You are on page 1of 86

‫مسي‬

‫جوليم بالغي‬

‫ة‬ ‫ت‬
‫(عص� الكتب)‬
‫ي‬ ‫ج�ميع لسلسل مقاالت‬
‫لك� ن‬ ‫أ‬
‫الديد) ال ت‬ ‫ً‬
‫و�‬
‫ي‬ ‫(العر�‬
‫بي ج‬ ‫موقع‬ ‫عن‬ ‫نقال‬
‫ً‬ ‫ض‬
‫ت� أجزاءا من الكتاب و أمه ما جاء فيه‬

‫ترجمة و إعداد ‪ :‬محمد الفويل‬

‫‪D‬‬‫‪SHAM‬‬

‫تجميع و تصميم و نرش (ألكرتوين) ‪D_SHAM‬‬


‫ميس‬
‫جوليم بالغي‬
‫(ملخص)‬

‫ترجمة و إعداد ‪ :‬محمد الفويل‬


‫النارش ‪ :‬موقع ا لعريب الجد يد‬
‫تجميع و نرش (ألكرتوين) ‪D_SHAM :‬‬

‫‪D‬‬‫‪SHAM‬‬
‫البد منها‬
‫مقدمة ّ‬
‫كل مهتم يف العامل العريب بالقراءة ‪ ,‬يف أي مجال ‪ ,‬يعلم جيّد ا ً (و يعاين أيضاً) ش ّحة الكتب املرتجمة ‪ ,‬و َمن‬
‫الس َي الشخصية للرياضيني سيجد أنّها شحيحة جد ا ً أل ّن دور نرشنا غري‬ ‫يبحث تحديد ا ً عن الكتب الرياضية و خاصة ِ‬
‫مهتمة برتجمتها ألسباب كثرية ‪.‬‬

‫لفتني أ ّن موقع (العريب الجديد) األلكرتوين ينرش سلسلة مقاالت تحت عنوان (عصري الكتب) ‪ ,‬و هي أكرث من سلسلة ‪ ,‬كل‬
‫سلسلة تتناول كتاب غري موجود عىل النت و غري مرتجم إىل العربية ‪ ,‬املقاالت تنقل أهم ما جاء يف الكتب و ليس كل الكتاب ‪.‬‬

‫يف البداية بــدأت بجمع املــقــاالت للقراءة الشخصية ‪ ,‬ثــم نضجت ببايل فكرة أن أجمعها بطريقة حرفية‬
‫نوعاً ما ‪ ,‬و نرشها للقارئ العريب ‪ ,‬أل ّن املكتبة العربية الورقية و األلكرتونية فقرية جــد ا ً بهذا النوع من‬
‫الكتب ‪ ,‬و بــدأت بهذا الكتاب ‪ ,‬عىس أن أح ـ ّول كل سلسلة من السالسل املنشورة إىل كتاب يف قــادم األيــام ‪.‬‬

‫وضعت يف غالف الكتاب إسم كاتب و مع ّد كل سلسلة من املقاالت ‪ ,‬لألمانة و إحرتام الجهد و املهنية ‪ ,‬و جمعت النصوص‬
‫و الصور كام هي ما عدا استبدال بعض الصور ألسباب ذوقية فقط ‪ ,‬و أردت التواصل مع املوقع و مع الكتّاب و لكن سيأخذ‬
‫املوضوع وقتاً طويالً و أيضاً ج ّربت يف السابق التواصل بخصوص مقاالت من هذا النوع يف موقع ألكرتوين آخر و مل يرد أحد‬
‫‪ ,‬فستكون هذه املقدمة مبثابة ورقة إستئذان ‪ ,‬و أو ّد أن أُعلِ َمهم أ ّن هذا العمل كام أرشت يف الغالف و يف الصفحة األوىل‬
‫هو (نرش ألكرتوين) ‪ ,‬فقط ألجل القارئ العريب عىل األنرتنت ‪ ,‬ال يُراد ِمنه أي فائدة تجارية ‪ ,‬و الله عىل نياتنا خري شاهد ‪.‬‬

‫فشكرا ً لكل كاتب أع ّد سلسلة من سالسل (عصري الكتب) و ترجم كتاباً و أثرى املحتوى العريب الريايض بهذا النوع ِمن‬
‫الكتب و كرس إحتكار دور النرش ‪ ,‬و الشكر موصول أيضاً ملوقع (العريب الجديد)‪.‬‬

‫بالنسبة لهذا الكتاب ‪ ,‬املقاالت التي لخّصته‪ ,‬تتناول أهم محطات ليو منذ والدته و حتى نهاية موسم ‪ ,٢٠١٣‬بطريقة‬
‫مخترصة و وافية تغني عن الكثري من الكتب و األفالم الوثائقية عن الالعب ‪.‬‬

‫‪٢٠١٩-٣-١٥‬‬
‫‪D_SHAM‬‬

‫‪3‬‬
‫ا لمحتو يا ت‬
‫ميسي الذي نجا من الموت جنينا ً ‪6 ..............................................................................................‬‬
‫الجدة سيليا وملعب جراندولي ‪8 ..................................................................................................‬‬
‫ليو في المدرسة ومغامرات الجيش ‪10 ...........................................................................................‬‬
‫أسطورة طفل نيولز أولد بويز ‪12 ..................................................................................................‬‬
‫أزمة هرمون النمو ‪14 ............................................................................................................‬‬
‫لغز اختفاء “المايسترو” ‪16 ......................................................................................................‬‬
‫انتظار ريكساش والنهاية السعيدة ‪18 .........................................................................................‬‬
‫مباراة التنس التي غيرت تاريخ الكرة ‪20 ........................................................................................‬‬
‫البداية الكتالونية ‪22 ................................................................................................................‬‬
‫فيالنوفا ومقالب الحارس الشخصي بيكيه ‪24 ..................................................................................‬‬
‫“موسم القناع” وخطيئة أرسنال ‪26 .............................................................................................‬‬
‫أرواح ميسي األربع ومواجهة راموس األولى ‪28 .............................................................................‬‬
‫ريكارد وفرصة ميسي ‪30 .........................................................................................................‬‬
‫‪.‬فشل إسبانيا ودور بييلسا مع “ميتشي” ‪32 ..................................................................................‬‬
‫االنطالقة الكتالونية والهدف األول ريكارد ورونالدينيو ‪34 .....................................................................‬‬
‫مونديال الشباب ‪ 2005‬وركالت المصريين ‪36 ...............................................................................‬‬
‫بطاقة حمراء وبكاء و”صيف إيطالي” متوتر ‪38 ...............................................................................‬‬
‫أزمة ميسي ومورينيو والمسرح الكتالوني ‪40 ..................................................................................‬‬
‫ميسي يبكي مجددا في باريس ‪42 ................................................................................................‬‬
‫مونديال ‪ 2006‬وإهانات متنوعة بحق ليو ‪44 .................................................................................‬‬
‫”هاتريك” الكالسيكو وهدف خيتافي المارادوني ‪46 ..........................................................................‬‬
‫ميسي ولعنة اإلصابات ‪48 .........................................................................................................‬‬
‫البورتا يجعل ميسي أساس البرسا ‪50 ..........................................................................................‬‬
‫أزمة أولمبياد بكين وملحق دوري األبطال ‪52 ..................................................................................‬‬
‫غوارديوال يبدأ في صقل األسطورة ‪54 ........................................................................................‬‬
‫رباعية بايرن والمهاجم الوهمي وسداسية البرنابيو ‪56 .....................................................................‬‬
‫نهائي روما وبداية عداوة ميسي ورونالدو ‪58 ................................................................................‬‬
‫الكرة الذهبية ومونديال األندية ‪60 ..............................................................................................‬‬
‫إبراهيموفيتش وجوارديوال‪..‬عالقات شائكة ‪62 ................................................................................‬‬
‫أزمة مارادونا ومونديال ‪64 ............................................................................................. 2010‬‬
‫إسبانيا تهاجم ليو ميسي ‪67 .....................................................................................................‬‬
‫مورينيو وموسم مليء بالمواجهات ‪69 .........................................................................................‬‬
‫“الشيطان” ميسي ونهائي ويمبلي ‪71 .........................................................................................‬‬
‫ميسي غريب في بالده ‪73 .........................................................................................................‬‬
‫بداية مستفزة ومونديال األندية والكرة الذهبية الثالثة ‪75 ...................................................................‬‬
‫“الطفل البطل” ووداع بيب غوارديوال ‪77 ......................................................................................‬‬
‫فيالنوفا يقود القافلة وميسي يقابل “الوجه اآلخر” للكرة ‪79 ...............................................................‬‬
‫الطريق نحو سباعية بايرن ميونخ ‪81 ...........................................................................................‬‬
‫تاتا مارتينو ‪ ..‬رسول الوطن ‪83 .................................................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫ميسي الذي جنا من املوت جنيناً‬

‫يف الرابع والعرشين من يونيو‪/‬حزيران ‪ 1987‬ووسط أزمة اقتصادية وسياسية كانت تعصف باألرجنتني‪ ،‬وبعد عام تقريبا‬
‫من رفع مارادونا كأس العامل يف األرجنتني ولد ليونيل أندريس مييس‪ ،‬ولكن قدومه للحياة مل يكن بهذه السهولة‪.‬‬
‫كانت العائلة يف حالة قلق ألن األطباء أخربوهم أنه رمبا توجد حاجة الستخدام أسلوب التوليد بالشفط عن طريق امللقط‬
‫الطبي‪ ،‬وهو األمر الذي كان رمبا تنتج عنه وفاة الجنني‪ ،‬ولكن لحسن الحظ مل يحدث األمر‪ ..‬القلق كان فقط بسبب تغري‬
‫لون برشة الطفل عن املعتاد‪ ،‬ووجود انثناء يف األذن‪ ،‬قال املختص نوربرتو أوديتو للعائلة إنه سيزول بعد أيام وهو ما حدث‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫أظهر االبن الثالث لخورخي مييس وسيليا كوتشيتيني منذ الصغر أنه كان مختلفا‪ ،‬ومل ال؟ األمر ال يتعلق فقط بأنه بدأ السري‬
‫وعمره تسعة أشهر‪ ،‬بل بأنه كان دامئا يتبع الكرة يف أي مكان مع أخويه مبنزل العائلة يف مدينة روساريو‪ ..‬ليس هذا فقط‬
‫بل كان يتجرأ عىل الخروج للشارع ألن باب منزل العائلة كان دامئا مفتوحا‪.‬‬
‫مرت دراجة هوائية واصطدمت بذلك الطفل يف أحد األيام‪ ،‬لقد بىك كثريا ولكنه لحسن الحظ مل يصب بأذى‪ ..‬لقد كان ذراعه‬
‫متورما بعض اليشء وكان هذا األمر قبل عيد ميالده األول بقليل‪ ،‬ذلك الذي حصل فيه عىل قميص نيويولز أولد بويز ثم‬
‫حصل بعدها بعامني يف عيد ميالده الثالث عىل أول كرة تخصه‪.‬‬
‫أصبح عمر مييس أربعة أعوام وبدأ يف الخروج ولعب الكرة يف الشارع مع األقارب وحول هذا األمر يقول يف حوار مع مجلة‬
‫(سوهو) الكولومبية “كانت والديت ترتكني أخرج للعب الكرة‪ ،‬ولكن أنا كنت األصغر بني الجميع‪ ،‬لذا كانت تراقبني دامئا‬
‫عن بعد”‪.‬‬
‫كان ليو ينام دامئا والكرة بني أحضانه أو باألدق بني قدميه‪ ..‬أفضل نوم يحصل عليه كان حينها‪ ،‬إذا ما حاول أحدهم تحريك‬
‫الكرة كان يشعر بالقلق‪ ،‬كام لو كانت تشعره بنوع من الطأمنينة‪ ،‬الكرة بالنسبة له كانت مثل الخبز‪ ..‬يجب أن تكون يف‬
‫أي وجبة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫حينام كانت والدته ترسله لقضاء حاجة للمنزل‪ ،‬مل تفارقه الكرة أيضا وكانت الرشط واضحا ومعروفا “إذا مل يسمح يل بأخذ‬
‫الكرة‪ ،‬فلن أذهب”‪ ..‬يف بعض األحيان كان يرضخ‪ ،‬ولكنه كان يجد حال كان يبتكر كرة من الحقائب أو الجوارب أو أي يشء‪.‬‬

‫يكشف خورخى عن اللحظة التي بدأ الجميع يف إدراك موهبة ليو يف حوار ويقول “كنت ألعب مع كل أبنايئ يف الشارع‬
‫وابني رودريغو كان يسري بها‪ ،‬ليو كان يف املنتصف يالحقه ويف لحظة ما مد قدمه وانتزعها‪ ،‬جميعنا شعرنا بالدهشة ونظرنا‬
‫إىل بعضنا‪ ،‬مل يقل له أحد أبدا كيف ميكن يفعل هذا‪ ،‬لقد كانت ترصفا طبيعيا من جانبه”‪.‬‬

‫يضيف خورخى “حينام كان عمره أربع سنوات اتفق الجميع أنه كان مختلفا‪ ،‬كان ينفذ مهارات أكرب من سنه وينام بالكرة‬
‫أسفل قدمه‪ ،‬مل ميكننا تصديق هذا‪ ،‬كرب قليال وبدأ يف اللعب مع من هم أكرب سنا منه بخمس وسبع سنوات‪ ،‬ولكنه كان‬
‫قادرا عىل الرقص بهم جميعا‪ ،‬إنها موهبة‪ ،‬يشء ولد معه”‪.‬‬

‫مل يكن ليو‪ ،‬ذلك الفتى الذي كان دامئا األصغر حجام بني الجميع‪ ،‬واألكرث مهارة بينهم‪ ،‬يحب أبدا الخسارة‪ ،‬ال يف كرة القدم‬
‫وال غريها حيث تقول والدته سيليا كوتشيني “حينام كنا نلعب باألوراق‪ ،‬إذا خرس كان يبعرثها كلها‪ ،‬شخصيته قوية للغاية‪،‬‬
‫وأعتقد أنه اكتسبها مني ووالده”‪.‬‬

‫يعرتف مييس بنفسه بهذا األمر‪ ،‬حيث يقول يف حوار نرشته صحيفة (الغرافيكو) “يف مرة تشاجرت مع ابن عمي يف منزله‬
‫بسبب اللعب‪ ،‬كانت جديت موجودة أيضا‪ ،‬الجميع كانوا ضدي وعاقبوين بإخراجي من املنزل‪ ،‬حينها بدأت يف إلقاء الحجارة‬
‫عىل الباب وركله”‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫اجلدة سيليا و ملعب جراندولي‬

‫كان ليو يرغب يف لعب الكرة دامئا سواء يف امليدان أو يف الشارع‪ ،‬وحده أو مع أقاربه‪ ،‬ومع فريق وبزي ريايض كامل أيضاً‪،‬‬
‫لذا حينام بلغ عمره خمس سنوات أدهش الجميع‪ ،‬وقبل ارتياده املدرسة بدأ يف اللعب لفريق الحي الذي كان يعرف باسم‬
‫جراندويل‪ ،‬والذي أسسته مجموعة من اآلباء عام ‪ 1980‬لتأهيل الفتية الصغار يف املنطقة‪.‬‬

‫يعود جانب كبري من الفضل يف هذا لجدته سيليا التي كانت دامئاً ما تصطحبه مللعب جراندويل ملشاهدة شقيقيه ماتياس‬
‫ورودريغو يلعبان‪ ،‬وليس هذا فحسب بل إنها كانت السبب الرئييس يف انضاممه لذلك النادي الشعبي الصغري‪.‬‬

‫يف أحد األيام كانت الجدة سيليا بصحبة مييس يف ملعب جراندويل حيث كان سلفادور ريكاردو أباريسيو‪ ،‬مدرب فريق‬
‫مواليد ‪ ،1986‬والذي سيصبح الحقا أول مدرب لليو‪ ،‬ينقصه العب لبدء مباراة‪ ،‬وهنا بدأت الجدة يف الرصاخ “اسمح له‬
‫باللعب‪ ،‬ضعه يف الفريق! اسمح له باللعب”‪.‬‬

‫نظر أباريسيو لضآلة حجم مييس صاحب الخمس سنوات‪ ،‬والذي كان يصغر العبي هذا الفريق جميعا بعام ثم قال “حسنا‬
‫سأدخله ولكن إذا بدأ يف الرصاخ والبكاء والخوف سيخرج”‪ ..‬الحقيقة أن ما رآه السيد أباريسيو مل يكن رائعا يف البداية‪ ،‬فمع‬
‫أول كرة مررت لليو تركها تعرب من جانبه دون أن يفعل شيئا‪.‬‬

‫رفع أباريسيو حاجبيه وكأمنا يقول “كنت عىل حق”‪ ،‬ولكن ما رآه يف ثاين كرة وصلت ملييس كان أغرب‪ ..‬الكرة تصل له‬
‫ثم يأخذها وينطلق لرياوغ كل من يف طريقه‪ ،‬كام يفعل يف يومنا هذا‪ ،‬يقرتب من املرمى واملدرب يرصخ “سددها يا ليو‪،‬‬
‫سددها!” ولكن ليو ال يسدد لتخرج الكرة‪ ..‬نظرة واحدة من أباريسيو البتسامة الجدة سيليا بعد هذا األمر جعلت مييس‬
‫العبا يف كل ما تبقى من مباريات العام لجراندويل يف فريق تلك الفئة العمرية األكرب منه يف السن‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫يقول أباريسيو عن مييس “أنا مل أكتشفه‪ ،‬بل كنت أول من أدخله امللعب‪ ،‬بالنسبة يل هذا أمر يدعو للفخر‪ ،‬لقد كان يسجل ستة أو‬
‫سبعة أهداف يف كل املباريات‪ ،‬كان يتمركز يف منتصف امللعب وينتظر تسديد حارس الخصم للكرة ثم يقطعها وينطلق للمراوغة‪،‬‬
‫لقد كان شيئا خارقا للطبيعة‪ ،‬كان الكل يتجمع من أجل مشاهدته‪ ،‬كان رهيبا ومل يقدر أحد عىل إيقافه‪ ..‬كيف كان يلعب؟ مثل‬
‫اآلن! بكل حرية‪ ،‬إذا ما تتعرض للرضب رمبا كان يبيك ولكنه كان ينهض رسيعا من أجل مواصلة اللعب”‪.‬‬

‫يوجد من يعجبه القول عىل سبيل االستفزاز إنه يجب رؤية إذا ما كان مييس قادرا عىل التألق يوم األربعاء ليال يف شتاء ثلجي‬
‫ومبتل يف مباراة مبدينة ستوك اإلنجليزية‪ ..‬رمبا يجب عىل هؤالء رؤية امللعب غري املستوي واألحجار وقطع الزجاج الصغرية التي‬
‫كانت موجودة يف أرض جراندويل‪ ،‬والذي كان ميكن اللعب فيه ليال فقط‪ ،‬عىل الرغم من اإلضاءة املنخفضة املوجودة به‪ ،‬ألنه نهارا ً‬
‫يستخدم كمدرسة‪.‬‬

‫يقول مييس عن الجدة سيليا يف حوار مع صحيفة (املوندو ديبورتيفو) “لقد كانت طيبة للغاية‪ ،‬تعيش من أجل أحفادها‪ ،‬مل تكن‬
‫ترفض لنا طلبا‪ ،‬كنا نتشاجر جميعا للنوم يف منزلها‪ ،‬ال أعرف إذا ما كانت جديت تفهم يف كرة القدم أم ال‪ ،‬ولكن هي من كانت تصحبنا‬
‫جميعا للتدريبات‪ ،‬لقد كانت أول مشجعة يل يف التدريبات واملباريات”‪.‬‬

‫يعرتف ليو بفضل الجدة سيليا عليه كثريا؛ لذا فإن إصابتها بالزهامير ووفاتها يف ‪ 1998‬حينام كان مييس عىل وشك إمتام عامه الحادي‬
‫عرش أثرت عليه كثريا‪ ،‬خاصة أنها كانت أحد األسباب الرئيسية يف عالقته املستمرة بكرة القدم‪ ..‬لقد كان رحيلها أشبه بانتزاع جزء‬
‫من روحه‪.‬‬

‫مل تشاهد الجدة سيليا أي من أمجاد مييس الالحقة‪ ،‬ولكن ليو الذي يؤمن بوجود الرب دون مامرسة أي شعائر يظن دامئا أنها تراقبه‬
‫من مكان ما يف السامء؛ لذا يرفع إصبعيه دامئا ألعىل عقب تسجيل األهداف كأمنا يقول لها “كل هذا من أجلك”‪.‬‬

‫مييس بنفسه تحدث عن هذا األمر يف حوار مع صحيفة (املوندو ديبورتيفو) حيث رصح “أفكر كثريا فيها‪ ،‬لهذا أهدي األهداف التي‬
‫أحرزها لها‪ ،‬كنت أمتنى أن تتواجد هنا وتشاهدين أنترص‪ ،‬ولكن هذا األمر مل يحدث وهو أكرث ما يحزنني”‪.‬‬

‫مل تكن الجدة سيليا وحدها هي صاحبة التأثري يف حياة مييس‪ ،‬بل والده خورخي كذلك‪ ،‬والذي فشل يف أن يصبح العبا محرتفا ولكنه‬
‫نقل الشغف بكرة القدم لكل أوالده‪ ،‬حتى إنه درب مييس يف فريق مواليد ‪ 1987‬بجراندويل وفاز معه بكل يشء يف العام الوحيد‬
‫الذي عمل فيه كمدير فني قبل أن ينهي عالقته بالنادي الصغري‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ليو يف املدرسة ومغامرات اجليش!‬

‫كان ليو ينظر لالنتظام يف املدرسة كوسيلة للسامح له مبزاولة ما يحب وهو كرة القدم‪( ..‬الس هرياس) هي مدرسته األوىل‬
‫وكانت قريبة للغاية من املنزل عىل بعد أمتار قليلة منه‪ ،‬وكانت الجدة سيليا كالعادة هي املسؤولة عن اصطحابه إليها‬
‫وعودته للمنزل‪ ،‬يف سنواته األوىل‪.‬‬

‫تقول مونيكا داميان‪ ،‬التي د ّرست مييس يف سنواته األوىل باملدرسة “لقد كان طفال هادئا للغاية‪ .‬كنا نحاول مساعدته‪ ،‬ولكن‬
‫األمر مل يكن يتعلق بعدم مقدرته عىل القيام بكل يشء‪ ،‬بل عدم وجود رغبة منه ألنه كان مهتام بيشء آخر‪ .‬كان يفكر فقط‬
‫يف كرة القدم‪ .‬ال يعني هذا أنه كان طالبا سيئا بل عاديا”‪.‬‬

‫الكرة جعلت مييس محبوبا للغاية بني كل تالميذ املدرسة‪ ،‬حيث تقول داميان “كل األصدقاء كانوا يعاملونه كأمري‪ ،‬واختاروا‬
‫وضعه يف وسط صورة الفصل‪ .‬الجميع كانوا يحبونه وينتظرونه ويحتضنونه وبعدها يهتفون (هيا نلعب!)‪ ،‬كانوا يحبونه ألنه‬
‫كان متألقا‪ ،‬يركض من جانب آلخر بالكرة ومل يقدر أحد عىل تخليصها منه‪ .‬لقد كان يستمتع وميتع”‪.‬‬

‫كانت األمور يف ذلك الزمان مختلفة عام عليه الوضع اآلن‪ ..‬يف املرحلة االبتدائية كانت هنالك راحة بني كل فصل وآخر‪ ،‬ومع‬
‫سامع صوت الجرس كان الجميع ينطلق خلف مييس للعب الكرة‪ ،‬بل وكانوا أحيانا يتشاجرون للعب معه يف الفريق نفسه‪،‬‬
‫ألنهم كانوا يؤمنون دامئا بقدرته عىل الفوز‪.‬‬
‫شكلت مهارة مييس يف الكرة وشخصيته املتواضعة أحد أشكال الحامية من أي مضايقات كان ميكن أن يتعرض لها يف املدرسة‪ ..‬كان‬
‫ليو دامئا محميا‪ ،‬كام هو الحال اآلن‪ ،‬سواء يف البيت أو بني الطالب واملدرسني أو يف أي مكان‪ ..‬مظهره وهو يخرج خالل فرتة الراحة‬
‫بني الدروس ويتبعه الجميع من أجل لعب الكرة كانت تجسيدا لهذا األمر‪.‬‬

‫تلك الحامية مل تكن بسبب ضآلة حجمه والتخوف من تعرضه ملضايقات‪ ،‬بل ألنه كان منذ الصغر يظهر بعض صفات القيادة‪ ..‬األمر‬
‫كان غريبا بني ذلك الطفل الخجول والصامت داخل الفصل والذي يتحول يف فرتات الراحة بني الدروس لشعلة من الطاقة الكروية‬
‫التي تجذب الجميع‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫بعد انتهاء اليوم الدرايس‪ ،‬تأيت الجدة سيليا الصطحاب مييس للتدريبات يف جراندويل‪ ،‬ولكن ليو يحب دامئا لعب الكرة‪ ،‬لذا‬
‫فحتى يف أيام الراحة كان ذلك الطفل يجد دامئا طريقة للعب مع أخويه أو أبناء الجريان يف مكانهم “الرسي”‪ ،‬وهي قاعدة‬
‫عسكرية قدمية كانت موجودة بالجوار‪.‬‬

‫يروي والرت باريرا‪ ،‬أحد جريان مييس يف الطفولة‪ ،‬قصة طريفة عن هذا األمر‪ ،‬حيث يقول “كنا نقطع السلك الشائك ليك‬
‫نتمكن من اللعب‪ ،‬وكان يف بعض املرات يأيت جندي ويركض خلفنا ألنه بكل تأكيد مل يكن يسمح لنا بالتواجد يف الداخل‪،‬‬
‫ولكن عشب أرض ملعب هذه الوحدة كان مثاليا للعب كرة القدم‪ .‬لقد كان جميال ومل يدس عليه أحد تقريبا‪ .‬اللعب عليه‬
‫كان رائعا”‪.‬‬

‫وأضاف باريرا “أحيانا كان الجندي يتمكن من اإلمساك بنا ويأخذنا للداخل‪ .‬كانت بكل تأكيد لديهم زنزانة‪ ،‬ولكن مل يحدث‬
‫يشء‪ .‬لقد كانوا يصطحبوننا ثم يخرجونا من الباب اآلخر‪ ،‬دون حدوث أي يشء‪ ،‬فقط إلخافتنا”‪.‬‬

‫ينسها مييس‪ ..‬إنه يحب تلك الذكريات ومدرسته األوىل (الس هرياس) وليس (خوان مانتوفاين) الالحقة‪ ،‬لذا‬ ‫تلك األيام مل َ‬
‫فإنه ت ّربع لها خالل العقد املايض مبا يوازي ميزانيتها ملدة عامني كام أنه زارها يف ‪. 2005‬‬

‫مل يكن معروفا حينها مثل اآلن ولكنه كان يوما مختلفا‪ ،‬ثم عاد بعدها بعامني لزيارة قريبه برونو بيانكوتيش يف املدرسة‪..‬‬
‫هذه املرة كانت شهرته زادت كثريا‪ ،‬وعىل الرغم من أنه كان متخفيا يف بداية األمر‪ ،‬لكنه بدأ يف التفاعل وتوزيع القبالت‬
‫واألوتوغرافات والتقاط الصور مع األطفال‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫أسطورة طفل نيولز أولد بويز‬

‫بدأت روساريو يف معرفة ليونيل ألنه كان يتألق يف بطوالت املدارس مثل تلك التي يطلق عليها (ليغا ألفي) والتي كان‬
‫يحرضها منسقو وكشافو ومدربو فرق الناشئني للبحث عن املواهب الصغرية‪.‬‬
‫كان رودريغو وماتياس‪ ،‬شقيقا ليو‪ ،‬يلعبان حينها يف قطاع الناشئني بنيولز أولد بويز‪ ،‬حيث اقرتح األول عىل منسق القطاع‬
‫خورخي جاريفا مشاهدة مييس مؤكدا جاهزيته للعب مع بداية املوسم الجديد‪.‬‬
‫لعب ليو وعمره ست سنوات وسبع شهور يف مطلع ‪ 1994‬ملدة شهر مع عدد من فرق الناشئني يف نيولز‪ ،‬حيث يقول أحد‬
‫مدريب قطاع الناشئني يف النادي غابرييل ديخريوالمو‪“ :‬بعد انتهاء هذه الفرتة أخربنا مييس برغبتنا يف استمراره معنا”‪.‬‬
‫يضيف ارنيستو فيكيو زميل ديخريوالمو يف تلك الفرتة‪“ :‬بعدما شاهدناه يلعب تحدثنا مع والديه ووافقا وانضم إلينا”‪ ..‬بهذه‬
‫الطريقة ويف ‪ 21‬مارس ‪ 1994‬دون أن يكمل مييس حتى عامه السابع أصبح العبا يف نيولز أولد بويز‪.‬‬
‫تقول جريدة (أوليه) الرياضية األرجنتينية‪“ :‬ليونيل مييس يعرف جيدا أن مستقبله لن يكون يف عامل التدريب‪ ،‬إنه ال‬
‫يتخيل نفسه يعطي توجيهات من عىل الخط‪ ،‬إنه ليس أمرا يهتم به‪ ،‬ولكنه حينام يتحدث عن كرة القدم فإن مرجعيته لها‬
‫مالمح واضحة وتتلخص يف فريق يهاجم كثريا وخط دفاع متقدم والضغط املبكر إلجبار الخصم عىل تشتيت الكرة وتسجيل‬
‫األهداف‪ ..‬الكثري منها‪ ..‬هل هذا هو برشلونة بيب غوارديوال؟ ال بل (ماكينة ‪ ..)1987‬ذلك الفريق الخارق يف قطاع الناشئني‬
‫بنيولز والذي لعب فيه ليو”‪.‬‬
‫يقول دييغو روفريا الذي زامل مييس يف تلك املجموعة “فريق مواليد ‪ 1987‬كان ال يهزم‪ ،‬نافسنا عىل كل يشء يف ‪ 1999‬وباملثل‬
‫يف ‪ 2000‬وفزنا تقريبا بأغلب األلقاب‪ ..‬بعض املباريات كانت تنتهي بنتائج مثل ‪ 0-8‬و‪.”2-7‬‬
‫بالعودة لجريدة (أوليه) تضيف يف نفس املقال‪“ :‬ذلك الفريق كان قامئا عىل مبدأ التضامن كام يحدث يف مستعمرات النمل‬
‫العامل‪ ،‬كان كل فتى يستمد قوته من اآلخر وليو يف سن الثامين سنوات كان األبرز‪ ،‬كان هو الرتس األهم يف تلك املاكينة‬
‫املجنونة”‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫يعتقد الكثري من األشخاص أن الهدف الذي بدأ شهرة مييس يف كل أنحاء العامل كان ذلك الذي سجله يف خيتايف بعدما راوغ‬
‫كل العبي الخصم تقريبا ولكن هذه مل تكن أول مرة يفعل فيها “الربغوث” هذا األمر وفقا لكلامت خوان كروز ليجيزامون‬
‫الذي زامل مييس يف قطاع الناشئني بنيولز‪“ :‬لقد أصبح شهريا يف أوروبا بسبب هذا الهدف‪ ،‬ولكن بالنسبة لنا ومع ليو فهذا‬
‫أمر طبيعي كنا نشاهده يفعله كل يوم”‪.‬‬

‫يضيف أنخل رواين والد العب نيولز السابق لويل رواين‪“ :‬رمبا ال يصدق الناس يف يومنا هذا ما سأقوله‪ ،‬ولكن ليو كان يسجل‬
‫ما يقرب من ‪ 100‬هدف يف املوسم الواحد يف كل املباريات التي كنا نلعبها‪ ،‬وإذا ما قلنا إنه دخل نيولز يف ‪ 1994‬ورحل يف‬
‫‪ 2000‬فنحن نتحدث عام يتخطى ‪ 500‬هدف يف مرحلة الطفولة‪ ،‬وهذا ليس باليشء الهني‪ ،‬إنه أمر متوحش”‪.‬‬

‫كانت أول مرة يسافر فيها مييس خارج األرجنتني لخوض منافسات ودية يف ‪ 1996‬حينام كان عمره تسع سنوات وذلك‬
‫للمشاركة يف (بطولة كأس الصداقة الدولية) الودية وبالطبع أذهل الجميع مبستواه وفاز مع فريقه بالبطولة التي كانت‬
‫جائزتها عىل شكل دلفني‪ ،‬ولكنه قبل ذلك كان عاىن كثريا يف املباراة األوىل‪.‬‬

‫ألسباب تتعلق بتوفري امليزانية‪ ،‬كان يتم توزيع العبي الفرق الضيفة عىل بيوت عائالت العبي الفرق املستضيفة‪ ،‬وكان نصيب‬
‫مييس اإلقامة يف بيت عائلة كيفني مينديز‪ ،‬ولكن حظه مل يكن جيدا باملرة بسبب اختالف ثقافات الطعام بني البلدين‪.‬‬

‫يحيك مينديز القصة ويقول‪“ :‬لقد تناول ليال دجاجا عىل الطريقة البريوفية ولكن معدته مل تتقبله‪ ،‬يف اليوم التايل مل يقدر‬
‫عىل الحركة‪ ،‬أما يف ذلك الذي يليه فكان موعد املباراة‪ ..‬حينام وصل للملعب تعرض لإلغامء وقال املدرب فلتلعبوا أنتم‬
‫وسأذهب بليو للمستشفى‪ ،‬ولكن حينام سمع ليو هذا نهض وتناول مرشوب الـ(جاتوريد) السكري وطلب اللعب‪ ،‬سأقول‬
‫لك إن نيولز فاز بعرشة أهداف سجل منها مييس مثانية لوحده‪ ،‬لقد كان األفضل وشغفه هو كرة القدم‪ ،‬أهم يشء هو أنه‬
‫قبل رحيله ترك يل قميصه”‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أزمة هرمون النمو‬

‫[ حينام كان عمري ‪ 11‬عاما اكتشفوا إصابتي مبشكلة يف إفراز هرمون النمو وبدأت يف الخضوع للعالج ألمتكن من النمو بشكل‬
‫طبيعي‪ ،‬كان عيل حقن ساقي كل ليلة‪ ،‬يوم يف اليمنى واآلخر يف اليرسى طوال أيام األسبوع‪ ،‬واضطررت للقيام بهذا األمر ملدة ثالث‬
‫سنوات متواصلة‪ ،‬كنت قصريا للغاية حينام كان عمري ‪ 11‬عاما وكانت جواريب ملن هم يف سن الثامنة أو التاسعة‪ ،‬هذا كان أمرا‬
‫ملحوظا يف امللعب ويف الشارع وبني أصدقايئ ‪. .‬‬

‫أعتقد أن كوين األصغر حجام بني الجميع جعلني رمبا دامئا األرسع واألكرث لياقة وكان هذا يساعدين أثناء لعب كرة القدم‪ ..‬كل ما‬
‫تعلمته من هذه التجربة هو أن كل ما كان يبدو يف البداية سيئا وقبيحا تحول ألمر إيجايب ومتكنت بعده من تحقيق الكثري‪ ،‬ولكن‬
‫عن طريق العمل واملجهود ‪] ..‬‬

