You are on page 1of 141

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬


‫جامعة منتوري– قسنطينة‪-‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬

‫النظام القانوني لألموال العامة في التشريع الجزائري‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‬

‫فرع " اإلدارة العامة و إقليمية القانون"‬

‫تحت إشراف األستاذ الدكتور‬ ‫إع ــداد الطالـب‬

‫طاشور عبد الحفيظ‬ ‫بومزبر باديس‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫د‪ -‬بوذراع بلقاسم ‪ ...............................‬أستاذ التعليم العالي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬رئيسا‪.‬‬

‫د‪ -‬طاشور عبد الحفيظ‪ ...................‬أستاذ التعليم العالي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬مشرفا و مقررا‪.‬‬
‫د‪ -‬بوعناقة السعيد‪......................................‬أستاذ محاضر ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬قسنطينة‪،‬‬
‫عضوا‪.‬‬
‫السنة الجامعية‪1121/1122 :‬‬

‫أهدي ثمرة هذا الجهد المتواضع إلى‬

‫‪ -‬الوالدين أطال اهلل يف عمرمها‬

‫‪ -‬إىل مجيع أفراد أسريت و أقربائي‬

‫‪ -‬إىل مجيع األساتذة األفاضل الذين تتلمذت على أيديهم‬

‫‪ -‬إىل الزميل بوتاغريوت عبد املليك‬

‫‪ -‬إىل كل الذين أحبوا هذا الوطن و سعوا بإصرار و تفاين جلعله متقدما أصيال‪ ،‬متميزا‬

‫معطاء‬
‫أتقدم جبزيل الشكر و عظيم التقدير إىل كل من كان له الفضل علي بعد اهلل‬

‫عزوجل يف إجناز هذا العمل املتواضع‪ ،‬و أخص بالذكر األستاذ املشرف الدكتور طاشور‬

‫عبد احلفيظ الذي قبل اإلشراف على هذا البحث رغم كثرة انشغاالته و التزاماته كما أتقدم‬

‫بشكري و عرفاين إىل كل من األستاذين بوذراع بلقاسم و بوعناقة السعيد ملشاركتهما يف‬

‫مناقشة هذه املذكرة‪.‬‬


‫المختصــرات‬

.‫ قانون األمالك الوطنية‬: ‫و‬.‫أ‬. ‫ق‬


. ‫ الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬: ‫ر‬.‫ج‬
.‫ديوان المطبوعان الجامعية‬:‫ج‬.‫م‬.‫د‬

R.D.P :revue de droit public.


O.P.U :office de presses universitaires.
OP.,cit : ouvrage cité.
L.G.D.J :librairie générale de droit et jurisprudence.
Ibid :même référence ou ici même.
éd : édition.
C.E :conseil d’état.
A.J.D.A :actualité juridique de droit administratif.
‫مقدمــة‬
‫تهدف اإلدارة إلى تقديم الخدمات لجمهور المواطنين وقضاء حاجــاتهم المتنوعــة وأن قيام‬
‫اإلدارة بوظائفها المتزايدة بعد أن أصبحت الدولة التـقـنع بالدور التقليدي الذي كانت تضطلع به في‬
‫ظل الدولة الحارسة يتطلب فضال عن الكفاءة في جهازها اإلداري‪ ،‬أن تكون مالكة للوسيلة المادية‬
‫التي تمكنها من أداء هذه المهام وتتمثل هذه الوسيلة باألموال التي تملكها فالمال العام يمثل في الوقت‬
‫الحاضر والمستقبل الركيزة األساسية القتصاديات الدول‪ ،‬فمن خالله تستطيع الدولة وضع خططها‬
‫المستقبلية بهدف تحقيق أغراض التنمية بشتى صورها وفي جميع المجاالت وصوال ألعلى معدالت‬
‫الرفاهية والتقدم ‪ ،‬فتلك غاية أساسية تسعى إليها غالبية الدول ‪.‬‬
‫لذلك كانت أمالك اإلدارة مثارا لإلهتمام القانـوني ‪ ،‬ذلـك أن مسـار التقـدم ووتيـرة الرقي‬
‫المدنـي تقـاس عادة بالتـحكم العقالني والعلمي في تنظــيم وتسييـر هذه األمــالك لذا فإن الحلول‬
‫القانونية السـديدة أو النجـــاح أو اإلخفـاق في جميع المجاالت ألي مذهب أو توجه تجد انعكاساتها‬
‫الواضحة في مدى نجاعة السياســة القانـــونية لهذا التنظيم ‪ ،‬وهو ما تجسد في توجهات األنظمة‬
‫الليبرالية أو االشتراكية ‪.‬‬
‫والجزائر اعتمدت النظامين الليبرالي واالشتراكي أو على األصح عايشت قواعدهما‬
‫القانونية ‪ ،‬فقد ورثت القواعد الليبرالية عن الدولة المستعمرة واستمرت هذه القواعد إلى غاية‬
‫السبعينيات حيث بدأت عملية التجديد القانوني بما سمي حينـذاك بالجزأرة من جهة وإعطاء صبغة‬
‫اشتراكية للقوانين من جهة أخرى ومع ذلك يمكن القول بأن الواقع العملي في اإلدارة الجزائرية‬
‫استمر حسب القوانين الموروثة عن العهد االستعماري خاصة ما تعلق منها بموضوع األمالك‬
‫الوطنية‪ ،‬بينما القوانين التي كانت تحمل توجها اشتراكيا وتؤيـد فكرة وحــدة أمـوال اإلدارة لم تجد‬
‫طريقها إلى التطبيق في أغلب األحيان‬
‫إن هذا التناقص والغموض وعدم مسايرة الواقع العلمي للنصوص هو الذي سيكون موضوع‬
‫هذه الدراسة تحت عنوان ‪ :‬النظام القانوني لألموال العامة في التشريع الجزائري وذلك وفـقا لقانون‬
‫األمالك الوطنية الجزائري باعتبار أن هذا النظام هو مجموعة من القواعد القانونية التي تستهدف‬
‫تمكين الدولة وغيرها من األشخاص العامة اإلدارية من استعمال المال العام على النحو الذي يتحقق‬
‫معه الهدف المرجو من تخصيص هذا المال للمنفعة العامة‪ .‬ونشير هنا إلى أن استعمال المصطلحين‬
‫(أموال عامة وأمالك وطنية) سيأتي بمعنى واحد في هذا البحث‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وهناك دوافع كثيرة جعلتنا نخوض في هذا الموضوع ومن بينها ‪:‬‬
‫إن الدراســات التي تناولـت هــذا الموضوع كانت جزئيــة كمــا أنها لــم تسايـر التطــــور‬ ‫‪-‬‬
‫التشـريعي لهذه األمالك وخاصة في الجزائر ‪ ،‬عالوة على أن بعضها تناولت النظام القانوني وفقا‬
‫لنظريات القانون اإلداري الفرنسي فقط والتي تجد أساسها في النظام الرأسمالي والجزائر لم تقتـصر‬
‫على هذا الجانب ‪ ،‬بل جربت الجانب المقابل على األقل وفي الغالب على مستوى النصوص ‪.‬‬
‫يالحظ أنه بعد االستقالل صدرت قوانين بتأميم بعض األمالك وإدخالها مباشرة في ملكية‬ ‫‪-‬‬
‫الدولة ‪ ،‬مما أدى إلى القول بأن أمالك الدولة قطاع موحد تبعا للفكر اإلشتراكي إال أنه من الناحية‬
‫الواقعية ظـــل التقسيم الثنائي لألمالك على النمط الفرنسي مستمرا باستمرار العمل بالقوانين الفرنسية‬
‫ليأتي في النهاية دستور ‪ 9191‬ليكرسه مرة ثانية ويليـه في ذلك قانون األمالك الوطنية لسنة ‪9111‬‬
‫المعدل والمتمم ‪.‬‬
‫تأكيـد القوانين ذات التوجه االشتراكي التي صدرت في السبعينيات على وحدة األمالك الوطنية‬ ‫‪-‬‬
‫وخاصة القانون المدني ودستور ‪، 9191‬غير أنه باالحتكاك مع التطبيق العملي إلدارة أمالك الدولة‬
‫واألشخاص العامة األخرى نجد التقسيم الثنائي لها إلى عامة وخاصة ‪،‬أي أن القول بوحدتها كان‬
‫حيث كانت اشتراكية حسب النصوص‬ ‫شكليا باإلضافة إلى التناقض في اإليديولوجية القائمة‬
‫ورأسمالية حسب التطبيق العملي ‪.‬‬
‫إن إدارة وتسيير هذه األمالك لم يؤديا الغرض منها وهو ضمــان التنميــة الوطنية وسبب‬ ‫‪-‬‬
‫ذلــك هو الالمباالة في تحديد نطاق وعناصر هذه األمالك باعتماد الجرد الجاد ومتابعة تحركها‬
‫وإعادة تقييمها وكذا عدم الجدية في توقيع العقوبات المقررة قانونا لحمايتها وانعكـس ذلك سلبا على‬
‫خزينة الدولة واألشخاص العامة األخرى ‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق تكمن مشكلة البحث في إيجاد األجوبة المناسبة للتساؤالت التي تثار في‬
‫موضوع بحثنا وأهمها ‪:‬‬
‫متى يعتبر مال اإلدارة ماال عاما ومتى يعتبر ماال خاصا ؟ و لماذا لم تستطع النصوص القانونية ضبط‬
‫معايير لهذه األمالك ؟ ماهي الطبيعة القانونــية لصــلة األشخاص العامة اإلقليمية باألمالك العامة ؟‬
‫ولماذا لم تفلح طرق إدارتها وتسييرها في تحقيق أهداف التنمية الوطنية ؟ ‪،‬وما مدى فعالية الحماية التي‬
‫أضفاها المشرع الجزائري على األمالك العامة ؟ ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إن اإلجابة على هذه التساؤالت السابقة تفترض إتبـــاع المنهج التحليلي من خالل معالجة‬
‫وتحليل النصوص واالتجاهات وكـذا المنهـــج المقارن بمقارنة التشريع الجزائــــري بالتشـريع‬
‫الفرنسي ‪ ،‬ذلك أن نظام الملكية العامة في الجزائر يبقى متأثرا إلى حد ما بالنظام الفرنسي‪.‬‬
‫وتظهر صعوبة البحث في هذا الموضوع في نـدرة المراجع والدراسات التي تناولت هذا‬
‫الموضوع بشكل مباشر‪ ،‬باإلضافــة إلى الغموض والتناقض في بعض النصوص ‪ ،‬بل بين نصــوص‬
‫القانون الواحـــد في صياغته العربية مع الترجمة الفرنسية حيث يتميز النص الفرنسي بالصياغة‬
‫السليمة باعتبار أنه األصل ‪ ،‬في حين أن النص العربي مترجم عنه ‪،‬كما أن عدم توفر األحكام‬
‫القضائية يمثل صعوبة أخرى ‪.‬‬
‫و من أجل معالجة هذا الموضوع اتبعنا الخطة التالية‪:‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬النظرية التقليدية ألموال اإلدارة‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المال العام‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معيار تمييز األموال العامة من األموال الخاصة‬
‫الفصل األول‪ :‬الطبيعة القانونية لألمالك الوطنية‬
‫المبحث األول‪ :‬مراجل تطور مفهوم األمالك الوطنية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دمج المال في األمالك الوطنية و عالقته باإلدارة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬إدارة و تسيير األمالك الوطنية‬
‫المبحث األول‪ :‬قواعد استعمال األمالك الوطنية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حماية األمالك الوطنية‬
‫و نختم هذا البحث بأهم النتائج المتوصل إليها‬

‫‪3‬‬
‫الفصل التمهيدي‬

‫النظرية التقليدية ألموال اإلدارة‬

‫عرفت الشرائع القديمة فكرة المال العام ‪ ،‬بداية من القدماء المصريين ( عصر الفراعنة )‬
‫مرورا بالعصر اإلغريقي ثم العصر الروماني فالعصر اإلسالمي حتى عصر الدولة الحديثة ‪ ،‬بل إن‬
‫تلك التشريعات القديمة قد عرفت نوعين من األموال ‪ .‬ففي قانون حمورابي نجد تمـييزا بين الملــكية‬
‫العامة و الملكية الخاصة و شملت الملكية العامة جميع األموال المخصصة للـمرافق العامة و‬
‫المخصــصة ألماكن العبادة ‪ ،‬و ما عدا ذلك فهي من األموال الخاصة (‪.)1‬‬

‫و لقد تشددت الفلسفة العقابية لهذه التشريعات في حالة االعتداء على األموال العامة فقد‬
‫اعتبر القانون الجنائي الفرعوني اإلعتداء على حرمة المعابد و األمالك العامة المخصصة لها و القبور‬
‫و نهب محتوياتها جريمة دينية تعرض مرتكبها لعقوبة اإلعدام(‪. )2‬‬

‫كذلك أقر قانون حمورابي اإلعدام لكل من يسرق من األموال المنقولة المملوكة للقصر‬
‫( ‪)3‬‬
‫الملكي أو ألحد المعابد العامة أو مجرد إخفاء تلك األشياء المسروقة‬

‫كما تشدد الرومان في حماية األموال العامة ‪ ،‬حيث اعتبرت جريمة سرقة المال العام من‬
‫الجرائم المقترنة بظروف مشددة (‪. )4‬‬

‫وعندما اندلعت الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر ‪ ،‬و تحقق لألمة سيادتها‬
‫‪( comité du‬‬ ‫بقضائها على الملكية المطلقة ‪ ،‬عهد إلى لجنة خاصة سميت بلجنة الدومين‬
‫)‪ domaine‬بمهمة وضع األحكام التي تخضع لها هذه األموال و انتهى األمر بصدور مرسوم صدر‬
‫بين ‪ 22‬نوفمبر و أول ديسمبر ‪. )5( 1980‬‬

‫(‪ )1‬نايف (حمد زيدان) ‪ ،‬الحماية الجنائية للمرافق و األموال العامة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق جامعة‬
‫القاهرة ‪ ، 1885 ،‬ص ‪. 12‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪GAUDEMET(Jean), Institutions de antiquité , Sirey , Paris ,1967 , P .87‬‬
‫(‪ )3‬نايف (حمد زيدان) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )4‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 14‬‬
‫(‪ 5‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬األموال العامة ‪ ،‬أبو العزم للطباعة ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪، 2002 ،‬‬
‫ص ‪. 25 ،‬‬

‫‪4‬‬
‫و قد أثار هذا التشريع جدال في الفقه حول موقف مشرع الثورة من وحدة أموال الدولة و دار هذا‬
‫النقاش حول معرفة المقصود بلفظ الدومين القومي )‪ ( le domaine national‬الوارد في نص‬
‫المادة األولى من هذا التشريع ‪ ،‬و لفظ الدومين العام )‪( le domaine public‬الوارد في نص المادة‬
‫الثانية من التشريع نفسه ‪.‬‬

‫و ذهب البعض إلى أن المشرع قد قصد باستعمال لفظ الدومين القومي في المادة األولى و لفظ‬
‫الدومين العام في المادة الثانية التفرقة بين نوعين من الدومين ‪ ،‬أحدهما قومي و يكون مملوكا لألمة و‬
‫يطلق عليه في الوقت الحاضر الدومين الخاص ‪ ،‬و اآلخر دومين عام و الذي يكون غير قابل للملكية‬
‫الخاصة (‪ . )1‬و يرجع ظهور التفرقة بين المال العام و المال الخاص المملوك للدولة في القانون الحديث‬
‫إلى الشراح األوائل للقانون المدني الفرنسي و لكنها لم تسوى كنظرية متكاملة إال على يد الفقيه "‬
‫فيكتور برودون " ) ‪ )2( ( victor proudhon‬و من هنا كان انتشارها في الفقه و القضاء و التشريع‬
‫على إثر أعمال هذا الفقيه ‪ .‬لذلك سنحاول في هذا الفصل التمهيدي التطرق لمفهوم المال العام‬
‫(المبحث األول) و معيار تمييز األموال العامة من األموال الخاصة (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫(‪ )1‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 22 ، 25‬‬


‫(‪ )2‬و هو عميد كلية الحقوق بديجون الفرنسية ‪ ،‬شارك في سن القانون المدني الفرنسي لسنة ‪ 1904‬و له كتاب‬
‫‪. traité du domaine public‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‬

‫مفهوم المال العام‬

‫تمثل األموال العامة الوسيلة المادية التي تستعين بها اإلدارة ألداء وظيفتها في تقديم‬
‫الخـدمـــات للجمهور في حين يمثــل الموظفون الوسيلة البشــرية ‪ ،‬وقد أثارت نظرية األموال العامة‬
‫و تحديد مفهوم المال العام خالفا في الفقه‪ ،‬نظرا لعدم تحديدها على وجه الدقة مما أدى إلى اختالف‬
‫الفقه حول تحديد كثير من المسائل التي تتعلق بالمال العـــــام في الحاالت التي لم يحدد المشرع‬
‫اتجاهها موقفا واضحا وتتعـــــــدد عناصـر المـــال العام و تنقسم محتويـــاته إلى عـــــدة تقسيمات‬
‫لذلك ســـوف نتطـــرق في هذا المبحث إلى التعــريف بالمال العام و المـــال الخاص (المطلب األول)‬
‫و مكونات األموال العامة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫التعريف بالمال العام و المال الخاص‬

‫تعـــد نظـرية األموال العامة من أكثـــــر النظــريات القانونيــة تأثرا باألفكــــار السياسيــــــة‬
‫و االقتصادية التي تسود النظم المختلفة‪ ،‬ففي أغلب األنظمة الرأسمالية تقوم النظرية التقليدية لألموال‬
‫العامة بالتفريق بين نوعين من أموال الدولة‪ ،‬أولهما تملكه الدولة ملكية عادية أسوة بملكية األفراد‬
‫ألموالهم‪ ،‬و ال تخصص للنفع العام و هي تخضع بصورة عامة ألحـكام القانون الــخاص و تسمى‬
‫باألموال الخاصة أو الدومين الخاص‪ ،‬و النوع الثاني هي األموال التي تملكــها الدولـــة و التي‬
‫تخصص للنفع العام‪ ،‬و هي تخضع لنظام قانوني يغاير النظام الذي تخضع له أموال الدولة الخاصة‪،‬‬
‫فال يجوز حجزها أو التصرف فيها أو تملكها بالتقادم‪.‬‬

‫ولذلك سنتطرق في هذا المطلب إلى التعريف بالمال العام (الفرع األول)‪ ،‬و المــــــال الخاص‬
‫أو األموال الخاصة للدولة(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفرع األول‬

‫التعريف بالمال العام‬

‫إن مدلول المال يصدق على كل شيء ذي قيمة مالية ‪ ،‬فكما يعد الحق العيني أصليا كان أو‬
‫تبعيا ماال ‪ ،‬فكذلك الحق الشخصي و الحق الذهني في و جهه المالي (‪. )1‬‬

‫و األموال في بادئ األمر كانت تقتصر على األشياء المادية سواء كانت منقولة أم ثابثة‬
‫كاألراضي و األثاث ‪ ،‬إال أنها أصبحت بعد ذلك تشتمل على كل ما يكون جزءا من الذمة المالية سواء‬
‫كانت مادية أم معنوية ‪ .‬و قد أوردت بعض التشريعات تعريفا للمال في نصوصــها و اكتفت تشريعات‬
‫أخرى بالتعاريف التي أوردها الفقه للمال فلم تعرفه في نصوصها (‪. )2‬‬

‫( ‪)3‬‬
‫فالمـال هو‬ ‫فقد عرف القانون المدني العراقي المال بأنه ‪ ( :‬هو كل حق له قيمة مادية )‬
‫( ‪)4‬‬
‫ذو القيمة المالية سواء كان حقا عينيا أم حقا من الحقوق األدبية أو الفنية أو الصناعية‬ ‫الحق‬
‫فالمشرع قد جعل األموال مرادفة للحقوق المالية التي تكون محلها األشياء التي ال تخرج عن التعامل‬
‫سواء بطبيعتها أم بحكم القانون مادية كانت أم غير مادية ‪ ،‬و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 21‬من القانون‬
‫المدني العراقي ‪.‬‬

‫والحقوق إما أن تكون حــقوقا ماليـــة أو حقــوقا غير مالية كحقــوق األسـرة أو الحقوق‬
‫السياسـية ‪،‬أما الحق المالي فهو مصلحة ذات قيمة مالية يقرها القانون(‪، )5‬وهو يقسم إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫الحقوق العينية والشخصية والمعنوية ‪.‬‬

‫وتنقسم األموال إلى أقسام عديدة ‪ ،‬فهي تقسم إلى أموال ثابتة ومنقولة بالنظرإلى طبيعتها وإلى‬
‫أموال مملوكة وموقوفة ومباحة بالنظر إلى تعلق الحقوق بها ‪ ،‬وإلى أموال خاصة وعامة بالنـــظر‬

‫(‪ )1‬كيرة( حسن) ‪ ،‬أصول القانون المدني ‪ ،‬الحقوق العينية األصلية ج‪ ، 1‬ط‪ ، 1‬اإلسكندرية ‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف‪ ، 1825 ،‬ص‪. 5‬‬
‫(‪ )2‬من هذه التشريعات القانون المدني الفرنسي ‪.‬‬
‫(‪ )3‬المادة (‪ )25‬من القانون المدني العراقي ذي الرقم (‪ )40‬لسنة ‪. 1851‬‬
‫(‪ )4‬الحق هو سلطة أو مكنة أو ميزة يخولها القانون للشخص فيكون له بمقتضاها أن يقوم بأعمال معينة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬مبارك (سعيد عبد الكريم) ‪ ،‬شرح القانون المدني العراقي ‪ ،‬الحقوق العينية األصلية ‪ ،‬ط‪ ، 1‬بغداد‬
‫دار الحرية للطباعة ‪ ، 1893،‬ص ‪. 18‬‬

‫‪7‬‬
‫إلى مالكها ‪ ،‬فضال عن تقسيمات أخرى نص القانون على بعضها صراحة ‪ ،‬وأشار إلى بعضها داللة ‪،‬‬
‫وسكت عن البعض اآلخر فتكفل الفقه ببيان ماهيتها ‪.‬‬

‫وما يهمنا من هذه التقسيمات هوتقسيم األموال إلى عامة وخاصة بالنظر إلى مالكـها‬
‫وعلى األخص منها المال العام ألنه موضوع بحثنا ‪.‬‬

‫وقد عرف المال العام بأنه ‪ " :‬المال المملوك للدولة سواء كان مملوكا ملكية عامة تمارس‬
‫عليه الدولة سلطاتها بصفتها صاحبة السلطة العامة ‪ ،‬أو مملوكـــا ملكية خاصة ويخضع لقواعد‬
‫‪ ،‬كما عرف بأنه ‪ " :‬مجموعة من األموال التي تعود إلى السلطة العامة " (‪. )2‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫القانــــون الخاص "‬

‫ويالحظ في هذا المجال أن الفـقه قد خلــط بين مفــهوم المال العام بمعنى المال المملوك‬
‫( الدومين‬ ‫لمجموع األمة وبين مفهوم المال العام بمعنى األموال العامة المخصصة للنفع العام‬
‫العام ) من جهة أخرى ‪ ،‬إذ غالبا ما يستخدم مصطلح المال العام ويكون القصد منه تلك األموال التي‬
‫تعود للدولة والتي تخصص للنفع العام أي الدومين العام ‪.‬‬

‫كما عرف القضاء الفرنسي األموال العامة بأنها" األموال التي تعود إلى شخص معنوي في‬
‫القانون العام و هي ترتبط به سواء عن طريق تحديد القانون أو تعيينها لالستخدام المباشر العام(‪.)3‬‬

‫ويقصد بالدومين العام األموال التي تملكها الدولة أو األشخاص المعنوية العامة األخرى ملكية‬
‫عامة و هي تخضع للقانون العام و تخصص للنفع العام كالطرق و شواطئ البحر و األنهار و الموانئ‬
‫و الحدائق العامة‪ ،‬و األصل أن ال تفرض الدولة رسمـا أو مقابال لالنتفاع به و استعماله إال في حاالت‬
‫خاصة بهدف تنظيم هذا االنتفاع(‪.)4‬‬
‫(‪)1‬‬
‫سالم (رفيق محمد)‪ ،‬الحماية الجنائية للمال العام‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ 1884 ، 2‬ص ‪. 131‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪CAMBIER( Gyr), droit administratif , maison ferdinand larcier ,‬‬
‫‪Bruxelles ,1968 , p .327 .‬‬

‫‪TOURET (denis), droit public administratif, paris, rue saint jacques,‬‬


‫)‪(3‬‬

‫‪1995, p 194.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫بعلي ( محمد الصغير) ‪ ،‬أبو العال ( يسرى ) ‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬النفقات العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬الميزانية‬
‫العامة‪ ،‬عنابة‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،2003 ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪8‬‬
‫و يورد جانب من الفقه(‪ )1‬عند تعريفه للمال العام ( وهو يقصد مجموع أموال الدولة ) تعريف‬
‫الدومين العام ‪ ،‬في حين أن الدومين العام ما هو إال أحد أقسام أموال الدولة فضال عن الدومين الخاص‬
‫وأن هـذا الخلط يرجع إلى استعمال مصطلــح المال العـام للـداللة على معنييـن‬

‫أولها يشير إلى مجموع األموال التي تعود للدولة ( أي الدومين العام والخاص ) ‪،‬وثانيهما للداللة على‬
‫األموال التي تعود للدولة أو لألشخاص المعنوية العامة والتي تخصص للنفع العام ‪ ،‬وهي األموال التي‬
‫أطلق عليها الفقه تسمية الدومين العام تمييزا لها من أموال الدومين الخاص ‪.‬‬

‫لذلك يمكننا أن نعرف المال العام بأنه ‪ " :‬مجموع األموال المملوكة للدولة أو األشخاص‬
‫المعنوية العامة األخرى " ‪.‬إذ يتجه الرأي السائد نحو القول بملكية الدولة ألموالها العامة فضال عن‬
‫أموالها الخاصة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫التعريف بالمال الخاص‬
‫أما أموال الدولة الخاصة (الدومين الخاص)هي األموال المملوكة للدولة أو األشخاص‬
‫المعنوية العامة ملكية خاصة وال تخصص للنفع العام‪ ،‬وللدولة أو األشخاص المعنوية العامة الحق في‬
‫استــغاللها أو التصرف فيها كتصرف األفراد في أموالهم الخاصة‪ .‬وهي تخضع ألحكام القانون‬
‫( ‪)3‬‬
‫ومن أمثلتها الدومين العقاري‬ ‫الخاص (‪ ،)2‬وتخضع المنازعات بشأنها لرقابة القضاء العادي‬
‫والدومين التجاري والصناعي والدومين المالي ( األسهم والسندات)‬
‫وتتمثل أهمية هذ ه األموال بأنها تنمي موارد الدولة ‪ ،‬فتعمل على تزويدها بما تنتجه من عوائد و‬
‫غالت وثمار ‪،‬ويكون لها الحق في استغاللها ماليا بالطرق المقررة قانونا ‪ ،‬سواء عن طريق االستغالل‬
‫المباشر لها أو عن طريق تأجيرها (‪. )4‬‬
‫‪la location des biens du domaine privé aux particuliers prend la forme,‬‬
‫‪dans le carde du service, de concession de lodgment aux agents publics et‬‬
‫)‪hors service, de contrat privé de location d’immeubles et meubles(5‬‬
‫(‪ )1‬حيث عرف األستاذ محمد كامل مرسي األموال المخصصة للمنافع العامة ‪ ،‬وهي في يد الحكومة بصفتها‬
‫حارسة عليها ‪ ،‬أما ملكيتها فلألمة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬السنهوري (عبد الرزاق) ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام اإلثبات ‪،‬‬
‫آثار االلتزام ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪، 1829 ،‬ص ‪. 154‬‬
‫(‪ )3‬السالمي (مهدي ياسين) ‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري ‪ ،‬بغداد‪ ،‬مديرية دار الكتب للطباعة والنشر‬
‫‪ ،1883‬ص ‪. 394‬‬
‫(‪ )4‬أبو زيد (محمد عبد الحميد)‪ ،‬حماية المال العام ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ، 1899 ،‬ص ‪10‬‬
‫‪(5) le parisien, celine carez, emeline cazi et francois vignolle, droit adminstratif,‬‬

‫‪domaine public et domaine prive, regime juridique, sur‬‬


‫‪www.denistouret.fr/Drt adm/ domaine regime juridique, html le 22/11/2011.‬‬

‫‪9‬‬
‫فالمال العام وسيلة من الوسائل التي تستعين بها اإلدارة ألداء وظيفتها ‪ ،‬فلم تعد وظيفة الدولة تقتصر‬
‫على حفظ النظام العام بمدلوالته التقليدية ( األمن العام والسكينة العامة والصحة العامة ) وهي‬
‫الوظائف التي كانت تقوم بها الدولة الحارسة ‪ ،‬بل تعدت هذه الوظيفة وأصبحت تساهم وتتدخل في‬
‫النشاط االقتصادي وتوجهه الوجهة التي تتالءم مع الفلسفة التي تؤمن بها ‪.‬‬

‫‪La gestion du domaine privé relève, en principe, du droit privé. Mais,‬‬


‫‪par exception, le domaine privé peut etre soumis a certaines règles‬‬
‫‪de droit public.‬‬

‫و تستمد قواعد تسيير األموال الخاصة من القانون الخاص بصفة عامة إذ تكون اإلدارة في‬
‫موضع المالك العادي‪ ،‬و بالتالي فهي تملك ممارسة الحقوق المعترف بها في القانون الخاص للمالك‪،‬‬
‫فتملك استعمال المال مباشرة أو تحويله لالستعمال الغير و االنتفاع به‪ ،‬كما يمكن أن تخضع هذه‬
‫األمـوال لبعض االلتزامات التي تخضع لـــها الملكية الخاصة كاإلرتفاقات المحددة بالقانون المـــدني‬
‫و نزع الملكية للمنفعة العامة و التعويض عن األضرار الناتجة عن التسيير(‪.)1‬‬

‫غير أن األموال الخاصة ال تخضع كلية للقانون الخاص‪ ،‬بل في كثير من األحيان ما تتمتـع‬
‫اإلدارة بشـأنها بامـتيازات‪ ،‬فلها ممارسة سلطتــها التنظيمية علـيها كما يمكن لها اللجوء لنزع الملكية‬
‫للحصول على عناصر تبقى ضمن أموالها الخاصة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪GODFRIN (PH) droit administratif des biens, paris, masson, collection‬‬
‫‪droit et sciences économiques, 3éd, 1987, p 15.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫مكونات األموال العامة‬

‫اختلف الفقـه في تصنيف األمـوال العامة لبيان مـحتوياتها أو مكــوناتها و عنـاصرها فذهب‬
‫البعض إلى تصنيفها وفقا للشخص العام المالك للمال (الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية)‪ ،‬و ذهب آخرون إلى‬
‫إقامة التصنيف على أساس طبيعة المال (عقارات و منقوالت)‪ ،‬و قسمها البعض اآلخر على أساس‬
‫نشأة المال و مكان وجوده إلى (أموال عامة طبيعية أو اصطناعية‪ ،‬أموال عامة برية‪ ،‬بحرية‪ ،‬نهرية و‬
‫جوية)‪.‬‬

‫لذلك سنتنـاول في هذا المطلب تصنيف األموال العامة من حيث طبيعتها و الجهة اإلدارية‬
‫المالكة لها(الفرع األول)‪ ،‬و األموال العامة حسب نشأتها و مكان تواجدها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫من حيث طبيعتها و الجهة اإلدارية المالكة لها‬

‫األموال العامة من حيث طبيعتها إما عقارات أو منقوالت‪ ،‬و تشكل العقارات الجزء المهم من‬
‫هذه األموال العامة‪ ،‬و لم يثر أي أشكال في اإلعتراف للعقارات بالصفة العامة إال في بداية ظهور‬
‫التفرقة حيث تم استبعاد الكثير منها من األموال العامة و خاصة المباني باعتبارها قابلة للتملك الخاص‪،‬‬
‫ثم تم التخلي عن هذه الفكرة بتطبيق المعيار القضائي‪ ،‬أما المنقوالت فقد استبعدت في البداية نهائيا من‬
‫عناصر األموال العامة لنفس السبب السابق‪ ،‬وخاصة أنها تخضع لقاعدة‪ :‬الحيازة في المنقول سند‬
‫الملكية‪.‬‬

‫وبظهور معيار التخصيص للمنفعة العامة أصبح باإلمكان تخصيصها لتحقيق هذه المنفعة فدخلت‬
‫بالتالي ضمن األموال العامة و من أمثلة ذلك‪ :‬اللوحات الفنية في المتاحـف و الوثــائق الوطنية وغيرها‬
‫من المنقوالت المادية(‪.)1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فالنظرية الفرنسية ال تأخذ بعين اإلعتبار المنقوالت غير المادية كحقوق التأليف أو ما يسمى بالملكية الثقافية‪ ،‬و‬
‫قد بدأت البحوث حول هذا الموضوع حديثا‪ ،‬أنظر‪ALLARD (R) et autres, le droit administratif :‬‬
‫‪du domaine public et de la voirie, paris, bibliothèque de l’institut de topométrie,‬‬
‫‪eyrolles editon , 1975 , p50.‬‬

‫‪11‬‬
‫أما األمــوال العامة من حيث الــجهة اإلدارية المـالكة لها فتـتوزع على األشخاص العامة‬
‫التالية‪ :‬الدولة‪ ،‬الواليات‪ ،‬و البلديات و يدخل في األولى الطرق ذات الفائدة الوطنية و الطرق العسكرية‬
‫و السكك الحديديــة ذات المنفــعة العامة‪ ،‬شــواطئ البـحار‪ ،‬التـحصينات العسكــرية‪ ...‬و غيرها‪،‬‬
‫ويدخل في الثانية أي األموال العامة للواليات الطرق التابعة لها و السكك الحديدية ذات الفائدة‬
‫المحلية‪،‬و يدخل في الثالثة الطرق البلدية و األسواق المغطاة و المقابر و الساحات و مواقف السيارات‬
‫و غيرها(‪.)1‬‬

‫أما المؤسسات العامة فقد اعترف لها القضاء بملكية األموال العامة إال إذا ورد نص يضفي‬
‫على أموالها الصفة الخاصة‪ ،‬و بقي النقــــــاش قائما حول المؤسسات العامة ذات الصبغة الصنـــاعية‬
‫و التجارية‪ ،‬و قد تم مؤخرا في حكم كان موضع تعليقات كثيرة اإلعتراف لها بذلك(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫من حيث نشأتها و مكان تواجدها‬

‫األموال العامة من حيث نشأتها إما طبيعية أو اصطناعية‪ ،‬و األموال العامة الطبيعية هي تلك‬
‫التي ساهمت الظواهر الطبيعية في إنشائها‪ ،‬و بتكاملها تصبح هذه األموال مناسبة لالستعمال العام من‬
‫قبل الجمهور كشواطئ البحار‪ ،‬أو متـوافـقة مـع هدف أحد المرافق العـامــة كالـمراسـي و المرافئ‪ ،‬و‬
‫األموال العامة االصطناعية هي التي تحتاج إلى تغييرها عن طبيعتها األصلية بعمل اإلنسان لتتوافق‬
‫مع الهدف الذي خصصت له(‪.)3‬‬

‫واعتمد هذا التقسيم في النصوص القانونية لسهولته‪ ،‬و تكمن أهميته في أن اإلدارة تكتفي‬
‫بمالحظة الظواهر الطبيعية و التصرف بمقتضاها بالنسبة لألموال الطبيعية‪ ،‬إذ أن قرار التخصيص و‬
‫معاينة الحدود هو قرار كاشف لحدود هذه األموال حيث يقف دور اإلدارة بالنسبة لهذه األموال عند هذا‬
‫الحد‪ .‬أما بالنسبة لألموال االصطناعية فإن تدخل اإلدارة فيها واسع المجال‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪GODFRIN (PH), droit administratif des biens, paris, masson,2°ed,‬‬


‫‪1983, p 24.‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫‪C.E, 21 mars 1984, MANSAY R.D.P.N°4.1984.p1059.‬‬

‫)‪(3‬‬ ‫‪GODFRIN (PH), op.cit,p.19.‬‬

‫‪12‬‬
‫أما من حيث مكان تواجدها فتتوزع األموال العامة إلى أموال عامة بحرية‪ ،‬نهرية‪ ،‬جوية و‬
‫بريــة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األموال العامة البحرية‪:‬‬
‫وتضم جميع األموال و األشياء التي أنشأتها الظواهر الطبيعية أو عمل اإلنسان و تم تخصيصها‬
‫للصيد و المالحة البحرية أو الستعمال الجمهور مباشرة‪ ،‬و جميعها تدخل في ملكية الدولة(‪.)1‬‬

‫أ ‪ -‬العناصر الطبيعية‪:‬‬

‫شواطئ البحار‪ :‬و هي األراضي التي تمتد بجوار البحر و تغطيها مياه المد العالي ثم تكشف‬ ‫‪-‬‬
‫عنها مياه المد المنخفض وتضم بذلك كافة األراضي و األشياء التي تغطيها المياه خالل فترة المد‬
‫العالي و كذلك مصبات األنهار التي تنتهي عندها(‪.)2‬‬

‫اإلمتداد القاري‪ :‬وهو األرض الممتدة أسفل المياه اإلقليمية‪ ،‬و التي تتراوح حسب الدول بين‬ ‫‪-‬‬
‫ثالثة أميال و اثنى عشرة ميال بحريا‪ .‬وتضم التربة و باطنها‪ ،‬و من حق الدولة الشاطئية استغاللها دون‬
‫غيرها من الدول إذ تخضع لرقابتها و ذلك طبقا للقانون الدولي العام‪.‬‬

‫طرح البحر و أكله‪ :‬و طرح البحر هو الرواسب الطينية التي تتكون على الشواطئ أو خارجها و‬ ‫‪-‬‬
‫أكل البحر هي األراضي التي كشفت عنها المياه و لم تعد تغطيها نهائيا‪.‬‬

‫‪-‬البحيرات المالحة‪ :‬وهي أجزاء انفصلت عن البحر و لم تعد تتصل به إال بمجار ضيقة و صالحة‬
‫للمالحة و مراقبة السواحل‪ ،‬أما التي ال تتوفر لها هذه الشروط فتضم إلى األموال الخاصة‪.‬‬

‫المرافئ و المراسي‪ :‬و هي النتوءات و الفجوات الطبيعية المشكلة على ساحل البحر بشكل تكسر‬ ‫‪-‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫به حدة األمواج‬

‫ب ‪-‬العناصر االصطناعية ‪:‬‬

‫– مشروعات استخالص أراضي البحر‪ :‬و هي التي تستهدف إبعاد المياه عن قطعة أرض بحرية بإقامة‬

‫‪Ibid, p 25.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أما بالنسبة للبحر‪ ،‬فهو ملك للبشرية جمعاء‪ ،‬و يستعمله الجميع‪ ،‬و بالتالي ال يدخل في الدومين العام‪.‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪DEMENTHON (H), traite du domaine de l’etat, 2°éd, paris, librairie‬‬
‫‪DALLOZ, 1964, p28.‬‬

‫‪13‬‬
‫جسور حولها ‪ ،‬و يقوم بهذه العملية ملتزمون هدفهم تملك األرض المستخلصة بمقتضى اتفاق مع‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫– الموانئ ‪ :‬و هي مناطق من الشاطــئ أدخلت عليها تعديالت لتصــبح صالحة لخدمة المالحــة و‬
‫تضم حواجز األمواج و أحواض التصليح و آالت الرفع و أجهزة االتصال و غيرها مما هو ضروري‬
‫لتسهيل المالحة ‪ .‬و تمتد بذلك الصفة العامة للميناء و مياهه و المنشآت التي تتواجد به ‪.‬‬

‫– المنارات وعالمات اإلرشاد‪ :‬و هي أجهزة مقامة على الساحل و في مناطق مرور خطوط المالحة‬
‫بقصد تسهيلها و إرشاد السفن إلى طريقها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عناصر األموال العامة النهرية ‪ :‬و تتكون من المجاري المائية العذبة و البرك المتكونة فيها‬
‫بفعل الطبيعة و المنشآت التي تسهل عملية توزيع المياه و تنظيم المالحة في األنهار ‪.‬‬
‫أ ‪-‬العناصر الطبيعية ‪:‬ومنها‬
‫‪-‬األنهار و فروعها ‪ :‬و تدخل في األموال العامة بشرط قابليتها للمالحة و نقل األخشاب بالطفو و‬
‫تقتصر الصفة العامة بمقتضى قانون ‪ 8‬أفريل ‪ 1910‬على األنهار الصالحة للمالحة و نقل األخشاب‬
‫بالطفو و التي تتضمنها قائمة رسمية ‪ ،‬و بالتالي لم يعد للقاضي سلطة تقديرية في هذا المجال (‪. )1‬‬
‫و يدخل في األموال العامة أيضا المجاري المائية التي تغذي األنهار السابقة أو توفر الموارد المائية‬
‫للزراعة و مياه الشرب و كذلك إلى كافة فروعها ‪.‬‬
‫‪-‬البرك الصالحة للمالحة ‪ :‬و هي تجمعات المياه التي تكون صالحة للمالحة أو تعتبر مصدرا للمياه‬
‫الالزمة للـزراعة و مياه الشرب و الصناعة ‪ .‬و تشتمل الصــفــة العـامة البـرك أو الـنـــهر و مياهه و‬
‫أرضه و شواطئه إلى أعلى نقطة يصل إليها منسوب المياه في حالة الفيضان العالي قبل تسرب المياه‬
‫خارج المجرى ‪.‬‬
‫‪ -‬المياه العامة ‪ :‬و هي تلك المجمعة من مياه األمطار من قبل اإلدارة بأجهزة خاصة ‪ ،‬إذ تمتد‬
‫الصفة العامة لمنشآت التجميع و تخرج منها المياه المحتملة التجميع و التي جمعتها اإلدارة‬
‫بمقتضى حقوق مجاورتها ألحد األنهار ‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪AUBY (J.M) et DUCOS – ADER (R) , les grands services publics et‬‬
‫‪entreprises nationales , 2- transport – énergie , THEMIS – droit , P.U.F 1973 ,‬‬
‫‪P 247.et s .‬‬

‫‪14‬‬
‫ب ‪ -‬العناصر االصطناعية‪:‬‬
‫‪ -‬المساقي و التفريعات النهرية ‪ :‬و المساقـــي هي قنوات لسحــب مياه النهــر لالنتفاع بها في‬
‫الزراعــة و الصناعــة و مياه الشرب ‪ ،‬و التفـريعات النهرية هي مجاري صناعية لتوسيع النهرفي‬
‫بعض المواقع تسهيال للمالحة و طفو األخشاب ‪ ،‬و هي أموال عامة حتى لو امتدت في أراضي مملوكة‬
‫لألفراد ‪.‬‬
‫‪ -‬تــرع الري و قنوات المالحة ‪ :‬و هي كافـــة المجاري االصطناعية التي تستخــدم للمالحـــــة أو‬
‫الـــري و أماكن تجميع المياه و المصارف العامة و كل ملحقاتها ‪.‬‬
‫‪ -‬منشآت المالحة و الصيد ‪ :‬و منها الموانئ المقامة على المجاري النهرية و الصـالحة للمـالحة و كل‬
‫ملحقاتها من أرصفة و أحواض التصـليح و اآلالت الـرافعة و غيرهـا مـما يسـهل الـمالحة و الصيد ‪.‬‬
‫‪ -‬المجاري المائية المستخدمة إلنتاج الكهرباء ‪ :‬و هي التي تعطي فيها سرعة المياه و طبيعة‬
‫المجرى إمكانية إقامة السدود بقصد توليد الكهرباء ‪ ،‬و تمتد الصفة العامة لكافة منشآت المقامة على‬
‫المجرى بشرط عدم دخولها في ملكية الملتزم بتشغيل هذا المرفق (‪. )1‬‬

‫ثالثا‪ :‬األموال العامة الجوية ‪:‬‬

‫و يدخل فيها الجو الذي يعلو إقليم الدولة ‪ ،‬إال أن سلطتها هنـا ال تتعدى الضبط اإلداري كما هو‬
‫الحــال بالنســبة للمياه اإلقليمية ‪ .‬ومن عناصــرها أيضــا المــطارات المملوكـــة لإلدارة و ملحقاتها‬
‫اإلضاءة‬ ‫من منشآت الرصد الجوي و حظــائـر اإليواء و تصليح الطائرات و عالمات اإلرشاد و‬
‫وكل ما هو ضروري لكي تؤدي هذه األموال الهدف الذي رصدت له (‪. )2‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪GODFRIN (PH), op. cit., P .32‬‬

‫(‪ )2‬محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المركز القانوني للمال العام ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.08‬‬

‫‪15‬‬
‫رابعا ‪ :‬األموال العامة البرية‪ :‬ومنها‪:‬‬
‫– الطرق العامة ‪ :‬و تشــمل كافة الطـرق ما عدا الريفية إذ تدخل في المــلكية الخـاصة للقـــرى و‬
‫تمتد الصفة العامة إلى كافة ملحقات الطرق العامة من أرصفة ‪ ،‬قنوات صرف المياه ‪ ،‬محطات انتظار‬
‫وسائل النقل‪ ،‬لوحات اإلعالنات و اإلرشادات ‪ ،‬األشجار الجانبية و أعمدة اإلنارة ‪ ،‬و ال يؤثر على‬
‫عمومية هذه األموال فرض رسوم على مستعمليها (‪. )1‬‬
‫– خطوط السكك الحديدية‪ :‬و تعتبر من األموال العامة بشرط ملكيتها لإلدارة إذ تخرج منها إمداداتها‬
‫في بعض الملكيات الخاصة لتسهيل نقل البضائع و المواد الخام ‪ ،‬و تضم إليها كل ملحقاتها الضرورية‬
‫لتقديم خدمة النقل ‪.‬‬
‫– خطوط اإلتصال الهاتفية و التلغرافية ‪ :‬إذ تضفى الصفة العامة على كل األموال التي تساعد في‬
‫تقديم هذه الخدمة من أعمدة ‪ ،‬خطوط ‪،‬أجهزة تضخيم ‪،‬محطات إرسال و استقبال ‪.‬‬
‫– شب‬
‫كات توزيع المياه و الكهرباء و الغاز‪ :‬و تدخل ضمن األموال العامة بشرط ملكيتها لإلدارة و ليس‬
‫للملتزم القائم بتشغيلها‪ ،‬كما تمتد صفة العمومية إلى الملحقات الضرورية لتقديم هذه الخدمات من‬
‫خزانات و مياه و أجهزة توليد الكهرباء‪.‬‬
‫– األموال العسكرية ‪ :‬و منها التحصينات العسكرية و ملحقاتها و الطرق اإلستراتيجية و القواعد و‬
‫المطارات العسكرية و مصانع األسلحة ‪ ...‬و غيرها ‪.‬‬
‫– اآلثار و األموال ذات القيمة الفنية ‪ :‬و تستوي في ذلك العقارات و المنقوالت ‪ .‬و تمتد الصفة العامة‬
‫إلى أماكن حفظها أي الكنائـس و المباني التاريخية و المتاحف و المسارح العامة (‪. )2‬‬
‫– األموال المخصصة للخدمات االجتماعية ‪ :‬كاألسواق العامة و المقابر ‪ ...‬وغيرها وكلها تقدم خدمات‬
‫(‪)3‬‬
‫مباشرة للجمهور و أطلقـت هذه التسمية تماشيا مع المدلـول الشامل للمال العام‬

‫)‪(1‬‬
‫‪TEITGEN-COLLY (C), Le principe de gratuite de la circulation, R.D.P., N°‬‬
‫‪4/1982. P. 1081 : A.J.D.A., N° 1/82. Chronique d’inf. : Il n’existe aucun‬‬
‫‪principe de gratuite‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪AUBY (J.M) et autre, Les grands services publics, op.cit.,P.139 et s.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪AUBY (J.M) et autre , Les grands services publics , op.cit.,P. 72.‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫معيار تمييز األموال العامة من األموال الخاصة‬

