You are on page 1of 22

‫مقالات قانونية‬ ‫في الواجهة‬ ‫بحوث قانونية‬

‫السياسات العمومية الترابية ورهان تحقيق اإللتقائية –‬


‫مراد أزماني‬
‫• ‪ 6‬يونيو‪3٬652 2022 ,‬‬ ‫‪admin‬‬

‫السياسات العمومية الرتابية ورهان حتقيق اإللتقائية‬


‫مراد أزماين‬

‫ابحث بسلك الدكتوراه‬

‫جامعة حممد األول‪ ،‬الكلية املتعددة التخصصات ابلناظور‬

‫السياسات العمومية‪ ،‬هي جمموع التوجهات اإلسرتاتيجية املتعلقة ابلتدبري العمومي للدولة واألجهزة التابعة هلا‪،‬‬
‫واليت أصبحت اليوم حتظى أبمهية ابلغة يف الدراسات السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية واحلقوقية‪ .‬وميكن‬
‫تعريف السياسات العمومية أيضا بكوهنا جموع القوانني والربامج واملشاريع واملخططات اليت تقدمها الدولة‬
‫بطةكبدالئ لح لالمشاكل العمومية ‪،‬وباتلالي فيه تمثل سلسلة طويلة من النشاطات والقرارا تالحكومي ةلامترا‬
‫واليت تعين أكثر من جمرد قرار‪.‬‬

‫وتعترب السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬سياسات هتدف إىل حتقيق توزيع أفضل للسكان واألنشطة فوق جمال‬
‫معني من خالل سياسات قطاعية وجمالية وترابية‪ ،‬للتخفيف من التباينات وحتقيق نوع من التوازن اجملايل‪ ،‬على‬
‫إعتبار أن الرتاب هو أحد العوامل اليت تسمح بتوجيه الفعل العمومي حيث تفتقد الدولة مركزيتها يف هذا‬
‫املستوى‪.‬‬
‫ومصطلح السياسات العمومية الرتابية يعترب حديثا نوعا ما يف املغرب‪ ،‬إذ أن الشروع يف تدعيم اإلختيار‬
‫اجلهوي كأساس للتنظيم الرتايب ابملغرب برز بشكل الفت من خالل عدة حمطات كان أبرزها نظام اجلهات‬
‫االقتصادية لسنة ‪ ،1971‬والرغبة يف إحداث جهوية ذات هياكل تشريعية وتنفيذية سنة ‪ 1984‬والتعديل‬
‫الدستوري لسنة ‪ ،1992‬مرورا بتدعيم مكانة اجلهة يف دستور ‪ ،1996‬وصدور القانون املنظم للجهات سنة‬
‫‪ ،1997‬انتهاء بدستور ‪ 2011‬الذي كرس للجهوية املتقدمة كمقاربة اسرتاتيجية يف سياسة إعداد الرتاب‬
‫الوطين‪ ،‬وصدور القوانني التنظيمية للجماعات الرتابية سنة ‪ ،2015‬وصدور امليثاق الوطين لالمتركز اإلداري‬
‫سنة ‪ ،2018‬وإصالح املراكز اجلهوية لالستثمار سنة ‪ ،2019‬كل هذه احملطات واإلصالحات قد سامهت‬
‫يف تعاظم دور النقاش العمومي حول موضوع السياسات العمومية الرتابية ومكانتها يف احلقل السياسي املغريب‪،‬‬
‫خاصة ما يتعلق منها إبشكالية إلتقائية وإندماجية السياسات العمومية الرتابية‪.‬‬

‫وتعترب اإللتقائية األمنوذج الذي يتوخى أن يشتغل فيه كل املتدخلني والفاعلني من أجل إخراج مشاريع وبرامج‬
‫تنموية مندجمة‪ ،‬شرط أن تكون مبنية على املقاربة التشاركية وسياسة القرب واملقاربة الرتابية وتثمني جمهودات‬
‫املتدخلني اجلهويني والرتابيني ودعمهم قصد بلوغ األهداف املشرتكة واملسطرة من طرفهم وخاصة هدف‬
‫التجانس والتناسق والتناغم فيما بينهم‪.‬‬

‫من خالل هذه الورقة البحثية سنحاول التطرق ألهم العوائق اليت تقف حائال أمام مطمح حتقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬على أن نبني أهم مالمح حتقيق مطمح إلتقائية السياسات من خالل ما قدمه‬
‫ميثاق الالمتركز اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل املطلبني التاليني‪.‬‬