‫هكذا يلخص مييس مشكلته الشهرية يف نقص إفرازات هرمونات النمو يف إعالن إحدى املاركات التجارية الرياضية‪ ،‬ولكن هذه القصة‬
‫تحتوي عىل تفاصيل أكرث من هذا بكثري‪.‬‬
‫للحصول عىل هذه التفاصيل يجب العودة للدكتور دييجو شوارزتني الذي كان أول من شخص حالة مييس حيث يقول “‪ 31‬يناير‬
‫‪ 1997‬إذا مل تخني الذاكرة كان اليوم الذي رشحت فيه لوالدته املشكلة‪ ..‬حالته مل تكن شائعة وتحدث مرة بني كل ‪ 20‬ألف وفاة ويف‬
‫بعض األحيان تتطلب عالجا يعتمد عىل الحقن ملدة ست سنوات”‪.‬‬
‫يضيف شوارزتني “ما ينقصه كان هرمون النمو‪ ،‬الذي يتم تصنيعه لحسن الحظ جينيا بصورة مطابقة لذلك الذي يفرزه الجسم‬
‫ويستخدم يف صورة حقنة مرة واحدة يوميا‪ ،‬العالج يرتكز عىل منح الجسم شيئا ينقصه ألنه غري قادر عىل تصنيعه”‪.‬‬
‫يقول البعض حتى ولو عىل سبيل املزاح إن أحد أرسار تألق مييس يعود وراء حقن هرمون النمو التي كان يحصل عليها يف املايض‪،‬‬
‫ولكن الرأي الطبي يفند هذا االدعاء متاما حيث يؤكد شوارزتني “يجب التفريق بني استخدام هرمون النمو من قبل شخص بالغ ال‬
‫يحتاجه وطفل يعاين من نقص‪ ..‬هذا ليس تعامال باملنشطات بأي حال من األحوال‪ ،‬فمن يعاين من مشكالت يف هرمون النمو لديه‬
‫نقص عن اآلخرين ولتعويض هذا يحصل عىل الهرمون بصورة خارجية لعالج هذا النقص‪ ،‬ولكن هذا األمر ال مينحه أي أفضلية عن‬
‫البقية”‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫رحلة مييس مع هذا العالج الهرموين مل تكن سهلة‪ ،‬ولكنه تعامل معها بشجاعة منذ الصغر حيث يقول خرياردو جريجيني الالعب‬
‫السابق بناشئي نيولز أولد بويز‪ ،‬والذي زامل مييس “كان يحقن نفسه كام لو كان أمرا طبيعيا‪ ،‬مل يقل يل يوما ملا كان يستخدمها‪،‬‬
‫كان يجلبها معه يف صندوق صغري مملوء بالثلج وداخله العقار‪ ،‬كان يحقن نفسه بكل بساطة وكأن شيئا ال يحدث‪ ..‬بكل تأكيد‬
‫ما صعد به للقمة كانت موهبته وأيضا االميان بنفسه‪ ،‬ال أعتقد أن هناك أي شخص سيكون يتمتع باالتزان الذهني ليقول لنفسه‬
‫إنه يفعل هذا كل يوم من أجل مستقبله وعمره ‪ 10‬أو ‪ 11‬عاما‪ ،‬لقد كان يحقن نفسه بنفسه ويذهب للنوم بصورة طبيعية‪ ،‬كان‬
‫يعرف أين مستقبله وكان أمامه حلم يسعى وراءه”‪.‬‬

‫يقول الطبيب شوارزتني إنه يف حواراته مع ليو كان هم األخري الدائم هو أن تساعده هذه الحقن عىل النمو ليك يحقق حلمه‬
‫ويصبح العب كرة قدم‪ ،‬ولكن بجانب رغبة ليو ومعاناته اليومية التي تعامل معها ببساطة وشجاعة‪ ،‬كان األب خورخي يحمل فوق‬
‫ظهره هموم وأحالم ابنه‪.‬‬

‫يقص خورخي روايته عن هذه الفرتة ملجلة (كيكر) األملانية كالتايل “كان لدي عميل يف رشكة (أسيندار) وكانت األمور جيدة‪ ..‬راتبي‬
‫كان ألفا و‪ 600‬بيزو وهو ليس أمرا سيئا‪ ،‬ولكن يف ظل الـ‪ 900‬بيزو التي كان يكلفها العالج وهو املبلغ الذي يتخطى نصف راتبي‬
‫وموافقة التأمينات عىل دفع العالج لعامني فقط‪ ،‬كان العام الثالث صعبا للغاية”‪.‬‬

‫مل يقترص األمر عىل هذا فقط حيث تحدث خورخى أكرث من مرة مع مسؤويل نيولز أولد بويز ولكنهم يف كل مرة كانوا يأجلون ثم‬
‫يأجلون القرار‪ ،‬لذا أجرى مييس اختبارات يف ريفر بليت وكان مبهرا ولكن مجددا مل يرغبوا يف التكفل باملصاريف‪ ،‬خاصة وأن عمر‬
‫ليو كان حينها ‪ 12‬عاما حيث اعتربت االدارة أنه ال يزال صغريا للغاية وال ميكن التكهن إذا ما كان هذا االستثامر سيأيت بنتائج أم ال‪..‬‬
‫حينها عرف والد مييس أن عليه اتخاذ قرار رسيع‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫لغز اختفاء "املايسرتو"‬

‫“أين ليو؟” سؤال كان يرتدد يف الفصل رقم ‪ 436‬مبدرسة (خوان مانتوفاين) للتعليم املتوسط والقريبة للغاية من منزل عائلة مييس‪..‬‬
‫كان مر أسبوع عىل عدم حضور ليو للفصل‪ ،‬وهو أمر نادر الحدوث‪ ،‬حيث مل يكن يتغيب إال يف حالة املرض‪.‬‬

‫كان مييس هو القائد الذي يتبعه الجميع للعب الكرة‪ ،‬بدونه األمر تحول إىل ما هو أشبه مبعركة يف الركالت من الهواء‪ ..‬كان الجميع‬
‫يعرف من هو ليونيل يف هذا العامل‪ ،‬لذا كان لقبه بني الطالب بخالف “الصغري” هو “املايسرتو”‪ ،‬ألنه قائد األوركسرتا الكروية املدرسية‬
‫الذي يعرف كيف ينظم األمور‪.‬‬

‫وحدها مديرة املدرسة كانت تعرف سبب غيابه‪ ،‬بجانب ليو نفسه وعائلته‪ ..‬يف نيولز أولد بويز؟ مل يكن يعرف أي من العبي فريق‬
‫جيل ‪ 1987‬وال حتى مدربوه أين هو مييس‪ .‬لقد شعروا بالقلق عليه‪ ،‬ولكنهم يف نفس الوقت كانوا يحتاجونه‪ ،‬فالفوز باملباريات‬
‫بدونه كان صعبا للغاية‪ ..‬بعضهم ظن يف املدرسة والنادي أن الطفل الصغري أصيب مبرض مينعه من الحضور‪“ ..‬التهاب كبد وبايئ‪،‬‬
‫يجب أن يكون كذلك”‪ ..‬كان هذا هو التخمني املشرتك‪.‬‬

‫تلقت عائلة مييس مكاملة هاتفية بعد انتهاء سوق االتصاالت الصيفية قادمة من أوروبا‪ ،‬حيث قالوا لهم “تعالوا رسيعا وأحرضوا‬
‫الفتي”‪ ..‬لقد انتظروا طويال‪ ،‬ثم جاءت كل األمور برسعة‪ .‬لقد كان أمامهم أسبوع واحد لالستعداد للسفر بعيدا وعبور األطليس نحو‬
‫إسبانيا‪ ،‬لذا مل يخرب خورخي مييس أحدا سوى مديرة مدرسة ابنه باألمر‪ ..‬إنه شخص متحفظ وكتوم مثل ابنه الذي التزم تعليامت‬
‫والده ومل يخرب أحدا‪ ،‬وال حتى مدربيه والعبي فريقه يف النادي‪.‬‬

‫لحسن الحظ كانت جريدة (الكابيتال)‪ ،‬التي تصدر يف روساريو‪ ،‬خصصت صفحة كاملة للحديث عن مييس الطفل‪ ،‬ونرشت تحديدا‬
‫يف الثالث من سبتمرب‪/‬أيلول عنه “ليونيل مييس العب يف الدرجة العارشة‪ ،‬وهو صانع ألعاب الفريق‪ ،‬ليس فقط من ضمن مواهب‬
‫النادي الواعدة‪ ،‬بل لديه مستقبل ضخم بكل تأكيد‪ .‬فعىل الرغم من قرص قامته‪ ،‬إال أنه يستغلها يف املراوغة وتسجيل األهداف”‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫طارت صورة من هذا املقال باألبيض واألسود بالفاكس إىل إسبانيا‪ ،‬قبل وصول خورخي وابنه إىل شبه الجزيرة األيبريية‪ ،‬عقب رحلة‬
‫طويلة استغرقت ‪ 24‬ساعة‪ ،‬بدأت يوم األحد ‪ 17‬سبتمرب عام ‪ 2000‬وانتهت بوصولهام إىل مدينة برشلونة منتصف يوم ‪ 81‬سبتمرب‪،‬‬
‫أي بعد سبعة أشهر بالضبط من تسجيل ذلك الفيديو املنزيل الذي كان يظهر فيه ليو مهاراته‪.‬‬

‫لقد كانت فكرة مقطع الفيديو عظيمة بحق‪ ،‬حيث أظهر موهبة مييس بشكل طبيعي عن طريق فكرة كانت بسيطة للغاية‪..‬‬
‫اشرتت العائلة كيلو جرام من الربتقال وبعض كرات التنس‪ ،‬وطلبوا منه أن يتدرب بها ملدة أسبوع‪ ،‬ثم قرر خورخي يف اليوم السابع‬
‫تسجيل املقطع‪ ،‬والذي قام فيه ليو بـ”تنطيط” الربتقال ‪ 113‬مرة‪ ،‬وكرة التنس ‪ 140‬مرة‪ ،‬وكرة مرضب الطاولة ‪ 29‬مرة‪.‬‬

‫كان ذلك املقطع بصحبة آخر سجل ملييس وهو يراوغ الجميع يف ملعب مالبيناس بقميص نيولز‪ .‬وصل إىل مكتب جوسيب ماريا‬
‫مينجيال‪ ،‬وكيل العبني معروف جدا يف نادي برشلونة وأحد أعضائه‪ .‬مل يكن مقتنعا يف البداية بجدوى الفكرة‪ ،‬بسبب بعد املسافة‬
‫وعمر مييس حينها‪ ،‬ولكن معاونيه أقنعوه بعدها بشهور واستخدم كل نفوذه إلقناع الربسا باختبار وتجربة الطفل‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫حدث بعد نقاشات عديدة مع تشاريل ريكساش‪ ،‬مستشار رئيس الربسا حينها وصاحب الكلمة األخرية يف مسألة التعاقدات‪.‬‬

‫تعترب املشكلة الرئيسية حينها أن مسألة اإلقدام عىل التعاقد مع العبني من الخارج يف سن ‪ 12‬أو ‪ 13‬عاما مل تكن شائعة‪ ،‬حيث كان‬
‫يخىش الجميع أن يكون األمر استثامرا بال جدوى‪ .‬ولكن مينجيال متكن من إقناع املسؤولني بتجربة ليو‪ .‬وكان ال بد من استغالل‬
‫هذه الفرتة إلقناع الجميع مبا لدى مييس من مهارات‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫انتظار ريكساش والنهاية السعيدة‬

‫كان أول مترين ملييس مساء يوم وصوله لربشلونة يف الساعة السادسة مساء تحت قيادة رودولفو بوريل الذي كان تحت إمرته يف‬
‫موسم ‪ 2001-2000‬فريق سيدخل تاريخ اللعبة‪ :‬إنه جيل ‪ 1987‬الذي ضم أسامء مثل سيسك فابريغاس وجريارد بيكيه وسيضاف يف‬
‫وقت الحق ذلك الطفل الصغري القادم من األرجنتني‪.‬‬

‫مل يكن كارليس ريكساش‪ ،‬مستشار رئيس النادي‪ ،‬موجودا‪ ،‬إذ سافر لحضور مباريات أوملبياد سيدين ‪ ،2000‬والذي كانت تشارك به‬
‫أسامء مثل تامودو وتشايف وبويول وزامورانو ومبوما وإيتو ضمن آخرين‪ ..‬يف الحقيقة موضوع ليو مل يكن يشكل جزءا من أجندته‬
‫الحقيقية ألنه كان مسؤوال عن قرارات الفريق األول‪ ،‬كان اللجوء إليه سيتم إذا مل يحدث اتفاق بني مدريب قطاع الناشئني بخصوص‬
‫مسألة ضم مييس ليكون صاحب الكلمة األخرية‪.‬‬

‫مل تكن بداية أول يوم ملييس يف تدريبات برشلونة هينة‪ ،‬فتخيل أنك تحلم طوال عمرك بالتواجد هناك داخل نادي برشلونة لتجد‬
‫فجأة أن حلمك أصبح واقعا وعيناك تشاهدان (كامب نو) و(املينيستادي) ألول مرة عىل الطبيعة‪ ،‬هذا بخالف أن الخجل ورمبا‬
‫التحفظ الذي يعد من ضمن سامت مييس كان زائدا بصورة كبرية‪ ،‬خاصة يف ظل بعض النظرات الساخرة من ضآلة جسمه‪.‬‬

‫بالنسبة لسيسك فابريغاس وجريارد بيكيه حينها مل يكن ليو سوى واحد من ضمن كثريين يأتون كل يوم إلجراء اختبارات يف برشلونة‬
‫ونادرا ما يكون من ضمنهم أجانب‪ ،‬ولكن رودولفو بوريل كان يخىش عىل مييس من أن يقسو عليه العبوه‪ ،‬لذا قال لهم دون أن‬
‫يسمعهم األرجنتيني “توخوا الحذر‪ ،‬إنه صغري للغاية‪ ،‬ال تلحقوا به إصابة”‪.‬‬
‫كان ليو يضع رباطا ضاغطا عىل ساقيه‪ ،‬مام أثار قلق أحد مساعدي بوريل فاقرتب منه ليسأله إذا ما كان مصابا ولكنه أجاب “ال إنها عادة أرجنتينية‬
‫لتجنب اإلصابة بالتواءات”‪.‬‬

‫كان طول مييس حينها ‪ 148‬سم‪ ،‬إذ يقول بيكيه عن هذا اليوم “كان قصريا للغاية وال يكاد يتحدث‪ ،‬مل يتخيل أحد ما الذي من املمكن أن يحدث بعدها”‪،‬‬
‫بينام يضيف فابريغاس من جانبه “كان شعره طويال ويتحدث بلهجة أرجنتينية منخفضة الحدة‪ ،‬ال تكاد تسمعه لقد قلنا ألنفسنا‪ ،‬هذا الفتى بكل تأكيد‬
‫لن يكون ذا أهمية”‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بدأت املجموعة يف عمليات اإلحامء ثم تلتها مهارات “تنطيط” الكرة وجاء الدور عىل مييس‪ :‬واحد اثنان ثالثة أربعة‪ ..‬متى‬
‫ستسقط؟ هذا كان هتاف أحدهم من املدرجات ولكن مييس استمر حتى تخطى العرشين‪.‬‬

‫يقول فابريغاس حول هذا األمر “حينام بدأ يف ملس الكرة أدركنا أنه مختلف عن بقية الالعبني الذين كانوا يأتون كل يوم‪ ..‬يف أول‬
‫مباراة مصغرة بيننا يف التدريبات راوغني باملقاس وسدد الكرة يف املرمى‪ ،‬عىل الرغم من أنني يف الصغر كانت لدي موهبة مل أعد‬
‫أمتلكها اآلن يف قطع الكرة”‪.‬‬

‫كان مييس مذهال سواء يف املراوغة أو الدقة أو االستمرارية وبدأ الفتية باالستمتاع مبا يقدمه وتطوراته‪ ،‬لقد كسب احرتام املجموعة‬
‫وتحولت كلمة “القزم” من أحد أشكال السخرية لطريقة إلبداء اإلعجاب به بطريقة ودية‪.‬‬

‫كان مييس يذهب كل يوم‪ ،‬عدا السبت واألحد‪ ،‬حينام يلعب الفريق لتدريبات الربسا انتظارا لوصول ريكساش الذي تأخر كثريا يف‬
‫القدوم من سيدين‪ ،‬ولكن يف أوقات الفراغ بالفندق كانت الكرة حارضة دامئا‪ ،‬إما باللعب بها عىل رأسه يف الغرفة أو أخذها للرشفة‬
‫ملراوغة خصوم ليس لهم وجود‪ ،‬ولكن هذا مل مينعه يف نفس الوقت من زيارة أبرز معامل املدينة والتعرف عليها بصحبة والده‪.‬‬

‫وصل ريكساش يف النهاية عقب مرور أسبوعني‪ ،‬عىل الرغم من أن خطة خورخي وليو كانت البقاء ملدة أسبوع واحد فقط‪ ،‬وكان‬
‫أمامه العديد من املوضوعات العالقة مثل مسألة ذلك الطفل األرجنتيني الذي مل يرغب أحد من مدريب قطاع الناشئني إعطاء‬
‫كلمة نهائية بخصوصه‪ ،‬صحيح أنه أثار إعجاب األغلبية‪ ،‬ولكن كان هناك أحدهم الذي قال “إنه صغري للغاية‪ ،‬يجب أن يلعب كرة‬
‫الصاالت”‪.‬‬

‫الحقيقة إن األغلبية فضلت إلقاء املسؤولية عىل ريكساش حيث مل يرغب أحدهم يف أن يكون مسؤوال عن تجربة جديدة قد تواجه‬
‫فشال ذريعا‪ ،‬ولكن يف النهاية تبني أنها رمبا تكون األفضل يف التاريخ بعد ضم ليو الذي مل يتوقف ولو ليوم واحد يف األسبوعني الذي‬
‫قضاهام يف برشلونة عن اإلبهار‪ ..‬يف بعض أيام بالتدريبات سجل خمسة وستة أهداف عىل سبيل املثال‪.‬‬

‫“ليلعب ذلك الفتى مع الفريق األكرب منه بعامني‪ ،‬أرغب يف رؤية كيف سيتعامل مع الفتية األكرب منه”‪ ..‬هذه كانت فكرة ريكساش‬
‫لحسم مسألة ليو يف اختبار نهايئ يف الثاين من أكتوبر‪/‬ترشين األول بتامم الساعة السادسة عىل ملعب النجيل الصناعي الثالث أمام‬
‫الـ(مينيستادي)‪.‬‬

‫بدأت املباراة ولكن تشاريل مل يصل‪ ،‬كانت ساعته البيولوجية ال تزال تعاين من مسألة السفر لسيدين‪ ..‬بعدها بدقائق كان يدخل‬
‫امللعب‪ ،‬سار قليالً ووقف عند أحد أركان امللعب ثم مر من وراء املرمى اتجه بعدها إىل دكة املدربني وتحدث معهم ملدة ‪10‬‬
‫دقائق قبل أن يرحل‪.‬‬

‫خالل الدقائق القليلة التي تواجد فيها ريكساش كان مييس قد متكن من تسجل هدف فريقه الوحيد يف املباراة التي انتهت بهزميته‬
‫‪ ،1-2‬كام أظهر مهارات متنوعة يف السيطرة عىل الكرة ومراوغة الخصم‪ ،‬ولكن والده خورخي مل يفهم‪“ ..‬أننتظر أسبوعني من أجل‬
‫‪ 51‬دقيقة ثم يرحل هكذا؟”‪ ..‬ظن خورخي أن ريكساش مل يعجب بليو وقرر العودة لألرجنتني يف اليوم التايل ولكن قبل الرحيل‬
‫جاء النبأ السعيد “ال تقلقوا‪ ،‬سنحل لكم كل يشء‪ ،‬ستعودون مع بداية املوسم أو قبلها”‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مباراة التنس اليت غريت تاريخ الكرة‬

‫مر شهر عىل عودة مييس ووالده من إسبانيا عقب تلقي وعد كارليس ريكساش مستشار رئيس برشلونة بـ”حل كل األمور” ولكن مل‬
‫يحدث يشء‪ ..‬كانت العائلة تنتظر ردا وسط حالة من الشكوك بخصوص مستقبلها ككل‪ ،‬وليس ذلك الذي يخص ليو فقط‪.‬‬

‫جاء ديسمرب وتساءل والد مييس “أين هذه الوعود؟” “أمل يعجبهم ليو؟” “هل كان مجرد كالم؟”‪ ..‬مل يكن الربيد اإللكرتوين من األمور‬
‫الشائعة‪ ،‬وجرس الهاتف مل يرن‪ ،‬لذا تلقى برشلونة إنذارا “إذا مل يجر التوقيع‪ ،‬فإن الفتى سيبحث عن مستقبله يف مكان آخر”‪.‬‬

‫كانت توجد خيارات أخرى‪ :‬يف إيطاليا وتحديدا مع إيه يس ميالن بجانب أتلتيكو مدريد وأيضا الريال الذي كان ترك قبلها بشهور‬
‫جرحا عميقا يف قلوب الكتالونيني بضم الربتغايل لويس فيغو قائد الربسا‪ ..‬خورخي فالدانو املدير الريايض للريال حينها كان ينتظر‬
‫تغيري دفة ليو نحو النادي املليك‪.‬‬

‫“هل ترغب يف لعبة مباراة تنس زوجية؟”‪ ..‬هذه كانت الدعوة التي وجهها جوزيب ماريا مينجيال الذي جلب مييس لربشلونة وتكفل‬
‫مبصاريف إقامته ووالده أثناء فرتة االختبار لريكساش وقبلها األخري ورمبا تكون السبب الرئييس يف تواجد مييس داخل جدران النادي‬
‫الكتالوين ليبدأ بعدها مستقبل يف صناعة تاريخ جديد للكرة‪.‬‬

‫بدأ مينجيال يف الحديث عن موضوع مييس مع ريكساش بعد هذه املباراة التي جرت يف ‪ 14‬ديسمرب‪ ،‬أي بعد ‪ 10‬أسابيع من زيارة‬
‫ليو وخورخى لربشلونة حيث قال له “تشاريل‪ ،‬علينا أن نتصل بالعائلة‪ ،‬نقول لهم منذ فرتة أننا وافقنا وأن كل األمور عىل ما يرام ولكن‬
‫ال يوجد يشء محدد حتى اآلن‪ ،‬يجب أن نوقع عقدا”‪.‬‬

‫مل يكن ريكساش شخصا محبا للربوتوكوالت وكان يف نفس الوقت مقتنعا مبييس لذا جاء رده “حسنا أعطني ورقة وقلام”‪ ..‬كان القلم‬
‫موجودا أما الورقة فال‪ ،‬حيث إن مكتب النادي الذي كانوا يلعبون فيه مباراة التنس كان قد أغلق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫“حسنا سأكتبه هنا”‪ ..‬قال ريكساش هذه العبارة بعد أن سحب ورقة منديل من عبوة أمامه عىل املنضدة وكتب فيها التايل “تحرر‬
‫يف برشلونة الرابع عرش من ديسمرب عام ‪ 2000‬ويف حضور السيدين مينجيال وأوراسيو‪ ،‬أن كارليس ريكساش يتعهد بصفته السكرتري‬
‫الفني لربشلونة وتحت مسؤوليته وعىل الرغم من بعض اآلراء املعارضة‪ ،‬بالتعاقد مع ليونيل مييس‪ ،‬طاملا تم التوصل التفاق مادي”‪.‬‬

‫يعترب البعض أن هذه الواقعة وتلك الوثيقة الفريدة من نوعها تعد األهم يف تاريخ برشلونة الحديث‪ ،‬بينام ينظر بسببها آخرون إىل‬
‫ريكساش عىل أساس أنه الرجل الذي أحرض مييس للربسا‪.‬‬

‫حول هذا األمر يقول ريكساش مازحا “أشعر بالخجل حينام أسمع هذا األمر‪ ،‬وهو أنني مكتشف مييس‪ ،‬ولكن ليو ال يحتاج‬
‫ملكتشف‪ ،‬الفضل ال يعود يل‪ ،‬بل للفتى نفسه”‪.‬‬

‫أخرب مينجيال عائلة مييس باألمر عن طريق الهاتف‪ ،‬ولكن األمر ال ميكن أن يكون أبدا بهذه السهولة حيث كان يتوجب عىل برشلونة‬
‫تحقيق الكثري من األمور وهي توفري منزل للعائلة ودفع تكاليف السفر من األرجنتني وتوفري عمل لخورخي مييس التزاما بقواعد‬
‫االتحاد الدويل لكرة القدم (فيفا)‪.‬‬

‫مبعنى آخر أن ليو مل يكن سيعيش يف (ال ماسيا) مثل باقي الفتية الذين كانوا يأتون من خارج برشلونة بل سيتشارك املنزل مع‬
‫عائلته‪ ،‬وهو طلب كان جديد متاما حينها عىل إدارة برشلونة‪ ،‬كام يقول رئيس الربسا السابق جوان جاسبارت “مل يكن هناك العب‬
‫آخر قبله سيقول أنا سآيت بكل عائلتي وأقيم يف برشلونة”‪.‬‬

‫جوان جاسبارت‪ ..‬ذلك الرجل الذي أعطى األذن النهايئ بإمتام الصفقة‪ ،‬ولكن ال يعرتف أحد بأهميته يف املوضوع لعدة أسباب كروية‬
‫يعرفه الجميع‪ ،‬فصورته كنائب رئيس سيئ طيلة ‪ 22‬عاما‪ ،‬ورئيس دون ألقاب ملدة عامني يف واحدة من أعمق أزمات برشلونة كانت‬
‫سببا كافيا للتقليل منه‪.‬‬

‫يف الثامن من يناير ‪ 2001‬كانت كل األطراف عىل مشارف خطوة جديدة ونهائية يف عشاء عمل حرضه املدير العام لقطاع الناشئني‬
‫كيم ريفيه ونائبه جوان الكويفا لوضع التفاصيل النهائية عىل العقد وهي أن مييس سيحصل عىل ‪ 100‬مليون بيزيتا (‪ 600‬ألف‬
‫يورو) يف العام بجانب مدفوعات حقوق استخدام الصورة‪ ،‬وهو األمر الجديد متاما يف عقود الالعبني الناشئني‪ ،‬بجانب دفع إيجار‬
‫املنزل الذي ستقطن فيه العائلة مع سبعة ماليني بيزيتا (‪ 42‬ألف يورو) سنويا لخورخى كمقابل للعمل الذي سيقوم به يف رشكة‬
‫(بارنا بورترز) التابعة للنادي الكتالوين‪ ،‬فضال عن تكاليف العالج الهرموين للـ”برغوث”‪.‬‬

‫بعدها بستة أيام كان ريكساش يكتب خطابا رسميا لخورخى مييس مختوما بختم النادي يتعهد فيه بإمتام كل ما تم االتفاق عليه‬
‫مع ممثليه يف برشلونة‪ ،‬وبعدها بثالثة أيام حرر جوان الكويفا خطابا آخر أكد فيه الجوانب االقتصادية لالتفاق‪ ..‬كانت هذه هي‬
‫البداية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫البداية الكتالونية‬

‫وصلت عائلة مييس بالكامل إىل برشلونة يف ‪ 15‬فرباير‪ /‬شباط ‪ ،2011‬وحدد الربسا موعدا ً بعدها بأسبوعني للتوقيع عىل كل االتفاقيات‪،‬‬
‫ولكنه مل يعرض منذ يوم الوصول دفع تكاليف عالج ليو‪ ،‬ولكن عضو مجلس اإلدارة جوان الكويفا قرر رصف ما يقرتب من ألفي يورو‬
‫من جانبه للتكفل بجرعات الفتى األوىل يف إسبانيا‪.‬‬

‫وقع مييس أول عقد له ومدته عامان مع برشلونة يف األول من مارس‪ /‬آذار ‪ ..2001‬خالل أوىل الحصص التدريبية مل يكن يتلقى الكرة‬
‫كثريا ً‪ ،‬فيام كان بعض الالعبني يظنون أنه ال توجد حاجة لحاميته بشكل مبالغ فيه‪ ،‬شعر يف البداية كأنه دخيل‪ ،‬ولكنه يف نفس الوقت‬
‫كان يدرك رضورة دفع مثن ليك يحصل عىل القبول‪ ،‬لقد بدأ يفهم كيف تجري الحياة فعمره كان ‪ 13‬عاماً‪ ..‬مرت األيام وتغريت األمور‬
‫ونجح يف االندماج بعدما أثبت مهارته ولكن مرة أخرى األمور ال يجب أن تكون بهذه السهولة‪.‬‬

‫تأخر حصول مييس عىل بطاقة االنتقال الدولية ومل يتمكن من خوض مباريات رسمية مع فريق فئته العمرية‪ ،‬حيث كان لديه‬
‫ترصيح فقط للمشاركة يف الدوري اإلقليمي الكتالوين والوديات‪ ،‬هذا بخالف أن رودولفو بوريل مدرب الفريق كان يفضل عدم‬
‫اإلرساف يف استخدامه احرتاماً لقاعدة غري مكتوبة بعدم املساس بقوام فريقه الذي كان يقدم مستويات متميزة للغاية‪.‬‬

‫كانت أبرز الفرص أمام مييس إلظهار نفسه بصورة أكرب هي تلك البطولة الودية التي طلب بوريل املشاركة فيها وكانت أمام فرق أكرب‬
‫عمرياً بعامني تقام يف مدينة بونتينيا الربتغالية مبشاركة فرق محلية وآخر فرنيس وغريه أملاين‪ ،‬حيث متكن األرجنتيني من املشاركة‬
‫لعدم كونها بطولة رسمية وأنهى املنافسات مع الربسا يف املركز الثالث من أصل مثانية فرق‪.‬‬

‫استمر تأخر البطاقة الدولية وقرر بوريل عىل ضوء هذا السامح لفريق الفئة العمرية األقل تحت إدارة تشايف يورينس باالستفادة‬
‫من ليو‪ ،‬حيث قال املدرب األخري يف تقريره األول عن مييس “إنه مارادونا صغري‪ ..‬جسد ضئيل ومهارة ورسعة فائقة”‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫لعب مييس مباراته األوىل مع برشلونة عقب حصوله عىل ترصيح مؤقت من االتحاد الكتالوين لكرة القدم وهو يرتدي القميص رقم‬
‫‪ 9‬حيث سجل واحدا من أصل ثالثة أهداف أحرزها فريقه ولكنه تعرض يف املباراة التالية إلصابة خطرية‪.‬‬

‫مرت ثالثة أشهر حتى متكن مييس من العودة لدخول املستطيل األخرض ولكنه خالل تلك الفرتة كان يذهب بالعكازين ملشاهدة‬
‫التدريبات‪ ،‬حيث يقول تشايف يورينز حول هذا األمر “مل نكن نحتاج لنشجعه ألنه كان قوياً”‪.‬‬

‫استمر سوء الحظ حيث تعرض مييس يف يونيو‪ /‬حزيران وبعد أسبوع واحد من تعافيه إلصابة يف أربطة الكاحل األيرس أثناء نزوله‬
‫عىل الدرج‪ ..‬ثالثة أسابيع أخرى دون لعب‪ ..‬بعد نهاية هذا املوسم األسود بالنسبة لليو كان قد قىض أربعة أشهر مع النادي‬
‫الكتالوين مل يخض فيها سوى مباراتني رسميتني ومع فريق أقل من تصنيفه العمري‪ ..‬هذا الصيف قررت العائلة العودة لروساريو‬
‫لقضاء العطلة وداخل ذهن خورخي يرتدد سؤال واحد “هل ما نحن فيه يستحق املعاناة؟”‪.‬‬

‫ذلك السؤال مل يكن من فراغ ألن خورخى مييس يحاول الحفاظ عىل عائلته كام أن برشلونة مل يسدد املبالغ التي وعد بها أو عمل‬
‫عىل تذليل اإلجراءات البريوقراطية‪ ،‬كان يشعر بنحو من الهجر بعد توقيع العقد‪ ..‬لقد وصلت األمور إىل أن كتب خطابا لرئيس‬
‫النادي جوان جاسبارت‪ ،‬نرشته صحيفة (الباييس) بعد ذلك بسنوات وقال فيه حرفيا “وضعي أنا وعائلتي خطري للغاية‪ ،‬مل نتمكن‬
‫سوى من الصمود ماليا حتى نهاية الشهر الجاري‪ ،‬يجب أن يبدأ رسيان االتفاقيات املوقع عليها‪ ،‬ال يوجد حتى وسيط يخربين ما‬
‫هي الخطوات املقبلة”‪.‬‬

‫إضافة لهذا كانت والدة مييس قد اتخذت قرارا بالبقاء يف روساريو مع شقيقي مييس رودريغو وماتياس؛ ألن كالً منهام كانت له‬
‫رفيقة عاطفية يف األرجنتني ومل يتأقلام عىل الحياة يف برشلونة‪ ،‬إىل جانب االبنة الصغرى ماريسول‪ ،‬وتركت لخورخى ومييس مسألة‬
‫اتخاذ القرار بخصوص ما الذي سيفعالنه‪ :‬هل سيعودان لربشلونة أم سيبقيان مع العائلة؟‬

‫يتذكر خورخى تلك الفرتة وكيف ترك البنه حرية اتخاذ القرار حينام عادت العائلة لروساريو لقضاء العطلة حيث رصح يف برنامج‬
‫(انفورمي روبنسون) التلفزيوين “سألته عن رأيه وقلت له إذا ما كنت ترغب يف العودة سنعود وأجابني بأن حلمه هو اللعب يف‬
‫برشلونة ودوري الدرجة األوىل اإلسباين”‪.‬‬

‫خالل تلك الفرتة كان ليو عىل وشك االنتقال لريال مدريد‪ ،‬فربشلونة يف نفس صيف ‪ 2001‬شهد بعض التغيريات اإلدارية التي‬
‫تضمنت تعيني خابيري برييز فارجيل يف منصب املدير العام‪ ،‬حيث مل يرق له عقد ليو باملرة وكل املبالغ املوضوعة فيه‪ ،‬لذا بدأت‬
‫إعادة التفاوض بخصوص رشوط جديدة‪.‬‬

‫اقرتح النادي جلوس كل من كانوا طرفا يف الصفقة عىل طاولة املفاوضات بداية من جوزيب مينجيال حتى أعضاء مجلس اإلدارة‬
‫املعنيني واملحامني ولكن متسك كل طرف مبوقفه لدرجة أن أحد أعضاء مجلس اإلدارة قال “ولكن من يعتقد نفسه هذا الفتى؟‬
‫مارادونا؟ لننهي عقده وليعود من حيث جاء إىل األرجنتني”‪.‬‬

‫كان يبدو أن املفاوضات توقفت متاما‪ ،‬وعىل الجانب اآلخر كان املدير الريايض لريال مدريد خورخي فالدانو يؤكد استعداد النادي‬
‫املليك لدفع كل ما تحتاجه العائلة وما يزيد عليه ولكنه يف نفس الوقت ال يرغب الدخول يف حرب مع برشلونة عىل ليو‪ ،‬كل ما كان‬
‫يحتاجه هو فسخ التعاقد بني الطرفني حتى يأيت وينهي األمور‪ ..‬مل يكن عرضا رسميا من الريال يف الحقيقة بل وعودا ً ولكن خورخى‬
‫استخدم األمر كورقة للضغط يف أحد االجتامعات الطويلة “أعتقد أننا سنذهب ملدريد”‪.‬‬

