء باْل او‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪127‬‬
‫فإذا بل المال نصا ًبا وحنال علينه الُنول وج نت فينه الزكناة‪ ،‬نوا ًء‬
‫أكان مالكه مكل ًفا أم َير مكلف‪ ،‬وكذلك إذا حصل اإلتالف وج‪ ،‬على‬
‫المتلف الضمان‪ ،‬وا ًء أكان مكل ًفا أو َير مكلف‪.‬‬
‫فإ ًذا الذر يُخل م التكليف هو المسل ‪ ،‬الذاكر‪ ،‬ال ال ‪ ،‬العاقل‪ ،‬أ َّما‬
‫َمن اختل فيه قيُ من هذه القيود اْلربعة فال يكون مكل ًفا‪.‬‬
‫المسألة التا عة من مساال اْلمر‪ :‬اْلمر بالشيء هل هو هني عن ضُه‬
‫أو ِل؟ فإذا أمر الشارَ بشي ٍء هل يكون ذلك هن ًيا عن ضُ ذلك الشنيء أو‬
‫ِل يكون؟‬
‫هن ًينا عنن ضنُه منن‬ ‫اتفق علماء اْلصول على ّ‬
‫أن اْلمر بالشنيء لني‬
‫جهننة الصننيغة واللفننظ‪ ،‬فصننيغة "افعننل" َيننر صننيغة "ِل تفعننل"‪ ،‬فنناْلمر‬
‫هن ًيا عن ضُه من جهة الصيغة؛ ّ‬
‫ْلن صيغة افعل تختلف عن‬ ‫بالشيء لي‬
‫صيغة ِل تفعل‪.‬‬
‫واختلفوا م اْلمر بالشيء هل هو هني عن ضُه من جهة المعنى‪:‬‬
‫فذه‪ ،‬جمهور إلى ّ‬
‫أن اْلمر بالشيء يقتضي النهي عن ضُه؛ ْلنه ِل‬
‫يتوصل إلى فعل المأمور بنه إِل بنكك ضنُه وهنو المنهني عننه‪ ،‬فنإذا قنال‬
‫الشارَ‪ :‬أقيموا الصالة‪ ،‬فهذا أمر ِل يتوصنل إلينه إِل بنكك ضنُه‪ ،‬فيكنون‬
‫اْلمر بإقامة الصالة مقتضيا للنهي عن ترك الصالة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪128‬‬
‫وقوله‪ :‬يقتضي النهي عنن ضنُه‪ ،‬يعنني‪ :‬يلنزم مننه النهني عنن ضنُه‪،‬‬
‫معنى قوله ‪ :‬اْلمنر بالشنيء هنني عنن ضنُه ّ‬
‫أن اْلمنر بالشنيء هنو‬ ‫ولي‬
‫النهي عن ضُه‪ ،‬وإنَّما مقصوده ‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر بالشيء يلزم منه النهني‬ ‫نف‬
‫عن ضُه‪.‬‬
‫هن ًيا عن ضنُه؛ ّ‬
‫ْلن انمنر‬ ‫وذه‪ ،‬المعتزلة إلى ّ‬
‫أن اْلمر بالشيء لي‬
‫وَنافال عننه‪ ،‬قنُ ينأمر بالشنيء ويغفنل‬
‫ً‬ ‫ذاهال عن الضُ‬
‫بالشيء قُ يكون ً‬
‫عن ضُه‪.‬‬
‫نأن هننذا ْ‬
‫وإن تُقننق م المكلفننين إِل أنننه ِل‬ ‫لكننن ُيجنناو علننى هننذا بن ّ‬
‫ٍ‬
‫بشنيء لنزم منن‬ ‫يتُقق بالشنارَ؛ ّ‬
‫ْلن الشنارَ الكنري ِل يغفنل‪ ،‬فنإذا أمنر‬
‫ذلك النهي عن ضُه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪129‬‬
‫وان نى علنى هنذا مسنألة فقهينة متعلقنة بألفناظ المكلفنين‪ ،‬وهني‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫طالق‪ ،‬ثن قنال لهنا‪ :‬قنومي‪،‬‬ ‫إن خالفت هنيي ِ‬
‫فأنت ٌ‬ ‫الزوج لو قال ِلمرأته‪ْ :‬‬
‫فهذا أمر‪ ،‬فقعُت فهل تألق أو ِل تألق؟‬
‫فنإذا قلننا‪ :‬اْلمنر بالشنيء هنني عنن ضنُه كمنا يقنول الجمهنور فإهننا‬
‫ْلن قولننه‪ :‬قننومي يلننزم منننه النهنني عننن القع نود‪ْ ،‬‬
‫وإن قلنننا‪ :‬اْلمننر‬ ‫تألننق؛ ّ‬
‫هن ًيننا عننن ضننُه فإهنننا ِل تألننق‪ ،‬وهننذه المسننألة وهنني اْلمننر‬ ‫بالشنيء لنني‬
‫بالشيء يلنزم مننه النهني عنن ضنُه قري نة منن مسنألة تقنُمت معننا‪ ،‬تشن ه‬
‫مسألة ما ِل يت الواج‪ ،‬إِل به‪.‬‬
‫ووجننه الش ن ه بينهمننا‪ :‬أنننه ِل يُصننل اإلتيننان بالمننأمور بننه إِل بننكك‬
‫المنهي عنه‪ ،‬فهذه المسألة قري ة من مسألة منا ِل ينت الواجن‪ ،‬إِل بنه‪ ،‬بنل‬
‫ّ‬
‫إن بعض اْلصوليين جعلهما مسألة واحُة‪ ،‬ولما ذكر هذه المسألة وهني‬
‫اْلمر بالشيء هني عن ضُه ذكر مقابلها‪ ،‬وهي‪ :‬النهي عن الشيء هل هنو‬
‫أمر بضُه أو ِل؟‬
‫فقال‪ :‬والنهي عن الشنيء أمنر بضنُه‪ ،‬وهنذا إذا كنان المنهني عننه لنه‬
‫أمرا بضُه‪ ،‬أ َّما إذا كان لنه أكثنر منن ضنُ‬ ‫ضُ واحُ‪ّ ،‬‬
‫فإن النهي عنه يكون ً‬
‫أمرا بأحُ أضُاده‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فإن النهي عنه يكون ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪130‬‬
‫أمننرا بضننُه وهننو‬
‫فمننثال‪ :‬الشننارَ هنننى عننن الكفننر‪ ،‬فيكننون ذلننك ً‬
‫ً‬
‫اإل الم؛ ّ‬
‫ْلن الكفر له ضُ واحُ وهو اإل الم‪.‬‬
‫أن السيُ قال لع ُه‪ِ :‬ل تتُرك‪ّ ،‬‬
‫فإن هذا النهي أمر بضنُه‬ ‫وكذلك لو ّ‬
‫وهو السكون‪ ،‬وعُم الُركة؛ ّ‬
‫ْلن له ضًُ ا واحًُ ا‪ ،‬لكن لنو قنال‪ِ :‬ل تقن ‪،‬‬
‫أمرا بأحُ أضُاده؛ ّ‬
‫ْلن القينام ُينرا ُّده القعنود‪،‬‬ ‫فهذا هني عن القيام‪ ،‬فيكون ً‬
‫واِلتكاء‪ ،‬واِل تلقاء‪.‬‬
‫فإذا كان المنهي عنه له ضُ واحُ قلنا‪ :‬النهي عن الشيء أمر بضُه‪،‬‬
‫وإذا كان له عُة أضُاد قلنا‪ :‬النهي عن الشيء أمر بأحُ أضُاده‪.‬‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ :-‬والنهنني عننن الشننيء أمننر بضننُه‪،‬‬ ‫فننإ ًذا قننول ُ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫إن كان له ضُ واحُ‪ ،‬أ َّما ْ‬
‫إن كان له أكثر منن ضنُ فنالنهي عنن‬ ‫نقول‪ :‬هذا ْ‬
‫الشيء أمر بأحُ أضُاده‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬نقول‪ :‬اْلمر بالشيء هني عن جميع أضُاده‪ ،‬والنهي‬
‫إن كان له ضُ واحُ‪ ،‬وأمر بأحُ أضُاده ْ‬
‫إن كان لنه‬ ‫عن الشيء أمر بضُه ْ‬
‫أكثر من ضُ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪131‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من ال ناو الثناين وهنو اْلمنر انتقنل‬ ‫ِ‬
‫ولما فرغ المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫للكالم على ال او الثالث وهو النهي؛ ْلنه مقابله‪ ،‬وكنل مسنألة م اْلمنر‬
‫فلها وزان م النهي‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫أن كل مسألة ت ُث م اْلمر فيقابلهنا مسنألة‬
‫م النهي‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقُ تك َّل المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬عن النهي م مسألتين‪:‬‬
‫‪ -‬المسألة اْلولى‪ :‬تعرينف النهني‪ ،‬والنهني م اللغنة معنناه‪ :‬الزجنر‪،‬‬
‫تقول‪ :‬هنيت عن كذا‪ ،‬يعني‪ :‬زجرت عنه‪.‬‬
‫وأما م اِلصأالح فقُ عرف بتعريفات كثيرة‪:‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقولنه‪( :‬والنهني ا نتُعاء النكك‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫منها ما ذكَر ُ‬
‫بالقول ممن هو دونه على يل الوجوو)‪.‬‬
‫ومُكزات هذا التعريف واضُة مما تقَُّ م معنا م تعريف اْلمر‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬ا تُعاء) من الُعاء وهنو طلن‪ ،،‬ويُنكز بنه عنن اإلباحنة؛‬
‫فيها ا تُعاء فعل أو ا تُعاء ترك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ْلن اإلباحة لي‬
‫وقوله‪( :‬الكك) هذا القيُ يُكز به عن اْلمر؛ ّ‬
‫ْلن اْلمر فيه ا تُعاء‬
‫للفعل ِل ا تُعاء للكك‪.‬‬
‫ْلن اْلمر ْ‬
‫وإن كان م‬ ‫فإ ًذا قوله‪( :‬الكك) هذا قيُ يُكز به عن اْلمر؛ ّ‬
‫ا تُعاء للكك‪ ،‬وإنَّما هو ا تُعاء للفعل‪.‬‬ ‫ا تُعاء إِل أنه لي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪132‬‬
‫وقوله‪( :‬بالقول)‪ ،‬هذا فيه بيان ّ‬
‫أن اْلمر يشكط فيه القول‪ ،‬ويُكز به‬
‫وإن د َّلت على ما يُل عليه النهني‪ِ ،‬ل ُتسنمى‬
‫عن اإلشارة‪ ،‬فال ُتسمى هن ًيا ْ‬
‫هن ًيا ْ‬
‫وإن أفادت معناه‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فلو ّ‬
‫أن إنسانًا أشار بيُه أو بُاله إلى ترك فعل‪ ،‬فهنل‬
‫ْلن النهني يشنكط فينه ْ‬
‫أن يكنون‬ ‫ُيسمى هذا هن ًيا أو ِل ُيسمى؟ ِل ُيسنمى؛ ّ‬
‫بالقول‪ ،‬وهذه اإلشارة ليست ً‬
‫قوِل‪.‬‬
‫وقولننه‪( :‬ممننن هننو دونننه)‪ ،‬هننذا فيننه بيننان قيننُ مننن قيننود النهنني عننن‬
‫اهَّلل‪ -‬وهننو أنننه يشنكط م النهنني العلننو‪ ،‬أر‪ْ :‬‬
‫أن يكننون‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الناهي أعلى من المنهي‪.‬‬
‫وبعننض اْلصننوليين‪ :‬اشننكط اِل ننتعالء‪ ،‬وبعضننه اشننكط العلننو‬
‫علوا وِل ا تعالء‪.‬‬
‫واِل تعالء‪ ،‬وبعضه لن يشكط ِل ً‬
‫والسننَّة؛‬
‫وهذه المسألة تقَُّ م معنا أنه ِل تأثير لها م نصوص الكتناو ُ‬
‫ْلن الشارَ ٍ‬
‫عال على المأمورين‪ ،‬فثمرهتا م النصوص الشنرعية عُيمنة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫لها ثمرة م النصوص الشرعية‪.‬‬ ‫لي‬
‫وقوله‪( :‬على يل الوجوو) يعني‪ :‬على وجه الوجوو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪133‬‬
‫الوجنوو اِلصنأالحي النذر تقنَُّ م‬ ‫ومقصوده بنالوجوو هننا لني‬
‫معنننا تعريفننه‪ ،‬وإنَّمننا مقصننوده بننالوجوو‪ :‬الجننزم‪ ،‬فقولننه‪( :‬علننى ن يل‬
‫الوجوو)‪ ،‬يعني‪ :‬على يل الجزم‪.‬‬
‫وظاهر هذا‪ّ :‬‬
‫أن طل‪ ،‬ترك الفعل على ن يل الكراهنة ِل ُيسنمى هن ًينا‬
‫حقيقة‪ ،‬وهذه المسنألة وقنع فيهنا خنالف بنين اْلصنوليين‪ :‬هنل المكنروه‬
‫مأمور به حقيقن ًة‬
‫ٌ‬ ‫منهي عنه حقيقة أو ِل؟ كما اختلفوا م المنُوو هل هو‬
‫مأمورا به حقيقة؟‬
‫ً‬ ‫أو لي‬
‫منه ًينا عننه حقي ًقنة‪،‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬ينرى ّ‬
‫أن المكنروه لني‬ ‫ِ‬
‫والمصنف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫منأمورا بنه‬
‫ً‬ ‫وإن كان منه ًيا عنه على وجه المجاز‪ ،‬كمنا ّ‬
‫أن المننُوو لني‬ ‫ْ‬
‫مأمورا به على وجه المجاز‪.‬‬
‫ً‬ ‫حقيقة‪ْ ،‬‬
‫وإن كان‬
‫والمرجع م ذلك إلى لغة العرو‪ ،‬والعنرو يألقنون النهني علنى منا‬
‫كان على وجه الجزم‪ ،‬وما كان على َير وجه الجنزم‪ ،‬فكنل منهمنا منهني‬
‫عنه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وبنا ًء على هنذا‪ :‬فإننه ِل حاجنة إلنى قنول ُ‬
‫ٌ‬
‫داخنل م حقيقنة المنهني‬ ‫التعريف‪( :‬على يل الوجوو)؛ ّ‬
‫ْلن المكروه‬
‫عنه‪ ،‬هذه المسألة اْلولى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪134‬‬
‫‪ -‬المسألة الثانية‪ :‬دِللة النهني علنى الفسناد‪ ،‬فنالنهي هنل ينُل علنى‬
‫فساد المنهي عنه أو ِل يُل؟‬
‫اهَّلل‪ -‬إلى ّ‬
‫أن النهني‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫مذه‪ ،‬جماهير العلماء ومنه ُ‬
‫يُل على فساد المنهي عننه‪ ،‬فنإذا هننى الشنارَ عنن ع نادة َّ‬
‫دل ذلنك علنى‬
‫فسادها‪ ،‬وإذا هنى عن معاملة َّ‬
‫دل ذلك على فسادها‪ ،‬ومن اْلدلة على هذا‬
‫اْلصل‪:‬‬
‫أوِل‪ :‬قوله ‪َ « :‬م ْن َع ِم َل َع َم ًال َلن ْي َ َع َل ْي ِنه َأ ْم ُرنَنا َف ُه َنو َرد»‪ ،‬وفعنل‬
‫‪ً -‬‬
‫من عملنا‪ ،‬فيكون مردو ًدا‪ ،‬والمردود هو الفا ُ‪.‬‬ ‫المنهي عنه لي‬
‫‪ -‬الننُليل الثنناين‪ :‬عمننل الصننُابة ‪-‬رضنني اهَّلل عنننه ‪ ،-‬فقننُ حكمننوا‬
‫بفساد عقود بناء علنى هنني الشنارَ عنهنا‪ ،‬ومنن ذلنك أهنن حكمنوا علنى‬
‫‪ ،‬بِ َّ‬
‫الذ َه ِ‬
‫‪،‬‬ ‫فساد عقُ الربا؛ لقوله ‪ ‬م حُيث ُع ادة ‪َِ « :‬ل َت ِي ُعوا َّ‬
‫الذ َه َ‬
‫َوا ْل ِف َّض َة بِا ْل ِف َّض ِة إِ َِّل مِ ْث ًال بِ ِم ْث ِل» فهذا هني‪ ،‬واْلصل م النهي أنه يُل علنى‬
‫الفساد‪.‬‬
‫وكننذلك حكمننوا علننى فسنناد نكنناح المُننرم؛ لنهنني الن نني ‪ ‬عنننه‪،‬‬
‫أن الن ي ‪ ‬قال‪ِ« :‬ل َينكِح المُنرم وِل ُيننكِح»‪َّ ،‬‬
‫فنُل‬ ‫لُُيث عثمان ‪ّ ‬‬
‫ذلك على ّ‬
‫أن القاعُة م المنهي عنه أنه يُمل على الفساد‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪135‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هذه القاعنُة مأل ًقنا‪ ،‬وفصنل بعنض‬ ‫ِ‬
‫وقُ ذكَر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اْلصوليين فيها بتفصي ٍل وجيه‪ ،‬فقال‪ :‬النهي ِل يخلو من ثال حاِلت‪:‬‬
‫‪ -‬الُال اْلولى‪ْ :‬‬
‫أن يكون عااًُ ا إلنى ذات المنهني عننه‪ ،‬يعنني‪ :‬إلنى‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على فساد المنهي عنه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ركن من أركانه‪ ،‬فيُل‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬هني الشارَ عن الصيام يوم العيُ‪ ،‬فيُل على فسناد‬
‫المنهي عنه؛ ّ‬
‫ْلن النهي هنا راجع إلى ذات المنهي عنه‪.‬‬
‫لنه ن ‪ ،‬م‬ ‫وهني الشارَ عن صالة التأوَ المألق‪ ،‬أر‪ :‬الذر لي‬
‫وقت النهي‪.‬‬
‫وهني الشارَ عن عقُ الربا‪ ،‬وعنن بينع المجهنول‪ ،‬وعنن نكناح ذات‬
‫المُرم‪ ،‬فالنهي يقتضي الفساد؛ ْلنه راجع إلى ذات المنهي عنه‪.‬‬
‫فإ ًذا هذه هي الُال اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون النهي راج ًعنا إلنى ذات المنهني‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪ -‬الُننال الثانيننة‪ْ :‬‬
‫أن يكننون النهنني راج ًعننا إلننى شننرط المنهنني عنننه‪،‬‬
‫بنأن الشنرط منالزم للمشنروط كمنا ّ‬
‫أن‬ ‫أيضا‪ ،‬وذلنك ّ‬
‫فيُمل على الفساد ً‬
‫الركن مالزم له‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪136‬‬ ‫أن إنسننانًا توضننأ بمن ٍ‬
‫ناء مغصننوو وصننلى فن ّ‬
‫نإن‬ ‫ومننن أمثلننة ذلننك‪ :‬لننو ّ‬
‫رجنال‬
‫ً‬ ‫ْلن النهي هنا عااُ إلى شرط المنهي عنه‪ ،‬ولو ّ‬
‫أن‬ ‫صالته ِل تصح؛ ّ‬
‫فنإن صنالته ِل‬ ‫ٍ‬
‫بثنوو منن حرينر‪ ،‬أو ثنوو مغصنوو وصنلى ّ‬ ‫ك عورتنه‬
‫تصح؛ ّ‬
‫ْلن النهي هنا عااُ إلى شرط المنهي عنه‪.‬‬
‫فنإن ال ينع ِل يصنح‪ّ ،‬‬
‫ْلن النهني هننا‬ ‫مكرهنا ّ‬
‫ً‬ ‫ولو ّ‬
‫أن إنسانًا بناَ نلعة‬
‫عااننُ إلننى شن ٍ‬
‫نرط مننن شننروط ال يننع وهننو الكاضنني‪ ،‬فمننن شننروط ال يننع‬

‫ملاكد ‪ ،‬وقولنه ‪:‬‬ ‫الكاضي؛ لقوله تعالى‪{ :‬إال أن لكون جتِرة عن لرا‬
‫«إِن ََّما ا ْل َ ْي ُع َع ْن َت َر ٍ‬
‫اض»‪.‬‬
‫فهذه هي الُال الثانية‪ :‬إذا كان النهني عاانًُ ا إلنى شنرط المنهني عننه‬
‫فيُمل على فساد المنهي عنه‪ ،‬كما لو كان النهي عااًُ ا إلى ركنن المنهني‬
‫عنه‪.‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬ويننُل‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وهاتنان الُالتنان داخلتنان م قننول ُ‬
‫على فساد المنهي عنه)‪.‬‬
‫أمر خنارجي‪ ،‬بمعننى‪ :‬أننه‬‫أن يكون النهي عااًُ ا إلى ٍ‬
‫‪ -‬الُال الثالثة‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫حينئنذ علنى‬ ‫لي عااًُ ا إلنى ذات المنهني عننه وِل إلنى شنرطه‪ ،‬فنال ينُل‬
‫فساد المنهي عنه‪ ،‬بل ُيُك بصُته مع التُري ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪137‬‬
‫عمامة من حرير‪ ،‬فإن‬ ‫رجال صلى وهو ِلب‬
‫أن ً‬‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬لو ّ‬
‫فألن النهي هنا عاانُ إلنى ٍ‬
‫أمنر‬ ‫صالته تصح مع حصول اإلث ‪ ،‬أ َّما الصُة ّ‬
‫خارج‪ ،‬وأ َّما ا تُقاق اإلث فألنه فعل منه ًيا عنه‪.‬‬
‫بماء طهور م اح م ٍ‬
‫إناء مغصنوو‪ّ ،‬‬
‫فنإن وضنوءه‬ ‫أن إنسانًا توضأ ٍ‬
‫ولو ّ‬
‫بصُيح؟ والجواو على ذلنك‪ّ :‬‬
‫أن وضنوءه صنُيح‬ ‫هنا صُيح أو لي‬
‫مع حصول اإلث ؛ ْلن النهي هنا عااُ إلى أمر خارج‪.‬‬
‫بصنُيح؛ ْل ّن‬ ‫بماء مغصوو ّ‬
‫فإن وضوءه لني‬ ‫بخالف ما لو توضأ ٍ‬

‫عااًُ ا إلى ٍ‬
‫أمر خارجي‪ ،‬وإنَّما هو عااُ إلنى شنرط المنهني‬ ‫النهي هنا لي‬
‫عنه‪.‬‬
‫وكذلك ال يع الذر فيه نجش فإننه صنُيح منع التُنري ؛ ّ‬
‫ْلن النهني‬
‫ٍ‬
‫شرط منن‬ ‫عااُ إلى ٍ‬
‫أمر خارج‪ ،‬فلي عااًُ ا إلى ذات المنهي عنه وِل إلى‬
‫شروطه‪.‬‬
‫ضابب مفينُ لنك م كتناو [ال ينوَ]– الضنابب‪ّ :‬‬
‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫والضابب –وهذا‬
‫كل بي ٍع ث ت فيه الخيار فهو بيع صُيح‪.‬‬
‫والقاعُة عنُ فقهاء الُنابلة –وهذه قاعُة نافعة لكن م الفقنه–‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫النهي يقتضي الفساد ما ل يكن لُق آدمي يمكن ا تُراكه بالخيار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪138‬‬
‫فإن النهي ْ‬
‫إن كان لُق اهَّلل فإنه ُيُمل علنى الفسناد‪،‬‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫أيضنا علنى الفسناد‪،‬‬ ‫ْ‬
‫وإن كان لُق آدمي ِل يمكنن ا نتُراكه فإننه ُيُمنل ً‬
‫وإن كان لُق آدمي يمكن ا تُراكه فإنه ُيُمل على الصُة مع اإلث ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫احة َأو‬ ‫(وترد ِصي َغة ْاْلَمر َوا ْلمراد بِ ِه ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬ ‫اهَّلل‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫قال ُ‬
‫التهُيُ َأو الت َّْس ِو َية َأو التكوين)‪.‬‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الوجنوو علنى الصنُيح‪ ،‬ذكَنر ّ‬
‫أن‬ ‫لما ذكَر ّ‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫صيغة اْلمر قُ تألق و ُيراد هبا معان أخر‪ ،‬وع ارة ُ‬
‫هنا ع ارة دقيقة؛ ْلنه قال‪( :‬وترد صيغة اْلمنر) وهني‪" :‬افعنل" ومنا قنام‬
‫مقامها‪ ،‬ولن يقل‪ :‬ويرد اْلمر‪.‬‬
‫وإنَّما قال‪ :‬وترد صيغة اْلمنر‪ ،‬وهني "افعنل" ومنا قنام مقامهنا علنى‬
‫المصننِّف‬
‫أمرا‪ ،‬وهذا من دقنة ُ‬
‫عُة معان‪ ،‬فالصيغة صيغة أمر وهي ليست ً‬
‫‪-‬ر ِحمنه اهَّلل‪ -‬فننكد صننيغة اْلمنر علننى معن ٍ‬
‫نان أخنرى َيننر الوجننوو‪ ،‬وقننُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫أوصلها بعض اْلصوليين إلى خمسة وثالثين معنًى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪139‬‬
‫اهَّلل‪ -‬ذكر أربعة من أبرزها‪:‬‬ ‫ِ‬
‫والم ِّصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬اإلباحة‪.‬‬

‫ومن أمثلتها‪ :‬قوله ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬يلِ أَيههلِ القلذمين نماُلوا كُُِلوا مملنْ‬

‫اَيِّ ِ}م مِ رزَقْاِكُدْ [ال قرة‪ ،]172:‬فقوله‪ { :‬كُُِوا صيغة أمنر‪ُ ،‬ينراد هبنا‬
‫اإلباحة‪.‬‬

‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬التهُيُ‪ ،‬كما م قوله تعالى‪{ :‬اعْمُِوا ملِ شملئْتُدْ إِفقلهُ بِملِ لَدْمُِلون‬

‫بصممٌ [فصلت‪ ،]40:‬فقوله‪{ :‬اعْمُِلوا صنيغة أمنر‪ُ ،‬ينراد هبنا التهُينُ‪،‬‬


‫وانية فيها قرينة علنى ّ‬
‫أن المنراد بصنيغة اْلمنر هننا التهُينُ‪ ،‬القريننة هني‬

‫قوله م آخر انية‪{ :‬إِفقهُ بِمِ لَدْمُِون بصممٌ ‪.‬‬

‫‪ -‬ثال ًثننننننا‪ :‬التسننننننوية‪ ،‬كمننننننا م قولننننننه تعننننننالى‪{ :‬فَِصْللللل ِرَُا أََْ ال‬

‫لَصْ ِرَُا [الأور‪ ،]16:‬فقوله‪{ :‬اصْ ِرَُا صيغة أمر ُيراد هبا التسوية‪.‬‬
‫‪ -‬راب ًعا‪ :‬التكوين‪.‬‬
‫والمراد بالتكوين‪ :‬اإليجناد‪ ،‬فهنو تفعينل منن كنان‪ ،‬بمعننى اإليجناد‪،‬‬

‫ومنه قوله تعالى‪{ :‬كُوفُوا قمرٍةً خِسمئمَ [ال قرة‪ ،]65:‬فنن {كوفوا صيغة‬
‫أمر ُيراد هبا التكوين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪140‬‬
‫اهَّلل‪ -‬معنًنى منن أهن معناين صنيغة اْلمنر‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ترك ُ‬
‫وهننو النننُو‪ ،‬فهننذا المعنننى مننن أهن معنناين صننيغة اْلمننر‪ ،‬بننل ّ‬
‫إن بعننض‬
‫اْلصوليين قال‪ :‬اْلمر المألق ُيُمل على النُو‪.‬‬
‫و‪َ ،‬ص ُّلوا َق ْ َل ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫و‪َ ،‬ص ُّلوا‬ ‫ومن أمثلته‪ :‬قوله ‪َ « :‬ص ُّلوا َق ْ َل ا ْل َم ْغ ِر ِ‬

‫و ل ِ َم ْن َشا َء» فقوله‪َ « :‬ص ُّلوا» صيغة أمر ُيراد هبا النُو‪.‬‬ ‫َق ْ َل ا ْل َم ْغ ِر ِ‬

‫واْلمر َير الجازم إذا كان لمصنلُة دينينة ُيسنمى ننُ ًبا‪ ،‬أ َّمنا إذا كنان‬
‫لمص ٍ‬
‫لُة دنيوية ف ُيسمى إرشا ًدا كما م قوله تعالى‪َ{ :‬اسْتَنْهََُِا شلهِيَيْنِ‬

‫با ن‬ ‫مم لنْ رِن لِلمكُدْ ‪ ،‬فاِل تشننهاد هنننا يتع َّلننق بمصننلُة دنيويننة فننيخ‬
‫اإلرشاد‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على ال او الثالث وهنو‬ ‫ِ‬
‫ولما فرغ المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫النهي‪ ،‬انتقل للكالم على ال او الرابع‪ ،‬وهو العنام والخناص‪ ،‬و ننتكل‬
‫إن شاء اهَّلل تعالى م ٍ‬
‫لقاء قادم‪.‬‬ ‫عليهما ْ‬
‫واهَّلل أعل وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪141‬‬

‫ا ْل َعام َوا ْل َ‬
‫خاص‬

‫اعُا منن َق ْولنه عممنت زينُا و َعمنرا‬ ‫وأما ا ْلعام َفهو ما َع َشي َئي ِن َفص ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫بالعأاء وعممت َج ِميع النَّاس بالعأاء‪.‬‬
‫الالم‪َ ،‬وا ن ا ْلجمنع‬ ‫وألفاظ َأربعة ِاِل ا ْلو ِ‬
‫احُ ا ْل ُم َع ّرف بِ ْاْللف َو َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ‬
‫يما َِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْل ُم َع ّرف بِ َّ‬
‫يمن يعقل‪َ ،‬و " َما" ف َ‬‫الالمِ‪ ،‬واْل ماء الم همة كن "من" ف َ‬
‫يعقل‪َ ،‬و "أر" فِي ا ْل َج ِميع‪َ ،‬و " َأ ْي َن" فِي ا ْل َم َكان‪َ ،‬و " َمتى" فِي َّ‬
‫الز َمان‪،‬‬
‫َو " َما" فِي ِاِل ْ تِ ْف َهام َوا ْل َج َزاء َو ََيره َو " َِل" فِي النكرات‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬من ال او الثالث وهو بناو النهني‪،‬‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫فلما فرغ ُ‬
‫شرَ يتك َّل م ال او الرابع وهو باو العام والخاص‪.‬‬
‫وهذا ال او من أه أبواو أصول الفقه وأع مها؛ ّ‬
‫ْلن أكثر نصوص‬
‫الشريعة جاءت على وجه العموم‪ ،‬وقُ عني بنه اْلصنوليون عناين ًة فااقنة‪،‬‬
‫ودققوا م م احثه‪ ،‬وألفوا فيه تآليف خاصة‪.‬‬
‫ومن أبرز المؤلفات م العموم‪ :‬كتاو [العقُ المن وم م الخصوص‬
‫والعمننننننننننننوم] ْلبنننننننننننني الع نننننننننننناس القننننننننننننرام المننننننننننننالكي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪142‬‬
‫والعام م لغة العرو معناه‪ :‬الشامل‪ ،‬ومنه قول العرو‪ :‬ع المأنر ال لنُ‪،‬‬
‫إذا شملها‪ ،‬و ميت العمامة عمامة ْلهنا تشمل جميع الرأس‪.‬‬
‫اهَّلل‪ّ -‬‬
‫أن العنام مشنتق منن قنول العنرو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وقُ ذكَر ُ‬
‫مرا بالعأاء‪ ،‬وعممت جميع النَّاس بالعأاء‪.‬‬
‫عممت زيًُ ا و َع ً‬
‫فقننال‪( :‬مننن قولننه) يعننني‪ :‬مشننتق مننن قولننه‪( :‬عممننت زيننًُ ا وعمن ًنرا‬
‫بالعأاء)؛ وهذا بناء رأر نُاة الكوفة ّ‬
‫أن أصل اِلشتقاق هو اْلفعال؛ ْلن‬
‫أن أصل اِلشتقاق هو المصادر‪.‬‬ ‫عممت‪ .‬فعل‪ ،‬ورأر نُاة ال صرة ّ‬‫ُ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫وعمرا بالعأاء‬ ‫اهَّلل‪( :-‬من قوله‪ :‬عممت زيًُ ا‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فقول ُ‬
‫‪ ) . .‬إلى آخره‪ ،‬وهذا بنا ًء على رأر نُناة الكوفنة ّ‬
‫أن أصنل اِلشنتقاق هنو‬
‫اْلفعال ِل المصادر‪.‬‬
‫وأ َّما العام م اصأالح اْلصوليين فقُ ذكروا له تعاريف اْلصوليين‪،‬‬
‫فقُ ذكروا له تعاريف كثيرة‪ ،‬وتنوَ ع اراهت فيه‪ ،‬واختلفت‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪143‬‬
‫و ‪ ،‬اختالف ع ارات اْلصوليين م تعريف العام أمران‪:‬‬
‫‪ -‬اْلمننر اْلول‪ :‬هننل العمننوم مننن صننفات اْللفنناظ فقننب أو أنننه مننن‬
‫صفات اْللفاظ والمعاين؟ هذا الس ‪ ،‬اْلول‪ ،‬وكان لنه تنأثير م اخنتالف‬
‫اْلصوليين م تعريف العام‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن العموم هل هو من صنفات اْللفناظ‬
‫فقب أم أنه من صفات اْللفاظ والمعاين؟‬
‫‪ -‬الس ‪ ،‬الثاين‪ّ :‬‬
‫أن العموم هل يشكط فيه اِل تغراق‪ ،‬أو ُيكتفى فيه‬
‫بُصول الجمع ْ‬
‫وإن ل يتُقق فيه اِل تغراق؟‬
‫أيضا ‪ ،‬مؤثر م خالف اْلصوليين م تعريف العام‪.‬‬
‫فهذا ً‬
‫و وف نذكر تعري ًفنا للعنام يعتنل منن أجنود تعريفاتنه‪ ،‬ثن نعنود إلنى‬
‫اهَّلل‪ ،-‬فمن أجود تعريفات العام تعريف الفخر‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫تعريف ُ‬
‫الرازر له م [المُصول]‪( :‬بأنه اللفظ المستغرق لجميع أفراده بُسن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحُ‪ ،‬وكل كلمة من هذه الكلمات تُل على معنى‪ ،‬فلو أ نقأت‬ ‫وضع‬
‫كلمة من كلمات التعريف اختل المعنى واضأرو)‪.‬‬
‫يشننمل العننام والخنناص‪ ،‬والمألننق‪،‬‬ ‫فقولننه‪( :‬اللفننظ)‪ ،‬هننذا جننن‬
‫والمشننكك‪ ،‬وأ ننماء اْلعننُاد؛ فهننذه الخمسننة كلهننا ألفنناظ‪ ،‬والتعريفننات‬
‫ٍ‬
‫بألفاظ عامة‪.‬‬ ‫دااما ت ُأ‬
‫ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪144‬‬
‫وقوله‪( :‬المستغرق لجميع أفراده)‪ ،‬يخرج به ثالثة أشياء‪:‬‬
‫فيه ا تغراق‪ ،‬وإنَّما ينُل علنى‬ ‫‪ -‬اْلول‪ :‬الخاص؛ ّ‬
‫ْلن الخاص لي‬
‫ٍ‬
‫شيء معين‪.‬‬
‫ْلن المألننق وإن كننان فيننه عمننوم إِل ّ‬
‫أن‬ ‫‪ -‬اْلمننر الثنناين‪ :‬المألننق؛ ّ‬
‫عمو ًمنا ا نتغراق ًيا‪ ،‬وإنَّمنا هنو عمنوم بنُلي‪ ،‬فعمنوم المألنق‬ ‫عمومه لي‬
‫عمو ًما ا تغرق ًيا‪.‬‬ ‫عموم بُلي ولي‬
‫والمألق يأتينا تعريفه – ْ‬
‫إن شاء اهَّلل– م هذا ال او‪.‬‬
‫وإيضاح الفرق بين عموم العام وعموم المألنق هنو أننك لنو قلنت‪:‬‬
‫فإن الأالو ٌ‬
‫لفظ عام‪ ،‬فال يتُقق امتثنال اْلمنر إِل بنإكرام‬ ‫أكرم الأالو‪ّ ،‬‬
‫جميع الأالو‪ ،‬فلو تنرك طال ًنا واحنًُ ا لن يتُقنق امتثنال اْلمنر‪ ،‬هنذا إذا‬
‫قال‪ :‬أكرم الأالو‪.‬‬
‫أ َّما إذا قال‪ :‬أكرم طال ًا‪ّ ،‬‬
‫فإن كلمة طال ًنا لفنظ مألنق‪ ،‬فلنو أكنرم زينًُ ا‬
‫عمرا ً‬
‫بُِل منه تُقنق اِلمتثنال‪ ،‬ولنو‬ ‫تُقق اِلمتثال‪ ،‬ولو ترك زيًُ ا وأكرم ً‬
‫بكرا ً‬
‫بُِل منه تُقق اِلمتثال‪.‬‬ ‫عمرا وأكرم ً‬
‫ترك ً‬
‫فنننالمألق فينننه عمنننوم بنننُلي‪ ،‬بخنننالف العنننام فن ّ‬
‫ننإن عمومنننه عمنننوم‬
‫ا تغراقي‪ ،‬فإ ًذا هذا اْلمر الثاين الذر يخرج بقوله‪( :‬المستغرق)‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪145‬‬
‫عمو ًمنا ا نتغراق ًيا‪،‬‬ ‫فالمألق ْ‬
‫وإن كان فيه عموم إِل أننه عمومنه لني‬
‫وإنَّما هو عموم بُلي‪.‬‬
‫‪ -‬اْلمر الثالث‪ :‬أ ماء اْلعُاد؛ مثل‪ :‬عشرة‪ ،‬ومااة‪ ،‬وألف‪.‬‬
‫وإن كانت ألفا ًظا إِل أهنا ليست عامة؛ ّ‬
‫ْلن لها حًُ ا تقنف تنتهني‬ ‫فهي ْ‬
‫مثال ْ‬
‫وإن كانت شاملة لجميع أفرادها من الواحنُ إلنى عشنرة‬ ‫إليه‪ ،‬فعشرة ً‬
‫إِل ّ‬
‫أن لها حًُ ا تقف عنُه‪ ،‬كما أهنا ِل تستغرق جميع العشرات‪ ،‬وكنذلك‬
‫عة وألف‪ ،‬و اار اْلعُاد‪.‬‬
‫أيضا قوله‪( :‬المستغرق لجميع أفراد) يخرج به الخناص‪ ،‬والمألنق‪،‬‬
‫ً‬
‫وأ ماء العُد‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬بُس‪ ،‬وضع واحُ) يخرج به المشنكك مثنل عنين‪ ،‬وقنرء‪،‬‬
‫وعسع ‪ ،‬ومختار‪ ،‬ومن‪.‬‬
‫والمراد بالمشكك‪ :‬هو اللفظ الذر يُل على معنيين فنأكثر بأوضنا ٍَ‬
‫متعننُدة مثننل عننين‪ ،‬فإهنننا لفننظ مشننكك يننُل علننى العننين ال اصننرة بوضن ٍع‬
‫مستقل‪ ،‬ويُل على العين الجارية بوض ٍع آخر مستقل‪ ،‬وينُل علنى العنين‬
‫بمعنى الجا وس بوض ٍع مستقل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪146‬‬
‫ويُل علنى النقنُين النذه‪ ،‬والفضنة بوضن ٍع مسنتقل‪ ،‬وكنذلك قنرء‬
‫لفظ مشكك يُل على الُيض بوض ٍع مستقل‪ ،‬وينُل علنى الأهنر بوضن ٍع‬
‫آخر مستقل‪.‬‬
‫فالفرق بين العام والمشكك‪ّ :‬‬
‫أن العام يُل على أفراده بوض ٍع واحُ‪،‬‬
‫أ َّما المشكك فيُل على أفراده بأوضا ٍَ متعُدة‪.‬‬
‫فإ ًذا قوله‪( :‬بُس‪ ،‬واضح واحُ) يخرج به المشكك؛ ّ‬
‫ْلن المشنكك‬
‫وإن كان لف ً ا مستغر ًقا لجميع أفراده إِل أنه بأوضا ٍَ متعُدة‪.‬‬
‫ْ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬ ‫وبعُ ْ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أن عرفنا معنى العام نعود إلى تعريف ُ‬
‫المصنننِّف العننام م اِلصننأالح‪ :‬بأنننه (مننا عنن شننيئين‬
‫عننرف ُ‬
‫فقننُ َّ‬
‫المصنِّف‬ ‫لفظ عام يشمل اْللفاظ والمعاين‪ ،‬مع ّ‬
‫أن ُ‬ ‫فصاعًُ ا)‪ ،‬فقوله‪( :‬ما) ٌ‬
‫اهَّلل‪ -‬يرى ّ‬
‫أن العموم من صفات اْللفاظ فقنب دون المعناين كمنا‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عليه ويصرح به‪.‬‬ ‫ين‬
‫فلو أنه ع َّر بقوله‪ :‬اللفظ لكان أولى؛ حتى يتفنق منع رأينه ّ‬
‫أن العمنوم‬
‫من صفات اْللفاظ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪147‬‬
‫عرف العنام بنن (منا عن )‪ ،‬والنُور م‬
‫وقوله‪( :‬ع ) هذا فيه دور؛ ْلنه َّ‬
‫التعريفات َير مستُسن عنُ اْلصنوليين؛ ْلننه ِل يُصنل بنه التعرينف‪،‬‬
‫فننإذا قلننت‪ :‬العننام مننا عن ‪ِ ،‬ل تعننرف العننام إِل إذا عرفننت معنننى عن ‪ ،‬وِل‬
‫تعرف ع إِل إذا عرفت العام‪.‬‬
‫كما إذا قلت‪ :‬الواج‪ ،‬ما أوج ه الشارَ‪ ،‬فنال تعنرف الواجن‪ ،‬إِل إذا‬
‫عرفننت مننا أوج ننه الشننارَ‪ ،‬وِل تعننرف مننا أوج ننه الشننارَ إِل إذا عرفننت‬
‫الواج‪ ،،‬فتُور بينهما‪ ،‬والُور مذموم؛ ْلنه ِل يُصل به التعريف‪.‬‬
‫عا ًمنا‬ ‫وقوله‪( :‬شيئين فصاعًُ ا)‪ ،‬هذا احكز به عنن المفنرد فإننه لني‬
‫كما هو ظاهر‪ ،‬وعن المثنى فإنه ِل يوصف بالعموم‪ ،‬وعن أ ماء اْلعُاد‬
‫فإهنا ليست عامة‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هنذا َينره أجنود مننه‪ ،‬ومنن أحسنن‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وتعريف ُ‬
‫التعريفات للعام‪ :‬التعريف الذر تقَُّ م معنا‪.‬‬
‫ولما فرغ من تعريف العام انتقل للكالم على ألفناظ العنام‪ ،‬والمنراد‬
‫بألفاظ العام‪ :‬صيغه الُالة عليه‪.‬‬
‫ومعرفة صي العام مهمة جُا ا‪ ،‬معرفة صي العموم من أه ما يكون؛‬
‫والسننَّة عامنة‪ ،‬وِل يكفني ْ‬
‫أن تقنول‪ :‬هنذه انينة‬ ‫ّ‬
‫ْلن أكثر نصوص الكتاو ُ‬
‫عامة‪ ،‬وهذا الُُيث عام‪ ،‬بل ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن ت ّين جهة العموم فيه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪148‬‬
‫ِل ُبَُّ أن ت ّين صيغة العموم‪ ،‬فال يكفي ْ‬
‫أن تقنول‪ :‬النُليل علنى ذلنك‬
‫عموم انية أو عموم الُُيث‪ ،‬بل ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن ت ين موطن العموم منهما‪.‬‬
‫مسنتقال م صني العمنوم نماه‬
‫ً‬ ‫اهَّلل‪ -‬كتا ًبا‬ ‫ِ‬
‫وقُ ألف العالاي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫[تلقيح الفهوم م تنقيح صي العموم]‪.‬‬
‫الس كي الك ينر والنُ تناج النُين ألنف كتا ًبنا م صنيغة "كُنل"‬ ‫بل ّ‬
‫إن ُّ‬
‫ننماه [ ُكننل ومننا عليننه تننُل]‪ ،‬وهننذا يننُل علننى عنايننة اْلصننوليين بصنني‬
‫العموم ّ‬
‫وأن معرفتها م َاية اْلهمية‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصر منها على أربع‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وصي العموم كثيرة‪ُ ،‬‬
‫صي ؛ ْلنه يؤلف مقُمة مختصنرة للم تنُاين م درا نة هنذا العلن ‪ ،‬وإِل‬
‫ّ‬
‫فإن صي العموم كثيرة جُا ا‪:‬‬
‫‪ -‬أول هذه الصيغة‪ :‬المفرد ا ُلمُلى بأل اِل تغراقية‪.‬‬
‫الواحُ المعرف باْللف والالم)‪.‬‬ ‫وقُ ع َّر عنه بقوله‪( :‬اِل‬
‫وقولننه‪( :‬بنناْللف والننالم) يعننني‪ :‬بننأل اِل ننتغراقية‪ ،‬وضننابب "أل"‬
‫اِل تغراقية أنك إذا حذفتها وأبُلت مكاهنا كلمة "كل" ا تقام المعنى‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪149‬‬
‫فمثال قوله تعالى‪{ :‬الزَّافميةُ َالزَّافمي فَِنِْمََُا كًُّق َاحمَ مماْهُمِ ممَِِةَ نَِْة‬
‫ً‬

‫[النننور‪{ ،]2:‬الزَّافميللةُ مفننرد دخلننت عليننه "أل" اِل ننتغراقية فيفيننُ‬


‫أن "أل" هنا ا تغراقية أنك لو حنذفتها ووضنعت‬‫العموم‪ ،‬والُليل على ّ‬
‫مكاهنا كلمة "كل" ا تقام المعنى‪ ،‬فلو قلنت‪ :‬كنل زانينة وكنل ٍ‬
‫زان‪ّ ،‬‬
‫فنإن‬
‫المعنى يستقي ‪.‬‬

‫وكذلك قوله تعالى‪َ{ :‬السَّلِرِقُ َالسَّلِرِقَةُ فنإن {السلِرق مفنرد‬


‫دخلت علينه "أل" اِل نتغراقية فيفينُ العمنوم‪ ،‬والنُليل علنى ّ‬
‫أن "أل"‬
‫هنننا ا ننتغراقية أنننك لننو حننذفتها ووضننعت مكاهنننا كلمننة "كننل" ا ننتقام‬
‫المعنى‪.‬‬

‫وكنننذلك قولنننه تعنننالى‪{ :‬إِنَّ اإلِفسلللِن لَفملللي خُسْلللرى [العصنننر‪،]2:‬‬

‫{اإلِفسِن لفظ عام؛ ْلنه مفنرد دخلنت علينه أل اِل نتغراقية‪ ،‬والنُليل‬
‫على ّ‬
‫أن "أل" هنا ا تغراقية أننك لنو حنذفتها ووضنعت مكاهننا "كنل"‬
‫ا تقام المعنى‪.‬‬
‫أ َّما إذا كانت "أل" عهُية ّ‬
‫فإن ما دخلت عليه ِل يفيُ العموم‪.‬‬

‫"أل" العهُية مُخولها ِل يفيُ العمنوم كمنا م قولنه تعنالى‪{ :‬كَملِ‬

‫أَرْسلِْاِ إِلَلٍ فمرْعلوْن رسُلولًِ * فَدصللٍ فمرْعلوْنُ الرَّسُللو َ [المزمننل‪،]16-15:‬‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪150‬‬
‫فكلمة {الرَّسُو َ هنا ليست عامة؛ ّ‬
‫ْلن "أل" ليست ا تغراقية وإنَّما هي‬
‫عهُية‪.‬‬
‫وكما لو قلت‪ :‬رأيت كتا ًبا فاشكيت الكتاو‪ّ ،‬‬
‫فنإن الكتناو هننا لني‬
‫عا ًما؛ ّ‬
‫ْلن أل عهُية ِل ا تغراقية‪.‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬باْللف والالم) يعني‪ :‬باْللف والالم‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فقول ُ‬
‫اِل تغراقية ِل العهُية‪.‬‬
‫كل ما دخلت عليه "أل" يكون عا ًما‪،‬‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فتعل ّ‬
‫أن لي‬
‫وإنَّما يكون عا ًما إذا كانت "أل" ا تغراقية‪.‬‬
‫الجمنع المعنرف بنالالم أر‪ :‬بناْللف والنالم؛‬ ‫‪ -‬الصيغة الثانية‪ :‬ا‬
‫ّ‬
‫ْلن الالم وحُها ِل يُصل هبا التعريف‪.‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬بالالم) معناه‪ :‬باْللف والالم؛ وذلك‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقول ُ‬
‫مثل قوله تعالى‪َ{ :‬إِذَا بَِغَ األَاْ فَِ ُ مماْكُدُ الْحُُِد فَِْيسْتَأْذمفُوا كَملِ اسْلتَأْذَن القلذمين‬

‫ممنْ قَ ِْمهِدْ [النور‪ ،]59:‬فن {األَاْفَِ ُ هنا لفنظ عنام؛ ْلننه جمنع دخلنت‬
‫عليه "أل" اِل تغراقية‪.‬‬

‫وكذلك قوله تعالى‪{ :‬إِنَّ الْمُسْلِمممَ َالْمُسْلِممِ}م َالْمُلمْممامَ َالْمُمْممالِ}م‬


‫[اْلحنننزاو‪ ]35:‬ألفننناظ عامنننة؛ ْلهننننا جمنننوَ دخلنننت عليهنننا "أل"‬
‫اِل تغراقية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪151‬‬
‫‪ -‬ثال ًثنننا‪ :‬منننن الصننني اْل نننماء الم همنننة‪ ،‬وهننني‪ :‬أ نننماء الشنننرط‪،‬‬
‫واِل تفهام‪ ،‬واْل ماء الموصنولة‪ ،‬و نميت م همنة؛ ْلهننا ِل تنُل علنى‬
‫ٍ‬
‫شيء معين‪.‬‬ ‫المعين‪ِ ،‬ل تُل على‬
‫أحُ ُ‬
‫فمثال‪ :‬إذا قلت‪َ :‬منن جناءين أكرمتنه‪" ،‬منن" هننا ا ن شنرط‪ ،‬وهني‬
‫ً‬
‫م همة؛ ْلهنا ِل تُل على شخ ٍ معين‪ ،‬فقُ ينأيت زينُ‪ ،‬وقنُ ينأيت عمنرو‪،‬‬
‫وقُ يأيت بكر‪ ،‬فلو قلت‪ :‬من الذر دخل؟ ّ‬
‫فنإن "منن" هننا ا ن ا نتفهام‬
‫وهو م ه ؛ ْلنه يُتمل ْ‬
‫أن يكون الجواو الذر دخل زيُ‪ ،‬أو الذر دخل‬
‫عمرو‪ ،‬أو الذر دخل بكر‪.‬‬
‫وكذلك لو قلت‪ :‬أكرمت َمن جاءين‪ّ ،‬‬
‫فإن "من" هنا ا ن موصنول‪،‬‬
‫وهو م ه ؛ لئال يُل على أحُ المعين‪ ،‬فلهذا ميت م همة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪152‬‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬لأل ماء الم همة بعُة أمثلة‪:‬‬ ‫وم َّثل ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يمن يعقل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬وهي‪ً :‬‬
‫أوِل‪" :‬من" ف َ‬
‫كقوله تعالى‪{ :‬منْ عممًَّ صِلمحًِ ممنْ ذَكَرى أََْ أُفاٍَ َهُو مُمْممنٌ فََِاُحْيِياَّهُ حيِةً‬

‫لفظ عنام؛ ْلهننا ا ن شنرط‪ ،‬وكقولنه‬ ‫اَيِّ ةً [النُل‪ ،]97:‬فن "من" هنا ٌ‬
‫لفظ عام؛ ْلهنا ا شرط‪.‬‬ ‫‪َ « :‬م ْن َت َش َّ َه بِ َق ْو ٍم َف ُه َو مِن ُْه ْ »‪ ،‬فن "من" هنا ٌ‬
‫يما َِل يعقل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪َ " :‬ما" ف َ‬
‫يم ِة َو ِهي َح َّي ٌة َف ُه َو ك ََم ْيتَتِ ِه» فنن "منا" ٌ‬
‫لفنظ‬ ‫َ‬ ‫كقوله ‪َ « :‬ما ُقأِ َع مِ َن ا ْل َ ِ‬
‫ه‬
‫َ‬
‫عام؛ ْلنه ا شرط فيما ِل ُيعقل‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪" :‬أر" فِي ا ْل َج ِميع‪ ،‬يعني‪ :‬فيما ُيعقل وما ِل ُيعقل‪.‬‬
‫فمثال "أر" فيما ُيعقل‪ :‬قوله ‪َ « :‬أ ُّي َما ا ْم َر َأ ٍة َن َك َُ ْت َن ْف َس َها بِ َغ ْي ِر إِ ْذ ِن‬
‫اح َها َباطِ ٌل» فنن "أر" هنا فيما ُيعقل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َول ِّي َها َفن َك ُ‬
‫ومثال "أر" فيما ِل ُيعقل‪ :‬قوله ‪َ « :‬أ ُّي َما إِ َه ٍ‬
‫او َد ْب ٍ َف َقُْ َط ُه َنر»‪ ،‬فنن‬
‫لفظ عام فيما ِل ُيعقل‪.‬‬ ‫"أر" هنا ٌ‬
‫‪ -‬راب ًعا‪َ " :‬أ ْي َن" فِي ا ْل َم َكان‪.‬‬

‫كقوله تعالى‪{ :‬أَيْامِ لَكُوفُوا يَُْرِكُّدُ الْملوْ}ُ [النسناء‪ ،]78:‬فنن "أينن"‬


‫هنا لفظ عام م اْلمكنة‪ ،‬وقُ دخلت عليه "ما" المؤكُة‪.‬‬
‫خامسا‪َ ":‬متى" فِي َّ‬
‫الز َمان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪153‬‬
‫ومنه قول الشاعر م المثال النُور‪:‬‬
‫تجننُ خيننر نننار عنننُها خيننر‬ ‫متى تأته تعشو إلى ضنوء نناره‬
‫فن "متى" هنا لفظ عام م الزمان‪ .‬موقننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننُ‬
‫‪ -‬اد ً ا‪َ " :‬ما" فِي ِاِل ْ تِ ْف َهام َوا ْل َج َزاء َو ََيره‪.‬‬
‫نهيُُ فِني ُك ْ ؟»‬ ‫الش ِ‬
‫نون َّ‬ ‫فمثال "منا" م اِل نتفهام‪ :‬قولنه ‪َ « :‬منا َت ُقو ُل َ‬
‫الش ِ‬
‫نهيُُ َمن ْن‬ ‫قالوا‪ :‬القتيل م يل اهَّلل‪ ،‬فقال ‪« :‬إِ ًذا ُش َنهَُ ا ُء ُأ َّمتِني َقلِ ٌ‬
‫ينل‪َّ ،‬‬
‫نات فِنني ن ِي ِل اهَّللِ‪ ،‬وا ْلم ُأن ِ‬
‫نون‪ ،‬وا ْلم ْأعن ِ‬
‫نون‪،‬‬ ‫ُقتِن َنل فِنني َ ن ِي ِل اهَّللِ‪َ ،‬و َم ن ْن َمن َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫َوا ْل َغ َر ِق»‪.‬‬
‫لفظ عام؛ ْلهنا‬ ‫الش ِهيُُ فِي ُك ْ ؟» "ما" ٌ‬ ‫ون َّ‬‫فقوله م الُُيث‪َ « :‬ما َت ُقو ُل َ‬
‫ا تفهامية‪.‬‬

‫ومثال "ما" م الجزاء‪ ،‬يعني‪ :‬م الشرط‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬مِ فَاسَْ ممنْ‬

‫نية أََْ فُاسمهِ فَأْ}م بِهَيْرى مماْهِ أََْ مماِْمهِ [ال قرة‪ ،]106:‬فن "ما" ٌ‬
‫لفظ عام؛ ْلهنا‬
‫شرط‪.‬‬ ‫ا‬

‫وكذلك قوله تعالى‪َ{ :‬مِ لَفْدُِوا ممنْ خيْرى يدَِْمْهُ الِقلهُ [ال قنرة‪،]197:‬‬
‫شرط‪.‬‬ ‫فن "ما" ٌ‬
‫لفظ عام؛ ْلهنا ا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪154‬‬
‫وقوله‪( :‬وَيره) أر‪ :‬كالخل‪ ،‬فإذا جاءت "ما" م الخل فإهنا تكون‬
‫عامة‪ ،‬والمراد هبا إذا كاننت موصنولة‪ ،‬كمنا أخنل علنى ذلنك التونسني م‬
‫حاشيته على [قرة العين]‪.‬‬

‫ومن أمثلته‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬لمِقهم يسْجَُُ مِ فمي السَّموا}م َمِ فمي األَرْ ِ‬
‫موصول‪.‬‬ ‫[النُل‪ ،]49:‬فن "ما" هنا ا‬
‫وضنننابب "منننا" الموصنننولة‪ :‬أننننك إذا حنننذفتها ووضنننعت مكاهننننا‬
‫"الذر" ا تقام المعنى‪.‬‬

‫فإ ًذا هذه الصيغة الثالثة من الصني اْلربعنة التني ذكرهنا ُ‬


‫المصننِّف –‬
‫رحمه اهَّلل ‪.-‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫الصيغة الرابعة‪ :‬النكرة المرك ة مع "ِل" كما قال ُ‬
‫اهَّلل‪َ ( :-‬و " َِل" فِي النكرات)‪.‬‬
‫ُ‬
‫وذلك إذا جاءت م ياق النفي‪ ،‬أو النهي‪ ،‬أو الشرط‪ ،‬أو اِل نتفهام‬
‫اإلنكارر‪.‬‬
‫فإذا جاءت النكرة مرك ة مع الياء م ياق النفي‪ ،‬أو ياق النهني‪ ،‬أو‬
‫ياق الشرط‪ ،‬أو ياق اِل تفهام اإلنكارر فإهنا تُل على العموم‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪155‬‬
‫ومن أمثلة النكرة إذا جاءت م ياق النفي‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬مِ ممنْ إِلَه‬

‫ٌ‬
‫لفظ عنام؛ ْلهننا نكنرة م‬ ‫إِلقِ الِقهُ الْواحمَُ الَِْهَِّرُ [ص‪ ،]65:‬فكلمة {إله‬

‫ياق النفي‪ ،‬لقوله‪َ{ :‬مِ فإهنا أداة نفي‪.‬‬


‫أ َّما إذا جناءت النكنرة م نياق اإلث نات فإهننا ِل تنُل علنى العمنوم‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئنذ‬ ‫وإنَّما تُل على اإلطنالق‪ ،‬إِل إذا جناءت م نياق اِلمتننان‪ ،‬فإهننا‬

‫تننننُل علننننى العمننننوم كمننننا م قولننننه تعننننالى‪{ :‬فميهِمللللِ فَِكمهللللةٌ َفَهْللللًٌّ‬

‫َرُمَِّنٌ [الرحمن‪.]68:‬‬

‫فن {فِكهة هنا نكرة جاءت م ياق اِلمتنان‪ ،‬فتُل على العمنوم؛‬

‫ْلن الكري ِل يمتن بواحُة‪ ،‬فن {فِكهة هنا وإن نكرة م ياق اإلث ات‬
‫ّ‬
‫ن ُانه‬ ‫ْلن المقصود هبا اِلمتنان؛ ّ‬
‫ْلن الكنري‬ ‫إِل أهنا تُل على العموم ّ‬
‫ِل يمتن بواحُة‪.‬‬
‫وكذلك قُ ُيسنتفاد عمنوم النكنرة منن السنياق‪ ،‬كمنا م قولنه تعنالى‪:‬‬

‫{عِممتْ فَفْ}ٌ مِ أَحْضَر}ْ [التكوير‪ ،]14:‬فكلمة {فف}ٌ هنا عامة مع‬


‫ِ‬
‫تنأت م نياق اِلمتننان‪ ،‬وإنَّمنا ا نتفُنا‬ ‫ِ‬
‫تأت م ياق النفي‪ ،‬ولن‬ ‫أهنا ل‬
‫عمومهننا مننن دِللننة السننياق‪ ،‬والسننياق دال علننى المألننوو ومرشننُ إلننى‬
‫المقصود‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪156‬‬
‫وكننذلك إذا جنناءت النكننرة م ننياق النهنني كمننا م قولننه تعننالى‪:‬‬

‫{َاعْ ََُُا الِقه َال لُنْرِكُوا بِهم شيْئًِ [النساء‪ ،]36:‬فكلمة {شليئًِ نكنرة‬
‫ٍ‬
‫شيء‪.‬‬ ‫م ياق النهي فتشمل كل‬
‫اضر ل ِ ٍ‬
‫ِ‬
‫اد»‪ ،‬فن "حاضنر" هننا نكنرة م نياق‬ ‫وكقوله ‪َ « :‬و َِل َي ِ ْع َح ٌ َ‬
‫النهي فتُل على العموم‪ ،‬وكذلك "باد" نكرة م ياق النهي فتُل علنى‬
‫ٍ‬
‫حاضر وكل باد‪.‬‬ ‫العموم‪ ،‬فيشمل الُُيث كل‬

‫وكذلك إذا جاءت النكرة م ياق الشرط كما م قوله تعنالى‪{ :‬ملنْ‬

‫عممًَّ صِلمحًِ مملنْ ذَكَلرى أََْ أُفاَلٍ [النُنل‪ ،]97:‬فكلمنة {صلًًِِ م انينة‬
‫لفظ عام؛ ْلهنا نكرة م ياق الشرط‪.‬‬
‫وكقوله ‪َ « :‬م ْن َقت ََل َقتِ ً‬
‫يال َف َل ُه َ َل ُ ُه»‪ ،‬فن «قتيل» هننا لفنظ عنام؛ ْلهننا‬
‫نكرة جاءت م ياق الشرط‪.‬‬
‫وكذلك إذا جاءت النكنرة م نياق اِل نتفهام كمنا م قولنه تعنالى‪:‬‬

‫{هًّْ ممنْ خِلمَى رَيْرُ الِقهم يرْزُقُكُدْ [فاطر‪ ،]3:‬فنن {خلِلَ هننا لفنظ عنام؛‬
‫ْلنه نكرة جاءت م ياق اِل تفهام اإلنكارر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪157‬‬
‫أ َّما إذا جاءت النكرة م ياق اِل تفهام التشويقي فإهنا ِل تُل علنى‬

‫العموم‪ ،‬مثل قوله تعالى‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نَماُوا هًّْ أٍَُلُّكُدْ عَِلٍ لمجلِرة لُاجِليكُدْ‬

‫ممنْ عذَابى أَلميدى [الصف‪ ،]10:‬فنن {جتلِرة هننا نكنرة‪ ،‬جناءت م نياق‬
‫ا نتفها ًما‬ ‫اِل تفهام إِل أهنا ِل تُل على العموم؛ ّ‬
‫ْلن اِل تفهام هنا لني‬
‫إنكار ًيا‪ ،‬وإنَّما هو ا تفهام تشويقي‪.‬‬
‫وكننذلك إذا جنناءت النكننرة م ننياق اِل ننتفهام التقريننرر‪ ،‬كقولننه‬