‫املطلب األول‪:‬‬
‫واقع السياسات العمومية الرتابية يف ظل مطمح اإللتقائية‪.‬‬

‫لقد أضحى سؤال إلتقائية السياسات العمومية على املستوى الرتايب‪ ،‬من أبرز املواضيع اليت شغلت ابل‬
‫صانعي السياسات العمومية‪ ،‬وشكلت حمورا هاما ضمن اشغال املناظرة الوطنية األوىل حول اجلهوية املتقدمة‬
‫بل وال ختلوا خطب امللك يف مناسبات متعددة من إشارات واضحة لإلختالالت املسجلة على مستوى‬
‫السياسات العمومية واملقارابت املمكنة لتحقيق هذا املطلب‪ .‬ومن خالل هذا املطلب سنحاول التطرق إىل‬
‫بعض العوائق املسجلة على مستوى السياسات العمومية‪ ،‬و اليت حتول دون حتقيق أمثل ملتطلبات اإللتقاء و‬
‫املتمثلة أساسا يف هشاشة املقتضيات القانونية املؤطرة لالمركزية ( الفرع األول)‪ ،‬عالوة على وغياب البعد‬
‫اإلسرتاتيجي يف عملية صناعة وتنفيذ السياسات ( الفرع الثاين)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬هشاشة املقتضيات القانونية املؤطرة لالمركزية‪.‬‬

‫سنعاجل من خالل هذا الفرع واقع املنظومة القانونية املؤطرة لالمركزية‪ ،‬من خالل تشخيص بعض أعطاهبا‪،‬‬
‫واليت أدت لعرقلة إلتقائية السياسات العمومية على املستوى الرتايب‪ ،‬وذلك من خالل النقطتني التاليتني‪:‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعدد املقتضيات القانونية وفشل سياسة التقطيع الرتايب‪.‬‬

‫إن املتفحص للمقتضيات القانونية املؤطرة للشأن الرتايب‪ ،‬سواء املتعلقة منها ابلالمركزية أو الالمتركز يالحظ أن‬
‫من مساهتا األساسية هو تعددها وكثرهتا إذ يصعب ضبطها والعمل على تطبيقها يف ظل ضعف بل وأحياان‬
‫إنعدام املستوى التعليمي للمنتخبني إذ أن القانون التنظيمي ‪ 113.14‬قد تراجع عن إشرتاط توفر الشهادة‬
‫اإلبتدائية على األقل لتويل مهام رائسة اجمللس فضال عن عدم إهتمام األحزاب السياسية إبنتقاء نوعية‬
‫النخب‪ ،‬هذا عالوة على ضعف التكوين القانوين للموظفني العاملني ابجلماعات الرتابية مما يتولد عنه عدم‬
‫الفهم الصحيح للقواعد القانونية اليت تتصف ابلعمومية والشمولية مما يرتتب عنه تداخل اإلختصاصات بني‬
‫جل الفاعلني ‪ ،‬حيث أنه على الرغم من تنصيص القوانني التنظيمية اخلاصة ابجلماعات الرتابية بتالوينها‬
‫الثالث على مبدأ التفريع إال أننا الزلنا نالحظ نوعا من الغموض يف توزيع وحتديد اإلختصاصات و ابلتايل‬
‫فاإلطار القانوين لالمركزية الرتابية ابملغرب ميتاز بعدة إختالالت جتعل من الصالحيات املمنوحة للجماعات‬
‫الرتابية على ضوء القوانني التنظيمية غري واضحة خاصة يف اجملاالت املرتبطة بتدبري التنمية الرتابية‪ ،‬وابلتايل مل‬
‫حتدد اإلختصاصات بطريقة واضحة حسب كل مستوى‪ ،‬بل مت تنزيلها بكيفية غامضة مما يشكل إعاقة‬
‫حقيقية ملمارسة التدبري احلر‪ ،‬إذ يتضح أن هناك إرتباك منهجي وتقين يف الصياغة القانونية مما يوحي بغياب‬
‫الدقة يف ضبط اإلختصاصات املتسمة ابلتنوع وتعدد املصادر ومشولية املقارابت يف حتديد الصالحيات اخلاصة‬
‫بكل مستوى ترايب‪.‬‬

‫لقد شكلت املدونة العامة للجماعات الرتابية الفرنسية‪ ،‬ترمجة فعلية ملبدأ التدبري احلر مبالمستها جلوهر املبدأ‬
‫على مستوى املقتضيات التشريعية اليت حتكم تطبيقه وممارسته‪ ،‬مقارنة ابملشرع املغريب الذي إقتبس املبدأ من‬
‫التشريع الفرنسي‪ ،‬لكن يف مقابل إفراغه من محولته‪ ،‬وعمل على طمس معامله ومبادئه اجلوهرية عندما قام‬
‫خبلط وإقحام املبادئ العامة للحكامة اجليدة مببدأ التدبري احلر يف القوانني التنظيمية للجماعات الرتابية‪ ،‬مما‬
‫أدى إىل إقرار مبدأ دستوري فارغ من حيث املعىن والنطاق‪ ،‬مما شكل ضبابية مفرطة يف فهمه على مستوى‬
‫النص واملمارسة‪ ،‬وشكل عرقلة حقيقية تواجه مطمح حتقيق إلتقائية السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬يف ظل‬
‫اإلنتهاك والتعدي املمارس من طرف السلطة التنفيذية ممثلة يف سلطة الوالة والعمال عند ممارسة اجلماعات‬
‫الرتابية لإلختصاصات املسندة إليها مبوجب القانون‪.‬‬