‫اضطرت كل األطراف يف النهاية للقيام بتنازالت وتم التوصل التفاق ولكن أثناء هذه العملية ترضرت الكثري من العالقات حيث‬
‫اكتشف خورخي مييس أن بعض األشخاص الذين وثق بهم قاموا بخداعه بل وأن بعضهم حصلوا عىل عموالت ورمبا تكون هذه‬
‫اللحظة التي قرر فيها أن يكون هو وهو فقط وكيل ابنه مستقبال‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فيالنوفا ومقالب احلارس الشخصي بيكيه‬

‫بدأ ليو موسم ‪ 2002-2001‬مع فريق مواليد ‪ 1987‬االستثنايئ الذي تشارك غرف املالبس ملدة عامني ونصف العام ليصبح واحدا ً من‬
‫أفضل أجيال أكادميية ال ماسيا تحت قيادة املدرب ألربت بينايجيس مدرب فريق الناشئني (ب) الذي يخص فئة مييس العمرية يف‬
‫ذلك الحني‪.‬‬

‫مل يكن مييس قد متكن من حل مشاكله البريوقراطية‪ ،‬لذا مل يكن يشارك سوى يف الوديات واملباريات التابعة لالتحاد الكتالوين‪ ..‬ظل‬
‫يدخل ويخرج من الفريق الذي يقوده بينايجيس الذي كان يفضل وضع ليو يف مركز الجناح ألنه كان األكرث مناسبة له يف الخطة‬
‫التي كان يتبعها الفريق‪.‬‬

‫أسندت مهمة الفريق يف بداية ‪ 2002‬ويف منتصف املوسم لتيتو فيالنوفا الذي كان اعتزل قبلها بسبب إصابة يف الركبة منعته من‬
‫إكامل مشواره‪ ،‬وهو األمر الذي تزامن مع وصول بيان من االتحاد الدويل لكرة القدم (فيفا) يعطي فيه برشلونة الحق الكامل يف‬
‫الحصول عىل البطاقة الدولية لالعب من نيولز‪ ،‬وبالتايل مل يعد هناك أي يشء يعيق مييس من لعب كل املباريات‪.‬‬

‫وخاض ليو يف ‪ 17‬فرباير‪/‬شباط ما ميكن اعتباره أول مباراة رسمية له مع الربسا يف الفئة العمرية التي تخصه وسجل ثالثة أهداف يف‬
‫فوز النادي الكتالوين عىل إسبلوجيس دي لوبريجات بنتيجة ‪.1-14‬‬

‫وبدأ تيتو عىل عكس بينايجيس يف استخدام مييس كرأس حربة فيام ميكن اعتباره الخطوة األوىل نحو مركز املهاجم الوهمي الذي‬
‫يبدع فيه حالياً‪ ،‬بينام عاد سيسك ليلعب كصانع ألعاب خلف مييس‪.‬‬
‫يقول فيكتور فاسكيز الذي كان من ضمن نجوم هذا الجيل “قبل تيتو كنا نلعب بخطة ‪ 3-4-3‬وكان ليو يلعب أكرث عىل األطراف‪ ،‬وحينام بدأ تيتو يف‬
‫تدريبنا بدأ يحدث تبادل يف مراكزنا‪ ،‬واحد كرأس حربة واآلخر كجناح‪ ،‬ثم انتهى األمر بوضعنا كثنايئ هجومي”‪.‬‬

‫كان فيالنوفا يعرف أنه ميتلك شيئا خاصا بني يديه‪ ،‬حيث كان معجبا بالدور القيادي لجريارد بيكيه للمجموعة وعشق سيسك للمنافسة وشجاعة فاسكيز‪،‬‬
‫ولكنه كان يدرك امتالك ليو ليشء خاص حيث يقول “مل أشاهد أبدا فتى متطلباً مع نفسه لهذه الدرجة‪ ،‬يف بعض األحيان كان يقدم مباراة رائعة ويرتك‬
‫امللعب مستاء من نفسه ألنه كان يؤمن بقدرته عىل تقديم املزيد”‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫يضيف تيتو بخصوص مييس الذي توج هذا املوسم بأول ألقابه مع فريق (الناشئني ب) “قلت له يف يوم من األيام إنني سوف أجلس‬
‫بهدوء عىل الدكة لالستمتاع بالكرة التي يقدمها‪ ،‬الحقيقة أنني كنت أرى انعكاس مارادونا فيه”‪.‬‬

‫بخالف كون فيالنوفا من أوائل املدربني الذين أثروا يف مسرية مييس مع برشلونة بصورة مبارشة‪ ،‬فإن جريارد بيكيه يعود له جانب‬
‫كبري من الفضل يف تأقلم ليو مع املجموعة‪ ،‬وذلك عن طريق بعض “املقالب” التي ال يزال يشتهر بها حتى اآلن‪.‬‬

‫عىل سبيل املثال كان بيكيه يعرف أن ليو يحب دامئا أن يكون أول من يستحم بعد املباريات لذا قرر تنفيذ مزحة كالسيكية معه‬
‫تتمثل يف إخفاء كل مالبسه يف مكان آخر غري الشامعة الخارجية لغرفة االستحامم‪ ..‬خرج مييس ملتفاً باملنشفة يف ظل ابتسامة من‬
‫خمسة أو ستة أفراد ثم ذهب بيكيه وقال له وهو يضحك “من أين أتيت؟ وكيف وصل بك الحال إىل هنا؟ باملناسبة ميكنك الكالم‬
‫معنا فنحن ال نعض”‪.‬‬

‫وكان خجل وتحفظ مييس مينعانه من الحديث كثريا ً مع املجموعة‪ ..‬كان قليل الكالم للغاية بخالف أنه كان يعيش مع والده وليس‬
‫يف األكادميية مثل بقية العبي الفريق ولكن بعد هذه املزحة بدأ مييس يف االندماج بصورة أكرب‪.‬‬

‫بعد ذلك كان السبب الرئييس يف دخول مييس وسط املجموعة الرحلة التي قام بها فريق الناشئني للعب بطولة (مايسرتييل) الودية‬
‫يف مدينة بيزا اإليطالية‪ ،‬والتي متكن فيها ليو صاحب الـ‪ 14‬عاما والقميص رقم ‪ 14‬من الحصول فيها عىل لقب الهداف وأفضل العب‬
‫بعد الفوز عىل بارما يف النهايئ بهدفني‪.‬‬

‫خالل هذه الرحلة مل تتوقف مقالب بيكيه حيث يقص فاسكيز “يف اليوم األول أو الثاين من الرحلة رسق بيكيه كل متعلقات مييس‬
‫من غرفته مبا فيها املالبس وجهاز البالي ستيشن وتركها فارغة متاما بعد إخفاء كل هذه املحتويات يف غرفة أخرى‪ ،‬دخل مييس‬
‫املسكني الغرفة بعد تناول الطعام وبعضنا خلفه دون أن يدرك ثم وصل إىل الغرفة وبدأ يف البكاء قائالً‪ :‬لقد رسقوا كل يشء‪ ،‬ليس‬
‫لدي يشء‪ ،‬ال هاتف وال بالي ستيشن”‪.‬‬

‫بعدها أدرك ليو أنها مزحة وقرر الدخول أكرث وسط املجموعة‪ ،‬صحيح أنه مل يكن يفعل شيئا مجنونا مثل بيكيه ولكنه كان من حني‬
‫آلخر يقوم عىل سبيل املثال بأخذ شوكة من هذا يف املطعم أو كوب مياه‪ ..‬ال يشء أكرث من هذا‪.‬‬

‫ومن ضمن الطرائف األخرى التي يقصها فاسكيز عن تلك الفرتة عشق مييس للبالي ستيشن حيث تابع “مل يكن أحد قادرا عىل‬
‫هزميته لذا ابتكرنا شيئاً سميناه الهدف الذهبي‪ ،‬مباراة من ‪ 60‬دقيقة بحيث يرتك ذراع التحكم كل من يدخل مرماه هدفا للذي‬
‫يليه‪ ،‬ولكن مييس ظل ثالث ساعات كاملة دون أن يتحرك بعد أن لعب ضده الجميع تقريبا”‪.‬‬

‫زادت العالقة بني هذه املجموعة قوة بعد الصعود لفريق الناشئني (أ) تحت قيادة أليكس غارسيا‪ ،‬وكان من أشهر مباريات تلك‬
‫الفرتة تلك التي خاضوها أمام فريق دام حينام كان برشلونة متقدما بستة أهداف نظيفة إال أن العبي الخصم مل يتوقفوا عن ركل‬
‫مييس حتى تلقى األخري رضبة عنيفة للغاية‪.‬‬

‫يحيك سيسك فابريغاس هذه القصة قائال “نشبت مشاجرة بعد هذه الرضبات واضطر بيكيه للتدخل بتوجيه اللكامت للدفاع عنه‬
‫حتى تعرض للطرد”‪ ..‬كان بيكيه رسيع االنفعال أمام أقل يشء ولكنه كان يرغب يف حامية مييس بطوله البالغ حينها مرتا ً و‪ 80‬سم‪،‬‬
‫خاصة أنه كان يقول طوال املباراة “كفى ركالت‪ ،‬إنه ال يفعل شيئاً‪ ،‬إنه يقدم املتعة‪ ،‬إذا مل تستطع إيقافه ال تركله”‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫"موسم القناع" وخطيئة أرسنال‬

‫كان الفريق األول لربشلونة يف موسم ‪ 2003-2002‬ال يزال تائهاً يف صحراء البحث عن الذات تحت قيادة الهولندي لويس فان غال‬
‫والذي أقيل يف يناير يف ظل تواجد الربسا باملركز الثالث عرش ثم خلفه رادومري أنتيتش الذي أنهى الليجا يف املركز السادس‪ ..‬استقال‬
‫جوان جاسبارت من الرئاسة يف مطلع ‪ 2003‬وكان عهد جوان البورتا ورونالدينيو عىل وشك البداية‪.‬‬

‫يف مطبخ “الماسيا” كانت األمور مختلفة متاماً وخاصة يف فريق الناشئني “أ” الذي كان يتواجد به ليو تحت قيادة املدرب أليكس‬
‫جارسيا‪ ،‬الوحيد الذي لعب مييس معه يف قطاع ناشئي الربسا ملدة موسم كامل‪.‬‬

‫وشارك مييس خالل هذا املوسم يف كل مبارايات الدوري يف فئته العمرية وسجل ‪ 36‬هدفاً أي ما يزيد بخمسة أهداف عن زميله‬
‫فيكتور فاسكيز‪ ،‬حيث تعد تلك الفرتة مبثابة االنطالقة الحقيقية لالعب األرجنتيني‪.‬‬

‫ونجح فريق ليو هذا املوسم يف التتويج بكل يشء بداية من الدوري وما يعرف بإسم بطولة إسبانيا وبطولة كتالونيا‪ ،‬وإن كان مل‬
‫يشارك مييس يف تلك األوىل ألنه كان يسمح مبشاركة الالعبني اإلسبان فقط‪.‬‬

‫ويعد نهايئ بطولة كتالونيا من أشهر مبارايات مييس يف فريق الناشئني “أ” والسبب يف ذلك ما يعرف بإسم “قصة القناع”‪ ،‬حيث كان‬
‫ليو تعرض إلصابة قوية يف الوجه بآخر مباراة بالدوري أمام إسبانيول مام أدى ملعاناته من كرس يف وجنته‪.‬‬

‫كان الجميع يرغبون يف االطمئنان عىل مييس بعد هذه اإلصابة ومنهم مواطنه سافيوال نجم الفريق األول الذي أرسل له قميصه‬
‫متمنياً له التعايف رسيعاً‪ ،‬ولكن ليو كان يرغب يف خوض مباراة نهايئ بطولة كتالونيا أمام إسبانيول يف أقرب وقت‪.‬‬

‫طلب ليو من الجهاز الفني لفريق الناشئني “أ” والجهاز الطبي إعداد قناع واقٍ مثل ذلك الذي ارتداه قائد الفريق األول كارليس‬
‫بويول عقب تعرضه إلصابة مشابهة يف مطلع املوسم عقب صدام مع الهولندي فرانك دي بوير‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫بعد مناقشات طويلة بني جارسيا وليو واألطباء أذعن الجميع لرغبة الالعب عقب تحذيره بأن أقل اصطدام قد يجعل اإلصابة‬
‫تتفاقم ويخرس بسببها املوسم‪ ،‬ثم جاء موعد املباراة‪.‬‬

‫يف الدقيقة السابعة ينطلق مييس بالكرة عىل طرف امللعب وأثناء الركض يبدو أن القناع يضايقه‪ ،‬يقوم بضبطه ولكنه يفقد الكرة‬
‫ويبدو مستاء ويخرب جارسيا “ال أرى شيئاً” فريد األخري “تتذكر ما قاله لك الطبيب أليس كذلك؟”‪.‬‬

‫سواء أكان مييس يتذكر كالم الطبيب أم ال‪ ،‬فإن هذا مل مينعه من نزع القناع بعد تلقيه ثاين كرة ليعدو وهو ممسك إياه بيده‪ ،‬مير‬
‫من العب ثم اثنني ولكنه يفقد الكرة‪ ،‬يركض بعدها نحو طرف امللعب ويلقي القناع نحن الدكة موجهاً كالمه لجارسيا “ال تقلق لن‬
‫يحدث يشء”‪ ..‬بعدها بقليل يتلقى الكرة من فرانك سونجو ويسجل ثم من لعبة فردية يرواغ الحارس ثم يسجل‪ ..‬هدفني ملييس‬
‫يف ‪ 10‬دقائق‪.‬‬

‫يقرر جارسيا إخراج مييس بني الشوطني بعد أن أنهى الشوط األول بثالثية نظيفة يف املباراة التي انتهت لصالح فريقه بأربعة أهداف‬
‫لواحد حيث يقول املدرب حول هذه القصة “منذ مباراة القناع أدركت أن مييس يفهم كرة القدم انطالقاً من احرتامه لباقي الفريق‬
‫واملدرب واللعبة نفسها”‪.‬‬

‫يف نفس املوسم أيضاً كان أرسنال اإلنجليزي يتابع عددا ً من العبي فريق الناشئني “أ” بربشلونة عن طريق ممثل الـ”جانرز” يف‬
‫إسبانيا فرانسيس كاجيجاو الذي كان معجباً بشدة بذلك اليشء االستثنايئ الذي ميلكه سيسك يف رؤية الكرة واملهارة الفائقة ملييس‬
‫وأيضاً قدرات بيكيه الدفاعية‪.‬‬

‫كانت أوىل محاوالت كاجيجاو تتعلق مبييس حيث متكن من الوصول لوالده خورخي لعرض األمر عليه حيث استمع للعرض ولكنه‬
‫رفض نتيجة لبعض الصعوبات وأولها أن النادي اإلنجليزي مل يكن ميكنه عرض شقة عائلة ملجرد العب يف فريق الناشئني “أ” بجانب‬
‫عدم سهولة الحصول عىل إذن العمل‪ ...‬هكذا ضاعت عىل أرسنال رمبا أهم صفقة محتملة يف تاريخه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أرواح ميسي األربع ومواجهة راموس األوىل‬

‫بدأت إدارة جوان البورتا خالل موسم ‪ 2004-2003‬يف تحسني أوضاع النادي‪ ،‬حيث أنهى الفريق األول املوسم يف املركز الثاين تحت‬
‫قيادة الهولندي فرانك ريكارد‪ ،‬وحينها سجل رونالدينيو ‪ 25‬هدفا يف كل املسابقات وكان يبهر الجميع ونجح يف توحيد صفوف‬
‫الجامهري‪ ،‬ولكن الربسا يف الوقت نفسه كان عىل موعد مع حدث مل يسبق له مثيل يف تاريخه وكان بكل تأكيد مرتبطا مبييس‪.‬‬

‫كان ليونيل يلعب يف بداية ذلك املوسم مع فريق الشباب “ب” تحت قيادة مواطنه جيريمو أويوس ولكنه عىل مداره لعب أيضا‬
‫مع فريق “الشباب أ” ومع الفريقني الثاين والثالث للربسا‪ ..‬ميكن أن يكون هذا هو “موسم مييس ذي األربع أرواح”‪ ،‬ورمبا الخمس‬
‫إذا ما أخذت يف االعتبار مباراته األوىل غري الرسمية مع الفريق األول التي خاضها أمام بورتو الربتغايل تحت قيادة جوزيه مورينيو‪.‬‬

‫بدأ ليو املوسم باملشاركة يف أربع بطوالت ودية مع فريق الشباب “ب”‪ ،‬واحدة يف اليابان واثنتني يف إسبانيا واألخرية يف إيطاليا‪،‬‬
‫حيث حصل فيها جميعا عىل لقب أفضل العب‪ ،‬حيث مل يخرس مع فريقه طوال فرتة اإلعداد سوى مباراة واحدة أمام ريال مدريد‪.‬‬

‫يف فرتة اإلعداد‪ ،‬كان الفريق الثاين لربشلونة تحت قيادة بريي جراتاكوس يدرب يف الـ”مينيستادي” مع فريق الناشئني “ب”‪ ،‬ولفت‬
‫انتباهه ذلك الفتى األرجنتيني الذي ميتلك مهارة رائعة مع الكرة وقدرة كبرية عىل املراوغة‪ ،‬حيث مل ينتظر كثريا بعدها وطلب أن‬
‫يتدرب مييس مع فريقه‪.‬‬

‫باختصار فإن مييس بعد أشهر قليلة من الصعود لفريق أويوس وهو ال يزال عمره ‪ 16‬عاما كان مطلوبا منه أن يلعب يف فريق‬
‫الناشئني “أ” والتدرب مع الفريق الثاين لربشلونة ويف منتصف كل هذا اضطر أيضا للتدرب مع فريق الشباب “أ” تحت قيادة خوان‬
‫كارلوس روخو بل وأيضا مع الفريق الثالث مع املدرب بيب بوادا‪.‬‬

‫ومل يكن األمر مع بوادا يقترص عىل التدريبات فقط‪ ،‬حيث إن الفريق الثالث لربشلونة كان يعاين من مشكالت كبرية بتذيّله ملجموعته‬
‫يف دوري الدرجة الثالثة بعد الفوز مبباراة واحدة من أصل ‪ 15‬قبل أن يلعب له مييس ويسجل خمسة أهداف يف ‪ 10‬مباريات من‬
‫ضمنها اثنان يف أربع دقائق أمام فريق جرامينيت ليخرج الفريق من أزمته‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫مل يتوقف األمر عند هذا‪ ،‬حيث لعب ليو مع الفريق الثالث للربسا يف الكأس أمام إشبيلية‪ ،‬حيث كان حينها رسخيو راموس القائد‬
‫الثاين لريال مدريد حاليا يلعب كظهري أمين للنادي األندليس وكُلف مبراقبة مييس الذي سجل خالل هذه املباراة ثالثة أهداف يف‬
‫مثاين دقائق‪.‬‬

‫يتحدث جراتاكوس الذي كان له دور كبري يف مشاركة مييس مع الفريق األول لربشلونة وتصعيده له الحقا “غالبا ما كنت أضع مييس‬
‫يف الناحية اليمنى‪ .‬كنت أجتمع كل ثالثاء مع فرانك (ريكارد) وكان يرص عىل رضورة نسخ النموذج الذي يتبعه مع الفريق الثاين‪..‬‬
‫كان يضع رونالدينو عىل اليسار وهو أمين وأنا كنت أفضّ ل اليشء نفسه مع ليو ولكن بالعكس‪ ،‬كان يلعب عىل اليمني وهو أيرس‪،‬‬
‫مبراوغات من األطراف للعمق بشكل يتيح له التسديد أو مغافلة الدفاع والتوغل”‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ريكارد وفرصة ميسي‬

‫كان يوم الثالثاء املوافق ‪ 11‬نوفمرب‪ /‬ترشين الثاين ‪ 2003‬يحمل أهمية كبرية يف تاريخ مييس‪ ،‬حيث التقى بريي جراتاكوس‪ ،‬مدرب‬
‫الفريق الثاين لربشلونة‪ ،‬مع الهولندي فرانك ريكارد‪ ،‬مدرب الفريق األول‪ ،‬يف اجتامعهام األسبوعي املعتاد‪.‬‬

‫“بريي‪ ،‬أمتنى أال تستاء مام سأقوله ألنه قد يفسد خططك ولكن مطلوب مني خوض مباراة ودية أمام بورتو وأغلب الالعبني مع‬
‫منتخباتهم‪ ،‬لذا سأحتاج بعضاً ممن لديك”‪ ..‬كانت هذه هي الجملة التي قالها ريكارد لجراتاكوس‪ ،‬ليخربه األخري بعدها بأنه ال توجد‬
‫مشكلة ويقرتح عليه ضم أوريول ومييس قبل أن يقول “خذهام معك وحينام نلتقي األسبوع املقبل أخربين رأيك”‪.‬‬

‫يقول مييس يف حوار مع قناة الربسا متذكرا شعوره يف تلك اللحظة “كل ما كنت أفكر فيه هو االستمتاع بتجربة السفر مع الفريق‬
‫األول‪ ،‬ألنه كان شيئا جديدا للغاية بالنسبة لنا”‪ ..‬ولكن الحقيقة أن األمر لليو كان أكرب من هذا حيث اعترب حينها أن تلك اللحظة‬
‫كانت تجسيدا لكل املجهود الذي بذله هو وعائلته‪ ..‬الليلة التي سبقت السفر‪ ،‬مل ينم بسهولة‪.‬‬

‫كانت مشاركة ليو مع الفريق األول للربسا مبباراة غري رسمية يف ‪ 16‬نوفمرب ‪ 2003‬أمام بورتو الربتغايل مبناسبة افتتاح ملعبه الجديد‪،‬‬
‫عمره حينها كان ‪ 16‬عاما و‪ 145‬يوما‪ ،‬حيث دخل املباراة يف الدقيقة ‪ 75‬مرتديا القميص رقم ‪ ..14‬ذلك الذي كان يخص األسطورة‬
‫يوهان كرويف‪.‬‬

‫مل تكن أجواء التبديل ودودة حيث خرج فرناندو نابارو وعىل وجهه عالمات االستياء‪ ..‬كان عائدا من اإلصابة ويرغب يف إكامل املباراة‬
‫الودية للدخول يف الوترية املطلوبة‪ ،‬حيث يقول نابارو حول هذا األمر “حينام أشاهد هذه اللقطات أبتسم‪ ،‬أنا كنت أرغب يف اللعب‬
‫بعد ابتعادي لفرتة بسبب اإلصابة‪ ،‬هذا أمر طبيعي‪ ،‬ولكن عىل األقل ميكنني القول إنني من قدمت ألفضل العب يف العامل حاليا‬
‫ورمبا التاريخ جانباً من فرصة إظهار ذاته”‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫خالل الدقائق القليلة التي لعبها مييس يف مركز املهاجم الوهمي بطلب من ريكارد‪ ،‬وكان قريبا للغاية من التسجيل يف فرصتني‪،‬‬
‫األوىل كانت يف غفوة من الدفاع ولكن الحارس متكن من التقاطها‪ ،‬أما الثانية فكانت أكرث خطورة حيث رسق الكرة من الحارس‬
‫لينطلق أمام املرمى الفارغ‪ ،‬ولكنه بدال من التسديد مررها بطريقة غري دقيقة ألوريول‪ ،‬وحتى هذه اللحظة يقول مييس “ال أعرف‬
‫ملاذا لعبتها بهذه الطريقة”‪.‬‬

‫خرس برشلونة هذه املباراة الودية بهدفني نظيفني‪ ،‬وخالل املؤمتر الصحايف أوىف ريكارد الفتى صاحب الـ‪ 16‬عاما حقه حيث تحدث‬
‫ومبش”‪.‬‬
‫عنه قائال “لقد خلق فرصتني وكان قريبا للغاية من التسجيل‪ ،‬لديه موهبة كبرية وأمامه مستقبل مرشق ّ‬

‫يف الوقت نفسه يقول تني كات‪ ،‬مساعد ريكارد يف تلك الفرتة‪ ،‬إن جوزيه مورينيو‪ ،‬مدرب بورتو حينها‪ ،‬مل يقل أي يشء بخصوص‬
‫مييس‪ ،‬حيث أضاف “لكنه كان يجهل من هو متاما”‪.‬‬

‫بعد املباراة يف ‪ 18‬نوفمرب ‪ ،2003‬خصصت صحيفة “املوندو ديبورتيفو” الرياضية أول غالف لها عن مييس ووصفته بـ”النجم القادم”‬
‫يف صدر صفحتها الرئيسية‪ ،‬واختارت صورة لليو وهو يقوم بـ”تنطيط” برتقالة‪.‬‬

‫ارتفعت بعض األصوات حينها اعرتاضا عىل األمر داخل الجريدة وأيضا من الجمهور معتربين األمر ينم عن مبالغة‪ ،‬ولكن بعد كل‬
‫هذه السنوات ثبت أن األمر ليس كذلك فمييس مل يتوقف عن إبهار الجميع مبراوغاته وملساته‪.‬‬

‫تلك الربتقالة التي شاركت مييس غالف الجريدة يف ذلك اليوم ال تزال موجودة‪ ،‬حيث يحتفظ بها الصحايف روبرتو مارتينيز داخل‬
‫صندوق زجاجي محكم الغلق ويفعل كل ما يف وسعه حتى ال تفسد فهي التي كانت شاهدة عىل اقرتاب حلم مييس من عامل الواقع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فشل إسبانيا ودور بييلسا مع “ميتشي”‬

‫مل تكن مسألة انضامم ليونيل مييس ملنتخب األرجنتني للشباب سهلة أيضاً‪ ،‬حيث مرت بالكثري من املنعطفات‪ ،‬بداية من رفضه عرضاً‬
‫للعب باسم منتخب إسبانيا يف نفس الفئة العمرية‪ ،‬ألنه كان يشعر قبل أي يشء بأنه أرجنتيني وال يشء غري ذلك‪ ،‬وكان والده يشاركه‬
‫نفس الرأي‪ ،‬وحتى الصعوبات التي واجهته قبل أن يرتدي قميص “األلبيسيليستي” للمرة األوىل‪.‬‬

‫من ضمن األمور‪ ،‬الطريقة يف مسألة استدعاء مييس ألول مرة من قبل األرجنتني هي الخطاب الذي أرسله االتحاد األرجنتيني لكرة‬
‫القدم لنادي برشلونة ليطلب انضامم “ ليونيل ميتيش” (نعم! هكذا كانت مكتوبة يف الخطاب!) إىل معسكر للفريق يف منتصف‬
‫يونيو‪/‬حزيران ‪ ،2004‬وأجاب النادي الكتالوين باملوافقة مشرتطا أن يكون األمر بعد انتهاء كأس امللك للشباب‪.‬‬

‫قبل ذلك “الخطأ املطبعي” كانت مسألة استدعاء مييس “محل شك”‪ ،‬ولكن كالوديو فيفاس‪ ،‬مساعد مدرب منتخب األرجنتني‪،‬‬
‫مارسيلو بييلسا‪ ،‬حينها لعب مع األخري دورا هاما يف ارتداء ليو لقميص “راقيص التانغو” ألول مرة يف حياته‪.‬‬

‫تبدأ القصة حينام كان كالوديو يف جولة أوروبية لتفقد املواهب األرجنتينية املوجودة يف الخارج‪ .‬حينها مل يكن مييس يعنيه ألنه مل‬
‫يكن العبا قد يهتم بييلسا بضمه إىل املنتخب األول‪ ،‬ولكن أحد العاملني يف مكتب جوسيب مينجيال‪ ،‬وكيل مييس‪ ،‬ويدعى خورخي‪،‬‬
‫حدثه عن رغبة إسبانيا يف تجنيس ليو ليلعب باسمها‪ ..‬كان كالوديو يدرك متاما من هو مييس‪ ،‬فهو يف األساس من أحد أبناء نيولز‬
‫أولد بويز بل سبق ودرب شقيقه األكرب رودريغو‪.‬‬

‫سلم خورخي إىل كالوديو رشيطا كان يضم بعض اللقطات ملييس‪ ،‬فشاهده وانبهر‪ ،‬لذا قال له‪“ :‬قل لوالد الفتى أن يهدأ‪ .‬سأحاول‬
‫الخروج بأمر ما”‪ ،‬ثم أبلغ مارسيلو بييلسا باملوضوع الذي نصحه باالتصال مبدرب األرجنتني تحت ‪ 17‬عاما هوغو توكايل ليتوىل األمر‪.‬‬

‫حينام عاد كالوديو إىل األرجنتني سلم توكايل الرشيط وقال له “من فضلك ال تجعلنا نفقد هذه الفرصة”‪ ،‬فجاء الرد باردا من األخري‪..‬‬
‫الحقيقة أن توكايل‪ ،‬نظرا إلرصار كالوديو‪ ،‬كان يظن أن األمر يتعلق مبكسب تجاري خفي ينتظره لذا مل يعطه قدرا من االهتامم‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫بعدها بأيام التقى بييلسا بكالوديو وشعر أنه مستاء وسأله عن السبب فأجاب‪“ :‬لقد خضت مواجهة بسبب هذا الفتى مييس‪،‬‬
‫وأعتقد أن األرجنتني ستخرس كثريا إذا مل نقم بخطوة ما‪ ،‬فلنستدعه يف املنتخب األول وليكن العبا احتياطيا”‪.‬‬

‫طلب بييلسا من مساعده االنتظار‪ ،‬وبعدها بأيام قليلة تلقى توكايل أوامر من قيادات رفيعة يف االتحاد األرجنتيني مبراجعة مقطع‬
‫الفيديو جيدا والقيام بيشء بخصوصه‪ ..‬حينام شاهده بدأت وجهة نظره تتغري ليجتمع مع خوليو غروندونا رئيس االتحاد‪ ،‬ويتفقا‬
‫عىل تنظيم مباراتني وديتني لفريق تحت ‪ 17‬عاما‪ ،‬لريتدي مييس قميص منتخب األرجنتني ولقطع أية مساع إسبانية للحصول عىل‬
‫خدماته‪.‬‬

‫كان االتفاق بني مسؤويل االتحاد ومييس ووالده واضحا‪ :‬ليو لن يلعب كأس العامل لألرجنتني تحت ‪ 17‬عاما يف ‪ ،2003‬ألن الفريق‬
‫أصبح جاهزا بالفعل‪ .‬ولكنه تلقى وعدا باللعب يف مونديال هولندا تحت ‪ 20‬عاما يف ‪.2005‬‬

‫ولعب مييس أول مباراة مع منتخب األرجنتني للشباب وعمره ‪ 17‬عاما يف ‪ 29‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2004‬أمام باراغواي عىل ملعب‬
‫أرخنتينوس جونيورز‪ ،‬حيث نزل بداية من الشوط الثاين حينام كانت األرجنتني متقدمة برباعية نظيفة وسجل يف الدقيقة ‪ 80‬هدف‬
‫املباراة السابع واألول له بقميص األرجنتني‪.‬‬

‫يف الودية التالية أمام أوروغواي‪ ،‬لعب مييس أيضا من بداية الشوط الثاين حيث سجل هدفني (ق‪ 47‬وق‪ )56‬وشارك يف صناعة‬
‫الرابع‪ ،‬ثم جاء موعد بطولة أمريكا الجنوبية تحت ‪ 20‬عاما يف كولومبيا‪ ،‬والتي أقيمت بني يناير‪/‬كانون الثاين وفرباير‪/‬شباط ‪2005‬‬
‫والتي كانت تؤهل أول أربع فرق ملونديال الشباب‪.‬‬

‫كان الفريق حينها يلعب تحت قيادة بانشو فريانو بعدما أصبح توكايل مساعدا لخوسيه بيكرمان مع املنتخب األول‪ ..‬األمور يف‬
‫البطولة مل تكن تسري عىل ما يرام‪ ،‬فاألرجنتني فازت بأربع مباريات وتعادلت مبثلها وآخر مباراة كانت أمام الربازيل‪ ،‬ووحده الفوز‬
‫كان يضمن لها املركز الثالث والتأهل ملونديال هولندا‪.‬‬

‫كانت النتيجة هي التعادل اإليجايب بهدف ملثله حتى (ق‪ )65‬حينام مرر بارينتوس كرة عرضية لليو‪ ،‬مل يتوان عن إيداعها يف الشباك‪،‬‬
‫ليسجل أول أهدافه يف بطولة رسمية يف مرمى الربازيل‪ ،‬ويتأهل “راقصو التانغو” ملونديال هولندا‪ ..‬مييس لعب دور املنقذ مجددا‬
‫ولكن مع كيان جديد سيكون نجمه عام قريب‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫االنطالقة الكتالونية واهلدف األول ريكارد ورونالدينيو‬

‫واصل برشلونة يف موسم ‪ 2005-2004‬عملية إعادة الهيكلة الرضورية تحت قيادة فرانك ريكارد والتي تضمنت رحيل إدغار ديفيدز‬
‫وباتريك كلويفرت وفيليب كوكو بجانب اعتزال كل من لويس إنرييك ومارك أوفرمارس‪ ،‬مع الحصول عىل ديكو وبيليتي وادميلسون‬
‫وسيلفينيو وإيتو‪.‬‬

‫شعر مييس يف تلك الفرتة وبعد مشاركته األوىل مع الفريق األول يف مباراة بورتو الودية عام ‪ 2003‬بأن األبواب التي فتحت له بدأت‬
‫تغلق مجددا‪ ..‬الشكوك بدأت تطفو وكانت طبيعية من الجانبني‪“ ..‬هل وقفت عند هذا الحد؟ سؤال تكرر يف ذهن ليو‪ ،‬يف الوقت‬
‫الذي كان الجهاز الفني ال يزال مل يضع ثقته الكاملة يف مسألة تصعيد “الربغوث” واالعتامد عليه كثريا‪.‬‬

‫كانت اإلدارة ترى يف مييس شيئا مختلفا‪ ،‬لذا اقرتح مدير قطاع الناشئني جوسيب كولومري عىل مييس أن يزور طبيبا نفسيا ليساعده‬
‫يف التعامل مع مسألة الضغط الذي كان يقع عليه أثناء االنتظار‪ ،‬ووافق ليو عىل الرغم من عدم اقتناعه باألمر‪ ،‬ولكنه رسيعا ما أبلغ‬
‫النادي بأنه ال ميكنه التعامل مع شخص ال يثق فيه‪.‬‬

‫انكرست الثقة بني الطرفني حينام شعر مييس كام لو كان فأر تجارب‪ ،‬بعدما اصطحب الطبيب عددا من تالميذه ملشاهدة كيف‬
‫يعمل مع ليو‪ ..‬شعر “الربغوث” باالستياء من هذا املوقف‪ ،‬كام أنه يف األساس كان يرى نفسه مؤهال للتعامل مع أي ضغوطات‪،‬‬
‫بجانب زيادة ثقته بنفسه بعد متكنه من زيادة وزنه يف الفرتة بني أغسطس ‪ 2003‬وأبريل ‪ 2004‬مبقدار ثالثة كليوغرامات و‪700‬‬
‫غرام‪ ،‬أغلبها من العضالت‪.‬‬

‫استمر ليو يف صناعه اسمه بالفريق الثاين لربشلونة تحت قيادة بريي جراتاكوس‪ ..‬كان نجم الفريق ويلعب بصورة مستمرة‪ ،‬مام لفت‬
‫انتباه ريكارد مجددا‪ ،‬وجعله يتدرب مع الفريق األول ليوم واحد كل أسبوع‪ ،‬بل وأخرب عائلته “أرى يف ليو إمكانات استثنائية‪ ،‬ولكن‬
‫ال يجب الترسع وإعطاء األمور وقتها”‪.‬‬

