You are on page 1of 5

‫األلعاب التقليدية‬

‫األلعاب الشعبية جزء ال يستهان به من عادات أية شعب بما فيه الجزائري‪ ،‬فمن منا ال يحن إلى ذلك الماضي‬
‫البعيد‪ ،‬إلى أرجوحة ركبها أو كرة شارك في صنعها أو عروسة من بقايا قماش كانت هي البداية األولى لرسم‬
‫تقاسيم المستقبل كما يراه صاحبه آنذاك‪ ..‬فهي وما يصاحبها من أناشيد وحركات ولغة وسلوكيات تبقى‬
‫موروثا حيويا من تراث أجدادنا‪.‬‬

‫‪  ‬نعيش في وقتنا الحاضر في عالم متغير يختلف كثيرا عما كان عليه من قبل‪ ،‬إنه عالم تكنولوجيا المعلومات‬
‫المتقدمة والفائقة والرقمية‪ ،‬التي غيرت المجتمع من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي رقمي‪ ،‬فجعلته‬
‫مجتمعا متطورا في جميع المجاالت وجميع التخصصات‪ ،‬وس ّرعت من التعامالت اليومية لألفراد ونشرت‬
‫الكثير من الثقافات الرقمية التكنولوجية حتى أصبحت جزءا ال يتجزأ من العالم الواقعي الحقيقي‪ ،‬كما أن‬
‫تكنولوجيا المعلومات جعلت من المعلومة مجاال اقتصاديا كبيرا وواسعا بدال من اقتصاد المال والمادة وثروة‬
‫المادية‪ ،‬فبعدما استعمل الباحثون والمخترعون التكنولوجيات الرقمية في مجال الحياة اليومية والعملية‪ ،‬بدءوا‬
‫البحث والعمل على استعمالها في الترفيه والتسلية والترويح عن النفس‪ ،‬وهذا ما نتج عنه تطوير ألعاب الفيديو‬
‫وتحديث األلعاب اإللكترونية‪ ،‬التي أنتجت لنا في المجتمعات العربية واإلسالمية شعوبا مجردة من موروثها‬
‫الثقافي والحضاري‪.‬‬

‫وإذا بحثنا عن خيط مشترك بين أطفال الجزائر وأقرانهم عبر العالم أجمع فإننا سنجده في األلعاب الشعبية‪،‬‬
‫فهي وإن اختلفت في المسميات أو في بعض التفاصيل إالّ أن جميعها تكرس القيم االجتماعية التي حرص‬
‫عليها الجزائريون‪ ،‬الحتوائها على كثير من المضامين التربوية الهادفة والتنشئة االجتماعية‪ ،‬وفي خضم هذه‬
‫التغيرات التي يشهدها العالم وما يصاحبه من تطورات تكنولوجية وابتكارات واختراعات أللعاب إلكترونية‬
‫تكاد ال تنقطع‪ ،‬فما أن يتعلق أحدنا بلعبة الكترونية ما إال وظهرت أخرى لتستولي على عقول الكبار قبل‬
‫الصغار‪ ،‬وإعطاء لها أولية أكبر مما تحتاجه الدراسة أو العمل‪ ،‬إلى أن انتهينا بألعاب حملتها لنا مواقع‬
‫التواصل االجتماعي الحديثة‪ ،‬وهنا تتفوق التكنولوجيا لتفرض نفسها وتسحب البساط من تحت األلعاب‬
‫الشعبية‪ ،‬لتجد “اإلخبارية” فرصة لالستطالع حول ومدى تأثير هذه األلعاب االلكترونية في جيل اليوم‪ ،‬وهل‬
‫حقا أصبحت األلعاب الشعبية في عصر التكنولوجيا شيئا من الماضي؟‬