‫تظهر أهمية تمييز الدومين العام من الدومين الخاص في اختالف األنظمة القانونية التي تخضع‬
‫لها‪ ،‬إذ يخضع الدومين الخاص بعامة ألحكام القانون الخاص‪ ،‬وفي حالة حصول نزاع حول أموال‬
‫الدومين الخاص فإن القضاء المدني هو الذي يختص بالنظر في هذا النزاع‪ ،‬أما أموال الدومين العام‬
‫فتخضع ألحكام القانون العام و تمتاز بحماية خاصة نظرا لما تقوم به من تحقيق المنفعة العامة‪ ،‬فال‬
‫يجوز حجزها أو التصرف فيها أو تملكها بالتقادم‪ ،‬و في حالة حصول نزاع حول أموال الدومين العام‬
‫فإن القضاء اإلداري هو الذي يختص بالنظر في هذا النزاع‪ ،‬لذلك فقد اختلف الفقهاء و تباينت‬
‫النظـــريات التي قيلت في محاولة تحــــديد معيار محدد للتفريق بيـــن الدومين العام و الدومين‬
‫الخاص‪ ،‬فهناك من الفقهاء من يرى أن المعيار الذي يميز األموال العامة هو معيار طبيعة المال ذاته‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬و هناك من يرى بأن فكرة التخصيص تعتبر أساسا جيدا لتمييز األموال العامة من‬
‫األموال الخاصة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫معيار طبيعة المال‬

‫أول المعايير الذي ساد في الفقه الفرنسي هو المعيار الذي يذهب إلى أن العبرة بطبيعة المال ذاته‬
‫لتمييز األموال العامة من الخاصة‪ ،‬إذ ال يعد ماال عاما إال ما كان بطبيعته غير قابل للملكية الخاصة‬
‫لذلك فإن صفة العمومية موجودة في المال العام قبل أن تعترف له بها اإلدارة و أن اعتراف اإلدارة له‬
‫بها ليس إال عمال كاشفا من جانبها و ليس منشئا(‪ .)1‬و يرى أنصار هذا المذهب أنه من أجل عد المال‬
‫عاما يجب أن يكون مخصصا الستعمال الجمهور مباشرة‪ ،‬ألنه بهذا التخصيص يصبح المال بطبيعته‬
‫غير قابل للملكية الخاصة‪.‬‬

‫و يمثل فقه هذه المدرسة رأيان قال بهما الفقيه ديكـروك (‪() Ducrocq‬الفـــرع األول)‬
‫والفقيه بارتيلمي( ‪( )Berthélémy‬الفرع الثاني)‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫السنهوري (عبد الرزاق) ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ،‬حق الملكية‪ ،‬الجزء الثامن‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ، 1829 ،‬ص ‪.84‬‬

‫‪17‬‬
‫الفرع األول‬

‫رأي ديكروك‬

‫اعتمد ديكروك في نظريته على نصوص القانون المدني لتحديد معيار التمييز‪ ،‬إذ استخلص‬
‫( ‪)1‬‬
‫معيـــار تمييز الدومين العام من الدومين‬ ‫من نص المادة (‪ )539‬من القانون المـدني الفرنسي‬
‫الخاص ‪ ،‬و هو يعرف المال العام بأنه أجزاء األراضي المخصصة النتفاع الجمهور التي ال يمكن‬
‫بطبيعتها أن تكون محال لملكية خاصة ‪.‬‬

‫ويذهب ديكروك إلى أن العبرة بطبيعة المال ذاته و ما إذا كان قابال للتملك الخاص أو غير قابل‬
‫له لكي يعد ماال عاما أو خاصا‪ ،‬و أن المال الذي ال يكون قابال للتملك بطبيعته هو الذي يخصص‬
‫الستعمال الجمهور مباشرة ال المخصص لخدمة مرفق عام‪ ،‬على أن يكون هذا عقارا ال منقوال‪ ،‬و‬
‫يمكن القول أن ديكروك قد اعتمد في نظريته على ثالثة عناصر ال بد من وجودها مجتمعة في المال‬
‫لكي يمكن عده ماال عاما و هي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون المال بطبيعته غير قابل للملكية الخاصة‪ ،‬كاألنهار و الطرق‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون قد خصص الستعمال الجمهور مباشرة ال لخدمة مرفق عام‪ ،‬فهو ال يدخل في عداد‬
‫األموال العامة المباني الحكومية و المعسكرات‪ ،‬ألنها ال تكون مخصصة الستعمال الجمهور مباشرة‬
‫إال إذا وجد نص قانوني خاص يقضي بخالف ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬إذ تنص على ‪:‬‬


‫‪« les chemins , routes et rues a la charge de l’etat , les fleuves et rivieres‬‬
‫‪navigablesou flottables , les rivages , lais et relais de la mer , les ports , les‬‬
‫‪harves , les rades , et généralement toutes les portions du territoire français‬‬
‫‪qui ne sont pas susceptibles d’une propriete privée , sont considerées comme‬‬
‫» ‪des dependances du domaine public‬‬
‫و ترجمتها ‪ « :‬تعد من توابع الدومين العــام الطرق و الشوارع و الحارات التي على عــــــاتق الدولة‬
‫و األنهار والتـرع الصالحة للمالحة فيها و شواطئ البحر و األراضي التي تتكــــون من طمي البحر‬
‫و تلك التي تنحسر عنها مياهه و الموانئ والمراسي والموارد وعلى العموم كافة أجزاء اإلقليم الفرنسي‬
‫التي ال تقبل أن تكون مملوكة ملكية خاصة »‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬أن يكون هذا المال عقارا ال منقوال‪ ،‬و يستخلص هذا الشرط من نص الفقرة األخيرة من المادة‬
‫السابقة ألن المنقوالت بطبيعتها يمكن أن تكون محال للملكية الخاصة إال أنه مع ذلك يتجاوز هذا‬
‫الشرط‪ ،‬فيلحق باألموال العامة تبعا لنظرية التبعية توابع المال العام و ملحقاته بعدها ماال عاما‬
‫بالتخصيص كاآلثار في المتاحف الوطنية أو الكتب في المكتبات(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫رأي بارتيلمي‬

‫ال يختلف الفقيه بارتيملي عن ديكروك في عد طبيعة المال و كونه غير قابل للملكية الخاصة‬
‫معيارا لتمييز المال العام من الخاص‪ ،‬إال أنه ال يرجع في تأصيل نظريته إلى نصوص القانون المدني‬
‫بل إلى المنطق و االستدالل العقلي وحده(‪ ،)2‬فقد تناول أنواع األموال العامة التي ال خالف عليها‪ ،‬فوجد‬
‫أنها تختلف من جهة الواقع عن ملكية األفراد اختالفا يبرر انفرادها بأحكام قانونية خاصة‪ ،‬لذلك فمن‬
‫الطبيعي خضوعها لقواعد خاصة فال يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم‪.‬‬

‫ويتفق بارتيلمي مع ديكروك في اشتراط أن تكون األموال العامة مخصصة النتفاع الجمهور فقد‬
‫استبعد المباني من نطاق األموال العامة‪ ،‬إال إذا وجد نص يقضي بخالف ذلك‪ ،‬كما استبعد المنقوالت من‬
‫عداد األموال العامة‪ ،‬و يرى أن الحماية التي يفرضها المشرع أحيانا على بعض األموال المنقولة ال‬
‫يرجع إلى كونها من األموال العامة‪ ،‬بل يرجع ذلك إلى وجود نص في تشريعات خاصة يفرض مثل هذه‬
‫الحماية(‪.)3‬‬

‫و على الرغم من المحاوالت التي بذلها كل من الفقيه ديكروك و الفقيه بارتيلمي إليجاد معيار‬
‫لتمييز األموال العامة من األموال الخاصة و الحجج التي ساقوها لتأييد نظريتهم و للتدليل على صحتها‪،‬‬
‫إال أن هذا المعيار قد تعرض لإلنتقاذ‪ ،‬و من أهم اإلنتقاذات التي وجهت إليه‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن هذا المعيار قد ضيق من نطاق األموال العامة‪ ،‬إذ يقصرها على األموال المخصصة النتفاع‬
‫الجمهـور مبــاشرة‪ ،‬في حين أن هناك أمواال ال تخصـــــص النتفاع الجمهــور مباشـــــرة‪ ،‬و مــع‬

‫(‪ )1‬عبد المحسن الفريحات (محمد أحمد)‪ ،‬الحماية القانونية للمال العام‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫األردن‪ ،1882 ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )2‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،1892 ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )3‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪19‬‬
‫ذلك فإنها تعد من األموال العامة باتفاق الجميع كالمبــــاني العامة و الحصون العسكريــــة و السكك‬
‫الحديدية(‪. )1‬‬
‫‪ - 2‬من الممكن تصور ملكية األفراد و الشركات الخاصة لبعض األموال التي تعد وفقا للمعيار السابق‬
‫غير قابلة للتملك الخاص وفقا لطبيعتها‪ ،‬فال يوجد ما يمنع تملك بعض الشركات الخاصة ألحد‬
‫الموانئ أو المطارات مثال‪ ،‬بل إن الكثير من الموانئ و منشآت السكك الحديدية و المطارات في‬
‫الوقت الحاضر تعود ملكيتها للشركات أو لألفراد‪.‬‬

‫‪ - 3‬إن هذا المعيار ينافي طبيعة األشياء‪ ،‬فليس ثمة مال غير قابل للتملك بطبيعته‪ ،‬و ال توجد أموال‬
‫تخرج بطبيعتها عن التملك الخاص‪ ،‬إال تلك التي يعم نفعها للكافة(‪ ،)2‬كما أن عدم قابلية المال العام‬
‫للتملك الخاص نتيجة مترتبة على ثبوت صفة العمومية للمال و ليست عنصرا أساسيا في طبيعة‬
‫المال(‪ ،)3‬لذلك فإن هذا المعيار لم يثبت أمام االنتقاذات العديدة التي وجهت إليه‪ ،‬األمر الذي حدا بالفقه‬
‫إلى البحث عن معيار آخر لتمييز أموال الدولة العامة من أموالها الخاصة أال و هو معيار التخصيص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫معيار التخصيص‬

‫ال يتفق أنصار مدرسة التوجه التخصيصي مع أنصار مدرسة التوجه الطبيعي في قولهم أن‬
‫معيار التمييز يكمن في طبيعة المال ذاته غير قابل للملكية الخاصة‪ ،‬بل يرون في فكرة التخصيص‬
‫أساسا جيدا لتمييز األموال العامة من األموال الخاصة‪ ،‬إال أن أنصار هذه المدرســـة و إن كانوا قد‬
‫اتفقوا على معيار التخصيص أساسا لتمييز األموال العامة‪ ،‬فإنهم قد اختلفوا في تحديد المقصود‬
‫بالتخصيص للمنفعة العامة بين اتجاهين‪ :‬اإلتجاه األول يرى بأن التخصيص يجب أن يكون للمرفق‬
‫العـــــام (الفرع األول) و اإلتجـــاه الثاني يــــرى بأن التخصيص يجب أن يكـون للمنفعة العامة‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مهنا (محمد فؤاد)‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري في ظل االتجاهات الحديثة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بدون جهة طبع ‪،‬‬
‫‪ ،1899‬ص‪.403‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الزغبي (خالد) ‪ ،‬اموال السلطة اإلدارية و تطبيقاتها في التشريع األردني‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد التاسع‬
‫عشر‪ ،‬العدد الثالث‪،1882 ،‬ص‪.10‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الجرف (طعيمة)‪ ،‬القانون اإلداري و المبادئ العامة في تنظيم و نشاط السلطات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1899 ،‬ص ‪ 289‬و ما بعدها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفرع األول‬
‫معيار التخصيص للمرفق العام‬

‫يتوجه أنصار مدرسة المرفق العام(‪ )1‬في القانون اإلداري إلى أن المعيار المميز للمال العام‬
‫يكمن في تخصيص هذا المال لمرفق عام ‪ ،‬فقد جعلوا من نظريتهم نقطة االرتكاز التي تستـقطب من‬
‫حولـ ها كل نظريات القانون اإلداري و منها نظرية األموال العامة‪ ،‬فقد تم تعريف أموال الدومين العام‬
‫( ‪. )2‬‬
‫بكونها األموال المخصصة لخدمة مرفق عام و أن هذا التخصيص يتطلب نظاما خاصا لحمايته‬

‫و من أبرز فقهاء مدرسة المرفـــق العام الذين نـــادوا بهذا المعيار الفقيه ديجي)‪(duguit‬‬
‫و الفقيه جيز)‪ ، (jeze‬فيرى ديجي أن معيار المال العام يكمن في تخصيصه بشكل مباشر لهذا‬
‫المرفق‪ ،‬لذلك فإنه ال يعد ماال عاما إال األموال التي تكون مخصصة لتسيير و إدارة مرفق عام من‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪ ،‬أما إذا لـم تكن مخصصة لخدمة مرفق عام ‪ ،‬فال تـعد من األمـوال العامة ‪ ،‬وإن‬ ‫مرافق الدولة‬
‫كانت مخصصة السـتعمال الجمهور‪.‬‬

‫إال أن هذا المعيار قد تعرض للنقد ‪ ،‬ألن األخذ بمضمونه يؤدي إلى توسيع دائرة األموال‬
‫العامة فتشمل جميع األموال التي تخصص لخدمة المرافق العامة ‪ ،‬و هذا اليتـفق مع طبيعة النظام‬
‫االستث نائي الذي تخضع له األموال العامة و الحماية المقررة لها ‪ ،‬إذ ال جدوى من شمول أموال ضئيلة‬
‫القيمة كأدوات المكاتب و األقالم بالحماية المقررة لألموال العامة ‪ ،‬كما أن هناك أمواال عامة مثل‬
‫شواطئ البحار ال تعد وفقا لهذا المعيار من األموال العامة ألنها ال تكون مخصصة لمرفق عام (‪.)4‬‬

‫لذلك حاول الفقيه جيز أن يعدل هذا المعيار و يجعله أكثر مرونة ‪ ،‬فذهب إلى أن األموال‬
‫العامة هي األموال التي تخصص لخدمة مرفق عام ‪ ،‬لكنه يشترط الكتسابها هذه الصفة تحقق شرطين‬
‫هما ‪:‬‬

‫(‪ )1‬عرف المرفق العام بأنه مشروع يعمل بإطراد و انتظام تحت إشراف رجال الحكومة بقصد أداء خدمة‬
‫عامة للجمهور‪ ،‬مع خضوعه لنظام قانوني معين‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪DE SO RIVERO ,) jean( droit administratif, paris édition‬‬
‫‪Montchrestien , 1996 ,p204.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 18‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد الرسول (عبد الرضا) ‪ ،‬أموال الدولة العامة والخاصة ‪ ،‬مجلة الحقوق ‪،‬ا لعدد الثاني ‪ ،‬السنة الثانية‬
‫و العشرون ‪، 1889،‬ص‪. 222‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون المال مخصصا لمرفق عام رئيسي أو جوهري ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يؤدي المال العام الدور األساسي في سير المرفق و إدارته‪.‬‬
‫إال أن الفقيه جيز لم يبين متى يكون المرفق جوهريا من عدمه ‪ ،‬أو متى يكون الدور الذي‬
‫يؤديه المال العام في إدارة المرفق أساسيا و متى ال يعد كذلك (‪. )1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫معيار التخصيص للمنفعة العامة‬

‫نتيجة لالنتقادات التي وجهت إلى المعايير السابقة ‪ ،‬توجه الفقه نحو القول أن المعيار‬
‫المميز للمال العام يكمن في تخصيصه للنفع العام ‪ ،‬و قد أخد بهذا الرأي كل من الفقيه‬
‫هوريو)‪ (HAURIOU‬و الفقيه فالين )‪ .(WALINE‬إذ يرى الفقيه هوريو أن معيار تمييز األموال‬
‫العامة من األموال الخاصة يكمن في تخصيصه للنفع العام سواء كان ذلك التخصيص الستعمال‬
‫الجمهور المباشر ‪ ،‬أم لمرفق عام من مرافق الدولة (‪ ،)2‬و قد أخدت أغلب تشريعات الدول بهذا‬
‫المعيار‪.‬‬

‫و يالحظ على هذا المعيار أنه يؤدي إلى توسيع دائرة األموال العامة‪ ،‬فوفقا لهذا المعيار‬
‫المزدوج يعد ماال عاما كل مال تملكه الدولة و يكون مخصصا الستعمال الجمهور أو لخدمة مرفق‬
‫عام‪ ،‬و هذا يؤدي إلى توجيه االنتقادات ذاتها التي وجهت إلى المعايير السابقة و التي أدى توسيعها‬
‫لنطاق األموال العامة إلى إدخال أموال قليلة القيمة في عداد األموال العامة(‪. )3‬‬

‫يتبين لنا مما تقدم أن اآلراء الفقهية قد تباينت حول تحديد معيار محدد لتمييز األموال‬
‫العامة من األموال الخاصة ‪ ،‬و تراوحت اآلراء بين التضييق لنطاق هذه األموال أو توسيعها ‪ ،‬حتى‬
‫أصبحت هذه النظرية من أكثر النظريات إثارة للجدل في الفقه‪ ،‬ليس في القانون الفرنسي فحسب ‪ ،‬بل‬
‫في أغلب القوانين األخرى‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عبد المحسن الفريحات (محمد أحمد) ‪ ،‬الحماية القانونية للمال العام ‪ ،‬رسالة ماجستير قدمت إلى كلية‬
‫الحقوق في الجامعة األردنية ‪،1882 ،‬ص‪.12‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪HAURIOU, précis de droit administratif , 11edition ,paris,‬‬
‫‪1997,p646.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عبد الرسول (عبد الرضا) ‪ ،‬البحث السابق ‪،‬ص‪223‬‬

‫‪22‬‬
‫فلم يحدد المشـرع الفرنسي معيارا واضـحا يمكن اإلستناد إليه للتمييز بين األموال العامة و‬
‫األموال الخاصة ‪ ،‬و قد انعكس ذلك على موقف القضاء الفرنسي تجاه هذه المسألة‪ ،‬إذ كانت المحاكم‬
‫سواء العادية منها أو اإلدارية تكتفي بإبراز الصفات المتوافرة في كل حالة من دون أن تحدد معيارا‬
‫عاما يمـكن تطبيقه في جميع الحاالت (‪.)1‬‬

‫إال أنه منذ عام ‪ ،1849‬بدأ القضاء اإلداري الفرنسي يتوجه نحو األخد بالتعريف الذي‬
‫وضعته لجنة تنقيح القانون المدني الفرنسي ‪ ،‬التي أوردت في مشروعها تعريفا للمال العام يندرج في‬
‫نطاقه مجموع أموال الجماعات العامة و المؤسسات العامة التي يستعملها االجمهور مباشرة ‪ ،‬أو‬
‫المخصصة لمرفق عام إذا كانت األموال بطبيعتها ‪ ،‬أو بمقتضى إعداد خاص قد قصرت كلها أو بصفة‬
‫أساسية على أغراض المرفق الخاصة(‪.)2‬‬

‫و يالحظ على هذا التعريف ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن اللجنة قد تبنت معيار التخصيص للمنفعة العامة سواء كان المال مخصصا الستعمال الجمهور‬
‫مباشرة أم لخدمة مرفق عام من مرافق الدولة ‪.‬‬

‫‪ -2‬أنها قد اشترطت أن تكون هذه األموال بحكم طبيعتها أو بمقتضى إعدادها إعدادا خاصا قد‬
‫اقتصرت كلها أو بصفة أساسية على األغراض الخاصة بهذه المرافق‪.‬‬

‫و هذا المعيار يضيق من نطاق األموال التي تعد من األموال العامة إذا ما كانت مخصصة‬
‫للمرافق العامة من خالل اشتراطه أن تكون هذه األموال مهيأة ألغراض المرفق بطبيعتها أو بمقتضى‬
‫إعداد خاص‪.‬‬

‫و قد اعتمدت محكمة النقض الفرنسية هذا المعيار للمرة األولى في حكمها الصادر في ‪9‬‬
‫تشرين الثاني ‪ ،1850‬إذ تبنت فيه معيار التخصيص للمنفعة العامة كما أخذت بشرط إعداد المال‬
‫إعدادا خاصا ليؤدي الوظيفة األساسية للمرافق العامة لكي يمكن عد أموال هذه المرافق من األموال‬
‫(‪.)3‬‬
‫العامة‬
‫(‪)1‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المركز القانوني للمال العام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬‬
‫الجزائر‪،1894،‬ص‪ 10‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪DE LAUBADERE )André( , traite de droit administratif , librairie‬‬
‫‪générale de droit et de jurisprudence, paris ,1975,p.125.‬‬
‫(‪ )3‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32-35‬‬

‫‪23‬‬
‫أما بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي فقد تبنى هذا المعيار ‪ ،‬آخذا بعين االعتبار للتخصيص الفعلي ‪،‬‬
‫فال تضم لألموال العامة تلك التي صدر قرار إداري بتخصيصها ألحد أهداف النفع العام ثم لم تستعمل‬
‫و لو مرة واحدة لذلك الغرض ‪ ،‬ألن اإلدارة قد تلجأ إلى التخصيص الرسمي كحيلة إلضفاء الحماية‬
‫على بعض العناصر التي تبقى في حوزتها دون انتفاع الجمهور بها ‪ ،‬فما الداعي إلى إضفاء الصفة‬
‫العامة إذا لم يتحقق النفع العام؟(‪.)1‬‬

‫إن التطور الحاصل في المعيار القضائي ‪ ،‬خاصة بعد أن أصبح ينظر إلى األموال العامة على أنها‬
‫ثروة جماعية يجب على اإلدارة حسن استغاللها لتحقيق مردود اقتصادي ‪ ،‬أدى إلى القول بالتقارب بين‬
‫األموال العامة لإلدارة و أموالها الخاصة و عدم جدوى التفرقة بينهما‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪C.E 25 jan 1985.ville de GRASSE CIMONTLAUR et autres .A.J.D.A,‬‬


‫‪N° 34 , 1985 .P .466.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‬
‫الطبيعة القانونية لألمالك الوطنية‬
‫لم يستقر تعريف األمالك الوطنية في التشريع الجزائري إال في قانون األمالك الوطنية‬
‫( ‪)2‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫الذي جاء بعدما اصطلح على تسميته باإلصالحات‬ ‫و يليه قانون ‪1880‬‬ ‫الصادر سنة ‪1894‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬حيث تم وضع معيار لتمييز األمالك الوطنية عن غيرها من األموال مع تحديد لعناصرها‬
‫و كيفية إلحاق هذه العناصر باألمالك الوطنية و خروجها منها‪ ،‬و قد قسم القانون األخير األمالك‬
‫الوطنية إلى قسمين‪ :‬و هي األموال العامة و الخاصة‪.‬‬

‫لذلك سنتعرض في هذا الفصل إلى مراحل تطور مفهوم األمالك الوطنية‬
‫و كيفية إدراج المال لألمالك الوطنية و عالقته باإلدارة(المبحث الثاني)‪.‬‬ ‫(المبحث األول)‬

‫المبحث األول‬

‫مراحل تطور مفهوم األمالك الوطنية‬

‫وفقا لقانون ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1822‬الذي يمدد العمل بالقوانين الفرنسية إال ما كان منها متعارضا‬
‫مع السيادة الوطنية بقي العمل بالنظرية الفرنسية لألموال في الجزائر إلى غاية صدور األمر الملغي‬
‫لقانون ‪ 1822‬المؤرخ في ‪ 5‬يوليو ‪ ،1893‬ويبقى هذا الرأي نظري ذلك أن الواقع يؤكد التشابه بين‬
‫التطبيق الفرنسي و التطبيق الجزائري في موضوع األمالك الوطنية مع وجود اختالف بسيط يرجع‬
‫باألساس إلى االختالف األيديولوجي‪ ،‬حيث تبنت النصوص القانـــونية الجزائرية التوجــــه‬
‫االشتراكي‪ ،‬بينما القوانين الفرنسية ذات توجه ليبرالي(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫قانون رقم ‪ 12/94‬المؤرخ في ‪ 30‬يونيو ‪ 1894‬المتضمن قانون األمالك الوطنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،29‬ملغى‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قانون رقم ‪ 30/80‬المؤرخ في أول ديسمبر ‪ 1880‬المتضمن قانون األمالك الوطنية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية للجمهورية الجزائرية‪.‬العدد ‪ 52‬المعدل و المتمم بالقانون رقم ‪ 14/09‬المؤرخ في ‪20‬‬
‫جويلية‪ ،2009‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪.44‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬التطور المعاصر لنظرية األموال العامة في القانون الجزائري دراسة‬
‫مقارنة في ظل قانون األمالك الوطنية‪ ،‬الجزائر د‪ .‬م ‪.‬ج‪ ،1899 ،‬ص ‪ 122‬و ما بعدها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ولذلك يمكن القول بأن األمالك الوطنية مرت بثالث مراحل تطور‪ ،‬تميزت بصدور قوانين و‬
‫مواثيق تحدد هذه األمالك و تبين معيار تميزها‪ ،‬و تتمثل المرحلة األولى في مرحلة ما بعد االستقالل‬
‫مباشرة و التي تم تميزت باستمرار العمل بالقوانين الفرنسية مع بعض االختالف البسيط (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬و تتمثل الثانية في مرحلة القوانين ذات التوجه االشتراكي (المطلب الثاني)‪ ،‬و تتمثل الثالثة في‬
‫المرحلة الحالية(المطلب الثالث)‪ ،‬و هذه األخيرة تعد عودة إلى مرحلة ما بعد االستقالل‪ ،‬و الفرق بين‬
‫المرحلتين األولى و الثالثة هي أن األولى تميزت باستمرار العمل بالقوانين الفرنسية‪ ،‬بينما تميزت‬
‫الثالثة بجزأرة هذه القوانين‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫مرحلة ما بعد االستقالل‬
‫وفي هذه المرحلة بقي اإلتجاه الرسمي لوزارة المالية و اإلدارات العقارية يجري على أساس‬
‫التفرقة بين أموال الدولة العامة و الخاصة و هذا ما خلق نوعا من التضارب في الواقع القانوني للملكية‬
‫العامة في الجزائر‪ ،‬فنجد أن ميثاق طرابلس لسنة ‪ 1822‬و ميثاق الجزائر لسنة ‪ 1824‬أكد كالهما‬
‫على أن توجهات البالد السياسية و االقتصادية اشتراكية(‪ ،)1‬و بالتالي القول بوحدة األمالك الوطنية و‬
‫خضوعها لنظام قانوني واحد على النمط االشتراكي و هو االتجاه الفقهي مع رفض انتماء التطبيق‬
‫الجزائري للفرنسي‪.‬‬

‫وانطالقا من الفكرة السابقة سنتناول اإلتجاه الرسمي لوزارة المالية (الفرع األول) ثم اإلتجاه‬
‫الفقهي (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫اإلتجاه الرسمي‬

‫و هو إتجاه وزارة المالية سابقا‪ ،‬حيث ذهبت إلى اعتبار األمالك الوطنية مقسمة تقسيما ثنائيا‬
‫إلى أموال عامة و أخرى خاصة‪ ،‬و ذلك تبعا للقوانين الفرنسية التي كانت سارية المفعول في الجزائر‬
‫في ظل االحتالل و منها قانون ‪ 12‬يونيو ‪ 1951‬المتعلق بالملكية العقارية بالجزائر(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬السفاري (ميلود)‪ ،‬الصراع بين الدين و اإليديولوجيا في الجزائر غداة االستقالل‪ ،‬مجلة جامعة قسنطينة‬
‫للعلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد‪ ،1‬جوان ‪ ،1880‬ص ‪ 92‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪(2) Cours de domaine, ministère des finances et du plan, école d’application‬‬

‫‪économique et financière, tome1, domaine public, année scolaire‬‬


‫‪1968/1969.‬‬

‫‪26‬‬
‫ويحدد المال العام طبقا لمعيار عدم قابليته للتملك الخاص بسبب تخصيصه للمصلحة العامة‪ ،‬و هو‬
‫ذاته المعيار الذي كان معموال به في فرنسا و نص عليه قانون األموال فيها‪ ،‬رغم أن التطبيق‬
‫الجزائري جاء بعد تخلي كل من الفقه و القضاء عن فكرة عدم القابلية للتملك الخاص ذلك أن قانون‬
‫أموال الدولة الفرنسي الذي جاء بذات الفكرة السابقة كان متأخرا عن التطور الذي لحقه الفقه و القضاء‬
‫في انتقالهما من هذه الفكرة إلى فكرة التخصيص للمرفق العام فالتخصيص للمنفعة العامة ليستقرا على‬
‫التخصيص لالستعمال العام و للمرفق العام بضوابط معينة(‪.)1‬‬

‫إن هذا الرجوع للقانون الفرنسي كان له ما يبرره‪ ،‬و هو كون الجزائر دولة حديثة العهد‬
‫باالستقالل من جهة و في حاجة إلى استقرار أوضاعها من جهة ثانية و هذا ما جعلها تصدر قانون‬
‫‪31‬ديسمبر ‪ 1822‬الذي يقرر استمرار العمل بالقوانين الفرنسية(‪.)2‬‬

‫أما بالنسبة لألموال المؤممة بعد االستقالل مباشرة و التي آلت ملكيتها للدولة الجزائرية‬
‫فتدخل حسب هذا االتجاه في نطاق األموال الخاصة‪ ،‬إال أن هناك من ينتقد هذا الفهم لكون هذه األموال‬
‫تشكل قطاعا جديدا وجد بعد االستقالل يخضع لنظام قانوني مختلف تماما عن النظام القانوني لألموال‬
‫العامة أو الخاصة(‪.)3‬‬

‫ويؤيد صاحب هذا الرأي اتجاه وزارة المالية في تقسيمها لألموال التقليدية إلى عامة‬
‫و خاصة و لكنه يأخذ بمعيار أكثر تطورا‪ ،‬فتكون األموال العامة عنده هي تلك العقــــارات‬
‫و المنقوالت التابعة للدولة و الوالية و البلدية و المخصصة لالستعمال المباشر للجمهور أو المخصصة‬
‫للمرافق العامة بشرط أن تكون ضرورية لهذه المرافق و تتالءم مع أهدافها‪ ،‬و اعتبر األموال الخاصة‬
‫كل العقارات و المنقوالت التي لم تخصص لألهداف السابقة و التي تكون تابعة للدولة‪ ،‬الوالية و‬
‫البلدية‪ ،‬فكل أموال اإلدارة هي أموال خاصة ما لم تخصص لالستعمال العام من قبل الجمهور أو‬
‫ل مرفق عام‪ ،‬ثم أنه في تحديده لعناصر هذه األموال العامة منها و الخاصة ال يفرق في ذلك بين الجزائر‬
‫و فرنسا(‪.)4‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪GODFRIN (PH), op.cit,p24.‬‬


‫)‪(2‬‬ ‫‪BABADJI (R) , la notion des biens de l’état en droit algérien, thèse‬‬
‫‪de doctorat 3°cycle, université paris 1, 1981,p 131-132.‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪BORELLA (F) , introduction au droit administratif, les cahiers de la‬‬
‫‪formation administrative, ministère de l’intérieur, imprimerie‬‬
‫‪générale d’Annaba, 1890, p 108.‬‬
‫)‪(4‬‬ ‫‪Cours de domaine, op.cit., p8-13.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫موقف الفقه من األمالك الوطنية‬

‫انقسم الفقه إلى عدة آراء في هذا الشأن بين قائل باستمرار التقسيم الثنائي ألموال اإلدارة إلى‬
‫عامة و خاصة‪ ،‬و قائل بتقسيم أموال اإلدارة تقسيما ثالثيا فرضته ظروف المرحلة‪ ،‬و قائل بقصور‬
‫التقسيم الثنائي و عدم صحة تطبيقه على الجزائر‪ ،‬ورافض ألي تقسيم لكون أموال اإلدارة قطاع موحد‬
‫و ذلك انطالقا من فلسفة معينة‪.‬‬

‫أ ‪ -‬إستمرار التقسيم الثنائي ألموال اإلدارة إلى عامة و خاصة‪:‬‬


‫يرى هذا الرأي استمرار تقسيم أموال اإلدارة إلى عامة و خاصة كما هو مبين في اإلتجاه‬
‫(‪)1‬‬
‫الشاغرة‬ ‫الرسمي لوزارة المالية مع تزايد ملحوظ في األموال الخاصة بسبب األموال‬
‫و تأميم الكثير من العناصر‪ ،‬و يردد ذات األفكار التقليدية للنظرية الفرنسية‪ ،‬و يتبنى معيار التخصيص‬
‫للمنفعة العامة كمعيار مميز بين كال النوعين‪ ،‬و كما هو مالحظ فإن هذا االتجاه يتبع خطى المدرسة‬
‫القانونية الفرنسية محاوال تطبيقها على األرضية القانونية الجزائرية و تطويع الواقع القائم ليتماشى مع‬
‫هذه االفكار (‪ . )2‬ويمكن أن نوجه لهذا الرأي مجموعة من االنتقادات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن هذا اإلتجاه يغض الطرف تماما عن اختالف اإليديولوجية الجزائرية عن الفرنسية فبينما نجد‬
‫أن فرنسا تأخذ موقعها كدولة من دول العالم الرأسمالي الزالت برغم تطوير وظائف مؤسساتها العامة‬
‫و األخذ ببعض األفكار االشتراكية تستند في نظمها القانونية على مبدأ الحرية الفردية و النظام‬
‫الرأسمالي و تحتل فيها الملكية الخاصة القطاع األعم لألموال المتاحة و تشكل الملكية الفردية بذلك‬
‫العامـــة التي ال يجــــــوز الخروج عليها إال استثنــــاءا و بشرط استهداف تحقيق‬ ‫القاعدة‬
‫المصلحــــــة العامة و هو أمر يخضع لرقابة قضائية مشــــــددة‪ ،‬نجد أن الجزائر أخذت باإليديولوجية‬
‫االشتراكية بعد االستقالل كمبدأ حاكم لنظامها القانـــــوني بصورة أساسيـــــة و هو وضع أدى إلى أن‬
‫تحتـــــــل الملكــــية العامة مكــــــانها كقاعدة عامة تشكل اإلطار األساسي لغالبيــــة األموال‬
‫المتاحــــة‪ ،‬و قد أدى هذا التطور إلى إحداث تغيرات جذرية في النظم القانونيـــة الحاكمــــة لقطـــاع‬

‫(‪ )1‬األمر ‪ 102/22‬المؤرخ في ‪ 02‬مايو ‪ 1822‬و المتعلق بأيلولة األمالك الشاغرة للدولة ج ر لسنة ‪.1822‬‬
‫(‪ )2‬محمد فاروق(عبد الحميد)‪ ،‬التطور المعاصر لنظرية األموال العامة في القانون الجزائري‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة في ظل قانون األمالك الوطنية‪ ،‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،1899 ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪28‬‬
‫األموال العامة جعلها تختلف اختالفا كبيرا عن قرينتها في فرنسا(‪.)1‬‬
‫‪ - 2‬أن هذا الرأي لم يأخذ بعين االعتبار القوانين التي صدرت متبنية اإليديولوجية االشتراكية‬
‫و خاصة الدستور و القانون المدني و قوانين التأميم و غيرها و التي لم تتطرق لفكرة التمييز بين‬
‫األموال العامة و الخاصة لألشخاص العامة ال من قريب و ال من بعيد‪ ،‬و اقتصرت في اإلشارة إليها‬
‫بعبارة " أمالك الدولة أو المجموعة الوطنية" و مع ذلك يمكن القول أنه تم إلغاء العمل بالقوانين‬
‫الفرنسية شكال و استمر العمل بها فعال(‪.)2‬‬
‫ب ‪ -‬اإلتجاه إلى تقسيم ثالثي فرضته الظروف‪:‬‬
‫وهذا اإلتجاه برز في كتب الفقيه الفرنسي" ‪ "jacquignon‬و يذهب إلى تقسيم األمالك‬
‫الوطنية تقسيما ثالثيا‪ ،‬فأوجد قطاع ثالث يقف بين األموال العامة و األموال الخاصة و هو قطاع‬
‫األموال المؤممة أو األموال القومية و التي كانت في األصل أموال خاصة‪ ،‬و خصها بقواعد قانونية‬
‫متميزة على أساس أنها تستهدف تحقيق مصالح جماعية(‪ ،)3‬و تتشكل من المزارع الفالحية المسيرة‬
‫ذاتيا و التعاونيات التي أنشئت في ذلك الوقت(‪.)4‬‬

‫ج‪ -‬قصور التقسيم الثنائي‪:‬‬

‫يرى هذا الرأي قصور التقسيم الثنائي ألموال اإلدارة إلى عامة و خاصة و عدم صحة تطبيقه‬
‫على الجزائر خصوصا بعد ظهور عناصر جديدة ال يشملها المعيار السابق و هي العناصر المؤممة‪ ،‬و‬
‫يؤيد في ذلك تقسيما ثنائيا آخر ألموال اإلدارة و هو األموال االشتراكية و األموال العامة بحيث تغطي‬
‫كل العناصر سواء المؤممة منها أو الخاصة‪ ،‬و يقسم األموال االشتراكية بدورها إلى أساسية تخضع‬
‫لقدر من الحماية و غير أساسية تخضع لقدر أقل منها‪ ،‬أما األموال العامة فهي تلك التي ال تقبل التملك‬
‫الخاص(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪MAHIOU(Ahmed),‬‬ ‫‪études de droit public algérien, Alger, o.p.u., 1984,p‬‬
‫‪150.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد فاروق( عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪BABADJI‬‬ ‫‪(R), op.cit., p34‬‬
‫(‪ )5‬محمد فاروق(عبد الحيمد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪29‬‬

‫‪29‬‬
‫غير أن هذا الرأي لم يأت بجديد‪ ،‬فهو يتفق مع اتجاه وزارة المالية مع عودته إلى فكرة قديمة عفا عنها‬
‫الدهر‪ ،‬و هي عدم قابلية المال العام للتملك الخاص‪.‬‬

‫د‪ -‬اإلتجاه الموحد لألمالك الوطنية‪:‬‬


‫يستند هذا اإلتجاه على األفكار االشتراكية التي تنظر إلى قطاع األموال العامة كقطاع موحد‬
‫يتمثل في قطاع المال العام فقط دون أن يجاوره قطاع لألموال الخاصة‪ ،‬فهو يذهب إلى القول باستبعاد‬
‫( ‪)1‬‬
‫وبوحدة األمالك الوطنية استنادا إلى اإليديولوجية التي‬ ‫المشرع للتقسيم التقليدي ألموال اإلدارة‬
‫انتهجتها الجزائر غداة االستقالل و هي اإليديولوجية االشتراكية مؤسسا ذلك على الميثاق الوطني‬
‫و الدستور و القانون المدني‪ ،‬حيث أضفت هذه القوانين الحماية المقررة بقواعد عدم جواز التصرف‬
‫فيها و عدم جواز اكتسابها بالتقادم و عدم جواز الحجز على كل أموال اإلدارة و حتى االقتصادية‬
‫منها(‪.)2‬‬

‫وتطبيقا لهذا الرأي تصبح كافة العناصر المكونة للذمة المالية لألشخاص العامة أمواال عامة‬
‫كقطاع موحد ينتفي فيه وجود قطاع األموال الخاصة المعروف في النظرية التقليدية و يصبح العامل‬
‫المحوري في إلحاق الصفة العامة بالمال هو تملك الشخص العام له فيكتسب بذلك كافة الخصائص‬
‫المميزة لنظام الملكية العامة‪ ،‬و يستمد نظامه القانوني من مبادئ و قواعد القانون العام و يختص بنظر‬
‫المنازعات المتصلة بقطاع األمالك العامة القضاء اإلداري(‪.)3‬‬

‫لذلك فأموال الدولة مجموعة واحدة تستهدف تحقيق المصلحة العامة و من ثم ال يمكن تجزئة‬
‫أهداف الدولة إلى نفع عام ونفع خاص‪ ،‬فالدولة أيا كان النظام السائد فيها ترمي من وراء استخدام هذه‬
‫األموال إلى تحقيق مصلحة الطبقة االجتماعية السائدة فيها(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬عيسى (رياض)‪ ،‬النظام القانوني للمؤسسات االقتصادية االشتراكية في الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪،1899 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪(2) )BABADJI‬‬ ‫‪(R), op.cit., p109-108‬‬
‫(‪ )3‬محمد فاروق(عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫(‪ )4‬عيسى (رياض)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪30‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫مرحلة القوانين ذات التوجه االشتراكي‬

‫تأكد اإلتجاه االشتراكي في الجزائر بصدور قانون الثورة الزراعية الذي تضمنه األمر رقم‬
‫‪ 93/91‬المؤرخ في ‪ 9‬نوفمبر ‪ ، 1891‬لذلك يمكن القول أن هذه المرحلة بدأت جديا مع بداية‬
‫السبعينات و إ ن كانت القوانين السابقة عنها وقفت موقفا غامضا من األمالك الوطنية‪ ،‬جعل البعض‬
‫يفسره لصا لح التقسيم الثنائي إلى أموال عامة و أخرى خاصة و البعض اآلخر يفسره لصالح وحدة‬
‫قطاع األمالك الوطنية‪ ،‬و في هذه المرحلة لـــم تفصح النصوص عن التفرقــــــة بين األموال العامـــة‬
‫( ‪)1‬‬
‫و لهذا سنتطرق إلى القوانين التي تناولت عناصر األمالك الوطنية‬ ‫و األموال الخاصة و ال القضاء‬
‫في هذه المرحلة و على الخصوص القانون المدني (الفرع األول) و الدستور(‪()2‬الفرع الثاني) و قانون‬
‫األمالك الوطنية لسنة ‪(1894‬الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫في القانون المدني‬

‫تم تخصيص بعض مواد القانون المدني لألمالك الوطنية و على وجه الخصوص المادتين‬
‫‪ 299‬و ‪ 298‬من القانون المدني الجزائري(‪ ،)3‬فوضعت المادة ‪ 299‬معيارا لتمييز هذه األمالك‬
‫المعبر عنها بأمـوال الدولة عن األمالك الفردية حيث نصت على أنه‪ ":‬تعتبر أمواال للدولة العقارات و‬
‫المنقوالت التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة‪ ،‬أو إلدارة‪ ،‬أو لمؤسسة‬
‫عمومية‪ ،‬أو لهيئة لها طابع إداري‪ ،‬أو لمؤسسة اشتراكية أو لوحدة مسيرة ذاتيا أو لتعاونية داخلة في‬
‫نطاق الثورة الزراعية"‪ .‬مما يفهم منه أن األمالك الوطنية قطاع موحد يخضع لنظام قانوني واحد‬
‫حددت عناصره المادة ‪ 298‬من ذات القانون‪.‬‬

‫‪(1) MAHIOU‬‬ ‫‪(Ahmed) , cours de contentieux administratif, 2eéd, Alger,‬‬


‫‪o.p.u, 1981, P170.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫دستور ‪ 1892‬الصادر باألمر رقم‪ 89/92 :‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪.1892‬‬
‫(‪)3‬األمر رقم ‪ 59/95‬المؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 1895‬المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم ج‪.‬ر‪.99.‬‬

‫‪31‬‬
‫و بتحليل نص المادة ‪ 299‬السالفة الذكر يمكن التوصل إلى مايلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬لم تحدد هذه المادة طبيعة صلة الدولة بهذه األموال بذكرها لعبارة" تعتبر أمواال للدولة" أما النص‬
‫الفرنسي فيكيفها بأنها صلة ملكية‪ ،‬فتكون ترجمة النص كالتالي‪ ":‬تعتبر أمواال مملوكة‬
‫( ‪)1‬‬
‫ومن هنا تثار مسألة أمالك الدولة ألول مرة في إطار عبارة شاملة في القانون‬ ‫للدولة‪"...‬‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫‪ - 2‬ذكرت المادة العقارات و المنقوالت‪ ،‬و بالتالي تستبعد غيرها من الحقوق مهما كان نوعها و هو‬
‫ما ال يتماشى و الواقع إذ تهيمن الدولة على الحقوق اآليلة إلى أموالها كحقوق التأليف و حقوق الملكية‬
‫لمرفق عام‪،‬و كما‬ ‫الصناعية‪ ،‬أما في تحديدها للتخصيص فذكرت التخصيص للمصلحة العامة أو‬
‫هو معروف فإنه يندرج تحت التخصيص للمصلحة العامة‪:‬التخصيص لالستعمال العام و للمرفق العام‬
‫فتكون المادة بذلك قد ذكرت التخصيص للمرفق العام مرتين األولى في عبارة شاملة و هي المصلحة‬
‫العامة و الثانية في التخصيص للمرفق العام‪ .‬و كان يكفي النص على التخصيص للمصلحة العامة‬
‫لتشمل كل الصور‪.‬‬
‫‪ - 3‬يقصد بالمصلحة العامة في النص الفرنسي االستعمال الجماعي لجمهور المستعملين للمال‬
‫و بالتالي فإن هناك خطأ في الترجمة‪ ،‬فمن المفروض أن تكون الترجمة كالتالي‪ ":‬تعتبر أمواال مملوكة‬
‫للدولة‪ ،‬العقارات و المنقوالت التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لالستعمال الجماعي أو‬
‫إلدارة‪...‬الخ"‬
‫(‪)2‬‬
‫من خالل اكتفائه بذكر أموال الدولة دون‬ ‫األموال‬ ‫‪ - 4‬أراد المشرع الجزائري تكريس وحدة هذه‬
‫( ‪)3‬‬
‫تماشيا مع الفكر‬ ‫اإلشارة إلى أموال األشخاص العامة األخرى في الدولة أي الواليات و البلديات‬
‫( ‪)4‬‬
‫و تجسيدا لنظام المركزية في إدارتها و تسييرها‪ ،‬لكن هذا االعتقاد يتنافى مع التطبيق‬ ‫االشتراكي‬
‫العملي في هذا المجال و الذي يالحظ فيه اإلعتراف لألشخاص العامة بملكية أموالها و إدارتها لها‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪Code‬‬ ‫‪civil, art.688 « sont propriété de l’état, les biens immeubles et‬‬
‫» …‪meubles‬‬
‫‪(2) MAHIOU (Ahmed) , cours de contentieux administratif, op.cit, p 117.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫األمر ‪ 24/29‬المؤرخ في ‪ 19‬يناير ‪ 1829‬و المتضمن قانون البلدية‪ ،‬و األمر ‪ 39/28‬مؤرخ في ‪23‬‬
‫ماي ‪ 1828‬و المتضمن قانون الوالية‪.‬‬
‫(‪ )4‬السيد الجوهري (عبد العزيز)‪ ،‬محاضرات في األموال العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ 1893 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪32‬‬
‫إن التخصيص إجراء الحق لثبوت الملكية‪ ،‬في حين أن هذا النص يجعل من التخصيص سببا‬
‫من أسباب كسب الملكية و هو سبب غير معروف قانونا لم يذكره القانون المدني ضمن أسباب كسب‬
‫الملكية(‪ ،)1‬أما النص في صياغته الفرنسية فجعل اكتساب المال سابق للتخصيص‪.‬‬

‫أما بالنسبة لنص المادة ‪ 298‬من القانون المدني والتي تحدد قواعد الحماية المدنية لألموال‬
‫العامة فنالحظ أن آخر النص يناقض أوله ‪ ،‬حيث ينص في أوله على عدم جواز التصرف في هذه‬
‫األموال أصال ثم ينص في آخره على أن القوانين التي تخصص هذه األموال إلحدى المؤسسات المشار‬
‫إليها في المادة ‪ 299‬تحدد شروط إدارتها ‪ ،‬وعند االقتضاء شروط عدم التصرف فيها لذا يجب حذف‬
‫كلمة (عدم)في آخر النص ‪،‬حتى يتفق مع النص الفرنسي ذو الصياغة السليمة ‪.‬‬

‫كما حدد القانون المدني بعض عناصر أموال الدولة منها ما نصت عنه المادة ‪ 282‬فقرة ‪02‬‬
‫في اعتبارها لجميع موارد المياه ملكا للمجموعة الوطنية‪ ،‬و المادة‪ 993‬التي تعتبر جميع األموال‬
‫الشاغرة التي ليس لها مالك ملكا من أمالك الدولة و كذلك أموال األشخاص الذين يموتون من غير‬
‫وارث أو الذين تهمل تركتهم‪.‬‬

‫وتعتبر أيضا ملكا للدولة األرض التي ينكشف عنها البحر و تلك التي تستخلص بكيفية‬
‫صناعية من مياه البحر و هذا ما نصت عنه المادة ‪ 998‬من القانون المدني‪.‬‬