‫زادت عدد األيام التي يتدرب فيها مييس مع الفريق األول الثنني لدرجة أنه أثار إعجاب رونالدينيو وديكو اللذين قاال لريكارد “هذا‬
‫الفتى يجب أن يلعب معنا بالفعل”‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫كان مييس عىل موعد مع مباراته الرسمية األوىل مع برشلونة بعد مرور ست جوالت يف الليغا يف ظل احتالل الربسا للصدارة بـ‪16‬‬
‫نقطة بفضل دفاعه القوي وأهداف إيتو وسحر رونالدو الهجومي‪ ،‬تحديدا أمام إسبانيول يف ‪ 16‬أكتوبر ‪ 2004‬حيث حل ليو بديال‬
‫لديكو قبل مثاين دقائق عىل نهاية املباراة يف ظل تقدم برشلونة بهدف نظيف‪.‬‬
‫مل يسعف الوقت مييس للقيام بيشء ولكن سيظل التاريخ يقول إنه كان أصغر العب يف تاريخ الفريق األول يشارك يف بطولة رسمية‬
‫مع الفريق‪ ،‬حيث كان سنه حينها ‪ 17‬عاما وأربعة شهور‪.‬‬

‫كان ليو يستغل كل مرة يتدرب فيها مع الفريق األول‪ ،‬أو يتم استدعاؤه ملباراة للتقرب أكرث من رونالدينيو وسيلفينيو حيث اعتاد‬
‫معهام عىل مامرسة لعبة ترفيهية هي “كرة القدم بأسلوب التنس” والتي كان يصنع فيها حدودا مللعب مصغر برشيط الصق‬
‫وتوضع قطعة من القامش بدال من الشبكة يف املنتصف‪.‬‬
‫القواعد كانت بسيطة‪ ،‬الكرة يجب أن تلمس أرض الخصم مرة واحدة قبل تخطي حدود الرشيط الالصق الحتساب نقطة لصالح‬
‫من أرسلها‪ ،‬فيام أن املتلقي سواء كان فردا أو فريقا ال يجب أن يقوم بأكرث من ثالث ملسات للكرة قبل ردها مجددا فيام أن الفائز‬
‫هو أول من يحرز ‪ 11‬نقطة‪.‬‬

‫كان سيلفينيو هو أفضل من ميارس هذه اللعبة الرتفيهية قبل وصول مييس حتى أمام رونالدينيو ولكن حينام دخل ليو تغريت كل‬
‫األمور‪ ،‬حيث اعتربها مبثابة تحد يكسبه احرتام باقي الفريق ويصنع له نوعا من السمعة‪.‬‬
‫اعتاد الجهاز الفني مراقبة هذا النوع من األنشطة الرتفيهية عىل الرغم من عدم كونها جزءا من االلتزامات اليومية‪ ،‬ألنها كانت‬
‫تظهر الطابع التنافيس بني الالعبني وطموحاتهم ويف نفس الوقت مهاراتهم وإمكاناتهم بجانب رفع حالتهم الذهنية‪.‬‬

‫كان مييس عىل موعد مع تسجيل أول هدف رسمي له مع الفريق األول يف مباراة ألباسيتي املعقدة‪ ،‬فتشايف موقوف‪ ،‬وال ميكنه‬
‫اللعب‪ ،‬وإنييستا مل يقدر عىل ملء فراغه‪ ،‬والخصم يتكتل دفاعيا والربسا متقدم بهدف واحد فقط‪ ..‬األمور كانت صعبة للغاية‪.‬‬
‫يتوجه تني كيت مساعد ريكارد ملييس ويقول له “استعد وقم باإلحامء”‪ ،‬ينظر إيتو من داخل امللعب للدكة‪ ،‬ويعطي إشارة تفيد‬
‫بعدم رغبته يف الخروج ولكن ريكارد بالفعل كان قرر تبديل الكامريوين بعد أن قال لليو “العب كام اعتدت دامئا‪ ،‬متركز يف الناحية‬
‫اليمنى”‪.‬‬

‫خرج إيتو يف الدقيقة ‪ 42‬وهو يف قمة االستياء وحيا مييس بطريقة باردة ثم اتجه مبارشة لغرف املالبس وسط تأنيب من تني‬
‫كيت‪ ،‬بينام عىل الجانب اآلخر يف امللعب يدرك ليو إنه تتبقى ثالث دقائق من أجل ضامن الفوز‪ ،‬فريال مدريد كان يقرتب ويهدد‬
‫صدارة برشلونة‪ ،‬ولكن ها هو رونالدينيو يقول ملييس “سأصنع لك هدفا وستسجل‪ ،‬وغدا ستكون صورتك عىل كل األغلفة”‪.‬ينطلق‬
‫رونالدينيو ويراوغ ويرسل كرة بينية ملييس الذي يضعها من فوق الحارس‪ ،‬ولكن الحكم احتسب الكرة تسلال‪ ،‬يقرتب الحارس من‬
‫ليو ويداعبه يف شعره ملواساته‪ ،‬ولكن الساحر الربازييل يقول لليو “ال تقلق سأصنع لك كرة أخرى”‪.‬‬

‫تصل الكرة يف الدقيقة األوىل من الوقت بدل الضائع ملييس الذي يتبادل الكرة مع الساحر الربازييل ليجعل األرجنتيني يف وضع‬
‫مثايل إلسقاط الكرة من فوق الحارس وهو ما حدث بالفعل‪ ..‬ينطلق مييس ليحتفل بالهدف ثم يتوقف ليعود للخلف ويقفز فوق‬
‫ظهر رونالدينيو ليحتفل معه اعرتافا بفضله‪.‬‬

‫فاز برشلونة بالليغا هذا املوسم ألول مرة منذ خمس سنوات‪ ،‬يف ظل مشاركة ليو مع الفريق األول لـ‪ 77‬دقيقة مل تكن كلها يف‬
‫الدوري‪ ،‬بل تضمنت الدقائق التي خاضها يف مشاركته األوىل بدوري األبطال أمام شاختار دونيتسك األوكراين‪.‬‬

‫عىل الرغم من أن مشاركة مييس مع الفريق األول يف هذا املوسم مل تكن كبرية‪ ،‬ولكنه يدرك أهمية هذه الفرتة يف حياته‪ ،‬كام يقول‬
‫يف ترصيحاته لقناة برشلونة يف ‪“ 2013‬يف بعض األحيان مل أفهم ملاذا كان يسري ريكارد معي بهذا البطء‪ ،‬ولكن اآلن أنظر لهذه األمور‬
‫بهدوء وأدرك أن هذا كان األفضل بالنسبة يل‪ ،‬أنا ممنت له بصورة كبرية”‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مونديال الشباب ‪ 2005‬وركالت املصريني‬

‫كان عام ‪ 2005‬مهام للغاية بالنسبة ملييس‪ ،‬فبخالف مشاركته يف بطولتي أمريكا الجنوبية بكولومبيا ومونديال الشباب تحت ‪ 20‬عاما‬
‫بهولندا وقع عىل ثالث عقد له مع برشلونة‪ ،‬األول االحرتايف‪ ،‬يف يوم عيد ميالده وأثناء مشاركته يف كأس العامل‪.‬‬

‫كان العقد األول بكل تأكيد هو “ورقة املنديل” الشهرية لكارليس ريكساش‪ ،‬أما الثاين فذلك الذي اتفق عليه يف الرابع من فرباير‬
‫‪ 2004‬وكان يتضمن رشطا جزائيا بقيمة ‪ 30‬مليون يورو اذا ما صعد ليو لفريق برشلونة الثالث و‪ 80‬مليوناً اذا ما وصل للثاين و‪150‬‬
‫مليوناً اذا ما وصل لألول‪.‬‬

‫جرى التوقيع عىل العقد الثالث يف مدينة أوتريخت قبل نصف نهايئ مونديال هولندا تحت ‪ 20‬عاما أمام الربازيل حيث سافر املدير‬
‫الريايض تشييك بيجرستاين إىل املدينة الهولندية إلمتام األمر بصحبة خورخي مييس‪.‬‬

‫كان مييس حينها أكمل السن القانوين ويحق له استبدال عقد العمل الذي وقعه والده بأخر للمحرتفني مذيال بتوقيعه الشخيص حيث‬
‫مدد ارتباط ليو مع برشلونة عامني إضافيني حتى ‪ 2010‬ولكن مع زيادة العائد املادي‪ ،‬حيث جرى االتفاق عىل مليون و‪ 450‬ألف‬
‫يورو إذا ما لعب ‪ 25‬مباراة يف املوسم مع إضافة مليون أخر إذا ما وصل عدد املباريات لـ‪ ،45‬بجانب مكافأة بقيمة ‪ 225‬ألف يورو‬
‫يحصل عليها يف أكتوبر‪/‬ترشين األول ‪.2005‬‬

‫حينها قال بيجرستاين عن األمر‪“ :‬نحن نثق فيه كثريا كالعب ولدينا قناعة بأن مشاركته مع الفريق األول ستصبح ذات أهمية اآلن‪،‬‬
‫ليو سيكون قادرا عىل تغيري وترية وديناميكية الكثري من املباريات”‪.‬‬

‫بخالف هذا األمر شهد ‪ 2005‬وتحديدا يف معسكر منتخب الشباب قبل مونديال هولندا تعرف مييس عىل صديقه الحايل رسخيو كون‬
‫أغويرو الذي مل يكن حتى ذلك الحني يعرف من هو ليو‪ ..‬لقد كان أغويرو العبا يف إندبندينتي األرجنتيني ومل يكن مهتام مبتابعة‬
‫أخبار الكرة األوروبية ولكن حدث تقارب بني الالعبني خاصة بعد تشاركهام نفس الغرفة ليصبحا صديقني مقربني‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مل تكن بداية املونديال جيدة بالنسبة لألرجنتني أو ليو حيث تعرض خوسيه سويا لإلصابة بكرس يف املعصم وكان من املفرتض أن‬
‫يزامل بابلو فيتي يف الهجوم‪ ،‬ظن الجميع أن االختيار سيقع عىل مييس لبدء املباراة ولكن هذا مل يحدث‪ ،‬حيث قرر بانشو فريارو‬
‫الدفع بغوستافو أوبرمان ألنه مل يكن مقتنعا بأن ليو بإمكانه خوض مباراة كاملة ألسباب بدنية‪.‬‬

‫قبل االسرتاحة بست دقائق تأخرت األرجنتني بهدف‪ ،‬أخرب فريارو مييس بأن يجري متارين اإلحامء من أجل دخول امللعب بدال من‬
‫أرمنتريوس ولكن التغيري مل يأت بأي مثار سوى بعض االنطالقات واملهارات لكن دون هز شباك الخصم‪.‬‬

‫قبل املواجهة الثانية أمام مرص طلب قادة الفريق (كارلوس زاباليتا ولوكاس بيليا) االجتامع مع املدرب وأخربوه برغبتهم يف أن يبدأ‬
‫ليو املباراة أساسيا‪ ،‬بينام تقول رواية أخرى غري مؤكدة أن خوليو جروندونا قال لفريارو “فليلعب مييس وإال ستنىس منصبك”‪ ،‬ولكن‬
‫أيا كان فإن املدرب كان قد اقتنع برضورة الدفع بليو أساسيا‪.‬‬

‫يقول أوبرمان عن املباراة التي خاضها مييس أمام مرص‪“ :‬لقد أظهر شخصيته‪ ،‬أتذكر أنه يف مباراة مرص وجهوا له ركلة لو تلقيتها‬
‫أنا ملا نهضت من مكاين ولكنه نهض واستمر ومل يحتج عىل الحكم‪ ،‬بل أنا الذي فعلت هذا”‪.‬‬

‫متكن مييس من التسجيل يف هذه املباراة (د‪ )47‬وأضاف زاباليتا الهدف الثاين (د‪ )91‬لتنتهي املباراة بفوز األرجنتني بهدفني‪ ،‬ثم‬
‫متكن من صناعة الهدف األول لكاردوزو أمام أملانيا يف املباراة التالية التي تعقدت فيها األمور بحالة طرد مام دفع املدرب إلخراج‬
‫ليو واجراء تغيري دفاعي وسط استياء من األخري اعتذر عنه الحقا‪.‬‬

‫عاد ليو يف مثن النهايئ للتسجيل مجددا يف مرمى كولومبيا يف أول مباراة كاملة يلعبها مع الفريق أثناء تأخر األرجنتني بهدف من‬
‫زاوية صعبة وعقب لعبة تدرب الفريق عليها يف اليوم السابق قبل أن يضع باروسو الهدف الثاين ويتأهل فريقه‪.‬‬

‫التقت األرجنتني يف ربع النهايئ مع إسبانيا حيث التقى ليو بزميله السابق يف الربسا سيسك فابريغاس الذي كان انتقل ألرسنال حينها‬
‫وبعد تبادل الذكريات الجميلة بدأت املباراة التي فازت بها األرجنتني بنتيجة ‪ 1-3‬حيث صنع ليو الهدف الثاين ألوبرمان وسجل‬
‫الثالث بعد مراوغة رائعة‪.‬‬

‫واصل ليو يف نصف النهايئ عادته املفضلة بالتسجيل يف الربازيل حيث انطلق من الناحية اليرسى (د‪ )7‬وبعد ملستني فقط أصبح‬
‫متهيئا إلطالق صاروخ داخل شباك الخصم الذي تأخر كثريا يف التعادل (د‪.)75‬‬

‫تزداد املباراة صعوبة ولكن مييس يف الدقيقة (‪ )93‬يتلقى الكرة ويرواغ ليجد أغويرو دون رقابة يف منطقة الجزاء ميرر الكرة ال‬
‫يتمكن “كون” من اللحاق بها ولكنها تصل لزاباليتا الذي يسدد لتصطدم الكرة مبدافعني ولكنها تدخل الشباك‪ .‬هدف! األرجنتني‬
‫أصبحت يف النهايئ والفضل يعود ملييس‪.‬‬

‫كانت األرجنتني عىل موعد يف النهايئ مع نيجرييا التي أزاحت املغرب من الدور السابق وكان العبها جون أويب ميكيل مرشحا بقوة‬
‫للحصول عىل جائزة أفضل العب يف البطولة‪ ،‬ولكن تلك املكاملة التي أجراها األسطورة دييغو أرماندو مارادونا وتحدث فيها مع‬
‫مييس وطالبه فيها برضورة التتويج يبدو أن تأثريها كان قويا‪.‬‬

‫يف الدقيقة ‪ 38‬ينطلق مييس ويركض ويرواغ ال يوجد حل أمام الدفاع سوى عرقلته ولكن داخل املنطقة لتحتسب ركلة جزاء كان‬
‫من املفرتض أن يسددها زاباليتا ألنه القائد ولكن مييس يأخذ الكرة بكل ثقة ويضعها عند نقطة الجزاء يستعد ويسددها بكل ثقة‬
‫وبرود عكس اتجاه الحارس معلنا تقدم فريقه‪.‬‬

‫تتعادل نيجرييا (د‪ )52‬ولكن أغويرو ينجح يف الحصول عىل رضبة جزاء لفريقه بعدها بثلث ساعة يتقدم ليو بنفس الثقة ليسددها‬
‫وينجح يف وضعها مجددا وتنتهي املباراة بتتويج األرجنتني باللقب‪ ..‬مييس نجح مجددا يف إثبات نفسه‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫بطاقة محراء وبكاء و”صيف إيطالي” متوتر‬

‫كان املدير الفني للمنتخب األول األرجنتيني خوسيه بيكرمان يرغب يف مكافأة ليونيل مييس عىل املستوى الذي قدمه يف مونديال‬
‫تحت ‪ 20‬عاما‪ ،‬لذا قرر ضمه لقامئة الفريق يف ودية أمام املجر التي احتضنتها بودابست يف أغسطس‪/‬آب ‪.2005‬‬

‫مل يكمل مييس داخل امللعب سوى ‪ 92‬ثانية فقط حينام حاول املدافع املجري فيلموس فانزاك إيقافه بتدخل قوي وأمسك بقميصه‪،‬‬
‫لكن مييس قاوم وحاول اإلفالت بذراعه ولكنه أثناء هذا األمر اصطدم بعنق الخصم الذي سقط عىل األرض وهو يغطي وجهه‪.‬‬
‫توجه الحكم ماركوس مريك وأشهر بطاقة حمراء يف وجه مييس وصفراء يف وجه خصمه املجري وسط اعرتاض من العبي األرجنتني‪،‬‬
‫فيام مل ينجح ليو يف تصديق األمر وخرج وهو ينظر بطريقة تائهة للمدرجات ليبيك كطفل من الغضب واإلحباط داخل غرف املالبس‪.‬‬
‫تقص الصحافية كريستينا كوبريو املتخصصة يف أخبار برشلونة روايتها للواقعة حيث تقول “هل تعرف من الذي كان يف املدرجات؟‬
‫جوزيه مورينيو الذي كان يشاهد أحد العبيه‪ ،‬وسألته عن رأيه يف ما حدث وقال‪ :‬إنه جنون‪ ،‬الحكام مجانني‪ ،‬كيف ميكنهم فعل هذا‬
‫لفتى بهذه الطيبة؟ قويل له أال يقلق وأن يهدأ”‪.‬‬
‫حينام توجه الالعبون لغرفة املالبس بعد فوزهم عىل املجر بهدفني لواحد كان مييس ال يزال يبيك وحيدا يف الركن وفقا لكوبريو التي‬
‫أضافت “الجميع ذهب لحاميته وتشجيعه‪ ،‬كانوا يرغبون يف إظهار أنه أصبح بالفعل واحدا منهم‪ ،‬كان عليه تفهم أن مثل هذه‬
‫األمور تحدث”‪.‬‬

‫مل يكن هذا الصيف جميال باملرة حيث إن ليو بدأ املوسم الجديد دون التمكن من املشاركة يف الليغا فيام عرف حينها باسم “قضية‬
‫مييس” كام وصفتها صحيفة (سبورت)‪ ،‬حيث إن برشلونة كان يضم أربعة العبني من خارج االتحاد األورويب هم ليو ورونالدينيو‬
‫ورفائيل ماركيز وصمويل إيتو يف الوقت الذي تنص فيه عىل وجود ثالثة‪ ..‬ولكن كيف متكن ليو من املشاركة لسبع مباريات يف‬
‫املوسم املايض؟‬

‫كانت حجة برشلونة أن مييس “شبه مجنس”‪ ،‬وهو مصطلح موجود يف لوائح االتحاد اإلسباين ويتعلق بالعب ولد خارج االتحاد‬
‫األورويب ولكنه قىض بعدها خمسة مواسم يف قطاع الناشئني ألحد األندية‪ ..‬الحقيقة أن األمور مل تكن واضحة بالنسبة لالتحاد ألن‬
‫هذه القاعدة كانت مبهمة‪ ،‬ومل يتم حلها نهائيا سوى بإدخال تغيري يف الالئحة ومن قبل املجلس األعىل للرياضة‪ ،‬كل هذا يف الوقت‬
‫الذي مل يضع فيه (ويفا) أي مانع أمام مشاركة مييس أوروبيا‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫كل هذه األمور دفعت برشلونة للتفكري يف إعارة ليو لحني انتهاء املشكلة‪ ،‬لكن مباراة بطولة جوان جامرب الودية التي لعبت يف‬
‫‪ 42‬أغسطس‪/‬آب ‪ 2005‬أمام يوفنتوس تحت قيادة فابيو كابيلو ساهمت يف تغيري هذا الرأي بعدما تألق ليونيل مييس حيث صنع‬
‫هدفا وكان خطريا عىل األطراف ويف الوسط‪ ،‬وراوغ فابيو كانافارو بـ”كوبري” وقطع الكرة من باتريك فيريا وتسبب يف حصوله عىل‬
‫بطاقة صفراء‪ ..‬الكثري والكثري من األشياء‪.‬‬

‫ويروي هينك تني كات مساعد مدرب برشلونة فرانك ريكارد أن كابيلو بحث عن األخري بعد املباراة وقال له “أنا مهتم بهذا الالعب‪،‬‬
‫إنه جيد للغاية وأرغب يف أحد مثله‪ ،‬إذا مل تفعلوا شيئا به فاتركوه لنا‪ ،‬سيكون أساسيا معنا”‪.‬‬

‫مل يتوقف األمر عند هذا‪ ،‬حيث تحدث كابيلو عن مييس يف املؤمتر الصحايف قائال “مل أشاهد العبا مبثل هذه املهارة يف هذه السن‬
‫وبهذه الشخصية ويلعب لفريق بهذا الحجم‪ ،‬مييس بطل عظيم‪ ،‬ميكنه فعل الكثري من األشياء بالكرة بني قدميه”‪.‬‬

‫مل يتوقف األمر عند اهتامم يوفنتوس‪ ،‬كانت هنالك محاوالت من أياكس وإسبانيول وساراغوسا‪ ،‬ولكن يقول رئيس برشلونة السابق‬
‫جوان البورتا إن املرة الوحيدة التي كان مييس قريبا فيها من الرحيل كانت نحو إنرت ميالن وتحديدا يف سبتمرب‪/‬أيلول ‪.2005‬‬

‫يروى البورتا القصة “اتصل يب خورخي مييس وطلب املرور عىل مكتبي‪ ،‬ولدى وصوله أخربين بأنه يرغب يف الحديث عن يشء هام‪:‬‬
‫إنرت ميالن يرغب يف ضم مييس ومستعد لدفع الرشط الجزايئ” الذي كانت قيمته ‪ 051‬مليون يورو‪.‬‬

‫اجتمع خورخى مع املدير الريايض للربسا تشييك بيغرستاين بعدها أثناء تواجد الفريق يف أملانيا ملواجهة فريدر برمين بدور‬
‫املجموعات بدوري األبطال يف ‪ 14‬سبتمرب ‪ 2005‬للحديث مجددا بخصوص اهتامم إنرت‪ ..‬مل يكن االجتامع جيدا وجرى االتفاق عىل‬
‫إبقاء ليو يف الربسا حتى ديسمرب‪/‬كانون األول وإذا مل يتم حل مشاكله البريوقراطية فلن توجد مشكلة “ألن كل إسبانيا وأوروبا‬
‫ترغب يف ضمه”‪.‬‬

‫هذا االجتامع كان قبل املباراة التي تألق فيها مييس وتسبب يف ركلة جزاء أحرزها رونالدينيو وأيضا قبل ترصيحات ليو عقب اللقاء‬
‫والتي قال فيها “بكل تأكيد أرغب يف حل كل املشكالت للعب مع فريقي”‪.‬‬

‫اجتمع البورتا وبيغرستاين يف اليوم التايل مع عدد من املوثوق بهم داخل النادي ورشح لهم عرض إنرت ورغبته يف دفع الرشط الجزايئ‬
‫بل واستعداده لزيادة راتب ليو ثالثة أضعاف‪ ،‬ويف نفس الوقت رغبة الالعب يف البقاء‪ ،‬وانتهى األمر بإعداد عقد جديد لالعب‪.‬‬

‫تضمن العقد الجديد جائزة للتمديد تتمثل يف منزل جديد بحديقة بالقرب من منزل رونالدينيو عىل أن ينتهي يف ‪ ..2014‬لقد كان‬
‫هذا العقد الثالث ملييس يف فرتة مدتها ‪ 18‬شهرا فقط ومبوجبه كان مييس سيحصل يف عامه األول عىل ‪ 900‬ألف يورو سنويا لينتهي‬
‫األمر يف ‪ 2014‬بالحصول عىل ‪ 3.5‬ماليني يورو بجانب الحصول عىل مكافأة متديد بقيمة مليوين يورو فيام تم إبقاء الرشط الجزايئ‬
‫عند ‪ 150‬مليون يورو‪ ..‬كل توتر الصيف قد بدأ يف الزوال وكان يتبقى فقط حل املشاكل البريوقراطية املتعلقة مبسألة اللعب محليا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫أزمة ميسي ومورينيو واملسرح الكتالوني‬

‫ال يزال صيف ‪ 2005‬ومشكلة مييس البريوقراطية متنعه من اللعب يف الليجا ولكن عاد الرئيس السابق لربشلونة جوان جاسبارت الذي‬
‫يعرتف القليلون فقط بفضله يف حامية مستقبل ليو للمساعدة يف حل األمر‪.‬‬

‫يقول جاسبارت “كنت أشغل منصب نائب رئيس االتحاد اإلسباين ونفذت بعض اإلجراءات ليك يتم إنهاء املشكلة‪ ،‬البورتا طلب مني‬
‫التدخل وقمت بهذا األمر‪ ،‬بل قمت بالكثري‪ ،‬كان لدى مييس فرصة للعب قبل أن يتاح له األمر قانونياً ألن االتحاد ترصف بصورة‬
‫جيدة للغاية”‪.‬‬

‫بفضل الضغط الذي مارسه جاسبارت عىل املؤسسات الرياضية اإلسبانية كانت مسألة صدور قرار لصالح الالعب وبرشلونة وشيكة‬
‫ولكن النادي ظهرت له ورقة رابحة أخرى‪ ،‬بفضل اإلجراءات التي بدأها خورخي مييس والد ليو منذ عامني وأسفرت عن حصول ابنه‬
‫وزوجته عىل الجنسية اإلسبانية يف ‪ 26‬سبتمرب ‪.2005‬‬

‫لعب مييس أساسياً أمام أودينيزي يف ثاين مباريات دوري األبطال وقدم نفس مستواه الجيد ببطولة جوان جامرب الودية وأمام فريدر‬
‫برمين حيث القى إشادة من قبل الجميع يف املباراة التي فاز بها الربسا بنتيجة ‪.1-4‬‬

‫وسجل ليو يف نوفمرب أول هدف له بدوري األبطال ضد باناثينياكوس يف املباراة التي انتهت لصالح برشلونة بخامسية نظيفة ليتأهل‬
‫لثمن النهايئ ملواجهة تشيليس اإلنجليزي تحت قيادة جوزيه مورينيو‪.‬‬

‫وبني هذا وذاك كان مييس شارك أيضاً يف مباراة الكالسيكو ألول مرة أمام ريال مدريد يف ملعب سانتياجو برنابيو بل وأساسياً يف‬
‫املباراة التي فاز بها الربسا بثالثية نظيفة ثم حصل يف ديسمرب عىل جائزة (الفتي الذهبي) بفارق كبري عن اإلنجليزي وين روين‪.‬‬

‫كل هذه األشياء جميلة‪ ،‬ولكن أهم مباريات مييس يف حقبة فرانك ريكارد كانت ذهاب مثن نهايئ دوري األبطال أمام تشيليس يف‬
‫موسم ‪ ،2006-2005‬خاصة وأن الـ”بلوز” كانوا أطاحوا يف العام السابق بالنادي الكتالوين من املسابقة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫خالل مباراة الذهاب يف ‪ 22‬فرباير ‪ 2006‬ملع نجم مييس صاحب القميص رقم ‪ 31‬حينها حيث سدد عىل املرمى وصنع أول فرصة‬
‫خطرية‪ ،‬وكان يضغط حينام تضيع الكرة‪ ..‬رمبا تحول إىل عدو الجمهور رقم واحد وأيضاً الخصم املتعب للظهري األيرس لتشيليس آسيري‬
‫ديل أورنو الذي علم من البداية إنه سيواجه العباً جريئاً يحب الركض‪.‬‬

‫يف الدقيقة ‪ 36‬يأيت موعد اللعبة التي يتذكرها الجميع‪ :‬ليو يتلقى الكرة عىل الجانب األمين ويتصارع عليها مع روبن بالقرب من‬
‫مكان تسديد الركنيات حيث ميوت ويحيا األظهرة‪ ..‬يتمكن ليو من املرور بعد خطأ من روبن ليحدث التصادم الشهري من ديل أورنو‬
‫الذي تعرض للطرد الذي أثار قدرا ً كبريا ً من الجدل‪.‬‬

‫مل تتوقف صافرات االستهجان بعدها ضد مييس يف كل مرة يتلقى بها الكرة حيث كان يسعى ملساعدة فريقه عىل الفوز‪ ،‬لقد كان‬
‫حقاً أكرث املهاجمني نشاطاً بتلك املباراة يف إفقاد الدفاع التزانه ولديه رغبة كبرية يف تغيري سيناريو املباراة‪ ..‬المبارد ينفذ ركلة حرة‬
‫وفالديس يخطئ يف الخروج‪ ،‬الكرة تلمس موتا وهدف ذايت واملباراة اآلن تسري لصالح تشيليس‪.‬‬

‫ال تتبقى سوى ‪ 20‬دقيقة عىل نهاية اللقاء‪ ،‬ورونالدينيو ينفذ ركلة حرة حولها جون تريي بطريق الخطأ بعد ضغط من رافا ماركيز‬
‫لداخل مرماه‪ ..‬إنه التعادل‪ .‬مير الوقت وال تتبقى سوى مثاين دقائق عىل النهاية ثم يظهر إيتو ويضع برأسه الهدف الثاين‪ ..‬الربسا‬
‫يفوز ‪ 1-2‬ويلحق بجوزيه مورينيو أول هزمية له يف ‪ 49‬مباراة عىل أرضه دون معرفة معنى الخسارة‪.‬‬

‫خالل هذه املباراة ليو كان سدد خمس مرات عىل املرمى‪ ،‬إحداها يف العارضة وتسبب يف طرد ديل أورنو وأضاف املزيد من‬
‫الخطورة بجانب رونالدينيو‪.‬‬

‫كعادته بدأ جوزيه مورينيو يف لعب مباراة اإلياب بقاعة املؤمترات الصحافية‪ ،‬حيث قال للصحافيني يف إشارة ملسألة طر ديل أورنو‬
‫“رؤيتكم لألمر أسهل مني ألنكم لديكم شاشات‪ ،‬أعتقد أنه من األفضل أن تقولوا رأيكم ألنني ال أرغب يف رؤية نفيس يف وضع‬
‫صعب‪ ،‬النتيجة ‪ 1-2‬ما الذي ميكننا فعله؟ هل سنوقف مييس ألنه قدم أداء مرسحياً؟ إنه بالفعل قدم أداء مرسحياً‪ ،‬كتالونيا معروفة‬
‫بالثقافة وتعرفون ما هو املرسح هناك؟ إنه مرسح من النوع الجيد”‪ ،‬يف تلميح آخر لوسائل اإلعالم الكتالونية‪.‬‬

‫استقبل كامب نو بعدها بأسبوعني مورينيو بهتافات ساخرة “اذهب للمرسح‪ ،‬اذهب للمرسح” خالل مباراة اإلياب التي تعرض‬
‫فيها إلصابة (ق ‪ )25‬ليستبدله ريكارد الذي احتضنه ليواسيه بعد خروجه قبل انتهاء املباراة بالتعادل بهدف ملثله‪ ..‬صحيح أن الربسا‬
‫تأهل لربع النهايئ ولكن تذكرة العبور كانت غالية فثمنها كان إصابة مييس‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ميسي يبكي جمددا يف باريس‬

‫تسببت اإلصابة التي تعرض لها مييس يف إياب مثن نهايئ دوري األبطال موسم ‪ 2006-2005‬يف غيابه عن الفريق لثامين مباريات‬
‫تضمنت مواجهتي ربع النهايئ أمام بنفيكا حيث كان ليو يرغب يف االنضامم للفريق بأي مثن‪.‬‬

‫يقول أخصايئ العالج الطبيعي الخاص مبييس‪ ،‬خوانخو براو عن تلك الفرتة‪“ :‬كنا نتدرب أنا وهو فقط‪ ،‬صباحا نقوم بتمرينات بدنية‬
‫وعالجية ويف املساء تدريبات السباحة ثم راحة يف املنزل”‪.‬‬

‫كان ليو يفكر فقط يف االنضامم للفريق قبل نصف النهايئ أمام إيه يس ميالن اإليطايل‪ ،‬بخالف أن ‪ 2006‬هو عام املونديال‪ ..‬خيار‬
‫االستسالم مل يكن مطروحا‪.‬‬

‫طلب مييس يف العارش من إبريل‪/‬نيسان أي قبل أسبوع من نصف النهايئ االنضامم للتدريبات الجامعية‪ ،‬وافق فرانك ريكارد مدرب‬
‫الفريق حيث كان ينوي ضمه إىل القامئة إذا ما رأى يف التدريبات أنه تعاىف بالصورة املناسبة‪.‬‬

‫كان ليو يشعر بجهوزيته ألي يشء ولكن تني كيت مساعد ريكارد مل يشاركه الرأي‪ ،‬فالجهاز الطبي منح مييس اإلذن بالعودة‬
‫للتدريبات ولكنه أوىص بأن تكون فردية لذا دار هذا الحوار بني الطرفني‪:‬‬

‫‪ -‬تني كات‪ :‬ليو تحدث مع الطبيب وأخربين أنك مل تتعاف بالكامل‪ ،‬أنت تواجه خطر الغياب عن الكثري من املباريات إذا ما تجددت‬
‫اإلصابة‪.‬‬

‫‪-‬ليو‪ :‬ال أشعر بأي يشء وأرغب يف خوض التامرين مع الفريق‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫يقول املدربون دامئا إن الالعب هو املسؤول عن جسده وهو صاحب القرار يف ما إذا كان مستعدا أم ال ولكن يبدو أن ليو مل يكن‬
‫اكتسب الخربة الكافية ليعرف هذا‪.‬‬

‫يف بداية التدريب كان سعيدا لذا قرر التقدم لتسديد ركلة حرة وتني كات يرصخ فيه “اتركها يا ليو رمبا يسوء األمر”‪ ،‬ولكن مييس‬
‫مل ميتثل للقرار وسدد الكرة فوق القائم و‪ ..‬مزق جديد يف العضلة وانتكاسة يف اإلصابة‪.‬‬

‫مل يرغب ليو يف الحديث مع أحد عند وصوله للمنزل‪ ،‬الفحوصات أكدت اإلصابة بتمزق جديد ليعود لنفس السيناريو السابق مع‬
‫خوانخو براو بل وسافر معه ملسقط رأسه روساريو لتغيري األجواء حيث شاهد هناك تأهل الربسا للنهايئ‪.‬‬

‫كان كل تفكري ليو يرتبط برغبته يف املشاركة بالنهايئ أمام أرسنال اإلنجليزي يف ‪ 17‬مايو‪/‬أيار أي بعد خمسة أسابيع من انتكاسته‬
‫الجديدة وخوانخو براو يطالبه بالصرب واالعتناء بنفسه‪ ،‬إال أن مييس طلب من ريكارد ضمه للفريق وهو ما فعله ريكارد‪.‬‬

‫شارك ليو يف التدريبات االستعدادية قبل املباراة بيوم وصنع هدفا إليتو ولكن ريكارد وتني كيت كانا اتخذا قرارا ً بإخراجه من القامئة‬
‫النهائية‪ ،‬حيث اجتمعا مبييس عىل انفراد وأخرباه بالقرار‪.‬‬

‫جلس مييس يف املدرجات وشاهد فريقه يتوج باللقب ولكنه مل يشعر أن هذا االنتصار يخصه‪ ،‬مل يشعر أنه كان يستحق االحتفال‬
‫مع باقي زمالئه لذا بعد صافرة النهاية توجه لغرفة املالبس ليداري أحزانه‪.‬‬

‫كان تني كيت يدخن سيجارة يف املمر بعد انتهاء املباراة وقبل بدء االحتفاالت حينام مر ليو بجانبه يف الطريق لذا مل يظهر يف أي‬
‫صورة من احتفاالت الفوز باللقب يف ملعب سان دوين الذي احتضن النهايئ ألنه كان يبيك يف أحد أركان غرفة املالبس‪ ،‬مل يرغب يف‬
‫ملس الكأس أو استالم امليدالية بل فقط البكاء‪.‬‬