‫وميكن تفسري ذلك بسبب طبيعة نشأة الدولة اليت مل تستطع التخلص من ماضيها املركزي والنزعة السلطوية‬
‫املرتاكمة عرب حقب اترخيية متوارثة‪ ،‬دون ترك أي جمال إلسهام اجلماعات الرتابية ومتتيعها ابحلق يف املشاركة يف‬
‫صياغة األنظمة اليت تؤطر منظومة الالمركزية‪ .‬األمر الذي جيعل من غموض اإلختصاصات عملية مقصودة‬
‫لتقليص تدخل اجلماعات الرتابية‪ ،‬وتوسيع عملي جملال تدخل السلطة املركزية وممثليها حبكم التأثري املستمر‬
‫للقواعد املؤسسة ملرجعية الدولة املركزية اليت مازالت تتحكم يف بنيتها وعالقاهتا مما يساهم يف تقليص أدوار‬
‫اجلماعات الرتابية و ابلتايل حمدودية تدخالهتا الرتابية وعرقلة إلتقائية السياسات التنموية على مستوى اجلهات‬
‫واجلماعات الرتابية األخرى بفعل صعوبة حتقيق اإلندماجية بني ما جيب فعله وما ميكن فعله‪.‬‬

‫إن مرسوم التقطيع الرتايب الذي نتج عن الالمركزية من شأنه أيضا أن يساهم يف عرقلة اجملتمع من خالل‬
‫حماصرة التطورات والتبادالت والتداخالت مما جعله يتسم بكونه تقطيع ترايب غري مساعد على تنمية اجلهة‬
‫بفعل ضعف بعض األقاليم املكونة هلا واملفتقرة ألي جاذبية إقتصادية وتعرف نقصا يف البنيات التحتية وابلتايل‬
‫فالتأسيس إللتقائية الربامج واملخططات والسياسات داخل اجملال الرتايب املكون للجهة يعترب من وجهة نظران‬
‫صعب املنال بفعل عدم التكافئ بني خمتلف اجلماعات الرتابية املكونة للجهات من حيث املوارد الطبيعية‬
‫والثروات والبنية التحتية وهذا ما يقف حائال أمام أي صيغة للتعاون والشراكة بينها‪ ،‬فضال عن ما تعرفه‬
‫املكوانت اجملالية املكونة لغالبية اجلهات من نقص كبري يف التجهيزات اإلجتماعية مع إرتفاع نسبة الفقر هبا‬
‫إبستثناء بعض العماالت داخل اجلهات اليت تعرف مستوى منو متطور‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الصياغة القانونية الفضفاضة وعدم التحديد الدقيق لإلختصاصات‪.‬‬