‫تعالى‪{ :‬هًّْ أَلٍَ عٍَِ اإلِفسِنِ حمٌَ ممن الََّهْرِ [اإلنسان‪ ،]1:‬فنن {حلٌَ‬
‫وإن كاننننت م نننياق اِل نننتفهام؛ ّ‬
‫ْلن‬ ‫هننننا نكنننرة لكنهنننا ليسنننت عنننام‪ْ ،‬‬
‫اِل تفهام هنا للتقرير ِل لإلنكار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪158‬‬
‫والعموم من ِص َفات النُّ ْأق‪َ ،‬و َِل يجوز َد ْع َوى ا ْل ُع ُمنوم فِني ََينره منن‬
‫ِ‬
‫يج ِرر ْ‬
‫مج َراه‪.‬‬ ‫ا ْلف ْعل َو َما ْ‬
‫َت ْميِيز بعض ا ْل ُج ْم َلة َو ُه َو َينْ َق ِس‬ ‫َوا ْل َخاص ُي َقابل ا ْل َعام‪ ،‬والتخصي‬
‫إِ َلى ُمت َِّصل ومنفصل‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬من الكالم علنى صني النهني‪ ،‬ذكنر‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫أن النهي العموم من صفات اْللفاظ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فقال‪( :‬والعموم من ِصن َفات النُّ ْأنق‪َ ،‬و َِل يجنوز َد ْع َنوى ا ْل ُع ُمنوم فِني‬
‫ِ‬
‫يج ِرر ْ‬
‫مج َراه)‪.‬‬ ‫ََيره من ا ْلف ْعل َو َما ْ‬
‫وهذه المسنألة هني معروفنة عننُ اْلصنوليين بنالعموم منن عنوارض‬
‫اْللفاظ ِل من عوارض المعاين‪ ،‬يعني‪ :‬من صفات اْللفاظ ِل من صفات‬
‫المعاين‪.‬‬
‫وبننا ًء علننى هنذا‪ِ :‬ل يصننح دعنوى العمننوم م ثالثنة أمننور‪ ،‬مننا دام ّ‬
‫أن‬
‫العموم من صفات اْللفاظ وعوارضه ّ‬
‫فإن العموم ِل يصح م ثالثة أمور‪:‬‬
‫أن الفعل ِل ُيع ؛ ّ‬
‫ْلن العموم من‬ ‫فإن القاعُة ّ‬
‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ :‬الفعل‪ّ ،‬‬
‫فمثال ما جاء م حُيث بنالل ‪ّ ‬‬
‫أن الن ني ‪ ‬صنلى م‬ ‫عوارض اْللفاظ‪ً ،‬‬
‫الكع ة؛ هذا فعل فال يع صنالة النافلنة وصنالة الفريضنة‪ ،‬وإنَّمنا يخنت‬
‫بأحُهما وهي صالة النافلة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪159‬‬
‫وكذلك منا ث نت ّ‬
‫أن الن ني ‪ ‬جمنع م السنفر؛ فهنذا فعنل والفعنل ِل‬
‫ُيع ‪ ،‬فال يشمل السفر القصير والسنفر الأوينل‪ِ ،‬ل يشنمل السنفر القصنير‬
‫وهو ما دون مسافر القصنر‪ ،‬والسنفر الأوينل وهنو منا بلن مسنافة القصنر‬
‫بأحُهما؛ وهو السفر الأويل؛ هذا اْلمر اْلول‪.‬‬ ‫فأكثر‪ ،‬وإنَّما يخت‬
‫‪ -‬اْلمننر الثنناين الننذر ِل يجننرر فيننه العمننوم‪ :‬هننو مننا يجننرر مجننرى‬
‫فعنال كمنا إذا قنال‪ :‬قضنى‬
‫الفعل‪ ،‬وذلك إذا حكى الصُابي عن الن ي ‪ً ‬‬
‫الن نني ‪ ‬بكننذا‪ ،‬أو أمننر بكننذا‪ ،‬أو حك ن بكننذا‪ ،‬فن ّ‬
‫نإن هننذه حكايننة الفعننل‪،‬‬
‫وحكاية الفعل عنُ جمهور اْلصوليين ِل تُل على العمنوم؛ ْلن الُجنة‬
‫م المُكي ِل م لفظ الُاكي‪.‬‬
‫فالُ َّجنة م المُكني وهنو منا‬
‫خاصنا‪ُ ،‬‬ ‫والمُكي يُتمنل ْ‬
‫أن يكنون ً‬
‫نُقل عن الن ي ‪ِ ‬ل م لفظ الُناكي وهنو الصنُابي ‪ ،‬والمُكني عنن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫خاصا فال يع‬ ‫الن ي ‪ ‬يُتمل ْ‬
‫أن يكون ً‬
‫وذه‪ ،‬بعض اْلصنوليين إلنى ّ‬
‫أن الصنُابي إذا حكنى عنن الن ني ‪‬‬
‫ْلن الصنُابي عربني أمنين‪ ،‬فنال‬ ‫ٍ‬
‫بلفظ عام فإنه يفيُ العموم؛ وذلنك ّ‬ ‫شي ًئا‬
‫ينقل عن الن ني ‪ ‬شني ًئا بلفنظ العمنوم إِل إذا علن أننه عنام‪ ،‬وهنذا القنول‬
‫اختاره جماعة من المُققين وهو الراجح ْ‬
‫إن شاء اهَّلل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪160‬‬
‫فننإذا قننال الصننُابي‪ :‬قضننى الن نني ‪ ،‬أو هنننى‪ ،‬أو حكن ‪ ،‬أو أمننر‪ ،‬أو‬
‫فعال فإنه يفيُ العموم؛ ّ‬
‫ْلن الصُابي عربي ومؤتمن علنى نقنل‬ ‫أضاف له ً‬
‫ٍ‬
‫بلفظ عام إِل وهو كذلك‪.‬‬ ‫الُين‪ ،‬فال ينقل عن الن ي ‪ ‬شي ًئا‬
‫‪ -‬اْلمر الثالث ممنا ِل يصنح دعنوى العمنوم فينه‪ :‬هنو المعناين‪ ،‬فنال‬
‫توصف المعاين بالعموم على وجه الُقيقة‪ْ ،‬‬
‫وإن كان قُ توصف به علنى‬
‫نثال م القينناس ِل توصننف بننالعموم علننى وجننه‬
‫وجننه المجنناز‪ ،‬فالعلننة من ً‬
‫الُقيقة‪ْ ،‬‬
‫وإن كانت قُ توصف به على وجه المجاز‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن العموم ِل يصح م الفعل‪ ،‬وِل يصح م المعاين‪،‬‬
‫أ َّمننا حكايننة الصننُابي عننن الن نني ‪ ‬فننالراجح ْ‬
‫إن شنناء اهَّلل أهنننا تننُل علننى‬
‫العموم‪.‬‬
‫ولمننا عن َّنرف العننام وذ َكننر صننيغه‪ ،‬انتقننل للكننالم علننى مقابلننه وهننو‬
‫الخاص‪.‬‬
‫(وا ْل َخاص ُي َقابل ا ْل َعام)‪.‬‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫كثيرا من العمومات قُ ورد‬
‫ْلن ً‬‫أيضا؛ ّ‬
‫وم ُث الخاص م ُث مه ً‬
‫‪ ،‬فلهذا يت ع اْلصوليون الكالم على العام بالكالم علنى‬ ‫عليها التخصي‬
‫الخنناص‪ ،‬والخنناص م اللغننة‪ :‬معننناه المنفننرد‪ ،‬تقننول‪ :‬خصصننت زيننًُ ا‬
‫بالعأاء يعني‪ :‬أفردته به‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪161‬‬
‫المصنِّف‪ :‬يقابل العام‪ ،‬واْلصوليون أكثنر‬
‫وأ َّما عنُ اْلصوليين فقال ُ‬
‫‪.‬‬ ‫على الخاص‪ ،‬وإنَّما هو على التخصي‬ ‫كالمه لي‬
‫و ‪ ،‬ذلك‪ :‬أنه منا منن خناص إِل وهنو عنام منن وجنه‪ ،‬فقنُ يكنون‬
‫الشننيء خنناص مننن وجننه‪ ،‬ويكننون عا ًمننا مننن وجن ٍنه آخننر‪ ،‬فننأكثر بُننث‬
‫‪.‬‬ ‫م الخاص وإنَّما هو م التخصي‬ ‫اْلصوليين وكالمه لي‬
‫المصننِّف بنن‬
‫وعرفنه ُ‬
‫معناه‪ :‬إخنراج بعنض أفنراد العنام‪َّ ،‬‬ ‫والتخصي‬
‫( َت ْميِيز بعض ا ْل ُج ْم َلة)‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬تمييز) معناه‪ :‬إخراج‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬بعنض الجملنة) أر‪ :‬الجملنة العامنة‪ ،‬الجملنة التني يتناولهنا‬
‫العام‪.‬‬
‫تخصيصننا وإنَّمننا هننو‬
‫ً‬ ‫و ُيفهن مننن هننذا‪ّ :‬‬
‫أن إخنراج كننل الجملننة لني‬
‫نس ن ‪ ،‬و ننيأتينا ْ‬
‫إن شنناء اهَّلل م م ُننث النس ن بيننان بعننض الفننروق بننين‬
‫والنس ‪.‬‬ ‫التخصي‬
‫‪ ،‬وهو الشارَ الكنري ‪،‬‬ ‫م الُقيقة هو فاعل التخصي‬ ‫والمخص‬
‫؛ حتنى‬ ‫على الُليل الذر يُصل به التخصني‬ ‫ث ُأطلق لفظ المخص‬
‫صار ذلك حقيقة عرفية عنُ اْلصوليين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪162‬‬
‫‪ ،‬فنإهن ِل يقصنُون بنه الشنارَ النذر حصنل‬ ‫فإذا قالوا‪ :‬المخص‬
‫‪.‬‬ ‫منه التخصي ‪ ،‬وإنَّما يقصُون الُليل الذر حصل به التخصي‬
‫(و ُه َو َينْ َق ِس إِ َلنى ُمت َِّصنل ومنفصنل)‪،‬‬
‫اهَّلل‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فقول ُ‬
‫وهو الُليل ينقس إلى متصل ومنفصل‪.‬‬ ‫مراده‪ :‬المخص‬
‫المتصل‪ :‬هو ما ِل يستقل بنفسنه‪ ،‬بمعننى‪ :‬أننه ِل ُبنَُّ ْ‬
‫أن‬ ‫والمخص‬
‫مذكورا مع العام م ن ٍ واحنُ‪ ،‬وذلنك مثنل اِل نتثناء‪ ،‬والشنرط‪،‬‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫والصفة‪.‬‬
‫المنفصل‪ :‬هو ما يستقل بنفسه‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫أن العام يكنون‬ ‫والمخص‬
‫يكننون م ن ن ٍ آخننر ْ‬
‫إن كننان التخصنني‬ ‫‪ ،‬المخص ن‬ ‫نذكورا م ن ن‬
‫ً‬ ‫من‬
‫‪.‬‬ ‫بالن‬
‫المنفصل‪ :‬هو الذر يستقل بنفسه‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنه ِل يكنون‬ ‫فالمخص‬
‫مذكورا مع العام‪.‬‬
‫ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪163‬‬
‫رط وال َّت ْقيِيُ بِالص ِ‬
‫فة‪.‬‬ ‫فالمتصل ِاِل تِ ْثنَاء وال َّت ْقيِيُ بِ ّ ِ‬
‫ّ‬ ‫الش َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َو ِاِل ْ تِ ْثنَاء‪ :‬إِ ْخ َراج َما لوِله لُخل فِي ا ْل َك َالم‪َ ،‬وإنَّما َيصح بِ َش ْرط َأن‬
‫كالم‪.‬‬ ‫ي ْقى من المستثنى مِنْ ُه َش ْيء َومن َشرطه َأن يكون ُمت َِّصال با ْل َ‬
‫َويجوز َت ْق ِنُي ِاِل ْ نتِ ْثنَاء علنى ا ْل ُم ْسن َت ْثنى مِنْن ُه َويجنوز ِاِل ْ نتِ ْثنَاء منن‬
‫َومن ََيره‪.‬‬ ‫ا ْل ِ‬
‫جنْ‬

‫اهَّلل‪ -‬ينتك َّل علنى المخصصنات ا لمتصنلة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وبُأ ُ‬
‫المصننِّف علنى‬
‫والمخصصات المتصلة لها أننواَ متعنُدة‪ ،‬اقتصنر منهنا ُ‬
‫ثالثة أنواَ‪:‬‬
‫‪ -‬النوَ اْلول –وهو من أهمها وأع مها‪ :-‬اِل تثناء‪.‬‬
‫واِل ننتثناء ُعننني بننه اْلصننوليون كثين ًنرا‪ ،‬حتننى ّ‬
‫إن القننرام ألننف كتا ًبننا‬
‫مستقال عجي ًا م اِل تثناء‪ ،‬ماه [اِل تثناء م أحكام اِل تثناء]‪.‬‬
‫ً‬
‫واِل تثناء م اللغة‪ :‬مأخوذ من الثني وهو الرد‪ ،‬تقول‪ :‬ثنيت الُ نل‪،‬‬
‫يعني‪ :‬رددت بعضه على بعض‪.‬‬
‫وأ َّما عنُ اْلصوليين‪ ،‬فاِل تثناء هو إخراج بعض أفراد العام بنإِل أو‬
‫إحُى أخواهتا‪ ،‬وأخوات إِل‪ :‬حاشا‪ ،‬وعنُا‪ ،‬وخنال‪ ،‬و نوى‪ ،‬وَينر‪ ،‬وِل‬
‫يكون‪ ،‬ولي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪164‬‬
‫اهَّلل‪ -‬عن َّنرف اِل ننتثناء بتعريننف فيننه ن ننر؛ فقننال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫والمصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫(اِل ْ تِ ْثنَاء‪ :‬إِ ْخ َراج َما لوِله لُخل فِي ا ْل َك َالم)‪.‬‬
‫(إخراج ما م لوِله)‪ ،‬والضمير م (لوِله) عااُ إلى اِل تثناء‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫إخراج ما لنوِل اِل نتثناء‪( ،‬لنُخل م الكنالم) أر‪ :‬م الكنالم العنام‪( ،‬م‬
‫الكالم) يعني‪ :‬م اللفظ العام‪.‬‬
‫هذا التعرينف فينه ن نر وهنو أننه تعرينف َينر منانع؛ ْلننه ينُخل فينه‬
‫بالشرط وبالصفة‪ ،‬فإننه لنوِل الشنرط ولنوِل الصنفة لنُخل م‬ ‫التخصي‬
‫الكالم الشيء المخرج كاِل تثناء‪.‬‬
‫بالشننرط‬ ‫فين غنني ْ‬
‫أن ُيننزاد م التعريننف قيننُ حتننى نخننرج التخصنني‬
‫باِل تثناء‪ ،‬فنقول‪ :‬إخراج ما لوِله لُخل م الكنالم بنإِل أو‬ ‫والتخصي‬
‫إحُى أخواهتا؛ وهبذا يستقي التعريف‪.‬‬
‫باِل ننتثناء‪،‬‬ ‫فننإ ًذا تعريننف ُ‬
‫المص ننِّف هننذا يصننُق علننى التخصنني‬
‫بالشننرط مننع أنننه يريننُ التخصنني‬ ‫بالصننفة‪ ،‬والتخصنني‬ ‫والتخصنني‬
‫باِل تثناء فقب‪.‬‬
‫فلهذا ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن نزيُ م التعريف قيًُ ا فنقول‪ :‬إخراج منا لنوِله لنُخل‬
‫م الكالم بإِل أو بإحُى أخواهتا‪ ،‬فقولنا‪ :‬بإِل أو إحنُى أخواهتنا‪ ،‬نخنرج‬
‫بالصفة‪.‬‬ ‫بالشرط والتخصي‬ ‫به التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪165‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫باِل تثناء ِل يصح إِل بشروط‪ ،‬ذكَر ُ‬ ‫والتخصي‬
‫اهَّلل‪ -‬منها شرطين‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬الشرط اْلول‪َ ( :‬أن ي ْقى من المستثنى مِنْ ُه َش ْيء بعُ اِل تثناء)‪.‬‬
‫يسيرا‪.‬‬
‫وظاهر هذا ولو كان الشيء ً‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإذا ل ي َق من المستثنى منه شنيء ّ‬
‫فنإن اِل نتثناء ِل‬
‫يصح‪ ،‬ويص ح ِلَ ًيا‪ ،‬فلو قال‪ :‬لنه علني عشنرة دراهن إِل عشنرة دراهن ‪،‬‬
‫فاِل ننتثناء هنننا ِل يصننح‪ ،‬بننل يكننون ِلَ ًيننا ويلزمننه عشننرة دراه ن ؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫اِل تثناء هنا ا تثناء ِل ٍغ‪ ،‬و ‪ ،‬لغوه وبأالنه أننه إخنراج لجمينع أفنراد‬
‫اللفظ العام‪.‬‬
‫فإ ًذا ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن ي قى من المستثنى منه شيء‪.‬‬
‫ولو قال‪ :‬له ِ‬
‫علي عشرة إِل تسعة‪ ،‬فإن اِل تثناء هنا يصنح؛ ْلننه بقني‬
‫إقرارا بواحُ‪.‬‬
‫من المستثنى منه شيء‪ ،‬فيلزمه واحُ‪ ،‬يكون ذلك ً‬
‫المصننِّف‬
‫وهل يصح ا نتثناء أكثنر منن نصنف المسنتثنى مننه؟ رأر ُ‬
‫وأكثر الفقهاء أنه يصح ا نتثناء أكثنر نصنف المسنتثنى مننه‪ ،‬فنإذا قنال لنه‪:‬‬
‫فنإن اِل نتثناء يصنح‪ ،‬منع ّ‬
‫أن التسنعة أكثنر منن‬ ‫مثال إِل تسعة‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫علي عشرة ً‬
‫نصف المستثنى منه وهو خمسة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪166‬‬
‫وكذا لو قال له‪ :‬له ِ‬
‫علي عشرة إِل تة‪ ،‬أو لنه علني عشنرة إِل ن عة‪،‬‬
‫أو له عشرة إِل ثمانية‪ ،‬أو له علي عشرة إِل تسعة‪ّ ،‬‬
‫فإن اِل تثناء على رأر‬
‫المصنِّف وكثير من الفقهاء يصح‪.‬‬
‫ُ‬
‫أن اِل تثناء ْ‬
‫إن كنان ْلكثنر منن نصنف‬ ‫وذه‪ ،‬بعض اْلصوليين إلى ّ‬
‫المستثنى منه ِل يصح‪ ،‬وهذا هو مذه‪ ،‬أصولي الُنابلة وفقهااه ‪.‬‬
‫علني عشنرة إِل نتة‪ّ ،‬‬
‫فنإن اِل نتثناء ِل‬ ‫وبنا َء علنى هنذا‪ :‬إذا قنال لنه‪ِ :‬‬
‫يصننح ويلزمننه عشننرة‪ ،‬أ َّمننا علننى القننول اْلول‪ :‬فاِل ننتثناء يصننح ويلزمننه‬
‫أربعة‪.‬‬
‫ويصح اِل تثناء إذا كان لنصف المستثنى منه عنُ أكثنر اْلصنوليين‪،‬‬
‫علي عشرة إِل خمسة‪ّ ،‬‬
‫فإن اِل تثناء يصح‪.‬‬ ‫فلو قال له‪ِ :‬‬
‫ومن باو أولى أنه يصح اِل تثناء إذا كان أقل منن نصنف المسنتثنى‬
‫منه‪.‬‬
‫وعلى هذا فالصور أربع‪:‬‬
‫‪ -‬اْلولننى‪ْ :‬‬
‫أن يكننون اِل ننتثناء لكننل المسننتثنى منننه‪ ،‬وهننذه ِل تصننح‬
‫باتفاق اْلصوليين‪.‬‬
‫‪ -‬والصورة الثانية‪ْ :‬‬
‫أن يكنون اِل نتثناء ْلكثنر منن نصنف المسنتثنى‬
‫المصنِّف وأكثر الفقهاء‪.‬‬
‫منه‪ ،‬وهذه تصح عنُ ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪167‬‬
‫‪ -‬الصورة الثالثة‪ْ :‬‬
‫أن يكنون اِل نتثناء لنصنف المسنتثنى مننه‪ ،‬وهنذه‬
‫تصح عنُ أكثر علماء اْلصول‪.‬‬
‫‪ -‬والصورة الرابعة‪ْ :‬‬
‫أن يكنون اِل نتثناء بأقنل منن نصنف المسنتثنى‬
‫منه‪ ،‬وهذه تصح باتفاق اْلصوليون‪.‬‬
‫فصورتان متفقة عليهما‪ ،‬وصورتان مختلف فيهما‪ ،‬الصورة اْلولنى‬
‫متفقة على أهنا ِل تصح‪ ،‬والصورة اْلخيرة متفق على أهنا تصنح‪ ،‬والثانينة‬
‫والثالثة فيهما خالف‪.‬‬
‫شخصنا قنال‪ :‬لنه ِ‬
‫علني‬ ‫ً‬ ‫ومن لأااف اِل تثناء عنُ اْلصوليين‪ :‬لو ّ‬
‫أن‬
‫عشرة إِل تسعة‪ ،‬إِل ثمانية‪ ،‬إِل عة‪ ،‬إِل نتة‪ ،‬إِل خمسنة‪ ،‬إِل أربعنة‪ ،‬إِل‬
‫ثالثة‪ ،‬إِل اثنين‪ ،‬إِل واحنُة‪ ،‬فيلزمنه عشنرة؛ ْلننه ا نتثناء لكنل المسنتثنى‬
‫منه‪.‬‬
‫لكن ا تثناء كل المستثنى منه باتفاق إِل إذا تعق نه ا نتثناء‪ ،‬إذا تعق نه‬
‫اِل تثناء فهذا مستثنى من هذا اِلتفاق‪ ،‬فيلزمه خمسة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪168‬‬
‫واْلصوليون له م ذلك طرااق متعُدة‪:‬‬
‫‪ -‬الأريقننة اْلولننى‪ْ :‬‬
‫أن تجمننع اْلعننُاد الزوجيننة‪ ،‬وتجمننع اْلعننُاد‬
‫الفردينة ويأننرح اْلقنل مننن اْلكثنر‪ ،‬فلنننأت إلنى اْلعننُاد الزوجينة وهنني‪:‬‬
‫عشرة‪ ،‬وثمانية‪ ،‬هذه ثمانية عشر‪ ،‬و تة‪ ،‬أربعة وعشرون‪ ،‬وأربعة‪ ،‬ثمانينة‬
‫وعشرون‪ ،‬واثنان‪ ،‬ثالثون‪ ،‬ضع هذه الثالثين م جي ك‪.‬‬
‫ونأيت إلى اْلعُاد الفردية‪ ،‬وهي تسعة و عة‪ ،‬تة عشر‪ ،‬وخمسنة‪،‬‬
‫واحُ وعشنرون‪ ،‬وثالثنة‪ ،‬أربعنة وعشنرون‪ ،‬وواحنُ‪ ،‬خمسنة وعشنرون‪،‬‬
‫اطرح خمسة وعشرين من ثالثين ي قى خمسة‪.‬‬
‫أيضا‪ْ :‬‬
‫أن تأيت إلى آخر اِل نتثناء فتخنرج لكنل مسنتثنى‬ ‫‪ -‬من الأرق ً‬
‫مما ق له‪ ،‬فنآخر اِل نتثناء واحنُ‪ ،‬فتأنرح واحنًُ ا منن اثننين ي قنى واحنُ‪،‬‬
‫فتأرح الواحُ الذر بقي من ثالثة ي قى اثنان‪ ،‬وتأرح اِلثننين منن أربعنة‬
‫ي قى اثنان‪ ،‬وتأرح اثنان منن خمسنة ي قنى ثالثنة‪ ،‬فتأنرح ثالثنة منن نتة‬
‫ي قى ثالثة‪ ،‬فتأرح ثالثة من ن عة ي قنى أربنع‪ ،‬وتأنرح أربعنة منن ثمانينة‬
‫ي قى أربعة‪ ،‬نتأرح أربعنة منن تسنعة ي قنى خمسنة‪ ،‬وتأنرح خمسنة منن‬
‫عشرة ي قى خمسة‪.‬‬
‫فإ ًذا هذا هو الشرط اْلول‪ :‬وهو أن ي قى من المستثنى منه شيء‪.‬‬
‫حكما‪.‬‬
‫ً‬ ‫متصال حقيقة أو‬
‫ً‬ ‫‪ -‬الشرط الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون اِل تثناء‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪169‬‬
‫(ومن َشنرطه َأن يكنون ُمت َِّصنال بنا ْل َ‬
‫كالم)‪ ،‬أر‪:‬‬ ‫المصنِّف‪َ :‬‬
‫ولهذا قال ُ‬
‫حكما‪ ،‬فقولنه‪ :‬حقيقنة‪ ،‬معنناه‪:‬‬
‫ً‬ ‫بالكالم العام‪ ،‬فيشكط ْ‬
‫أن يكون حقيقة أو‬
‫أِل يفصل بين المستثنى والمستثنى منه فاصل‪.‬‬
‫كما لو قلت‪ :‬أكرم القوم إِل زيًُ ا‪ ،‬أو له علي ألف إِل خمسين‪ ،‬فهذا‬
‫بين المستثنى والمستثنى منه فاصل‪.‬‬ ‫ا تثناء متصل؛ ْلنه لي‬
‫حكما‪ْ :‬‬
‫أن يفصل بين المسنتثنى والمسنتثنى مننه فاصنل ِل‬ ‫ً‬ ‫والمتصل‬
‫يمكن دفعه‪.‬‬
‫ثالثنين عأسنة‪ ،‬ثن قنال‪ :‬إِل‬ ‫كما لو قال‪ :‬ع يُر أحنرار‪ ،‬ثن عأن‬
‫حكما؛ ْلنه فصل بين المستثنى والمستثنى مننه‬
‫ً‬ ‫زيًُ ا‪ ،‬فهذا ا تثناء متصل‬
‫فاصل ِل يمكن دفعه‪.‬‬
‫وكذا لو قال‪ :‬نسااي طوالق‪ ،‬ث أَمي عليه من شُة الوقع‪ ،‬ثن أفناق‬
‫حكما‪.‬‬
‫ً‬ ‫فقال‪ :‬إِل هنًُ ا‪ّ ،‬‬
‫فإن اِل تثناء هنا يصح ْلنه ا تثناء متصل‬
‫ولو أنه قال‪ :‬ع يُر أحرار‪ ،‬ث أَمي عليه أو نام من َير اختياره‪ ،‬ث‬
‫حكما‪.‬‬
‫ً‬ ‫أفاق وقال‪ :‬إِل فالنًا‪ّ ،‬‬
‫فإن اِل تثناء هنا متصل‬
‫ولو أنه كل امرأته بالهاتف فقال لها‪ِ :‬‬
‫أنت طنالق ثال ًثنا‪ ،‬ثن انقأعنت‬
‫حننرارة الهنناتف فقننال‪ :‬إِل واحننُة أو إِل اثنتننين‪ ،‬فننإن هننذا يعتننل ا ننتثناء‬
‫حكما‪.‬‬
‫ً‬ ‫متصال‬
‫ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪170‬‬
‫أ َّما إذا كان اِل تثناء َير متصل فإنه ِل يصح‪.‬‬
‫وذه‪ ،‬بعض اْلصوليين إلى أنه إذا فصل بين المسنتثنى والمسنتثنى‬
‫منه فاصل م موضوَ الكالم فإنه ِل يمنع صُة اِل تثناء‪.‬‬
‫أن الن ني ‪‬‬ ‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪ّ :-‬‬ ‫ِ‬
‫ويُل على هذا حُيث ابن ع اس ‪َ -‬رض َني ُ‬
‫قال‪« :‬إِ َّن َه َنذا ا ْل َلنَُ حرمنه اهَّلل ينوم َخ ْل َنق السنماو ِ‬
‫ات َو ْاْلَ ْر َض َِل ُي ْع َضنُُ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ ُ ُ َ ْ َ‬
‫اإل ْذ ِخ َر»‪.‬‬
‫َش ْو ُك ُه» فقال الع اس‪ :‬إِل اإلذخر‪ ،‬فقال الن ي ‪« :‬إِ َِّل ْ ِ‬

‫فقُ فصل بين المستثنى والمستثنى مننه بفاصن ِل وهنو قنول الع ناس‪:‬‬
‫ْلن موضوَ الكالم واحُ‪.‬‬ ‫اإل ْذ ِخ َر» وهو ِل يمنع صُة اِل تثناء؛ ّ‬
‫«إِ َِّل ْ ِ‬

‫رجنال قنال‪ :‬ع ينُر أحنرار‪ ،‬وكنان عننُه خمسنة أع نُ‪،‬‬


‫ً‬ ‫ومثله‪ :‬لو ّ‬
‫أن‬
‫فقالت امرأته‪ :‬دَ لنا فالنًا فإنه حسن اْلخنالق‪ ،‬جينُ الخُمنة‪ ،‬فقنال‪ :‬إِل‬
‫متصال؛ ّ‬
‫ْلن موضوَ الكالم واحُ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فالنًا‪ ،‬فاِل تثناء هنا يعتل‬
‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫فإن قلت‪ :‬كيف ُيجاو عما ث ت عن ابن ع اس ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫أنه قال‪ :‬بجواز تأخير اِل تثناء إلى شهر‪ ،‬وقيل‪ :‬إلى نة؟‬
‫مننراده بجننواز تننأخير‬ ‫فننالجواو عننن هننذا‪ّ :‬‬
‫أن ابننن ع نناس ‪ ‬لنني‬
‫‪ ،‬وإنَّما مقصوده‪:‬‬ ‫اِل تثناء الذر تُل به اليمين‪ ،‬أو يُصل به التخصي‬
‫اِل تثناء بقصُ التلك وذكر المشيئة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪171‬‬ ‫فننإذا حلننف الع ننُ علننى شن ٍ‬
‫السننَّة ْ‬
‫أن‬ ‫أن يسننتثني‪ ،‬فن ّ‬
‫نإن مننن ُ‬ ‫نيء ونسنني ْ‬
‫يستثني ولو بعُ ٍ‬
‫زمن طويل‪ ،‬وِل يُصل هبذا اِل نتثناء حن ِل عقنُ اليمنين‬
‫‪.‬‬ ‫أو التخصي‬
‫ومن لأيف ما ُيذكر‪ّ :‬‬
‫أن هنارون الرشنيُ قنال للقاضني أبني يو نف‪:‬‬
‫كيف مذه‪ ،‬ابن ع اس م اِل تثناء؟ فقال‪ :‬مذه نه أننه يلُنق بالخأناو‬
‫ويغير الُك ‪.‬‬
‫فقال هارون‪ :‬عزمنت علينك أِل تفتني إِل بمنذه‪ ،‬ابنن ع ناس؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫ابنن ع نناس جننُه‪ ،‬وكنان أبننو يو ننف لأي ًفنا فيمننا يننورده فقنال‪ :‬لننو أفتيننت‬
‫بمذه‪ ،‬ابن ع اس ل ايعت الرجل‪ ،‬ثن خنرج منن عننُك وا نتثنى‪ ،‬فقنال‬
‫هارون الرشيُ‪ :‬عزمت عليك ْ‬
‫أن ِل تفتي به وِل تخل به أحًُ ا‪.‬‬

‫فإ ًذا هذا هو الشرط الثاين من شروط اِل تثناء التي ذكرها ُ‬
‫المصننِّف‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫(ويجننوز َت ْقن ِنُي ِاِل ْ ننتِ ْثنَاء علننى ا ْل ُم ْس ن َت ْثنى مِنْ ن ُه) وهننذه مسننألة‬
‫قننال‪َ :‬‬
‫نُوية‪ ،‬ففااُهتا م اْلصول قليلة‪ ،‬ويمثل لها النُاة بقول الشاعر‪:‬‬
‫ومننا لنني إِل مننذه‪ ،‬الُننق‬ ‫وما لني إِل آل أحمنُ شنيعة‬
‫فقوله‪( :‬وما لي إِل آل أحمُ) تقَُّ م فيه اِل تثناء علنى المسنتثنى مننه‬
‫منننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننذه‪،‬‬
‫وهو (شيعة)‪ ،‬والتقُير‪ :‬وما لي شيعة إِل آل أحمُ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪172‬‬
‫وكذلك قوله‪( :‬وما لي إِل مذه‪ ،‬الُق مذه‪ ،)،‬تقَُّ م فيها اِل تثناء‬
‫على المستثنى منه‪ ،‬والتقُير‪ :‬وما لي مذه‪ ،‬إلى مذه‪ ،‬الُق‪.‬‬
‫(ويجوز ِاِل تِ ْثنَاء من ا ْل ِ‬
‫جنْ َومن ََيره)‪.‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫أر‪ :‬يجننوز اِل ننتثناء المتصننل ‪-‬كمننا تقننَُّ م معنننا‪ ،-‬وهننو ْ‬
‫أن يكننون‬
‫أيضنا اِل نتثناء المنقأنع وهنو‬
‫المستثنى منه‪ ،‬ويجوز ً‬ ‫المستثنى من جن‬
‫المستثنى منه‪ ،‬كما لنو قنال‪ :‬جناء القنوم‬ ‫ْ‬
‫أن يكون المستثنى من َير جن‬
‫القوم‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬ ‫من جن‬ ‫إِل فر ً ا‪ّ ،‬‬
‫فإن الفرس لي‬
‫إِل اليعنننننافير وإِل العننننني‬ ‫هبننننا أننننني‬ ‫وبلننننُة لنننني‬
‫–‬ ‫واليعافير‪ :‬جمع يعفور وهو ولُ ال قرة الوحش‪ ،‬فاليعافير والعي‬
‫به‪.‬‬ ‫وهي اإلبل– ليست من جنة ما يُصل اْلن‬
‫متصال‪ ،‬ويصح ْ‬
‫أن يكون منقأ ًعنا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وإذا كان اِل تثناء يصح ْ‬
‫أن يكون‬
‫إنَّما هو اِل تثناء المتصل دون‬ ‫ّ‬
‫فإن اِل تثناء الذر يُصل به التخصي‬
‫اِل تثناء المنقأع‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪173‬‬
‫‪ ،‬و نن ‪ ،‬ذلننك‪ّ :‬‬
‫أن‬ ‫فاِل ننتثناء المنقأننع ِل يُصننل بننه التخصنني‬
‫المسننتثنى لن يننُخل أصن ًنال م المسننتثنى منننه‪ ،‬فننإذا قلننت‪ :‬جنناء القننوم إِل‬
‫فإن ال َفرس ل يُخل ً‬
‫أصال م القوم‪.‬‬ ‫فر ً ا‪ّ ،‬‬
‫فاِل تثناء إنَّما يُصنل باِل نتثناء المتصنل‪ ،‬أ َّمنا اِل نتثناء المنقأنع‬
‫‪.‬‬ ‫فإنه ِل يُصل به التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪174‬‬
‫الشننرط يجننوز َأن يت َ‬
‫َننأ َّخر َعننن ا ْل َم ْش ُروطننن َويجننوز َأن ي َت َقننَُّ م َعننن‬ ‫َو ّ‬
‫ا ْل َم ْش ُروط‪.‬‬
‫يمان فِي بعض‬ ‫فة يُمل َع َل ْي ِه ا ْلمألق كالرق ة قيُت بِ ْ ِ‬
‫اإل َ‬ ‫ُ‬
‫والمقيُ بِالص ِ‬
‫ّ‬
‫اضع‪َ ،‬فيُمل ا ْل ُمألق على ا ْل ُم َقيُ‪.‬‬‫اضع وأطلقت فِي بعض ا ْلمو ِ‬ ‫ا ْلمو ِ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬
‫اهَّلل‪ -‬مننن الكننالم علننى المخصنن‬ ‫ِ‬
‫المصنننِّف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬ ‫ولمننا فننرغ ُ‬
‫الثاين وهنو‬ ‫المتصل اْلول وهو اِل تثناء‪ ،‬انتقل للكالم علنى المخص‬
‫الشرط‪.‬‬
‫ْ‬
‫والشرط بإ كان الراء م اللغة‪ :‬هو إلزام شيء أو التزامه‪.‬‬
‫ْ‬
‫ننرط فمعنننناه‪ :‬العالمنننة‪ ،‬ومننننه قولنننه تعنننالى‪{ :‬فِلللَ نلللِء‬
‫وأ َّمنننا الشن َ‬
‫أشرااهِ ‪.‬‬
‫والشن ْنرط بإ ننكان الننراء يجمننع علننى شننروط‪ ،‬والشن َنرط بفننتح الننراء‬
‫يجمع على أشراط‪.‬‬
‫والشرط م اِلصأالح عنُ اْلصوليين وعنُ َيره ‪ :‬هو ما يلزم من‬
‫عُمه العُم‪ ،‬وِل يلزم من وجوده وجود وِل عُم لذاته‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪175‬‬
‫فالشرط مؤثر م حال العُم‪ ،‬تأثير الشرط إنَّما هو م حال العُم‪ ،‬أ َّما‬
‫المننانع فن ّ‬
‫نإن المننانع مننؤثر م حننال‬ ‫م حالننة الوجننود فننال تننأثير لننه‪ ،‬عكن‬
‫الوجود‪ ،‬ولهذا ُيقال م تعريفه‪ :‬ما يلزم منن وجنوده العنُم‪ ،‬وِل يلنزم منن‬
‫عُم وجود وِل عُم لذاته‪.‬‬
‫وأ َّما الس ‪ :،‬فهو مؤثر م الجنان ين‪ :‬م جانن‪ ،‬الوجنود‪ ،‬وم جانن‪،‬‬
‫العننُم‪ ،‬وبنننا ًء علننى هننذا‪ :‬فأيهمننا أقننوى‪ :‬الس ن ‪ ،‬أو الشننرط أو المننانع؟‬
‫الجننواو علننى هننذا‪ّ :‬‬
‫أن الس ن ‪ ،‬أقننوى؛ ْلنننه مننؤثر م الجننان ين‪ ،‬أر‪ :‬م‬
‫جان‪ ،‬الوجود وم جان‪ ،‬العُم‪.‬‬
‫بالشرط ُيراد به إخراج بعض أفراد العام بنإن أو إحنُى‬ ‫والتخصي‬
‫أخواهتا‪.‬‬
‫المصنِّف نقول‪ :‬إخراج ما لوِله لُخل م الكنالم بنإن‬
‫وعلى تعريف ُ‬
‫أو إحُى أخواهتا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪176‬‬
‫ا ْلكتاو َو َت ْخ ِصي‬ ‫ا ْلكتاو بِا ْلكتاو‪َ ،‬و َت ْخ ِصي‬ ‫َويجوز َت ْخ ِصي‬
‫ِ‬
‫السننة‪،‬‬ ‫السننة بِ‬ ‫السننة بِا ْلكتناو‪َ ،‬و َت ْخ ِصني‬ ‫ِ‬
‫السنة‪َ ،‬و َت ْخ ِصني‬ ‫ا ْلكتاو بِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اس‪ ،‬ونعني بالنأق‪َ :‬قنول اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪-‬‬ ‫َو َت ْخ ِصي النُّ ْأق بِا ْل ِق َي ِ‬

‫َو َقول َّ‬


‫الر ُ ول ‪.‬‬

‫والشرط ثالثة أنواَ‪:‬‬


‫ْ‬
‫‪ -‬النوَ اْلول‪ :‬شرط شرعي‪ ،‬كالأهنارة شنرط للصنالة‪ ،‬والكاضني‬
‫شرط لصُة ال يع‪.‬‬
‫‪ -‬النوَ الثاين‪ :‬شرط عقلي‪ ،‬كالُياة فإهنا شرط للعل ‪.‬‬
‫السن َل للوصنول إلنى الشنيء‬
‫‪ -‬النوَ الثالث‪ :‬شرط عادر‪ ،‬كنصن‪ُ ،‬‬
‫المرتفع‪.‬‬
‫‪ -‬النوَ الرابع‪ :‬شرط لغنور‪ ،‬كقولنك‪ْ :‬‬
‫إن جناء زينٌُ أكرمتنه‪ ،‬ومهمنا‬
‫تكن عنُ امرئ من خليقة ونُو ذلك من ع ارات الشرط‪.‬‬
‫الشنرط الشنرعي‪ ،‬ولني‬ ‫لني‬ ‫والشرط الذر يُصل به التخصي‬
‫الشنرط العنادر وإنَّمنا هنو الشنرط اللغنور‪ ،‬فهنو‬ ‫الشرط العقلني‪ ،‬ولني‬
‫‪.‬‬ ‫الشرط الذر يُصل به التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪177‬‬
‫منا هنو؟‬ ‫فلهذا بعض طالو العل إذا ألته عن الشرط المخصن‬
‫بصُيح‪ ،‬الشرط الشرعي ِل يُصنل بنه‬ ‫قال‪ :‬الشرط الشرعي وهذا لي‬
‫هو الشرط اللغور‪.‬‬ ‫‪ ،‬وإنَّما الذر يُصل به التخصي‬ ‫التخصي‬

‫ومنه قوله تعالى‪َ{ :‬القذمين ي ْتَغُون الْكمتَِب مممَِّ مَِكَتْ أَيْمِفُكُدْ فَكَِلم ُوهُدْ إِنْ‬

‫عِممْ لتُدْ فملليهِدْ خيْ لرًا [النننور‪{ ،]33:‬ال لذين ا نن موصننول‪ ،‬واْل ننماء‬
‫الموصولة تُل على العموم‪ ،‬فأمر الشارَ الكري بمكات ة الع يُ عمو ًمنا‪،‬‬
‫خيرا أر‪ :‬قُرة على الكس‪.،‬‬
‫ً‬ ‫من علمنا فيه‬ ‫ث خص‬

‫وكذلك قوله تعالى‪{ :‬فَإِنْ لَِبُوا َأَقَِمُوا الصَّالة َنلَوُا الزَّكَِة فَإِخْوافُكُدْ فملي‬

‫الَِّينِ [التوبة‪.]11:‬‬
‫أن يتقَُّ م‪ ،‬ويصح ْ‬
‫أن يتأخر عنن المشنروط‪ ،‬ويُصنل‬ ‫والشرط يصح ْ‬
‫وا ًء تقَُّ م أم تأخر‪.‬‬ ‫به التخصي‬
‫والشروط اللغوية م حقيقتهنا أ ن او؛ ْل ّن السن ‪ ،‬هنو منا يلنزم منن‬
‫وجوده الوجود ومن عُمه العُم لذاته‪.‬‬
‫والشرط اللغور ينأ ق عليه هذا التعريف‪ ،‬فيلزم من وجوده الوجود‬
‫ومن عُمه العُم‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪178‬‬
‫فإذا قلت‪ْ :‬‬
‫إن جاء زيٌُ أكرمته‪ ،‬لزم من مجيء زيُ اإلكرام‪ ،‬ومن عُم‬
‫مجيئه عُم اإلكرام‪ ،‬فيلزم من وجود الشرط الوجود‪ ،‬ومن عُمنه العمنُ‪،‬‬
‫وهذا هو معنى الس ‪.،‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا من المخصصات المتصلة‪ :‬الصفة‪ ،‬و ننتكل عليهنا ْ‬
‫إن شناء‬
‫اهَّلل م ٍ‬
‫لقاء قادم‪ ،‬واهَّلل أعل ‪ ،‬وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪179‬‬
‫اهَّلل َو َ َّل َ َو َب َار َك َع َلى َن ِ ِّينَا ْاْلَمِ ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ا ْل َُ ْمُُ ل َّله َر ِّو ا ْل َعا َلمي َن‪َ ،‬و َص َّلى ُ‬
‫و َع َلى آل ِ ِه و َأصُابِ ِه‪ ،‬ومن َت ِعه بِإِحس ٍ‬
‫ان إِ َلى َي ْو ِم الُِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َ َ ْ َُ ْ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫علمنا إننك أننت‬
‫الله علمننا منا ينفعننا‪ ،‬وانفعننا بمنا علمتننا‪ ،‬وزدننا ً‬
‫العلي الُكي ‪ ،‬اللهن اجعنل منا علمتننا ُحجن ًة لننا ِل ُحجنة عليننا ينا رو‬
‫العالمين‪ ،‬الله فقهنا م الُين‪ ،‬وعلمنا الُكمة والتأويل‪ ،‬أما بعُ‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬علنى أدلنة التخصني‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فال زلنا نقرأ م كالم ُ‬
‫قننُ يكننون بننُلي ٍل متصننل‪ ،‬وقننُ يكننون بننُلي ٍل‬ ‫وتقننَُّ م معنننا ّ‬
‫أن التخصنني‬
‫المتصل هو الذر ِل يسنتقل بنفسنه‪ ،‬بنل‬ ‫منفصل‪ ،‬وأن الُليل المخص‬
‫مذكورا مع العامي م ن ٍ واحُ‪ ،‬وهو أنوا ٌَ متعنُدة‪ ،‬وقنُ اقتصنر‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫اهَّلل‪ -‬على ثالثة أنواَ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫باِل تثناء‪.‬‬ ‫‪ -‬النوَ اْلول‪ :‬التخصي‬
‫بالشرَ‪.‬‬ ‫‪ -‬النوَ الثاين‪ :‬التخصي‬
‫بالصفة‪.‬‬ ‫‪ -‬النوَ الثالث‪ :‬التخصي‬
‫باِل نننتثناء‪ ،‬والتخصننني‬ ‫وتقنننَُّ م معننننا الكنننالم علنننى التخصننني‬
‫بالشرط‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪180‬‬
‫بالصفة‪.‬‬ ‫و ن ُأ م هذا اللقاء بالكالم على التخصي‬
‫والصننفة‪ :‬عنننُ اْلصننوليين أو ننع منهننا عنننُ النُنناة‪ ،‬فالصننفة عنننُ‬
‫اْلصوليين هي ما أشعر بمعنًى يخت به بعض أفنراد العنام منن ٍ‬
‫نعنت أو‬ ‫ُ‬
‫حال أو ٍ‬
‫بُل‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫فالصفة عنُ اْلصوليين تشنمل هنذه اْلشنياء الثالثنة‪ :‬وهني النعنت‪،‬‬


‫بالنعت‪.‬‬ ‫والُال‪ ،‬وال ُل‪ ،‬أ َّما عنُ النُاة فتخت‬

‫ومن أمثلنة ذلنك‪ :‬قولنه تعنالى‪َ{ :‬ملنْ لَلدْ يسْلتَلمعْ مملاْكُدْ اَوْلًلِ أَنْ يلاكم‬

‫}‬
‫ت َأيْملللِ ُف ُك ْد ممللل ْن َفتَيلللِ مل ُك ُد ا ْل ُم ْمممالللِ م‬
‫} َفممللل ْن ملللِ م َِكَللل ْ‬
‫} ا ْل ُم ْمممالللِ م‬
‫ا ْل ُمحْصلللاِ م‬
‫[النساء‪.]25:‬‬
‫بصفة هي نعنت‪ ،‬وإيضناح ذلنك أن قولنه‪:‬‬ ‫فهذه انية فيها تخصي‬

‫ٌ‬
‫لفظ عام؛ ْلنه جمع دخلت عليه "أل" اِل تغراقية‪ ،‬فيع‬ ‫{احملصاِ}‬
‫كننل مُصنننة‪ ،‬والننُليل علننى أن "أل"‪ :‬هنننا ا ننتغراقية أنننك لننو حننذفتها‬

‫ٌ‬
‫لفنظ عنام‬ ‫ووضعت مكاهنا كلمة "كل" ا تقام المعنى‪ ،‬فن {احملصاِ}‬
‫ٍ‬
‫مُصنة؛ وا ًء أكانت مؤمنة أم كانت كافرة‪.‬‬ ‫يشمل كل‬

‫وقولنننه‪{ :‬املممالللِ} نعنننت مخنننرج لغينننر المؤمننننات‪ ،‬فنننال يجنننوز‬


‫م هنذه انينة حصنل بالنعنت‪ ،‬وهنو مخصن‬ ‫نكاحهن‪ ،‬فإ ًذا التخصي‬
‫من المخصصات المتصلة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪181‬‬
‫بالُال‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬إِنَّ القذمين يأْكُُِون أَمْوا َ الْيتَِمٍ‬ ‫ومثال التخصي‬

‫موصول‪،‬‬ ‫ظُِْمًِ إِفقمِ يأْكُُِون فمي بُلُوفمهِدْ فَِرًا [النساء‪ ،]10:‬فن {الذين ا‬
‫واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪ ،‬فيشمل كل َمنن أكنل منال اليتني ‪،‬‬
‫وا ًء أكان على وجه ال ل أم كان على وجه العُل‪.‬‬

‫وقوله‪{ :‬ظِمًلِ مخرج ْلكل مال اليتي على وجه العُل‪ ،‬فال يناله‬
‫الوعيُ المذكور م انية‪.‬‬

‫بال ُل‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬لمِقهم عٍَِ الاَِّسِ حمجه الْ يْتم منِ‬ ‫ومثال التخصي‬

‫ٌ‬
‫لفظ عنام‪ ،‬يشنمل َمنن‬ ‫اسْتَلَِع إِلَيْهم س ِيًِِ [آل عمران‪ ،]97:‬فن {الالِس‬
‫ا تأاَ الُج و َمن ل يستأعه‪.‬‬

‫نرج لمننن ِل‬


‫ومخن ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بنُل مخصن‬ ‫وقولنه‪{ :‬ملنِ اسْلتَلَِع إِلَيْلهم سل ِيًِِ‬
‫يستأيع الُج؛ فال يكون واج ًا عليه‪.‬‬
‫اْلول مننن المخصصننات المتصننلة وهننو‬ ‫فننإ ًذا هننذا ه نو المخص ن‬
‫الصفة‪ ،‬وقُ عرفنا أن ّالصفة عنُ علمناء اْلصنول أعن منهنا عننُ النُناة‪،‬‬
‫فهي تشمل النعت‪ ،‬وتشمل الُال‪ ،‬وتشمل ال ُل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪182‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هنننننا م ثنايننننا الكننننالم علننننى‬ ‫ِ‬
‫المصنننننِّف ‪َ -‬رح َمنننن ُه ُ‬
‫وقننننُ أورد ُ‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المخصصات الكالم على المألق والمقيُ‪ ،‬وكان ين غي له ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ْ‬
‫أن يؤخره فيجعله بعُ الكالم على المخصصات كلها كمنا جنرت بنذلك‬
‫عادة اْلصوليين‪.‬‬
‫فإهن يذكرون المألق والمقينُ بعنُ الفنراغ منن الكنالم علنى العنام‬
‫اهَّلل‪ -‬أقُ ن الكننالم علننى المألننق‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫والخنناص‪ ،‬لكننن ُ‬
‫والمقيُ م خالل الكالم على المخصصات‪.‬‬
‫والمألننق م اللغننة معننناه‪ :‬المر ننل‪ ،‬تقننول‪ :‬أطلقننت الُابننة‪ ،‬يعننني‪:‬‬
‫أر لتها‪.‬‬
‫دل علنى الُقيقنة منن َينر ٍ‬
‫قينُ‪ ،‬مثنل‪:‬‬ ‫وعنُ علماء اْلصول‪ :‬هنو منا َّ‬
‫مسنلما‪،‬‬
‫ً‬ ‫رجل‪ ،‬فإنه يُل على حقيقة الرجولة من َير تقييُ للرجل بكوننه‬
‫قصنيرا‪ ،‬أو كوننه أبنيض‪ ،‬أو كوننه‬
‫ً‬ ‫طويال‪ ،‬أو كوننه‬
‫ً‬ ‫كافرا‪ ،‬أو كونه‬
‫أو كونه ً‬
‫أ ود‪ ،‬فهو مألق؛ ْلنه َير مقيُ بقيُ‪.‬‬
‫أن بينهما فر ًقا؟‬
‫وهل المألق هو النكرة أو ّ‬
‫ذه‪ ،‬بعض اْلصوليين إلى ّ‬
‫أن المألنق هنو النكنرة؛ ولهنذا يعرفوننه‬
‫بالنكرة م ياق اإلث ات‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪183‬‬
‫أن هناك فر ًقا بينهما‪ ،‬ووجه الفرق‪ :‬هو‬
‫وذه‪ ،‬بعض اْلصوليين إلى ّ‬
‫ّ‬
‫أن المألق يُل على الُقيقة من َير قيُ‪ ،‬أ َّما النكرة فتنُل علنى الُقيقنة‬
‫مع قيُ؛ وهو الُِللة على الوحُة‪.‬‬
‫إن ُقصُ هبا الُِللة على حقيقة الرجولة فقب فهي‬
‫فمثال‪ :‬كلمة رجل ْ‬
‫ً‬
‫مألق‪ ،‬وإن ُقصُ هبا الُِللنة علنى حقيقنة الرجولنة منع الوحنُة‪ ،‬أر‪ :‬منع‬
‫كونه واحًُ ا؛ فهي من ق يل النكرة‪.‬‬
‫وهذا التفرينق بينهمنا تفرينق اعت نارر‪ِ ،‬ل يكتن‪ ،‬علينه ثمنرة‪ ،‬فسنوا ًء‬
‫إن بينهمنا فر ًقنا؛ فهنذا ِل يكتن‪ ،‬علينه‬
‫أقلنا‪ :‬المألنق هنو النكنرة‪ ،‬أم قلننا‪ّ :‬‬
‫ثمرة‪ ،‬والمألق يقابله المقيُ‪.‬‬
‫والمقيُ م لغة العرو‪ :‬هو ما ُج ِعل فيه قيُ‪.‬‬
‫دل على الُقيقة ٍ‬
‫بقيُ‪ ،‬مثنل‪ :‬رجنل طوينل‪،‬‬ ‫وعنُ اْلصوليين‪ :‬هو ما َّ‬
‫أو رق ة مؤمنة‪ ،‬فالرجل م المثال اْلول ُقيُ بقيُ وهو الأنول‪ ،‬والرق نة م‬
‫الثاين قيُت بقيُ وهو اإليمان‪.‬‬
‫وإذا ورد اللفظ مأل ًقا فإنه يج‪ ،‬العمل به علنى إطالقنه؛ ولهنذا ّ‬
‫فنإن‬
‫القاعُة " ّ‬
‫أن المألق ي قنى علنى إطالقنه"‪ ،‬وِل يجنوز تقيينُ المألنق إِل‬
‫بُليل‪.‬‬
‫وإذا ورد لفظ مأل ًقا م موضع ومقيًُ ا م موضع فال يخلو من حالين‪:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪184‬‬
‫‪ -‬الُال اْلولى‪ْ :‬‬
‫أن يكنون حكن المألنق والمقينُ واحنًُ ا‪ ،‬فيجن‪،‬‬
‫حينئذ حمل المألق على المقيُ‪ ،‬وذلك عنُ جمهور اْلصوليين‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫ومثننال ذلننك‪ :‬قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪ -‬م كفننارة ال هننار‪{ :‬فتحريللر‬

‫رق لة فالرق ة هنا مألقة َير مقيُة بقيُ اإليمان أو َيره من القيود‪ ،‬فهي‬
‫مألقة؛ ْلهنا دلت على الُقيقة من َير قيُ‪.‬‬

‫وقال اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬م كفنارة القتنل الخأنأ‪{ :‬فتحريلر رق لة‬

‫ممماة فقيُ الرق ة هنا بقينُ اإليمنان‪ ،‬والُكن واحنُ هننا وهنو وجنوو‬
‫التُرير والعتق‪ ،‬وما دام ّ‬
‫أن الُك واحُ فإنه ُيُمل المألق على المقيُ‬
‫ويقيُ بنه؛ فهنذا هنو معننى حمنل المألنق علنى المقينُ‪ ،‬أن المألنق يقينُ‬
‫بالمقيُ‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن الرق ة م كفارة ال هار يشكط فيها اإليمان؛ كما‬
‫يشكط م الرق ة م كفارة القتل الخأأ‪.‬‬
‫فإ ًذا هذه الُال اْلولى‪ ،‬وهني‪ :‬إذا كنان الُكن واحنًُ ا ّ‬
‫فنإن المألنق‬
‫يُمل على المقيُ‪ ،‬أر‪ :‬أنه يقيُ به‪.‬‬
‫‪ -‬الُال الثانية‪ :‬إذا كان الُك مختل ًفا ف ُيعمل بالمألق على إطالقه‬
‫وبالمقيُ على تقييُه‪ ،‬وِل يجوز تقييُ المألنق بالمقينُ كمنا أننه ِل يجنوز‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪185‬‬
‫إطالق المقيُ‪ ،‬بل ُيعمل بكل واحُ منهمنا علنى منا ورد علينه‪ ،‬فنالمألق‬
‫ي قى على إطالقه‪ ،‬والمقيُ ي قى على تقييُه‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬م آية الوضوء‪{ :‬فَِرْسمُِوا َُنُوهكُدْ َأَيَْميكُدْ‬

‫إِلٍَ الْمرافمَِ [المااُة‪]6:‬؛ فقُ قيُ َسل اليُين بكونه إلى المرافق‪.‬‬

‫وقولننننه م آيننننة السننننرقة‪َ{ :‬السَّللللِرِقُ َالسَّللللِرِقَةُ فَللللِقْلَدُوا أَيْلللَميهُمِ‬


‫[المااُة‪ ،]38:‬فجاءت اْلينُر هننا مألقنة‪ ،‬أر‪َ :‬ينر مقينُة بكوهننا إلنى‬
‫‪ :‬هو منا‬ ‫المرافق أو بكوهنا إلى المناك‪ ،،‬أو بكوهنا إلى الر غين‪ ،‬والر‬
‫بين الكف والساعُ‪ ،‬فاْليُر م آية السرقة جاءت مألقة‪.‬‬
‫فهل ُيُمل المألق على المقيُ أو يعمل بكل واحُ منهما علنى منا‬
‫ورد عليه؟‬
‫الجنواو‪ :‬أنننه يعمننل بكننل واحن ٍنُ منهمننا علننى مننا َورد عليننه‪ ،‬و ن ‪،‬‬
‫ذلك‪ّ :‬‬
‫أن الُك مختلف‪ :‬فانية اْلولى الُك وجنوو الغسنل‪ ،‬وانينة‬
‫الثانية الُك وجوو القأع‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم علنى المألنق والمقينُ؛‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫المنفصلة‪.‬‬ ‫انتقل إلى الكالم على أدلة التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪186‬‬
‫مذكورا مع اللفنظ العنام‪،‬‬
‫ً‬ ‫المنفصل‪ :‬هو الذر ِل يكون‬ ‫والمخص‬
‫مذكورا مع اللفظ العام‪.‬‬
‫ً‬ ‫بخالف المتصل فهو الذر يكون‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫والمخصصات المنفصلة كثيرة‪ ،‬وقُ اختصر ُ‬
‫منهنننا علنننى خمننن مخصصنننات‪ ،‬واْلصنننوليين يتو نننعون فيهنننا‪ ،‬إِل ّ‬
‫أن‬
‫ٍ‬
‫خمسة منها‪:‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬اقتصر على‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الكتاو بالكتاو‪.‬‬ ‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬تخصي‬

‫ومننن أمثلننة ذلننك‪ :‬قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪َ{:-‬الْمُلَِقَِللِ}ُ يتَربَّصْللن‬

‫ٌ‬
‫لفظ عام؛ ْلننه جمنع‬ ‫بِأَففُسمهِنَّ ثَالثَةَ قُرَُء [ال قرة‪ ،]228:‬فن {امللِِِ}‬
‫دخلننت عليننه "أل" اِل ننتغراقية‪ ،‬فيشننمل كننل مألقننة‪ ،‬ننوا ًء أكانننت‬
‫حامال أم ِل‪ ،‬و نوا ًء أكاننت آيسنة أم ِل‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مُخوِل هبا أم ِل‪ ،‬و وا ًء أكانت‬
‫أن تعتننُ‬ ‫ٍ‬
‫مألقنة يجنن‪ ،‬م ظناهر انينة ْ‬ ‫و نوا ًء أكاننت صننغيرة أم ِل‪ ،‬فكنل‬
‫ثالثة قروء؛ ْلن لفظ انية عام‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪187‬‬
‫وقُ ُخصصت بقوله تعالى‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا إِذَا فَكَحْتُدُ الْمُمْمماِ}م ثُلدَّ‬

‫اَِقِْتُمُلللللللوهُنَّ ممللللل لنْ قَ ْللللل لًِّ أَنْ لَمسهلللللللوهُنَّ فَملللللللِ لَكُللللل لدْ عَِللللل ليْهِنَّ ممللللل لنْ عمللللل لََّة‬

‫لَدْتََهَفَهِ [اْلحزاو‪ ،]49:‬فَُّ لت هذه انية على ّ‬


‫أن َير المُخول هبنا ِل‬
‫يج‪ ،‬عليها ْ‬
‫أن تعتُ عليها ثالثة قروء‪ ،‬فتكنون مخصصنة منن عمنوم هنذه‬
‫انية‪.‬‬
‫ُ‬
‫وخصصننت الصننغيرة التنني لنن تُننض وانيسننة بقولننه ‪ ُ -‬نن ْ َُا َن ُه‬

‫َو َت َعا َلى‪َ{ :-‬الِقِِمي يئمسْن ممن الْمحمي ِ ممنْ فمسِِمكُدْ إِنِ ارْلَ ْتُدْ فَدمََّلُهُنَّ ثَالثَةُ أَشْهُرى‬

‫أوِلت اْلحمال بقوله تعالى‪:‬‬ ‫َالِقِِمي لَدْ يحمضْن وه َّن الصغار‪ ،‬وخص‬

‫{َأَُْال}ُ األَحْمِ ِ أَنُِهُنَّ أَنْ يضَدْن حمَِْهُنَّ [الأالق‪.]4:‬‬


‫الكتنناو بالكتنناو‪ ،‬ففنني ك ن‬ ‫هنننا مننن ق يننل تخصنني‬ ‫فالتخصنني‬
‫موضع ُخصصت انية‪ :‬م أربعة مواضع‪:‬‬
‫‪ -‬الموضع اْلول‪َ :‬ير المُخول هبا‪.‬‬
‫‪ -‬الموضع الثاين‪ :‬الصغيرة التي ل تُض‪.‬‬
‫‪ -‬الموضع الثالث‪ :‬اني ‪.‬‬
‫‪ -‬الموضع الرابع‪ :‬ذات الُمل‪.‬‬
‫وما عُا هؤِلء اْلربع فيج‪ ،‬عليها ْ‬
‫أن تعتُ ثالثة قروء‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪188‬‬
‫بالسنننة‪،‬‬
‫الكتنناو ُ‬ ‫‪ -‬ثان ًيننا مننن المخصصننات المنفصننلة‪ :‬تخصنني‬
‫الكتناو‬ ‫السننَّة يجنوز تخصني‬ ‫اهَّلل‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫أن ُ‬ ‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وظاهر كالم ُ‬
‫السننَّة‬ ‫هبا؛ وا ّء أكانت متواترة أم كاننت آحنا ًدا‪ ،‬وهنذا هنو التُقينق؛ ّ‬
‫ْلن ُ‬
‫هبا إذا ث تنت‪ ،‬نواء أكاننت علنى ن يل‬ ‫بيان للكتاو‪ ،‬فيجوز التخصي‬
‫التواتر أم كانت على يل انحاد‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬السَِّرِقُ َالسَِّرِقَةُ فَلِقْلَدُوا أَيْلَميهُمِ ‪،‬‬
‫دخلت علينه "أل"‬ ‫جن‬ ‫فإن انية عامة م كل ارق؛ ّ‬
‫ْلن السارق ا‬
‫دخلنت علينه‬ ‫اِل تغراقية يع كنل نارق‪ ،‬وكنذلك السنارقة ا ن جنن‬
‫كثيرا أم رق شني ًئا‬
‫"أل" اِل تغراقية فيع كل ارقة‪ ،‬وا ًء أ رق شي ًئا ً‬
‫يسيرا‪.‬‬
‫ً‬
‫بالسنَّة م‬
‫ُ‬ ‫أن هذا العموم مخص‬ ‫فهذا هو مقتضى عموم انية‪ ،‬إِل ّ‬
‫السننَّة علنى ّ‬ ‫ِ‬ ‫قوله ‪َِ « :‬ل َق ْأ َع إِ َِّل فِي ُر ْب ِع ِدين ٍ‬
‫أن َمنن‬ ‫َنار َف َصناعًُ ا»‪ ،‬فنَُّ لت ُ‬
‫رق أقل من ربع دينار‪ ،‬هل يج‪ ،‬قأع يُه أو ِل يج‪ ،‬قأع ينُه؟ أننه ِل‬
‫الكتاو بالسنة‪.‬‬ ‫يج‪ ،‬قأع يُه‪ ،‬فالتخصي هنا من ق يل تخصي‬
‫السننَّة‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬أنه ِل فنرق بنين أن تكنون ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وظاهر كالم ُ‬
‫السنَّة المتواترة أم من ق يل انحاد‪.‬‬
‫من ق يل ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪189‬‬
‫الس ننَّة بالكتنناو‪ ،‬وعلننى هننذا أكثننر اْلصننوليين‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ثال ًثننا‪ :‬تخصنني‬
‫السنَّة الكتاو‪.‬‬‫ُ‬ ‫أن تخص‬ ‫فيجوز أن يخص الكتاو السنة‪ ،‬كما يجوز ْ‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قولنه ‪َ « :‬منا ُأبِني َن مِن ْن َح ٍّني َف ُه َنو ك ََم ْيتَتِ ِنه»‪ ،‬فقولنه‪:‬‬
‫لفظ عام‪ ،‬يشنمل كنل منا قأنع منن الُني‪ ،‬نوا ًء أكنان ينًُ ا أم كنان‬ ‫"ما" ٌ‬

‫شعرا‪ ،‬أو كان صو ًفا‪ ،‬أم كان ً‬


‫وبرا‪ ،‬أم كان إلينة‪ ،‬أم كنان أذنًنا‪ ،‬أم كنان َينر‬ ‫ً‬
‫شنرط‪ ،‬وأ نماء الشنرط تفينُ العمنوم ‪-‬كمنا‬ ‫ذلك؛ ْلن قوله‪" :‬ما" ا‬

‫بقولنه تعنالى‪َ{ :‬مملنْ‬ ‫تقَُّ م معنا فيما ق‪ ،-‬إِل ّ‬


‫أن هذا العموم مخص‬

‫أَصْوافمهِ َأََْبِرِهِ َأَشْدِرِهِ أَثَِثًِ َمتَِعًِ إِلٍَ حمَ [النُل‪.]80:‬‬


‫فقُ امت َن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬باْلصنواف‪ ،‬واْلوبنار‪ ،‬واْلشنعار‪،‬‬
‫ٍ‬
‫هبيمة حية فإهننا‬ ‫شعرا من‬ ‫بشيء م اح‪ ،‬فلو ّ‬ ‫ٍ‬
‫أن إنسانًا قأع ً‬ ‫وهو ِل يمتن إِل‬
‫مخصصا من الُُيث‪.‬‬
‫ً‬ ‫تكون طاهرة‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫السنَّة بالسنة‪ ،‬وظاهر‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬راب ًعا من المخصصات المنفصلة‪ :‬تخصي‬
‫السنَّة المخصصة آحا ًدا أم كانت متواترة‪.‬‬ ‫المصنِّف وا ًء كانت ُ‬
‫كالم ُ‬
‫الس َما ُء ا ْل َع ْش ُر» فهذا ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لفظ عام؛‬ ‫يما َ َقت َّ‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله ‪« :‬ف َ‬
‫موصول‪ ،‬واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ْلن "ما" ا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪190‬‬
‫موصنول ‪-‬عرفننا فيمنا ن ق ضنابب‬ ‫والُليل على أن "ما" هنا ا‬
‫"مننا" الموصننولة‪ :-‬أنننك إذا حننذفتها ووضننعت مكاهنننا كلمننة "الننذر"‬
‫موصنول‪ ،‬واْل نماء الموصنولة تنُل علنى‬ ‫ا تقام المعنى‪ ،‬فن "ما" ا‬
‫العمننوم‪ ،‬فيشننمل مننا بل ن خمسننة أو ننق ومننا ل ن ي ل ن وتجنن‪ ،‬الزكنناة م‬
‫الجميع؛ لعموم الُُيث‪.‬‬
‫مثال أربعة أو ق؛ فإن ظاهر الُنُيث أننه تجن‪ ،‬الزكناة‬ ‫فإذا بل ال ُر ً‬
‫ون َخ ْم َس ِة‬ ‫ِ‬
‫أن هذا العموم مخص بقوله ‪َ « :‬ل ْي َ ف َ‬
‫يما ُد َ‬ ‫فيه وهكذا‪ ،‬إِل ّ‬
‫َأ ْو ُ ٍق َصَُ َق ٌة»؛ فُل ذلك على ما ل ي ل خمسنة أو نق ِل تجن‪ ،‬الزكناة‬
‫السنَّة بالسنة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيه‪ ،‬وهذا من باو تخصي‬
‫السنَّة بالقياس‪ ،‬وقُ ع َّر عننه بقولنه‪:‬‬
‫الكتاو أو ُ‬ ‫خامسا‪ :‬تخصي‬ ‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫خ ِصي ُ النُّ ْأ ِق بِا ْل ِق َي ِ‬
‫اس)‪ ،‬والمراد بالنأق هنا‪ :‬الكتاو الذر هو قول‬ ‫(و َت ْ‬
‫َ‬
‫والسنَّة التي هي قول الن ي ‪.‬‬
‫اهَّلل ‪ُ ،‬‬
‫ومن اْلمثلة المشهورة على هذا‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬الزَّافميةُ َالزَّافمي فَِنِْمََُا‬

‫كًُّق َاحمَ مماْهُمِ ممَِِةَ نَِْة [النور‪ ،]2:‬فانية عامنة؛ ْلن "الزانينة" مفنرد‬
‫دخلت عليه "أل" اِل تغراقية فيع كل زانية‪ ،‬و "الزاين" مفرد دخلنت‬
‫حرا أم كان ع ًُ ا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عليه "أل" اِل تغراقية فيع كل زان‪ ،‬وا ًء أكان ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪191‬‬
‫نإن ظنناهر عمننوم انيننة أنننه يجنن‪ ،‬جلننُه مااننة جلننُة‪ ،‬إِل ّ‬
‫أن اْلمننة‬ ‫فن ّ‬

‫خصصت بالكتاو م قوله تعالى‪{ :‬فَدَِيْهِنَّ فمصْل ُ ملِ عَِلٍ الْمُحْصلاِ}م مملن‬

‫الْدذَابِ [النساء‪ ،]25:‬فُ َّلت انية على ّ‬


‫أن اْلمة إذا زنت تجلُ خمسنين‬
‫جلُة‪.‬‬
‫و ُيقاس على اْلمة الع ُ بجامع الرق والع ودية م كن ٍل منهمنا ف ُيجلنُ‬
‫الع ُ من انية ثابت‬ ‫إذا زنى خمسين جلُة‪ ،‬وبنا ًء على هذا ّ‬
‫فإن تخصي‬
‫اْلمنة منن‬ ‫اْلمة فهو ثابت بالكتاو‪ ،‬فتخصني‬ ‫بالقياس‪ ،‬وأ َّما تخصي‬
‫الع نُ منن بناو تخصني‬ ‫الكتاو بالكتناو‪ ،‬وتخصني‬ ‫باو تخصي‬
‫الكتاو بالقياس‪.‬‬
‫وهنو الخناص‪،‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬من ال او الخام‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫انتقننل إلننى الكننالم علننى ال نناو السننادس والسننابع وهمننا "المجمننل‬
‫والم َّين"‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪192‬‬
‫والمجمل والم ين منن اْللفناظ المتعلقنة بوضنوح الكنالم وخفاانه‪،‬‬
‫والكالم باعت ار وضوحه وخفااه ِل يخلو من حالين‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬الُال اْلولى‪ :‬أِل يُتمل إِل معنًى واحًُ ا‪ ،‬وهذا هو الن‬
‫أن يُتمل أكثر من معنى‪ْ ،‬‬
‫فإن احتمل أكثر من معنى‬ ‫‪ -‬الُال الثانية‪ْ :‬‬
‫أيضا من حالين‪:‬‬
‫فال يخلو ً‬
‫‪ -‬الُال اْلولى‪ :‬أ ْن تكون هذه المعاين متساوية؛ وهذا هو المجمل‪.‬‬
‫‪ -‬الُال الثانية‪ْ :‬‬
‫أن تكون المعناين بعضنها أرجنح منن بعنض؛ وهنذه‬
‫أيضا من حالين‪:‬‬
‫الُال ِل تخلو ً‬
‫‪ -‬الُال اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون رجُان أحُ المعنيين بس ‪ ،‬دِللة اللفظ؛‬
‫وهذا هو ال اهر‪.‬‬
‫‪ -‬الُننال الثانيننة‪ْ :‬‬
‫أن يكننون رجُننان أحننُ المعنيننين بسنن ‪ ،‬دلينن ٍل‬
‫المؤول‪.‬‬
‫َّ‬ ‫خارجي؛ وهذا هو‬
‫‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫فإ ًذا اللفظ ْ‬
‫وإن كان ِل يُتمل إِل معنًى واحًُ ا فهنذا هنو النن‬
‫كان يُتمل أكثر من معنى‪ْ ،‬‬
‫فإن كانت المعاين متساوية فهذا هو المجمل‪،‬‬
‫وإن كانت المعناين بعضنها أرجنح منن بعنض ن رننا‪ :‬فنإن كنان الرجُنان‬
‫بس ‪ ،‬اللفظ فهذا هو ال اهر‪ ،‬وإن كان الرجُنان بسن ‪ ،‬دلينل خنارجي؛‬
‫فهذا هو المؤول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪193‬‬
‫ٍ‬
‫معان‪:‬‬ ‫والمجمل م لغة العرو ُيألق على ثالثة‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬المجمل‪ ،‬ومنه قنوله ‪ :‬فهنذه مسنألة مجملنة‪ ،‬أر‪:‬‬
‫م همة‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الثاين‪ :‬المجموَ‪ ،‬ومنه قولك‪ :‬فأجملت الُساو‪ .‬يعنني‪:‬‬
‫جمعته‪.‬‬
‫المننذاو‪ ،‬ومنننه قولننك‪ :‬هننذا شننُ جميننل أو‬
‫‪ -‬المعنننى الثالننث‪ُ :‬‬
‫مجمل‪ ،‬أر‪ :‬مذاو‪.‬‬
‫وأما م اصأالح اْلصوليين‪ :‬فالمجمل هو ما احتمل معنينين فنأكثر‬
‫وِل مرجح بينها‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقولنه‪( :‬المجمنل‪َ :‬منا ا ْفتقنر إِ َلنى‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وقُ عرفنه ُ‬
‫ا ْل َ َيان) يعني‪ :‬ما احتاج إلى ال يان؛ وهذا التعريف قري‪ ،‬منن تعرينف ابنن‬
‫الُاج‪ ،‬م "مختصر اْلصول" للمجمل بأنه‪ :‬ما ل تتضح دِللته‪.‬‬
‫واإلجمال له أ او‪ ،‬منها‪:‬‬
‫مجمال بس ‪ ،‬كونه مشككًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬اِلشكاك‪ ،‬فقُ يكون اْلمر‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬كلمة "قروء" م قوله تعنالى‪َ{ :‬الْمُلَِقَِلِ}ُ يتَربَّصْلن‬

