You are on page 1of 15

‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬

‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬


‫في مكافحة الفساد‬

‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي في مكافحة الفساد‬


‫‪Towards an effective legislative framework that enshrines the principle‬‬
‫‪of international cooperation in the fight against corruption‬‬
‫تاريخ قبول املقال للنشر ‪2018/02/27 :‬‬ ‫تاريخ إرسال املقال ‪2018/02/07 :‬‬
‫د‪ .‬عجـابي إليـاس ‪ /‬جامعة محمـد بوضيـاف ‪ -‬املسيـلة‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫تعتبر اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد ثورة قانونية حقيقية في مجال مكافحة‬
‫جرائم الفساد‪ ،‬فهي سابقة لم يشهدها املجتمع الدولي املعاصركونها تعد أول صك دولي يختص‬
‫بظاهرة الفساد ينال اإلجماع بين الدول‪ ،‬نظرا ملا تضمنته االتفاقية من آليات جادة مبنية على‬
‫أساس التعاون الدولي على غرار تبادل املعلومات وغالبا ما تكون عن طريق إرسال الخطابات و‬
‫الرسائل واملطبوعات التي تحتوي على بعض املعلومات املتعلق باملشاكل املشتركة جراء ظاهرة‬
‫الفساد واآلراء املقترحة ملكافحها‪ ،‬كما نجد أيضا تنظيم وتبادل الزيارات التي يمكن أن تتم بشكل‬
‫رسمي أو شبه رسمي أو غير رسمية معلنة أو سرية‪ ،‬وتبادل اآلراء و الخبرات و تنظيم حلقات‬
‫املناقشة التي غالبا ما تتم على هامش املؤتمرات الدولية العاملية أو اإلقليمية كما يمكن أن تتم‬
‫بين السفارات أو املكاتب اإلقليمية للمنظمات الدولية الحكومية أو غير الحكومية‪ ،‬واالهم من‬
‫ذلك تتبع عائدات الفساد والعمل على إعادتها للدول املطالبة بها‪ ،‬انطالقا من ذلك يمكن القول‬
‫أن اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد تمثل في حد ذاتها إستراتيجية تشريعية فعالة ملكافحة‬
‫ظاهرة الفساد ‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬مبدأ التعاون الدولي ‪ ،‬مكافحة الفساد ‪ ،‬املعاهدات الدولية ‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The United Nations Convention against Corruption is a genuine legal‬‬
‫‪revolution in the field of combating corruption crimes. It is a precedent that has not‬‬
‫‪been witnessed by the international community today as it is the first international‬‬
‫‪instrument to deal with the phenomenon of corruption that obtains consensus‬‬
‫‪among countries, given the serious mechanisms of the Convention based on‬‬
‫‪international cooperation, Information and often by sending letters, letters and‬‬
‫‪publications that contain some information on common problems due to the‬‬
‫‪phenomenon of corruption and the views proposed to combat them. We also find‬‬
‫‪the organization and exchange of visits that can be carried out formally, semi-‬‬
‫‪formal or informal The exchange of views and experiences and the organization of‬‬
‫‪panel discussions, which are often held on the margins of international or regional‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪448‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫‪international conferences, and may take place between embassies or regional offices‬‬
‫‪of intergovernmental or non-governmental organizations, and more importantly,‬‬
‫‪tracking the proceeds of corruption and returning them to the requesting States ,‬‬
‫‪It can be said that the United Nations Convention against Corruption is in itself an‬‬
‫‪effective legislative strategy to combat the phenomenon of corruption.‬‬
‫‪Keywords: principle of international cooperation, combating corruption,‬‬
‫‪international treaties.‬‬

‫مقدمـة ‪:‬‬
‫تعتبر ظاهرة الفساد واحدة من اخطر ظواهر السلوك اإلنساني ومن أهم التهديدات التي‬
‫تواجه امن وسالمة ومصالح األفراد والجماعات واملجتمعات املختلفة‪ ،‬لذا فقد اهتمت اغلب‬
‫الدول بالتصدي لهذه الظاهرة بكافة الطرق والوسائل املتاحة‪ ،‬من خالل وضع السياسات‬
‫واالستراتيجيات القائمة على تكافل جميع القطاعات الرسمية منها وغيرالرسمية‪.‬‬
‫فمشكلة الفساد ال تقتصر على وجوده و مدى انتهاكه لحقوق اإلنسان بحد ذاته‪ ،‬بل‬
‫تتفاقم وتتعاظم مع زيادة قدر هذا الفساد و نعني بذلك الفساد الذي ال ينال من أموال وموارد‬
‫الدولة فحسب‪ ،‬بل وحتى من ديمقراطيتها و استقرارها أيضا‪.‬‬
‫من هنا أصبح موضوع مكافحة الفساد و القضاء عليه من أهم التحديات التي توجه‬
‫املجتمع الدولي في محاولة للوصول إلى نظام عالمي أكثر ديمقراطية و استقرارا‪ ،‬لذا كان من‬
‫الضروري في الوقت الراهن أن تنصب جميع الجهود الدولية في مكافحة ظاهرة الفساد بدرجة‬
‫أولى على تعزيزدور املجتمع الدولي في إعادة بناء قدراته وتوظيفها أحسن توظيف وفق سياسات‬
‫وقواعد ممنهجة تضمن لنا تحقيق الهدف املنشود الذي ال يتأتى إال من خالل العمل على وضع‬
‫إطارمؤس�سي فعال يضمن مكافحة الفساد على كافة املستويات الدولية واإلقليمية والوطنية‪،‬‬
‫يعمل هذا النظام على خلق التزام دولي تضامني من شانه أن يمهد الطريق إلى إرادة سياسية‬
‫جادة على املستوى العالي تعمل بدورها على احترام و تعزيز وتنفيذ املعاهدات واالتفاقيات‬
‫الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد ‪.‬‬
‫وتكمن أهمية دراسة موضوع التعاون الدولي ملكافحة ظاهرة الفساد في مدى وعي الدول‬
‫بضرورة تضافر الجهود العاملية من أجل تحقيق املصلحة املشتركة لإلنسانية‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫ألي دولة االستغناء عن هذه العالقات التعاونية في زمن العوملة وما تفرضه من انتفاء الحدود‬
‫والسيادة النسبية ال املطلقة ‪.‬‬
‫هذا ما سنحاول توضيحه من خالل دراسة األساس الذي يقوم عليه مبدأ التعاون الدولي‬
‫بصفة عامة ثم التركيزعلى ظاهرة الفساد والجهود املبذولة من قبل الدول للقضاء عليه و ذلك‬
‫وفق اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫‪449‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫إلى أي مدى يمكن وضع إستراتجية عاملية فعالة من شانها القضاء على ظاهرة‬
‫الفساد؟‬
‫و ما مدى فاعلية آليات التعاون الدولي في مكافحة ظاهرة الفساد ؟‬
‫من أجل اإلجابة على اإلشكالية املطروحة وبقية التساؤالت التبعية حاولنا دراسة هذا‬
‫املوضوع عن طريق االعتماد في معالجتنا له بدراسة وتحليل اغلب االتفاقيات املتعلقة بهذا‬
‫الشأن من خالل العناصرالتالية‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املقصود بمبدأ التعاون الدولي في مكافحة الفساد‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬دور املعاهدات واالتفاقيات الدولية في إرساء قواعد التعاون الدولي ملكافحة‬
‫الفساد‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬مستويات التعاون الدولي في مكافحة ظاهرة الفساد‬