‫مما سبق يمكن القول أن المادة ‪ 299‬من القانون المدني توسع في نطاق أموال الدولة لتشمل‬
‫األموال المخصصة للمؤسسات االقتصادية و تخضع في ذلك لقواعد الحماية المقررة بالمادة ‪،298‬‬
‫مما يؤيد القول بوحدة أموال اإلدارة تطبيقا للفكر االشتراكي‪ ،‬كما أن عدم إشارة القانون المدني إلى‬
‫( ‪)2‬‬
‫رغم أن‬ ‫التقسيم الثنائي ألموال الدولة جعل البعض يفسر ذلك لصالح وحدة قطاع األمالك الوطنية‬
‫النصوص تحتوي في مضمونها ذلك التقسيم‪ ،‬حيث أن األموال المخصصة لالستعمال العام و للمرافق‬
‫العامة اإلدارية تمثل األموال العامة‪ ،‬و تمثل تلك المخصصة للمؤسسات االقتصادية األموال‬
‫الخاصة(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المواد من ‪ 993‬إلى ‪ 943‬من القانون المدني الجزائري بعنوان‪ :‬طرق اكتساب الملكية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪BABADJI ( R ) , op , cit . p 46 .‬‬
‫)‪(3)MAHIOU (Ahmed‬‬ ‫‪, cours de contentieux administratif , op .cit , p116 .‬‬

‫‪33‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫في دستور ‪1791‬‬

‫صدر دستور ‪ 1892‬بعد الميثاق الوطني(‪ ،)1‬لذلك جاء بنفس أسلوبه و نهجه في تحديد‬
‫المبادئ األساسية التي تأخذ بها الدولة‪ ،‬حيث نصت المادة األولى منه على‪ " :‬أن الدولة الجزائرية دولة‬
‫اشتراكية" و بما أن الميثاق الوطني هو المصدر األساسي لسياسة األمة و قوانين الدولة‪ ...‬و هو مرجع‬
‫أساسي أيضا ألي تأويل ألحكام الدستور(‪ )2‬فإن ما قيل عن األمالك الوطنية في الميثاق الوطني يصدق‬
‫على الدستور و بالتالي فكل ما نص عليه الدستور هو تكرار لما جاء به الميثاق الوطني‪.‬‬

‫وبالرجوع للميثاق الوطني يتبين لنا تنبيه للمبادئ االشتراكية التي تحكم األموال في الدولة‪،‬‬
‫وقد تناولها في مواضيع متعددة‪ ،‬كما يقرر أن االشتراكية في الجزائر ترمي أساسا لتحقيق ثالثة‬
‫أهداف(‪:)3‬‬

‫‪ -‬الهدف األول‪ :‬دعم االستقالل الوطني بإضافة االستقالل االقتصادي إلى االستقالل السياسي و هو‬
‫ما تم فعال بتأميم الثروات الوطنية تدريجيا لتدخل بذلك في ملكية الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف الثاني‪ :‬و يتمثل في إقامة مجتمع متحرر من استغالل اإلنسان لإلنسان و ذلك ال يأتي إال‬
‫عن طريق إدخال وسائل اإلنتاج ضمن الملكية العامة أي ملكية الدولة و ترتب عن ذلك قيام قطاع‬
‫عمومي ضخم جدا و بالتالي تضخم أموال اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف الثالث‪ :‬فيتمثل في ترقية اإلنسان و توفير أسباب تفتح شخصيته و ازدهاره أما بالنسبة‬
‫للملكية الخاصة فهي مسموح بها بشرط أن ال تتحول إلى مصدر للسيطرة االجتماعية كما ال يجوز أن‬
‫تتخذ ذريعة لجعل العالقة بين المالك و العامل قائمة على االستغالل‪.‬‬

‫فالملكــية الخــاصة تتعلــق باالستعمال الفــردي والـعائـلي وكـــذلك بوســــائل اإلنتـــاج‬


‫الصغيرة و الخدمات التي تؤدي دورا مفيدا في االقتصاد الوطني وهي في ذلك تخضع للقوانين‬
‫المعمول بها ولرقابة الدولة (‪.)4‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الميثاق الوطني لسنة ‪ 1892‬و الميثاق الوطني بعد اإلثراء ‪. 1892‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 2‬من دستور ‪.1892‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الميثاق الوطني ‪ ، 1892‬ص ‪ 29‬و الميثاق الوطني ‪ ، 1892‬ص ‪.41‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الميثاق الوطني‪ ،1892‬ص‪.43‬‬

‫‪34‬‬
‫أما المادة ‪ 13‬من دستور ‪ 1791‬فتنص على أنه " يشكل تحقيق اشتراكية وسائل اإلنتاج قاعدة‬
‫أساسية لالشتراكية‪،‬وتمثل ملكية الدولة أعلى أشكال الملكية االجتماعية "‪،‬مما يعني أنه يوجد إلى جانبها‬
‫أشكال أخرى‪،‬ومنها الملكية التعاونية والملكية الخاصة غير اإلستغاللية‪.‬‬

‫إن الدستور حدد ملكية الدولة بأنها الملكية المحوزة من طرف المجموعة الوطنية كما أعطى‬
‫تعدادا لألمالك الوطنية(‪)1‬وذلك في نص المادة‪ 14‬منه والتي يبدو أنها جاءت لتتمم مواد القانون المدني‬
‫حــيث نصت بأن‪" :‬ملكية الدولة هي الملكية المحوزة من طرف المجموعة الوطنية التي تمثلها‬
‫الدولة‪،‬وهي تشمل بكيفية الرجعة فيها‪ ،‬األراضي بمختلف أنواعها‪ ،‬زراعية كانت أم رعوية أم‬
‫مؤممة‪،‬والمياه ثم المؤسسات بمختلف أنواعها كالبنوك ومؤسسات التأمين والمؤسسات االشتراكية‪...‬‬

‫إذن فمن الواضح أن السرد جاء على سبيل المثال ال الحصر وذلك في صورتين‪:‬الصورة‬
‫األولى كعناصر‪:‬األراضي بمختلف أنواعها‪،‬المياه‪،‬مصادر الطاقة و المواد األولية‪،‬والصـورة الثانية‬
‫كأنشطة بمختلف أنواعها وهو ما يجسد سيطرة الدولة على كافة األموال و األنشطة تطبيقا لمبدأ‬
‫رأسمالية الدولة االشتراكية‪.‬‬

‫كما حدد الدستور الملكية الفردية بموجب المادة‪ 11‬منه مسايرا في ذلك الميثاق الوطني‪،‬فقسـم‬
‫الملكية الفردية إلى استغاللية وغير استغاللية‪،‬ومع ذلك فإن دستور‪1791‬صدر متماشيا مع الفكر‬
‫االشتراكي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫في قانون األمالك الوطنية لسنة ‪1791‬‬

‫بتاريخ‪30‬يونيو‪1894‬صدر هذا القانون حامال الرقم‪12:‬وهو أول نص ينظم بصفة عامة‬


‫األمالك الوطنية‪ ،‬مشتمال على فصل تمهيدي وثالثة أجزاء وتتكون في مجموعهامن‪ 142‬مادة ويعتبر‬
‫هذا القانون رفضا و قطعا لصلة األمالك الوطنية بالقوانين الفرنسية‪،‬كما تناول الملكية الوطنية بشكل‬
‫موحد ويتجلى هذا في أول مادة منه التي تنص على "تتكون األمالك الوطنية من مجموع الممتلكات‬
‫والوسائل التي تملكها المجموعة الوطنية والتي تحوزها الدولة ومجموعاتها المحلية في شكل ملكية‬
‫للدولة طبقا للميثاق الوطني والدستور‪"...‬‬

‫(‪)1‬‬
‫السيد الجوهري (عبد العزيز) ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪35‬‬
‫ونشير إلى أن الملكية هنا نسبت إلى المجموعة الوطنية والحيازة للدولة والمجموعات المحلية‬
‫للدولة والـحيازة للمــجموعة‬ ‫على عكس دستور‪1892‬الذي نسـب في المادة ‪14‬منه الملكية‬
‫الوطنية‪،‬ونحن نرى أن المكية يجب أن تنسب إلى شخص قانوني‪ ،‬وبما أن المجموعة الوطنية هي‬
‫تعبير سياسي و ليس بكيـان قانوني‪،‬فـيجب أن تنسـب الملكية للدولة باعتبارها تتـمتع بالشخـصية‬
‫القانونية االعتبارية وفي تعريفه لألمالك الوطنية‪ ،‬يبين القانون بأنها تتشكل من خمس مجموعات أو‬
‫خمسة أنواع(‪ :)1‬األمالك العمومية االقتصادية‪،‬المستخصة‪،‬العسكرية واألمالك الخارجية‪.‬‬

‫إال أن عبارة" مستخصة " تثــــــــير غموضا يعكــس تردد المشرع وحيـــــــرته إزاء العناصر‬
‫المكونة لألمـالك المستخصــــــة ‪ ،‬فقد أطلــــــق عليه في النـــــــــص الفرنســــــي اصطــــــالح‬
‫" ‪ " particulier‬وتــرجــم إلى العربية تحت مسمى "مستخصة"وكال االصطالحين من الواضح‬
‫أنهما يعنيان قطاع"األموال الخاصة " التقليدي و الذي اصطـلح الفقــه والتشـريع الفرنـسي عـلى‬
‫تسميته"‪. "domaine privé‬‬

‫إال أن المــشــرع الجـزائــري تـردد ثم تحــرر من اســتعمال التـعبيريـن الواضحين لذلك سـواء‬
‫الفرنسي"‪"privé‬أو العربي "الخاص" واختار اإلصالح الفرنسي " ‪" particulier‬وهو يعني في‬
‫ترجمته الصحيحة "الفردية " وال نجد له مثيال سوى في النظام القانوني اليوغـوسالفـي (‪ )2‬والذي مـيز‬
‫بيـن األموال الخاصة و األموال الفردية‪.‬‬

‫ووفقا لما جاء في المادة األولى من هذا القانون‪ ،‬فإن معيار تمييز األمالك الوطـنية عـن‬
‫األمالك الفردية يكمن في دخول المال في الذمة المالية ألحد األشخاص العامة‪ ،‬أي الدولة أو إحدى‬
‫الواليات أو إحدى البلديات‪ ،‬فأول شرط لدخول المال لألمالك الوطنية هو تملكه من قبل شخص عام‬
‫( ‪)3‬‬
‫وذلك بالفعل وهو الحال في األمالك الطبيعية كشواطئ البحار‪ ،‬أو بالطرق القانونية وهو‬ ‫إقليمي‬
‫الحال بالنسبة لباقي األمالك‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة‪ 11‬من قانون‪12/94‬الملغى‪.‬‬

‫(‪ )2‬محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.142‬‬

‫(‪)3‬المادة ‪ 35‬من قانون‪.12/94‬‬

‫‪36‬‬
‫وقد حددت المادة‪35‬هذه الطرق في قسمين‪ :‬القسـم األول وهـي طرق القانون الخاص‬
‫كالهبة‪،‬الوصية‪،‬التقادم‪،‬والقسم الثاني وهي طرق القانون العام التي توصف بأنها طرق غير مألوفة في‬
‫القانون الخاص ومنها نزع الملكية للمنفعة العامة و الشفعـة وكل ذلك على سبيل المثال و البيان ال‬
‫الحصر و التحديد(‪.)1‬‬

‫وفي حالة استيالء الدولة على مال ما بغير الطرق القانونية المعروفة‪ ،‬فإن ذلك يعد اعتداءا‬
‫ماديا و استالءا على األموال باغتصابها‪،‬وفي هذه الحالة ال يدخل المال ضمن األمالك الوطنية مادام‬
‫القانون صريح في تحديده لطرق اكتساب المال‪،‬وما خرج عن الطرق القانونية فهو اكتساب غير‬
‫مشروع ال ينتج أي أثر قانوني(‪.)2‬‬

‫وممـا سبـق يمكن القول بأن قانـون‪12/94‬يتميز عما سبقه من مـواثيق ونصوص دستورية‬
‫وغيرها بكونه نص على معيار أساسي للتمييز بين الملكية الفردية واألمالك الوطنية‪،‬وهو أيضا ما‬
‫نجده في النظم االشتراكية‪،‬حيث تشكل الملكية العامة كتلة واحدة‪،‬وتقابلها الملكية الفردية‪.‬وجعل المشرع‬
‫هذا المعيار هو التملك بصفة قانونية‪ ،‬ثم أوجد معايير تكميلية وفق التقسيم الداخلي الذي سار عليه‪،‬كما‬
‫( ‪)3‬‬
‫لتمييز األمالك العمومية‪ ،‬أي الدومين العام في النظم الرأسمالية ‪،‬وال وجود‬ ‫تبنى معيار التخصيص‬
‫لمثل هذا المعيار في التشريعات السابقة ال في الدستور و ال في القانون المدني‪.‬‬

‫إال أن األمالك الوطنية بجميع أنواعها الخمسة تطبق عليها األحكام الخاصة بالمال العام في‬
‫النظم الرأسمالية التي تعتبرها قواعد استثنائية يستفيد منها المال العام للدولة فقط دون مالها الخاص ‪ ،‬و‬
‫بما أن الجزائر تبنت النهج االشتراكي في تلك الفترة واتخذت من التخطيط كأسلوب للتنمية فإن مجموع‬
‫األمالك الوطنية تخضع لقانون الخطة كما هو الحال بالنسبة للنظم االشتراكية التي تعطي مفهوما‬
‫اقتصاديا للمال العام ‪،‬فنجد الميثاق الوطني لسنة‪ 1892‬ينص على أن "من مهام الدولة االشتراكية‬
‫(‪)4‬‬
‫االشتراكي"‪.‬‬ ‫األساسية التحكم في االقتصاد و توجيهه في نطاق التخطيط‬

‫(‪)1‬المادة‪ 2‬من نفس القانون‪.‬‬


‫(‪)2‬‬
‫المعداوي (محمد يوسف) ‪ ،‬مذكرات في األموال العامة واألشغال العامة‪،‬الجزء األول‪، ،‬ط‪ 2‬الجزائر ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪،1882،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ 48‬من قانون ‪.11/04‬‬
‫(‪ )4‬الميثاق الوطني ‪،1892‬ص‪.92‬‬

‫‪37‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫المرحلة الحالية‬

‫و تبدأ هذه المرحلة بصدور القانون رقم ‪ )1( 30/80‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر‪ 1880‬و هذا‬
‫القانون لم يأت من فراغ بل سبقه دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1898‬الذي تخلى فيه المشرع الجزائري عن‬
‫التوجه االشتراكي ليتبنى النظام الليبرالي المبني على الملكية الخاصة و المبادرة الفردية و بالتالي‬
‫التضييق من نطاق الملكية العامة ‪.‬‬

‫و بذلك يكون دستور ‪ 1898‬قد تبنى التقسيم التقليدي ألمالك الدولة المعروف في النظرية‬
‫الفرنسية لألمالك و التي اعتمدت أساسا على التفرقة بين األمالك العمومية التي تهدف إلى تحقيق‬
‫المنفعة العامــة و األمالك الخاصة التي تمتلكها الدولة و جماعاتها المحلية لتحقيق منفعة خاصة لها أي‬
‫منفعة اقتصادية‪.‬‬

‫و نص هذا الدستور في مادته ‪ 19‬على أن األمالك الوطنية يحددها القانون و بالفعل صدر‬
‫( ‪)2‬‬
‫و أكده‬ ‫هذا القانون مكرسا مبادئ دستور ‪ 1898‬و قانون التوجيه العقاري ‪25/80‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫المعدل لدستور ‪.1898‬‬ ‫دستور‪1882‬‬

‫و لذلك سنتناول في هذا المطلب معيار تمييز األمالك الوطنية (الفرع األول) و أنواعها‬
‫و عناصرها (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫(‪ )1‬تم تعديل قانون ‪ 30/80‬بموجب القانون رقم ‪ 14/09‬المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ ، 2009‬الجريدة الرسمية‬
‫للجمهورية الجزائرية ‪ ،‬العدد ‪.44‬‬

‫(‪ )2‬قانون التوجيه العقاري رقم ‪ 25/80 :‬المؤرخ في ‪ 19‬نوفمبر ‪ ، 1880‬ج‪.‬ر ‪ ،‬العدد ‪. 48‬‬

‫(‪ )3‬إن التعديل الدستوري لـ ‪ 29 :‬نوفمبر ‪ 1882‬عدل مرة أخرى بموجب القانون رقم ‪ 18/09 :‬الصادر في‬
‫الجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ 23‬بتاريخ ‪ 15‬نوفمبر ‪. 2009‬‬

‫‪38‬‬
‫الفرع األول‬

‫معيار تمييز األمالك الوطنية‬

‫اعتمد المشرع الجزائري في تمييزه بين األمالك الوطنية و األمالك الفردية على معيار دخول‬
‫المال في الذمة المالية ألحد األشخاص العامة اإلقليمية (‪ )1‬و التي حددها في الدولة الوالية البلدية (‪.)2‬‬

‫فحتى يعتبر المال ملكا وطنيا ال بد أن يتملكه شخص عام إقليمي و يتم ذلك بالفعل كما في‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪ ،‬كما حدد قانون‬ ‫األمالك الطبيعية كشواطئ البحار أو بالطرق القانونية بالنسبة لباقي األمالك‬
‫األمالك الوطنية طرق اقتناء هذه األمالك في قسمين ‪ :‬طرق القانون الخاص و طرق القانون العام‬

‫و تتمثل طرق القانون الخاص (‪ )4‬في العقد ‪ ،‬التبرع ‪ ،‬التبادل ‪ ،‬التقادم و الحيازة أما طرق‬
‫القانون العام فتتمثل في نزع الملكية (‪ )5‬و حق الشفعة و هما طريقان استثنائيان ‪،‬وفي الحقيقة أن النص‬
‫الفرنسي يقرر بأن الطريقان استثنائيان عن القانون العام و المقصود بالقانون العــام هنا ‪Droit‬‬
‫‪ commun‬أي القانون المشترك و ليس بمعنى القانون العام المنظم للعالقات التي تظهر فيها اإلدارة‬
‫باعتبارها صاحبة سلطة عامة (‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 2‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬

‫(‪ )2‬بالنسبة للبلدية و الوالية فينظمهما القانون رقم ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬يونيو ‪ ،2011‬ج‪.‬ر ‪ ،39‬أما الوالية‬
‫فيحكمها القانون رقم ‪ 08/80‬المؤرخ في ‪ 09‬أفريل ‪.1880‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 24‬من قانون التوجيه العقاري ‪.‬‬

‫(‪ )4‬المادة ‪ 21‬فقرة ‪ 84‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و‪ .‬تنص على أن ‪ " :‬طرق االقتناء التي تخضع للقانون العام ‪ :‬العقد ‪ ،‬التبرع ‪،‬‬
‫و التقادم و الحيازة‪.‬‬

‫‪ -‬طريقان استثنائيان يخضعان للقانون العام ‪ :‬نزع الملكية و حق الشفعة " ‪.‬‬

‫(‪ )5‬قانون رقم ‪ 11/71 :‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ 1771‬يحدد قواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫السنهوري (عبد الرزاق) ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ،‬جزء ‪ ، 7‬حق الملكية ‪ ،‬بيروت ‪1719 ،‬‬
‫ص‪. 9‬‬

‫‪39‬‬
‫و إذا كان القانون قد حدد الطرق التي يتم بها اكتساب األمالك الوطنية ‪ ،‬فإن استيالء اإلدارة على أي‬
‫مال بغير الطرق القانونية المعروفة ‪ ،‬فإن ذلك يكيف بأنه اعتداء مادي أو استيالء على األموال‬
‫باغتصابها ‪ ،‬و في هذه الحالة ال يدخل المال ضمن األمالك الوطنية ألن ما خرج عن الطرق القانونية‬
‫لالقتناء يعد اكتسابا غير مشروع و بالتالي ال ينتج أي أثر قانوني ‪.‬‬

‫و تتكون األمالك الوطنية من مجموع األمالك و الحقوق المنقولة و العقارية التي تحوزها‬
‫الدولة و جماعاتها اإلقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة ‪ ،‬فتظهر هذه الملكية في صورة ملكية‬
‫الدولة ‪ ،‬ملكية الواليات ‪ ،‬ملكية البلديات ‪ ،‬و أن الصلة بين هذه األمالك و هذه األشخاص اإلقليمية هي‬
‫( ‪)1‬‬
‫و يستبعد كل حق تبعي‬ ‫صلة ملكية بكل عناصرها المعروفة من تصرف و استعمال و استغالل‬
‫كالرهن و يكون بالتالي لكل من الدولة و الوالية و البلدية أن تمارس سلطات المالك واقعيا ‪.‬‬

‫وقد يحصل الشخص العام بالطرق القانونية على مال مملوك على الشيوع بينه و بين أشخاص‬
‫القانون الخاص ‪ ،‬ففي هذه الحالة يقرر القانون بأنه يمكن للدولة أن تتنازل عن حقوقها الشائعة في‬
‫ملكية الشيوع أو تأجيـرها لفائدة شركائها في الشيوع إذا كانت هناك عقارات مختلفة األنواع تحوزها‬
‫على الشيوع مع أشخاص طبيعيين أو معنويين آخرين و تستحيل قسمتها‪،‬على أن ال يتعارض ذلك مع‬
‫المصلحة العامة ‪ ،‬و إذا رفض أحد الشركاء في ملكية الشيوع أو عدة شركاء شراء أو استئجار هذه‬
‫الحقوق ألي سبب كان ‪ ،‬تباشر الدولة بيع حصتها في الشيوع اعتمادا على الوسائل القانونية و بأية‬
‫طريقة تعتمد المنافسة(‪.)2‬‬

‫و مما تجدر اإلشارة إليه‪ ،‬فإن قانون األمالك الوطنية لم يذكر المؤسسات العامة كأشخاص‬
‫عامة تمتلك عناصر األمالك الوطنية ‪ ،‬ألن هذه المؤسسات تتحصل في األصل على األمالك التي‬
‫( ‪)3‬‬
‫و ذلك عن طريق التخصيص ‪ ،‬ثم أن دور الدولة بالنسبة‬ ‫بحوزتها من األشخاص العامة اإلقليمية‬
‫للنشاط االقتصادي و التجـــــاري قد تقلص إلى حـد كبير مما ترتب عنه تقـــلص األمالك الــــــوطنية‬
‫و هذا يترك المجال للنشاط الخـــــــاص و بالتالي لنشــــاط المؤسسات العموميــــة ذات الصبغــــــة‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 31‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪ ،‬و المادة ‪ 24‬من قانون التوجيه العقاري ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 89‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪ .‬و المادتين ‪11‬و‪40‬من المرسوم ‪454/81‬المؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ 1881‬والمحدد‬

‫لشروط إدارة األمالك الوطنية ‪،‬ج‪.‬ر ‪ 20‬المؤرخة في ‪24‬نوفمبر‪.1881‬‬


‫(‪)3‬‬
‫هذه األشخاص العامة اإلقليمية لها أساس دستوري تضمنته المادة ‪ 15‬من الدستور الحا لي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الصناعية و التجارية لتنشط و خاصة أنها تخضع في ذلك لقواعد القانون الخاص بصفة عامة‬
‫و التجاري بصفة خاصة(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫أنواع األمالك الوطنية و عناصرها‬

‫بعد أن تم التخلي عن االتجاه االشتراكي ‪ ،‬كرس القانون الجديد التقسيم الثنائي لألمالك‬
‫الوطنية و من قبله دستور ‪ 23‬فبراير ‪)2(1898‬إلى عمومية و خاصة راجعا إلى النظرية الفرنسية التي‬
‫كانت مطبقة في الجزائر قبل االستقالل و استمرت بعده ‪ ،‬و لهذا سنبحث في تمييز كل نوع من األمالك‬
‫الوطنية عن بعضها البعض ‪ ،‬أي األمالك العمومية و األمالك الخاصة و بيان عناصرها بعد ذلك‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تمييز األمالك العمومية عن األمالك الخاصة ‪:‬‬


‫‪ -1‬معيار تمييز األمالك العمومية ‪:‬‬

‫تتكون األمالك العمومية من األمالك و الحقوق المنقولة و العقارية التي يستعملها‬


‫الجميع و الموضوعة تحت تصرف الجمهور المستعمل إما مباشرة و إما بواسطة مرفق عام شريطة‬
‫أن تكيف في هذه الحالة ‪ ،‬بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخاصة تكييفـا مطلقا أو أساسيا مع الهدف الخاص‬
‫لهذا المرفق و كذلك الثروات و الموارد الطبيعية المعرفة في المادة ‪ 15‬من قانون األمالك الوطنية (‪.)3‬‬

‫فبعد دخول المال في الذمة المالية لإلدارة بالفعل أو بالطرق القانونية يجب تخصيصه الستعمال‬
‫الجمهور حتى يكون ملكا عموميا ‪ ،‬و التخصيص عمل إداري يصدر عن الجهة المالكة للمال يتم‬
‫بموجبه توجيه مال معين لخدمة أحد أهداف النـفع العام المحددة هنا في االستعمال العام مباشرة أو‬
‫بواسطة مرفق عام و بهذا الشرط أي التخصيص أخرجت األمالك التي ال يستعملها الجمهور أو يمنع‬
‫من استعمالها أو تخصص ألغراض معينة يحددها القانون‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أما في ظل األفكار اإلشتراكية فالدولة بل المجموعة الوطنية حسب تعبير القانون تمتلك كل األموال‬
‫المتاحة و حتى المؤسسات العمومية فهي ملك للدولة و تخضع لقواعد القانون العام‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫و هو ما أكده التعديل الدستوري بتاريخ‪29‬نوفمبر‪.1882‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 12‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫و يكون استعمال الجمهور بطريق مباشر أو بواسطة المرفق العام‪ ،‬و يشترط هنا أن يكون المال في‬
‫تـكوينه الطبيعي أو نتيجة تعديالت أدخلت عليه متالئما و متوافقا مع هدف المرفق‪.‬‬

‫نالحظ مما سبق أنه ال يوجد اختالف بين ما نص عليه قانون األمالك الوطنية و المعيار‬
‫( ‪)1‬‬
‫أما القضاء‬ ‫القضائي الفرنسي إال في بعض الفروق الطفيفة التي منها ‪:‬وجوب اإلعداد الخاص‬
‫الفرنسي فيشترطه دون التحري في إتمامه إلضفاء الصفة العامة على المال كما اكتفى بالتخصيص‬
‫الرسمي دون اشتراط التخصيص الفعلي أي وضع المال فعال تحت تصرف الجمهور أو المرفق الذي‬
‫خصص له المال ‪ ،‬أما قانون األمالك الوطنية فيشترطهما معا‪.‬‬

‫و لتوضيح معيار التمييز نحلل ما جاءت به المادة ‪ 12‬من قانون األمالك الوطنية على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -‬إن المشرع الجزائري يستعمل كلمة " وضع " المال تحت تصرف الجمهور إلضفاء الصفة العامة‬
‫( ‪)2‬‬
‫بدال من كلمة‬ ‫على المال و هي عبارة غير دقيقة ‪ ،‬فكان عليه أن يستعمل كلمة " تخصيص "‬
‫"وضع" ألن األولى هي المعروفة في فقه المال العام ‪ ،‬و اختيار المصطلح المناسب يسهل شرح‬
‫النصوص ‪.‬‬

‫‪ -‬يكون التخصيص الستعمال الجمهور بوضع المال تحت تصرفه مباشرة ‪ ،‬وفي هذه الحالة لم يشترط‬
‫المشرع التكييف أو اإلعداد الخاص ‪ ،‬ونعلم أن اإلتجاه في فرنسا يذهب إلى إجراء اإلعداد الخاص‬
‫على كل األموال سواء المخصصة الستعمال الجمهور أو تلك المخصصة للمرفق العام ‪.‬‬

‫‪ -‬يكون التخصيص غير مباشر في حالة طلب الجمهور للخدمة من مرفق عام و يشترط في هذا‬
‫االستعمال أن يكون عاما‪ ،‬و يعني ذلك نقل حيازة المال من الشخص العام المالك إلى المرفق العام‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫إن شرط اإلعداد الخاص ابتكره الفقه و القضاء الفرنسي كوسيلة محددة لنطاق األموال العامة‪-‬أنظر‪:‬‬
‫محمد فاروق عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫(‪)2‬‬
‫التخصيص هو التصرف أو اإلجراء الذي بموجبه يوجه المال الوطني إلى هدف محدد على وجه الدقة‬
‫و يقابله بالفرنسية"‪"l'affectation‬لمزيد من التفصيالت أنظر‪:‬‬
‫‪DE LAUBADERE )André (.op.cit.,p148‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون األموال المخصصة للمرفق العام متالئمة مع هدف هذا المرفق إما بطبيعتها أو بإدخال‬
‫( ‪)1‬‬
‫تعديالت عليها لتحقيق هذا التالؤم‪ .‬ثم إن قانون األمالك الوطنية اشترط التحري عن هذا الشرط‬

‫‪ -‬يدخل ضمن األمالك الوطنية العمومية ‪ ،‬العقارات و المنقوالت بمختلف أنواعها و حتى المنقوالت‬
‫غير المادية و التي تتمثل في حقوق التأليف و الملكية الثقافية اآليلة لألمالك الوطنية العمومية (‪ )2‬و هذا‬
‫العنصر مستحدث عما هو موجود في التطبيق الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬إلى جانب ملكية الدولة أوجد المشرع الجزائري صورا أخرى للملكية و تتمثل في ملكية الجماعات‬
‫( ‪)3‬‬
‫لذممها في إطار استقاللها كأشخاص قانونية عامة عن شخص الدولة فتتملك أمالكا‬ ‫المحلية‬
‫عمومية شأنها شأن الدولة و هذا بطبيعة الحال تطبيقا لنظام الالمركزية اإلدارية التي تسعى من خالله‬
‫الدولة إلى منح هذه الجماعات كل الوسائل التي تساعدها على تسييــر شؤونها المحلية بنفسها‪.‬‬
‫‪ -2‬األمالك الخاصة‪:‬‬

‫بتحديد األمالك العمومية تتحدد األمالك الخاصة و ذلك بأسلوب االستبعاد و هو ذات الوضع‬
‫الذي تعرفه النظرية التقليدية في تحديد األمالك الخاصة‪.‬‬

‫إن كل مال ال ينتمي إلى األمالك الوطنية العمومية‪ ،‬فهو ملك خاص‪ ،‬فالدولة و الوالية و‬
‫(‪)4‬‬
‫إلى حين‬ ‫الخاصة‬ ‫البلدية عندما تقتني أو تكتسب ماال ما ‪ ،‬فإنه يدخل مباشرة ضمن األمالك‬
‫تخصيصه الستعمال الجمهور والمرفق العام فيخرج من نطاق األمالك الخاصة و بالتالي فاألمالك‬
‫الخاصة هي القاعدة التي تخرج منها األمالك العمومية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 31‬من ق‪.‬أ‪.‬و ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 12‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)3‬‬
‫يعرف القانون رقم ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬البلدية في مادته األولى بأنها ‪" :‬الجماعة‬
‫اإلقليمية القاعدية للدولة و تتمتع بالشخصية المعنوية و الذمة المالية المستقلة" و مصطلح "محلية" في البحث‬
‫هو مرادف لمصطلح "إقليمية"‪.‬‬
‫كما يعرف يعرف القانون رقم ‪ 08/80‬المؤرخ في ‪ 09‬أفريل ‪ 1880‬الوالية في مادته األولى بأنها "مجموعة‬
‫عمومية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي"‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫المادة ‪ 19‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ب ‪-‬عناصر األمالك الوطنية ‪:‬‬

‫للملكية العامة أساس دستوري ذلك أن المادة ‪19‬من الدستور الحالي قد حددت مجموعة من‬
‫العناصر جاءت على سبيل المثال ال الحصر لورود عبارة ‪":‬و أمالكا أخــرى محــددة فــي القــانون"‬
‫في آخـر المـادة ‪ ،‬و تعتـبر هـذه األمـالك مـن العناصر اإلســتراتــيجــية و الـــحـيــويـة لــلـمـجـمـوعـة‬
‫الــوطـنــيـة (‪)1‬مـثـل الـثـروات الــطــبيـعيــة الــموجودة على سطح األرض أو بباطنها و المناجم و‬
‫المقالع ‪...‬الخ ‪ .‬لذلك سنتطرق لعناصر األمالك الوطنية العمومية ثم بعد ذلك لعناصر األمالك الوطنية‬
‫الخاصة‬

‫‪- 1‬عناصر األمالك العمومية‬

‫إن المشرع الجزائري في تحديده لعناصر األمالك العمومية قسمها إلى أمالك عمومية طبيعية‬
‫وأمالك عمومية اصطناعية‪.‬‬

‫األمالك العمومية الطبيعية ‪ :‬و تتكون من األمالك البحرية و النهرية و المجاري المائية و‬ ‫‪‬‬
‫األمالك و الثروات و الموارد الطبيعية السطحية و الجوفية و حددتها المادة ‪ 15‬من قانون األمالك‬
‫الوطنية و ذلك على سبيل المثال ال الحصر حيث نصت على أن ‪ ":‬تشتمل األمالك الوطنية العمومية‬
‫الطبيعية خصوصا على ما يأتي " فعبارة خصوصا الواردة في النص تشير إلى أن هذه العناصر‬
‫جاءت على سبيل المثال ال الحصر و تتمثل هذه العناصر في ‪:‬‬
‫‪ -‬شواطئ البحر‪ :‬و هي جزء من الساحل تغطيه أعلى مياه البحر تارة و تكشف عنه أخفضها تارة‬
‫أخرى(‪.)2‬‬
‫‪ -‬قعر البحر اإلقليمي و باطنه و مياهه الداخلية ‪ :‬و ذلك على طول ‪12‬ميال بحريا و تعين حدود البحر‬
‫جهة األرض ابتداء من خط الشاطئ الذي تبلغه المياه في أعلى مستواها خالل السنة و في الظرف‬
‫الجوية العادية(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المجموعة الوطنية و األمة هي مفاهيم اجتماعية مجردة‪ ،‬تجسيدها القانوني هو الدولة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪28‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪ ،‬و المواد من ‪100‬إلى ‪ 103‬و ما بعدها من المرسوم‪ 454/81‬التي تبين‬
‫كيفية تعيين حدود هذا العنصر‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 39‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬طرح البحر و محاسره ‪ :‬و طروح البحر هي األراضي التي تتكون من الطمي الذي يأتي به الساحل‬
‫و يظهر فوق أعلى مستوى تبلغه األمواج‪ ،‬أما محاسر البحر فهي األراضي التي يتركها البحر مكشوفة‬
‫لدى انحساره و لم تعد المياه تغمرها في أعلى مستواها‪.‬‬
‫مجاري الميـاه و رقـاق المجـاري الجــافة ‪ ،‬و كـذلك الجزر التي تتكـون داخل رقاق المجــاري و‬ ‫‪-‬‬

‫البحيرات و المساحات المائية األخرى‪ ،‬و تبين حدود المجاري المائية بأعلى نقطة تصلها الـميـاه‬
‫(‪)1‬‬
‫المتدفقـــة تدفقــا قويــا دون أن تصل حــد الفيضــان خـــالل السنـــــة في الظــروف الجوية العادية‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬المجال الجوي اإلقليمي‪ :‬و يتمثل في المجال الجوي الذي يعلو إقليم الدولة و تمارس فيه الدولة‬
‫سلطة ضبط و تنظيم حركة المالحة الجوية طبقا للقوانين و االتفاقيات الدولية بما يحـقــق مصالحها ‪ ،‬و‬
‫ال يمكن تحديد علو هذا المجال ‪ ،‬و بالتالي تتضح سيطرة الدولة على مجالها الجوي بتطورها‬
‫التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬الثروات و الموارد الطبيعية السطحية و الجوفية المتمثلة في الموارد المائية بمختلف أنواعها و‬
‫المحروقات السائلة منها و الغازية و الثروات المعدنية و الطاقوية و الحديدية و المعادن األخرى أو‬
‫المنتجات المستخرجة من المناجم و المحاجر و الثروات البحرية‪ ،‬و كذلك الثروات الغابية الواقعة في‬
‫كامل المجاالت البرية و البحرية من التراب الوطني في سطحه أو في جوفه و كذلك بالنسبة للجرف‬
‫القاري‪ ،‬و المناطق البحرية الخاضــعة لسيادة الدولة الـــجزائرية أو لسلطتها القضائية‪.‬‬
‫وكان قانون ‪ 12/94‬يدخل الثروات و الموارد الطبيعية في األمالك االقتصادية إلى جانب‬
‫المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫الذي يحدد‬ ‫و بالنسبة للمياه فإن هناك إحالة من قانون األمالك الوطنية إلى قانون المياه‬
‫القواعد القانونية المطبقة الستعمال الموارد المائية و تسييـرها كونها ملكا للمجموعة الوطنــية‬
‫و يدخلها في األمالك الطبيعية(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المواد من ‪109‬إلى ‪ 112‬من المرسوم رقم ‪.454/81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 12/05‬المؤرخ في ‪04‬أوت ‪ 2005‬يتعلق بالمياه‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادتين ‪ 1‬و ‪ 4‬من قانون المياه‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫ب‪ -‬األمالك العمومية االصطناعية ‪:‬‬

‫حددتها المادة ‪ 12‬من قانون األمالك الوطنية على سبيل المثال ال الحصر و تشتمل على‬
‫ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬األراضي المعزولة اصطناعيا عن تأثير األمواج‪ ،‬فتلحق هذه األراضي بملكية الدولة‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫من أراضي تكون أساس الشـبكة و الرص‬ ‫‪ -‬السكك الحديدية و توابعها الضرورية الستغاللها‬
‫و الـجـوانـب و المـنشـآت الــفنـيـة و الـمـبــاني و الـتـجـهيزات التـقـنية الســتغالل الـشبــكــة‬
‫و إشـاراتها‪ ،‬و تضم أيضا ورشـات اإلصالح و الصيانة و المحطات بكل مرافـقها و ملحقاتها‪.‬‬
‫‪ -‬الموانئ المدنيـــة و العسكـــرية و توابعــها الخصصة لحـركة المرور البحرية من وسائل‬
‫اإلضــاءة و اإلرشاد و المنشآت الخاصة بصيانة السفن و إصالحها أو الشحن و التـفـريغ و كانت في‬
‫قانون ‪ 12/94‬تدخل في صنف مستقل هو األمالك العسكرية ‪.‬‬
‫‪ -‬المطارات المدنية و العسكرية و توابعها المبنية أو غير المبنية المخصصة لفائدة المالحة الجوية ‪.‬‬
‫‪ -‬الطرق العادية و السريعة و توابعها و تصنف إلى طرق وطنية و والئية و بلدية‪ ،‬و ملحقات هذه‬
‫الطرق من وسائل دعمها و تسهيل المرور فيها(‪.)2‬‬
‫‪ -‬البريد و المواصالت السلكية و الالسلكية ‪ :‬من خطوط و مراكز استقبال و إرسال‬
‫و ملحقاتها و قد وردت هذه األمالك في نص المادة ‪ 19‬من الدستور و لم ترد في نص المادة‪ 12‬من‬
‫قانون األمالك الوطنية ‪.‬‬
‫‪ -‬المنشآت الفنية الكبرى و المنشآت األخرى و توابعها المنجزة لغرض المنـفعة العمومية ‪.‬‬
‫‪ -‬اآلثار العمومية و المتاحف و األماكن و الحظائر األثريـة‪ :‬و تـشـمل اآلثار التاريخية‬
‫و المكان الذي تعرض فيه أي المتحف‪.‬‬
‫‪ -‬الحدائق المهيأة و هي الحدائق المنشأة داخل الغابات‪.‬‬
‫‪ -‬البساتين العمومية ‪ :‬و هي الحدائق المنشأة داخل التجمعات السكنية‪.‬‬
‫‪ -‬األشياء و األعمال الفنية المكونة لمجموعات التحف المصنفة‪.‬‬
‫‪ -‬المنشآت األساسية الثقـافيـة و الرياضية‪ ،‬وتتمثل المنشـآت الثقافية في دور الثقافــة‬
‫و المكتبات الـعامة و دور العرض السينمائية المملوكة ألحد األشخاص العامة اإلقليمية ‪ ،‬أما المنشآت‬
‫الرياضية فتتمثل في المركبات الرياضية و ملحقاتها‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 129‬من المرسوم ‪.454/81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مرسوم ‪ 32/95‬المؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪ 1895‬المتضمن التنظيم المتعلق بالطرق السريعة‪،‬ج‪.‬ر‪.8‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬المحفوظات الوطنية ‪ ،‬وهو ما يسمى باألرشيف‪.‬‬
‫‪ -‬حقوق التأليف والملكية الثقافية اآليلة إلى األمالك الوطنية العمومية ‪.‬‬
‫‪ -‬المباني العـمومية التي تأوي المؤسسات الوطنية وكذا الـملحقات اإلدارية المصممة والمهيأة‬
‫إلنجاز مرفق عام ‪.‬‬
‫‪ -‬المنشآت ووسائل الدفاع المخصصة لحماية التراب الوطني برا وبحرا وجوا‪.‬‬
‫‪ -‬المعطيات المترتبة عن أعمال التنقيب والبحث المتعلقة باألمالك المنجمية للمحروقات‬
‫من خالل ما سبق ذكره نالحظ أنه يدخل ضمن األمالك الوطنية العمومية المنقوالت‬
‫والعقارات على حد سواء وكذا الحقوق األخرى كحقوق التأليف والملكية الثقافية اآليلة لألمالك‬
‫العمومية ‪،‬وال فرق تقريبا بين هذه العناصر والعناصر التي ذكرناها بالنسبة لألمالك العامة في النظرية‬
‫الفرنسية ‪.‬‬

‫‪-2‬عناصر األمالك الوطنية الخاصة‪:‬‬

‫تحدد األمالك الوطنية الخاصة بأسلوب االستبعاد ‪،‬بمعنى أن كل مال تابع ألحد األشخاص‬
‫العامة اإلقليمية ‪،‬ولم يخصص الستعمال الجمهور مباشرة أو عن طريق المرافق العامة ‪،‬ولم يكن من‬
‫األموال التي حددها الدستور واعتبرها ملكية عمومية فهو ملك خاص لهذا الشخص العام اإلقليمي‬
‫(‪)1‬‬
‫على‪:‬‬ ‫‪،‬ولذلك تشتمل األمالك الوطنية الخاصة التابعة للدولة والوالية والبلدية‬

‫‪ -‬العقارات والمنقوالت المخـتـلفة األنواع غير المصــنفة في األمــالك الوطنية العمومية التي تملكها‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬الحقوق والقيم المنقولة التي اقتنتها أو حقـقتها الدولة والجماعات المحلية في إطار القانون‪.‬‬
‫‪ -‬األمالك والحقوق الناجمة عن تجزئة حـق الملكية التي تؤول إلى أحد األشخاص العامة اإلقليمية‬
‫وإلى مصالحها ومؤسساتها العمومية ذات الطابع اإلداري‪.‬‬
‫األمالك التي ألغي تخصيصها أو تصنيفها في األمالك الوطنية العمومية التي تعود إليها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 19‬من قانون األمالك الوطنية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫األمالك المحولة بصفة غير شرعية من األمالك الوطنية التابعة للدولة والوالية و البلدية‬ ‫‪-‬‬
‫والتي استولي عليها أو شغلت دون حق ومن غير سند واستردتها بالطرق القانونية(‪. )1‬‬

‫‪)2(:‬‬
‫وتنفرد الدولة باألمالك الخاصة التالية‬

‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬األمالك المخصصة لوزارة الدفاع الوطني التي تمثل وسائل الدعم‬
‫‪ -‬األمالك المخصصة أو التي تستعملها البعثات الدبلوماسية ومكاتب القنصليات المعتمدة في الخارج‬

‫‪ -‬األمالك المحجوزة أو المصادرة‪.‬‬

‫‪ -‬السندات والقيم المنقولة التي اقتنتها أو حققتها الدولة وتمثل مقابل قيمة الحصص أو التزويدات التي‬
‫تقدمها للمؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫دمج المال في األمالك الوطنية وعالقته باإلدارة‬

‫تستمد قواعد دمج المال في نطاق األمالك الوطنية و خروجه منها من النظرية الفرنسية التي‬
‫تقوم على أساس التمييز بين ثالث عمليات منفصلة و هي‪ :‬عملية كسب ملكية المال لصالح الذمة المالية‬
‫لشخص عام‪ ،‬ثم عملية تخصصيصه لالستعمال الجمهور مباشرة أو لمرفق عام ثم عملية تصنيفه ألحد‬
‫أهداف النفع العام‪ ،‬و تجعل من إجراء التخصيص المحور األساسي إلدماج المال في النظام القانوني‬
‫للملكية العامة‪ ،‬حيث ترتبط صفة المال العام وجودا و عدما بوجود أو انقضاء تخصصه للنفع العام‪.‬‬

‫أما عن عالقة اإلدارة (الدولة و األشخاص العامة األخرى) باألموال العامة‪ ،‬فقد اختلف الفقه‬
‫في تكييف صلة الدولة و األشخاص العامة األخرى على األموال العامة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪ALOUI ( ammar), ptopriété et regime foncier en algerie, 5eme‬‬


‫‪edition, alger, edition houma, 2009,p 116.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 19‬من ق‪.‬أ‪.‬و ‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 391/82 :‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1882‬المحـدد للقواعد المطبقة‬
‫في تسيير األمالك العقارية المخصصة لوزارة الدفاع الوطني‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫أما في الجزائر وبعد دراسة مراحل تطور مفهوم األمالك الوطنية وتبيان أنواعها وعناصرها سنتولى‬
‫معالجة كيفية إلحاق كل عنصر باألمالك الوطنية وكيفية خروجه منها (المطلب األول) ومتى يكتسب‬
‫الملك الوطني صفة العمومية ومتى تزول عنه (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نتطرق إلى التكييف القانوني لصلة‬
‫الشخص العام باألمالك الوطنية (المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫دخول المال في نطاق األمالك الوطنية وخروجه منها‬
‫وهنا يجب التمييز بين نوعين من األموال‪ ،‬أموال تكتسب صفتها العامة بفعل الظواهر‬
‫الطبيعية و الجغرافية‪ ،‬و تسمى باألمالك الطبيعية مثل شواطئ البحار و مجاري المياه‪ ،‬و أموال تكتسب‬
‫هذه الصفة بتهيئة اإلدارة لها و تخصيصها للمنفعة العامة و تسمى باألمالك االصطنا عية‪.‬‬
‫وال يثير موضوع كيفية تخصيص المال للمنفعة العامة صعوبة ما بالنسبة للنوع األول من‬
‫هذه األموال ‪،‬إذ يكون تخصيصها للنفع العام نتيجة لتفاعل الظواهر الطبيعية دون أن يكون إلرادة‬
‫اإلدارة دخل في هذا الشأن‪ ،‬فتدخل هذه األموال تلقائيا في عداد األموال العامة دون حاجة ما لصدور‬
‫قرار من اإلدارة بهذا اإللحاق‪ ،‬و إذا حدث و أصدرت اإلدارة قرارا في هذا الشأن‪ ،‬فإن قرارها ال يكون‬
‫منشئا لمركز قانوني جديد‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنوع الثــــاني من األمــــوال ‪،‬فهي ال تلحق باألمــــوال العامة إال إذا هيـأتها‬
‫اإلدارة و خصصتها للمنفعة العامة‪ ،‬كما أن هناك بعض األموال تكتسب بحكم القانون و يتفق خروج‬
‫المال من نطاق األمالك الوطنية مع طريقة دخوله فيها‪ ،‬لهذا سنتناول في هذا المطلب كيفية دخول المال‬
‫في نطاق األمالك الوطنية (الفرع األول) و كيفية خروجه منها (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫دخول المال في نطاق األمالك الوطنية‬
‫يتم إلحاق األموال باألمالك الوطنية إما بتكامل الظواهر الطبيعية المنشئة للمال أو باكتسابه‬
‫من قبل الشخص العام اإلقليمي ‪ :‬الدولة ‪،‬الوالية ‪ ،‬البلدية ‪ ،‬ويكون االكتساب إما بطرق القانون العام أو‬
‫بطرق القانون الخاص (‪ ،)1‬كما يلحق المال بحكم القانون كحالة األمالك التي ال وارث لها أو التي ال‬
‫(‪)2‬‬
‫قانونا‬ ‫مالك لها والكنوز والحطام والقيم المنقولة من سندات وأسهم وحصص لحقها التقـــــادم المحدد‬
‫(‪)3‬‬
‫الدستور‬ ‫و كذا األمالك التي حددها‬

‫(‪ )1‬المادة‪ 21‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬


‫(‪ )2‬السنهوري (عبد الرزاق) المرجع السابق «جزء ‪ " 7‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ 19‬من الدستور‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ويترتب على هذا اإللحاق نتائج هامة من ذلك خضوع المال ألحكام قانون األمالك الوطنية وخاصة خضوعه‬
‫لقاعدة عدم جواز التصرف فيه إال ما نص عليه القانون (‪.)1‬‬