‫قرر براو وسط صخب االحتفاالت البحث عنه حيث توجه لغرفة املالبس وقال له “ليو‪ ..‬تذكر أنه يف مباراة تشيليس يف ذلك التدخل‬
‫الشهري لوالك ملا كنا هنا”‪ ،‬ثم وصل بعدها بقليل سيلفينيو الذي يروي أنه قال له “هيا فلتخرج معنا للملعب‪ ..‬ال تقلق ستتفهم‬
‫األمور رويدا رويدا‪ ،‬ستكون هناك الكثري من املباريات الهامة التي ستلعبها”‪ ،‬ولكن مييس مل يخرج حيث يبدو األمر كام لو كان أن‬
‫الطفل الذي بداخله متكن منه حتى حينام أخربه ديكو “يف يوم ما سرتى أنك ستصبح بطل ليلة مثل هذه”‪.‬‬

‫مل يكن ليو يجد طريقة للخروج من هذه الهالة السوداء التي كانت تحيط به حتى أحرض بعض العبي الفريق الكأس ذات األذنني‬
‫لغرفة املالبس ليك يلمسها ويتصور معها وتبدأ أساريره يف االنفراج‪.‬‬

‫يقول مييس حول هذه الليلة‪“ :‬اآلن أدرك أنه كان يجب عيل االستمتاع بصورة أكرب بهذا النهايئ‪ ،‬يوجد الكثري من الالعبني الذين مل‬
‫تتح لهم فرصة الفوز بالـ(تشامبيونز)‪ ..‬كنت صغريا ومل أرغب يف االحتفال ولكن ديكو ورونالدينيو وموتا أحرضوا يل الكأس‪ ،‬إنها‬
‫ذكرى جميلة للغاية‪ ،‬الحقيقة أنني أندم اليوم عىل عدم االحتفال بالطريقة املالمئة”‪.‬‬

‫خالل هذا املوسم حقق الربسا الثنائية‪ ،‬فاز بالليغا بفارق ‪ 12‬نقطة عن “غاالكتيكوس” ريال مدريد وأنهى إيتو الليغا بالحصول عىل‬
‫لقب الهداف وتوج برشلونة بلقب الدوري بينام واصل مييس تطوره حتى ولو كان قد بىك يف باريس‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مونديال ‪ 2006‬وإهانات متنوعة حبق ليو‬

‫انضم ليو لقامئة األرجنتني النهائية ملونديال أملانيا ‪ 2006‬ولكن وترية اللعب كانت غائبة عنه عقب إصابته أمام تشيليس التي حرمته‬
‫من خوض نهايئ دوري األبطال يف باريس أمام أرسنال‪ ،‬ولكنه مل يكن يرغب يف أن يكون تواجده مع منتخب بالده من أجل الصحبة‬
‫فقط بل اإلسهام يف تحقيق يشء‪.‬‬

‫قبل أيام قليلة من انطالق املونديال لعب الفريق مع منتخب األرجنتني تحت ‪ 20‬عاماً يف ملعب املونومنتال وأرشكه املدرب خوسيه‬
‫بيكرمان ملدة نصف ساعة حيث كان يرغب يف إزالة أي توتر عنه وأيضاً الوقوف عىل مستواه البدين‪.‬‬

‫بعد املباراة توجه ليو لنفق غرف املالبس وبدأ يف البكاء ومن حوله يسألونه “هل أصبت؟ هل أمل بك يشء؟” ليظل مييس صامتاً بعض‬
‫اليشء قبل أن يبوح مبا يف صدره قائالً “أنا كارثة‪ ،‬بهذه الطريقة لن أستطيع اللعب”‪ ..‬لقد كان يشعر باألىس ألنه مل يكن يف أفضل حال‪.‬‬

‫كان مييس يُنظر إليه من قبل مدريب املنتخب والعبيه يف تلك الفرتة عىل أنه طفل مجرد طفل عمره ‪ 81‬عاما‪ ،‬لذا فإن أقرب األشخاص‬
‫إليه كان الحارس أوسكار أوستاري بسبب عدم وجود فارق عمري بينهام حيث كان يتجاوران يف نفس غرف اإلقامة التي كان يربطها‬
‫باب مشرتك‪.‬‬

‫يقص أوستاري عن تلك الفرتة “قال يل منذ أول يوم‪ ،‬لن تنام أنت لوحدك هنا وأنا يف الغرفة املجاورة‪ ،‬لذا كنا نقيض الليل والنهار‬
‫معا‪ ،‬نتناول املرشوبات ونتحدث ونلعب الـ(بالي ستيشن)”‪.‬‬

‫الحقيقة أن مييس كان مدمنا للـ(بالي ستيشن) حيث يقص خرياردو سالوريو عضو الجهاز الفني ملنتخب األرجنتني حينها “خالل‬
‫معسكر أملانيا كنت أشاهده بنفيس يصطحب أبناء باقي الالعبني للعب معه‪ ،‬بعضهم يف سن الخمس وأربع سنوات‪ ،‬مثل أبناء‬
‫(هرنان) كريسبو”‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫تلك الفرتة مل تكن تتعلق فقط بلعب الـ(بالي ستيشن) والذكريات الجميلة حيث كان يتوجب عىل مييس التعامل مع “هيبة”‬
‫و”فكر” األسامء الكبرية يف املنتخب‪ ،‬فعىل سبيل املثال أثناء مؤمتر صحايف مبدينة نورنربج مبشاركة روبرتو آياال وغابرييل هاينزه‬
‫تسبب سؤال بريء يف كشف رمبا جانب من الرصاع بني “القديم والجديد” يف أروقة الفريق‪.‬‬

‫كان السؤال هو “كيف تتسىل املجموعة يف أوقات الفراغ؟” ولكن اإلجابة كانت مبثابة هجوم غري مبارش عىل املستجدين “إنهم‬
‫يتحدثون قليال جدا وال يتناولون معنا املرشوبات ودامئا ما يلعبون الـ(بالي ستيشن)‪ ،‬جيلنا يشء مختلف متاما عنهم”‪.‬‬

‫مل تكن عنارص القوة يف الفريق حينها تتقبل بشكل كبري استدعاء أوستاري شقيق ليو وأصغر حارس لألرجنتني يف تاريخ املونديال‪،‬‬
‫هذا بخالف وجود شعور بـ”الغرية” تجاه ليو بسبب اإلعالن الذي صوره لرشكة (أديداس) الذي كان يقدم ليو يف صورة رسم كارتوين‬
‫لفتى ضئيل يلعب مع عاملقة يف كرة القدم ولكنه ينجح عىل الرغم من ضآلة حجمه‪.‬‬

‫تصدرت صورة مييس هذه الحملة الدعائية مبلصقات يف كل املدن العاشقة للكرة‪ ،‬كام أن (أديداس) صممت له حذاء خاصاً مزيناً‬
‫بنجمتني ومثل هذه األمور مل ترق للبعض “فام كل هذا الضجيج بخصوص هذا الفتى الصغري؟”‪ ..‬هكذا كان يقول لسان حال‬
‫بعضهم‪.‬‬

‫وفقا للصحافة األرجنتينية كانت هناك واقعة قبل املونديال تشري إىل الصعوبات التي كان يواجهها مييس مع باقي العبي الفريق‪،‬‬
‫حيث كان الفريق يتدرب ومرر ليو الكرة بني قدمي هاينزه “كوبري”‪ ،‬لذا رغب األخري يف االنتقام ونفذ تدخالً عنيفاً معه الحقاً‪ ،‬ظناً‬
‫منه أن الـ”برغوث” سيتفهم ويصمت ولكن األخري قال له بلهجة تحذيرية “ال تفعل هذا مجددا ً”‪.‬‬

‫يقول الكاتب مارسيلو سوتييل يف كتاب (املختلف) عن تلك الفرتة “عىل الرغم من أنهم لن يعرتفوا أبدا بهذا األمر‪ ،‬فإن تلك‬
‫املجموعة من الالعبني مل تكن تتعامل كأشقاء كام كان يقول القائد خوان بابلو سورين‪ ،‬لقد كان مييس وحيدا‪ ..‬وحيدا للغاية”‪.‬‬

‫يف املباراة األوىل أمام كوت ديفوار كان خافيري سافيوال وهرنان كريسبو هام املهاجامن األساسيان وتحقق الفوز بهدفني لواحد دون‬
‫مشاركة ليو‪ ،‬ثم جاء موعد لقاء رصبيا ومونتنجرو حيث دخل األسطورة دييغو مارادونا لغرف مالبس الالعبني للتحدث معهم وانفرد‬
‫بليو بأحد الجوانب وقال له “القوة والشجاعة وتسجيل هدف‪ ،‬أنتظر هذا منك”‪.‬‬

‫شارك مييس يف هذه املباراة بداية من الدقيقة ‪ 75‬ولعب ‪ 16‬دقيقة حيث صنع هدفا لكريسبو وسجل الهدف السادس يف املباراة‬
‫التي انتهت لصالح راقيص التانغو بسداسية نظيفة‪ ،‬ثم جاءت مباراة هولندا التي لعبها مييس بصحبة كارلوس تيفيز يف الهجوك‬
‫وانتهت بالتعادل السلبي‪.‬‬

‫جاء موعد مثن النهايئ أمام املكسيك حيث دخل مييس (ق‪ )84‬حينام كان التعادل قامئا بهدف ملثله لتمتد املباراة لوقت إضايف‬
‫وتنترص األرجنتني حيث أشادت صحيفة (كالرين) األرجنتينية مبستوى ليو حينام كتبت عنه “أظهر تفاصيل جميلة مجددا ولعب‬
‫بصورة مبارشة بشكل دفع املكسيك للرتاجع”‪.‬‬

‫مل يكن هذا اليوم سعيدا بصورة كاملة بالنسبة ملييس‪ ،‬صحيح أنه لعب يف يوم عيد ميالده وزميله يف الفريق خوان رومان ريكيلمي‬
‫الذي يكربه بتسع سنوات‪ ..‬يف تلك الليلة كان ليو يقيض الوقت يف غرفته ولكنه قرر الذهاب لبعض الوقت لغرفة ريكيلمي حيث‬
‫كان يحتفل بعض العبي الفريق بهذه املناسبة‪.‬‬

‫فتح مييس الباب ودخل وإذا بخوان يرصخ يف وجهه “أيها الغبي‪ ،‬أمل تسمع بطرق األبواب؟ عليك أن تتعلم طرق األبواب‪ ،‬من تظن‬
‫نفسك بحق الجحيم؟”‪ ..‬خفض مييس رأسه يف صدمة وانسحب‪ ..‬رحلة التعلم الصعبة كانت ال تزال مستمرة‪.‬‬

‫مل يشارك مييس أساسيا يف مواجهة أملانيا ولكنه جلس بشكل غريب عىل الدكة واضعا سامعات األذن فوق رأسه‪ ..‬سيطرت األرجنتني‬
‫من دون خطورة حتى تقدم أياال برأسية‪ ،‬ولكن أملانيا متكن من التعادل بواسطة مريوسالف كلوزه لتخرج بعدها األرجنتني برضبات‬
‫الجزاء دون أن يدفع به بيكرمان يف أي من التغيريات‪ .‬هذا مل يكن مونديال ليو باملرة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫“هاتريك” الكالسيكو وهدف خيتايف املارادوني‬

‫بدأ برشلونة يف موسم ‪ 2007-2006‬يف فقدان طابعه التنافيس مع انخفاض مستوى أبرز نجوم الفريق (رونالدينيو وديكو) بخالف‬
‫رحيل مساعد املدرب‪ ،‬فرانك ريكارد‪ ،‬هني تني كيت‪ ،‬نحو أياكس الهولندي ليبدو كام لو كان الفريق يذوب مثل السكر يف القهوة‪.‬‬

‫كان مييس مبثابة النور يف ذلك النفق الذي يزداد ظالماً‪ ،‬حيث كان الوحيد الذي حسن من مستواه عن املوسم السابق‪ ،‬كام أن‬
‫اإلصابات مل تكن تطارده بقسوة‪ ،‬حيث غاب فقط ألسبوع عقب اإلصابة بالتواء يف الكاحل يف فوز ريال مدريد عىل برشلونة بثنائية‬
‫نظيفة يف الربنابيو‪.‬‬

‫وتعد هذه الهزمية بخالف الخسارة من إشبيلية يف كأس السوبر األورويب‪ ،‬خالل أغسطس‪/‬آب بثالثية نظيفة خري دليل عىل أن الربسا‬
‫يف هذا املوسم مل يكن يظهر يف املباريات الكربى‪.‬‬

‫ظلت اإلصابات تحرتم رغبة مييس يف التطور حتى نوفمرب‪ ،‬حينام تعرض لكرس يف مشط القدم اليرسي أمام ساراجوسا مام أبعده عن‬
‫املالعب مدة شهرين وثالثة أسابيع‪.‬‬

‫عاد “الربغوث” من اإلصابة ولعب عدة مباريات مبستوى جيد يف ظل استمرار تراجع أداء رونالدينيو والفريق ككل‪ ،‬الذي خرج من‬
‫مثن نهايئ دوري األبطال أمام ليفربول اإلنجليزي تحت قيادة رفائيل بنيتيز الذي كلف ألبارو أربيلوا بتكتيف تحركات ليو‪ ،‬وكان‬
‫ناجحاً جدا ً يف هذا‪.‬‬

‫كان مييس عىل موعد مع الكالسيكو مجددا ً هذه املرة يف كامب نو يف العارش من مارس ‪ ،2007‬حيث كانت متثل هذه املباراة فرصة‬
‫للمداواة من جراح اإلقصاء األورويب‪ ،‬ولكن ليو كان منقذ النادي الكتالوين يف تلك املباراة الرائعة التي سجل فيها ثالثة أهداف‬
‫“هاتريك”‪ ،‬آخرها كانت يف الوقت الضائع لفرض التعادل بنتيجة ‪.3-3‬‬

‫رغب النادي يف مكافأة مييس عىل تطوره بتمديد تعاقده يف مارس ‪ 2007‬بعقد مدته سبع سنوات‪ ،‬حيث ارتفع مقدار ما يحصل‬
‫عليه يف موسم ‪ 2007-2006‬من مليون و‪ 800‬ألف إىل ستة ماليني و‪ 500‬ألف‪ ،‬وإن كان جزء من هذه الزيادة يرتبط مبدفوعات من‬
‫املوسم السابق‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫يف املوسم التايل كان مييس سيحصل عىل أربعة ماليني ونصف سنوياً‪ ،‬ترتفع تدريجياً حتى تصل ستة ماليني و‪ 200‬ألف يورو يف‬
‫‪ ،2014‬مع االحتفاظ بنفس الرشط الجزايئ وهو ‪ 150‬مليون يورو‪.‬‬

‫يف الرمق األخري من ذلك املوسم وصل برشلونة لنصف نهايئ الكأس ملواجهة خيتايف املتواضع‪ ،‬حيث فاز ذهاباً بنتيجة ‪ 2-5‬يف املباراة‬
‫التي سجل فيها مييس واحدا ً من أشهر أهدافه بعد انطالقه من منتصف امللعب برسعة وعقب سلسلة من املراوغات ليسجل‪.‬‬

‫‪ 12‬ثانية من املهارة ورسعة البديهة واملراوغة والخداع تركت خمسة مدافعني يف الخلف‪ ..‬مييس ‪ 2007‬يف خيتايف أم مارادونا يف‬
‫مونديال ‪1986‬؟‬

‫يدي عىل رأيس بعد الهدف‪ ،‬ميكن مشاهدة هذا األمر يف املقاطع‬
‫يقول األيسلندي إيدور جوديونسون عن هذا الهدف “وضعت ّ‬
‫املسجلة‪ ،‬وقلت لنفيس يا إلهي كنت يف امللعب حينام سجل هدف سيتحدث عنه الجميع طوال حياتهم‪ ،‬إنه هدف مارادونا من‬
‫جديد”‪.‬‬

‫كارلوس بيالردو مدرب األرجنتني يف مونديال ‪ 1986‬له رأي آخر‪ ،‬حيث يقول “هدف مارادونا األفضل بالنسبة يل ألنه كان يخرج‬
‫أمامه املنافسني يف تتابع مستمر‪ ،‬ولكن مييس يعدو ملدة ‪ 30‬مرتا ً دون أن يظهر أحد أمامه‪ ،‬لذلك يلمس الكرة أكرث بقدمه اليمنى‪،‬‬
‫األكرث ضعفاً‪ ،‬يف النهاية قلوب الدفاع كانوا ينتظرونه عىل الخط‪ ،‬وهذا األمر بالنسبة له أكرث سهولة”‪.‬‬

‫ما الذي قاله مارادونا حينها؟ اإلجابة يف هذه الكلامت “أعتقد أن مييس ظاهرة‪ ،‬وليس له سقف‪ ،‬وميكنه تقديم الكثري‪ ،‬ولكن الهدف‬
‫الذي سجلته بخالف كونه أكرث جامالً‪ ،‬إال أنه كان ضد إنجلرتا يف ربع نهايئ املونديال‪ ،‬ولكن مييس سجل هدفه أمام خيتايف الذي كان‬
‫يحاول اللعب عىل التسلل‪ ،‬لقد كان هدفاً رائعاً‪ ،‬ولكن ال داعي للمبالغات”‪.‬‬

‫بعد هذا الفوز الكبري كان ريكارد يظن أن التأهل مضمون وأخرج ليو من قامئة الالعبني الذين استدعاهم للقاء العودة ليسقط‬
‫برشلونة فجأة أمام خيتايف برباعية نظيفة يف واحدة من أكرث الهزائم املهينة يف التاريخ الحديث للنادي‪ ،‬كام أنه مل يقدر عىل الفوز‬
‫بلقب الليغا الذي ذهب للريال بسبب هدف راؤول تامودو الشهري يف شباك الربسا خالل دريب كتالونيا‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ميسي ولعنة اإلصابات‬

‫كان عنوان موسم ‪ 2008-2007‬هو “الفرص الثانية”‪ ،‬سواء بالنسبة لرونالدينيو الذي طلب من جوان البورتا البقاء يف النادي لعام‬
‫إضايف إلصالح األمور أو لفرانك ريكارد الذي أكد تحليه بالحامسة الالزمة ملنع انهيار املجموعة‪.‬‬

‫جدد النادي مرشوعه بالتعاقد مع النجم الفرنيس تريي هرني قادما من أرسنال‪ ..‬فلنتخيل خط هجوم فيه رونالديوينو ومييس وهرني‬
‫وإيتو‪ ،‬ومعززا أيضا بصفقات يف الخطوط التي تليهم بأسامء مثل إريك أبيدال وغايب ميليتو ويايا توريه‪.‬‬

‫لألسف مل يتمكن ريكارد خالل هذا املوسم من تغيري ديناميكية الربسا وأصبح الفريق شبه غارق بعد الهزمية من ريال مدريد يف‬
‫كامب نو‪ ،‬كام أن الهولندي مل ينفذ وعده ملييس بتغيري مركزه حيث ظل يلعب به من عىل الجانب األمين‪.‬‬

‫يف تلك الفرتة كان “الفتى” مييس يتحول لرجل‪ ،‬لقد كانت عملية يتوجب عىل مييس فيها تحمل مسؤولية شخص بالغ ولكن بعضالت‬
‫متغرية لالعب شاب‪ ،‬لقد كان الحمل شديدا لذا مترد جسده‪ ،‬حيث كانت اإلصابة األوىل يف ‪ 2007-9/14‬أثناء مباراة أسرتاليا واألرجنتني‬
‫يف الساق اليمنى مام أبعده عن التدريبات ملدة خمسة أيام‪.‬‬

‫كان ليو عىل موعد مع اإلصابة الثانية يف منتصف ديسمرب‪/‬كانون األول عقب مباراة فالنسيا يف الفخذ اليرسى لتبعده عن املالعب‬
‫قرابة ‪ 34‬يوما ليغيب عن عدة مباريات ضمنها الكالسيكو يف الكامب نو‪ ،‬ثم تعرض يف ‪ 4‬مارس‪/‬آذار ‪ 2008‬أثناء مواجهة سيلتيك‬
‫إلصابة يف الفخذ اليرسى مجددا لتبعده عن املشاركة قرابة ستة أسابيع‪.‬‬

‫خالل هذه الليلة بىك ليو وهو يخرج من ملعب كامب نو‪ ..‬لقد كان ثالث مزق كبري خالل عامني‪ ..‬ما الذي يحدث؟ ملاذا كل هذه‬
‫اإلصابات؟ هل جسده يتغري؟ هل هي التغذية؟ كانوا يقولوا له إن األمر يتعلق بطريقته يف الركض أو رمبا أنه مل يكن يقوم بتامرين‬
‫اإلحامء بصورة جيدة‪ ،‬مل تكن توجد دراسة عميقة للوضع‪ ،‬ولكن النادي قرر حاميته والبحث عن األسباب‪.‬‬

‫البعض وصل به األمر للحديث بخصوص أشياء ال متت للواقع بصلة مثل أن هذا األمر يرتبط بالعالج الهرموين‪ ،‬يف ظل نسيان أنه بعد‬
‫عالج العجز فإن أي منو الحق كان بصورة طبيعية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫يقول رئيس القطاع الطبي السابق لنادي برشلونة جوزيب بوريل “حينام وصل لربشلونة أخذناه إلخصايئ غدد وبعد فرتة من العالج‬
‫قررنا وقف تناوله بصورة تدريجية‪ ،‬إصاباته العضلية ال ترتبط بهذا األمر‪ ،‬البنية الترشيحية العضلية ملييس عبارة عن عضالت قصرية‬
‫وبسبب هذا يجب العمل معه بصورة يومية وشكل واع لتجنب إصاباته”‪.‬‬

‫قىض ليو الكثري من املواسم يف قطاع الناشئني دون إصابات كبرية‪ ،‬لكن حاالت التمزق املتكررة كانت مبثابة رد فعل جديد من‬
‫جسمه وانعكاس للمجهود الكبري الذي كان يفرضه عليه‪ ،‬حيث كان الخطر الدائم بالنسبة ملييس ليس اإلصابات بل انتكاساتها ألنه‬
‫غالبا ما كان يترسع للعودة‪.‬‬

‫يقدم رئيس القطاع الطبي باالتحاد األرجنتيني لكرة القدم أوراسيو داغوستينو رأيه هو اآلخر قائال “أظن أن الرس وراء إصابات‬
‫مييس هو أنه يطلب من جسده القيام مبا ال يقدر عليه‪ ،‬ويركض أكرث مام يتحمله جسده‪ ،‬إنه شغوف باألهداف وال ميكن أن يفهم‬
‫أمر غري هكذا”‪.‬‬

‫خالل تلك الفرتة كان خبري الطب الريايض جوردي ديسوال قد أدىل برأي مثري لالهتامم إلذاعة (راك‪ )1‬الكتالونية “أي شخص سيشغل‬
‫سيارته مبارشة عىل رسعة ‪ 180‬كيلو دون التدرج املناسب يف تغيري الرسعات فإن محركها سيعاين ولكنه لن يفسد وميكنه استخدامه‬
‫يف اليوم التايل‪ ،‬ولكن إذا ما حدث يشء مشابه مع محرك معقد مثل سيارات (فورموال‪ )1‬فإنه سيتعطل بكل تأكيد‪ ،‬مييس هو‬
‫الفورموال‪ ، 1‬فحتى لو كان جسده استثنائيا‪ ،‬فإنه يقوده إىل ما هو أبعد من حدوده”‪.‬‬

‫وأضاف الطبيب “رمبا تؤثر التغذية السيئة أو العادات املرضة من الطفولة يف مسألة إصاباته‪ ،‬ولكن هذا يصعب تحديده‪ ،‬ألن‬
‫العضالت التي تبذل مجهودا ضخام دامئا ما تكون عرضة لإلصابات”‪.‬‬

‫شكل برشلونة لجنة عمل مكونة من تشييك بيغرستاين ونائبي الرئيس مارك إينغال وفران سوريانو محاولة البحث عن حل‪ ،‬حيث‬
‫قيل لليو إن كتلته العضلية مكونة من أنسجة متفجرة مثل تلك التي تخص العدائني‪ ،‬حيث كانت متنحه الرسعة ولكنه يواجه دامئا‬
‫خطر اإلصابة‪ ،‬لذا عليه االعتناء بنفسه كثريا حتى ال يتحول األمر ملشكلة مزمنة‪.‬‬

‫عمل النادي عىل توفري اختصايص تغذية فيام أصبح خوانخو براو معالجه الطبيعي الشخيص الذي كان يسافر معه أيضا للمنتخب‪،‬‬
‫كان ليو يتلقى تدليكا قبل التدريب واملباريات وتعلم كيف يخفض من حدة مستواه يف حصص التدريب ليكون جاهزا بصورة أكرب‬
‫للمباريات ولتجنب اإلصابات الجديدة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫البورتا جيعل ميسي أساس الربسا‬

‫تأهل برشلونة يف موسم ‪ 2008-2007‬لنصف نهايئ دوري األبطال ملواجهة مانشسرت يونايتد اإلنجليزي تحت قيادة السري أليكس‬
‫فريغسون ويف ظل وجود أسامء مثل كريستيانو رونالدو وبول سكولز وكارلوس تيفيز‪ ،‬لكن األمور يف الدوري مل تكن عىل ما يرام‪.‬‬

‫تعادل الفريقان ذهابا بهدف ملثله يف كامب نو ثم كانت مباراة العودة يف أولد ترافورد يف املباراة التي سجل بها سكولز لـ”الشياطني‬
‫الحمر” وأنقذ فيها الحارس الهولندي فان دير سار فرصة ملييس كانت كافية لقلب الطاولة‪ ،‬ولكن يف النهاية تأهل مان يونايتد للنهايئ‪.‬‬

‫مل تتوقف األمور عند هذا حيث أنهى الربسا الليغا يف املركز الثالث بفارق ‪ 18‬نقطة عن ريال مدريد‪ ،‬بل واضطر الربسا لعمل ممر‬
‫رشيف له يف سانتياغو برنابيو‪ ،‬واكتملت املصائب أيضا بخروج الفريق من نصف نهايئ الكأس أمام فالنسيا الذي توج الحقا باللقب‪.‬‬

‫بخالف األزمة الرياضية التي كان يعاين منها النادي عىل صعيد األداء والنتائج‪ ،‬فإن الوضع اإلداري كان محتدما باستقالة ساندرو‬
‫روسيل من منصبه وبدأ العمل يف الخفاء لسحب الثقة من جوان البورتا رئيس النادي الذي تعرض حاسوبه الشخيص للرسقة من‬
‫داخل النادي‪.‬‬

‫يقول البورتا بنفسه عن تلك الفرتة “لقد كان أمرا محبطا‪ ،‬لذا كان يجب اتخاذ قرارات كبرية‪ ،‬وتوصلت أنا وباقي زمالء مجلس اإلدارة‬
‫لرضورة تجديد الفريق والقيادة‪ .‬تحدثت مع الالعبني أبناء النادي تشايف وإنييستا وبويول وفيكتور فالديس‪ ،‬الذين كانوا قد نضجوا‬
‫بصورة كبرية‪ ،‬كان يجب عليهم أن يصبحوا القادة يف غرف املالبس عىل أن يكون ليو هو مرجعية الفريق”‪.‬‬

‫خي الالعبني بني الربتغايل جوزيه مورينيو أو بيب غوارديوال لقيادة الفريق يف املوسم املقبل‪،‬‬
‫يروى رئيس برشلونة السابق أيضا أنه ّ‬
‫حيث وقع االختيار عىل األخري إذ يقول البورتا عن الحوار الذي جمعه مبدربه القادم لالتفاق عىل كل األمور “تحدثنا عن الالعبني‬
‫ومن الذي يرغب يف استمراره وهكذا‪ ،‬وظل يصف ليو باملاكينة التي ال تهدأ‪ ،‬كان بيننا اتفاق أن يكون مرجعية الفريق مع رضورة‬
‫استمرار إيتو”‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫كان عىل البورتا أداء مهامت أخرى صعبة‪ ،‬حيث متثلت األوىل يف إعالم رونالدينيو بأن النادي يرشف عىل بدء مرحلة جديدة مليئة‬
‫بالتغيريات وأنها ستشمله‪ ،‬حيث تقبل الربازييل األمر بصورة ودية وانتهى األمر الحقا بانتقاله إىل إيه يس ميالن اإليطايل‪.‬‬

‫املحطة التالية كانت منزل مييس القريب‪ .‬مكاملة هاتفية أكدت وجود الالعب ووالده هناك‪ ،‬حيث كان يتوجب عىل البورتا أداء‬
‫املهمة الثانية التي كانت صعبة بقدر األوىل نظرا لطبيعة العالقة الخاصة بني مييس ورونالدينيو يف تلك الفرتة‪.‬‬

‫وصل البورتا ملنزل مييس‪ ،‬وبعد عبارات الرتحيب وأصول الضيافة التقليدية قال رئيس برشلونة السابق لالعب األرجنتيني “ليو‪،‬‬
‫يجب عليك أن متسك دفة القيادة وتخلف رونالدينيو‪ّ ،‬‬
‫تول هذه املهمة‪ ،‬القميص رقم ‪ 10‬أصبح لك”‪.‬‬

‫قبل ليو املهمة عىل الرغم من أن األمر كان يتعلق بصديقه رونالدينيو‪ ،‬ألنه يف النهاية العب محرتف خاصة بعدما أخربه البورتا‬
‫بخطط النادي إلعطاء دور أكرب ألبنائه ومنهم بيب غوارديوال حيث أضاف “بيب سيفهمك‪ ،‬إنهم يعرف برشلونة جيدا‪ ،‬ويقول إنك‬
‫ماكينة ال تهدأ”‪.‬‬

‫أبلغ البورتا مييس أيضا بأن النادي تعاقد مع داين ألفيش واقرتابه من إعادة بيكيه للمنزل قادما من مانشسرت يونايتد‪ ،‬وهو النبأ‬
‫الذي أسعد مييس كثريا خاصة أنه كان طلب هذا األمر تحديدا حينام قال لرئيس الربسا السابق يف إحدى املرات مامزحا “تعاقد‬
‫معه‪ ،‬لقد كان يدافع حينام كنا نحن يف فرق الناشئني”‪ ..‬لقد كانت بداية حقبة جديدة لربشلونة ومييس‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫أزمة أوملبياد بكني وملحق دوري األبطال‬

‫كان صيف ‪ 2008‬ساخنا بالنسبة ملييس بسبب أزمة جديدة‪ :‬كان ليو يرغب يف اللعب بأوملبياد بكني وبرشلونة‪ .‬مل يكن موافقا يف‬
‫البداية‪ ،‬ألن فعاليات البطولة تتزامن مع خوض الفريق ملواجهة األدوار التمهيدية يف دوري األبطال‪.‬‬

‫أتت هذه الظروف أيضا يف ظل وجود مدرب جديد هو بيب غوارديوال الذي مل يكن يعرف عن مييس سوى أنه العب ممتاز‪ ..‬مل يكن‬
‫يعرف طريقة التعامل معه أو شخصيته االنطوائية والخجولة والعنيدة‪.‬‬

‫سافر مييس ملعسكر الفريق خالل فرتة اإلعداد باسكتلندا حيث كان االحتكاك األول بغوارديوال‪ ..‬كانت األمور تسري عىل ما يرام كرويا‪،‬‬
‫ولكن عىل صعيد العالقة الشخصية مل يكن ليو قد بدأ يف الوثوق ببيب‪ ..‬كان الجميع يعلم أيضا أن ذهن ليو مشغول مبسألة النزاع‬
‫بني االتحاد األرجنتيني وبرشلونة بخصوص األوملبياد‪ ،‬ولكن مييس مل يتحدث مبارشة مع أحد يف األمر وال حتى غوارديوال‪.‬‬

‫يقول غوارديوال “أتذكر أنه يف األيام األوىل كان يتدرب جيدا للغاية‪ .‬كنا دامئا نبحث عن سبل إراحته يف اللعب‪ ،‬ألنه إذا مل نفعل هذا‬
‫مع العب مثله فال أستحق أن أكون مدربا‪ .‬األمر كله مع مييس يتعلق بالراحة ومنحه هذا الشعور”‪.‬‬

‫كان النزاع ال يزال قامئا بني برشلونة واالتحاد األرجنتيني‪ ،‬ولكن النادي سمح له بالسفر مع املنتخب‪ ،‬حيث قال رئيس جوان البورتا‬
‫له “عليك أن تعرف إذا ما صدر قرار يف صالحنا ستعود”‪ ،‬ولكن بيب غوارديوال تدخل وطلب من اإلدارة السامح مبشاركة ليو‪.‬‬

‫اتصل غوارديوال حينها من فندق الفريق يف نيويورك حيث كان برشلونة يقوم بجولة يف الواليات املتحدة يف ظل حضور الرئيس جوان‬
‫البورتا ونائبه رافا يوستي وتشييك بيجرستاين‪ ،‬املدير الريايض‪ ،‬وقال لليو “العب األوملبياد وعد لنا بامليدالية الذهبية”‪.‬‬

‫يقول غوارديوال حول هذا األمر “يف النهاية‪ ..‬ما الذي سأستفيد به من العب يرغب يف التواجد باألوملبياد وأنا أفكر يف العبور من‬
‫األدوار التمهيدية يف التشامبيونز؟ مل أؤمن أبدا بفرض اآلراء يف كرة القدم‪ .‬أنا أعرض ما لدي وإذا مل يقتنع من أمامي به‪ ،‬فإن األمور‬
‫لن تنجح”‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫بهذه الطريقة أصبح مييس مدينا بشكل أو بآخر لغوارديوال‪ ،‬ولكن هذا ليس وقت الحديث عن مثل هذه األمور‪ ،‬بل هو وقت‬
‫األوملبياد‪ :‬يف املباراة األول سجل مييس هدفا وصنع آخر يف فوز األرجنتني عىل كوت ديفوار بهدفني لواحد‪ ،‬ثم تاله الفوز عىل‬
‫أسرتاليا مبشاركته‪.‬‬

‫مع ضامن تأهل الفريق‪ ،‬أراح املدرب رسخيو باتيستا مييس يف املباراة الثالثة بدور املجموعات ليكون مستعدا ملواجهة هولندا يف‬
‫ربع النهايئ‪ ،‬حيث سجل الهدف األول‪ ،‬ولكن هولندا تعادلت ليعود مييس ويصنع لدي ماريا هدف الفوز‪.‬‬

‫كان مييس يف نصف النهايئ عىل موعد مع مواجهة الربازيل و‪ ..‬رونالدينيو! زميله السابق يف برشلونة وصديقه ورمبا والده الكروي‪،‬‬
‫حيث أشاد به كثريا يف املؤمتر الصحايف الذي سبق املباراة وانتهت بفوز األرجنتني عىل الربازيل بثالثية نظيفة‪ ،‬وذلك العناق الشهري‬
‫بني ليو وروين والذي يعتربه الكثريون بأنه كان مبثابة تسليم راية اإلبداع من جيل لجيل‪.‬‬

‫تقول الصحافية كريستينا كوبريو‪ ،‬املتخصصة يف أخبار برشلونة واملقربة من مييس والتي كانت تغطي أيضا أوملبياد بكني‪ ،‬إنها كانت‬
‫تخربه مبا يحدث داخل النادي أثناء غيابه‪ ،‬ويف يوم من األيام أخربها “أنا أرغب يف الفوز بامليدالية الذهبية وبعدها سنفوز بكل‬
‫يشء يف برشلونة”‪.‬‬