‫املبحث األول‪ :‬مقومات مبدأ التعاون الدولي في مكافحة الفساد‪:‬‬


‫لقد أصبح التعاون الدولي احد األعمدة الرئيسية في قيام النظام الدولي املعاصر إذ‬
‫يعتبر من بين املبادئ الراقية التي تهدف إلى تحقيق املصلحة املشتركة للمجتمع الدولي ككل‬
‫خاصة إذا ما تعلق األمر بمكافحة الجريمة الدولية و بالخصوص مكافحة ظاهرة الفساد ليس‬
‫باعتبارها مشكلة اقتصادية فحسب و لكن باعتبارها مشكلة حضارية و أخالقية وسياسية‪،1‬‬
‫من هنا فالتعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد يمثل بدوره أحد أهم األولويات املعاصرة‬
‫للدول والحكومات نتيجة مساسه باستقرارالحياة العامة لألفراد االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬النظام القانوني للتعاون الدولي ملكافحة الفساد‬
‫للتعرف أكثرعلى األبعاد املختلفة واألسس النظرية التي يقوم عليها مبدأ التعاون الدولي‬
‫ملكافحة الفساد كان لزاما علينا أن نقوم بتبيان أهم مالمح العالقة بين الظاهرتين من خالل ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الطبيعة القانونية لظاهرة الفساد‪:‬‬
‫تعتبرظاهرة الفساد من أكثراملفاهيم التي يصعب حصرها في تعريف جامع مانع‪ ،‬ولعل‬
‫السبب الرئي�سي في ذلك يرجع تطورها السريع واملستمرواتساع مجاالتها السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية واألمنية وحتى الثقافية‪ ،‬باإلضافة إلى تعدد أشكالها وصورها‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك يمكن أن نقدم بعض املحاوالت في تعريف الفساد‪ ،‬حيث قامت‬
‫منظمة الشفافية الدولية بتعرفه بقولها «هو كل عمل يتضمن سوء استخدام املنصب‬
‫العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو لجماعته»‪ ،2‬غير انه يعاب على هذا التعريف‬
‫اقتصاره على بعض صور الفساد املتعلقة بسوء استعمال السلطة في أن الظاهرة املدروسة‬
‫تنطوي على أكثرمن ذلك ‪.‬‬
‫ومن بين املحاوالت أيضا نجد التعريف الذي قدمه البنك الدولي من خالل إبراز أهم‬
‫األشكال والصور التي تعتبرفسادا «إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص‪ ،‬فالفساد‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪450‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫يحدث عندما يقوم موظف بقبول رشوة أو ابتزاز لتسهيل عقد أو إجراء طرح ملناقصة عامة‪،‬‬
‫كما يتم عندما يقوم وكالء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوى لالستفادة من‬
‫سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين و تحقيق أرباح خارج إطارالقوانين املرعية »‪.‬‬
‫أما اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬فإنها لم تتطرق إلى تعريف‬
‫الفساد‪ ،‬ولكنها قامت بالنص على بعض األعمال التي يمكن اعتبارها فسادا مثل‪ :‬غسيل األموال‪،‬‬
‫رشوة املوظف العام ‪ ،‬رشوة املوظف األجنبي‪ ،‬اختالس املمتلكات أو تبديدها‪ ،‬استغالل النفوذ‪،‬‬
‫إساءة استغالل الوظيفة ‪ ،‬اإلثراء غير املشروع‪ ،‬الرشوة في القطاع الخاص‪ ،‬اختالس ممتلكات‬
‫القطاع الخاص و إعاقة سيرالعدالة‪ ،3‬فرغم توفيق االتفاقية في محاولة جمع أهم الصور التي‬
‫تنطوي تحت مفهوم الفساد إال أنها لم تضع تعريفا دقيقا يحدد لنا الجوانب القانونية املتعلقة‬
‫بالفساد باعتباره عمل مجرم يمكن له االرتقاء إلى درجة أخطر وهو اإلجرام املنظم الذي يتخذ‬
‫أشكاال متجددة وتتعدى آثاره ونتائجه إقليم الدولة الواحدة إلى بقية دول العالم ‪،‬وهو األمر‬
‫الذي يستدعي تضافرالجهود الدولية ملكافحته من خالل العمل بمقت�ضى مبدأ التعاون الدولي‪.‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن املشرع الجزائري وهو بصدد إصدار القانون رقم ‪06/01‬‬
‫املؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 2006‬املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته املعدل واملتمم‪ 4‬حذا حذو‬
‫اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‪ ،‬حيث لم يقم هو اآلخر بتعريف الفساد ولكنه اقتصر‬
‫فقط على تحديد بعض املفاهيم املتعلقة به‪ 5‬والعقوبات املسلطة على كل من يتهم بالفساد‪.6‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مقتضيات التعاون الدولي ملكافحة الفساد‬
‫من املعروف لدى املهتمين بالشؤون الدولية أن مبدأ التعاون بين الدول بصفة عامة‬
‫هو احد األصول الرئيسية للنظام الدولي الراهن‪ ،‬وذلك الرتباطه بجوهر التنظيم الدولي الذي‬
‫تلتزم الدول بموجبه بضرورة التعاون فيما بينها على كافة املستويات العامية منها و اإلقليمية و‬
‫الوطنية من اجل محاربة و مكافحة الفساد‪.‬‬
‫لكن تجدر اإلشارة هنا إلى صعوبة وضع تعريف دقيق جامع ومانع لهذا التعاون‪ ،‬ولعل‬
‫السبب في ذلك يرجع إلى صعوبة حصر األنواع واألشكال التي من شأنها تحديد عناصر هذا‬
‫التعاون‪ ،‬غير أنه يمكن لنا تحديد بعض مالمحه في إطار العالقات الخارجية للدول من خالل‬
‫تبادل العون واملساعدة بين طرفين أو أكثر من أجل تحقيق مصلحة إنسانية مشتركة في مجال‬
‫التصدي ملخاطر وتبعات الفساد وكل ما يرتبط بحسن سير القضاء والعدالة الجنائية وتعقب‬
‫مصادر التهديد ‪ ،‬مهما كان نوع هذه املساعدة سواء قضائية أو تشريعية أو شرطية أمنية أو‬
‫إجرائية‪.‬‬
‫من هنا يمكن لنا أن نستنتج بعض العناصراألساسية التي البد من توافرها في أية عالقة‬
‫تعاونية دولية في مجال مكافحة الفساد وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة تمتع األشخاص املخاطبين بالتعاون سواء الدول أو املنظمات باالستقالل‬
‫الذاتي واملتعلق بحرية اإلرادة عن طريق االعتراف لها بهذه الصفة‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة توافراإلرادة السياسية للدول في مكافحة الفساد‪ ،‬من أجل الوصول إلى التزام‬
