You are on page 1of 26

‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬

‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬


‫‪The basic principles that govern the local public utility in Algeria and‬‬
‫‪Tunisia‬‬
‫‪‬‬
‫خديجة البرج‬ ‫عبد الرحيم لحرش‬
‫جامعة تونس املنار ‪ /‬تونس‬ ‫جامعة غرداية ‪ /‬الجزائر‬
‫‪elkhadidja@yahoo.fr‬‬ ‫‪Abdou_lahreche@yahoo.fr‬‬
‫تاريخ إرسال المقال‪ 0805-80-51 :‬تاريخ قبول المقال‪ 0805-50-02 :‬تاريخ نشر المقال‪0800-83-35‬‬

‫الممخص‪:‬‬
‫إف المبادئ التي تحكـ المرفؽ العاـ سواء التقميدية أو الحديثة منيا ما وجدت سوى الف تكوف صماـ‬
‫أماف يحمي المصمحة العامة والخاصة لمدولة ومف خالليا األفراد‪ ،‬كما أف دواـ سير المرفؽ العاـ وقابميتو‬
‫لمتغير والمساواة ىي المبادئ الكالسيكية الثالث التي تحكمو‪ ،‬وييدؼ ىذا البحث إلى عرض أىـ المبادئ‬
‫األساسية المعموؿ بيا في تسيير المرافؽ العامة ومنيا المحمية‪ ،‬كما يحاوؿ رصد مساىمات الفكر اإلداري‬
‫الحديث في ظؿ تداعيات الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وأثر ذلؾ في تحسيف تقديـ الخدمات العامة‬
‫وتشريؾ المواطنيف‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية المبادئ األساسية‪ ،‬المرفؽ العاـ‪ ،‬الحكـ المحمي‪ ،‬الحوكمة الرشيدة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The principles that govern the public utility, whether traditional or modern, have only been‬‬
‫‪found to be a safety valve that protects the public and private interests of the state and through‬‬
‫‪it individuals, and the permanence of the functioning of the public utility, its susceptibility to‬‬
‫‪change, and equality in front of the three classic principles that govern it, This Research Is To‬‬
‫‪Present The Most Important Principles In The Management Of Public And Local Utilities, As‬‬
‫‪Well As To Monitor The Contributions Of Modern Administrative Thought In Light Of The‬‬
‫‪Implications Of Good Governance And Combating Corruption, And Its Impact On Improving‬‬
‫‪The Provision Of Public Services And The Participation Of Citizens.‬‬
‫‪Keywords: Basic principles, General Annex, Local government, Good Governance.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫يعد المرفؽ العمومي المحمي مف المحاور األساسية في عممية تحديث الدولة الرتباط ىذا األخير‬
‫بالمجتمع الذي ازدادت مطالبو وحاجياتو في عدة مجاالت‪ ،‬ما أدى إلى تزايد أعباء توفير الخدمات‬
‫لمجميور والتي وقعت عمى عاتؽ الدولة‪ ،‬فكاف مف الضروري إشراؾ أشخاص القانوف العاـ إلى جنبيا في‬

‫‪ ‬المؤلؼ المرسؿ‬
‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫إحداث المرفؽ العمومي والتخمي تدريجيا عف األسموب المركزي في إدارة الدولة والتوجو نحو الالمركزية‬
‫التي تتجسد في الجماعات المحمية لما ليا مف صالحيات إدارة مرافقيا لتقديـ خدمات تتالءـ وتتواكب مع‬
‫تطمعات وتطورات الحياة العامة‪ ،‬وىذا في إطار تعزيز ديمقراطية التقرب عبر مشاركة المواطنيف في‬
‫الحياة المحمية التي تعود بالنفع عمى المستفيديف مف الخدمات‪.‬‬
‫واذا كاف العنصر الجوىري مف إحداث المرفؽ العمومي ومنو المحمي تقديـ نشاط خدماتي يعود‬
‫بالمصمحة العامة لممواطنيف‪ ،‬فإنو مف الضروري تنظيمو وضبطو لمحفاظ عمى الغاية مف وجوده‪ ،‬وفي ىذا‬
‫الشأف نشير أف فكرة المرفؽ العمومي عرفت تطو ار محسوسا في ظؿ التغيرات والمستجدات الحديثة لإلدارة‬
‫الدولية‪ ،‬وبالتالي استجابة اإلدارة الداخمية ليذه التحوالت‪.‬‬
‫وتعد الجزائر وتونس مف بيف الدوؿ التي شيدت ذلؾ‪ ،‬فقد عرفت اصالحات دستورية وسياسية في‬
‫عدة مجاالت منيا التنظيـ الالمركزي كنشاط لموظائؼ اإلدارية والمرافؽ العمومية المحمية‪ ،‬يفترض مف‬
‫وراء ىذه االصالحات إتاحة فرصة المشاركة لألفراد ولمجماعات العمومية المحمية لترسيخ أسس الحرية‬
‫والمساواة والعدالة في إطار الديمقراطية المحمية‪.‬‬
‫وعميو سنحاوؿ في ىذا البحث اإلجابة عمى اإلشكالية التالية‪ 5‬ماىي المبادئ األساسية التي تحكـ‬
‫المرفؽ العمومي المحمي؟ وىؿ ضمف التشريع الجزائري والتونسي ىذه المبادئ في ظؿ تداعيات الحوكمة؟‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ االساسية التقميدية لتسيير المرفق العمومي المحمي‬
‫تعددت المبادئ التي نادى بيا فقياء القانوف اإلداري‪ ،‬ومف بينيـ الفقيو لويس روالف الذي‬
‫استخمص المبادئ األساسية المشتركة بيف مختمؼ أنواع المرافؽ العمومية في النصؼ األوؿ مف القرف‬
‫العشريف التي نسبت لو وسميت بقانوف روالف وىي ثالث مبادئ أساسية‪ ،1‬متمثمة أساسا في مبدأ‬
‫استم اررية المرفؽ العمومي ومبدأ المساواة أماـ المرفؽ العمومي ومبدأ تكيؼ المرفؽ العمومي‪.‬‬
‫وبيذا الخصوص نشير إلى أف الدستور الجزائري لـ يتطرؽ ليذه المبادئ بشكؿ صريح‪ ،‬إال أننا‬
‫نستخمصيا مف المضموف‪ ،‬الذي تعرض لصالحيات الوزير األوؿ والذي بدوره يسير عمى حسف سير‬
‫االدارات العمومية‪ ،‬فكاف األجدر إضفاء الصبغة الدستورية عمى ىذه المبادئ دوف ربطيا بالسمطة‬
‫التنفيذية مما يجعميا صاحبة وصاية عمى المرافؽ العمومية المحمية محدثة مف طرؼ الجماعات المحمية‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪Lombard (M) Gilles (D), Droit administratif, 6 e édition, Dalloz, 2005, p 283.‬‬
‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫كما تجدر اإلشارة أنو في إطار تعديؿ قانوف الصفقات العمومية لسنة ‪ ،5102‬أدرج المشرع ضمنو‬
‫أحكاـ خاصة بتفويضات المرفؽ العاـ مشترطا احتراـ مبادئ االستم اررية والمساواة وقابمية التكيؼ عند‬
‫تنفيذ اتفاقية تفويضو‪.1‬‬
‫أما في تونس فقد حرصت السمطة التأسيسية عمى تكريس ىذه المبادئ صراحة في دستور الجميورية‬
‫الثانية لسنة ‪ ،5102‬ضمف الباب األوؿ المتعمؽ بالمبادئ العامة في الفصؿ ‪ 02‬الذي اعتبر أف االدارة‬
‫العمومية في خدمة المواطف والصالح العاـ‪ ،‬وتعمؿ وفؽ مبدأي االستم اررية والمساواة لممرفؽ العاـ‪ ،‬وبناءا‬
‫عمى قواعد تندرج ضمف مبدأ القابمية لمتكيؼ‪ ،‬أصبح ليذه المبادئ قيمة دستورية في التشريع التونسي‬
‫خدمة لمجميور وحفاظا لحقوؽ مستخدمي المرفؽ العاـ‪ ،‬وتطبيقا لذلؾ خصص القانوف األساسي عدد ‪54‬‬
‫لسنة ‪ 5103‬المتعمؽ بالجماعات المحمية‪ ،‬قسـ المبادئ العامة لتسيير المرافؽ العامة المحمية حيث أكد‬
‫فيو عمى احتراـ ىذه المبادئ الدستورية في تقديـ الخدمات‪ ،‬كما تمتزـ الجماعات المحمية بيذه المبادئ في‬
‫تسييرىا المباشر لممرفؽ العمومي المحمي‪ ،‬عمى أف تتولى رقابة عمييا لضماف احتراـ تطبيقيا‪،2‬كما أف ىذه‬
‫‪3‬‬
‫المبادئ مرتبطة بكؿ أنواع تسيير المرفؽ العاـ سواء عف طريؽ أشخاص القانوف العاـ أو الخاص‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مبدأ االستمرارية المرفق العمومي المحمي‬
‫يقوـ المرفؽ العاـ بتأدية بعض الوظائؼ االدارية بتقديـ خدمات لمجميور حسب موضوع نشاطيا‪،‬‬
‫ولضماف العمؿ المنتظـ لمخدمات العمومية دوف انقطاع أو توقؼ‪ ،‬اجمع الفقياء فيما سبؽ ومف بينيـ‬
‫البروفسور لوريس عمى مبدأ استم اررية المرفؽ العاـ الذي يعتبر أحد المبادئ األساسية لمحفاظ عمى سير‬
‫المرفؽ العاـ‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 514‬فقرة ‪ 5‬مف المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 522-02‬المؤرخ في ‪ 01‬سبتمبر سنة ‪ 5102‬المتضمف تنظيـ الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفؽ العاـ‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية العدد ‪ 21‬مؤرخ في ‪ 51‬سبتمبر ‪.5102‬‬
‫أنظر الفصؿ‪ 22‬و‪ 22‬مف القانوف األساسي عدد ‪ 54‬لسنة ‪ 5103‬المتعمؽ بالجماعات المحمية المؤرخ في ‪ 4‬ماي ‪ ،5103‬الرائد‬ ‫‪2‬‬

‫الرسمي لمجميورية التونسية عدد ‪ 94‬مؤرخ في ‪ 02‬ماي ‪.5103‬‬


‫محمد الزيف ميالس‪ ،‬النظاـ القانوني لممرفؽ العاـ‪ ،‬مجمة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬المركز الجامعي تيبازة‪ ،‬المجمد‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2‬العدد ‪ ،5150 ،5‬ص‪.529‬‬


‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫في ىذا االطار لـ يتطرؽ المشرع الجزائري في قانوف البمدية لسنة ‪ 5100‬ليذا المبدأ ضمف االحكاـ‬
‫المتعمقة بإنشاء مصالح عمومية ليا‪ ،‬في حيف أكد المشرع عمى ضرورة أف تضمف المرافؽ المحدثة مف‬
‫قبؿ الوالية استم اررية المرفؽ لمحفاظ عمى السير الحسف في تقديـ الخدمات لممستخدميف‪.1‬‬
‫وتبعا لكوف المرفؽ العاـ أنشئ إلشباع حاجة عامة وأساسية لألفراد‪ ،‬وكوف ىذه الحاجات باقية‬
‫ومستمرة‪ ،‬كاف مف الضروري استمرار المرفؽ العاـ في إشباع ىذه الحاجات‪ ،‬وبالتالي سير المرافؽ العامة‬
‫‪2‬‬
‫بانتظاـ واضطراد‪ ،‬وىي القاعدة التي تحكـ سير المرافؽ العامة سواء كانت إدارية أـ اقتصادية‪.‬‬
‫في مقابؿ ذلؾ كاف المشرع التونسي حريص عمى تنصيص مبدأ استم اررية الخدمات ضمف قانوف‬
‫أساسي عدد ‪ 54‬لسنة ‪ ،5103‬المذكور سمفا ضمف الفصؿ ‪ ،22‬بيدؼ تحقيؽ الغاية التي وجد مف أجميا‬
‫المرفؽ العمومي المحمي والمتمثمة في تقديـ الخدمات األساسية لألفراد‪ ،‬فحدوث أي انقطاع أو توقؼ سير‬
‫المرفؽ يترتب عنو حدوث اضطراب والحاؽ أضرار تمس باألفراد‪.‬‬
‫وعميو كاف لزاما إحاطة ىذا المبدأ بجممة مف التدابير والضمانات تكفؿ وجوده وتطبيقو عمى أرض‬
‫الواقع‪ ،3‬فقد نظـ المشرع أحكاما مف شأنيا الحفاظ عمى سير المرفؽ العاـ‪ ،‬كما رتب القضاء االداري‬
‫جممة مف التدابير لنفس الغرض‪.‬‬
‫‪ -1‬التدابير التشريعية‪:‬‬
‫تأخذ التدابير التشريعية لمحفاظ عمى استم اررية المرفؽ العمومي المحمي صو ار منيا تنظيـ ممارسة حؽ‬
‫اإلضراب كصورة أولى أما الثانية فيي تنظيـ حؽ االستقالة‪ ،‬والصورة األخيرة ىي تنظيـ حماية أمواؿ‬
‫المرفؽ العاـ‪.‬‬
‫أ‪ -‬تنظيم ممارسة حق االضراب‪:‬‬
‫االضراب ىو "اتفاؽ األعواف المرافؽ العمومية عف القياـ بأعماليـ أو االمتناع عف أداء واجباتيـ‬
‫الوظيفية لمدة معينة قصد الدفاع عف حقوقيـ المينية دوف انصراؼ نيتيـ لترؾ العمؿ نيائيا"‪.1‬‬