‫ويعزى ذلك إىل عدم تبين املشرع املغريب لقانون تنظيمي واحد للجماعات الرتابية على شكل مدونة رغم‬
‫التنصيص الدستوري على ذلك يف الفصل ‪ 146‬بعبارة ” حتدد بقانون تنظيمي” وابلتايل فعوض أن نكون‬
‫أمام نص واحد‪ ،‬حنن اليوم أمام أربعة قوانني تنظيمية‪ ،‬ثالثة خاصة ابجلماعات الرتابية وواحد خاص إبنتخاب‬
‫أعضاء جمالس هذه اجلماعات مما شكل غموضا وختبطا يف توزيع اإلختصاصات بل أحياان جندها تشرتك يف‬
‫نفس اإلختصاص مما يؤدي لتعدد التدخالت وتضييع الفرص وإهدار اجلهد واملال واحليلولة دون حتقيق‬
‫إلتقائية الربامج واملشاريع مع متطلبات املواطنني و مشاكلهم‪ ،‬هذا فضال عن كون بعض املقتضيات الواردة يف‬
‫النص الدستوري مل تتطرق هلا هذه القوانني التنظيمية وأخص ابلذكر اجلانب املتعلق ابملوارد املالية للجماعات‬
‫الرتابية‪ ،‬أي جباايت اجلماعات الرتابية على إعتباره حجر الزاوية يف التنمية الرتابية وركيزة أساسية لضمان‬
‫إلتقائية السياسات العمومية‪ .‬كما أن من بني األمور اليت توضح جبالء هشاشة املقتضيات القانونية املرتبطة‬
‫ابلالمركزية جند عدم وضوح مهام ”املراكز اجلهوية للتشغيل وتطوير الكفاءات من أجل اإلدماج يف سوق‬
‫الشغل” إذ ال جند أي إطار قانوين يوضح مفهومها وإختصاصاهتا وهذا الفراغ القانوين والتنظيمي أاثر العديد‬
‫من األسئلة ألن املشرع عندما يشري إىل إختصاص مجاعة ترابية إبحداث مؤسسات‪ ،‬إما يفرتض أن هذا النوع‬
‫من املؤسسات قائم قانونيا‪ ،‬أو أن تكون هذه املؤسسات جديدة‪ ،‬ويف هذه احلالة جيب أن حيدد املقصود منها‬
‫أو على األقل أن حييل إىل نص تنظيمي يفصل يف هذا األمر‪ .‬ومن بني مالمح اهلشاشة يف املقتضيات‬
‫القانونية املؤطرة لالمركزية أيضا جند عدم اإلنسجام بني إختصاص اجلهة و اإلسرتاتيجية الوطنية للتكوين‬
‫املهين‪ ،2021-2015‬إذ أن احلكومة وضعت اإلسرتاتيجية وفق حماور تضمنت إشراك اجلهات وجعلها‬
‫مسؤولة إىل جانب القطاعات احلكومية يف تنمية التكوين املهين يف اجملال القروي واألحياء اهلامشية‪ ،‬لكن‬
‫وابإلطالع عل القانون التنظيمي للجهات جند أن إختصاصها يف القيام إبحداث مراكز جهوية للتكوين‬
‫مندرج ضمن اإلختصاصات الذاتية و ابلتايل ال متلك اجلهات أي إختصاص آخر مشرتك أو منقول يف هذا‬
‫القطاع وابلتايل فال ميكننا احلديث عن إشراك اجلهات يف هذه اإلسرتاتيجية يف ظل غياب مرجعية قانونية‬
‫لتمكينها من ذلك‪ .‬و ابلتايل فكيف ميكننا احلديث عن إلتقائية التدخالت العمومية والربامج واملشاريع يف‬
‫ظل هشاشة املقتضيات القانونية والتنظيمية اليت تقف كحاجز مانع لتحقيق ذلك‪.‬‬

‫ومن بني اإلشكاالت املطروحة أيضا الصياغة القانونية الفضفاضة إلختصاصات خمتلف اجلماعات الرتابية‬
‫واليت أدت إىل طرح تساؤالت حول حتديد مسؤولية كل طرف عندما يتعلق األمر إبختصاص منح ألكثر من‬
‫مجاعة ترابية مما يؤدي إىل صعوبة حتديد املسؤول عن كل فشل أو ضعف مما يعين تغييب أكرب دعامة تبىن‬
‫عليها الدميقراطية الرتابية‪ ،‬أال وهي احملاسبة و املساءلة‪ ،‬وابلتايل فاألمر يتطلب التحديد احملكم لإلختصاصات‬
‫واألدوار ابلنسبة لكل املتدخلني يف اجملال التنموي تفعيال ملبدأ املداركة أو التفريع‪.‬‬

‫ومن بني ما ميكن أن نطرحه كإشكال يعزز توجهنا على إعتبار املقتضيات القانونية املؤطرة لالمركزية تغلب‬
‫عليها اهلشاشة وتقف كحاجز حيد من إلتقائية وإندماجية السياسات العمومية الرتابية جند أن القوانني‬
‫التنظيمية للجماعات الرتابية مل تقم ابلتحديد الدقيق لبنية املوارد الذاتية إذ جند أن املادة ‪ 173‬من القانون‬
‫التنظيمي املتعلق ابجلماعات قد كرر مضمون الفصل ‪ 141‬من الدستور دون أي إجتهاد يذكر يف حتديد‬
‫مكانة املوارد الذاتية مقارنة مع ابقي أصناف مصادر التمويل األخرى‪ ،‬وقد سارت ابقي القوانني التنظيمية‬
‫األخرى على نفس املنوال حيث أكدت املادة ‪ 165‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬املتعلق ابلعماالت‬
‫واألقاليم نفس املضمون وكذلك الشأن ابلنسبة للمادة ‪ 186‬من القانون ‪ 111.14‬املتعلق ابجلهات مما يؤكد‬
‫لنا حمدودية التنزيل القانوين للضماانت املتعلقة ابملوارد املالية الالزمة ملمارسة اجلماعات الرتابية إلختصاصاهتا‬
‫التنموية اجلديدة اليت نص عليها الدستور‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التداخل يف اإلختصاصات بني اجلماعات الرتابية وابقي الفاعلني‪.‬‬