‫الحنين يراود الكبار‬

‫إن األلعاب الشعبية ليست حكرا على الصغار فقط‪ ،‬فالكبار أيضا لهم حظ منها‪ ،‬وهي قاسم مشترك بين‬
‫الصبيان والبنات‪ ،‬فبعضها ألعاب صبيان وبعضها يقتصر على البنات‪ ،‬والبعض اآلخر يشترك فيها الطرفان‪،‬‬
‫ولكل لعبة موسمها ولكل طبيعة جغرافية أو والية‪ ‬أو منطقة من واليات الوطن وألعابها الخاصة بها أيضا‪،‬‬
‫فهذا عمي “العربي” الذي وجدناه بمحله بأحد شوارع العاصمة منهمكا في مهنة الحدادة التي تعلمها عن والده‬
‫رحمه هللا‪ ،‬وهو يهز رأسه مع حسرة على أمس لم يعد بالقريب‪ ،‬لكن رغم ذلك فهو الزال يحتفظ بأحجار لعبة‬
‫“الدومينو” بمحله الذي ال زالت كل زاوية من زواياه تروي حكاية ال تنتهي‪ ،‬كما لم تنسه تجاعيد وجهه‬
‫وشيب رأسه لعبة “السيق”‪“ ،‬الكرة الحديدة”‪“ ،‬شبشاق مريكان” و”الغمايضة” وغيرها من األلعاب‬
‫الشعبية‪  .‬‬

‫ألعاب وهمية‬

‫تسأل حسينة وهي أم لثالثة أطفال أكبرهم ال يتجاوز الثماني سنوات عن المتعة المفقودة في ألعاب الكمبيوتر‬
‫و”البالي ستايشن” فتجيبك قائلة‪“ :‬ال أعرف ما المتعة التي يجنيها أطفالي من هذه األلعاب الوهمية‪ ،‬وال‬
‫يمكنني الوصول إلى حقيقة الطفولة في هذه الشاشة االفتراضية‪ ،‬فمن المستحيل أن يتمكن الطفل من الوصول‪v‬‬
‫إلى تلك المتعة التي الزمتنا في سنوات الصغر‪ ،‬فيما يجيب سمير تلميذ بالمتوسط ابن العشرة أعوام ساخرا‬
‫من هذه األلعاب‪ ،‬أين الجمال في الركض وراء بعضنا مثل المجانين في لعبة بهدف لمس هذا وذاك‪ ،‬وما‬
‫المتعة التي سأجنيها عندما يفشل صديقي في لمسي بعد أنا أُنهكنا أنا وهو‪ ،‬إنها سخافة وال يمكنني أن أمضي‬
‫وقتي في الركض دون فائدة؟‪.‬‬

‫ويبدو أن الكثير من األطفال اليوم يتبنون رأي سمير‪ ،‬وهذا لعدة اعتبارات‪ ،‬فوليد الذي يدرس في المتوسط‬
‫يفضل ورغم صغر سنه األلعاب اإللكترونية على األلعاب الشعبية اليدوية‪ ،‬فضال عما تعرضه مواقع‬
‫التواصل االجتماعي كالفايس بوك من‪ ‬ألعاب كالمزرعة السعيدة الجديدة‪ ،‬حيث‪ ‬تعتبر األلعاب من أهم األشياء‬
‫التي تجعل من زوار‪ ‬الفيس بوك‪ ‬يستمرون باستخدامه خصوصا مع وجود ميزة إرسال الدعوات لألصدقاء‬
‫واللعب الجماعي‪ ،‬فـ”سمير” يضيف أنه ال يمكنه أن يتصور نفسه حامال لمقص مثال وبعض المستلزمات من‬
‫أجل صنع لعبة يدوية ما أو مشاركة زمالئه في المدرسة في حصة األشغال اليدوية‪ ،‬فيما راحت سهيلة‬
‫تشاطره ذلك‪ ،‬مؤكدة أن الحاسوب في الوقت الراهن يمكنه أن يحقق لها المتعة والفائدة من غير ملل وفي‬
‫ظرف وجيز‪.‬‬