‫ويلحق المال آليا باألمالك الخاصة في انتظار تغيير صفته بتخصيصه أو تصنيفه ليصبح ملكا‬
‫وطنيا عموميا وهذا ما هو معروف في النظرية الفرنسية التي يعتبر فيها المال الخاص األصل الذي‬
‫ترجع إليه األمالك الوطنية ‪.‬‬

‫أ – المال الطبيعي ‪:‬‬

‫تضم األمالك الطبيعية لألمالك الوطنية بتكامل العوامل الطبيعية التي أنشأتها كشواطئ‬
‫البحار ومجاري المياه والثروات الطبيعية‪ ،‬وبعد نشأتها يبقى على اإلدارة معاينتها وتعيين حدودها أي‬
‫بيان حدود هذه األمالك التي دخلت في ملكية اإلدارة من حدود األمالك الفردية المجاورة لها ‪ .‬وتبين‬
‫عملية تعيين الحدود بالنسبة لشواطئ البحر من جهة األرض وبالنسبة لضفاف األنهار حين تبلغ‬
‫األمواج أو المياه المتدفقة أعلى مستواها‪ ،‬ولهذه العملية طابع تصريحي ويبلغ عقد تعيين الحدود‬
‫للمجاورين وينشر طبقا للتشريع المعمول به (‪. )2‬‬

‫ب – المال االصطناعي‪:‬‬

‫تنتج األمالك االصطناعية بالجهد والعمل اإلنساني وتتحكم في تكوينها صنعة اإلنسان وإرادته‬
‫( ‪)3‬‬
‫فالمال االصطناعي هو الذي غيرت طبيعته األولى بتدخل اإلنسان ‪.‬ويدخل في نطاق األمالك‬
‫الوطنية باالكتساب ألنه يكون في حيازة أحد أشخاص القانون الخـاص وينتقل إلى ملكيـة اإلدارة‬
‫بـالطـرق القانونية المحددة في قانون األمالك الوطنية ‪ ،‬حيث ال يعد المال ملكا وطنيا إذا تم اغتصابه‬
‫بطريق غير شرعي ذلك أن المشرع اشترط أن يكون االكتساب بالطرق القانونية سواء طرق القانون‬
‫الخاص أو طرق القانون العام (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬المواد ‪ 12، 4،3‬من ق ‪.‬أ ‪.‬و ‪.‬‬

‫(‪ )2‬المادة ‪ 28‬من ق ‪.‬أ‪.‬و‬

‫(‪)3‬محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 189‬‬

‫(‪)4‬‬
‫شيحا( إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬الوسيط في مبادئ وأحكام القانون اإلداري ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬الدار الجامعية‬
‫للطباعة والنشر ‪ ، 1889 ،‬ص‪. 498‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ – 1‬طرق القانون الخاص ‪ :‬وحددتها المادة ‪ 22‬من قانون األمالك الوطنية وتتمثل في العقد‬
‫التبرع ‪ ،‬التبادل ‪ ،‬التقادم و الحيازة ‪.‬‬

‫‪-‬العقد ‪ :‬بإمكان اإلدارة الحصول على األمالك عن طريق العقد بالتراضي وتوافق اإلرادتين إرادة‬
‫صاحب الملك وإرادة اإلدارة ‪ ،‬ويكون نقل الملكية لإلدارة بمقابل قيمة المال المتنازل عنه حسب اتفاق‬
‫الطرفين (‪.)1‬‬
‫‪ -‬التبرع ‪ :‬تقبل اإلدارة األموال المتبرع بها من قبل األفراد أو التنظيمات المختلفة مع مراعاة الشروط‬
‫القانونية المحددة منها‪:‬أن تثبت هذه التبرعات بعقد إداري تعده السلطة المختصة وهي في العادة‬
‫مصلحة أمالك الدولة ‪.‬‬
‫وتخضع هذه التبرعات والهبات ألحكام المعاهدات أو االتفاقيات التي تكون الجزائر طرفا فيها‬
‫إذا كانت التبرعات صادرة من المؤسسات والهيئات الدولية التي تعمل في إطار المساعدة أو التعاون‬
‫الثنائي أو المتعدد األطراف (‪. )2‬‬
‫وتقبل التبرعـــات والهبات التــي تقدم للدولة بمقتضى قرار يتخذه الوزير المكلف بالمالية‬
‫(‪)3‬‬
‫وعند االقتضاء بقرار مشترك بين وزير المالية والوزير المكلف بضمان تخصيص هذه التبرعات‬
‫أما بالنسبة للمؤسسات العامة ذات الطابع اإلداري التابعة للدولة فيتم قبول التبرعات لفائدتها برخصة‬
‫مشتركة بين الوزير المكلف بالمالية والوزير الوصي على المؤسسة المستفيدة سواء كانت هذه‬
‫التبرعات مثقلة أو غير مثقلة بأعباء وشروط أو مقيدة بتخصيص خاص (‪. )4‬‬

‫وبخصوص الواليات والبلديات‪ ،‬فيخضع قبول التبرعات أو رفضها للمجالس الشعبية‬


‫المنتخبة (‪ )5‬وإذا كانت مثقلة بأعباء وشروط خاصة فتتم الموافقة على مداولة المجالس الشعبية المعنية‬
‫بقــرار مشترك بين الوزارة الوصية ووزير المالية‪ .‬وإذا كانت المداخيل النــاجمة عن التبرع ال تكفي‬
‫لتنفيذ األعباء المفروضة ‪ ،‬للمجلس الشعبي البلدي أو الوالئي تخفيضها عن طريق المداولة‪.‬‬

‫(‪)1‬المادة ‪ 298‬من القانون المدني المعدل بالقانون رقم ‪ 14/99‬المؤرخ في ‪ 3‬ماي ‪.1899‬‬
‫(‪)2‬المادة ‪ 42‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)3‬المادة ‪ 43‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)4‬المادة ‪ 44‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)5‬المادة ‪ 45‬من ق‪.‬أ‪.‬و ‪ ،‬المادتين ‪ 112 ،111‬من قانون الوالية ‪ ،‬المادة ‪ 122‬من قانون البلدية ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬التبادل(‪ : )1‬وينصب على األمالك العامة والخاصة ‪ ،‬فيمكن لألشخاص العامة اإلقليمية أن تتبادل مع‬
‫مصالحها هذه األمالك وذلك بقرار من وزير المالية أو الوالي حسب الحاالت بعد استشارة مصلحة‬
‫أمالك الدولة المتخصصة‪ ،‬وهذا التبادل ال يدخل كطريق الكتساب المال ألن المال موجود أساسا في‬
‫نطاق األمالك الوطنية ‪.‬‬

‫ويمكن لإلدارة أن تبادل أحد األمالك الخاصة مع ملك ألحد أشخاص القانون الخاص ويتم ذلك‬
‫بقرار من وزير المالية بعد مبادرة من الوزير المسؤول عن القطاع الذي يتبعه المال المراد تبديله ‪ ،‬أو‬
‫من السلطة المختصة بعد مداولة المجلس الشعبي المعني ‪.‬أما المنقوالت التابعة لألمالك الخاصة التي‬
‫تملكها الدولة أو الوالية أو البلدية فال يجوز بأية حال من األحوال أن تكون محل تبادل إذ يجب بيعها إذا‬
‫ما أصبحت غير صالحة لالستعمال (‪. )2‬‬

‫يحرر عقد التبادل إما في شكل عقد إداري وإما في شكل عقد توثيقي طبقا للشروط التي يحددها‬
‫أطراف العقد (‪ ،)3‬ثم يضم المال لألمالك الخاصة‪.‬‬

‫وإذا كانت قيمة ملك اإلدارة تفوق قيمة ملك شخص القانون الخاص فيمكنها تحصيل الفارق‬
‫ويدفعه لها الطرف المبادل ‪ ،‬وإذا كانت قيمة الملك الذي تتلقاه الدولة بمقتضى التبادل تفوق قيمة الملك‬
‫الذي تعرضه فإن هذه العملية تخول الطرف المبادل الحق في أخد الفارق الذي تدفعه الدولة من‬
‫األموال العمومية (‪ .)4‬وفي حالة النزاع بين الطرفين ينعقد االختصاص للقضاء العادي (‪.)5‬‬
‫‪ -‬التقادم و الحيازة‪ :‬يتم اكتساب المال و دخوله في نطاق األمالك الوطنية و آليا في األمالك‬
‫الخاصة طبقا لقواعد التقادم المنصوص عنها في القانون المدني (‪ )2‬وقانون األمالك الوطنية (‪ )9‬فتدخل‬
‫في األمالك الوطنية األسهم وحصص المؤسسين للشركات والسندات والمنقوالت والمبالغ المالية‬
‫واألرصدة النقدية في البنوك ومبالغ الفوائد واألرباح في شكل إيداع أو حساب جار إذا لم تجر أية‬
‫عملية عليها ولم يطالب بها أي أحد من ذوي الحقوق لمدة تزيد عن ‪ 15‬سنة ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪82‬من ق‪.‬أ‪.‬و ‪ .‬والمادة ‪ 30‬من المرسوم ‪454/81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 100‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 83‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)4‬‬
‫المادة ‪ 84‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)5‬‬
‫المادة ‪ 82‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)2‬‬
‫المواد من ‪ 309‬إلى ‪ 322‬من القانون المدني ‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫المادة ‪ 48‬من ق‪.‬أ ‪.‬و ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -2‬طرق القانون العام ‪ :‬ينقل المال في هذه الحالة من الذمة المالية ألحد أشخاص القانون‬
‫الخاص إلى ذمة الشخص العام المالية دون موافقة المالك الخاص وبهذا المعنى يغيب عنصر‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪،‬وقد وردت هذه الطرق أيضا في المادة ‪ 22‬من قانون األمالك الوطنية وعبرت عنها‬ ‫التراضي‬
‫بالطرق االستثنائية عن القانون الخاص أي تلك التي يظهر فيها عنصر السلطة العامة وهي ‪ :‬نزع‬
‫الملكية للمنفعة العامة وحق الشفعة ‪ ،‬كما سنتطرق لإلستيالء والتأميم ‪.‬‬

‫‪ -1-2‬نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية (‪:)2‬‬

‫( ‪)3‬‬
‫في نص المادة ‪52‬‬ ‫على الرغم من الحصانة الممنوحة لحق الملكية بحكم الدستور‬
‫منه التي تنص على أن الملكية الخاصة مضمونة ‪ ،‬إال أن هذا الحق قد ترد عليه قيودا تقلص من حجم‬
‫هذه الحصانة ‪ ،‬ويعتبر نزع الملكية من أهم القيود ‪ ،‬وقد تم النص عليه في المادة ‪ 299‬من القانون‬
‫المدني التي جاء فيها ما يلي ‪:‬‬

‫" ال يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إال في األحوال والشروط المنصوص عليها في القانون‪ .‬غير أن‬
‫لإلدارة الحق في نزع جميع الملكية العقارية أو بعضها ‪ ،‬أو نزع الحقوق العينية العقارية للمنفعة العامة‬
‫مقابل تعويض منصف وعادل" ‪.‬‬

‫ولما كان نزع الملكية قيدا خطيرا يهدد حرية األفراد في التملك ‪ ،‬فقد تمت إحاطته بمجموعة من‬
‫الضوابط والشروط التي تقلص من إطالقه وتحد من خطورته من أجل إضفاء نوع من الحماية على‬
‫حق الملكية ‪ ،‬فال يجوز لإلدارة نزع الملكية العقارية لألفراد إال في إطار قانوني وبهدف تحقيق منفعة‬
‫عمومية مقابل تعويض عادل ومنصف يمنح لألشخاص المنزوعة ملكيتهم (‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.393‬‬

‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 11/81‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ، 1881‬يحدد قواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‬
‫ج‪.‬ر ‪.21‬‬

‫(‪)3‬‬
‫وهذا تماشيا مع المبادئ التي جاء بها اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في ‪ 22‬أوت ‪ 1998‬وال سيما‬
‫المادة ‪ 19‬منه‪.‬‬

‫(‪)4‬زغداوي (محمد) ‪ ،‬نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية في القانون الجزائري ‪،‬المفهوم واإلجراءات‬
‫رسالة دكتوراه ‪ ،‬كلية الحقوق – جامعة قسنطينة ‪، 1889،‬ص‪.144‬‬

‫‪53‬‬
‫ولهذا فإن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أسلوب استثنائي لكسب العقارات والحقوق‬
‫( ‪)1‬‬
‫وهو مقرر لصالح‬ ‫العينية العقارية ‪ ،‬فال يجوز استخدام هذا األسلوب لنزع ملكية المنقوالت‬
‫األشخاص العامة حتى تتمكن من إنجاز العمليات التي تدخل في مهامها ألجل المنفعة العامة بحيث‬
‫تستبعد المنفعة االقتصادية وفي هذا الصدد نصت المادة الثانية (‪ )02‬من القانون رقم ‪ 11/81‬على ما‬
‫يلي " يعد نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية طريقة استثنائية الكتساب أمالك أو حقوق عقارية ‪،‬‬
‫وال يتم إال إذا أدى انتهاج كل الوسائل األخرى إلى نتيجة سلبية ‪ ،‬وزيادة على ذلك ال يكون نزع‬
‫الملكية ممكنا إال إذا جاء تنفيذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة‬
‫العمرانية والتخطيط تتعلق بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت وأعمال كبرى ذات منفعة عمومية (‪." )2‬‬

‫وبالتالي ال يجوز لإلدارة اللجوء لهذا األسلوب لتكوين األموال الخاصة أي الدومين الخاص ‪،‬‬
‫كما ال يجوز تطبيقه لصالح األفراد ‪.‬‬

‫إن إجراء نزع الملكية يشترط فيه أن يكون آخر طريق تلجأ إليه اإلدارة اضطرارا بعد أن‬
‫تبوء كل محاوالت اكتساب األمالك بالطرق الودية والرضائية بالفشل ‪ ،‬كما تجبر الهيئات العمومية‬
‫المستـفيدة من إجراء نزع الملكية على تقديم تقرير يثبت أن محاوالت اقتناء األمالك بالتراضي‬
‫تمخضت عنها نتائج سلبية اضطرتها في األخير أن تجبر األفراد على التخلي عن أمالكهم العقارية‬
‫دون رضاهم (‪.)3‬‬

‫وكل تجاوز وخرق لهذا القيد من طرف السلطة المختصة يجعل قرارها مشوبا بعيب خرق‬
‫القانون ويتم نزع الملكية بمراحل على النحو التالي‪:‬‬
‫يتم تحديد موضوع نزع الملكية مع األخذ بعين اإلعتبار رأي المجلس الشعبي الوالئي المعني‬ ‫‪-‬‬
‫بنزع الملكية ‪ ،‬وإذا تمت الموافقة يفتح تحقيق لتحديد العقارات المراد نزع ملكيتها وأصحاب الحقوق‬
‫وكل من يعنيه األمر ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.393‬‬

‫(‪)2‬‬
‫قرار المحكمة العليا‪ -‬الغرفة اإلدارية‪ ،‬رقم ‪ 15932‬مؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ 1889‬لمزيد من‬
‫التفصيالت أنظر مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‪ ،3‬جانفي‪ ،‬جوان ‪ ،2003‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫(‪)3‬‬
‫المادة (‪ )2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 192/83:‬المؤرخ في ‪ 29‬جويلية ‪،1883‬يحدد كيفيات تطبيق‬
‫القانون رقم ‪ 11/81‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ 1881‬الذي يحدد القواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل‬
‫المنفعة العمومية ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫يبلغ قرار التصريح بالمنفعة العامة للمالك وكل من يهمه األمر وينشر في الجريدة الرسمية‬ ‫‪-‬‬
‫ويلزم أصحاب الحقوق العينية والشخصية على العقارات المعنية تسجيل حقوقهم في مكتب الرهن‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪ ،‬ألن هذا التصريح يعد إجراء أساسي‬ ‫ويعلق هذا القرار بمقر البلدية التي تقع فيها األمالك‬
‫يستهدف تحديد الغاية من العملية ككل ويمكن المواطنين من إبداء آرائهم في المشروع وتستثنى من هذه‬
‫العملية األشغال الخاصة بالدفاع الوطني حيث يبلغ فقط من يهمهم األمر دون أن يقع اإلشهار ‪.‬‬

‫إذا كان نزع الملكية لفائدة الدولة أو الجماعات المحلية فيتم بقرار مشترك مسبب صادر من‬ ‫‪-‬‬
‫وزير الداخلية ووزير المالية واألشغال العمومية والوزير المعني بنزع الملكية وذلك بالنسبة للعقارات‬
‫التي تقع في االختصاص اإلقليمي ألكثر من والية ‪،‬ويصدر هذا القرار الوالي المختص في الحاالت‬
‫األخرى (‪.)2‬‬

‫يجب أن يتضمن قرار التصريح بالمنفعة العامة تحديدا لمدة تنفيذ العملية والتي ال تتعدى السنتين‬ ‫‪-‬‬
‫يجوز تمديدها إلى نفس المدة دون إجراء تحقيق جديد ‪،‬ويجوز أن تصل مدة التنفيذ إلى خمس‬
‫(‪)5‬سنوات إذا تعلق األمر بإحدى عمليات التهيئة العمرانية المصادق عليها ‪،‬وأي تمديد آخر يتم‬
‫بمقتضى مرسوم ال بقرار‪.‬‬

‫يكون نزع الملكية مقابل تعويض عادل ومنصف (‪، )3‬تحدده الجهة اإلدارية مصدرة قرار نزع‬ ‫‪-‬‬
‫الملكية مع قبول صريح أو ضمني من المالك (‪ ، )4‬وفي حالة رفض قيمة التعويض فيحدد مبلغه بحكم‬
‫قضائي ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادتين ‪11‬و‪12‬من القانون رقم ‪. 11/81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد) ‪،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 388‬‬

‫(‪)3‬‬
‫المادة‪ 20‬من الدستور والمادة ‪ 299‬من القانون المدني ‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن مسألة الشخص المعنوي المكلف بتسديد التعويض مقابل نزع الملكية تم حسمها بموجب قرار‬
‫مجلس الدولة – الغرف المجتمعة – المؤرخ في ‪ 2003/09/22‬تحت رقم ‪ 9249 :‬الذي تبنى مبدأ وضع‬
‫عبء التعويض على عاتق المستفيد ‪ ،‬لمزيد من المعلومات أنظر ‪ :‬مجلة مجلس الدولة العدد رقم ‪ 5‬لسنة‬
‫‪ ،2004‬الجزائر ‪ ،‬ص‪. 118‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ويكون القبول ضمنيا في حالة عدم رفع المالك المعني لدعوى قضائية ضد قابلية التنازل عن أمالكه‬
‫أنظر المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪. 11/81‬‬

‫‪55‬‬
‫‪2-2 -‬الشفعة‪:‬‬

‫نص المشرع الجزائري عن الشفعة في المواد من ‪ 984‬إلى ‪ 909‬من القانون المدني‬


‫وهي رخصة تجيز الحلول محل المشتري في بيع العقار ضمن األحوال والشروط المنصوص عليها‬
‫فالشفعة ال تغدو أن تكون سوى مكنة أو إمكانية أو سلطة منحـها القانون للشفيع للحلول مـحل المشتري‬
‫في بيع العقار ‪ ،‬والمقصود بالعقار هنا هو العقار بالطبيعة أما العقارات بالتخصيص فال تجوز فيها‬
‫الشفعة إال إذا بيعت تبعا للعقار المتصلة به ‪.‬‬
‫وهناك أنواع من البيوع العقارية تعتبر استثناء عن األصل العام بحيث ال يجوز األخذ فيها‬
‫بالشفعة ولو توافرت فيها شروط األخذ بالشفعة وهو ما جاء صراحة في نص المادة ‪ 989‬من القانون‬
‫المدني التي تنص على أنه ‪" :‬ال شفعة ‪:‬‬
‫‪-‬إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقا إلجراءات رسمها القانون‬

‫‪-‬إذا وقع البيع بين األصول والفروع‪ ،‬أو بين الزوجين‪ ،‬أو بين األقارب لغاية الدرجة الرابعة‪ ،‬وبين‬
‫األصهار لغاية الدرجة الثالثة‪.‬‬

‫‪-‬إذا كان العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة "‪.‬‬

‫هذه هي األحكام المتعلقة بالشفعة طبقا لألحكام الواردة في القانون المدني ‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫( ‪)1‬‬
‫التي‬ ‫لألحكام الخاصة بحق الدولة في األخذ بالشفعة ‪ ،‬فتعتبر الشفعة الطريقة االستثنائية الثانية‬
‫تكتسب بها الدولة الملكية العقارية الخاصة ‪.‬‬

‫وعليه فالشفعة اإلدارية هي رخصة تجيز للدولة والجماعات المحلية الحلول محل المشتري‬
‫في بيع العقار وفق شروط معينة ‪،‬كما تعرف في فرنسا بأنها عبارة عن الميكانيزم الذي يسمح للسلطة‬
‫العامة اكتساب ملك عقاري بالحلول محل المشتري ‪ ،‬بمناسبة التصرف في العقار المذكور وذلك‬
‫بغرض استعماله في وضع سياستها(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 22‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪SOLER COUTEAUX(P) .droit de l’urbanisme , Dalloz , 1882,p242.‬‬

‫‪56‬‬
‫وتختلف الشفعة اإلدارية عن الشفعة المدنية‪ ،‬بحيث أن المستفيد من الشفعة اإلدارية هم أشخاص القانون‬
‫العام كالدولة والجماعات المحلية‪ ،‬أما المستفيد من الشفعة المدنية هم أشخاص القانون الخاص الذين‬
‫ذكرتهم المادة ‪ 985‬من القانون المدني على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬مالك الرقبة ‪ ،‬إذا بيع كل أو جزء من حق االنتفاع المناسب للرقبة ‪.‬‬

‫‪ -‬للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي ‪.‬‬

‫‪ -‬لصاحب حق اإلنتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها ‪.‬‬

‫وقد أجاز المشرع األخذ بالشفعة لصاحب حق اإلنتفاع دون صاحب حق اإليجار على الرغم‬
‫من تشابه كل من حق اإلنتفاع وحق اإليجار كونهما ينتفعان بشيء ال يملكانه إال أنهما مختلفين وهذا ما‬
‫أقرته المحكمة العليا (‪ )1‬كما تجدر اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري قد أقر امتداد ممارسته للمجاورين‬
‫في قانون التوجيه العقاري على خالف ما نص عنه في القانون المدني (‪.)2‬‬

‫ويقع على عاتق األشخاص العامة المحافظة على الحقوق العقارية التي تملكها ومنها حق‬
‫الشفعة (‪،)3‬وبالرجوع إلى نصوص قانون التوجيه العقاري المتعلقة بحق الدولة في األخذ بالشفعة نجدها‬
‫مقسمة إلى أحكام خاصة بالشفعة الممارسة على األراضي الفالحية وأحكام خاصة بالشفعة الممارسة‬
‫على األراضي العمرانية والقابلة للتعمير ‪.‬‬

‫ويقصد باألرض الفالحية طبقا لما ورد في المادة الرابعة (‪ )4‬من قانون التوجيه العقاري هي‬
‫كل أرض تنتج بتدخل اإلنسان سنويا أو خالل عدة سنوات إنتاجا يستهلكه البشر أو الحيوان أو يستهلك‬
‫في الصناعة استهالكا مباشرا أو بعد تحويله ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫قرارالمحكمة العليا ‪ ،‬الغرفة المدنية بتاريخ ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1889‬ملف رقم ‪ ،150100‬أنظر المجلة‬
‫القضائية لسنــة‪1889‬عــدد‪،2‬ص ‪. 55‬‬
‫(‪)2‬‬
‫هناك اختالف في الرأي بين جمهور الفقهاء والحنفية حول أحقية الجار باألخذ بالشفعة من عدمه‬
‫فالمذهب الحنفي يقر بأحقية الجار باألخذ بالشفعة عكس ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة‪ 92‬من قانون البلدية التي تحدد مهام رئيس المجلس الشعبي البلدي فيما يتعلق بإدارة وتسيير‬
‫أموال البلدية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫أمــا األراضـــي الـعــمــرانــيـة فـــيــقــصــد بــهـــا كــل أرض يشــغــلــهــا تــجـمــع‬
‫بـنـايــات في مجاالتها الفضائية وفي مشتمالت تجهيزاتها وأنشطتها ‪،‬ولو كانت هذه القطعة األرضية‬
‫غير مزودة بكل المرافق أ وغير مبنية أو مساحات خضراء أو حدائق أو تجمع بنايات (‪.)1‬‬

‫أما األرض القابلة للتعمير في مفهوم نفس القانون هي كل القطع األرضية المخصصة للتعمير‬
‫في آجال معينة بواسطة أدوات التهيئة والتعمير (‪.)2‬‬

‫هذا وقد منح نفس القانون الدولة حق األخذ بالشفعة في األراضي العامرة والقابلة للتعمير‬
‫حيث نصت المادة ‪ 91‬منه على أن "ينشأ حق الدولة والجماعات المحلية في الشفعة بغية توفير‬
‫الحاجات ذات المصلحة العامة والمنفعة العمومية بصرف النظر عن اللجوء المحتمل إلى إجراء نزع‬
‫الملكية "‪.‬‬

‫ويمارس حق األخذ بالشفعة المخول للدولة في إطار قانون التوجيه العقاري من طرف مصالح‬
‫وهيئات عمومية تحدد عن طريق التنظيم والمتمثلة في الديوان الوطني لألراضي الفالحية والوكاالت‬
‫المحلية للتسيير والتنظيم العقاريين الحضريين (‪.)3‬‬

‫‪-3-2‬االستيالء‪:‬‬

‫لم يرد هذا األسلوب في نصوص قانون األمالك الوطنية وإنما ورد النص عنه في القانون‬
‫(‪)4‬‬
‫ويعتبر االستيالء أسلوب إداري يؤدي إلى نقل حيازة مال مملوك ملكية خاصة إلى اإلدارة‬ ‫المدني‬
‫دون رضا المالك وذلك لتحقيق أحد أهداف النفع العام ‪،‬ويستهدف إجراء االستيالء إما إلى كسب ملكية‬
‫المال وهذا ال يكون إال بالنسبة للمنقوالت فقط دون العقارات التي يستلزم القانون عند رغبة اإلدارة في‬
‫تملكها اتخاذ إجراءات نزع الملكية ‪،‬وإما إلى استعماله فقط بحيث يمكن إجراؤه على المنقول والعقار‬
‫وخدمات األشخاص على حد سواء(‪. )5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 20‬من قانون التوجيه العقاري ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 21‬من نفس القانون‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المرسوم التنفيدي رقم ‪ 405/80:‬المؤرخ في ‪22‬ديسمبر ‪ 1880‬المتضمن إحداث وكاالت محلية للتسيير‬
‫والتنظيم العقاريين الحضريين ‪،‬ج ر ‪،52‬والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 99/82:‬المؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪1882‬‬
‫المتضمن إنشاء الديوان الوطني لألراضي الفالحية ‪ ،‬ج ر ‪15‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وذلك بموجب المادة ‪. 298‬‬
‫(‪)5‬‬
‫محمد فاروق( عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 401‬‬

‫‪58‬‬
‫لذلك فهو إجراء يرد على مال منقول أو عقار وقد ينصب على خدمات مشروعات خاصة أو‬
‫عمل األفراد وذلك بعكس أسلوب نزع الملكية الذي يقتصر إجراؤه على العقارات فقط ‪.‬‬

‫ويتم االستيالء بصفة فردية أو جماعية ويكون كتابيا يصدره الوالي ويوضح فيه إذا كان يقصد‬
‫منه الملكية أو االستعمال أو الخدمات كما يبين فيه مدة الخدمة وكيفية التعويض بعد اإلتفاق عليه ‪،‬وفي‬
‫حالة عدم اإلتفاق يحدد مبلغ التعويض عن طريق القضاء (‪، )1‬غير أنه ال يجوز االستيالء بأي حال من‬
‫األحوال على المحالت المخصصة للسكن (‪.)2‬‬

‫‪ -4-2‬التأميم ‪:‬‬

‫إن التأميم من الناحية اللغوية مأخوذ من كلمة أمة " ‪ " nation‬ويقابله بالفرنسية مصطلح‬
‫" ‪ ، " nationalisation‬وتأميم المال يعني جعله ملكا لألمة ‪ ،‬ويعتبر أحد الوسائل األساسية لتحقيق‬
‫التحول االشتراكي في الدول التي اتخذت من اإليديولوجية االشتراكية منهجا لسياستها وفلسفتها‬
‫القانونية بتحويل ملكية غالبية وسائل اإلنتاج المتاحة من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة ‪ ،‬ولم‬
‫يقتصر استعمال أسلوب التأميم على الدول االشتراكية وإنما امتد األخذ بهذا األسلوب في العديد من‬
‫الدول الرأسمالية خاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث اتخذ كوسيلة لتطوير وظيفة الدولة‬
‫ومدها إلى األنشطة الفردية وتنفيذ مخططاتها لتحقيق التنمية االقتصادية (‪.)3‬‬

‫فالتأميم إذن هو إجراء قانوني يستهدف تحقيق تدخل الدولة في األنشطة االقتصادية الخاصة‬
‫بنقل ملكية المشروع الخاص بما يحتويه من عقارات ومنقوالت إلى الدولة مقابل تعويض تنفرد الدولة‬
‫بتقديره (‪،)4‬وبالتالي فهو ال يعد غصبا وإنما هو عمل من أعمال السيادة التي ال يجوز الطعن فيها أمام‬
‫القضاء لذلك تم االعتراف له بالشرعية على المستوى الدولي ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المواد من ‪ 298‬إلى ‪ 291‬من القانون المدني ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫المعداوي (محمد يوسف) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 51‬‬

‫(‪)3‬‬
‫مع األزمة االقتصادية العالمية الحالية لجأت بعض الدول الرأسمالية إلى تأميم بعض البنوك كالواليات‬
‫المتحدة األمريكية وفرنسا وألمانيا عندما عجز النظام الليبرالي عن حل األزمات التي تقع في هذه الدول ‪.‬‬
‫(‪ )4‬المادة ‪ 299‬من القانون المدني ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وقد تــوالت التأميمات في الجزائر منذ االستقالل وخاصة خالل فترة الستينات وبداية‬
‫السبعينات سواء بالنسبة لألموال الشاغرة أو المشاريع االقتصادية أو الثروات الطبيعية ويتم التأميم‬
‫لدوافع مختلفة قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ‪ .‬وأهم دافع سياسي لهذه التأميمات في‬
‫الجزائر هو استكمال االستقالل الوطني باالستقالل االقتصادي ‪ ،‬وأهم دافع اقتصادي هو السير بالتنمية‬
‫في إطار التخطيط‪ ،‬وأهم دافع اجتماعي هو القضـاء على استغالل اإلنسـان ألخــيه اإلنسان ورفع‬
‫المستوى المعيشي للمواطنين ‪ ،‬وفي هذا المجال تم تأميم األراضي لفائدة الثورة الزراعية (‪ .)1‬إال أنه‬
‫بعد تخلي الجزائر عن اإليديولوجية االشتراكية وتبنيها القتصاد السوق بمقتضى دستور ‪ 1898‬تم‬
‫إلغاء قانون الثورة الزراعية وردت األراضي إلى أصحابها األصليين ‪.‬‬

‫ج – دخول المال في نطاق األمالك الوطنية بحكم القانون ‪:‬‬

‫بالرجوع لنصوص القانون المدني وقانون األمالك الوطنية يمكن تحديد هذه األموال على‬
‫النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬األموال التي ال مالك لها وال وارث لها والتركات المهملة ‪:‬‬

‫فهي أموال يجهل شخص مالكها أو يتوفى مالكها دون وارث ‪،‬فتقوم الدولة بالمطالبة‬
‫بإجراء تحقيق للبحث عن المالك أو الورثة المحتملين أمام الجهات القضائية المختصة حيث تصدر‬
‫( ‪)2‬‬
‫وبعد انقضاء‬ ‫حكما مثبتا النعدام الورثة ‪ ،‬يترتب على هذا الحكم تطبيق نظام الحراسة القضائية‬
‫اآلجال المقررة قانونا حسب الحكم الذي يصرح انعدام الوارث يمكن للقاضي أن يعلن الشغور وتسلم‬
‫أموال التركة كلها للدولة ‪.‬‬

‫كما أن حيازة هذه األموال بحسن نية و بسند صحيح لمدة ‪15‬سنة يؤدي إلى اكتساب‬
‫ملكيتها‪ ،‬أما حقوق الميراث فال تكتسب إال بعد مضي ‪ 33‬سنة و بنـفس الشروط السابقة و بعد‬
‫الحصول على المال يضم آليا إلى األمالك الخاصة‪ ،‬و يتم بيع المنقـول منه من طرف إدارة أمالك‬
‫الدولة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر ‪ 93/91‬المؤرخ في ‪ 9‬نوفمبر ‪ 1891‬المتضمن قانون الثورة الزراعية ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة‪ 51‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪ ،.‬أنظر أيضا ‪Instruction générale du directeur des affaires‬‬
‫‪domaniales et foncières, ministère des finances, N°=01043du7 mars‬‬
‫‪1989,p58.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ – 2‬األموال الشاغرة‪:‬‬

‫ظهر هذا النوع من األموال بعد االستقالل نتيجة هجرة أصحابها المعمرين أو الجزائريين‬
‫فاعتبرها المشرع أمواال شاغرة و أدخلها في نطاق األمالك الوطنية(‪ . )1‬و لم يعد لهذه األموال وجود‬
‫ذلك أن أغلبها تم التنازل عنها طبقا للقانون رقم ‪ 01/91:‬المتعلق بالتنازل عن أمالك الدولة و المتبقي‬
‫منها فقد زودت به الهيئات المسيرة لمثل هذا النوع من األمالك المعدة للسكن أو لممارسـة المــهن‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫‪ – 3‬القيم المنقولة‪:‬‬

‫و هي السندات و األسهم و الحصص التي يلحـقها التقادم و حددت هذه األموال في طريقة‬
‫االكتساب بالتقادم (‪.)2‬‬

‫‪ – 4‬الحطام و الكنوز ‪:‬‬

‫تعتبر حطاما كل األشياء أو القيم المنقولة التي تركها مالكها في أي مكان ‪ ،‬و كذا التي يكــون‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪ ،‬فتدخل على هذا األساس في ملكية الدولة مع األخذ بعين االعتبار المعاهدات‬ ‫مالكها مجهوال‬
‫الدولية و القوانين الخاصة بهذا الشأن ‪ .‬و يباع هذا الحطام من قبل مصالح أمالك الدولة و تدفع عائده‬
‫للخزينة العمومية‪.‬‬

‫و تعـتبر حـطامـا الـسـيارات الـموجـودة في حـظـائر الـحـجـز و الـمتروكـة من طرف‬


‫أصحابها و كـذلـك الــطـرود الـمـهـمـلـة بــمـصـلـحـة الـبـريـد و الـمـواصـالت و الـمـواد الـتي لـها‬
‫قـيمة تـجارية و الموجودة في األشياء المرسلة المهملة ‪ ،‬و من الحطام أيضا المواد الموجودة في‬
‫الطرود و التي تتعرض للعطب أو الفساد ‪ ،‬إال أن ثمن المواد المرسلة يضاف للميزانية الملحقة للبريد‬
‫و المواصالت بعد خصم اقتطاع لصالح الخزينة العامة (‪. )4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األمر‪ 102/22‬المؤرخ في ‪ 02‬مايو ‪ 1822‬و المتعلق بأيلولة األمالك الشاغرة للدولة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة‪ 48‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة‪ 55‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬
‫(‪)4‬‬
‫المادتين ‪ 92‬و ‪ 93‬من المرسوم ‪.454/81‬‬

‫‪61‬‬
‫أما بالنسبة للكنوز فيعتبر كنزا‪ ،‬كل شيء أو قيمة مخفية أو مدفونة ال يستطيع أحد أن يثبت‬
‫ملكيته لها ‪ ،‬و تم اكتشافها أو العثور عليها بمحض الصدفة ‪ .‬و الكنوز المكتشفة في األمالك الوطنية و‬
‫ملحقاتها تدخل في ملكية الدولة ‪ ،‬و تمتد هذه الملكية إلى األشياء المنقولة أو العقارات بالتخصيص ذات‬
‫األهمية التاريخية أو الفنية أو األثرية سواء اكتشفت في الحفريات أو عثر عليها صدفة و مهما كان‬
‫العقار الذي تم فيه االكتشاف أو تم ذلك في المياه اإلقليمية الوطنية‬

‫غير أن األعباء التي تترتب على المحافظة على هذه الكنوز في مكان اكتشافها إذا كان‬
‫المكان ملكا خاصا لألفراد تخول له الحق في التعويض وفق الشروط و األشكال المنصوص عليها في‬
‫التشريع المعمول به (‪.)1‬‬

‫و يترتب على انضمام المال لألمالك الوطنية دخوله آليا في نـطـاق األمالك الـوطنية‬
‫الخـاصة(‪ )2‬و هذا الوضع ال يختلف عن النظرية التقـليدية التي يعتبر فيها المال الخاص األصل الذي‬
‫تعود إليه كـل األموال المكتسبة في انتظار تخصيصها أو التصرف فيها نهائيا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫خروج المال من نطاق األمالك الوطنية‬

‫و يعـني ذلـك خـروج الـمـال مـن الـذمـة الـمـالـية لـلـدولـة و الـجـماعـات المـحـليـة‬
‫ودخـوله في الـذمة المـاليـة ألشـخـاص الـقـانـون الـخاص و يـكون ذلـك بـالـتصـرف فـي الـملـك‬
‫الــوطــنــي بــالــبـيــع ‪ ،‬كـمـا قــد يـخــرج المــال الــطـبـيـعـي بــزوال سـبـب إنـشـائـه أو بـزوال‬
‫سـبـب ضــم المال كإنهاء التأميم مما يؤدي إلى عودة المال إلى أصله أي ماال خاصا يخضع للقانون‬
‫الخاص و تزول عنه الحماية المقررة لألمالك الوطنية ‪.‬‬

‫لذلك سنتناول طرق خروج المال من نطاق األمالك الوطنية و نتائج ذلك‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادتين ‪ 59‬و‪ 59‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 31‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫طرق خروج المال من نطاق األمالك الوطنية ‪ :‬و هي على النحو التالي ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ - 1‬بيع الملك الوطني ‪ :‬و مثال ذلك ما تم بمقتضى القانون رقم‪ 01/91 :‬المتعلق بالتنازل عن أمالك‬
‫الدولة حيث تصرفت الدولة بالبيع في أمالكها ذات الطابع السكني و المهني و التجاري لصالح األفراد‬
‫و من األسباب التي دفعت الدولة إلى هذا التنازل ‪ ،‬تحقيق السياسة الـوطــنية للســكن و تمكين‬
‫المواطـنين من تملك سكناتهم أو محالتهم التجارية أو المهنية باإلضافة إلى أن هذه األمالك أصبحت‬
‫تشكل عبئا ثقيال على خزينة الدولة من حيث اإلنفاق عليها لصيانتها و ترميمها أما السبب اآلخر‬
‫فيتمثـل في رغبة الدولة دفع المواطن إلى إخراج أمواله السائلة الستثمارها في مشاريع مختلفة و الدفع‬
‫بعجلة التنمية ‪ ،‬و يختص القضاء اإلداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بالسكنات التي هي ملك‬
‫للدولة (‪.)1‬‬

‫إن تعليمات وزارة المالية لإلدارات العقارية تقضي بإلزامها بالتصرف في األموال التي‬
‫تؤول ملكيتها للدولة و ال تجد وجـها لتــخصيصها ألوجه االستعمال أو النفع العام أو ألحد المرافق‬
‫العامة(‪.)2‬‬
‫‪ - 2‬خروج المال من نطاق األمالك الوطنية بحكم الظواهر الطبيعية ‪ :‬فالملكيات المجاورة‬
‫للبحر تدرج في األموال العامة البحرية الطبيعية عندما تبلغها أقوى األمواج في السنة و في الظروف‬
‫الجوية العادية(‪.)3‬‬
‫غير أنه إذا أصبحت هذه المساحات ال تغمرها أمواج البحر فتخرج من نطاق األموال العامة‬
‫البحرية ‪ ،‬و كذلك إذا غير النهر مجراه إلى جهة أخرى ‪،‬فيدخل المجرى الجديد في نطاق األمالك‬
‫الوطنية ويعود المجرى القديم إلى األمالك الخاصة باألفراد‪.‬‬

‫‪ - 3‬زوال سبب ضم المال ‪ : :‬كأن يظهر مالك المال الذي اعتبرته اإلدارة غير مملوك ألحد‬
‫وكأن يظهر وارث للتركة التي اعتبرت بغير وارث وهنا يتم االسترداد طبقا للشروط القانونية‪،‬‬
‫وفي حالة عدم إمكان االسترداد يقدم تعويض عن قيمة المال(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫قرار محكمة التنازع بتاريخ ‪ 2009/05/19‬ملف رقم ‪ ،29‬أنظر مجلة المحكمة العليا‪،‬عدد خاص‪،‬محكمة‬
‫التنازع‪،2009،‬ص ‪.229‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.295‬‬

‫(‪)3‬‬
‫يحياوي(أعمر)‪،‬نظرية المال العام ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،2002 ،‬ص‪.44‬‬

‫(‪)4‬‬
‫المادتين ‪ 53‬و‪ 54‬من ق‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وكذلك بإنهاء تأميم بعض األموال وهو ما حدث بالنسبة إللغاء قانون الثورة الزراعية وبالتالي إرجاع‬
‫األراضي إلى أصحابها‪.‬‬

‫ب‪ -‬نتائج خروج المال من نطاق األمالك الوطنية ‪:‬‬

‫يترتب على خروج المال من نطاق األمالك الوطنية النتائج التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬خضوع المال لقواعد القانون المدني المنظمة للملكية الخاصة واختصاص القضاء العادي بنظر‬
‫المنازعات المتصلة به‪.‬‬

‫‪ - 2‬جواز التصرف فيه والحجز عليه وتملكه بالتقادم دون أي موانع قانونية ألن المال في هذه الحالة‬
‫يدخل في الذمة المالية ألحد أشخاص القانون الخاص ‪.‬‬

‫‪-3‬يصبح المال قابال للتحمل باالرتفاقات الخاصة كحق المطل وغيرها وهي الحقوق التي يفقد‬
‫المالك المجاورين لألمالك العامة حق المطالبة بها‪.‬‬

‫‪ -4‬يخرج المال من نطاق الحماية الجنائية لألموال العامة‪.‬‬

‫‪ -5‬تتوقف حقوق االستعمال العام والخاص التي كانت اإلدارة قد أعطتها لبعض األفراد على األموال‬
‫التي فقدت صفتها العامة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫اكتساب المال الوطني للصفة العمومية وزوالها عنه‬

‫بعد أن عرف قانون األمالك الوطنية األمالك الوطنية بصفة عامة وأشار إلى أنها تنقسم‬
‫إلى عامة وخاصة انتقل إلى إعطاء معيار للتمييز بين النوعين فنص على أنه‪..... ":‬تمثل األمالك‬
‫الوطنية العمومية األمالك المنصوص عليها في المادة ‪ 2‬أعاله والتي ال يمكن أن تكون محل ملكية‬
‫خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها (‪"....)1‬‬

‫وهذا ما يعاب على المشرع الجزائري بسبب تبنيه لفكرة األموال التي ال تقبل التملك‬
‫الفردي بحكم طبيعتها ‪ ،‬هذه الفكرة التي ولدت وماتت في القرن التاسع عشر في الفقه الفرنسي حيث‬
‫وجه لها آنذاك انتقاد شديد على أساس أن ليس هناك من األموال ما يفلت بطبيعته من التملك الفردي ‪،‬‬
‫فكل مال يمكن أن يكون محل ملكية من طرف الخواص‪.‬‬

‫لذلك فقد وقع المشرع الجزائري في نفس الخطأ الذي وقع فيه المشرع الفرنسي من قبل في‬
‫المادة الثانية من قانون أموال الدولة التي تبنت نفس الفكرة رغم كونها منتقدة (‪. )2‬‬

‫وقد حددت المواد من ‪ 29‬إلى ‪ 39‬من قانون األمالك الوطنية كيفية اكتساب المال الوطني‬
‫للصفة العمومية وكيف تزول عنه ‪ ،‬وميزت في هذا الصدد بين األمالك الطبيعية واألمالك‬
‫االصطناعية فقررت المادة ‪ 29‬أن ضم المال لألمالك العمومية يمر أوال عبر دخوله في نطاق األمالك‬
‫الوطنية أي في الذمة المالية للدولة أو الجماعات المحلية ‪ .‬ويدخل آليا في األمالك الخاصة ثم يخصص‬
‫المال لالستعمال العام أو للمرفق العام بشرط أن يكون بطبيعته أو بإدخال تعديالت عليه يتالءم مع‬
‫هدف المرفق(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 3‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬

‫(‪ )2‬محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 18‬وما بعدها ‪.‬‬

‫(‪ )3‬المادتين ‪ 3‬و‪ 12‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫فح تى يدمج المال في األمالك العمومية يمر بعدد من العمليات البد من التفرقة بينها ومنها‬
‫التخصيص‪،‬التصنيف‪ ،‬تهيئــة المال ‪،‬تعيين الحدود وكل هذه العمليات تأتي بعد اكتساب المال‬
‫(الفرع األول)‪.‬‬

‫وتزول صفة العمومية عن المال ليدخل في نطاق األمالك الخاصة لإلدارة ‪،‬بانتهاء العوامل‬
‫التي أكسبته صفة العمومية أو بإنهاء تخصيصه للمنفعة العامة أي الستعمال الجمهور مباشرة أو‬
‫بواسطة مرفق عام(الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫اكتساب المال صفة العمومية‬

‫ونفرق هنا بين األمالك الطبيعية واألمالك االصطناعية ‪،‬فالمادة ‪ 29‬من قانون األمالك‬
‫الوطنية تقرر بأن عملية تعيين الحدود هي طريقة لدمج األموال الطبيعية في األمالك الوطنية العمومية‬
‫‪،‬وهذا غير صحيح ألن تعيين الحدود عمل كاشف لفعل الطبيعة ‪ ،‬فالسبب األساسي في دمج المال في‬
‫نطاق األمالك العمومية هو فعل الطبيعة ‪ .‬وهو ما تؤكده المادة ‪ 28‬من قانون األمالك الوطنية حيث‬
‫تنص على أن ‪ " :‬تعيين الحدود هو معاينة السلطة المختصة لحدود األمالك الوطنية العمومية الطبيعية‬
‫( ‪)1‬‬
‫يثبت أ ن‬ ‫‪ ......‬ولهذه العملية طابع تصريحي " ‪ .‬فقرار تعيين الحدود قرار كاشف تصريحي‬
‫األمالك المعينة حــــدودها تدخل فعال في األمالك العموميــة بسبب الظواهر الطبيعية ‪ ،‬ويضفي صفة‬
‫العمومية على هذه األموال تخصيصها الستعمال الجمهور مباشرة أو بواسطة مرفق عــــام ‪ ،‬إال أنه‬
‫يفهم من قــــانون األمالك الوطنيــة والمرسوم ‪ 454/81‬بأن عملية تعيين الحدود هي التي تضفي‬
‫صفة العمومية على الملك ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لألمـــــالك االصطناعية فال يتم ضمها عن طريق تعـيين الحــدود وال بقرار‬
‫التنظيم أو التصنــــيف (‪ )2‬ولكن عن طــــريق تخصيصها ألحـــد أهـــــداف النفع العام ‪ ،‬بينما التنظيم‬
‫و التصنيف عمليتين الحقتين للتخصيص ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المواد من ‪ 100‬إلى ‪ 112‬من المرسوم ‪. 454/81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يعتبر التصنيف عمال قانونيا تتخذه السلطة المختصة يضفي على الملك المنقول أو العقار طابع األمالك‬
‫الوطنية العمومية االصطناعية ‪ .‬أنظر المادة ‪ 31‬من ق‪ .‬أ‪ .‬و ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وبالتالي يكون التخصيص هو الشرط األساسي الذي يضفي على المال صفة العمومية ويكون‬
‫تعيين الحدود والتهيئة مكملين له‪ .‬ويعاب على قانون األمالك الوطنية بدأه بالفرع وهو تعيين الحدود‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪ ، " l'affectation -‬فالتخصيص هو التصرف أو اإلجراء الذي‬ ‫قبل األصل وهو" التخصيص‬
‫بموجبه يوجه المال الوطني إلى هدف محدد على وجه الدقة (‪. )2‬‬