‫أنظر المادة ‪ 2‬مف قانوف ‪ 12-05‬مؤرخ في ‪ 50‬فيفري سنة ‪ ،5105‬يتعمؽ بالوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪05‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصادر في ‪ 54‬فيفري ‪.5105‬‬


‫مصطفى العياشي‪ ،‬نظاـ المناوبة لضماف سير المرفؽ العاـ في المؤسسات الصحية‪ ،‬مجمة معالـ لمدراسات القانونية والسياسية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المركز الجامعي تندوؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2‬جواف ‪ ،5103‬ص‪.022‬‬


‫دليمة جاليمة‪ ،‬المبادئ األساسية التي تحكـ المرفؽ العاـ‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ‪ 5‬المرفق العمومي في الجزائر ورهاناته كأداة لخدمة‬ ‫‪3‬‬

‫المواطن – دراسة قانونية وعممية ‪ ،‬جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬يومي ‪ 02‬و‪ 09‬ماي ‪ ،5102‬ص ‪.24‬‬
‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫ويترتب ع ف االضراب تعطؿ سير المرفؽ العاـ‪ ،‬وىو ما يتعارض وأىـ مبدأ مف المبادئ األساسية‬
‫لممرفؽ العمومي المحمي أال وىو االستم اررية‪ ،‬وعميو اختمفت الدوؿ في تنظيـ حؽ االضراب فينالؾ مف‬
‫ضيقت في نطاقو وىنالؾ مف وسعت نطاؽ ممارسة ىذا الحؽ‪.‬‬
‫فالمؤسس الدستوري الجزائري اعترؼ بحؽ االضراب مف أوؿ دستور سنة ‪ 0419‬ضمف المادة ‪51‬‬
‫في اطار قانوني محدد‪ ،‬حتى جاء دستور سنة ‪ 0421‬ليضيؽ مف ىذا حؽ في القطاع العاـ مكتفيا بمنح‬
‫حؽ االضراب لمعامميف بالقطاع الخاص‪ ،2‬وىذا لو عالقة بالتوجو االشتراكي المتبنى في ذلؾ الوقت‪،‬‬
‫فالسمطة الحاكمة كانت تمارس الحكـ وفؽ ايدولوجيات وليس في إطار دولة القانوف‪ ،‬وفي ظؿ التوجو‬
‫الجديد نحو االقتصاد الحر‪ ،‬أقر دستور ‪ 0434‬تصور جديد لطبيعة نظاـ الحكـ وتكريس جديد لمحقوؽ‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬حيث تـ االعتراؼ صراحة بحؽ اإلضراب في جميع القطاعات اال ما استثنى بنص‬
‫خاص‪ ،3‬وىو ما كرستو المادة ‪ 20‬مف دستور ‪ 0441‬المتمـ والمعدؿ لسنة ‪.5101‬‬
‫ىذا وقد نظـ المشرع الجزائري كيفية ممارسة حؽ االضراب ضمف القانوف رقـ ‪ 15-41‬المؤرخ في ‪11‬‬
‫فيفري ‪ 0441‬والمتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ وتسويتيا وممارسة حؽ االضراب‬
‫المعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ ‪ 52-40‬المؤرخ في ‪ 50‬ديسمبر ‪ ،40440‬تناولت أحكاـ ىذا القانوف كيفية‬
‫تنظيـ وممارسة ىذا الحؽ الدستوري ووضعت الشروط والضوابط تماشيا مع السياسة العامة المنتيجة في‬
‫الجزائر‪ ،‬سعيا منيا لمحفاظ عمى استم اررية بعض أنشطة المرافؽ العمومية الحيوية‪ ،‬وذلؾ بتنظيـ الحد‬
‫األدنى مف الخدمات حسب طبيعة كؿ نشاط لممرفؽ العاـ عمى أف تتخذ االدارة جميع التدابير واإلجراءات‬
‫لتحقؽ ذلؾ‪.‬‬
‫وقد أورد المشرع أربع شروط رئيسية لشرعية االضراب وىي‪5‬‬

‫صالح الديف الشريؼ وماىر كموف‪ ،‬قانون الوظيفة العمومية‪ ،‬الطبعة الثانية المحينة‪ ،‬مركز البحوث والدراسات اإلدارية‪،5119 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.04‬‬
‫أنظر المادة ‪ 10‬مف االمر رقـ ‪ ،42 -21‬مؤرخ في ‪ 55‬نوفمبر ‪ ،0421‬يتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية الديمقراطية‬ ‫‪2‬‬

‫الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 42‬الصادر في ‪ 52‬نوفمبر ‪.0421‬‬


‫المادة ‪ 22‬مف المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ ،03 -34‬المؤرخ في ‪ 53‬فيفري ‪ ،0434‬المتعمؽ بنشر نص تعديؿ الدستور‪ ،‬الموافؽ عميو في‬ ‫‪3‬‬

‫استفتاء ‪ 59‬فيفري ‪ ،0434‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية‪ ،‬عدد ‪ 14‬الصادر في ‪ 10‬مارس ‪.0434‬‬
‫كما أكدت المادة ‪ 91‬مف األمر ‪ 19 -11‬المؤرخ في ‪ 02‬جويمية ‪ 5111‬المتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية‪ ،‬عمى‬ ‫‪4‬‬

‫حؽ ممارسة اإلضراب في القطاع العاـ‪.‬‬


‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫‪ -‬استنفاذ اجراءات التسوية الودية والمتمثمة في الوساطة والمصالحة أو التحكيـ أو أي وسيمة أخرى‬
‫لتسوية‪.‬‬
‫‪ -‬موافقة جماعة العماؿ عمى االضراب بعد انعقاد جمعية عامة يتـ فييا تقرير رغبتيـ في االضراب‬
‫باقتراع سري‪ ،‬شرط أف يكوف قرار االضراب بموافقة أغمبية العماؿ المجتمعيف تضـ نصؼ عدد العماؿ‬
‫عمى األقؿ‪.‬‬
‫‪ -‬االشعار المسبؽ باإلضراب في آجاؿ محدد ال يمكف أف يقؿ عف ثمانية (‪ )13‬أياـ ابتداء مف تاريخ‬
‫ايداعو لدى المستخدـ واعالـ المفتشية المختصة اقميميا مفاوضة أطراؼ الخالؼ‪.‬‬
‫‪ -‬التدابير الالزمة لضماف الحفاظ عمى المنشآت واألمالؾ وضماف أمنيا وسالمتيا مف طرؼ‬
‫المستخدـ وممثموا العماؿ‪ ،‬وتقع عمى العماؿ المضربيف المسؤولية المدنية والجزائية‪.‬‬
‫أما القيود الواردة عمى ممارسة حؽ االضراب‪5‬‬
‫قد يترتب عف حؽ اإلضراب انعكاسات عمى المرفؽ العمومي المحمي التي تخدـ المصمحة العامة‪ ،‬مما‬
‫جعؿ المشرع يمتع بعض الفئات مف الموظفيف أو العماؿ بيذا الحؽ ويحرـ فئات أخرى حسب طبيعة‬
‫المرفؽ العمومي وأ نشطتو األساسية التي قد تعرض توقفيا حياة أو أمف أو صحة المواطنيف لمخطر‪ ،‬ورغـ‬
‫حرماف ىؤالء الفئات مف االضراب إال أف القانوف يضمف حقيـ مف خالؿ اتباع األساليب والطرؽ التي‬
‫تسبؽ اعالف االضراب‪.‬‬
‫كما وضع المشرع قيود إجرائية عمى ممارسة حؽ االضراب في بعض مف القطاعات التي قد ينجـ‬
‫عنيا عدـ استمرار السير بيا أضرار‪ ،‬أو يمس األنشطة االقتصادية الحيوية أو تمويؿ المواطنيف أو‬
‫المحافظة عمى المنشآت واألمالؾ الموجودة‪ ،‬فيتعيف تنظيـ مواصمة األنشطة الضرورية في شكؿ القدر‬
‫األدنى مف الخدمة اجباري أو ناتج عف مفاوضات واتفاقيات أو عقود واف لـ يكف منصوص عمى ىذا يتـ‬
‫تحديد ذلؾ مف طرؼ المستخدـ أو الجماعة المحمية المعنية بعد استشارة ممثميف العماؿ وموظفي مياديف‬
‫النشاط التي تتطمب القدر األدنى مف الخدمة وموظفي المكمفيف بذلؾ‪ ،‬وفي حاؿ رفض العماؿ أو‬
‫الموظفيف القياـ بذلؾ يعد ذلؾ خطأ مينيا جسيما‪.1‬‬
‫وبالتالي يمكف القوؿ أف حرص المشرع في تنظيـ قواعد قانونية متعمقة بحؽ ممارسة اإلضراب بشيء‬
‫مف التفصيؿ لتفادي أي تفسير ضيؽ وضماف حسف سير المرفؽ العمومي المحمي الذي يتأتى بتجسيد‬
‫مبدأ االستم اررية‪.‬‬

‫القانوف رقـ ‪ 15-41‬المؤرخ في ‪ 11‬فبراير ‪ 0441‬المتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ وتسويتيا وممارسة حؽ‬ ‫‪1‬‬

‫اإلضراب‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية‪ ،‬عدد ‪ 11‬المؤرخ في ‪ 12‬فبراير ‪ ،0441‬ص ‪ 590‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫أما في تونس لـ يتـ النص صراحة عف حؽ ممارسة االضراب ضمف دستور الجميورية األولى لسنة‬
‫‪ ،0424‬في حيف تـ التنصيص عمى ممارسة الحؽ النقابي والذي يرى البعض أنو مف خاللو يتـ اكتساب‬
‫حؽ اإلضراب ضمنيا‪.‬‬
‫ولئف لـ يتضمف القانوف المنظـ ألعواف الوظيفة العمومية بما أف أعواف المرفؽ العمومي المحمي‬
‫يخضعوف لو‪ ،‬كحؽ ممارسة اإلضراب إال أنو تـ اعتبار حؽ اإلضراب مضموف ضمنيا بناء عمى‬
‫نصوص قانونية عدة وخاصة منيا ما جاءت بو أحكاـ المجمة الجزائية التونسية التي أوردت اف نقابات‬
‫الموظفيف تخضع ألحكاـ مجمة الشغؿ التي تضمنت صراحة حؽ ممارسة االضراب‪ ،‬ومف خالؿ ىذا ال‬
‫يوجد ما يمنع ممارسة ىذا الحؽ إال ما تـ منعو صراحة مف قبؿ المشرع عف طريؽ قوانيف خاصة أو مف‬
‫قبؿ السمطات االدارية لبعض القطاعات الحيوية‪.‬‬
‫أما فقو القضاء التونسي فقد أقر عمى "شرعية ممارسة حؽ االضراب في الوظيفة العمومية ولـ يستثنى‬
‫مف امكانية ممارسة ىذا الحؽ سوى األسالؾ التي نصت أنظمتيا األساسية صراحة عمى عكس ذلؾ"‪.1‬‬
‫بالرجوع ألحكاـ مجمة الشغؿ‪ ،‬بما أف أعواف المرفؽ العمومي المحمي الذيف يخضعوف لقانوف الوظيفة‬
‫العامة‪ ،‬نقابتيـ يسري عمييا أحكاـ القانوف عدد ‪ 54‬لسنة ‪ 0442‬المتضمف مجمة الشغؿ‪ ،‬كما أشرنا ليا‬
‫سابقا والتي نظمت شروط ممارسة حؽ اإلضراب ضمف الباب المتعمؽ بتسوية نزاعات الشغؿ الجماعية‬
‫والمجوء لإلضراب يكوف بعد ‪5‬‬
‫‪ -‬استنفاذ الحموؿ السممية لفض نزاع الشغؿ بيف المؤجر والعممة‪ ،‬حيث أوجب المشرع لمحاولة تسوية‬
‫نزاعات الشغؿ الجماعية المجوء واستنفاذ المستويات الثالث‪ ،2‬بدءا بالمجنة االستشارية لممؤسسة وفي حاؿ‬
‫عدـ التوصؿ إلى حؿ يرضى أطراؼ النزاع يتـ المجوء إلى المكتب الجيوي لمتصالح فإف تعذر التوصؿ‬
‫إلى حؿ يتـ المجوء كآخر وسيمة إلى تفقدية الشغؿ المختصة اقميميا‪.3‬‬
‫‪ -‬وجوب مصادقة المنظمة النقابية المركزية لمعماؿ أو منظمة المؤجريف المركزية وىو ما نصت عميو‬
‫الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 921‬مكرر مف مجمة الشغؿ‪.‬‬