‫ألعاب من الماضي‬

‫‪ ‬فيما تتحدث خالتي بركاهم عن عشقها‪ ‬لهذه األلعاب فتتذكر أيام طفولتها عندما كانت تجتمع مع أقرانها في‬
‫ساحة منطقتها وكان كل األطفال يعرفون بعضهم البعض‪ ،‬فيجتمعون بالقرب من البيوت حيث ال يبتعدون‬
‫كثيرا عنها فيلعبون ألعابهم الشعبية المفضلة لديهم بكل أمان وطمأنينة ألنه ال يوجد غرباء بينهم‪ ‬وهو ما ال‬
‫توفره األلعاب الحديثة في نظرها‪ ،‬لذا كان األهالي مطمئنين على أطفالهم عند خروجهم وليس كالوقت الحالي‬
‫يخرج األطفال في الحي وال يعرف أطفال الجيران بعضهم البعض وتخاف العائالت من خروج أبنائهم في‬
‫األحياء الحديثة‪ ،‬بينما كانت األحياء القديمة صغيرة وكل الجيران يعرفون بعضهم البعض ولذا كان األمن‬
‫واألمان وعدم الخوف على أوالدهم عند خروجهم‪ ،‬وتعود خالتي بركاهم لتتحدث عن عشقها فتصف األلعاب‬
‫الشعبية بأنها ألعاب جماعية ساعدت أقرانها على التعارف على بعضهم البعض وتشكيل جماعة من األصدقاء‬
‫الذي يخرجون معا بشكل جماعي‪.‬‬

‫‪“ ‬شكارة بوشونات”‬

‫‪  ‬تعتمد لعبة “شكارة بوشونات” على السرعة والحركة ودقة التصويب‪ ،‬ويشترك فيها مجموعة من األوالد‬
‫على شكل فريقين‪ ،‬ويتراوح عدد كل فريق ما بين ثالثة إلى أربعة العبين فما فوق‪ ،‬حيث يتم إحضار عدد من‬
‫صمامات للمشروبات الغازية‪ ،‬وإذ لم تتوافر يتم االستعاضة عنها بمجموعة من األحجار الصغيرة والتي‬
‫يسهل وضع الواحدة فوق األخرى‪ ،‬ثم يقوم أحد العبي الفريقين ومن مسافة معينة بقذف الكرة التي تكون‬
‫عبارة عن قطعة دائرية تلف بقطعة قماش أو كيس بالستيكي محشو بالحشائش لتكون مرنة‪ ،‬ويتم رمي الكرة‬
‫نحو الصمامات الموضوعة بعضها فوق بعض والتي يصل عددها بين خمسة وسبعة‪ ،‬فإذا نجح الالعب في‬
‫إسقاطها عبر التهديف الصحيح للكرة فتحسب نقطة لفريقه‪ ،‬وإذا أخطأت الكرة الهدف يلتقط بقية الالعبين‬
‫الكرة التي يجب أن تلمس جسد أحدهم لتتحول دفة التصويب على الحصى للفريق اآلخر‪  .‬‬

‫“الكريدة”‬
‫لعبة “الكريدة” يمارسها األوالد والبنات ويشارك فيها العبان إثنان ويتعدى ذلك في مناطق أخرى‪ ،‬تستعمل‬
‫فيها بين خمس وسبع أحجار من الحجم الصغير‪ ،‬تتكون من مراحل مختلفة لكل واحدة منها وقاعدتها الخاصة‬
‫التي يجب االحتكام إليها‪ ،‬حيث يحين دور الالعب الثاني مباشرة عند خسارة األول وهكذا‪.‬‬
‫“الدومينو” رقم واحد بدون منازع‬

‫‪  ‬يلجأ العاصميون شبابا وكهوال إلى لعبة أحجار “الدومينو” سواء في المقاهي أو أمام العمارات والشوارع‪،‬‬
‫على غرار وليد والصادق وعمي موسى والحاج حميد تمشي في عروقهم ويعشقونها حتى النخاع‪ ،‬إذ ال‬
‫يمكنهم االستغناء عنها مهما حصل‪ ،‬خاصة وأنهم كبروا وتربوا عليها‪ ،‬حيث يلعبونها جماعة يحضرون في‬
‫حالة ما إذا اختاروا الشارع مكانا للعب طاولة وكل واحد منهم يحمل كرسيه في يده مع فنجان قهوة أو شاي ثم‬
‫يك ّو نون مجموعة من أربعة أشخاص‪ ،‬ليبدأ بعدها مباشرة اللعب الذي ال يمكن أن ينطلق إال بوجود أحجار‬
‫الدومينو‪ ،‬هي لعبة مشهورة منذ القديم في أوساط الجزائريين‪ ،‬حيث يلعبها الكبار والصغار شباب وشيوخ‬
‫على مدار السنة‪.‬‬
‫ومن الناس من أدمن عليها وبات من المستحيل عليه تطليقها أو التخلي عن لعبها‪ ،‬وليد الذي أكد أنها قد‬
‫استحوذت عليه وال يمكن له أن يتركها أو يتخلى عنها‪ ،‬ولعبة الدومينو يضيف عمي موسى‪ ‬أنها مجموعة من‬
‫القطع على شكل مستطيل عددها ‪ 28‬قطعة‪ ،‬كل قطعة مقسمة إلى جزأين بواسطة خط في المنتصف‪ ،‬وكل‬
‫جزء عليه مجموعة من النقاط أو الدوائر تمثل األرقام‪ ،‬األرقام على كل قطعة تكون بتسلسل معين‪ ،‬كما لو‬
‫كان هناك نرد ولكن له ‪ 7‬أوجه بدال من ‪ ،6‬حيث أنه يحتوى على وجه زائد فارغ ال يحتوي على أرقام وكل‬
‫مرة نلقي فيها النرد مرتان وكل مرة نمثل الرقم الظاهر على النرد في جزء من القطعة‪ ،‬ثم كتابه الرقم اآلخر‬
‫الذي يظهر في الجزء اآلخر وهكذا‪ ،‬كما أن هناك بعض القطع تحتوي على نفس الرقم في كال جزأيها‬
‫وعددهم ‪ 7‬قطع‪.‬‬