‫مستقال على الُيض‪،‬‬


‫ً‬ ‫بِأَففُسمهِنَّ ثَالثَةَ قُرَُء ‪ ،‬فهو ٌ‬
‫لفظ مشكك ُيألق إطال ًقا‬
‫مستقال على ال ُّأهر‪.‬‬
‫ً‬ ‫أيضا إطال ًقا‬
‫و ُيألق ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪194‬‬
‫وكقولنننه‪َ{ :‬الِقيْل لًِّ إِذَا عسْلللد} [التكنننوير‪ ،]17:‬فنننن {عسلللد}‬
‫مجمل؛ ْلنه مشكك‪ ،‬فهو ُيألق على اإلق ال ويألق على اإلدبار‪.‬‬
‫ومنه كلمة "عين" فهي ُتألق على العين ال اصرة‪ ،‬والعين الجارينة‪،‬‬
‫والنقُين‪ ،‬والجا وس‪.‬‬
‫فأ او اإلجمال م هذه اْللفاظ هو اِلشكاك‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا من أ او اإلجمال‪ :‬اِلشتقاق‪ ،‬وذلك مثل مختار‪ ،‬فهو ُيألق‬
‫الفاعل‪ ،‬و ُيألنق علنى َمنن وقنع علينه‬ ‫على من وقع منه اِلختيار وهو ا‬
‫المفعول‪.‬‬ ‫اِلختيار وهو ا‬
‫مجمنال؛‬
‫ً‬ ‫‪ -‬ثال ًثا منن أ ن او اإلجمنال‪ :‬الكتين‪ ،،‬فقنُ يكنون اللفنظ‬
‫بس ‪ ،‬ترتي ه‪.‬‬

‫ومنه قوله تعالى‪{ :‬أََْ يدْفُو القذمخ بِيلَمهم عُِْلَةُ الاِّكَلِ ِ [ال قنرة‪،]237:‬‬

‫فهذه الجملة ألفاظها ِل إجمال فيها‪ ،‬فكلمنة {يدفلو وكلمنة {اللذخ‬

‫هذه كلها ِل إجمال‬ ‫وكلمة {بيَه وكلمة {عَِة وكلمة {الاكِ‬


‫فيها‪ ،‬وإنَّما اإلجمال م ترتي‪ ،‬هذه اْللفاظ‪.‬‬
‫ولهذا اختلف العلماء من الصُابة ومن بعُه م النذر بينُه عقنُة‬
‫النكاح َمن هو؟ فقال بعضه ‪ :‬هو الزوج‪ ،‬وقال بعضه ‪ :‬هو الولي‪.‬‬
‫فس ‪ ،‬الخالف هنا‪ :‬هو اإلجمال‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪195‬‬
‫و ‪ ،‬اإلجمال‪ :‬هو الكتي‪.،‬‬
‫وهناك أ او أخرى ُتأل‪ ،‬م المأوِلت م هذا العل ‪.‬‬
‫واإلجمال المألق قُ زال وهَّلل الُمُ باكتمال هذه الشريعة كما قنال‬

‫اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪{ :-‬الْي لوَّْ أَكْمِْ لتُ لَكُ لدْ ٍميللاكُدْ َأَلْممْ لتُ عَِ ليْكُدْ فمدْمتمللي‬

‫َرضميتُ لَكُدُ اإلِسْالَّ ٍمياًِ [المااُة‪.]3:‬‬


‫وبقنني اإلجمننال النس ن ي‪ ،‬فقننُ يكننون لفن ٌ‬
‫نظ عنننُ عننال مننن العلمنناء‬
‫مجمال‪ ،‬بينما هو عنُ عال من العلماء بنين واضنح‪ ،‬ولمنا ذكنر المجمنل‬
‫ً‬
‫انتقل إلى ما يقابله وهو الم َّين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪196‬‬
‫واإلجمال يقابله ال يان‪ ،‬وال يان نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬النوَ اْلول‪ :‬ابتُااي؛ وهو‪ :‬الذر ل يتقَُّ مه إجمال‪ ،‬وذلنك مثنل‪:‬‬

‫قوله تعالى‪َ{ :‬الْوالملَا}ُ يُرْضملدْن أََْالٍهُلنَّ حلوْلَيْنِ كَلِممَِيْنِ [ال قنرة‪،]233:‬‬

‫وقوله‪{ :‬حُرِّمتْ عَِيْكُدْ أُمَّهِلُكُدْ َباِلُكُدْ َأَخلوالُكُدْ َعمَّلِلُكُدْ َخلِاللُكُدْ ‪. .‬‬

‫‪[ .‬النساء‪ ،]23:‬انية‪.‬‬


‫وقوله ‪َ « :‬م ْن َبَُ َل ِدينَ ُه َفا ْق ُت ُلو ُه»‪.‬‬
‫وقوله‪« :‬إِ َذا َش َّك َأ َحنُُ ُك ْ فِني َص َنالتِ ِه َف َلن ْ َينُْ ِر كَن ْ َصن َّلى‪َ ،‬أ ْث َال ًثنا َأ ْم‬
‫نك َو ْل َين ْ ِن َع َلنى َمنا ا ْ ن َت ْي َق َن» فهنذا كلنه بينان ابتنُااي‪،‬‬ ‫َأ ْر َب ًعا؟ َف ْل َي ْأ َر ْح َّ‬
‫الش َّ‬
‫و مي ابتُاا ًيا؛ ْلنه ل يس قه إجمال‪.‬‬
‫‪ -‬النوَ الثاين‪ :‬بيان بعُ اإلجمال‪ ،‬وهذا هو الذر يتكل عليه علمناء‬
‫اْلصول‪ ،‬وهو ال يان الذر يكون بعُ اإلجمال‪.‬‬
‫ننيء مننن ح ّيننز‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫اج‬ ‫نر‬‫ن‬ ‫اهَّلل‪ :-‬بننن (إِ ْ‬
‫خ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وقننُ عرفننه المص ننِّف ‪-‬ر ِ‬
‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِْ‬
‫اإل ْش َكال إِ َلى ح ّيز التجلي)‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إِ ْخ َراج َّ‬
‫الش ْيء) يعني‪ :‬إخراج المجمل‪.‬‬
‫(من ح ّيز ْ ِ‬
‫اإل ْش َكال) يعني‪ :‬من حال الغموض واإلهبام‪.‬‬
‫حيز التجلي) معناه‪ :‬إلى حال الوضوح‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬إلى ّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪197‬‬
‫وهذا التعريف أخذ عليه اْلصوليون أمرين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلمننر اْلول الننذر انتقننُوا هننذا التعريننف فيننه‪ :‬أن هننذا التعريننف‬
‫بالنوَ الثاين من نوعي ال ينان وهنو ال ينان‬ ‫تعريف َير جامع؛ ْلنه يخت‬
‫بعُ اإلجمال‪ ،‬أ َّما ال ينان اِلبتنُااي فلن ينُخل م التعرينف‪ ،‬فقنالوا‪ :‬هنذا‬
‫بال ينان‬ ‫تعريف َير جامع؛ ْلنه ل يُخل ال يان اِلبتُااي‪ ،‬وإنَّمنا يخنت‬
‫بعُ اإلجمال‪.‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫‪ -‬المأخذ الثاين الذر ُأخذ على هذا التعريف‪ :‬أن ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬ع َّر بقوله‪( :‬حينز)‪ ،‬والُينز توصنف بنه اْلشنياء الُسنية ِل اْلشنياء‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لشيء معنور؟ التعريف‬ ‫ٍ‬
‫لشيء حسي أو‬ ‫المعنوية‪ ،‬والتعريف هنا تعريف‬
‫هنا تعريف لشيء معنور‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬عننل بننالُيز‪ ،‬والُيننز توصننف بننه اْلشننياء‬ ‫ِ‬
‫فالمص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الُسية دون اْلشياء المعنوية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لشنيء حسني‪ ،‬وإنَّمنا هنو تعرينف لشنيء‬ ‫والتعريف هنا لني تعري ًفنا‬
‫معنور‪ ،‬والتعريف مع ما عليه من مؤاخذات إِل أنه ٍ‬
‫مؤد للمقصود‪ ،‬وجل‬
‫اهَّلل‪ -‬بال يان الذر يكون بعُ اإلجمال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عناية اْلصوليين ‪َ -‬رح َم ُه ُ ُ‬
‫المصنِّف ‪-‬‬
‫كثيرا‪ ،‬فلهذا اقتصر ُ‬
‫أ َّما ال يان اِلبتُااي فال يتُُثون عنه ً‬
‫اهَّلل‪ -‬على تعريف ال يان الذر يكون بعُ اإلجمال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪198‬‬
‫اهَّلل‪ :-‬أن اْلدق أن‬ ‫ِ‬
‫ومن الفوااُ اللغوية ما ن َّه عليها القنرام ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الم َُ َّسننننة ِل أن ُيقننننال‪ :‬اْلشننننياء الُسننننية أو اْلشننننياء‬
‫ُيقننننال‪ :‬اْلشننننياء ُ‬
‫صنرح ‪-‬‬
‫المُسو ة‪ ،‬فنالتع ير باْلشنياء المُسو نة أو اْلشنياء الُسنية َّ‬
‫ُسننة‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬
‫الم َّ‬
‫اهَّلل‪ -‬أنننه لُننن‪ ،‬وأن الفصننيح أن ُيقننال‪ :‬اْلشننياء ُ‬
‫َرح َمنن ُه ُ‬
‫الم َُ َّسات‪.‬‬
‫جمعت يقال فيها‪ :‬اْلشياء ُ‬
‫قُيما وحُي ًثا أهن يعلون باْلشياء المُسو ة‪،‬‬
‫والشااع عنُ الناس ً‬
‫وال يان قُ يُصل بالقول‪ ،‬وقُ يُصل بالفعل‪.‬‬
‫الر ْمن ُني‪َ ،‬أ َِل إِ َّن ا ْل ُقن َّنو َة‬
‫فمثننال ال يننان بننالقول‪ :‬قولننه ‪َ « :‬أ َِل إِ َّن ا ْل ُقن َّنو َة َّ‬
‫الر ْم ُي‪َ ،‬أ َِل إِ َّن ا ْل ُق َّو َة َّ‬
‫الر ْم َي»‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أيضنا؛ كمننا م بياننه ‪ْ ‬لفعننال‬
‫وقنُ يُصنل ال يننان بنالقول وبالفعننل ً‬
‫الصالة فقُ ب َّينها بفعله‪ ،‬وب َّينها بقوله كما م حُيث المسيء صالته‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫عرف المجمل والم َّين انتقل للكالم على تعريف الن‬
‫ولما َّ‬
‫م اللغننة معننناه‪ :‬الرفننع‪ ،‬ومنننه قننول العننرو‪ :‬نصننت ال يننة‬ ‫والننن‬
‫رأ ها‪ .‬أر‪ :‬رفعته‪.‬‬
‫وقول الشارَ‪:‬‬
‫فننننننإن اْلمانننننننة م نصننننننه‬ ‫الُننُيث إلننى أهلننه‬ ‫و ُن ن‬
‫الُُيث" يعني‪ :‬ارفع الُُيث إلى أهله‪.‬‬ ‫فقوله‪ُ " :‬ن‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪199‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أن الن ( ُم ْشتَق مِن ْن مِن ََّص ِنة ا ْل َع ُرو ِ ِّني‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وذكر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُه َو ا ْل ُك ْر ُّي) النذر تجلن علينه‪ ،‬وهنذا النذر ذكنره ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬فينه‬
‫مشت ًقا من المنصة‪ ،‬وإنَّما الصواو العك ‪ ،‬المنصة‬ ‫لي‬ ‫ن ر؛ ْل ّن الن‬
‫؛ ْلن اِلشتقاق هو المصادر‪.‬‬ ‫مشتقة من الن‬
‫عنُ اْلصوليين‪ :‬فهو ما ِل يُتمل إلى معنًى واحًُ ا‪.‬‬ ‫وأ َّما الن‬
‫ويخرج هبذا التعريف المجمل‪ ،‬فهو يُتمل معنيين فأكثر‪ ،‬وال اهر‪،‬‬
‫فهو يُتمل معنيين فأكثر‪ ،‬والمؤول فهو يُتمل معنيين فأكثر‪.‬‬
‫الصريح‪ ،‬فإذا قيل‪ :‬الصريح‪ ،‬فالمراد به‪ :‬ما ِل يُتمل‬ ‫و ُيسمى الن‬
‫إِل معنًى واحًُ ا‪.‬‬
‫أيضا على ال اهر الذر يأيت ذكنره قري ًنا‪-‬إن شناء اهَّلل‬
‫ً‬ ‫و ُيألق الن‬
‫تعالى ‪.-‬‬

‫‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬لمِْك عنلرةٌ كَِممَِلةٌ [ال قنرة‪،]196:‬‬ ‫ومن أمثلة الن‬
‫فقُ أوج‪ ،‬على َمن ل يجُ الهُر أن يصوم عشرة أيام كاملة‪ ،‬فهنو ينُل‬
‫علنى أننه يجنن‪ ،‬علينه أن يصننوم عشنرة‪ِ ،‬ل أن يصنوم أحننُ عشنر يو ًمننا‪ ،‬أو‬
‫تسعة أيام‪ ،‬فاللفظ هنا ِل يُتمل إِل معنًى واحًُ ا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪200‬‬
‫؛ ْلنه ِل يُتمل إِل‬ ‫وكذلك قوله ‪« :‬وم الركاز الخم » فهو ن‬
‫معنًى وحنًُ ا‪ ،‬وكنذا ناار اْلعنُاد كسن عٍ‪ ،‬وعشنرة‪ ،‬وماانة‪ ،‬وألنف‪ ،‬فهني‬
‫نصوص م دِلِلهتا‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬تعري ًفنا آخنر فقنال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪َ - -‬رح َمن ُه ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ذكر له ُ‬
‫(وقيل‪َ :‬ما َت ْأ ِويله َتن ِْزيله)‪ ،‬ومعناه‪ :‬ما يعنرف معنناه بمجنرد نماعه‪ ،‬فهنذا‬
‫َ‬
‫معنى قوله ‪ :‬ما تأويله تنزيلنه‪ ،‬وهنذا التعرينف فينه ن نر؛ ْلننه ينُخل فينه‬
‫أيضا‪ ،‬فال اهر يعرف معناه بمجرد ماعه‪.‬‬
‫ال اهر ً‬
‫ما ِل يُتمنل إِل‬ ‫والصواو‪ :‬هو التعريف هو اْلول؛ وهو‪ :‬أن الن‬
‫معنًى واحًُ ا‪.‬‬
‫المصنِّف عن التعريف الثناين بقولنه‪( :‬وقينل) لإلشنارة إلنى‬
‫وقُ ع َّر ُ‬
‫ضعف هنذا التعرينف؛ ْلن الغالن‪ ،‬أن العلمناء يألقنون "قينل" للُِللنة‬
‫على ضعف المقول‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من ال او السنادس والسنابع انتقنل‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫للكالم على ال او الثامن والتا ع وهما‪ :‬ال اهر والمؤول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪201‬‬
‫وال اهر م لغة العرو يألق على معنيين‪:‬‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬الواضنح‪ُ ،‬يقنال‪ :‬ظهنرت الثمنرة‪ ،‬يعنني‪ :‬وضنُت‬
‫وبانت‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الثاين‪ :‬المرتفع‪ .‬يقال‪ :‬ظهر زيُ على قومه‪ .‬يعنني‪ :‬ارتفنع‪،‬‬

‫ومنه قوله تعالى‪{ :‬لميُظْهِرهُ عٍَِ الَِّينِ كُِِّهم [التوبة‪ ،]33:‬يعني‪ :‬ليرفعه‪.‬‬
‫وعنُ اْلصوليين‪ :‬هنو منا احتمنل معنينين فنأكثر‪ ،‬أحنُها أرجنح منن‬
‫انخر‪.‬‬
‫ومعناه‪ :‬أن ال اهر ِلبُ أن يُتمنل أكثنر منن معننى‪ ،‬لكنن أحنُ هنذه‬
‫المعاين أرجح من المعاين اْلخرى‪.‬‬
‫حنُهما‬‫احتمل َأمنر ْين َأ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اهَّلل‪ -‬بقوله‪َ ( :‬ما ْ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ عرفه ُ‬
‫أظهر من انخر)‪.‬‬
‫ِل‬ ‫؛ ْلن النن‬ ‫احتمل َأمر ْين) هنذا يُنكز بنه عنن النن‬
‫فقولنه‪َ ( :‬ما ْ‬
‫يتأرق إليه اِلحتمال‪.‬‬
‫وقولننه‪َ ( :‬أمننر ْين) كننان ين غنني لننه أن يقننول‪ :‬فننأكثر؛ ْلن اِلحتمننال م‬
‫ال اهر ِل ينُصر م أمرين فقب‪ ،‬بل قُ يكون بين أمرين‪ ،‬وقُ يكون بنين‬
‫أكثر من أمرين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪202‬‬
‫وقوله‪َ ( :‬أ َحُُ ُه َما َأ ْظ َه ُر مِ َن ْان َخ ِر) هذا يُكز بنه عنن المجمنل؛ ْلن‬
‫المجمل تكون المعاين فيه متساوية‪ِ ،‬ل يكجح فيها معنًى على َيره‪.‬‬

‫المصنِّف أنه عل بقوله‪َ ( :‬أ ْظ َه ُر) وهذا يسمى ً‬


‫دورا؛ ْلن‬ ‫ويؤخذ على ُ‬
‫الننُور هننو ذكننر المعن َّنرف أو بعننض المشننتقات م التعريننف‪ ،‬وهننو عنننُ‬
‫اْلصوليين يعتل عي ًا م التعريف؛ ْلنه ِل يُصل به التعريف‪.‬‬
‫فالمقصود من التعريفنات‪ :‬اإليضناح وال ينان‪ ،‬والنُور ِل يتُقنق بنه‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ار» فن «ا ْل يع ِ‬
‫نان» ظناهر م‬ ‫ان بِا ْل ِ‬
‫خ َي ِ‬ ‫ومن أمثلة ال اهر‪ :‬قوله ‪« :‬ا ْل يع ِ‬
‫َ ِّ َ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫أن المراد المتعاقُان‪ :‬ال نااع والمشنكر‪ِ ،‬ل المتسناومان‪ ،‬فيكنون تفسنير‬
‫نورا أر‪:‬‬
‫ناهرا‪ ،‬ويكنون تفسننيره بالمتسنناومين م هن ً‬
‫ال يعنين بالمتعاقننُين ظن ً‬
‫مرجوحا‪.‬‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكننذلك قولننه ‪َ « :‬ت َو َّض ن ُئوا م َّمننا َم َّسننت النَّن ُ‬
‫نار»‪ ،‬فال نناهر أن المننراد‬
‫بالوضننوء هنننا الوضننوء الشننرعي‪ِ ،‬ل الوضننوء اللغننور الننذر هننو بمعنننى‬
‫الن افة والنزاهة من اْلقذار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪203‬‬
‫وأكثر نصوص الشريعة من ق يل ال اهر‪ ،‬فالعام دِللته دِللة ظناهرة‪،‬‬
‫واْلمر دِللته دِللة ظاهرة‪ ،‬والمنأوق والمفهوم دِللتهما دِللنة ظناهرة‪،‬‬
‫والمألق والمقيُ دِللتهما دِللة ظاهرة‪ ،‬فأكثر نصوص الشنريعة دِللتهنا‬
‫من ق يل دِللة ال اهر‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬لكن ظهوره‬
‫ولما ذكر ال اهر ذكر المؤول؛ ْلن المؤول ظاهر ً‬
‫من جهة اللفظ وإنَّما هو من جهة دلي ٍل خارجي‪.‬‬ ‫لي‬
‫والمؤول م لغة العرو‪ :‬مأخوذ من اْلَ ْو ِل وهنو الرجنوَ‪ ،‬تقنول‪َ :‬آل‬
‫اْلمر إلى كذا‪ .‬يعني‪ :‬رجع إليه‪.‬‬
‫أ َّما م اصأالح اْلصوليين فالمؤول‪ :‬هو اللفظ النذر ُصنرف معنناه‬
‫من اِلحتمال الراجح إلى اِلحتمال المرجوح لُليل‪.‬‬
‫‪ ‬قال‪ :‬كان الن ي ‪ ،‬وأبنو‬ ‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬ما جاء م حُيث أن‬

‫بكر‪ ،‬وعمر يفتتُون الصالة بن {اًمَ هلل رب الدِملَ ‪ ،‬فالصالة المعنى‬


‫الننراجح فيهننا الع ننادة المعروفننة‪ ،‬والمعنننى المرجننوح فيهننا القننراءة‪ ،‬وقننُ‬
‫ُحمل الُُيث على المعنى المرجوح وهو القنراءة لنُليل‪ ،‬وهنذا النُليل‬
‫هننو حننُيث عااشننة ‪-‬رضنني اهَّلل عنهننا‪ -‬أن الن نني ‪ ‬كننان يفتننتح الصننالة‬

‫بالتك ير والقراء َة بن {اًمَ هلل رب الدِملَ ‪.‬‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪204‬‬
‫‪ :‬كنان الن ني ‪ ،‬وأبنو بكنر‪ ،‬وعمنر‬ ‫َّ‬
‫فُل ذلك علنى أن قنول أنن‬

‫يفتتُننون الصننالة بننن {اًمللَ هلل رب الدللِملَ أن المننراد بالصننالة هنننا‬


‫القراءة‪ ،‬فهننا ُصنرف اللفنظ عنن المعننى النراجح إلنى المعننى المرجنوح‬
‫تأويال‪.‬‬
‫ً‬ ‫لُليل‪ ،‬وهذا يسمى‬
‫والتأويل ظاهر لكنه ظاهر بالُليل‪ ،‬ولهنذا ِل ُيألنق علينه ال ناهر إِل‬
‫بتقييُه بُليل‪.‬‬
‫وأ َّما ال اهر إِل ُأطلق فالمراد به ال اهر من جهة اللفنظ‪ ،‬والتأوينل ِل‬
‫يصح إِل بثالثة قيود ذه ية جوهرية‪ ،‬ومعرفنة هنذه القينود مهمنة؛ ْلننه إذا‬
‫والسنَّة من َينر مراعناة هنذه القينود ترتن‪،‬‬
‫حصل تأويل نصوص الكتاو ُ‬
‫على ذلك فساد ع ي ‪ ،‬وهو فساد الشريعة‪ ،‬ودخول تأويل المتأولين فيها‬
‫من َير قيُ وِل شرط‪.‬‬
‫مُتمال للتأوينل‪ ،‬فنإن‬
‫ً‬ ‫‪ -‬أول هذه الشروط للتأويل‪ :‬أن يكون اللفظ‬
‫نصنا فإننه ِل يجنوز تأويلنه‪ ،‬فنإ ًذا التأوينل ِل يكنون إِل إذا كنان‬
‫كان اللفنظ ً‬
‫مُتمال‪.‬‬
‫ً‬ ‫اللفظ‬
‫مُنتمال‬
‫ً‬ ‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬أن يوجُ دليل علنى هنذا التأوينل‪ ،‬فنإذا كنان اللفنظ‬
‫لكن ِل دليل على التأويل فإن التأويل ِل يصح‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪ :‬أِل يوجُ مانع يمنع هذا التأويل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪205‬‬
‫فإذا تُققت هذه الشروط فإن التأويل يكون معتلًا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ِل يكون‬ ‫وإذا انتفت هذه الشروط أو انتفى بعضها فإن التأويل‬
‫معتنلًا‪ ،‬بننل ُيسننمى عنننُ علمناء اْلصننول با ن وهننو "التأويننل اللعنن‪"،‬‬
‫ُيسمى لع ًا‪.‬‬

‫ومننن أمثلننة ذلننك‪ :‬تأويننل الرافضننة لقولننه تعننالى‪{ :‬إِنَّ الِقلله يلأْمُرُكُدْ أَنْ‬
‫ِ‬
‫لَلذْبحُوا بَِللرةً بننأن ال قننرة هنني عااشننة – َرضن َني ُ‬
‫اهَّلل َعن َْهننا– هكننذا قننالوا ‪-‬‬
‫ق ُه اهَّلل‪.-‬‬

‫وتأويننل بعننض المعاصننرين لقولننه تعننالى‪{ :‬أبِبيللًّ بننأن المننراد‬


‫الجُرر‪ ،‬وهذا مخالف ل اهر انية‪ ،‬ول يقن علينه‬
‫باْلبابيل‪ :‬هو مرض ُ‬
‫دليل‪ ،‬فيكون لع ًا مردو ًدا على قااله‪.‬‬
‫تنراَ‬
‫َ‬ ‫فإ ًذا معرفة هذه القيود الثالثة مهمنة جنًُ ا للتأوينل؛ ْلهننا إذا لن‬
‫أدى ذلنك إلننى فسناد النصننوص‪ ،‬وإذا فسنُت نصننوص الشنريعة فسننُت‬
‫الشريعة بأ رها‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م [الصواعق المر نلة] التأوينل ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫ولهذا عََُّ ابن القي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أر‪ :‬الفا ُ‪ -‬طاَو ًتا من الأواَيت التي يج‪ ،‬كسرها‪.‬‬
‫وما دخل كثير من ال َُ م هذا الُين إِل بسن ‪ ،‬التنأويالت الفا نُة‬
‫التي ل تتُقق فيها القيود الثالثة التي ق ذكرها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪206‬‬
‫اهَّلل‪ -‬مننن ال نناو التا ننع عقننُ ال نناو‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫ولمننا فننرغ ُ‬
‫العاشر م اْلفعال‪.‬‬
‫والمننراد باْلفعننال‪ :‬أفعننال الن نني ‪ ،‬فننن "أل" م قننول المصنننف‪:‬‬
‫(اْلفعال) ما نوعها؟ "أل" اِل تغراقية‪ ،‬يعني‪ :‬أفعال جميع الناس‪ ،‬هنذا‬
‫مقتضى كوهنا ا تغراقية‪ ،‬أو جميع أفعال الن ي ‪.‬‬
‫"أل" هنا عهُية‪ ،‬من أر أننواَ العهنُ؟ ْلن العهنُ قنُ يكنون عهنًُ ا‬
‫ذكر ًيا‪ ،‬وقُ يكون عهًُ ا ذهن ًيا‪ ،‬وقُ يكون عهًُ ا حضور ًيا‪.‬‬
‫او ُأ ُص ِ‬
‫نول‬ ‫(و َأ ْب َنو ِ‬
‫العهُ هنا عهنُ ذكنرر؛ ْلننه قنال م أول الكتناو‪َ :‬‬
‫ا ْل ِف ْق ِه) وذكر منها اْلفعال‪ ،‬ث قال هنا‪( :‬اْلفعال) يعني‪ :‬التي تقُم ذكنره‪،‬‬
‫فالمراد باْلفعال هنا‪ :‬أفعال الن ي ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬الكننالم علننى أفعننال‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫وكننان ين غنني أن يننؤخر ُ‬
‫الن ي ‪ ‬إلى م ُث اْلخ ار؛ ْلن اْلفعال قس من أقسام ُ نة الن ي ‪.‬‬
‫السننَّة‬
‫كثينرا منن ُ‬
‫وم ُث اْلفعال من أه م احث أصول الفقه؛ ْلن ً‬
‫من ق يل اْلفعال‪ ،‬ولهذا ُعنني اْلصنوليون ب ناو أفعنال الن ني ‪ ،‬وألفنوا‬
‫فيهنا تننآليف مسننتقلة منهننا كتنناو [المُ َّقننق مننن أفعننال الر ننول ‪ ]‬لع ننُ‬
‫الرحمن بن أبي شامة‪ ،‬وهو من تالميذ العز بن ع ُ السالم‪ ،‬ومنهنا كتناو‬
‫[أفعال الر ول ‪ ]‬للُكتور مُمُ اْلشقر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪207‬‬
‫وباو اْلفعنال كمنا قلننا‪ :‬بناو مهن جنًُ ا‪ ،‬وقنُ ذكنر لنه اْلصنوليون‬
‫اهَّلل‪ -‬ذكر هنا خالصة مختصرة جًُ ا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أقسام كثيرة‪ُ ،‬‬
‫اهَّلل‪ :-‬أن أفعال الن ني ‪ِ ‬ل تخلنو‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫وحاصل ما ذكر ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬وإِل‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫من قسمين – نُن نختصنر علنى منا أورد ُ‬
‫فإن م ُث أفعال الن ي ‪ ‬له أقسام كثيرة‪ ،‬ومعرفتها م َاية اْلهمية‪ ،‬وأنا‬
‫أدعوك كأالو عل إلى أن تعنَوا هبذا الم ُث‪ ،‬فإنه م ُث جليل جًُ ا‪،‬‬
‫المصننِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫ويكت‪ ،‬عليه فقه كثينر‪ ،‬لكننا نختصنر علنى منا أورد ُ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬
‫ُ‬
‫وحاصل كالمه‪ :‬أن أفعال الن ي ‪ِ ‬ل تخلو من قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القسننن اْلول‪ :‬أن تكنننون علنننى وجنننه ال ُقربنننة والأاعنننة‪ ،‬والقربنننة‬
‫والأاعة معناهما واحُ‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬أن تكون على َير وجه القربة والأاعة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪208‬‬
‫فأ َّمننا القس ن اْلول – وهننو أفعننال الن نني ‪ ‬التنني عل نى وجننه القربننة‬
‫أيضا من حالين‪:‬‬
‫والأاعة – فال تخلو ً‬
‫‪ -‬الُننال اْلول‪ :‬أن تكننون خاصننة بننالن ي ‪ ،‬وذلننك مثننل إباحننة‬
‫الوصال م الصيام من َينر كراهنة‪ ،‬ووجنوو إنكنار المنكنر ‪ ‬علنى كنل‬
‫ٍ‬
‫حال‪ ،‬وإباحة النكاح بلفظ اله ة‪ ،‬أو بغير ولي وِل شهود‪ ،‬فهنذه كلهنا منن‬
‫الن ي ‪.‬‬ ‫خصاا‬
‫الن ني ‪ ‬م كتناو [النكناح] وقنُ ألنف‬ ‫والفقهاء ي ُثنون خصناا‬
‫الكننلى] ذكننر فيننه‬ ‫اهَّلل‪ -‬كتا ًبننا ننماه [الخصنناا‬ ‫ِ‬
‫السننيوطي ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫الن ي ‪.‬‬ ‫خصاا‬
‫فإ ًذا الُال اْلولى‪ :‬أن تكون خاصة بالن ي ‪.‬‬
‫وحكمها حينئذٍ‪ :‬أنه ِل ُيتأ ى بالن ي ‪ ‬فيها‪ ،‬واْلصل م أفعاله عُم‬
‫الخصوصننية‪ ،‬ولهننذا يقننول اْلصننوليون‪ :‬القاعننُة م أفعننال الن نني ‪ ‬أن‬
‫اْلصل التأ ي به‪ ،‬فاْلصل عُم الخصوصية‪ ،‬وِل تث نت الخصوصنية إِل‬
‫أو التقييننُ أو التأويننل إِل بننُليل‪،‬‬ ‫بننُليل‪ ،‬كمننا أنننه ِل يث ننت التخصنني‬
‫فكذلك ِل تث ت الخصوصية إِل بُليل‪.‬‬
‫دل عليها دليل ُعمل بنه‪ ،‬وإن لن يوجنُ ٌ‬
‫دلينل علنى الخصوصنية‬ ‫فإن َّ‬
‫فإن اْلصل التأ ي بالن ي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪209‬‬
‫ومننن أمثلننة مننا َّ‬
‫دل الننُليل علننى خصوصننية الن نني ‪ ‬بننه‪ :‬مننا جنناء م‬
‫اهَّلل َعن َْهننا‪ -‬أن الن نني ‪ ‬كننان يصننلي ركعتننين بعننُ‬ ‫ِ‬
‫حننُيث عااشننة ‪َ -‬رضن َني ُ‬
‫ناص بننه‪ ،‬والننُليل علننى‬
‫صننالة العصننر‪ ،‬فهننذا فعننل مننن الن نني ‪ ‬وهننو خن ٌ‬
‫خصوصيته به قوله ‪َِ « :‬ل َص َال َة َب ْعَُ ا ْل َع ْص ِر َح َّتى َت ْغ ُر َو َّ‬
‫الش ْم ُ » ولوِل‬
‫الش ْم ُ » لقلنا‪ :‬إنه ُيشرَ لنا أن‬ ‫قوله ‪َِ « :‬ل َص َال َة َب ْعَُ ا ْل َع ْص ِر َحتَّى َت ْغ ُر َو َّ‬
‫نصلي ركعتين بعُ صالة العصر؛ ْلن اْلصل م أفعال الن ي ‪ ‬التأ ي‪.‬‬
‫‪ -‬هذه هي الُنال اْلولنى منن القسن اْلول‪ :‬اْلصنل م النصنوص‬
‫اإلحكام‪ ،‬وِل نث ت النس إِل إذا ل يمكن الجمع‪.‬‬
‫نوَ من أنواَ الجمع‪ ،‬والنسن‬
‫والقول بأن هذا خاص بالن ي ‪ ‬هذا ٌ‬
‫ِل ُيصار إلينه إِل إذا عجزننا عنن الجمنع‪ ،‬والجمنع هننا ممكنن؛ هنذه هني‬
‫الُال اْلول من القس اْلول‪.‬‬
‫‪ -‬الُال الثانية من القسن اْلول‪ :‬أن ِل ينُل دلينل علنى اختصناص‬
‫ً‬
‫مُمنوِل علنى الوجنوو‪ ،‬أو‬ ‫الن ي ‪ ‬هبذا الفعل‪ ،‬فيكون حكن الن ني ‪‬‬
‫على النُو أو يتوقف فيه؟ هذا مُل خالف قنور بنين علمناء اْلصنول‪،‬‬
‫فقنننُ اختلنننف اْلصنننوليون م فعنننل الن ننني ‪ ‬إذا لننن يكنننن علنننى وجنننه‬
‫لشيء مجمل على أر شيء يُمل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الخصوصية‪ ،‬ول يكن بيانًا‬
‫اهَّلل‪ -‬م ذلك ثالثة أقوال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ذكر ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪210‬‬
‫‪ -‬القننول اْلول‪ :‬أهنننا تُمننل علننى الوجننوو؛ وقننُ ذهنن‪ ،‬إلننى هننذا‬
‫جمهور اْلصوليين‪ ،‬وبننا ًء علنى هنذا يجن‪ ،‬عليننا أن نفعنل مثنل منا فعنل‬
‫الن ي ‪.‬‬
‫وا تُلوا على ذلك بأدلة‪:‬‬

‫منها‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬قًُّْ إِنْ كُاْتُدْ لُحم هون الِقه فَلِلق ِدُوفمي يُحْ ِل ْكُدُ الِقلهُ [آل‬

‫عمران‪ ،]31:‬فقوله‪{ :‬فَِلق ِدُوفمي هذا أمر‪ ،‬والقاعُة "أن اْلمر المألنق‬
‫يقتضي الوجوو"‪ ،‬ومن ات اَ الن ي ‪ ‬ات اعه م أفعاله‪.‬‬

‫وكذا قوله تعالى‪َ{ :‬مِ نلَِكُدُ الرَّسُو ُ فَهُذَُهُ [الُشر‪ ،]7:‬فهذا أمر‪،‬‬
‫واْلصل‪ّ :‬‬
‫أن اْلمر المألق يقتضي الوجوو‪ ،‬وأفعال الن ي ‪ ‬مما آتانا‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬أن أفعاله التي ليست على وجه الخصوصية وليسنت‬
‫بيانًا تُمل على النُو‪ ،‬وهذا اختناره جماعنة منن المُققنين منن علمناء‬
‫اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪211‬‬
‫وا ننتُلوا علننى ذلننك‪ :‬بن ّ‬
‫نأن فعننل الن نني ‪ ‬لننه يخرجننه عننن الكراهننة‬
‫مكروها‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن فعل الن ني ‪ ‬إذا‬ ‫ً‬ ‫والتُري ؛ ْلنه ‪ِ ‬ل يفعل حرا ًما وِل‬
‫ل يكنن بيانًنا‪ ،‬وظهنر مننه قصنُ القربنة فإننه يُمنل علنى الننُو‪ ،‬وهنناك‬
‫اهَّلل‪ -‬وذكرهننا َيننره مننن‬ ‫ِ‬
‫المصنننِّف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫أقننوال أخننرى صننفح عنهننا ُ‬
‫اْلصوليين‪.‬‬
‫اهَّلل َعن َْها– أن الن ي‬ ‫ِ‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬ما جاء م حُيث عااشة – َرض َي ُ‬
‫‪ ‬كان إذا دخل بيته أول شيء ي ُأ به السواك‪.‬‬
‫وكذلك ما جاء م حنُيث أبني نعيُ الخنُرر ‪ّ ‬‬
‫أن الن ني ‪ ‬كنان‬
‫يخرج يوم الفأر واْلضُى‪ ،‬فأول شيء ي ُأ به الصالة‪.‬‬
‫وقُ أخذ الفقهاء من هذا أنه ُيستُ‪ ،‬لإلمنام أن يتنأخر؛ حتنى يكنون‬
‫ٍ‬
‫شيء ي ُأ به الصالة‪.‬‬ ‫أول‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬وكذلك ما جناء م حنُيث أبني هرينرة ‪ ‬أن الن ني‬
‫كان إذا خرج للعيُ من طرينق رجنع منن طرينق آخنر‪ ،‬فهنذا الفعنل ُيشنعر‬
‫بقصُ القربة‪ ،‬ولهذا ن َّ الفقهاء على أنه يستُ‪ ،‬ذلك؛ هنذا هنو القسن‬
‫اْلول‪ ،‬وهو‪ :‬ما كان على وجه القربة والأاعة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪212‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬ما كان على َير وجه القربنة والأاعنة‪ ،‬وهنذا ُيسنمى‬
‫أيضنا علنى‬
‫عنُ اْلصوليين بالفعل المجرد‪ ،‬وقُ اختلف فينه اْلصنوليون ً‬
‫اهَّلل‪ -‬من أنه ُيُمل علنى‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أقوال ٍكثيرة‪ ،‬والتُقيق ما ذكر ُ‬
‫اإلباحة؛ وذلك ْلن فعل الن ي ‪ ‬له يخرجه عن التُري والكراهة؛ ْلننه‬
‫مكروهننا‪ ،‬واْلصننل عننُم الثننواو علننى الفعننل أو‬
‫ً‬ ‫ِل يفعننل مُر ًمننا وِل‬
‫العقاو على الكك‪ ،‬وهذا هو معنى اإلباحة‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬ما جاء أن الن ي ‪ ‬كنان يأكنل القثناء بالرطن‪ ،،‬ومنا‬
‫ج نة شنامية ضنيقة‬ ‫ث ت أنه شرو الل ن بالعسل‪ ،‬وأنه احتج ‪ ،‬وأننه لن‬
‫الكمين‪ ،‬فهذه كلها أفعال من الن ي ‪ ‬ل ي هر فيها قصُ القربة والأاعة؛‬
‫فتُُمل على اإلباحة‪.‬‬
‫وكذلك قعنود الن ني ‪ ‬وقيامنه‪ ،‬وأكلنه وشنربه‪ ،‬ول سنه‪ ،‬فهني أفعنال‬
‫ُتُمل على اإلباحة‪ ،‬إِل أنه قُ يتعلق هبذا الفعل صفة مألوبة‪ ،‬كأن يكون‬
‫اْلكل باليمين‪ ،‬أو أن يكون اِلضأجاَ على الجن‪ ،‬اْليمن‪ ،‬فتكون هذه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مألوبة‪ ،‬أ َّما الفعل فيكون على أصل اإلباحة‪.‬‬ ‫الصفة‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪213‬‬
‫اهَّلل‪ -‬وهنناك مسناال كثينرة‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫هذا هو حاصل ما ذكر ُ‬
‫تتع َّلننق بأفعننال الن نني ‪ ،‬معرفتهننا وفقههننا م َايننة اْلهميننة‪ ،‬يجنن‪ ،‬علننى‬
‫طالنن‪ ،‬علنن الشننريعة أن ُيعنننى هبننا‪ ،‬وِل ينا نن‪ ،‬كالمهننا م شننرح هننذا‬
‫المختصر؛ ْلن الوقت ِل يأذن بذلك‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منن الكنالم علنى أفعنال الن ني ‪‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولما فنرغ ُ‬
‫واختصار شُيُ انتقل للكالم على إقرار الن ي ‪ ،‬و نتكل علينه‬‫ٍ‬ ‫بإيجاز‬
‫م لقاانا القادم‪ ،‬واهَّلل أعل ‪ ،‬وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪214‬‬
‫الش ِريعة على ال َقول الص ِ‬
‫ادر من أحُ ُه َو َقول َصاح‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َوإِ ْق َرار َصاح‪َ َّ ،‬‬
‫الش ِري َعة َوإِ ْق َراره على ا ْل ِف ْعل ك َِف ْعلِ ِه‪.‬‬
‫َّ‬
‫َو َما ُفعل فِي وقته فِي َير َم ْجلِسه َوعل بِ ِه َول ُينكره َفُكمه حك َما‬
‫فعل فِي َم ْجلِسه‪.‬‬

‫المصننِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬


‫فكنا قُ بُأنا م در نا السابق الكالم علنى كنالم ُ‬
‫اهَّلل ‪-‬على اْلفعال‪ ،‬ولمنا بن َّين أقسنام أفعنال الن ني ‪ ‬علنى وجنه اإليجناز‬
‫ُ‬
‫واِلختصار ختمها بالكالم على اإلقرار‪.‬‬
‫ووجه ذلك‪ّ :‬‬
‫أن اإلقرار نوَ من أنواَ أفعال الن ي ‪.‬‬
‫قنرر‪،‬‬
‫أقنر‪ ،‬وأ َّمنا التقرينر فهنو مصنُر َّ‬
‫واإلقرار م لغة العرو‪ :‬مصُر ّ‬
‫ومادته تنُور علنى النكك‪ ،‬تقنول‪ :‬أقنررت الأينر م وكنره‪ .‬يعنني‪ :‬تركتنه‪،‬‬
‫فمادة القاف والراء تُور على الكك‪.‬‬
‫وأ َّما اإلقرار عنُ اْلصوليين فمعناه‪ :‬ترك اإلنكار‪ ،‬بمعنى‪ْ :‬‬
‫أن يسنمع‬
‫فعال فيكك إنكاره‪.‬‬
‫الن ي ‪ ‬شي ًئا أو يرى ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪215‬‬
‫اهَّلل ‪-‬له صورتان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وإقرار الن ي ‪ ‬على ما ذكر ُ‬
‫شيء حصل م مجلسه ‪ ‬من ٍ‬
‫قول أو‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬الصورة اْلولى‪ :‬إقراره على‬
‫فعنال فينكك‬
‫قوِل فينكك إنكناره‪ ،‬أو ينرى ً‬ ‫فعل‪ ،‬وذلك ْ‬
‫بأن يسمع الن ي ‪ً ‬‬
‫إنكاره‪ ،‬هذه هي الصورة اْلولى‪.‬‬
‫أقنر علينه الن ني ‪ ‬منن‬
‫وحكمها‪ :‬أهنا تكون ُح َّجة على الوجنه النذر َّ‬
‫وجوو أو نُو أو إباحة‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬المثننال اْلول‪ّ :‬‬
‫أن الن نني ‪ ‬أقننر خالننًُ ا ‪ ‬لمننا أكننل الضنن‪ ،‬علننى‬
‫ٍ‬
‫شيء م اح‪.‬‬ ‫إقرار على‬
‫مااُته ‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫‪ -‬المثننال الثنناين‪ :‬وكننذلك إقننرار الن نني ‪ ‬الصننُابي الننذر قننال بعننُ‬
‫كثيرا طي ًا م اركًا فيه"‪ ،‬فهذا إقرار على‬
‫الركوَ‪" :‬ربنا لك الُمُ‪ ،‬حمًُ ا ً‬
‫ٍ‬
‫شيء منُوو‪.‬‬
‫‪ -‬المثال الثالث‪ :‬وكذلك إقرار الن ي ‪ ‬الجارية لما ألها فقال لها‪:‬‬
‫« َأي نن اهَّلل؟» فقالننت‪ :‬م السننماء‪ .‬فهننذا إقننرار علننى شن ٍ‬
‫نيء واجنن‪،‬؛ وهننو‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫اعتقاد ّ‬
‫أن اهَّلل ‪ ‬م السماء‪.‬‬
‫أن يقننر الن نني ‪ ‬علننى شن ٍ‬
‫نيء‬ ‫فننإ ًذا هننذه هنني الصننورة اْلولننى‪ ،‬وهنني‪ْ :‬‬
‫حصل م مجلسه من ٍ‬
‫قول أو فعل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪216‬‬
‫هَّلل ‪-‬بقوله‪( :‬فِي َم ْجلِسه) أر‪ :‬بين يُيه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ا ُ‬
‫ومقصود ُ‬
‫وا ًء أكان م بيته ‪ ‬أم كان م مسجُه ‪ ،‬أم كان م ٍ‬
‫نفر منن اْل نفار‪،‬‬
‫أم كان م َير ذلك‪.‬‬
‫الش ِريعة علنى ال َقنول الص ِ‬
‫نادر منن‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫(وإِ ْق َرار َصاح‪َ َّ ،‬‬
‫المصنِّف‪َ :‬‬
‫وقول ُ‬
‫الش ِري َعة) معناه‪ّ :‬‬
‫أن ذلك ُح َّجة ن ير قول الن ي ‪.‬‬ ‫أحُ ُه َو َقول َصاح‪َّ ،‬‬
‫فإقراره ُيُتج به ن ينر قولنه‪ ،‬فكمنا ّ‬
‫أن القنول ُح َّجنة فكنذلك اإلقنرار‬
‫ُح َّجة‪ ،‬فالكناف هننا للتن ينر‪ِ ،‬ل بمعننى‪ّ :‬‬
‫أن إقنرار الن ني ‪ ‬يكنون بمنزلنة‬
‫قوله؛ ّ‬
‫ْلن اإلقرار أدنى رت ة من القول‪.‬‬
‫الش ِنري َعة)‪ ،‬معنناه‪ّ :‬‬
‫أن ذلنك ُح َّجنة ن ينر قنول‬ ‫فقوله‪( :‬ك َقول َصاح‪َّ ،‬‬
‫مقصوده‪ :‬أن اإلقرار يكون بمرت نة‬ ‫صاح‪ ،‬الشريعة وهو الن ي ‪ ،‬ولي‬
‫قول الن ي ‪ ،‬فإن بينهما فر ًقا‪ ،‬فالقول أعلى مرت ة من اإلقنرار؛ هنذه هني‬
‫الصورة اْلولى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شنيء حصنل م َينر مجلسنه‪،‬‬ ‫‪ -‬الصورة الثانية‪ :‬إقرار الن ي ‪ ‬على‬
‫ٍ‬
‫شيء م‬ ‫بأن يُصل‬‫فعال‪ ،‬وذلك ْ‬ ‫بأن يسمع الن ي ‪ً ‬‬
‫قوِل‪ ،‬أو يرى ً‬ ‫وذلك ْ‬
‫الن ي ‪ ،‬و ُيعل به ويكك إنكاره‪.‬‬ ‫َير مجل‬
‫وحك هذه الصورة‪ :‬مثنل حكن الصنورة اْلولنى‪ ،‬فهني ُح َّجنة علنى‬
‫أقر عليه الن ي ‪.‬‬
‫الوجه الذر َّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪217‬‬
‫ومثالها‪ :‬إقنرار الن ني ‪ ‬صناح‪ ،‬السنرية النذر كنان يقنرأ ْلصنُابه‬

‫السننورة‬ ‫فيخننت بقولننه تعننالى‪{ :‬قللًّ هللو اهلل أحللَ * اهلل الصللمَ ‪. .‬‬
‫الكريمة‪.‬‬
‫الن ي أو م َينر مجلسنه؟ م َينر‬ ‫ٍ‬
‫لشيء حصل م مجل‬ ‫إقرار‬
‫فهذا ٌ‬
‫مجلسه‪ ،‬و ُعلِ به وترك إنكاره‪.‬‬
‫(وعل بِ ِه) فيه بيان شرط من شروط اإلقرار‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫المصنِّف‪َ :‬‬
‫وقول ُ‬
‫عل الن ي ‪ ‬بالشيء الم َق ِّنر علينه؛ ّ‬
‫ْلن منا لن يعلن بنه الن ني ‪ِ ‬ل يصنح‬
‫أن ما ل يقله أو ل يفعله ِل يصح نس ته إليه‪.‬‬ ‫نس ته إليه‪ ،‬كما ّ‬
‫ٍ‬ ‫(وعل بِ ِه) هذا فيه بيان‬ ‫ِ‬
‫شنرط منن‬ ‫اهَّلل –‪َ :‬‬ ‫فإ ًذا قول ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫شروط اإلقرار‪ ،‬وهو‪ :‬عل الن ي ‪ ‬بالمقر عليه‪ ،‬فمنا لن َيعلن بنه فإننه ِل‬
‫أن ُينس‪ ،‬إليه‪ ،‬كما ل يقله أو ل يفعله فإنه ِل يصح ْ‬
‫أن ُينس‪ ،‬إليه‪.‬‬ ‫يصح ْ‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬كما وقع م عهُ الن ي ‪ ‬ول ُينقنل لننا أننه علن بنه؛‬
‫فُكمه أنه ين ر فينه‪ْ :‬‬
‫فنإن كنان مثلنه ِل يخفنى علنى الن ني ‪ ‬فإننه يكنون‬
‫أن معنا ًذا‬
‫ُح َّجة إلقرار الن ي ‪ ‬له؛ ْلن مثله ِل يخفى‪ ،‬وذلك مثل ما ث نت ّ‬
‫‪ ‬كان يصلي مع الن ي ‪ ‬صالة العشاء‪ ،‬ث يذه‪ ،‬إلى قومه فيصلي هب‬
‫تلك الصالة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪218‬‬
‫ّ‬
‫وْلن المُينة صغيرة‪،‬‬ ‫فمثل هذا ِل يخفى على الن ي ‪ ‬لتكرر ذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫وْلن أامتهننا معننُودون معلومننون‪ ،‬فمثننل هننذا ِل يخفننى علننى الن نني ‪،‬‬
‫فيكون ُح َّجة‪.‬‬
‫وطريق حجته‪ :‬إقرار الن ي ‪ ‬له‪.‬‬
‫اهَّلل‬ ‫ِ‬ ‫وأ َّمننا ْ‬
‫إن كننان مثلننه يخفننى‪ ،‬وذلننك مثننل عننزل الصننُابة ‪َ -‬رضن َني ُ‬
‫َعن ُْه ْ ‪-‬والمقصود بالعزل‪ :‬هو اإلنزال خارج الفرج‪ ،‬فال يكون ُح َّجنة منن‬
‫جهة إقرار الن ي ‪ْ ،‬‬
‫وإن كان يكون ُح َّجة من جهة إقنرار اهَّلل ‪ ‬لنه؛ ْلننه‬
‫لو كان ممنو ًعا ْلخل اهَّلل به ن يه ‪ ‬كما أخله بأحوال المنافقين‪.‬‬
‫ولهذا يقول جابر ‪ ‬كما م الصُيُين‪( :‬كنا نعزل والقرآن ينزل لو‬
‫الن ي ‪‬‬ ‫كان شي ًئا ُينهى عنه لنهى عنه القرآن)‪ ،‬فإ ًذا ما وقع م َير مجل‬
‫وعل به ول ينكره فإنه يكون ُح َّجة‪.‬‬
‫أ َّما ما وقع م عهُه ول ُينقل لنا أنه عل به فهنذا نن نر فينه‪ْ :‬‬
‫فنإن كنان‬
‫مثله يشتهر فإنه يكون ُح َّجة‪ ،‬وطريق حجته‪ :‬إقرار الن ي ‪ ‬بنأن مثنل هنذا‬
‫إن كان مثله يخفى فال يكون ُح َّجة من جهنة اإلقنرار‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ِل يخفى‪ ،‬وأ َّما ْ‬

‫كان يكون ُح َّجة من جهة إقرار اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪-‬؛ ْلنه لو كان ً‬
‫منكرا‬
‫لن يقننره اهَّلل ‪ ‬ويننكك إخ ننار ن يننه ‪ ‬بننه‪ ،‬كمننا أخننله بننأحوال المنننافقين‬
‫الخفية وأطلعه عليها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪219‬‬
‫هَّلل ‪-‬من الكالم علنى ال ناو العاشنر‬ ‫ِ‬ ‫وبعُ ْ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ا ُ‬
‫أن فرغ ُ‬
‫وهو أفعال الن ي ‪ ،‬وما يت عه من اإلقرار‪ ،‬انتقل للكنالم علنى ٍ‬
‫بناو مهن‬
‫وهو باو النس ‪ ،‬وهو ال او الُادر عشر من أبواو هذا الكتاو‪.‬‬
‫وم ُث النس من أه م احث أصول الفقنه‪ ،‬وذلنك لوقنوَ النسن‬
‫والمنسنوخ ربمنا أفسنُ النُين‪ ،‬ولهنذا‬ ‫م الشريعة‪ ،‬و َمن ِل يعرف النا‬
‫والمنسوخ؟ فقال‪ِ :‬ل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫لقاض‪ :‬هل تعرف النا‬ ‫ن ُِقل عن علي ‪ ‬أنه قال‬
‫فقال‪ :‬هلكت وأهلكت‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫وذلك ْلنه ربما قضى أو أفتى بُك منسوخ‪ ،‬وترك الُك النا‬
‫فيقع م الزي فيضل و ُيضل‪.‬‬
‫ّ‬
‫فننإن اْلصننوليين يعننُون معرفننة النا نن‬ ‫وْلهميننة م ُننث النسنن‬
‫والمنسوخ شر ًطا من شروط رت ة اِلجتهاد‪ ،‬فال ي ل أحنُ رت نة اِلجتهناد‬
‫والمنسوخ‪.‬‬ ‫إِل إذا كان ذا معرفة بالنا‬
‫والمنسوخ مؤلفات كثيرة‪ :‬من أحسننها‪:‬‬ ‫وقُ ألف العلماء م النا‬
‫م‬ ‫كتاو [اِلعت نار م النا ن والمنسنوخ] للُنازمي‪ ،‬فهنو كتناو نفني‬
‫هذا ال او‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪220‬‬

‫النّس‬

‫َوأما النّس َفم ْعنَاه ُل َغة‪ِ ْ :‬‬


‫اإل َزا َلة‪َ ،‬وقيل‪َ :‬م ْعنَا ُه النَّ ْقل من َق ْوله ‪ :‬نسخت‬ ‫َ‬
‫َما فِي َه َذا ا ْلكتاو‪َ .‬أر‪ :‬نقلته‪.‬‬
‫خ َأ ِ‬
‫او ا ْل ُم َت َقُّ م‬ ‫وحُه‪ُ :‬هو ا ْلخأاو الَُّ ال على رفع الُك ال َّثابِت بِا ْل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫على و ٍ‬
‫جه لوِله َل َك َ‬
‫ان َثابتا َم َع تراخيه َعن ُه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اهَّلل ‪-‬م مسألتين‪:‬‬ ‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫والنس تك ِّل عليه ُ‬
‫‪ -‬المسألة اْلولى‪ :‬تعريف النس ‪.‬‬
‫والنس م لغة العرو يألق على معنيين‪:‬‬
‫ال نل‪،‬‬ ‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬اإلزالة‪ ،‬ومنه قول العرو‪ :‬نسخت الشم‬
‫يعني‪ :‬أزالته‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الثاين‪ :‬النقل‪ ،‬ومنه قول العنرو‪ :‬نسنخت الكتناو‪ ،‬يعنني‪:‬‬
‫نقلته‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪221‬‬
‫وبعض اْلصوليين يعل فيقول ‪-‬كالغزالي والأوم‪ :-‬ما يش ه النقل‪،‬‬
‫وهذا تع ٌير دقيق؛ وذلك ّ‬
‫ْلن ما م الكتاو ل ُينقل‪ ،‬وإنَّما انتقلت صورته‬
‫ووجُ مثله م موض ٍع آخر‪.‬‬
‫فلهنذا يقولننون‪ :‬مننا يشن ه النقننل؛ ْلن مننا م الكتنناو المنقننول منننه لن‬
‫وإنما انتقلت صورته‪ ،‬ووجُ مثله م موض ٍع آخر‪.‬‬ ‫ينتقل َّ‬
‫(وقينل‪َ :‬م ْعنَنا ُه النَّ ْقنل) ينوه ّ‬
‫أن هنذا‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل –‪َ :‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقول ُ‬
‫أن أهنل اللغنة اختلفنوا‬‫ثان م معنى النس م لغة العرو‪ ،‬فهو يوه ّ‬ ‫قول ٍ‬

‫م معنى النس ‪:‬‬


‫‪ -‬فقال بعضه ‪ :‬النس معناه اإلزالة‪.‬‬
‫‪ -‬وقال بعضه ‪ :‬النس معناه النقل‪.‬‬
‫ً‬
‫قوِل آخر‪ ،‬وإنَّما هو معنًى آخنر منن معناين‬ ‫والصواو‪ّ :‬‬
‫أن النقل لي‬
‫النس اللغوية‪.‬‬
‫وقوله‪ (:‬من َق ْوله ‪ :‬نسخت َما فِي َه َذا ا ْلكتاو‪ )...‬إلن ‪ ،‬معنناه‪ :‬أننه‬
‫مشتق من قوله ‪ :‬نسخت ما م هذا الكتاو‪ ،‬ولو أننه قنال‪ :‬ومننه قنوله ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫أن أصل اِلشتقاق‬ ‫نسخت ما م هذا الكتاو لكان أولى‪ ،‬وذلك بنا ًء على ّ‬
‫ْلن قوله ‪( :‬من َق ْوله ‪ :‬نسخت َما فِي َه َذا ا ْلكتاو) ُيفهن‬
‫هو المصادر‪ّ ،‬‬
‫أن أصل المصادر هو اْلفعال؛ ّ‬
‫ْلن نس فعل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪222‬‬
‫فإ ًذا هذان معنيان لغويان للنس ‪:‬‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬اإلزالة‪.‬‬
‫‪ -‬والمعنننى الثنناين‪ :‬النقننل‪ ،‬ويعننل عنننه بعننض اْلصننوليين بمننا يش ن ه‬
‫النقل‪.‬‬
‫‪ -‬ويزيُ بعضه معنًى ثال ًثا وهو‪ :‬التغيير‪ ،‬فيقنول‪ :‬منن معناين النسن‬
‫راجع إلى المعنى اْلول وهو اإلزالة‪ ،‬ومننه‬
‫ٌ‬ ‫اللغوية التغيير‪ ،‬وهذا المعنى‬
‫قوله ‪ :‬نسخت الريح آثار القنوم‪ ،‬أر‪َ :‬يرهتنا‪ ،‬والتغيينر قنُ يُصنل معنه‬
‫اإلزالة‪ ،‬فهذا المعنى الثالث راجع إلى المعنى اْلول‪.‬‬
‫هذا هو المعنى اللغور للنس ‪.‬‬
‫اهَّلل ‪-‬بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫فعرفه ُ‬
‫وأ َّما معناه عنُ علماء اْلصول‪َّ ،‬‬
‫خ َأ ِ‬
‫ناو ا ْل ُم َت َقنُّ م‬ ‫(وحُه‪ُ :‬هو ا ْلخأاو الَُّ ال على رفع الُك ال َّثابِنت بِا ْل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫على َوجه لوِله َل َك َ‬
‫ان َثابتا َم َع تراخيه َعن ُه)‪.‬‬
‫وهذا التعريف م الُقيقة لي تعري ًفا للنس ‪ ،‬ولكنه تعريف للنا‬
‫الذر يُصل به النس وهو الخأناو‪ ،‬وهنو ٍ‬
‫منؤد للمقصنود؛ ّ‬
‫ْلن معرفنة‬
‫يُصل هبا معرفة النس ‪.‬‬ ‫النا‬
‫أن نُعُل التعريف ليكون تعري ًفا للنس ِل تعري ًفا للنا ن ‪،‬‬
‫وإذا أردنا ْ‬
‫فإنه ِل ُبَُّ من حذف م التعريف وإضافة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪223‬‬
‫فنُننذف قولننه‪( :‬ا ْلخأنناو الننَُّ ال علننى)‪ ،‬ونقننول‪ :‬النس ن هننو رفننع‬
‫الُكنن الثابننت بالخأنناو المتقننُم‪ ،‬ثنن نضننيف كلمننة أخننرى فنقننول‪:‬‬
‫بخأاو على ٍ‬
‫وجه لوِله لكان ثابتًا مع تراخيه عنه‪.‬‬
‫فإ ًذا حذفنا قوله‪( :‬ا ْلخأاو الَُّ ال علنى) وأضنفنا كلمنة "بخأناو"‬
‫بعُ قوله‪( :‬بِا ْل ِ‬
‫خ َأ ِ‬
‫او ا ْل ُم َت َقُّ م)‪ ،‬وهبذا يصلح التعريف للنس ‪.‬‬
‫اهَّلل ‪-‬فلني تعري ًفنا للنسن ‪ ،‬وإنَّمنا‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬‫أ َّما على ما َذكر ُ‬
‫‪.‬‬ ‫هو تعريف للنا‬
‫فإننننا نننأيت إلننى شننرح هننذا‬ ‫وبعننُ هننذا التعننُيل بالزيننادة والنننق‬
‫التعريف‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬هو رفع الُك ) معناه‪ :‬إبأاله وإلغاؤه‪ ،‬والمراد بالُك هنا‪:‬‬
‫الُك الشرعي‪.‬‬
‫وقولننه‪( :‬الثابننت بالخأنناو المتقننُم)‪ُ ،‬يُننكز بننه عننن رفننع الُك ن‬
‫الثابت باللاءة اْلصلية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشنيء‪ ،‬و ُيسنمى ذلنك‬ ‫والمنراد بناللاءة اْلصنلية‪ :‬هني عنُم الُكن‬
‫أيضا اللاءة العقلينة؛‬ ‫باللاءة اْلصلية؛ ّ‬
‫ْلن اْلصل عُم الُك ‪ ،‬و ُيسمى ً‬
‫أن ذمن المكلفننين بريئننة مننن التكنناليف ق ننل مجننيء‬ ‫ْلن العقننل َّ‬
‫دل علننى ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪224‬‬
‫نسنخا؛ للنزم منن ذلنك ّ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫ولو قلنا‪ّ :‬‬
‫إن رفنع النلاءة اْلصنلية ُيسنمى‬
‫ً‬
‫نسنخا‪ ،‬وإيجناو‬ ‫جميع اْلحكام الشرعية نسن ‪ ،‬فيكنون إيجناو الصنالة‬
‫كنل اْلحكنام‬ ‫نسخا‪ ،‬وإيجاو الزكاة ً‬
‫نسخا وهكنذا‪ ،‬منع أننه لني‬ ‫الصيام ً‬
‫الشرعية نا خة‪.‬‬
‫فإ ًذا قوله‪( :‬الثابت بالخأاو المتقُم)‪ ،‬هذا يُكز به عن رفع الُك‬
‫ً‬
‫نسخا‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬إنه نس للزم من ذلك‬ ‫الثابت باللاءة اْلصلية‪ ،‬فإنه لي‬
‫بصُيح‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أن جميع اْلحكام الشرعية نا خة‪ ،‬وهذا الالزم لي‬
‫ويعننلون بقننوله ‪ :‬بالخأنناو‪ ،‬ليشننمل ذلننك المنأننوق‪ ،‬والمفهننوم‪،‬‬
‫ِل ينُخل فينه‬ ‫؛ ّ‬
‫ْلن النن‬ ‫والفعل‪ ،‬فإهنا أع منن التع ينر بقنوله ‪ :‬النن‬
‫الفعننل وِل يننُخل فيننه المفهننوم‪ ،‬فع َّننروا بالخأنناو حتننى يشننمل النس ن‬

‫بالفعل والنس بالمفهوم فإهنا خأابات وِل ُتسمى ً‬


‫نصا‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬بخأاو‪ ،‬وهي الزينادة التني أضنفناها علنى التعرينف متعلنق‬
‫اهَّلل –‪( :‬رفع الُك )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫بقول ُ‬
‫منثال ّ‬
‫فنإن‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فال يصنح النسن بغينر الخأناو‪ ،‬كالعقنل ً‬
‫خأا ًبا‪ ،‬واإلجماَ ِل يصنح النسن بنه؛ ْلننه‬ ‫النس ِل يصح به؛ ْلنه لي‬
‫خأا ًبا‪ ،‬فالنسن ِل ُبنَُّ‬ ‫خأا ًبا‪ ،‬والقياس ِل يصح النس به؛ ْلنه لي‬ ‫لي‬
‫فيه ْ‬
‫أن يكون بخأاو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪225‬‬
‫مثال منسنوخ ٌة‬ ‫ْ‬
‫فإن قلت‪ :‬ما المراد بقول بعض أهل العل ‪ :‬هذه انية ً‬
‫باإلجماَ‪ ،‬أو هذا الُُيث منسوخ باإلجماَ؟‬
‫كأن مقصوده ّ‬
‫أن هذه انينة أو هنذا الُنُيث‬ ‫فالجواو على ذلك‪ّ :‬‬
‫المقصنود ّ‬
‫أن اإلجمناَ نفسنه هنو‬ ‫منسوخ بمستنُ اإلجماَ ودليله‪ ،‬ولي‬
‫هو دليل اإلجماَ الذر ا تنُ إليه‪.‬‬ ‫‪ ،‬وإنَّما النا‬ ‫النا‬
‫وكذلك ِل يُصنل النسن بنالجنون‪ ،‬أو بنالموت‪ ،‬أو بنالُيض؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫بخأاو‪.‬‬ ‫ارتفاَ الُك هنا لي‬
‫وقوله‪( :‬على و ٍ‬
‫جه لوِله َل َك َ‬
‫ان َثابتا) أر‪ :‬على حال لوِله لكان حك‬ ‫َ‬
‫الخأاو المتقُم ثابتًا‪.‬‬
‫و ُيُكز به عن اْلحكام المغياة بغاية واْلحكام المعللة‪ّ ،‬‬
‫فإن الُك‬
‫ً‬
‫نسنخا‪،‬‬ ‫المغيى بغاية إذا ارتفع ِلنتهاء َايتنه ّ‬
‫فنإن هنذا اِلرتفناَ ِل يسنمى‬
‫وكذلك الُك إذا ارتفع لزوال علته ف ّ‬
‫إن هذا اِلرتفاَ ِل يسمى ً‬
‫نسخا‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪َ{ :-‬الِقِلمي يأْلمَ الْفَِحمنةَ مملنْ‬

‫فمسِِمكُدْ فَِسْتَنْهََُِا عَِيْهِنَّ أَرْبدةً مماْكُدْ فَإِنْ شهََُِا فَأَمْسمكُوهُنَّ فمي الْ ُيُلو}م حتقلٍ‬

‫يتَوفقِهُنَّ الْموْ }ُ أََْ يجْدًَّ الِقلهُ لَهُلنَّ سل ِيًِِ [النسناء‪ ،]15:‬فهنذا الُكن مغينى‬

‫بغاية‪ ،‬لقوله‪{ :‬حتقٍ يتَوفقِهُنَّ الْموْ}ُ أََْ يجْدًَّ الِقهُ لَهُنَّ س ِيًِِ ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪226‬‬
‫ث زال هذا الُك ِلنتهاء َايته؛ كما م حنُيث ع نادة ‪ّ ‬‬
‫أن الن ني‬
‫ِ ٍ‬
‫‪ ‬قال‪« :‬ا ْل ِ ْك ُر بِا ْل ِ ْك ِر َج ْلُُ مااَة‪َ ،‬و َت ْغ ِر ٌ‬
‫ي‪َ ،‬عنا ٍّم»‪ ،‬فارتفناَ هنذا الُكن ِل‬
‫ْلن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعنا َلى‪ -‬جعنل‬
‫نسخا؛ ْلنه ارتفع ِلنتهاء َايته‪ّ ،‬‬
‫ُيسمى ً‬
‫ً‬
‫نسنخا‪،‬‬ ‫هذا الُك مغ ًيى بغاية‪ ،‬ث ارتفع الُك بانتهاء َايته فنال ُيسنمى‬
‫هكذا مثل كثير من علماء اْلصول‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬إلنى تفصنيل حسنن م‬ ‫ِ‬
‫وذه‪ ،‬شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ً‬
‫نسنخا‪،‬‬ ‫إن كاننت مجهولنة ّ‬
‫فنإن ارتفاعهنا ُيسنمى‬ ‫أن الغاية ْ‬
‫المسألة‪ ،‬وهو‪ّ :‬‬
‫إن كانت الغاية معلومة ّ‬
‫فإن ارتفاعها ِل ُيسمى ً‬
‫نسخا‪.‬‬ ‫وأ َّما ْ‬
‫وانية السنابقة الغاينة معلومنة أو مجهولنة؟ الغاينة معلومنة‪ ،‬فيكنون‬