‫شاكر الساحمي‪ ،‬نزاعات الشغؿ الجماعية وطرؽ تسويتيا في قانوف الشغؿ التونسي‪ ،‬سمسمة كراسات قانوف الشغؿ والعالقات المينية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫تونس‪ ،‬بدوف سنة‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫محمد اليادي عبد اهلل‪ ،‬نزاعات الشغؿ والضماف االجتماعي تشريعا وفقيا وقضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،0‬دار اسيامات في أدبيات المؤسسة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫تونس‪ ،5114 ،‬ص‪.014‬‬


‫أنظر الفصؿ ‪ 921‬مف قانوف عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 0411‬مؤرخ في ‪ 91‬أفريؿ ‪ 0411‬يتعمؽ بإصدار مجمة الشغؿ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪288‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫‪ -‬التنبيو المسبؽ باإلضراب‪ ،‬بحيث يجب ابالغ الجيات المعنية مسبقا باإلضراب عف طريؽ رسالة‬
‫مضمونة الوصوؿ‪ ،‬تتضمف المعمومات الخاصة بيذا االضراب‪ ،‬وقد حددت مدة االعالـ المسبؽ بعشرة‬
‫أياـ حتى تتمكف االدارة مف اتخاذ التدابير الالزمة في ىذا الشأف‪ ،‬كما يمكف ألطراؼ النزاع خالؿ فترة‬
‫التنبيو المسبؽ تأجيؿ االضراب أو الصد عف العمؿ باتفاؽ الطرفيف‪.‬‬
‫ولكف بعد ثورة سنة ‪ ،5100‬تـ االعتراؼ بحؽ ممارسة اإلضراب صراحة ضمف الفصؿ ‪ 91‬مف‬
‫دستور سنة ‪ ،5102‬وأصبح مشروعا‪ ،‬مع مراعاة بعض االستثناءات‪ ،‬غير أف لـ يتـ بعد وضع حدود‬
‫تضبط ممارسة ىذا الحؽ بالرغـ أف أحكاـ الدستور الجديد لمجميورية الثانية أكدت عمى أف ممارسة حؽ‬
‫اإلضراب يجب أف ال يخؿ بالمصالح العامة‪ ،‬باتخاذ التدابير الالزمة مف شأنيا الحفاظ عمى دواـ سير‬
‫المرافؽ العمومية‪ ،‬فكاف البد مف وضع ضمانات تكفؿ ذلؾ‪.‬‬
‫وقد شيدت تونس ارتفاع منسوب اإلضرابات في عديد مف المجاالت بعد ما كاف حؽ ممارسة‬
‫اإلضراب مغيبا في دستور سنة ‪ ،0424‬فينالؾ بعض المطالب منيا لجاف في المجمس التأسيسي ناشدت‬
‫بضرورة وضع ضوابط وشروط تنظيـ ممارسة حؽ اإلضراب بما يضمف سير الخدمات العامة الدنيا‪ ،‬إال‬
‫أف ىنالؾ أطراؼ نقابية ترفض ضبط حؽ اإلضراب بالرغـ مف أف القانوف المقارف قيد اطالؽ ىذا الحؽ‪،‬‬
‫خاصة أف ىنالؾ بعض القطاعات قوانينيا األساسية الخاصة تمنع ممارسة حؽ اإلضراب‪ ،1‬وىي‬
‫تتعارض مع المبدأ الدستوري لسنة ‪ ،5102‬وعميو يجب مالئمة القوانيف والتنظيمات حسب ما جاء بو‬
‫الدستور حتى ال ييدد االضراب سير المرفؽ العاـ المحمي وال يتعارض واستم اررية المرفؽ العاـ بانتظاـ‬
‫واطراد‪ ،‬والذي تـ دسترتو‪ ،‬ليتـ تفادي تضارب المصالح بيف األعواف والمستخدميف‪.‬‬
‫وعميو ومف خالؿ ما تقدـ وفقا لمدستور الجزائري وتعديالتو المتعاقبة‪ ،‬كفؿ حؽ ممارسة اإلضراب إال‬
‫أف القوانيف التنظيمية ليذا الحؽ قيدت ممارستو ووضعت شروطا حتى ال يتسبب في عرقمت سير المرافؽ‬
‫العمومية المحمية‪ ،‬في حيف تمكنت تونس مف انتزاع حؽ اإلضراب الذي جاء بعد مطالب ونضاالت‪،‬‬
‫والذي كاف مغيبا‪ ،‬إال أف معالمو غير واضحة بيف القوانيف والتنظيمات وخاصة بعد أف أصبح اإلضراب‬
‫حؽ دستوري‪ ،‬ما يجعؿ منو قاعدة إلزامية وفؽ مبدأ سمو الدستور ىكذا نكوف أماـ وضعيتيف متعارضتيف‪،‬‬
‫فأماـ ىذا اإلطالؽ تواجو المرافؽ العمومية المحمية عرقمة استمرار سير نشاطيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تنظيم حق االستقالة‪:‬‬

‫ىياـ مروة‪ ،‬القانوف اإلداري الخاص ( المرافؽ العامة الكبرى وطرؽ إدارتيا – االستمالؾ األشغاؿ العامة – التنظيـ المدني)‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪1‬‬

‫األولى‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،5119 ،‬ص‪.29‬‬


‫‪287‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫تعد االستقالة حؽ مشروع لمموظؼ العاـ‪ ،‬ذلؾ أنو ال يصح أف يبقي المرفؽ العاـ عمى موظؼ غير‬
‫راغب في االستم اررية في الوظيفة‪ ،1‬إذا كانت االستقالة عمال اراديا يعبر موظؼ أو عوف المرفؽ العاـ‬
‫ع ف ارادتو في التخمي عف وظيفتو بصفة نيائية‪ ،‬فإنو ليس مف حقو أف يترؾ أو يتوقؼ عف أداء وظائفو‬
‫الموكمة إليو أداؤىا دوف اجراءات مسبقة سعيا منو لمحفاظ عمى دواـ العمؿ‪.2‬‬
‫وليذا فقد أوجبت التنظيمات المتعمقة بحؽ االستقالة مجموعة مف القيود والشروط لتنظيـ االستقالة‬
‫يمكف اختصارىا في‪5‬‬
‫‪ -‬تقديـ طمب االستقالة كتابيا لمسمطة المختصة قانونا‪ ،‬وقد أكد المشرع التونسي أف تكوف رغبة‬
‫الموظؼ باالستقالة صريحة وغير مشروطو‪.‬‬
‫‪ -‬يتعيف عمى العوف المقدـ طمب االستقالة مالزمة وظيفتو وقيامو بواجباتو المينية إلى حيف صدور‬
‫قرار االستقالة واال تعرض الموظؼ لعقوبة تأديبية‪.3‬‬
‫تجدر االشارة إلى أف حؽ االستقالة مف الحريات األساسية التي ضمنتيا االتفاقيات الدولية والتشريعات‬
‫ضمف حريات العمؿ والتي ال يمكف المساس بيا‪ ،‬وأغمب الدوؿ التي تسعى لتحقيؽ الديمقراطية كرست‬
‫ىذه الحريات‪ ،‬وقد نظـ المشرع الجزائري حؽ االستقالة صراحة في المادة ‪ 551‬ضمف القانوف األساسي‬
‫رقـ ‪ ،19 -11‬بحيث تتولى السمطة المخولة ليا صالحيات التعيف اتخاذ قرار بشأف طمب االستقالة الذي‬
‫يقدمو العوف في أجؿ اقصاه شيراف ابتداء مف تاريخ ايداع الطمب‪ ،‬أما إف رأت السمطة المخولة ليا‬
‫صالحيات التعييف تأجيؿ الموافقة عمى طمب االستقالة لضرورات قصوى لممصمحة أو المرفؽ العمومي‬
‫المحمي فيمكف ليا ذلؾ لمدة ال تزيد عف شيريف مف تاريخ انقضاء األجؿ األوؿ وبعد انقضاء األجؿ‬
‫الثاني تصبح االستقالة فعمية‪.‬‬

‫سميماف حاج عزاـ‪ ،‬دور المبادئ العاـ لممرفؽ العاـ المفوض في حماية حقوؽ المنتفعيف‪ ،‬مجمة الحقوؽ والحريات‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،5103 ،1‬ص‪.094‬‬


‫عبد المطيؼ قطيش‪ ،‬النظرية العامة لممؤسسات العامة في الفقو واالجتياد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،5109 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.03‬‬
‫أنظر‪5‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 504‬مف أمر رقـ ‪ 19 -11‬المؤرخ في ‪ 02‬جويمية ‪ 5111‬يتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬الفصؿ ‪ 24‬مف القانوف عدد ‪ 005‬لسنة ‪ 0439‬المؤرخ في ‪ 05‬ديسمبر ‪ 0439‬المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي العاـ ألعواف‬
‫الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية‪.‬‬
‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫في مقابؿ ذلؾ لـ يتطرؽ القانوف التونسي عدد ‪ 005‬لسنة ‪ 0439‬المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي‬
‫العاـ ألعواف الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية‪ ،‬صراحة‬
‫ألجؿ قبوؿ استقالة أو رفضيا ضمف أحكامو‪ ،‬ويبدو أف عدـ الوضوح في ىذه االجراءات بغية الحفاظ‬
‫عمى سير المصالح والمرافؽ العامة‪ ،‬إال أنو في رأينا تنظيـ ىذه األحكاـ ضروري لمحفاظ عمى الحقوؽ‬
‫والحريات العامة وضماف أكثر الستمرار المرفؽ العاـ مف خالؿ وجود نصوص صريحة‪.‬‬
‫ج‪ -‬تنظيم حماية أموال المرفق العمومي المحمي‪:‬‬
‫األصؿ أف القانوف أجاز الحجز لمدائف كإجراء تحفظي قبؿ البث في النزاع الستخالص الديف مف‬
‫المديف أما االستثناء أنو ال يجوز الحجز عمى أمواؿ المرفؽ العمومي المحمي‪ ،‬وفاء لما يتقرر لمغير مف‬
‫ديوف في مواجيتيا‪ ،1‬مما قد يتسبب مف جراء ذلؾ في تعطؿ تقديـ الخدمات العامة‪ ،‬وضمانا لمسير‬
‫المنتظـ لممرفؽ العمومي المحمي فقد أحاطيا المشرع باإلجراءات الخاصة‪ ،‬وىي حماية ألمالؾ واألمواؿ‬
‫العمومية‪.‬‬
‫فقد نص المشرع الجزائري في القانوف المدني عمى عدـ جوازية التصرؼ في أمواؿ الدولة أو‬
‫حجزىا‪ ،2‬معتب ار كؿ أمواؿ الدولة حسب ما جاء في المادة ‪ 133‬كؿ العقارات والمنقوالت التي تخصص‬
‫بالفعؿ أو بمقتضى نص قانوني لمصمحة عامة‪ ،‬أو إلدارة أو مؤسسة عمومية أو ىيئة ليا طابع إداري‬
‫وبالتالي أمواؿ وأمالؾ المرافؽ العامة المحمية تندرج ضمف أمواؿ الدولة‪ ،‬إضافة إلى ذلؾ فقد أضفى‬
‫المشرع الجزائري عمييا الحماية الجنائية ونظميا ضمف القانوف الجنائي‪ ،‬وذلؾ بعدـ مساس ممتمكات‬
‫المرافؽ العامة‪ ،‬ألف ىذه األخيرة تعود بالنفع العاـ‪.‬‬
‫وعمى نفس المنواؿ في تونس‪ ،‬فإنو ال يجوز اجراء أي حجز ولو كانت بمقتضى أحكاـ أو بطاقات‬
‫تنفيذية عمى السندات والقيـ والمكاسب المنقولة وغير المنقولة بدوف أي استثناء األمواؿ التي تممكيا الدولة‬
‫أو المؤسسات العمومية أو الجماعات العمومية المحمية‪ ،‬وكؿ ما يقع مف حجز وأعماؿ تنفيذية وغيرىا‬
‫خالفا لألحكاـ المقررة أعاله يعتبر باطال بطالنا مطمقا‪.‬‬
‫إذف ال يعقؿ اجراء الحجز عمى األمواؿ العامة مما قد يتسبب في وقؼ نشاط المرفؽ العمومي المحمي‬
‫ويترتب عنو ضرر لممستخدميف‪ ،‬كذلؾ يعتبر المساس بممتمكات المرفؽ العمومي المحمي مساس بالماؿ‬