‫‪451‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫دولي تضامني‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة أن يكون مجال املكافحة خاص بظاهرة الفساد دون غيرها من الجرائم‪،‬‬
‫ونقصد هنا مجال التخصص ال العمومية من اجل ربح الوقت و تفادي التداخل بين‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة املشاركة الفعلية لجميع الدول في تحمل املسؤولية املترتبة عليهم‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بأشكال و صور التعاون الدولي في مكافحة الجريمة على العموم فنجد‬
‫أنها تختلف باختالف درجة تطور العالقات التعاونية بين الدول‪ ،‬إذ اثبت لنا الواقع أن اغلب‬
‫هذه الروابط والعالقات تنشأ في بدايتها بسيطة ثم تتطور مع مرورالوقت حال نجاحها إلى صور‬
‫أكثرنضوجا وأشد قوة‪ ،‬فكلما أبدا األطراف رغبتهم الجدية في تحقيق مصالحهم وأهدافهم كلما‬
‫تدعمت هذه العالقة وارتقت إلى درجت التعاون الوثيق الذي من بين صوره توحيد التشريعات‬
‫والقوانين الخاصة بمكافحة الفساد‪ ،‬والتعاون القضائي واألمني فيما بين أجهزة الشرطة‬
‫واملخابرات ‪ ،‬ولعل أبرز صور التعاون البسيط نجد‪ :‬تبادل الرسائل وغالبا ما تكون عن طريق‬
‫إرسال الخطابات و الرسائل واملطبوعات التي تحتوي على بعض املعلومات املتعلق باملشاكل‬
‫املشتركة جراء ظاهرة الفساد واآلراء املقترحة ملكافحها‪ ،‬كما نجد أيضا تنظيم وتبادل الزيارات‬
‫التي يمكن أن تتم بشكل رسمي أو شبه رسمي أو غير رسمية معلنة أو سرية ‪ ،‬وتبادل اآلراء‬
‫والخبرات و تنظيم حلقات املناقشة التي غالبا ما تتم على هامش املؤتمرات الدولية العاملية أو‬
‫اإلقليمية كما يمكن أن تتم بين السفارات أو املكاتب اإلقليمية للمنظمات الدولية الحكومية أو‬
‫‪7‬‬
‫غيرالحكومية ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بصور التعاون الدولي األكثرتطورا وجدية فنجد على سبيل املثال لجوء‬
‫األطراف إلى تنظيم الدورات التدريبية للعاملين في مجال العدالة و األجهزة األمنية واملعنيين‬
‫بمكافحة الفساد على املستوى الدولي‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى تطوير املهارات والخبرات واملعلومات‬
‫والقدرات في مجابهة الفساد‪ ،‬باإلضافة إلى تنظيم االجتماعات وإجراء املفاوضات وتنظيم‬
‫املؤتمرات الدولية (العاملية أو اإلقليمية) وتوقيع اإلعالنات املشتركة ومذكرات التفاهم في حال‬
‫ما إذا تالقت وجهات النظر واتفقت على ضرورة تطوير سبل التعاون فيما بينها ‪،‬ثم ننتقل إلى‬
‫مرحلة توقيع االتفاقيات واملعاهدات الدولية وإنشاء كيانات تنظيمية مشتركة إلدارة التعاون‬
‫الدولي باإلضافة إلى تبادل املساعدة القضائية واألمنية وتسليم املجرمين أو املتهمين ‪.8‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬ضرورات التعاون الدولي ملكافحة الفساد‬
‫لقد تأصلت في أذهاننا في الوقت الحاضرفكرة انه ال يمكن ألي دولة من دول العالم أن‬
‫تواجه ظاهرة الفساد بمفردها مهما بلغت قوتها و درجة تطورها ‪ ،‬و يرجع سبب ذلك إلى صعوبة‬
‫حصر األشكال التي ينطوي عليها الفساد وامتداد آثاره خارج حدود و إقليم الدولة الواحدة ‪،‬‬
‫فقد أصبح الفساد ظاهرة منظمة عابرة للقارات يصعب فيها ضبط تحرك وتنقل عناصرها‬
‫‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية ارتكاب و ممارسة األنشطة اإلجرامية املتعلقة بالفساد عن بعد نتيجة‬
‫التطور التكنولوجي غيراملضبوط في العالم ‪.‬‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪452‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫هذا ويمكن القول أن أغلب الجهود الدولية في هذا املجال دائما ما تصطدم بالعراقيل‬
‫املتعلقة بالحدود الوطنية للدول األخرى بحجة عدم املساس بالسيادة الوطنية و مبدأ إقليمية‬
‫القوانين واستقرار األمن القومي وإلى غير ذلك من املبادئ التي اثبت الواقع العملي نسبيتها أو‬
‫انتفائها‪.‬‬
‫انطالقا من هنا اقتنعت كافة الدول على ضرورة تنظيم و توحيد جهودها ذات املصلحة‬
‫املشتركة في إطار عالقات تعاونية دولية تهدف إلى تفعيل األدوار و القدرات ملكافحة ظاهرة‬
‫الفساد‪ ،‬وهو األمر الذي أدى إلى تعدد أشكال التعاون الدولي بحيث توسعت مجاالت تطبيقه‬
‫ووسائل التعاون وأغراضه ومدى قوته ونطاقه الجغرافي‪ ،‬فمن حيث عدد األطراف نجد التعاون‬
‫الدولي الثنائي و التعاون املتعدد األطراف‪ ،‬ومن حيث نطاقه نجد التعاون العالمي الذي يضم‬
‫جميع األطراف الدولية املعترف بشخصيتها القانونية و التعاون اإلقليمي والشبه اإلقليمي‪ ،‬أما‬
‫من حيث موضوع التعاون فنجد التعاون القانوني واالقتصادي واالجتماعي والقضائي والشرطي‬
‫واألمني‪. 9‬‬
‫فرغم كل ما سبق عرضه إال أن الحديث عن فكرة خلق إطار مؤس�سي فعال يضمن‬
‫التعاون الدولي الجاد في مكافحة الفساد ال يزال من الناحية النظرية فحسب ولكنها ليست‬
‫ببعيدة التحقق على أرض الواقع‪ ،‬إذ والبد على األطراف الدولية الفاعلة في املجتمع الدولي‬
‫الحرص على دعم العمل املشترك على جميع املستويات العاملية منها واإلقليمية وحتى الداخلية‬
‫من خالل سن و صياغة القوانين و التشريعات املتعلقة بتحريم جميع صور الفساد وإقامة‬
‫األجهزة األمنية التي تسمح بمالحقة ومتابعة املتهمين بمثل هذه الجرائم ثم محاولة توسيعها‬
‫لتشمل جميع الدول املجاورة ومن ثم دول العالم‪ ،‬ولعل أفضل مثال على ذلك املنظمة الدولية‬
‫للشرطة الجنائية ( االنتربول ) ومكاتبها املنتشرة عبرمعظم دول العالم ومن بينها الجزائر ‪.‬‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬دور املعاهدات واالتفاقيات الدولية‬