‫إن كانت الغاية معلومة كما م قوله تعنالى‪{ :‬ثلد أولوا‬


‫نسخا‪ ،‬أ َّما ْ‬
‫ارتفاعها ً‬

‫نسننخا؛ ّ‬
‫ْلن الغايننة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فننإن ارتفنناَ الغايننة هنننا ِل ُيسننمى‬ ‫الصلليَِّ إا الِيللًّ‬
‫ٌ‬
‫تفصنيل‬ ‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫معلومة‪ ،‬وهذا التفصيل الذر قنرره شني اإل نالم ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫حسن‪.‬‬

‫ومثال ارتفاَ الُك لزوال علته‪ :‬قوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪{ :-‬يلِ أَيههلِ‬

‫جمُدل مة فَِسْلدوْا ِإلَلٍ مذكْل ِر الِقل مه َ َذرَُا ا ْل يْلع‬


‫ا قل مذين نماُوا ِإذَا فُوٍمخ لمِصَّال مة مم ْن يل ْو َِّ ا ْل ُ‬
‫[الجمعة‪.]9:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪227‬‬
‫وهذا الُك معلل ٍ‬
‫بعلة‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫أن ال يع بعُ النُاء الثاين للصالة من‬
‫يوم الجمعة مشغل عن ذكر اهَّلل‪ ،‬أر‪ :‬عن الصنالة والخأ نة‪ ،‬فنإذا قضنيت‬
‫الصالة جاز ال يع والشراء لزوال هذه العلنة؛ ّ‬
‫ْلن الُكن ينُور منع علتنه‬
‫وجو ًدا وعُ ًما‪.‬‬

‫فإن قوله تعنالى‪{ :‬فَلإِذَا قُضمليتم الصَّلالةُ فَِفتَنملرَُا فملي‬


‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬

‫نسخا لقوله‪{ :‬إِذَا فُوٍمخ لمِصَّالةم ممنْ يوَِّْ الْجُمُدةم فَِسْدوْا إِلَلٍ‬
‫األَرْ ِ ِل يكون ً‬

‫ذمكْرِ الِقلهم ؛ ّ‬
‫ْلن التُنري بعنُ الفنراغ منن الصنالة قنُ زالنت علتنه فينزول‬
‫معها‪.‬‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪( :-‬على وجه لوِله لكان ثابتًا) يُكز‬ ‫فإ ًذا قول ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫به عن ارتفاَ الُك لزوال علته أو ِلنتهاء َايته‪.‬‬
‫(مع تراخيه عنه) معناه‪ :‬مع تأخر الخأاو الثاين عن الخأاو اْلول‬
‫متأخرا م الزمان‬
‫ً‬ ‫م الزمان‪ ،‬فال ُبَُّ م النس ْ‬
‫أن يكون الخأاو الثاين أر‪:‬‬
‫عن الخأاو اْلول‪.‬‬
‫واْلصوليون يعلون م النس بنالكاخي‪ ،‬وِل يعنلون بالتنأخر؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫بينهما فر ًقا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪228‬‬
‫فما الفنرق بنين الكاخني والتنأخر؟ لمناذا ِل يقنول اْلصنوليون‪ :‬منع‬
‫تأخره عنه؟ لماذا يعلون بقوله‪ :‬مع تراخيه عنه؟‬
‫نقول‪ :‬هناك ٌ‬
‫فرق بين الكاخي والتأخر‪ ،‬فالتأخر ِل يلزم منه الكاخي‪،‬‬
‫متأخر‪ ،‬يعنني‪ :‬قنُ يتنأخر عنن‬ ‫مثال الذر يُصل به التخصي‬
‫فاِل تثناء ً‬
‫قنُ يتنأخر عنن المسنتثنى‪،‬‬ ‫المستثنى والشرط الذر يُصل به التخصي‬
‫والصفة ِل ُبنَُّ ْ‬
‫أن تتنأخر عنن الموصنوف‪ ،‬وهنذا التنأخر لن يُصنل معنه‬
‫الكاخي‪.‬‬
‫فالتننأخر ِل يلننزم منننه الكاخنني‪ ،‬وأ َّمننا الكاخنني فيلننزم منننه التننأخر‪،‬‬
‫والنس المشكك فيه الكاخي‪ ،‬أ َّما التأخر من َير حصول الكاخي فلني‬
‫ً‬
‫نسنخا‪،‬‬ ‫باِل نتثناء المتنأخر‬ ‫ً‬
‫نسخا‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬إنه نسن ‪ ،‬لكنان التخصني‬
‫بالشرط المتأخر ً‬
‫نسخا‪ ،‬وهي ليست كذلك‪ ،‬هذا هنو معننى‬ ‫والتخصي‬
‫النس عنُ علماء اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪229‬‬
‫أن النسن ِل ُبنَُّ ْ‬
‫أن يتُقنق فينه أربعنة‬ ‫ومن خنالل التعرينف نسنتفيُ ّ‬
‫شروط‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون النس ثابتًا بخأاو‪.‬‬
‫‪ -‬الشرط الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون النس لُك ثابت بخأاو‪.‬‬
‫والمنسوخ‪.‬‬ ‫‪ -‬الشرط الثالث‪ :‬حصول الكاخي بين النا‬
‫ٍ‬
‫وجنه لنوِل الخأناو الثناين‬ ‫‪ -‬الشرط الرابنع‪ْ :‬‬
‫أن يكنون النسن علنى‬
‫لكان الُك ثابتًا بالخأاو اْلول السابق‪.‬‬
‫أن تتُقق م النسن ‪ ،‬فنإذا اختنل واحنٌُ ّ‬
‫فنإن‬ ‫فهذه أربعة شروط ِل ُبَُّ ْ‬
‫النس ِل يتُقق‪.‬‬
‫منن النسن عننُ‬ ‫هذا هو معنى النسن عنن اْلصنوليين‪ ،‬وهنو أخن‬
‫المتقنننُمين منننن الصنننُابة والتنننابعين ق نننل ا نننتقرار اِلصنننأالح‪ ،‬فن ّ‬
‫ننإن‬
‫المتقُمين يألقون النس على النس اِلصأالحي الذر ذكرننا تعريفنه‪،‬‬
‫العننام وتقييننُ المألننق‪ ،‬وت يننين المجمننل‪ ،‬فهننذه كلهننا‬ ‫وعلننى تخصنني‬
‫ُيسموهنا ً‬
‫نسخا‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪230‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬ننت ه إلى ٍ‬
‫أمر مه ؛ وهنو‪ :‬أننه إذا ورد لفنظ النسن م‬
‫كنننالم الصنننُابة أو التنننابعين؛ فنننال نسنننتعجل م حملنننه علنننى النسننن‬
‫اِلصأالحي وهو رفع الُك ‪ ،‬فنإهن قنُ يرينُون النسن اِلصنأالحي‪،‬‬
‫العننام‪ ،‬وقننُ يريننُون بننه تقييننُ المألننق‪ ،‬وقننُ‬ ‫وقننُ يريننُون بننه تخصنني‬
‫يريننُون بننه ت يننين المجمننل‪ ،‬ومعرفننة مقصننوده تُصننل بالمراجعننة‬
‫وال ُث‪.‬‬
‫من عُة وجوه‪ ،‬وعُنا بنذكرها عننُ‬ ‫والنس يختلف عن التخصي‬
‫‪ ،‬وهذا أوان الوفاء بما وعُنا‪.‬‬ ‫الكالم على التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪231‬‬
‫ومن هذه الوجوه‪:‬‬
‫فهو مانع‪.‬‬ ‫أوِل‪ّ :‬‬
‫أن النس رافع‪ ،‬وأ َّما التخصي‬ ‫‪ً -‬‬
‫فهنو‬ ‫فالنس رافع أر‪ :‬م أ ٍل ومل ٍ للُكن السنابق‪ ،‬أ َّمنا التخصني‬
‫م الخأاو العام‪.‬‬ ‫المخص‬
‫َّ‬ ‫مانع لُخول‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬نعل ّ‬
‫أن المنسوخ كان مقصو ًدا‪ ،‬ث جاء ما يرفعه‪ ،‬أ َّما‬
‫ل يقصنُ دخولنه م اللفنظ العنام‪ ،‬فالتخصني‬ ‫فالمخص‬
‫ّ‬ ‫التخصي‬
‫ودخوله م اللفنظ العنام؛ هنذا الوجنه‬ ‫المخص‬
‫َّ‬ ‫مانع‪ ،‬وم ين لعُم إرادة‬
‫اْلول‪.‬‬
‫فنال‬ ‫‪ -‬الوجه الثاين‪ّ :‬‬
‫أن النس ُيشكط فينه الكاخني‪ ،‬أ َّمنا التخصني‬
‫فال يخلو اْلمر من حالين‪:‬‬ ‫المخص‬
‫ِّ‬ ‫ُيشكط فيه‪ ،‬وإذا تراخى‬
‫‪ -‬الُال اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون ذلك بعُ العمل‪ ،‬فيكون ً‬
‫نسخا‪.‬‬
‫تخصيصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ق ل العمل فيكون‬ ‫‪ -‬الُال الثانية‪ْ :‬‬
‫أن يكون التخصي‬
‫الُال اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون إخراج بعض أفراد العام بعنُ العمنل فيكنون‬
‫ً‬
‫نسخا‪.‬‬
‫والُننال الثانيننة‪ْ :‬‬
‫أن يكننون إخننراج بعننض أفننراد العمننل ق ننل العمننل‬
‫تخصيصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فيكون‬
‫فال يشكط فيه‪.‬‬ ‫فالنس ُيشكط فيه الكاخي‪ ،‬أ َّما التخصي‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪232‬‬
‫أن النس ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن يكون بخأناو‪ ،‬أ َّمنا التخصني‬ ‫‪ -‬الوجه الثالث‪ّ :‬‬
‫باإلجمنناَ‪،‬‬ ‫فننال يشننكط فيننه ْ‬
‫أن يكننون بخأنناو‪ ،‬بننل يصننح التخصنني‬
‫ويصح بالقياس مع ّ‬
‫أن النس ‪-‬كما عرفنا‪ِ -‬ل يصح باإلجماَ‪ ،‬وِل يصح‬
‫بالقياس‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫فهذه بعض الوجوه التي يفكق فيها النس عن التخصي‬
‫اهَّلل‪ -‬عليه مأخذ وهنو‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وهذا التعريف الذر أورده ُ‬
‫عرف النس‬ ‫أنه لن يُخل فيه نس التالوة مع بقاء الُك ؛ ْل ّن ُ‬
‫المصنِّف َّ‬
‫بأنه الخأاو النُال علنى رفنع الُكن ‪ ،‬وأ َّمنا رفنع النتالوة فلن ينُخل م‬
‫التعريف‪ ،‬رفع التالوة مع بقاء الُك ل يُخل م التعريف‪.‬‬
‫المصنِّف يأيت أنه ذكر من أقسام النس ‪ :‬رفع التالوة مع بقاء‬
‫مع أن ُ‬
‫الُك ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪233‬‬
‫الر ْ ‪ ،‬ونس‬ ‫الر ْ َو َب َقاء الُك َونس الُك َو َب َقاء َّ‬ ‫َويجوز نس َّ‬
‫اْلمرين م ًعا‪ ،‬والنس إِ َلى بُل َوإِ َلى َير بُل‪َ ،‬وإِ َلى َما ُه َو أ َْلظ َوإِ َلى َمنا‬
‫ُه َو أخف‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬منن الكنالم علنى المسنألة اْلولنى‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫وهنني تعريننف النس ن انتقننل للكننالم علننى المسننألة الثانيننة وهنني‪ :‬أقسننام‬
‫النس ‪ ،‬والنس ينقس إلى عُة أقسام باعت ارات متعُدة‪:‬‬
‫المنسننوخ‪ ،‬وهنو هبنذا اِلعت ننار‬ ‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬أقسنام النسن باعت نار النن‬
‫ينقس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫المصننِّف ‪-‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬ما نُس لف نه وبقني حكمنه‪ ،‬وقنُ ع َّنر ُ‬
‫الر ْ َو َب َقاء الُك )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(ويجوز نس َّ‬
‫فقال‪َ :‬‬ ‫اهَّلل‪ -‬عن اللفظ بالر‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫الر ْ ) معناه‪ :‬نس اللفظ‪ ،‬هذا القس اْلول‪ :‬وهو منا‬
‫فقوله‪( :‬نس َّ‬
‫نس لف ه وبقي حكمه‪.‬‬
‫ومن أمثلته‪ :‬آية الرج ‪ ،‬وهي ما رواه اإلمام مالنك م [الموطنأ] عنن‬
‫الشي َخ ُة إِ َذا ز َنيا َفارجموهما ا ْل َّت َة َن َك ًاِل مِن اهَّللِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ُ َ َ‬ ‫الش ْي ُ َو َّ ْ‬
‫(و َّ‬
‫عمر ‪ ‬أنه قال‪َ :‬‬
‫اهَّلل َع ِز ٌيز َحكِي ٌ )‪ ،‬فهذه انية نُس لف ها وبقني حكمهنا بإجمناَ علمناء‬ ‫َو ُ‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪234‬‬
‫الش ْي َخةُ) معناه‪ :‬المُصن والمُصنة‪.‬‬
‫الش ْي ُ َو َّ‬
‫(و َّ‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫فإن َمن أحصن ْ‬
‫بأن وطأ م نكاحٍ صُيح فإنه يجن‪،‬‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫رجمه‪.‬‬
‫وقُ ذكَر القاضي عياض م شرحه لن [صُيح مسل ]‪ّ :‬‬
‫أن هذا اللفظ‬
‫لفظ انية؛ ْلن فصاحة القرآن تنام هنذا اللفنظ‬ ‫الذر أورده عمر ‪ ‬لي‬
‫وتجافيه‪ ،‬وإنَّما هي حكاية للفظ انية‪ ،‬وبيان لمعناها‪.‬‬
‫القس السابق‪ :-‬وهو ما نسن حكمنه وبقني‬ ‫‪ -‬القس الثاين ‪-‬عك‬
‫لف ه‪.‬‬

‫ومن أمثلته‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬القذمين يُتَوفقلوْن مملاْكُدْ َيلذَرَُن أَزَْانًلِ َصمليَّةً‬

‫دلينل علنى ّ‬
‫أن‬ ‫لمأَزَْانِهِدْ متَِعًِ إِلٍَ الْحلوْ ِ [ال قنرة‪ّ ،]240:‬‬
‫فنإن هنذه انينة ٌ‬
‫كامال‪.‬‬ ‫المتو َّفى عنها زوجها تعتُ ً‬
‫حوِل ً‬

‫ث نسخت بقوله تعالى‪َ{ :‬القذمين يُتَوفقوْن مماْكُدْ َيذَرَُن أَزَْانًلِ يتَربَّصْلن‬

‫بِأَففُسمهِنَّ أَرْبدةَ أَشْلهُرى َعنْلرًا [ال قنرة‪ ،]234:‬هكنذا م َّثنل كثينر منن علمناء‬
‫اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪235‬‬
‫وذهنن‪ ،‬بعننض أهننل العل ن إلننى أنننه ِل نس ن م انيتننين؛ ْلن قولننه‪:‬‬

‫{يتَربَّصْن بِأَففُسمهِنَّ أَرْبدةَ أَشْهُرى َعنْرًا يُل على العنُة الواجنُة‪ ،‬ومنا زاد‬
‫واج ًا‪ ،‬ولكنهنا وصنية لمنن أرادت ْ‬
‫أن تنت‬ ‫السنة لي‬
‫على ذلك إلى تمام َ‬
‫العُة إلى الُول‪.‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫وممن اختار هذا القول الشي ع ُ الرحمن بن عُر ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫م تفسننيره‪ ،‬والقاعننُة " ّ‬
‫أن اْلصننل م النصننوص اإلحكننام‪ ،‬فننإذا احتمننل‬
‫ّ‬
‫فإن اْلصل هو عُم النس ‪ ،‬وِل ُيلجنأ‬ ‫النس واحتمل عُم النس‬ ‫الن‬
‫إلى النس إِل إذا ل يمكن الجمع بين النصين"‪ ،‬وهذه قاعُ ٌة ع يمة‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثالث‪ :‬ما نُس لف ه وحكمه م ًعا‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬آية الرضاَ كما جاء م [صُيح مسل ] عنن عااشنة ‪َ -‬ر ِض َني‬
‫ات مع ُلوم ٍ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهَّلل َعنْها‪ -‬قالت‪" :‬ك َ ِ‬
‫نات‪،‬‬ ‫يما ُأن ِْز َل فني ا ْل ُق ْنرآن َع ْش ُنر َر َضن َع َ ْ َ‬
‫َان ف َ‬ ‫ُ َ‬
‫ات"‪.‬‬‫َفن ُِس ْخن بِ َخم ٍ مع ُلوم ٍ‬
‫ُ ْ َْ َ‬
‫‪ -‬التقسي اْلول‪ :‬وهذه انية وهي آية الرضاَ قُ نس لف ها ونس‬
‫أيضننا‪ ،‬هننذا التقسنني اْلول؛ وهننو‪ :‬أقسننام النسن باعت ننار الننن‬
‫حكمهننا ً‬
‫المنسوخ‪.‬‬
‫‪ -‬التقسي الثاين‪ :‬أقسام النس باعت ار ال ُل وعُمه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪236‬‬
‫وهو ينقس هبذا اِلعت ار إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬نس إلى بُل‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬نس ا تق ال بينت‬
‫المقُس با نتق ال المسنجُ الُنرام‪ّ ،‬‬
‫فنإن ا نتق ال بينت المقنُس ثابنت‬
‫بالسنّة الن وية على صاح ها أفضل الصالة والتسل ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ثن نسننخت بالكتنناو الكننري م قولننه‪{ :‬قَلَْ فَللرى لََُِِّللب َنْهِللك فمللي‬

‫السَّلللللللمِءم فََِاُولِّياَّلللللللك قم َِْللللل لةً لَرْضَلللللللِهِ فَلللللللو ِّ َنْهلللللللك شللللل للْر الْمسْللللل لجَِم‬

‫الْحللراَِّ [ال قننرة‪ ،]144:‬أر‪ :‬جهننة المسننجُ الُننرام؛ ْلن الشننأر معننناه‪:‬‬
‫الجهة‪ ،‬كما م قول الشاعر‪" :‬وما تغني الر الة شأر عمرو" يعني‪ :‬جهة‬
‫عمرو‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬نس إلى َير بُل‪.‬‬

‫ومن أمثلته‪ :‬آية المناجاة‪{ :‬يِ أَيههِ القذمين نماُوا إِذَا فَِنيْتُدُ الرَّسُو َ فََِلَِّمُوا‬

‫بيْن يَخْ فَجْواكُدْ صَقَةً [المجادلة‪ ،]12:‬فأمر بالصُقة عنُ مخاط ة الن ي‬
‫‪.‬‬
‫بنُِل عنن‬ ‫ٍ‬
‫شنيء ً‬ ‫ث نس اهَّلل ذلك وأباح مناداة الن ي من َير وجنوو‬

‫الصُقة‪ ،‬فقال‪{ :‬أَأَشْفَِْتُدْ أَنْ لََُِِّمُوا بيْن يلَخْ فَجْلواكُدْ صلَقَِ} فَلإِذْ لَلدْ لَفْدُِلوا‬

‫[المجادلة‪ ]13:‬انية‪.‬‬ ‫َلَِب الِقهُ عَِيْكُدْ ‪. .‬‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪237‬‬
‫ويرى بعض اْلصوليين ّ‬
‫أن اْلدق أِل ُيقال‪ :‬نس إلى َير بُل‪ ،‬وإنَّما‬
‫ُيقال‪ :‬نس إلى َير تكليف؛ ّ‬
‫ْلن اإلباحنة بنُل‪ ،‬وهني م حقيقنة اْلمنر ِل‬
‫تكليف فيها‪.‬‬
‫والقس اْلول‪ :‬وهو النس إلى بُل ينقس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬نس إلى بُل أَلظ‪ ،‬أر‪ :‬أشُ وأثقنل كمنا م آينات‬
‫الصيام فقُ خ َّير اهَّلل م أول اْلمر بين الصيام واإلطعنام‪ ،‬ثن حن َّت الصنيام‬

‫فقال‪{ :‬فَمنْ شهَِ مملاْكُدُ النَّلهْر فَِْيصُلمْهُ [ال قنرة‪ ]185:‬فالنسن هننا منن‬
‫أخف إلى بُل أَلظ‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬نس إلى بنُل أخنف كمنا م آينة المصنابرة‪ّ ،‬‬
‫فنإن اهَّلل‬
‫أوج‪ ،‬م أول اْلمنر علنى المسنل ْ‬
‫أن يصنابر عشنرة منن المشنركين‪ ،‬ثن‬
‫نس بعُ ذلك فأوج‪ ،‬على المسل ْ‬
‫أن يصابر اثنين من المشركين‪.‬‬
‫‪ -‬القسنن الثالننث‪ْ :‬‬
‫أن يكننون ال ننُل النا نن مسنناو ًيا للم ننَُ ل مننننه‬
‫اهَّلل‪ ،-‬ومنن أمثلتنه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫المنسوخ‪ ،‬وهذا القس لن ينذكره ُ‬
‫نس ا تق ال بينت المقنُس با نتق ال المسنجُ الُنرام‪ ،‬فإننه نسن إلنى‬
‫ٍ‬
‫مساو‪.‬‬ ‫بُل‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪238‬‬
‫أن المسنجُ الُنرام‬ ‫ٍ‬
‫مساو منع ّ‬ ‫ْ‬
‫فإن قلت‪ :‬كيف يكون ً‬
‫نسخا إلى بُل‬
‫أفضل من بيت المقُس؟‬
‫ٍ‬
‫مسناو ِل نتق ال‬ ‫فالجواو‪ :‬علنى هنذا ّ‬
‫أن ا نتق ال المسنجُ الُنرام‬
‫بيت المقُس بالنس ة للمك َّلف‪ ،‬فهما مستويان بالنس ة إلى المك َّلنف‪ ،‬أ َّمنا‬
‫المسننتق ل ف ينهمننا فننرق‪ ،‬فالمسننجُ الُننرام أع نن وأشننرف مننن بيننت‬
‫المقُس‪ ،‬هذا التقسي الثاين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪239‬‬
‫السننة‬
‫ّ‬ ‫السنة بِا ْلكتاو‪َ ،‬ونسن‬
‫ّ‬ ‫َويجوز نس ا ْلكتاو بِا ْلكتاو‪َ ،‬ونس‬
‫بِالسنة‪َ ،‬ويجوز نسن ا ْل ُمت ََنواتر بنالمتواتر مِن ُْه َمنا‪َ ،‬ونسن ْان َحناد بانحناد‬
‫وبالمتواتر‪َ ،‬و َِل يجوز نس ا ْل ُمت ََواتر بانحاد‪.‬‬

‫‪ ،‬وهذا هو‬ ‫التقسي الثالث‪ :‬هو أقسام النس باعت ار الخأاو النا‬
‫أه التقسيمات وأع مها‪.‬‬
‫وهو هبذا اِلعت ار ينقس إلى‪:‬‬
‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬نس الكتاو بالكتاو كما م آية المصنابرة‪ ،‬وآينة المناجناة‪،‬‬
‫وآية عُة المتوىف عنها زوجها‪.‬‬
‫السننَّة بالكتناو‪ ،‬ومنن أحسنن أمثلتنه كمنا ذكنر‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬نس‬

‫ذلك ابن القي م [زاد المعاد] وابن كثينر م [تفسنيره] قولنه تعنالى‪{ :‬يلِ‬

‫أَيههِ القذمين نماُوا إِذَا نِءكُدُ الْمُمْمماِ}ُ مُهِنِرا} فَِمْتَحماُوهُنَّ الِقلهُ أَعَِْلدُ بِإَِلِفمهِنَّ فَلإِنْ‬

‫عِممْتُمُوهُنَّ مُمْمماِ} فَال لَرْنِدُوهُنَّ إِلٍَ الْكُفقِرِ ال هُنَّ حمًٌّّ لَهُدْ َال هُدْ يحمُِّون لَهُلنَّ‬
‫[الممتُنة‪.]10:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪240‬‬
‫ّ‬
‫فإن هذه انية نا خ ٌة لما وقع م صلح الُُي ية منن اتفناق الن ني ‪‬‬
‫مسلما وج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يعيُه‬ ‫ً‬ ‫مع ُ هيل بن عمرو؛ ّ‬
‫أن َمن جاء إلى الن ي ‪‬‬
‫للمشركين‪ ،‬فنُس ذلك م حق النساء فقنب‪ ،‬فنإذا جناءت المنرأة مهناجر ٌة‬
‫السنَّة‬
‫ُ‬ ‫مؤمنة فإنه ِل يجوز إرجاعها للمشركين‪ ،‬والنس هنا من باو نس‬
‫بالكتاو‪.‬‬
‫السننَّة بالكتناو هنو منذه‪ ،‬جمهنور اْلصنوليين وهننو‬
‫ُ‬ ‫وجنواز نسن‬
‫المصنِّف‪.‬‬‫الصُيح لوقوعه‪ ،‬وهو الذر اختاره ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬إلنى أننه ِل يجنوز‪ ،‬وا نتُل علنى‬ ‫ِ‬
‫وقُ ذه‪ ،‬الشنافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫جناازا‬
‫ً‬ ‫السنَّة بالقرآن‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫وبيان له‪ ،‬ولو كان نس‬ ‫السنَّة تابع ٌة للقرآن‬ ‫ذلك‪ّ :‬‬
‫بأن ُ‬
‫فالسنَّة تابعن ٌة للقنرآن‬
‫بالسنَّة‪ُ ،‬‬ ‫لُصل العك ‪ ،‬وهو‪ْ :‬‬
‫أن يكون القرآن تاب ًعا ُ‬
‫وهنو ْ‬
‫أن يكنون‬ ‫وم ين ٌة له‪ ،‬ولو قلنا‪ّ :‬‬
‫إن القرآن نا ٌ ُ‬
‫للسننَّة لوقنع العكن‬
‫تاب ًعا لها‪.‬‬
‫صرح‬
‫السنَّة إِل ُ نَّة‪ ،‬وقُ َّ‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإنه ِل ينس عنُ الشافعي ُ‬
‫هبذا م كتابه [الر الة] الذر هو أول كتاو مُون م أصول الفقه‪ ،‬صنرح‬
‫السنَّة إِل ُ نَّة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بأنه ِل ينس‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪241‬‬
‫وقننُ نقننل عنننه بعننض أصننُابه مننن الشننافعية أنننه يوافننق جمهننور‬
‫السنَّة‪ ،‬فُملوا كالمه على أنه إذا‬
‫ُ‬ ‫اْلصوليين م ّ‬
‫أن القرآن يجوز أن ينس‬
‫وقع النس بالقرآن فال ُبَُّ ْ‬
‫أن يكون معه ُ نَّ ٌة نا خة‪.‬‬
‫وعلى ك ٍل فالراجح إن شاء اهَّلل‪ :‬ما ذه‪ ،‬له جمهور أهل العل من أنه‬
‫السنَّة بالقرآن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يجوز نس‬
‫بالسنَّة‪ ،‬وله أربعة صور‪:‬‬
‫السنَّة ُ‬
‫ُ‬ ‫القس الثالث‪ :‬نس‬
‫بالس ننَّة المتننواترة‪ ،‬وهننذا‬
‫الس ننَّة المتننواترة ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬الصننورة اْلولننى‪ :‬نس ن‬
‫جااز‪ ،‬وقُ ذكَر الفتوحي م [شرح الكوك‪ ،‬المنير] أن هذا ِل يكاد يوجُ‬
‫ٌ‬
‫بالسنَّة المتواترة‪.‬‬
‫السنَّة المتواترة ُ‬
‫ُ‬ ‫له مثال‪ِ ،‬ل يكاد يوجُ مثال لنس‬
‫جااز باتفناق كالصنورة‬
‫‪ -‬الصورة الثانية‪ :‬نس انحاد بانحاد‪ ،‬وهو ٌ‬
‫اْلولى‪.‬‬
‫وأمثلة هذا القس كثيرة‪:‬‬
‫وهنا»‪ ،‬وهنذا‬ ‫نار ِة ا ْل ُق ُ ِ‬
‫نور َف ُز ُ‬
‫ور َ‬ ‫ومنها‪ :‬قوله ‪ُ « :‬كن ُْت ن ََه ْين ُت ُك ْ َعن ْن ِز َي َ‬
‫المثال ‪-‬كما يقول العلماء‪ -‬من أَرو أمثلة النسن ‪ ،‬ووجنه الغرابنة فينه‪:‬‬
‫واحُ‪.‬‬ ‫والمنسوخ م ن‬ ‫أنه ذكر النا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪242‬‬
‫جنااز‬
‫ٌ‬ ‫بالسنَّة المتواترة‪ ،‬وهنذا‬
‫السنَّة انحادية ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬الصورة الثالثة‪ :‬نس‬
‫الس ننَّة‬
‫الس ننَّة المتننواترة أقننوى مننن ُ‬
‫أن ُ‬‫أيضننا‪ ،‬وذلننك ّ‬
‫باتفنناق اْلصننوليين ً‬
‫انحادية‪.‬‬
‫بالسننَّة‬
‫السننَّة المتننواترة ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬الصننورة الرابعننة ‪-‬عكسننها‪ :-‬وهنني نسن‬
‫المصنِّف وجمهور اْلصوليين إلنى أننه ِل يجنوز ْ‬
‫أن‬ ‫انحادية‪ ،‬وقُ ذه‪ُ ،‬‬
‫بالسنَّة انحادية‪.‬‬
‫السنَّة المتواترة ُ‬
‫ُ‬ ‫تنس‬

‫السنَّة انحادية أقل رت ًة من ُ‬


‫السنَّة المتنواترة‪،‬‬ ‫أن ُ‬‫ودليله على ذلك‪ّ :‬‬
‫فال تقوى على نسخها‪ ،‬وهذا م نني علنى أصن ٍل وهنو أننه يشنكط تسناور‬
‫والمنسوخ م القوة‪.‬‬ ‫النا‬
‫السننَّة المتننواترة‬
‫ُ‬ ‫وذهن‪ ،‬بعنض اْلصنوليين إلنى أنننه يجنوز ْ‬
‫أن تنسن‬
‫ْلن الكنل منن عننُ اهَّلل‪ ،‬و ُ ننَّة انحناد ْ‬
‫وإن كاننت أقنل منن‬ ‫بسنَّة انحناد؛ ّ‬
‫ُ‬
‫السنَّة المتواترة من جهة السنُ؛ إِل أهنا قُ تساويها وقُ تكون أقنوى منهنا‬
‫ُ‬
‫من جهة المتن‪.،‬‬
‫وهذا القول الثاين هو الذر ي هر رجُانه والعل عنُ اهَّلل؛ ّ‬
‫ْلن الكل‬
‫من عنُ اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ ،-‬فإذا ث ت الُُيث جاز النسن بنه‪ ،‬نوا ًء‬
‫متواترا أم كان آحا ًدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أكان‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪243‬‬
‫وهي‪:‬‬ ‫هذه ثال صور ْلقسام النس باعت ار الخأاو النا‬
‫‪ -‬نس الكتاو بالكتاو‪.‬‬
‫السنَّة بالكتاو‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ونس‬
‫بالسنَّة‪.‬‬
‫السنَّة ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ونس‬
‫اهَّلل ‪-‬وهني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وهناك صورة رابعة لن يتعنرض لهنا ُ‬
‫بالسنَّة‪ ،‬وقُ اختلنف اْلصنوليون م الكتناو هنل يجنوز ْ‬
‫أن‬ ‫نس الكتاو ُ‬
‫بالسنَّة أو ِل يجوز؟‬
‫ُ‬ ‫ينس‬
‫فذلك على قولين‪:‬‬
‫بالسننَّة؛ وهنذا اختناره‬
‫أن ينسن القنرآن ُ‬‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬أنه ِل يجنوز ْ‬
‫ِ‬
‫طااف ٌة من اْلصوليين‪ ،‬منه ‪ :‬شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل –‪.‬‬

‫وا تُلوا على ذلك بأدلة‪ :‬منها قوله تعالى‪{ :‬مِ فَاسَْ ممنْ نية أََْ فُاسمهِ‬

‫خينرا منن القنرآن‬ ‫فَأْ}م بِهَيْرى مماْهِ أََْ مماِْمهِ [ال قنرة‪ُ ،]106:‬‬
‫والسننَّة ليسنت ً‬
‫وِل مثلها‪.‬‬
‫السنَّة القرآن؛ ّ‬
‫ْلن الكنل منن عننُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬أنه يجوز ْ‬
‫أن تنس‬

‫اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪-‬؛ وْلنه قُ وقع نس القرآن ُ‬


‫بالسنَّة‪ ،‬والوقنوَ دلينل‬
‫الجواز‪ ،‬إذا وقع الشيء َّ‬
‫دل ذلك على جوازه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪244‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬قًُّْ ال أَنَُِ فمي مِ أَُحمي إِلَيَّ مُحرَّمًِ عٍَِ‬

‫اَِعمدى يلْدمُ هُ إِلقِ أَنْ يكُون ميْتَةً أََْ ٍمًِ مسْفُوحًِ أََْ لَحْد خمازِيرى فَإِفقهُ رِنْ}ٌ ‪. .‬‬
‫[اْلنعام‪ ]145:‬انية‪.‬‬
‫ٌ‬
‫منسوخ؛ لما جاء م حُيث أبني هرينرة ‪،‬‬ ‫فالُصر الوارد م انية‬
‫أن الن ني ‪ ‬هننى عنن كنل ذر ٍ‬
‫نناو منن‬ ‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫وابن ع اس ‪َ -‬رض َني ُ‬
‫ٍ‬
‫مخل‪ ،‬من الأير‪.‬‬ ‫الس اَ‪ ،‬وذر‬
‫وما جاء م حُيث ‪ ‬من ّ‬
‫أن الن ي ‪ ‬هنى عن لُوم الُمر اْلهلية‪،‬‬
‫بالسننَّة‪ ،‬والقاعنُة " ّ‬
‫أن الوقنوَ‬ ‫يعني‪ :‬عن أكلها‪ ،‬فهذا نسن للقنرآن وقنع ُ‬
‫دليل الجواز"‪.‬‬

‫وأ َّما قوله تعالى‪{ :‬فَأْ}م بِهَيْرى مماْهِ أََْ مماِْمهلِ ‪ ،‬فنالمراد {خبلم مالهِ‬
‫والسنَّة قُ تأيت بما هنو أنفنع للمكلفنين‬
‫أر‪ :‬أصلح للمكلفين وأنفع له ‪ُ ،‬‬
‫وأصلح م زمان من اْلزمنة‪.‬‬

‫فقوله‪{ :‬فَأْ}م بِهَيْرى مماْهِ أََْ مماِْمهِ ‪ ،‬معناه‪ :‬نأيت بما هو أنفع للمكلفين‬
‫والس ننَّة قننُ تننأيت بمننا يكننون ذلننك‪ ،‬أر‪ :‬بمننا يكننون أنفننع‬
‫وأصننلح له ن ‪ُ ،‬‬
‫للمكلفين وأصلح له ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪245‬‬
‫والنس مقصوده‪ :‬مراعاة مصالح المكلفين؛ ّ‬
‫ْلن الُك قُ يكون م‬
‫زمان مصلُة للمكلفين‪ ،‬ث يكون م زمان آخر المصلُة م حك َيره‪،‬‬
‫واهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬لأيف بع اده يعل ما يصلح له ومنا يصنلُه ‪،‬‬
‫وهذا القول الثاين هو اْلرجح فيما ي هر والعل عنُ اهَّلل تعالى‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬عقُ تن ًيها للكالم علنى التعنارض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫نتكل عليه ْ‬
‫إن شاء اهَّلل تعالى م لقاانا القادم‪ ،‬ونسأل اهَّلل لنا ولك العل‬
‫النافع‪ ،‬والعمل الصالح‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪246‬‬
‫َتنْ ِيه فِي ال َّت َع ُارض‪ :‬إِذا ت َعارض نأقان َف َال َي ْخ ُلو إِ َّما َأن َي ُكونَا َعنام ْي ِن‬
‫احُ مِن ُْه َما َعا ًما من‬ ‫َأو خاصين‪َ ،‬أو َأحُهما َعاما و ْانخر َخاصا‪َ ،‬أو كل و ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ينهما جمع‪َ ،‬وإِن‬ ‫ٍ‬
‫َوجه وخاصا من َوجه‪َ ،‬فإِن كَانَا َعام ْي ِن َفإِن أمكن ا ْلجمع َب َ‬
‫َّاري ‪َ ،‬فإِن عل الت ِ‬
‫َّاري‬ ‫فيهما إِن ل يعل الت ِ‬ ‫ل ُيمكن ا ْلجمع َب َ‬
‫ينهما يت ََو َّقف َ‬
‫ين َْس ا ْل ُم َت َقُّ م بالمتأخر َوك ََذا إِذا كَانَا خاصين‪.‬‬
‫ِ‬
‫اهَّلل ‪-‬علنننى النسننن وذكنننر تعريفنننه‪،‬‬ ‫لمنننا تك َّلننن ُ‬
‫المصننننِّف ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫وأقسامه‪ ،‬خت هذا الم ُث بالكالم على التعارض وأقسامه‪.‬‬
‫وقننُ جننرت عننادة اْلصننوليين أهنن يننذكرون م ُننث التعننارض بعننُ‬
‫الفراغ من اْلدلة‪ ،‬وذلك م آخر الم احث اْلصولية‪ ،‬و ‪ ،‬ذلك‪ :‬أنه ِل‬
‫يمكن اِل تُِلل بالُليل إِل إذا زال ما يعارضه‪.‬‬
‫فلهذا يختمون الم احث اْلصولية بالكالم على م ُنث التعنارض؛‬
‫والمصننِّف ‪-‬‬
‫ْلنه ِل يمكن اِل تُِلل بنُليل إِل بعنُ زوال منا يعارضنه‪ُ ،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬عننذره م ذلننك ّ‬
‫أن النس ن فننرَ عننن التعننارض وم ننني عليننه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ن ُه ُ‬
‫معارض للمنسوخ‪.‬‬ ‫فالنا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪247‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م ُننث النس ن بننالكالم علننى‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫فلهننذا خننت ُ‬
‫التعارض وأقسنامه‪ ،‬وهذا له وجنه منا ن ة ‪-‬كمنا قلننا‪ -‬وهني‪ّ :‬‬
‫أن النسن‬
‫م ننني علننى التعننارض ومتفننرَ عنننه‪ ،‬فلهننذا ختمننه بننالكالم علننى م ُننث‬
‫التعارض‪.‬‬
‫بينهنا‬ ‫والتعارض إنَّما يقع م ن ر الناظر‪ ،‬أ َّما نصوص الشريعة فلني‬

‫تعارض م حقيقة اْلمر؛ لقوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪َ{ :-‬لَوْ كَِن ممنْ عماَْم رَيْرِ‬

‫الِقهم لَونََُا فميهم اخْتمالفًِ كَاممًا [النساء‪.]82:‬‬


‫فيه اختالف‪ ،‬وإنَّما يقع التعارض‬ ‫فلما كان من عنُ اهَّلل ث ت أنه لي‬
‫م ن ننر الننناظر واجتهنناده‪ ،‬والتعننارض م لغننة العننرو معننناه‪ :‬التمننانع‬
‫والتقابل‪ ،‬تقول‪ :‬تعارضا زيُ وعمرو‪ ،‬أر‪ :‬تقابال وتمانعا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وجنه يمننع‬ ‫أ َّما عنُ اْلصوليين‪ :‬فالتعارض هو تقابنل النُليلين علنى‬
‫ٍ‬
‫واحُ منهما دِللة انخر‪.‬‬ ‫كل‬
‫والتعارض قُ يُصل بنين النصنين‪ ،‬وقنُ يُصنل بنين اإلجمناعين‪،‬‬
‫وقُ يُصل بين القيا ين‪ ،‬وقُ يُصل بين ن ٍ وإجماَ أو قيناس‪ ،‬وقنُ‬
‫يُصل بين إجماَ أو قياس‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصنننر علنننى الكنننالم م التعنننارض بنننين‬ ‫ِ‬
‫والمصننننِّف ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫النصين من جهة العموم والخصوص فقب‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪248‬‬
‫فالتعارض قُ يكون بين نصين‪ ،‬وقُ يكون بين إجماعين‪ ،‬وقُ يكون‬
‫المصننِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫بين قيا نين‪ ،‬والتعنارض بنين النصنين أقسنام‪ ،‬اقتصنر ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬منها على التعارض بين النصين من جهة العموم والخصوص فقب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ولهذا قال‪َ ( :‬تنْ ِيه فِي ال َّت َع ُارض‪ :‬إِذا ت َعارض نأقان)‪.‬‬
‫يعننني‪ :‬إذا تعننارض لف ننان‪ ،‬والتعننارض بننين اللف ننين أنننواَ‪ ،‬اقتصننر‬
‫اهَّلل‪ -‬منها على الكالم على التعارض بين اللف نين منن‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫جهة الخصوص والعموم فُس‪.،‬‬
‫المصنِّف‬
‫والتعارض بين اللف ين من جهة العموم والخصوص عنُ ُ‬
‫أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون اللف ان عامين‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون اللف ان خاصين‪.‬‬
‫خاصا‪.‬‬ ‫‪ -‬القس الثالث‪ْ :‬‬
‫أن يكون أحُ اللف ين عا ًما وانخر ً‬
‫ٍ‬
‫وجنه‪،‬‬ ‫أن يكنون كنل واحنُ منن اللف نين عا امنا منن‬ ‫‪ -‬القس الرابنع‪ْ :‬‬
‫خاصا من ٍ‬
‫وجه آخر‪.‬‬ ‫ً‬
‫اهَّلل ‪-‬قسننمة‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وهننذه القسننمة الرباعيننة التنني ذكرهننا ُ‬
‫حاصرة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪249‬‬
‫فأ َّمننا القس ن اْلول‪ ،‬وهننو‪ْ :‬‬
‫أن يكننون التعننارض بننين لف ننين عننامين‪،‬‬
‫فيُصل إزالة التعارض بينه اللف ين العامين بمسنالك أربعنة علنى وجنه‬
‫الكتي‪:،‬‬
‫‪ -‬المسننلك اْلول الننذر ُيننزال بننه التعننارض بننين اللف ننين العننامين‪:‬‬
‫الجمع بينهما إذا أمكن‪.‬‬
‫ناِل للنُليلين‪ ،‬والقاعننُة " ّ‬
‫أن‬ ‫فيجن‪ ،‬الجمنع إذا أمكننن؛ ْلن فينه إعمن ً‬
‫إعمال الُليلين أولى من إهمالهما‪ ،‬أو إهمال أحُهما"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحُ منهما على مُمن ٍل‬ ‫ومعنى الجمع بين الُليلين‪ْ :‬‬
‫أن ُيُمل كل‬
‫ِل يعارض انخر‪ ،‬ولي المقصود بالجمع بنين النُليلين ْ‬
‫أن يعمنل بكنل‬
‫ٍ‬
‫واحنُ منهمنا‬ ‫واحُ م جميع ما َّ‬
‫دل عليه‪ ،‬وإنَّمنا المقصنود ْ‬
‫أن ُيُمنل كنل‬
‫على مُمل ِل ينام فيه انخر‪.‬‬
‫ومن اْلمثلة المشهورة لهذا المسنلك‪ :‬قولنه ‪َ « :‬أ َِل ُأ ْخ ِ ُنر ُك ْ بِ َخ ْي ِنر‬
‫الش ُهو ِد؟ ا َّل ِذر َي ْأتِي َش َها َد َت ُه َق ْ َل َأ ْن ُي ْس َأ َل َها»‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪250‬‬
‫فهذا الُُيث فيه عموم‪ ،‬ومُله قوله‪« :‬ا َّل ِذر» فهنو نفن موصنول‪،‬‬
‫ِ‬
‫واْل ماء الموصولة تُل على العمنوم‪ ،‬منع قولنه ‪َ « :‬خ ْي ُنر ُك ْ َق ْرنني ُثن َّ‬
‫ون َق ْ َنل َأ ْن‬ ‫ا َّل ِذي َن َي ُلون َُه ْ ‪ُ ،‬ث َّ ا َّل ِذي َن َي ُلون َُه ْ ‪ُ ،‬ث َّ َي ُك ُ‬
‫ون َب ْعنَُ ُه ْ َق ْنو ٌم َي ْش َنهُُ َ‬
‫أيضنننا‪ ،‬وموضنننعه م قولنننه‪:‬‬ ‫َي ْست َْشن ِ‬
‫ننهُُ وا» وهنننذا الُنننُيث فينننه عمنننوم ً‬
‫ون»‪ّ ،‬‬
‫فإن ضمير الجمع من اْللفاظ التي تُل على العموم‪.‬‬ ‫« َي ْش َهُُ َ‬
‫فتعننارض الُننُيثان مننن جهننة‪ّ :‬‬
‫أن اْلول يننُل علننى مننُح َمننن أتننى‬
‫أن يسألها‪ ،‬والثاين‪ :‬يُل علنى ذم َمنن أتنى بالشنهادة ق نل ْ‬
‫أن‬ ‫بالشهادة ق ل ْ‬
‫يسألها‪.‬‬
‫من هذا التعارض‪ :‬هو الجمع بين الُُيثين‪ ،‬وذلك ْ‬
‫بنأن‬ ‫والملخ‬
‫يُمل الُُيث اْلول على َمن جاء بالشهادة‪ ،‬والمستُق لهنا َينر عنال‬
‫هبا‪ ،‬ويُمل الُُيث الثاين على َمن جاء بالشنهادة والمسنتُق لهنا عنال‬
‫هبا لكنه ل يأل ها‪.‬‬
‫فالُُيث اْلول‪ُ :‬يُمل على َمن جاء بالشهادة‪ ،‬والمستُق لها َينر‬
‫عال هبا‪.‬‬
‫أ َّما الُُيث الثاين‪ :‬فيُمل على َمنن جناء بالشنهادة والمسنتُق لهنا‬
‫عال هبا‪ ،‬ومع كونه عال هبا إِل أنه لن يسنألها‪ ،‬ولن ي ُنث عنهنا فيكنون‬
‫اإلتيان بالشهادة م هذه الُال مذمو ًما‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪251‬‬
‫وقُ ا تشنكل بعنض اْلصنوليين العمنوم م الُنُيث الثناين‪ ،‬فقنال‪:‬‬
‫بأن قوله‪َ « :‬ي ْش َهُُ َ‬
‫ون» فيه‬ ‫هذا الُُيث ِل عموم فيه‪ ،‬لكن ُيجاو عن هذا‪ّ :‬‬
‫ضمير جمع‪ ،‬وضمير الجمع من صي العموم‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك اْلول‪ :‬وهو‪ :‬الجمع بين العامين إذا أمكن‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك الثاين‪ :‬إذا ل يمكن الجمع و ُعل المتقنُم منن المتنأخر‪،‬‬
‫ّ‬
‫فإن المتأخر يكون نا ًخا للمتقُم‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلنك‪ :‬قولنه تعنالى‪َ{ :‬القلذمين يُتَوفقلوْن مملاْكُدْ َيلذَرَُن أَزَْانًلِ‬

‫َصميَّةً لملأَزَْانِهِدْ متَِعًلِ إِلَلٍ الْحلوْ ِ رَيْلر إِخْلرا ى ‪ّ ،‬‬


‫فنإن هنذه انينة آينة عامنة‪،‬‬

‫لقولننه‪{ :‬اللذين فهننو ا ن ٌ موصننول‪ ،‬واْل ننماء الموصننولة تننُل علننى‬

‫العموم‪ ،‬مع قوله‪َ{ :‬القذمين يُتَوفقوْن مماْكُدْ َيذَرَُن أَزَْانًِ يتَربَّصْن بِأَففُسمهِنَّ أَرْبدةَ‬

‫نظ عننام لقولننه‪{ :‬ال لذين وهننو ا ن ٌ موصننول‪،‬‬


‫أَشْ لهُرى َعنْ لرًا فهننو لفن ٌ‬
‫واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬
‫وقُ وقع التعارض بين انيتين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حول كامل‪.‬‬ ‫‪ -‬اْلولى‪ :‬تُل على ّ‬
‫أن عُة المتوىف عنها زوجها‬
‫‪ -‬والثانية‪ :‬تُل على ّ‬
‫أن عُهتا أربعة أشهر وعشر ليال‪.‬‬
‫وِل يمكن الجمنع بينهمنا‪ِ ،‬ل يمكنن ْ‬
‫أن تُمنل إحنُى انيتنين علنى‬
‫مُمل‪ ،‬وأن تُمل انية اْلخرى على مُم ٍل آخر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪252‬‬
‫والمتقُم من انيتين معلوم‪ ،‬وهو قوله تعالى‪َ{ :‬القلذمين يُتَوفقلوْن مملاْكُدْ‬

‫َيذَرَُن أَزَْانًِ َصميَّةً لمأَزَْانِهِدْ متَِعًِ إِلَلٍ الْحلوْ ِ فيكنون قولنه‪{ :‬يتَربَّصْلن‬

‫بِأَففُسمهِنَّ أَرْبدةَ أَشْهُرى َعنْرًا نا ًخا له‪.‬‬


‫ففي هذا المثال تعارض لف نان عامنان‪ ،‬ولن يمكنن الجمنع بينهمنا‪،‬‬
‫والمتقُم والمتأخر معلوم فيكون المتنأخر نا ً‬
‫نخا للمتقنُم‪ ،‬واْلمثلنة م‬
‫هذا كثيرة‪ ،‬قُ تقَُّ م بعضها معنا م م ُث النس ‪.‬‬
‫‪ -‬المسننلك الثالننث‪ :‬إذا لن يمكننن الجمننع‪ ،‬ولن يعلن المتقننُم مننن‬
‫ٍ‬
‫بوجه من وجوه الكجيح‪.‬‬ ‫المتأخر فإنه ُيلجأ إلى الكجيح بين الُليلين‬

‫ومننن اْلمثلننة المشننهورة م هننذا‪ :‬قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪َ{ :-‬أن‬

‫جتمدوا بَ األختَ ‪ ،‬فإنه يُل على تُري الجمع بين اْلختين م النكاح‪،‬‬

‫وهو عنا ٌم لألختنين الُنرتين واْلختنين اْلمتنين؛ ْلن قولنه‪{ :‬األخلتَ‬


‫ٌ‬
‫لفظ عام لُخول "أل" اِل تغراقية عليه‪.‬‬

‫ٌ‬
‫لفنظ عنام‪ ،‬ينُل علنى تُنري‬ ‫فإ ًذا قوله‪َ{ :‬أن جتمدلوا بلَ األخلتَ‬
‫الجمع بين اْلختين الُرتين واْل َمتين م النكاح‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪253‬‬
‫ويعارضه قوله تعالى‪{ :‬أَ مِ مِكت أَِفكد فإننه ينُل علنى إباحنة‬

‫الجمع بين اْلختين اْلمتين م النكاح؛ ْلن "ما" م قوله‪{ :‬أَ مِ مِكت‬

‫أَِفكد ا ٌ موصول‪ ،‬واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬


‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪254‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م ُننث النّس ن بننالكالم علننى‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫فلهننذا خننت ُ‬
‫التعارض وأقسامه‪ ،‬وهذا له وجه منا ن ة ‪-‬كمنا قلننا‪ ،-‬وهني‪ّ :‬‬
‫أن النّسن‬
‫نرَ عنننه‪ ،‬فلهننذا ختمننه بننالكالم علننى م ُننث‬
‫م نن ٌني علننى التعننارض ومتفن ٌ‬
‫التعارض‪.‬‬
‫بينهنا‬ ‫والتعارض إنَّما يقع م ن ر الناظر‪ ،‬أ َّما نصوص الشريعة فلني‬

‫تعارض م حقيقة اْلمر؛ لقوله ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪َ{ :-‬لَوْ كَِن ممنْ عماَْم رَيْرِ‬

‫الِقهم لَونََُا فميهم اخْتمالفًِ كَاممًا [النساء‪ ،]82:‬فلما كان من عنُ اهَّلل ث ت أننه‬
‫فيه اختالف‪ ،‬وإنَّما يقع التعارض م ن ر الناظر واجتهاده‪.‬‬ ‫لي‬
‫والتعارض م لغة العرو معناه‪ :‬التمانع والتقابل‪ ،‬تقول‪ :‬تعارض زيٌُ‬
‫وعمرو‪ ،‬أر‪ :‬تقابال وتمانعا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وجنه يمننع‬ ‫أ َّما عنُ اْلصوليين‪ :‬فالتعارض هو تقابنل النُليلين علنى‬
‫ٍ‬
‫واحُ منهما دِللة انخر‪.‬‬ ‫كل‬
‫والتعارض قُ يُصل بنين النصنين‪ ،‬وقنُ يُصنل بنين اإلجمناعين‪،‬‬
‫وقُ يُصل بين القيا ين‪ ،‬وقُ يُصل بنين نن ٍ وإجمناَ وقيناس‪ ،‬وقنُ‬
‫يُصل بين إجما ٍَ أو قياس‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪255‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصنننر علنننى الكنننالم م التعنننارض بنننين‬ ‫ِ‬
‫والمصننننِّف ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫النصين من جهة العموم والخصوص فقب‪ ،‬فالتعارض‪:‬‬
‫‪ -‬قُ يكون بين نصين‪.‬‬
‫‪ -‬وقُ يكون بين إجماعين‪.‬‬
‫‪ -‬وقُ يكون بين قيا ين‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منهنا‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أقسنام‪ ،‬اقتصنر ُ‬ ‫والتعارض بين النن‬
‫على التعارض بين النصنين منن جهنة العمنوم والخصنوص فقنب؛ ولهنذا‬
‫قال‪َ ( :‬تنْ ِي ٌه فِي ال َّت َع ُارض إِذا ت َعارض نأقان)‪ ،‬يعني‪ :‬إذا تعارض لف ان‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منهنا‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫والتعارض بين اللف ين أننواَ‪ ،‬اقتصنر ُ‬
‫على الكالم على التعارض بنين اللف نين منن جهنة الخصنوص والعمنوم‬
‫فُسنن‪ ،،‬والتعننارض بننين اللف ننين مننن جهننة العمننوم والخصننوص عنننُ‬
‫المصنِّف أربعة أقسام‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون اللف ان عامين‪.‬‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون اللف ين خاصين‪.‬‬
‫خاصا‪.‬‬
‫أن يكون أحُ اللف ين عا ًما وانخر ً‬ ‫‪ -‬القس الثالث‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫واحنُ منن اللف نين عا ًمنا منن وجنه‪،‬‬ ‫‪ -‬القس الرابنع‪ْ :‬‬
‫أن يكنون كنل‬
‫خاصا من ٍ‬
‫وجه آخر‪.‬‬ ‫ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪256‬‬
‫اهَّلل‪ -‬قسننمة‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وهننذه القسننمة الرباعيننة التنني ذكَرهننا ُ‬
‫حاصرة‪.‬‬
‫فأ َّما القس اْلول‪ :‬وهو ْ‬
‫أن يكون التعارض بين لف ين عامين‪.‬‬
‫فيُصل إزالة التعارض بينهما بمسالك أربعة على الكتي‪:،‬‬
‫‪ -‬المسلك اْلول الذر يزال به التعارض بين اللف ين العامين‪:‬‬
‫ً‬
‫إعمناِل‬ ‫الجمع بينهمنا إذا أمكنن‪ ،‬فيجن‪ ،‬الجمنع إذا أمكنن؛ ْلن فينه‬
‫للُليلين‪ ،‬والقاعنُة " ّ‬
‫أن إعمنال النُليلين أولنى منن إهمالهمنا أو إهمنال‬
‫أحُهما"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحُ منهما على مُمن ٍل‬ ‫ومعنى الجمع بين الُليلين‪ْ :‬‬
‫أن يُمل كل‬
‫المقصننود‬ ‫ِل يعننارض انخننر‪ ،‬هننذا معنننى الجمننع بننين الننُليلين‪ ،‬ولنني‬
‫دل‬ ‫ٍ‬
‫واحنُ منن النُليلين م جمينع منا َّ‬ ‫أن يعمل بكنل‬‫بالجمع بين الُليلين ْ‬
‫ٍ‬
‫واحُ منهما على مُم ٍل ِل يننام فينه‬ ‫عليه‪ ،‬وإنَّما المقصود ْ‬
‫أن يُمل كل‬
‫انخر‪.‬‬
‫ومن اْلمثلة المشهورة لهذا المسنلك‪ :‬قولنه ‪َ « :‬أ َِل ُأ ْخ ِ ُنر ُك ْ بِ َخ ْي ِنر‬
‫ود؟ ا َّل ِذر َي ْأتِي َش َها َد َت ُه َق ْ َل َأ ْن ُي ْس َأ َل َها»‪.‬‬
‫الشه ِ‬
‫ُّ ُ‬
‫فهذا الُُيث فيه عموم‪ ،‬ومُله قوله‪« :‬ا َّل ِنذر» فهنو ا ن ٌ موصنول‪،‬‬
‫واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪257‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مع قوله ‪َ « :‬خ ْي ُر ُك ْ َق ْرني ُثن َّ ا َّلنذي َن َي ُلنون َُه ْ ُثن َّ ا َّلنذي َن َي ُلنون ُ ْ َّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ث‬ ‫َه‬
‫ون َق ْ َل َأ ْن َي ْست َْش ِهُُ وا» وهذا الُُيث فينه عمنوم‬ ‫ون َب ْعَُ ُه ْ َق ْو ٌم َي ْش َهُُ َ‬
‫َي ُك ُ‬
‫ون» ّ‬
‫فإن ضمير الجمع منن اْللفناظ التني‬ ‫أيضا‪ ،‬وموضعه م قوله‪َ « :‬ي ْش َهُُ َ‬
‫ً‬
‫تُل على العموم‪.‬‬
‫فتعننارض الُننُيثان مننن جهننة‪ّ :‬‬
‫أن اْلول يننُل علننى مننُح َمننن أتننى‬
‫بالشهادة ق ل ْ‬
‫أن ُيسألها‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬يُل على ذ َّم َمن أتى بالشهادة ق ل ْ‬
‫أن ُيسألها‪.‬‬
‫من هذا التعارض هو الجمع بنين الُنُيثين‪ ،‬وذلنك ْ‬
‫بنأن‬ ‫والمخل‬
‫ُيُمل الُُيث اْلول على َمن جاء بالشنهادة والمسنتُق لهنا َينر عنال ٍ‬
‫هبا‪.‬‬
‫و ُيُمل الُُيث الثاين على َمن جاء بالشهادة والمسنتُق لهنا عنال‬
‫هبا‪ ،‬لكنه ل يأل ها‪.‬‬
‫فالُُيث اْلول‪ُ :‬يُمل على َمن جاء بالشهادة‪ ،‬والمستُق لها َينر‬
‫عال ٍ هبا‪.‬‬
‫أ َّما الُُيث الثاين‪ :‬ف ُيُمل على َمنن جناء بالشنهادة والمسنتُق لهنا‬
‫عال هبا‪ ،‬ومع كوهنا عال هبا إِل أنه ل يسنألها‪ ،‬ولن ي ُنث عنهنا فيكنون‬
‫ممُوحا؟ يكون مذمو ًما‪.‬‬
‫ً‬ ‫اإلتيان بالشهادة م هذه الُال مذمو ًما أو‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪258‬‬
‫وقُ ا تشنكل بعنض اْلصنوليين العمنوم م الُنُيث الثناين‪ ،‬فقنال‪:‬‬
‫بأن قوله‪َ « :‬ي ْش َهُُ َ‬
‫ون» فيه‬ ‫هذا الُُيث ِل عموم فيه‪ ،‬لكن ُيجاو عن هذا‪ّ :‬‬
‫ضمير جمع‪ ،‬وضمير الجمع من صي العموم‪.‬‬
‫هذا المسلك اْلول وهو الجمع بين العامين إذا أمكن‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪259‬‬
‫اصا فيخص ا ْل َعام بالخناص َوإِن‬ ‫حُهما َعاما َو ْانخر َخ ّ‬
‫َ‬ ‫َوإِن ك َ‬
‫َان َأ‬
‫ُعمنوم كنل و ِ‬
‫احنُ‬ ‫حُهما َعاما من َوجه وخاصنا منن َوجنه فنيخ‬ ‫َان َأ‬
‫ك َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مِن ُْه َما بِ ُخ ُصوص انخر‪.‬‬

‫‪ -‬المسلك الثاين‪:‬‬
‫إذا ل يمكن الجمع و ُعل المتقُم من المتأخر؛ ّ‬
‫فنإن المتنأخر يكنون‬
‫نا ًخا للمتقُم‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلنك‪ :‬قولنه تعنالى‪َ{ :‬القلذمين يُتَوفقل وْن مملاْكُدْ َيلذَرَُن أَزَْانًلِ‬

‫َصميَّةً لمأَزَْانِهِدْ متَِعًِ إِلٍَ الْحوْ ِ رَيْر إِخْرا ى [ال قرة‪ّ ،]240:‬‬
‫فإن هذه انينة‬

‫آي ٌة عامة؛ لقوله‪{ :‬الذين فهو ا ٌ موصول واْل نماء الموصنولة تنُل‬

‫على العموم‪ ،‬مع قوله تعالى‪َ{ :‬القذمين يُتَوفقوْن مماْكُدْ َيذَرَُن أَزَْانًلِ يتَربَّصْلن‬

‫بِأَففُسمللهِنَّ أَرْبدللةَ أَشْل لهُرى َعنْللرًا [ال قنننرة‪ ،]234:‬فهنننو لفن ٌ‬


‫ننظ عنننام لقولنننه‪:‬‬

‫{الذين وهو ا ٌ موصول‪ ،‬واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬


‫وقُ وقع التعارض بين انيتين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلولى‪ :‬تُل على ّ‬
‫أن عُة المتوىف عنها زوجها حول كامل‪.‬‬
‫‪ -‬والثانية‪ :‬تُل على ّ‬
‫أن عُهتا أربعة أشهر وعشر ليال‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪260‬‬
‫وِل يمكن الجمع بينهما‪ ،‬فال يمكنن ْ‬
‫أن تُمنل إحنُى انيتنين علنى‬
‫وأن ُتُمل انية اْلخرى على مُم ٍل آخر‪.‬‬
‫مُملٍ‪ْ ،‬‬

‫والمتقُم من انيتين معلوم‪ ،‬وهو قوله تعالى‪َ{ :‬القلذمين يُتَوفقلوْن مملاْكُدْ‬

‫َيذَرَُن أَ زَْانًِ َصميَّةً لمأَزَْانِهِدْ متَِعًِ إِلٍَ الْحوْ ِ ‪ ،‬فيكنون قولنه‪{ :‬يتَربَّصْلن‬

‫بِأَففُسمهِنَّ أَرْبدةَ أَشْهُرى َعنْرًا نا ًخا له‪.‬‬


‫ففي هذا المثال تعارض لف نان عامنان‪ ،‬ولن يمكنن الجمنع بينهمنا‪،‬‬
‫والمتقُم والمتأخر معلوم فيكون المتنأخر نا ً‬
‫نخا للمتقنُم‪ ،‬واْلمثلنة م‬
‫هذا كثيرة‪ ،‬وقُ تقَُّ م بعضه معنا م م ُث النس ‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك الثالث‪:‬‬
‫إذا ل يمكن الجمع ول ُيع َل المتقُم من المتنأخر‪ ،‬فإننه يلجنأ إلنى‬
‫ٍ‬
‫بوجه من وجوه الكجيح‪.‬‬ ‫الكجيح بين الُليلين‬

‫ومننن اْلمثلننة المشننهورة م هننذا‪ :‬قولننه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعننا َلى‪َ{ :-‬أَنْ‬

‫لَجْمدُللوا بليْن األُخْتَليْنِ [النسنناء‪ ،]23:‬فإنننه يننُل علننى تُننري الجمننع بننين‬
‫اْلختين م النكاح‪ ،‬وهو عا ٌم لألختنين الُنرتين واْلختنين اْلمتنين؛ ّ‬
‫ْلن‬

‫ٌ‬
‫لفظ عام؛ لُخول "أل" اِل تغراقية عليه‪.‬‬ ‫قوله‪{ :‬األختَ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪261‬‬
‫ٌ‬
‫لفنظ عنام ينُل علنى تُنري‬ ‫فإ ًذا قولنه‪َ{ :‬أَنْ لَجْمدُلوا بليْن األُخْتَليْنِ‬
‫الجمع بين اْلختين الُرتين واْلمتين م النكاح‪.‬‬

‫ويعارضه قوله تعالى‪{ :‬أََْ مِ مَِكَتْ أَيْمِفُكُدْ ‪ ،‬فإنه يُل على إباحنة‬

‫ْلن قولنه‪{ :‬ملِ م انينة ا ن‬


‫الجمع بين اْلختين اْلمتين م النكناح؛ ّ‬
‫موصول‪ ،‬واْل ماء الموصولة تُل على العموم‪.‬‬
‫فتعارض انيتان م اْلختين المملوكتين‪ ،‬هل يجوز الجمع بينهما م‬
‫بنأن َتُمنل إحنُاهما‬
‫النكاح أو ِل يجوز؟ وِل يمكن الجمع بنين انيتنين ْ‬
‫على مُم ٍل ِل يعارض انخر‪ ،‬وِل ُيع ّل المتقُم من المتنأخر فنلجنأ إلنى‬
‫الكجيح‪.‬‬
‫نح الفقهنناء انيننة اْلولننى المانعننة مننن الجمننع بننين اْلختننين‬
‫وقننُ رجن َّ‬
‫المملوكتين‪ ،‬وقضى بأنه ُيُرم الجمنع بينهمنا م النكناح‪ ،‬وذلنك ا نتنا ًدا‬
‫إلى قاعُة وهي" ّ‬
‫أن اْلصل م اْلبضاَ التُري "‪ ،‬بمعنى‪ :‬أننه إذا تنردد‬
‫اْلمر م ال ضع بين ِ‬
‫الُل والُرمة فإننا نرجح جان‪ ،‬الُرمنة؛ ْلهننا هني‬
‫جنااز‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫اْلصل م اْلبضاَ‪ ،‬وأ َّما الجمع بين اْلختين م ملك اليمين فهنذا‬
‫ٍ‬
‫شيء؟ م النكاح فقب‪.‬‬ ‫والكالم إنَّما هو الجمع بينهما م أر‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪262‬‬
‫‪ -‬المسلك الرابع‪:‬‬
‫التوقف‪ ،‬فنإذا لن يمكنَّنا ْ‬
‫أن نجمنع بنين اللف نين العنامين وِل نعنرف‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؛‬ ‫مرجُا بينهما؛ فإنه يج‪ ،‬التوقف‬ ‫المتقُم من المتأخر‪ ،‬ول نجُ‬
‫ً‬
‫حتى يفتح اهَّلل وهو خير الفاتُين‪ ،‬والتوقف نس ي‪ ،‬فقُ يتم َّكن عنال منن‬
‫يتوقنف‬
‫العلماء من الجمع بين الُليلين وَيره ِل يسنتأيع فيتوقنف‪ ،‬وقنُ ّ‬
‫عال منن العلمناء منن الكجنيح بنين النُليلين العنامين وَينره ِل يسنتأيع‬
‫حينئذ فالتوقف نس ٌي يختلف باختالف اجتهاد أهل العل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيتوقف‪،‬‬
‫المصننِّف – رحمنه اهَّلل ‪َ ( :-‬فنإِن كَانَنا َعنام ْي ِن َفنإِن‬
‫وعلى هذا‪ :‬فقنول ُ‬
‫فيهما إِن ل‬ ‫ينهما ُجمع َوإِن ل ُيمكن ا ْلجمع َب َ‬
‫ينهما يت ََو َّقف َ‬ ‫أمكن ا ْلجمع َب َ‬
‫ناري )؛ يعننني‪ :‬أو المننرجح ( َفننإِن عل ن ال َّتن ِ‬
‫ناري ُين َْس ن ا ْل ُم َت َقننُّ م‬ ‫يعل ن ال َّتن ِ‬