‫عمى كحموف‪ ،‬قانوف التأمينات واستخالص الديوف الخاصة والعامة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات مجمع األطرش لمكتاب المختص‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫تونس‪ ،5100 ،‬ص‪.33‬‬


‫أنظر المادة ‪ 134‬مف األمر رقـ ‪ 23 -22‬المؤرخ في ‪ 51‬سبتمبر سنة ‪ 0422‬المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ بمقتضى‬ ‫‪2‬‬

‫األمري ػػف رقـ ‪ 035 -12‬ورقػ ػ ػ ػ ػػـ ‪ 29 -21‬المؤرخيف في ‪ 01‬جويمية سنة ‪ 0412‬و‪ 50‬جويمية سنة ‪.0421‬‬
‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫العاـ وليذا فقد جرـ المشرع ذلؾ كحماية جزائية عمى ممتمكات المرافؽ العامة المحمية‪ ،‬كؿ ىذا حفاظا‬
‫عمى استم اررية سيره‪.‬‬
‫‪ -2‬التدابير القضائية‪:‬‬
‫باإلضافة لألحكاـ التشريعية التي تصبو إلى ضماف سير المرفؽ العمومي المحمي بكيفية مستمرة‬
‫ودائمة دوف انقطاع‪ ،‬كاف لمقضاء اإلداري مكانة ال يستياف بيا في الحفاظ عمى استمرار نشاط المرفؽ‬
‫العمومي المحمي‪ ،‬حيث تـ اتخاذ تدابير قضائية مف خالؿ صياغة مبادئ تتالءـ وتتطور مع الظروؼ‬
‫دوف تقيده بنصوص تشريعية‪ ،‬حرصا منو عمى تحقيؽ المصمحة العامة ومف بيف ىذه المسائؿ المتعمقة‬
‫بالمرفؽ العاـ المحمي ما يمي‪5‬‬
‫أ‪ -‬نظرية الظروف الطارئة‪:‬‬
‫إذا كاف القانوف االداري ينظـ عالقات األفراد مع أشخاص القانوف العاـ ومف بينيـ المرافؽ العامة التي‬
‫قد تحدثيا الجماعات المحمية‪ ،‬فإف نشأة القانوف االداري تكمف في القضاء الذي يخمؽ حموؿ ونظريات في‬
‫حاؿ وقوع حوادث استثنائية عامة غير متوقعة تصيب الروابط القانونية الناشئة عف األفراد واالدارة في‬
‫تسيير مرافقيا العامة‪ ،‬وبيذا أحدثت نظرية الظروؼ الطارئة التي أخذ بيا القضاء الفرنسي وطبقيا أثناء‬
‫الحرب العالمية األولى‪ ،‬وتسببت بتغيرات االقتصادية‪ 1‬كاف ليا أثر بالغا في تنفيذ عقود المبرمة مف طرؼ‬
‫الم ارفؽ العامة‪.‬‬
‫كرس المشرع الجزائري قاعدة العقد شريعة المتعاقديف في المادة ‪ 011‬مف القانوف المدني‪ ،‬إال أنو لـ‬
‫يكتفى فقط بالمفيوـ التقميدي لمعقد الذي يأخذ فقط اتفاؽ ارادتي األطراؼ المتعاقدة بؿ أضاؼ لذلؾ تالئـ‬
‫وتناسب حقوؽ والتزامات المتعاقديف في حالة وجود اختالالت استثنائية منيا مثال اقتصادية أو اجتماعية‬
‫أو غيرىا تأثر في العالقات العقدية‪ .‬ولمحفاظ عمى ىذه العالقة وضماف بقاء واستمرار النشاط‪ ،‬فقد مكف‬
‫المشرع القاضي باآلليات الضرورية لمعالجة ىذه االختالالت التي تصيب العقد ضمف المادة ‪ 012‬مف‬
‫القانوف المدني الجزائري‪ ،‬كما ينظر القاضي في النزاعات التي تط أر عمى تنفيذ صفقة عمومية أو‬
‫تفويضات المرفؽ العاـ بعد استنفاذ اجراءات التسوية الودية‪.‬‬
‫أما المشرع التونسي فمـ يضع قاعدة عامة مف شأنيا إفساح المجاؿ لمقاضي في األخذ بنظرية الظروؼ‬
‫الطارئة ويعود سبب ذلؾ حسب رأي البعض إلى عدة أسباب نمخصيا في سببيف‪ ،‬أوليما الدفاع عف مبدأ‬

‫دليمة جاليمة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫سمطاف االرادة وكأف بيف النظريتيف تنافر إذا تـ األخذ بإحداىا ما يؤذي الى نفي األخرى‪ ،‬وثانييا سببو‬
‫المعطي االقتصادي خشية مف انييار االقتصاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظرية الموظف الفعمي‪:‬‬
‫استقر فقو القضاء عمى نظرية الموظؼ الفعمي لتحقؽ مبدأ دواـ سير المرافؽ العامة المحمية‪ ،‬سعيا منو‬
‫لمحفاظ عمى تقديـ الخدمات العمومية بانتظاـ واطراد‪ ،‬بالرغـ مف أف الموظؼ الفعمي ال يعتبر موظفا عاما‬
‫كوف تعييف ىذا األخير كاف بقرار غير سميـ‪ ،‬أو لـ يتـ صدور قرار تعيينو ولكنو يشتغؿ بصفة دائمة‬
‫لمنصب مرفؽ عمومي محمي‪ ،‬إال أف اآلثار القانونية المترتبة عف تصرفات الموظؼ الفعمي تبقى سميمة‬
‫بالرغـ مف أنيا غير مشروعة مف الناحية القانونية ألنو لـ يعيف بأداة قانونية‪.‬‬
‫بالنسبة لنظرية الموظؼ الفعمي في القانوف الجزائري‪ ،‬لـ يتطرؽ ليا المشرع الجزائري عند تعداد‬
‫األشخاص الذيف ليـ صفة الموظؼ عند ارتكابيـ جرائـ الفساد االداري‪ ،‬وىذا في مادة الوقاية مف الفساد‬
‫ومكافحتو‪ ،‬إال أنو يمكف متابعة الموظؼ الفعمي عند ارتكابو إحدى جرائـ الفساد االداري‪ ،‬بالرجوع إلى‬
‫المادة ‪ 5‬مف القانوف رقـ ‪ 10-11‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو استعمؿ المشرع عبارة "يشتغؿ"‬
‫ولـ يعتمد عمى عبارة "عيف" أو "انتخب" وبالتالي يندرج ىذا ضمف الموظؼ الفعمي‪ ،‬عمى غرار ذلؾ في‬
‫تونس‪ ،‬الذي لـ تتضمف نصوصو التشريعية مفيوـ الموظؼ الفعمي‪ ،‬إال أنو نالحظ أف المشرع التونسي‬
‫أعطى تعريؼ واسع وشامؿ لمموظؼ العمومي وىو ما جاء في الفصؿ ‪ 35‬مف المجمة الج ازئية التونسية‪،‬‬
‫مف خاللو تندرج نظرية الموظؼ الفعمي‪ ،‬حيطة مف المشرع الجزائي حتى ال يفمت كؿ مف ارتكب جريمة‬
‫مف العقاب ويتدرع بعذر القانوف تحت طائمة عدـ اكتسابو صفة الموظؼ لحؿ إجراءات التعييف أو بطالف‬
‫القرار‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبدأ المساواة أمام المرفق العمومي المحمي‬
‫إف مبدأ المساواة أماـ المرفؽ العمومي المحمي ما ىو إال تطبيؽ لمبدأ مساواة األفراد أماـ القانوف الذي‬
‫حرصت معظـ األمـ والشعوب عمى تكريسو وخاصة بعد االعالف العالمي الحقوؽ اإلنساف لسنة ‪،0234‬‬
‫كما كرستو معظـ الدساتير الديمقراطية الحديثة‪ ،‬فأصبح حؽ دستوري تـ تضمينو في جميع الدساتير‬
‫الجزائرية المتعاقبة حتى آخر دستور‪.1‬‬

‫المادة ‪ 95‬مف دستور ‪ 0441‬المعدؿ بدستور ‪" 5101‬كؿ المواطنيف سواسية أماـ القانوف‪ .‬وال يمكف أف يتذرع بأي تمييز يعود سببو‬ ‫‪1‬‬

‫إلى المولد‪ ،‬أو العرؽ أو الجنس أو الرأي‪ ،‬أو أي شرط أو ظرؼ آخر‪ ،‬شخصي أو اجتماعي"‪.‬‬
‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫وكذلؾ األمر بالنسبة لتونس‪ ،1‬وفي ىذا السياؽ تجدر اإلشارة أف المؤسس الدستوري التونسي كذلؾ‬
‫حرص عمى أف تعمؿ االدارة العمومية وفؽ مبدأ المساواة أماـ المرفؽ العاـ أثناء تقديميا الخدمات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫كما يقصد بو ضرورة التزاـ السمطة المفوضة بضماف المساواة بيف مختمؼ المتعيديف والمترشحيف دوف‬
‫تمييز طرؼ عمى طرؼ آخر‪ ،‬أو منح امتيازات لطرؼ عمى حساب طرؼ آخر‪ ،‬أو وضع عقبات أو‬
‫‪2‬‬
‫عراقيؿ في مواجية مترشح عمى حساب مترشح آخر ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫فكاف لمبدأ المساواة أماـ المرافؽ العامة تطبيقاتو التي تقع عمى مستخدمي المرافؽ العامة المحمية‬
‫وعمى أعوانيا المكمفيف بإدارتيا‪5‬‬
‫‪ -1‬مبدأ المساواة بين مستخدمي المرافق العمومية المحمية‪:‬‬
‫مساواة مستخدمي المرافؽ العمومية المحمية في تحمؿ األعباء أو االنتفاع مف خدمات المرفؽ‪ ،‬يعتبر‬
‫أحد أىـ المبادئ األساسية التي تحكـ جميع المرافؽ العامة المحمية ميما كاف نوع نشاطيا التي تمارسو‪،‬‬
‫وأي كاف شكؿ أو أسموب إدارتيا‪ ،‬يستوجب مبدأ المساواة بيف مستخدميف عدـ تميز أو تفضيؿ بينيـ عمى‬
‫أساس اختالؼ الجنس أو العرؽ أو الديف أو المغة وغيرىا‪ ،‬والغرض مف ذلؾ حفاظ الموظؼ العاـ عمى‬
‫واجباتو الوظيفة وأخالقياتو المينية في معاممتو لألفراد‪ ،‬وعميو أف ال يفاضؿ بيف األشخاص في مجاؿ‬
‫انتفاعيـ مف خدمات المرفؽ وكذا تقديـ الخدمات المرفقية لمصالح العاـ بنزاىة وحياد بما يتماشى مع‬
‫سيرورة الدولة‪ ،‬ومؤذي ىذا القوؿ يعني أنيا ليست مساواة مطمقة‪ ،‬فقد تفرض بعض المرافؽ شروط أو‬
‫إجراءات معينة عمى بعض المنتفعيف لتقديـ الخدمات وىو ما قد تطبقو بعض المرافؽ ذات الصبغة‬
‫التجارية والصناعية فيما يخض الرسوـ أو الضرائب‪ ،3‬الميـ أف يتـ تنظيـ ذلؾ وفؽ قوانيف أو تنظيمات‪.‬‬
‫وفي ىذا الخصوص وحماية لحقوؽ وحريات المواطف في مواجية المرافؽ االدارية فقد أحاطيا التنظيـ‬
‫االداري بتونس بآليات لخدمة الصالح العاـ‪ ،‬في اطار برامج اإلصالح اإلداري وتحسيف خدمات المرفؽ‬
‫العمومي واعطاء المواطف حقو في ممارسة الديمقراطية‪ ،‬مف خالؿ بعث مؤسسة الموفؽ االداري كما تـ‬

‫الفصؿ ‪ 50‬مف الدستور التونسي لسنة ‪" 5102‬المواطنوف والمواطنات متساووف في الحقوؽ والواجبات‪ ،‬وىـ سواء أماـ القانوف مف‬ ‫‪1‬‬