‫أما التصنيف فهناك من يعرفه بـــــأنه عمل السلطة الــذي يثبت أو يكــــرس اإللحاق بالمــــال‬
‫العام (‪. )3‬‬

‫إال أننا نرى أن مصطلحي التصنيف والتخصيص ‪ ،‬وإن كانا متالزمين في بعض األحيان إال‬
‫أنهما ال يؤديان نفس المعنى ‪ ،‬فالتخصيص كما سبقت اإلشارة إليه هو اإلجراء الذي بموجبه يكسب‬
‫المال صفة العمومية ويقصد به رصد المال لخدمة هدف عام ‪ ،‬هذا الهدف يختلف من مشرع إلى آخر ‪،‬‬
‫وبالنسبة للمشرع الجزائري ووفقا للمادة ‪ 12‬من قانون األمالك الوطنية هو استعمال الجمهور مباشرة‬
‫أو عن طريق مرفق عام ‪.‬‬

‫أما التصنيف كما سبق ‪ ،‬فهو وضع المال ضمن نوع معين سواء كان ماال اصطناعيا أو‬
‫خاصا فالطريق مثال هو مال عام وذلك بتخصيصه لالستعمال الجماهيري المباشر فالتخصيص هو‬
‫الذي أضفى عليه صفة العمومية ‪ ،‬ثم يصنف هذا الطريق ضمن األموال العامة االصطناعية ويصنف‬
‫أيضا ضمن الطرق الوطنية أو الوالئية أو البلدية حسب األحوال ‪.‬‬

‫وبالنسبة لعملية تهيئة المال فيقصد بها إدخال تعديالت عليه حتى يصبح متناسبا مع أهداف‬
‫النفع العام التي خصص لتحقيقها‪ ،‬كما أن إتمام هذه التعديالت ضروري لمد الصفة العامة على المال‬
‫وذلك في الجزائر (‪ )4‬وهو ليس ضروريا في النظرية الفرنسية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 223‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪DELAUBADERE) André( , op. cit,p148.‬‬

‫)‪(3‬‬ ‫‪DEMENTHON) Henri (, op,cit. p32.‬‬

‫(‪ )4‬المادة ‪ 31‬من ق‪.‬أ‪.‬و‬

‫‪67‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫زوال صفة العمومية عن المال‬
‫تزول صفة العمومية عن المال بزوال تخصيصه للمنفعة العامة‪ ،‬ذلك أن الصفة العامة لهذه‬
‫األموال هي دائما عرضية‪ ،‬تبقى مع بقاء التخصيص و تزول بزواله(‪.)1‬‬
‫و إذا كان إنتهاء التخصيص للمنفعة العامة يترتب عليه فقدان أموال اإلدارة لصفتها العامة و‬
‫بالتالي انتهاء تبعيتها لألموال العامة‪ ،‬فإنه ال يترتب على ذلك خروجها من ذمة اإلدارة و لكنها تتحول‬
‫فقط إلى أموال خاصة‪ ،‬فتخضع بذلك للنظام القانوني العادي لألموال فيجوز التصرف فيها سواء بالبيع‬
‫أو باإليجار(‪.)2‬‬

‫ويقرر الفقه الفرنسي في شأن انتهاء تخصيص هذه األموال و تجريدها من صفتها العامة أن‬
‫القاعدة ( ما لم يرد نص تشريعي يقرر خالف ذلك) هي وجوب ترتيب كافة النتائج التي يرتبها مبدأ‬
‫" التماثل" ‪ parallelisme‬الذي تبعا له يكون للسلطة التي أنشأت مركزا قانونيا معينا الحق في‬
‫تعديله أو إلغائه دون غيرها(‪.)3‬‬

‫ويقول ‪ durand‬في هذا الشأن‪« … le principe du parallelisme …..selon lequel :‬‬


‫‪seule peut modifier une situation de droit l’autorite qui la cree ainsi la‬‬
‫» …‪domanialite publique disparait comme elle est née‬‬
‫هذا بالنسبة لألموال العامة االصطناعية‪ ،‬أما بالنسبة لألموال العامة الطبيعية كشواطئ البحار و‬
‫مجاري األنهار فإن زوال تخصيصها للمنفعة العامة يتم بنفس الطريقة التي اكتسبت بها الصفة العامة‬
‫أي بزوال الظواهر الطبيعية التي أنشأت المال كأن تغطي المياه شواطئ البحر‪ ،‬أو أن يغير المجرى‬
‫المائي مجراه و ظهور مجرى جديد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫التكييف القانوني لصلة األشخاص العامة باألمالك الوطنية‬
‫ال تثير أموال الدولة الخاصة مشكلة في تكييف حق الدولة على هذه األموال أو في تحديد‬
‫األحكام التي تخضع لها‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 12‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪DURAND (claude), desaffectation et declassement des biens du‬‬
‫‪domaine public, R.D.P, 1996,p233.‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪KIENERT (G), le droit administratif du domaine public et de lavoirie,‬‬
‫‪paris, montchrestien, 1995,p 48.‬‬
‫)‪(4‬‬ ‫‪DURAND , op.cit.,p 239.‬‬

‫‪68‬‬
‫فحق الدولة على هذه األموال هو حق ملكية‪ ،‬فشان الدولة في تملك األموال الخاصة شأن أي‬
‫فرد في تملك المال الخاص‪.‬‬
‫إال أن الفقه قد اختلف في تكييف صلة الدولة و األشخاص المعنوية العامة األخرى على‬
‫األموال العامة‪ ،‬و يمكن رد هذا اإلختالف إلى إتجاهين رئيسيين‪ ،‬يتوجه أولهما إلى إنكار ملكية‬
‫األشخاص العامة لألموال العامة‪ ،‬و يرى ثانيهما أن حق الدولة و الجماعات المحلية على األموال‬
‫العامة هو حق ملكية حقيقية ال مجرد والية إشراف و حفظ و صيانة‪.‬‬
‫لذلك سنتناول موقف الفقه من هذه المسألة (الفرع األول)‪ ،‬ثم نبين موقف المشرع الجزائري‬
‫من ذلك (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫موقف الفقه‬
‫كان الرأي السائد في القرن التاسع عشر يرفض االعتراف بملكية الدولة لألموال العامة‪ ،‬و‬
‫يرى أن هذا الحق ليس حق ملكية‪ ،‬بل هو والية إشراف و حفظ و صيانة لمصلحة الناس جميعا(‪.)1‬‬
‫و أول من تبنى هذا الرأي هو الفقيه برودون" ‪ " proudhon‬حينما وضع كتابة المعروف‬
‫في الدومين العام سنة ‪ ، 1932‬إذ عد الدومين العام دومين حماية ال دومين ملك عند تمييزه بين‬
‫الدومين العام و الدومين الخاص و أن الدولة تحوزه باسم الجمهور و لمصلحته‪ ،‬و هي تنوب عنه في‬
‫حفظ المال العام و صيانته‪ ،‬و تبعه بالقول بهذا الرأي الفقيه ديكروك‪ ،‬فقد حلل الملكية إلى ثالثة عناصر‬
‫هي حق االستعمال و حق االستغالل و حق التصرف‪ ،‬و يرى أن هذه العناصر منعدمة بالنسبة إلى‬
‫الدولة في المال العام‪ ،‬فحق استعمال المال العام يكون للناس كافة ال للدولة‪ ،‬و أنه ليس للدولة أن تستغل‬
‫المال العام‪ ،‬أو أن تتصرف فيه و بانعدام هذه العناصر‪ ،‬فإن حق الدولة على األموال العامة ال يمكن‬
‫عده حق ملكية)‪ (2‬و إنما هو حق إشراف و رقابة فقط(‪.)3‬‬
‫مالك الشيء يختص به و يقصر االنتفاع به على‬ ‫أن‬ ‫و يستند أصحاب هذا الرأي إلى القول‬
‫شخصه و هذا ال وجود له في المال العام‪ ،‬ألن االنتفاع به يكون للكافة و ال ينحصر في شخص معين‪،‬‬
‫كما يذهب فقهاء القانون العام (ديجي‪ -‬جيز) إلى أن الدولة ال يمكن أن تكون صاحبة حقوق‪ ،‬و عليه ال‬
‫تكون مالكة للمال العام ألنهم ال يعترفون بالشخصية المعنوية للدولة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الظاهر (خالد خليل)‪ ،‬طبيعة المال العام ووسائل حمايته‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬المجلد العاشر‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،1884 ،‬ص ‪.191‬‬
‫(‪ )2‬أبو زيد ( محمد عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫(‪ )3‬محمدأنس قاسم (جعفر) ‪،‬النظرية العامة ألمالك اإلدارة و األشغال العمومية‪ ،‬ط‪ ،3‬الجزائر ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،1882 ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )4‬السنهوري (عبد الرزاق)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫‪69‬‬
‫أما الفقه الحديث فيتوجه إلى عدم قبول فكرة أن حق الدولة على األموال العامة يتمثل بوالية‬
‫اإلشراف و الرقابة على هذه األموال فقط‪ ،‬بل يتوجهون إلى القول بملكية الدولة لألموال العامة‪.‬‬
‫وقد تأثر القائلون بهذا الرأي باعتبارات اقتصادية و اجتماعية عديدة‪ ،‬و خاصة بعد تدخل‬
‫الدولة في الكثير من المرافق‪ ،‬مما اقتضى البحث عن موارد لدعم مرافقها المتنوعة‪ ،‬لذا فإنها لم تعد‬
‫تقنع بالوقوف موقفا سلبيا تجاه األموال العامة‪ ،‬بل نشطت في استعمال حقها على هذه األموال و تدرج‬
‫من والية اإلشراف و الحفظ و الصيانة إلى حق الملكية‪.‬‬

‫ويستند أصحاب هذا اإلتجاه في تأييد حق ملكية الدولة للمال إلى حجج عديدة أهمها‪:‬‬

‫الوظيفة االجتماعية للملكية‪ :‬إذ لم يعد حق الملكية حقا مطلقا في الوقت الحاضر و ذلك بعد زوال‬ ‫أ‪-‬‬
‫الفكرة القديمة عن الملكية الفردية باستبداد المالك في ملكه‪ ،‬و أصبح للملكية وظيفة اجتماعية‪ ،‬بحيث‬
‫على‬ ‫يمارس هذا الحق في إطار مجموعة من القيود حماية للمصلحة العامة‪ ،‬و القيود المفروضة‬
‫ملكية المال العام ال تنال من طبيعة حق المال أو تغير من جوهره(‪.)1‬‬
‫ب ‪ -‬اجتماع عناصر حق الملكية‪ :‬فحق الدولة على المال العام تجتمع فيه مختلف العناصر المعروفة‬
‫للمكية الفردية لألموال كحق االستعمال و االستغالل و التصرف‪ ،‬إذ يظهر حق االستعمال بوضوح في‬
‫األموال المخصصة للمرافق العامة‪ ،‬و يظهر حق االستغالل في تملك الشخص اإلداري لثمار المال‬
‫العام ‪،‬أما حق التصرف فيحق للشخص اإلداري التصرف في األموال العامة بعد انتهاء تخصيصها‬
‫للمنفعة العامة و تحويلها إلى أموال خاصة(‪.)2‬‬
‫إن االعتراف بحق ملكية الدولة ألموالها العامة يحقق فوائد مهمة و يحسم كثيرا من المشاكل‬ ‫ج‪-‬‬
‫العملية التي تبقى دون حل في حالة نكران هذا الحق‪ ،‬و أهمها تحديد المسؤول عن صيانة المال العام و‬
‫و عوائد‬ ‫الحفاظ عليه‪ ،‬و تحديد المسؤول عن تعويض األضرار الناتجة عنه‪ ،‬و من تعود له ثمار‬
‫المال العام و غيرها من األمور(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الزغبي (خالد)‪ ،‬أموال السلطة اإلدارية و تطبيقاتها في التشريع األردني‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد التاسع‬
‫عشر‪ ،‬العدد الثالث‪ ،1882 ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الحلو (ماجد راغب)‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،1884 ،‬ص‪.208‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الزغبي (خالد) البحث السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪70‬‬
‫د‪ -‬إن القول بملكية المال العام يقتضيه المنطق‪ ،‬إذ أن المتفق عليه أن الدولة تملك أموالها الخاصة‪ ،‬فإذا‬
‫ما تم تخصيص هذه األموال للمنفعة العامة تحولت هذه األموال الخاصة إلى أموال عامة‪ ،‬و إذا ما‬
‫سلمناه بآراء المنكرين لحق الملكية‪ ،‬فإن ذلك معناه أن حق الملكية الذي كان ثابتا قبل التخصيص لم يعد‬
‫و هذا ماال يتقبله المنطق ألن‬ ‫له وجود بعد التخصيص‪ ،‬و أنه يعود مرة أخرى بعد انتهاء التخصيص‬
‫ذلك يؤدي إلى القول أن التخصيص هو الذي يجعل المال مملوكا لإلدارة أو يزيل هذا الحق‪ ،‬و هذا قول‬
‫يعوزه المنطق(‪.)1‬‬

‫وقد اعتمد جانب كبير من الفقه على هذا الرأي‪ ،‬فيرون أن حق الدولة و األشخاص المعنوية‬
‫العامة على أموالها العامة هو حق ملكية‪ ،‬و لما كانت هذه الملكية وثيقة الصلة باعتبارات المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬مع تأثرها بأحكام القانون العام‪ ،‬فإنهم يسمون الملكية في هذا المجال بالملكية اإلدارية تمييزا لها‬
‫عن الملكية العادية من أجل إظهار الخصائص التي تميز نطاق كل منهما عن اآلخر(‪.)2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫موقف المشرع الجزائري‬


‫يبدو أن نص المادة ‪ 19‬من الدستور الحالي في صياغتها باللغة العربية كانت واضحة حين‬
‫نصت على أن هذه األشخاص العامة لها حق ملكية بأتم معنى الكلمة على مجمل األمالك الوطنية دون‬
‫تمييز بين األمالك الوطنية العمومية أو الخاصة التابعة لها ‪ ،‬غير أن المادة ‪ 19‬من الدستور في‬
‫صياغتها باللغة الفرنسية ال تحتوي على اإلطالق على تعبير "الملكية " حيث نصت على أن ‪:‬‬

‫‪«le domaine national est défini par la loi :‬‬

‫‪il comprend les domaines public et privé de l’état de la wilaya et de la‬‬


‫» ‪commune‬‬

‫(‪ )1‬شيحا (ابراهيم عبد العزيز)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.721‬‬

‫‪BONNARD, ROLLAND, WALINE,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )2‬و من أهم مؤيدي هذا االتجاه في فرنسا‬
‫‪DELAUBADERE‬‬

‫‪71‬‬
‫إن إقحام عبارة "تملكها" في النص العربي زاد الوضع إشكاال و تعقيدا و غموض‪ ،‬إال أنه‬
‫سرعان ما يتم تدارك الوضع عن طريق قانون األمالك الوطنية رقم ‪ 30/80 :‬المعدل و المتمم في‬
‫نص المادة (‪ )02‬منه – المنقولة عن نص المادة (‪ )1‬من قانون ‪ 12 /94‬حيث جاء فيها ‪:‬‬

‫" تشتمل األمالك الوطنية على مجموع األمالك و الحقوق المنقولة و العقارية التي تحوزها الدولة و‬
‫جماعاتها اإلقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة‪"..........‬‬

‫فالمادة ‪ 02‬جاءت لتعدل من نص المادة ‪ 19‬من الدستور في صياغتها باللغة العربية‬


‫ومؤيدة لها في صياغتها بالفرنسية – باعتبارها أن المالك إنما هي المجموعة الوطنية – أما األشخاص‬
‫العامة اإلقليمية فلها مجرد حيازة عرضية )‪ ( Détention‬وليس حيازة قانونية أو حقيقية ‪ ،‬فهي‬
‫تحوز باسم المجموعة الوطنية (‪. )1‬‬

‫إذن الزال المشرع الجزائري يلجأ إلى نفس األساليب المعتمدة في المرحلة االشتراكية‬
‫وذلك بتعديله لنص دستوري وهو أسمى القواعد القانونية في الهرم القانوني بقانون عادي أقل منه‬
‫درجة ضاربا بذلك مبدأ تدرج القوانين عرض الحائط ‪ ،‬رغم أن الدستور ش ّدد في إجراءات التعديل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪،‬ومما سبق يتضح لنا أن الحائز القانوني هو المجمـــــوعة‬ ‫وذلك في نص المادة ‪ 199‬منه‬
‫الوطنيـــة باعتبارهــا مالكــة لهذه األمالك‪ ،‬أما األشخاص العامة اإلقليمية فلها مجرد حيازة عرضية‪،‬‬
‫و هي حيازة غير مباشرة أو بالوساطة كما عبرت عنها المادة ‪ 910‬من القانون المدني بقولها‪ ":‬تصبح‬
‫الحيازة بالوساطة متى كان الوسيط يباشر باسم الحائز و كان متصال به اتصاال يلزمه االئتمار بأوامره‬
‫فيما يتعلق بهذه الحيازة"‪ ،‬فاألشخاص اإلقليمية تحوز باسم و لحساب المجموعة الوطنية باعتبارها‬
‫الحائز القانوني لألمالك الوطنية‪.‬‬

‫إال أنه قد نجد تكييفا مغايرا لطبيعة حق األشخاص العامة على األمالك الوطنية‪ ،‬و هو الذي‬
‫أعلن عنه عرض األسباب صراحة بقوله‪ .... ":‬و أكدت المادة ‪ 19‬من الدستور حق ملكية الجماعات‬
‫اإلقليمية (الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية) للممتلكات الداخلة في أمالكها"(‪.)3‬‬

‫(‪)7‬‬
‫للتفريق بين نوعي الحيازة ذهب األستاذ السنهوري إلى استعمال تعبير "إحراز" للداللة على عبارة‬
‫» ‪ « Detention‬وأبقى على تعبير "الحيازة" للداللة على عبارة » ‪. « possession‬‬
‫(‪)2‬‬
‫تنص المادة ‪ 711‬من الدستور على أنه" يمكن ثالثة أرباع (‪ )4/3‬أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعين معا‪،‬‬
‫أن يبادروا باقتراح تعديل الدستور على رئيس الجمهورية الذي يمكنه عرضه على االستفتاء الشعبي‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫عرض األسباب لمشروع القانون المتضمن األمالك الوطنية‪ ،‬ماي ‪ ،7991‬ص‪.17‬‬

‫‪72‬‬
‫ثم يضيف‪ ":‬فالتمييز بين األمالك العمومية و األمالك الخاصة الذي أدخل من جديد يؤدي طبيعيا إلى‬
‫جعل ملكية الجماعات العمومية تنقسم إلى ملكية عمومية و ملكية خاصة‪ ،‬و من اآلن فصاعدا تمارس‬
‫الجماعات العمومية (الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية) حق الملكية ذات الطابع العمومي على أمالكها العمومية و‬
‫يعترف لها بالملكية الشبيهة بملكية الخواص"(‪.)1‬‬

‫غير أن ما ورد في عرض األسباب ال يعكس ماورد في متن قانون األمالك الوطنية فنص‬
‫المادة‪ 02‬من قانون األمالك الوطنية يستعمل عبارة" تحوزها" عوض " تملكها"‪ -‬كما أسلفنا‪ -‬ووردت‬
‫مترجمة إلى الفرنسية " ‪ " détenue‬فكان باإلمكان القول أنه قصد بتعبير الحيازة تقرير حق الملكية‬
‫لو تم ترجمتها إلى الفرنسية" ‪ "soosssop‬مما يفيد أننا بصدد حيازة قانونية‪ ،‬ذلك أن الحائز القانوني‬
‫للشيء قد يكون مالكا له و هذا هو الغالب‪ ،‬بينما ال يكون الحائز العرضي مالكا أبدا‪ .‬فالملكية و الحيازة‬
‫القانونية يجتمعان غالبا بالنسبة إلى نفس الشخص‪ ،‬بينما ال تجتمع الملكية و الحيازة العرضية أبدا‬
‫بالنسبة لنفس الشخص(‪.)2‬‬
‫كما تناولت المادة ‪ 125‬من قانون األمالك الوطنية ما قد يوحي إلى أن تكييف حق الدولة‬
‫على أمالكها العمومية بأنه حق ملكية بنصها صراحة‪ ":‬عندما تؤدي المنازعة مباشرة أو غير مباشرة‬
‫إلى التشكيك في ملكية الدولة للملك المعني‪ ،"...‬و تقابلها المادة ‪ 125‬من قانون األمالك الوطنية رقم‬
‫‪ ،12/94‬غير أن نفس اإلشكال يظل مطروحا دائما‪ ،‬باعتبار أن الترجمة بالفرنسية تخلو مما يفيــــــد‬
‫و جود حق الملكية(‪ ،)3‬ذلك أنها تكلمت عن ملكية األمالك " ‪ ،"la propriété domaniale‬و ليس‬
‫عن ملكية الدولة حيث جاء فيها‪:‬‬
‫‪" lorsque la raison du litige se trouveraient mises en cause directement‬‬
‫"…‪ou indirectement, la propriété domaniale de bien concerné‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فرج الصده (عبد المنعم)‪ ،‬الحقوق العينية األصلية‪ ،‬دراسة في القانون اللبناني و القانون المصري‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1899 ،‬ص ‪.524‬‬
‫(‪)3‬‬
‫العجيب في المشرع الجزائري أنه ينتابه التردد في كل مرة يحاول من خاللها تكييف طبيعة حق‬
‫األشخاص العامة اإلقليمية على األمالك الوطنية العمومية‪ ،‬و نلمس هذا التردد في عدم مطابقة النص العربي‬
‫للنص الفرنسي و كأنهما تم صياغتهما منفصلين ال على أساس المقابلة بينهما‪ ،‬و هذا ما رأيناه حتى في نص‬
‫المادة ‪ 299‬من القانون المدني‪ ،‬حيث نصت هذه المادة في صياغتها باللغة العربية " تعتبر أمواال للدولة‪"...‬‬
‫‪sont proprieté de l’état‬‬ ‫مسقطة بذلك عبارة" المملوكة" الواردة في النص الفرنسي ‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫و من هنا يبدو التعارض بين ما أورده عرض األسباب و بين ما تضمنه قانون األمالك الوطنية واضحا‬
‫إذ أن الوضع مختلف بالنسبة لألمالك الوطنية الخاصة‪ ،‬حيث أن معظم مواد قانون األمالك الوطنية‬
‫المتعلقة بهذه األخيرة تكيف طبيعة حق األشخاص العامة اإلقليمية عليها بأنه حق ملكية(‪ ،)1‬و بهذا يكون‬
‫المشرع الجزائري قد تبنى االتجاه المؤيد لفكرة مملوكية األمالك العمومية‪ ،‬إال أنه يسند هذا الحق إلى‬
‫المجموعة الوطنية بمقتضى المادة ‪ 19‬من الدستور و ليس إلى األشخاص العامة اإلقليمية مخالفا بذلك‬
‫ما ذهب إليه الرأي المعاصر الذي يسند هذا الحق لألشخاص العامة‪.‬‬
‫إن حق ملكية األشخاص العامة اإلقليمية لهذه األمالك كان موجودا قبل تخصيصها باعتبار أن‬
‫األمالك تابعة في هذه الحالة لألمالك الوطنية الخاصة‪ ،‬فال بد أن يضل قائما اثناء التخصيص (عندما‬
‫تصبح هذه األمالك أمالكا عمومية )‪ ،‬ألن زوال التخصيص ال ينشىء حقا و هو حق الملكية ما لم يكن‬
‫هذا الحق موجودا من قبل‪ -‬أي أثناء فترة التخصيص‪ ،-‬و هنا ينتقد األستاذين" ‪duez et‬‬
‫)‪debeyre(1‬الفقه الفرنسي الرافض لفكرة مملوكية األمالك العامة بقولهما‪:‬‬
‫‪« …..par quel mystére cette simple procedure aurait-elle pour effet‬‬
‫‪de faire apparaitre la propriété de l’administration sur la‬‬
‫‪dépendence declassée ou des afféctée ?, parallelement, par quel‬‬
‫‪mystére, le classement ou l’affectation ferait- il disparaitre la‬‬
‫)‪propriété existant jusque – la sur la chose » (2‬‬
‫و ترجمتها‪ ":‬ما هو هذا السر الخفي الذي يعطي لمجرد إجراء بسيط‪ -‬قرار تجريد الملك من صفته‬
‫العامة أو زوال تخصيصه‪ -‬قوة ظهور حق ملكية اإلدارة على أمالكها العامة‪ ،‬و ما هو هذا السر‬
‫الغامض الذي يعطي إلجراء‪ -‬إلحاق الصفة العامة بالملك أو تخصيصه‪ -‬قوة إختفاء حق الملكية الذي‬
‫كان ثابتا لإلدارة من قبل على هذه األمالك‪ .‬هذا ما حمل البعض على القول بأن هناك طبيعة واحدة‬
‫للمكلية‪ ،‬يمكن أن نميز بداخلها بين كتلتين من األمالك‪ ،‬األمالك المخصصة (األمالك العمومية)‪ ،‬و تلك‬
‫غير المخصصة (األمالك الخاصة)‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫نذكر هنا على سبيل المثال المواد ‪ ،50 ،48 ،49‬و يالحظ أن المشرع الجزائري في نص المادة‪ 54‬قد‬
‫ترجم تعبير" الحيازة" إلى " ‪ "possession‬للداللة على أن الدولة تحوز حيازة حقيقية ال حيازة عرضية‪.‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫‪Duez (p) et DEBEYRE (G), traite de droit administratif, paris, librairie‬‬
‫‪dalloz, 2002,p 803.‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫إدارة و تسيير األمالك الوطنية‬

‫لمعرفة نظام إدارة و تسيير األمالك الوطنية يجب الرجوع إلى النصوص التشريعية‬
‫و التنظيمية من جهة‪ ،‬و من جهة ثانية إلى المنشورات و التعليمات(‪ )1‬التي ال تشكل موضوعا للنشر و‬
‫حتى إذا نشرت فتتسم بالسرية ألنها تعتبر أعماال داخلية بحتة لإلدارة موجهة فقط للموظفين و ليس لها‬
‫أي أثر اتجاه المواطنين(‪ )2‬و هذا ما يمثل صعوبة في الحصول عليها‪.‬‬

‫و ترمي عمليات إدارة األمالك الوطنية و تسييرها إلى تشغيل هذه األموال‬
‫و استخدامها بما يحقق أهداف المصلحة العامة‪ ،‬و يقوم باتخاذ اإلجراءات و إصدار القرارات أو‬
‫العقود المتعلقة بتسيير األمالك العمومية الجهاز اإلداري المكلف بعمليات اإلدارة و يمثله الوزير كل‬
‫في ميدان اختصاصه بالنسبة لألمالك التابعة للدولة‪ ،‬أو الوالي مع دعم و مساعدة من قبل مصلحة‬
‫أمالك الدولة في جميع الحاالت ‪،‬و تكون لألجهزة المختصة في الجماعات المحلية اإلقليمية بالنسبة‬
‫لألمالك التابعة لها و التي يمكنها اإلستعانة بخبرة مصلحة أمالك الدولة(‪.)3‬‬

‫و استثناء تكون للمؤسسات و المصالح و الهيئات في حالة تخصيص األمالك لها و يقع على هذه‬
‫األجهزة مسؤولية الحفاظ على هذه األمالك حال استعمالها و حمايتها ضد أي مخاطر محتملة تعرضها‬
‫للهالك(‪.)4‬‬

‫ولهذا فإننا سنتناول في هذا الفصــل قــــــواعد استعمال األمــــــالك الوطــــنية‬


‫(المبحث األول) و حمايتها (المبحث الثاني)‬

‫(‪)1‬‬
‫هذه المنشورات و التعليمات تصدرها اإلدارة لموظفيها من أجل تعريفهم بطريقة تطبيق أو تفسير‬
‫القوانين و القرارات التنظيمية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محيو (أحمد)‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬الجزائر ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1895 ،‬ص‬
‫‪.308‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المواد‪ 10،8،5‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.310‬‬

‫‪75‬‬
‫المبحث األول‬

‫قواعد استعمال األمالك الوطنية‬

‫إذا كانت األمالك العمومية هي مجموع األمالك العقارية و المنقولة التي يستعملها الجميع و‬
‫الموضوعــة تحت تصرف الجمهور المستعمل إما مباشرة أو بواسطة مرفق عام شريطة أن تكيف في‬
‫هذه الحالة‪ ،‬بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخاصة‪ ،‬تكييفا مطلقا أو أساسيا مع الهدف الخاص لهذا المرفق(‪.)1‬‬

‫وعليه فإ ن استعمال األمالك الوطنية يكون باالستعمال المباشر العام أو الخاص من قبل‬
‫األفراد و باإلستعمال عن طريق مرفق عام‪ ،‬هذا األخير يخضع في استعماله للقواعد المتعلقة باستعمال‬
‫المرفق العام ذاته‪ ،‬فاألفراد و هم يستعملون المال العام عن طريق المرفق العام‪،‬يحكمهم في ذلك و ينظم‬
‫هذا االستعمال مختلف القواعد التي تحكم و تنظم سير المرفق المعني(‪.)2‬‬

‫ولهذا لن نتعرض لدراسة هذا النوع من االستعمال ألنه يخضع لقواعد تختلف من مرفق إلى‬
‫آخر حسب طبيعة الهدف الذي وجد من أجله المرفق‪ ،‬و طبيعة المال الذي رصد له ‪ ،‬و سنقتصر فقط‬
‫على دراسة استعمال المال العام المخصص لالستعمال المباشر و الذي يمكن أن يتخذ إحدى‬
‫الصورتين‪.‬‬

‫‪ - 1‬إما أن يتم االستعمال المباشر بصورة جماعية و هذا هو االستعمال الجماعي أو المشترك‬
‫لألمالك العمومية (المطلب األول)‪.‬‬
‫‪ - 2‬و إما أن ينفرد شخص أو بعض األشخاص باستعمال األمالك العمومية و هذا هو االستعمال‬
‫الخاص لألمالك العمومية (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نبين سلطة اإلدارة تجاه االستعمال الخاص لألمالك‬
‫العمومية (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 12‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أبو زيد (محمد عبد الحميد) المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬

‫‪76‬‬
‫المطلب األول‬
‫االستعمال الجماعي لألمالك الوطنية‬
‫يوضع المال العام في هذه الصورة تحت تصرف الجمهور دون تحديد ألشخاص بأنفسهم‬
‫كقاعدة عامة ال يرد عليها إال استثناءات قليلة‪ ،‬حيث يتميز هذا اإلستعمال بتطابقه مع أهداف النفع العام‬
‫التي خصص لها المال تطابقا تاما‪ ،‬و نظرا لهذا التطابق مع أهداف التخصيص فإن صور اإلستعمال‬
‫الجماهيري العام لألمالك العامة ترتبط في غالب األحيان بممارسة الحريات الفردية العامة‪.‬‬
‫ويقصد باإلستعمال الجماعي اإلستعمال العام و المشترك لألمالك العمومية بإتاحة لكافة‬
‫األفراد بال تمييز في نطاق ما خصص له‪ ،‬و هو يمتاز بتجهيل المنتقع به‪ ،‬و بانه استعمال عارض و‬
‫يخضع في ممارسته لمبادئ مشتركة و أساسية (الفرع األول)‪ ،‬مع وجود أحكام خاصة باستعمال بعض‬
‫العناصر من المال العام نظرا لخصوصيتها كالطرق العامة (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫المبادئ التي تحكم االستعمال العام‬
‫يخضع االستعمال الجماعي المشترك لألمالك العمومية لمبادئ الحرية و المساواة و‬
‫المجانية مع بعض االستثناءات التي قد تنص عليها القوانين(‪ )1‬و ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫مبدأ الحرية في استعمال األمالك العمومية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫لما كان الغرض من االستعمال في هذه الصورة‪ ،‬يتفق مع الهدف الذي خصص له المال فإن‬
‫األصل هو أن الفرد حر في االنتفاع به وقت ما شاء و ال يخضع هذا االستعمال ألي ترخيص أو تعاقد‬
‫( ‪)2‬‬
‫بهدف‬ ‫مسبق مع اإلدارة التي ال تملك في هذه الحالة سوى سلطات البوليس‪ ،‬أو الضبط اإلداري‬
‫تنظيم اإلستعمال و اإلنتفاع دون أن تصل إلى درجة المنع‪ ،‬غير أن ذلك ال يعني أن هذه الحرية مطلقة‪،‬‬
‫بل إ نها خاضعة لضوابط تسهر اإلدارة على احترامها و أهمها أن يكون هذا االستعمال عاديا طبقا‬
‫للغرض الذي خصص له المال العام‪ ،‬كما تملك اإلدارة حق تغيير تخصيص المال الذي يجب أن يمتثل‬
‫له المستعملون باإلضافة إلى تدخلها لحماية النظام العام بمدلوالته الثالث‪ :‬األمن العام‪ ،‬الصحة العامة و‬
‫السكينة العامة و الحفاظ على األمالك العموميــة و على حسن استعمالها(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 22‬من ق‪.‬أ‪.‬و تنص على أنه‪ ":‬يخضع اإلستعمال الجماعي لألمالك الوطنية العمومية الذي‬
‫يمارسه الجمهور لمبادئ الحرية و المساواة و المجانية مع مراعاة بعض الرخص االستثنائية"‪.‬‬
‫‪(2) DE LAUBADERE, )André( op.cit.,p 186.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد أنس قاسم (جعفر)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.424-423‬‬

‫‪77‬‬
‫إن مبدأ الحرية في استعمال األمالك العمومية يتعلق أساسا بحرية استعمال الطرق العامة‬
‫بمختلف أنواعها‪ ،‬و بالتالي عدم مشروعية الموانع العامة التي تقام لمنع الراجلين أو الراكبين‬
‫المستعملين للطرق في المرور‪ ،‬كما يعني هذا المبدأ حرية دخول الجمـهور للشواطــــئ و استعمالها‬
‫في المرور و التنزه و ذلك وفقا لغرض تخصيصها‪ ،‬فيحق لكل شخــص أن يمر فيها و يسبح و يستعمل‬
‫منتوجات البحر في حاجاته الخاصة ضمن الحدود القانونية‪ .‬و يعد منع ممارسة هذا االستعمال منعا‬
‫مطلقا أو إخضاعه لتصريح أو ترخيص قبليين خرقا لمبادئ الدستور(‪.)1‬‬

‫ب ‪ -‬مبدأ المساواة في اإلستعمال‪:‬‬

‫هذا المبدأ له أساس دستوري تضمنته المادة ‪ 28‬من الدستور التي تقضي بأن كل المواطنين‬
‫سواسية أمام القانون‪ ،‬و هذا عمال بإعالن حقوق اإلنسان و المواطن الصادر في ‪ 22‬أوت ‪1992‬‬
‫القاضي بمبدأ المساواة أمام القانون(‪ ،)2‬لذلك فإن استعمال األمالك العمومية يخضع لهذا المبدأ بحيث‬
‫يتمتع جميع الرعايا بالتساوي في حق االستعمال المتعلق باألمالك العامة(‪ ،)3‬غير أنه يجب أن ال يفهم‬
‫من مبدأ المساواة هذا‪ ،‬أن اإلدارة ملزمة بتطبيق المساواة المطلقة بين جميع المستعملين‪ ،‬و إنما تكون‬
‫المساواة بين المستعملين الذين تتماثل ظروفهم و نوع استعمالهم‪ ،‬كما يعني أنه يمكن أن نتصور التمييز‬
‫بين مستعمل و آخر في حالة اختالف ظروفــــهم و مراتبــــهم و نوعية استعمالهم‪ ،‬أو العتبارات‬
‫المصلحة العامة(‪ ، )4‬و هذا تمايز مشروع ال يعتبر إخالال لمبدأ المساواة في نظر الفقهاء و هذا ما نص‬
‫عليه المشرع الجزائري في المادة ‪ 120‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 454/81‬المحدد لشروط إدارة‬
‫األمالك الخاصة و العامة للدولة‪ ...":‬كما يتمتعون بالتساوي في حق الدخول‪ ،‬و ال سيما إلى المعالم‬
‫و المباني و الحدائق العمومية‪ ،‬و الحظائر المهيأة‪ ،‬و الغابات‪ ،‬و األماكن و المتاحف‪ ،‬و المنشآت الفنية‬
‫و الهياكل األساســــية الثقـــــافيـــة و الترفيهية و الرياضية‪ ،‬و الطرق العمومية‪ ،‬و شواطئ البحر‬
‫و مرافق األمالك العامة المـــدنية و البرية و الجوية و البحرية و المائية و المطارية و السكك الحديدية‬
‫مع اشتراط امتثال التنظيمات السارية عليها الخاصة بحفظ النظام العام و المحافظة على هذه األمالك‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 155‬من المرسوم ‪.454/81‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪CARBARJO (Joël), A.J.D.A , revue mensuelle No 04 du 20/04/1981, p‬‬
‫‪176.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 120‬من المرسوم ‪.454/81‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الطماوي (محمد سليمان)‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬أموال اإلدارة و امتيازاتها‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار الفكر العربي‪ ،1898 ،‬ص‪.59‬‬

‫‪78‬‬
‫و على‬ ‫غير أنه يمكن لإلدارة إنشاء حواشي مرور لذوي األسبقية داخل التجمعات السكنية‬
‫الطرق الكثيفة الحركة لتسهيل حركة وسائل النقل العمومي و توقفها لضمان حسن سير المصالح‬
‫العمومية المدعوة إلى التدخالت المستعجلة‪ .‬فهذا التمايز إذا يجب أن ال يفهم بأنه تفضيل لمستعمل على‬
‫آخر‪ ،‬فوسائل النقل التي تستخدم الطريق العام بغرض السياحة مثال‪ ،‬ليست في نفس المركز و ليست‬
‫لها نفس الظروف كالسيارات التي تستخدمه بغرض تحقيق مصلحة عامة مستعجلة كسيارات اإلطفـاء‬
‫و سيارات اإلسعاف‪.‬‬
‫و مما سبق يمكن القول بأن مبدأ المساواة في استعمال األموال العامة يتسم بالنسبية ألسباب‬
‫تتعلق بالصالح العام‪ ،‬و يؤكد ذلك اختالف الدول في شروطها‪ ،‬بل تتغير هذه المساواة من زمان إلى‬
‫آخر حتى في الدولة الواحدة‪ ،‬بحسب اإليديولوجية المتبعة و األفكار السائدة(‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬مبدأ مجانية اإلستعمال‪:‬‬
‫إذا كان الجمهور المستعمل لألمالك العمومية يمارس حرية عامة‪ ،‬فإن ذلك يقتضي مبدئيا أن‬
‫يكون هذا االستعمال مجانا(‪،)2‬فمبدأ المجانية هو ثالث مبدأ نص عليه المشرع الجزائري في قانون‬
‫األمالك الوطنية إلى جانب الحرية و المساواة ‪،‬فاألصل إذا هو أن اإلستعمال الجماهيري المشترك‬
‫لألمالك العمومية يتم بدون مقابل‪ ،‬أل ن تطبيق غير ذلك يؤدي إلى فرض قيود على حرية اإلستعمال‪،‬‬
‫إال أن تطبيق هذا المبدأ أيضا ال يتم بصورة مطلقة‪ ،‬فواجب اإلدارة في صيانة مالها العام و في‬
‫االستخدام األمثل و االقتصادي له‪ ،‬كل هذا يستدعي فرض بعض القيود على مبدأ المجانية في صورة‬
‫استثناءات‪ ،‬رغم ما يالحظ من التوسع في هذه االستثناءات نظرا للوظيفة االقتصادية التي أصبحت من‬
‫أهداف اإلدارة في استخدام أموالها العامة بغرض الحصول على مردود مالي هام‪ ،‬و هذا ما أطلق عليه‬
‫( ‪)3‬‬
‫الذي يعتبر أن هذه األموال ثروة في يد اإلدارة يجب أن تحسن استغاللها‪.‬‬ ‫باإلتجاه االقتصادي‬
‫و من جملة هذه االستثناءات ما أقره القضاء الفرنسي‪ ،‬في حق البلديات في إنشاء مواقف‬
‫للسيارات و يكون استعمالها مقابل رسم‪ ،‬و أيضا دفع الرسوم على وقوف السيارات في الطرق العادية‬
‫إذا زاد ذلك الوقوف عن زمن معين‪ ،‬تراقبه عن طريق وضع عدادات لتحديد مدة توقف السيارات و‬
‫هذه األحكام القضائية جاءت دون نص تشريعي(‪.)4‬‬

‫(‪)7‬‬
‫حمبلي (حمود)‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،7991 ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 719‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪.414/97‬‬
‫(‪)3‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬الوسيط‪ ...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الطماوي (محمد سليمان)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪79‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري على المبدأ و استثناءاته في نص المادة ‪ 158‬من المرسوم رقم‪:‬‬
‫‪ 454/81‬التي نصت على مايأتي‪ " :‬تتطلب مجانية استعمال األمالك العامة المخصصة الستعمال‬
‫الجميع استعماال مشتركا‪ ،‬أن ال يخضع هذا االستعمال لدفع أتاوى ما عدا الحاالت المنصوص عليها في‬
‫القانون ‪"...‬‬
‫فاشتراط النص للحاالت االستثنائية المنصوص عنها قانونا يعني أنه ال يمكن لإلدارة أن‬
‫تفرض أي رسم من تلقاء نفسها‪ ،‬و إال كان عملها غير مشروع(‪.)1‬‬
‫و من أمثلة ما نص عليه المشرع الجزائري من االستعمال العام المشترك مقابل رسم وقوف‬
‫السيارات في حظائر تهيئها اإلدارة خصيصا لذلك التوقف داخـــل التجمعــــات السكنية‪ ،‬و كذلك‬
‫استعمال الطرق السريعة مقابل فرض رسوم على عاتق المرتفقين(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫االستعمال الجماعي للطرق العامة‬
‫إذا كان االستعمال الجماعي المباشر يرد أكثر على الطريق العام كعنصر من عناصر األمالك‬
‫العمومية‪ ،‬فإن لهذا االستعمال بعض الخصوصيات التي تميزه عن استعمال غيره من العناصر‪ ،‬إذ‬
‫يتعدد و يتنوع هدف استعمال الطريق و طريقته‪ ،‬فيستعمله الراجلون و السيارات التي تستعمله للسير‬
‫أو الوقوف‪ ،‬و هناك من يستعمله كمكان لممارسة التجارة باإلضافة إلى استعماالت السكان المجاورين‬
‫للطريق العام كل هذا أضفى نوعا من الخصوصية على استعمال الطريق العام‪.‬‬
‫و نظرا لتزايد النشاط االقتصادي و تزايد عدد السكان و السيارات في البالد خاصة بالمدن‬
‫صدرت العديد من النصوص التشريعية و التنظيمية التي تنظم استعمـال الطــرق العامـــة و حركة‬
‫المرور خاصة و هذه النصوص تفرض في مجملها قيودا على المبادئ العامة المعروفة في اإلستعمال‬
‫العام من حرية و مساواة و مجانية‪ ،‬كما نجد أن مجلس الدولة الفرنسي يقضي بمشروعية بعض القيود‬
‫(‪)3‬‬
‫ذلك‬ ‫النسبية التي ترد على حرية التنقل في الطرق العامة و من أمثلة‬

‫(‪)7‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.783‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 1‬من االتفاقية النموذجية الخاصة بمنح امتياز الطريق السريع‪ -‬الملحق األول بالمرسوم التنفيذي‬
‫رقم‪ 318/95 :‬المؤرخ في ‪ 78‬سبتمبر ‪ ،7995‬يتعلق بمنح امتيازات الطرق السريعة‪ ،‬ج ر عدد ‪،11‬‬
‫بتاريخ ‪ 21‬سبتمبر ‪ ، 7995‬ص ‪.71‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يحياوي (أعمر)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ - 1‬يمنع على بعض أنواع السيارات المرور في بعض الطرق‬
‫‪ - 2‬حجز بعض الممرات للحافالت وسيارات األجرة وسيارات اإلسعاف ‪.‬‬
‫‪ -3‬تخصيص بعض الطرق للراجلين فقط (‪. )1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪ 1890‬المتعلق‬ ‫وفي الجزائر فقد صدر المرسوم رقم ‪88 / 90‬‬
‫بتصنيف الطرق ‪ ،‬ونص في مادته األولى بأن التصنيف يتم بمرسوم بناء على تقرير من وزير األشغال‬
‫العمومية مع أخد رأي الجماعات المحلية المعنية ‪ ،‬واإلستماع إلى اللجنة الوزارية المشتركة التي تنشأ‬
‫لهذا الغرض وتناول في المواد ‪ 5 ، 4، 3 :‬شروط تصنيف طريق معينة ضمن الطرق الوطنية ‪ ،‬أو‬
‫( ‪)3‬‬
‫الصادر في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1893‬الذي يتعلق‬ ‫الوالئية أو البلدية وكذلك المرسوم رقم‪288 / 93 :‬‬
‫برخصة الطريق ‪.‬‬
‫وأخيرا صدور األمر رقم ‪03/ 08:‬المؤرخ في ‪ 22‬يوليو ‪ 2008‬المعدل والمتمم للقانون‬
‫رقم ‪ 12/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2004‬المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها الذي‬
‫يهدف إلى ما يأتي(‪:)4‬‬
‫‪ -1‬تقليص وضعية انعدام األمن في الطرقات ‪.‬‬
‫‪ -2‬تحديد قواعد استعمال المسالك العمومية وكيفيات ضبط حركة المرور عبر الطرق و توفير شروط‬
‫تطوير متوازن لنقل نوعي في إطار المصلحة العامة‬

‫‪ -3‬إقامة تدابير ردعية في مجال عدم احترام القواعد الخاصة بحركة المرور عبر الطرق ‪.‬‬

‫وبذلك يكون هذا األمر قد تضمن أحكاما كثيرة تنظم استعمال الطرق العامة ليس فقط‬
‫بغرض فرض بعض القيود على المستعملين و التي تعتبر في مجملها أحكاما وقائية لضمان سالمة وأمن‬
‫مستعملي الطرق العامة ‪،‬بل أورد أحكاما رادعة تتراوح بين الغرامة المالية والحبس في كثير من‬
‫الحاالت كجزاء لمخالفة قواعد استعمال الطرق العامة(‪.)5‬‬

‫(‪ )7‬يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 11‬أنظر كذلك‪C.E,8 décembre 1972, ville de :‬‬
‫‪Dieppe,R749, conclue Subra de bieusses‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 99/81‬المؤرخ في ‪ 7981/14/15‬المتعلق بتصنيف الطرق‪ ،‬ج ر ‪.7981 ،71‬‬
‫(‪ )3‬المرسوم رقم ‪ 599/83‬المؤرخ في ‪ 7983/77/25‬المتعلق برخصة الطرق‪ ،‬ج ر ‪.7983 ،49‬‬
‫(‪)4‬‬
‫المادة األولى من األمر رقم ‪ 13/19‬المؤرخ في ‪ 22‬جويلية ‪ 2119‬المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر‬
‫الطرق و سالمتها و أمنها‪ ،‬ج ر ‪.41‬‬
‫(‪ )1‬المواد من ‪ 55‬إلى ‪ 97‬من األمر ‪.13/19‬‬

‫‪81‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫اإلستعمال الخاص لألمالك الوطنية‬

‫يتميز اإلستعمال الخاص لألموال العمومية بكونه يمارس من طرف شخص معين(‪ )1‬يستحوذ‬
‫على جزء من المال العام وينفرد به الستعماله الخاص وال يتم ذلك إال بعد موافقة اإلدارة التي تمنحه‬
‫ترخيصا مقابل عوض مادي يدفعه المرخص له ولإلدارة سلطة تقديرية في منح هذا الترخيص الذي ال‬
‫يكون إال وقتيا ‪ ،‬بمعنى أنه يكون قابال للسحب كما يكون معرضا لعدم التجديد متى قام لدى اإلدارة‬
‫سبب المنفعة العامة وللمستفيد المطالبة بالتعويض عن سحب الرخصة قبل انقضاء مدتها بدون داعي‬
‫المنفعة العامة أو خطأ المستفيد(‪. )2‬‬