‫بالمتأخر)؛ هذا هو القس اْلول‪ ،‬وهو إذا كان اللف ين عامين‪.‬‬


‫وقُ عرفنا طرق إزالة التعارض بين اللف ين العامين‪:‬‬
‫‪ -‬الأريقة اْلولى‪ :‬الجمع بينهما‪.‬‬
‫إن ُعلِ المتقُم من المتأخر‪.‬‬
‫‪ -‬الأريقة الثانية‪ :‬النس ْ‬
‫‪ -‬الأريقة الثالثة‪ :‬الكجيح‪.‬‬
‫‪ -‬الأريقة الرابعة‪ :‬التوقف‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪263‬‬
‫وهذه الأرق مرت ة‪ ،‬فال يصنح ال نُاءة بالنسن ق نل الن نر م الجمنع‬
‫بننين الننُليلين‪ ،‬وِل يصننح ال ننُاءة بننالكجيح ق ننل الن ننر م الجمننع بننين‬
‫الُليلين والنس وهكذا‪.‬‬
‫القس ن الثنناين‪ْ :‬‬
‫أن يكونننا الننُليالن خاصننين‪ ،‬وإزالننة التعننارض بننين‬
‫الننُليلين الخاصننين تكننون بالمسننالك اْلربعننة السننابقة‪ ،‬وهنني‪ :‬الجمننع‪،‬‬
‫فيه إزالة للتعارض‪ ،‬ولكن‬ ‫والنس ‪ ،‬والكجيح‪ ،‬والتوقف‪ ،‬والتوقف لي‬
‫المجتهُ ينت ر حتى يفتح اهَّلل بأريق من الأرق الثال السابقة‪.‬‬
‫فالقس الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون الُليلين خاصنين‪ ،‬وإزالنة التعنارض بينهمنا‬
‫تكون بأربع طرق‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬الجمع بين الُليل إذا أمكن ذلنك‪ ،‬وذلنك ْ‬
‫بنأن ُيُمنل كنل‬
‫ٍ‬
‫واحُ من الُليلين على مُم ٍل ِل يعارض فيه انخر‪.‬‬
‫اهَّلل َعن َْهنا‪ّ -‬‬
‫أن الن ني ‪ ‬م مسنألة‬ ‫ِ‬
‫ومن أمثلته‪ :‬حُيث عااشة ‪َ -‬رضن َي ُ‬
‫صنريح م‬
‫ٌ‬ ‫ار َي ِة َشا ٌة» فهذا الُُيث‬ ‫العقيقة‪َ « :‬عن ا ْل ُغ َال ِم َشا َت ِ‬
‫ان‪َ ،‬و َع ْن ا ْل َج ِ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫بشناة واحنُة‪ ،‬وهنو‬ ‫وأن الجارينة يعنق عنهنا‬ ‫أن الغالم ُيعنق عننه بشناتين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ٌ‬
‫حُيث خاص‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪264‬‬
‫عق عن‬ ‫اهَّلل َعن ُْه َما‪ّ -‬‬
‫أن الن ي ‪َّ ‬‬ ‫ِ‬
‫ويعارض حُيث ابن ع اس ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫ش وعن الُسين بك ٍ‬
‫ش‪ ،‬فهذا الُُيث ينُل علنى ّ‬
‫أن الغنالم‬ ‫الُسن بك ٍ‬
‫معارضا للُُيث اْلول الذر يُل علنى ّ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫يعق عنه ٍ‬
‫بشاة واحُة‪ ،‬فيكون‬ ‫ُ‬
‫الغالم ُيعق عنه بشاتين‪.‬‬
‫وقُ جمع بينهما‪ ،‬نقول‪ :‬الجمع هنا ممكن بين الُُيثين‪ ،‬وقُ جمع‬
‫ٌ‬
‫مُمنول علنى اِل نتُ او‪ ،‬وفعنل‬ ‫بأن قوله‪َ « :‬عن ا ْل ُغ َال ِم َشنا َت ِ‬
‫ان»‬ ‫بينهما ّ‬
‫ْ‬
‫ٌ‬
‫مُمنول علنى‬ ‫ش والُسنين بكن ٍ‬
‫ش‬ ‫عق عنن الُسنن بكن ٍ‬ ‫الن ي ‪ ‬عنُما َّ‬
‫نأن ُحمنل كنل واحن ٍنُ منهمنا علننى‬
‫فجمنع بننين هنذين الُنُيثين بن ْ‬
‫الجنواز‪ُ ،‬‬
‫مُم ٍل ِل يعارض الُُيث انخر‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك الثاين‪ :‬النس ‪ ،‬كما م آينة المناجناة التني تقنَُّ مت معننا م‬

‫قوله تعالى‪{ :‬يِ َأيههِ القل مذين نماُلوا ِإذَا فَلِن ْي ُت ُد ال َّرسُلو َ َفَِل َِّمُوا بليْن يلَ ْخ َفجْلوا ُك ْد‬

‫صللَقَةً [المجادلننة‪ ،]12:‬فقننُ د َّلننت انيننة علننى وجننوو التصننُق ق ننل‬

‫مناجاة الن ي ‪ ،‬ث نُس ذلك بقوله‪{ :‬أَأَشْفَِْتُدْ أَنْ لََُِِّمُوا بيْن يلَخْ فَجْلواكُدْ‬

‫صللَقَِ} فَلل ِإ ْذ لَلل ْد َلفْدُِللوا َلَللِب الِقلل ُه عَِلل ْي ُك ْد فَلل َأقميمُوا الصَّللالة َنلُللوا ال َّزكَللِة ‪. .‬‬

‫[المجادلة‪ ]13:‬انية‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك الثالنث‪ :‬الكجنيح بنين النُليلين الخاصنين‪ ،‬ومنن أمثلتنه‬
‫اهَّلل َعن َْها‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫المشهورة عنُ اْلصوليين‪ :‬حُيث ميمونة ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪265‬‬
‫م الُُيث‪ ،‬حُيث ابنن ع ناس‪ ،‬لني‬ ‫المسلك الثاين‪ :‬النس ‪ ،‬لي‬
‫فيها نس ‪ ،‬وإنَّما الجمع ممكن‪.‬‬
‫نقول‪ :‬المسلك الثالث‪ :‬الكجيح بين الُليلين الخاصين‪ ،‬ومن أمثلته‬
‫أن الن ي ‪‬‬‫اهَّلل َعن َْها‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫المشهورة عنُ اْلصوليين‪ :‬حُيث ميمونة ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫أن الن ي ‪ ‬نكُهنا وهنو َينر مُنرم‪،‬‬ ‫صريح م ّ‬
‫ٌ‬ ‫تزوجها وهو حالل‪ ،‬فإنه‬
‫َّ‬
‫نزوج‬ ‫اهَّلل َعن ُْه َمننا‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫أن الن نني ‪ ‬تن َّ‬ ‫ويعارضننه حننُيث ابننن ع نناس ‪َ -‬رضن َني ُ‬
‫ميمونة وهو مُرم‪.‬‬
‫تزوجهنننا م حنننال إحرامنننه فتعنننارض‬ ‫ننريح م ّ‬
‫أن الن ننني ‪َّ ‬‬ ‫فهنننو صن ٌ‬
‫تزوجها وهو حالل‪ ،‬والثاين‪ :‬يُل على أنه‬
‫الُُيثان‪ ،‬اْلول‪ :‬يُل على أنه َّ‬
‫تزوجها وهو مُرم‪ ،‬وِل يمكن الجمع بنين الُنُيثين‪ ،‬وِل يمكنن القنول‬
‫َّ‬
‫بالنس ‪ ،‬فنعمُ إلى الكجيح بين الُُيثين‪.‬‬
‫تزوجهنا وهنو حنالل أرجنح منن‬ ‫وحُيث ميمونة وهو ّ‬
‫أن الن ني ‪َّ ‬‬
‫حُيث ابن ع اس من عُة وجوه‪:‬‬
‫اهَّلل َعن َْهننا‪ -‬هنني صنناح ة‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬الوجننه اْلول‪ :‬منهننا‪ّ :‬‬
‫أن ميمونننة ‪َ -‬رضن َني ُ‬
‫قصة‪ ،‬والقاعُة " ّ‬
‫أن صاح‪ ،‬القصنة يقنُم قولنه علنى قنول َينره"؛ ْلننه‬
‫أعرف بما روى وأدرى به‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪266‬‬
‫يتقنوى بُنُيث أبني‬ ‫أيضا‪ّ :‬‬
‫أن حُيث ميموننة َّ‬ ‫‪ -‬الوجه الثاين‪ :‬ومنها ً‬
‫نزوج ميمونننة وهننو حننالل‪ ،‬قننال‪( :‬وكنننت الر ن َ‬
‫نول‬ ‫رافننع ‪ّ ‬‬
‫أن الن نني تن َّ‬
‫بينهما)‪.‬‬
‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬ثال ًثا مما يرجح حُيث ميمونة‪ّ :‬‬
‫أن ابن ع اس ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫صغيرا‪ ،‬والقاعُة "أنه إذا تعارضت رواية الصغير والك ير ّ‬
‫فإن رواية‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫الك ير أرجح"؛ ّ‬
‫ْلن ال ن يغل‪ ،‬صُقه‪.‬‬
‫‪ -‬المسلك الرابع‪ :‬التوقف حتى يفتح اهَّلل ‪ ‬وهو خير الفاتُين‪.‬‬
‫هذا القس الثاين وهو إذا كان التعارض بين خاصين‪.‬‬
‫القس الثالث‪ :‬إذا كان التعارض بنين دليلنين أحنُهما عنام‪ ،‬وانخنر‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أنه يخص العام بالخاص‪ ،‬وأمثلتها كثينرة تقنَُّ م‬ ‫خاص‪ ،‬فالُك‬
‫كثير منها م م ُث العام والخاص‪.‬‬ ‫معنا ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َما ُء ا ْل َع ْش ُر» يخصصنه قولنه ‪َ « :‬لن ْي َ‬
‫يما َ َقت َّ‬
‫منها قوله ‪« :‬ف َ‬
‫ون َخ ْم َس ِة َأ ْو ُ ٍق َصَُ َق ٌة»‪ ،‬وإنَّما عُلنا عن قوله تعالى‪َ{ :‬الْمُلَِقَِِ}ُ‬
‫يما ُد َ‬‫ِ‬
‫ف َ‬
‫يتَربَّصْللللن بِأَففُسملل لهِنَّ ثَالثَلل لةَ قُلل لرَُء [ال قننننرة‪ ،]228:‬مننننع قولننننه‪َ{ :‬أَُْال}ُ‬

‫األَحْملِ ِ [الأالق‪]4:‬؛ ّ‬
‫ْلن هنذا منن بناو تعنارض العنامين ِل منن بناو‬
‫تعارض الخاص والعام‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪267‬‬
‫من ٍ‬
‫وجه‬ ‫وخاصا‬ ‫أن يكون أحُ الُليلين عاما من ٍ‬
‫وجه‬ ‫القس الرابع‪ْ :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫آخر‪.‬‬
‫وهذا القس إلزالة التعارض فيه مسلكان‪:‬‬
‫اهَّلل‪ْ -‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫‪ -‬المسلك اْلول‪ :‬وهو الذر ن َّ علينه ُ‬
‫واحُ من الُليلين بخصوص انخنر‪ ،‬فيجن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يمكن تخصي عموم كل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫ويمثل له اْلصوليون بمثنال مشنهور‪ :‬وهنو قولنه ‪« :‬إِ َذا َب َلن َ ا ْل َمنا ُء‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ور‬‫ُق َّل َت ْي ِن َل ْ َين ُْج ْ »‪ ،‬وم لفظ « َل ْ َي ُْم ْل ا ْل َخ َ َث»‪ ،‬مع قوله ‪« :‬ا ْل َما ُء َط ُه ٌ‬
‫واحُ من‬ ‫ٍ‬ ‫يُ ِه َأ ْو َط ْع ِم ِه َأ ْو َل ْونِ ِه»‪ ،‬فكل‬
‫َِل ينَجسه َشيء إِ َِّل ما ََ َل‪َ ،‬ع َلى ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ ُ ُ ْ ٌ‬
‫وجه آخر‪.‬‬ ‫هذين الُليلين عام من وجه‪ ،‬خاص من ٍ‬

‫فأ َّما الُليل اْلول‪ :‬وهو قوله ‪« :‬إِ َذا َب َل َ ا ْل َما ُء ُق َّل َت ْي ِن َل ْ َين ُْج ْ » فهو‬
‫عا ٌم م الماء المتغينر وَينر المتغينر‪ ،‬فهنذه جهنة العمنوم فينه‪ ،‬وخناص م‬
‫القلتين‪ ،‬فهذه جهة الخصوص فيه‪.‬‬
‫ور َِل ُين َِّج ُسن ُه َش ْني ٌء إِ َِّل‬
‫وأ َّما الُُيث الثاين‪ :‬وهو قوله ‪« :‬ا ْل َما ُء َط ُه ٌ‬
‫يُن ِنه َأ ْو َط ْع ِمن ِنه َأ ْو َل ْونِن ِنه»‪ ،‬فهننو عننا ٌم م القلتننين ومننا دون‬
‫مننا ََ َلنن‪َ ،‬ع َلننى ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وخاص م الماء المتغير فقب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫القلتين‪،‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪268‬‬
‫فإ ًذا كل واحُ من الُنُيثين فينه جهنة عمنوم‪ ،‬وفينه جهنة خصنوص‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬الُننُيث اْلول ‪-‬كمننا عرفنننا‪ :-‬جهننة العمننوم أنننه عننام م المنناء‬
‫المتغير وَير المتغير‪ ،‬وجهة الخصوص فيه أنه خاص بالقلتين فقب‪.‬‬
‫‪ -‬والُننُيث الثنناين‪ :‬جهننة العمننوم فيننه أنننه عننام م القلتننين ومننا دون‬
‫القلتين‪ ،‬وجهة الخصوص فيه أنه خاص م المناء المتغينر فقنب‪ ،‬والعمنل‬
‫واحُ من الُليلين بخصوص آخر‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن يخص عموم كل‬ ‫ْ‬
‫إِل بنالتغير‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫وتكون نتيجة ذلك‪ّ :‬‬
‫أن الماء إذا بل قلتين ِل ينج‬
‫ما دون القلتين ينج إذا وقعنت فينه النجا نة‪ ،‬نوا ًء تغينر أو لن يتغينر‪،‬‬
‫هننذه هنني نتيجننة تخصنني كننل واحن ٍنُ مننن عمننوم الُننُيثين بخصننوص‬
‫إِل بالتغير‪ ،‬وأنه إذا ل ي ل قلتنين‬ ‫انخر‪ّ ،‬‬
‫أن الماء إذا بل قلتين ِل ينج‬
‫إذا وقعت فيه نجا ة تغير أو ل يتغير‪.‬‬ ‫ينج‬
‫وإلى هذا ذه‪ ،‬بعض الفقهاء ‪-‬وهو المشهور منن منذه‪ ،‬الُنابلنة‬
‫أيضا‪ -‬إلنى ّ‬
‫أن المناء ِل‬ ‫‪ -‬وذه‪ ،‬بعض الفقهاء ‪-‬وهو رواية عنُ الُنابلة ً‬
‫ورجُننوا دِللننة‬
‫َّ‬ ‫إِل بننالتغير‪ ،‬ننوا ًء بل ن القلتننين أم ل ن ي لغهمننا‪،‬‬ ‫ينننج‬
‫أن يتغينر‬ ‫ْ‬ ‫الُُيث الثاين وهو قولنه ‪« :‬ا ْل َما ُء َط ُه ٌ‬
‫ور َِل ُين َِّج ُس ُه َشي ٌء»؛ إِل ْ‬
‫لونه أو طعمه أو ريُه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪269‬‬
‫و ‪ ،‬ترجيُه لنه‪ :‬أننه ينُل بمنأوقنه‪ ،‬أ َّمنا حنُيث القلتنين فينُل‬
‫ْ‬
‫وإن لن يتغينر‪ ،‬والقاعنُة أننه إذا‬ ‫بمفهومه على ّ‬
‫أن ما دون القلتنين يننج‬
‫تعارض المنأوق والمفهوم ّ‬
‫فإن المنأوق يقُم؛ ْلنه أقوى‪.‬‬
‫المناء إِل إذا‬ ‫وهذا القول الثاين هنو اْلرجنح ْ‬
‫إن شناء اهَّلل‪ ،‬فنال يننق‬
‫تغير‪ ،‬وا ًء بل القلتين أم ل ي لغهما‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحنُ‬ ‫عمنوم كنل‬ ‫هذا هو المسلك اْلول‪ ،‬وهو إذا أمكن تخصني‬
‫المصنِّف – رحمه اهَّلل ‪.-‬‬
‫من الُليلين بخصوص انخر؛ وهو الذر ذكره ُ‬
‫عمنوم أحنُهما بخصنوص‬ ‫‪ -‬المسلك الثاين‪ :‬إذا ل يكن تخصني‬
‫ٍ‬
‫بوجه منن وجنوه الكجنيح المعلومنة عننُ‬ ‫انخر؛ فإنه يعُل إلى الكجيح‬
‫علماء اْلصول‪.‬‬

‫نجَُ َف َنال َي ْجلِن ْ‬


‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قولنه ‪« :‬إِ َذا َد َخ َنل َأ َحنُُ ُك ا ْلمس ِ‬
‫ُ َ ْ‬
‫َح َّتننى ُي َصن ِّل َي َر ْك َع َتن ْي ِن» مننع قولننه ‪َِ « :‬ل َصن َنال َة َب ْعننَُ ُّ‬
‫الصن ْحِ َح َّتننى َت ْأ ُلن َ‬
‫نع‬
‫الش ْم ُ ‪َ ،‬و َِل َص َال َة َب ْعَُ ا ْل َع ْص ِر َحتَّى َت ْغ ُر َو ال َّش ْم ُ »‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وجنه‪ ،‬وفينه خصنوص‬ ‫ٍ‬ ‫فكل واحُ من هذين الُليلين فينه عمنوم منن‬
‫من ٍ‬
‫وجه آخر‪ ،‬فالُُيث اْلول‪ :‬فيه عموم من جهة الوقت؛ ْلنه قال‪« :‬إِ َذا‬
‫جَُ َف َنال َي ْجلِن ْ َحتَّنى ُي َصن ِّل َي َر ْك َعتَن ْي ِن»‪ ،‬يعنني‪ :‬م أر‬
‫َد َخ َل َأ َحُُ ُك ا ْلمس ِ‬
‫ُ َ ْ‬
‫وقت فهو عام من جهة الوقت‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪270‬‬
‫وخاص من جهنة تُينة المسنجُ‪ ،‬وذلنك لقولنه‪« :‬إِ َذا َد َخ َنل َأ َحنُُ ُك ُ‬
‫ا ْلمس ِ‬
‫جَُ » فهو عام م الوقت خاص تُية المسجُ‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫الص ن ْحِ َح َّتننى َت ْأ ُلن َ‬
‫نع‬ ‫والُننُيث الثنناين‪ :‬وهننو قولننه‪َِ « :‬ل َصن َنال َة َب ْعننَُ ُّ‬
‫الش ْم ُ ‪َ ،‬و َِل َص َال َة َب ْعنَُ ا ْل َع ْص ِنر َحتَّنى َت ْغ ُنر َو َّ‬
‫الش ْنم ُ » عنام م الصنالة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وا ًء أكانت تُية المسجُ أم كانت َيرها من الصلوات‪.‬‬
‫وخاص م الوقت وهو وقت الص ح‪ ،‬وهو الوقت النذر بعنُ صنالة‬
‫الصن ح والوقننت الننذر بعننُ صننالة العصننر‪ ،‬وِل يمكننن هنننا ْ‬
‫أن يخصن‬
‫عموم كل واحُ من الُليلين بخصوص انخر‪ ،‬فيعُل إلى الكجيح‪.‬‬
‫وحُيث «إِ َذا َد َخ َل َأ َحُُ ُك ا ْلمس ِ‬
‫جَُ » أرجح لُُيث « َِل َص َنال َة َب ْعنَُ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫الص ْحِ » إلى آخر الُُيث‪ ،‬ووجه رجُاننه‪ ،‬ن ‪ ،‬رجُاننه‪ّ :‬‬
‫أن حنُيث‬ ‫ُّ‬
‫الش ْنم ُ ‪َ ،‬و َِل َص َنال َة َب ْعنَُ ا ْل َع ْص ِنر َحتَّنى‬ ‫الص ْحِ َحتَّى َت ْأ ُل َ‬
‫نع َّ‬ ‫« َِل َص َال َة َب ْعَُ ُّ‬
‫‪.‬‬ ‫ورد عليه التخصي‬ ‫َت ْغ ُر َو َّ‬
‫الش ْم ُ » قُ َ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪271‬‬
‫فإن الن ي ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن نَا َم َع ْن َص َال ٍة َأ ْو ن َِس َي َها َف ْل ُي َصن ِّل َها إِ َذا َذك ََر َهنا»‪،‬‬
‫ّ‬
‫وهننذا يشننمل مننا بعننُ صننالة الص ن ح‪ ،‬ومننا بعننُ صننالة العصننر‪ ،‬وقضننى‬
‫الركعتين اللتين فاتتا بعُ صالة العصر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪272‬‬
‫يضنعف‬ ‫‪ ،‬والتخصي‬ ‫ورد عليه التخصي‬
‫فعموم هذا الُُيث قُ َ‬
‫وهو العام المُفوظ مع عام قُ فرقه‬ ‫العموم‪ ،‬وإذا تعارض عام ل يخ‬
‫ينرجح لقوتنه؛ ْلننه‬ ‫وورد عليه؛ ّ‬
‫فإن العام الذر لن يخصن‬ ‫التخصي‬
‫أقوى‪.‬‬
‫ُيقنُم‬ ‫ولهذا يقول اْلصوليون‪ :‬العام المُفوظ وهو الذر ل يخ‬
‫على المخصوص‪.‬‬
‫عمننوم كننل واحن ٍنُ مننن‬ ‫فننإ ًذا م هننذا المثننال ل ن يمكنننا ْ‬
‫أن نخص ن‬
‫الُليلين بخصوص انخر وأمكن الكجيح فيعمل به‪.‬‬
‫أولون الكالم على أقسام التعارض‪ ،‬وي ُثوهننا بُ ًثنا‬ ‫واْلصوليون ُي ِّ‬
‫اهَّلل‪ ،-‬فقُ َّنوَ اْلقسام‬ ‫ِ‬
‫كثيرا‪ ،‬وممن تو ع م هذا الشي انمُر ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫ً‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصر على مقُمة وجيزة م‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وطول الكالم فيها‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬
‫التعارض بين اْللفاظ من جهة العموم والخصوص فُس‪.،‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪273‬‬

‫اإلجماَ‬

‫اإلجماَ َفهو ا ِّت َفاق ُع َلماء ا ْلعصر علنى حكن ا ْلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫اد َثنة‪ ،‬ونعنني‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َوإِ َّما ْ ْ َ‬
‫الش ْنر ِع َّية‪َ ،‬وإِ ْج َمناَ َه ِنذه ْاْلمنة‬ ‫بالعلماء ا ْل ُف َقهاء ونعني بالُادثة ا ْلُ ِ‬
‫اد َثنة َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يرها؛ ل َق ْوله ‪-‬صلى اهَّلل َع َل ْي ِه َو ل ‪ِ« :-‬ل تجتمع أمتِني علنى‬ ‫حجة دون ََ َ‬ ‫َّ‬
‫اإل ْج َمناَ ُح َّجنة علنى ا ْل َع ْصنر‬ ‫الشرَ ورد بعصمة َه ِذه ْاْلمة‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫َض َال َلة»‪َ ،‬و َّ ْ‬
‫ُيح‪.‬‬ ‫يشتَرط ان ِْقراض ا ْلعصر على الص ِ‬ ‫ال َّثانِي‪َ ،‬وفِي َأر عصر‪ ،‬ك َ‬
‫َان َو َِل ْ‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ال او الُادر عشنر وهنو بناو النسن ‪ ،‬وأت عنه بم ُنث التعنارض‪،‬‬
‫انتقل للكالم على ال او الثاين عشر وهو اإلجماَ‪ ،‬وم ُث اإلجماَ من‬
‫الم احنث المهمننة؛ وذلنك أنننه هننو اْلصنل الثالننث منن اْلصننول المتفقننة‬
‫عليها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪274‬‬
‫واإلجماَ ُيألق م لغة العرو على معنيين‪:‬‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬العنزم‪ ،‬تقنول‪ :‬أجمعنت علنى كنذا‪ ،‬يعنني‪ :‬عزمنت‬
‫عليه‪ ،‬ومنه قوله ‪َ « :‬م ْن َل ْ َي ْج َم ْع النِّ َّي َة مِ ْن ال َّل ْي ِ‬
‫ل َف َال ِص َيا َم َل ُه»‪ ،‬يعني‪َ :‬من‬
‫ل يعزم النية‪.‬‬
‫‪ -‬والمعنى الثاين‪ :‬اِلتفاق‪ ،‬تقول‪ :‬أجمعننا علنى كنذا‪ ،‬يعنني‪ :‬اتفقننا‪،‬‬

‫ومنه قوله تعالى‪{ :‬فَأَنْممدُوا أَمْركُدْ َشُلركَِءكُدْ [ينون ‪ ،]71:‬واإلجمناَ‬


‫يتعُى بنفسه‪ ،‬ويتعُى بن "على" فتقول‪ :‬أجمعت كذا‪ ،‬وتقول‪ :‬أجمعت‬
‫على كذا‪.‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المصنننِّف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬
‫عرفننه ُ‬
‫واإلجمنناَ عنننُ علمنناء اْلصننول‪َّ ،‬‬
‫اد َثنة)‪ ،‬وإيضناح هنذا التعرينف ّ‬
‫أن‬ ‫و(ا ِّت َفاق ُع َلماء ا ْلعصر على حك ا ْلُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫قوله‪( :‬ا ِّت َفاق)‪ ،‬اِلتفاق معناه‪ :‬اِلشكاك م ٍ‬
‫قول أو فعل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحنُ‬ ‫ويُكز باِلتفاق عن اِلختالف‪ ،‬فإذا وقنع الخنالف ولنو منن‬
‫عنُ جمهور اْلصوليين ّ‬
‫فإن اإلجماَ ِل ينعقُ‪ ،‬ولهذا يقول اْلصنوليون‪:‬‬
‫القاعننُة "أنننه ِل يتُقننق اإلجمنناَ مننع وجننود الخننالف"؛ وهننذا ‪-‬كمننا‬
‫عرفنا‪ -‬هو مذه‪ ،‬جمهور اْلصوليين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪275‬‬
‫وقُ ذه‪ ،‬مُمُ بن جرير الألر وأبو بكر الرازر الُنفني إلنى ّ‬
‫أن‬
‫اإلجمنناَ ِل يقننُح فيننه مخالفننة الواحننُ واِلثنننين‪ ،‬فيتُقننق اإلجمنناَ مننع‬
‫ٍ‬
‫واحُ أو كان من اثنين‪.‬‬ ‫وجود الخالف إذا كان من‬
‫لكننن الننذر عليننه جمهننور اْلصننوليين ّ‬
‫أن اإلجمنناَ ِل يتُقننق إذا‬
‫خننالف اثنننان أو خننالف واحننُ؛ وهننذا الننذر يننُل عليننه معنننى اإلجمنناَ‪،‬‬
‫واِلتفاق قُ يُصل من المجتهُين‪ ،‬وقُ يُصل من َير المجتهُين‪.‬‬
‫وقول المصنف‪ُ ( :‬ع َل َماء ا ْل َع ْصر)‪ ،‬أر‪ :‬جمينع علمناء العصنر‪ ،‬و ُينراد‬
‫هب ن ‪ :‬المجتهننُون‪ ،‬والمجتهننُون ه ن الننذين له ن قننُرة علننى ا ننتن اط‬
‫اْلحكام الشرعية العملية منن أدلتهنا التفصنيلية بالفعنل أو بنالقوة القري نة‬
‫من الفعل‪.‬‬
‫المصنننِّف‬
‫فسننره ُ‬
‫والقننوة المننراد هبننا‪ :‬التهيننؤ واِل ننتعُاد‪ ،‬وقننُ َّ‬
‫بالفقهنناء‪ ،‬وأ َّمننا الننذين يُف ننون اْلحكننام وِل قننُرة له ن علننى ا ننتن اط‬
‫اْلحكام من اْلدلة التفصيلية فهؤِلء ليسوا مجتهُين‪ ،‬وإنَّما المجتهُون‬
‫والسننَّة‪ ،‬ويسنتخرجون منهنا‬
‫ه الذين يتمكنون من الن ر م أدلة الكتاو ُ‬
‫صُيُة‪.‬‬ ‫اْلحكام على أ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪276‬‬
‫ويُكز هب عن العلماء الذين ليسوا مجتهُين؛ كاْلصنوليين النذين‬
‫منثال‬
‫فمن حفنظ [الورقنات] ً‬
‫ليسوا فقهاء‪ ،‬فال ُيعتل وفاقه وِل خالفه ‪َ ،‬‬
‫لنه قنُرة علنى ا نتن اط اْلحكنام منن‬ ‫أو َيرها من كت‪ ،‬اْلصول‪ ،‬ولي‬
‫اْلدلة التفصيلية؛ فإنه ِل ُيعتل له وفاق وِل خالف‪.‬‬
‫لهن‬ ‫وكذلك النُاة‪ ،‬والذين يُف ون الفروَ الفقهينة فقنب‪ ،‬ولني‬
‫أيضا وفناقه وِل‬
‫قُرة على ا تن اط الفروَ من اْلدلة التفصيلية ِل يعتل ً‬
‫والصننُفيون ِل يعتننل له ن‬
‫خالفه ن ‪ ،‬وكننذلك اْلط نناء‪ ،‬والمهنُ ننون‪ُّ ،‬‬
‫وفاق وِل خالف‪.‬‬
‫فالنننذر يعتنننل قولنننه م اإلجمننناَ منننا هنننو؟ المجتهنننُون‪ ،‬والمنننراد‬
‫بالمجتهُين‪ :‬الفقهاء الذين له قُرة على ا تن اط اْلحكام الشرعية من‬
‫أدلتها التفصيلية بالفعل أو بالقوة القري ة من الفعل‪.‬‬
‫وقول المصنف‪( :‬على حك ا ْلُ ِ‬
‫اد َثة) متعلق بقول‪( :‬ا ِّت َفاق)‪.‬‬ ‫َ‬
‫قوله‪( :‬على)‪ ،‬هذا جار ومجرور يتعلق بقوله‪( :‬ا ِّت َفاق)‪.‬‬
‫والمنننراد بالُادثنننة‪ :‬النازلنننة الشنننرعية‪ ،‬فيُنننكز هبنننذا عنننن اتفننناق‬
‫المجتهننُين عننن الُادثننة اللغويننة‪ ،‬أو علننى الُادثننة الُسننابية‪ ،‬أو علننى‬
‫الُادثة الأ ية‪ ،‬أو َيرها من الُواد ا لتي ليست شرعية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪277‬‬
‫اهَّلل‪ -‬لإلجماَ‪ ،‬وبقي عليه قينُان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫هذا هو تعريف ُ‬
‫بقي على هذا التعريف قيُان‪:‬‬
‫‪ -‬القيُ اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون بعُ موت الن ني ‪ ،‬فاتفناق المجتهنُين م‬
‫زمان الن ي ‪ِ ‬ل يعتل إجما ًعا‪ ،‬وإنَّما ُيعتنل م حكن المرفنوَ إلنى الن ني‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬القيُ الثاين‪ْ :‬‬
‫أن يكون المجتهُون من هنذه اْلمنة المُمُينة علنى‬
‫صاح ها أفضل الصالة والتسلي ‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإنَّنا نقنول م التعرينف‪ :‬اإلجمناَ هنو اتفناق علمناء‬
‫العصر من هذه اْلمة –أمة مُمُ ‪ -‬على حك شرعي بعُ موته؛ وهبذا‬
‫يستقي التعريف‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم علنى تعرينف اإلجمناَ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫انتقل للكالم على مسألة ثانية‪ ،‬وهي ُح َّجة اإلجماَ‪.‬‬
‫واإلجمناَ ُح َّجننة عنننُ جمنناهير المسنلمين‪ ،‬ولن يخننالف م هننذا إِل‬
‫النَ َّ ام هانئ بن يار المعتزلي‪ ،‬وهو له طامات م اإلجماَ وم القيناس‪،‬‬
‫فاإلجماَ ُح َّجة عنُ جمناهير المسنلمين‪ ،‬وقنُ َّ‬
‫دل علنى حجيتنه الكتناو‬
‫والسنَّة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪278‬‬
‫ٍ‬
‫نصوص كثيرة‪:‬‬ ‫فالكتاو َّ‬
‫دل على حجية اإلجماَ م‬

‫منها‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬منْ يُنِقمَِ الرَّسُو َ ممنْ بدَْم ملِ لَ ليَّن لَلهُ الْهُلَى َيتق ِلعْ‬

‫رَيْر س ِيًِّ الْمُمْممام َ فُولِّهم مِ لَولقٍ َفُصِْمهم نهاَّد َسِء}ْ مصممًا [النساء‪.]115:‬‬
‫ووجه اِل تُِلل هبذه انية على حجينة اإلجمناَ‪ّ :‬‬
‫أن اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه‬
‫َو َت َعننا َلى‪َّ -‬توعننُ علننى مخالفننة ن يل المننؤمنين‪ ،‬واإلجمنناَ مننن ن يل‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫و ُيقننال‪ :‬أول َمننن ا ننتُل هبننذه انيننة علنى حجيننة اإلجمنناَ مننن هننو؟‬
‫اهَّلل‪ ،-‬ووقعت له قصنة م اِل نتُِلل هبنذه انينة‬ ‫ِ‬
‫اإلمام الشافعي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ذكرها ال يهقي‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫أن أعراب ًيا جاء إلنى اإلمنام الشنافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الُ َّجة م دين اهَّلل؟ قال‪ :‬الكتاو‪ ،‬قال‪ :‬ثن مناذا؟ قنال‪:‬‬
‫فقال له‪ :‬أر شيء ُ‬
‫السنَّة‪ ،‬قال‪ :‬ث ماذا؟ فقال‪ :‬اإلجماَ‪ ،‬فقنال‪ :‬منا اإلجمناَ؟ يعنني‪ :‬منا هنو‬
‫ُ‬
‫الُليل على حجية اإلجماَ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اعة‪ ،‬ث قال لنه اْلعرابني‪ ،‬واْلعنراو‬ ‫ِ‬
‫فتُبر الشافعي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫معروفون بغل ة الأ اَ‪ ،‬قال‪ :‬أجلتك ثالثة أينام‪ ،‬فتغينر وجنه الشنافعي ‪-‬‬
‫اهَّلل‪ ،-‬ث دخل منزله وابتنُر القنرآن‪ ،‬وقنرأه ثنال منرات م ثالثنة‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫أيام فلما خرج م اليوم الثالث وجُ اْلعرابي يقول‪ :‬حاجتي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪279‬‬
‫ول مِن ْن َب ْع ِنُ َمنا َت َن َّي َن َلن ُه‬ ‫ِ‬
‫﴿و َم ْن ُي َشاق ِق َّ‬
‫الر ُ َ‬ ‫فقال له‪ :‬قال اهَّلل تعالى‪َ :‬‬
‫ا ْل ُهَُ ى َو َي َّت ِ ْع ََ ْي َر َ ِي ِل ا ْل ُم ْنؤمِنِي َن ن َُو ِّل ِنه َمنا َت َنو َّلى َون ُْصنلِ ِه َج َهننَّ َ َو َ نا َء ْت‬
‫ننيرا [النسنناء‪ ،]115:‬فانصننرف اْلعرابنني‪ ،‬وهننذا مننن فضننل هننذا‬ ‫ِ‬
‫َمص ً‬
‫اهَّلل‪ -‬على الشافعي وعلينا نُن؛ ْلنه لو لن يسنأل هنذا‬ ‫ِ‬
‫اْلعرابي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫السؤال لربما لن نتم َّكن من اِل تُِلل هبذه انية على حجية اإلجماَ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫نصوص كثيرة‪:‬‬ ‫أن اإلجماَ ُح َّجة م‬ ‫أيضا على ّ‬ ‫ود َّلت ُ‬
‫السنَّة ً‬
‫منها‪ :‬قوله ‪َِ « :‬ل َت ْجت َِم ُع ُأ َّمتِي َع َلى َض َال َل ٍة» وهذا الُُيث له طرق‬
‫بعضا‪ْ ،‬‬
‫وإن كاننت كنل طرينق علنى حنُا ِل تخلنو منن‬ ‫كثيرة يقور بعضها ً‬
‫مقال‪.‬‬
‫والسنَّة أقوى م الُِللة على حجية اإلجماَ من الكتاو؛ كما صرح‬
‫ُ‬
‫السنَّة على حجينة اإلجمناَ أقنوى منن‬ ‫بذلك الغزالي وانمُر‪ّ ،‬‬
‫أن دِللة ُ‬
‫دِللة الكتاو الكري ‪.‬‬
‫أن اإلجماَ ُح َّجة‪ ،‬فكيف يصنع بما ث ت عن اإلمنام‬ ‫فإن قيل‪ :‬ما دام ّ‬ ‫ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬أنه قال‪َ :‬من ا ّدعى اإلجماَ فهو كاذو؟‬ ‫ِ‬
‫أحمُ ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬هننو‬ ‫ِ‬ ‫والجننواو علننى هننذا‪ّ :‬‬
‫أن مقصننود اإلمننام أحمننُ ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫فنإن بعنض النَّناس إذا لن يجنُ م النَّناس خال ًفنا‬
‫اإلجماَ الذر ل يث ت‪ّ ،‬‬
‫حكى فيها اإلجماَ‪ ،‬وقال‪ :‬أجمع العلماء‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪280‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقوله‪َ :‬منن ا َّدعنى اإلجمناَ فهنو‬ ‫ِ‬
‫فمقصود اإلمام أحمُ ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫كاذو‪ ،‬اإلجماَ الذر ل يتُقق ول يث ت‪ ،‬وأ َّما اإلجماَ المتُقق فهنو‬
‫اهَّلل‪ -‬ولهنذا فإننه يسنتُل بنه‪ ،‬ويعتنل منن‬ ‫ِ‬
‫ُح َّجة عنُ اإلمام أحمُ ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أصوله العمل باإلجماَ‪.‬‬
‫كل اإلجماعات المُعاة‬ ‫ومما ين غي ْ‬
‫أن ينت ه له طال‪ ،‬العل أنه لي‬
‫ٍ‬
‫مسنألة لن يتُقنق فيهنا اإلجمناَ‪،‬‬ ‫صُيُة‪ ،‬بل ربمنا ُحكني اإلجمناَ م‬
‫وهذا كثير‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫ومن أدق َمن ينقل اإلجماَ موفق الُين ابن قُامة ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫قال‪ :‬أجمع العلماء‪ ،‬فال تتع‪ ،‬نفسك م ال ُث عن مخالف‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من باو التُنرز م الع نارة‪ِ :‬ل نعلن م هنذا‬ ‫ِ‬
‫وربما قال ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫خال ًفا‪ ،‬وهذا من تمام دقتنه‪ ،‬وهنذا ِل يعنني أننه يُكني اإلجمناَ م هنذا‪،‬‬
‫وإنَّما مقصوده نفي علمه بالمخالف‪ ،‬وقُ يوجُ مخالف وقُ ِل يوجُ‪.‬‬
‫إِل أن أكثر المساال –وهذا ثابنت باِل نتقراء– أكثنر المسناال التني‬
‫يقول ابن قُامة‪ِ :‬ل أعل فيها خال ًفا أكثرها ِل يوجُ فيها مخالف‪ ،‬إِل أننه‬
‫اهَّلل‪ -‬من تمام دقتنه يقنول‪ِ :‬ل أعلن فيهنا خال ًفنا‪ ،‬أو ِل نعلن فيهنا‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫مخال ًفا‪ ،‬وبعضها يوجُ فيها مخالف‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪281‬‬
‫وكذلك اإلجماعات التي يُكيها ابن تيمية‪ ،‬أو يُكيهنا ابنن حجنر؛‬
‫ّ‬
‫ْلن هننؤِلء علمنناء ا ننتقراؤه وا ننع جننُا ا‪ ،‬واطننالَ ك يننر‪ ،‬فننإذا حكننوا‬
‫اإلجماَ فإنه ِل يكاد يوجُ فيه مخالف‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬منن حجينة إجمناَ انتقنل للكنالم‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولما فنرغ ُ‬
‫على مسألة مشهورة عنُ اْلصوليين‪ ،‬وهي‪ :‬هل يشكط لصنُة اإلجمناَ‬
‫انقراض عصر المجمعين؟‬
‫والمراد بانقراض عصر المجمعين‪ :‬موهت ‪ ،‬فنال ينعقنُ اإلجمناَ إِل‬
‫إذا مات المجمعون‪ ،‬أو أننه ِل يشنكط انقنراض المجمعنين؟ وبننا ًء علنى‬
‫هذا‪ :‬فإنه ينعقُ اإلجماَ من حين وقوعه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪282‬‬
‫هل يشكط م اإلجماَ انقراض عصر المجمعين أو ِل يشكط؟‬
‫م ذلك قوِلن لألصوليين‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬أننه ِل يشنكط‪ ،‬وهنذا منذه‪ ،‬جمهنور اْلصنوليين‪،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أنننه ِل يشننكط م اإلجمنناَ‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وهننو الننذر صننُُه ُ‬
‫انقراض عصر المجمعين‪.‬‬
‫وا تُلوا على ذلك بأدلة‪ :‬منها‪ :‬أن أدلة حجية اإلجماَ السابقة لي‬
‫فيها اشكاط انقراض عصنر المجمعنين‪ ،‬ولنو كنان شنر ًطا ل يننه اهَّلل ‪ ‬أو‬
‫بينه ر وله ‪.‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬ث لو قلنا‪ :‬يشكط انقراض عصر المجمعين؛ ْلدى‬
‫ذلننك إلننى أنننه ِل ينعقننُ اإلجمنناَ أبننًُ ا؛ ّ‬
‫ْلن النَّنناس يتوالننُون ويخلننف‬
‫بعضا‪ ،‬فال يمكن تُُيُ عصنر المجمعنين‪ ،‬ومنا أدى إلنى إبأنال‬
‫ً‬ ‫بعضه‬
‫باطال؛ هذا القول اْلول‪.‬‬
‫اإلجماَ وإلغااه فإنه يكون ً‬
‫‪ -‬القنننول الثننناين ‪-‬عكسنننه ‪ -‬وهنننو‪ :‬أننننه يشنننكط انقنننراض عصنننر‬
‫المجمعين‪ ،‬وهذا هو المشهور عنُ الُنابلة‪.‬‬
‫وا تُلوا على ذلك‪ :‬بأنه يُتمل ْ‬
‫أن يرجع أحُ المجمعين عن رأيه‪،‬‬
‫فال يتُقق اإلجماَ‪ ،‬ويئول اْلمر إلى الخالف وعُم حصول اإلجماَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪283‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َم ُه‬
‫هذان قوِلن لألصوليين‪ ،‬أرجُهما‪ :‬هو ما اختاره ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬وهو مذه‪ ،‬الجمهور من ّ‬
‫أن انقراض المجمعين ِل يشنكط لصنُة‬ ‫ُ‬
‫اإلجماَ‪ ،‬وقُ ان نى على الخالف م اشكاط انقنراض عصنر المجمعنين‬
‫أن المجتهُين إذا أجمعوا علنى حكن ٍ ‪ ،‬ثن ولنُ م حيناهت‬
‫مسألة‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫أحُ وتعل العلن ‪ ،‬وبلن رت نة اِلجتهناد‪ ،‬وخنالفه فيمنا ذه نوا إلينه هنل‬
‫يعتل قوله ومخالفته أو ِل تعتل؟‬
‫فمن قال‪ِ :‬ل يشكط انقراض عصر المجمعين‪ ،‬بل يُصل اإلجماَ‬
‫َ‬
‫من حين وقوعه‪ ،‬قال‪ :‬يعتنل رأينه أو ِل يعتنل؟ ِل يعتنل؛ ّ‬
‫ْلن رأينه حصنل‬
‫بعُ انعقاد اإلجماَ‪.‬‬
‫و َمننن قننال‪ِ :‬ل يتُقننق اإلجمنناَ إِل بعننُ انقننراض عصننر المجمعننين‪،‬‬
‫قال‪ :‬يعتل رأر هذا المجتهُ الجُيُ أو ِل يعتنل؟ قنال‪ :‬يعتنل؛ ْلننه رأينه‬
‫حصل ق ل انعقاد المجمعين‪.‬‬
‫وعلى الرأر الثاين ‪-‬وهو اشكاط عصر المجمعين‪ّ -‬‬
‫فإن المجمعنين‬
‫ِل ينتفعنون بإجمناعه وإنَّمننا ينتفنع هبن َمننن بعنُه ‪ ،‬واإلجمناَ رحمننة‪،‬‬
‫والرحمة أول من تشمله أهلها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪284‬‬
‫َفإِن ُق ْلنَا‪ :‬ان ِْق َراض ا ْل َع ْصر َشنرط‪َ ،‬في ْعتَنل َقنول منن ولنُ فِني حيناهت ‪،‬‬
‫يرجعوا َعن َذلِك الُك ‪.‬‬ ‫وتفقه َو َصار من أهل ِاِل ْجتِ َهاد‪َ ،‬فله َأن ِ‬
‫َ‬
‫اإل ْج َماَ َيصح ب َق ْوله ْ وبفعله ‪َ ،‬وبقنول ا ْلن َ ْعض‪ ،‬وبفعنل ا ْلن َ ْعض‬ ‫َو ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نُا َبة َلن ْي َ بِ َّ‬
‫ُجنة‬ ‫وانتشار َذلك و كوت ال َاقي َن‪َ ،‬و َقول ا ْل َواحُ من َّ‬
‫الص َ‬
‫على ََيره على ال َق ْول ا ْل َج ُِيُ‪.‬‬

‫أن هنذه المسنألة متفرعنة علنى‬ ‫اهَّلل‪ -‬إلنى ّ‬ ‫ِ‬


‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬ ‫وقُ ن َّنه ُ‬
‫التي ق لها‪ ،‬فقال‪َ ( :‬فإِن ُق ْلنَا‪ :‬ان ِْق َراض ا ْل َع ْصر َشرط‪َ ،‬في ْعتَل َقول من ولُ فِي‬
‫حينناهت ‪ ،‬وتفقننه َو َصننار مننن أهننل ِاِل ْجتِ َهنناد َفله ن َأن ِ‬
‫يرجعننوا َعننن َذلِننك‬ ‫َ‬
‫بشرط فال يعتل‪.‬‬ ‫الُك ‪ ،).‬وتتمته‪ :‬وإن قلنا‪ :‬لي‬
‫فإ ًذا قوله‪َ ( :‬فنإِن ُق ْلنَنا) هنذا تفرينع علنى الكنالم م المسنألة السنابقة‪،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم علنى هنذه المسنألة ‪ -‬وهني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫ولما فرغ ُ‬
‫هل يشكط انقراض عصر المجمعنين أو ِل يشنكط‪ ،‬انتقنل للكنالم علنى‬
‫مسألة مهمة وهي‪ :‬ما يُصل به اإلجماَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪285‬‬
‫ٍ‬
‫بواحُ من ثالثة أمور‪:‬‬ ‫واإلجماَ يُصل‬
‫ٍ‬
‫شنيء‪ :‬هنذا‬ ‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ :‬القول‪ ،‬وذلك ْ‬
‫بنأن يقنول المجتهنُون م‬
‫حالل‪ ،‬أو هذا حرام‪ ،‬أو هذا صُيح‪ ،‬أو هذا فا ُ‪ ،‬ويتفقنوا علنى ذلنك؛‬
‫وهذا ُيسمى اإلجماَ القولي‪.‬‬
‫‪ -‬اْلمر الثاين الذر يُصنل بنه اإلجمناَ‪ :‬الفعنل‪ ،‬وذلنك ْ‬
‫بنأن يفعنل‬
‫فعال فيُل ذلك علنى اتفناقه علينه‪ ،‬وهنذا ُيسنمى اإلجمناَ‬
‫المجتهُون ً‬
‫الفعلي‪.‬‬
‫أن اإلجمنناَ الفعلنني ِل يكنناد يتُقننق؛ ّ‬
‫ْلن‬ ‫وقننُ ذ َكننر بعننض الشننراح ّ‬
‫المجتهُين متى فعلوا شي ًئا فال ُبَُّ ْ‬
‫أن يُصل مع الفعنل قنول‪ ،‬فاإلجمناَ‬
‫الفعلي الذر ِل يقكن به قول ِل يكاد يتُقق‪.‬‬
‫‪ -‬اْلمر الثالث –وهو المه ‪ْ :-‬‬
‫أن يقول بعض المجتهُين ً‬
‫قنوِل‪ ،‬أو‬
‫فعال ويسكت ال اقون‪ ،‬وهذا ُيسمى اإلجماَ السكويت‪.‬‬
‫ً‬ ‫يفعل بعضه‬
‫ومسألة اإلجماَ السكويت من مهمنات المسناال‪ ،‬منن أع ن مسناال‬
‫اإلجماَ وأهمها مسألة اإلجمناَ السنكويت‪ ،‬وصنورهتا‪ْ :‬‬
‫أن يكنون بعنض‬
‫فعال‪ ،‬وي ل ذلك بقية المجتهُين وِل‬
‫ً‬ ‫المجتهُين ً‬
‫قوِل‪ ،‬أو يفعل بعضه‬
‫ينكروه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪286‬‬
‫ُح َّجة؟ اختلف اْلصوليين‬ ‫واإلجماَ السكويت هل هو ُح َّجة أو لي‬
‫كثيرا‪ ،‬حتى ّ‬
‫إن بعض اْلصوليين أوصنل اْلقنوال م هنذه‬ ‫م ذلك اختال ًفا ً‬
‫المسألة إلنى اثنني عشنر ً‬
‫قنوِل‪ ،‬فنالخالف فيهنا طوينل النذيول‪ ،‬وهني منن‬
‫المساال الك يرة‪.‬‬
‫وأشهر هذه اْلقوال‪ :‬ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ّ :‬‬
‫أن اإلجمناَ السننكويت يعتننل إجما ًعنا‪ ،‬وهننذا الننذر اختنناره‬
‫المصنِّف ‪-‬رحمه اهَّلل‪ ،-‬وا تُل أصُاو هنذا القنول ّ‬
‫بنأن نكوت بقينة‬ ‫ُ‬
‫المجتهُين دليل على موافقته ‪.‬‬
‫إجما ًعا‪ ،‬فهو يكنون ُح َّجنة ِلحتمنال‬ ‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬أنه ُح َّج ًة ولي‬
‫الُ ِّجننة‬
‫مننوافقته ‪ ،‬وِل يكننون إجما ًعننا ِلحتمننال مخننالفته ‪ ،‬وفننرق بننين ُ‬
‫كل ُح َّجة إجما ًعا‪.‬‬ ‫واإلجماَ‪ ،‬فكل إجما ٍَ ُح َّجة لي‬
‫أن المجتهنُين ْ‬
‫إن مناتوا‬ ‫‪ -‬القول الثالث‪ :‬التفصيل م المسألة‪ ،‬وهو ّ‬
‫ق ل إنكار هذا القول أو الفعل فهو إجماَ‪ ،‬وإِل لن يكنن إجما ًعنا‪ ،‬وهنذا‬
‫عز َو َّ‬
‫جل‪.-‬‬ ‫القول هو أقرو اْلقوال فيما ي هر‪ ،‬والعل عنُ اهَّلل َّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪287‬‬
‫ومن الفروَ التي تتفرَ عن هذه المسألة‪:‬‬
‫‪ ،‬فإننه‬ ‫شخصا أوصى ْ‬
‫بأن يصلي علينه بالنَّناس شنخ‬ ‫ً‬ ‫أوِل‪ :‬لو ّ‬
‫أن‬ ‫‪ً -‬‬
‫يكون أولى من َير بالصالة عليه‪.‬‬
‫والُليل على هذا‪ :‬إجمناَ الصنُابة السنكويت‪ ،‬فقنُ أوصنى عمنر ‪-‬‬
‫اهَّلل َعنْن ُه‪ ،-‬وأوصنت أم‬ ‫ِ‬ ‫اهَّلل َعنْن ُه‪ْ -‬‬ ‫ِ‬
‫أن يصنلي علينه صنهي‪َ - ،‬رض َني ُ‬ ‫َرض َي ُ‬
‫اهَّلل َعنْ ُه‪ ،-‬ول ينكر الصُابة‬ ‫ِ‬ ‫لمة ْ‬
‫أن يصلي عليها عيُ بن زيُ ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫ذلك فكان إجما ًعا‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬جواز بيع دور مكة وأراضيها‪ ،‬فقُ أجمنع الصنُابة ‪َ -‬ر ِض َني‬
‫اهَّلل َعن ُْه ‪ -‬على ذلك إجما ًعا كوت ًيا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ولهذا ذه‪ ،‬الشافعية والُنابلة م رواينة ليسنت هني المشنهورة منن‬
‫المننذه‪ ،‬إلننى أنننه يجننوز بيننع دور مكننة‪ ،‬وا ننتُلوا علننى ذلننك‪ :‬بإجمنناَ‬
‫اهَّلل َعنْن ُه‪ -‬اشنكى دار السنجن منن‬ ‫ِ‬ ‫الصُابة السكويت‪ّ ،‬‬
‫فنإن عمنر ‪َ -‬رض َني ُ‬
‫صفوان بن أمية بأربعة آِلف‪ ،‬وباَ حكي بن حزام دار الننُوة والصنُابة‬
‫اهَّلل َعن ُْه ‪ -‬كان له دور م مكة‪ ،‬فمنه َمن باَ داره‪ ،‬ومننه َمنن‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رض َي ُ‬
‫خلفها لورثتها‪ ،‬فكان ذلك إجما ًعا كوت ًيا منه ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪288‬‬
‫ٍ‬
‫بمسنألة مهمنة جنُا ا‬ ‫اهَّلل‪ -‬م ُث اإلجمناَ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ث خت ُ‬
‫إن شاء اهَّلل تعالى م ٍ‬
‫لقاء قادم‪ ،‬نسنأل‬ ‫وهي قول الصُابي‪ ،‬نتكل عليها ْ‬
‫اهَّلل لنا ولك العمل النافع والعمل الصالح‪.‬‬
‫واهَّلل أعل ‪ ،‬وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪289‬‬

‫ْاْلَ ْخ َار‬

‫َوأما ْاْلَ ْخ َار‪َ ،‬فا ْل َخ َر َما يُْ خل ُه الصُْ ق َوا ْلكذو‪َ ،‬وا ْل َخ َر َي ْن َق ِس إِ َلى‬