‫غير تمييز‪."...‬‬
‫السعيد سميماني‪ ،‬التسوية الودية لنزاعات تفويض المرفؽ العمومي المحمي‪ ،‬مجمة أبحاث قانونية وسياسية‪ ،‬جامعة جيجؿ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المجمد ‪ ،1‬العدد ‪ ،5150 ،0‬ص‪.052‬‬


‫عبد المطيؼ قطيش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫تدعيـ ىذه المؤسسة مف خالؿ المركزية مؤسسة الموفؽ االداري بمقتضى األمر لسنة ‪ .15111‬ولخص‬
‫دورىا باالرتقاء بتحسيف جودة الخدمات االدارية والسعي لتقريب االدارة مف المواطف‪.2‬‬
‫‪ -2‬مبدأ المساواة بين أعوان المرفق العمومي المحمي‪:‬‬
‫مف الضروري المساواة بيف أعواف المرافؽ العمومية المحمية سواء عند االلتحاؽ كمترشحيف لوظائؼ‬
‫عامة أو خالؿ مسارىـ الميني‪ ،‬فال يجوز لمقائميف عمى المرفؽ التمييز بيف األعواف عمى أساس الجنس‬
‫أو الموف أو الديف أو العقيدة أو ألي سبب ال يستند لمعايير قانونية أو موضوعية محددة ضمف القانوف أو‬
‫التنظيـ‪.‬‬
‫تعتبر المساواة بيف أعواف المرفؽ مبدأ دستوري‪ ،‬فقد أكد الدستور الجزائري عمى ضرورة المساواة بيف‬
‫جم يع المواطنيف في تقمد الوظائؼ في الدولة دوف أي شروط أخرى غير الشروط التي حددىا القانوف‪،‬‬
‫ويحمؿ ىذا المبدأ منزلة في التشريع الجزائري يبرز في االحكاـ القانونية المتعمقة بالوظيفة العمومية‬
‫ليفصؿ أكثر في ىذه القاعدة بعدـ جواز التمييز بيف الموظفيف بسبب آرائيـ أو جنسيتيـ أو أصميـ أو‬
‫بسب أي ظرؼ مف ظروفيـ الشخصية أو االجتماعية‪.‬‬
‫كما ينبثؽ مبدأ المساواة بيف األعواف ضمف ما جاء بو الفصؿ ‪ 50‬مف الدستور التونسي الذي يقضي‬
‫بالمساواة أماـ القانوف بيف جميع المواطنيف والمواطنات مف غير تمييز‪ ،‬عمى أف تتولى الدولة التدابير‬
‫الالزمة لضمانو عمى أساس الكفاءة واالنصاؼ‪.‬‬
‫وفي ىذا الخصوص‪ ،‬نمفت النظر لمسألة تعزيز مكانة المرأة وعدـ التفرقة بيف الجنسيف‪ ،‬فقد أكد‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري ضرورة ضماف الدولة تكافؤ الفرص بيف المرأة والرجؿ في تحمؿ مختمؼ‬
‫المسؤوليات وفي جميع المجاالت‪ ،‬والجديد الذي جاء بو التعديؿ الدستوري لسنة ‪ ،5151‬أف تعمؿ الدولة‬
‫عمى تشجيع ترقية المرأة في مناصب المسؤولية بالييئات االدارية‪ 3‬والتناصؼ في تولي المناصب‪ ،‬وىذا ما‬
‫نجده في النصوص القانونية التي ال تميز بيف الجنسيف في عدة مسائؿ منيا تنظيـ أحكاـ الشيادة وخاصة‬
‫منيا بالعقود الحالة المدنية‪ ،‬وتولييا وظائؼ منيا القضاء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبدأ قابمية التكيف المرفق العمومي المحمي‬

‫بمقتضى األمر عدد ‪ 5029‬لسنة ‪ 0445‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪ 0445‬يتعمؽ بإحداث خطة الموفؽ اإلداري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫البشير السعيد‪ ،‬مقاربة استشرافية لحقوؽ االنساف والحريات األساسية في تونس‪ ،‬طبعة جديدة محينة‪ ،‬دار أرشيؼ االسالـ‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،5114‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة ‪ 91‬دستور ‪.5101‬‬
‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫نشأة ىذا المبدأ يعود لمقضاء االداري والذي ساىـ في ابراز نظريات منيا متعمقة بالتعديؿ في العقود‬
‫مف قبؿ االدارة‪ ،‬وكذلؾ فيما يخص أعواف المرافؽ العمومية‪ ،‬كؿ ذلؾ لضماف حسف سير المرفؽ‬
‫العمومي‪ ،‬فيذا التكيؼ يعود بشكؿ أساسي لإلدارة التي ليا سمطة تقديرية في اعتماد األساليب التي تراىا‬
‫تتماشى أكثر مع المنفعة العامة لممرفؽ فميا ذلؾ الميـ أف ال تتعارض وطبيعة ونشاط المرفؽ‪.‬‬
‫يقصد بمبدأ قابمية المرفؽ العاـ لتكيؼ دائـ ومستمر‪ ،‬مسايرة التحوالت التي قد يفرضيا النظاـ السياسي‬
‫لمدولة‪ ،‬أو التطورات الحاصمة والمستحدثة عمميا وتكنولوجيا مما يؤدي إلى إدراج آليات وطرؽ لتحسيف‬
‫تقديـ الخدمات العامة وتحقيؽ المصمحة العامة مما يتطمب تعديؿ القوانيف والتنظيمات المتعمقة بالمرفؽ‬
‫العاـ‪.‬‬
‫في ىذا االطار‪ ،‬ال يمكف لألعواف ومستخدمي المرفؽ العاـ االعتراض عمى التعديالت الجديدة التي‬
‫تط أر عمى أحكاـ القوانيف أو التنظيمات التي قد يترتب عنيا تغير في المراكز القانونية التي يوجد بيا‬
‫العوف أو مستخدمي المرفؽ‪ .‬كما يخوؿ القانوف لمسمطة محدثة المرفؽ العمومي المحمي امكانية إلغائو إف‬
‫لـ ترى ضرورة لوجوده وفؽ اجراءات محددة‪.‬‬
‫باعتبار أف المرفؽ العمومي المحمي أداة فاعمة والزمة لممصالح العامة‪ ،‬يرتبط بشكؿ مباشر وطبيعة‬
‫النظاـ السياسي والتنظيـ االداري‪ ،‬كما أنو أرضية خصبة لمتحوالت والتوجيات المحدثة‪ ،‬ومنيا الديمقراطية‬
‫والحك ـ الراشد‪ ،‬فيذه المفاىيـ ال تكاد أف تنفصؿ عف بعضيا‪ ،‬حيث ال يمكف أف نتحدث عف قاعدة قابمية‬
‫التكيؼ واليدؼ منيا ازدىار الخدمة العمومية لتعود بالنفع لمعامة دوف المرور بمقتضيات الديمقراطية‬
‫والحكـ الراشد‪.‬‬
‫ففي ظؿ ىذه التحوالت السياسية لبناء دولة القانوف قائمة عمى مؤسسات عامة سواء كاف بإرادة سياسية‬
‫مف النخبة الحاكمة أو مف جراء عوامؿ خارجية وضغوطات منيا المنظمات الدولية والتطورات الحاصمة‬
‫في مجاؿ التكنولوجيا واالعالـ‪ ،‬كاف الزما ادراج االصالح االداري ضمف اصالحات اقتصادية وسياسية‬
‫وغيرىا‪ ،1‬فيذه اصالحات االدارية ىي ضرورة لمتكيؼ مع التحوؿ الديمقراطي واالتجاه الحديث لإلدارة‬
‫العمومية الذي يتـ فيو التخمي عف تركيز العمؿ وتحديد سمطات وفؽ القوانيف واألنظمة الثابتة بمعزؿ عف‬
‫البيئة المحيطة بيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Fatma ELLAFI, «Mutabilité et Démocratie» ,Démocratie et Administration, Actes du colloque‬‬
‫‪organisé à Tunis les 10 et 11 octobre 2011, Collection Forum des juristes Nº15, Editions Latrach,‬‬
‫‪Tunis 2014, p63.‬‬
‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫ويتضح لنا جميا وجود نصوص تشريعية تصبو نحو مبدأ القابمية لتكيؼ المرفؽ العمومي المحمي في‬
‫كؿ مف الجزائر وتونس‪ ،‬بدرجات متفاوتة إال أف تطبيؽ ىذا المبدأ يقابمو معوقات تحوؿ دوف مواكبة‬
‫التحوالت والتطورات الراىنة‪ ،‬برغـ مف أىمية ىذا المبدأ كونو امتداد لمواصمة تعزيز مبادئ الحوكمة‬
‫الرشيدة بصفة عامة‪.‬‬
‫لقد بات مف الضروري مالئمة ىذا المبدأ والتحوالت الحديثة أو كمما دعت الضرورة لذلؾ بتييئة بيئة‬
‫رطبة تتأقمـ والمتطمبات المناسبة لمتطور وجودة الخدمات العامة‪ ،‬إال أف عدـ تحقؽ ذلؾ كاف لوجود‬
‫عقبات بالرغـ مف الجيود المبذولة بالدولتيف وباألخص الجزائر‪ ،‬لكف حاؿ دوف تحقؽ ذلؾ بسبب األزمات‬
‫التي مرت بيا مف عدـ االستقرار السياسي وعدـ وجود األمف في فترة التسعينات مف القرف الماضي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تغير التوجو مف االشتراكي إلى االقتصاد الحر مف خالؿ دستور ‪ 0434‬الذي حاؿ دوف‬
‫استقرار المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫أما مف الناحية االدارية فنجد عدـ وجود آليات قانونية منفتحة عمى التكيؼ لممتغيرات بإعطاء سمطة‬
‫تقديرية أوسع لإلدارة المختصة بصفة عامة والجماعات المحمية بصفة خاصة بتمكينيا باستقاللية‬
‫التصرؼ في التدبير المحمي والتنمية المحمية مف خالؿ مرافقيا العمومية‪ ،‬فالعمؿ الدؤوب يباشر مف قاعدة‬
‫اليرـ االداري وليس مف قمتو‪ ،‬فمف الضروري وجود قنوات التواصؿ التشاور وكذا الحوار بيف مختمؼ‬
‫األطراؼ عمى المستوى المحمي لغرس الوعي واالرادة السياسية‪ 1‬تسيؿ االصالح االداري باالضطالع‬
‫عمى التجارب الناجحة الخارجية وليس فقط تطبيؽ وتقميد ىذه التجارب والمناىج االدارية دوف وجود بيئة‬
‫مالئمة لذلؾ‪.‬‬
‫عمى خالؼ ذلؾ في تونس ينتظر منيا تحقؽ نتائج إيجابية بخصوص تكيؼ المرفؽ العمومي المحمي‬
‫مع التحوالت الحاصمة ووجود ترسانة مف القوانيف والتنظيمات التي تشؽ طريقيا نحو حداثة اإلدارة‬
‫والتسيير اإلداري‪ ،‬منيا قانوف النفاذ لممعمومة وقانوف مكافحة الفساد وغيرىا مف التشريعات أف تؤمف‬
‫خدمات لألحسف لممواطنيف‪ ،‬إال أف ذلؾ يستوجب تييئة اإلدارات العمومية لتطبيؽ ىذه القوانيف‪ ،‬بإضافة‬
‫إلى وجود وعي ثقافي وتربوي مف أجؿ تحقؽ ذلؾ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المبادئ الحديثة لممرفق العمومي المحمي‬

‫خالد تمعيش‪ ،‬المرفؽ العاـ في الجزائر والتحوالت الجديدة في دور الدولة‪ 5‬أزمة الخدمة في ظؿ تحديات الحوكمة‪ ،‬الممتقى الدولي‬ ‫‪1‬‬