‫إن لتجزيئية نصوص الالمركزية ابلغ األثر على فعالية ممارسة إختصاصاهتا بسبب عدم وضع إطار قانوين موحد‬
‫ومنسجم ومتجانس ملمارستها‪ ،‬ألن إصدار نصوص جمزأة ختص كل مستوى ترايب على حدة بفعل ظرفيات‬
‫سياسية ومرجعيات غري مرتابطة أدى إىل فرض نوع من الغموض والتداخل بني املهام واألدوار التنموية بل‬
‫أدى أيضا إىل ضعف نظام التتبع واحملاسبة بفعل عدم املقدرة على حتديد املسؤوليات‪ ،‬ففي جمال إعداد الرتاب‬
‫مثال نالحظ أن املشرع قد جعل اجمللس اجلماعي ينفرد بعدد من املهام يف جمال التعمري و مل ينص على إشراك‬
‫املستويني الإلقليمي واجلهوي يف هذا اإلطار‪ ،‬يف الوقت الذي خص املشرع هذين املستويني إبختصاص هام‬
‫يف جمال احلفاظ على اخلصوصيات املعمارية للجهة أو اإلقليم‪ ،‬لذلك كيف ميكن هلذين املستويني الرتابيني أن‬
‫ميارسا هذه املهمة واملشرع قد منح سلطة البت و التقرير للمجلس اجلماعي فقط ‪-‬مبسامهة مصاحل الدولة‪-‬‬
‫فيما يتعلق أساسا برخص التعمري وتصاميم التهيئة‪ ،‬هذا فضال عن إشكال آخر ينطوي حول عدم الوضوح يف‬
‫املهام واإلختصاصات بني اجمللس اجلماعي يف عالقته ابلوكاالت احلضرية‪ .‬وحنن بدوران نؤيد يف الرأي من يرى‬
‫أن إفتقار اجلماعات الرتابية إىل رؤية مندجمة للتنمية وتعدد املتدخلني قد يؤدي إىل ضياع العديد من الفرص‬
‫وذوابهنا بني اجلماعات الرتابية مما يصعب عملية التقييم و احملاسبة اليت تعترب ركيزة أساسية لتحقيق حكامة‬
‫جيدة‪ .‬فضال عن غياب املقرتب التشاركي بني اجلماعات الرتابية والذي يساهم يف تشخيص األوضاع إبعتباره‬
‫مدخال مهما من مداخل إرساء احلكامة يف التدبري العمومي‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن وكاالت التنمية تلعب دورا هاما يف التنمية الرتابية على الصعيد الرتايب وابلتايل أصبحت‬
‫فاعال أساسيا يف السياسات العمومية الرتابية على إعتبار حجم املشاريع اليت تسهر على إجنازها‪ ،‬لكن األمر‬
‫يطرح العديد من اإلشكاليات اليت تستوجب الوقوف عندها خاصة التقاطعات الكثرية بينها وبني‬
‫اإلختصاصات املعهود هبا إىل جمالس اجلماعات الرتابية‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬اإلختصاص املتعلق ابلتنمية‬
‫االجتماعية وكذا التنمية اإلقتصادية جند أنه إختصاص ذايت للجماعات الرتابية‪ ،‬و يف نفس الوقت جند‬
‫وكاالت التنمية أيضا خمتصة يف ما يتعلق ابلتنمية االجتماعية على مستوى اجلهة‪ ،‬ومن بني هذه الوكاالت‪،‬‬
‫وكالة إنعاش وتنمية عماالت وأقاليم ( الشرق‪-‬الشمال‪-‬اجلنوب)‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول جدوى‬
‫اإلبقاء على هذه الوكاالت اليت تستنزف ميزانية هائلة يف حني كان من الواجب أن تتوىل الوكاالت اجلهوية‬
‫لتنفيذ املشاريع على مستوى جهات اململكة الدور الذي تقوم به وكاالت التنمية‪ ،‬مما يوفر اجلهد و املال و‬
‫جيعل حتديد املسؤوليات أمرا هينا‪.‬‬

‫ابإلضافة إىل ماسبق‪ ،‬ميكننا إاثرة إشكال آخر يتعلق مبدى إندماج وإلتقائية املشاريع اليت تقوم هذه الوكاالت‬
‫إبجنازها‪ ،‬مع ما تنجزه ابقي املؤسسات األخرى داخل نفس اجملال الرتايب اجلهوي مما يؤدي بطبيعة احلال إىل‬
‫ضياع اجلهد والفرص وضعف التقييم وتنازع اإلختصاصات وغموض املسؤوليات‪ ،‬كما نشري أيضا يف هذا‬
‫املقام إىل إشكال ال يقل أمهية عن السابق متعلق مبمارسة وكاالت التنمية على سبيل املثال ”وكالة‬
‫مارتشيكا” وكذا ”وكالة هتيئة ضفيت أيب رقراق” إلختصاصات الشرطة اإلدارية خاصة يف جمال التعمري‪،‬‬
‫وابلتايل التدخل يف صالحيات رؤساء اجملالس اجلماعية‪ ،‬إذ نالحظ أن هذه الوكاالت جاءت لتحل حمل‬
‫اجلماعات الرتابية و بعض املؤسسات العمومية القطاعية للقيام مبهام معينة تدخل يف األصل‪ ،‬بل ومنصوص‬
‫عليها يف القوانني التنظيمية للجماعات الرتابية كإختصاص ذايت هلا‪ ،‬مما خيلق نوعا من التداخل يف املهام و‬
‫الربامج و املخططات و يؤدي لتقاطع الرؤى مما يؤدي لتضييع املزيد من الوقت يف إعداد برامج ومشاريع يتم‬
‫منحها يف هناية املطاف هلذه الوكاالت بدل أن تقوم هبا اجلماعات الرتابية‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬إفتقار السياسات العمومية للبعد اإلسرتاتيجي‪.‬‬