‫تلك الرغبة يف الفوز بكل يشء بدأت يف التحقّق بعد نهايئ األوملبياد يف ‪ 23‬أغسطس‪ /‬آب بالفوز عىل نيجرييا بهدف نظيف‪ ،‬ليعود‬
‫الـ”برغوث” بعدها بأيام قليلة لربشلونة‪ ،‬حيث كان الفريق ضمن التأهل بشكل كبري لدور املجموعات بدوري األبطال بالفوز عىل‬
‫فيسال كراكوف برباعية نظيفة ذهابا قبل أن يخرس بهدف وحيد يف العودة ولكنه حصل عىل بطاقة الصعود للدور التايل‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫غوارديوال يبدأ يف صقل األسطورة‬

‫مل يصل بيب غوارديوال ملنصبه كمدرب لربشلونة مبفرده بالتأكيد بل كان صاحب هذا األمر وصول عدد من مختيص التغذية الذين‬
‫غريوا عادات الفريق وباألخص مييس‪.‬‬

‫كان الهدف الرئييس من وراء هذا األمر هو تحسني األداء والوقاية من اإلصابات العضلية عن طريق التغذية املناسبة‪ ،‬حيث إن صورة‬
‫مييس وهو يرصخ عقب إصابة عضلة الفخذ الخلفية التي تعرض لها ليو أمام سيلتك األسكتلندي كانت محفورة يف ذاكرته وال يرغب‬
‫يف تكرارها‪.‬‬

‫يف تلك الفرتة كان ال يزال عمر مييس ‪ 21‬عاما يحب تناول شطائر الهامربغر والهوت دوغ واملرشوبات الغازية‪ ،‬ولكنه وجد مع‬
‫غوارديوال إرصارا غريبا عىل االعتناء بالجانب الغذايئ عن طريق تعيني اختصايص له بصورة منفردة‪.‬‬

‫أجرب غوارديوال الالعبني عىل تناول الطعام معا يف املدينة الرياضية‪ ،‬اإلفطار قبل التدريبات ثم وجبة خفيفة قبل العودة للمنزل‪ ،‬حيث‬
‫مل يكن الهدف من هذا هو العمل عىل زيادة ارتباط الفريق أكرث من السيطرة عىل عاداتهم الغذائية‪.‬‬

‫بأمر من بيب اختفت ماكينات بيع الشوكوالتة والبطاطس املقلية‪ ..‬كل األشياء التي كان يتناولها ليو من قبل مل تعد موجودة‪ ،‬حتى‬
‫بالنسبة لألطعمة التي كان يتناولها يف الخارج مثل البيتزا وغريها مل يعد لها مكان يف نظامه الغذايئ مع وصول بيب‪.‬‬

‫بدأ مييس يف تناول األسامك التي كان يرفضها دامئا ونظامه الغذايئ كان خاليا من الدهون تقريبا وغنيا بالغلوكوز والفواكه والخرضوات‪،‬‬
‫حيث أقنع غوارديوال العبه بالقيام بهذا األمر بهدوء عن طريق تقديم “توصية” وليس أمرا ً‪ ،‬ألنه كان بدأ يفهم كيف يتعامل معه‪،‬‬
‫فمييس يحتاج للدبلوماسية وليس ألسلوب “القطارات املتصادمة”‪.‬‬

‫بعيدا عام يحدث خارج امللعب‪ ،‬فإن غوارديوال خالل موسمه األول مل يعتمد عىل مييس كرأس حربة رصيح حيث ظل إيتو محتفظا‬
‫بهذا الدور حيث رصح “مل أضع مييس جناحا ليك أجهزه للعب يف قلب الهجوم‪ ،‬هذه كانت عملية مختلفة‪ ،‬ما عرفته عن ليو أنه‬
‫يتحدث يف امللعب ويثبت كل يشء‪ ،‬هذا هو الدرس الذي يقدمه كالعب يف كل الضجيج املحيط بعامل كرة القدم‪ ،‬هو يتحدث عن‬
‫طريق امللعب‪ ،‬بعضهم يطالب بالحصول عىل دور البطولة ولكن مييس ينتزعه‪ ،‬مييس ال يحبط يف لحظة الحقيقة والحسم”‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫خالل ذلك املوسم مل يتوقف غوارديوال عن القول إن ليو هو أفضل العب يف العامل مرارا وتكرارا‪ ،‬وهذا األمر بدأ يرفع من معنويات‬
‫ليو‪ ،‬حيث كان بيب يرى أنه عىل الرغم من وجود عائلة مرتابطة تدعم الالعب األرجنتيني‪ ،‬إال أنه كان يحتاج ملزيد من الود‬
‫والرعاية‪ ،‬ففي النهاية الخطة املوضوعة هي أن يصبح مرجعية الفريق‪.‬‬

‫وكان أول تعديل طبقه غوارديوال للوصول إىل هذه النتيجة النهايئ يف عملية استمرار الـ”برغوث” هو أن ليو يف موسمه األول كان‬
‫يلعب “كجناح وهمي” بتدخالت كثرية يف قلب الهجوم‪ ،‬وبالتأكيد كانت هناك بعض األخطاء املرتكبة أثناء هذه العملية نتيجة‬
‫عدم االلتزام بالواجبات الدفاعية‪.‬‬

‫النتيجة اإلجاملية لهذا األمر مل تكن سيئة فبحلول أبريل‪ /‬نيسان يف موسم ‪ 2009-2008‬كان ليو قد س ّجل مع الفريق ‪ 30‬هدفا‪،‬‬
‫مقارنة بـ‪ 17‬أحرزها يف املوسم السابق مع ريكارد‪ ..‬خطة غوارديوال كانت تسري بشكل جيد مع الفريق وليو نفسه‪.‬‬

‫يقول مييس “وصول غوارديوال جاء يف لحظة تلت عامني لنا دون التتويج بأي يشء‪ ،‬كنا يف حالة معنوية سيئة والثقة التي قدمها لنا‬
‫وطريقته يف القيام بها غريت كل يشء‪ ،‬إنه ميتلك شخصية تسمح له مبواجهة أي أحد طاملا كانت األفكار لديه واضحة”‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫رباعية بايرن واملهاجم الوهمي وسداسية الربنابيو‬

‫قدم مييس مستوى رائعا خالل موسم ‪ 2009-2008‬ولكن كانت من أكرث املباريات التي تألق فيها‪ ،‬مواجهة بايرن ميونخ األملاين يف‬
‫ذهاب ربع نهايئ دوري األبطال بكامب نو حينام فاز الربسا برباعية سجلت كلها يف الشوط األول‪.‬‬

‫سجل مييس الهدف األول بعد تسع دقائق بتمريرة من إيتو ثم أضاف الكامريوين الهدف الثاين بتمريرة من األرجنتيني (ق‪ )12‬قبل‬
‫أن يضع ليو الهدف الثالث (ق‪ )38‬من صناعة تريي هرني الذي أضاف الهدف الرابع بنفسه (ق‪.)43‬‬

‫ثاين أهم مباراة ملييس هذا املوسم كانت هي كالسيكو الليغا يف الربنابيو‪ ،‬حيث إن ما حدث قبلها يعد نقطة التحول الحقيقية يف‬
‫مسرية الالعب بالفريق األول‪ ،‬حيث كان ليو يتناول الطعام مع أحد املعارف قبل أن تصله مكاملة من غوارديوال الذي طلب منه‬
‫القدوم للمدينة الرياضية للنادي ليشاهد شيئاً معه‪.‬‬

‫كانت مباراة الكالسيكو تأيت بني مبارايت نصف نهايئ دوري األبطال مع تشيليس والليغا يف الرمق األخري وريال مدريد تحت قيادة‬
‫خواندي راموس حقق سبعة انتصارات متتالية ليصبح عىل بعد أربع نقاط من برشلونة املتصدر ويف ظل تبقي خمس جوالت عىل‬
‫نهاية الليغا‪.‬‬

‫كان غوارديوال متأكدا من أنه سيحقق الفوز بعد أن اكتشف الطريقة املالمئة‪ ،‬لذا جهز بعض مقاطع الفيديو وسعى للتحدث مع ليو‬
‫بخصوص تغيري تكتييك آمن بأنه سيرض ريال مدريد كثريا‪.‬‬

‫يقول بيب عن هذا اللقاء مع مييس “شاهدنا سويا بعض املقاطع والحظنا أنه إذا ما تحرك ليو يف قلب امللعب فقد يتلقى الكثري من‬
‫الكرات‪ ،‬هذا كان الهدف الرئييس‪ ..‬لقد ضحك كثريا حينام شاهد املقاطع‪ ،‬أعتقد أنه قال لنفسه (سأكون وحيدا يف هذا املكان)‪ ،‬ولكن‬
‫حسنا هذا هو األمر السهل ولكن بعده تأيت الصعوبة‪ ،‬لدي مساحة ولكن يجب التقدم األمتار العرشين األخرية‪ ،‬ال توجد مقاطع‬
‫فيديو تخدمك يف هذا‪ ،‬بل النواحي التكتيكية”‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وتابع غوارديوال “يف النهاية نحن املدربون وظيفتنا هي خدمة أفضل الالعبني‪ ،‬أنا أحاول دامئا جعل الالعبني الذين يف فريقي األفضل‪،‬‬
‫كل منهم يف مركزه‪ ،‬هذا األمر ال يعني تقييد ليو‪ ..‬أسلوبه يعتمد عىل الحدس‪ ،‬وبالتايل يجب أن متنحه الحرية‪ ،‬يوجد العبون‬
‫يطالبون بهذه الحرية ولكن حينام متنحها لهم ال يقدمون شيئا‪ ،‬وهذا أمر مختلف معه”‪.‬‬

‫بعد محادثة بيب وليو أمام شاشة الحاسوب كانت األفكار واضحة ولكن كان يجب إيصال األمر للفريق حيث يتذكر جريارد بيكيه‬
‫هذا األمر بقوله “غوارديوال تحدث معنا قبل املباراة وأخربنا كيف ستسري األمور‪ ،‬ليو سيلعب كمهاجم وهمي وصمويل كجناح”‪.‬‬

‫يتذكر سيلفينيو األيام التي تسبق املباراة بقوله “تدربنا عىل الكثري من اللعبات االسرتاتيجية‪ ،‬كنا نخطط جميعا ملباراة كبرية”‪ ،‬حيث‬
‫إن السبب وراء كل هذا بالتأكيد هو االنتقام مام حدث املوسم املايض بخسارة الدوري لصالح الريال بل والوقوف له يف ممر رشيف‬
‫بالربنابيو يف اللقاء الذي فاز فيه املليك بنتيجة ‪.1-4‬‬

‫يأيت يوم املباراة ويحدث ما أخرب بيب ليو بالضبط “إذا ما لعبت يف قلب الهجوم أمام قلبي الدفاع فإن هذا سيثري الشكوك لديهام‪،‬‬
‫إذا ما قرر أحدهام الخروج من منطقته الدفاعية والضغط عليك‪ ،‬سيمكنك الهروب منه ومراوغة الىخر‪ ،‬وبهذه الطريقة فتح‬
‫مساحة ملهاجم آخر”‪.‬‬

‫يتذكر بيكيه تلك املباراة التي فاز بها برشلونة بنتيجة ‪ 2-6‬وسجل مييس فيها هدفني بقوله “هذه اللعبة خرجت بطريقة رائعة‪،‬‬
‫الريال مل يفكر يف هذه االحتاملية وأصاب الرتدد قلبي دفاعه ومل يعرفا ما الذي يجب فعله وكان أمام ليو مساحة متوحشة لفعل‬
‫ما يحلو له”‪.‬‬

‫كتبت جريدة (الباييس) يف تحليلها ألداء مييس بتلك املباراة “غوارديوال أبعد مييس عن طرف امللعب ليواجه كلام استطاع قلبي‬
‫الدفاع املدريدي كانافارو وميتسلدر وذبحهام‪ ،‬ليسا هام فقط بل العبي الوسط ألنه كان يرتك نفسه يسقط لنصف امللعب من‬
‫أجل االنطالق”‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫نهائي روما وبداية عداوة ميسي ورونالدو‬

‫خاض برشلونة نهايئ كأس امللك أمام أثلتيك بلباو قبل نهايئ دوري األبطال موسم ‪ 2009-2008‬ولكن أندريس إنييستا غاب عن ذلك‬
‫اللقاء‪ ،‬وقد قال ملييس قبله “احرض يل الكأس ويف روما سأجعلك الفائز بالكرة الذهبية”‪.‬‬

‫فاز برشلونة يف نهايئ كأس امللك مبدينة فالنسيا عىل أثلتيك بلباو بأربعة أهداف لواحد حيث صنع مييس هدفني وسجل آخر كرس‬
‫حالة التعادل بهدف ملثله‪ ،‬ثم توج برشلونة بعدها بثالثة أيام بالليغا قبل مباراته أمام مايوركا بعد خسارة الريال أمام فياريال‬
‫واستحالة تعويض فارق النقاط الثامين‪.‬‬

‫كان مانشسرت يونايتد اإلنجليزي هو طرف نهايئ دوري األبطال الذي احتضنته مدينة روما اإليطالية‪ ،‬فقد ركزت وسائل اإلعالم‪،‬‬
‫وباألخص اإلنجليزية‪ ،‬عىل أن مانشسرت يونايتد كان املرشح األوفر حظا‪.‬‬

‫قرر الجمهور حينها‪ ،‬بعد كل التغذية والشحن اإلعالمي‪ ،‬أن العالقة الوحيدة املمكنة بني ليو وكريستيانو رونالدو العب مانشسرت‬
‫يونايتد يف ذلك الحني‪ ،‬يجب أن تكون الكره والعداء‪ ،‬ألنهام كان أفضل العبني عىل الساحة‪ ،‬ولكل منهام صفات عكس اآلخر‪.‬‬

‫يقول ليو عن اليوم الذي يسبق املباراة “الحقيقة أن كل األمور كانت عادية وتقليدية‪ ،‬كان بالنسبة يل يوما مثل أي يوم‪ ،‬كنا نشعر‬
‫بالهدوء والثقة يف أنفسنا”‪.‬‬

‫أثناء اإلحامء وقبل املباراة‪ ،‬شاهد مييس أقاربه ومعارفه وعائلته يجلسون بني آالف من مشجعي النادي الكتالوين‪ ،‬كان يشعر كام لو‬
‫كانت املباراة تلعب يف كامب نو‪ ،‬حيث استمتع بتلك األجواء التي كانت موجودة يف روما بشكل كبري‪.‬‬

‫متكن برشلونة من الفوز باملباراة‪ ،‬التي أقيمت يف ‪ 27‬مايو‪/‬أيار ‪ 2009‬بهدفني نظيفني‪ :‬األول سجله صمويل إيتو بتمريرة من إنييستا‬
‫والثاين مييس بالرأس يف مرمى الحارس الهولندي املخرضم فان دير سار‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫نرشت صحيفة (الباييس) اإلسبانية يف اليوم التايل “الربغوث يسجل بالرأس ويثبت لكريستيانو رونالدو من هو امللك الحقيقي‪...‬‬
‫مييس‪ ،‬الذي مل ير إيفرا ألنه مل يواجهه يف الناحية اليرسى‪ ،‬مل يقدم أفضل ما لديه‪ ،‬ولكنه كام يقول غوارديوال ال يلعب أبدا بصورة‬
‫سيئة‪ ،‬كان يتوجب عليه الظهور وفعل هذا”‪.‬‬

‫يقول بيب غوارديوال مدرب برشلونة السابق عن هذه املباراة “جربنا اللعب بليو أمام الريال يف كالسيكو (‪ )2-6‬يف الربنابيو يف مركز‬
‫املهاجم الوهمي‪ ،‬مل نفعل هذا األمر أمام تشيليس‪ ،‬ولكن عدنا لتكرار التجربة يف نهايئ روما‪ ،‬بدأنا أول عرش دقائق كام تخيلوا أننا‬
‫سنلعب ولكن بعدها غرينا األمور”‪.‬‬

‫يضيف املدرب الكتالوين “كل يشء كان مخططا‪ ،‬بعد مرور أول عرش دقائق ينتقل إيتو للعب عىل طرف امللعب ويدخل ليو يف‬
‫قلب الهجوم‪ ،‬إيتو كان متعاونا وساعدنا كثريا يف هذا املوسم وذلك النهايئ”‪.‬‬

‫وأردف غوارديوال بخصوص التغيري التكتييك املتفق عليه بتغيري مركز مييس بعد مرور عرش دقائق عىل بداية اللقاء “حتى ولو كانوا‬
‫درسوا هذا األمر كان سيصعب عليهم إيقافه‪ ،‬ألنك ستجرب قلب الدفاع عىل الخروج من مركزه ملراكز بعيدة للغاية‪ ،‬قلوب الدفاع‬
‫يف إنجلرتا وأغلب أنحاء العامل تقريبا يعتادون عىل مقابلة املهاجمني يف العرضيات املرتفعة والقوية‪ ،‬تلك هي النقطة التي يشعرون‬
‫فيها بالراحة‪ ،‬واذا ما اضطروا للدفاع أمام مهاجمني قصار القامة ولكنهم يتمتعون بقدر عال من الديناميكية‪ ،‬فإنهم يضطرون‬
‫للخروج كثريا من منطقتهم ملسافة قد تصل حتى لعرشين مرتا‪ ،‬وهذا أمر صعب بالنسبة لهم”‪.‬‬

‫كانت أول مرة يحتضن فيها مييس غوارديوال بشكل ودي بعد نهايئ روما يف غرف املالبس‪ ،‬من دون قول يشء‪ ،‬كام لو كان كل‬
‫طرف يقول لآلخر “متت املهمة بنجاح”‪ ،‬ومل ال؟ سجل ليو يف هذا املوسم ‪ 23‬هدفا يف كأس امللك‪ ،‬وستة يف الكأس‪ ،‬وتسعة أهداف‬
‫يف دوري األبطال‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الكرة الذهبية ومونديال األندية‬

‫مع نهاية املوسم األول‪ ،‬لبيب جوارديوال مع برشلونة‪ .‬اتخذ املدرب الكتالوين قرارا ً برضورة االستغناء عن الكامريوين‪ ،‬صمويل إيتو‪،‬‬
‫وهو األمر الذي أثار الدهشة حينها‪ ،‬ولكنه يؤكد أن السبب وراء األمر كان قرارا ً “تكتيكيا” يف املقام األول‪.‬‬

‫يقول جوارديوال “لقد كان السبب تكتيكياً من الدرجة األوىل‪ ،‬وليس أي يشء آخر‪ ،‬كان من املستحيل أن نفوز بكل ما حققنا يف‬
‫املوسم األول دون صمويل‪ ،‬هذا أمر حقيقي‪ ،‬لقد تأقلم عىل ليو حينام قررت هذا يف مبارايت كالسيكو الربنابيو ونهايئ روما‪ ،‬ولكن أنا‬
‫قررت بعدها أن يلعب ليو يف قلب الهجوم واعتقد أنه سيكون من الظلم جعل إيتو يلعب عىل طرف امللعب طوال العام‪ ،‬فهمت‬
‫أن تأقلمه عىل ليو ملدة مثانني مباراة ليس القرار الصحيح‪ ،‬ولكن بدرو وجيفرين وبويان كان بإمكانهم هذا”‪.‬‬

‫يبدو‪ ،‬هذا األمر ظاهرياً‪ ،‬أنه كان “من أجل عيون مييس”‪ ،‬ولكن بيب كان عىل قناعة بأنه بهذه الطريقة سيصب األمر يف مصلحة‬
‫الفريق‪ ،‬وهو األمر الذي يؤكده رئيس برشلونة السابق‪ ،‬جوان البورتا‪ ،‬حيث يقول “مل يكن األمر مجرد نزوة من جوارديوال‪ ،‬كان قرارا ً‬
‫صعباً‪ ..‬هذا العام كانت لدينا رغبة يف التعاقد مع ديفيد فيا أو دييجو فورالن أو زالتان إبراهيموفيتش”‪.‬‬

‫حاول برشلونة التعاقد يف البداية مع فيا‪ ،‬ولكن كان األمر صعباً مادياً ليقع االختيار عىل إبرا‪ ،‬حيث يضيف البورتا “كنا نحتاج إدخال‬
‫إيتو يف العملية‪ ،‬وهو مل يرغب يف الذهاب معارا ً لفالنسيا‪ ،‬لذا قرر الذهاب إلنرت ميالن‪ ،‬بخالف هذا كان إبرا املفضل بالنسبة للجهاز‬
‫الفني للفريق‪ ،‬مانشسرت سيتي عرض ‪ 32‬مليوناً لرشاء صمويل‪ ،‬ولكنه مل يرغب يف الذهاب هناك ألنه حينها مل يكن تأهل لدوري‬
‫األبطال”‪.‬‬

‫بهذه الطريقة مع بداية موسم ‪ 2010-2009‬أصبح مييس ألول مرة منذ قدومه لربشلونة يلعب يف املركز الذي يحبه بعيدا ً عن‬
‫األطراف ليتحقق االتفاق الذي توصل له الجميع عقب إقالة الهولندي فرانك ريكارد بجعل الفريق يدور حول ليو‪.‬‬

‫كان مييس عىل موعد مع كرته الذهبية األوىل بعد أن كان حل ثالثاً يف ‪ 2007‬بعد كاكا‪ ،‬وثانياً يف ‪ 2008‬بعد كريستيانو‪ ،‬حيث توج‬
‫بها يف ‪ 2009‬وعمره ال يزال ‪ 21‬عاماً يف ذلك الحفل الذي احتضنته باريس وحرضته والدته سيليا ووالده وخورخي وباقي إخوته‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫حينها بىك خورخى شديدا ً‪ ،‬حيث قال “لقد حققت الهدف الذي اعتزمت الوصول إليه يف هذه الحياة‪ ،‬أبنايئ األربعة لديهم حياة‬
‫جيدة‪ ،‬لقد نجحت”‪.‬‬

‫ليو يحب عائلته كثريا ً ومل ينس أبدا ً فضل والدته سيليا التي سلمت ابنها يف أول مباراة تلت الحفل يف ملعب كامب نو‪ ،‬وكانت‬
‫أمام إسبانيول الكرة الذهبية يف الوقت الذي كان فيه العبو فريقه والخصم وحتى حكم املباراة إيتورالدي جونزاليس يصفقون له‪.‬‬

‫منح االتحاد الدويل لكرة القدم (فيفا) يف ‪ 21‬ديسمرب جائزة أفضل العب يف العام‪ ،‬حينها مل تكن الكرة الذهبية انضمت مع تلك‬
‫الجائزة‪ ،‬حيث كانت األوىل باختيار الصحافيني والثانية بتصويت مدريب املنتخبات وقادتهم‪.‬‬

‫من ضمن القصص الطريفة‪ ،‬يف هذا اليوم‪ ،‬أن ليو كان قبل تسلم الجائزة يف غرفته يلعب الـ(بالي ستيشن) مع شقيقيه رودريجو‬
‫وماتياس‪ ،‬وتأخر يف النزول للذهاب لقرص املؤمترات يف زيورخ‪ ،‬حيث نبهته بعثة برشلونة إىل هذا األمر ليبدأ يف ارتداء املالبس رسيعاً‬
‫هو وإخوته من أجل الذهاب‪.‬‬

‫يف نفس الشهر الذي توج خالله مييس بالكرة الذهبية‪ ،‬كان عىل موعد مع إنجاز جديد‪ ،‬وهو التتويج مبونديال األندية‪ ،‬حيث بدأ‬
‫املباراة األوىل يف نصف النهايئ أمام أتالنتي املكسييك‪ ،‬وهو يجلس عىل الدكة‪ ،‬تعقدت املباراة بعد تأخر الربسا بهدف مبكر‪ ،‬ولكن‬
‫بوسكيتس تعادل (ق‪ ،)35‬ثم سجل مييس يف الشوط الثاين بعد نزوله بتمريرة من إبراهيموفيتش قبل أن يضيف بدرو الهدف‬
‫الثالث‪.‬‬

‫تواجه الربسا يف النهايئ مع استوديانتيس األرجنتيني تقدم الخصم (ق‪ )37‬قبل أن يتعادل بدرو (ق‪ )89‬قبل أن يسجل مييس يف‬
‫الوقت اإلضايف (ق‪ )110‬ذلك الهدف الشهري الذي يبدو كام لو كان وضعه حرفياً بـ”قلبه”‪ ،‬وهكذا وصفته صحيفة (الباييس)‪.‬‬

‫يفرس مييس ملاذا قرر التسجيل بهذه الطريقة‪“ :‬اطأمننت للتسجيل بهذه الطريقة عن توجيهها بالرأس ألنني كنت قريباً جدا ً من‬
‫الحارس‪ ،‬الكرة كانت غريبة ورأيت أنه من األفضل مصاحبتها بصدري عن رضبها برأيس”‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫إبراهيموفيتش وجوارديوال‪..‬عالقات شائكة‬

‫جدد مييس عقده مرة أخرى يف شهر سبتمرب مبوسم ‪ 2010-2009‬بعد النجاح الذي حققه يف املوسم األول لبيب جوارديوال حيث‬
‫ارتفع راتبه إىل ‪ 12‬مليون يورو بجانب حوافز بقيمة مليون ونصف مليون يورو إذا ما لعب عددا ً معيناً من املباريات يف كل‬
‫البطوالت‪ ،‬إال أن قيمة الرشط الجزايئ ارتفعت لـ‪ 250‬مليون يورو‪ ..‬كان مرشوع الفريق حول ليو يسري بصورة جيدة‪.‬‬

‫العامل ليس مكاناً جميالً لذا بدأت يف الظهور بسبب آخر صفقات النادي الذي جاء لتعويض رحيل الكامريوين صمويل إيتو وهو‬
‫السويدي زالتان إبراهيموفيتش‪.‬‬

‫كانت املشكلة الرئيسية بالنسبة لجوارديوال هذا املوسم تتمثل فيمن سيلعب عىل جانب امللعب ومن يف قلب الهجوم‪ ،‬حيث مل‬
‫يستقر بيب عىل قرار واضح ألن زالتان كان يطالب بدور البطولة وأن يكون مرجعية الفريق وهو األمر الذي يخص مييس‪.‬‬

‫مل يكن مستوى زالتان سيئاً باملرة مع برشلونة حيث أنه كان وصل ملعدل تهديفي جيد للغاية عند ذهاب ربع نهايئ دوري األبطال‬
‫أمام أرسنال حينام سجل هدفني لريتفع رصيده يف الـ”تشامبيونز” إىل أربعة أهداف والليجا لـ‪ 15‬هدفاً‪ ،‬أي أكرث من بإيتو يف املوسم‬
‫السابق بهدفني يف تلك الفرتة من املوسم‪.‬‬

‫مل يكن ليو راضياً عن نفسه يف هذه املباراة تحديدا ً بل أن تشايف هرينانديز وأندريس إنييستا قاما بتأنيبه‪ ،‬لذا فإنه يف مباراة العودة‬
‫تكفل بتسجيل أربعة أهداف يف املباراة التي فاز بها النادي الكتالوين ‪.1-4‬‬

‫يف نصف النهايئ‪ ،‬كان ليو وبرشلونة عىل موعد مع إنرت مورينيو ولكن جوارديوال كان أول من خان نفسه بل ورمبا فريقه يف مباراة‬
‫الذهاب حينام قرر معارضة حدسه والقرارات التي اتخذها طوال املوسم واللعب بإبراهيموفيتش كرأس حربة‪ ،‬ثم غريه قبل الشوط‬
‫الثاين ولكن املباراة انتهت بخسارة الفريق الكتالوين بثالثة أهداف لواحد‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫يف مباراة العودة أرص عىل نفس الفكرة ولعب بإبراهيموفيتش مجددا ً كرأس حربة ولكن األمر مل يستمر سوى ساعة واحدة حتى‬
‫قام بتغيري الخطة حيث مل يسعفه هدف بيكيه يف التأهل‪ ،‬ولكن بخالف الخروج من إنرت مورينيو كان عىل وشك خسارة الرابطة‬
‫التي صنعها مع ليو‪.‬‬

‫كان إبراهيموفيتش خالل هذا املوسم يشعر أن صعود ليو صاحب الـ‪ 22‬عاماً يعرقل تقدمه وطالب جوارديوال هذا املوسم أكرث‬
‫من مرة رضورة أن يساعده ليو بصورة أكرث‪ ،‬ولكن بيب مل يكن يف الكثري من األحيان لديه يشء ليقوله له ألن الفريق كان يسري يف‬
‫اتجاه آخر‪.‬‬

‫يقول جوزيب ماريا مينجيال أول وكيل ملييس “يف كرة القدم يوجد دامئاً العب مثل مدير األوركسرتا هو األكرث تأثريا ً والذي يحدد‬
‫خطة وتشكيل الفريق‪ ،‬هذا األمر حدث عىل مر التاريخ مع دي ستيفانو أو كرويف الذي كان اآلمر الناهي يف الفريق‪ ،‬األمر ال‬
‫يتعلق مبناقشة مدى جودة إيتو أو ابراهيموفيتش‪ ،‬هام العبان رائعان‪ ،‬بل البحث عن أفضل أسلوب العب يتامىش مع أبرز نجوم”‪.‬‬

‫كيف كان مييس سبباً يف كرس العالقة بني بيب وزالتان؟ هل يتعلق األمر بالتطور التكتييك ملييس الذي كان يتطلب مساحة؟ أم‬
‫بوجود العب ال يقبل تغيري ما اعتاد عليه لتحقيق مصلحة الفريق؟‬

‫كان إبرا دامئاً مبثابة البطل يف كل األندية التي لعب لها‪ ،‬هذا هو ما كان يطلبه‪ ،‬مل يكن لديه استعداد لصناعة ممر رشيف وبدين‬
‫مجازي لصالح ليو‪ ،‬ولكنه أيضاً مل يكن يعرف القيام بتلك التحركات التي متنح الربغوث املساحة الالزمة‪ ،‬ومن الطبيعي تنكرس‬
‫العالقة أنه حينام يطلب من العب بهذا الحجم القيام بأشياء ال يعرفها‪.‬‬

‫يقول إبراهيموفيتش يف سريته الذاتية “بدأت كل األمور جيدا ً ولكن بعدها مييس تحدث وطلب‪ ،‬مييس رائع ولكن ال أعرفه جيدا ً‪،‬‬
‫نحن مختلفان‪ ،‬وصل لربشلونة وعمره ‪ 13‬عاماً والفريق يدور حوله وهو أمر طبيعي ألنه ذيك ولكن بعدها وصلت أنا وكنت أسجل‬
‫أكرث منه لذا ذهبت لجوارديوال وأخربته إنني ال أرغب اللعب يف الجانب األمين‪ ،‬وأرغب اللعب يف قلب الهجوم‪ ،‬ولكن بيب مل يهتم‪،‬‬
‫كل الكرات كانت متر مبييس ومل يكن اللعب بأسلويب‪ ،‬يجب أن أكون حرا ً مثل العصفور‪ ،‬أنا ذلك الرجل الذي يرغب دامئاً يف صناعة‬
‫الفارق‪ ،‬ولكن جوارديوال قدمني كأضحية‪ ،‬هذه هي الحقيقة”‪.‬‬

‫ما ال يقوله زالتان يف كتابه هو ليس الحقيقة الكاملة للحوار الذي دار بينه وجوارديوال‪ ،‬حيث إنه حينام طلب األمر منه محور‬
‫املوضوع حول نفسه وليس الفريق حيث قال له “القزم يجب أن يرحل”‪ ،‬ولكن يف نهاية املوسم كان العمالق هو الذي رحل‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫أزمة مارادونا ومونديال ‪٢٠١٠‬‬

‫تول دييغو أرماندو مارادونا مسؤولية تدريب املنتخب األرجنتيني يف خريف ‪ ،2008‬وهو األمر الذي مثّل نهاية حقبة‪ ،‬فبعد أربعة‬ ‫ّ‬
‫أشهر عىل أول مباراة له‪ ،‬أعلن خوان رومان ريكيلمي اعتزاله اللعب دوليا معلال قراره بأنه “ال يتشارك طريقة التفكري أو املفاهيم‬
‫نفسها” مع املدرب‪.‬‬

‫كانت رسالة ريكيلمي أن األمور تسري بطريقة سيئة حيث اكتشف عن طريق التلفزيون أن مارادونا يشكك يف أحقيته اللعب أساسيا‬
‫بسبب “مشاكل بدنية” يفرتض أنه يعاين منها مع ناديه بوكا جونيورز‪ ،‬كام أنه يف الوقت نفسه كان يشري إىل ما قامت به مجموعة‬
‫من الالعبني املقربني من مارادونا لخلق جو من التوتر أدى إلقالة املدرب السابق الفيو باسييل‪.‬‬

‫غي مارادونا عقب توليه مهمة تدريب املنتخب من انتقاده العلني يف بعض األحيان ملييس‪ ،‬كام كان يحدث يف ‪ 2008‬عىل سبيل‬ ‫ّ‬
‫املثال حينام كان يفضّ ل إبراز عيوب ليو ومبالغته يف املراوغات وأيضا وجود قصور يف شخصية القائد لديه‪ ،‬ألنه قرر كام فعل الجميع‬
‫سابقا أن يدور الفريق حوله الستغالل موهبته‪.‬‬

‫يحب دييغو الرسائل العلنية الرمزية‪ ،‬لذا قدم له القميص رقم ‪ 10‬الذي كان ليو يرغب فيه بعد أن تشاور مارادونا مع القائد خابيري‬
‫ماسكريانو واملخرضم خوان سباستيان فريون بخصوص األمر‪.‬‬

‫خالل مشوار التصفيات املؤهلة ملونديال ‪ 2010‬بجنوب أفريقيا‪ ،‬مل ترس األمور بصورة جيدة ال مع املنتخب وال مع مييس الذي نالته‬
‫انتقادات الذعة من الصحافة األرجنتينية بسبب الفارق الرهيب يف مستواه مع الربسا و”راقيص التانغو”‪.‬‬

‫كانت األمور معقدة للغاية لدرجة أن األرجنتني تأهلت للمونديال بشق األنفس عقب الفوز عىل أوروغواي مبلعب السنتناريو‪،‬‬
‫ليخرج بعدها دييغو ليسب كل الصحافيني الذين انتقدوه يف تلك الواقعة الشهرية بأفظع األلفاظ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫انتقادات الصحافة األرجنتينية ملييس يف تلك اللحظة كانت رهيبة‪ ،‬حيث وصلت آلفاق يصعب تخيّلها كام فعلت مجلة “مينوتو‬
‫أونو” اإللكرتونية حينام نرشت “رمبا يكون الرد موجودا إذا ما بحثنا يف الجانب النفيس والرصاعات العاطفية التي مير بها الالعب‪.‬‬
‫لقد ترك األرجنتني وهو صغري للغاية‪ ،‬علم النفس يقرتح رمبا وجود حالة من الرفض نحو مسقط رأسه‪ ،‬أي طفل يكرب خارج بالده‬
‫من الصعب أن يحافظ عىل صلة الود معها”‪.‬‬