‫وانطالقا من طبيعة العالقة التي تربط الشخص المستفيد من هذا االستعمال الخاص لألمالك‬
‫المخصصة أصال لالستعمال الجماعي ‪،‬باإلدارة التي تعطيه الموافقة على ذلك سنقوم بتقسيم هذا‬
‫اإلستعمال إلى ‪:‬‬

‫استعمال عن طريق الترخيص(الفرع األول) واستعمال عن طريق التعاقد(الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫اإلستعمال الذي يتخذ صورة ترخيص‬

‫إن االستعمال الخاص لألمالك العمومية عن طريق رخصة إدارية يتميز بكونه استعمال‬
‫مؤقت ‪ ،‬وهو يتم بإحدى وسيلتين‪ ،‬وذلك بحسب ما إذا كان شغال سطحيا للملك العمومي ال يستدعي‬
‫أساسات ثابتة في األرض ‪ ،‬وهو ما يسمى برخصة الوقوف‪( permis de .‬‬ ‫وجود‬
‫)‪ ،stationnement‬أو أنه استعمال أكثر التصاقا بالملك العمومي ‪ ،‬أي أن له أساسات أرضية‬
‫بمعنى أنه شغل مستقر وهو مايسمى برخصة الطريق )‪(permis de voirie‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 122‬من المرسوم ‪.454 /81‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد أنس قاسم( جعفر)‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪425‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ - 1‬رخصة الوقوف ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫فيكون لصاحب‬ ‫وهي رخصة تمنح لالستعمال الذي ال يتطلب اتصاال دائما بالمال العام‬
‫الرخصة مجرد اتصال سطحي ال يتضمن تثبيت أي منشآت على الملك العمومي ‪ ،‬وال حفرا وال إقامة‬
‫بناء أي أنه ال يعدل من وعاء الملك العمومي وال من شكله ‪ .‬ومن أمثلة ذلك الترخيص للسيارات‬
‫بالوقوف في أماكن معينة من الطريق العام وكذلك الترخيص ألصحاب المقاهي بوضع مقاعد‬
‫وطاوالت على األرصفة ‪ ،‬ويعرف المشرع الجزائري رخصة الوقوف بأنها ‪ " :‬شغل قطعة من‬
‫األمالك العامة المخصصة الستعمال الجميع شغال خاصا دون إقامة مشتمالت على أرضها‪ ،‬وتسلم‬
‫لمستفيد معين إسميا ‪. )2("...‬‬

‫وتختلف السلطة اإلدارية التي لها صالحية منح رخصة الوقوف ‪ ،‬فيسلمها رئيس البلدية بقرار‬
‫بالنسبة للطرق الوطنية والوالئية الواقعة داخل التجمعات السكنية والطرق البــلدية بصفة عامــة‬
‫‪،‬ويختص الوالي بتسليمها بالنسبة للطرق الوطنية والوالئية الموجودة خارج التجمـعات السكــنية‬
‫‪ ،‬ولإلدارة سلطة تقديرية في منح رخصة الوقوف أو منعها انطالقا من النظرة الجديدة االقتصادية للمال‬
‫العام التي توجب على اإلدارة حسن استغالل أموالها ‪ ،‬فيكون بذلك منح الرخصة محكوم بالمصلحة‬
‫العامة بالمعنى الواسع الذي يشمل المحافظة على المال العام ذاته ‪ ،‬والمردودية االقتصادية له (‪. )3‬‬

‫غير أن هذه السلطة التقديرية تكون قابلة للطعن في حالة االستعمال التعسفي للسلطة أمام الجهات‬
‫القضائية المختصة (‪. )4‬‬

‫ويالحظ أن كل هذه االستعماالت قريبة من االستعمال الجماعي لكنها تبقى مختلفة عنه كونها تتم‬
‫برخصة وبمقابل مادي يؤدي إلى اإلنفـراد بجزء من الملك العمومـي من طـرف صــاحب الرخصة ‪،‬‬
‫وهذا االستحواذ الفردي ال يصل إلى درجة الحجز النهائي للجزء المرخص باستعماله ‪ ،‬فصاحب‬
‫المقهى يستعمل الرصيف استعماال مؤقتا ‪ ،‬فبعد رفعه الكراسي والطاوالت يعود المارة أي الجمهور‬
‫الستعمال هذا الرصيف ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الطماوي (سليمان محمد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 21‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 123‬من المرسوم ‪. 454 /81‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪DE LAUBADERE) André(, op , cit , p 198 .‬‬

‫(‪ )4‬المادة ‪ 24‬من ق ‪ .‬أ و ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -2‬رخصة الطريق ‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫‪ ،‬وهي تختلف عن رخصة الوقوف‬ ‫ويطلق عليها البعض تسمية " رخصة التطرق "‬
‫بحيث أنها تعطي لصاحبها الحق في شغل الملك العمومي شغال مستقرا عن طريق إقامة منشآت تؤدي‬
‫في الغالب إلى إحداث بعض التغييرات في وعاء الطريق أو في شكله الطبيعي كتراخيص إنشاء‬
‫محطات البنزين وحفر األنفاق وبهذا الصدد نصت المادة ‪ 24‬من قانون األمالك الوطنية على مايلي ‪:‬‬
‫" ‪...‬وتخول رخصة الطريق استعماال خاصا ألمالك وطنية عمومية يترتب عليه تغيير أساس الطريق‬
‫العمومي‪"..‬‬

‫وتسلم رخصة الطريق من طرف ‪:‬‬

‫المدير الوالئي لألشعال العمومية المختص ‪ :‬اذا كان الشغل )‪ ( l’occupation‬في حافة‬ ‫أ‪-‬‬
‫الطريق الوطني أو الوالئي ‪ ،‬وتسلم من طرف المدير العام للوكالة الوطنية للطرق السريعة إذا كان‬
‫الشغل في حافة طريق سريع (‪. )2‬‬
‫ب ‪ -‬رئيس المجلس الشعبي البلدي ‪ :‬إذا تعلق األمر بطريق بلدي ‪ ،‬أو بشبكة الطرق الحضرية داخل‬
‫التجمع السكاني ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الوالي ‪ :‬اذا تعلق األمر بجزء من الطريق الوطني المار بتراب الوالية ‪ ،‬أو اذا تعلق األمر بطريق‬
‫يشمل بلديتين أو أكثر من بلديات الوالية ‪.‬‬

‫د‪ -‬وزير األشغال العمومية ‪ :‬إذا كانت األشغال تمس عددا من الواليات (‪. )3‬‬

‫ولإلدارة حق رفض تسليم الرخصة بسبب الحفاظ على النظام العام أو حماية المال العام من‬
‫التلف ‪ ،‬وهي أسباب تقليدية ‪ ،‬أما األسباب التي تقبلها القضاء فيمـا بعد فمـنها ‪ :‬تعـــارض الترخيص‬
‫مع أهداف التخصيص ‪ ،‬أو إذا كان الترخيص يؤدي إلى اإلضرار بحقوق المرخص لهم سابقا أو‬
‫بحقوق المالك المجاورين (‪. )4‬‬

‫(‪ )1‬محمد فاروق عبد الحميد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 319‬‬

‫)‪(2‬‬‫‪Instruction n°790 du 25 Décembre 1993, relative à la gestion, à la‬‬


‫‪protection et à la préservation du domaine public de la voirie‬‬
‫‪émanant des ministères de l’équipement , de l’habitat et de‬‬
‫‪l’economie , p 07 .‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ 9‬من المرسوم ‪ 288/93‬المتعلق برخصة الطرق والشبكات ‪.‬‬

‫(‪ )4‬محمد فاروق( عبد الحميد )‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 144‬‬

‫‪84‬‬
‫وتـكـون اإلدارة مـلـزمـة بـمـنـح الـرخـصـة ‪ ،‬إذا كـانت قـد التزمت بمقتضى التنظيم‬
‫بمنحها متى توافرت شروط معينة ‪ ،‬ففي هذه الحالة عليها أن تنفذ التزاماتها الالئحية بمنح الرخصة‬
‫لكل طالب استوفى الشروط التي حددتها مسبقا ‪ ،‬هذا وقد أجاز المشرع لإلدارة سحب الرخصة لسبب‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪،‬وهناك حاالت تسحب فيها الرخصة‬ ‫مشروع أو بدافع المنفعة العامة أو بسبب حفظ النظام العام‬
‫بحكم القانون وهي على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم تستعمل في ظرف ستة أشهر‪.‬‬
‫‪ -‬إذا توقف عن استعمالها لمدة شهرين ‪ ،‬مع احتمال توقيع عقوبات في هذه الحالة (‪ )2‬وفي مقابل هذه‬
‫السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة لإلدارة في منح وسحب رخصة الطريق ‪ ،‬فإن قرارها يجب أن‬
‫يكون في حدود األسباب التي حددها المشرع وإال كان عرضة لإللغاء بدعوى تجاوز السلطة ‪.‬‬
‫ويمكن البدء بإنجاز أشغال في األمالك العمومية قبل الحصول على رخصة الطريق استثناءا‬
‫من األصل العام وذلك في حالة االستعجال التي تمليها ضرورة الحفاظ على أمن األشخاص واألموال ‪،‬‬
‫أو أمن الخدمة وضرورتها ‪ ،‬ففي هذه الحالة يمكن لإلدارات والهيئات العمومية فقط دون الهيئات‬
‫الخاصة أو األفراد أن تباشر األشغال ‪ ،‬على أن تخطر المصالح المعنية بالرخصة في أجل ال يتعدى‬
‫اليوم الواحد ‪ ،‬وإال كانت محل توقيع عقوبات (‪.)3‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫اإلستعمال الخاص عن طريق التعاقد‬

‫إذا كان األسلوب األول لالستعمال الخاص لألمالك العمومية مبني على السلطة التقديرية‬
‫لإلدارة التي تمنح أو ترفض الرخص مما يجعل أصحابها في مركز تنظيمي الئحي ‪ ،‬فإن الوضع‬
‫يختلف بالنسبة للوضع التعاقدي ‪ ،‬حيث تتقلص السلطة التقديـرية لإلدارة ويكون المتعاقد معها في‬
‫مـركز تعاقدي على األقل في بعض بنود العقد ‪ ،‬ويطلق على هذا األسلوب تسمية " الشغل التعاقدي‬
‫لألمالك العموميــــة "‪ ،‬وهو اتفـــــاق بيـــــن اإلدارة وأحد األشخاص بمقتضــــاه يختص هـــــــــذا‬

‫(‪ )1‬المادتين ‪ 122‬و‪ 122‬من المرسوم ‪. 454/81‬‬

‫(‪ )2‬المادة ‪ 14‬من المرسوم ‪. 288/93‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 10‬من المرسوم السابق ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫األخير باستعمال جزء من الملك العمومي المخصص أصال لالستعمال الجماهيري ‪ ،‬وترتكز عقود‬
‫الشغل الخاص على امتياز المصلحة العمومية باعتبارها تكملة لها أو على مهمة مصلحة عمومية‬
‫ويمكن أن تنجر هذه العقود عن مهمة منفعة عامة تسندها الدولة إلى إحدى هيئاتها أو مؤسساتها أو‬
‫مقاوالتها العمومية(‪." )1‬‬

‫ولتوضيح هذا النوع من االستعمال نورد نموذجين هما ‪ :‬امتياز استغالل الشواطئ‬
‫‪ ، (concession‬وعقد شغل أماكن في األســــواق‬ ‫)‪d’exploitation des plages‬‬
‫)‪(contrat d’occupation d’emplacements dans les marchés‬‬

‫‪ - 1‬امتياز استغالل الشواطئ ‪:‬‬

‫يمكن للدولة أن تمنح امتياز استغالل شواطئ البحر للبلديات و المؤسسات العامة المكلفة‬
‫(‪)2‬‬
‫بالنشاطات السياحية ‪ ،‬ويكون ذلك بقرار يتخذه الوالي المختص إقليميا لمدة ‪ 2 ، 3‬أو ‪ 8‬سنوات‬
‫ويترتب عن هذا اإلمتياز دفع مقابل مالي لصالح الدولة ‪.‬‬

‫ويتجسد االمتياز في عقد ينقسم إلى قسمين ‪ :‬اتفاقية ودفتر شروط ‪ ،‬تمثل االتفاقية نصا‬
‫موجزا نسبيا يتضمن المبادئ األساسية ‪ ،‬أما دفتر الشروط فهو نص مفصل وتقني(‪. )3‬‬

‫غير أنه يالحظ العكس في القانون الجزائري ‪ ،‬فعوض أن تعد اإلتفاقية بين مانح االمتياز‬
‫(الدولة) والملتزم ( البلدية أو المؤسسة المكلفة بالنشاطات السياحية ) ‪،‬نجد أن االمتياز يمنح بقرار دون‬
‫أن يشارك الملتزم في وضع المبادئ األساسية لهذا االمتياز (‪. )4‬‬

‫وال يجوز بأي حال من األحوال أن يحرم االمتياز الخواص من حقوق الصيد ‪ ،‬والوقـوف‬
‫وإصالح الزوارق والسفن ‪ ،‬والتجــــــول ‪ ،‬واستخدام المساحـــات المؤجرة كوسيــــلة للمـواصالت‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 129‬من المرسوم ‪ 454/81‬المحدد لشروط إدارة األمالك الوطنية ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪Article 2,3 et 14 du cahier des charges relatif a la concession par‬‬
‫‪l’état aux communes ou aux entreprises publiques chargées des‬‬
‫‪activités de tourisme, du droit d’exploiter les plages du domaine‬‬
‫‪maritime ,annexé a l’arrêté interministériel du15 décembre 1986,‬‬
‫‪publie au journal officiel n : (13) du 25 mars 1987 .‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪VEDEL (georges),droit administratif, paris,p.u.f,1986,p836.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 99‬‬

‫‪86‬‬
‫والسباحة ‪،‬فهم في هذه األحوال يمارسون حرية عامة غير مقيدة سوى بالقيود التي يقررها القانون‬
‫والتي تستهدف تحقيق المصلحة العامة (‪.)1‬‬

‫‪ - 2‬عقد شغل أماكن في األسواق ‪:‬‬

‫لقد تناولته المادة ‪ 128‬من المرسوم التنفيذي ‪ ، 454/81‬وهو عقد يخول حق استعمال عادي‬
‫للمال العام ‪ ،‬ألن السوق بطبيعتها مخصصة لعرض السلع وبيعها ‪ ،‬وقد جاء في قرار المحكمة العليا ‪:‬‬
‫" يعتبر إيجار البلدية لحقوق الوقوف للساحات التابعة ألسواقها ‪ ،‬أو استئجار التاجر لهذه الحقوق عقدا‬
‫إداريا ويخضع النزاع المتعلق به للغرفة اإلدارية للمجلس ‪.)2(" ...‬‬

‫وككل شغل خاص لألموال العامة يترتب عن هذا العقد دفع مقابل للهيئة المسيرة ‪ ،‬كما يتعين‬
‫على اإلدارة أن تمنح حق االستعمال الخاص لكل طالب و ذلك في حدود األماكن المتوفرة وتراعي عند‬
‫إعطاء الترخيص حفظ النظام والحرص على حسن استعمال المال العام واحترام ترتيب األسبقية ‪.‬‬

‫وتلغى جميع العقود عند إلغاء تخصيص المال العام ( السوق العامة )‪ ،‬ويحق للشاغلين بناء‬
‫على ذلك أن يطلبوا التعويض (‪.)3‬‬

‫(‬
‫‪)1‬يحياوي(أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 99‬‬

‫(‪ )2‬قرار المحكمة العليا‪ ،‬الغرفة اإلدارية بتاريخ ‪ ،1892/08/25‬ملف رقم ‪ ،115212‬أنظر المجلة القضائية‬
‫العدد‪ ،1898 ،1‬ص ‪.22‬‬

‫(‪)3‬يحياوي( أعمر) ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 82‬‬

‫‪87‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫سلطة اإلدارة تجاه اإلستعمال الخاص لألمالك الوطنية‬

‫إذا كان اإلستعمال العام لألمالك العمومية يرتقي إلى مصاف الحريات العامة التي تتكفل بـها‬
‫اإلدارة و ال يجوز لـها أن تمنعها ‪ ،‬فإن اإلستعمال الخاص يتميز بكونـه استعمال عارض يخضع‬
‫للسلطة التقديرية لإلدارة و التي يختلف مداها حسب طبيعة هذا االستعمال الخاص ‪،‬سواء كان عن‬
‫طريق الترخيص(الفرع األول) أو عن طريق التعاقد(الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫سلطة اإلدارة تجاه اإلستعمال الخاص عن طريق الترخيص‬

‫إذا وافقت اإلدارة على طلب استعمال المال العام استعماال خاصا ‪ ،‬فإن ذلك يتم عن طريق‬
‫رخصة تسلمها لصاحب الطلب ‪ ،‬الذي يصبح في مركز قانوني لما ينشأ عنها من عالقـــــة بينــه و بين‬
‫المصـلحة التي منحتها له ‪ ،‬هذه العالقة تتمثل في مجموعة من الحقوق و االلتزامات على النحو التالي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التزامات صاحب الرخصة ‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬يتحمل المرخص له دفع المقابل المادي المنصوص عليه من رسوم و أتاوى‪.‬‬

‫‪ -‬على المرخص له أن يتقيد بالشروط التقنية المحددة في الرخصة ‪ ،‬كما يجب عليه أن يعيد الحالة إلى‬
‫ما كانت عليه بعد اإل نتهاء من استخدام الرخصة ‪ ،‬فإذا كان األمر يتعلق بإنجاز أشغاال مثال فعليه بإزالة‬
‫الردوم و تسوية األرصفة ‪ ،‬و إال فإن اإلدارة تقوم محله بذلك و على نفقته (‪. )2‬‬

‫‪ -‬يلتزم المرخص له بمراعاة جملة من االعتبارات األساسية كـالنظام الـعام ‪ ،‬و حقـوق المـالك‬
‫المجاورين و أصحاب الرخص اآلخرين ‪ ،‬و في حالة عــدم احترام الشــروط التقنية و الــمالية للشغل‬
‫و مدته ‪ ،‬فتطبق عقوبات على المخالف (‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 90‬من ق ‪ .‬أ ‪.‬و ‪.‬‬

‫(‪ )2‬المادة ‪ 122‬من المرسوم ‪. 454/81‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 125‬من نفس المرسوم ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ب – حقوق صاحب الرخصة ‪:‬‬

‫يكتسب صاحب الرخصة حق االختصاص بجزء محدد من المال العام ‪ ،‬و له الحـق في منــــع‬
‫اآلخرين من مزاحمته في استعم اله إال في الحدود الواردة في الرخصة ‪ ،‬و تلتزم اإلدارة بتمكينه من‬
‫الجزء المرخص له باستعماله ‪.‬‬

‫غير أن الحصول على رخصة اإلستعمال الخاص لجزء من المال العام ‪ ،‬ال يعطي لصاحبها‬
‫الحق في ممارسة أي سلطة من سلطات الضبط اإلداري على هذا الجزء ‪ ،‬كما ال يمـلك حــق االنتفاع‬
‫بغاللــه و ال الموافقة لغيره بشغل جزء من المال العام المرخص له باستعماله و ال يحق له التنازل عن‬
‫هذه الرخصة لغيره ألنها رخصة شخصية (‪. )1‬‬

‫و في المقابل فإن االختصاص بجزء من المال العام ‪ ،‬خاصـة إذا كان في صورة شغل مستقر‬
‫يعتبر نوعا من الحيازة التي تخول لصاحبها في سبيل حمايتها حق اللجوء إلى القضاء بشتى أنواع‬
‫الدعاوى كدعوى الحيازة و دعوى المسؤولية في حالة حدوث أي إعتداء على هذا الجزء من المال (‪. )2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫و تكون اإلدارة ملزمة بالتعويض إذا تم سحب الرخصة قبل حلول األجل في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان السحب بسبب األشغال العمومية لمنفعة ملكية أخرى غير الملكية محل الشغل بالترخيص ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا كان السحب بغرض تجميل الطريق العمومي ‪.‬‬

‫‪ -3‬إذا كان السحب بغرض تغيير محور الطريق العام ‪ ،‬و تنتهي الرخصة بنهاية الفترة المحددة لها أو‬
‫نتيجة عدم احترام صاحبها لاللتزامات المفروضة عليه كعدم دفع المقابل المادي ‪ ،‬كما يمكن أن تنتهي‬
‫بسبب تغيير تخصيص المال العام ‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد فاروق )عبد الحميد( ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 289‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫‪DELAUBADERE )André(, op , cit , p 201 .‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 122‬من المرسوم ‪. 454 / 81‬‬

‫‪89‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫سلطة اإلدارة تجاه اإلستعمال الخاص عن طريق التعاقد‬

‫في هذه الحالة تتمتع اإلدارة بامتيازات السلطة العامة في مواجهة الطرف اآلخر‪،‬حيث أنه‬
‫بمقتضى النظرية العامة للعقود اإلدارية فإنها تملك جملة من الصالحيات غير مألوفة في عقود القانون‬
‫الخاص ‪ ،‬فلها سلطة اإلشراف و المراقبة على تنفيذ العقد ‪ ،‬وسلطة تعـــديل شروط العقـــد‪ ،‬واألهم من‬
‫(‪)1‬‬
‫وتتمثل أساسا في‬ ‫ذلك أن لها سلطة توقيع الجزاءات على المتعاقد معها في حالة مخالفة بنود العقد‬
‫فرض الغرامات المالية ‪.‬‬

‫ورغم ما يمتاز به استعمال الملك العمومي عن طريق عقد اإلمتياز من طول المدة حيث‬
‫يتراوح في العقود المتعلقة بالشواطئ بين ثالثة وتسع سنوات‪ ،‬إال أنه يبقى استعماال وشغال مؤقتا قابال‬
‫لإلنهاء لعدة أسباب ‪ ،‬إما بانتهاء أجله المحدد ‪ ،‬أو كجزاء لمخالفة المتعاقد لبنود العقد أو بسبب إنهاء‬
‫( ‪)2‬‬
‫التخصيص لالستعمال العام ‪ ،‬أو إنهاء العقد من طرف اإلدارة بدافع المنفعة العامة‬

‫و تملك اإلدارة أيضا السلطة التقديرية في إبرام العقد أو عدم إبرامه كما تملك حق تجديد العقد‬
‫أو رفض ذلك(‪ . )3‬ولها أن تقوم بأشغال أو بإجراءات تتعلق بحماية المالحة أو الشاطئ أو بأي غرض‬
‫ذي نفع عام دون أن يكون للملتزم طلب أي تعويض بسبب تقليص انتفاعه (‪.)4‬‬

‫هذه هي أهم الحقوق أو امتيازات اإلدارة بصفة عامة ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لحقوق المتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬فيستمدها من العقد ‪ ،‬وتتمثل في األمور التعاقدية التي‬
‫حصل بشأنها اتفاق بينه وبين اإلدارة ‪.‬‬

‫غير أن هناك بعض الحقوق الت ي يستمدها المتعاقد المنتفع من القانون ‪ ،‬وتتمثل على الخصوص في‬
‫حقه في استغــــالل المال العام محل العقد بــــما يحقق له الربح ‪ ،‬و أن ال تعمــل اإلدارة على عرقلته‬

‫(‪)1‬‬
‫بعلي (محمد الصغير) ‪،‬العقود اإلدارية ‪،‬عنابة الجزائر‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع ‪ ،2005 ،‬ص‪92‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادتين ‪8‬و‪ 14‬من القرار الوزاري المشترك بين وزير األشغال العمومية و وزير المالية الصادر في ‪15‬‬
‫ديسمبر ‪ 1892‬المتضمن الموافقة على دفتر الشروط المتعلق بمنح الدولة البلديات والمؤسسات العمومية حق‬
‫استغالل الشواطئ ‪ ،‬ج ر‪ 13‬لسنة ‪.1899‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 129‬من المرسوم ‪. 454 /81‬‬
‫(‪)4‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 80‬‬

‫‪90‬‬
‫لتحقيق ذلك بمنعه مثال من إقامة المنشآت الضرورية لهذا اإلستغالل ‪،‬وله الحق في المطالبة‬
‫بالتعويض عن األضرار التي تتسبب فيها اإلدارة ‪ ،‬إذا كانت أضرارا غير عادية ‪،‬وغير متوقعة ما لم‬
‫ينص العقد أو التشريع على خالف ذلك(‪.)1‬‬
‫هذا ويمكن لشاغل المال العام عن طريق العقد ‪ ،‬أن يستفيد من التعويض الذي تقرره النظريات‬
‫العامة للتوازن المالي في العقود اإلدارية كنظرية فعل األمير و نظرية الظروف الطارئة‪.‬‬
‫ويقصد بفعل األمير"‪ "le fait de prince‬التصرف أو العمل الصادر عن اإلدارة المتعاقدة‬
‫لدى ممارستها ألعمال السلطة التي تتمتع بها من خالل ممارستها لمهامها والتي تؤدي عرضا إلى‬
‫إرهاق المتعامل المتعاقد معها بصورة جدية (‪ ، )2‬األمر الذي يقتضي دعمه ماليا وتعويضه حتى يتمكن‬
‫من اإلستمرار في تنفيذ العقد ‪.‬‬
‫أما الظروف الطارئة "‪ "l'imprévision‬فيقصد بها قيام و ظهور أحداث مفاجئة لدى تنفيذ‬
‫العقد في شكل أزمات اقتصادية ‪ ،‬حروب ‪ ،‬زلزال ‪ ،‬قرار بتخفيض قيمة العملة ‪ ،‬و مثال ذلك أنه قد‬
‫و غير‬ ‫تؤدي زيادة الضرائب و ارتفاع الرسوم الجمركية أو رفع أجور العمال بصورة مفاجئة‬
‫متوقعة ‪ ،‬إلى جعل مواصلة تنفيذ العقد مكلفا و مرهقا بالنسبة للمتعاقد مع اإلدارة مما يقتضي تحمل‬
‫( ‪)3‬‬
‫اإلدارة المتعاقدة لبعض األعباء المالية من أجل استمرارية تقديم الخدمات العامة‬

‫و يستفيد المتعاقد مع اإلدارة من تعويض في حالة ما إذا غيرت اإلدارة عقد الشغل أو ألغته‬
‫قبل انقضاء األجل المتفق عليه ‪ ،‬و هنا تجب اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يكن دقيقا في‬
‫استعماله لمصطلح " غيرت " و نعتقد أنه يقصد التعديل في بعض بنود العقد ‪ ،‬كما أنه لم يحدد مقدار‬
‫التعويض الذي نرى أنه يجب أن يكون مناسبا‪ ،‬بحيث يضمن التوازن المالي للعقد إذا تعلق األمر‬
‫بالتعديل‪ ،‬ويكون التعويض مناسبا إذا كان يشمل ما لحقه من خسارة ومافاته من كسب وفقا لتقدير‬
‫قاضي الموضوع الذي يراعي كل الظروف ‪.‬‬

‫غير أنه يحرم من التعويض بصفة نهائية وكجزاء له ‪،‬إذا كان سبب إنهاء العقد يرجع أساسا إلى‬
‫مخالفته لبعض شروط العقد ‪ ،‬وعدم امتثاله لإللتزامات التعاقدية على الوجه األكمل كما يسقط حقه في‬
‫التعويض إذا كان اإللغاء ناجما عن إجراء عام بإلغاء تخصيص المال العام المشغول (‪. )4‬‬

‫(‪ )1‬محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 205‬‬


‫(‪ )2‬بعلي (محمد الصغير) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 98‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 82‬‬
‫(‪ )4‬المادة ‪ 129‬من المرسوم ‪.454/81‬‬

‫‪91‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫حماية األمالك الوطـنية‬

‫تنفرد األموال العامة المملوكة للدولة أو لغيرها من األشخاص االعتبارية العامة بقواعد حماية‬
‫خاصة تتميز بها عن غيرها من األموال الخاصة المملوكة لألشخاص السابقة أو لألفراد ونظرا‬
‫لألهمية الكبرى التي تحتلها هذه األموال باعتبارها ركيزة الدول في قيامها بوظائفها على النحو‬
‫المنشود‪،‬فقد حرصت هذه الدول على النص في دساتيرها على وجوب حماية ودعم ملكية هذه‬
‫األموال(‪ ، )1‬وهو ما فعلته الجزائر في دستورها الحالي إذ نصت المادة ‪ 22‬منه على أنه " يجب على‬
‫كل مواطن أن يحمي الملكية العامة ‪ ،‬ومصالح المجموعة الوطنية ‪ ،‬ويحترم ملكية الغير "‪.‬‬

‫وإذا كان الدستور الجزائري قد جعل حماية الملكية العمومية واجب على كل مواطن كان البد‬
‫أن تتبعه القوانين العادية لتبين أوجه الحماية وطبيعتها سواء من الناحية المدنية أو اإلدارية أو الجنائية‬
‫ضمانا الستمرار تخصيص هذه األموال لما أعدت له من أوجه النفع العام ‪.‬‬

‫وإليضاح أوجه الحماية السابقة سوف نقسم هذا المبحث إلى ثالثة مطالب على النحو التالي ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الحماية المدنية لألمالك العمومية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الحماية اإلدارية لألمالك العمومية ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬الحماية الجنائية لألمالك العمومية ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬األموال العامة ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬أبو العزم للطباعة ‪ ،‬منشأة المعارف ‪،‬‬
‫‪ ، 2002‬ص‪. 559‬‬

‫‪92‬‬
‫المطلب األول‬

‫الحماية المدنية لألمالك العمومية‬

‫بالرجوع لنص المادة ‪ 298‬من القانون المدني الجزائري نجدها تنص على أنه‪:‬‬

‫" ال يجوز التصرف في أموال الدولة ‪ ،‬أو حجزها ‪ ،‬أو تملكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص‬
‫هذه األموال إلحدى المؤسسات المشار إليها في المادة‪، 299‬تحدد شروط إدارتها‪ ،‬وعند االقتضاء‬
‫شروط عدم التصرف فيها "‪.‬‬

‫وقد جاء قانون األمالك الوطنية بذات القواعد الثالث في نص المادتين ‪ 4‬و‪ ، 22‬فالمادة ‪4‬‬
‫منه تنص على أن ‪ " :‬األمالك الوطنية العمومية غير قابلة للتصرف فيها وال للتقادم وال للحجز‪،"...‬‬
‫أما المادة ‪ 22‬منه فتنص على مايلي ‪ ......" :‬وتستمد القواعد العامة لحماية األمالك الوطنية العمومية‬
‫مما يأتي ‪:‬‬

‫ــ مبادئ عدم قابلية التصرف ‪،‬وعدم قابلية التقادم ‪ ،‬وعدم قابلية الحجز‪ " ....‬وهذه القواعد الثالث تمثل‬
‫الحماية المدنية األساسية (الفرع األول)‪ ،‬أما الحماية المدنية الفرعية فتمثلها حقوق اإلرتفاق لصالح‬
‫هذه األمالك على األمالك الخاصة (الفرع الثاني) ‪ ،‬وقد ذهب البعض إلى القول بأن هذه القواعد ذات‬
‫أصل عرفي وقضائي (‪.)1‬‬

‫ولإلدارة أيضا في سبيل حماية األمالك العمومية حق رفع دعاوى الحيازة والملكية أمام‬
‫القضاء المدني وذلك بقصد الحصول على حكم بطرد الغاصب وكذا رفع دعاوى االسترداد ووقف‬
‫اإلعتداء‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫الحماية المدنية األساسية‬

‫تتحدد الحماية المدنية لألمالك العمومية في صور ثالث هي ‪ :‬عدم جواز التصرف في‬
‫األمالك العمومية ‪ ،‬وعدم جواز اكتسابها بالتقادم ‪ ،‬وعدم جواز الحجز عليها ‪ ،‬ونتناول كل صورة منها‬
‫على النحو التالي ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪DE‬‬ ‫‪LAUBADERE )André(, op .cit . , p166.‬‬

‫‪93‬‬
‫أ‪ -‬قاعدة عدم جواز التصرف في األمالك العمومية‪:‬‬

‫إن مبدأ عدم جواز التصرف الذي أقره المشرع الجزائري هو مبدأ معروف في بلدان أخرى‬
‫كفرنسا وخصص هذا المبدأ لحماية الملك العمومي حتى ال تقف قواعد القانون المدني حائال دون‬
‫تحقيق الغرض الذي من أجله خصص المال ‪ ،‬وقد توحي عبارة عدم جواز التصرف أنه ال يجوز‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪،‬في حين أن قاعدة عدم جواز التصرف هي قاعدة مؤقتة إذ‬ ‫التصرف بشكل مطلق في المال العام‬
‫تدوم مع التخصيص للنفع العام وتزول بزواله ‪ ،‬والحقيقة أن هذا المنع خاص بإجراء التصرفات المدنية‬
‫الخاضعة للقانون الخاص كالبيع و اإليجار والرهن والهبة ‪،‬أما التصرفات األخرى التي ال تتنافى مع‬
‫الصفة العامة للملك العمومي والخاضعة للقانون اإلداري فال يشملها هذا المبدأ ألنها تتالءم وطبيعة‬
‫( ‪)2‬‬
‫كالتبادل بين األشخاص العامة المالكة لألمالك العمومية أو منح األفراد استعمال‬ ‫الملك العمومي‬
‫الملك العمومي استعماال خاصا ‪ ،‬ويعتبر البعض أن هذه القاعدة من أهم النتائج المترتبة على إضفاء‬
‫الصفة العامة للمال (‪. )3‬‬

‫ويرجع أساس هذه القاعدة إلى ضرورة حماية التخصيص للمنفعة العامة الذي رصدت من‬
‫أجله األموال العامة لإلدارة ‪ ،‬ذلك أنه يترتب على إباحة التصرف في هذه األموال انتقال ملكيتها من‬
‫ذمة اإلدارة إلى ذمة الغير و بالتالي انقطاع التخصيص المذكور ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فأساس هذه القاعدة ال يكمن في طبيعة األموال العامة باعتبارها غير قابلة للملكية‬
‫الخاصة كما ذهب إلى ذلك فقهاء مدرسة التوجه الطبيعي على النحو السابق إبرازه ‪،‬وإنما يكمن هذا‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪،‬باإلضافة إلى ضمان الثبات واإلستقرار لهذه األموال حتى تتمكن‬ ‫األساس في فكرة التخصيص‬
‫الدولة من القيام بأعبائها الجسيمة في جميع المجاالت كاألنشطة االقتصادية ‪،‬حيث أصبحت الدولة هي‬
‫األداة الفعالة في دفع عجلة التنمية وقيادة مسيرة التقدم ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪Cours de domaine , op.cit .,p.27 .‬‬

‫)‪ )2‬السيد الجوهري (عبد العزيز) ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫)‪ )3‬محمد أنس قاسم (جعفر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 490‬‬

‫)‪)4‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪،‬المرجع السابق ‪. 523،‬‬

‫‪94‬‬
‫أ‪ -1-‬نطاق قاعدة عدم جواز التصرف في األمالك العمومية ‪:‬‬

‫تنطبق قاعدة عدم جواز التصرف في األمالك العمومية على العقارات والمنقوالت على حد‬
‫سواء وال تمتد إلى ثمارها ألن األصل في الثمار هو التصرف كما أنه ال يمكن أن يتحقق في هذه الثمار‬
‫التخصيص لالستعمال الجماهيري مباشرة أو عن طريق مرفق عام (‪. )1‬‬

‫وهذه القاعدة ليست أبدية‪ ،‬إذ أنها مرتبطة بطبيعة المال وهدفه‪ ،‬فهي بالتالي نسبية مادام أن‬
‫أساسها هو التخصيص للمنفعة العامة ‪ ،‬فإذا زال هذا التخصيص عن المال ‪ ،‬فقد صفته العامة وعاد إلى‬
‫األمالك الخاصة لإلدارة ‪ ،‬فجاز في هذه الحالة التصرف فيه (‪. )2‬‬

‫أ‪ – 2-‬جزاء مخالفة هذه القاعدة ‪:‬‬

‫إذا خرقت اإلدارة قاعدة عدم جواز التصرف ‪ ،‬فإن مصير تصرفها هو البطالن وقد حدث‬
‫خالف حول طبيعة هذا البطالن ‪ ،‬فهناك من يعتبره بطالنا مطلقا لتعلقه بالنظام العام ‪ ،‬فيجوز لمن تم‬
‫التصرف إليه أن يتمسك ببطالنه تجاه اإلدارة ‪،‬ألن البطالن لم يتقرر لصالح اإلدارة وإنما لصالح‬
‫التخصيص للمنفعة العامة ‪ ،‬وال يصحح التصرف بتجريد الملك من صفته العامة (‪. )3‬‬

‫وهناك من يعتبر أن البطالن مقرر لصالح اإلدارة فهو إذن بطالن نسبي ولإلدارة وحدها‬
‫التمسك به ‪ ،‬وال يجوز للمتصرف إليه الدفع ببطالن التصرف حتى يتحلل من إلتزاماته (‪. )4‬‬

‫لذلك فإن الرأي األول القائل بالبطالن المطلق يكون األقرب إلى معنى النص الصريح بعدم‬
‫جواز التصرف ‪ ،‬وخاصة أن هذا المنع مطلق وموجه لإلدارة لكونها هي المالكة لهذه األموال ويمكن‬
‫لها أن تجري مثل هذه التصرفات على هذه األمالك ‪ ،‬فكان منعها من التصرف مقرر لصالح‬
‫التخصيص ألهداف النفع العام ‪ ،‬فمتى كانت المخالفة كان التصرف باطال بطالنا مطلقا ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 440‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪DE‬‬ ‫‪LAUBADERE) André( op .cit . , p191.‬‬

‫(‪ )3‬السنهوري (عبد الرزاق) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬جزء ‪ ، 9‬ص‪. 50‬‬

‫(‪)4‬‬
‫محمد سالم (رفيق )‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪. 91‬‬

‫‪95‬‬
‫أ‪ 3-‬النتائج المترتبة على تقرير هذه القاعدة ‪:‬‬

‫باإلضافة إلى أهمية قاعدة عدم جواز التصرف في األموال العامة في استمرارية التخصيص‬
‫للمنفعة العامة ‪ ،‬فقد رتب الفقه والقضاء على ذلك أيضا عدم جواز التجزئة في ملكية األموال العامة‬
‫وسواء تمثلت هذه التجزئة في حق الملكية ذاته أو في تقرير حقوق ارتفاق على األموال العامة(‪. )1‬‬

‫ب‪ -‬عدم جواز اكتساب األمالك العمومية بالتقادم ‪:‬‬

‫لم يكن هذا المبدأ قد أقره المشرع الفرنسي بعد شأنه في ذلك شأن قاعدة عدم جواز التصرف‬
‫في األموال العامة حتى صدور تقنين دومين الدولة ‪ ،‬ولكن نشأت هذه القاعدة في كنف الفقه والقضاء‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪ ،‬فذهب بعض الفقهاء إلى أن مبدأ عدم جواز اكتساب المال العام بالتقادم هو نتيجة‬ ‫الفرنسيين‬
‫حتمية لمبدأ عدم جواز التصرف في األموال العامة (‪ ، )3‬فإذا كان مبدأ عدم جواز التصرف في األمالك‬
‫العمومية مقرر لحماية هذه األمالك من تجاوزات اإلدارة ‪ ،‬فإن المبدأ الثاني مقرر أساسا لحمايتها من‬
‫تعديات األفراد عن طريق وضع اليد عليها بغية اكتساب ملكيتها بالتقادم ‪ ،‬فال يجوز لواضع اليد أن‬
‫يحمي يده بإحدى دعاوى وضع اليد ‪ ،‬حيث أن هذه الدعاوى شرعت من أجل الحيازة الشرعية أو‬
‫القانونية ‪،‬أما حيازة األفراد لألمالك العمومية فتكون بدون سند من القانون ‪ ،‬لذلك تعتبر حيازة غير‬
‫مشروعة فال يحميها القانون وبالتالي التحميها دعاوى وضع اليد (‪. )4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫محمد سالم(رفيق) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 93‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫‪CHAPUS )rené(, droit administratif général,paris, Montchrestien,‬‬


‫‪T2,5éd,1991,p335 .‬‬

‫(‪ )3‬فكري (فتحي) ‪ ،‬القاضي الدستوري وإسباغ حمـــــاية المال العام على ممتــــلكات األشخاص ذات النفع‬
‫العام ‪،‬مجلة القانون واالقتصاد ‪ ،‬العدد ‪ ، 92‬سنة ‪ ، 2002‬ص ‪. 99‬‬

‫(‪ )4‬السنهوري (عبد الرزاق أحمد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 152‬‬

‫‪96‬‬
‫كذلك ال يعتد بحسن النية في حاالت وضع اليد على األموال المملوكة للدولة والمخصصة للمنفعة‬
‫العامة فال يحق لواضع اليد أن يتحدى بأنه حال حيازته لهذه األموال كان يجهل أنه يعتدي على ملك أو‬
‫حق الغير ‪.‬‬

‫ومـن هنا فإن اإلحتجاج بقاعدة عدم جواز اكتساب األمالك العمومية بالتقادم مقصور على‬
‫جهة اإلدارة وحدها ‪ ،‬فال يجوز ألحد من األفراد اإلحتجاج بها لدفع دعوى وضع اليد المرفوعة من‬
‫خصمه ‪ ،‬وإعماال لهذه القاعدة فإنه يحق لإلدارة أن تقوم برفع دعوى استحقاق لألموال العامة والخاصة‬
‫المملوكة لها في أي وقت حيث أن دعوى االستحقاق ال تسقط بالتقادم متى تعلقت بمال عام (‪. )1‬‬

‫ب‪ 1-‬أساس هذه القاعدة ونطاقها ‪:‬‬

‫يكمن أساس هذه القاعدة في ضمان استمرارية التخصيص للمنفعة العامة ‪ ،‬حيث أن وضع اليد‬
‫عليها يؤدي إلى عدم استمرارية ذلك التخصيص ‪ ،‬كذلك فهو يعد إخالال سافرا بمبدأ دوام سير المرافق‬
‫العامة بانتظام واضطراد (‪. )2‬‬

‫ويمتد تطبيق هذه القاعدة على كل األمالك العمومية عقارية أو منقولة إذ ال يجوز اإلحتجاج‬
‫بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ألن ذلك يؤدي إلى نقل الملكية ‪ ،‬وهذا يتعارض مع تخصيص‬
‫(‪)3‬‬
‫المال ومع عدم جواز التصرف فيه‬

‫وهي ليست أبدية بالنسبة للملك العمومي ‪ ،‬ذلك أنها مرتبطة بطبيعة المال وهدفه ‪ ،‬فهي إذن‬
‫نسبية مادام أن أساسها هو التخصيص للمنفعة العامة ‪ ،‬فإذا زال هذا التخصيص فقد المال صفته العامة‬
‫وعاد إلى األمالك الخاصة لإلدارة ‪ ،‬فجاز حينئذ اكتسابه بالتقادم (‪. )4‬‬
‫(‪)1‬‬
‫شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 405‬‬

‫(‪ )2‬الطماوي (سليمان محمد) ‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‬
‫‪ ، 1882‬ص ‪. 405‬‬

‫(‪ )3‬محمد انس قاسم (جعفر)‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 428‬‬

‫)‪(4‬‬ ‫‪DE LAUBADERE( André(, op .cit . , p191‬‬

‫‪97‬‬
‫ب‪ 2-‬النتائج المترتبة على قاعدة عدم جواز اكتساب األمالك العمومية بالتقادم ‪:‬‬

‫يترتب على مبدأ عدم جواز اكتساب األمالك العمومية بالتقادم أن قاعدة " الحيازة في‬
‫المنقول سند الملكية " ومبدأ " اإللتصاق " ال يسريان على المال العام (‪ ، )1‬ومن جهة أخرى ال‬
‫يمكن وضع األموال العامة تحت الحراسة القضائية ‪ ،‬حيث يصعب تصور وجود المال العام في أيدي‬
‫جهة أخرى غير جهة اإلدارة (‪. )2‬‬

‫ج ‪ -‬عدم جواز الحجز على األمالك العمومية ‪:‬‬

‫تعد قاعدة عدم جواز الحجز على المال العام مظهرا هاما من مظاهر الحماية التي تتمتع بها هذه‬
‫األموال في التقنين المدني ‪ ،‬وإذا كانت العلة في عدم جواز التصرف في األموال العامة هو تخصيصها‬
‫للنفع العام ‪ ،‬فإن قاعدة عدم جواز الحجز على األموال العامة تحقق ذات العلة وباإلضافة إلى ذلك فمن‬
‫غير المتصور أن يكون التصرف اإلداري من قبل الجهة المالكة سواء أكانت الدولة أو أحد األشخاص‬
‫اإلعتبارية العامة غير وارد ومحظورا عليها ويكون التنفيذ الجبري وإخراج األموال من يد جهة‬
‫اإلدارة جبرا عنها وارد ا (‪ ، )3‬حيث أن ذلك من شأنه نقل ملكية المال العام وخروجه من ذمة اإلدارة‬
‫أو الجهة المالكة إلى ذمة الغير األمر الذي يؤدي إلى انقطاع سبل اإلنتفاع به (‪. )4‬‬

‫ويمنع كل ما يمكن أن يؤدي إلى الحجز أي ال يجوز ترتيب حقوق عينية تبعية على األموال‬
‫العامة ‪ ،‬كالرهن الرسمي أو الحيازي أو ترتيب حق اختصاص أو امتياز على الملك العمومي ‪ ،‬وهذا‬
‫المنع مقرر لصالح اإلدارة ذلك أنه يفترض فيها القدرة على تنفيذ إلتزاماتها دون إكراه أي أنه ال‬
‫يتصور إعسارها (‪. )5‬‬

‫(‪ )1‬الجمل (هارون عبد العزيز) ‪ ،‬النظام القانوني لألموال العامة ‪ ،‬مؤتمر الحماية القانونية للمال العام ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ ،‬فرع بنها ‪ ،‬جامعة الزقازيق ‪ 22 -21،‬مارس ‪ ، 2004‬ص‪.9‬‬

‫(‪ )2‬أبو زيد (محمد عبد الحميد )‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 199‬‬

‫(‪ )3‬نايف (حمد زيدان) ‪،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 104‬‬

‫(‪ )4‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 204‬‬

‫( ‪)5‬‬
‫محمد أنس قاسم (جعفر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪52‬‬

‫‪98‬‬
‫جـ ‪ 1-‬نطاق قاعدة عدم جواز الحجز على األمالك العمومية ‪:‬‬

‫يمتد نطاق تطبيق هذه القاعدة إلى األموال العامة واألموال الخاصة المملوكة لجهة اإلدارة‬
‫على حد سواء ‪ ،‬وقد رأى الفقه الفرنسي أن في ذلك ميزة هامة فهي تتعلق بجميع أموال اإلدارة سواء‬
‫كانت عامة أو خاصة وال عالقة لها باعتبارات المنفعة العامة التي ترصد من أجلها األموال العامة ‪،‬‬
‫حيث أن من المتفق عليه أنه ال يجوز مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري بأي حال من األحوال تجاه‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫األشخاص العامة‬

‫جـ ‪ 2 -‬النتائج المترتبة على قاعدة عدم جواز الحجز على األمالك العمومية ‪:‬‬

‫بما أن قاعدة عدم جواز الحجز على األموال العامة تتعلق بالنظام العام فيترتب على ذلك ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫للقاضي أن يقضي بالبطالن من تلقاء نفسه في حالة حجز األموال العامة ‪ ،‬كما يجوز لكل ذي‬ ‫‪-‬‬
‫مصلحة أن يتمسك به في أي مرحلة كانت عليها اإلجراءات ‪ ،‬وهذا البطالن ال تصححه اإلجازة ‪.‬‬

‫كما يترتب على مبدأ عدم جواز التنفيذ الجبري على األموال العامة ‪ ،‬عدم سريان أحكام نزع‬ ‫‪-‬‬
‫الملكية للمنفعة العامة على تلك األموال ‪ ،‬وذلك حتى تبقى مخصصة للنفع العام التي أنشئت من أجل‬
‫إشباعه (‪. )2‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫الحماية المدنية الفرعية‬
‫يتفرع عن قواعد الحماية المدنية السابقة قواعد أخرى الزمة لما تنطوي عليه من حماية‬
‫لألمالك الوطنية وهي ما يعرف بالحقوق العينية كحق اإلرتفاق ‪ ،‬واإلرتفاق حق يجعل حدا لمنفعة‬
‫عقار لفائدة عقار آخر لشخص آخر ويجوز أن يترتب اإلرتفاق على مال إن كان ال يتعارض مع‬
‫اإلستعمال الذي خصص له هذا المال(‪. )3‬‬

‫(‪ )1‬شيحا (إبراهيم عبد العزيز) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 205‬‬