‫حوؿ‪ " 5‬المرفؽ العمومي في الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة قانونية وعممية "‪ ،‬جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬يومي ‪ 02‬و‪ 09‬ماي ‪ ،5102‬ص‪.022‬‬
‫‪272‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫بالنظر لممبادئ األساسية الثالث لسير المرفؽ العاـ المشار الييا سابقا – المبادئ التقميدية – والتي‬
‫ختمناىا بمبدأ ق ابمية التكيؼ‪ ،‬يوحي لنا مف خالؿ ذلؾ وجود مبادئ حديثة لتسير المرافؽ العامة المحمية‬
‫في ظؿ التحوالت والتطورات التي شيدتيا السنوات األخيرة في مجاؿ عمـ االدارة‪ ،‬فقد حدث التحوؿ مف‬
‫نظاـ االدارة المحمية القائـ عمى المجالس المحمية المنتخبة إلى نظاـ االدارة المحمية يشارؾ المجالس‬
‫المحمية المنتخبة القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في صنع القرار في ظؿ ما‬
‫ىو معروؼ بالحكـ الراشد الذي يعد أحد المرتكزات التي تقوـ عمييا‪ ،‬فال يمكف الحديث عف تسيير المرافؽ‬
‫العامة المحمية دوف المرور بمفيوـ الحكـ الراشد كإطار جديد استجابت لو العديد مف الدوؿ‪ ،‬ىذا المفيوـ‬
‫قائـ عمى عدة معايير أو مؤشرات تداولتيا الوثائؽ الدولية كالبنؾ العالمي‪ ،‬منظمة التجارة العالمية‪،‬‬
‫الصندوؽ الدولي متمثمة في المساءلة‪ ،‬الشفافية‪ ،‬دولة القانوف‪ ،‬السموؾ األخالقي وغير ذلؾ‪.‬‬
‫ومف خالؿ ما تقدـ‪ ،‬نحاوؿ ابراز أىـ مبادئ الحوكة الرشيدة في تسيير المرافؽ العمومية المحمية والتي‬
‫نظمتيا التشريعات الجزائرية والتونسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المبادئ األساسية لحوكمة المرفق العمومي المحمي‬
‫إضافة لما تـ تناولو سابقا مف المبادئ األساسية لسير المرافؽ العمومية‪ ،‬ولضماف تقديـ خدمات‬
‫عمومية أفضؿ مع األخذ بعيف االعتبار طموحات ورغبات المواطنيف لتعزيز الصالح العاـ‪ ،‬البد مف توفر‬
‫جممة مف الشروط األساسية إلرساء التنمية المحمية وىي عبارة عف قواعد ومبادئ إلدارة رشيدة لممرافؽ‬
‫العمومية المحمية‪.‬‬
‫فالمتتبع ألحكاـ الدستور الجزائري والتونسي يالحظ في ثناياىما أىـ مبادئ الحوكمة الرشيدة مف‬
‫الحياد‪ ،‬الشفافية‪ ،‬النزاىة‪ ،‬النجاعة‪ ،‬المساءلة‪ ،‬سيادة القانوف‪ ،‬المشاركة‪ ،‬مكافحة الفساد‪ ،...‬إال أنو بطبيعة‬
‫الحاؿ ىنالؾ تفاوت بينيما في كيفية تنظيميا ومعالجتيا وكذا الضمانات الكفيمة لمحفاظ عمى ىذه المبادئ‬
‫الدستورية باختالؼ الجيات التي اصدرتيا والبيئة السياسية التابعة ليا‪ ،‬حتى تصؿ في بعض منيا إلى‬
‫افراغيا مف محتواىا‪.‬‬
‫يحوي الدستور الجزائري في طياتو مبادئ الحوكمة الرشيدة بالرغـ مف عدـ النص صراحة عمييا‪ ،‬فقد‬
‫أشار لمشاركة المواطنيف في اختيار مؤسسات الغاية مف نشاطيا تحقيؽ العدالة االجتماعية والقضاء عمى‬
‫التفاوت الجيوي في مجاؿ التنمية‪ ،‬وىو ما جاء بو التعديؿ الدستوري لسنة ‪ ،15101‬وىو ما يندرج ضمف‬
‫مبدأ العدؿ واالنصاؼ لجميع فئات المجتمع لخمؽ فرص تحسيف أوضاعيـ االجتماعية‪.‬‬

‫المادة ‪ 4‬مػف دستػور الج ازئػر لسنػة ‪ ،0441‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 21‬مؤرخة في ‪ 13‬ديسمبر‪ 0441‬المعػدؿ‬ ‫‪1‬‬

‫بالقانػ ػػوف رقـ ‪ 19-15‬المػؤرخ فػػي ‪ 01‬أفريػػؿ ‪ 5115‬جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 52‬مؤرخة في ‪ 02‬أفريؿ ‪5115‬‬
‫‪278‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫كما أكد المؤسس الدستوري عمى قاعدة مساواة المواطنيف أماـ القانوف حماية لمحقوؽ والحريات العامة‪،‬‬
‫وأوجب عمى المرفؽ العمومي المحمي تقديـ الخدمات العمومية لممواطنيف دوف انحياز أو تميز‪ ،1‬بسبب‬
‫التوجيات السياسية أو العتبارات حزبية أو عرقية‪ ،‬فيجب تقيد المرافؽ العامة المحمية بالواجب الخدماتي‬
‫والسعي لضماف الكفاءة والنزاىة والحياد لمتأكيد عمى دولة القانوف والمؤسسات القائمة عمى قواعد الحكامة‪.‬‬
‫إضافة ليذه القواعد التي ارتقى بيا الدستور الجزائري وخاصة بعد تعديؿ سنة ‪ ،5151‬إدراج قاعدة‬
‫الشفافية بتمكيف المواطف مف الحصوؿ عمى المعمومات والوثائؽ واإلحصائيات حفاظا عمى مصالحيـ‪،‬‬
‫واتخاذىـ الق اررات المناسبة في الزمف المناسب‪ ،‬فتفعيؿ ىذا المبدأ سيساىـ المحالة في مبدأ مساءلة‬
‫األجيزة المحمية والمرفقية وكذا األجيزة المركزية والييئات األخرى مف خالؿ المعمومات المتاحة حوؿ‬
‫القوانيف ووضوح االجراءات وتفحص النتائج مما يستوجب المعنييف باتباع االجراءات المناسبة سواء عمى‬
‫المستوى االداري أو القضائي لممحاسبة‪ ،‬إذ يعد ذلؾ تدشيف لمرحمة جديدة لتدبير الشأف العاـ المحمي‪،2‬‬
‫لكف قيد ىذا الحؽ بعدـ المساس بالحياة الخاصة بالغير والمصالح المشروعة لممؤسسات وبمقتضيات‬
‫األمف الوطني ليتـ تنظيـ ذلؾ وفؽ قانوف‪.3‬‬
‫حوؿ ىذا الموضوع يتعيف أيضا عمينا اإلشارة أف المساعي حوؿ االصالحات الدستورية سيما المتعمقة‬
‫بمؤشرات الحكـ الراشد ىي في الحقيقة تبدو محمسة لحد ما لتوفير الحد األدنى مف مبادئ االدارة الرشيدة‪،‬‬
‫إال أنو يبدو أف ىذه االصالحات ماىي إال استجابة لتحوالت دولية وضغوطات داخمية لقطيعة متغمغمة‬
‫بيف الدولة واألفراد لعدـ وجود الثقة بينيما فكاف لزما مقاربة الدولة لممجتمع وخاصة في ظؿ الحراؾ‬
‫السياسي الذي عرفتو الدوؿ المجاورة‪ ،‬فيي اصالحات ليست نابعة مف صناعة سياسية لمسمطة الحاكمة‬
‫بالجزائر ألنيا غير مكتممة النعداـ آليات وسبؿ تحقؽ مبادئ الحوكمة الرشيدة عمى مستوى األجيزة‬
‫واإلدارات وخاصة المرافؽ العمومية ومنيا المحمية‪ ،‬وخير مثاؿ عمى ذلؾ لمبدأ مكافحة الفساد فقد كانت‬
‫الجزائر سباقة في توقيع االتفاقية سنة ‪ 5112‬وىي سنة بعد توقيعيا‪ ،‬وتـ تنظيـ قانوف الوقاية مف الفساد‬
‫ومكافحتو رقـ ‪ 10-11‬لسنة ‪ ،5111‬بالرغـ مف ذلؾ نالحظ استفحاؿ ظاىرة الفساد االداري‪ ،‬فالبد مف‬
‫إعادة النظر في سبؿ وآليات مكافحة الفساد‪.‬‬

‫والقانوف ‪ 04-13‬المؤرخ في ‪ 02‬نوفمبر ‪ 5113‬جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 19‬مؤرخة في ‪ 01‬نوفمبر ‪ ،5113‬المعدؿ‬
‫بالقانوف رقـ ‪ 10-01‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس‪ ،5101‬جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 02‬مؤرخة في ‪ 12‬مارس ‪.5101‬‬
‫المادة ‪ 52‬مف دستور ‪ 0441‬المعدؿ في ‪.5101‬‬ ‫‪1‬‬

‫خالد تمعيش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.023‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المادة ‪ 20‬مف دستور ‪ 0441‬المعدؿ في ‪.5101‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪277‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫في مقابؿ ذلؾ‪ ،‬تسعى تونس لمواصمة مسار البناء الديمقراطي كدولة قانوف قائمة عمى المؤسسات‪،‬‬
‫وبعد التصفح في دستور سنة ‪ ،5102‬والتمعف في أحكامو التي تتعمؽ باإلدارة ونشاطيا االداري اليومي‬
‫لممرفؽ العاـ‪ ،‬بدا واضحا أف السمطة التأسيسية التونسية تبنت التوجو الحديث لمفيوـ الحكـ الراشد‪ ،‬كخطوة‬
‫نحو عولمة القيـ السياسية واالقتصادية مف أجؿ تطوير شروط نمط الحياة لممجتمعات في مختمؼ النواحي‬
‫مع ترسيخ وعي ثقافة حقوؽ االنساف بيف المواطنيف وضرورة إدراكو بوجود تكامؿ بيف مؤسسات الدولة‬
‫وتطويرىا بناء عمى قيـ وممارسات تكتمؿ بمبادئ اقتساـ السمطة والتداوؿ عمييا ومشاركة مؤسسات‬
‫المجتمع المدني‪.‬‬
‫ىذه المساعي المطروحة ىي مف جممة المطالب الشعبية بعد ثورة ‪ ،5100‬وليذا تكفؿ الدولة ضماف‬
‫مبادئ وقواعد الحوكمة الرشيدة في تسيير المرافؽ العمومية المحمية كالحياد والنزاىة والنجاعة والمساءلة‬
‫والشفافية‪ ،‬وارساء ليذه القاعدة األخيرة كرس الدستور حؽ المواطف في النفاذ إلى المعمومة‪ ،1‬وحماية ليذه‬
‫المكاسب والمبادئ الدس تورية‪ ،‬أحطتيا السمطة التأسيسية بييئات دستورية مستقمة‪ ،‬يبدوا واضح عزميا في‬
‫مواصمة مسيرة دعـ الديمقراطية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنظيم مبادئ حوكمة المرفق العمومي المحمي‬
‫تدعيما لمبادئ الحوكمة الرشيدة عمى المستوى المحمي وسير مرافقيا العمومية‪ ،‬تـ تحديث المنظومة‬
‫القانونية الج ازئرية والتونسية تماشيا مع مقتضيات االتفاقيات الدولية التي جاءت بمبادئ أساسية لمحوكمة‪،‬‬
‫بالرغـ مف محاوالت سابقة ومتعددة لإلصالح االداري‪ ،‬وىذه المحاوالت المتكررة نتيجة عدة أسباب منيا‬
‫تغير التوجيات والمناىج واألىداؼ المرجوة مف اإلصالح والتأكيد عمى اليدؼ الرئيسي وىو زيادة فعالية‬
‫وكفاءة اإلدارة العمومية‪ ،‬إال أف ىذا لـ يكف كافي لمواجية المشاكؿ التي تقبع المرافؽ العمومية المحمية‪،‬‬
‫كما أف الجماعات المحمية المحدثة ليا لـ تكف تتمتع باالستقاللية الكافية لمتصرؼ في مصالحيا‪،‬‬
‫ولمتصدي ليذا كاف البد اختيار الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وىذا األسموب يعد أكثر مثالية حاليا‬
‫العتماده عمى مشاركة منتفعي خدمات المرفؽ العمومي المحمي في رسـ االستراتيجيات وتنفيذ وتقييـ‬
‫ومراقبة العممية اإلدارية لتحسيف تقديـ الخدمات أكثر فعالية وكفاءة عمى المستوى المحمي‪ ،‬كما يعد‬
‫األسموب كفيؿ بتوفير الحياة الكريمة لألفراد بضماف حقوؽ اإلنساف وتطبيؽ مبادئ العدالة واإلنصاؼ‬
‫بينيـ وتحقيؽ التنمية المحمية والمستدامة‪ ،‬وما ىذا إال تطبيؽ لمبادئ وقيـ الديمقراطية‪.‬‬