‫قسم ْي ِن َ‬
‫آحاد ومتواتر‪.‬‬ ‫َ‬
‫فالمتواتر‪َ :‬ما ُيوج‪ ،‬ا ْلعل َو ُه َو َأن ْيروى َ‬
‫جما َعة َِل َيقع التواطؤ على‬
‫ا ْل َك ِذو من مثله ؛ إِ َلى َأ ْن َينْت َِهي إِ َلى ا ْلمخل َعن ُه‪َ ،‬ويكون فِي اْلَ ْصل َعن‬
‫اجتِ َهاد‪.‬‬ ‫ُم َشاهَُ ة َأو َ ماَ َِل َعن ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬م ُننث اإلجمنناَ بننالكالم علننى‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬ ‫فقننُ خننت ُ‬
‫مسألة مشهورة وهي‪ :‬حجية قول الصُابي‪.‬‬
‫والصُابي عنُ اْلصوليين‪ :‬هو َمن طالنت مالزمتنه للن ني ‪ ،‬وهنو‬
‫يختلف عن الصُابي عنُ المُُثين‪.‬‬
‫يعرفون الصُابي بأنه‪َ :‬من لقي الن ي ‪ ‬مؤمنًا به ومات‬
‫فالمُُثون ّ‬
‫على ذلك؛ وهذا هو أصح تعريفات الصنُابي عننُ المُنُثين كمنا َذكنر‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حجر ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬ ‫الُافظ ابن‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪290‬‬
‫أ َّمننا اْلصنننوليون فتعرينننف الصنننُابي عننننُه أو نننع منننن تعرينننف‬
‫بمنن طالنت مالزمتنه‬
‫الصُابي عنُ المُنُثين‪ ،‬فهن يعرفنون الصنُابي َ‬
‫الصنُ ة‬ ‫للن ي ‪ ،‬ومستنُ اْلصوليين م هنذا هنو المعننى اللغنور‪ّ ،‬‬
‫فنإن ُ‬
‫معناها م لغة العرو‪ :‬طول المالزمة‪.‬‬
‫الص َُا َب ِة َل ْي َ بِ ُُ َّج ٍة َع َلى ََ ْي ِر ِه)‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫(و َق ْو ُل ا ْل َواحُ م ْن َّ‬
‫المصنِّف‪َ :‬‬
‫وقول ُ‬
‫على القول الجُيُ‪.‬‬
‫المراد بالواحُ هنا‪ :‬الواحُ‪ ،‬أو اِلثنان‪ ،‬أو الثالثة أو أكثر ما ل ي لن‬
‫حُ اإلجماَ‪ ،‬وليست المسألة منُصنرة م قنول الصنُابي الواحنُ‪ ،‬بنل‬
‫يُخل فيها قول الصُابي‪ ،‬والصُابيين‪ ،‬والثالثة‪ ،‬واْلربعنة منا لن ي لن‬
‫حُ اإلجماَ‪.‬‬
‫ُح َّجة؟‬ ‫وهل قول الصُابي ُح َّجة أو لي‬
‫هذه المسألة لها طرفان وو ب‪ ،‬فقنُ اتفنق علمناء اْلصنول علنى ّ‬
‫أن‬
‫ْلن‬ ‫ٍ‬
‫كتناو أو ُ ننَّة فإننه ِل ُيُنتج بنه؛ ّ‬ ‫نصنا منن‬
‫قول الصُابي إذا خنالف ً‬
‫الصُابي متع ٌُ بات اَ النصوص كساار المسلمين‪ ،‬فهذا هو مُنل اتفناق‬
‫بينه ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪291‬‬
‫أيضننا علننى ّ‬
‫أن قننول الصننُابي ِل ُيُننتج بننه إذا خننالف قننول‬ ‫واتفقننوا ً‬
‫صُابي آخر‪ ،‬فإذا وقع اِلختالف بين أقوال الصُابة ُر ِجع إلى الكجنيح‬
‫بينهننا‪ ،‬واختلفننوا فيمننا عننُا ذلننك هننل يكننون قننول الصننُابي ُح َّجننة أو ِل‬
‫ٍ‬
‫أقوال‪ ،‬أبرزها قوِلن‪:‬‬ ‫يكون؟ وذلك على‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن قول الصنُابي ُح َّجنة‪ ،‬وهنذا هنو منذه‪ ،‬اإلمنام‬
‫الشافعي م القُي ‪ ،‬أر‪ :‬ق ل انتقاله من العراق إلى مصر‪.‬‬
‫وإذا قال الشافعية‪ :‬هذا مذه‪ ،‬الشنافعي القنُي ‪ ،‬فمقصنوده ‪ :‬ق نل‬
‫انتقالننه مننن العننراق إلننى مصننر؛ هننذا هننو مننذه‪ ،‬الشننافعي القننُي ‪ ،‬وهننو‬
‫مذه‪ ،‬المالكية وأكثر الُنفية وأكثر الُنابلة‪ ،‬وا تُلوا على ذلك‪:‬‬
‫بنأن اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪ -‬منُح الصنُابة‪ ،‬وأثننى‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫علننيه وعننُله مننن فننوق ن ع ننماوات؛ كمننا أهن ن شنناهُوا التنزيننل‬
‫وصننُ وا الن نني ‪ ،‬فننإذا قننال أحننُه قن ً‬
‫نوِل كننان ُح َّجننة؛ هننذا هننو القننول‬
‫اْلول‪.‬‬
‫ُح َّجنة‪ ،‬وهنو‬ ‫‪ -‬القول الثاين –عكسه– وهو‪ّ :‬‬
‫أن قول الصنُابي لني‬
‫مننذه‪ ،‬الشننافعي م الجُيننُ‪ ،‬أر‪ :‬بعننُ انتقالننه إلننى مصننر‪ ،‬وعليننه أكثننر‬
‫اهَّلل‪ -‬هنننا حيننث قننال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬ ‫الشننافعية‪ ،‬وهننو الننذر اختنناره ُ‬
‫الص َُا َب ِة َل ْي َ بِ ُُ َّج ٍة َع َلى ََ ْي ِر ِه)‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫(و َق ْو ُل ا ْل َواحُ م ْن َّ‬
‫َ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪292‬‬
‫بمعصومٍ‪ ،‬بل يجوز‬ ‫وا تُل أصُاو هذا القول ّ‬
‫بأن الصُابي لي‬
‫عليه الوقوَ م الغلب‪ ،‬وما دام أنه كذلك ّ‬
‫فإن قوله ِل ُيُتج به‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثالث‪ :‬وهناك قول ثالث م المسألة –وهنو قنول وجينه ‪:-‬‬
‫ّ‬
‫أن قول الصُابي له أحوال‪:‬‬
‫أن يكون الصنُابي قنُ نن َّ الشنارَ علنى ّ‬
‫أن قولنه‬ ‫‪ -‬الُال اْلول‪ْ :‬‬
‫اهَّلل َعن ُْه َما‪ ،-‬فقُ أمرننا الن ني ‪ْ ‬‬
‫أن نقتنُر‬ ‫ِ‬
‫ُح َّجة؛ كأبي بكر عمر ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫بقولهما فقال‪« :‬ا ْقتَُُ وا بِال َّل َذ ْي ِن مِ ْن َب ْع ُِر َأبِني َب ْك ٍنر َو ُع َم َنر»‪ ،‬فيكنون قولنه‬
‫ُح َّجة بال إشكال‪.‬‬
‫‪ -‬الُال الثانية‪ :‬أِل يكون الشارَ قُ ن َّ على ّ‬
‫أن قوله ُح َّجنة‪ ،‬لكننه‬
‫ُعرف باإلمامة م النُين؛ كع نُ اهَّلل بنن ع ناس‪ ،‬وابنن مسنعود‪ ،‬ومعناذ بنن‬
‫ج ل‪ ،‬وأبي هريرة ‪-‬رضي اهَّلل عن الجميع‪ ،-‬فيكون قوله ُح َّجة‪.‬‬
‫كمنن لقني‬ ‫‪ -‬الُال الثالثة‪ْ :‬‬
‫أن ِل يكون قُ عرف باإلمامنة م النُين؛ َ‬
‫الن ي ‪ ‬م حجة الوداَ‪ ،‬أو م ٍ‬
‫فر من اْل فار‪ ،‬أو لقينه م مسنجُه‪ ،‬ثن‬
‫رجع إلى أهله فال يكون قوله ُح َّجة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تفصيل حسن‪.‬‬ ‫وهذا التفصيل قرره بعض علماء اْلصول‪ ،‬وهو‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪293‬‬
‫أن القنول الجُينُ للشنافعي‬‫اهَّلل‪ -‬هننا علنى ّ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ون َّ ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م [إعالم‬ ‫ِ‬ ‫هو ّ‬
‫بُ َّجة‪ ،‬لكن ابن القي ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬‫ُ‬ ‫أن قول الصُابي لي‬
‫أن مذه‪ ،‬الشافعي الجُيُ هو ّ‬
‫أن قول الصُابي ُح َّجة؛‬ ‫الموقعين] حقق ّ‬
‫كثير من أصُاو الشافعية‪.‬‬
‫كمذه‪ ،‬القُي على خالف ما ينقله عنه ٌ‬
‫وذكر أنه ِل يوجُ حنرف واحنُ عنن اإلمنام الشنافعي ينُل علنى أننه‬
‫صنرح فيمنا رواه عننه الربينع بنن‬ ‫يذه‪ ،‬إلى ّ‬
‫أن قول الصُابي ُح َّجة‪ ،‬بنل َ‬
‫المرادر ّ‬
‫بأن قول الصُابي ُح َّجنة‪ ،‬وهنذا النذر ذكنره ابنن القني‬ ‫ليمان ُ‬
‫قرر اإل نور م كتاو [التمهيُ م تخريج الفروَ على اْلصول]‪ ،‬وذكَنر‬
‫أن الذر ن َّ عليه الشافعي م كتاو [اْلم] هو ّ‬
‫أن قول الصُابي ُح َّجة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فإن تُقيق مذه‪ ،‬الشافعي هنو ّ‬
‫أن قنول الصنُابي‬ ‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ُح َّجة م القُي وم الجُيُ ً‬
‫وإذا عرفنا أقوال اْلصوليين م حجية قول الصُابي‪ ،‬فما ثمرة هنذه‬
‫المسألة؟ هل هذه المسألة اْلصوليين من المساال المثمرة أو أهنا عُيمة‬
‫الثمرة؟‬
‫والجواو على هنذا‪ّ :‬‬
‫أن هنذه المسنألة لهنا ثمنرة أصنولية ولهنا ثمنرة‬
‫فقهية‪:‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪294‬‬
‫أ َّما الثمنرة اْلصنولية فهني‪ :‬أنننا إذا قلننا‪ :‬قنول الصنُابي ُح َّجنة فإننه‬
‫به العموم و ُيقُم على القيناس‪ ،‬وعلنى القنول ّ‬
‫بنأن قنول الصنُابي‬ ‫ُيخ‬
‫به العموم وِل ُيقُم على القيناس؛ هنذه هني الثمنرة‬ ‫ُح َّجة فال ُيخ‬ ‫لي‬
‫اْلصولية‪.‬‬
‫أ َّما الثمرة الفقهية‪ :‬فين ني على هنذه المسنألة اْلصنولية فنروَ فقهينة‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪295‬‬
‫من هذه الفروَ‪:‬‬
‫أوِل‪ :‬أنننننه ُيسننننتُ‪ ،‬للخأينننن‪ْ ،‬‬
‫أن يننننُعو لنفسننننه وللمننننؤمنين‬ ‫‪ً -‬‬
‫والمؤمنات‪.‬‬
‫والُليل على ذلك‪ :‬فعل أبي مو ى ‪ ‬وهو صُابي‪ ،‬والقاعُة " ّ‬
‫أن‬ ‫ٌ‬
‫قول الصُابي ُح َّجة"‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا من الفروَ الفقهية التي تكت‪ ،‬على هذه المسألة اْلصولية‪ :‬أنه‬
‫يجوز حمل الجنازة بين العمودين من َير كراهة‪.‬‬
‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪،-‬‬ ‫ِ‬
‫والُليل على هذا‪ :‬فعل عثمان ‪ ‬وابن عمنر ‪َ -‬رض َني ُ‬
‫وأبي هريرة ‪ ،‬والقاعُة‪ّ " :‬‬
‫أن فعل الصُابي ُح َّجة كقوله"‪.‬‬
‫يتفرَ على هذا القاعُة‪ :‬أنه يجوز للُاضر ْ‬
‫أن يشير على‬ ‫‪ -‬ثال ًثا مما َّ‬
‫ال ادر بالثمن الذر ي يع به‪ ،‬أ َّمنا ال ينع لنه فنال يجنوز؛ لقولنه ‪َ « :‬و َِل َي ِ ْ‬
‫نع‬
‫أن يشير عليه بالثمن الذر ي يع به‪.‬‬ ‫اد»‪ ،‬لكنه يجوز له ْ‬‫اضر ل ِ ٍ‬
‫ِ‬
‫َح ٌ َ‬
‫بنذلك‪ ،‬وهنذا‬ ‫رخن‬ ‫والُليل على هذا‪ّ :‬‬
‫أن طلُنة بنن ع ينُ اهَّلل ‪َ ‬‬
‫قول صُابي‪ ،‬والقاعُة‪ّ :‬‬
‫أن قول الصُابي ُح َّجة‪.‬‬
‫وهناك فروَ كثيرة تتخرج على هذه القاعنُة الع يمنة؛ وهني حجينة‬
‫قول الصُابي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪296‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على ال ناو الثناين عشنر‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫وهو بناو اإلجمناَ‪ ،‬انتقنل للكنالم علنى ال ناو الثالنث عشنر وهنو بناو‬
‫اْلخ ار‪.‬‬
‫السنَّة‬ ‫وم ُث اْلخ ار يقُمه اْلصوليون على م ُث اإلجماَ؛ ّ‬
‫ْلن ُ‬
‫المصننِّف‬
‫مقُمة على اإلجماَ كما أهنا مقُمة على قول الصُابي‪ ،‬لكن ُ‬
‫اهَّلل‪َّ -‬‬
‫أخر الكالم على م ُث اْلخ نار عنن الكنالم علنى م ُنث‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اإلجماَ وحجية الصُابي؛ وهذا فيه ن ر‪.‬‬
‫اهَّلل‪ْ -‬‬
‫أن يقنُم م ُنث اْلخ نار علنى م ُنث‬ ‫ِ‬
‫فكان ين غي له ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اإلجماَ ّ‬
‫بأن اْلخ ار مقُمة على اإلجماعنات‪ ،‬واْلصنوليون ي ُثنون م‬
‫أيضا م اْلخ ار‪ ،‬لكنن بنين ال ُثنين فنرق‪،‬‬
‫اْلخ ار‪ ،‬والمُُثون ي ُثون ً‬
‫فما الفرق بين بُث اْلصوليين لألخ ار وبُث المُُثين؟‬
‫الفرق بينهما‪ّ :‬‬
‫أن اْلصوليين ي ُثون م اْلخ ار من حيث اِلحتجاج‬
‫هبا وعُم اِلحتجاج هبنا‪ ،‬أ َّمنا المُنُثون في ُثنون م اْلخ نار منن حينث‬
‫صنُيُا أو حسننًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ق ولها وعنُم ق ولهنا‪ ،‬وقنُ يكنون الخنل مق ً‬
‫نوِل أر‪:‬‬
‫معار ًضنا بنُلي ٍل أقنوى‬ ‫ً‬
‫منسنوخا‪ ،‬وإ َّمنا لكنون َ‬ ‫لكنه ِل ُيُتج به؛ إ َّما لكوننه‬
‫منه‪ ،‬فاْلصوليون ي ُثون م الُجية‪ ،‬أ َّما المُُثون في ُثون م اْلخ نار‬
‫من حيث صُتها وعُم صُتها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪297‬‬
‫واْلخ ار جمع خل‪ ،‬وهنو م اللغنة‪ :‬منا ينقنل ويتُنُ بنه‪ ،‬والخنل‬
‫مشتق من الخ ار‪ ،‬والخ ار هو اْلرض اللينة‪.‬‬
‫السامع؛ كما ّ‬
‫أن الخ ار وهني‬ ‫و مي ما ينقل خلًا؛ ْلنه يؤثر م نف‬
‫اْلرض اللينة إذا قرعتها اْلقُام تثير الغ ار وتؤثر فيها‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقوله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرفه ُ‬
‫والخل م اصأالح اْلصوليين‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫صنادق‪،‬‬ ‫( َما يُْ خل ُه الصُْ ق َوا ْلكذو) أر‪ :‬ما يمكن ْ‬
‫أن ُيقال لقااله‪ :‬أننت‬
‫كاذو‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ويمكن ْ‬
‫أن ُيقال له‪ :‬أنت‬
‫وذلك كما لو قالت امرأة‪ :‬إهنا حاضت م ٍ‬
‫شهر واحُ ثنال حنيض‪،‬‬
‫ِ‬
‫كذبت‪ ،‬فهذا خل؛‬ ‫أيضا ْ‬
‫أن يقال لها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫صُقت‪ ،‬ويصح ً‬ ‫فيصح ْ‬
‫أن ُيقال لها‪:‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ْلنه يُتمل الصُق‪ ،‬ويُتمل الكذو ً‬
‫وقوله‪َ ( :‬ما يُْ خلن ُه الصنُْ ق َوا ْلكنذو) معنناه‪ :‬منا يُخلنه الصنُق أو‬
‫الكذو‪ ،‬فالواو هنا بمعنى‪ :‬أو‪ ،‬ويُنكز بنه عنن اإلنشناء‪ّ ،‬‬
‫فنإن اإلنشناء ِل‬
‫يُتمل الصُق أو الكذو‪ ،‬وذلك كاْلمر‪ ،‬والنهي‪ ،‬والتمني‪ ،‬والكجي‪.‬‬
‫والفرق بين الخل واإلنشاء من وجهين‪:‬‬
‫للمخ َنر عننه‪ ،‬فنإذا قلنت‪ :‬جناء‬ ‫‪ -‬الوجه اْلول‪ّ :‬‬
‫أن الخل يكون تاب ًعا ُ‬
‫زيٌُ ‪ ،‬فهذا خل حصل بعُ وقوَ المخ َنر عننه‪ ،‬وهنو مجنيء زينُ‪ ،‬فنالخل‬
‫تابع للمخ َر عنه‪ ،‬بخالف اإلنشاء فإنه مت وَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪298‬‬
‫نثال لزيننُ‪ :‬قن ‪ ،‬فقننام زيننُ‪ ،‬فن ّ‬
‫نإن قولننك‪ :‬قن إنشنناء ت عننه‬ ‫فننإذا قلننت من ً‬
‫حصول القيام؛ هذا الوجه اْلول م التفريق بين الخل واإلنشاء‪ ،‬وهو‪ْ :‬‬
‫أن‬
‫يكون الخل تاب ًعا للمخل عنه‪ ،‬بخالف اإلنشاء فإنه يكون مت و ًعا ِل تاب ًعا‪.‬‬
‫شيء موجنود م‬ ‫ٍ‬ ‫أن الخل يكون عن‬ ‫‪ -‬الوجه الثاين م الفرق بينهما‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء معُوم م الخارج‪،‬‬ ‫الخارج‪ ،‬أر‪ :‬خارج الذهن‪ ،‬أ َّما اإلنشاء فيتع َّلق‬
‫أر‪ِ :‬ل وجود له م خارج الذهن‪.‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬الخل َما يُْ خل ُه الصُْ ق َوا ْلكذو)‬ ‫ِ‬
‫فإ ًذا قول ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فإن اإلنشاء ِل يُخله الصُق أو الكذو‪.‬‬ ‫يُكز به عن اإلنشاء‪ّ ،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أننه َينر‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ويؤخذ علنى التعرينف النذر ذكنره ُ‬
‫جامعٍ؛ ْلنه ل يُخل فيه الكالم النذر ِل يُتمنل إِل الصنُق ككنالم اهَّلل‬
‫أيضنا الخنل النذر ِل‬
‫‪ ،‬وكالم ر وله ‪ ‬الثابنت عننه‪ ،‬وِل ينُخل فينه ً‬
‫كنال منهمنا‬
‫أن ً‬‫يُتمل إِل الكذو؛ كخل مُعي الر الة بعُ الن ي ‪ ،‬مع ّ‬
‫أخ ار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪299‬‬
‫فهذا التعريف َير جامعٍ؛ ْلنه ل يُخل فينه الخنل النذر ِل يُتمنل‬
‫إِل الصُق‪ ،‬والخل الذر ِل يُتمل إِل الكذو‪ ،‬فلهنذا ين غني ْ‬
‫أن ُيضناف‬
‫إلى التعريف حتنى يكنون جام ًعنا كلمنة بذاتنه‪ ،‬أر‪ :‬بنذات الخنل ِل ْلمنر‬
‫خارجي‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬ع َّر بما ع َّر به تلمينذه الغزالني فقنال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ولو ّ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أن ُ‬
‫الخل ما يُتمل التصُيق أو التكذي‪ ،،‬لن نُنتج إلنى إضنافة هنذا القينُ‬
‫وإن كنان صنُ ًقا إِل أننه يُتمنل‬
‫ْلن كنالم اهَّلل وكنالم ن ينه ‪ْ ‬‬
‫وهو لذاتنه؛ ّ‬
‫التكذي‪.،‬‬
‫ولهننذا كننذو بننه المشننركون مننع أنننه صننُق‪ ،‬وكننذلك كننالم مننُعي‬
‫الر ننالة بعننُ الن نني ‪ْ ‬‬
‫وإن كننان كننذ ًبا م حقيقننة اْلمننر‪ ،‬إِل أنننه يُتمننل‬
‫التصُيق‪ ،‬ولهذا صُق بنو حنيفة مسيلمة الكذاو‪.‬‬
‫تعرينف جنامع‬
‫ٌ‬ ‫فتعريف الخل بأنه ما يُتمل التصنُيق أو التكنذي‪،،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م‬ ‫ِ‬
‫مننانع مننؤد للمقصننود‪ ،‬وقننُ عرفننه بننه أبننو حامننُ الغزالنني ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫كتابه [المستصفى]‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪300‬‬
‫اهَّلل‪ -‬الخنل انتقنل للكنالم علنى أقسنام‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرف ُ‬
‫ولما َّ‬
‫الخل باعت ار وصوله إلينا‪ ،‬أر‪ :‬باعت ار نُه‪ ،‬والخل هبذا اِلعت ار ينقس‬
‫عنُ جمهور اْلصوليين إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬متواتر‪ ،‬والمتواتر م لغنة العنرو‪ :‬المتتنابع‪ ،‬تقنول‪:‬‬
‫تواترت الخيل‪ .‬يعني‪ :‬تتابعت‪.‬‬
‫وِل ُيسمى المتتابعان متواترين إِل إذا كان بينهما فكة وزمنن‪ ،‬أ َّمنا ْ‬
‫إن‬
‫ل يكن بينهما فكة وزمن فنال ُيقنال‪ :‬متنواتران‪ ،‬وإنَّمنا ُيقنال‪ :‬متواصنالن‪،‬‬
‫أن يكون فيه فكة وزمن بين المتتابعين‪.‬‬ ‫ومتُاركان‪ ،‬فالتواتر ِل ُبَُّ ْ‬
‫(و ُه َنو‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬بقوله‪َ :‬‬‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرفه ُ‬ ‫والمتواتر م اِلصأالح‪َّ :‬‬
‫جما َعة َِل َيقع التواطؤ على ا ْل َك ِذو من مثله إِ َلى َأن َينْت َِهي إِ َلى‬
‫َأن ْيروى َ‬
‫اجتِ َهاد)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ا ْلمخل َعن ُه‪َ ،‬ويكون في اْلَ ْصل َعن ُم َشاهَُ ة َأو َ ماَ َِل َعن ْ‬
‫تعري ًفننا للمتننواتر‪ ،‬وإنَّمننا هننو‬
‫وهننذا التعريننف م حقيقننة اْلمننر لنني‬
‫ْلن‬ ‫ٍ‬
‫لشيء آخر‪ ،‬هذا لي تعري ًفا للمتواتر ولكنه تعرينف للتنواتر؛ ّ‬ ‫تعريف‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬قال‪( :‬التواتر‪ُ :‬ه َو َأن ْيروى َ‬
‫جما َعة َِل َيقع التواطؤ‬ ‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬‫ُ‬
‫على ا ْل َك ِذو ‪ ) . .‬إلى آخره‪.‬‬
‫تعري ًفا للمتواتر؛ ّ‬
‫ْلن المتواتر هنو منا رواه جماعنة ِل يقنع‬ ‫وهذا لي‬
‫التواطؤ على الكذو ‪ . .‬إلى آخره‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪301‬‬
‫جما َعنة َِل َيقنع التواطنؤ علنى ا ْل َك ِنذو منن‬ ‫(ه َو َأن ْ‬
‫ينروى َ‬ ‫فالمتواتر‪ُ :‬‬
‫المصنِّف‪.‬‬‫مثله ‪ ) . .‬إلى آخر كالم ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬فهنو تعرينف للتنواتر‪ ،‬فكأننه قنال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أ َّما ما ذكَر ُ‬
‫هننو روايننة جماعننة ِل يقننع التواطننؤ علننى الكننذو مننن مننثله ‪ ،‬وفن ٌ‬
‫نرق بننين‬
‫المتواتر والتواتر‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬نعلن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ومن خالل هذا التعرينف النذر ذكنره ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َم ُه‬ ‫قيود الخل المتواتر‪ ،‬وقيود الخل المتواتر على ما ذكر ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬أربعة قيود‪:‬‬
‫ُ‬
‫أن يرويه جماعة‪ ،‬وذلك يؤخذ منن قولنه‪َ ( :‬أن ْ‬
‫ينروى‬ ‫‪ -‬القيُ اْلول‪ْ :‬‬
‫جما َعة)‪.‬‬
‫َ‬
‫متواترا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫فإن رواه واحُ أو رواه جماعة قليلة فإنه ِل يكون‬
‫أن يرويه جماعة كثينرة؛ هنذا القينُ اْلول ْ‬
‫أن يروينه‬ ‫فإ ًذا القيُ اْلول‪ْ :‬‬
‫متواترا‪.‬‬
‫ً‬ ‫جماعة‪ْ ،‬‬
‫فإن رواه واحُ أو رواه جماعة قليلة فإنه ِل يكون‬
‫وهذه الكثرة ِل حُ لهنا علنى أصنح أقنوال اْلصنوليين والمُنُثين‪،‬‬
‫حصل العل ‪ ،‬فكنل عنُد حصنل العلن فإننه يُصنل بنه‬
‫وإنَّما ضابأها ما َّ‬
‫التواتر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪302‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإنه ُيستُل بُصول العلن علنى العنُد وِل عكن ‪،‬‬
‫فال ُيستُل بالعُد على حصول العل ‪.‬‬
‫لهنا‬ ‫فإ ًذا ِل ُبَُّ م المتواتر من ْ‬
‫أن يرويه جماعة كثينرة‪ ،‬وكثنرهت لني‬
‫حصنل بنه العلن فإننه‬ ‫ٍ‬
‫حُ معين‪ ،‬وإنَّما ضابأه ما حصل العل ‪ ،‬فكل عُد َ‬
‫متواترا؛ هذا القيُ اْلول‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون خله‬
‫أن ِل يقع منه اتفاق على الكذو‪ ،‬إ َّما لكثرهت ‪ ،‬وإ َّما‬ ‫‪ -‬القيُ الثاين‪ْ :‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ل عُ أوطاهن وعُم معنرفته بن عض‪ ،‬وقنُ ذكَنر ُ‬
‫(ِل َيقع التواطؤ على ا ْل َك ِذو من مثله )‪.‬‬
‫هذا القيُ م قوله‪َ :‬‬
‫أن يستمر هنذا الوصنف ‪-‬وهنو ْ‬
‫أن يروينه جماعنة ِل‬ ‫‪ -‬القيُ الثالث‪ْ :‬‬
‫يقع التواطؤ على الكذو منن منثله ‪ْ -‬‬
‫أن يسنتمر هنذا الوصنف م جمينع‬
‫ط قات السنُ إلى ْ‬
‫أن ينتهي إلى المخ َر عنه وهو الن ي ‪.‬‬
‫فلنو اختنل هننذا الوصنف م ط قننة منن ط قنات السنننُ‪ّ ،‬‬
‫فنإن الخننل ِل‬
‫متواترا كمنا لنو رواه جماعنة كثينرة عنن جماعنة قليلنة عنن جماعنة‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫ْلن الكثرة ِل ُبَُّ ْ‬
‫أن تسنتمر م جمينع ط قنات‬ ‫متواترا؛ ّ‬
‫ً‬ ‫كثيرة فإنه ِل يكون‬
‫السنُ إلى ْ‬
‫أن تنتهي إلى المخ َر عنه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪303‬‬
‫‪ -‬القيُ الرابع‪ْ :‬‬
‫أن يكون اإلخ ار م اْلصل –يعني‪ :‬م الأ قة اْلولى‬
‫– عن مشاهُة أو عن ماَ‪ ،‬وذلك ْ‬
‫بأن يقول الراور‪ :‬معت‪ ،‬أو يقول‪:‬‬
‫متواترا‪.‬‬
‫ً‬ ‫رأيت‪ْ ،‬‬
‫فإن كان الخل عن اجتهاد فإنه ِل يكون‬
‫أن اْلمور اِلجتهادية قُ يتأرق إليها الخأأ‪ ،‬وهذا‬ ‫و ‪ ،‬ذلك‪ :‬هو ّ‬
‫اهَّلل‪ -‬ويكننون م اْلصننل عننن‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫القيننُ يؤخننذ مننن قننول ُ‬
‫مشاهُة أو ماَ ِل عن اجتهاد‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬م اْلصل) يعني‪ :‬م الأ قة اْلولى‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬دِللننننة الخنننل المتنننواتر‪ ،‬فقننننال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصننننِّف ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫وذكَنننر ُ‬
‫(فالمتواتر‪َ :‬ما ُيوج‪ ،‬ا ْلعل ) ومعناه‪ّ :‬‬
‫أن المتواتر يفيُ العل ِل ال ن‪.‬‬
‫وهذا يفيُ العل الضرورر أو يفيُ العلن الن نرر؟ هنذا مُنل ننزاَ‬
‫بين علماء اْلصول‪:‬‬
‫جمهوره على أنه يفيُ العل الضرورر‪.‬‬
‫المصننِّف م كتناو [اللهنان]–‬
‫وذه‪ ،‬بعض اْلصنوليين – ومننه ُ‬
‫إلى ّ‬
‫أن المتواتر يفيُ العل الن رر‪.‬‬
‫وهذه المسألة وهي هل المتواتر يفيُ العل الضرورر أو يفيُ العل‬
‫الن رر؟ ِل يكت‪ ،‬عليها ثمرة ما دام أهن متفقون على أهن يفيُ العل ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪304‬‬
‫ومن أمثلة الخل المتواتر‪ :‬أحاديث المسح على الخفين‪ ،‬وقولنه ‪:‬‬
‫« َم ْن ك ََذ َو َع َلي ُم َت َع ِّمًُ ا َف ْل َي َت َ َّو ْأ َم ْق َعَُ ُه مِ َن الن ِ‬
‫َّار»‪ ،‬وم ذلك يقول السيوطي‬ ‫َّ‬
‫اهَّلل‪:-‬‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ومن بننى هَّلل بيتًنا واحتسن‪،‬‬ ‫مما تواتر حُيث من كنذو‬
‫ومسح خفنين وهنذه بعنض‬ ‫ورؤينننة شنننفاعة والُنننوض‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪305‬‬
‫وانحاد ُه َو‪ :‬ا َّل ِذر ُيوجن‪ ،‬ا ْل َع َمنل َو َِل ُيوجن‪ ،‬ا ْلعلن ‪ ،‬وينقسن إِ َلنى‬
‫ُم ْر ل ومسنُ‪.‬‬
‫َفا ْل ُم ْسنَُُ ‪َ :‬ما ا َّتصل إِ ْ نَاده‪ ،‬والمر ل‪َ :‬ما ل يتَّصل إِ ْ نَاده‪.‬‬
‫حجة إِ َِّل َم َرا ِ يل عيُ‬ ‫ِ‬
‫الص َُا َبة َف َل ْي َ َذلك َّ‬
‫ِ‬ ‫َفإِن ك َ‬
‫َان من َم َرا يل َير َّ‬
‫بن ا ْلمسي‪َ ،‬فإِن ََّها فتشت َفوجُت مسانيُ َعن النَّ ِي صلى اهَّلل َع َل ْي ِه َو ل ‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على القسن اْلول وهنو‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫المتواتر‪ ،‬انتقل للكالم على القس الثاين وهو انحاد‪.‬‬
‫وانحاد جمع‪ ،‬ما مفرده؟ أحنُ‪ ،‬أ َّمنا واحنُ فيجمنع علنى أر شنيء؟‬
‫يجمع على وحُان‪.‬‬
‫وانحنناد م اصننأالح اْلصننوليين‪ :‬هننو مننا ننوى المتننواتر‪ ،‬ولنني‬
‫المقصود بنه منا رواه ٍ‬
‫راو واحنُ‪ ،‬وإنَّمنا المقصنود بنه منا نوى المتنواتر‪،‬‬
‫وا ًء رواه واحُ أو رواه أكثر من واحُ‪ ،‬فما دام أنه لن ي لن رت نة التنواتر‬
‫فهو خل آحاد‪.‬‬
‫اهَّلل‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫أن خننل الواحننُ يوجنن‪ ،‬العمننل وِل‬ ‫و َذكننر ُ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫يوج‪ ،‬العل ‪ ،‬أ َّما كونه يوج‪ ،‬العمل فهذا باتفاق أهل اإل الم‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪306‬‬
‫فقُ أجمع المسلمون علنى ق نول الخنل الواحنُ والعمنل بنه‪ ،‬حتنى‬
‫جنناء المعتزلننة م المااننة الثانيننة فخننالفوا هننذا اإلجمنناَ وأنكننروا أخ ننار‬
‫السنَّة ثابتة من طريق انحاد‪.‬‬
‫انحاد‪ ،‬وأكثر ُ‬
‫بأن أخ ار انحاد ِل ُيُنتج بنه‪ .،‬ترتن‪ ،‬علنى ذلنك ّ‬
‫أن أكثنر‬ ‫فإذا قيل‪ّ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م‬ ‫ِ‬
‫أمر ع ي ‪ ،‬ولهذا ُعني الشافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫السنَّة ِل ُيُتج هبا‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ُ‬
‫كتاو [الر الة] بتث يت خل الواحُ‪ ،‬وإقامة اْلدلة على حجيته‪ ،‬وكنذلك‬
‫ٍ‬
‫كتاو آخر ا مه [جماَ العل ] ب َّين فيه حجينة خنل الواحنُ‪،‬‬ ‫ُعني هبذا م‬
‫وأنه يعمل به م مساال اِلعتقاد وم مساال الُالل والُرام‪.‬‬
‫فننإ ًذا كون نه يوجنن‪ ،‬العل ن هننذا كمننا عرفنننا باتفنناق المسننلمين‪ ،‬ول ن‬
‫يخالف م ذلك المعتزلة م المااة الثانية‪ ،‬وخالفهن هنذا خنالف حناد‬
‫بعُ انعقاد اإلجماَ فال ُيعتل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪307‬‬
‫(و َِل ُيوج‪ ،‬ا ْلعل ) فمعنناه‪ّ :‬‬
‫أن خنل الواحنُ يفينُ ال نن‪،‬‬ ‫وأ َّما قوله‪َ :‬‬
‫وهذه المسألة وقع فيها خالف قولي بين علماء اْلصول على أقوال ثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن خل الواحُ ِل يفيُ إِل ال ن؛ وهنو منذه‪ ،‬أكثنر‬
‫أن ذلنك أمنر مقأنوَ بنه‬ ‫إن الغزالي م [المستصفى] ذكَر ّ‬ ‫اْلصوليين‪ ،‬بل ّ‬
‫اهَّلل‪ّ -‬‬
‫بنأن خنل‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫أن خل الواحُ ِل يفيُ إِل ال ن قأ ًعنا‪ ،‬فقنُ قأنع ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الواحُ ِل يفيُ إِل ال ن‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأن خل الواحُ يتأرق إليه احتمال الخأأ‪ ،‬وما دام أنه كذلك فإنه ِل‬
‫يفيُ إِل ال ن‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثاين‪ّ :‬‬
‫أن خل الواحُ يفينُ العلن ‪ ،‬وهنذا اختناره ابنن حنزم‬
‫منؤزرا‪ ،‬وذكَنر لنه أدلنة‬
‫ً‬ ‫نصنرا‬
‫وابن القي م [الصواعق المر نلة] ونصنره ً‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫ومن أبنرز هنذه اْلدلنة‪ّ :‬‬
‫أن الن ني ‪ ‬كنان ي عنث الر نل إلنى رؤ ناء‬
‫العشاار وإلى ال لُان لُعوهت إلى دين اهَّلل‪ ،‬وت ليغه ر ناِلت اهَّلل‪ ،‬ولنو‬
‫الُ َّجة عليه ومنا حصنل الن الغ‬
‫كان خل الواحُ ِل يفيُ العل ما قامت ُ‬
‫الم ين‪ ،‬وما كان الن ي ‪ ‬م ل ًغا ما أنزل إلينه منن ربنه‪َّ ،‬‬
‫فنُل ذلنك علنى ّ‬
‫أن‬
‫خل الواحُ يفيُ العل ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪308‬‬
‫فإ ًذا الن ي ‪ ‬كان ي عث الر نل للنُعوة إلنى اهَّلل ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪-‬‬
‫وم مساال اِلعتقاد‪ ،‬وم مساال العمل‪ ،‬ومساال اِلعتقاد ِل ُبنَُّ فيهنا منن‬
‫العل ‪.‬‬
‫الُ َّجننة‪،‬‬
‫أن خننل الواحننُ يفيننُ العلنن وتقننوم بننه ُ‬ ‫فننُل ذلننك علننى ّ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫والننُِلال علننى هننذا كثيننرة ذ َكننر منهننا ابننن القنني ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬أكثننر مننن‬
‫دليال‪.‬‬
‫عشرين ً‬
‫‪ -‬القول الثالث‪ّ :‬‬
‫أن خل الواحُ يفيُ العل بالقراان‪ ،‬فنالقراان تقنوم‬
‫مقننام كثننرة الننرواة‪ ،‬وهننذا اختنناره الشنني انمننُر‪ ،‬واختننار ابننن قُامننة‬
‫اهَّلل‪ -‬م [نزهنة‬ ‫ِ‬
‫رجُه الُنافظ ابنن حجنر ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬ ‫َّ‬ ‫المقُ ي‪ ،‬وهو الذر‬
‫اهَّلل‪ -‬كمنا م [الفتناوى‬ ‫ِ‬
‫الن ر]‪ ،‬واختاره شي اإل الم ابنن تيمينة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫الكلى]‪.‬‬
‫والقول‪ّ :‬‬
‫بأن خل الواحُ يفيُ العل فيما ي هر قول قنور‪ ،‬فنإذا ث نت‬
‫الخل فإنه يفيُ العل ‪.‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫والمصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أ َّمننا إذا لن يث ننت فإنننه ِل ُيُننتج بننه حينئننذ‪ُ ،‬‬
‫يختار القول اْلول وهو ّ‬
‫أن خل الواحُ ِل يفيُ إِل ال ن‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪309‬‬
‫اهَّلل‪ -‬خل الواحُ إلى قسمين‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫قس ُ‬‫ث َّ‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬خل ُمسنُ‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬خل مر ل‪.‬‬
‫مفعول من اإل ناد وهنو اِلعتمناد‪ ،‬تقنول‪ :‬ا نتنُت‬ ‫والمر ل‪ :‬ا‬
‫على كذا‪ .‬يعني‪ :‬اعتمُت عليه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م اِلصنأالح بنن ( َمنا ا َّتصنل إِ ْ ننَاده)‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وعرفه ُ‬
‫َّ‬
‫راو شيخه الذر روى عنه‪ ،‬ف هذا‬ ‫بأن يذكر كل ٍ‬ ‫يعني‪ :‬إلى الن ي ‪ ،‬وذلك ْ‬
‫أيضا على مسانُ‪.‬‬
‫يُصل اِلتصال‪ ،‬والمسنُ ما جمعه؟ مسانيُ‪ ،‬ويجمع ً‬
‫‪ -‬القس الثاين‪ :‬المر ل‪ ،‬والمر ل م لغنة العنرو معنناه‪ :‬المألنق‪،‬‬
‫تقول‪ :‬أر لت الأير‪ ،‬يعني‪ :‬أطلقته‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بقولنه‪َ ( :‬منا لن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫فعرفه ُ‬
‫وأ َّما عنُ اْلصوليين‪َّ ،‬‬
‫يتَّصل إِ ْ نَاده)‪.‬‬
‫وهنننذا التعرينننف يشنننمل المنقأنننع عننننُ المُنننُثين‪ ،‬والمعضنننل‪،‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫والمعلق‪ ،‬والمر ل‪ ،‬فهذا التعرينف النذر ذكنره ُ‬
‫يشننمل هننذه اْلشننياء اْلربعننة‪ ،‬وهنني‪ :‬المنقأننع‪ ،‬والمعضننل‪ ،‬والمعلننق‪،‬‬
‫والمر ل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪310‬‬
‫وبنا ًء على هنذا‪ :‬تعلن ّ‬
‫أن اصنأالح اْلصنوليين م تعرينف المر نل‬
‫أو ع من اصأالح المُُثين‪.‬‬
‫فالمُُثون ِل يألقون المر ل إِل على ما رواه الراور عن الن ي ‪‬‬
‫مما ِل يسمعه منه‪.‬‬
‫بخالف اْلصوليين فنإهن يألقنون المر نل علنى كنل منا لن يتصنل‬
‫إ ناده‪ ،‬وا ًء أكان من م ادئ السنُ أم من منتهاه‪ ،‬أم من أثنااه؛ ولهذا قال‬
‫اهَّلل‪( :-‬المر ل‪َ :‬ما ل يتَّصل إِ ْ نَاده)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫فإذا وقع قب م أثناء السنُ فهو مر نل عننُ اْلصنوليين‪ ،‬وإذا وقنع‬
‫قب ل عض الرواة م م ادئ السنُ فهو مر ل عنُ اْلصوليين‪ ،‬وإذا وقع‬
‫نقب م منتهنى السننُ فهنو مر نل عنننُ اْلصنوليين‪ ،‬فكنل منا لن يتصننل‬
‫إ ناده فهو مر ل عنُ اْلصوليين‪.‬‬
‫والمر ل نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬النوَ اْلول‪ :‬مر ل صُابي‪.‬‬
‫‪ -‬والنوَ الثاين‪ :‬مر ل َير صُابي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪311‬‬
‫فأ َّما مر ل الصُابي فمعناه‪ْ :‬‬
‫أن ينقل الصُابي عن الن ي ‪ ‬شي ًئا لن‬
‫يسمعه منه‪ ،‬وهنو ُح َّجنة باتفناق اْلصنوليين؛ ّ‬
‫ْلن الصنُابة م الغالن‪ِ ،‬ل‬
‫يروون إِل عن صُابة‪ ،‬والصُابة عُول فال يضر الجهل هب ‪ ،‬وكثير منن‬
‫رواية صنغار الصنُابة كناللاء بنن عنازو‪ ،‬وابنن ع ناس‪ ،‬وأضنراهبما لن‬
‫يسمعوها من الن ي ‪ ‬م اشرةً‪.‬‬
‫نم ْعنَا ُه مِن ْن‬
‫ِ‬
‫ولهذا يقول اللاء بن عنازو ‪َ ( :‬منا ك ُُّنل َمنا َحنَُّ ْثنَا ُك ْ َ‬
‫ول اهَّللِ ‪ْ ََ ‬ي َر َأنَّا َِل ُن َك ِّذ ُو)؛ هذا النوَ اْلول‪ ،‬وهو مر ل الصُابي‪،‬‬ ‫ر ِ‬
‫َ ُ‬
‫فيه خالف إِل خالف شاذ ِل ُيذكر‪،‬‬ ‫واْلمر فيه واضح وهَّلل الُمُ‪ ،‬ولي‬
‫أن مر نل الصنُابي ُح َّجنة‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ولهذا يُكي اْلصوليون اِلتفناق علنى ّ‬
‫كان فيه خالف إِل أنه خالف شاذ ِل يعتل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪312‬‬
‫النوَ الثاين‪ :‬مر ل التابعي‪.‬‬
‫والمقصود به‪ :‬رواية التابعي عن الن ي ‪ ،‬وهذا التعريف أحسن من‬
‫أن ُيقال‪ :‬مر ل التابعي هنو ْ‬
‫أن يقنول التنابعي‪ :‬قنال ر نول اهَّلل ‪ ،‬وإنَّمنا‬ ‫ْ‬
‫كان أحسن لس ٍ‬
‫‪ ،،‬ما هو هذا الس ‪،‬؟‬
‫الس ‪ ،‬م ذلك‪ّ :‬‬
‫أن رواية التابعي عنن الن ني ‪ ‬تشنمل رواينة قولنه‪،‬‬
‫ورواية فعله‪ ،‬ورواينة إقنراره‪ ،‬بخنالف التع ينر بقولننا‪ْ :‬‬
‫أن يقنول التنابعين‪:‬‬
‫فعنال‬ ‫بالقول فقنب‪ ،‬منع ّ‬
‫أن التنابعي قنُ ينرور ً‬ ‫قال ر ول اهَّلل‪ .‬فإنه يخت‬
‫إقرارا للن ي ‪.‬‬
‫وقُ يرور ً‬
‫أن يقنول التنابعي‪ :‬قنال ر نول اهَّلل ‪‬؛ ّ‬
‫ْلن‬ ‫وإنَّما عل َمن ع َّر بقولنه‪ْ :‬‬
‫اْلقوال هي أكثر ما ُينقل عن الن ي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪313‬‬
‫ٌ‬
‫عراك طويل‬ ‫ُح َّجة؟ وقع م هذا‬ ‫ومر ل التابعي هل هو ُح َّجة أو لي‬
‫بين علماء اْلصول‪ ،‬حتى ّ‬
‫إن بعنض اْلصنوليين أوصنل الخنالف م هنذه‬
‫المسألة إلى ثمانية عشر ً‬
‫قوِل‪ ،‬وأبرز هذه اْلقوال‪:‬‬
‫أوِل‪ّ :‬‬
‫أن مر نننل التنننابعي ُح َّجنننة‪ ،‬وهنننذا هنننو منننذه‪ ،‬المالكينننة‬ ‫‪ً -‬‬
‫والُنفية‪ ،‬والمشهور عنُ الُنابلة‪.‬‬
‫والُليل على ذلك‪ّ :‬‬
‫أن التابعي عُل‪ ،‬والعُل ِل يسقب من روى عنه‬
‫إِل لعُالته عننُه‪ ،‬وْلجنل هنذا بنال الُنفينة فقنالوا‪ :‬المر نل أقنوى منن‬
‫المسنُ‪ ،‬وذلنك ْلن النراور منن شنُة عُالنة منن روى عننه أ نقأه ولن‬
‫يذكره‪.‬‬
‫أن مر ل التابعي ِل يُتج به‪ ،‬وهذا هو المشهور عن‬ ‫‪ -‬القول الثاين‪ّ :‬‬
‫اهَّلل‪-‬؛ وذلننك ّ‬
‫ْلن ق ننول الروايننة م ننني علننى أر‬ ‫ِ‬
‫اإلمننام الشننافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫شيء؟ علنى معرفنة عُالنة النراور‪ ،‬وم الخنل المر نل ِل يمكنن معرفنة‬
‫عُالة الراور؛ ْلنه ِل تعرف عينه فال تعرف عُالته‪.‬‬
‫فننإ ًذا هننذان قننوِلن مشننهوران عنننُ اْلصننوليين‪ ،‬القننول اْلول‪ :‬هننو‬
‫مذه‪ ،‬المالكية والُنفية‪ ،‬وهو المشهور عنُ الُنابلة‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬هو المشهور عن اإلمام الشافعي – رحمه اهَّلل ‪.-‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪314‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م اِلحتجناج‬ ‫ِ‬
‫وقُ اضأرو النقل عن اإلمام الشافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫يفنرق‬ ‫ِ‬ ‫بمر ل التابعي‪ ،‬وتُقيق القول م ذلك ّ‬
‫اهَّلل‪ِّ -‬‬
‫أن الشنافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫بننين مر ننل التننابعي الك يننر والتننابعي الصننغير‪ ،‬كم نا قننرر ذلننك م كتنناو‬
‫[الر الة]‪.‬‬
‫فالتابعي الك ير وهو من أكثر روايته عن الصُابة يكون مر له ُح َّجة‬
‫إذا اعتضُ بما يقويه‪.‬‬
‫والتابعي الصغير وهو َمن أكثر روايته عن التابعين ِل ُيُتج بمر نله‪،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م كتاو [الر الة]‪ :‬أ نتوحش منن مرا نيل صنغار‬ ‫ِ‬
‫بل قال ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫التابعين‪.‬‬
‫هذا هو تُقيقه م منذه‪ ،‬الشنافعي م اِلحتجناج بمر نل التنابعي‪،‬‬
‫كمننا قننرر ذلننك الُننافظ العالانني م كتنناو [جننامع التُصننيل م أحكننام‬
‫أيضا الُافظ ابن رج‪ ،‬م [شرح علل الكمذر]‪.‬‬
‫المرا يل]‪ ،‬وقرره ً‬
‫ننوَ منن أننواَ‬
‫وأ َّما مذه‪ ،‬اإلمام أحمُ م مر ل التابعي‪ ،‬فيرى أنه ٌ‬
‫ِ‬
‫يأت عن الن ي ‪ ‬ما يخالفه؛ وقنُ‬ ‫الُُيث الضعيف‪ ،‬لكنه يأخذ به إذا ل‬
‫اهَّلل‪ -‬م [شرح علل الكمذر]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قرر هذا أحسن تقرير ابن رج‪َ - ،‬رح َم ُه ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪315‬‬
‫اهَّلل‪ -‬قال‪( :‬والمر ل‪ :‬ما ل يتصل إ نناده‪َ ،‬فنإِن‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حجة)‪ُ ،‬يفه من هذه الع نارة‪:‬‬‫الص َُا َبة َف َل ْي َ َذلك َّ‬ ‫ك َ‬
‫َان من َم َرا يل َير َّ‬
‫أنه إذا كان من مرا يل الصُابة يكون ُح َّجة‪.‬‬
‫ذلننك ُح َّجننة إِ َِّل‬ ‫ْ‬
‫(فنإن كننان منن مرا ننيل َينر الصننُابة‪ ،‬فلني‬ ‫قنال‪:‬‬
‫َم َرا ِ يل نعيُ بنن ا ْلمسني‪َ ،‬فإِن ََّهنا ُفتشنت) يعنني‪ :‬بُنث فيهنا ( َفوجنُت‬
‫مسانيُ َعن النَّ ِي ‪.)‬‬
‫ْ‬
‫فإن قال قاال‪ :‬ما دام أهنا فتشت فوجُت مسانيُ فإهننا ِل تكنون منن‬
‫ق يل المر ل‪.‬‬
‫أن صنورهتا صنورة المر نل‪ ،‬فهني ْ‬
‫وإن كاننت‬ ‫فالجواو علنى هنذا‪ّ :‬‬
‫مسنُة م الُقيقة إِل أهنا مر لة من حيث الصورة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪316‬‬
‫الشن ْي يجننوز للننراور َأن‬ ‫والعنعننة تننُخل علننى ْاْلَ َ ننانِيُ‪َ ،‬وإِذا َق َنر َأ َّ‬
‫الشن ْي َف َي ُقنول‪َ :‬أ ْخلنِني َو َِل‬
‫َي ُقول‪َ :‬حُثنِي َأو َأ ْخلنِي َوإِذا َق َنر َأ ُه َنو علنى َّ‬
‫الش ْي من َير قِ َرا َءة َف َي ُقول‪ :‬أجازين َأو َأ ْخلنِني‬ ‫ِ‬
‫َي ُقول َحُثني‪َ ،‬وإِن َ‬
‫أجازه َّ‬
‫إج َازة‪.‬‬
‫َ‬
‫اهَّلل‪ -‬قسنمي خنل انحناد‪ ،‬خنت م ُنث‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما ذكَر ُ‬
‫اْلخ ار بالكالم على بعض طرق رواية اْلخ نار‪ ،‬واْلصنوليون يقسنمون‬
‫طرق رواية اْلخ ار إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬القس اْلول‪ :‬طرق رواية الصُابي للخل‪.‬‬
‫‪ -‬والقس الثاين‪ :‬طرق رواية َير الصُابي للخل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪317‬‬
‫اهَّلل‪ -‬أربع طرق‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ذكَر ُ‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬العنعنة‪ ،‬وهي‪ :‬رواية الُُيث بلفظ "عن"‪ ،‬وهني تنُخل‬
‫على اْلخ نار المسننُة‪ ،‬وت قنى اْلخ نار التني دخلنت عليهنا مسننُة؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫ظاهر الرواية بنن "عنن" نماَ النراور ممنن روى عننه منع أهننا مُتملنة‬
‫لعُم السماَ‪.‬‬
‫و ُيُك باِلتصال إذا روى النراور الخنل بلفنظ "عنن" إِل إذا كنان‬
‫معرو ًفا بالتُلي ‪ ،‬فال ُيُك باتصال روايتنه إِل إذا صنرح بالسنماَ ممنن‬
‫روى عنه‪ ،‬وهذه الأريق وهي العنعنة تكون م رواية الصنُابة وم رواينة‬
‫َير الصُابي‪.‬‬
‫‪ -‬الأرينننق الثانينننة‪ :‬قنننراءة الشننني ‪ ،‬وهننني أعلنننى طنننرق رواينننة َينننر‬
‫الصُابي‪.‬‬
‫أن التلميذ يسمع لفظ الشي ‪ ،‬وِل فرق م ذلك بنين ْ‬
‫أن‬ ‫و ‪ ،‬ذلك‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫كتناو‪ ،‬وإذا قنرأ الشني فإننه يجنوز‬ ‫يقرأ الشي من حف نه أو ْ‬
‫أن يقنرأ منن‬
‫أن يقول‪ :‬حُّ ثني‪ْ ،‬‬
‫وأن يقول‪ :‬أخلين‪ ،‬وذلك ْلنه نمع منن لفنظ‬ ‫للتلميذ ْ‬
‫الشي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪318‬‬
‫لكن يشكط م هذا الأريق ْ‬
‫أن يقرأ الشي الُُيث بقصُ أن ُينروى‬
‫مثال و معه التلميذ فال يجوز له ْ‬
‫أن يقنول‪:‬‬ ‫عنه‪ْ ،‬‬
‫فإن قصُ مراجعة حُيثه ً‬
‫حُّ ثني‪ ،‬أو ْ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين‪.‬‬
‫فإ ًذا متى يجوز للتلميذ إذا قرأ الشني ْ‬
‫أن يقنول‪ :‬حنُثني أو أخنلين؟‬
‫إذا كان مقصود الشي الرواية عنه‪ ،‬أ َّمنا إن كنان يقصنُ مراجعنة مُفوظنه‬
‫أن يقول‪ :‬حُّ ثني‪ ،‬أو ْ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين‪.‬‬ ‫مثال فال يسوغ للتلميذ ْ‬
‫ً‬
‫‪ -‬الأريننق الثالثننة –عكسننها ‪ :-‬وهنني ْ‬
‫أن يقننرأ التلميننذ علننى الشنني ‪،‬‬
‫وهذه الأريقة ُتسمى عنُ المُُثين بالعرض‪.‬‬
‫وإذا قرأ التلميذ على الشي جاز له ْ‬
‫أن يرور عنن الشني ‪ ،‬بشنرط أِل‬
‫يكون هناك َفل ٌة أو نوم‪ ،‬أو إكرا ٌه عرض للشي ‪ ،‬ويجوز للتلميذ ْ‬
‫أن يقول‬
‫إذا قرأ على الشي أخلين قراءة عليه‪ ،‬أو حُّ ثني قراءة عليه‪.‬‬
‫أن يقول‪ :‬حُّ ثني من َير ْ‬
‫أن يقول‪ :‬قراءة‬ ‫وهل يجوز له م هذه الُالة ْ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين من َير ْ‬
‫أن يقول‪ :‬قراءة عليه؟‬ ‫عليه‪ ،‬أو ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬م ذلننك‪ ،‬فننذه‪ ،‬إلننى أنننه يجننوز ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫فصننل ُ‬
‫أن يقننول‪ :‬حننُثني؛ وذلننك ّ‬
‫ْلن التُننُيث م‬ ‫يقننول‪ :‬أخننلين وِل يجننوز ْ‬
‫اِلصأالح خاص بقراءة الشي على التلميذ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪319‬‬
‫أ َّما اإلخ ار فيشمل قنراءة الشني علنى التلمينذ وقنراءة التلمينذ علنى‬
‫أن يقول‪ :‬حنُثني؛ ّ‬
‫ْلن التُنُيث‬ ‫له ْ‬ ‫الشي ‪ ،‬فله ْ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين‪ ،‬ولي‬
‫خاص بقراءة الشي على التلميذ‪.‬‬
‫أن ذلنك جنااز‪ ،‬فنال فنرق بنين ْ‬
‫أن يقنول‪:‬‬ ‫وذه‪ ،‬أكثر اْلصوليين إلى ّ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين؛ ّ‬
‫ْلن المقصود هنو اإلخ نار برواينة الُنُيث‬ ‫حُثني أو ْ‬
‫عن الشي ‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن الصور أربع‪:‬‬
‫‪ -‬اْلولى‪ْ :‬‬
‫أن يقول التلميذ‪ :‬حُّ ثني قراءة عليه‪ ،‬وهذه جااز ٌة باتفاق‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية‪ْ :‬‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين عليه قراءة عليه‪ ،‬وهذه جااز ٌة باتفاق‪.‬‬
‫المصنننِّف وأكثننر‬ ‫‪ -‬الثالثننة‪ْ :‬‬
‫أن يقننول‪ :‬أخننلين‪ ،‬وهننذه جنناازة عنننُ ُ‬
‫اْلصوليين‪.‬‬
‫المصننِّف‪،‬‬ ‫‪ -‬الرابعننة‪ْ :‬‬
‫أن يقننول‪ :‬حننُّ ثني‪ ،‬وهننذه ليسننت جنناازة عنننُ ُ‬
‫وذه‪ ،‬أكثر اْلصوليين إلى أهنا جاازة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪320‬‬
‫(و َِل َي ُقول َحُثنِي) يعني‪ِ :‬ل يجوز ْ‬
‫أن يقول‪ :‬حُّ ثني‪.‬‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫المقصود بنه حصنول اإلثن ‪ ،‬وإنَّمنا المقصنود‬ ‫ونفي الجواز هنا لي‬
‫أنه ِل يجنوز م اِلصنأالح‪ ،‬فقنوله ‪ِ :‬ل يجنوز ْ‬
‫أن يقنول‪ :‬حنُثني‪ ،‬لني‬
‫المقصود أنه يُصل له اإلث إذا خالف‪ ،‬وإنَّما المقصنود أننه ِل يجنوز م‬
‫اِلصأالح‪.‬‬
‫الأريق الرابعة من طرق رواية الخل هي اإلجازة‪.‬‬
‫أن يقول الشي للتلميذ‪ :‬أجزت لنك ْ‬
‫أن تنرور‬ ‫والمقصود باإلجازة‪ْ :‬‬
‫أن يقننول‪ :‬أجننزت لننك ْ‬
‫أن تننرور عننني جميننع‬ ‫عننني الكتنناو الفننالين‪ ،‬أو ْ‬
‫مسموعايت‪.‬‬
‫والرواية باإلجازة جاازة عنُ جمهور اْلصنوليين والمُنُثين‪ ،‬وقنُ‬
‫اهَّلل‪ -‬يقنول‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ا تقر عليها عمل المُُثين‪ ،‬حتى ّ‬
‫إن اإلمام أحمنُ ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫لو بألت اإلجازة لضاَ العل ‪.‬‬
‫فالذر ا تقر عليه عمل المُُثين أنه يجنوز الرواينة باإلجنازة‪ ،‬وإذا‬
‫أن يقننرأ عليننه فللتلميننذ ْ‬
‫أن يقننول‪ :‬أخننلين‬ ‫أجنناز الشنني التلميننذ مننن َيننر ْ‬
‫أن يقننول‪ :‬أخننلين‪ ،‬أو ْ‬
‫أن يقننول‪:‬‬ ‫لننه ْ‬ ‫إجننازة‪ ،‬أو ْ‬
‫أن يقننول‪ :‬أجننازين‪ ،‬ولنني‬
‫حُّ ثني من َير ْ‬
‫أن يقيُ ذلك باإلجازة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪321‬‬
‫اهَّلل‪َ ( :-‬ف َي ُقننول‪ :‬أجننازين َأو َأ ْخلنِنني‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫ولهننذا قننال ُ‬
‫إج َازة)‪.‬‬
‫َ‬
‫أن يقول‪ :‬أخلين‪.‬‬ ‫أن يقول‪ :‬حُّ ثني‪ ،‬أو ْ‬ ‫ففه من هذا‪ :‬أنه لي له ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكنالم علنى ال ناو الثالنث‬ ‫ِ‬ ‫وبعُ ْ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أن فرغ ُ‬
‫عشر وهو باو اْلخ ار‪ ،‬انتقل للكالم على ال او الرابع عشنر وهنو بناو‬
‫اْلبواو وأهمها‪.‬‬ ‫القياس‪ ،‬وهو من أع‬
‫كثينر‬
‫والقياس ُيقال‪ :‬إنه يوجع الرأس‪ ،‬ويأيت بالو واس وِل يُف نه ٌ‬
‫من الناس‪.‬‬
‫يسنره اهَّلل علينه‪،‬‬ ‫كذلك‪ ،‬فهو ْ‬
‫إن شناء اهَّلل يسنير علنى َمنن َّ‬ ‫واْلمر لي‬
‫وموعننُنا للُننُيث عنننه َننًُ ا ْ‬
‫إن شنناء اهَّلل تعننالى‪ ،‬ونسننأل اهَّلل لنننا ولك ن‬
‫التوفيق للعل النافع‪ ،‬والعمل الصالح‪.‬‬
‫واهَّلل أعل ‪ ،‬وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪322‬‬
‫ويلُقه به‪ ،‬فهذه فااُة القياس‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫أن المجتهُ قُ ِل يعل الن‬
‫لكنننه ِل يعل ن دِللتننه علننى‬ ‫الننذر يؤخننذ منننه الُك ن ‪ ،‬وقننُ يعل ن الننن‬
‫أن يلُق الن ير بن يره ويقيسنه علينه‪ ،‬وهبنذا نعلن‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫الُك ‪ ،‬فيُتاج‬
‫أمرين مهمين‪:‬‬
‫أن المقصود من القياس موافقة النصوص والسير م‬ ‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ّ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م‬ ‫ِ‬
‫ركاهبا‪ ،‬والنُوران معهنا‪ ،‬وقنُ نن َّ علنى هنذا الشنافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ر الته اْلصولية‪.‬‬
‫‪ -‬اْلمر الثناين‪ :‬خأنأ المقولنة المشنهورة عننُ اْلصنوليين وهني‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫النصوص متناهية بخالف الُواد والنوازل فإهنا ِل تتناهى‪ ،‬حتى ّ‬
‫إن أبا‬
‫المعالي الجويني صناح‪ ،‬الورقنات قنال م [اللهنان]‪ّ :‬‬
‫إن النصنوص ِل‬
‫تفي بعشر معشار الشريعة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪323‬‬
‫فهذه الع ارة ْ‬
‫وإن كانت مشهورة عنُ علماء اْلصول إِل أهنا ليسنت‬
‫صُيُة من وجهين‪:‬‬
‫‪ -‬الوجه اْلول‪ّ :‬‬
‫أن النصوص وافين ٌة بجمهنور أفعنال الع ناد وشنامل ٌة‬
‫لها‪ ،‬بل َمن كان خ ًيرا بالنصوص كمنا يقولنه شني اإل نالم ابنن تيمينة ‪-‬‬
‫ٍ‬
‫مسنألة‬ ‫اهَّلل‪َ :-‬من كان خ ًيرا بالنصوص يمكنه ْ‬
‫أن يسنتُل علنى كنل‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫؛ هننذا الوجننه اْلول الننذين خأننأ المقالننة المشننهورة عنننُ علمنناء‬ ‫بننن‬
‫اْلصول‪.‬‬
‫‪ -‬الوجه الثاين‪ّ :‬‬
‫أن الُواد والوقااع متناهينة‪ ،‬ومتشناهبة فنال يصنح‬
‫إن الُواد ِل تتناهى‪ ،‬وإذا عرفنا أهمية القيناس ّ‬
‫وأن المجتهنُ‬ ‫أن ُيقال‪ّ :‬‬
‫ْ‬
‫الُاجة إليه فما تعريف القياس؟‬ ‫م أم‬
‫القياس م لغة العرو يألق على معنيين‪:‬‬
‫‪ -‬المعنى اْلول‪ :‬المساواة‪ ،‬ومنه قول العرو‪ :‬فالن ِل ُيقاس بفالن‪.‬‬
‫يعني‪ِ :‬ل يساويه‪.‬‬
‫‪ -‬المعنى الثاين‪ :‬التقُير‪ ،‬تقول‪ :‬قست الثوو بالذراَ‪ ،‬يعنني‪ :‬قُرتنه‬
‫به‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪324‬‬
‫ومنه قول الشارَ‪:‬‬
‫َثيثتهننا أو زاد وه ًيننا هزومهننا‬ ‫إذا قا ننها ان نني النأا نني‬
‫إذا قَُّ رها الأ ي‪ ،‬الماهر الُاذق‪.‬‬ ‫(إذا قا ها ان ي)‪ :‬يعني‪:‬‬
‫أدبننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننرت‬
‫الجرحنة‬
‫(إذا قا ها ان ي النأا ني) أر‪ :‬الُناذق‪ ،‬يعنني‪ :‬إذا قنُر ُ‬
‫الأ ي‪ ،‬الماهر‪ ،‬فالقياس م لغة العرو ُيألق على هذين المعنيين‪.‬‬
‫ويقال فيه‪ :‬القياس‪ ،‬والقي ‪ ،‬والقوس‪.‬‬
‫فإن قال لك قاال‪ :‬ما هو القوس؟ تقول‪ :‬هو القياس‪ْ ،‬‬
‫وإن قال لك‪ :‬ما‬ ‫ْ‬
‫ٌ‬
‫ألفاظ مكادفة تُل علنى معنًنى‬ ‫هو القي ؟ تقول‪ :‬هو القياس‪ ،‬فهذه كلها‬
‫واحُ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بتعريفات كثيرة‪:‬‬ ‫أ َّما عنُ اْلصوليين فعرف القياس‬
‫اهَّلل‪ -‬وهنو ّ‬
‫أن القيناس رد الفنرَ إلنى‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫منها‪ :‬ما ذكَر ُ‬
‫اْلصل ٍ‬
‫بعلة تجمعهما م الُك ‪.‬‬
‫وإيضاح هذا التعريف‪ّ :‬‬
‫أن قوله‪( :‬رد) معناه‪ :‬تسوية الفرَ باْلصل‪.‬‬
‫ولهذا بعض اْلصوليين ي نُل كلمنة النرد بكلمنة التسنوية‪ ،‬وبعضنه‬
‫ي ُلها بكلمة إلُاق‪ ،‬وبعضه ي ُلها بكلمة حمل‪ ،‬فيقنول‪ :‬حمنل الفنرَ‬
‫على اْلصل‪ ،‬فالرد معناه‪ :‬التسوية‪ ،‬واإللُاق‪ ،‬والُمل‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬الفرَ)‪ ،‬المراد به‪ :‬المُل المقي ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪325‬‬
‫عليه‪.‬‬ ‫وقوله‪( :‬اْلصل)‪ ،‬المراد به‪ :‬المُل المقي‬
‫وتقنننَُّ م معننننا م أول درا نننة هنننذا الكتننناو ّ‬
‫أن منننن معننناين اْلصنننل‬
‫اِلصأالحية ما يقابل الفرَ م القياس‪.‬‬
‫وقولننه‪( :‬بعلننة تجمعهمننا)‪ ،‬العلننة هنني الوصننف الننذر يث ننت الُكن‬
‫بس ه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م آخننر كالمننه م م ُننث القينناس‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫وعرفهننا ُ‬
‫َّ‬
‫بالجال ة للُك ‪.‬‬
‫واْلصوليون اختلفوا م تعريف العلة‪:‬‬
‫‪ -‬فقال بعضه ‪ :‬العلة هي الموج ة للُك بذاهتا‪ ،‬وهذا هنو منذه‪،‬‬
‫المعتزلة‪ ،‬فقُ ذه وا إلى ّ‬
‫أن العلة توج‪ ،‬بنفسها الُك ‪.‬‬
‫‪ -‬وقال بعضه ‪ :‬العلة هي المعنرف بنالُك منن َينر ْ‬
‫أن يكنون لهنا‬
‫تأثير فيه؛ وهذا هو مذه‪ ،‬اْلشاعرة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ -‬وقال بعضه ‪ :‬العلة هي الموج ة للُك بإيجاو الشارَ‪.‬‬
‫وهذا هو أصح تعريفات العلة أهنا الموج ة للُك بإيجناو الشنارَ‬
‫ِل بنفسها‪ ،‬فهي ليست أمارة ِل تأثير لهنا‪ ،‬بنل لهنا تنأثير بجعنل الشنارَ ِل‬
‫بنفسها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪326‬‬
‫المصننِّف ينرى ّ‬
‫أن العلنة هني‬ ‫أن ُ‬‫المصنِّف هننا‪ :‬تنُل علنى ّ‬
‫وع ارات ُ‬
‫الموج ة للُك بنفسها‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬الُك )‪ ،‬المراد به‪ :‬مقتضى خأاو الشارَ المتعلق بأفعال‬
‫المكلفين باِلقتضاء‪ ،‬أو التخيينر‪ ،‬أو الوضنع ‪-‬كمنا تقنَُّ م معننا تعريفنه م‬
‫أول درا ة هذا الكتاو‪.-‬‬
‫ومننن خننالل هننذا التعريننف يت ننين لنننا ّ‬
‫أن القينناس لننه أربعننة أركننان‪،‬‬
‫واْلركان جمع ركن‪ ،‬والنركن‪ :‬هنو جنزء الماهينة التني ِل تتُقنق إِل بنه‪،‬‬
‫وهذا المسجُ الم ارك أين أركانه؟ هذا‪ ،‬وهاذاك‪ ،‬وذاك‪ ،‬وهذا‪.‬‬
‫الركن هنو منا بنين النزاويتين‪ ،‬فيكنون هنذا ركنن‪ ،‬وهنذا ركنن‪ ،‬وهنذا‬
‫ركن‪.‬‬
‫أ َّما ما بين الركنين فهو زاوية‪ ،‬فالمشتهر عنُ النَّاس أهن يألقون ا‬
‫اهَّلل‪ -‬م [شنرح‬ ‫ِ‬
‫الركن علنى الزاوينة‪ ،‬وقنُ ن َّنه علنى هنذا الأنوم ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫مختصر الروضة]‪ ،‬و وا ًء أطلقنا النركن علنى منا بنين النركنين أو منا بنين‬
‫الزاويتين فاْلمر م ذلك يسير‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪327‬‬
‫اهَّلل‪ -‬للقياس ّ‬
‫أن القياس له أربعة‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرفنا من تعريف ُ‬
‫أركان‪:‬‬
‫‪ -‬الركن اْلول‪ :‬اْلصل‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثاين‪ :‬حك اْلصل‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثالث‪ :‬علة حك اْلصل‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الرابع‪ :‬الفرَ‪.‬‬
‫وهنو حكن‬ ‫فإن قال قاال‪ :‬أِل يمكن ْ‬
‫أن يكون للقياس ركنن خنام‬ ‫ْ‬
‫الفرَ؟ لماذا ل يجعل حك الفنرَ ركنًنا منن أركنان القيناس؟ هنو ثمنرة‬
‫القياس‪.‬‬
‫حك اْلصل‪.‬‬ ‫نقول‪ :‬الجواو على هذا‪ّ :‬‬
‫أن حك الفرَ هو نف‬
‫وقال بعض علماء اْلصول‪ :‬حك الفرَ هو ثمنرة القيناس ونتيجتنه‪،‬‬
‫بمرضني؛ وذلنك ّ‬
‫ْلن ثمنرة القيناس ليسنت هني‬ ‫لكن هذا الجنواو لني‬
‫حك الفرَ‪ ،‬وإنَّما هي ث وت حك اْلصل للفرَ‪ ،‬هذه هي ثمرة القياس‪،‬‬
‫خامسنا؛ ّ‬
‫ْلن حكن‬ ‫ً‬ ‫فل يجعل حك الفرَ ركنًا من أركان القياس فيكون‬
‫الفرَ هو حك اْلصل نفسه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪328‬‬
‫ومن أمثلنة القيناس –حتنى تتضنح لننا صنورته‪ْ :-‬‬
‫أن ُيقنال‪ :‬الخمن‬
‫الُل والُرم لعلة اإليذاء‪ ،‬فيقال عليها كنل ٍ‬
‫منؤذ‪ ،‬فهنذا‬ ‫الفوا ق تقتل م ِ‬
‫ُ‬
‫المثال فيه أربعة أركان‪:‬‬
‫الفوا ق‪.‬‬ ‫‪ -‬الركن اْلول –الذر هو اْلصل‪ :-‬الخم‬
‫‪ -‬والننركن الثنناين – الننذر هننو حك ن اْلصننل‪ :-‬أهنننا تقتننل م ِ‬
‫الُننل‬
‫والُرم‪.‬‬
‫‪ -‬والركن الثالث – الذر هو العلة–‪ :‬اإليذاء‪.‬‬
‫–الذر هو الفرَ ‪ :-‬كل ٍ‬
‫مؤذ‪.‬‬ ‫‪ -‬والركن الخام‬
‫مثن ٌ‬
‫نال آخننر‪ْ :‬‬
‫أن ُيقننال‪ :‬تغسننيل الميننت بالسننُر مسننتُ‪،‬؛ لتُصننيل‬
‫الن افة‪ ،‬ف ُيقاس على ذلك‪ :‬تغسيله بساار المن فات اْلخرى‪ ،‬فهذا المثال‬
‫فيه أربعة أركان‪ :‬اْلصل الذر هو تغسيل الميت بالسنُر‪ ،‬والُكن وهنو‬
‫اِل ننتُ او‪ ،‬والعلننة وهنني تُصننيل الن افننة‪ ،‬والفننرَ وهننو المن فننات‬
‫اْلخرى‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مثال ثالنث‪ْ :‬‬
‫أن ُيقنال‪ :‬بينع اْلصننام مُنرم إلفسناد اْلدينان‪ ،‬ف ُيقناس‬
‫عليها بيع الصل ان‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪329‬‬
‫فهذا المثال فيه أربعة أركان‪:‬‬
‫‪ -‬الركن اْلول‪ :‬بيع اْلصنام‪ ،‬وهذا هو اْلصل‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثاين‪ :‬الُك ‪ :‬التُري ‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثالث‪ :‬والعلة‪ :‬إفساد اْلديان‪.‬‬
‫الصل ان‪.‬‬ ‫‪ -‬الركن الرابع‪ :‬والفرَ‪ :‬مقي‬
‫وهكذا فكل قيناس ِل ُبنَُّ ْ‬
‫أن يتُقنق فينه هنذه اْلركنان اْلربعنة‪ ،‬وِل‬
‫يمكن ْ‬
‫أن يوجُ قياس م الُنيا لن تتُقق فيه هذه اْلركان اْلربعة‪.‬‬
‫والقياس ُح َّجة عنُ جماهير المسلمين‪ ،‬وقُ َّ‬
‫دل على ذلك الكتناو‪،‬‬
‫اهَّلل َعن ُْه ْ ‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫والسنَّة‪ ،‬وعمل الصُابة ‪َ -‬رض َي ُ‬
‫ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪330‬‬
‫فالكتاو فيه أدلة متعُدة‪:‬‬

‫أوِل‪ :‬منها‪ :‬قوله تعالى‪{ :‬الِقلهُ القلذمخ أَفْلز َ الْكمتَلِب بِلِلْحَِّ َالْمميلزان‬
‫‪ً -‬‬
‫[الشورى‪ ،]17:‬والميزان هو العُل‪ ،‬ومقايسة اْلشياء ب عضها‪.‬‬
‫نافع لك– فهو يُل على‬
‫وكل مثال ذكره اهَّلل م القرآن –وهذا ضابب ٌ‬
‫صُة القياس؛ ّ‬
‫ْلن اْلمثلة فيها اعت ار للشيء بن يره‪ ،‬وإلُاق له به‪.‬‬

‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬وكذلك د َّلنت ُ‬


‫السننَّة علنى حجينة القيناس‪ ،‬ومنن أقنوى أدلنة‬
‫رجال جاء إلى الن ي ‪‬‬
‫أن ً‬‫السنَّة ما جاء م الصُيُين عن أبي هريرة ‪ّ ‬‬
‫ُ‬
‫نك‬‫إن امنرأيت ولنُت فالنًنا أ نود‪ ،‬فقنال الن ني ‪َ « :‬أ َل َ‬ ‫فقال‪ :‬يا ر ول اهَّلل ْ‬
‫إِبِ ٌل؟» قال‪ :‬نعن ‪ ،‬قنال‪َ « :‬منا َأ ْل َوان َُهنا؟» قنال‪ :‬حمنر‪ ،‬قنال‪َ « :‬ف َه ْنل فِ َيهنا مِن ْن‬
‫َأ ْو َر َق؟» واْلورق هو اْل مر‪ ،‬قال‪ :‬نعن ‪ .‬قنال‪َ « :‬ف ِمن ْن َأ ْين َن َجنا َء؟» قنال‪:‬‬
‫لعله نزعه عرق‪ ،‬يعني‪ :‬لعله جذبه أصل منن أصنوله السنابقة‪ ،‬فقنال الن ني‬
‫‪َ « :‬ف َك َذل ِ َك َل َع َّلن ُه ن َْز َعن ُة ِع ْنر ٍق» أر‪ :‬لعنل ابننك جذبنه أصنل منن أصنوله‬
‫السابقة‪ ،‬فكان أحُ أجُاده لونه أ ود‪ ،‬فجاء هذا الولُ مثله‪.‬‬
‫فهذا الُُيث من أدل اْلدلة على صُة القياس؛ ّ‬
‫ْلن الن ي ‪ ‬قناس‬
‫اختالف لون الولُ على اختالف لون اإلبل‪ ،‬والقيافة التي هي تت ع اْلثر‪،‬‬
‫أيضا علنى حجينة القيناس؛ ّ‬
‫ْلن‬ ‫ومعرفة اْلش اه من اْلدلة التي يستُل هبا ً‬
‫القااف يتعرف على اْلنساو بالمقايسة وإلُاق الشيء بمثيله‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪331‬‬
‫اهَّلل‪ -‬م‬ ‫ِ‬
‫ومننن اللأيننف م بنناو القيافننة مننا ذكننره ابننن العمنناد ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫[شننذرات الننذه‪ ]،‬عننن أبنني إ ننُاق المننروزر الشننافعي‪ ،‬وهننو مننن‬
‫أصُاو أبي الع اس بن ريج اإلمام الشهير من أامة الشافعية قال‪ :‬كان‬
‫عرو به‪ ،‬يعنني‪ :‬ينته‬ ‫لي جار فجاءين وقال‪ْ :‬‬
‫إن ابني يخالف لوين‪ ،‬وكان ُي َّ‬
‫ولُه‪ ،‬فقال‪ :‬إين أريُ الُج‪ ،‬وأكل مقصنُر أين أرينُ ْ‬
‫أن أعنرض‬ ‫أنه لي‬
‫هذا الغالم على القافة‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ِ :‬ل تفعل‪ ،‬فلعلك تسنمع منا تكنره‪،‬‬
‫لك ولُ َيره‪ ،‬قال‪ :‬فذه‪ ،‬إلى الُج وكان مع القوم الرجل الذر‬ ‫ولي‬
‫الغنالم والقنوم منع قنااف منن‬ ‫ُيرمى به‪ ،‬أر‪ :‬الذر يزع أنه أبوه‪ ،‬فجلن‬
‫القافة وتنُى عنه أبوه‪ ،‬فعرض الغالم على القااف فل يلُقه بأحُ من‬
‫القوم‪ ،‬فجاء أبوه راك ًا على جمل يقوده ع ُ فن نر إليهمنا القنااف وقنال‪:‬‬
‫اهَّلل أكل‪ ،‬الراك‪ ،‬أبو الغالم‪ ،‬والع ُ أبو الراك‪ ،،‬فلما نمعه أَمني علينه‬
‫من شُة الوقع‪ ،‬ث لما رجع إلى بلنُه م نيسنابور ذهن‪ ،‬إلنى أمنة فسنألها‬
‫وألح عليها‪ ،‬فقالت‪ْ :‬‬
‫إن أباك قُ طلقني وبث طالقي‪ ،‬وكان عننُنا ع نُ –‬
‫الذر كان يقود الناقة– فنكُنني للتُلينل‪ ،‬فعلقنت مننه‪ ،‬فأتينت بنك‪ ،‬ثن‬
‫فارقني ونكُت أباك‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪332‬‬
‫فهذا يُلك علنى ّ‬
‫أن القيافنة أصنل منن اْلصنول المعتنلة م الشنرَ‪،‬‬
‫وإنَّما تُصل القيافة با تعمال القيناس وإلُناق الن ينر بن ينره‪ ،‬والشن يه‬
‫بش يهه‪.‬‬
‫اهَّلل َعنننن ُْه ْ ‪ -‬مجمعنننون علنننى اعت نننار القيننناس‪،‬‬ ‫والصنننُابة ‪-‬ر ِ‬
‫نني ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ض‬ ‫َ‬
‫والعمل به م وقااع كثيرة ِل ُتُصى‪ ،‬ول يُصل خالف م القياس حتى‬
‫جاء الن نام المعتزلني فهنو أول منن بناح بإنكنار القيناس‪ ،‬كمنا ذكنر ذلنك‬
‫اهَّلل‪ -‬م [جامع بيان العل وفضله]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العالمة ابن ع ُ الل ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫كتاو ع ي ُيوصى طال‪ ،‬العل بأن ُيعنى به ويكثر من‬
‫وهذا الكتاو ٌ‬
‫قراءته‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬القياس انتقل للكالم علنى أقسنام‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرف ُ‬
‫ولما َّ‬
‫القياس‪ ،‬وذكَر ّ‬
‫أن القياس ينقس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬قياس علة‪.‬‬
‫‪ -‬والثاين‪ :‬قياس دِللة‪.‬‬
‫‪ -‬والثالث‪ :‬قياس ش ه‪.‬‬
‫وهذه اْلقسام باعت ار قوة القياس‪ ،‬فأقوى هذه اْلننواَ قيناس العلنة‪،‬‬
‫ث قياس الُِللة‪ ،‬ث قياس الش ه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪333‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بمنا‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫عرفنه ُ‬
‫والقس اْلول‪ :‬وهو قياس العلة‪َّ ،‬‬
‫كانت العلة فيه موج ة للُك ‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنه إذا وجنُت العلنة فنال يُسنن‬
‫عقال ْ‬
‫أن يتخلف الُك عنها‪.‬‬ ‫ً‬
‫بمنا إذا‬ ‫اهَّلل‪ّ -‬‬
‫أن قياس العلة يخت‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وظاهر ما ذكَر ُ‬
‫كانت العلة منصوصة‪ ،‬أو ل يكنن هنناك فنرق بنين الفنرَ واْلصنل‪ ،‬هنذا‬
‫أن قياس العلة يخنت بمنا إذا كاننت‬‫اهَّلل‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ظاهر صنيع ُ‬
‫ٌ‬
‫العلة منصوصة‪ ،‬أو ل يكن هناك فرق بين الفرَ واْلصل‪.‬‬
‫فمثال اْلول –وهنو منا كاننت العلنة منصوصنة‪ :-‬قولنه ‪ ‬م الهنرة‪:‬‬
‫«إِن ََّها مِ َن ال َّأ َّوافِي َن َع َل ْي ُك ْ »‪ ،‬ف ُيلُق هبا كل ما يأوف من الُواو‪ ،‬ويُك‬
‫بأهارته‪.‬‬
‫وقوله ‪ ‬م حُيث المسنح علنى الخفنين‪َ « :‬د ْع ُه َمنا َفنإِنِّي َأ ْد َخ ْلت ُُه َمنا‬
‫َط ِ‬
‫اه َر َت ْي ِن»‪ ،‬فقنُ نن َّ الن ني ‪ ‬علنى العلنة‪ ،‬وهني قولنه‪َ« :‬إِنِّني َأ ْد َخ ْلت ُُه َمنا‬
‫أن ُتلن علنى‬ ‫اه َر َت ْي ِن»‪ ،‬ف ُيقاس على الخفين اار الُواانل‪ ،‬ويشنكط ْ‬ ‫َط ِ‬