‫(‪ )2‬أبو زيد (محمد عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 183‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 929‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫لذلك يجوز أن تتحمل األمالك الوطنية بحقوق اإلرتفاق بشرط أن تتوافق مع تخصيــص الملك‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪ ،‬فيكون للمجاورين للطرق العامة حق إرتفاق الرؤية والمجرى والنفاذ على هذه الطرق‬ ‫المعني‬
‫وكذلك في الحاالت التي ال يتفق فيها اإلرتفاق مع المنفعة التي خصصت لها األمـــالك العمومية ولكن‬
‫ال تتعارض معها وال تحول دون اإلنتفاع باألمالك العمومية كما في حالة فتــح مالك أحد المباني ممرا‬
‫تحت الطريق العام للوصول إلى ملكه (‪. )2‬‬

‫ومن أهم المشاكل التي تثار بين األمالك العمومية واألمالك الخاصة المجاورة لها تلك المتعلقة‬
‫باإلرتفاقات ‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن اإلرتفاقات المقررة لصالح األمالك العمومية هي السائدة مقارنة‬
‫باإلرتفاقات المقررة لصالح األمالك الخاصة وذلك من عدة نواحي من بينها ‪:‬‬

‫‪ -‬أن اإلرتفاقات بين األمالك الخاصة تحكمها قاعدة المساواة ‪ ،‬بينما بالنسبة لألمالك العمومية فتستفيد‬
‫استفادة كاملة من اإلرتفاقات على األمالك الخاصة ‪ ،‬غير أنه يمكن التنازل عن حقوق اإلرتفاق التي‬
‫تتماشى مع تخصيص أحد األمالك الوطنية العمومية (‪. )3‬‬

‫‪ -‬تسمى اإلرتفاقات التي تكون لصالح األمالك العمومية باإلرتفاقات اإلدارية ‪ ،‬وهي تستهدف بصفة‬
‫أساسية تحقيق الصالح العـام خـالفا لإلرتفاقات المــقررة لصالح األمالك الخاصة التي تستهدف تحقيق‬
‫المصالح الخاصة للمالكين ‪.‬‬

‫واإلرتفاقات نوعان ‪:‬‬

‫أ‪-‬اإلرتفاقات المستمدة من القانون الخاص ‪:‬‬

‫لإلدارة حق ترتيب حقوق إرتفاق على األموال الخاصة ما دامت لها حــق الملكـية على األمالك‬
‫العمومية (‪ )4‬وهو المقرر فقها وقضاء ‪.‬وهذه اإلرتفاقات مستمــــدة من القانون المــــــدني كحق المطل‬
‫والمرور(‪. )5‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 22‬من ق‪.‬أ‪.‬و ‪.‬‬

‫(‪ )2‬محمد انس قاسم (جعفر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 493‬‬

‫(‪ )3‬المادة ‪ 22‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫(‪ )4‬سالم (رفيق محمد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 98‬‬

‫(‪ )5‬المواد من ‪280‬الى ‪ 912‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫ب‪-‬اإلرتفاقات اإلدارية ‪:‬‬

‫وتسمى أعباء الجوار وهي مقررة لحماية األمالك العمومية ‪ ،‬فتقع على المالك المجاورين لها‬
‫إرتفاقات سلبية تمنعهم من ممارسة أحد حقوقهم على عقاراتهم كارتفاق االبتعاد عن الطريق أو عدم‬
‫البنيان المقرر لصالح الطرق العامة والسكك الحديدية (‪.)1‬‬

‫وهناك إرتفاقات إيجابية تفرض على المالك المجاورين كإزالة المنشآت و األسوار من المساحة‬
‫المحيطة باألمالك العسكرية ‪،‬ذلك أن مصالح وزارة الدفاع الوطني تعين حدود مناطق اإلرتفاق‬
‫والمسماة " محيط األمن " (‪ ، )2‬وإذا كانت هذه اإلرتفاقات تضيق من حقوق المالك المجاورين إال أنها‬
‫تخولهم الحق في التعويض ‪ ،‬كما يستفيد المالك المتاخمون للطرق العامة من منافع قررتها المادة ‪121‬‬
‫من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 454/81‬السابق اإلشارة إليه ومنها ‪:‬‬

‫‪ - 1‬حق النفوذ والدخول إلى العقارات المجاورة والخروج منها ‪.‬‬

‫‪ - 2‬حق التوقيف المؤقت لسياراتهم أمام أبواب مساكنهم ‪.‬‬

‫حق النظر والتمتع بضوء النهار من خالل النوافذ المشرفة على الطريق العمومي ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫حق صرف مياه األمطار أو المياه المستعملة أو اإلتصال بشبكة المجاري بشرط الحصول على‬ ‫‪-4‬‬
‫ترخيص قبلي‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪. 105‬‬

‫(‪ )2‬المادة ‪ 119‬من ق‪.‬أ‪.‬و‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫الحماية اإلدارية لألمالك الوطنية‬

‫تتبلور هذه الحماية في مجموعة من اإلجراءات تلتزم بها اإلدارة وتستهدف حماية األمالك‬
‫الوطنية سواء ضد تصرفات أعوان اإلدارة ذاتها أو ضد تصرفات الجـماهير‪ ،‬بحيث تـتمتع اإلدارة‬
‫المكــلفة باألمالك الوطنية في إطار اختصاصاتها بحق الرقابة الدائمة على استعمال األمالك الداخلة‬
‫العمومية التابعة للدولة المخصصة أو غير‬ ‫في األمالك الوطنية الخاصة واألمالك الوطنية‬
‫المخصصة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫األقل‪.‬‬ ‫وتمارس الرقابة من طرف أعوان ذوي كفاءة ومحلفين حائـزين رتبة مفتش على‬

‫وحتى تستطيع اإلدارة أن تحافظ على األمالك العمومية يجب عليها أن تتعرف عليها وذلك عن‬
‫طريق جرد عناصرها ومحتوياتها (الفرع األول)‪ ،‬ثم تقـــوم بعد ذلك بالمحافظة عليها وصيانتها‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫الجرد العام لألمالك الوطنية‬

‫يهدف الجرد العام إلى حماية األمالك الوطنية ومراقبة استعمالها بما يتفق واألهداف المحددة‬
‫لها وكذا معرفة قوامها وتتبع حركتها ‪ ،‬ويتمثل الجرد العام في تسجيل وصفي وتقييمي لجميع األمالك‬
‫( ‪)2‬‬
‫فالتسجيل الوصفي يبين كافة‬ ‫التي تحوزها مختلف مؤسسات الدولة وهياكلها والجماعات اإلقليمية‬
‫مكونات الملك العام وخصائصه ‪ ،‬أما التسجيل التقويمي فهو إثبات القيمة النقدية للمال العام (‪ ،)3‬وهو‬
‫إجراء شامل بالنسبة لكل األمالك الوطنية العمومية منها والخاصة ‪ ،‬العقارية والمنقــــــــولة ‪ ،‬وال‬
‫يستثـــــنى من هـــــــــذه العمليـــــة إال ما جـــــاء به نص خاص كاألشياء القابلة لإلستهالك‬
‫باستعمالـها مـــــرة واحـــــدة وثمـــــن شــــراء الوحـــــدة منـــها بسيط ‪ ،‬حسب تقدير الـوزير المكلف‬

‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 134‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 9‬من ق ‪ .‬و ‪ .‬أ ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.114‬‬

‫‪102‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫كما ال تخضع للجرد العام أيضا أمالك‬ ‫بالمالية ‪ ،‬الذي يحدد المبلغ أو الثمن الذي ال يشمله الجرد‬
‫(‪)2‬‬
‫القطاع‪.‬‬ ‫وزارة الدفاع الوطني نظرا لخصوصيات هذا‬

‫ويبين المرسوم التنفيذي الخاص بالجرد أشكال وكيفيات وشروط الجرد ‪ ،‬حيث أوجب على‬
‫تتمتع‬ ‫كل المؤسسات مهما كانت طبيعتها سواء كانت إدارية أو تجارية ‪ ،‬إقليمية أو مصلحية‬
‫بالشخصية المعنوية أم ال ‪ ،‬مسك دفاتر الجرد لكل األمالك العقارية الموجودة بحوزتها (‪. )3‬‬

‫وتحوز المؤسسات المشار إليها األموال العامة ‪ ،‬إما بناء على تخصيص » ‪ « affectation‬أو‬
‫إمتياز » ‪ ، « concession‬فيمكن أن يخصص شخص عام ملكا عاما تابعا له إلحدى مصالحه أو‬
‫لشخص عام آخر أو إحدى مصالحه قصد تحقيق أغراض النفع العام ‪ ،‬أما اإلمتياز فهو عقد يخول هيئة‬
‫أو مؤسسة عامة ولو كانت اقتصادية حق االستعمال الخاص لألموال العامة‪ .‬ويتعين على المستفيد من‬
‫التخصيص أو اإلمتيازأن يعدبطاقة تعريف لكل عقار)‪( fiche d’identification d’immeuble‬‬
‫يحوزه وتتضمن هذه البطاقة البيانات التالية(‪: )4‬‬

‫‪ - 1‬الهيئة المستفيدة من التخصيص أو اإلمتياز ‪ :‬ويجب ذكر تسميتها ‪ ،‬مرجع النص الذي أنشأها‬
‫والجماعة العمومية التي تنتمي إليها ( الدولة ‪ ،‬الوالية ‪ ،‬البلدية )‪.‬‬
‫‪ - 2‬العقار ‪ :‬وينبغي تحديد نوعيته ‪ ،‬محتواه ‪ ،‬مكان وجوده ‪ ،‬الجماعة العمومية التي يتبع لها أصال‬
‫وقيمته ‪.‬‬
‫ويالحظ فيما يتعلق بهذه النقطة أن اإلدارات والمؤسسات تجد صعوبة في ضبط هذه البطاقات‬
‫النعدام الوثائق ‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بأصل ملكية العقار ومحتواه وقيمته ‪ ،‬أما بالنسبة للمنقوالت فالبد‬
‫من جرد كل شيء بشكل واضح وكامل مع بيان الرقم الممنوح له(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المادتين ‪ 21‬و‪ 22‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 455/81‬المؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ ، 1881‬يتعلق بجرد‬
‫األمالك الوطنية ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪. 20:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 43‬من المرسوم ‪ 454/81‬السالف الذكر ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المادة ‪ 9‬من المرسوم ‪. 455/81‬‬
‫(‪)4‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫(‪)5‬‬
‫نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 115‬‬

‫‪103‬‬
‫وإذا تعلق األمر بالسيارات ‪ ،‬دونت كل واحدة مع تجهيزها العادي ( الدواليب المطاطية رافعة‬
‫األثقال ‪ ،‬المذياع‪ )...‬تحت رقم واحد ‪ ،‬لكن قد تتعرض ملحقات السيارة أو مكوناتها من محرك‬
‫وبطاريات والدواليب المطاطية للعطل ‪ ،‬ففي هذه الحالة يبين إلغاء استعمالها في هامش سجل الجرد‬
‫الذي دونت فيه السيارة ‪.‬‬
‫أما عن قطع الغيار والملحقات األخرى المستبدلة ‪ ،‬فتسجل تحت رقم متميز(‪. )1‬‬
‫وقد تتعرض األشياء موضوع الجرد للتحطيم أو الفقدان أو السرقة ‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب‬
‫تحرير محضر أو تقرير توضح فيه ظروف ذلك ‪ ،‬ويشار إلى هذه الوثيقة في سجل الجرد ويشطب‬
‫من الجرد الشيء المحطم أو المفقود أو المسروق ‪ ،‬ويقترح إلغاء استعمال هذا الشيء إذا‬
‫كان غير قابل لالستعمال (‪.)2‬‬

‫ويتم الجرد العام بجمع الجرد الجزئي الذي تم على مستوى المؤسسات والهيئات عن طريق‬
‫مديريات األمالك الوطنية على مستوى الواليات تحت إشراف وزير المالية ‪،‬وتختلف تقنيات جرد‬
‫األمالك العمومية الطبيعية عن األمالك العمومية االصطناعية ‪ ،‬وتحدد هذه التقنيات عن طريق‬
‫قرارات وزارية مشتركة ‪ ،‬وتقوم بعملية الجرد كل الوزارات المعنية باشتراك مع وزارة المالية ‪.‬‬

‫وال تتوقف عملية الجرد عند التسجيل الوصفي والتقويمي لألشياء والمعدات فحسب ‪ ،‬بل تليها‬
‫عملية أ هم وهي التأكد من مدى الوجود الفعلي لما تم تدوينه في سجل الجرد ويطلق على هذه العملية‬
‫)‪ (le récolement‬وتقوم مسؤولية مسؤول إدارة الوسائل عند عدم وجود‬ ‫فحص المجرودات‬
‫المجرودات إال إذا ثبت في سجل الجرد أن األشياء الناقصة كانت موضوع محضر تحطيم أو فقدان أو‬
‫سرقة أو سلمت إلدارة أمالك الدولة لبيعها بالمزاد العلني وفقا للقانون (‪.)3‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه بجانب الصعوبات التي تواجه الجرد ‪،‬هناك عائق آخر ‪ ،‬يتمثل في تغيير‬
‫المال بتغير الوزارات دون صدور قرار بذلك ‪ ،‬مما يجعل المصالح المختصة في حيرة حول وضعية‬
‫هذه األموال وما من حل لهذه الوضعية إال تكليف مصالح أمالك الدولة بالمتابعة الدائمة والمستمرة لهذه‬
‫األموال‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادتان ‪ 25‬و ‪ 22‬من المرسوم ‪. 455/81‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يحياوي (أعمر) ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 119‬‬

‫‪104‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫المحافظة على األمالك الوطنية وصيانتها‬

‫إن المحافظة على األمالك الوطنية وصيانتها يعتبر التزاما يقع على عاتق اإلدارة‬
‫‪l’administration doit conserver aux biens du domaine public la‬‬
‫‪destination qu’ils ont recue et cela en procédant au travaux d’entretien‬‬
‫)‪ necessaires(1‬ولما كان المال العام هو ذلك المال المملوك لإلدارة والمخصص الستعمال‬
‫الجمهور مباشرة أو عن طريق مرفق عام بشرط إعداده إعدادا خاصا ‪ ،‬فإن خطر المساس بهذا الملك‬
‫يأتي إما من المستعملين وذلك بعدم احترامهم قواعد االستعمال أو بالتعدي على الملك العمومي ‪ ،‬وإما‬
‫من اإلدارة ‪ ،‬ويتم ذلك بإهمال الملك العمومي وعدم صيانته ومراقبة استعماله ‪،‬لذلك نص القانون على‬
‫واجب اإلدارة المسيرة أو المستغلــة لهذا المال في السهر على حمايته والمحافظة عليه ‪،‬كما أوجب‬
‫على المستعملين والمستفيدين منه أن يقوموا بذلك وفقا للقانون ويتحملون في ذلك مسؤولية األضرار‬
‫الناتجة من تصرفاتهم (‪.)2‬‬

‫وحتى يتسنى لإلدارة أن تحافظ على المال الذي بحوزتها فإن لها وسيلتان ‪:‬‬

‫األولى قانونية والثانية مادية ‪:‬‬

‫الوسيلة القانونية للمحافظة على األمالك العمومية ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫( ‪)3‬‬
‫وتتمثل هذه الوسيلة في حق اإلدارة في إصدار لوائح تنظيمية وتسمى بلوائح ضبط الصيانة‬
‫وتهدف إلى المحافظة على الملك العمومي من الخطر الذي قد يلحق به من طرف المستعملين‪.‬‬

‫وتختلف هذه اللوائح عن لوائح الضبط اإلداري العام التي يقتصر دورها على حفظ النظام العام‬
‫بمدلوالته الثالث ‪ :‬األمن العام ‪ ،‬الصحة العامة ‪ ،‬السكينة العامة دون امتداد هذا الدور ليشمل صيانة‬
‫األموال العامة ‪ .‬لذلك حكم بعدم مشروعية قرارات الضبط العام التي تمنع سير السيارات في شارع‬
‫معين بحجة تجنب نفقات إصالحها وصيانتها على أنه يجوز تطبيق هذه اللوائح ‪ -‬لوائح الضبط العام‪-‬‬
‫إذا كانت تستهدف إلى جانب تجنب نفقات الحفظ والصيانة تأمين سهولة المرور(‪.)4‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪BEN SLAMA (sami), la protection du domaine public maritime en tunisie,‬‬


‫‪sur : www.mémoire online.com/htm le 22/11/2011.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المواد ‪ 9 ، 2 ، 5‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫محمد فاروق عبد الحميد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 212‬‬
‫(‪)4‬‬
‫سالم (رفيق محمد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 102‬‬
‫‪105‬‬
‫وتشبه لوائح ضبط الصيانة لوائح الضبط اإلداري العام في أنها تحد من الحريات الفردية‬
‫( حرية االستعمال) ‪ ،‬كما أنها تحدد المخالفات والعقوبات الجزائية التي توقع على مرتكبي هذه‬
‫المخالفات الواقعة على الملك العام (‪. )1‬‬

‫وقد نص قانون األمالك الوطنية على تخويل الجهة اإلدارية المكلفة بالمحافظة على الملك‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪ .‬وتطبق العقوبات على الفاعل مرتكب‬ ‫العمومي صالحية سن قواعد تنظيمية في هذا المجال‬
‫المخالفة والمستفيد إذا كانت المخالفة نتيجة لألشغال ‪ ،‬أما إذا كان المتسبب في المساس بالمال شيء أو‬
‫حيوان ‪ ،‬فإن المسؤولية تقع على حارسيها وفقا للقواعد العامة (‪. )3‬‬

‫وتسقط هذه المخالفات في شقها الجزائي بالتقادم بمرور سنتين ‪ ،‬بينما تبقى دعوى التعويض‬
‫خاضعة للتقادم وفقا لقواعد القانون المدني (‪. )4‬‬

‫ب ‪ -‬الوسيلة المادية للمحافظة على األمالك العمومية ‪:‬‬


‫وتتمثل في واجب اإلدارة في القيام بواجب الصيانة الدورية للملك العمومي ‪ ،‬وهذا مــا نص‬
‫عليه المشرع الجزائري في قانون األمالك الوطنية (‪ ، )5‬ويتجسد هذا الواجب في تخصيص هذه اإلدارة‬
‫لمبالغ مالية من ميزانيتها ترصد لهذه الصيانة ‪ ،‬أما عن أدائها فتتبع اإلدارة إحــدى الطريقتين ‪:‬‬

‫‪ -‬الطريقة األولى ‪ :‬وهنا تنفذ اإلدارة أشغال الصيانة بواسطة عمالها ‪ ،‬لكن ال تلـــجأ إلى هذه الطريقة‬
‫إال نادرا‪ ،‬وتفعل ذلك إذا كان هناك استعجال أو ألسباب تتعلق بالسرية أو عند عدم وجود مقاول يقوم‬
‫باألشغال (‪. )2‬‬

‫‪ -‬الطريقة الثانية ‪ :‬وتتمثل في األسلوب التعاقدي األكثر شيوعا ‪ ،‬وعليه تبرم اإلدارة صــفقات عمومية‬
‫إلنجاز األشغال مع متعاملين مواطنين أو أجانب‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪DELAUBADERE )André(, op .cit . p 173‬‬


‫(‪ )2‬المادة ‪ 29‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬
‫(‪ )3‬المواد من ‪ 140- 134‬من القانون المدني ‪.‬‬
‫(‪ )4‬المادة ‪ 28‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و‪.‬‬
‫(‪ )5‬المادة ‪ 29‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬
‫(‪ )2‬يحياوي (أعمر)‪ ،‬المرجع السابق ص ‪112‬‬

‫‪106‬‬
‫وينبغي التوضيح أن اللجوء إلى المتعاملين األجانب ال يكون إال بخصوص اإلصالحات الكبرى أو‬
‫األشغال التي تتطلب تقنيات متطورة غير متاحة في الجزائر (‪. )1‬‬

‫أما بالنسبة للملكية الفردية فال يلتزم صاحبها بصيانتها وال يعاقب على إهمالها بعكس الحال في‬
‫الملكية العامة بحيث أن أي إهمال من جانب اإلدارة يؤدي إلى إتالف المال العام يعرضها للعقوبة ‪،‬‬
‫سواء بصفتها مالكة أو بصفتها مستفيدة من قرار التخصيص‪.‬‬

‫ويختلف إلتزام اإلدارة بحسب عالقتها بالملك العمومي ‪ ،‬فتتحمل المصلحة أو اإلدارة‬
‫المخصص لها صيانة الملك أو مرفق األمالك الوطنية الموضوعة تحت تصرفها ‪ ،‬أما اإلصالحات‬
‫الكبرى فتبقى مبدئيا على عاتق الشخصية العمومية المالكة ‪،‬وإذا تسببت المصلحة أو اإلدارة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫المخصص لها في فقدان الملك أو إتالفه ‪ ،‬تحملت مسؤولية ذلك إزاء الشخصية العمومية المالكة‬

‫ولم يفصل المشرع الجزائري في مسألة امتناع اإلدارة المالكة عن إجراء الصيانة فهل يستطيع‬
‫الشخص اإلداري المستفيد من التخصيص أن يجبر اإلدارة المالكة على القيام باألشغال الكبرى ؟ ‪ .‬لقد‬
‫فصل القضاء اإلداري الفرنسي في هذه المسألة بالقول بعدم استطاعة المستفيد إجبار اإلدارة المالكة‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪ ،‬وهذا ما‬ ‫على القيام بالصيانة ‪ ،‬ولكن يمكنه القيام بها بنفسه ‪،‬ويعود على المالك بتكاليف العملية‬
‫انتهى إليه مجلس الدولة الفرنسي والذي النرى مانعا من تبنيه في الجزائر ‪ ،‬أما محكمة النقض‬
‫الفرنسية فلم تجز ذلك ‪.‬‬

‫ويترتب عن مخالفة إلتزام الصيانة والمحافظة على األمالك العمومية متابعات إدارية وقضائية‬
‫تطبق على المخالف أو المتسبب في المخالفة ‪ ،‬وتتم المتابعة على أساس محضر يعده مختصون لهم‬
‫صفة ضابط الشرطة القضائية أو موظفون يخولهم القانون الصالحية في ذلك (‪ )4‬فقانون المياه مثال حدد‬
‫األشخاص الذين لهم الصالحية في ضبط المخالفات التي ينص عليها قانون المياه ‪ ،‬فتكون هذه‬
‫المخالفات محل بحث ومعاينة وتحقيق يقوم به ضباط وأعوان الشرطة القضائية وكذا أعوان شرطة‬
‫( ‪)5‬‬
‫المياه المنشأة بموجب المادة ‪ 158‬من قانون المياه‬
‫(‪)1‬‬
‫يحياوي(أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 112‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 192‬من المرسوم ‪. 454/81‬‬
‫‪(3) DELAUBADERE )André(, op .cit , p 167.‬‬

‫(‪ )4‬المادة ‪ 28‬من ق ‪ .‬أ ‪ .‬و ‪.‬‬


‫(‪)5‬‬
‫أنظر أيضا المادة ‪ 121‬من قانون المياه ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الحماية الجنائية لألمالك الوطنية‬
‫ظهرت هذه الحماية في النظام التقليدي الفرنسي ‪ ،‬والتي فرضت عقوبات جنائية على‬
‫األعمال التي تسفر عن إحداث إتالف بأي عنصر من عناصر األموال العامة سواء الطرق العامة أو‬
‫غيرها من األموال األخرى مثل الحدائق العامة وشواطئ البحار واألموال األثرية ‪،‬وقد افترض‬
‫المــشرع الفرنسي عنــصر الخطأ فيها فال يعفى مرتكبيها من العقوبة لمجرد إثــبات عدم الخطــأ حيث‬
‫ال يعفى منها ســوى بالقـــوة القاهرة ‪،‬وتتكون العقوبة الجنائية فيها من الغرامة وتكاليف إصالح‬
‫الضرر الذي لحق بالمال العام وإعادته إلى حالته قبل وقوع الفعل عليه (‪. )1‬‬

‫والمقصود بالحماية الجنائية حماية األموال العامة من تعديات األفراد التي من شأنها التعطيل أو‬
‫اإلضــرار بالمنفعة العامة التي رصدت لتحقيقها ‪ ،‬وال يجمع النصوص الجنائية التي تكفل هذه الحماية‬
‫تشريع واحد بل هي مبعثرة ومتفرقة بين قانون العقوبات وعدد من النصوص القانونية المختلفة والتي‬
‫تتعلق بعناصر األمالك العمومية كالمياه والغابات والطرق العامة إلى جانب ما قرره قانون األمــالك‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪ ،‬وهذا التنوع والتفرق للنصوص يؤدي إلى صعوبة حصر األحكام المتعلقة بهذه الحماية‬ ‫الوطنية‬
‫مما يستوجب ذكر أهمـها ‪.‬‬

‫بل‬ ‫والحماية الجنائية التي تضمنها قانون العقوبات ليست خاصة باألمالك الوطنية العمومية‬
‫تشمــــل مـــلكية اإلدارة كلها وبالمعنى الواسع ‪ ،‬أي كل األموال التي تحوزها الدولة واألشخـاص‬
‫العــامـــة األخرى ‪ ،‬مـــع اإلشارة إلى أن التشريع الجزائري قد عرف تطورا في حماية األموال العامة‬
‫ويتجلى ذلك في سن المشرع الجزائري لنص تشريعي يهدف إلى محاربة ظاهرة الفساد ومكافحته‬
‫والذي جاء مكمال لقانون العقوبات (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬محمد فاروق (عبد الحميد) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 325‬‬

‫(‪ )2‬المادتان ‪ 139 ،132‬من ق‪ .‬أ ‪.‬و ‪.‬‬

‫(‪ )3‬القانون رقم ‪ 01/02:‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ، 2002‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ‪،‬‬
‫الجريدةالرسمية للجمهورية الجزائرية ‪ ،‬عدد ‪. 14‬‬

‫‪108‬‬
‫ولذلك يجب التحري عن أركان الجريمة بالنسبة لكل صورة من صور التعدي على المال العام‪،‬‬
‫من صفة الجاني حيث يكون مثال في جريمة اإلختالس حامال لصفة الموظف العام وتوافر الركنين‬
‫المادي وهو الفعل المجرم ‪ ،‬والمعنوي وهو القصد إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية ‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق نورد نماذج من جرائم التعدي على األمالك العمومية والعقوبات المقررة لها‬
‫وذلك في نصوص قانون العقوبات( الفرع األول) وفي قوانين أخرى (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‬

‫في قانون العقوبات‬

‫سنتطرق لجرائم اإلختالس وتبديد وإتالف األموال العمومية والرشوة ‪ ،‬وجريمة التعدي على‬
‫الطريق العام ‪.‬‬

‫أ‪-‬جريمة اإلختالس (‪: )1‬‬

‫استخدم المشرع مصطلح اإلختالس تعبيرا عن الركن المادي في جرائم اإلعتداء على األموال‬
‫العامة ومصطلح اإلختالس يدل على معنيين‪:‬‬

‫‪ - 1‬المفهوم العام لإلختالس ‪ :‬وهو انتزاع الحيازة المادية للشيء من يد صاحبه إلى يد الجاني ‪.‬‬
‫واإلختالس في هذا المفهوم هو الذي عناه المشرع في جريمة السرقة‪.‬‬

‫‪ -2‬المفهوم الخاص لإلختالس ‪ :‬ويفترض فيه وجود حيازة للجاني سابقة ومعاصرة للحظة ارتكاب‬
‫السلوك اإلجرامي ‪ ،‬إال أن هذه الحيازة تكون ناقصة ‪ ،‬إذ يكون للحائز العنصر المادي للحيازة دون‬
‫المعنوي ‪ ،‬وهذا المفهوم هو الذي قصده المشرع بالنظر إلى السلوك اإلجرامي المكون لجريمة خيانة‬
‫األمانة وجريمة اختالس المال العام ‪ ،‬فيتحقق اإلختالس في هذا المعنى بقيام الجاني بأي سلوك يضيف‬
‫به المال العام إلى سيطرته الكاملة كما لو كان مالكا له (‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬وقد إنتقد البعض استخدام المشرع مصطلح اإلختالس للتعبير عن السلوك اإلجرامي في جريمة إختالس‬
‫المال العام ‪،‬ألن استخدامه ال يحقق الدقة المطلوبة في تبويب الجرائم ‪ ،‬ألن المعنى الدقيق لإلختالس هوا لمعنى‬
‫العام الذي يتمثل في انتزاع الحيازة ‪ ،‬فإذا كان الجاني يحوز المال فاألصل أننا ال نكون بصدد إختالس ‪.‬‬
‫(‪ )2‬محمد سالمة (مأمون) ‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص ‪،‬ج‪ ،1‬الجرائم المضرة بالمصلحة العامة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار الفكر العربي ‪ ،1899،‬ص ‪245‬‬

‫‪109‬‬
‫وباستقراء النصوص القانونية التي تنظم أحكام جريمة اختالس األموال العمومية نجد أن المشرع‬
‫في أغلب التشريعات سار على نهج واحد أثناء إقراره للنظام العقابي لهذه الجريمة وبذلك فإن القانون‬
‫يعاقب على جريمة اختالس المال العام بعقوبات مختلفة في صورتين‪:‬عادية ومشددة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عقوبة جناية اختالس األموال العامة في صورتها العادية ‪:‬‬


‫وتتضمن هذه الصورة عقوبات أصلية وأخرى تكميلية وتبعية‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫التي تنص على أنه " يتعرض‬ ‫أما العقوبات األصلية فهي المنصوص عليها في المادة ‪118‬‬
‫القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي الذي يختـلس أو يبدد أو يحتجز عمدا وبدون وجه حق أو‬
‫يسرق أمواال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا أو أمواال منقولة‬
‫وضعت تحت يده‪ ،‬سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها ‪:‬‬

‫‪ -‬للحبس من سنة (‪ )1‬إلى خمس سنوات إذا كانت قيمة األشياء المختلسة أو المحتجزة أو المسروقة أقل من‬
‫‪ 1000000‬دج ‪.‬‬
‫‪ -‬للحبس من سنتين إلى عشر سنوات إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق مبلغ ‪ 1000000‬دج وتقل عن‬
‫‪ 5000000‬دج ‪.‬‬
‫‪ -‬للسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق مبـلغ ‪ 5000000‬دج‬
‫وتقل عن ‪ 10.000000‬دج ‪.‬‬
‫‪ -‬للسجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق ‪ 10.000000‬دج ‪ ،‬وفي كل الحاالت يعاقب الجاني‬
‫بغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 2.000000‬دج ‪.‬‬
‫ويتعرض كذلك للعقوبات المنصوص عليها أعاله ‪ ،‬كل شخص تحت أية تسمية و في نطاق أي‬
‫إجراء يتولى ولو مؤقتا وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ويسهم بهذه الصفة في خدمة الدولة أو‬
‫الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات الخاضعة للقانون العام ‪ ،‬يختلس أو يبدد أو يحتجز عمدا‬
‫وبدون وجه حق أو يسرق أمواال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها أو وثائق أو سندات أو عقودا‬
‫أو أمواال منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫القانون رقم ‪ 08/01‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪. 2001‬‬

‫‪110‬‬
‫ونص قانون العقوبات في نفس المادة السابقة أنه إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في‬
‫هذه المادة إضرارا بالمؤسسات العمومية االقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو ذات رأس المال‬
‫المختلط ‪ ،‬فإن الدعوى العمومية ال تحرك إال بناء على شكوى من أجهزة الشركة المعنية المنصوص‬
‫عليها في القانون التجاري وفي القانون المتعلق بتسيير رؤوس األموال التجارية للدولة ‪.‬‬

‫ويتعين على محكمة الجنايات بخصوص جريمة اختالس أموال عمومية‪ ،‬في حالة عدم تحديد‬
‫المبلغ المختلس في منطوق قرار اإلحالة استخالص المبلغ الذي هو ركن من أركان الجريمة من القرار‬
‫القاضي باإلحالة (‪.)1‬‬

‫وبالنسبة للعقوبات التكميلية فتتمثل في إلزام المتهم بجناية االختالس برد األموال أو األشياء‬
‫المختلسة ‪ ،‬ويجوز أيضا تطبيق العقوبات التبعية التي نصت عليها المادة ‪ 8‬من قانون العقوبات وهي‪:‬‬
‫تحديد اإلقامة ‪ ،‬المنع من اإلقامة ‪ ،‬الحرمان من مباشرة بعض الحقوق ‪ ،‬المصادرة الجزئية لألموال‬
‫ونشر الحكم ‪.‬‬

‫‪ - 2‬عقوبة جناية اإلختالس في صورتها المشددة ‪:‬‬


‫شددت المادة ‪ 118‬في فقرتيها الثالثة والرابعة من قانون العقوبات العقوبة األصلية المقررة‬
‫لجناية اإل ختالس فجعلتها عشر سنوات إلى عشرين سنة والسجن المؤبد إذا كانت القيمة تعادل أو تفوق‬
‫‪ 10.000000‬دج إذا كان الجناة من القضاة أو الموظفين أو الضباط العموميين ‪.‬‬

‫والهدف من هذا التشديد توافر صفة معينة في الجاني ال تتوافر لدى غيره من الموظفين العاديين‬
‫فقيامه باختالس ما اؤتمن عليه يشدد من مسؤوليته ويستوجب تشديد العقوبة ‪.‬‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن مدلول الموظف العام في القانون ‪:‬رقم ‪ )2( 01/02‬المتعلق بالوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته ال يقتصر عند المفهــــوم الضيـــــق له في القانون اإلداري والذي يعني كل‬
‫شخص يعـهد إليه على وجه قانوني بأداء عمل دائـــم في خـــدمــــــة مـــرفق عـــام تــديره الــــدولة‬

‫(‪ )1‬قرار المحكمة العليا صادر بتاريخ ‪ ، 2005/08/21‬ملف رقم‪ ، 399220 :‬أنظر مجلة المحكمة العليا‬
‫‪،‬العدد الثاني ‪ ، 2005 ،‬ص ‪. 458‬‬
‫(‪ )2‬صدر هذا القانون مراعيا مقتضيات اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة بنيويورك بتاريخ ‪ 31‬أكتوبر سنة ‪ 2003‬المصادق عليها بالمرسوم الرئاسي رقم ‪129/04‬‬
‫المؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ ، 2004‬ج ر ‪ 22‬لمزيد من التفصيالت حول هذه االتفاقية أنظر‪:‬‬

‫‪sans auteur , convention des nations unis contre la corruption sur‬‬


‫‪www.unodc.org/documents/pages similaires, le 23/11/2011‬‬

‫‪111‬‬
‫أو أحد األشخاص المعنوية العامة إدارة مباشرة ‪ ،‬بل امتد هذا المدلول ليشمل أشخاصا آخرين ليسوا‬
‫بموظفين عموميين اعتبرهم هذا القانون في حكم الموظف العام ‪.‬‬

‫فيقصد بالموظف العمومي(‪: )1‬‬

‫‪ - 1‬كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحلية‬
‫المنتخبة ‪ ،‬سواء كان معينا أو منتخبا ‪ ،‬دائما أو مؤقتا ‪ ،‬مدفوع األجر أو غير مدفوع األجر بصرف‬
‫النظر عن رتبته أو أقدميته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬كل شخص آخر يتولى ولو مؤقتا ‪،‬وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ‪،‬ويساهم بهذه الصفة في خدمة‬
‫هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها أو أية‬
‫مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية ‪.‬‬
‫‪ -3‬كل شخص آخرمعرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما‬
‫‪.‬‬

‫وجاء في المادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 01/02‬على أنه " يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000000‬دج كل موظف عمومي يختلس أو يتلف أو يبدد‬
‫أو يحتجز عمدا وبدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحـه أو لصالـح شخص أو كيان‬
‫آخر أية ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها‬
‫إليه بحكم وظائفه أو بسببها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬جريمة تبديد األموال العمومية ‪:‬‬


‫( ‪)2‬‬
‫تعد هذه الجريمة جنحة يعاقب عليها‬ ‫وفقا لنص المادة ‪ 118‬مكرر من قانون العقوبات‬
‫بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من ‪50000‬دج الى‪200.000‬دج كل قاض أو‬
‫موظف أو ضابط عمومي أو كل شـــخص مـمن أشـارت إليهم المـادة ‪ 118‬من هذا القانون تسبب‬
‫بإهماله الواضح في سرقة أو اختالس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة أو أشياء تقوم مقامها‬
‫أو وثائق أو سندات أو عقود أو أموال منقولة وضعت تحت يده سواء بمقتضى وظيفته أو بسببها‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪. 01/02:‬‬

‫(‪ )2‬القانون رقم ‪ 08/01:‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪. 2001‬‬

‫‪112‬‬
‫ج‪ -‬جريمة إتالف األموال العمومية ‪:‬‬
‫ويعــاقب عليـها بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من ‪ 500‬إلى ‪ 5000‬دج‬
‫بالنسبة للقاضي أو الموظف أو الضابط العمومي الذي يتلف أو يزيل بطريق الغش وبنية اإلضرار‬
‫(‪)1‬‬
‫وثائق أو سندات أو عقودا أو أمواال منقولة كانت في عهدته بهذه الصفة أو سلمت له بسبب وظيفته‬
‫‪.‬‬

‫وباإلضافة لذلك فيعاقب كل من أحرق أو خرب عمدا بأية طريقة كانت سجالت أو نسخا أو‬
‫عقودا أصلية للسلطات العمومية أو سندات أو أوراقا مالية أو سفاتج ( كمبياالت ) أو أوراقا تجارية أو‬
‫مصرفية تتضمن أو تنشئ التزامات أو تصرفات أو إبراء منها ‪ ،‬بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى‬
‫عشر سنوات إذا كانت المستندات المخربة من عقود السلطة العمومية أو من األوراق التجارية أو‬
‫المصرفية ‪،‬و بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪ 500‬إلى ‪ 3000‬دج إذا تعلق األمر‬
‫بأية مستندات أخرى (‪. )2‬‬

‫د‪ -‬جريمة الرشوة ‪:‬‬

‫تعتبر الرشوة من أخطر اآلفات التي تصيب الوظيفة العامة ‪ ،‬ومن أخطر أنواع الفساد الذي‬
‫يمكن أن ينخر أجهزة الدولة ‪ ،‬ذلك أنها عبارة عن اإلتجار بالوظيفة واإلخالل بواجب النزاهة الذي‬
‫(‪)3‬‬
‫وذلك‬ ‫يتوجب على كل من يتولى وظيفة أو وكالة عمومية أو يؤدي خدمة عمومية التحلي بها‬
‫بتقاضيه أو قبوله أو طلبه مقابال نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو امتناعه عنه‬

‫وتم إلغاء النصوص القانونية المتعلقة بجريمة الرشوة والتي كانت مدرجة ضمن قانون‬
‫العقوبات وتم إحالة المواد القانونية الملغاة إلى مواد جديدة تقابلها من القانون ‪ 01/02‬المتعلق بمكافحة‬
‫الفساد فالمواد ‪ 122‬و ‪ 122‬مكرر و ‪ 129‬و ‪ 128‬من قانون العقوبات عوضت بالمادة ‪ 25‬من‬
‫القانون رقم ‪ ،01/02‬والمادة ‪ 129‬مكرر ‪ 1‬من قانون العقوبات عوضت بالمادة ‪ 29‬من قانون‬
‫مكافحة الفساد(‪. )4‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 120‬من قانون العقوبات الجزائري ‪.‬‬


‫(‪ )2‬المادة ‪ 408‬من قانون العقوبات الجزائري ‪.‬‬
‫(‪ )3‬بوسقيعة (أحسن) ‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬الجزائر‪،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر ‪ ، 2003 ،‬ص ‪. 35‬‬
‫(‪ )4‬أنظر المادتين ‪ 91‬و‪ 92‬من القانون رقم ‪ 01/02:‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫إن النشاط اإلجرامي في جريمة الرشوة يأخذ صورتين ‪:‬‬

‫‪ - 1‬طلب المرتشي مقابال ألداء وظيفته أو االمتناع عنها ويقدم الطلب إما شفاهة أو كتابة صراحة أو‬
‫ضمنا ‪.‬‬
‫‪ -2‬قبول المرتشي عرض صاحب الحاجة (الراشي)‪ ،‬بتقديم مقابل نظير قضاء مصالحه‪ ،‬هذا ويستحيل‬
‫تصور الشروع في الرشوة في صورة القبول‪ ،‬فإما أن تكون جريمة تامة أو مجرد أعمال تحضيرية ال‬
‫يعاقب عليها القانون (‪.)1‬‬

‫لذلك يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من ‪ 200.888‬دج إلى ‪1000000‬‬
‫دج ‪:‬‬

‫‪ -‬كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها ‪ ،‬بشكل مباشر أو‬
‫غير مباشر سواء كان ذلك لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم بأداء عمل‬
‫أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته ‪.‬‬

‫‪ -‬كل موظف عمومي طلب أو قبل ‪ ،‬بشكل مباشر أو غير مباشر ‪ ،‬مزية غير مستحقة ‪ ،‬سواء لنفسه أو‬
‫( ‪)2‬‬
‫لصالح شخص آخر أو كيان آخر ‪ ،‬ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته‬

‫أما بالنسبة للرشوة في مجال الصفقات العمومية ‪،‬فحصرت المادة ‪ 29‬من قانون مكافحة الفساد‬
‫صفة الجاني في هذه الجريمة في الموظف العمومي كما هو معرف في المادة ‪ 2‬باإلضافة إلى‬
‫اشتراطها توافر الركن المادي المتمثل في قبض أو محاولة قبض الجـاني عمــولة أو أجـرة أو منفعة‬
‫(‪)3‬‬
‫صفقــــة‬ ‫مهما كان نوعـها بمناسبة تحضـــير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ عقــــــد أو‬
‫أو ملحق باسم الدولــة أو الجماعات المحــليــة أو المؤسســات العمــومية ذات الطابــــع اإلداري‬

‫(‪)1‬‬
‫بوسقيعة (أحسن) ‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص ‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬ط‪ ،4‬الجزائر ‪،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر ‪ ، 2002،‬ص ‪. 21‬‬

‫(‪ )2‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 01/02 :‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ‪.‬‬

‫(‪ )3‬يقصد بالصفقة بمفهوم قانون مكافحة الفساد كل عقد يبرمه الموظف العمومي قصد إنجاز األشغال أو اقتناء‬
‫مواد أو خدمات أو إنجاز دراسات لحساب المصلحة المتعاقدة ويتسع مفهوم الصفقة العمومية ليشمل العقد‬
‫واالتفاقية والملحق ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري أو المؤسسات العمومية االقتصادية ‪ ،‬أما‬
‫الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي العام وهو قبض الموظف العمومي األجرة أو الفائدة مع العلم‬
‫بأنها غير مشروعة ‪.‬‬

‫ويعاقب على الرشوة في مجال الصفقات العمومية بالحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة‬
‫و بغرامة من ‪1000000‬دج إلى ‪2000000‬دج ‪.‬‬

‫ويجب على القاضي الذي يتصدى للفصل في جريمة الرشوة لكي يضمن أن يكون حكمه‬
‫حكما عادال ومسببا تسبيبا كافيا أن يراعي ذكر ومناقشة كافة العناصر المكونة لهذه الجريمة سواء ما‬
‫تعلق منها بالعنصر الماد ي أو العنصر المعنوي ‪،‬أو ما تعلق بصفة المتـهم من حيث ثبــوت أنــه‬
‫موظف أو مكلف بخدمة عامة ‪ ،‬باإلضافة إلى وجوب بيان من هــو الراشي ومن المرتشـي ومن هو‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الوسيط إن وجد ‪ ،‬ووجوب بيان الشئ موضوع الرشــوة وطبيعته‬

‫هذا ونص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على إنشاء جهاز من نوع خاص يتمثل في الهيئة‬
‫(‪)2‬‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬قصد تنفيذ االستيراتيجية الوطنية في مجال مكافحة الفساد‬
‫وتتمتع الهيئة بالعديد من الصالحيات ذات الطابع اإلستشاري منها ‪:‬‬

‫اقتراح سياسة وطنية شاملة للوقاية من الفساد تجسد دولة القانون ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫توعية وتحسيس المواطنين باآلثار الضارة الناجمة عن الفساد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التقييم الدوري لألدوات القانونية الرامية إلى مكافحة الفساد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمهام التي تقتضي اتخاذ قرارات إدارية بمعنى الكلمة فتتمثل في ‪:‬‬

‫تلقي التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين واستغالل المعلومات الواردة فيها‬ ‫‪-‬‬
‫والسهر على حفظها ‪.‬‬
‫اإلستعانة بالنيابة العامة لجمع األدلة والتحري في وقائع ذات عالقة بالفساد (‪. )3‬‬ ‫‪-‬‬
‫وترفع هذه الهيئة تقريرا سنويا يتضمن تقييما للنشاطات ذات الصلة بالوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫وكذا النقائص المعاينة والتوضيحات المقترحة عند اإلقتضاء (‪. )4‬‬

‫(‪ )1‬سعد( عبد العزيز) ‪ ،‬جرائم االعتداء على األموال العامة والخاصة‪،‬الجزائر ‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر ‪،‬‬
‫‪،2005‬ص ‪. 42‬‬
‫(‪ )2‬المادة ‪ 19‬من القانون رقم‪.01/02 :‬‬
‫(‪ )3‬زوايمية (رشيد) ‪،‬مالحظات حول المركز القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬المجلة‬
‫النقدية للقانون والعلوم السياسية ‪ ،‬جامعة مولود معمري ‪ -‬تيزي وزو ‪،‬العدد ‪ 2009، 1‬ص ‪12‬و‪. 13‬‬
‫(‪ )4‬المادة ‪ 24‬من القانون ‪. 01/02‬‬

‫‪115‬‬
‫غير أن القانون لم ينص على إشهار ونشر التقرير خالفا لما ورد في القانون الفرنسي كما قيد‬
‫هذا القانون سلطة الهيئة في عالقتها مع الجهاز القضائي ‪ ،‬إذ نصت المادة ‪ 22‬منه على أنه "عندما‬
‫تتوصل الهيئة إلى وقائع ذات وصف جزائي تحول الملف إلى وزير العدل ‪ ،‬حافظ األختام الذي يخطر‬
‫النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية عند االقتضاء " ‪.‬‬

‫ه‪ -‬جريمة التعدي على الطريق العام ‪:‬‬

‫وهي ما يطلق عليها مخالفات الطرق إذ نص القـانون على العديد من المخالفات التي تتصل بــها‬
‫و سنأخذ نموذجا منها وهو المنصوص عليه في المادة ‪ 409‬من قانون العقوبات ويتعلق بحماية حرية‬
‫االستعمال العام ‪ ،‬حيث نصت على ما يلي ‪" :‬كل من وضع شيئا في طريق أو ممر عمومي من شأنه‬
‫أن يعوق سير المركبات أو استعمل أية وسيلة لعرقلة سيرها وكان ذلك بقصد التسبب في ارتكاب‬
‫حادث أو عرقلة المرور وإعاقته يعاقب بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات ‪.‬‬

‫وإذا نتج عن الجريمة المنصوص عليها في الفقرة السابقة قتل أو جرح أو عاهة مستديمة للغير‬
‫ف يعاقب الجاني باإلعدام إذا وقع القتل‪ ،‬وبالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة في جميع‬
‫الحاالت األخرى " ‪.‬‬

‫وسنتناول أركان هذه الجريمة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 1‬محل االعتداء‪ :‬ويتمثل في حرية االستعمال العام للطريق العام ‪ ،‬فالمقصود في هذا النص هو‬
‫حماية تخصيص المال العام أي الهدف الذي يرمي المال العام إلى تحقيقه ‪ ،‬وهو االستعمال‬
‫الجماهيري العام ‪ ،‬وليس حماية المال في حد ذاته ‪.‬‬

‫‪ - 2‬الركن المادي‪ :‬ويتمثل في اإلتيان بفعل مادي من شأنه تعطيل حرية االستعمال ‪ ،‬عن طريق عرقلة‬
‫سير المرور وإعاقته ‪.‬‬