‫الفصؿ ‪ 95‬مف دستور لسنة ‪.5102‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫وليذا اىتدى الدستور التونسي ألسموب الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد مع التنصيص عمى ىيئات‬
‫مستقمة تضمف ذلؾ‪ ،‬مقارنة بما جاء بو الدستور الجزائري بتضمينو ببعض مبادئيا بشكؿ مبعثر وغير‬
‫مكتمؿ مما يزىد مف منزلة الحوكمة ودورىا في إدارة المرافؽ العمومية‪.‬‬
‫إذ تبقى مسألة دسترة مبادئ وقيـ الحوكمة غير كافية حتى تتحقؽ النتائج المرجوة مف ىذا التكريس‬
‫البد مف صياغة محكمة لمقوانيف والتنظيمات الكفيمة بتطبيؽ وتفعيؿ الحوكمة الرشيدة في سبيؿ دعـ‬
‫مبادئيا عمى مستوى المرافؽ العمومية المحمية‪ ،‬حيث يعد ضعؼ أو غياب تنظيـ ىذه المبادئ والقواعد‬
‫الحمقة األضعؼ في تحسيف تقديـ الخدمات وتحقيؽ التنمية المحمية‪.‬‬
‫وقد صادقت الجزائر وتونس عمى ىذه االتفاقية‪ ،‬فكاف ميالد أوؿ قانوف في الجزائر كإطار منظـ‬
‫لموقاية مف الفساد ومكافحتو رقـ ‪ 10-11‬المؤرخ في ‪ 51‬فيفري ‪ ،5111‬والذي أصدر بمرسوـ رئاسي‪،‬‬
‫فرغـ ذلؾ استفحمت ظاىرة الفساد عمى مختمؼ األصعدة منيا إدارة المرفؽ العاـ المحمي والذي يعود‬
‫لضعؼ جودة ىذا القانوف المذكور أعاله‪.‬‬
‫أما في تونس وبالرغـ مف انضماميا التفاقية مكافحة الفساد والتي صادقت عمييا بصفة صورية سنة‬
‫‪ 5113‬حسب قانوف عدد ‪ 52‬لسنة ‪ ،5113‬إال أنيا لـ تأخذ القدر الكافي ليا ولـ يتـ تنظيميا‪ ،‬بخالؼ‬
‫بعض النصوص المتفرعة في القوانيف األخرى‪ ،‬مثؿ ما جاء في المجمة الجنائية ومجمة االجراءات الجزائية‬
‫وغيرىا أيف القت ىذه القضية اىتماما أو باألحرى ىي سبب مف أسباب الثورة‪ ،‬النتشار وباء الفساد الذي‬
‫أخذ أشكاؿ متعددة‪ ،‬مما تـ اصػ ػػدار المرسػػوـ اإلطػ ػػاري عػدد ‪ 051‬لسنة ‪ 5100‬المؤرخ في ‪ 02‬نوفمبر‬
‫‪ 5100‬المتعمؽ بمكافحة الفساد‪.‬‬
‫كما تـ المصادقة عمى القانوف االساسي عدد ‪ 24‬لسنة ‪ 5102‬بتاريخ ‪ 52‬أوت ‪ 5102‬متعمؽ بالييئة‬
‫الدستورية المستقمة لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وىي ىيئة مف بيف الييئات األخرى المستقمة التي‬
‫تشترؾ معيـ في جممة مف أىداؼ أىميا دعـ الديمقراطية‪ ،1‬وتصبو إلى التقميص مف تأثير الفساد عمى‬
‫المجتمع التونسي مع الشروع في تغيير بعض مف السموكيات والتصرفات بشكؿ يخمؽ أرضية مناسبة‬
‫لتضامف األفراد ضد الفساد ويكرس بنية اجتماعية وثقافية لعموية القانوف وضرورة احترامو‪ ،‬وىذا بوجود‬
‫إرادة سياسية تبعث إلى إرساء تغيير ممموس في مجاؿ الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مع تشجيعيا‬
‫لممشاركة المجتمعية الفاعمة‪.‬‬

‫الفصؿ ‪ 052‬مف دستور سنة ‪ "55102‬تعمؿ الييئات الدستورية المستقمة عمى دعـ الديمقراطية وعمة كافة مؤسسات الدولة تيسير‬ ‫‪1‬‬

‫عمميا‪."...‬‬
‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫وقد نص الفصؿ ‪ 091‬في فقرتو الثانية أف "تتولى الييئة رصد حاالت الفساد في القطاعيف العاـ‬
‫والخاص‪ ،‬والتقصي فييا‪ ،‬والتحقؽ منيا‪ ،‬واحالتيا عمى الجيات المعنية"‪ ،‬حيث لـ يحدد الدستور الجيات‬
‫التي تتولى الردع أو العقاب في حاؿ تـ رصد حالة فساد‪.‬‬
‫وذكر الفصؿ ‪ 01‬مف القانوف األساسي عدد ‪ 24‬لسنة ‪ ،5102‬بخصوص التقصي في شبيات الفساد‬
‫في إطار صالحيات الييئة‪ ،‬وفي حاؿ تـ رصد حاالت الفساد وتـ التقصي فييا والتحقؽ منيا يتـ إحالتيا‬
‫عمى الجيات اإلدارية أو القضائية ذات النظر عند االقتضاء‪.‬‬
‫بالمقارنة بيف ىيئات مكافحة الفساد في الجزائر وتونس وعمميا بناء عمى النصوص القانونية‪ ،‬يتضح‬
‫أف الييئة الوطنية لموقاية مف الفساد ومكافحتو في الجزائر قاصرة في تحقيؽ األىداؼ التي أحدثت مف‬
‫أجميا‪ ،‬فالعبرة في العمؿ الرقابي ال تكمف في وجود الييئات بؿ في مدى التغيير والقضاء عمى‬
‫االختالالت‪ ،‬باعتبارىا جياز لسمطة إدارية تتمتع باستقالؿ مالي واداري تابعة لسمطة التنفيذية توضع لدى‬
‫رئاسة الجميورية يتولى تشكيؿ أعضائيا بمرسوـ رئاسي وىو ما يعيؽ محاسبة ومساءلة كؿ أطراؼ بحرية‬
‫ودوف وجود ضمانات تكمفيا‪ ،‬وبما ال يتماشى والمعايير الدولية الصادرة عف منظمة اآلنتوساي‪ ،1‬التي‬
‫أكدت عمى مبدأ االستقاللية لمييئة الرقابية عف األجيزة موضوع الرقابة‪.‬‬
‫عمى خالؼ ذلؾ في تونس تتشكؿ ىيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مف أعضاء مستقميف‬
‫محايديف مف ذوي الكفاءة والنزاىة‪ ،‬يتـ انتخابيـ مف قبؿ مجمس نواب الشعب وتتركب الييئة مف أعضاء‬
‫بصفة قضاة ومختصيف في عدة مجاالت‪.‬‬
‫مف خالؿ األطر التشريعية يبدو أف المشرع الجزائري لـ يضع آليات قانونية كافية لمواجية ىذه‬
‫الظاىرة وىو مغاير لما جاء بو التشريع التونسي‪ ،‬ومساعي اإلدارة العميا والتي وضعت "االستراتيجية‬
‫الوطنية لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد مف ‪ " 5150 -5101‬وتطمح إلى تغيير السموكات والتصرفات‬
‫بشكؿ يخمؽ مناخا مواطنيا جماعيا مناىضا لمفساد ويعزز ذىنية تحترـ عموية القانوف وىذا بوجود إرادة‬
‫سياسية قوية وقيادة رشيدة في الوظائؼ العميا‪ ،‬باالعتماد عمى سياسات تمكف مف تبسيط وتوضيح‬
‫اإلجراءات واآلليات والنظـ متعمقة بالتصرؼ العمومي ومنح األولوية لرقمنة اإلدارة وتحديثيا وتحسيف‬
‫الخدمات العمومية مف خالؿ تظافر كافة الجيود وتحفيز وتشجيع المشاركة المجتمعية في وضع‬
‫السياسات العامة‪ ،‬وكذا التنسيؽ والتناغـ بيف مختمؼ المكونات االستراتيجية لتحقيؽ األىداؼ المرجوة‪.‬‬

‫(‪،)ISSAI‬‬ ‫والمحاسبة‬ ‫المالية‬ ‫لمرقابة‬ ‫العميا‬ ‫لألجيزة‬ ‫الدولية‬ ‫المعايير‬ ‫‪،INTOSAI‬‬ ‫اإلنتوساي‬ ‫منظمة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،http://www.intosai.orgk‬تاريخ التصفح ‪ 51‬جواف ‪.5150‬‬


‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫كذلؾ واستجابة لممطالب الشعبية التي جاءت بيا ثورة سنة ‪ ،5100‬ومواصمة لمسيرة االنتقاؿ‬
‫الديمقراطي الستكماؿ المنظومة التشريعية لمحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد‪ ،‬ونزوال ليذه الغاية كاف‬
‫إصدار القانوف األساسي عدد ‪ 01‬لسنة ‪ 5102‬المؤرخ في ‪ 2‬مارس ‪ 5102‬المتعمؽ باإلبالغ عف الفساد‬
‫وحماية المبمغيف مف االنجازات القانونية التي تأكد عمى وجود إرادة سياسية حقيقية لمتغيير في المجاؿ‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫كما يعد النفاذ لممعمومة مف أدوات الوقاية مف الفساد وأداة لشفافية إدارة المرافؽ العمومية المحمية‬
‫والتصرؼ في مواردىا ونفقاتيا‪ ،‬وبيذا الخصوص يضمف الدستور الجزائري والتونسي ممارسة حؽ النفاذ‬
‫لممعمومة لكؿ شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬وىذا ما مف شأنو تعزيز الحوكمة المفتوحة التي تمزـ الجماعات‬
‫المحمية ومصالحيا بنشر جميع الوثائؽ والمعمومات التي تخص الشأف المحمي مع توفيرىا لطالبيا‪ ،‬كما‬
‫ييدؼ ىذا اإلفصاح عف المعمومات والوثائؽ في مساىمة األطراؼ المحمية بتدبير الشأف المحمي وىو‬
‫تعزيز الديمقراطية التشاركية وتطبيؽ ليذا الحؽ الدستوري فقد تعرض المشرع الجزائري إلى ذلؾ ضمف‬
‫الباب الثالث لقانوف البمدية لسنة ‪ ،5100‬المعنوف بمشاركة المواطنيف في تسيير الشؤوف البمدية‪ ،‬أما‬
‫المشرع التونسي حرص عمى تأكيد عمى ىذا المبدأ في القانوف األساسي عدد ‪ 54‬المتعمؽ بالجماعات‬
‫المحمية‪ ،‬بأف تضمف الجماعة المحمية النفاذ إلى المعمومة وتمتزـ بنشر كؿ الوثائؽ المتعمقة بإدارة مرافقيا‪،‬‬
‫كما تمتزـ الجماعة المعنية بتحضير تقارير دورية عف سير مرافقيا وتنشر بالموقع اإللكتروني الخاص بيا‪،‬‬
‫ومكف المشرع مكونات المجتمع المدني مف متابعة وتقييـ أداء سير المرافؽ العامة المحمية‪ ،‬بتقديـ طمب‬
‫لمجماعة المحمية التابعة ليـ والتي تتولى إحداث لجنة تشمؿ أعضاء منتخبيف مف المجمس وادارييف لنفس‬
‫الغرض واعداد تقرير يرفع لمجمس الجماعة المحمية‪ .‬إضافة إلى ذلؾ يمكف لمجماعة المحمية أف تطرح‬
‫استبياف لمستخدمي أحد المرافؽ العمومية التابعة ليا حوؿ سيره أو طرؽ تصرفو بغرض تحسيف الخدمات‬
‫وتشريؾ المواطنيف عمى أف يتـ نشر نتائج االستبياف بعد دراستيا بكؿ الطرؽ المتاحة‪.1‬‬
‫وفي إطار ضماف حؽ األفراد في النفاذ إلى المعمومة واالطالع عمى نشاط المرفؽ العمومي المحمي‪،‬‬
‫تـ تنظيـ قانوف أساسي عدد ‪ 55‬لسنة ‪ ،5101‬المتعمؽ بالحؽ في النفاذ إلى المعمومة لتعزيز مبدأي‬
‫الشفافية والمساءلة في تصرفات المرافؽ العمومية بغية تحسيف جودة أدائيا ودعـ مشاركة العموـ في‬
‫وضع السياسات العامة‪ ،2‬وفي ىذا االطار تـ إحداث ىيئة النفاذ إلى المعمومة مستقمة تتولى ذلؾ‪.‬‬