‫في إرساء قواعد التعاون الدولي ملكافحة الفساد‬
‫لقد لعبت االتفاقيات الدولية ملكافحة الفساد في رفع االلتزامات السياسية ملكافحة‬
‫الفساد وحددت املعاييرواملمارسات الدولية األساسية ملعالجة الفساد‪ ،‬إذ كان يعتقد في املا�ضي‬
‫أن مكافحة الفساد موضوع يخص كل حكومة بمفردها لكنه أصبح من املتفق عليه عامليا اآلن‪،‬‬
‫بفضل اتفاقيات مكافحة الفساد‪ ،‬التي عززتها املؤشرات املتنامية حول اإلرادة السياسة‪،‬‬
‫فبوسع املجتمع الدولي استكمال ومساعدة جهود الحكومات في محاربة الفساد‪ ،‬وأن للمجتمع‬
‫الدولي مصلحة حقيقية في رؤية الفساد يعالج محليا كما على املستوى العالمي‪.‬‬

‫‪453‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫املطلب األول ‪ :‬دور االتفاقيات الدولية في توحيد مبادئ مكافحة الفساد‬


‫تلعب االتفاقيات املتعددة األطراف ملكافحة الفساد دورا كبيرا في تدويل املبادئ‬
‫املعترف بها دوليا ملكافحة الفساد فهي تقيم األساس القانوني اللتزام الحكومات في تطبيقها لهذه‬
‫االتفاقيات‪ ،‬فهي تذهب إلى أبعد من مجرد مناشدة الحكومات لتجريم أشكال الفساد املختلفة‪.‬‬

‫حيث تقوم هذه االتفاقيات بضبط وتقنين جميع الجوانب القانونية املتعلقة بجرائم‬
‫الفساد واملسؤولية الجنائية املترتبة عنها والسبل واآلليات الكفيلة بالقضاء عليها مع إبراز‬
‫التزامات كل الدول املشتركة وأوجه التعاون فيما بينها‪ ،‬ويمكن توضيح أهم الجبهات التي تقوم‬
‫بموجبها االتفاقيات الدولية بمعالجة قضايا الفساد في النقاط التالية ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العمل على تطبيق القانون‬
‫إذ تشكل سلطات التحقيق واملقاضاة والسلطات القضائية عناصر أساسية للكشف‬
‫عن الفساد العام متابعة مرتكبيه‪ ،‬فهي تلزم الحكومات بإصدار قوانين جنائية فعالة‪ ،‬ووضع‬
‫عقوبات ردعية‪ ،‬وإنشاء أجهزة تطبيق القانون الكتشاف وردع الرشاوى وممارسات الفساد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مكافحة الفساد في القطاع العام‬
‫فالعديد من االتفاقيات الدولية ملكافحة الفساد تلزم الحكومات على اتخاذ إجراءات‬
‫محددة مثل الحفاظ على معايير عالية من السلوك لدى املوظفين الرسميين‪ ،‬وإقامة أنظمة‬
‫شفافة للمشتريات ولإلدارة املالية‪ ،‬وتجنب تضارب املصالح‪ ،‬واملطالبة بالكشف املالي عن‬
‫األصول الشخصية‪ ،‬وحماية الشهود الذين يكشفون عن الفاسدين‪ ،‬وإنشاء مؤسسات‬
‫وإجراءات محاسبية فعالة داخل الحكومة وخارجها إضافة إلى وتأمين الوصول إلى املعلومات‬
‫‪10‬‬
‫الحكومية‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬منع الفساد في القطاع الخاص‬
‫إن العديد من االتفاقيات الدولية الخاصة بالفساد تسلط أيضا األضواء على اإلجراءات‬
‫التي تؤثربصورة بناءة على سلوك القطاع الخاص وتلزم الحكومات باتخاذها مثل الحفاظ على‬
‫إطارعمل قانوني فعال ملنع إخفاء املدفوعات غيراملشروعة أو الرشاوى في حسابات الشركات‪،‬‬
‫واحتيال الشركات‪ ،‬وحظراقتطاع مدفوعات الرشاوى من الضرائب‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إقامة آليات املتابعة‬
‫وتتمثل في آليات التقييم التي من شأنها تسهيل التعاون الدولي وتوفير املساعدة الفنية‬
‫الستدراك ضعف التطبيق‪ ،‬ففي الوقت الحاضر هناك أربع آليات فاعلة في مجال مكافحة‬
‫الفساد تعمل على رصد وتعزيز التطبيق لالتفاقيات إذ نجد ‪ :‬آلية املتابعة التابعة ملنظمة‬
‫الدول األميركية‪ ،‬ومجموعة دول مجلس أوروبا ملكافحة الفساد للفساد‪ ،‬ومجموعة العمل‬
‫حول الرشاوى التابعة ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬ومبادرة ميثاق االستقرارملكافحة‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪454‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬
‫‪11‬‬
‫الفساد‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‬