‫سنقارب هذا الفرع لنوضح مكامن إفتقار السياسات العمومية للبعد اإلسرتاتيجي من خالل النقط التالية‪:‬‬

‫الفقرة االوىل‪ :‬إتسامها بطابع الظرفية واإلرجتالية‪.‬‬

‫إن أهم ما مييز السياسات العمومية ابملغرب هو كوهنا تتسم بطابعها الظريف الغري املؤسس على ختطيط مسبق‬
‫قائم على أسس علمية ابإلعتماد على مبادئ التخطيط اإلسرتاتيجي وتنفيذ هذه السياسات على املدى‬
‫البعيد‪ ،‬بل هي سياسات وجدت حلل مشاكل ظرفيىة هبواجس أمنية‪ ،‬عالوة على كوهنا تتغري بتغري املسؤول‬
‫املشرف عليها لكوهنا ال تتمتع ابلطابع املؤسسي‪ ،‬وهذا ما يعرض السياسات العمومية وخاصة السياسات‬
‫الرتابية ابملغرب لكثرة التغيري والتبديل‪ ،‬لكن املالحظ أن هذا التغيري ال يقوم على أسس موضوعية كنتيجة‬
‫لسياسة التقييم والتقومي هبدف حماولة جتويدها وتاليف سلبياهتا أو كنتيجة للتغذية العكسية نتيجة عدم رضى‬
‫املواطنني عنها لعدم قدرهتا على حل املشاكل العمومية وابلتايل فتغيري وتبديل السياسات العمومية هنا يصبح‬
‫ضرورة ملحة من لدن صانعي السياسات‪ ،‬لذلك فالتغيري وفقا للطابع الظريف واإلرجتايل الذي حنن بصدد‬
‫معاجلته أييت نتيجة لعاملني أساسيني‪:‬‬
‫وجود خلل مصاحب لدورة السياسات العمومية نتيجة اإلرجتال يف إعدادها منذ البداية وعدم‬
‫اإلعتماد على قواعد بياانت ومعلومات دقيقة وعدم حتديد أهداف السياسة وأولوايهتا بشكل عقالين‬
‫واليت تعد من مشكالت صناعة السياسات العمومية‪ ،‬عالوة على غموض الرسائل اليت يتلقاها صانع‬
‫السياسات إما بسبب الرتمجة السيئة للقنوات الوسيطة أو بسبب عدم التفاعل مع الرأي العام و عدم‬
‫اإلستجابة هلم‪ ،‬مثل قضية احملروقات ابملغرب واليت شهدت تغيريا يف مسارها‪ ،‬أو بسبب جلوء صانع‬
‫السياسات إىل النماذج السابقة للسياسات وابلتايل تقدمي حلول وبدائل بنفس الطريقة اليت مت هبا حل‬
‫نفس املشكل العمومي يف التجارب السابقة رغم ثبوت فشل تلك البدائل وعدم جناعتها ( كتعامل‬
‫الدولة مع حراك الريف بنفس احلل الذي تعاملت به مع أحداث الريف سنة ‪ 1959‬وهو تغيري رجال‬
‫السلطة آبخرين يتقنون اللغة األمازيغية كأن املشكل هو مشكل تواصل‪ ،‬وهذا ما يفسر عدم فهم‬
‫صانعي السياسات للمشكل العمومي)‪ ،‬وابلتايل تصبح السياسات املتخذة غري انجعة بسبب‬
‫اإلرجتالية اليت طبعت فهم املشكل العمومي وعملية اإلعداد وإختاذ القرار‪ ،‬وابلتايل فاألمر يتطلب‬
‫الفهم الصحيح للمشاكل العمومية واملتطلبات والتعامل معها بعقالنية يف التصور والصناعة‪.‬‬
‫حدوث تغيري يف املسؤولني التنفيذيني القائمني على تلك السياسات خاصة رؤساء اجلماعات الرتابية‬
‫بسبب عزهلم من لدن احملكمة اإلدارية نتيجة خروقات يف التسيري‪ ،‬إذ جرت العادة أن يقوم املسؤول‬
‫اجلديد بتجاهل ما بدأه سلفه‪ ،‬وهو ما يؤدي إىل عدم إكتمال تنفيذ السياسات العمومية نتيجة هيمنة‬
‫الطابع الشخصي على عملية صناعة وتنفيذ السياسات مما يكسبها طابع الظرفية واإلرجتالية‪.‬‬