‫طهارة‪.‬‬
‫ومثال الثاين –وهو ما ل يكن فيه فرق بين الفرَ واْلصل‪ :-‬قولنه ‪-‬‬

‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى‪{ :-‬فَال لًَُِّْ لَهُمِ أٍَُّ [اإل راء‪ ،]23:‬فقُ َّ‬
‫حرم التنأفيف‬
‫للوالُين‪ ،‬وِل فرق بين التأفيف والضرو‪ ،‬بل الضرو أع ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪334‬‬
‫وكذلك قوله تعالى‪{ :‬إِنَّ القذمين يأْكُُِون أَمْوا َ الْيتَِمٍ ظُِْمًِ إفََّمِ يأْكُُِون فمي‬

‫بُلُوفمهِدْ فَلِرًا [النساء‪ ]10:‬فقُ َّ‬


‫حنرم أكنل منال اليتني ‪ ،‬وِل فنرق بنين أكلنه‬
‫وإَراقه أو إحراقه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫أن قيناس العلنة مخنت ٌ بمنا‬ ‫فإ ًذا ظاهر كالم ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫إذا كانت العلة منصوصة‪ ،‬أو ل يكن هناك فرق بين الفرَ واْلصل‪.‬‬
‫وأكثر اْلصنوليين علنى ّ‬
‫أن قيناس العلنة هنو منا جمنع فينه بنين الفنرَ‬
‫واْلصل بالعلة نفسها‪ ،‬وا ًء أكانت العلة منصوصنة‪ ،‬أم كاننت مسنتن أة‪،‬‬
‫أو ل يكن هناك فرق بين الفرَ واْلصل‪.‬‬
‫فقياس العلة‪ :‬هنو منا جمنع فينه بنين الفنرَ واْلصنل بالعلنة نفسنها‪،‬‬
‫وا ًء أكانت العلة منصوصة كما ُمثل‪ ،‬أو لن يكنن هنناك فنرق بنين الفنرَ‬
‫واْلصل كما ُمثل‪ ،‬أو كانت العلة مستن أة كعلة تُري ربنا الفضنل‪ ،‬فقنُ‬
‫قال الُنفية والُنابلة‪ :‬هي الكيل والوزن‪.‬‬
‫وقال الشافعية‪ :‬هي الأع ‪.‬‬
‫وقال المالكية‪ :‬هي القوت‪.‬‬
‫وهذه العلة مستن أة‪ ،‬وكعلة تُري الخمر وهي اإل كار‪ ،‬فهني علنة‬
‫مستن أة‪ ،‬والذر عليه أكثنر اْلصنوليين هنو الصنواو ْ‬
‫إن شناء اهَّلل تعنالى‪،‬‬
‫وهو ّ‬
‫أن قياس العلة ما ُجمع فيه بين الفرَ واْلصل بالعلة نفسها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪335‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُ ُ‬
‫ه‬ ‫عرفننه ُ‬‫القس ن الثنناين‪ :‬قينناس الُِللننة‪ ،‬وقننُ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫باِل تُِلل بالن ير علنى ن ينره‪ ،‬فقنال‪ِ ِ ُ :‬‬
‫(ه َنو اِل ْ نتُْ َِل ُل بِ َأ َحنُ النَّ َ‬
‫ينر ْي ِن‬
‫َع َلى ْان َخ ِر)‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬يجوز رهن الثياو؛ ْلن يجوز بيعها قيا ً ا‬
‫على ال ُر؛ فهذا المثنال فينه ا نتُِلل بنالن ير وهنو جنواز رهنن النل علنى‬
‫ن يره وهو جواز رهن الثياو‪.‬‬
‫وكذلك لو قيل‪ :‬يصح وقوَ ال هار من الكتنابي؛ ْلننه يصنح طالقنه‬
‫قيا ً ا على المسل ‪ ،‬فقُ ا تُل هننا بنالن ير وهنو‪ :‬صنُة طنالق الكتنابي‬
‫على ن يره وهو صُة ظهاره‪.‬‬
‫ِ‬
‫عرف قياس الُِللة باِل نتُِلل بنالن ير‬‫اهَّلل‪َّ -‬‬ ‫فإ ًذا ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫على ن يره‪ ،‬هكذا صنع ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وأكثننر اْلصننوليون عل نى ّ‬
‫أن قينناس الُِللننة هننو‪ :‬الجمننع بننين الفننرَ‬
‫واْلصل بُليل العلة‪ِ ،‬ل بالعلنة نفسنها‪ ،‬أ َّمنا قيناس العلنة فيجمنع فينه بنين‬
‫الفننرَ واْلصننل بالعلننة نفسننها‪ ،‬وقينناس الُِللننة يجمننع فيننه بننين الفننرَ‬
‫واْلصل بُليل العلة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪336‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قياس الن يذ على الخمنر م التُنري بجنامع كراهنة‬
‫الرااُة‪ّ ،‬‬
‫فإن كراهة الرااُة ليست هي العلة وإنَّما هي دلينل العلنة؛ ْلهننا‬
‫مالزمة لها‪.‬‬
‫ولو قلنا‪ُ :‬يقاس الن يذ علنى الخمنر بنالتُري بجنامع اإل نكار لكنان‬
‫هذا المثال من ق يل قياس العلة؛ ْلننا هنا جمعنا بين اْلصل والفرَ بنأر‬
‫شيء؟ بالعلة نفسها‪ ،‬لكن لما قلنا‪ :‬يُرم الن يذ قيا ً ا على الخمر بجنامع‬
‫كراهننة الرااُننة‪ ،‬فن ّ‬
‫نإن هننذا ُيسننمى قينناس دِللننة؛ ْلننننا جمعنننا بننين الفننرَ‬
‫واْلصل ِل بالعلة‪ ،‬ولكن بُليل العلة‪.‬‬
‫مثال آخر لقياس الُِللة على هذا التفسير‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬القتل بالمثقل ‪-‬‬
‫يعني‪ :‬بُجر ونُوه من اْلشنياء الثقيلنة– يوجن‪ ،‬القصناص قيا ً نا علنى‬
‫القتل بالمُُد بجامع اإلث ‪ ،‬فهذا قياس دِللة؛ ْلنه ُجمع فينه بنين الفنرَ‬
‫واْلصل بُليل العلة وهو اإلث ‪.‬‬
‫لكن لو صنغنا القيناس صنياَة أخنرى فقلننا‪ :‬القتنل بالمثقنل يوجن‪،‬‬
‫القصاص‪ ،‬قيا ً ا على القتل بالمُنُد بجنامع الجناينة‪ ،‬فهنذا القيناس منن‬
‫باو قياس الُِللة أو من باو قياس العلنة؟ منن بناو قيناس العلنة؛ ْلنننا‬
‫جمعنا فيه بين الفرَ واْلصنل بالعلنة نفسنها‪ ،‬وهني اْلثنر المكتن‪ ،‬وهنو‬
‫حصول اإلث ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪337‬‬
‫مثننال ثالننث لقينناس الُِللننة علننى هننذا التفسننير الننذر ذكننره أكثننر‬
‫اْلصوليين‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬صالة العينُ ليسنت فنرض عنين قيا ً نا علنى صنالة‬
‫الجنازة بجامع أهنما ِل ُيشرَ لهما أذان‪ ،‬فقُ جمعننا بنين الفنرَ واْلصنل‬
‫بُليل العلة وهو الُك م قولنا‪ِ :‬ل ُيشرَ لهما أذان‪.‬‬
‫ومن خالل هذه اْلمثلة الثالثة تعل ّ‬
‫أن دليل العلة‪:‬‬
‫أن يكون وص ًفا مالز ًما للعلة كما م المثال اْلول ‪-‬وهنو‬
‫أوِل‪ :‬إ َّما ْ‬
‫‪ً -‬‬
‫كراهة الرااُة–‪.‬‬
‫أثرا للعلة كما م المثال الثناين –وهنو حصنول‬ ‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬وإ َّما ْ‬
‫أن يكون ً‬
‫حكمنا كمنا م المثنال الثالنث –وهنو أننه ِل يشنرَ‬
‫ً‬ ‫اإلث ‪ ،-‬وإ َّما ْ‬
‫أن يكون‬
‫لهما أذان‪.-‬‬
‫وأكثر أقيسة الفقهاء يا معاشنر اْلصنوليين والفقهناء منن ق ينل قيناس‬
‫مثال تجنُ ّ‬
‫أن‬ ‫الُِللة‪ ،‬وإذا ن رت إلى كتاو فقه موازن ككتاو [المغني] ً‬
‫اهَّلل‪ -‬هو وَيره من هنذا الق ينل وهنو‬ ‫ِ‬
‫أكثر اْلقيسة التي ا تعملها ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫قياس الُِللة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪338‬‬
‫المصننِّف – رحمنه اهَّلل ‪َ ( :-‬و ُه َنو َأن تكنون ا ْلع َّلنة َدا َّلنة علنى‬
‫ث قنال ُ‬
‫الُك َو َِل تكون ُموج َة ل ْلُك )‪.‬‬
‫أن ينذكر تعري ًفنا‬
‫اهَّلل‪ -‬أراد ْ‬ ‫ِ‬ ‫هذه الجملة يُتمل ّ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أن ُ‬
‫آخر لقياس الُِللة فقال‪َ ( :‬و ُه َو َأن تكون ا ْلع َّلة َدا َّلة على الُك )‪ ،‬وهبنذا‬
‫يوافق جمهنور اْلصنوليين م تعرينف قيناس الُِللنة بنالجمع بنين الفنرَ‬
‫واْلصل بُليل العلة‪.‬‬
‫فيكون قُ ذكَر لقياس الُِللة تعريفين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ :‬اِل تُِلل بأحُ الن يرين عن انخر‪.‬‬
‫‪ -‬والثاين‪ْ :‬‬
‫أن تكون العلة دالة على الُك ‪.‬‬
‫والتعريننف الثنناين أو ننع مننن التعريننف اْلول وأعنن ‪ ،‬ويُتمننل ّ‬
‫أن‬
‫اهَّلل‪ -‬أراد هبذه الجملة ْ‬
‫أن َيفرق بين قياس العلة وقياس‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الُِللة‪.‬‬
‫ووجه الفرق‪ّ :‬‬
‫أن قياس العلة عنُه تكنون العلنة موج نة للُكن ‪ ،‬أ َّمنا‬
‫قياس الُِللة فال تكون العلة موج ة للُك ولكنها دال ٌة عليه‪.‬‬
‫القس الثالث‪ :‬قياس الش ه‪.‬‬
‫عرفه طااف ٌة من اْلصوليين ْ‬
‫بأن ينكدد فنرَ بنين أصنلين‬ ‫وقياس الش ه َّ‬
‫مختلفين م الُك ‪ ،‬ف ُيلُق بأكثرهما ش ًها به‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪339‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬الع ُ هل يملك بالتمليك قيا ً ا على الُر‬
‫أو ِل يملك بالتمليك قيا ً ا على ال هيمة؟ فلو ّ‬
‫أن يُه مث ًال أو َيره ملكه‬
‫شي ًئا‪ ،‬فهل يملكه قيا ً ا على الُر أو ِل يملكه قيا ً ا على ال هيمة؟‬
‫هذا فرَ مكدد بين أصلين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلصل اْلول‪ :‬الُر‪.‬‬
‫‪ -‬واْلصل الثاين‪ :‬ال هيمة‪.‬‬
‫وهو يش ه الُر من حيث كونه آدم ًيا‪ ،‬يصح نكاحه وطالقه‪.‬‬
‫ويش ه ال هيمة من حينث كوننه مملوكًنا يصنح بيعنه ورهننه‪ ،‬وإدارتنه‪،‬‬
‫ووقفه‪ ،‬وش هه بال هيمة أكثر ف ُيلُق هبا عنُ أكثر الفقهاء‪ ،‬وبنا ًء على هنذا‪:‬‬
‫فإنه ِل يملك بالتمليك‪ ،‬وإذا وضع شيء م يُه فإنه يكون لسيُه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مثال آخر‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬جود التالوة هل يشرَ له أكثر من تك يرة أو ِل؟‬
‫قال بعض الفقهاء‪ :‬يشنرَ لنه تك ينرة عننُ اِلفتتناح‪ ،‬وتك ينرة أخنرى عننُ‬
‫السجود‪ ،‬وذلك قيا ً ا على صالة ركعتين‪.‬‬
‫وقال بعض الفقهاء‪ِ :‬ل يشرَ له إِل تك يرة واحُة قيا ً ا على نجود‬
‫السهو‪ ،‬فهذا فرَ تردد بين أصلين‪:‬‬
‫‪ -‬اْلصل اْلول‪ :‬صالة ركعتين‪.‬‬
‫‪ -‬واْلصل الثاين‪ :‬جود السهو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪340‬‬
‫وش هه بسجود السهو أكثر فيلُق به وِل يشرَ له إِل تك يرة واحُة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مثال ثالث‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬المزر هل يوج‪ ،‬اِلَتسال أو ِل يوج ه؟‬
‫ذهنن‪ ،‬بعننض الفقهنناء إلننى أنننه يوجنن‪ ،‬اِلَتسننال قيا ً ننا علننى المننني‬
‫خارج بس ‪ ،‬الشهوة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بجامع أنه‬
‫وذه‪ ،‬بعنض الفقهناء إلنى أننه ِل يوجن‪ ،‬الغسنل قيا ً نا علنى ال نول‬
‫بجامع أنه ِل يخلق منه الولُ‪.‬‬
‫فهذا فرَ تردد بين أصلين‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬عليه مأخذ من يكون منك ثق ًفنا‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫لكن تعريف ُ‬
‫لأ ًفا دقيق الن ر‪ ،‬حاد الذهن‪ ،‬جيُ الفه يستأيع ْ‬
‫أن ي ين لننا وجنه الن نر‬
‫اهَّلل‪-‬؟‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫م تعريف ُ‬
‫قال‪( :‬قياس الش ه ُه َو ا ْل َف ْرَ المكدد َبين أصلين)‪.‬‬
‫تأمل م التعريف ودقق الن ر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪341‬‬
‫قولننه‪( :‬بننين أصننلين)‪ ،‬ل ن يقننل‪ :‬مختلفننين‪ ،‬يمكننن ْ‬
‫أن ُيقننال‪ :‬قولننه‪:‬‬
‫(المكدد) ُيفه منه ّ‬
‫أن اْلصلين مختلفان‪ ،‬الُك م اْلصلين مختلف‪.‬‬
‫ل ُيلُق الفرَ بأحُ اْلصلين‪ ،‬إنه عرف قياس الش ه بماذا؟ بالفرَ‪،‬‬
‫قننال‪( :‬هننو الفننرَ) والفننرَ هننل هننو قينناس؟ الفننرَ هننو ركن ٌن مننن أركننان‬
‫عرفنا قياس الش ه قلننا‪ْ :‬‬
‫أن ينكدد فنرَ بنين أصنلين‬ ‫القياس‪ ،‬ونُن عنُما َّ‬
‫مختلفي الُك ف ُيلُق بأكثرهما ش ًها‪.‬‬
‫المصنِّف قيناس الشن ه بأننه الفنرَ َينر منا ن‪،‬؛ ّ‬
‫ْلن الفنرَ‬ ‫فتعريف ُ‬
‫قيا ً ا‪ ،‬وإنَّما هو رك ٌن من أركان القياس‪.‬‬ ‫لي‬
‫عرفه هبذا التعريف طاافة من اْلصوليين‪ ،‬والمُققنون‬
‫وقياس الش ه َّ‬
‫قياس ش ه وإنَّما هو قياس َل نة أشن اه‪،‬‬ ‫من اْلصوليين يقولون‪ :‬هذا لي‬
‫وهو أعلى أنواَ قياس الش ه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪342‬‬
‫ٍ‬
‫بوصف ي ن اشتماله‬ ‫وقياس الش ه هو‪ْ :‬‬
‫أن يجمع بين الفرَ واْلصل‬
‫على العلة؛ ّ‬
‫ْلن اْلوصاف ثالثة‪:‬‬
‫أن ُيتننيقن اشننتمال علننى العلننة‪ ،‬ويعل ن ذلننك‪ْ ،‬‬
‫أن‬ ‫‪ -‬الوصننف اْلول‪ْ :‬‬
‫ُيتيقن ّ‬
‫أن هذا الوصف مشتمل على منا ن ة‪ ،‬أر‪ :‬علنى جلن‪ ،‬مصنلُة أو‬
‫درء مفسُة‪.‬‬
‫مشتمال على منا ة‪.‬‬
‫ً‬ ‫أن ُيتيقن ّ‬
‫أن هذا الوصف لي‬ ‫‪ -‬والثاين‪ْ :‬‬
‫أن ُي ننن ّ‬
‫أن هننذا الوصننف مشننتمل علننى منا ن ة؛ فهننذا‬ ‫‪ -‬والثالننث‪ْ :‬‬
‫ُيسمى وص ًفا ش ه ًيا؛ ْلنه أشن ه الوصنف اْلول منن جهنة اعتقناد اشنتماله‬
‫علنى منا ن ة‪ ،‬وأشن ه الوصننف الثنناين مننن جهننة عننُم َتننيقن اشننتماله علننى‬
‫منا ة‪ ،‬فهو أش ه أحُهما من جهة‪ ،‬وأش ه انخر من جهة‪ ،‬ولهنذا نمي‬
‫وص ًفا ش ه ًيا‪.‬‬
‫وهذا هو الذر عليه المُققون من اْلصوليين وهنو ّ‬
‫أن قيناس الشن ه‬
‫ٍ‬
‫بوصف ي ن اشتماله على منا ة‪.‬‬ ‫معناه‪ْ :‬‬
‫أن يجمع بين الفرَ واْلصل‬
‫مثاِل وهنو ْ‬
‫أن ُيقنال‪ :‬النينة تشنكط م الوضنوء قيا ً نا‬ ‫ونضرو لذلك ً‬
‫على التيم بجامع الأهارة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪343‬‬
‫فقوله ‪ :‬الأهارة هنذا وصنف ِل يتنيقن اشنتماله علنى منا ن ة‪ ،‬لكنن‬
‫ُي ننن أنننه مشننتمل علننى منا ن ة؛ ّ‬
‫ْلن الأهننارة ع ننادة‪ ،‬والع ننادة ينا ن ها‬
‫اشكاط النية‪ ،‬هذا هو مذه‪ ،‬المُققين من علماء اْلصول‪.‬‬
‫(و َِل ُي َصار إِ َل ْي ِه َم َع إِ ْم َكان َما ق له)‪.‬‬
‫اهَّلل‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫المصنِّف َرح َم ُه ُ‬
‫قال ُ‬
‫يعني‪ِ :‬ل ينتقل إلى قيناس الشن ه منع إمكنان قيناس الُِللنة أو قيناس‬
‫العلة؛ ْلهنما أقوى منه‪ ،‬وهذا باتفاق علماء اْلصول‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬مننن الكننالم علننى أنننواَ القينناس‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ولمننا فننرغ ُ‬
‫ٍ‬
‫ركنن‬ ‫باعت ار قوته‪ ،‬انتقل للكالم على بعض شروط أركان القياس‪ ،‬وكنل‬
‫من أركان القياس له شروط‪ ،‬منها ما هو متفق عليه‪ ،‬ومنها ما هو مختلنف‬
‫فيه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬لكل ٍ‬
‫ركن من أركان القيناس شنر ًطا‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقُ ذكَر ُ‬
‫واحًُ ا؛ ْلنه يؤلف مقُمة مختصرة للأال‪ ،‬الم تُئ لُرا ة هنذا العلن ‪،‬‬

‫أن هنناك شنرو ًطا أخنرى َينر التني ذكرهنا‪ ،‬كينف ن َّنه ُ‬
‫المصننِّف‬ ‫ون َّه إلى ّ‬
‫اهَّلل‪-‬؟‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫أن هناك شرو ًطا َير ما ذكر م قولنه‪:‬‬‫اهَّلل‪ -‬إلى ّ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ن َّه ُ‬
‫(ومن‪ ،‬ومن‪ ،‬ومن)‪ّ ،‬‬
‫فإن كلمة "من" تُل على الت عيض‪ ،‬ف ُيفه من هذا‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫أن هناك شرو ًطا َير التي أوردها ُ‬
‫المصنِّف َرح َم ُه ُ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪344‬‬
‫(ومنن َشنرط ا ْل َف ْنرَ َأن يكنون‬
‫وبُأ بالركن اْلول وهو الفرَ‪ ،‬فقنال‪َ :‬‬
‫منا ًا ْ َ‬
‫لأل ْصل)‪.‬‬
‫أن يجتمننع مننع اْلصننل م وصن ٍ‬
‫ننف‬ ‫ومعننناه‪ :‬أنننه يشننكط م الفنننرَ ْ‬
‫منا نن‪ ،،‬والوصننف المنا نن‪ ،‬هننو الوصننف الننذر يشننتمل علننى جلنن‪،‬‬
‫مصلُة أو درء مفسُة‪.‬‬
‫ومن أمثلته‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬يُرم الن يذ قيا ً ا على الخمر لعلة اإل كار‪.‬‬
‫فقُ ُجمع بين الفرَ –وهو الن يذ– واْلصل –وهو الخمر– بوصنف‬
‫منا ‪ ،‬لتُري الخمنر وهنو اإل نكار؛ ْلننه يكتن‪ ،‬علنى ذلنك مصنلُة‬
‫وهي حفظ العقل‪.‬‬
‫فالوصننف المنا نن‪- ،‬كمننا عرفننناه‪ :-‬هننو مننا يشننتمل علننى جلنن‪،‬‬
‫مصلُة أو درء مفسُة‪.‬‬
‫وبنا ًء على هذا الشرط‪ :‬فإذا كنان الوصنف ِل تعلن منا ن ته أو تعلن‬
‫عُم منا ته ّ‬
‫فإن القياس ِل يصح‪.‬‬
‫‪ -‬فمثننال اْلول –وهننو الوصننف الننذر ِل تعل ن منا ن ته– أر‪ :‬أنننه‬
‫أن ُيقنال‪ُ :‬تقناس الصن ية علنى الصن ي م اِلكتفناء بنضنح‬
‫وصف تع ُر‪ْ ،‬‬
‫ال ول ق ل ْ‬
‫أن يأكل الأعام بجامع الصغر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪345‬‬
‫ْلن اِلكتفاء بنضح بول الص ي أمنر‬ ‫ف ُيقال‪ :‬هذا القياس َير صُيح؛ ّ‬
‫شيء ث ت حكمه تع ًُ ا‬ ‫ٍ‬ ‫تع ُر ِل تعل منا ته‪ ،‬وهكذا كل َمن قاس على‬
‫فننإن قينناس ِل يصننح؛ ْلنننه جمننع بننين الفننرَ واْلصننل بوصن ٍ‬
‫نف ِل ُتعل ن‬
‫منا ته‪.‬‬
‫‪ -‬ومثال الثاين ‪-‬هو منا إذا جمنع بنين الفنرَ واْلصنل بوصنف تعلن‬
‫عُم منا ته‪ْ :-‬‬
‫أن ُيلُق الفرَ باْلصل بجامع طردر‪ ،‬والمراد بالوصف‬
‫الأردر‪ :‬هو الوصنف النذر ِل يشنتمل علنى منا ن ة كنالأول‪ ،‬والقصنر‪،‬‬
‫والسواد‪ ،‬وال ياض‪ ،‬و اار اْللوان فهنذه كلهنا أوصناف طردينة يعنني‪ِ :‬ل‬
‫تشتمل على منا ة‪.‬‬
‫اهَّلل َعن ُْه َمنا‪ّ -‬‬
‫أن برينرة ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬حُيث ابن ع اس ‪َ -‬رض َني ُ‬
‫اهَّلل َعن َْها‪ -‬عتقت تُنت زوجهنا وكنان ع نًُ ا أ نود‪ ،‬فقولنه‪ :‬أ نود‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َرض َي ُ‬
‫وصف طردر ِل يشتمل على منا ة‪ ،‬فين ني علنى هنذا‪ّ :‬‬
‫أن اْلمنة إذا‬ ‫ٌ‬ ‫هذا‬
‫عتقت تُت ع ُ تخير بين ال قاء معه أو فراقه‪ ،‬نوا ًء أكنان أ نود أم كنان‬
‫َير أ ود‪.‬‬
‫فقوله م الُُيث‪" :‬وكان ع ًُ ا أ ود"‪ ،‬هذا وصف طنردر؛ ْلننه ِل‬
‫يشتمل على منا ة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪346‬‬
‫أن من شروط الفنرَ ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬ذكَر ّ‬ ‫ِ‬
‫أن يجتمنع منع‬ ‫فإ ًذا ُ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ٍ‬
‫وصف منا ‪.،‬‬ ‫اْلصل م‬
‫وم الُقيقننة ّ‬
‫أن هننذا الشننرط راجننع للعلننة التنني هنني أع ن أركننان‬
‫القينناس‪ ،‬فيشننكط م العلننة ْ‬
‫أن تكننون منا ن ة‪ ،‬أر‪ :‬يكتنن‪ ،‬عليهننا جلنن‪،‬‬
‫مصلُة أو درء مفسُة‪.‬‬
‫(ومننن َشننرط اْلَ ْصننل َأن يكننون َثابتننا بِننَُ لِيل ُمتَّفننق َع َل ْين ِنه َبننين‬
‫قننال‪َ :‬‬
‫ا ْل َخ ْص َم ْي ِن)‪.‬‬
‫متف ًقنا علينه بنين الخصنمين يمكنن للمخنالف ْ‬
‫أن‬ ‫وذلك ّ‬
‫ْلن ما لني‬
‫ْلن اْلصنل إذا لن يكنن متف ًقنا‬
‫ينازَ م حكمه كما ينازَ م حك الفرَ؛ ّ‬
‫عليه بين الخصمين‪ ،‬فللخص ْ‬
‫أن ينازَ فيه –أر‪ :‬م اْلصل– كمنا يننازَ‬
‫م حك الفرَ‪.‬‬
‫أصنال‪ ،‬ويجعنل اْلصنل‬
‫ً‬ ‫القياس فيجعنل الفنرَ‬ ‫أن له ْ‬
‫أن يعك‬ ‫كما ّ‬
‫أن يكننون‬ ‫ٍ‬
‫واحنُ منهمنا مختلنف فينه‪ ،‬فيشنكط م اْلصنل ْ‬ ‫فر ًعنا؛ ّ‬
‫ْلن كنل‬
‫متف ًقا عليه بين الخصمين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪347‬‬
‫مثال ذلك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقنال‪ :‬الوضنوء تشنكط فينه النينة قيا ً نا علنى التنيم ‪،‬‬
‫عليننه وهننو التننيم متفننق علننى اشننكاط النيننة فيننه بننين‬ ‫فاْلصننل المقنني‬
‫الجمهننور القنناالين باشننكاط النيننة م كننل وضننوء‪ ،‬والُنفيننة القنناالين‬
‫با تُ او النية م كل وضوء‪.‬‬
‫عليه متفق على حكمه بين الخصمين المختلفين‪.‬‬ ‫فاْلصل المقي‬
‫منثال قنال‪ :‬جلنُ‬ ‫ومثال ما ل يتُقق فينه هنذا الشنرط‪ :‬لنو ّ‬
‫أن حن ل ًينا ً‬
‫الميتة ِل يأهر بالُباغ قيا ً ا على الكل‪ ،،‬فإنه ِل يأهر بالُباغ‪.‬‬
‫علينه فيقنول‪ :‬جلنُ الكلن‪،‬‬ ‫فللمخالف ْ‬
‫أن ينازَ م اْلصنل المقني‬
‫متف ًقا عليه‪.‬‬ ‫يأهر بالُباغ؛ ّ‬
‫ْلن هذا اْلصل لي‬
‫اهَّلل‪ -‬لني‬ ‫ِ‬ ‫وم الُقيقة ّ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫أن هذا الشرط الذر ذكره ُ‬
‫ركن آخر وهو حك اْلصل‪ ،‬هنذا شنرط‬ ‫راج ًعا لألصل‪ ،‬وإنَّما راجع إلى ٍ‬

‫اهَّلل‪ -‬لني شنر ًطا م حقيقنة اْلمنر لألصنل‪ ،‬وإنَّمنا هنو‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫شرط لُك اْلصل‪.‬‬
‫(ومنن‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬فقال‪َ :‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولهذا عُل بعض الشراح كالم ُ‬
‫َشرط اْلصل ْ‬
‫أن يكون حكمه ثابتًا بُليل متفق عليه بين الخصمين)‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪348‬‬
‫أن يكون ثابتًا بالُليل هل هو اْلصل أو حك اْلصنل؟‬ ‫فالذر ِل ُبَُّ ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬لني‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫هو حك اْلصل‪ ،‬فهذا الشرط الذر ذكنره ُ‬
‫راج ًعننا إلننى ركننن اْلصننل‪ ،‬وإنَّمننا هننو راجننع إلننى ركن ٍ‬
‫نن آخننر وهننو حك ن‬
‫اْلصل‪.‬‬
‫وهذا الشرط يشكط إذا كان مقصود القاال إقناَ المخالف وإلزامه‪،‬‬
‫أو كان مقصوده إبأال قوله‪.‬‬
‫أ َّما إذا لن يكنن هنناك خصن يخالفنه فنال يشنكط اتفناق الخصنمين‪،‬‬
‫وإنَّما يكتفى باشكاط ث وت حك اْلصل بُليل معتل‪ ،‬وا ًء أكنان متف ًقنا‬
‫عليه أو ل يكن متف ًقا عليه‪.‬‬
‫فمتى يشكط اتفاق الخصمين على حك اْلصنل؟ إذا كنان مقصنود‬
‫إن يلزم الخص بالُليل‪ ،‬أو كان مقصوده ْ‬
‫أن ي أل دليل الخص ‪.‬‬ ‫القاال ْ‬
‫أ َّما إذا كنان مقصنوده مجنرد إث نات الُكن ‪ ،‬فيكفينه ْ‬
‫أن يكنون حكن‬
‫اْلصل ثابتًا بُليله معتل‪ ،‬وا ًء أكان هنذا الُكن متفنق علينه أم لن يكنن‬
‫متف ًقا عليه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪349‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬ومننن شننرط ا ْلع َّلننة َأن تأننرد فِنني معلوِلهتننا َفن َنال‬ ‫ِ‬
‫قننال ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫تنتفض لف ا َو َِل معنى)‪.‬‬
‫هذا شرط من شروط العلة وهو اِل ِّطراد‪ ،‬والمراد باِلطراد‪ :‬أنه كلما‬
‫وجُت العلة وجُ الُك ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وإن شئت قلت‪ :‬اِلطراد هو ا تمرار العلة م جميع معلوِلهتا‪.‬‬
‫فنناِل ّطراد هننو ْ‬
‫أن يوجننُ الُكنن كلمننا وجننُت العلننة‪ ،‬فننإذا وجننُ‬
‫مثال وجُ التُري ‪ ،‬وإذا وجُت السرقة وجُ القأع‪ ،‬وإذا وجُ‬
‫اإل كار ً‬
‫القتل العمُ العُوان وجُ القصاص وهكذا‪.‬‬
‫فاِلطراد معناه‪ّ :‬‬
‫أن العلة كلما وجُت وجُ حكمها‪.‬‬
‫وقولننننه‪( :‬م معلوِلهتننننا) يعننننني‪ :‬م أحكامهننننا‪ ،‬ويقابننننل اِلطننننراد‬
‫اِلنتقاض‪ ،‬أو النقض‪.‬‬
‫أن توجُ العلة وِل يوجُ حكمها‪ْ ،‬‬
‫كأن يوجُ اإل نكار‬ ‫فالنقض‪ :‬هو ْ‬
‫مثال وِل يوجُ التُري ‪ ،‬أو ْ‬
‫أن توجُ السرقة وِل يوجنُ القأنع‪ ،‬أو يوجنُ‬ ‫ً‬
‫نقضا‪.‬‬
‫القتل العمُ العُوان وِل يوجُ الُك ‪ ،‬فهذا ُيسمى ً‬
‫فالنقض هو‪ :‬أن توجُ العلة وِل يوجُ حكمها‪.‬‬
‫أن يوجُ حك وِل توجُ العلة؟ ِل يمكن ْ‬
‫أن يوجُ حك‬ ‫وهل يمكن ْ‬
‫من َير وجود علة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪350‬‬
‫فإ ًذا النقض معناه‪ْ :‬‬
‫أن توجُ العلة وِل يوجُ الُك ‪.‬‬
‫ويتفرَ على اشنكاط اِلطنراد م العلنة ّ‬
‫أن الننقض ي أنل العلنة‪ ،‬فنإذا‬ ‫َّ‬
‫انتقضت بألت‪.‬‬
‫فإ ًذا بأالن العلة بالنقض م ني على اشكاط اِلطراد م العلة‪.‬‬
‫ف نا ًء علنى هنذا‪ :‬إذا انتقضنت العلنة فإهننا تفسنُ وت أنل‪ ،‬ولهنذا قنال‬
‫المصنف‪َ ( :‬ومن َشرط ا ْلع َّلة َأن تأرد فِي معلوِلهتا َف َال تننتفض لف نا َو َِل‬
‫معنى)‪.‬‬
‫يتفرَ على هذا ّ‬
‫أن‬ ‫فقوله‪َ ( :‬ف َال) الفاء هنا ْلر شيء؟ للتفريع‪ ،‬يعني‪َّ :‬‬
‫أن تنتقض لف ً ا وِل معنًى‪ ،‬فإذا انتقضت فإهنا ت أل‪.‬‬
‫العلة ِل يصح ْ‬
‫ومننن أمثلننة النننقض التنني تفسننُ بننه العلننة‪ْ :‬‬
‫أن يقننول بعننض الفقهنناء‪:‬‬
‫والمقصود من أمثلة اْلصول هو بيان القاعُة‪ ،‬بغض الن ر عن كون هنذا‬
‫مرجوحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫راجُا أو‬
‫ً‬ ‫المثال‬
‫ولهذا من الع ارات المشهورة عنُ اْلصوليين أهن يقولون‪ :‬المثنال‬
‫ِل يعننكض‪ ،‬يعننني‪ِ :‬ل يعننكض عليننه؛ ّ‬
‫ْلن المقصننود منننه إث ننات القاعننُة‬
‫وإيضاحها‪.‬‬
‫نقننول‪ :‬مننن أمثلننة النننقض‪ :‬لننو قننال بعننض الفقهنناء‪ِ :‬ل تصننح صننالة‬
‫المفكض خلف المتنفل؛ ِلختالف النية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪351‬‬
‫بمنن أدرك أقنل منن ركعنة منع اإلمنام منع‬
‫ف ُيقال‪ :‬هذه العلنة منتقضنة َ‬
‫صالة الجمعة‪ ،‬فإنه ينور ال هر‪ ،‬وتصح صالته مع ّ‬
‫أن النية هننا مختلفنة‪،‬‬
‫فانتقضت العلة‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫أن العلة وهي اختالف النية وجُت ولن يوجنُ‬
‫الُك وهو بأالن الصالة‪.‬‬
‫أن توجُ العلة وِل يوجُ الُك ‪.‬‬ ‫فإ ًذا النقض معناه‪ْ :‬‬
‫اهَّلل‪( :-‬لف ً نا وِل معننى)‪ ،‬هنذا التع ينر لني‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقول ُ‬
‫موجو ًدا عنُ اْلصوليين فال يعلون بقنوله ‪ :‬لف ً نا وِل معننى‪ ،‬وقنُ م َّثنل‬
‫الشراح لقول المصنف‪( :‬لف ً ا) بالعلة المرك ة إذا انتقضت‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬القتل بالمثقل يج‪ ،‬فيه القصاص قيا ً نا علنى‬
‫القتل بالمُُد بجامع الجناية‪.‬‬
‫ف ُيقال‪ :‬هذه العلة منتقضة؛ ّ‬
‫ْلن الوالُ لو قتل ولُه عمًُ ا عُوانًا‪ ،‬فإنه‬
‫ِل يث ت قصاصنه‪ ،‬فقنُ وجنُت العلنة وهني القتنل العمنُ العنُوان‪ ،‬ولن‬
‫يوجُ حكمها وهو ث وت القصناص‪ ،‬والقاعنُة‪ّ " :‬‬
‫أن العلنة إذا انتقضنت‬
‫بألت"‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪352‬‬
‫وقوله‪( :‬وِل معنى) المراد به العلة المفردة‪.‬‬
‫ومثال ذلنك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقنال‪ :‬تجن‪ ،‬الزكناة م الخينل لنُفع حاجنة الفقينر‪،‬‬
‫ف ُيقال‪ :‬هذه العلة منتقضة‪ّ ،‬‬
‫فإن الجواهر ما عُا النذه‪ ،‬والفضنة ِل تجن‪،‬‬
‫فيها الزكاة‪ ،‬مع أنه يُفع هبا حاجنة الفقينر‪ ،‬فقنُ وجنُت العلنة وهني دفنع‬
‫حاجة الفقير ول يوجُ الُك ‪.‬‬
‫أال؟‬
‫م ً‬‫أال للعلة أو لي‬ ‫وهل النقض م ً‬
‫اهَّلل‪ -‬ككثينر منن اْلصنوليين إلنى أننه يفسنُ‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ذه‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫العلة وي ألها مأل ًقا‪ ،‬واختار شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬وَيره‬
‫وجيهننا وهننو ّ‬
‫أن العلننة التامننة أر‪ :‬التنني وجننُت شننروطها وانتفننت‬ ‫ً‬ ‫رأ ًيننا‬
‫موانعها إذا انتقضت بألت‪ ،‬وأ َّما العلة التي اختل شنرط منن شنروطها أو‬
‫وجُ مانع لُكمها‪ ،‬فإن تخلف الُك عنها ِل ي ألها‪.‬‬
‫فإ ًذا العلة التامة التي وجُت شنروطها وانتفنت موانعهنا‪ ،‬إذا تخلنف‬
‫عنها الُك َّ‬
‫دل ذلك على أهنا ليست علة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شنرط منن شنروطها‪ ،‬أو‬ ‫أ َّما العلة التي لن يث نت حكمهنا إ َّمنا لفنوات‬
‫لوجود مان ٍع من موانعها‪ ،‬فإهنا إذا تخلف عنها الُك ِل ت أل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪353‬‬
‫ونضرو لذلك مثالين‪:‬‬
‫مثال‪َ :‬من رق ً‬
‫ماِل مُك ًما منن َينر حنرزه فإننه ِل‬ ‫‪ -‬المثال اْلول‪ً :‬‬
‫يج‪ ،‬قأعه‪ ،‬فوجُت العلة وهي السرقة ول يوجنُ الُكن ‪ ،‬وِل يُكن‬
‫أن تكنون السنرقة‬ ‫ٍ‬
‫شرط منن شنروطها وهني ْ‬ ‫ب أالن العلة‪ ،‬لماذا؟ لفوات‬
‫من حرز‪.‬‬
‫‪ -‬المثال الثاين‪ :‬مثال آخنر‪ْ :‬‬
‫أن يقنال‪ :‬القتنل العمنُ العنُوان يوجن‪،‬‬
‫القصاص‪ ،‬لكن الوالُ إذا قتل ابنه ِل يث ت قصاصه‪ ،‬فوجُت العلة وهني‬
‫القتل العمُ العُوان‪ ،‬ولن يوجنُ الُكن وهنو ث نوت القصناص لوجنود‬
‫مانع وهو اْلبوة؛ ّ‬
‫ْلن الوالنُ ن ‪ ،‬إليجناد الولنُ فنال يكنون الولنُ ن ًا‬
‫إلعُام الوالُ‪.‬‬
‫(ومن َشرط الُك َأن يكون مثل ا ْلع َّلة فِي النَّ ْفني‬
‫اهَّلل‪َ :-‬‬
‫ِ‬
‫قال ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اإل ْث َات َأر فِي ا ْل ُو ُجود والعُم)‪.‬‬
‫َو ْ ِ‬

‫ومعناه‪ :‬أنه يشكط م حكن اْلصنل‪ ،‬فقولنه‪( :‬ومنن شنرط الُكن )‬


‫يعني‪ :‬حك اْلصل‪.‬‬
‫معننناه‪ :‬أنننه يشننكط م حك ن اْلصننل ْ‬
‫أن يكننون تاب ًعننا للعلننة‪ ،‬فكلمننا‬
‫وجُت العلة وجُ الُك ‪ ،‬وكلما انتفت العلة انتفى الُك ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪354‬‬
‫المصنِّف‪َ ( :‬فإِن وجُت ا ْلع َّلة وجُ الُك ) وتمام كالمه‪:‬‬
‫ولهذا قال ُ‬
‫وإذا انتفت العلة انتفى الُك ‪.‬‬
‫وِل يصح ْ‬
‫أن تكون العلة مث تة والُك منف ًينا‪ ،‬أو العكن ‪ ،‬بنل ِل ُبنَُّ‬
‫ْ‬
‫أن يكون الُك تاب ًعا للعلة م النفي واإلث ات‪.‬‬
‫وكذلك م الوجود والعنُم‪ ،‬فنإذا كاننت العلنة وجودينة ّ‬
‫فنإن الُكن‬
‫يكون وجود ًيا‪ ،‬وإذا كانت العلة عُمية ّ‬
‫فنإن الُكن يكنون عنُم ًيا‪ ،‬هكنذا‬
‫اهَّلل‪ ،-‬واْلصوليون له تفصيالت م هذه المسألة‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫قرر ُ‬
‫ِل يُتملها هذا المختصر‪.‬‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َم ُه‬ ‫ِ‬
‫(وا ْلع َّلة ه َي الجال ة ل ْلُك )‪ ،‬هذا تعريف ُ‬
‫ث قال‪َ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬للعلة بأهنا الجال نة للُكن ‪ْ ،‬‬
‫فنإن كنان مقصنوده أهننا تجلن‪ ،‬الُكن‬ ‫ُ‬
‫وتوج ه بنفسها فهذا ِل يسل ؛ ّ‬
‫ْلن الموج‪ ،‬للُك إنَّما هو الشارَ‪.‬‬
‫وإن كان مقصوده ّ‬
‫أن العلنة موج نة للُكن بإيجناو الشنارَ فننع ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫أن العلننة هنني الجال ننة للُكن ذ َكننر ّ‬
‫أن الُكن هننو المجلننوو‬ ‫ولمننا ذ َكننر ّ‬
‫أن الُك هو اْلمر الذر يكت‪ ،‬على العلة‪.‬‬ ‫للعلة‪ ،‬بمعنى‪ّ :‬‬
‫اهَّلل‪ -‬للقينناس‪ ،‬واْلصننوليون‬ ‫ِ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫هننذا حاصننل كننالم ُ‬
‫يأولون الكالم على القياس‪ ،‬وي ُثون بُ ًثا كثي ًرا حتى ّ‬
‫إن بعنض مسنااله‬
‫فيها مؤلف كامل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪355‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصر علنى خالصنة تنا ن‪ ،‬طالن‪ ،‬العلن‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الم تُئ‪ ،‬ونقف عنُ هذا الُُ‪.‬‬
‫ونسأل اهَّلل لنا ولك العل النافع‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬واهَّلل أعل ‪.‬‬
‫وصلى اهَّلل و ل على ن ينا مُمُ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪356‬‬

‫احة‬ ‫ا ْل َُ ْر َو ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬

‫احة َفمن النَّاس من َي ُقول‪ :‬إِن ْاْلَ ْش َياء علنى ا ْل َُ ْ نر‬ ‫َوأما ا ْل َُ ْ ر َو ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬
‫احنة‬ ‫الش ِنري َعة منا ينُل علنى ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬ ‫َ‬ ‫الش ِري َعة‪َ ،‬فإِن لن ُيوجنُ فِني َّ‬‫إِ َِّل َما أباحته َّ‬
‫يت ََم َّسك بِ ْاْلَ ْصلِ‪َ ،‬و ُه َو ا ْل َُ ْ ر‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على ال ناو الرابنع عشنر‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فلما فرغ ُ‬
‫عشنر‪ ،‬والسنادس عشنر‬ ‫وهو القياس‪ ،‬شرَ ينتكل علنى ال ناو الخنام‬
‫وهما الُ ر واإلباحة‪.‬‬
‫والُ ر معناه‪ :‬التُري ‪.‬‬
‫والمُ ور‪ :‬هو المُرم‪.‬‬
‫واإلباحة‪ :‬هي التخيير بين الفعل وتركه‪.‬‬
‫وقُ تقَُّ م الكالم عليهما م أول شرح هذا الكتاو‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بنالُ ر واإلباحنة‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وهذه المسألة التي ماها ُ‬
‫هنني المسننألة المعروفننة عنننُ اْلصننوليين باْلصننل م اْلشننياء ق ننل ورود‬
‫الشرَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪357‬‬
‫فمننا هننو اْلصننل م اْلشننياء ق ننل ورود الشننرَ؟ هننل هننو الُ ننر أو‬
‫اإلباحة؟ هذه هي صورة المسألة‪ ،‬وقُ اختلف فيها اْلصنوليون‪ ،‬ومُنل‬
‫النزاَ فيها هو ما فيه منفعة خالصة أو َال ة‪ ،‬فما كان كذلك فهنل اْلصنل‬
‫فيه ق ل ورود الشرَ اإلباحة أو اْلصل فيه ق ل ورود الشرَ التُري ؟‬
‫أ َّمننا مننا فيننه مضننرة خالصننة أو مضننرة راجُننة مثننل أكننل السننميات‪،‬‬
‫والمضرات فهذه حكمها التُري باتفاق اْلصوليين‪ ،‬لكنن مُنل الننزاَ‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬هننو مننا فيننه منفعننة خالصننة أو‬ ‫الننذر يننتك َّل عليننه ُ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫راجُة‪.‬‬
‫وكان خالف اْلصوليين على ثالثة أقوال مشهورة‪:‬‬
‫‪ -‬اْلول‪ّ :‬‬
‫أن اْلصنننل فيهنننا اإلباحنننة‪ ،‬وهنننذا منننذه‪ ،‬أكثنننر علمننناء‬
‫اْلصول‪ ،‬وا تُلوا على ذلك بأدلة كثيرة‪:‬‬

‫منها‪ :‬قولنه ‪ ُ -‬ن ْ َُا َن ُه َو َت َعنا َلى‪{ :-‬هُلو القلذمخ خَِلَ لَكُلدْ ملِ فملي األَرْ ِ‬

‫نمميدًِ [ال قرة‪.]29:‬‬


‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪358‬‬
‫ووجننه اِل ننتُِلل هبننذا القننول الكننري علننى ّ‬
‫أن اْلصننل م اْلشننياء‬
‫اإلباحة‪:‬‬
‫أن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى– امتن بخلق اْلشياء لع اده‪ ،‬وهو ِل‬
‫أوِل‪ّ :‬‬
‫‪ً -‬‬
‫بشيء م اح‪.‬‬‫ٍ‬ ‫يمتن إِل‬
‫فإ ًذا الوجه اْلول‪ :‬هو اِلمتننان م انينة الكريمنة‪ ،‬والشنارَ ِل يمنتن‬
‫ٍ‬
‫بشيء م اح‪.‬‬ ‫إِل‬

‫ّ‬
‫فإن الالم حرف يُل علنى التملينك‪،‬‬ ‫‪ -‬الوجه الثاين‪ :‬قوله‪{ :‬لَكُدْ‬
‫فُل ذلك على ّ‬
‫أن اْلصل م اْلشياء اإلباحة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء م اح‪َّ ،‬‬ ‫وِل ُيملك إِل‬
‫القول الثاين –عكسه ‪ّ :-‬‬
‫أن اْلصل م اْلشياء التُري ؛ ْلن اْلشنياء‬
‫مِلك هَّلل ‪ ،‬فال يجوز التصرف فيها إِل بإذنه‪ ،‬كما يكون م بيت اإلنسان‬
‫أن يتصرف فيه إِل بإذنه؛ وهذا هنو منذه‪ ،‬ال اهرينة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ْلحُ ٍ‬ ‫فإنه ِل يجوز‬
‫وطاافن ٌة مننن أصننُاو المننذاه‪ ،‬مننن علمنناء اْلصننول‪ ،‬فننذه‪ ،‬لننه بعننض‬
‫الشافعية‪ ،‬وبعض الُنفية‪ ،‬وبعض المالكية‪ ،‬وبعض الُنابلة‪.‬‬
‫القننول الثالننث‪ :‬التوقننف؛ وذلننك ّ‬
‫ْلن اْلدلننة متعارضننة‪ ،‬واختنناره‬
‫المصنِّف‪ ،‬والرازر‪ ،‬وانمُر‪.‬‬
‫الغزالي تلميذ ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪359‬‬
‫اهَّلل‪ -‬هنننا حكننى م المسننألة قننولين ولن يننرجح‬ ‫ِ‬
‫والمصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ُ‬
‫بينهما‪ ،‬وقُ أطلنق الننزاَ م المسنألة فقنال‪َ ( :‬فمنن النَّناس منن َي ُقنول‪ :‬إِن‬
‫ْاْلَ ْش َياء على ا ْل َُ ْ ر)‪.‬‬
‫والمقصود باْلشياء هنا‪ :‬اْلشياء التني فيهنا منفعنة خالصنة أو منفعنة‬
‫راجُننة‪ ،‬أ َّمننا اْلشننياء التنني فيهننا مضننرة خالصننة أو فيهننا مضننرة راجُننة‬
‫أن حكمها التُري ‪.‬‬ ‫فاْلصوليون متفقون على ّ‬
‫اهَّلل‪( :-‬اْلشياء) فيه إطالق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فقول ُ‬
‫وهننو مقيننُ باْلشننياء النافعننة علننى وجننه الخلننوص أو علننى وجننه‬
‫الرجُان‪.‬‬
‫والصننواو م هننذه المسننألة‪ّ :‬‬
‫أن اْلصننل م اْلشننياء النافعننة اإلباحننة‬
‫أن اْلصنل م اْلشنياء الضنارة التُنري ‪ ،‬وقنُ‬ ‫لُِللة انية الكريمنة‪ ،‬كمنا ّ‬
‫اهَّلل‪ -‬م كتنناو‬ ‫ِ‬
‫قننرر هننذا أبل ن تقريننر شنني اإل ننالم ابننن تيميننة ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫[القواعُ النورانية]‪ ،‬وقرره أبو إ ُاق الشاط ي م كتناو [الموافقنات]‪،‬‬
‫وهذان الكتابان نفيسان ين غي لأال‪ ،‬العل ْ‬
‫أن ُيعنى بقراءهتما‪.‬‬
‫أمر مهن وهنو‪ّ :‬‬
‫أن َمنن قنال‪:‬‬ ‫وإذا عرفنا هذه المسألة فإنه ين ني عليها ٌ‬
‫اْلصل م اْلشنياء النافعنة ق نل ورود الشنرَ اإلباحنة‪ ،‬فإننه يتمسنك هبنذا‬
‫اْلصل بعُ ورود الشرَ حتى يأيت ما يخالفه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪360‬‬
‫َمن قال‪ :‬اْلصل م اْلشياء ق ل ورود الشنرَ اإلباحنة‪ ،‬فإننه يتمسنك‬
‫هبذا اْلصل بعُ ورود الشرَ‪ ،‬فإذا وجُ شي ًئا ول يقف فينه علنى نن ٍ أو‬
‫دلي ٍل معتل فإنه يتمسك بأصل اإلباحة‪.‬‬
‫و َمن قال‪ :‬اْلصل م اْلشياء النافعة ق ل ورود الشرَ التُري ‪ ،‬فإننه‬
‫دلنيال يخالفنه‪ ،‬فنيُك‬
‫يتمسك هبذا اْلصل بعُ ورود الشرَ إذا ل يجنُ ً‬
‫عليه بالُ ر‪ ،‬و َمن توقف توقف‪َ ،‬من توقف م اْلشياء ق ل ورود الشرَ‪،‬‬
‫دليال بعُ ورود الشرَ يتوقف‪.‬‬ ‫فإنه إذا ل يجُ عليها ً‬
‫اهَّلل‪ -‬هبننذا‪ ،‬فقننال‪َ ( :‬فمننن النَّنناس مننن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬ ‫وقننُ صننرح ُ‬
‫َي ُقول‪ :‬إِن ْاْلَ ْش َياء على ا ْل َُ ْ ر إِ َِّل َما أباحته َّ‬
‫الش ِري َعة)‪.‬‬
‫احنة يت ََم َّسنك‬
‫اإل َب َ‬ ‫َ‬ ‫ث قال‪َ ( :‬فإِن ل ُيوجنُ فِني َّ‬
‫الش ِنري َعة منا ينُل علنى ْ ِ‬

‫بِ ْاْلَ ْص ِل َو ُه َو ا ْل َُ ْ ر)‪.‬‬


‫فقوله‪ْ :‬‬
‫(فإن ل يوجُ) هذا ُيسمى تفريع وبيان لثمرة المسألة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪361‬‬
‫َومن النَّاس من َي ُقول بضُه‪َ :‬و ُه َو َأن اْلَ ْصنل فِني ْاْلَ ْشن َياء َأن ََّهنا علنى‬
‫الش ْرَ‪.‬‬‫احة إِ َِّل َما ح ره َّ‬ ‫ِْ‬
‫اإل َب َ‬
‫يُتَج بِ ِه‪َ :‬أن ُيستصُ‪ ،‬اْلَ ْص ُل ِعنُْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َومعنى ا ْ ت ْص َُاو ا ْل َُال ا َّلذر ْ‬
‫الش ْر ِع ّي‪.‬‬
‫عُم الَُّ لِيل َّ‬

‫(ومن النَّاس من َي ُقول بضُه‪َ :‬و ُه َو َأن اْلَ ْصل فِي ْاْلَ ْش َياء َأن ََّها‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫احة إِ َِّل َما ح ره َّ‬
‫الش ْرَ)‪ ،‬تمامه ْ‬
‫فإن ل يوجُ م الشنرَ منا ينُل‬ ‫على ْ ِ‬
‫اإل َب َ‬
‫على الُ ر‪ ،‬فإنه يتمسك باْلصل وهو اإلباحة‪.‬‬
‫‪ -‬وقولننه م اْلول‪ِ :‬‬
‫(فمننن النَّنناس) المننراد هب ن هنننا‪ :‬ال اهريننة و َمننن‬
‫وافقه ‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله م الثاين‪( :‬ومنن النَّناس َمنن يقنول بضنُه) المنراد هبن أكثنر‬
‫علماء اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪362‬‬
‫اهَّلل‪ -‬لن يرجح هنا شي ًئا‪ْ ،‬‬
‫وإن كان تقُيمه للقنول‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫اْلول يشعر بأنه يرجُه‪ ،‬كما جرت العادة م الغال‪ ،‬عنُ أهل العل أهن‬
‫مجزو ًما به‪.‬‬ ‫يقُمون الرأر الراجح م الذكر‪ ،‬لكن هذا لي‬
‫ولمننا كانننت هننذه المسننألة وهنني مسننألة اْلصننل م اْلشننياء هننل هننو‬
‫أن يختمهنا‬‫اإلباحة أو الُ ر؟ لما كانت لها صلة باِل تصنُاو نا ن‪ْ ،‬‬
‫نُاو ا ْل َُنال ‪ ) . .‬إلنى‬ ‫ِ‬
‫ب يان معنى اِل تصنُاو‪ ،‬فقنال‪( :‬ومعننى ا ْ ت ْص َ‬
‫آخره‪.‬‬
‫ووجه ارت اط اِل تصُاو هبذه المسألة ظناهر‪ ،‬وهنو‪ّ :‬‬
‫أن َمنن قنال‪:‬‬
‫اْلصل م اْلشياء اإلباحة ق ل ورود الشرَ‪ ،‬ا تصنُ‪ ،‬ذلنك بعنُ ورود‬
‫دليال يغيره‪.‬‬
‫الشرَ إذا ل يجُ ً‬
‫و َمن قال‪ :‬اْلصل م اْلشياء ق نل ورود الشنرَ اإلباحنة‪ ،‬ا تصنُ‪،‬‬
‫ذلك بعُ ورود الشرَ إذا ل يجُ ما يغيره‪.‬‬
‫عرفننه‬
‫واِل تصننُاو ا ننتفعال مننن الصننُ ة وهنني المالزمننة‪ ،‬وقننُ َّ‬
‫ننل ِعنْننُ عننُم النننَُّ لِيل‬
‫بننأن ( ُيستصننُ‪ ،‬اْلَ ْصن ُ‬
‫اهَّلل‪ْ -‬‬ ‫ِ‬
‫المصنننِّف ‪َ -‬رح َمنن ُه ُ‬ ‫ُ‬
‫الش ْر ِع ّي)‪.‬‬
‫َّ‬
‫أن يستصننُ‪ )،‬هننذا فيننه دور‪ ،‬والننُور َيننر‬ ‫وقولننه‪( :‬اِل تصننُاو ْ‬
‫مستُسن عنُ علماء اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪363‬‬
‫أنواَ متعُدة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫واِل تصُاو‬
‫المصنِّف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫‪ -‬منها‪ :‬ا تصُاو الُال‪ ،‬وهو الذر تك َّل عليه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬هنا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ننُاو‬ ‫ِ‬
‫والمننراد بالُننال هنننا‪ :‬مننا ق ننل ورود الشننرَ‪ ،‬قولننه‪( :‬ا ْ ت ْص َ‬
‫ا ْل َُال)‪ ،‬يعني‪ :‬ا تصُاو ما ق ل ورود الشرَ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أنواَ اِل تصُاو‪ :‬ا تصُاو الُليل الشرعي‪.‬‬
‫والمصننِّف ‪-‬‬
‫‪ -‬ومن أنواعه‪ :‬ا تصُاو اإلجماَ م مُنل الننزاَ‪ُ ،‬‬
‫اهَّلل‪ -‬تكل على النوَ اْلول وهو‪ :‬ا تصُاو حنال منا ق نل ورود‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫الشرَ‪.‬‬
‫واِل تصُاو آخر مرات‪ ،‬اْلدلة‪ ،‬وبنا ًء على هذا‪ :‬فإننه ِل يعمنل بنه‬
‫السننَّة‪،‬‬
‫إِل إذا ل يوجُ دليل َيره‪ ،‬فإذا ل يوجُ دليل من الكتاو‪ ،‬أو من ُ‬
‫أو من اإلجماَ‪ ،‬أو منن القيناس أو منن َيرهنا منن اْلدلنة المعتنلة‪ ،‬فإننه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ باِل تصُاو‪ ،‬فهو آخر مُار اْلدلة‪.‬‬ ‫يعمل‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪364‬‬
‫ويتفرَ على اِل تصُاو مساال‪:‬‬
‫َّ‬
‫فمن قنال‪ :‬اْلصنل‬ ‫‪ -‬منها‪ً :‬‬
‫أوِل‪ :‬هل يجوز أكل الزرافة أو ِل يجوز؟ َ‬
‫م اْلشياء اإلباحة قال‪ :‬يجوز أكل الزرافة‪.‬‬
‫و َمن قال‪ :‬اْلصل م اْلشياء الُ ر‪ ،‬قال‪ِ :‬ل يجوز‪.‬‬
‫و َمن توقف توقف‪.‬‬
‫المقصود با تصُاو الُال ا تصُاو ما ق نل ورود الشنرَ وهنو‬
‫المقصود به العرف‪ ،‬فرق ك ير بينه ‪.‬‬ ‫اللاءة اْلصلية‪ ،‬لي‬
‫‪ -‬ثان ًيا من المساال‪ّ :‬‬
‫أن الكاو هل يجوز أكله أو ِل يجوز؟‬
‫الجواو على ذلك‪ :‬أنه ِل يجوز؛ ْلنه هنا منن اْلشنياء الضنارة؛ فنال‬
‫يُخل م مسألتنا‪ ،‬فال ُيقال فيه‪ :‬اْلصنل م اْلشنياء اإلباحنة؛ ّ‬
‫ْلن النكاو‬
‫مضر‪.‬‬
‫أمر مه ‪ :‬وهو العقود والشروط‬ ‫‪ -‬ثال ًثا مما َّ‬
‫يتفرَ على اِل تصُاو ٌ‬
‫الُادثة‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬

‫‪ِ 365‬‬
‫ينأت‬ ‫فإذا أحُ النَّاس عقًُ ا من العقود أو شر ًطا من الشروط‪ ،‬ولن‬
‫فمن قنال‪ :‬اْلصنل م اْلشنياء‬
‫دليل يُل على ح ره‪ ،‬فإنه يعمل باْلصل‪َ ،‬‬
‫اإلباحة ا تصُ‪ ،‬هذا اْلصل‪ ،‬وحك بإباحة هذا العقُ أو هذا الشرط‪،‬‬
‫و َمننن قننال‪ :‬اْلصننل م اْلشننياء الُ ننر ا تصننُ‪ ،‬هننذا اْلصننل‪ ،‬وحكن‬
‫بُ ر هذا العقُ أو هذا الشرط‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪366‬‬

‫َت ْرتِي‪ْ ،‬اْل َ ِد َّلة‬

‫َوأما ْاْلَ ِد َّلة َفيقُم ا ْل َجلِ ّي مِن َْها على ا ْل َخفني‪ ،‬والموجن‪ ،‬ل ْلعلن علنى‬
‫ا ْل ُموج‪ ،‬لل ن‪ ،‬والنأق على ا ْلق َياس َوا ْل ِق َياس ا ْل َجلِ ّي على ا ْل َخفي‪.‬‬
‫َفإِن وجُ فِي النُّ ْأق َما ُيغير اْلَ ْصنل ي ْعمنل بنالنأق َوإِ َِّل فيستصنُ‪،‬‬
‫ا ْل َُال‪.‬‬

‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على هذين ال ابين انتقل‬ ‫ِ‬


‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولما فرغ ُ‬
‫للكالم على ٍ‬
‫باو آخر وهو ترتي‪ ،‬اْلدلة‪.‬‬
‫والمراد بكتي‪ ،‬اْلدلة‪ :‬جعل كل دلي ٍل م رت ته الالاقة به‪ ،‬وهذا إنَّمنا‬
‫يكننون عنننُ التعننارض‪ ،‬فمتننى نُتنناج إلننى ترتينن‪ ،‬اْلدلننة؟ إذا وجننُ بينهننا‬
‫تعارض‪.‬‬
‫ولهننذا يننذكر اْلصننوليون هننذا الم ُننث بعننُ كالمه ن علننى م ُننث‬
‫اهَّلل‪ -‬قَُّ م الكالم على التعنارض عننُ‬ ‫ِ‬ ‫التعارض‪ ،‬إِل ّ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أن ُ‬
‫والمنسوخ‪َّ ،‬‬
‫وأخر الكالم على ترتي‪ ،‬اْلدلة‪.‬‬ ‫كالمه على م ُث النا‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪367‬‬
‫وإِل ّ‬
‫فإن عنادة أَلن‪ ،‬اْلصنوليين أهنن ينذكرون ترتين‪ ،‬اْلدلنة بعنُ‬
‫الكننالم علننى التعننارض؛ ّ‬
‫ْلن الُاجننة إلننى معرفننة ترتينن‪ ،‬اْلدلننة إلزالننة‬
‫التعارض الواقع بينها م ال اهر‪.‬‬
‫والقاعُة العامة م الكتي‪ ،‬بين اْلدلة أو بين النُِلِلت‪" :‬أننه يقنُم‬
‫اْلقوى منها على ما دونه"‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬فقنُ ذكَنر خمسنة‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬منا ذكنره ُ‬
‫أمثلة وهي‪:‬‬
‫نثال‬ ‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬أنننه يقننُم الننُليل الجلنني علننى الننُليل الخفنني‪ ،‬فيقننُم من ً‬
‫المنأننوق علننى المفهننوم‪ ،‬وذلننك ل عننُ دِللننة المنأننوق علننى اِللت نناس‬
‫بخالف المفهوم‪.‬‬
‫يمنا‬‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬حُيث عااشة ‪-‬ر ِضي اهَّلل َعنْها‪ -‬قالت‪« :‬ك َ ِ‬
‫َنان ف َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ات‪ُ ،‬ث نُس ْخن بِ َخم ٍ مع ُلوم ٍ‬
‫ات مُرم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات»‪.‬‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ُأن ِْز َل في ا ْل ُق ْرآن َع ْش ُر َر َض َع ُ َ َّ َ‬
‫رضنعات‪،‬‬ ‫فإن منأنوق هنذا الُنُيث ّ‬
‫أن الرضناَ المُرمنة خمن‬ ‫ّ‬
‫أيضنا ّ‬
‫أن الن ني ‪ ‬قنال‪َِ « :‬ل‬ ‫ويعارضه مفهوم المخالفنة م حنُيث عااشنة ً‬
‫َت ُْ ُر ُم ا ْل َم َّص ُة َوا ْل َم َّصت ُ‬
‫َان»‪ ،‬فمنأوق هذا الُُيث ّ‬
‫أن المصة والمصتين ِل‬
‫يقع هبا التُري ‪.‬‬
‫ومفهوم المخالفة م الُُيث‪ّ :‬‬
‫أن الثالثة يُصل هبا التُري ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪368‬‬
‫وهذا المفهوم معارض لمنأوق حنُيث عااشنة السنالف‪ ،‬والقاعنُة‬
‫"أنه إذا تعارض المنأوق والمفهنوم‪ ،‬قنُم المنأنوق؛ وذلنك ل عنُه عنن‬
‫اِللت اس"‪.‬‬
‫وكذلك يقُم ال اهر على المؤول‪ ،‬وتقَُّ م الُقيقة على المجاز‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬يقُم الُليل المفيُ للعل على الُليل المفيُ لل ن‪.‬‬
‫المصنِّف بقوله‪( :‬والموج‪ ،‬للعل على الموج‪ ،‬لل ن)‪.‬‬
‫وقُ ذكَره ُ‬
‫فقوله‪( :‬الموج‪ )،‬المراد به‪ :‬المفيُ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬أنه يقُم خل المتنواتر علنى خنل انحناد؛ ّ‬
‫ْلن خنل‬
‫المتواتر يفيُ العل باتفاق علماء اْلصول‪ ،‬أ َّمنا المتنواتر فعننُ أكثنره ِل‬
‫أيضا يفينُ العلن ‪ ،‬لكننه ْ‬
‫وإن أفناد‬ ‫يفيُ إِل ال ن‪ ،‬وقُ تقَُّ م معنا ّ‬
‫أن انحاد ً‬
‫م قننوة العلن المسننتفادة مننن‬ ‫العلن إِل ّ‬
‫أن العلن الننذر ُيسننتفاد منننه لنني‬
‫الخل المتواتر‪.‬‬
‫مثال‪ ،‬وه يقولنون‪ :‬بأننه ِل يجنوز‬ ‫ومن أمثلة ذلك‪ْ :‬‬
‫أن يقول الُنفية ً‬
‫أن يقولننوا‪ :‬اْلحاديننث التنني د َّلننت علننى وجننوو‬
‫الجمننع بننين الصننالتين‪ْ ،‬‬
‫صالة م وقتها متواترة‪ ،‬وأحاديث الجمع بنين الصنالتين أخ نار‬ ‫ٍ‬ ‫إيقاَ كل‬
‫وآحاد‪ ،‬والقاعُة "أنه إذا تعارض المتواتر وخنل الواحنُ قنُم المتنواتر؛‬
‫ْلنه يفيُ العل "‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪369‬‬
‫لكن الجمهور يوج ون عن هذا بأننا ِل نكك اْلخ نار المتنواترة هننا‪،‬‬
‫ولكننننا نخصصننها بأخ ننار انحنناد‪ ،‬والمتننواتر يجننوز تخصيصننه بخننل‬
‫الواحُ‪.‬‬
‫الكتنناو‬ ‫‪ -‬ثال ًثنا‪ :‬يقننُم النأنق علننى القيناس‪ ،‬والمننراد بنالنأق‪ :‬نن‬
‫النأق بالقياس‪ ،‬أ َّما إذا أمكن النأق‬ ‫والسنَّة‪ ،‬وهذا إذا ل يمكن تخصي‬
‫ُ‬
‫به‪.‬‬ ‫بالقياس فإنه ُيخص‬
‫ومن أمثلة تقُي النأق على القياس‪ :‬قوله ‪ ‬م حُيث ابنن ع ناس‬
‫م شوك شجر الُرم « َو َِل ُي ْع َضُُ َش ْو ُك ُه» يعني‪ِ :‬ل يقأع شوكه‪ ،‬فإنه ينُل‬
‫على ّ‬
‫أن شوك الُرم ِل يجوز قأعه‪.‬‬
‫وقُ ذه‪ ،‬بعض الفقهاء إلى ّ‬
‫أن شوك الُرم يجوز قأعنه؛ ْلننه منؤذ‬
‫الفوا ق‪ ،‬لكن ُيقال‪ :‬هذا القياس يعارضه ٌ‬
‫دليل أقوى‬ ‫قيا ً ا على الخم‬