‫تعتبر هذه االتفاقية أو ما يعرف بميثاق األمم املتحدة ملكافحة الفساد أكثر االتفاقيات‬
‫شمولية وأجدرها للتطبيق عامليا‪ ،‬كما أنها مرشحة الن تكون أول اتفاقية دولية حقيقية ملكافحة‬
‫الفساد تطبق عالمي ‪ ،‬فقد تم تطويرها تحت رعاية األمم املتحدة إذ شارك في املفاوضات الخاصة‬
‫بها أكثر من ‪ 130‬بلدا ملدة تزيد عن السنتين تولى فيها مكتب األمم املتحدة املعني باملخدرات‬
‫والجريمة مهام األمانة العامة للمفاوضات بحضور العديد من املنظمات غير الحكومية وعلى‬
‫رأسها منظمة الشفافية الدولية ‪،‬ومباشرة بعد انتهاء املفاوضات بشأنها تم تقديمها إلى الجمعية‬
‫العامة لتبنيها في ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،2003‬ثم تم فتح أبواب املصادقة عليها من قبل الدول في املؤتمر‬
‫الدولي الذي انعقد باملناسبة بمدينة ميريدا املكسيكية في الفترة ‪ 11/10/9‬ديسمبر ‪،2003‬‬
‫ودخلت االتفاقية حيزالتنفيذ في ‪ 14‬ديسمبر‪.2005‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬أهمية اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‬
‫وتتجلى لنا أهمية صدور هذا امليثاق أو االتفاقية في العناصرالتالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعتبراالتفاقية تطورا بارزا في هيكلية االتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الفساد‬
‫فهي تغطي جميع املواضيع التي قامت بتغطيتها املواثيق اإلقليمية والدولية السابقة ويجمعها في‬
‫مجموعة واحدة متكاملة من االلتزامات‪ ،‬باإلضافة إلى أنها الصك العالمي الوحيد امللزم قانونا‬
‫في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعتبرأول أداة دولية قابلة للتطبيق عامليا ال تتعاطى بغيرموضوع الفساد‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تعتبرأول اتفاقية دولية تقوم بتحديد املفاهيم األساسية املتعلقة بظاهرة الفساد‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬االتفاقية بحد ذاتها هي تكريس و تجسيد ملبدأ التعاون الدولي ملكافحة الفساد‪،‬‬
‫حيث قامت وألول مرة بوضع إطار عمل للتعاون في اتخاذ التدابير واإلجراءات الالزمة من أجل‬
‫استرجاع األموال واملساعدة الفنية‪.‬‬

‫أما األهداف التي تصبوا االتفاقية إلى تحقيقها فيمكن إجمالها في النقاط التي نصت‬
‫عليها املادة األولى على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ترويج ودعم التدابيرالهادفة ملنع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ وأنجح‪.‬‬
‫‪ -‬تروي وتيسير ودعم التعاون الدولي واملساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد بما في‬
‫ذلك في مجال استرداد املوجودات‪.‬‬
‫‪455‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫‪ -‬تعزيزالنزاهة واملساءلة واإلدارة السليمة للشؤون واملمتلكات العامة‪.‬‬


‫الفرع الثاني ‪ :‬مضمون اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‬
‫تتكون االتفاقية من ثمانية فصول و‪ 71‬مادة يحتوي الفصل األول‪  ‬على أحكام عامة‬
‫أما الفصل الثاني فيشرح التدابير الوقائية الخاصة بسياسات وممارسات مكافحة الفساد‬
‫الوقائية ومدونات لقواعد وسلوك املوظفين العموميين‪ ،‬وقام الفصل الثالث بتجريم ممارسات‬
‫وسلوكيات فاسدة مثل املتاجرة بالنفوذ والرشاوى‪ ،‬والفصل الرابع فقد وضع إطارا للتعاون‬
‫الدولي من حيث تسليم املجرمين واملساعدة القانونية املتبادلة‪ ،‬والفصــل الخامس املتعلق‬
‫باسترداد املوجودات إذ يجب على الدولة املوقعة على االتفاقية أن تلزم البنوك الواقعة في‬
‫سلطتها القضائية بأن تتحقق من هوية األشخاص الذين يتم التعامل معهم‪ ،‬وأن تكشف‬
‫العائدات املتأتية من الجريمة‪.‬‬
‫أما الفصـل السادس فقد جاء بمبادئ املساعدة التقنية وتبادل املعلومات إذ يلزم هذا‬
‫الفصل الدولة املوقعة بأن تقوم باستحداث وتطوير وتحسين برامج تدريب خاصة للموظفين‬
‫املسئولين وجمع معلومات تكون متعلقة بالفساد وتحليلها بالتشاور مع خبراء‪ ،‬وقد حدد‬
‫الفصل السابع آليات التنفيذ‪ ،‬أما الفصل الثامن واألخير فحدد األحكام الختامية من حيث‬
‫تنفيذ االتفاقية وتسوية النزاعات‪ .12‬‬
‫من كل ما سبق يمكن لنا أن نلخص أهم االلتزامات التي نصت عليها االتفاقية في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬منع الفساد من خالل إنشاء هيئات مكافحة الفساد‪ ،‬وتعزيز الشفافية في تمويل‬
‫الحمالت االنتخابية واألحزاب السياسية‪ ،‬وتعزيز النـزاهة في الخدمة العامة‪ ،‬وتعزيز الشفافية‬
‫‪13‬‬
‫واملساءلة في املالية العمومية والقضاء‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬جعل الفساد جريمة جنائية وليس فقط الرشوة واختالس األموال العمومية بل‬
‫أيضا املتاجرة بالنفوذ وإخفاء عائدات الفساد وغسلها‪ ،‬وتشمل االتفاقية أيضا الفساد في‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التعاون على مكافحة الفساد فالبلدان ملزمة بموجب االتفاقية بتقديم أشكال‬
‫محددة من املساعدة القانونية املتبادلة‪ ،‬وتسهيل تسليم املطلوبين‪ ،‬ودعم تعقب وتجميد‬
‫وضبط ومصادرة عائدات الفساد‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬استرداد املوجودات أو األصول مبدأ أسا�سي من مبادئ االتفاقية‪ ،‬حيث تتضمن‬
‫االتفاقية تدابيرمبتكرة تلزم البلدان بإعادة املوجودات املسروقة إلى أصحابها الشرعيين‪.14‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬مستويات التعاون الدولي في مكافحة ظاهرة الفساد‬
‫إن املتدبرللشؤون الدولية خاصة املتعلقة منها بالتعاون الدولي ضد الفساد يالحظ ذلك‬
‫التعدد في آليات هذا التعاون سواء على املستوى العالمي أو املستوى اإلقليمي وحتى الوطني‬
‫‪ ،‬وتكمن أهمية التناسق بين اآلليات في إنشاء أنظمة أكثر تطورا يمكنها أن تواكب تطلعات‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪456‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫وطموحات األطراف الدولية للتصدي ملشكلة الفساد ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬اآلليات العاملية للتعاون الدولي في مكافحة الفساد‬

‫بال شك تعتبر منظمة األمم املتحدة الفاعل الرئي�سي في جميع مجاالت الحياة التي تخص‬
‫الفرد في وقتنا الحاضر ومن أهمها موضوع الدراسة مكافحة الفساد‪ ،‬وفي سبيل القيام بدورها‬
‫تعتمد على األجهزة الرئيسية التابعة لها وبالخصوص الجمعية العامة ومجلس األمن و املجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي باإلضافة إلى املنظمات الدولية غيرالحكومية ومنظمات املجتمع املدني‬
‫واملنظمة الدولية للشرطة الجنائية‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬منظمة األمم املتحدة‬