‫الفصميف ‪ 21‬و‪ 23‬مف القانوف األساسي عدد ‪ 54‬سنة ‪ 5103‬مؤرخ في ‪ 4‬ماي ‪ 5103‬المتعمؽ بمجمة الجماعات المحمية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬أنظر الفصؿ األوؿ مف القانوف األساسي عدد ‪ 55‬لسنة ‪ 5101‬مؤرخ في ‪ 52‬مارس ‪ 5101‬يتعمؽ بالحؽ النفاذ إلى المعمومة‪ ،‬الرائد‬
‫الرسمي لمجميورية التونسية عدد ‪ 51‬مؤرخ في ‪ 54‬مارس ‪.5101‬‬
‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫بعد استعراض أىـ المبادئ األساسية لتسيير المرفؽ العمومي المحمي في الجزائر وتونس التي تـ‬
‫التطرؽ ليا في الدستور والقوانيف ذات الصمة بالدولتيف‪ ،‬كوف أف موقع المرافؽ العامة متجذرة في سائر‬
‫مناحي الحياة منيا السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ...‬فقد منح المرفؽ نحو "إدارة إدارية" إلى "إدارة‬
‫المواطنة" وذلؾ بإعادة النظر في عالقة المرفؽ العمومي المحمي ومستخدميو اليدؼ مف ذلؾ تسييؿ‬
‫التواصؿ واالنفتاح وادماج المواطف كشريؾ فاعؿ في عممية صنع الق اررات المحمية لالرتقاء بجودة‬
‫الخدمات واشباع الحاجيات العامة‪.‬‬
‫فيمكف أف تظير سمات التقارب في المبادئ األساسية لممرفؽ العمومي المحمي في الجزائر وتونس مف‬
‫خالؿ تشابو في التنظيـ السياسي واإلداري بيما‪ ،‬مما يضع فكرة المرفؽ العاـ أماـ مظاىر التحوالت‬
‫الجديدة منيا مفيوـ الحكامة واالنتقاؿ مف الديمقراطية التمثيمية إلى الديمقراطية التشاركية‪ ،‬لكف التبايف‬
‫الحاصؿ بيف الدولتيف ىو التنظيـ القانوني ليذه المبادئ الالمعة بصورة غير كافية يطفئ بريقيا‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫أوال‪ 5‬النصوص القانونية‬
‫‪ -‬االمر رقـ ‪ ،42 -21‬مؤرخ في ‪ 55‬نوفمبر ‪ ،0421‬يتضمف إصدار دستور الجميورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 42‬الصادر في ‪ 52‬نوفمبر ‪.0421‬‬
‫‪ -‬دستػور الج ازئػر لسنػة ‪ ،0441‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 21‬مؤرخة في ‪13‬‬
‫ديسمبر‪ 0441‬المعػدؿ بالقانػ ػػوف رقـ ‪ 19-15‬المػؤرخ فػػي ‪ 01‬أفريػػؿ ‪ 5115‬جريدة رسمية لمجميورية‬
‫الجزائرية عدد ‪ 52‬مؤرخة في ‪ 02‬أفريؿ ‪ 5115‬والقانوف ‪ 04-13‬المؤرخ في ‪ 02‬نوفمبر ‪ 5113‬جريدة‬
‫رسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 19‬مؤرخة في ‪ 01‬نوفمبر ‪ ،5113‬المعدؿ بالقانوف رقـ ‪ 10-01‬المؤرخ‬
‫في ‪ 11‬مارس‪ ،5101‬جريدة رسمية لمجميورية الجزائرية عدد ‪ 02‬مؤرخة في ‪ 12‬مارس ‪.5101‬‬
‫‪ -‬الدستور التونسي لسنة ‪5102‬‬
‫‪ -‬األمر رقـ ‪ 23 -22‬المؤرخ في ‪ 51‬سبتمبر سنة ‪ 0422‬المتضمف القانوف المدني المعدؿ والمتمـ‬
‫بمقتضى األمري ػػف رقـ ‪ 035 -12‬ورقػ ػ ػ ػ ػػـ ‪ 29 -21‬المؤرخيف في ‪ 01‬جويمية سنة ‪ 0412‬و‪ 50‬جويمية‬
‫سنة ‪.0421‬‬
‫‪ -‬القانوف عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 0411‬مؤرخ في ‪ 91‬أفريؿ ‪ 0411‬يتعمؽ بإصدار مجمة الشغؿ‪.‬‬
‫‪ -‬القانوف عدد ‪ 005‬لسنة ‪ 0439‬المؤرخ في ‪ 05‬ديسمبر ‪ 0439‬المتعمؽ بضبط النظاـ األساسي العاـ‬
‫ألعواف الدولة والجماعات العمومية المحمية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية‪.‬‬
‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫‪ -‬األمر عدد ‪ 5029‬لسنة ‪ 0445‬المؤرخ في ‪ 01‬ديسمبر ‪ 0445‬يتعمؽ بإحداث خطة الموفؽ اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬القانوف رقـ ‪ 15-41‬المؤرخ في ‪ 11‬فبراير ‪ 0441‬المتعمؽ بالوقاية مف النزاعات الجماعية في العمؿ‬
‫وتسويتيا وممارسة حؽ اإلضراب‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية‪ ،‬عدد ‪ 11‬المؤرخ في ‪ 12‬فبراير‬
‫‪.0441‬‬
‫‪ -‬األمر رقـ ‪ 19 -11‬المؤرخ في ‪ 02‬جويمية ‪ 5111‬يتضمف القانوف األساسي العاـ لموظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ ،03 -34‬المؤرخ في ‪ 53‬فيفري ‪ ،0434‬المتعمؽ بنشر نص تعديؿ الدستور‪،‬‬
‫الموافؽ عميو في استفتاء ‪ 59‬فيفري ‪ ،0434‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية‪ ،‬عدد ‪ 14‬الصادر في‬
‫‪ 10‬مارس ‪.0434‬‬
‫‪ -‬القانوف رقـ ‪ 12-05‬مؤرخ في ‪ 50‬فيفري سنة ‪ ،5105‬يتعمؽ بالوالية‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية‬
‫الجزائرية عدد ‪ 05‬الصادر في ‪ 54‬فيفري ‪.5105‬‬
‫‪ -‬المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 522-02‬المؤرخ في ‪ 01‬سبتمبر سنة ‪ 5102‬المتضمف تنظيـ الصفقات‬
‫العمومية وتفويضات المرفؽ العاـ‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية العدد ‪ 21‬مؤرخ في ‪ 51‬سبتمبر‬
‫‪.5102‬‬
‫‪ -‬القانوف األساسي عدد ‪ 55‬لسنة ‪ 5101‬مؤرخ في ‪ 52‬مارس ‪ 5101‬يتعمؽ بالحؽ النفاذ إلى المعمومة‪،‬‬
‫الرائد الرسمي لمجميورية التونسية عدد ‪ 51‬مؤرخ في ‪ 54‬مارس ‪.5101‬‬
‫‪ -‬القانوف األساسي عدد ‪ 54‬لسنة ‪ 5103‬المتعمؽ بالجماعات المحمية المؤرخ في ‪ 4‬ماي ‪ ،5103‬الرائد‬
‫الرسمي لمجميورية التونسية عدد ‪ 94‬مؤرخ في ‪ 02‬ماي ‪.5103‬‬
‫‪ -‬المرسوـ الرئاسي رقـ ‪ 225-51‬المتعمؽ بالتعديؿ الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية لمجميورية الجزائرية‬
‫العدد ‪ 35‬الصادر بتاريخ ‪ 91‬ديسمبر ‪.5151‬‬
‫ثانيا‪ 5‬الكتب‬
‫‪ -‬البشير السعيد‪ ،‬مقاربة استشرافية لحقوؽ االنساف والحريات األساسية في تونس‪ ،‬طبعة جديدة محينة‪،‬‬
‫دار أرشيؼ االسالـ‪ ،‬تونس‪.5114 ،‬‬
‫‪ -‬شاكر الساحمي‪ ،‬نزاعات الشغؿ الجماعية وطرؽ تسويتيا في قانوف الشغؿ التونسي‪ ،‬سمسمة كراسات‬
‫قانوف الشغؿ والعالقات المينية‪ ،‬تونس‪ ،‬بدوف سنة‪.‬‬
‫‪ -‬صالح الديف الشريؼ وماىر كموف‪ ،‬قانوف الوظيفة العمومية‪ ،‬الطبعة الثانية المحينة‪ ،‬مركز البحوث‬
‫والدراسات اإلدارية‪.5119 ،‬‬

‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫‪ -‬عبد المطيؼ قطيش‪ ،‬النظرية العامة لممؤسسات العامة في الفقو واالجتياد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬
‫الحمبي الحقوقية‪.5109 ،‬‬
‫‪ -‬عمى كحموف‪ ،‬قانوف التأمينات واستخالص الديوف الخاصة والعامة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات مجمع‬
‫األطرش لمكتاب المختص‪ ،‬تونس‪.5100 ،‬‬
‫‪ -‬محمد اليادي عبد اهلل‪ ،‬نزاعات الشغؿ والضماف االجتماعي تشريعا وفقيا وقضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،0‬دار‬
‫اسيامات في أدبيات المؤسسة‪ ،‬تونس‪.5114 ،‬‬
‫‪ -‬ىياـ مروة‪ ،‬القانوف اإلداري الخاص ( المرافؽ العامة الكبرى وطرؽ إدارتيا – االستمالؾ األشغاؿ‬
‫العامة – التنظيـ المدني)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.5119 ،‬‬
‫ثالثا‪ 5‬المقاالت‬
‫‪ -‬السعيد سميماني‪ ،‬التسوية الودية لنزاعات تفويض المرفؽ العمومي المحمي‪ ،‬مجمة أبحاث قانونية‬
‫وسياسية‪ ،‬جامعة جيجؿ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجمد ‪ ،1‬العدد ‪.5150 ،0‬‬
‫‪ -‬سميماف حاج عزاـ‪ ،‬دور المبادئ العاـ لممرفؽ العاـ المفوض في حماية حقوؽ المنتفعيف‪ ،‬مجمة الحقوؽ‬
‫والحريات‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد‪.5103 ،1‬‬
‫‪ -‬محمد الزيف ميالس‪ ،‬النظاـ القانوني لممرفؽ العاـ‪ ،‬مجمة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية‪،‬‬
‫المركز الجامعي تيبازة‪ ،‬المجمد ‪ ،2‬العدد ‪.5150 ،5‬‬
‫‪ -‬مصطفى العياشي‪ ،‬نظاـ المناوبة لضماف سير المرفؽ العاـ في المؤسسات الصحية‪ ،‬مجمة معالـ‬
‫لمدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬المركز الجامعي تندوؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2‬جواف ‪.5103‬‬
‫رابعا‪ 5‬أشغاؿ الممتقيات‬
‫‪ -‬خالد تمعيش‪ ،‬المرفؽ العاـ في الجزائر والتحوالت الجديدة في دور الدولة‪ 5‬أزمة الخدمة في ظؿ تحديات‬
‫الحوكمة‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ‪ " 5‬المرفؽ العمومي في الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة‬
‫قانونية وعممية "‪ ،‬جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬يومي ‪ 02‬و‪ 09‬ماي ‪،5102‬‬
‫ص‪.022‬‬
‫‪ -‬دليمة جاليمة‪ ،‬المبادئ األساسية التي تحكـ المرفؽ العاـ‪ ،‬الممتقى الدولي حوؿ‪ 5‬المرفؽ العمومي في‬
‫الجزائر ورىاناتو كأداة لخدمة المواطف – دراسة قانونية وعممية‪ ،‬جامعة الجياللي بونعامة خميس مميانة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬يومي ‪ 02‬و‪ 09‬ماي ‪.5102‬‬
‫خامسا‪ 5‬المواقع االلكترونية‬

‫‪877‬‬
‫ردمد إلكتروني‪1669-9747 :‬‬ ‫ردمد ورقي‪ 1799 - 7799 :‬المجلة األكاديمية للبحوث القانونية والسياسية‬
‫ص‪.‬ص‪. 849-981 :‬‬ ‫العدد‪ :‬االول‬ ‫المجلد‪ :‬السادس‬ ‫السنة‪1411 :‬‬

‫المبادئ األساسية التي تحكم المرفق العام المحمي في الجزائر وتونس‬

‫‪ -‬منظمة اإلنتوساي ‪ ،INTOSAI‬المعايير الدولية لألجيزة العميا لمرقابة المالية والمحاسبة (‪،)ISSAI‬‬
‫‪ ،ttp://www.intosai.orgk‬تاريخ التصفح ‪ 51‬جواف ‪.5150‬‬
‫سادسا‪ 5‬مراجع أجنبية‬
‫‪-‬‬
‫‪Lombard (M) Gilles (D), Droit administratif, 6 e édition, Dalloz, 2005.‬‬
‫‪- Fatma ELLAFI, «Mutabilité et Démocratie» ,Démocratie et Administration,‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Actes du colloque organisé à Tunis les 10 et 11 octobre 2011, Collection Forum‬‬
‫‪des juristes Nº15, Editions Latrach, Tunis 2014.‬‬

‫‪872‬‬

You might also like