‫‪“ ‬الغمايضة”‬

‫‪“  ‬الغمايضة” لعبة يلعبها األطفال‪ ،‬يبدأ أحدهم بالعد ووجهه على الحائط بينما يختبئ باقي األطفال في أماكن‬
‫مختلفة‪ ،‬وبعد أن ينتهي من العد يذهب للبحث عنهم‪ ،‬وعندما يرى أحدهم يقبض عليه ويضع يده على مكان‬
‫العد‪ ،‬وإذا رآه الالعب وسبقه لذات المكان العد يكون قد تغلب عليه حتى تنتهي اللعبة‪ ،‬ومن تم معرفة مكان‬
‫اختبائه باألول يعد وهكذا دواليك‪ ،‬ويختلف اسم اللعبة وقواعدها من منطقة إلى أخرى‪.‬‬

‫‪ ‬لعبة “السيڤ”‬

‫‪  ‬تعد لعبة “السيڤ” من أقدم األلعاب التقليدية التي تستهوي الكبار والصغار بالجنوب الجزائري‪ ،‬سواء في‬
‫البوادي أو في المدن‪ ،‬نظرا لروح التنافس التي تتطلبها هذه اللعبة التي تتحكم في نتائج الفوز فيها أو الخسارة‬
‫قطع األخشاب‪ ،‬وإذا كان الصغار قد هجروا هذه اللعبة مع مرور الزمن لظهور ألعاب أخرى أكثر جاذبية‬
‫لهم‪ ،‬فإن الشيوخ مازالوا متشبثين بها يقضون بها أوقات فراغهم‪ ،‬وتبدأ اللعبة بتجمع الشيوخ ويتوزعون إلى‬
‫مجموعتين تضم من شخصين إلى أربعة‪ ،‬وتعتمد هذه اللعبة على ‪ 6‬قطع خشبية باطنها يكون أبيض‬
‫وظاهرها أخضر أو أسود‪ ،‬وعلى مستطيل يتم رسمه وتوزيعه إلى ثالثة خطوط على الطول و‪ 12‬خانة أو‬
‫يزيد على العرض في شكل مستطيالت صغيرة‪ ،‬وتضع كل مجموعة قطع حجارة صغيرة مختلفة عن بعضها‬
‫البعض في الخط الذي يليها‪ ،‬ويترك خط الوسط فارغا تتحرك فيه الحجارة‪ ،‬ويتم اعتماد القرعة لتعيين‬
‫المجموعة التي تبدأ اللعبة‪ ،‬حيث يضم الالعب القطع الخشبية الست ثم ينثرها على األرض‪ ،‬وال يبدأ الالعب‬
‫بتحريك حجارته داخل الخط الفارغ‪ ،‬إال إذا تحصل على ضربة “السيڤ”‪ ،‬وهو أن تأتي ثالث قطع ظهرها‬
‫إلى األرض وثالث قطع بياضها إلى األرض أي العكس‪ ،‬وتبقى اللعبة تخضع للوضعيات التي تظهر عليها‬
‫القطع الخشبية بعد نثرها ولكل حالة تسمية وكل وضعية لها أفضلية على أخرى‪ ،‬وتعطي الالعب الحق في‬
‫تحريك حجارته باتجاه خصمه والقضاء على عدد من حجارته‪ ،‬والذي يتمكن من القضاء أو “قتل” حجارة‬
‫غيره يفوز باللعبة‪ .‬وعادة ما يصاحب اللعبة الصراخ والجدال‪.‬‬
‫الكرة الحديدة‬