‫لقد نص امليثاق االممي في مادته األولى الفقرة ‪ 15 03‬على ضرورة تحقيق التعاون الدولي‬
‫في حل املسائل ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلنسانية وعلى تعزيزاحترام‬
‫حقوق اإلنسان ‪ ،‬إذ تعتبر األمم املتحدة املرجع األسا�سي للتوجيه والتنسيق لجميع أعمال دول‬
‫العالم فيما يتعلق بمكافحة اإلجرام بما فيها ظاهرة الفساد ‪ ،‬فهي منبر للتعاون الدولي في هذا‬
‫املجال ‪،‬وتعتمد في القيام بعملها على مجموعة من األجهزة التي نصت عليها املادة السابعة من‬
‫امليثاق‪ ، 16‬إال أن أكثر هذه األجهزة فاعلية في مجال مكافحة الجريمة بصفة عامة ومكافحة‬
‫الفساد بالخصوص نجد كل من الجمعية العامة واملجلس االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬

‫فقد ساهمت الجمعية العامة من خالل لجانها الست التابعة لها في إرساء و بناء ما يعرف‬
‫بالشرعة الدولية ملكافحة ظاهرة الفساد عن طريق تبني العديد من القرارات التي توجز أهم‬
‫املبادئ و اإلجراءات الواجب اتخاذها من طرف الدول األعضاء قصد استئصال هذه الظاهرة‪،‬‬
‫ولعل من ابرز هذه القرارات نجد‪:‬‬

‫‪ -‬قرارالجمعية العامة املتضمن إعالن األمم املتحدة ملكافحة الفساد والرشوة في املعامالت‬
‫التجارية الدولي رقم ‪ 191 / 51‬املؤرخ في ‪16‬ديسمبر‪.1996‬‬

‫‪ -‬قرار الجمعية العامة املتعلق بمنع املمارسات الفاسدة و تحويل األموال بشكل غير‬
‫مشروع‪.‬‬

‫‪ -‬قرارالجمعية العامة املتعلق باتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد سنة‪.2003‬‬

‫أما املجلس االقتصادي واالجتماعي فقد ساهم هواألخربشكل كبيرفي اقامت نظام األمم‬
‫املتحدة ملنع الجريمة من خالل إنشائه للجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية سنة ‪ 1992‬التي‬
‫‪457‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫حلت محلها لجنة مكافحة الجريمة والرقابة عليها التابعة للجمعية العامة ‪ ،‬وتتكون هذه اللجنة‬
‫من مندوبي ‪ 40‬دولة عضو تنعقد في دورات عادية كل سنة بمكتب األمم املتحدة بفيينا ‪ ،‬كما‬
‫تعد هذه اللجنة الجهاز املنظم آللية عمل نظام مكافحة الجريمة في األمم املتحدة ‪ ،‬إذ يمكن‬
‫إيجازأهم أهدافها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تشجيع التعاون الدولي ملكافحة الجريمة الوطنية وعبر الوطنية ومنها الجريمة املنظمة‬
‫والجريمة االقتصادية و جرائم األموال ‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على تحسين كفاءة و أداء أنظمة إدارة العدالة الجنائية‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على تطوير دور قواعد القانون الجنائي بما يتما�شى مع التطورات املعاصرة‬
‫للمجتمع الدولي ‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم املساعدات الفنية للدول التي تعاني من نقص اإلمكانيات‪. 17‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬املنظمة الدولية للشرطة الجنائية‬

‫و تعرف أيضا باسم منظمة شرطة الجرائم الدولية تم إنشائها في سنة ‪ 1923‬و مقرها‬
‫الحالي في ليون بفرنسا‪ ،‬وتتشكل من مجموع أفراد الشرطة التابعين للدول األعضاء فيها الذين‬
‫بلغ عددهم ‪ 186‬دولة‪ ،‬يباشرون عملهم على أساس التعاون ملكافحة الجريمة الدولية عن طريق‬
‫تبادل املعلومات الخاصة بهذه الجرائم و األشخاص املتهمين بالضلوع فيها ومتابعة تنقالتهم‬
‫بين الدول‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم االستشارات والقيام بتربصات التدريب ألفراد الشرطة للدول‬
‫األعضاء‪ ،‬وتستند املنظمة في القيام بعملها على مجموعة من األجهزة التابعة لها كالجمعية‬
‫العامة واللجنة التنفيذية واألمانة العامة واملستشارون واللجنة الدائمة لتكنولوجيا املعلومات‪،‬‬
‫باإلضافة إلى املكاتب املركزية الوطنية املنتشرة عبر مختلف الدول‪ ،‬هذا وتقوم املنظمة على‬
‫مجموعة من األهداف التي نصت عليها املادة الثانية ميثاقها وهي ‪:‬‬

‫* تأكيد وتشجيع املعونة املتبادلة في أوسع نطاق ممكن من سلطات الشرطة الجنائية في‬
‫حدود القوانين القائمة في البالد املختلفة ‪ ،‬وبروح اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫* إقامة وتنمية النظم التي من شأنها أن تسهم على نحو فعال في منع ومكافحة جرائم‬
‫القانون العام‪ .18‬وتقوم املنظمة بتنسيق الجهود التي تبذلها عناصرالشرطة في الدول األعضاء‬
‫في مجال مكافحة الجريمة والوقاية منها و التعاون األمني الدولي عن طريق التحقيق و تبادل‬
‫املعلومات‪:‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪458‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫* التحقيق ‪ :‬و يتمثل في التحقق من هوية األشخاص املشتبه فيهم بارتكاب جريمة دولية‬
‫من خالل البيانات واملعلومات املسجلة لدى دوائرالشرطة الوطنية ‪.‬‬

‫* تبادل املعلومات ‪ :‬وذلك عن طريق البالغات و املراسالت و االتصاالت بين دوائر‬


‫الشرطة للدول األعضاء في املنظمة من اجل تحديد أوصاف املجرمين و صورهم و بصماتهم‬
‫وطبيعة األشياء محل الجرائم املرتكبة ‪.19‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬دور املنظمات الدولية غيرالحكومية في مكافحة الفساد‬