‫كان ليو عىل دراية بكل تلك األمور التي تكتب عنه وشعر باالستياء الشديد منها‪ ،‬ألنه كان أرجنتينيا قلبا وقالبا ويرص أيضا عىل‬
‫االعتزال هناك‪ ،‬حيث يقول “ال أعرف متى‪ ،‬ولكن هذا هو ما أرغب فيه‪ .‬أرغب يف اللعب بالدوري األرجنتيني بسبب كل ما يعنيه‬
‫يل”‪.‬‬
‫عالقة ليو مع املنتخب يف تلك الفرتة مل تكن تتعلق باملتعة بل بالتضحية‪ ،‬يف ظل وطأة االنتقادات املتتالية التي مل يكن يستسيغها‪..‬‬
‫ملاذا كل هذه العجلة؟ صحيح أن ليو مل يكن مبستواه نفسه يف برشلونة‪ ،‬ولكن حسنا يف املنتخب مل يكونوا يف مستوى العبي برشلونة‪.‬‬

‫كان مارادونا يدرك الوضع جيدا واستخدم كل مؤمتراته الصحافية للدفاع عن مييس‪ ،‬بل وإنه قبل مونديال ‪ 2010‬سافر لربشلونة‬
‫لالجتامع معه ألنه كام يقول دييغو “الحديث هاتفيا مع مييس أصعب من القيام به مع أوباما”‪.‬‬
‫جرى اللقاء يف نهاية مارس‪ /‬آذار ‪ ،2010‬وقبل املونديال بأشهر قليلة‪ ،‬حيث كان دييغو يستمع ملييس ثم أخرج من جيبه ورقة‬
‫وطلب من ليو رسم الخطة التي يشعر فيها بقدر أكرب من الراحة‪ ،‬رفض “الربغوث” يف البداية ولكنه استجاب أمام إرصار مارادونا‪.‬‬

‫اقرتح مييس وضع مهاجم إضايف أمامه وإنهاء االعتامد عىل خطة ‪ 2-4-4‬الواضحة‪ ،‬حيث طرح إما اللعب بـ‪ 2-1-3-4‬أو ‪2-1-4-3‬‬
‫كاف من األشخاص للدفاع والعب متم ّيز يف الركض ملسافات طويلة مثل جوناس أو دي ماريا‬ ‫مهاجم إضايف ولكن مع وجود عدد ٍ‬
‫ليصبح أحد محركات اللعب من أعىل ألسفل للتغطية والهجوم‪ ...‬كارلوس تيفيز وغونزالو إيغواين كرأيس حربة عىل أن يتبادل مييس‬
‫املراكز مع االثنني فيام عىل الثالثة أو أربعة العبني الذين يقومون بالحامية تجهيز الهجامت‪.‬‬

‫يقول مارادونا يف مقدمة كتاب (املختلف) “تحدثنا ملدة ساعتني يف أحد فنادق برشلونة‪ ،‬قلت له إن مسرييت انتهت وإنه يجب عليه‬
‫صناعة تلك التي تخصه وأننا يف النهاية سرنى من هو األفضل يف كل العصور‪ .‬أخربته مبا حدث معي‪ ،‬وأنه يف كل يوم ستأيت أمور يف‬
‫حياته يجب عليه تخطيها”‪.‬‬

‫حانت لحظة الحقيقة يف مباراة األرجنتني األوىل باملونديال أمام نيجرييا‪ :‬لعب الفريق بليو خلف تيفيز وهيغواين‪ ،‬األخري مائل قليال‬
‫نحو طرف امللعب‪ ،‬وبفريون وماسكريانو ودي ماريا يف منتصف امللعب لحامية رباعي الدفاع وخلق الفرص للهجوم‪ ،‬فيام أن جوناس‬
‫غوتيرييز بدأ املباراة كظهري أمين عىل الرغم من كونه العب وسط هجومي‪.‬‬
‫لعب مييس بشكل جيد للغاية خالل املباراة وسدد مثاين كرات عىل مرمى نيجرييا وأرسل متريرات حاسمة أكرث من أي العب آخر‪،‬‬
‫ولكن يف النهاية انتهت املباراة بالفوز بهدف نظيف سجله غابرييل هاينزه (د‪.)6‬‬

‫يف املباراة التالية أمام كوريا الجنوبية (‪ ،)1-4‬لعب خابيري ماسكريانو يف االرتكاز‪ ،‬ولكن مركز مييس تراجع ليكون صانع ألعاب متأخر‬
‫وأمامه هجوم مك ّون من تيفيز وماكيس ودي ماريا وهيغواين‪ ،‬الذي سجل ثالثة أهداف “هاتريك”‪ ،‬فيام أن ليو شارك يف صناعة‬
‫األهداف األربعة‪ ،‬عىل الرغم من أنه مل يكن يلعب يف املركز املتفق عليه يف تلك الخطة التي رسمها لدييغو يف برشلونة‪.‬‬

‫يروي فريون عن شعور مييس حينام قرر مارادونا أن يرتدي ليو شارة قيادة الفريق يف مباراة اليونان التالية “شاهدته عصبيا مرة‬
‫واحدة فقط‪ ،‬قبل مباراة اليونان حينام منحه مارادونا شارة القيادة‪ .‬مل تكن مسألة القيادة هي التي تؤرقه بل ما هي الكلامت التي‬
‫سيقولها يف خطابه للفريق يف اليوم التايل‪ .‬بالنسبة يل ما كان يؤرقني هو شخريه‪ ،‬ولكن يف النهاية قمت بحل األمر بوضع الوسادة‬
‫فوق أذين”‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫حققت األرجنتني فوزا سهال عىل اليونان بهدفني نظيفني لتتأهل بالعالمة الكاملة ولكن دون إبهار‪ ،‬حيث كانت ستواجه املكسيك‬
‫بعد ثالثة أيام من إكامل ليو ‪ 23‬عاما‪ ،‬وقرر دييغو تكرار تجربة مباراة كوريا الجنوبية بوضع ماسكريانو يف االرتكاز ومييس أمامه‬
‫كصانع ألعاب متأخر‪.‬‬

‫األمور أمام املكسيك ليست مثل كوريا‪ ،‬حيث إن مدرب الـ”تريكولور” خابيري أجريي متكن من تغطيته بشكل كبري‪ ،‬فيام حاول‬
‫مييس التملّص بحلول فردية ولكنه مل ينجح‪ .‬صحيح أن األرجنتني فازت ‪ 1-3‬ولكن ال يجب نسيان أن هدف تيفيز األول جاء من‬
‫تسلل فيام الهدف الثاين كان من خطأ دفاعي‪.‬‬

‫يغي مارادونا األمور يف ربع النهايئ أمام أملانيا حينام وقعت الطامة الكربى‪ :‬هزمية بأربعة أهداف نظيفة‪ ،‬حيث كان مييس الحارض‬
‫مل ّ‬
‫الغائب يف هذه املباراة‪ ،‬بدا كام لو كان تائها يف وسط امللعب‪ .‬مل يراوغ أو يستقبل الكرات بشكل جيد‪ ..‬لقد انهارت قلعة األوراق‬
‫التي كان يصنعها مارادونا‪.‬‬

‫مييس الذي سجل ‪ 47‬هدفا مع برشلونة يف موسم ‪ ،2010-2009‬مل يسجل يف خمس مباريات باملونديال عىل الرغم من أنه كان‬
‫األكرث تسديدا‪ 30 :‬مرة واثنتني منهام يف العارضة‪ .‬ولكنه مل يكن وحيدا‪ ،‬ففي تلك البطولة التي ت ّوجت بها إسبانيا فشل كل النجوم‬
‫بالتسجيل‪ ،‬بداية من وين روين ومرورا بفرانك ريبريي وكريستيانو رونالدو ونهاية بكاكا‪.‬‬

‫مل تتوقف االنتقادات سواء ضد مييس أو مارادونا حيث كتبت صحيفة “كالرين األرجنتينية” “دييغو مارادونا مل يعرث أبدا عىل‬
‫فريقه‪ .‬كل املسؤولية وقعت فوق مييس‪ ،‬ولكن مييس ليس مارادونا‪ ..‬مييس هداف يف أوروبا ولكنه مل يكن موجودا يف جنوب‬
‫أفريقيا‪ ،‬اكتشف الالعبون أن بابا نويل ليس حقيقيا‪ ،‬ألن مارادونا تح ّول من رمز عظيم إىل مجرد برشي من لحم وعظم”‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫إسبانيا تهاجم ليو ميسي!‬

‫حصل مييس يف العارش من يناير ‪ 2011‬عىل كرته الذهبية الثانية‪ ،‬يف النسخة األوىل لها بعد دمج جائزيت االتحاد الدويل لكرة القدم‬
‫(فيفا) ألفضل العب ومجلة (فرانس فوتبول)‪ ،‬حيث اختري من قبل ‪ 450‬شخصا بينهم مدربو وقادة منتخبات وصحافيون‪.‬‬

‫مل يكن ليو ينتظر الفوز بالجائزة ولكن هذا مل مينعه من اصطحاب والديه وشقيقته وعدد آخر من األقارب‪ ،‬ولكن سبعة من العبي‬
‫برشلونة كانوا اختريوا ضمن فريق عام ‪ 2010‬كام أن بيب غوارديوال كان مرشحا لجائزة أفضل مدرب‪ ،‬والتي ذهبت ملورينيو بطل‬
‫دوري األبطال مع إنرت ميالن اإليطايل‪.‬‬

‫كانت الصحافة ترى أندريس إنييستا الذي سجل هدف فوز إسبانيا باملونديال هو الالعب الذي يستحق الجائزة عن جدارة‪ ،‬فيام‬
‫أن إسبانيا كلها كانت تقول اذا مل يفز مييس بالجائزة فستكون من حق تشايف‪ ،‬ولكن كالهام كانا عىل وشك اكتشاف الثقل اإلعالمي‬
‫ملييس خارج البالد‪.‬‬

‫وقع االختيار عىل غوارديوال إلعالن اسم الفائز بالجائزة لينطق اسم “مييس” بشكل رمبا مل يرق لألخري‪ ..‬مل تتوقف النقاشات حول‬
‫أحقية إنييستا أو تشايف بهذه الجائزة أكرث من ليو حتى اآلن‪.‬‬

‫ليو نفسه مل يصدق‪ ..‬كان يعتقد أن الجائزة لن تكون من نصيبه لذا مل يحرض كلمة واضطر الرتجال خطاب قال فيه “مساء الخري‬
‫وشكرا جزيال عىل التصفيق‪ ..‬حسنا‪ ..‬الحقيقة‪ ..‬مل أكن أنتظر الفوز اليوم‪ ،‬كان من الكايف بالنسبي يل التواجد بني اثنني من زماليئ‪ ،‬إنه‬
‫يوم مميز بالنسبة يل وأرغب يف مشاركة الجائزة مع زماليئ وتوجيه الشكر لهم‪ ،‬بدونهم مل أكن ألتواجد هنا”‪.‬‬

‫كان ليو ودودا بشكل كبري مع إنييستا وتشايف يف رحلة العودة‪ ،‬األول بالذات كان يدرك أن مثل هذه الفرصة لن تأيت له مجددا‪..‬‬
‫رمبا كان يظن مثل الجميع ومنهم جريدة (الغازيتا ديلو سبورت) اإليطالية أنه سيفوز‪ ،‬ولكن هذا مل مينعه من تهنئة ليو ومشاركته‬
‫فرحته‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫يقول إنييستا يف حوار مع قناة الربسا حول هذا األمر “الجميع لديهم الحق يف إبداء الرأي‪ ،‬ولكن مل تحدث أي مشاكل‪ ،‬كنا سعداء‬
‫بفوز ليو بكرته الذهبية الثانية‪ ،‬ويجب تقدير ترشحي الذي مل يكن سهال‪ ،‬كنا نحن الثالثة نعرف أن األمر يتعلق بالفريق وباأللقاب‬
‫الجامعية”‪.‬‬

‫من جانبه قال تشايف “فاز ليو وبالنسبة يل كان أمرا عادال‪ ،‬إنه العب استثنايئ ويستحق األمر‪ ،‬لقد استمتعنا بليلة تاريخية‪ ،‬كرة‬
‫برشلونة انترصت وكل ناشئيها‪ ،‬هذا كان أكرث ما أسعدين”‪.‬‬

‫أثناء رحلة العودة حينام كان يجلس ليو بجانب والدته طلبوا منه اقرتاح نخب قبل االحتفال لذا قال “هذا نخب تشايف وإنييستا‬
‫أكرث مني”‪.‬‬

‫داخل غرف املالبس ظل هناك تساؤل مل يجد إجابة أبدا‪ ..‬ما الذي كان سيحدث لو فاز تشايف أو إنييستا؟ يف حالة خسارة ليو كان‬
‫الفريق مستعدا لالعتناء بحالته النفسية‪ ،‬ولكن مييس من ناحية أخرى مل يعحبه رد الصحافة اإلسبانية والدولية‪.‬‬

‫كتبت صحيفة (إيه يب يس) اإلسبانية “(فيفا) تقلل من قدر املنتخب بطل العامل” فيام أن جريدة (الستامبا) اإليطالية كتبت من‬
‫جانبها “مييس مل يفز بيشء يف البطوالت ذات الثقل”‪ ..‬كانت هذه هي بعض العناوين التي استيقظ عليها مييس يف اليوم التايل‪.‬‬

‫كان الفريق سيخوض مرانا يف املساء وشعر “الربغوث” أنه أمام تحد جديد‪ ..‬هل يشككون يف استحقاق الجائزة؟ هذا أمر حقيقي؟‬

‫يتذكر بيب غوارديوال جيدا ذلك املران‪ ..‬مباراة بني فريقني من العبي الربسا وكل طرف منهم مكون من ستة العبني ومييس سجل‬
‫بكل الطرق املمكنة‪ ،‬لقد أحرز خمسة أهداف وراوغ وركض وصنع أهدافا ثم استحم وعاد إىل منزله وكأنه يقول دون كلامت‬
‫“هذا أنا”‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مورينيو و موسم مليء باملواجهات‬

‫مع بداية موسم ‪ 2011-2010‬أعري السويدي زالتان إبراهيموفيتش إليه يس ميالن اإليطايل وانتقل ديفيد فيا لربشلونة‪ ..‬كان يعتقد يف‬
‫بداية األمر أنه سيلعب كرأس حربة رصيح‪ ،‬ولكن مع مرور الوقت أدرك أنه سيلعب عىل جانب امللعب‪ ،‬وقبل بهذا األمر‪.‬‬

‫باملثل رحل يايا توريه ودميرتو تشيجرنسيك وتيريي هرني والكسندر هيلب ورافا ماركيز ووصل أيضا الربازييل أدريانو والهولندي‬
‫ابراهيم أفيالي وخابيري ماسكريانو‪ ،‬الذي كان مييس سببا رئيسيا يف انتقاله للربسا بعدما أقنع بيب غوارديوال باألمر‪.‬‬

‫شهد هذا املوسم أول كالسيكو لجوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد الجديد أمام برشلونة غوارديوال ومييس‪ ،‬حيث كان الربتغايل يؤكد‬
‫قبل تلك املباراة التي احتضنها ملعب كامب نو يف ‪ 29‬نوفمرب‪/‬ترشين األول ‪ 2010‬أن كرة القدم مثل “صندوق املفاجآت”‪.‬‬

‫ثبتت صحة هذه املقولة ولكن ليس كام كان يرغب مورينيو حيث خرس فريقه بخامسية نظيفة يف الجولة الـ‪ 13‬من الليغا بذلك‬
‫الكالسيكو الذي سجل فيه كل من تشايف وبدرو وفيا (هدفني) وجيفرين‪.‬‬

‫مل يسجل مييس‪ ..‬هذا صحيح‪ ،‬ولكنه عاد ليجعل الريال يعاين من موهبته كام مل يحدث مع أحد من قبل‪ ،‬حيث عمل غوارديوال‬
‫حينها مجددا عىل تأخري مركزه عدة أمتار ومن مركز صانع األلعاب يف الشوط الثاين رمبا يكون شعر بامللل من كرثة ترسيب الكرات‬
‫من خلف دفاع النادي املليك‪.‬‬

‫كان مورينيو يرغب يف مواجهة برشلونة وجها لوجه ألنه كان بني يديه رمبا أفضل فريق دربه يف مسريته‪ ،‬ولكنه ارتكب مجموعة من‬
‫األخطاء وأهمها مطالبة أوزيل‪ ،‬عىل الرغم من بنيته البدنية الضعيفة‪ ،‬بشغل مساحة أكرث من الالزم يف املهام الدفاعية ومن ضمنها‬
‫مقابلة ليو حينام تكون الكرة بحوزته‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫كان يجب عىل الفريق األبيض االنتشار والضغط من منتصف امللعب وهو األمر الذي فشل بسبب التباعد بني الخطوط وهو األمر‬
‫الذي يحبه ليو‪ ،‬بينام أن قلبي دفاع النادي املليك مل يجدا مرجعية‪ ،‬فليو كان يتحرك يف كل مناطق الهجوم‪ ،‬فيام أن تشايب ألونسو‬
‫وخضرية مل يشعرا أبدا باألفضلية‪ ،‬لذا لجأ مورينيو خالل الشوط الثاين إلدخال السانا ديارا كالعب ثالث اضايف يف خط الوسط‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي طبقه كثريا يف مواجهات الكالسيكو التالية‪.‬‬
‫يقول غوارديوال عن دور مييس يف ذلك اللقاء “بالنسبة للهجوم‪ ،‬كان يجب علينا البحث عن ليو والعثور عليه يف املكان الذي يسمح‬
‫له بالتحرك جيدا من أجل التسجيل‪ ،‬األمر املثري للفضول أنه مل يسجل ولكنه ساهم يف صناعة الكثري”‪.‬‬
‫خالل هذا املوسم كان يتوجب عىل ليو خوض أربع مباريات كالسيكو يف غضون أسبوعني‪ :‬األول يف الليغا ثم نهايئ كأس امللك‪ ،‬ومن‬
‫بعدهام ذهاب وإياب نصف نهايئ دوري األبطال‪.‬‬
‫قبل الكالسيكو األول كان الريال عىل بعد مثان نقاط من برشلونة قبل سبع مباريات عىل نهاية املسابقة‪ ،‬ولكن مورينيو استخدم‬
‫كل أسلحته وأولها أرضية امللعب الجافة بشكل مينع تدوير الكرة بصورة سلسة‪ ،‬وخططيا لعب مبحور ارتكاز ثاليث أحدهام بيبي‬
‫بهدف قتل املساحات التي يتحرك فيها ليو وهو األمر الذي نجح حيث انتهت املباراة بتعادل بهدف ملثله‪ ،‬صحيح أن األمر مل يخدم‬
‫الفريق املليك يف سعيه وراء تقليص الفارق مع الربسا ولكنه كان دليال عىل وجود يشء ميكنه ايقاف مييس‪.‬‬
‫كانت املباراة مليئة بالتوتر أيضا‪ :‬سبع بطاقات صفراء وطرد لبويول وركلتا جزاء‪ ،‬فيام أن الجمهوري املدريدي مل يتوقف عن إهانة‬
‫ليو‪ ،‬كلام ملس الكرة‪ ،‬وخاصة بعد الهدف الذي سجله من ركلة جزاء‪ ..‬أثبتت هذه املباراة أن املجهود الذي يبذله مورينيو لهز‬
‫االستقرار النفيس لربشلونة كان يعمل‪.‬‬
‫دليل عىل هذا ما قام به ليو بعد نهاية املباراة حينام سدد الكرة نحو املدرجات‪ ،‬حيث كادت تصطدم مبدرب ريال مدريد السابق‬
‫جون توشاك وأحد مراسيل قناة (سكاي سبورتس)‪.‬‬
‫الكالسيكو الثاين يف أقوى أسبوعني بالتاريخ الحديث ملواجهات الفريقني كان يف نهايئ كأس امللك يف ‪ 20‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2011‬الذي‬
‫فاز به ريال مدريد يف الوقت االضايف برأسية رونالدو‪ ،‬حيث أثرت الهزمية بشكل قوي عىل الفريق ومييس الذي شعر إنه مل يقم‬
‫مبا هو كاف‪ ،‬فبخالف أالعيب مورينيو يف املؤمترات الصحافية فإن األخري كان قد فرس طريقة لعب برشلونة خطر ليو بشكل كبري‪،‬‬
‫فاالعتامد عىل محور ارتكاز ثاليث يف خط الوسط كان خطة ناجحة للحد من تحركات الـ”برغوث”‪.‬‬
‫املواجهة الثالثة كانت يف كامب نو وقبلها قرر غوارديوال استخدام نفس سالح مورينيو حينام وصفه بـ”السيد امللعون” لقاعات‬
‫املؤمترات الصحافية‪ ،‬فيام أن جوزيه من جانبه قرر املغامرة وطالب العبيه بالضغط عىل الخصم والحكم دون خوف‪ ،‬ولكن الخطة‬
‫فشلت بعد تدخل بيبي القوي مع داين ألفيش الذي بالغ يف رد الفعل ليحصل الربتغايل عىل ركلة جزاء‪ ..‬هذه األمر حدث قبل‬
‫نصف ساعة عىل نهاية اللقاء‪.‬‬
‫مل يعد محور االرتكاز الثاليث موجودا لذا كان من الطبيعي أن يسجل مييس هديف املباراة األول (د‪ )76‬بعد متريرة من أفيال والثاين‬
‫(د‪ )87‬بعد مجهود شخيص‪ ،‬ولكن هذا ال ينفي كل املجهود واملراوغات واملحاوالت التي بذلها قبل هذه اللحظة‪.‬‬
‫احتضن ملعب سانتياغو برنابيو يف إياب نصف نهايئ دوري األبطال آخر مواجهات األسبوعني الناريني‪ ،‬ولكن املباراة التي انتهت‬
‫بالتعادل بهدف ملثله كانت مليئة بالتوتر واملشاحنات التي امتدت إىل ما بعدها‪ ،‬لدرجة أن بويول وبيبي تبادال الرضب يف النفق‬
‫لغرف املالبس‪ ..‬مييس نأى بنفسه عن املشاحنات”‪.‬‬
‫اتهم الريال برشلونة بانعدام الروح الرياضية لدى غوارديوال ومثانية من العبي الفريق أمام لجنة املراقبة والتأديب بـ(ويفا)‪ ،‬ولكن‬
‫مل يتم قبول الدعوى بعد تلك املباراة التي مل يسجل مييس فيها‪ ،‬ولكن كتبت صحيفة (الباييس) عنه “الربغوث ركض أكرث من مثانية‬
‫كيلومرتات يظهر كرمه بالعمل كام لو كان عامال وليس نجام‪ ،‬لقد احتفل بالهدف كام لو كان هو من سجله”‪ ..‬ليو كان عىل موعد‬
‫جديد مع املجد‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫“الشيطان” ميسي ونهائي وميبلي‬

‫قبل نهايئ دوري األبطال يف موسم ‪ 2011-2010‬كان مييس قد متكن من تسجيل ‪ 52‬هدفاً وصنع ‪ 24‬يف كل املسابقات‪ ،‬وتساءلت‬
‫صحيفة (ماركا) “وكيف ميكن إيقاف هذا الفتى؟”‪.‬‬

‫ذلك الفتى كان ضمن مع فريقه التتويج بالليغا بعد الفوز عىل ليفانتي‪ ،‬ولكنه يف نفس الوقت أثناء العودة من مدينة فالنسيا كان‬
‫عىل وشك التسبب مبشكلة كربى يف الطائرة التي كانت تقل الفريق لربشلونة أثناء احتفاله بهذا األمر‪.‬‬

‫“يتحدث إليكم قائد الطائرة‪ ،‬أحد أبواب الطوارئ تعرض لتالعب‪ ،‬من فضلكم نحن يف مرحلة حرجة من الرحلة وأعرف أننا سعداء‬
‫كثريا ولكن يجب احتواء األمر”‪ ..‬كانت هذه هي الجملة التحذيرية التي أطلقها ربان الطائرة بعد أن كانت يد مييس امتدت دون‬
‫تركيز نحو مزالج باب الطوارئ وظهرت عىل ليو بعدها مالمح تفيد بأنه من قام بهذا األمر ليضحك الجميع‪.‬‬

‫متر األيام ويأيت موعد نهايئ دوري األبطال عىل ملعب وميبيل أمام مانشسرت يونايتد يف تكرار لنهايئ روما الذي يقول غوارديوال عنه‬
‫“يف وميبيل كان مانشسرت يعرف أننا سنسعى للبحث عن التفوق يف وسط امللعب ألننا كنا نلعب دامئا بهذه الطريقة‪ ،‬ولكن ما يحدث‬
‫هو أن هذا األمر يصعب إيقافه ألنك تجرب قلب الدفاع عىل التقدم بعيدا عن مركزه”‪.‬‬

‫طلب غوارديوال من العبيه ببساطة يف تلك املباراة التي أقيمت يف ‪ 28‬مايو‪/‬أيار ‪ 2011‬أن يكونوا أنفسهم‪ ،‬أن يكونوا برشلونة أكرث‬
‫من أي وقت مىض‪ ،‬أن يؤمنوا بأسلوبهم‪.‬‬

‫سارت املباراة كالتايل تقدم بدرو (ق‪ )27‬ولكن روين تعادل (ق‪ )34‬ليأيت الرد (ق‪ )54‬من مييس بتسجيل الهدف الثاين قبل أن يضيف‬
‫فيا الهدف الثالث (ق‪.)69‬‬

‫كتبت صحيفة (الباييس) عن أداء مييس يف املباراة “الربغوث يرتدي زي الشيطان‪ ..‬كريم كام اعتدناه‪ ،‬لعب مييس من أجل الفريق‬
‫قبل أن يكون يلعب من أجل نفسه‪ ،‬لقد متكن من هذا وكان كابوسا بل شيطانا ضد الشياطني الحمر أنفسهم‪ ،‬مل يقدر أي من العبي‬
‫مانشسرت عىل مواجهته”‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كانت مباراة متكاملة من مييس والفريق الذي رمبا يكون األفضل يف التاريخ ومل يكن هذا األمر بسبب املهارة فقط بل أيضا الذكاء‬
‫حيث يقول بدرو رودريغز “وفقا ملجريات املباراة كان بيب يقول لليو اذهب لقلب الهجوم أو تراجع أو أيا كان‪ ،‬وفورا كنا نعمل‬
‫عىل تغيري تركيبة الفريق بشكل رسيع جدا‪ ،‬النواحي التكتيكية التي لعبنا عليها كانت كثرية للغاية”‪.‬‬

‫مل يكن مييس يف وميبيل يعتمد عىل املراوغة أو التحركات القطرية‪ ،‬بل إن وظيفته كانت خلق فرص الزيادة العديدة يف وسط‬
‫امللعب بينه وتشايف وبوسكيتس وإنييستا وأبيدال حينام كان يتقدم عىل جانب امللعب‪ ..‬لقد ساعد ليو كثريا يف نسبة استحواذ‬
‫فريقه التي وصلت لـ‪ %68‬وتسديدات الربسا الـ‪ 22‬عىل املرمى مقابل أربع ملانشسرت يونايتد‪ ،‬كام أنه سجل الهدف الثاين وشارك‬
‫يف الثالث‪.‬‬

‫يقول السري أليكس فريغسون مدرب مانشسرت يونايتد اإلنجليزي السابق “الحقيقة أننا مل نتمكن أبدا من السيطرة عىل مييس‪ ،‬مل‬
‫ننجح أبدا يف إغالق وسط امللعب بالطريقة الكافية”‪.‬‬

‫حصل مييس عىل جائزة أفضل العب يف املباراة وتحدث مع الصحافة قائال “نرغب يف مواصلة التتويج باأللقاب‪ ،‬اليوم تفوقنا كثريا‬
‫واستحققنا الفوز‪ ،‬اآلن موعد العطالت ولكن أنا سأذهب لكوبا أمريكا”‪ ..‬قالها ليو دون أن يدري أنه سيذهب مجددا نحو املعاناة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ميسي غريب يف بالده‬

‫وقع االختيار عىل رسخيو باتيستا لخالفة دييغو مارادونا يف قيادة املنتخب‪ ،‬حيث حاول استنساخ املنظومة التي كان يلعب بها‬
‫برشلونة تحت قيادة بيب غوارديوال وإعطاء ليونيل مييس قدرا أكرب من الحرية‪ ،‬ولكن املشكلة كانت بكل تأكيد أن تشايف وإنييستا‬
‫مل يكونا هناك للمساعدة‪ ،‬فيام الخطوط الخلفية مل تكن تتمتع بفاعلية بويول وبيكيه نفسها‪ ..‬كانت املشكلة باختصار أن املدرب‬
‫كان يسعى لفرض منظومة وليس استغالل املواهب املوجودة لديه‪.‬‬
‫ذهب باتيستا إىل ما هو أبعد من هذا وكرر ما فعله بيب مع رونالدينيو وديكو‪ ،‬حيث قرر الدخول يف مواجهة مع كارلوس تيفيز‬
‫الذي بدأ يف الغياب عن قوائم املنتخب‪ ،‬حيث كان “األباتيش” من ضمن القالئل الذين وقفوا بجانب مارادونا بعد ما حدث يف‬
‫مونديال جنوب أفريقيا‪.‬‬
‫غاب تيفيز عن ودية مع الربازيل يف الدوحة بحجة معاناته من إصابة عضلية‪ ،‬ولكنه لعب مع فريقه حينها مانشسرت سيتي بعدها‬
‫فسه باتيستا عىل أنه “غياب للوالء”‪ .‬ولكن يوجد سبب كروي آخر يف مسألة القطيعة بني تيفيز وباتيستا وهو أن‬
‫بعدة أيام‪ ،‬ما ّ‬
‫املدرب الجديد أعلن نيته أن يدور الفريق حول مييس بشكل كامل‪.‬‬

‫ظلت مشاركة تيفيز يف كوبا أمريكا ‪ 2011‬محل شك‪ ،‬وكانت األرجنتني هي التي ستحتضن البطولة‪ ..‬حينها كان تسويق “األباتيش”‪،‬‬
‫الذي أطلق عليه مارادونا لقب “العب الشعب”‪ ،‬أفضل من ليو‪ ..‬صوره منترشة يف كل أنحاء البالد ووسائل اإلعالم‪ ،‬وكانت الضغوطات‬
‫التي متارسها الرشكات الراعية للمنتخب ضخمة‪ ،‬لذا قبل أيام من انطالق البطولة تراجع باتيستا واستدعاه‪.‬‬
‫كام يحدث دامئا يف الحياة والكرة‪ ،‬خلف كل قائد أو طرف توجد مجموعة من األنصار‪ .‬بالنسبة ملييس كانوا بابلو زاباليتا وماسكريانو‬
‫والشقيقان ميليتو‪ ،‬ويف تلك البطولة كان باتيستا يسعى للعب بطريقة ‪ -3-3-4‬عىل الطراز الربشلوين باستيبان كامبياسو وخابيري‬
‫ماسكريانو وإيفر بانيجا كثاليث خط وسط‪ ،‬ولكن عىل أن يط ّبق اثنان منهام دور صانعي األلعاب‪ ،‬ويف األمام انضم أزكييل الفيتيس‬
‫للثنايئ تيفيز ومييس‪.‬‬
‫كانت الصعوبات واضحة منذ املباراة األوىل مع بوليفيا‪ :‬ليو وتيفيز يقومان بنفس الركض ويستخدمان مساحات متشابهة‪ ..‬مل يكن‬
‫هنالك توافق بينهام‪ ،‬وحينام استمر الوقت يف املرور دون كرس حالة التعادل عمل كل منهام عىل تأخري مركزه للمساعدة يف تقديم‬
‫حلول إبداعية ولكن دون نجاح‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫تكرر األمر نفسه يف املباراة التالية أمام كولومبيا‪ .‬تعادالن يف أول مباراتني بالبطولة التي تحتضنها األرجنتني‪ ..‬هذا أمر سيئ للغاية‪،‬‬
‫وعالوة عىل ذلك بدأ صوت الجمهور يتعاىل وظهر أنهم يفضلون تيفيز‪ ،‬بل ونظمت هتافات ضد مييس ووجهت إهانات وسباب‬
‫له‪ ،‬هذا أيضا يضاف إىل صافرات االستهجان‪.‬‬

‫أمام كل هذا‪ ،‬اضطر خورخي مييس‪ ،‬والد الالعب‪ ،‬للدفاع عنه‪ ،‬لذا قال يف ترصيحات إذاعية‪“ :‬ليو مير بوقت سيئ للغاية‪ .‬إنها‬
‫أول مرة يتعرض فيها لصافرات استهجان‪ .‬إنه يشء مل يكن ينتظره‪ ،‬وهو أمر يف غاية القسوة‪ .‬حرية الرأي مكفولة للجامهري‪ ،‬ولكن‬
‫الصحافة تعمل عىل تغذية وإشعال هذا الوضع‪ .‬االنتقادات مفهومة‪ ،‬ولكن يجب يف الوقت نفسه أن تعتني الصحافة بفريقها”‪.‬‬

‫مل يكن أمام ليو سوى الرد بطريقته يف أرض امللعب‪ ،‬حيث كان الفوز عىل كوستاريكا مسألة حياة أو موت‪ ..‬كانت املباراة تُلعب يف‬
‫مدينة كوردوبا‪ ،‬وترك الجمهور التفاهات وعمل عىل تشجيع الفريق‪ ،‬وهو األمر الذي أحبه ليو‪ ،‬لذا قدم مباراة رائعة‪.‬‬

‫مصاحبة رسخيو أغويرو ودي ماريا وإيغواين يف الهجوم كانت جيدة‪ ،‬وكذلك جلوس تيفيز عىل الدكة‪ ،‬حيث صنع مييس أحد هديف‬
‫أغويرو وذلك الذي يخص دي ماريا يف املباراة التي انتهت لصالح األرجنتني بثالثية نظيفة لتتأهل لربع النهايئ‪.‬‬

‫كان ليو يف ربع النهايئ عىل موعد مع كالسيكو “نهر البالتا” أمام أوروغواي‪ ،‬التي لُعبت منقوصة ملدة ‪ 48‬دقيقة‪ ،‬ليحتكم الفريقان‬
‫لركالت الجزاء التي أهدر فيها تيفيز ركلة‪ ،‬لتخرج األرجنتني من البطولة التي احتضنتها‪.‬‬

‫يف البداية مل تكن أصابع االتهام مو ّجهة لليو‪ ..‬عنونت صحيفة “أوليه” الرياضية صفحتها الرئيسية بعبارة “الفشل الوطني”‪ ،‬ولكن‬
‫بعدها عادت األسطوانة نفسها واالتهامات القدمية ضد مييس الذي فكر جديا يف ترك املنتخب‪.‬‬

‫يقول مييس يف حوار مع قناة “يت واي يس” األرجنتينية‪ ،‬حول هذا األمر يف عام ‪“ :2013‬الحقيقة أنني مررت بأشياء سيئة وقبيحة مع‬
‫املنتخب‪ ،‬وسمعت أشياء كثرية‪ ..‬أعرف أن املنتخب مل يكن يلعب جيدا‪ ،‬ولكن مل أكن وحدي‪ .‬الجامهري أو الصحافة كانت تتحدث‬
‫كام لو كنت أنا املنتخب أو الذي أحقق الفوز وحدي”‪.‬‬

‫يضيف مييس يف الحوار نفسه‪“ :‬أعتقد أن بعض األشياء قيلت بنية سيئة وبعيدا عن كرة القدم‪ .‬قيلت الكثري من األشياء للتشكيك‬
‫يب بعيدا عن لعب الكرة بشكل جيد أم ال‪ .‬هذا هو ما كان يؤملني بشدة”‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫بداية مستفزة ومونديال األندية والكرة الذهبية الثالثة‬