‫تعد لعبة الكرة الحديدية من األلعاب المتعارف عليها في عدة مناطق من الجزائر وهي ممتعة وجميلة ومن‬
‫ألعاب التحدي واإلثارة‪ ،‬المهمة فيها هي رماية الكرة الحديدية نحو األهداف‪ ،‬مع محاولة قنص كل األهداف‬
‫بدون سقوط الكرة الحديدية في األرض‪ ،‬ويعكف هواة هذه الرياضة على تنظيم دورات ما بين األحياء وحتى‬
‫البلديات المجاورة لكسر الروتين اليومي القاتل‪ ،‬والذي يفضل الكثير منهم تمضيته في لعب الكرة الحديدية كل‬
‫مساء خاصة في السهرات الرمضانية‪ ،‬فيما يفضل آخرون التوجه إلى شواطئ البحر أو المتنزهات العمومية‬
‫والفضاءات الخضراء‪ ،‬حيث تعد المتنفس الوحيد لهم‪.‬‬

‫‪“ ‬ال ماغين”‬

‫“ال ماغين” تعتبر لعبة خاصة بالبنات فقط‪ ٬‬حيث ترسم على أرض ست أو ثماني خانات متساوية والسابعة أو‬
‫التاسعة على شكل نصف دائرة‪ ،‬وتقوم إحدى البنات برمي حجر في أول بيت أو خانة وتركله وهي تحجل إلى‬
‫البيت الذي يليه‪ ٬‬وهكذا إلى البيت الرابع‪ ،‬حيث يحق لها االستراحة قليال ثم تواصل اللعبة إلى أن تنتهي إلى‬
‫الخانة أو البيت األخير‪ ،‬وإذا وضعت رجلها على األرض أو جاء الحجر على أحد الخطوط فإنها تخرج من‬
‫اللعبة‪ ،‬وفي النهاية ترمي البنت إلى الخلف من فوق رأسها‪ ،‬وتستمر اللعبة هكذا إلى أن تحصل إحداهن على‬
‫أكبر عدد من البيوت‪.‬‬

‫رغم ذلك‪ ..‬مرافق التسلية لها روادها‬

‫زيارتنا لحديقة التسلية ببن عكنون نهاية األسبوع لم تكن من باب الصدفة‪ ،‬بل للوقوف عند مدى إقبال‬
‫العائالت الجزائرية على مثل هذه المساحات ومرافق التسلية والترفيه‪ ،‬حيث فوجئنا بالعدد الهائل لألطفال‬
‫الذين احتضنتهم هذه الحديقة العمومية والوحيدة على مستوى الجزائر العاصمة بالنظر لمساحتها وما توفره‬
‫من ألعاب مختلفة‪ ،‬هم براعم صغار قدموا من مختلف األماكن والمناطق بمعية أوليائهم تعلوهم السعادة وهم‬
‫يمتطون األحصنة ويسرحون ويمرحون بل ويقفزون هنا وهناك‪ ،‬وسط أقرانهم من الصغار الذين فضلوا‬
‫قضاء نهاية األسبوع خارج البيت وبعيدا عن جهاز الكمبيوتر ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬حيث أشارت لنا‬
‫إحدى السيدات أنها تكاد تجن من تصرفات ابنها الذي يكاد ال يفارقه مستغرقا وقتا مطوال في اللعب والبحث‪،‬‬
‫خاصة عندما ترى أن كل هذا يحدث على حساب دراسته الذي لم يعد يولي لها اهتماما أكبر‪ ،‬إلى أن انتهى بها‬
‫األمر بالقول “كثيرا ما أندم على اليوم الذي فكرت فيه إهداءه له يوم نجاحه في شهادة المتوسط”‪ ..‬وأمثالها‬
‫ليس بقليل‪ ،‬فالجد رابح الذي بلغ من العمر عتي هو اآلخر يقول إنه أصبح في نظر أحفاده “رجل قديم تجاوزه‬
‫الزمن وأكل الدهر عليه وشرب”‪ ،‬كلما جمع أحفاده ليعلمهم لعبة من األلعاب الشعبية‪.‬‬