‫تلعب املنظمات غير الحكومية دورا كبيرا في مكافحة الفساد ال يمكن تجاوزه‪ ،‬وذلك‬
‫بمشاركتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة في جلسات الجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬من‬
‫خالل حضورها اجتماعات اللجان التابعة لها‪ ،‬ويعد هذا وضعا جديدا اكتسبته املنظمة غير‬
‫الحكومية‪ ،20‬إذ هناك ما يقارب ‪ 1000‬منظمة تتمتع بمركز استشاري لدى املنظمة األممية‪،‬‬
‫يعود لها الفضل في إصدار العديد من القرارات واالتفاقات املتعلقة بحماية حقوق اإلنسان‬
‫ومكافحة الجرائم خاصة ما تعلق منها بظاهرة الفساد ‪ ،‬مثل منظمة العفو الدولية‪ ،‬و منظمة‬
‫الشفافية الدولية املتخصصة في مجال الفساد ‪.‬‬
‫فبخصوص منظمة الشفافية الدولية والتي تسمى أيضا باالتحاد العالمي ضد الفساد‬
‫أنشأت سنة ‪ 1993‬ومقرها في برلين بأملانيا‪ ،‬فيتمثل دورها األسا�سي في مكافحة الفساد املحلي‬
‫و الدولي من خالل ممارسة الضغوط على الحكومات و مسائلتها بعد ما تأكد عجز الهيئات‬
‫واملؤسسات الوطنية املخولة بذلك‪ .‬فقد نص نظامها األسا�سي على أن من أهداف املنظمة الحد‬
‫من انتشار ظاهرة الفساد عن طريق خلق اتحاد عالمي لتقوية نظم النزاهة الوطنية و العاملية‪،‬‬
‫انطالقا من املبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ -‬املساعدة على تصميم و تنفيذ نظم النزاهة الفعالة‪.‬‬
‫‪ -‬تجميع ونشراملعلومات وزيادة الوعي العام باإلضراراملتفاقمة للفساد ‪.‬‬
‫‪ -‬بناء تحالفات على املستوى املحلي واإلقليمي والعالمي‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء فروع محلية قادرة على املساعدة لتحقيق الهدف‪.21‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬دور املجتمع املدني‬
‫يعتبر املجتمع املدني فضاء مفتوح داخل حدود الدولة القومية يتألف من املنظمات‬
‫واملؤسسات واملمارسات غير الحكومية التي يقوم بها املواطنون بمبادرتهم الخاصة ال استجابة‬
‫ألوامر حكومتهم‪ ،‬ويوجه نشاطه ملا يقع خارج حدود الدولة القومية أو ما تقوم به هذه الدولة‬
‫أو إحدى مؤسساتها خارج حدودها‪،‬أو نحو تلك القضايا التي تقع خارج اختصاصات الدولة‬
‫القومية وحدها‪ ،‬وعلى هذا النحو يمكن تقسيم مكونات املجتمع املدني العالمي إلى النحو التالي‪:‬‬
‫منظمات املجتمع الدولي املحلي‪ ،‬منظمات غير حكومية عابرة للقوميات بمعنى أنها منظمات‬
‫قومية يمتد نشاطها إلى خارج حدود دولتها‪ ،‬منظمات دولية غير حكومية‪ ،‬اتحادات دولية‬
‫‪459‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫ملنظمات وطنية مثل االتحادات العمالية‪ ،‬املحافل الدائمة أو املؤقتة ملنظمات املجتمع املدني‪،‬‬
‫أدوات اإلعالم الدولية‪ ،‬الحركات االجتماعية‪ ،‬فكل هذه األجهزة بإمكانها القيام بدور فعال في‬
‫مواجهة ظاهرة الفساد‪.22‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬اآلليات اإلقليمية للتعاون الدولي‬
‫إن التأكيد على أهمية الدور اإلقليمي في مجال مكافحة الفساد من شأنه إقامة عالقة‬
‫أكثرشموال وايجابية بين الدول ‪ ،‬عن طريق إقامة عالقة شراكة وتكامل يهتم أحد جوانبها بتوفير‬
‫الوسائل املناسبة لتعزيزالتشاور وتبادل املعلومات فيما بينهم‪ ،‬فبإمكان املنظمات اإلقليمية أن‬
‫تلعب دورا حيويا في هذا املجال بفضل مجاورتها الجغرافية للقضية موضوع البحث حيث تقر‬
‫هذا الدور من منظور إقليمي مع مراعاتها الحساسيات املختلفة في اإلقليم نفسه‪ ،‬ويمكن أن‬
‫نعدد أهم هذه الجهود فيما يلي‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬على املستوى األوروبي‬
‫لقد طور مجلس أوروبا ثالث أدوات أساسية إلرشاد األعضاء في مكافحة الفساد‪ ،‬شكلت‬
‫اثنتان من هذه الوثائق ميثاقين‪ :‬األول ميثاق القانون الجنائي ضد الفساد الصادر سنة ‪1997‬‬
‫عن‪  ‬مجلس أوروبا‪ ،‬والثاني ميثاق القانون املدني ضد الفساد الصادر عن مجلس أوروبا‪ ،‬أما‬
‫الثالثة فكانت عبارة عن مبادئ غير ملزمة و هي املبادئ العشرون اإلرشادية ملكافحة الفساد‬
‫الصادرة عن مجلس أوروبا‪ ،‬كما طور املجلس أيضا آلية لرصد تطبيق تلك املبادئ واملواثيق‪،‬‬
‫وطور االتحاد األوروبي أيضا عدة وثائق إلرشاد األعضاء‪ ،‬تشمل هذه الوثائق ميثاق االتحاد‬
‫األوروبي حول الكفاح ضد الفساد الصادرسنة ‪ ،1997‬والعمل املشترك لالتحاد األوروبي سنة‬
‫‪ 1998‬حول الفساد في القطاع الخاص‪ ،‬وهناك أيضا إطار عمل االتحاد األوروبي لسنة ‪2002‬‬
‫حول مكافحة الفساد في القطاع الخاص و ميثاق االستقرار الذي طور سنة ‪ ،2000‬والذي‬
‫وقعته سبع دول أوروبية جنوبية‪ ،‬مع آلية مراجعة النظراء الناتجة عنه لرصد التطبيق‪ ،‬يعرف‬
‫بمبادرة ميثاق االستقرارملكافحة الفساد‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬على مستوى أمريكا الالتينية‬
‫تم التفاوض سنة ‪ 1996‬بشأن امليثاق بين الدول األميركية ضد الفساد برعاية منظمة‬
‫الدول األميركية التي أنشأت سنة ‪ 2001‬آلية مراجعة النظراء لرصد التطبيق‪ .‬حاليا‪ ،‬هناك ‪33‬‬
‫دولة‪ ،‬من ضمنها الواليات املتحدة‪ ،‬مشاركة في هذه االتفاقية‪.23‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬على مستوى آسيا‬
‫تبنت ‪ 21‬دولة في منطقة آسيا مجموعة مبادئ غير ملزمة ضد الفساد تعرف هذه‬
‫املجموعة بخطة عمل البنك اآلسيوي للتنمية في إطار منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫ملكافحة الفساد في آسيا واملحيط الهادئ‪ ،‬ثم تم تطويرها برعاية البنك اآلسيوي للتنمية‬
‫ومنظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬وفي سنة ‪ 2004‬وافق قادة منظمة التعاون االقتصادي‬
‫آلسيا واملحيط الهادئ على برنامج عمل ملكافحة الفساد وضعته املنظمة‪ ،‬شمل التزاما قويا‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪460‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫بتطبيق ميثاق األمم املتحدة ضد الفساد‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬على مستوى إفريقيا‬