‫كانت بداية موسم ‪“ 2012-2011‬مستفزة”‪ ،‬إن جاز التعبري‪ ،‬بالنسبة لربشلونة‪ ،‬وذلك يف مواجهتي كأس السوبر اإلسباين بني برشلونة‬
‫بطل الدوري وريال مدريد بطل الليغا‪ ،‬حيث كانت مباراة الذهاب عىل ملعب ريال مدريد اإلسباين يف ‪ 14‬أغسطس‪ /‬آب وانتهت‬
‫بالتعادل بهدفني ملثلهام‪.‬‬

‫قبل تلك املباراة مل يكن مييس قد خاض أي مواجهات ودية‪ ،‬فقد قىض فرتة اإلعداد عىل منت يخت وتدرب مع الفريق فقط ملدة سبعة‬
‫أيام‪ ،‬ولكن هذا مل مينعه من تسجيل الهدف الثاين لفريقه قبل أن يتعادل تشايب ألونسو يف املباراة التي احتضنها ملعب كامب نو‪.‬‬

‫كانت مباراة العودة مبثابة معركة وانتهت بفوز برشلونة بثالثة أهداف الثنني وشهدت واقعة إصبع جوزيه مورينيو الشهرية ضد تيتو‬
‫فيالنوفا الذي كان حينها يشغل منصب مساعد بيب غوارديوال‪.‬‬

‫سجل مييس هدفني يف املباراة‪ ،‬والتي انتهت بفوز برشلونة بنتيجة ‪ ،2-3‬حيث كان أحدهام هو الثالث الذي فض االشتباك ومنح‬
‫فريقه الفوز بلقب كأس السوبر‪.‬‬

‫قبل نهاية املباراة التي اتسمت بالعصبية الشديدة واملشاحنات بصق مييس بالقرب من دكة بدالء ريال مدريد‪ ،‬فيام وضع مورينيو‬
‫إصبعه عىل أنفه كام لو كانت رائحة ليو سيئة‪ ،‬كام حدث صدام بينه وبني فابيو كوينرتاو مل تلتقطه الكامريات‪ ،‬حيث ركله الظهري‬
‫الربتغايل أكرث من مرة يف كاحله‪.‬‬

‫كتبت صحيفة الباييس بعد املباراة “األرجنتيني يفك اشتباك كأس السوبر يف مباراة حامية مع ريال مدريد‪ ،‬ال يوجد حاليا لدى الريال‬
‫فريق يقدر عىل إيقاف مييس‪ ..‬إنه من كوكب آخر”‪.‬‬

‫هذا املوسم الذي بدأ جيدا ً للغاية وشهد ضم سيسك فابريغاس من أرسنال وأليكسيس سانشيز من أودينيزي والتتويج بكأس السوبر‬
‫بدأ يف اتخاذ منحنى آخر ميلء باألنباء السيئة التي أرهقت الفريق نفسيا‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫اكتشفت إصابة فيالنوفا بالرسطان يف نوفمرب‪ /‬ترشين الثاين ‪ ،2011‬فيام كان ليو يُعاين يف صمت جراء إصابة أحد أقاربه بنفس‬
‫املرض‪ ..‬األمور بالنسبة ملييس كانت كام لو أنه أصبح بالغا بصورة مفاجئة‪ ..‬أصبح أكرث قربا من عائلته ألنه كان يعاين الكثري من‬
‫املشاعر املتضاربة يف ظل األوضاع املوجودة حوله‪.‬‬

‫مل يؤثر هذا األمر عىل مييس كروياً‪ ،‬خاصة يف ظل التحدي الجديد الذي فرض عليه بعد الصفقات الجديدة وباألخص يف وجود‬
‫فابريغاس‪ ،‬حيث كان يسعى غوارديوال لتطبيق فكرته الكروية ألقىص درجة ممكنة بوجود خمسة العبي وسط‪ ،‬حيث أصبح مييس‬
‫متنوع األوجه‪ :‬رأس حربة هداف وصانع ألعاب وصانع أهداف‪ ،‬فيام أن داين ألفيش وتياغو كان يقومان بدور الظهريين الوهميني‪.‬‬

‫توج برشلونة هذا املوسم يف ‪ 18‬ديسمرب‪ /‬كانون األول ‪ 2011‬بلقب كأس العامل لألندية بعد الفوز عىل سانتوس الربازييل برباعية‬
‫نظيفة سجلها مييس (هدفني) وسيسك وتشايف‪ ،‬حيث عادل ليو إنجاز زميله بدرو رودريغز بالتسجيل يف كل املسابقات‪.‬‬

‫كانت أول مقابلة بني مييس ونيامر‪ ،‬زميله الحايل يف برشلونة‪ ،‬أثناء حفل توزيع جوائز البطولة‪ ،‬حيث كان ليو يدرك اهتامم النادي‬
‫بضمه وأخربه برضورة املوافقة‪ ،‬جاء الرد من الربازييل بأنه يحلم بهذا األمر ولكنه يف الواقع كان لديه اتفاق بالفعل مع الربسا‪.‬‬

‫سافر مييس بعد مونديال األندية للراحة يف روساريو وحينام سئل غوارديوال عن السبب وراء حصول ليو عىل أيام عطالت أكرث‬
‫فكانت إجابته “أنا صاحب القرار وليس شخصاً آخر‪ ،‬وأرغب يف أن يكون مع عائلته”‪ ،‬حيث كان عىل دراية بالوضع العائيل ومسألة‬
‫مرض أحد األقارب‪.‬‬

‫حصل مييس يف التاسع من يناير‪ /‬كانون الثاين ‪ 2012‬عىل كرته الذهبية الثالثة ليعادل رقم بالتيني‪ ،‬الوحيد الذي ت ّوج بها ثالث مرات‬
‫متتالية إىل جانب ليو‪ ،‬وأيضاً يوهان كرويف وماركو فان باسنت‪ ..‬مع هذه الكرة كان أكرث ثقة أثناء تلقيه الجائزة وارتسمت عىل‬
‫وجهه ابتسامة عريضة‪ ..‬مل يكن هناك مجال للتشكيك هذه املرة‪ ،‬هكذا كان يرى األمور‪.‬‬

‫تلقى الفريق رضبة جديدة يف مارس‪ /‬آذار ‪ 2012‬بعدما أعلن النادي أن أبيدال يجب أن يخضع لزراعة كبد بعد إصابته بورم‬
‫رسطاين‪ ،‬حيث تو ّجب عىل الالعب الخضوع لخمس جراحات وخرس ‪ 19‬كلغ ولكنه عاد بعدها بعام للمالعب‪.‬‬

‫فوق املستطيل األخرض واصل ليو تطوره التكتييك وأرقامه الرائعة‪ :‬عاد للتسجيل مع األرجنتني وأصبح يف مارس الهداف التاريخي‬
‫للنادي يف سن ‪ 24‬عاما عقب تخطي رقم سيزار رودريغز القيايس‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫“الطفل البطل” ووداع بيب غوارديوال‬

‫استمر مييس خالل موسم ‪ 2012-2011‬يف مواصلة تحقيق اإلنجازات واألرقام الشخصية ومن ضمنها تسجيل خمسة أهداف يف مرمى‬
‫باير ليفركوزن األملاين باملباراة التي انتهت لصالح النادي الكتالوين يف إياب مثن نهايئ دوري األبطال‪.‬‬

‫قالت جريدة (الباييس) اإلسبانية عن تلك املباراة “اإلعصار مييس‪ ..‬يجب توجيه الشكر عىل ليو لألبد لرغبته الدامئة يف اللعب وعدم‬
‫التفريق بني املباريات الودية والرسمية والسهلة والصعبة سواء كان الجو باردا أما ساخنا عىل أرضه أو خارجها”‪.‬‬

‫تلك الرغبة الدامئة يف اللعب التي تتحدث عنها الجريدة هي التي دفعته للشعور بضيق شديد حينام جلس مييس عىل الدكة ألول‬
‫مرة يف مواجهة ريال سوسييداد بعد أن قطع رحلة طويلة بعد اللعب مع املنتخب‪.‬‬

‫كان برشلونة متقدما بهدفني ولكن سوسييداد متكن من التعادل دخل مييس املباراة من عىل الدكة ومل يذهب للتدريبات يف اليوم‬
‫التايل بسبب ضيقه من عدم إرشاكه عىل الرغم من أنه كان يف حالة جيدة‪ ..‬بسبب مثل هذه املواقف يدعو بعضهم مييس “الطفل‬
‫البطل”‪.‬‬

‫إذا ما كان مييس يشعر بالضيق أو االستياء فمن املمكن أن يقيض أياما كثرية دون الحديث لغوارديوال‪ ،‬إنها أحد الطرق االعتيادية من‬
‫ليو لحل الخالفات والتي تتمثل يف تشييد حائط فاصل‪ ..‬لقد اعتاد القيام بهذا األمر مع بيب وحتى مع والدته‪.‬‬

‫كانت تحمل الفاصل الذي صنعه ليو خالل تلك األيام شيئا يصعب عىل املدرب الكتالوين التعامل معه‪ ،‬حيث كان غوارديوال يدرك‬
‫أن من ضمن أسباب نجاحه كمدرب مساعدة مييس يف الوصول للقمة وباملقابل كان بيب يوفر له السعادة ويخلق له فريقا يساعده‬
‫عىل استغالل موهبته ألقىص درجة‪.‬‬

‫ما كان يجعل بيب يشعر باالستياء حقا هو أن مييس مل يكن يستمع له كام يفعل يف املواسم السابقة أو أنه نفسه مل ينجح يف التواصل‬
‫معه كام فعل سابقا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وسط كل هذا مل ترس األمور عىل ما يرام‪ :‬خرس برشلونة يف ذهاب نصف نهايئ دوري األبطال أمام تشيليس بهدف نظيف سجله‬
‫دروغبا وبعدها بثالثية أيام خرس الربسا يف كالسيكو الليغا عىل ملعب كامب نو وقبل أربع جوالت عىل نهاية الدوري بهدفني لواحد‪.‬‬

‫يف تلك املباراة‪ ،‬وفقا لروايات العبي ريال مدريد يف كتاب (استعدوا للخسارة) كان ليو يلعب “كام لو كان يحمي نفسه من إصابة‪،‬‬
‫مل يتحرك كثريا‪ ..‬كان هناك يشء ما يف فريق غوارديوال”‪.‬‬

‫يأيت إياب نصف نهايئ دوري األبطال عىل ملعب كامب نو يف ‪ 25‬أبريل‪ /‬نيسان ‪ 2012‬حيث تقدم الربسا بهديف بوسكيتس وإنييستا‬
‫ولكن رامرييس سجل (ق‪ )46‬ثم وضع فرناندو توريس الهدف الذي قتل آمال النادي الكتالوين متاما (ق‪.)92‬‬

‫بىك كل الالعبني بعد اإلقصاء مثل بدرو وليو‪ ،‬والذي كان قد سجل ‪ 63‬هدفا يف ذلك املوسم‪ ،‬ولكنه أهدر ركلة جزاء بتسديده يف‬
‫العارضة كانت كفيلة بجعل النتيجة ‪.1-3‬‬

‫طلب غوارديوال مقابلة رئيس برشلونة يف اليوم التايل وشك ليو يف أنه رمبا يرحل لذا أرسل له مجموعة من الرسائل النصية عىل‬
‫هاتفه إلقناعه بالبقاء‪ ..‬هذه الرسائل ال يزال بيب يحتفظ بها حتى اآلن‪ ،‬ولكن اإلرهاق كان قد استحوذ عىل املدرب الذي أبلغ‬
‫الالعبني بعدها بيومني نيته الرحيل‪.‬‬

‫بعد تأكيد أنباء الرحيل وأثناء التدريبات كان السؤال الذي يرتدد هو “من سيخلف غوارديوال؟” وصل لالعبني أن فيالنوفا هو من‬
‫سيتوىل املسؤولية وهو اليشء الذي ساهم يف تخفيف وطأة األمر‪ ..‬ال ليس األمر بل الصدمة كام يصفها ماسكريانو‪.‬‬

‫بعد التمرين أعلن غوارديوال يف مؤمتر صحايف بصحبة الرئيس ساندرو روسيل واملدير الريايض أندوين زوبيزاريتا القرار ولكن مل‬
‫يحرض ليو‪ ..‬لقد تواجد بويول وتشايف وإنييستا وبوسكيتس وفالديس وسيسك وبيكيه وبدرو‪.‬‬

‫يف نهاية املؤمتر الصحايف قال غوارديوال حينام سأله أحد الصحافيني عن سبب غياب ليو “لقد قام بالواجب‪ ،‬الجميع كانوا يف قمة‬
‫الود معي خالل األيام األخرية” ولكن ما السبب فعال وراء عدم وجود مييس؟ اإلجابة بكل بساطة أنه تقرر حضور أربعة العبني فقط‬
‫لتمثيل الفريق ولكن يف النهاية هذا مل يحدث‪ ،‬لذا مل يجد طريقة لتوديع بيب علنيا سوى حسابه عىل شبكة (فيسبوك) االجتامعية‬
‫حيث كتب “أرغب يف شكر بيب من كل قلبي عىل كل ما منحني يف مسرييت االحرتافية وحيايت الشخصية‪ ،‬بسبب كمية املشاعر‬
‫املوجودة يف الوداع فضلت االبتعاد عن الصحافة التي كانت ستبحث عن الوجوه الحزينة لالعبني وهو يشء مل أرغب يف إظهاره”‪.‬‬

‫كان هنالك وداع آخر‪ ،‬حيث كان برشلونة يواجه إسبانيول يف الجولة الـ‪ 37‬من الليغا عىل ملعب كامب نو واستغل النادي الفرصة‬
‫لتكريم بيب ومييس أيضاً الذي سجل رباعية‪ ،‬حيث أشار بإصبعه نحو غوارديوال عقب تسجيل الهدف األول من ركلة حرة وبعد‬
‫الرابع ركض نحو مقعد البدالء واحتضن مدربه‪.‬‬

‫كان ال يزال هناك وقت للتويج بكأس امللك أمام أثلتيك بلباو حيث فاز الربسا يف النهايئ بثالثية نظيفة سجل مييس فيها الهدف الثاين‬
‫وبعد إضافة هذا اللقب لخزائن النادي وغوارديوال والالعب نفسه عاد املدرب الكتالوين ليشكره مجددا حيث قال “شكرا ليو‪ ،‬لقد‬
‫فزنا بأفضل األشياء ولكن دونك مل نكن لنحقق نصفها”‪ ..‬هكذا طويت صفحة غوارديوال‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫فيالنوفا يقود القافلة وميسي يقابل “الوجه اآلخر” للكرة‬

‫حينام علم ليونيل مييس أن االختيار وقع عىل تيتو فيالنوفا لقيادة الفريق ابتسم‪ ،‬ومل ال؟ فاألخري كان أول من جعله يلعب يف مركزه‬
‫املفضل خلف رأس الحربة‪ ،‬وكان معه بيب غوارديوال طوال السنوات األربع املاضية‪.‬‬
‫يف أول صيف بحقبة ما بعد غوارديوال مل تطرأ الكثري من التغيريات عىل الفريق الذي مل يضم سوى أليكس سونج من أرسنال‪ ،‬وجوردي‬
‫ألبا من فالنسيا‪ ،‬ولكن النادي يف املوسم السابق مل يفز بألقاب كربى مبقاييسه فقط كأس امللك ومونديال األندية وكأس السوبر‪.‬‬
‫كان تيتو يتوجب عليه القيام مبهمة هامة وهي الحفاظ عىل الصحة العقلية للفريق التي تقاس بتوزيع األهداف‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫كان مييس يستحوذ عليه‪ .‬مبعنى آخر كان فيالنوفا يسعى للمشاركة الجامعية يف التهديف‪ ،‬وأن يسمح مييس لالعبني املحيطني به‬
‫بالتطور‪.‬‬
‫أراد فيالنوفا إدخال األمور بصورة تدريجية‪ ،‬لذا قرر يف البداية أن تكون التغيريات يف أضيق الحدود‪ ،‬كام أنه فك بعض “القيود‬
‫االفرتاضية “عىل الالعبني‪ ،‬مثل عادة تناول الطعام معا‪ ،‬والتي كانت تحافظ عىل تغذية الالعبني بصورة صحيحة‪ ،‬بعد أن فرضها‬
‫غوارديوال‪.‬‬

‫حدث نوع بسيط من “االنفالت” إن صح التعبري‪ ،‬وباألخص من مييس وفابريغاس‪ ،‬بشكل ألقى بظالل عىل عمل إنييستا وتشايف‪ .‬فإذا‬
‫كانت مفاتيح غوارديوال من ناحية تسعى دامئا للتمركز الجيد من أجل مامرسة الضغط والتحركات بدون كرة من قبل اليكسيس أو‬
‫فيا أو بدرو يف انتظار طبخ اللعبة املطلوبة‪ ،‬فإن األمور مع تيتو كان بها قدر من الحرية‪ ،‬ولكن حينام يختفي هذا االنضباط والسعي‬
‫وراء األلعاب الفردية فإن كل األمور تعتمد عىل املوهبة‪.‬‬

‫أثناء هذه العملية عاىن فيالنوفا من انتكاسة يف مرضه‪ ،‬وبداية من هذه اللحظة كان الحكم عىل عمله بشكل عاطفي أكرث منه مهنيا‪..‬‬
‫وبدأ فيالنوفا يف الظهور واالختفاء من املدينة الرياضية واملباريات‪ ،‬محاوال بكل شجاعة الجمع بني تعافيه وإدارة الفريق‪.‬‬
‫قىض تيتو حوايل شهرين يف نيويورك من أجل العالج‪ ،‬حيث توىل الفريق حينها مساعده جوردي رورا الذي كان يتواصل معه هاتفيا‬
‫وعن طريق (واتسب)‪ ،‬للنقاش بخصوص الفريق ومنحه التعليامت الالزمة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫مرت أيام صعبة عىل ليو والفريق‪ ..‬أغلب التدريبات مل تستغرق أكرث من أربعني دقيقة‪ ،‬كان االعتناء بالتفاصيل واللمسات األخرية‬
‫غائبا‪ ..‬خالل تلك الفرتة التي يبدو أن الفريق كان يدير فيها أموره بنفسه تأخر مييس مبركزه‪ ،‬يف محاولة لصناعة اللعب وتنفيذه‬
‫وفعل يشء جديد فيام يتعلق بإحصائياته‪ ،‬حيث إن ‪ %15‬من أهدافه كانت بقدمه اليمنى عىل غري العادة‪.‬‬

‫خالل ذلك املوسم كانت هنالك الكثري من األقاويل حول العالقة بني فيا ومييس‪ ،‬وباألخص بسبب الحديث الذي دار بينهام يف مباراة‬
‫غرناطة‪ ،‬بعدما مل ميرر فيا الكرة لليو الذي كانت أمامه مساحة للتسجيل‪.‬‬
‫كان فيا فقد ثقله يف التشكيل األسايس‪ ،‬عقب الكرس الذي تعرض له يف مونديال األندية يف ديسمرب ‪ ، 2011‬فيام أن تيتو اعترب أن‬
‫اليكسيس هو الرفيق املناسب لليو‪ ،‬وهو األمر الذي ال ميكن لبطل عامل مثل ديفيد تقبله‪ ،‬خاصة أنه قبل هذه اإلصابة كان تأقلم‬
‫بشكل مثايل عىل منظومة برشلونة‪.‬‬
‫أنكر ليو وجود يشء‪ ،‬يف ترصيحات لجريدة (الباييس)‪ ،‬حيث قال “ال توجد مشكالت‪ ،‬فلتبحثوا عنها يف مكان آخر‪ ،‬األوضاع يف غرف‬
‫املالبس رائعة‪ ،‬نحن معا منذ فرتة وال يعرف أحد مدى جودة العالقة بني كل العبي الفريق”‪.‬‬
‫عىل الرغم من هذا‪ ،‬ففي مواجهة سلتيك االسكتلندي‪ ،‬التي كانت ثاين هزمية للفريق هذا املوسم‪ ،‬قرر فيا التسديد عىل املرمى‪،‬‬
‫عىل الرغم من وجود فرصة للتمرير لليو‪ ..‬التوتر بينهام كان حادا للغاية مثل السكني‪.‬‬

‫مل يقترص األمر عىل هذا فقط‪ ،‬ففي مباراة أمام بايرليفركوزن سجل فيها أليكسيس هدفني تلقى وابال من التوبيخ من ليو بسبب‬
‫عدم اختياره بعض متريراته بصورة أفضل‪ ..‬كلامت مييس كانت مواجهة ملهاجمني عىل أعىل مستوى‪ ،‬ولكن يبدو أنه كان يؤمن مببدأ‬
‫رضورة أن يواجه الالعبون الجدد مثل هذه األمور وتخطيها‪ ..‬هو نفسه مر بهذا‪.‬‬

‫انتهى عام ‪ 2012‬بصورة جيدة بالنسبة ملييس‪ ،‬يف الثاين من نوفمرب ولد ابنه تياجو‪ ،‬كام أنه مل يحطم فقط رقم جريد مولر بتسجيل‬
‫‪ 91‬هدفا‪ ،‬بل فاز بالكرة الذهبية للمرة الرابعة أيضا وأصبح الهداف التاريخي للمنتخب األرجنتيني‪ ،‬متخطيا جابرييل باتيستوتا‪.‬‬
‫هذا بخالف االتفاق عىل عقد جديد وقع عليه يف فرباير ‪.2013‬‬
‫واصل برشلونة مسريته يف الليغا‪ ،‬عىل الرغم من الشكوك‪ ،‬فيام أن الريال الذي دخل يف دوامة من النزاعات مل تكن األمور معه عىل‬
‫ما يرام‪ ،‬ولكن يف املواجهات املبارشة كان مورينيو طور فريقه تكتيكيا لتصعيب األمور عىل ليو‪ ،‬حيث كان الدفاع املدريدي العايل‬
‫للمدريديني يقيده‪ ..‬يف خالل هذا املوسم تعادل الفريقان بهدف ملثله يف الربنابيو‪ ،‬وخرس الربسا يف كامب نو ‪.1-3‬‬
‫خالل هذا املوسم كان يجب عىل مييس مواجهة “الوجه اآلخر” لكرة القدم أو حمالت التشويه التي شنت ضده‪ ،‬فبعد نهاية‬
‫تلك املباراة رسبت تلك الواقعة املفرتض أنها جمعت بينه ومساعد مورينيو‪ ،‬آيتور كاراكانا‪ ،‬والتي وصف فيها ليو األخري بـ”دمية‬
‫مورينيو”‪ ،‬وأيضا مواجهته العصبية ألربيلوا بعد املباراة‪ ،‬والتي قال فيها “ما الذي تنظر إليه يا أحمق؟ أنتظرك يف كامب نو”‪.‬‬

‫انتقد خوسيه كاييخون العب ريال مدريد السابق األمر وقال “واقعة أيتور شاهدتها‪ ،‬وهذا يشء عادي يحدث داخل امللعب بسبب‬
‫السخونة‪ ،‬حيث نقول أشياء نندم عليها‪ ،‬ولكن أن ينتظر زميل يف املهنة بعد املباراة لساعة أو ساعة ونصف زميال آخر هو وامرأته‪،‬‬
‫فهذا كثري”‪.‬‬
‫وكان برشلونة رحل عن امللعب عقب ساعة إال ربع بعض انتهاء املباراة‪ ،‬حيث تقول روايات إن ليو اتجه نحو باب الحافلة حينام‬
‫كان أربيلوا يخرج بسيارته‪ ،‬ولكن مل يحدث أي مواجهة بينهام‪ ،‬حيث كتب الصحايف املخرضم بجريدة (ماركا) املدريدية‪ ،‬جارسيا‬
‫كاريداد‪ ،‬حينها “محاولة تشويه صورة مييس قامئة‪ ..‬من يرسب هذه األشياء التي يفرتض أن مييس يفعلها؟ مورينيو؟ مساعده؟ هل‬
‫هذا هو وقت تشويه صورة مييس؟”‪.‬‬
‫بغض النظر عن كل هذه األسئلة فالهدف كان واضحا‪ :‬سكب املزيد من البنزين عىل نريان حملة لتشويه صورة ليو كانت بدأت‬
‫منذ شهور عىل خلفية نقاشاته مع فيا وأليكسيس سانشيز‪ ..‬مييس كان يدفع رضيبة النجاح‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الطريق حنو سباعية بايرن ميونخ‬

‫عىل الرغم من فاعلية ليونيل مييس يف الليغا مبوسم ‪ ،2013-2012‬حيث كان وصل للتسجيل يف ‪ 19‬مباراة متتالية ليصل إىل ‪ 38‬هدفا‬
‫ٍ‬
‫مختف يف مبارايت الكالسيكو بالكأس وحدث يشء مشابه لهذا أمام امليالن يف ذهاب مثن نهايئ دوري‬ ‫يف ‪ 25‬جولة‪ ،‬إال أنه كان شبه‬
‫األبطال الذي خرسه برشلونة بهدفني نظيفني‪.‬‬

‫ال يوجد أبلغ من كلامت نائب سكرتري التحرير بجريدة (أوليه) األرجنتينية لوصف الوضع حيث كتب “برشلونة يظهر كفريق محبط‪،‬‬
‫املرآة مل تعد تعكس صورة كل ما هو أفضل وكل ما هو أجمل‪ ،‬اليوم نرى ‪ 11‬وجها بال حامس‪ ،‬الفرديات الرباقة قليلة مثل التغيريات‬
‫التكتيكية وحتى الجانب البدين انخفض”‪.‬‬

‫متكن برشلونة من تحقيق املستحيل يف مباراة العودة التي لعبت يف ‪ 12‬مارس‪ /‬آذار ‪ 2013‬بكامب نو‪ ،‬حيث فاز الفريق برباعية‬
‫نظيفة بعدما سجل مييس هدفني وتناست الصحف والجميع كل ما يقال حيث كتبت جريدة الباييس “الربسا ينتقم عىل طريقة‬
‫كرويف‪ ..‬مييس نصف محارب ونصف فنان ونصف ملحمي والحارض دامئا يف الليايل الكربى‪ ،‬أفضل االنتصارات تأيت دامئا بعد أسوأ‬
‫الهزائم‪ ،‬مييس يقيض عىل واحدة من أفضل املنظومات الدفاعية يف العامل”‪.‬‬

‫ال تأيت الرياح غالبا مبا تشتهي السفن لذا تعرض مييس إلصابة يف عضلة الفخذ أظهرتها الفحوصات الطبية يف الثالث من أبريل‪/‬‬
‫نيسان ‪ 2013‬لذا فقد غاب عن مباراة مايوركا يف العارش من نفس الشهر وجلس عىل الدكة يف إياب مواجهة باريس سان جريمان‪..‬‬
‫الفرنسيون يلعبون بجرأة ويتقدم باستوري بهدف‪.‬‬

‫كانت مباراة الذهاب يف باريس قد انتهت بالتعادل بهدفني ملثليهام أحدهام من تسجيل مييس‪ ،‬والذي نزل للملعب من الدكة يف‬
‫العودة بكامب نو ليتغري شكل املباراة بالكامل ويرتاجع الباريسيون ويتمكن من صناعة هدف التعادل لبدرو رودريغز ويتأهل‬
‫الربسا لنصف النهايئ‪.‬‬

‫يقول خابيري ماسكريانو عن هذا األمر “هذا هو ما يفعله ليو‪ ،‬لقد كانوا يسيطرون علينا وكانت قدمنا بالفعل خارج املسابقة ولكنه‬
‫يدخل ويشتت انتباه ثالثة العبني ويصنع كرة رائعة لبدرو ليسجل منها”‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫خضغ مييس يف اليوم التايل ألشعة رنني مغناطييس أكدت أنه عىل الرغم من مشاركته يف مواجهة باريس سان جريمان إال أن اإلصابة‬
‫مل تتفاقم‪ ،‬وبعد راحة ثالثة مبارايات لعب أساسيا أمام بايرن ميونخ األملاين ورباعية نظيفة لصالح البافاري‪ ..‬يبدو أن منطق اإلدارة‬
‫الذاتية ثبت فشله أمام الكبار‪ ..‬إنها هزمية ال تقبل االستئناف وتؤكد أن الفريق فقد طابعة التنافيس‪.‬‬

‫نرشت صحيفة (الباييس) يف اليوم التايل للمباراة “اإلحصاءات الرسمية لـ(ويفا) تقول إن مييس سدد مرة واحدة طوال املباراة ومن‬
‫أصل ‪ 11‬محاولة للمرواغة‪ ،‬مل ينجح سوى يف مرتني‪ ..‬إنها مباراة لعبها الربغوث ومل يلعبها”‪.‬‬

‫لعب مييس يف ‪ 27‬أبريل‪ /‬نيسان أمام أثلتيك بلباو ملدة نصف ساعة‪ ،‬صنع هدفاً وسجل آخر يف مباراة انتهت بالتعادل بهدفني‬
‫ملثليهام‪ ..‬اإلصابات العضلية دامئا تكون خائنة وحساسة‪ ،‬هل كان إرشاكه يف املباراة قرارا صحيحا؟‬

‫تأيت مباراة اإلياب يف األول من مايو‪ /‬أيار ‪ 2013‬مبلعب كامب نو‪ ..‬الكل كان يأمل يف انتفاضة جديدة عىل طراز ما حدث أمام ميالن‬
‫ولكن ينتهي اللقاء بثالثية نظيفة للبايرن‪ ..‬ووداعا أوروبا!‬

‫كتبت صحيفة (الباييس) عقب املباراة “الوداع األورويب للربسا كان مهيناً بشكل سيصعب عليه االحتفال بالليغا‪ ،‬مل ينافس سواء‬
‫بالتشكيل األسايس أو التغيريات سواء مع مييس يف الذهاب أو بدونه يف العودة”‪.‬‬

‫فرس فيالنوفا عدم الدفع مبييس بقوله “عقب نهاية مباراة أثلتك بلباو فإن مييس تحدث مع األطباء وتوصلنا إىل أنه قد يتعرض‬
‫إلصابة كبرية وأنه ال يشعر بالراحة أو أنه يستطيع مساعدة الفريق”‪.‬‬

‫عىل الرغم من هذا الخروج املهني وكل اإلصابات إال أن مييس أنهى املوسم بشكل جيد‪ :‬توج بالليغا وسجل ‪ %40.5‬من أهداف‬
‫الفريق وكان الهداف بـ‪ 45‬هدفا وسجل ‪ 61‬هدفا يف كل املسابقات‪ ،‬كام أنه تخطى الـ‪ 345‬هدفا الذي سجلهم مواطنه مارادونا‬
‫طوال مسريته‪ ..‬فعل هذا وعمره مجرد ‪ 25‬عاماً!‬

‫‪82‬‬
‫تاتا مارتينو‪ ..‬رسول الوطن‬

‫أبلغ تيتو فيالنوفا الالعبني يف ‪ 19‬يوليو‪ /‬متوز ‪ 2013‬بأنه سريحل عن تدريب الفريق‪ ،‬إذ قال “هذا كان أكرث يشء مفرح يف حيايت ولكن‬
‫يل الرحيل”‪ ،‬ثم شكر الالعبني عىل اجتهادهم ومساعدتهم‪.‬‬ ‫يجب ع ّ‬

‫ألغى الفريق رحلته املقررة إىل بولندا‪ ،‬حيث كان سيلعب مباراة ودية‪ ،‬يف مؤمتر صحايف حرضه بويول ومييس وبينتو وماكسريانو‪،‬‬
‫وعىل وجوههم مالمح الحزن والتأثر‪ ،‬خاصة ليو الذي كان يثق يف فيالنوفا كثريا ً‪.‬‬

‫حينها كان الحديث دائرا ً عن أسامء مثل أرنستو فالفريدي ومانويل بيليغريني بل‪ ،‬وكانت هناك اتصاالت مع لويس إنرييك‪ ،‬ولكن‬
‫يف النهاية وقع االختيار عىل خرياردو تاتا مارتينو الذي كان قد ت ّوج بالدوري األرجنتيني وتأهل إىل نصف نهايئ كأس ليربتادوريس‬
‫مع نيولز أولد بويز‪.‬‬

‫كان ساندرو روسيل يعرف مارتينو منذ عدة سنوات وتحدث معه عن الكرة أكرث من مرة‪ ،‬خاصة حينام كان رئيس برشلونة يعمل مع‬
‫(نايك)‪ ،‬حيث تخىل تاتا عن فكرة اعتزال التدريب ملدة سنة بعد عرض مقرتح تدريب الفريق الكتالوين عليه‪.‬‬

‫بعضهم قال إن ليو كان يقف وراء التعاقد مع مارتينو لكونه مواطنه‪ ،‬خاصة عقب حوار قال فيه لجريدة (أوليه) قبلها بعام “أنا‬
‫أحب مارتينو‪ ،‬إنه مدرب عظيم وشاهد الجميع ما فعله مع الفريق‪ ،‬الكل يحرتمه”‪.‬‬

‫كان مارتينو نفسه يصدق هذا‪ ،‬فقد قال قبل السفر من بوينس آيرس لربشلونة “أعرف أن عائلة مييس تحدثت مع الربسا وأقدم لهم‬
‫الشكر عىل هذا”‪ ،‬ولكن ليو بعد ودية بايرن ميونخ يف أليانز أرينا قال “ليس لدي صلة بالتعاقد مع مارتينو ولست يف حاجة إلعطاء‬
‫تفسريات‪ ،‬إنه يشء يخص الرئيس روسيل والنادي”‪.‬‬

‫خالل املباراة األوىل بالليغا أمام ليفانتي أقدم مارتينو عىل تغيري ليو (ق‪ ..)71‬مل يكن مييس قد تع ّرض ألي استبدال منذ مايو‪ /‬أيار‬
‫‪ 2010‬إال حينام يكون السبب هو اإلصابة وأنهى الربسا اللقاء بالفوز بسباعية نظيفة‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫عىل الرغم من أن مارتينو أعلن يف أول مؤمتر صحايف له أنه لن يفكر يف تغيري مركز مييس إال أنه تحدث معه عن إمكانية القيام‬
‫بهذا األمر يف بعض املباريات‪ ،‬وهو ما قبله مييس‪ ،‬حيث كانت الفكرة من وراء هذا األمر مفاجأة الخصوم‪.‬‬

‫كان مارتينو يعمل عىل تغيري الكثري من األشياء‪ ،‬فمنذ اليوم األول كان يحاول أن يعتمد الفريق عىل طريقة لعب مبارشة‪ ،‬مام جعل‬
‫العبني مثل مييس وفابريغاس ونيامر؛ صفقة الفريق الجديدة‪ ،‬يتمتعون بقدر أكرب من املساحات‪.‬‬

‫خالل أول مباراة كالسيكو يف عهد مارتينو مبلعب كامب نو يف ‪ 26‬أكتوبر‪ /‬ترشين األول أدخل مارتينو بعض التغيريات التكتيكية‬
‫ملواجهة ثاليث ارتكاز املدريدي بتقدم راموس‪ ،‬حيث طلب من مييس اللعب عىل الجانب األمين وهو األمر الذي صنع مساحات‬
‫لنيامر يف الناحية اليرسى وسيسك يف مركز املهاجم الوهمي‪ ،‬وقد نجحت الخطة وانتهت املباراة بنتيجة ‪ 1-2‬بهديف الالعب الربازييل‬
‫وأليكسيس شانشيز‪.‬‬

‫‪84‬‬

You might also like