‫إن االنتشار الواسع لأللعاب اإللكترونية وزيادة الساعات المصروفة من قبل األطفال في اللعب‪ ،‬بدأ يثير القلق‬
‫من قبل المربين واألولياء وعلماء النفس وعلماء االجتماع حول آثارها سواء النفسية منها أم االجتماعية‪ ،‬وهو‬
‫ما ذهب إليه‪ ‬الدكتور في‪ ‬علم نفس التربوي مها حسني الشحروري‪ ،‬حيث يشير إلى أن‪ ‬هذا الموضوع أصبح‬
‫مثار جدل قائم عند العلماء فيما يخص سلبياتها وايجابياتها‪ ،‬فاللعبة اإللكترونية ليست تسلية بريئة بل هي‬
‫وسيلة إعالمية تتضمن رسائل مشفرة ومرمزة يهدف المرسل من خاللها إلى تحقيق أهداف وغايات ثقافية‬
‫وسياسية ودينية‪ ،‬فقواعد اللعبة تفرض على الالعب تقمص الشخصية المفروضة عليه وانغماس في واقع‬
‫معين من الحرب الفكرية أو العسكرية أو الثقافية أو األيديولوجية‪ ،‬ويضيف ـ الشحروري ـ أن الخطورة تكمن‬
‫أيضا في إمكانية تقريب الالعب بين الخيال والواقع إلى درجة أنه يحاول تطبيق مضامين هذه األلعاب في‬
‫حياته اليومية‪ ،‬مما يعني تنميط السلوك على النحو الذي يرغب فيه صانعو هذه األلعاب‪.‬‬

‫مختصون‪ :‬التكنولوجيا بريئة‪..‬العيب فينا‬


‫وحول األبعاد المهمة الستمرارية صناعة مثل هذه األلعاب‪ ،‬تقول الدكتورة وأستاذة التعليم العالي بالجزائر‬
‫المختصة في اإلعالم واالتصال رشيدة سبتي في حديثها إلى “اإلخبارية”‪ ،‬إنها ألعاب جماعية تساعد الطفل‬
‫على االندماج في مجتمعه ومع أبناء منطقته وجيله من أبناء األقارب والجيران‪ ،‬عكس ألعاب الفيديو التي‬
‫تحث على االنعزال والعنف وتشجع على التمرد على قيم المجتمع الجزائري بحكم أنها مستوردة تنقل ثقافات‬
‫غربية‪ ،‬لكن أطفالنا اليوم ـ تضيف سبتي ـ مع وجود هذه األلعاب التقنية التي تعرضها التكنولوجيات الحديثة‬
‫أصبحوا ال يعرفونها فقط ويكن إعادة إحياؤها بمبادرة من األسر ومؤسسات التنشئة االجتماعية خاصة منها‬
‫الثقافية‪ ،‬فهذه األلعاب تعتبر في نظرها أيضا ألعابا اجتماعية تساعد الطفل على التعارف وتكوين الصداقات‬
‫وهي ألعاب تع ّو د الطفل على االعتماد على نفسه وغالبا ما يقوم الطفل بصناعة ألعابه بنفسه‪ ،‬فيتعلم كثيرا من‬
‫المهارات كاالبتكار وتعلم المهارات الحرفية والحركية‪.‬‬

‫ومن المميزات األخرى لأللعاب الشعبية التي تتحدث عنها األستاذة‪ ،‬أنها تعلم األطفال الجرأة والشجاعة‬
‫وبعض األلعاب تنمي مهارات التفكير لديهم واألخرى تنمي المهارات الحركية لدى األطفال وأيضا تنمي هذه‬
‫األلعاب لدى األطفال الدقة واحترام القواعد واألنظمة‪ ،‬وقبول األمر الواقع وتقبل الهزيمة بروح رياضية‬
‫والتحدي بأسلوب مسالم بال عدوانية‪.‬‬

‫المرجع‪ :‬موقع ‪/https://www.elikhbaria.com‬‬

You might also like