‫في سنة ‪ 1999‬طور التحالف العالمي ألفريقيا مبادئ غيرملزمة ملكافحة الفساد تم تبنيها‬
‫من قبل األعضاء األحد عشر في التحالف املذكور‪ ،‬ثم تم تبني بروتوكول مجموعة التنمية‬
‫األفريقية الجنوبية ضد الفساد لسنة ‪ ،2001‬الذي يشتمل على إجراءات تبنتها الدول األربع‬
‫عشرة في املجموعة املذكورة‪ ،‬باإلضافة إلى ميثاق االتحاد األفريقي ملنع ومكافحة الفساد في‬
‫اجتماع القمة األفريقية الذي عقد في مابوتو عاصمة موزامبيق في جويلية ‪. 24 2003‬‬

‫الخـاتــمة‪:‬‬
‫من كل مما سبق عرضه تتضح لنا حقيقة أنه ال يمكن ألي دولة من دول العالم مهما كانت‬
‫درجة قوتها وتقدمها مواجهة ظاهرة الفساد بمعزل عن الدول األخرى‪ ،‬لذا كان والبد من تنسيق‬
‫الجهود املشتركة لكل األطراف الدولية في إطار عالقات دولية تعاونية تشكل في مجملها مبدأ‬
‫التعاون الدولي ملكافحة الفساد‪ ،‬من هنا كان من الضروري تفعيل هذا املبدأ في الوقت الراهن‬
‫نتيجة التطور في درجة تنظيم الجريمة الدولية من خالل االقتراحات التالية‪:‬‬
‫* ضرورة تضافر جهود املجتمع الدولي والسلطات الوطنية واإلقليمية ملكافحة الفساد‬
‫والقضاء عليه ألخطاره البالغة على التنمية واملجتمع‪.‬‬
‫* ضرورة وضع إطار مؤس�سي ملكافحة الفساد على كافة املستويات العاملية و الجهوية و‬
‫الوطنية‪ ،‬والتركيز على دور التعليم ونشر الوعي العام وتعزيز عمليات التحقيق والتدقيق في‬
‫محاربة هذه الظاهرة الخطيرة ‪.‬‬
‫* ضرورة توافراإلرادة السياسية على املستوى األعلى في مكافحة الفساد‪.‬‬
‫* العمل على تعزيز وتنفيذ املعاهدات واالتفاقيات الدولية ذات العالقة بمكافحة‬
‫الفساد ‪.‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫‪ 1‬سوزان روزأكرمان ‪ ،‬الفساد والحكم األسباب و العواقب و اإلصالح ‪ ،‬ترجمة‪ :‬فؤاد سروجي‪،‬داراألهلية‪ ،‬عمان ‪ 2003 ،‬ص‪.165 :‬‬
‫‪ 2‬أيمن عقيل ‪ ،‬مكافحة الفساد‪ ،‬اإلطارالقانوني و التطبيق‪ ،‬مركزدعم التنمية والتأهيل املؤس�سي ‪ ،DISC‬القاهرة ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬انظراتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد لسنة ‪ ، 2003‬وثيقة األمم املتحدة رقم‪A/RES/58/4. :‬‬
‫‪ 4‬املعدل واملتمم بكل من القانون رقم ‪ 05-10‬والقانون رقم ‪. 15-11‬‬
‫‪ 5‬انظراملادة رقم ‪ 02‬من قانون ‪ 01/06‬املؤرخ في ‪ 2006/02/ 20‬املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد رقم‬
‫‪ 14‬بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪ ،2006‬ص‪.4‬‬
‫‪ 6‬انظرالباب الرابع املتعلق بالتجريم و العقوبات من قانون ‪ ،01/06‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪ 7‬عالء الدين شحاتة ‪ ،‬التعاون الدولي ملكافحة الجريمة‪ ،‬إتراك للنشرو التوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ‪ 84‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 8‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 90‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 9‬عالء الدين شحاتة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ 10‬انظر‪ :‬جون براندولينو‪ ،‬ديفيد لونا‪ ،‬معالجة الفساد عبراملعاهدات وااللتزامات الدولية‪ ،‬املوقع االلكتروني‪www.America.gov :‬‬
‫‪ 11‬جون براندولينو‪ ،‬ديفيد لونا‪ ،‬معالجة الفساد عبراملعاهدات وااللتزامات الدولية‪ ،‬نفس املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 12‬انظرمضمون االتفاقية الدولية ملكافحة الفساد لسنة ‪ ،2003‬وثيقة األمم املتحدة رقم ‪A/RES/58/4 .‬‬

‫‪461‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫نحو إطارتشريعي فعال يكرس مبدأ التعاون الدولي‬ ‫العدد التاسع‬
‫مارس ‪ 2018‬املجلد األول‬
‫في مكافحة الفساد‬

‫‪ 13‬مؤتمربالي لتعزيزالنزاهة و مكافحة الفساد‪ ،‬املوقع االلكتروني‪www.UNODC.org :‬‬


‫‪ 14‬مؤتمربالي لتعزيزالنزاهة و مكافحة الفساد ‪ ،‬املوقع االلكتروني‪www.UNODC.org :‬‬
‫‪ 15‬انظراملادة األولى فقرة ‪ 03‬من ميثاق األمم املتحدة و املتعلقة بأهداف املنظمة‪.‬‬
‫‪ 16‬املادة ‪ 07‬من ميثاق األمم املتحدة و املتعلقة بتعداد األجهزة الرئيسية للمنظمة‪.‬‬
‫‪ 17‬عالء الدين شحاتة‪ ،‬التعاون الدولي ملكافحة الجريمة‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ 18‬انظراملادة الثانية من النظام األسا�سي ملنظمة االنتربول‪.‬‬
‫‪ 19‬عالء الدين شحاتة‪ ،‬التعاون الدولي ملكافحة الجريمة‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.187‬‬
‫‪ 20‬عميمر نعيمة‪ ،‬دمقرطة األمم املتحدة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬فرع القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬كلية الحقوق بن‬
‫عكنون‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪ 359‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 21‬أيمن عقيل‪ ،‬مكافحة الفساد‪ ،‬اإلطارالقانوني والتطبيق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬املجتمع املدني‪ :‬الفاعل الجديد على املسرح الدولي‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪ ،159‬املجلد‪،40‬‬
‫القاهرة‪ ،2005 ،‬ص‪.68 - 67 :‬‬
‫‪ 23‬جون براندولينو‪ ،‬ديفيد لونا‪ ،‬معالجة الفساد عبراملعاهدات وااللتزامات الدولية‪ ،‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 24‬انظر‪ :‬جون براندولينو‪ ،‬ديفيد لونا‪ ،‬معالجة الفساد عبراملعاهدات وااللتزامات الدولية‪ ،‬املوقع االلكتروني‪www.America.gov :‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪462‬‬

You might also like