‫إن هذا الواقع الظريف واإلرجتايل الذي تتسم به السياسات العمومية بشكل عام والسياسات العمومية الرتابية‬
‫على وجه اخلصوص‪ ،‬تكون له آاثر سلبية على إستمرارية الربامج واملخططات مما يؤثر على جناعتها وجيعلها‬
‫فارغة احملتوى بسبب عدم إكتماهلا وتنزيلها أو تغيري مسارها وأهدافها‪ ،‬وابلتايل فاحلديث عن البعد اإللتقائي‬
‫للسياسات العمومية وفق ذلك يبقى بعيد املنال نسبيا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شبه غياب لتصور مندمج‬

‫إن املتتبع ملسار وضع و صياغة السياسات العمومية على املستوى املركزي رغم وجود برانمج حكومي يقدم يف‬
‫بداية كل والية حكومية كما هو الشأن ابلنسبة للربانمج احلكومي لسنة ‪ ،2016‬ورغم املخططات السابقة‬
‫سواء اخلماسية أو الثالثية على الصعيد الوطين‪ ،‬فإن ما ميكن مالحظته هو توجه كل قطاع إىل صياغة سياسة‬
‫عمومية خاصة به‪ ،‬هذا التوجه القطاعي للسياسات العمومية أفرز نوعا من عدم اإلندماج والتكامل واإللتقاء‬
‫بني خمتلف الربامج واملخططات واإلسرتاتيجيات القطاعية سواء على املستوى الوطين و كذا على املستوى‬
‫الالمركزي‪ .‬إن غياب الرؤية اإلسرتاتيجية املندجمة وعدم ترتيب األولوايت يؤداين إىل إجناز أعمال جمزأة تفتقر‬
‫إىل التكامل فيما بينها‪ ،‬مما حيد من اآلاثر اإلجيابية املتوقعة للسياسات العمومية على السكان واجملاالت‬
‫الرتابة‪.‬‬

‫إن الرتكيبة احلكومية ابملغرب واليت تعاين من تضخم حاصل يف عدد وزرائها ( ‪ 39‬وزيرا يف عهد حكومة‬
‫بنكريان الثانية‪ ،‬مت تقليصها ل‪ 23‬وزيرا بعد التعديل الوزاري الذي أفرز لنا ما يسمى حبكومة الكفاءات‪،‬‬
‫لتصل إىل ‪ 24‬وزيرا يف احلكومة األخرية بقيادة السيد عزيز أخنوش)‪ ،‬ابإلضافة إىل كثرة األجهزة املوازية‬
‫واملتجلية يف الوكاالت الوطنية للتنمية‪ ،‬واملراكز اجلهوية املعنية ابإلستثمار‪ ،‬فضال عن كثرة اجملالس املكلفة‬
‫ابلتنمية والتخطيط واإلستشارة‪ ،‬قد أفرز لنا تداخال يف اإلختصاصات وآاثرا سلبية على مستوى اإلندماج‬
‫واإللتقائية بني خمتلف األعمال اليت تقوم هبا هذه املؤسسات من جهة واجلماعات الرتابية من جهة أخرى‪ ،‬إذ‬
‫جند كثرة املتدخلني وتعقد مساطر معاجلة امللفات دون فائدة تذكر‪ ،‬عالوة على تفتيت جمال واحد إىل عدة‬
‫وزارات ووزارات منتدبة‪ ،‬انهيك عن الصعوبة اليت يالقيها رئيس احلكومة يف لعب دور املنسق واملوحد للجهود‬
‫بسبب هذا التضخم العددي للحقائب الوزارية الناجتة عن الرتضية السياسية والتسابق احلزيب داخل األحزاب‬
‫لإلستوزار‪.‬‬

‫ابإلضافة إىل ماسبق‪ ،‬ميكننا ان نسجل أيضا هيمنة التوجه القطاعي األحادي اجلانب‪ ،‬إذ أن كل قطاع يربمج‬
‫ويتخذ قرارات مؤثرة على الصعيد التنموي يف غياب إستشارة وتدخل ابقي الفاعلني سواء القطاعات الوزارية‬
‫األخرى أو اجلماعات الرتابية املعنية بتلك الربامج‪ ،‬عالوة عن وجود عالقات عمودية بني املركز ومصاحله‬
‫اخلارجية رغم سعي الدولة إىل هنج سياسة الالتركيز الذي عربت عنه من خالل امليثاق الوطين لالمتركز‬
‫اإلداري‪ ،‬لكن خوف الوزراء من أن تسلب منهم صالحياهتم لفائدة جهاز آخر وهو الوايل أو العامل جعل‬
‫تعاملهم مع املصاحل الالممركزة يف الوقت الراهن يغلب عليه الطابع القطاعي احملض‪ ،‬مما أفرز لنا التوازان يف‬
‫التنمية بني كل القطاعات‪ ،‬وتنمية قطاع على حساب قطاع آخر‪ ،‬يف إنتظار تنزيل امليثاق على الوجه السليم‬
‫ومتتيع هذه املصاحل بصالحيات تقريرية فعلية تساهم يف التناسق واإلندماج واإللتقائية مع الربامج واملخططات‬
‫الرتابية حتقيقا للتنمية الرتابية املندجمة‪.‬‬