‫منننه وهننو النأننق م قولننه ‪َ « :‬و َِل ُي ْع َضننُُ َش ْ‬


‫ننو ُك ُه»‪ ،‬والقاعننُة "أنننه إذا‬
‫تعارض النأق والقياس فإنه يقُم النأق؛ ْلنه أقوى"‪.‬‬
‫نصنا فإننه يكنون فا نُ‬
‫ولهذا يقول اْلصنوليون‪ :‬القيناس إذا خنالف ً‬
‫اِلعت ار‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪370‬‬
‫والمقصود من القياس ‪-‬كما تقُم معنا‪ :-‬موافقة النصوص كما ن َّ‬
‫اهَّلل‪ -‬م كتناو [الر نالة]‪ ،‬وشني اإل نالم ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫على هذا الشافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م [جننامع المسنناال]‪ ،‬المقصننود مننن القينناس هننو موافقننة‬ ‫ِ‬
‫َرح َمنن ُه ُ‬
‫نصا فإنه يكون قيا ً ا فا ُ اِلعت ار؟‬
‫النصوص‪ ،‬فأر قياس يخالف ً‬
‫بنه كمنا م قولنه‬ ‫النأق بالقيناس فإننه يخصن‬ ‫وإذا أمكن تخصي‬

‫تعالى‪{ :‬الزَّافميةُ َالزَّافمي فَِنِْمََُا كًُّق َاحمَ مماْهُمِ ممَِِةَ نَِْة [النور‪ ،]2:‬فقُ‬

‫باْلمننة م قولننه تعننالى‪{ :‬فَدَِ ليْهِنَّ فمصْ ل ُ مللِ عَِللٍ الْمُحْص لاِ}م ممللن‬ ‫خص ن‬

‫الْدذَابِ [النساء‪.]25:‬‬
‫اْلمنة لآلينة وقنع بنأر شنيء؟‬ ‫الع ُ على اْلمة‪ ،‬فتخصي‬ ‫ث قي‬
‫الع ننُ مننن انيننة وقننع بالقينناس‪ ،‬فهنننا أمكننن‬ ‫وقننع بالنصننف‪ ،‬وتخصنني‬
‫به‪.‬‬ ‫النأق بالقياس ف ُيخص‬ ‫تخصي‬
‫النأننق بالقينناس‪ّ ،‬‬
‫فننإن النأننق ُيقننُم‪،‬‬ ‫أ َّمننا إذا لنن يمكننن تخصنني‬
‫والقياس ُيلغى‪ ،‬وِل يكون له أر اعت ار‪.‬‬
‫‪ -‬راب ًعا‪ُ :‬يقُم القياس الجلي على القياس الخفي‪.‬‬
‫فينه علنى العلنة‪ ،‬أو‬ ‫والمراد بالقياس الجلي‪ :‬هو القياس النذر نُن‬
‫قأع بأنه ِل فرق فيه بين اْلصل والفرَ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪371‬‬
‫ويقابله القياس الخفي وهو‪ :‬النذر علتنه مسنتن أة‪ ،‬أو لن يقأنع فينه‬
‫بنفي الفارق بين اْلصل والفرَ‪.‬‬
‫فإذا تعارض قيا ان أحُهما جلي وانخر خفني ّ‬
‫فنإن الجلني ُيقنُم؛‬
‫ْلنه أقوى‪.‬‬
‫ويمكن ْ‬
‫أن نمثل لتقُي القياس الجلي علنى القيناس الخفني بمثنال‪،‬‬
‫وهو‪ّ :‬‬
‫أن َمن كان عنُه مااتنان منن اإلبنل‪ ،‬فإننه يخينر بنين إخنراج خمن‬
‫بنات ل ون أو أربع حقة‪.‬‬
‫والخيار هنا هل هو لرو المال أو للساعي الذر ي عثه اإلمام؟‬
‫ذه‪ ،‬بعض الفقهاء إلى ّ‬
‫أن الخيار يكون لنرو المنال‪ ،‬وذلنك قيا ً نا‬
‫ٍ‬
‫مقنُار معنين م الزكناة‬ ‫على الجلان م زكاة اإلبل‪ّ ،‬‬
‫فإن َمنن وجن‪ ،‬علينه‬
‫ول يجُه‪ ،‬فله ْ‬
‫أن يُفع أعلى منه ويأخذ الجلان وهو شناتان أو عشنرون‬
‫درهما‪ ،‬وله ْ‬
‫أن يُفع أقل منه ويُفع معه الجلان وهنو شناتان أو عشنرون‬ ‫ً‬
‫درهما‪.‬‬
‫ً‬
‫فقالوا‪ :‬التخيير هنا يكون لرو المال قيا ً ا على الجلان‪.‬‬
‫وقال بعض الفقهاء‪ :‬التخيير يكون للساعي الذر ي عثه اإلمنام لج ني‬
‫الزكاة؛ وذلك ّ‬
‫ْلن الساعي ناا‪ ،‬عنن المسنتُق للزكناة‪ ،‬قيا ً نا علنى َمنن‬
‫ا تُق القصاص فإنه يخير بين القصاص والُية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪372‬‬
‫حكن متعلنق بالزكناة علنى حكن متعلنق‬ ‫ففني القيناس اْلول‪ :‬قني‬
‫بالزكاة‪.‬‬
‫حك ن متعلننق بالزكنناة علننى حك ن متعلننق‬ ‫وم القينناس الثنناين‪ :‬قنني‬
‫بالجنايات‪.‬‬
‫وقياس حك من الزكاة على حك ٍ من الزكاة‪ ،‬أقوى من قياس حك‬
‫متعلق بالزكاة على حك متعلق بالجنايات ف ُيقُم‪.‬‬
‫فإ ًذا هذا مثال يمكن ْ‬
‫أن ُيمثل به لتقُي القياس الجلني علنى القيناس‬
‫الخفي‪.‬‬
‫خامسننا‪ُ :‬يقننُم النأننق علننى اِل تصننُاو‪ ،‬فننإذا تعننارض النأننق‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫واِل تصُاو ّ‬
‫فإن النأق مقُم؛ ْلنه مغير لألصل‪.‬‬
‫تقنُيما‬
‫ً‬ ‫فنإن فينه‬ ‫ٍ‬
‫بنأنق ّ‬ ‫وأمثلة ذلك كثينرة‪ ،‬فكنل حكن تكليفني ث نت‬
‫للنأق على اِل تصُاو‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله تعالى‪َ{ :‬أَقميمُلوا الصَّلالة َنلُلوا الزَّكَلِة ‪ ،‬وقولنه‬

‫تعالى‪{ :‬فَمنْ شهَِ مملاْكُدُ النَّلهْر فَِْيصُلمْهُ [ال قنرة‪ ،]185:‬وقولنه‪َ{ :‬لمِقلهم‬

‫عٍَِ الاَِّسِ حمجه الْ يْتم منِ اسْتَلَِع إِلَيْهم س ِيًِِ [آل عمران‪ ،]97:‬فهنذه كلهنا‬
‫فيها تقُي للنأق على اِل تصُاو‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪373‬‬
‫اهَّلل‪َ ( :-‬فإِن وجُ فِي النُّ ْأق َمنا ُيغينر اْلَ ْصنل‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقول ُ‬
‫ي ْعمل بالنأق َوإِ َِّل فيستصُ‪ ،‬ا ْل َُال)‪.‬‬
‫‪ ،‬هذا هو‬ ‫ظاهر هذا القول‪ :‬أنه يعمل باِل تصُاو إذا ل يوجُ ن‬
‫ال اهر‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬بنل ِل يعمنل باِل تصنُاو‪ ،‬إِل‬ ‫ِ‬
‫اْلمر كما ذكر ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬ ‫ولي‬
‫إذا ل نجُ نأ ًقا أو إجما ًعا أو قيا ً ا أو َير ذلك من اْلدلة المعتنلة؛ ّ‬
‫ْلن‬
‫اِل تصُاو ‪-‬كما تقَُّ م معنا‪ -‬هو آخر مرات‪ ،‬اْلدلة‪.‬‬
‫كتاو‪ ،‬أو ُ ن ٍَّة‪ ،‬أو إجمناَ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫دليال من‬
‫وبنا ًء على هذا‪ :‬فإننا إذا ل نجُ ً‬
‫أو قياس‪ ،‬أو َير ذلك من اْلدلة المعتلة‪ ،‬فإننا نعمل باِل تصُاو‪.‬‬
‫ومننن أمثلننة ذلننك‪ْ :‬‬
‫أن ُيقننال‪ِ :‬ل تجنن‪ ،‬الزكنناة م الفواكننه كننالخوخ‪،‬‬
‫والتفنننناح‪ ،‬والكمثننننرى‪ ،‬وِل تجنننن‪ ،‬الزكنننناة م الخضننننروات كالخيننننار‪،‬‬
‫وال اذنجننان‪ ،‬والجننزر؛ ْلهنننا ليسننت منصوصننة وِل م معنننى المنصننوص‬
‫عليه‪ ،‬فت قى على اْلصل‪ ،‬و ُيستصُ‪ ،‬فيها أصل عُم وجوو الزكاة‪.‬‬
‫اهَّلل‪ ،-‬واْلصوليون‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فهذه هي المرات‪ ،‬التي ذكرها ُ‬
‫يتو عون م الكالم على منازل اْلدلة ومرات ها‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬ذكَر منها‪ :‬خمسة أمثلة فُس‪.،‬‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪374‬‬

‫ُش ُروط ا ْل ُم ْفتِي‬

‫َومن َشرط ا ْل ُم ْفتِي‪َ :‬أن يكون َعالما بالفقه أصال وفرعا خال ًفا ومذه ًا‪،‬‬
‫يُنتَج إِ َل ْي ِنه فِني ا نتن اط‬ ‫َو َأن يكون كَامِل ْاْلَ ِد َّلة فِي ِاِل ْجتِ َهناد َع ِ‬
‫ار ًفنا بِ َمنا ْ‬
‫ْاْلَ ْح َكام َو َت ْف ِسير ْان َيات ا ْل َو ِار َدة فِي ْاْلَ ْح َكام َو ْاْلَ ْخ َار ا ْل َو ِار َدة فِ َيها‪.‬‬

‫ولما فرغ من الكالم على مرات‪ ،‬اْلدلة م ال او السابع عش‪ ،‬انتقنل‬


‫للكالم على شروط المفتي م ال او الثامن عشر‪.‬‬
‫وأحكام المفتي والمستفتي‪ ،‬واِلجتهناد والتقلينُ ليسنت منن صنل‪،‬‬
‫عل ن أصننول الفقننه‪ ،‬ولكنهننا مننن مكمالتننه ومتمماتننه‪ ،‬كمننا ّ‬
‫أن اْلحكننام‬
‫الشرعية تكليفية كانت أم وضعية ليست من صنل‪ ،‬أصنول الفقنه ولكنهنا‬
‫من مقُماته‪ ،‬فأصول الفقه له مقُمات وله مكمالت‪.‬‬
‫فأحكام المفتي‪ ،‬والمستفتي‪ ،‬واِلجتهاد والتقلينُ ليسنت منن صنل‪،‬‬
‫هذا العل ولكنها من مكمالته‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪375‬‬
‫ووجننه كوهنننا مننن مكمالهتننا‪ّ :‬‬
‫أن موضننوَ أصننول الفقننه هننو اْلدلننة‬
‫اإلجماليننة التنني يتوصننل هبننا إلننى ا ننتن اط اْلحكننام الشننرعية مننن اْلدلننة‬
‫التفصيلية‪.‬‬
‫والنننذر يسنننتن ب اْلحكنننام منننن اْلدلنننة التفصنننيلية بوا نننأة اْلدلنننة‬
‫اإلجماليننة مننن هننو؟ المجتهننُ‪ ،‬فلهننذا يتكلمننون علننى أحكننام اِلجتهنناد‪،‬‬
‫والمقلُ تابع له‪.‬‬
‫والفتوى معناه م لغة العرو‪ :‬اإلبانة‪ ،‬وتجمع على فتاوى‪ ،‬وفتاور‪،‬‬
‫أن تقول‪ :‬مجموَ الفتاوى‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن تقول‪ :‬مجموَ الفتاور‪.‬‬ ‫ولهذا لك ْ‬
‫وعنُ اْلصوليين‪ :‬هي اإلخ ار عن حك ٍ شرعي لمن أل عنه‪.‬‬
‫فمنن أخنل عنن حكن ٍ شنرعي منن‬
‫فقيُ السؤال م الفتوى ِل ُبَُّ منه‪َ ،‬‬
‫منثال فإننه يخنل بنالُك‬
‫ً‬ ‫َير ؤال‪ّ ،‬‬
‫فإن هنذا ِل ُيسنمى فتنوى‪ ،‬كنالمعل‬
‫الشرعي‪ ،‬وِل ُيسمى ذلك فتوى‪.‬‬
‫و َمن تلَ باإلخ ار بالُك الشرعي فإنه ِل ُيسمى مفت ًيا؛ ّ‬
‫ْلن الفتوى‬
‫هي اإلخ ار بالُك الشرعي لمن أله عنه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪376‬‬
‫والفتوى لها أربعة أركان‪:‬‬
‫‪ -‬الركن اْلول‪ :‬المفتي‪ ،‬وهو‪ :‬المخل بالُك الشرعي‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثاين‪ :‬المستفتي‪ ،‬وهو‪ :‬الساال عن حك شرعي‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الثالث‪ :‬اِل تفتاء‪ ،‬وهو‪ :‬السؤال عن الُك الشرعي‪.‬‬
‫‪ -‬الركن الرابع‪ :‬الفتوى‪ ،‬وهي‪ :‬الجواو عن الُك الشرعي‪.‬‬
‫والفتوى تتفق مع القضاء من وجه‪ ،‬وتختلف عنه من ٍ‬
‫وجه‪.‬‬
‫كال منهما فيه إخ ار عن الُك الشرعي‪.‬‬ ‫فتتفق معه من جهة ّ‬
‫أن ً‬
‫ويختلفان من جهة ّ‬
‫أن القضاء فينه إلنزام بنالُك الشنرعي‪ ،‬بخنالف‬
‫فيها إلزا ٌم بالُك الشرعي‪.‬‬ ‫الفتوى فلي‬
‫وأيهمننا أخأننر‪ :‬الفتننوى أو القضنناء؟ القضنناء؛ ْلن فيننه إلزا ًمننا‪ ،‬طينن‪،‬‬
‫جوا ًبا آخر‪.‬‬

‫إذا أفتى المفتي بفتوى ليست بث ت وليست بصواو‪ّ ،‬‬


‫فإن هذا ينؤدر‬
‫إلى فساد الُين‪ ،‬فساد الفتوى يؤدر إلى فساد القضاء وِل عك ‪.‬‬
‫أخأر من القضاء‪ ،‬ل َّ ؟ ّ‬
‫ْلن فيها إصُار للُك ‪ ،‬أ َّما القاضي فيقضي‬
‫بُك قأعي؟ ِل‪ ،‬قُ ِل يُك بُك قأعي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪377‬‬
‫ٍ‬
‫كتاو له ا مه‬ ‫نقول‪ :‬ذه‪ ،‬بعض أهل العل كأبي الع اس القرام م‬
‫[اإلحكنننام م تميينننز الفتننناوى عنننن اْلحكنننام] وكنننابن القننني م [إعنننالم‬
‫واحنُ منهمنا أخأنر منن انخنر منن وجنه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الموقعين]‪ ،‬ذه وا إلى ّ‬
‫أن كنل‬
‫فالقضاء أخأر من الفتيا من جهة ّ‬
‫أن فيه إلزا ًما‪.‬‬
‫نرَ عننام‪،‬‬
‫والفتيننا أخأننر مننن القضنناء مننن جهننة أنننه قننُ يكننون فيهننا شن ٌ‬
‫معين‪ ،‬وأ َّما المفتني فهنو يفتني بشنر ٍَ عنام‪،‬‬ ‫فالقاضي يُك على شخ‬
‫فقُ تكون الفتوى متعلقة بشخ ٍ معين‪ ،‬وقُ تكون متعلقة ٍ‬
‫بأمر عنام منن‬
‫وجه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬تكل علنى شنروط المفتني‪ ،‬و ُتسنمى صنفتا‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫المفتنني‪ ،‬واْلصننوليون يتكلمننون عليهننا وي ينوهنننا حتننى ِل تكننون الفتننوى‬
‫أحُ‪ ،‬وإنَّما تكون لمن تُققت فيه هذه الشروط‪.‬‬ ‫مرتعا مشا ًعا لكل ٍ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫اهَّلل‪ -‬خمسننة شننروط لجننواز صننُور‬ ‫وقننُ ذ َكننر ُ‬
‫المص ننِّف ‪َ -‬رح َم ن ُه ُ‬
‫الفتوى من المفتي؛ ّ‬
‫ْلن شروط المفتي منهنا منا هنو شنرط وجنوو علينه‬
‫ْ‬
‫بأن يفتي‪ ،‬ومنها ما هو شرط لجواز الفتوى منه‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬يتكل عن النوَ الثاين‪ :‬وهنو شنروط جنواز‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ُ‬
‫فمن تُقق فيه هذه الشروط جاز له ْ‬
‫أن يفتي‪ ،‬و َمن ل تتُقق فيه‬ ‫الفتوى‪َ ،‬‬
‫هذه الشروط كلها فإنه ِل يجوز له ْ‬
‫أن يفتي‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪378‬‬
‫المصننِّف – رحمنه اهَّلل ‪َ ( :-‬أن يكنون‬
‫أول هذه ا لشروط التي ذكرها ُ‬
‫َعالما بالفقه أصنال وفرعنا خال ًفنا ومنذه ًا)؛ ْلننه إذا لن يعنرف الفقنه لن‬
‫يستأع ْ‬
‫أن يخل بالُك الشرعي على وجهه‪.‬‬
‫المصنِّف بمعرفة أربعة أمور‪:‬‬
‫ويكون العل بالفقه عنُ ُ‬
‫أمر مه ؛ ّ‬
‫ْلن أصول الفقه‬ ‫‪ -‬اْلمر اْلول‪ :‬معرفة أصول الفقه‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫عالما هبا ل يُل له ْ‬
‫أن يفتي‪.‬‬ ‫فمن ل يكن ً‬ ‫هي عماد اِلجتهاد وميزانه‪َ ،‬‬
‫اهَّلل‪َ -‬من يُرس الفقه من َينر‬ ‫ِ‬
‫وش َّه شي اإل الم ابن تيمية ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫لُيه ميزان‬ ‫معرفة ْلصول الفقه‪ ،‬لمن عنُه طعام يُتاج لوزنه‪ ،‬لكنه لي‬
‫لنه معرفنة‬ ‫يزن بنه هنذا الأعنام‪ ،‬وذلنك كمنن ينُرس أصنول الفقنه ولني‬
‫عننُه شنيء يضنعه م هنذا‬ ‫الفقه‪ ،‬فمثله كمثل من عنُه ميزان‪ ،‬لكننه لني‬
‫واحُ منهما لُيه نق من وجه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫الميزان‪ ،‬فكل‬
‫فأصول الفقه هو عماد اِلجتهاد‪ ،‬وميزان اِل تن اط الصنُيح‪ ،‬و َمنن‬
‫ل يكن ذا دراية هبذا العل ‪ ،‬فإنه ربما الت ست علينه المسنالك واختلأنت‬
‫ٍ‬
‫وجنه‬ ‫أن يتعنرض علنى الُكن الشنرعي علنى‬ ‫عليه الأرق‪ ،‬ولنن يسنتأع ْ‬
‫صُيح‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪379‬‬
‫وأصول الفقه كما يقول أبو الم فر السمعاين م مقُمة كتابه النفني‬
‫[قواطع اْلدلة م أصول الفقه]‪ ،‬والسمعاين أصول فقيه مُُ منن أامنة‬
‫السنَّة والجماعة‪ ،‬أصول الفقه كمنا ذكنر منجناة منن التقلينُ؛ ْلننه إذا‬
‫أهل ُ‬
‫عالما به ا تأاَ ْ‬
‫أن يستن ب الُك الشرعي من الُليل علنى‬ ‫كان اإلنسان ً‬
‫أ اس لي ‪.‬‬
‫أن يستن ب الُك الشرعي‬‫أ َّما إذا ل يكن ذا معرفة به فإنه ِل يستأيع ْ‬
‫أن يستن ب على ٍ‬
‫وجه صنُيح لكننه لني‬ ‫على ٍ‬
‫وجه صُيح‪ ،‬وقُ يتهيأ له ْ‬
‫ٍ‬
‫أحيان كثيرة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬بل ربما يصي‪ ،‬أحيانًا وربما يخأئ م‬
‫أن يعرفه ْ‬
‫أن يعنرف الفنروَ الفقهينة؛‬ ‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬مما ِل ُبَُّ للمفتي الفقيه ْ‬
‫وذلك ّ‬
‫ْلن معرفتها تعينه علنى إلُناق الن ينر بن ينره‪ ،‬وتعُينة الفنرَ إلنى‬
‫أصله‪ ،‬وتكون لُيه الملكة الفقهية‪.‬‬
‫أن يعرف خالف الفقهاء‪ ،‬فنال يجنوز لنه ْ‬
‫أن يفتني إِل إذا كنان‬ ‫‪ -‬ثال ًثا‪ْ :‬‬
‫عار ًفا بأقاويل الفقهاء م الجملة‪.‬‬
‫ويقول بعض أهل العل ‪َ :‬من ل يكن عار ًفا بالخالف ل يش رااُنة‬
‫الفقه بأنفه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪380‬‬
‫ومعرفة الخالف تكون متأخرة‪ ،‬فال ين غني لأالن‪ ،‬العلن ْ‬
‫أن يشنتغل‬
‫شر ًطا لأال‪ ،‬العلن الم تنُئ‪،‬‬ ‫هبا م بُاية طل ه للعل ‪ ،‬وهذا الشرط لي‬
‫ولكنه شرط للمفتي الذر يخل باْلحكام الشرعية‪.‬‬
‫و ‪ ،‬اشكاط هذا الشنرط‪ :‬حتنى ين نر المفتني م اْلقنوال ويتخينر‬
‫منها ما يقوم عليه الُليل‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬ممنا يُصنل بنه الفقنه‪ْ :‬‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫‪ -‬راب ًعا ممنا ذكنر ُ‬
‫يعرف مذه‪ ،‬إمامه‪ْ ،‬‬
‫إن كان المفتني مجتهنًُ ا اجتهنا ًدا مقينًُ ا‪ ،‬والمجتهنُ‬
‫المقيننُ هننو الننذر لننه قننُرة علننى ْ‬
‫أن ين ننر م أقننوال إمامننه الننذر يقلننُه‪،‬‬
‫ويرجح بعضها على بعض؛ فهذا هو المفتي المقلُ الذر له قُرة على ْ‬
‫أن‬
‫ين ر م أقوال إمامه ويرجح بعضها على بعض‪.‬‬
‫وهذا م ني على جواز التمذه‪ ،،‬وهنو التنزام منذه‪ ،‬معنين بُينث‬
‫يأخننذ اإلنسننان بجميننع رخصننه وعزاامننه‪ ،‬وهننل يجننوز التمننذه‪ ،‬أو ِل‬
‫يجوز؟ هذا نتكل عليه ْ‬
‫إن شاء اهَّلل م لقاءنا القادم‪.‬‬
‫عالما بالفقه‪.‬‬ ‫فإ ًذا الشرط اْلول‪ْ :‬‬
‫أن يكون ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪381‬‬
‫ويُصل العل بالفقه لمعرفة أربعة أشياء‪:‬‬
‫‪ً -‬‬
‫أوِل‪ :‬معرفة أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ -‬ثان ًيا‪ :‬معرفة الفروَ الفقهية‪.‬‬
‫‪ -‬ثال ًثا‪ :‬معرفة خالف الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -‬راب ًعا‪ :‬معرفنة منذه‪ ،‬إمامنه النذر يقلنُه ْ‬
‫إن كنان المفتني مجتهنًُ ا‬
‫مقيًُ ا‪.‬‬
‫نني علنى أننه‬ ‫َّ‬
‫والشروط اْلولى الثالثة ُمسلمة‪ ،‬لكن الشرط اْلخير م ٌ‬
‫يجوز التمذه‪ ،،‬والتمذه‪ ،‬نن ه م در نا القادم أنه ِل يجوز‪.‬‬
‫أن يكنون كامنل انلنة م اِلجتهناد‪ ،‬أر‪ْ :‬‬
‫أن‬ ‫ثان ًيا‪ :‬من شروط المفتني ْ‬
‫يكون عنُه قُرة تامة على ا تن اط اْلحكام الشنرعية منن أدلتهنا‪ ،‬وذلنك‬
‫ْ‬
‫بأن يكون جيُ الذهن حسن الفه ‪.‬‬
‫واشكاط تمام القُرة وكمالها للمفتي فيهنا صنعوبة ومشنقة‪ ،‬وربمنا‬
‫أن يكنون لُينه القنُرة وا نتعُاد‬‫أدى إلى تعنذر اإلفتناء‪ ،‬لكنن المشنكط ْ‬
‫اهَّلل‪ -‬وهنو‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫لفه اْلحكام الشرعية‪ ،‬وِل يشكط ما ذكر ُ‬
‫أن يكون كامل انلة أر‪ :‬تام القُرة‪ ،‬وإنَّمنا ُيكتفنى ْ‬
‫بنأن يكنون لُينه قنُرة‬ ‫ْ‬
‫جيُة على التعرف على اْلحكام الشرعية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪382‬‬
‫أن يكون المفتي عار ًفنا بمنا‬
‫ثال ًثا‪ :‬من الشروط التي ذكرها المصنف‪ْ :‬‬
‫يُتاج إليه م ا تن اط اْلحكام‪.‬‬
‫وذلك من معرفة أحوال الرواة م اْلحاديث التي يستُل هبا‪ ،‬ومعرفة‬
‫لغة العرو‪ ،‬فإهنا من أع ما يعين علنى ا نتن اط اْلحكنام الشنرعية منن‬
‫ٍ‬
‫عربي م ين‪.‬‬ ‫ْلن اْلدلة جاءت ب ٍ‬
‫لسان‬ ‫أدلتها التفصيلية؛ ّ‬
‫و َمننن ل ن يكننن لننه معرفننة بلغننة العننرو‪ ،‬فإنننه ِل يسننتأيع ْ‬
‫أن يسننتن ب‬
‫اْلحكام الشرعية من اْلدلة‪.‬‬
‫وقننُ تقننَُّ م معنننا التن يننه علننى أهميننة معرفننة اللغننة العربيننة للمفتنني‬
‫والمجتهُ‪ ،‬وقُ ذكر الجرمي وهو من علماء اللغة أنه كان يفتي من كتاو‬
‫ي ويه عشرين نة‪ ،‬وكتاو ي ويه م أر فن من فنون العلن ؟ م اللغنة‪،‬‬
‫ولعل مقصوده من ذلك‪ :‬أنه كان يقرأ هنذا الكتناو فيعنرف لغنة العنرو‪،‬‬
‫فيستن ب اْلحكام الشرعية على ضوء معرفته بلغة العرو‪.‬‬
‫راب ًعا من الشروط‪ :‬معرفة آيات اْلحكام وتفسيرها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪383‬‬
‫متعلقة بالُالل والُرام‪ ،‬وقُ ُعني العلماء م جمنع آينات اْلحكنام‬
‫وألفوا فيها تآليف مستقلة‪:‬‬
‫منها‪[ :‬أحكام القرآن] لإلمام الشافعي الذر جمعه ال يهقني ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫مسنتقال م‬
‫ً‬ ‫اهَّلل‪ -‬من كت‪ ،‬الشنافعي‪ ،‬وإِل ّ‬
‫فنإن الشنافعي لنن يؤلنف كتناو‬ ‫ُ‬
‫أحكام القرآن‪.‬‬
‫ومنها‪[ :‬أحكام القرآن] ْلبي بكر الرازر الُنفي‪.‬‬
‫و [أحكام القرآن] ِلبن العربي وَيرها كثير‪.‬‬
‫وآيات اْلحكام اختلف العلماء م عُدها‪ ،‬فقنال بعضنه ‪ :‬ماانة آينة‪،‬‬
‫وقال الغزالي م [المستصفى]‪ :‬خمسمااة آية‪ ،‬وقيل َير ذلك‪.‬‬
‫و ‪ ،‬الخالف‪ :‬هو اختالف أن ار العلماء م آيات القرآن الكنري ‪،‬‬
‫أن هذه انية تُل على حك ٍ شرعي‪ ،‬ومنه َمن ينرى أهننا‬
‫فمنه َمن يرى ّ‬
‫ِل ُيستفاد منها حك شرعي عملي‪ْ ،‬‬
‫وإن كنان ُيسنتفاد منهنا فواانُ أخنرى‪،‬‬
‫وهننذا أمن ٌنر ط يعنني؛ ّ‬
‫ْلن اْلفهننام تختلننف‪ ،‬فربمننا ا ننتخرج عننال مننن آيننة‬
‫واحُة مئات اْلحكام‪ ،‬وا تخرج َيره دون ذلك‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪384‬‬
‫وهل يج‪ ،‬على المفتي ْ‬
‫أن يُفظ آيات اْلحكام؟‬
‫اتفق اْلصوليون على أنه يسنتُ‪ ،‬لنه ذلنك؛ ْلننه يعيننه علنى معرفنة‬
‫اْلحكننام الشننرعية‪ ،‬واختلفننوا م وجننوو حف هننا وِل شننك ّ‬
‫أن حف هننا‬
‫أكمل‪ ،‬وأعون للمجتهُ على درك اْلحكام الشرعية‪.‬‬
‫واْلكثننر علننى أنننه ِل يجنن‪ ،،‬وإنَّمننا يكفنني ْ‬
‫أن يعننرف مواضننعها مننن‬
‫القرآن الكري حتى إذا احتاج إليها راجعها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬معرفة أحاديث اْلحكام‪.‬‬
‫ً‬
‫وأحاديث اْلحكام معرفتها مهمنة جنًُ ا؛ ْلن القنرآن ِل يسنتغني عنن‬
‫السنَّة‪ ،‬وقُ ذكر ابن ع ُ النل م [جنامع بينان العلن وفضنله] ّ‬
‫أن أحادينث‬ ‫ُ‬
‫السننَّة؛ ْلننه ينرد‬
‫فتُا‪ ،‬فالقرآن بُاجنة إلنى ُ‬
‫اْلحكام تفتح آيات اْلحكام ً‬
‫بالسنَّة‪.‬‬
‫فيه المجمل والعام‪ ،‬والمألق وتقييُها قُ يُصل ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬بالتننأليف م أحاديننث اْلحكننام‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وقننُ ُعننني العلمنناء ‪َ -‬رح َمه ن ُ‬
‫ٍ‬
‫مصنفات متعُدة‪:‬‬ ‫وصنَّفوا فيها‬
‫ناو‬
‫منهننا‪ :‬كتنناو [عمننُة اْلحكننام] لع ننُ الغننني المقُ نني‪ ،‬وهننو كتن ٌ‬
‫م ارك نفع اهَّلل به أهل المشرق والمغرو‪ ،‬وإذا قرأت م ير العلمناء منن‬
‫أهل المشرق أو من أهل المغرو‪ ،‬تجُ أهن يجعلون هنذا الكتناو علنى‬
‫صغر حجمه أ ا ً ا يُف ه النشأة من طالو العل ويُر ونه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪385‬‬
‫ومنهنا‪[ :‬بلننوغ المننرام] للُننافظ ابنن حجننر‪ ،‬و [المُننرر] ِلبننن ع ننُ‬
‫الهادر‪ ،‬و [المنتقى] للمجُ ابن تيمية‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬وهننناك‬ ‫ِ‬
‫المصننِّف ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫فهننذه خمسننة شننروط اقتصننر عليهننا ُ‬
‫شروط أخرى ذكرها اْلصوليون منها عُالة المفتي‪.‬‬
‫أمرا مجم ًعا عليه‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬معرفته بمواقع اإلجماَ حتى ِل يخالف ً‬
‫ومنها‪ :‬معرفة النا والمنسوخ حتى ِل يفتي بُك منسوخ‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬اقتصر علنى‬ ‫ِ‬
‫والمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ومنها‪ :‬معرفة مقاصُ الشريعة‪ُ ،‬‬
‫هذه الشروط الخمسة‪.‬‬
‫ث انتقل للكالم على شروط المسنتفتي و ننتكل عليهنا ْ‬
‫إن شناء اهَّلل‬
‫تعالى م ٍ‬
‫لقاء قادم‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪386‬‬
‫لهن قنُرة وأهلينة علنى ا نتن اط اْلحكنام‬ ‫والمراد هب ‪ :‬الذين لني‬
‫الشننرعية مننن اْلدلننة التفصننيلية؛ فهننؤِلء يجنن‪ ،‬علننيه التقليننُ باتفنناق‬
‫اْلصوليين كمنا حكناه ابنن ع نُ النل وَينره‪ ،‬وينُل علنيه قولنه تعنالى‪:‬‬

‫{فَِسْ لأَلُوا أَهْ لًَّ ال لذِّكْرِ إِنْ كُاْ لتُدْ ال لَدَِْمُللون [النُننل‪ ،]43:‬فقننُ قس ن اهَّلل ‪-‬‬
‫ُ ْ َُا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬النَّاس إلى قسمين‪ :‬االين‪ ،‬ومسئولين‪.‬‬
‫‪ -‬الصنف اْلول‪ :‬فالساالون ه الذين ِل يعلمون‪ ،‬ولهذا قال م آخر‬

‫انيننة‪{ :‬إِنْ كُاْ لتُدْ ال لَدَِْمُللون ‪ ،‬وإذا اختلفننت علننى هننذا الصنننف أقننوال‬
‫علما وور ًعنا‪ْ ،‬‬
‫فنإن ا نتووا‬ ‫المجتهُين فإنه يختار رأر َمن يرى أنه أفضل ً‬
‫م حقننه فإنننه يتخيننر‪ ،‬وِل يجنن‪ ،‬عليننه أكثننر مننن ذلننك؛ ّ‬
‫ْلن هننذه قُرتننه‬
‫نفسننا إِل و ننعها‪ ،‬هننؤِلء هنن الصنننف‬
‫وا ننتأاعته‪ ،‬واهَّلل ‪ِ ‬ل يكلننف ً‬
‫اْلول‪.‬‬
‫‪ -‬الصنف الثاين‪ :‬مجتهنُون‪ ،‬وهن النذين لهن قنُرة علنى ا نتن اط‬
‫اْلحكام الشرعية من أدلتهنا التفصنيلية‪ ،‬وهنؤِلء يجن‪ ،‬علنيه اِلجتهناد‬
‫باتفاق علماء اْلصول‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪387‬‬
‫وِل يجوز له التقليُ إِل م صورتين‪:‬‬
‫‪ -‬الصننورة اْلولننى‪ :‬إذا ل ن ي هننر للمجتهننُ الُك ن بعننُ ْ‬
‫أن ن ننر م‬
‫اْلدلننة وتت عهننا‪ ،‬فننإذا لنن يت نين لننه شن ٍ‬
‫نيء فإنننه يجننوز لننه ْ‬
‫أن يقلننُ أحننُ‬ ‫ّ‬
‫المجتهُين‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الثانية‪ :‬إذا وقعت له واقعة تقتضي تعجيل الجنواو فيهنا‪،‬‬
‫له رأر حاضر ويعرف رأر بعض المجتهُين‪ ،‬فيجنوز لنه ْ‬
‫أن يقلنُ‬ ‫ولي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الثالثة‪ :‬إذا وقعنت حادثنة تقتضني تعجينل الجنواو فيهنا‪،‬‬
‫عنننُه جننواو حاضننر م هننذه المسننألة‪ ،‬والوقننت ِل يتسننع للن ننر‬ ‫ولنني‬
‫واِلجتهنناد‪ ،‬وهننو يعلن رأر بعننض أهننل العلن فيهننا‪ ،‬فيجننوز لننه م هننذه‬
‫الُال م ْ‬
‫أن يقلُ بعض المجتهُين‪ ،‬وما عنُا ذلنك فنال يجنوز للمجتهنُ‬
‫التقليُ‪.‬‬
‫بننل ّ‬
‫إن بعننض علمنناء اْلصننول يقننول‪ :‬المجتهننُ ِل يجننوز لننه التقليننُ‬
‫مأل ًقا ِل م هاتين الصنورتين وِل م َيرهمنا‪ ،‬لكنن الصنواو ْ‬
‫إن شناء اهَّلل‬
‫أنه يجوز التقليُ م هاتين الصورتين‪ ،‬وما عُاهما يج‪ ،‬عليه ْ‬
‫أن يجتهُ‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪388‬‬
‫‪ -‬الصنف الثالث‪ :‬طالو عل قُ ارتفعوا عن درجنة المقلنُين ولن‬
‫يصلوا إلى رت ة المجتهُين‪ ،‬فه قُ ارتفعوا عن درجة أهل التقليُ ولهن‬
‫قُرة على فه الُليل‪ ،‬لكنه ل يصلوا إلى رت ة أهل اِلجتهاد‪ ،‬وهنؤِلء‬
‫اهَّلل‪ -‬وكثير من علمناء اْلصنول أننه يجن‪ ،‬علنيه‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫يرى ُ‬
‫التقليُ و ؤال العلماء‪ ،‬وذلك لقوله تعالى‪{ :‬فَِسْأَلُوا أَهًَّْ الذِّكْرِ إِنْ كُاْتُدْ ال‬

‫لَدَِْمُون [النُل‪.]43:‬‬
‫اهَّلل‪-‬‬ ‫ِ‬
‫وذهنن‪ ،‬بعننض أهننل العلن كشنني اإل ننالم ابننن تيميننة ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫وتلميذه ابنن القني وأبني إ نُاق الشناط ي إلنى ّ‬
‫أن هنؤِلء يجن‪ ،‬علنيه‬
‫ات نناَ الننُليل إذا عرفننوه وفهمننوه‪ ،‬أ َّمننا إذا ل ن يعرفننوه‪ ،‬أو ل ن يفهمننوه‪ ،‬أو‬
‫وجننُوا مننا يعارضننه ولن يسننتأيعوا إزالننة التعننارض علننى وجن ٍنه صننُيح‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫فيقلُون‬
‫اهَّلل‪ -‬صنرح م [مجمنوَ الفتناوى] ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫بل ّ‬
‫إن شي اإل الم ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫العامي إذا عرف الُليل وفهمه‪ ،‬وج‪ ،‬عليه ات اعه‪ ،‬ولن يجنز لنه ْ‬
‫أن يقلنُ‬
‫م هذه الُال‪.‬‬
‫وهذا التفصيل فيه تو ب واعتُال فيما ي هر والعل عننُ اهَّلل تعنالى‪،‬‬
‫وبنا ًء على هذا‪ّ :‬‬
‫فإن من ظهر له الُليل وفه دِللته وج‪ ،‬عليه ات اعه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪389‬‬
‫أن َمن جاز له التقليُ هل يجوز له ْ‬
‫أن يتمذه‪ ،‬أو‬ ‫وهنا مسألة‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫ِل؟ بمعنى‪ :‬أنه هل يجوز له ْ‬
‫أن يلتزم مذه ًا واحنًُ ا يأخنذ بجمينع رخصنه‬
‫وعزاامه أو ِل‪ْ ،‬‬
‫كأن يلتزم مذه‪ ،‬الُنفية‪ ،‬أو مذه‪ ،‬المالكية‪ ،‬أو مذه‪،‬‬
‫الشافعية‪ ،‬أو مذه‪ ،‬الُنابلة؟‬
‫هذه المسألة وقع فيها نزاَ بنين علمناء اْلصنول‪ ،‬فمننه َمنن ذهن‪،‬‬
‫الس كي م [جمع الجوامع]‬
‫إلى جواز التمذه‪ ،،‬بل أوج ه بعضه كابن ُّ‬
‫أن التمذه‪ ،‬واج‪ ،،‬وا تُل القاالون هبذا ّ‬
‫بنأن اِلجتهناد‬ ‫فقُ ذه‪ ،‬إلى ّ‬
‫متعذرا‪ ،‬وآراء العلماء قُ ُقررت ورت ت‪ ،‬ومهُت فيلنزم التنزام‬
‫ً‬ ‫قُ أص ح‬
‫وعزاا ‪.‬‬ ‫أحُ المذاه‪ ،‬واْلخذ بجميع ما فيه من رخ‬
‫وذه‪ ،‬بعض أهل العلن كنالنوور وابنن تيمينة‪ ،‬وابنن القني إلنى ّ‬
‫أن‬
‫ْلن فيننه ات ا ًعننا مأل ًقننا لغيننر كتنناو اهَّلل و ُ ننّة‬
‫التمننذه‪ِ ،‬ل يجننوز؛ وذلننك ّ‬
‫ر وله ‪ ،‬وهذا القول وهو عُم جواز التمذه‪ ،‬أ عُ بالُليل وأحنرى‬
‫ْلن م التمذه‪ ،‬التزا ًما مأل ًقا لأاعة َير اهَّلل ‪ ‬ور وله ‪.‬‬
‫بالصواو؛ ّ‬
‫وِل يعني هذا‪ :‬أنه ِل يُسنن درا نة الفقنه المنذه ي‪ْ ،‬‬
‫كنأن ينُرس طالن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مذه‪ ،‬منن المنذاه‪ ،‬الفقهينة‪ ،‬فإننه ِل تعنارض بنين مننع‬ ‫العل متنًا على‬
‫ٍ‬
‫مذه‪ ،‬معين‪ ،‬فنال حنرج منن درا نة‬ ‫التمذه‪ ،‬ودرا ة كتاو فقهي على‬
‫ٍ‬
‫مذه‪ ،‬معين مع التزام الُليل واحكام آراء الفقهاء‪.‬‬ ‫كتاو م الفقه على‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪390‬‬
‫اهَّلل‪َ ( :-‬ومن ُش ُنروط المسنتفتي َأن يكنون منن‬ ‫ِ‬
‫قال المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أهل ال َّت ْقلِيُ َو َل ْي َ ل ْل َعال ) يعني‪ :‬للمجتهُ ( َأن ُي َق ّلُ)‪ ،‬يعني‪ :‬مأل ًقا ِل م‬
‫الصورتين اللتين ذكرناهما وِل م َيرهما من الصور‪.‬‬
‫المصننِّف ‪-‬‬
‫وهذا ‪-‬كما قلننا‪ -‬هنو رأر جمهنور اْلصنوليين ومننه ُ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫ث لما ذكر شرط المستفتي انتقل للكالم على التقليُ‪.‬‬
‫والتقليُ م لغة العرو‪ :‬وضع الشيء م العنق مُي ًأا به‪ْ ،‬‬
‫فإن ل يكن‬
‫مُي ًأا به فإنه ِل ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬
‫ومنه تقليُ هبيمة اْلنعام م الهُر‪ ،‬فقُ مي تقلينًُ ا ْلهننا ُتقلنُ أر‪:‬‬
‫تجعل فيها قالاُ مُيأة بأعناقها‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪391‬‬
‫وأ َّما التقليُ م اصأالح اْلصوليين‪ :‬فقُ ذكر لنه المصننف ‪َ -‬ر ِح َمن ُه‬
‫اهَّلل‪ -‬تعريفين‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أن (التقليُ‪ :‬هو ق ُول َقول ا ْل َقاال بِ َال َّ‬
‫حجة)‪.‬‬ ‫‪ -‬التعريف اْلول‪ّ :‬‬
‫وقوله‪( :‬ق ول قول القاال) يعني‪ :‬اعتقاد صُة قول المجتهُ وات اعه‬
‫فيه‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬بنال حجنة) يعنني‪ :‬منن َينر معرفنة النُليل النذر ا نتُل بنه‬
‫المجتهُ‪.‬‬
‫مقصوده ات اَ قول القاال من َير ْ‬
‫أن يكون لهذا القاال دلينل‪،‬‬ ‫ولي‬
‫وإنَّما المقصود ات اعه مع عُم معرفة دليله الذر ا تنُ إليه‪.‬‬
‫شخصا ق َّلُ اإلمام أبا حنيفة م عُم اشكاط‬
‫ً‬ ‫ومن أمثلة التقليُ‪ :‬لو ّ‬
‫أن‬
‫الولي للمرأة الرشيُة م النكاح من َير معرفة دليله الذر ا تنُ إليه‪ّ ،‬‬
‫فإن‬
‫هذا ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬
‫ِ‬
‫شخصنننا ق َّلنننُ اإلمنننام مال ًكنننا ‪َ -‬رح َمننن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م عنننُم اشنننكاط‬ ‫ً‬ ‫أو ّ‬
‫أن‬
‫شخصنا‬
‫ً‬ ‫الشهادة م النكاح من َير معرفة دليله النذر اعتمنُ علينه‪ ،‬أو ّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫أن ذوات اْل ن او يجنوز فعلهنا م‬ ‫ق َّلُ اإلمام الشنافعي ‪َ -‬رح َمن ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م ّ‬
‫وقت النهي من َير معرفة دليله الذر اعتمُ عليه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪392‬‬
‫ِ‬
‫شخصا ق َّلُ اإلمام أحمُ ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ -‬م المشهور من مذه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو ّ‬
‫أن‬
‫أن جلود الميتة ِل ُتأهر بالُباغ من َير معرفة دليله الذر ا تنُ إليه؛ ّ‬
‫فإن‬ ‫ّ‬
‫هذا كله ُيسمى تقليًُ ا؛ ّ‬
‫ْلن فيه ق ً‬
‫وِل لقول القاال بال ُح َّجة‪.‬‬
‫المقصود به خصوص القول‪،‬‬ ‫وقوله‪( :‬قول القاال) م التعريف لي‬
‫وإنَّما المقصود به رأر المجتهُ‪ ،‬نوا ًء أعنرف رأينه منن طرينق قولنه‪ ،‬أو‬
‫ُعرف من طريق آخر‪.‬‬
‫أ َّما إذا عرف الشخ الُليل فإنه ِل يكون مقلًُ ا وإنَّما يكنون مت ًعنا‪،‬‬
‫أن ق ول قول الن ني‬ ‫اهَّلل‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وين ني على هذا التعريف عنُ ُ‬
‫‪ ‬إذا ل يذكر الُليل على ما شرعه ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬
‫ولهذا قال‪( :‬فعلى هذا ق ول قول الن ي ‪ُ ‬يسمى تقليًُ ا)‪.‬‬
‫وهذا تفريع؛ ّ‬
‫ْلن الفاء هننا م قولنه‪( :‬فعلنى هنذا) دالن ٌة علنى التفرينع‬
‫يتفرَ ويكت‪ ،‬على هذا ّ‬
‫أن ق ول قول الن ني ‪ ‬منن َينر‬ ‫والكتي‪ ،،‬يعني‪َّ :‬‬
‫الُ َّجة والُليل الذر اعتمُ عليه ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬
‫معرفة ُ‬
‫أن التُقينق ّ‬
‫أن ق نول‬ ‫إن شناء اهَّلل ّ‬
‫هذا هو التعريف اْلول‪ ،‬و ننعرف ْ‬
‫الُ َّجة نفسها‪.‬‬ ‫ْلن قوله هو ُ‬‫قول الن ي ‪ِ ‬ل ُيسمى تقليًُ ا؛ ّ‬
‫أن (ال َّت ْقلِيُ ق ُول َقول ا ْل َقااِل َو َأننت َِل َتنُْ ِرر منن‬
‫‪ -‬التعريف الثاين‪ّ :‬‬
‫َأ ْين َقا َله) أر‪ِ :‬ل تعريف دليله‪ ،‬ومأخذه الذر ا تنُ إليه‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪393‬‬
‫إن قلنا‪ّ :‬‬
‫إن الن ي ‪ ‬كان‬ ‫المصنِّف‪ :‬أننا ْ‬
‫وين ني على هذا التعريف عنُ ُ‬
‫ّ‬
‫فإن ق ول قوله ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬ ‫يجتهُ‪ ،‬ويقي‬
‫وإن قلنا‪ّ :‬‬
‫إن الن ي ‪ ‬كان ِل يجتهُ وِل يقي ‪ ،‬وإنَّما يخل باْلحكام‬ ‫ْ‬
‫عننن وحن ٍ‬
‫ني مننن اهَّلل ‪ ،‬فننال يكننون ق ننول قولننه تقليننًُ ا؛ ْلنننه مسننتنُ إلننى‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫الوحي‪ ،‬هكذا ذكر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫أوِل‪ :‬وم الُقيقة ّ‬
‫أن هذين التعريفين اللذين ذكرهما المصننف ‪-‬‬ ‫‪ً -‬‬
‫اهَّلل‪ِ -‬ل ي هر بينهما فرق كمنا ن َّنه علنى ذلنك بعنض الشنراح‪ ،‬هنذا‬ ‫ِ‬
‫َرح َم ُه ُ‬
‫أمر‪.‬‬
‫أن ق ول قول الن ي ‪ِ ‬ل ُيسمى تقليًُ ا؛ ّ‬
‫ْلن قولنه هنو‬ ‫‪ -‬أمر آخر‪ :‬هو ّ‬
‫وتُكيمنا كمنا وصنفها اهَّلل ‪‬‬
‫ً‬ ‫الُ َّجة نفسها‪ ،‬وإنَّما ُيسمى طاعنة وات ا ًعنا‬
‫ُ‬

‫بذلك‪ ،‬فقال ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪{ :-‬قُلًّْ إِنْ كُاْلتُدْ لُحم هلون الِقله فَلِلق ِدُوفمي [آل‬
‫عمران‪ ،]31:‬فسماه اهَّلل ات ا ًعا‪.‬‬

‫وقال‪{ :‬منْ يُلمعِ الرَّسُو َ فَََِْ أَاَِع الِقه [النساء‪ ،]80:‬فسمى ق ول ما‬
‫جاء به طاعة‪.‬‬

‫أخذا‪ ،‬وصفه بأنه أخنذ فقنال‪َ{ :‬ملِ نلَلِكُدُ الرَّسُلو ُ فَهُلذَُهُ َملِ‬
‫و ماه ً‬

‫فَهِكُدْ عاْهُ فَِفْتَهُوا [الُشر‪ ]7:‬فال ُيسمى ق ول ما جاء عن الن ي ‪ ‬تقليًُ ا‪،‬‬
‫إِل ْ‬
‫إن كان عل وجه التو ع والتسامح والتذلل‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪394‬‬
‫قوله‬ ‫ومن أحسن تعريفات التقليُ‪ْ :‬‬
‫أن ُيقال‪ :‬التقليُ هو ات اَ َمن لي‬
‫ُح َّجة‪ ،‬فيخرج هبذا ات اَ الن ي ‪‬؛ ّ‬
‫ْلن قوله ُح َّجة‪ ،‬وات اَ قنول الصنُابي‬
‫إن قننول الصننُابي ُح َّجننة علننى مننا هننو الصننُيح ْ‬
‫إن شنناء اهَّلل‪،‬‬ ‫إذا قلنننا‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫شنيء‬ ‫أيضا قول أهل اإلجماَ وه المجتهنُون إذا اتفقنوا علنى‬ ‫ويخرج ً‬
‫ّ‬
‫فإن ات اعه ِل ُيسمى تقليًُ ا‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬من الكالم على التقلينُ خنت كتابنه‬ ‫ِ‬
‫ولما فرغ المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫بالكالم على اِلجتهاد‪ ،‬وعادة اْلصوليين أهن يتكلمون علنى اِلجتهناد‪،‬‬
‫ْلن التقليُ تابع لالجتهاد إِل ّ‬
‫أن المصنف‬ ‫ث يتكلمون بعُه على التقليُ؛ ّ‬
‫اهَّلل‪ -‬قُم الكالم على التقليُ وختمه باِلجتهاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ولعل هذا من الفأل الُسن‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن َمن يُرس هذا الكتاو ويفقهه‬
‫فإن ذلك يكون و يلة إلى وصوله م المستق ل ْ‬
‫إن شاء اهَّلل إلى‬ ‫حق فقهه‪ّ ،‬‬
‫رت ة اِلجتهاد‪.‬‬
‫واِلجتهاد م لغة العرو‪ :‬معناه‪ :‬بذل الجهُ إلدراك ٍ‬
‫أمر شاق‪ ،‬ولهذا‬
‫ُيقال‪ :‬اجتهُ زيُ م حمل الصخرة‪ ،‬وِل ُيقال‪ :‬اجتهُ زيُ م حمنل القلن‬
‫ْلن اِلجتهاد هو بذل الجهُ لتُصيل ٍ‬
‫أمر شاق‪.‬‬ ‫أو م حمل النواة؛ ّ‬
‫والجهُ‪ ،‬الفنرق بنين هناتين اللف تنين؟‬
‫الجهُ َ‬
‫ويفرق أهل اللغة بين ُ‬
‫‪.‬‬ ‫الجهُ هو العمل الذر يقوم به الشخ‬
‫ُ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪395‬‬
‫والجهُ هو اْلثر المكت‪ ،‬عليه‪.‬‬
‫َ‬
‫الجهُ هو الأاقة والقُرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الجهُ فهو المشقة‪.‬‬
‫أ َّما َ‬
‫الجهُ‪،‬‬
‫الجهُ‪ ،‬فيُصل ُ‬
‫الجهُ؟ ُ‬
‫الجهُ أو َ‬
‫وأيهما يتقَُّ م على انخر ُ‬
‫الجهُ‪.‬‬
‫ث يكت‪ ،‬عليه َ‬
‫اهَّلل‪ -‬بأنه‬ ‫ِ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫عرفه ُ‬
‫واِلجتهاد م اصأالح اْلصوليين‪َّ :‬‬
‫(بذل الو ع م بلوغ الغرض)‪.‬‬
‫الجهُ والأاقة‪.‬‬
‫فقوله‪( :‬بذل الو ع) يعني‪ :‬ا تفراغ ُ‬
‫وقولننه‪( :‬فِنني ُب ُلننوغ ا ْل َغن َنرض) يعننني‪ :‬م الوصننول للمقصننود‪ ،‬وهننذا‬
‫تعريف عام ين غي تقييُه بأمرين؛ ّ‬
‫ْلن هذا التعريف يصلح ل نذل‬ ‫ٌ‬ ‫التعريف‬
‫الجهُ م تُصيل أر مقصود‪ْ ،‬لنه قال‪( :‬بذل الو ع م بلوغ العرض)‪.‬‬
‫ُ‬
‫والمجتهننُ ي ننذل و ننعه لتُصننيل َن ٍ‬
‫نرض معننين‪ ،‬فلهننذا ين غنني ْ‬
‫أن‬
‫ُيضناف إلنى التعرينف قينُان‪ ،‬ف ُيقنال‪ :‬اِلجتهناد هنو بنذل الو نع م بلننوغ‬
‫الغرض إلدراك حك ٍ شرعي عملي‪.‬‬
‫فقولنا‪ :‬إلدراك حك شرعي‪ ،‬هذا قيُ‪.‬‬
‫وقولنا‪ :‬عملي‪ ،‬هذا قيٌُ آخر‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪396‬‬
‫اهَّلل‪ -‬تعريف عام يشمل اِلجتهاد‬ ‫ِ‬ ‫وإِل ّ‬
‫المصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫فإن تعريف ُ‬
‫اِلصنننأالحي النننذر يقصنننُه اْلصنننوليون‪ ،‬ويشنننمل َينننره منننن أننننواَ‬
‫مثال فقنُ بنذل ُجهنُه‪ ،‬وا نتفرغ‬ ‫اِلجتهاد‪ّ ،‬‬
‫فإن َمن حمل الصخرة الثقيلة ً‬
‫و عه إلدراك الغرض‪ ،‬فيسقب عليه هذا التعريف‪.‬‬
‫أن نعننرف مألننق اِلجتهنناد‪ ،‬وإنَّمننا نريننُ ْ‬
‫أن نعننرف‬ ‫ونُننن ِل نريننُ ْ‬
‫اِلجتهاد المعين‪ ،‬وهو اِلجتهاد الذر يُصل من المجتهُ إلدراك حك ٍ‬
‫شرعي‪.‬‬
‫فلهذا نقول م تعريف اِلجتهاد عنُ اْلصوليين‪ :‬هنو بنذل الو نع م‬
‫بلوغ الغرض إلدراك حك شرعي عملي‪.‬‬
‫اهَّلل‪ -‬مسألة ع يمة الخأ‪ ،‬وهني المسنألة‬ ‫ِ‬
‫ث ذكَر المصنف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫تصوي‪ ،‬المجتهُ‪ ،‬وتصوي‪ ،‬هنا على الُكاية‪ ،‬هذه هي‬ ‫المشهورة با‬
‫مسألة تصوي‪ ،‬المجتهُ‪.‬‬
‫َان كَامِل ْان َلة فِي ِاِل ْجتِ َهناد فِني‬
‫اهَّلل‪( :-‬فالمجتهُ إِن ك َ‬ ‫ِ‬
‫فقال ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫ان وإِن اجتهُ و َأ ْخ َأأ َفله أجر و ِ‬
‫ِ‬
‫احُ ‪ ) . .‬إلى آخر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أصاو َفل ُه َأ ْج َر َ‬ ‫ا ْل ُف ُروَ َف َ‬
‫اهَّلل‪.-‬‬ ‫ِ‬
‫ما ذكر ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫وقوله‪( :‬المجتهُ) المراد به‪ :‬المجتهُ المألق‪ ،‬وهو النذر لنه قنُرة‬
‫على ا تن اط اْلحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪397‬‬
‫وقُ اتفق اْلصنوليون م هنذه المسنألة علنى ّ‬
‫أن المصني‪ ،‬م مسناال‬
‫شخصا قال‪ :‬اهَّلل ُيرى م انخرة‪ ،‬وقال آخر‪ :‬اهَّلل ِل‬
‫ً‬ ‫اِلعتقاد واحُ‪ ،‬فلو ّ‬
‫أن‬
‫ُيرى م انخرة‪ّ ،‬‬
‫فإن المصي‪ ،‬واحُ باتفاق اْلصوليين‪.‬‬
‫السننَّة والجماعنة ّ‬
‫أن المصنني‪ ،‬هننو َمننن قننال‪ :‬اهَّلل ُيننرى م‬ ‫وعنننُ أهننل ُ‬
‫والسنَّة على ذلك‪.‬‬
‫انخرة بُِللة اْلدلة من الكتاو ُ‬
‫شخصا قال‪ :‬الن ي ‪ ‬يشفع يوم القيامة ْلهنل الك ناار‪ ،‬وقنال‬
‫ً‬ ‫ولو ّ‬
‫أن‬
‫آخر‪ :‬الن ي ‪ِ ‬ل يشفع ْلهل الك اار يوم القيامة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإن المصي‪ ،‬م هذه المسألة واحُ باتفاق علماء اْلصول‪.‬‬
‫السننَّة والجماعنة ّ‬
‫أن المصني‪ ،‬م هنذه المسنألة‪ :‬هنو َمنن‬ ‫وعنُ أهنل ُ‬
‫قال‪ّ :‬‬
‫إن الن ي ‪ ‬يشفع ْلهل الك اار‪.‬‬
‫فهذا مُل اتفاق بين علماء اْلصول ّ‬
‫أن المصي‪ ،‬م مساال اِلعتقاد‬
‫واحُ‪ ،‬واختلف اْلصوليون م المساال العملية هل المصي‪ ،‬فيها واحنُ‬
‫أو ّ‬
‫أن كل مجتهُ مصي‪،‬؟ وذلك على قولين‪:‬‬
‫‪ -‬القول اْلول‪ّ :‬‬
‫أن المصي‪ ،‬م المساال اِلجتهادية واحُ؛ وهذا هو‬
‫مذه‪ ،‬جمهور الفقهاء‪.‬‬
‫أن الن ي ‪ ‬قال‪َ « :‬م ْن‬ ‫وا تُلوا على ذلك بُُيث ع ُ اهَّلل بن عمرو ّ‬
‫ان‪ ،‬ومن اجتَهَُ و َأ ْخ َأ َأ َف َله َأجر و ِ‬
‫ِ‬
‫احٌُ »‪.‬‬ ‫ُ ْ ٌ َ‬ ‫او َف َل ُه َأ ْج َر َ َ ْ ْ َ َ‬
‫اجت ََهَُ َو َأ َص َ‬
‫ْ‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪398‬‬
‫أن المصي‪ ،‬واحُ‪ ،‬ووجنه ذلنك‪ّ :‬‬
‫أن الن ني‬ ‫وهذا الُُيث صريح م ّ‬
‫قس المجتهُين م الُك الشرعي إلى قسمين‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪ -‬القس اْلول‪َ :‬من اجتهُ وأصاو‪.‬‬
‫‪ -‬والقس ن الثنناين‪َ :‬مننن اجتهننُ وأخأننأ‪ ،‬فأث ننت ّ‬
‫أن هننناك َمننن يكننون‬
‫مجتهُ مصي‪ ،‬مع ّ‬
‫أن الن ي‬ ‫ٍ‬ ‫مخأ ًئا م اِلجتهاد‪ ،‬فكيف ُيقال بعُ هذا‪ :‬كل‬
‫‪ ‬أث ت ّ‬
‫أن هناك َمن يكون مخأ ًئا م اجتهاده؟‬
‫ٍ‬
‫مجتهنُ مصني‪،‬؛‬ ‫‪ -‬القول اْلول‪ :‬ومن أدلته ‪ :‬أنننا لنو قلننا‪ّ :‬‬
‫إن كنل‬
‫م مسنألة‪:‬‬ ‫ْلدى ذلك إلى وقوَ التعنارض والتنناقض‪ ،‬فلنو قنال شنخ‬
‫وتناقضا‬
‫ً‬ ‫تعارضا‬
‫ً‬ ‫حكمها اإلباحة‪ ،‬وقال آخر‪ :‬حكمها التُري ‪ ،‬لكان هذا‬
‫ِل تأيت الشريعة بمثله‪.‬‬
‫هذا هو القول اْلول‪ ،‬وهو رأر جمهور الفقهاء‪.‬‬
‫أن كننل مجتهن ٍنُ مصنني‪ ،،‬وهننو مننذه‪،‬‬
‫‪ -‬القننول الثنناين –عكسننه‪ّ :-‬‬
‫جمهور المتكلمين‪ ،‬وعلى رأ ه القاضي ال اقالين‪.‬‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪399‬‬
‫وا تُلوا على ذلك ٍ‬
‫بأدلة‪:‬‬
‫اهَّلل َعنن ُْه ْ – لمنا قنال لهن الن ني ‪َِ « :‬ل‬ ‫ِ‬
‫منها‪ :‬قصة الصُابة – َرض َي ُ‬
‫ُي َص ِّل َي َّن َأ َحٌُ مِنْ ُك ُ ا ْل َع ْص َر إِ َِّل فِي َبنِي ُق َر ْي َ َة» فصنلى بعضنه م الأرينق‪،‬‬
‫ول يصن ِل بعضنه إِل عننُما بلن بنني قري نة‪ ،‬ولن ينكنر الن ني ‪ ‬علنى‬
‫الجميع‪.‬‬
‫أن كننل مجتهن ٍنُ مصنني‪،‬؛ ّ‬
‫ْلن طاافننة مننن الصننُابة‬ ‫فن َّ‬
‫نُل ذلننك علننى ّ‬
‫اجتهُوا فل ينكنر علنيه الن ني ‪ ،‬وطاافنة اجتهنُوا علنى خنالف رأر‬
‫ٍ‬
‫مجتهنُ‬ ‫اْلولين ول ينكر عليه الن ي ‪ ‬ذلنك‪َّ ،‬‬
‫فنُل ذلنك علنى ّ‬
‫أن كنل‬
‫يكون مصي ًا‪.‬‬
‫و ‪ ،‬الخالف م هذه المسألة ومنشؤه‪ ،‬الخالف م مسنألة أخنرى‬
‫أن اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬هل لنه م كنل مسنألة حكن يجن‪ ،‬علنى‬
‫وهي‪ّ :‬‬
‫أن ي ُث عنه ويتقلُه‪ ،‬أو ّ‬
‫أن حك اهَّلل م حنق المجتهنُ هنو منا‬ ‫المجتهُ ْ‬
‫أداه إليه اجتهاده؟‬
‫كمن قال‪ :‬اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬له م كل مسألة حك ٍ معنين‪ ،‬قنال‪:‬‬
‫َ‬
‫المصي‪ ،‬م المساال اِلجتهادية واحُة‪ ،‬و َمن قال‪ :‬حك اهَّلل م حنق كنل‬
‫ٍ‬
‫مجتهُ مصي‪.،‬‬ ‫ٍ‬
‫مجتهُ هو ما أداه إليه اجتهاد قال‪ :‬كل‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪400‬‬
‫والصنواو م هنذه المسنألة هنو منا علينه جمهنور الفقهناء‪ ،‬وهنو‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫المصي‪ ،‬م المساال اِلجتهادية واحُ‪ ،‬وذلك لقوة أدلته ‪.‬‬
‫وقنُ ا ننتعمل بعنض المعاصننرين هنذه القاعننُة‪ ،‬واحتجنوا هبننا علننى‬
‫تصنُيح بعننض انراء المرجوحننة‪ ،‬فننأفتوا بأنننه يجننوز للمننرأة ْ‬
‫أن تكشننف‬
‫وجهها للرجال اْلجان‪،‬؛ ّ‬
‫ْلن هذه المسألة وقنع فيهنا خنالف‪ ،‬والقاعنُة‬
‫" ّ‬
‫أن كل مجتهُ مصي‪."،‬‬
‫وأفتوا بأنه يجنوز نماَ آِلت الأنرو والمو نيقى؛ ْلننه وقنع فيهنا‬
‫أن كل مجتهُ مصي‪ "،‬إلى مساال ُأخر‪.‬‬
‫خالف‪ ،‬والقاعُة " ّ‬
‫أن المصي‪ ،‬واحنُ‪ّ ،‬‬
‫وأن َمنن ت نين لنه‬ ‫والتُقيق م هذه المسألة هو‪ّ :‬‬
‫أن يُنتج علنى ضنُه بوقنوَ الخنالف فينه‪ّ ،‬‬
‫ْلن‬ ‫رجُان قول ل يجنز لنه ْ‬
‫الُ َّجة م اإلجماَ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إن‬ ‫ُح َّجة‪ ،‬وقول ا ُلمصنِّف ‪َ -‬رح َم ُه ُ‬
‫اهَّلل‪ :-‬المجتهُ ْ‬ ‫أ َّما الخالف فلي‬
‫كان كامل انلة م اِلجتهناد م الفنروَ فأصناو فلنه أجنران‪ْ ،‬‬
‫وإن اجتهنُ‬
‫أجر واحُ‪.‬‬
‫فأخأأ فله ٌ‬
‫أن المجتهُ ْ‬
‫إن لن يكنن كامنل انلنة م اِلجتهناد واجتهنُ‬ ‫ُيفه منه ّ‬
‫ْلن فرضه ْ‬
‫إن ل يكن كامل انلة م اِلجتهاد هو التقليُ‪،‬‬ ‫آثما؛ ّ‬
‫فإنه يكون ً‬
‫آثما‪.‬‬
‫وقُ تعُى ما حُ اهَّلل ‪ ‬له فيكون ً‬
‫الشيخ‪ :‬غازي مرشد العتيبي‬ ‫شرح الورقات‬
‫‪401‬‬
‫اجت ََهننَُ‬ ‫ِ‬
‫اهَّلل َعن ُْه َمننا‪َ « :-‬م ن ْن ْ‬
‫قولننه ‪ ‬م حننُيث ابننن عمننرو ‪َ -‬رضن َني ُ‬
‫ان» هذان اْلجران أحُهما على اجتهاده‪ ،‬وانخر علنى‬ ‫و َأصاو َف َله َأجر ِ‬
‫َ َ َ ُ ْ َ‬
‫صوابه‪.‬‬
‫وقوله‪« :‬ومن اجتَهَُ و َأ ْخ َأ َأ َف َله َأجر و ِ‬
‫احٌُ » هذا اْلجر على اجتهاده‪،‬‬ ‫ُ ْ ٌ َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ‬
‫أ َّما خأؤه فيغفر اهَّلل ‪َُ ْ ُ -‬ا َن ُه َو َت َعا َلى‪ -‬له‪.‬‬
‫وهبنذا نكنون بُمنُ اهَّلل قنُ انتهيننا منن شنرح هنذا الكتناو الم ننارك‪،‬‬
‫أ ننأل اهَّلل ‪ْ ‬‬
‫أن يكننون و ننيلة مننن و نناال الزلفننى إلننى اهَّلل ‪ ُ -‬نن ْ َُا َن ُه‬
‫َو َت َعننا َلى‪ -‬والقربننى منننه‪ْ ،‬‬
‫وأن يجعلننه مننن العلنن النننافع‪ْ ،‬‬
‫وأن يغفننر لنننا‬
‫ولوالُينا ولمشايخنا ولجميع المسلمين‪.‬‬
‫‪‬‬

You might also like