‫‪ - 3‬الركن المعنوي ‪ :‬وهو القصد الجنائي ‪،‬ويتمثل في نية الجاني بارتكاب الجريمة وعرقلة سير‬
‫المرور‪ ،‬فإذا أعاق سير المركبات أو عرقل سير المرور دون قصد ‪،‬فإن الركن المعنوي ينتـــفي‬
‫وبالتالي ال تقوم الجريمة ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫ويعاقب أيضا بغرامة من ‪ 100‬إلى ‪ 1000‬دج كما يجوز أن يعاقب بالحبس من عشرة أيام إلى‬
‫شهرين كل من يعيق الطريق العام بأن يضع أو يترك فيها دون ضرورة مواد أو أشياء كيفما كانت من‬
‫شأنها أن تمنع أو تنقص من حرية المرور أو تجعل المرور غير مأمون (‪. )1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫في قوانين أخرى‬

‫ونقتصر هنا على القانون المتضمن النظام العام للغابات وقانون المياه ‪.‬‬

‫أ – في القانون المتضمن النظام العام للغابات (‪: )2‬‬

‫الغابات جزء من األمالك الوطنية العمومية‪ ،‬و تملك اإلدارة المسيرة للغابات و كذا الوالي و‬
‫رئيس البلدية صالحيات السلطة العامة لترقيتها و الحفاظ عليها و منع كل عمل يضر بها باستعمال‬
‫صالحيات الضبطية االدارية العامة و الخاصة و كذا ضبطية المحافظة على االمالك الوطنية العمومية‬
‫التي تختص بها إدارة الغابات(‪،)3‬فالمادة األولى من القانون رقم ‪ 12/94:‬المتعلق بالنظام العام للغابات‬
‫تهدف إلى حماية األمالك الغابية بنصوص خاصة ‪ ،‬فينبغي أن يسبق استخراج المواد من الغابات‬
‫ترخيص مقابل دفع أتاوى إلدارة أمالك الدولة ‪ ،‬وفي حالة مخالفة هذه القاعدة يتعرض الفاعـل‬
‫للمسؤولية الجنائية ‪ .‬وعليه نجد أن المادة ‪ 94‬من هذا القانون تقرر عقوبة الغرامة من ‪ 1000‬إلى‬
‫‪ 2000‬دج للقنطار الواحد من الفلين المـستخرج مـن الغابات بطريق الغش ‪ ،‬وفي حالة العود ترفع‬
‫العقوبة إلى الحبس من ‪ 15‬يوما إلى شهرين مع مضاعفة الغرامة (‪. )4‬‬

‫ويعاقب أيضا كل من قام باستخراج األحجار أو الرمل أو المعادن أو التراب من الغابات بدون‬
‫ترخيص ‪ ،‬بغرامة من ‪ 1000‬دج إلى ‪ 2000‬دج للعربة الواحدة ‪ ،‬وفي حالة العود يمكن أن يتعرض‬
‫الفاعل للحبس من خمسة إلى عشرة أيام مع مضاعفة الغرامة (‪. )5‬‬

‫وإلى جانب العقوبات المشار إليها أعاله ‪ ،‬تصادر المواد المستخرجة أو المنزوعة ‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 444‬مكرر من ق ‪.‬ع ‪.‬ج المتعلقة بمخالفات الطرق ‪.‬‬


‫(‪ )2‬القانون رقم ‪ 12/94‬المؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 1894‬المتعلق بالنظام العام للغابات‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫باشا (عمر حمدي)‪ ،‬زروقي (ليلى)‪ ،‬المنازعات العقارية‪ ،‬ط‪ ،13‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫الجزائر‪ ،2011 ،‬ص‪.199‬‬
‫(‪ )4‬يحياوي( أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫(‪ )5‬المادة ‪ 92‬من القانون رقم ‪. 12/94‬‬

‫‪117‬‬
‫كما أن قطع وغرس األشجار في األمالك الغابية هما جريمتان معاقب عليهما بالمادتين ‪99‬‬
‫و ‪ 98‬من القانون رقم ‪ ، 12/94:‬وقد يقع الخلط من طرف القضاة بين جريمة التعدي على الملكية‬
‫العقارية المنصوص عليها بالمادة ‪ 392‬من قانون العقوبات وبين جريمتي قطع وغرس األشجار‬
‫المنصوص عليهما بالمادتين ‪ 99‬و ‪ 98‬من القانون رقم‪. )1( 12/94 :‬‬

‫وإذا كان استخراج المواد من األمالك الغابية ممنوعا إال بترخيص ‪ ،‬فإن التفريغ أو وضع أو‬
‫ترك كل ما من شأنه أن يسبب حريقا ‪ ،‬يعرض الفاعل لعقوبة الغرامة من ‪ 100‬إلى ‪ 2000‬دج وفي‬
‫حالة العود يمكن أن يحبس لمدة عشرة أيام مع مضاعفة الغرامة‪ ،‬وهذا حسب مقتضيات المادة ‪ 92‬من‬
‫نفس القانون‪.‬‬

‫غير أنه يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يرخص بالتفريغ في حاالت معينـة بعد‬
‫استشارة اإلدارة المكلفة بشؤون الغابات (‪. )2‬‬

‫ولم يكتف المشرع بتقرير العقاب عن كل مساس بالغابة وثرواتها فحسب ‪ ،‬بل أسس المسؤولية‬
‫الجنائية ضد الممتنع عن إنقاذ الغابة من الحريق ‪ ،‬فيعاقب بغرامة من ‪ 100‬إلى ‪ 500‬دج كل من‬
‫يمتنع بدون عذر عن المشاركة في مكافحة حريق الغابة متى طلبت منه ذلك السلطة المختصة ‪ ،‬وفي‬
‫حالة العود يمكن أن يتعرض الممتنع للحبس من عشرة أيام إلى ثالثين يوما مع مضاعفة الغرامة (‪.)3‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن األضرار التي تصيب المشاركين في مكافحة حريق الغابة تخول لهم‬
‫الحق في مطالبة الدولة بالتعويض بمقتضى المادة ‪ 20‬من القانون المتضمن النظام العام للغابات ‪،‬‬
‫ويسمى هذا النوع من المسؤولية في القانون اإلداري بالمسؤولية القائمة على أساس المخاطر(‪. )4‬‬

‫(‪ )1‬أنظر قرار المحكمة العليا ‪ ،‬غرفة الجنح والمخالفات بتاريخ ‪ 09‬جوان ‪ ، 2005‬ملف رقم ‪300295 :‬‬
‫مجلة المحكمة العليا ‪ ،‬العدد األول ‪ ، 2005 ،‬ص ‪. 435‬‬
‫(‪)2‬المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 12/94‬المؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 1894‬المتعلق بالنظام العام للغابات‪ ،‬المعدل و‬
‫المتمم‪.‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ 94‬من نفس القانون‪.‬‬
‫(‪ )4‬يحياوي (أعمر) ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪105‬‬

‫‪118‬‬
‫ب – في قانون المياه ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫األشخاص الذين لهم الصفة القانونية في ضبط‬ ‫حددت المادة ‪ 121‬من قانون المياه‬
‫المخالفات المتصلة بالمياه كعنصر من عناصر المال العام ‪ ،‬إذ نصت على أنه " تكون مخالفات هذا‬
‫القانون محل بحث ومعاينة وتحقيق يقوم به ضباط وأعوان الشرطة القضائية وكذا أعوان شرطة المياه‬
‫المنشأة بموجب المادة ‪ 158‬أعاله "‪.‬‬

‫وقصد البحث عن المخالفات ومعاينتها ‪ ،‬يحق ألعوان شرطة المياه الدخول إلى المنشآت‬
‫والهياكل المستغلة بعنوان استعمال األمالك العمومية للمياه ‪،‬كما يمكنهم مطالبة مالك أو مستغل هذه‬
‫المنشآت والهياكل بتشغيلها من أجل القيام بالتحقيقات الالزمة ‪ ،‬كما يمكنهم أن يطلبوا اإلطالع على كل‬
‫الوثائق الضرورية لتأدية مهمتهم (‪.)2‬‬

‫وفي سبيل حماية األمالك العمومية للمياه نصت المادة ‪ 15‬من قانون المياه على أنه " يمنع‬
‫القيام بأي تصرف من شأنه عرقلة التدفق الحر للمياه السطحية في مجاري الوديان يمس باستقرار‬
‫الحواف والمنشآت العمومية ويضر بالحفاظ على طبقات الطمي "‪.‬‬

‫ويعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من خمسين ألف دينار (‪50000‬دج) إلى‬
‫مائة ألف دينار (‪ 100000‬دج) أو بإحدى العقوبتين فقط ‪ ،‬كل من يخالف أحكام المادة ‪ 15‬من هذا‬
‫القانون وتضاعف العقوبة في حالة العود (‪. )3‬‬

‫ومن ناحية أخرى يمنع تفريغ المياه القدرة مهما تكن طبيعتها أو صبها في اآلبار والحفر‬
‫وأروقة إلتقاء المياه والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان الجافة والقنوات‪ ،‬كما يمنع إدخال كل‬
‫أنواع المواد غير الصحية في الهياكل والمنشآت المائية المخصصة للتزويد بالمياه ‪ ،‬أو رمي جثث‬
‫الحيوانات في الوديان والبحيرات والبرك واألماكن القريبة من اآلبار والحفر وأروقة إلتقاء المياه‬
‫والينابيع وأماكن الشرب العمومية (‪ ، )4‬وكل من يخالف ذلك فيعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات‬
‫وبغرامة من خمسين ألف دينار (‪ 50000‬دج ) إلى مليون دينار (‪ ) 1000000‬دج وهذا حسب نص‬
‫المادة ‪ 192‬من قانون المياه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬القانون رقم ‪ 12/05:‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2005‬يتعلق بالمياه ‪،‬ج ر ‪.20‬‬


‫(‪ )2‬المادة ‪ 123‬من قانون المياه ‪.‬‬
‫(‪)3‬المادة ‪ 128‬من قانون المياه ‪.‬‬
‫(‪)4‬المادة ‪ 42‬من قانون المياه‬

‫‪119‬‬
‫باإلضافة لما سبق يجب على اإلدارة المكلفة بالموارد المائية أن تتخذ كل التدابير التنفيذية‬
‫لتوقيف تفريغ اإلفرازات أو رمي المواد الضارة عندما يهدد تلوث المياه الصحة العمومية ‪ ،‬كما يجب‬
‫عليها كذلك أن تأمر بتوقيف أشغال المنشأة المتسببة في ذلك إلى غاية زوال التلوث (‪. )1‬‬

‫ويتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو القانون الخاص يزود بالماء‬
‫الموجه لالستهالك البشري ضمان مطابقة هذا الماء مع معايير الشرب أو النوعية المحددة عن طريق‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪ ،‬وإال فيعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين وبغرامة من مائتي ألف دينار (‪ 200000‬دج)‬ ‫التنظيم‬
‫إلى مليون دينار (‪ 1000000‬دج) (‪. )3‬‬

‫(‪)1‬المادة ‪ 49‬من قانون المياه‪،‬ويقصد بالمنشأة المؤسسة ‪.‬‬

‫(‪)2‬المادة ‪ 112‬من قانون المياه ‪.‬‬

‫(‪)3‬المادة ‪ 192‬من قانون المياه ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫الخــاتــمة‬

‫رأينا في الفصل التمهيدي الخاص بالنظرية التقليدية ألموال اإلدارة أن بعض الشرائع القديمة‬
‫قد عرفت التفريق بين نوعين من األموال كما هو الحال في شريعة حمورابي والقانون الروماني ‪ ،‬وإن‬
‫كان ظهور التفرقة بين المال العام والمال الخاص المملوك للدولة في القانون الحديث يرجع إلى الشراح‬
‫األوائل للقانون المدني الفرنسي ‪ ،‬ولكن فكرة المال العام لم تسوى كنظرية متكاملة إال على يد الفقيه‬
‫برودون" ‪ ، " Proudhon‬ومن هنا كان انتشارها في الفقه والقضاء والتشريع على إثر أعمال هذا‬
‫الفقيه ‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع الجزائري قد اقتبس النظرية الفرنسية ألموال اإلدارة التي تقوم على التفرقة‬
‫بين أمالك الدولة العامة والخاصة والتي تعتمد على المعيار القضائي في تحديد األمالك العامة ‪ ،‬لذلك‬
‫عرف األمالك العمومي ة ووضع لها معيار ا مميزا واصفا إياها بأنها أمالك ال يمكن أن تكون محل‬
‫ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها ‪ ،‬رغم أن هذه الفكرة ولدت في القرن التاسع عشر وقد انتقدت‬
‫في وقتها انتقادا شديدا ‪ ،‬فكان على المشرع الجزائري أن يستغـني عنهــا ثم أنه تبنى معيارا آخر هو‬
‫تخص يص المال لالستعمال الجماهيري العام أو عن طريق مرفق عام وكان من األحسن أن يكون‬
‫المعيار هو التخصيص لالستعمال العام أو لمرفق عام ‪ ،‬ألن من شأن حصر التخصيص المكسب‬
‫للصفة العمومية للمال في التخصيص لالستعمال الجماهيري فقط سواء بشكل مباشر أو عن طريق‬
‫ضيقا ‪ ،‬بحيث ال يشمل هذا النطاق المال‬ ‫مرفق عام من شــأن ذلك أن يجعل نطاق المــال العام‬
‫المخصص للمرافق العامة الذي ال يستخدمه الجمهور كالمال المخصص لمرفق الدفاع ‪.‬‬

‫كما تبين لنا من خالل الفصل األول أن مفهوم األمالك الوطنية من خالل المراحل التي مرت‬
‫بها الجزائر قد عرف تطورا من نظام وحدة األمالك الوطنية إلى نظام ازدواجية األمالك الوطنية ‪،‬‬
‫وأن النصوص القانونية الجزائرية مازالت وفية للمعيار الفرنسي المعتمد مع وجود بعض االختالفات‬
‫البسيطة التي ارتبطت بالتوجه السياسي واالقتصادي خاصة في أواخر الستينات وفترة السبعينات ‪،‬‬
‫ومن الفروق القانونية الواضحة اشتراط إتمام التهيئة عند تخصيص األمالك الستعمال الجمهور عن‬
‫طريق المرفق العام والتي يكتفي فيها القضاء الفرنسي بالتخصيص الرسمي دون الفعلي‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫وفيما يخص انضمام المال لألمالك الوطنية ‪ ،‬فإن ذلك يتم بدخوله في الذمة المالية لألشخاص‬
‫ال عامة اإلقليمية المتمثلة في الدولة والوالية والبلدية دون المؤسسات العمومية ‪ ،‬غير أن هناك خلط بين‬
‫تخصيص المال لالستعمال العام من طرف الجمهور مباشرة أو عن طريق مرفق عام والذي يضفي‬
‫على المال صفة العمومية ‪ ،‬و بين العمليات األخرى الالحقة للتخصيص كتعيين الحدود ومعاينتها‬
‫والتصنيف ‪ ،‬كما أن تخصيص األمالك الخاصة يكون لمؤسسات أو هيئات أو مصالح عمومية مع‬
‫اإلشارة إلى أن األمالك الخاصة تشكل األصل الذي تأتي منه األمالك العمومية عند التخصيص‬
‫لالستعمال العام وتعود إليه عند رفع التخصيص ‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى كان المشرع الجزائري في كل مرة ينتابه التردد والتناقض في محاولته‬
‫تحديد صلة األشخاص العامة اإلقليمية بـــاألمالك الوطنية العمومية ‪ ،‬ونلمس هذا التردد والتناقض في‬
‫عدم مطابقة النص العربي للنص الفرنسي ‪ ،‬وهذا ما رأيناه في نص المادة ‪ 299‬من القانون المدني‬
‫حيث نصت هذه المــادة في صياغتها باللغة العربية ‪ " :‬تعتبر أمـواال للدولة ‪ " ....‬مسـقطة بذلك عبارة‬
‫" المملوكة " الواردة في النص الفرنسي " ‪."sont propriété de l’état‬‬

‫ومن جهة أخرى فقد استعمل المشرع الجزائري عبارة " تحوزها " عوض " تملكها " في‬
‫المادة ‪ 02‬من قانـــــون األمالك الوطـــــنية كـــما أســلفنا ووردت مترجمة إلــــى الفرنسيـة بــعبـــارة‬

‫" ‪ ، " détenue‬فكان باإلمكان القول أنه قصــد بتعبير الحيـــازة تــــقرير حق الملكية لــو تم ترجمتها‬
‫إلى الفرنسية بعبـــارة " ‪. " possèdes‬‬

‫أما في الفصل الثاني المتعلق بإدارة وتسيير األمالك الوطنية ‪ ،‬فيتضح لنا أن المشرع الجزائري‬
‫وضع معيار التخصيص الستعمال الجمهور موضع التطبيق عن طريق بيان االستعمال الجماعي وما‬
‫يحكمه من مبادئ ‪ ،‬ثم االستعمال الخاص لألمالك الوطنية عن طريق الرخص أو عن طريق التعاقد‪،‬‬
‫مع منح اإلدارة سلطة تقديرية تجاه االستعمال الخاص لألمالك الوطنية وذلك بمنحها أو رفضها‬
‫الترخيص ‪.‬‬

‫كما تسير عناصر كثيرة من األمالك الوطنية بقواعد خاصة يحددها القانون كالثروات بمختلف‬
‫أنواعها واألمالك العسكرية ‪.‬‬

‫وقد جاءت حماية األمالك الوطنية في التشريع الجزائري كما في غيره من البلدان األخرى‬
‫متعددة ومتنوعة من حماية مدنية وإدارية بــاإلضافة إلى الحماية الجنائيــة ‪ ،‬فارتكزت الحمـايــة‬

‫‪122‬‬
‫المدنية على قواعد ثالث هي ‪ :‬عدم جواز التصرف في األمالك العمومية ‪ ،‬وعدم جواز اكتسابها‬
‫بالتقادم وعدم جواز الحجز عليها ‪ ،‬ولكل قاعدة أهمية كبرى في المحافظة على تخصيص هذه األمالك‬
‫للمنفعة العامة ‪ ،‬وتدعم هذه الحماية بترتيب حقوق ارتفاق على األمالك الخاصة المجاورة لألمالك‬
‫العامة وتتعلق هذه اإلرتفاقات خاصة باألمالك العسكرية والطرق العامة بمختلف أنواعها‪.‬‬

‫كما تخضع األمالك الوطنية لقواعد حماية إدارية تلزم اإلدارة واألفراد معا ‪ ،‬فعلى اإلدارة‬
‫التعرف على هذه األمالك بجرد عناصرها أو محتوياتها ومتابعة تحرك األموال العامة حتى تتمكن من‬
‫ضبط صيانة هذه األموال وحفظها بإصدار لوائح تكفل ذلك ‪.‬‬

‫أما بخصوص الحماية الجنائية لألمالك الوطنية ‪ ،‬فقد تكفل المشرع الجنائي بتقرير حماية‬
‫خاصة لألمالك العمومية ‪ ،‬وذلك بتجريم أفعال التعدي التي يؤتيها األفراد أو الموظفين في حاالت‬
‫معينة كجرائم اإلختالس والتبديد واإلتالف لألمالك العمومية وجرائم الرشوة والتعدي على الطريق‬
‫العام ‪ ،‬وجاءت تلك الجرائم في صلب قانون العقوبات الجزائري باإلضافة إلى قوانين أخرى كالقانون‬
‫المتضمن النظام العام للغابات وقانون المياه ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لصدور القانون رقم‪ 01/02 :‬المتعلق بمكافحة الفساد والذي يعتبر مكمال لقانون‬
‫العقوبات ‪ ،‬فنالحظ أنه أنشأ الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬وبمقتضى التحليل الدقيق‬
‫للنصوص القانونية المختلفة المتعلقة بهذه الهيئة ‪ ،‬فإننا نصادف ثغرات قانونية كثيرة ال سيما ما تعلق‬
‫منها بإمكانية الطعن في قراراتها اإلدارية وتحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر في هذا النوع من‬
‫الطعون خاصة أنه يصعب علينا تأكيد الطابع اإلداري للجهاز وإقصاء الطابع القضائي أو الشبه‬
‫القضائي له أمام غياب تحديد صفة األعضاء ‪ ،‬حيث اكتفى المشرع وبموجب المادة ‪ 18‬من القانون‬
‫رقم ‪ 01/02 :‬في فقرتها الثالثة باشتراط التكوين المناسب والعالي المستوى لمستخدميها دون ذكر هذا‬
‫التخصص أكان قضائي أو محاسبي أو خبير في المجال المالي ‪ ،‬كما أن األمر لم يتوقف عند هذا الحد‪،‬‬
‫وإنما أوجدت النصوص القانونية المتعلقة بالفساد تناقضات ملحوظة وملموسة ‪ ،‬إذ نجد أن المشرع‬
‫وبموجب القانون رقم ‪ 01/02‬ينص صراحة على استقاللية الهيئة تارة ويخضعها لتبعية السلطة‬
‫التنفيدية تارة أخرى ما دام أن رئيس الجمهورية يحتكر سلطة التعيين ‪ ،‬مع العلم أن احتكار هذه السلطة‬
‫بين أيدي جهة واحدة يجعل من الهيئة مجرد أداة تابعة للسلطة التنفيذية وهذا ما يتناقض ومقتضيات‬
‫االستقاللية ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫وكما ذكرنا آنفا أنه على الرغم من وجود حماية متعددة لألموال العامة ووجود هيئة وطنية‬
‫للوقاية من الفساد ومكافحته ‪ ،‬إال أن هذه الحماية ليست فعالة بدليل أنه ما زالت هناك أيدي كثيرة تعبث‬
‫بمقدرات الوطن من خالل إهدار المال العام أو االستيالء عليه بأي وجه من الوجوه أو صورة من‬
‫الصور بدون وجه أو عمل مشروع‪.‬‬

‫ومما سبق فإن النظام القانوني لألموال العامة مهما بلغ من الدقة والتقنية يبقى المال العام دائما‬
‫في حاجة إلى حماية قانونية ال تتضمنها نصوص القوانين السابق مناقشتها فقط بل يحتاج إلى أطر‬
‫قانونية أخرى ومحيط اجتماعي وثقافي وأخالقي يعطي أهمية للمال العام ويدرك دوره في تحقيق‬
‫أغراض التنمية بشتى صورها وفي جميع المجاالت وصوال ألعلى معدالت الرفاهية اإلجتماعية ‪،‬‬
‫لذلك ال بد من وضع ضوابط وأسس من طرف السلطات العمومية لحماية هذه األموال ومن هذه‬
‫الضوابط واألسس ‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة الوعي بين فئات الشعب المختلفة من خالل وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة‬

‫بأهمية المال العام مع توضيح الدور الذي يؤديه في بناء المجتمع وتحقيق آماله وطموحاته ‪.‬‬

‫‪ -‬تزويد اإلدارة بوسائل فعالة ترمي إلى ضمان تحصيل األتاوى والعائدات ومدا خيل األمالك الوطنية‬
‫التابعة للدولة من خالل إعطائها امتيازات رهون على ممتلكات المدينين لها ‪.‬‬

‫‪ -‬ضم ان استقاللية الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته بعدم تدخل السلطة التنفيذية في القرارات‬
‫التي تتخذها الهيئة ‪.‬‬

‫‪ -‬من أجل تسهيل الكشف عن جرائم االعتداء على المال العام التي ترتكب غالبا في الخفاء ‪ ،‬نرى أن‬
‫ينص المشرع على اإلعفاء من العقاب أو تخفيفه لمن يبلغ عنها من الجناة أو يعترف بها قبل تحريك‬
‫الدعوى العمومية ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫أ ‪ -‬باللغة العربية‬
‫أوال‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪-‬أبو زيد (محمد عبد الحميد)‪ ،‬حماية المال العام‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1899 ،‬‬
‫‪-‬الجرف(طعيمة)‪ ،‬القانون اإلداري و المبادئ العامة في تنظيم و نشاط السلطات اإلدارية‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1899 ،‬‬
‫‪-‬الحلو(ماجد راغب)‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪.1884 ،‬‬
‫‪-‬السالمي(مهدي ياسين)‪ ،‬مبادئ و أحكام القانون اإلداري‪ ،‬بغداد‪ ،‬مديرية دار الكتب للطباعة و النشر‪،‬‬
‫‪.1883‬‬
‫‪-‬السنهوري( عبد الرزاق)‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪،‬‬
‫اإلثبات‪ ،‬آثار االلتزام‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1829 ،‬‬
‫‪-‬السنهوري( عبد الرزاق)‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪،‬جزء‪،8‬حق الملكية‪ ،‬بيروت‪.1829،‬‬
‫‪-‬السيد الجوهري(عبد العزيز)‪ ،‬محاضرات في األموال العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.1893 ،‬‬
‫‪-‬الطماوي(سليمان محمد)‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫‪.1882‬‬
‫‪-‬الطماوي(سليمان محمد)‪،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬أموال اإلدارة و امتيازاتها‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار الفكر العربي‪.1898 ،‬‬
‫‪-‬المعداوي(محمد يوسف)‪ ،‬مذكرات في األموال العامة و األشغال العامة‪ ،‬ج‪،1‬ط‪،2‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.1882 ،‬‬
‫‪-‬بعلي(محمد الصغير)‪ ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬عنابة‪ -‬الجزائر‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬بعلي (محمد الصغير)‪ ،‬أبو العال ( يسرى ) ‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬النفقات العامة‪ ،‬اإليرادات العامة الميزانية‬
‫العامة‪ ،‬عنابة‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪.2003 ،‬‬
‫‪-‬بوسقيعة(أحسن)‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة و‬
‫النشر‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬بوسقيعة(أحسن)‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪،‬الجزء الثاني‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة و‬
‫النشر‪.2003 ،‬‬

‫‪125‬‬
‫‪-‬حمبلي (حمود)‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.1885 ،‬‬
‫‪-‬سعد(عبد العزيز)‪ ،‬جرائم االعتداء على األموال العامة و الخاصة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة و‬
‫النشر‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬سالم(رفيق محمد)‪ ،‬الحماية الجنائية للمال العام‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1884 ،‬‬
‫‪-‬شيحا(إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬األموال العامة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬أبو العزم للطباعة‪ ،‬منشأة المعارف‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬شيحا(إبراهيم عبد العزيز)‪،‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪.1892 ،‬‬
‫‪-‬شيحا(إبراهيم عبد العزيز)‪ ،‬الوسيط في مبادئ و أحكام القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الدار الجامعية‬
‫للطباعة و النشر ‪.1889‬‬
‫‪-‬عصمان (حسين)‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪.1892 ،‬‬
‫‪-‬عيسى (رياض)‪ ،‬النظام القانوني للمؤسسات االقتصادية االشتراكية في الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.1899 ،‬‬
‫‪-‬فرج الصده(عبد المنعم)‪ ،‬الحقوق العينية األصلية‪ ،‬دراسة في القانون اللبناني و القانون المصري‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية ‪.1899‬‬
‫‪-‬كيرة (حسن)‪ ،‬أصول القانون المدني‪ ،‬الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ج‪،1‬ط‪ ،1‬بغداد‪ ،‬دار الحرية للطباعة‪،‬‬
‫‪.1893‬‬
‫‪-‬مبارك(سعيد عبد الكريم)‪ ،‬شرح القانون المدني العراقي‪ ،‬الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ ،‬دار‬
‫الحرية للطباعة ‪.1893‬‬
‫‪-‬محمد أنس قاسم(جعفر)‪ ،‬النظرية العامة ألمالك اإلدارة و األشغال العمومية‪،‬ط‪ ،3‬الجزائر‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.1882 ،‬‬
‫‪-‬محمد سالمة (مأمون)‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪،‬ج‪ ،1‬الجرائم المضرةبالمصلحة العامة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1899 ،‬‬
‫‪-‬محمد فاروق(عبد الحميد)‪ ،‬التطور المعاصر لنظرية األموال العامة في القانون الجزائري‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة في ظل قانون األمالك الوطنية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.1899 ،‬‬
‫محمد فاروق (عبد الحميد)‪ ،‬المركز القانوني للمال العام‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعية‪.1894،‬‬
‫‪-‬محيو(أحمد)‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.1895 ،‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -‬مهنا (محمد فؤاد)‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري في ظل اإلتجاهات الحديثة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بدون جهة طبع‬
‫‪.1899‬‬
‫‪-‬يحياوي (أعمر)‪ ،‬نظرية المال العام‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪.2002 ،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرسائل الجامعية‪:‬‬


‫‪-‬زغداوي (محمد)‪ ،‬نزع الملكيــة مـن أجـــل المنفعــة العمومية في القانون الــجزائري‪ ،‬المــفهوم و‬
‫اإلجراءات‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة قسنطينة‪.1889 ،‬‬
‫‪-‬سالم(رفيق محمد)‪ ،‬الحماية الجنائية للمال العام‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪.1884‬‬
‫‪-‬عبد المحسن الفريحات(محمد أحمد)‪ ،‬الحماية القانونية للمال العام‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬كليـة الحقوق‬
‫جامعة األردن‪.1882 ،‬‬
‫‪-‬نايف (حمد زيدان)‪ ،‬الحماية الجنائية للمرافق و األموال العامة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪.1885 ،‬‬
‫ثالثا‪ :‬المقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬الجمل (هارون عبد العزيز)‪ ،‬النظام القانوني لألموال العامة‪ ،‬مؤتمر الحماية القانونية للمال العام‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق فرع بنها‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬مارس ‪.2004‬‬
‫‪-‬الزغبي (خالد)‪ ،‬أموال السلطة االدارية و تطبيقاتها في التشريع األردني‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد التاسع‬
‫عشر‪ ،‬العدد الثالث‪.1882 ،‬‬
‫‪-‬السفاري(ميلود)‪ ،‬الصراع بين الدين و االيديولوجيا في الجزائر غداة االستقالق‪ ،‬مجلة جامعة قسنطينة‬
‫للعلوم االنسانية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬جوان ‪.1880‬‬
‫‪-‬الظاهر(خالد خليل)‪ ،‬طبيعة المال العام ووسائل حمايته‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬المجلد العاشر‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪.1884 ،‬‬
‫‪-‬زوايمية (رشيد)‪ ،‬مالحظات حول المركز القانوني للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته‪ ،‬المجلة‬
‫النقدية للقانون و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬العدد األول‪.2009 ،‬‬
‫‪-‬عبد الرسول (عبد الرضا)‪ ،‬أموال الدولة العامة و الخاصة‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة الثانية و‬
‫العشرون‪.1889 ،‬‬
‫‪-‬فكري (فتحي)‪ ،‬القاضي الدستوري و اسباغ حماية المال العام على ممتلكات األشخاص ذات النفع‬
‫العام‪ ،‬مجلة القانون و االقتصاد‪ ،‬العدد ‪.2002 ،92‬‬

‫‪127‬‬
‫رابعا‪ :‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ - 1‬الدساتير‪:‬‬
‫‪ -‬دستور ‪ 1892‬الصادر باألمر ‪ 89/92‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمير ‪.1892‬‬
‫‪-‬دستور ‪ ،1898‬المرسوم الرئاسي ‪ 19/98‬المؤرخ في ‪ 29‬فبراير ‪ 1898‬المتعلق بنشر نص تعديل‬
‫الدستور الموافق عليه في استفتاء ‪ 23‬فبراير ‪ ،1898‬ج ر‪.8‬‬
‫‪-‬دستور ‪ 1882‬المعدل بموجب القانون رقم‪ 18/09 :‬الصادر في الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 23‬بتاريخ‬
‫‪ 15‬نوفمبر ‪.2009‬‬
‫‪ - 2‬القوانين و األوامر‪:‬‬
‫‪ -‬األمر رقم‪ 152/22 :‬المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ 1822‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬المعدل و المتمم بالقانون‬
‫رقم ‪ 15/04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪.2004‬‬
‫‪-‬األمر رقم ‪ 59/95:‬المؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 1895‬المتضمن القانوني المدني‪ ،‬ج ‪.‬ر ‪ 99‬المعدل‬
‫بالقانون رقم‪ 05/09 :‬المؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ ،2009‬ج‪.‬ر عدد ‪.31‬‬
‫‪-‬القانون رقم‪ 12/94 :‬المؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 1894‬المتعلق بالنظام العام للغابات‪.‬‬
‫‪-‬القانون رقم‪ 12/94 :‬المؤرخ في ‪ 30‬يونيو ‪ 1894‬المتضمن قانون األمالك الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪29‬‬
‫ملغى‪.‬‬
‫‪-‬قانون األمالك الوطنية رقم‪ 30/80 :‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪،1880‬ج‪.‬ر عدد‪ ،52‬المعدل و المتمم‬
‫بالقانون رقم ‪ 14/09:‬المؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪ ،2009‬ج‪.‬ر عدد ‪.44‬‬
‫‪-‬قانون التوجيه العقاري رقم ‪ 25/80‬المؤرخ في ‪ 19‬نوفمبر ‪ ،1880‬ج‪.‬ر ‪.48‬‬
‫‪-‬قانون رقم‪ 11/81 :‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1881‬يحدد قواعد نزع الملكية من أجل المنفعة‬
‫العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.21‬‬
‫‪-‬القانون رقم‪ 12/05 :‬المؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2005‬يتعلق بالمياه‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.20‬‬
‫‪-‬القانون رقم‪ 01/02 :‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري‪ ،2002‬يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد‪.14‬‬
‫‪-‬األمر رقم‪ 03/08 :‬المؤرخ في ‪ 22‬جويلية ‪ 2008‬المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق و‬
‫سالمتها و أمنها‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.45‬‬
‫‪-‬قانون رقم ‪ 10/11‬المؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬المتعلق بالبلدية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.39‬‬

‫‪128‬‬
‫‪ - 3‬المراسيم التنفيذية‪:‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 309/82 :‬المؤرخ ‪ 19‬سبتمبر ‪ 1882‬يتعلق بمنح امتيازات الطرق‬
‫السريعة‪،‬ج‪.‬ر ‪.55‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 99/82:‬المؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪ 1882‬المتضمن إنشاء الديوان الوطني‬
‫لألراضي الفالحية‪ ،‬ج‪.‬ر‪15‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 192/83 :‬المؤرخ في ‪ 29‬جويلية ‪ ،1883‬يحدد كيفيات تطبيق القانون رقم‬
‫‪ 11/81‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1881‬ج‪.‬ر ‪.51‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 391/82 :‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1882‬المحدد للقواعد المطبقة في تسيير‬
‫األمالك العقارية المخصصة لوزارة الدفاع الوطني‪.‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 454/81 :‬المؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ 1881‬يحدد شروط إدارة األمالك الوطنية‪،‬‬
‫ج ‪.‬ر ‪.20‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 455/81 :‬المؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ 1881‬المتعلق بجرد األمالك الوطنية‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫‪.20‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 405/80:‬المؤرخ في ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1880‬المتضمن إحداث وكاالت محلية‬
‫للتسيير و التنظيم العقاريين الحضريين‪ ،‬ج‪.‬ر‪.52‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 32/95:‬المؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪ 1895‬المتضمن التنظيم المتعلق بالطرق‬
‫السريعة‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.8‬‬
‫‪-‬المرسوم التنفيذي رقم‪ 288/93:‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1893‬المتلعق برخصة الطرق و الشبكات‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.48‬‬
‫خامسا‪ :‬األحكام و القرارات القضائية‪:‬‬
‫بتاريخ ‪ ،2009/05/19‬مجلة المحكمة‬ ‫‪ -‬المحكمة العليا ‪،‬محكمة التنازع ملف رقم‪،29 :‬‬
‫العليا‪،‬محكمة التنازع‪ ،‬عدد خاص‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ ،‬الغرفة الجزائية ملف رقم‪،399220 :‬بتاريخ ‪ ،2005/08/21‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد الثاني‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ ،‬غرفة الجنح و المخالفات‪ ،‬ملف رقم ‪ ،300295‬بتاريخ ‪ ،2005/02/09‬مجلة‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬العدد األول‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬المحكمة العليا ‪ ،‬الغرفة اإلدارية ملف رقم ‪ 159322 :‬مؤرخ في ‪23‬فيفري ‪ ، 1889‬مجلة مجلس‬
‫الدولة ‪ ،‬العدد ‪ 3‬جانفي ‪ ،‬جوان ‪ ، 2003‬الجزائر ‪.‬‬

‫‪129‬‬
،‫ المجلة القضائية‬،1889 ‫ نوفمبر‬18 ‫ بتاريخ‬،150100 ‫ الغرفة المدنية ملف رقم‬،‫المحكمة العليا‬-
.1889،2 ‫العدد‬
،‫ المجلة القضائية‬،1892/08/25 ‫ بتاريخ‬،115212 ‫ ملف رقم‬،‫ الغرفة اإلدارية‬،‫ المحكمة العليا‬-
.1898 ،‫العدد األول‬
،‫ مجلة مجلس الدولة‬،2003/09/22 ‫ بتاريخ‬،9249 ‫ ملف رقم‬،‫ الغرفة المجتمعة‬،‫ مجلس الدولة‬-
.‫ الجزائر‬،2004 ،5 ‫العدد‬
‫ مجلة مجلس الدولة‬،2002/02/25 ‫بتاريخ‬،012329 ‫ ملف رقم‬،‫ الغرفة المجتمعة‬،‫ مجلس الدولة‬-
‫ الجزائر‬،2003 ‫ جانفي – جوان‬،3 ‫العدد‬

‫باللغة الفرنسية‬- ‫ب‬

A – OUVRAGES:
- ALLARD (R) et autres, le droit administratif du bien public et de la
voirie, bibliothèque de l’institut de topométrie, paris, eyrolles édition,
1975.
- ALOUI (ammar), propriete et regime foncier en algrie,5eme edition,
alger, edition houma, 2009.
- AUBY (J.M) et DUCOS- Ader (R), les grands services publics et
entreprises nationale, 2- transport- énergie, THEMIS- droit, paris, presses
universitaires de france, 1973.
- BORELLA (f) ,introduction au droit administratif, les cahiers de la
formation administrative, ministère de l’intérieur, Annaba, imprimerie
générale, 1970.
- CAMBIER (GYR) , droit administratif, Bruxelles, maison Ferdinand
larcier, 1991.
- CHAPUS (René), droit administratif général, tome 2, 5éd, paris,
Montchrestien, 1991.
- DE LAUBADERE (André), traité de droit administratif, tome 11, paris,
librairie générale de droit et de jurisprudence, 1986.

130
- DE LAUBADERE (André), traité de droit administratif, paris librairie
générale de droit et de jurisprudence,1975.
- DEMENTHON (Henri), traité du domaine de l’état, 6 éd, paris, librairie
Dalloz, 1964.
- DESORIVERO(jean), institution de antiquité, paris, Sirey, 1996.
- GODFRIN (pH), droit administratif des biens, 2ed, paris Masson, 1983.

-DUEZ (p) et DEBEYRE (G), traite de droit administratif, paris, librarie


dalloz, 2002.
-DURAND (claude), desaffectation et declassement des biens du domaine
public, R.D.P, 1996.

- HAURIOU (M) précis de droit administratif, 11 édition , paris, 1997.

-KIENERT (G), le droit administratif du domaine public et de lavoirie,


paris, montchrestien, 1995.
- MAHIOU (Ahmed), études de droit public algérien, Alger, office de
presses universitaires, 1984.
- MAHIOU (Ahmed), cours de contentieux administratif, 2 ed, Alger,
office de presses universitaires, 1981.
- PLANTEY (alain), traite pratique de la fonction publique, tome1, paris,
L.D.J, 1992
- SOLER COUTEAUX (p), droit de l’urbanisme, Dalloz, 1882.
- TETGEN- COLLY (C), le principe de gratuite de la circulation, revue de
droit public, N°4, 1982.
- TOURET (denis), droit public administratif, paris, rue saient jacques,
1995.
- VEDEL (george), droit administratif, pris, P.U.F, 1986.

131
B- THESES:
- BABADJI (R) , la notion des biens de l’état en droit algérien, thèse de
doctorat 3° cycle, université paris 1, 1981.
- CARBARJO (joel), actualite juridique de droit administratif, revue mensuelle
N° 04 du 20/04/1981.
C- LA JURISPRUDENCE :
- C.E, 25 jan 1985, ville de grasse cimontlaur et autres, Actualité juridique de
droit administratif N°34/ 1985.
- C.E, 21 mars 1984, MANSAY, revue de droit public N° 4/1984.
- C.E08 décembre 1972. Ville de Dieppe, R794, conclue Subra de bieusses.

D- DOUCUMENTS :
- Cahier des charge relatif a la concession par l’état aux communes ou aux
entreprises publiques chargées des activités de tourisme, du droit d’exploiter les
plages du domaine maritime, annexe a l’arrêté interministériel du 15 décembre
1986, publié au journal officiel N° 13 DU 25 MARS 1987.
- Cours de domaine, ministère des finances et du plan , écode d’ application
économique et financière, tome1, domaine public, année scolaire, 1968- 1969.

- Instruction générale du directeur des affaires domaniales et fonciéres,


ministère des finances, N°=01043du7 mars 1989.
E –SITTES INTERNET :
EEN SLAMA (sami), la protection du domaine puplic maritime en tunisie,
www.memoire online.com/htm le 22/11/2011.
LE PARISIEN, céline carez, emeline cazi et francois vignolle, droit afministratif,
domaine public et domaine privé, regime juridique, www.denistouret-fr/drt
adm/domaine regime juridique.htm le 22/11/2011.
SANS AUTEUR ,convention des nation unis contre la corruption,
www.unodc.org/documents/convention/pages similaires le 23/11/2011.

132
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪1....................................................................................................................‬‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬النظرية التقليدية ألموال اإلدارة‪4...............................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األول العام ‪2.................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالمال العام و المال الخاص‪2...........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعريف بالمال العام‪9...........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التعريف بالمال الخاص‪8.......................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكونات األموال العامة‪11.........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األموال العامة حسب طبيعتها و الجهة اإلدارية المالكة لها‪11...........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األموال العامة حسب نشأتها و مكان تواجدها‪12...........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬معيار تمييز األموال العامة من األموال الخاصة‪19............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معيار طبيعة المال‪19...............................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رأي ديكروك‪19..................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬رأي بارتيلمي‪18.................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬معيار التخصيص‪20................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬معيار التخصيص للمرفق العام‪21............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معيار التخصيص للمنفعة العامة‪22...........................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الطبيعة القانونية لألمالك الوطنية‪25..............................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مراحل تطور مفهوم األمالك الوطنية‪25........................................................‬‬

‫المطلب األول‪:‬مرحلة ما بعد االستقالل‪22.........................................................................‬‬

‫الفرع األول‪:‬االتجاه الرسمي‪22................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف الفقه من األمالك الوطنية‪29..........................................................‬‬

‫‪133‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬مرحلة القوانين ذات التوجه االشتراكي‪31.......................................................‬‬

‫الفرع األول‪:‬في القانون المدني‪31...........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬في دستور ‪34..........................................................................1892‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬في قانون األمالك الوطنيةلسنة ‪35................................................1894‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المرحلة الحالية‪39..................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪:‬معيار تمييز األمالك الوطنية‪38.....................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع األمالك الوطنية و عناصرها‪41............................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دمج المال في األمالك الوطنية و عالقته باإلدارة‪49..........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دخول المال في نطاق األمالك الوطنية خروجه منها‪48......................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬دخول المال في نطاق األمالك الوطنية‪48................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خروج المال من نطاق األمالك الوطنية‪22...............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اكتساب المال الوطني للصفة العمومية وزوالها عنه‪25......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إكتساب المال صفة العمومية‪22.............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬زوال صفة العمومية عن المال‪29...........................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التكييف القانوني لصلة األشخاص العامة باألمالك الوطنية‪29..............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف الفقه‪28..................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف المشرع الجزائري‪91.................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إدارة و تسيير األمالك الوطنية‪95.................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬قواعد استعمال األمالك الوطنية‪92...............................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االستعمال الجماعي لألمالك الوطنية‪99.........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المبادئ التي تحكم االستعمال العام‪99......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستعمال الجماعي للطرق العامة‪90......................................................‬‬

‫‪134‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االستعمال الخاص لألمالك الوطنية‪92..........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االستعمال الذي يتخذ صورة ترخيص‪92..................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستعمال الخاص عن طريق التعاقد‪95...................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬سلطة اإلدارة تجاه االستعمال الخاص لألمالك الوطنية‪99...................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬سلطة اإلدارة تجاه االستعمال الخاص عن طريق الترخيص‪99.......................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة اإلدارة تجاه االستعمال الخاص عن طريق التعاقد‪80............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حماية األمالك الوطنية‪82..........................................................................‬‬

‫المطاب األول‪ :‬الحماية المدنية لألمالك العمومية‪83.............................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحماية المدنية األساسية‪83..................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحماية المدنية الفرعية‪88...................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية االدارية لألمالك الوطنية‪102...........................................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬الجرد العام لألمالك الوطنية‪102...........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحافظة على األمالك الوطنية و صيانتها‪105..........................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحماية الجنائية لألمالك الوطنية‪109...........................................................‬‬

‫الفر ع األول‪ :‬في قانون العقوبات‪108......................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬في قوانين أخرى‪119.........................................................................‬‬

‫الخاتمة‪121..............................................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪125.....................................................................................................‬‬

‫الفهرس‪133............................................................................................................‬‬

‫‪135‬‬
‫ملخص‬

‫تطرقنا في هذا البحث إلى النظام القانوني لألموال العامة في التشريع الجزائري من خالل‬
‫التعرض لمفهوم المال العام و معيار تمييز األموال العامة من األموال الخاصة و ذلك في فصل تمهيدي‬
‫أما في الفصل األول فقد تناولنا الطبيعة القانونية لألمالك الوطنية بدراسة مراحل تطور مفهوم األمالك‬
‫الوطنية و كيفية إدراج المال لألمالك الوطنية‪ ،‬ثم التكييف القانوني لصة األشخاص العامة باألمالك‬
‫الوطنية و انتهينا إلى أنه حق ملكية و ليس مجرد والية إشراف و حفظ و صيانة فقط‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫الجزائري يسند هذا الحق إلى المجموعة الوطنية بمقتضى المادة ‪ 71‬من الدستور و ليس إلى األشخاص‬
‫العامة اإلقليمية‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فخصص لدراسة نظام إدارة و تسيير األمالك الوطنية بما يحقق أهداف‬
‫المصلحة العامة من خالل التعرض لقواعد استعمال األمالك الوطنية سواء كان هذا االستعمال يتم‬
‫بصورة جماعية أو بصورة فردية‪ ،‬ثم بينا أوجه حماية الملكية العمومية من الناحية المدنية و اإلدارية و‬
‫الجنائية ضمانا الستمرار تخصيص هذه األمالك لما أعدت له من أوجه النفع العام‪ ،‬إال أن هذه الحماية‬
‫ليست فعالة بدليل أنه مازالت هناك أيدي كثيرة تعبث بمقدرات الوطن من خالل إهدار المال العام‪ ،‬و أن‬
‫النظام القانوني لألموال العامة مهما بلغ من الدقة و التقنية يبقى دائما في حاجة إلى أطر أخرى اجتماعية‬
‫و ثقافية و أخالقية تعطي أهمية للمال العام و تبرز دوره في تحقيق أغراض التنمية بشتى صورها و في‬
‫جميع المجاالت وصوال ألعلى معدالت الرفاهية االجتماعية‪.‬‬
Résumé

La présente recherche a pour objet le régime juridique du patrimoine public à


la législation algérienne par définition de sa signification et la différence entre
ce dernier et les fonds privés, et ce dans le chapitre introduction, quand au
premier chapitre on a pris la nature juridique des domaines publics par étude
des divers stades d’évolution de leurs signification et la méthode d’insertion
des fonds publics, puis la détermination juridique des qualités des personnes
publiques en ce qui concerne les biens de public, finissant par distinction que
c’est un droit de propriété non seulement une tutelle de conservation et de
maintenance, néanmoins, le législateur algérien attribue ce droit au groupe
national en vertu de l’article 71 de la constitution et non au personne public.

Quand au deuxième chapitre on a étudié le système d’administration et de


gérance des domaines publics en réalisant les butes de l’intérêt commun par
citation des règles d’exploitation de ces domaines soit d’une façon collective ou
individuelle, ensuite on a indiqué les méthodes de la protection du bien public
des côtés civil, administratif et pénal pour garantir la continuation de
particularisation de ces biens à raison de réaliser l’intérêt commun pour lequel
elle est destinée, excepté que cette protection n’est pas dynamique de preuve
qu’il y a des mains qui tripotent le patrimoine public par gaspillage , et que le
système juridique du patrimoine public quelque soit sa conformité et ses
techniques reste toujours au besoin d’autres cadres sociaux, culturels et morals
qui donnent importance au patrimoine public et qui montre son rôle à la
réalisation du touts développements et dans tous les domaines aboutissant aux
sommet de l’aisance sociale.

You might also like