‫كما أن مسألة التخطيط يف املغرب قد عانت وتعاين‪ ،‬من إنعدام أي تصور مندمج وذلك بسبب غياب‬
‫التشخيص املسبق‪ ،‬إضافة إىل غياب التنسيق بني خمتلف املتدخلني‪ ،‬الشيء الذي نتج عنه عدم اإلنسجام‬
‫بني الربامج التنموية‪ ،‬و كذا عدم إلتقائية الربامج املنجزة على املستوى الوطين مع تلك املنجزة على املستوى‬
‫الرتايب مما يؤدي إلهدار الوقت واملال واجملهود دون بلوغ فعالية السياسات العمومية‪ ،‬وكذا يف ظل عدم‬
‫مقدرهتا على حل املشاكل العمومية الرتابية‪.‬‬

‫يصعب يف الوقت الراهن احلكم على التجربة اجلهوية ابلنجاح أو الفشل لكن من خالل اإلطالع على بعض‬
‫التقارير خاصة تقارير اجمللس األعلى للحساابت وتقارير اجمللس االقتصادي واالجتماعي والبيئي وتقارير‬
‫التنمية البشرية الصادرة عن األمم املتحدة‪ ،‬نستطيع اجلزم أن هناك خلال يف إندماجية السياسات العمومية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬ورمبا يف جمال سياسات إعداد الرتاب على وجه اخلصوص‪ ،‬فقد أكدت التقارير الرمسية إستمرار‬
‫اإلختالالت اجملالية بني اجلهات وداخل اجلهة الواحدة فعلى سبيل املثال‪ ،‬تستأثر جهيت الدار البيضاء والرابط‬
‫لوحدمها بنسبة ‪ 50‬ابملائة من الناتج الداخلي اخلام على حساب ابقي اجلهات األخرى‪ ،‬كما أن هناك‬
‫معطيات تؤكد على أن مناطق عديدة من الرتاب الوطين تعاين إختالالت هيكلية ومن دالالت ذلك ضعف‬
‫نسبة إجناز التجهيزات واملرافق اجلماعية املربجمة يف واثئق التعمري املصادق عليها‪.‬‬

‫إن سياسة التعمري وإعداد الرتاب ال زالت تعرف إختالالت كبرية وذلك راجع ابألساس إىل تقاطع‬
‫اإلختصاصات وكثرة املتدخلني( جمالس منتخبة‪ ،‬جلان‪ ،‬وكاالت‪ ،‬مندوبيات جهوية وإقليمية…) مما ينتج عنه‬
‫صعوبة يف التنسيق وإلتقائية التدخالت بسبب تكريس املقارابت القطاعية على حساب املقارابت املندجمة‪،‬‬
‫هذا فضال عن عدم اإلستقرار املؤسسايت لسياسة إعداد الرتاب حيث عرفت اإلدارة املكلفة ابلتعمري وإعداد‬
‫الرتاب حتوالت متعددة بني سنيت ‪ 2008‬و‪ 2019‬متيزت ابملد واجلزر من خالل عدم إستقرار اإلدارة املكلفة‬
‫بقطاع إعداد الرتاب حسب ما يبينه اجلدول أسفله‪.‬‬

‫وزارة اإلسكان والتعمري والتنمية اجملالية‪.‬‬ ‫‪2008‬‬

‫وزارة اإلسكان والتعمري وسياسة املدينة‪.‬‬ ‫‪2012‬‬

‫وزارة التعمري وإعداد الرتاب الوطين‪.‬‬ ‫‪2013‬‬

‫وزارة إعداد الرتاب الوطين والتعمري واإلسكان‬ ‫‪2017‬‬


‫وسياسة املدينة‪.‬‬

‫وزارة إعداد الرتاب الوطين والتعمري واإلسكان‬ ‫‪2019‬‬


‫وسياسة املدينة‪.‬‬

‫إن ما ميكن الوقوف عنده‪ ،‬والذي يشكل يف نظران هتديدا حمدقا ابجلوانب املتعلقة ابلتخطيط الرتايب يف جمال‬
‫سياسة إعداد الرتاب‪ ،‬جند أنه يف الوقت الذي ينص فيه القانون التنظيمي املتعلق ابجلهات على إحداث جلنة‬
‫إلعداد الرتاب من بني اللجان الدائمة جمللس اجلهة‪ ،‬واليت يفرتض أن تسهر على إعداد التصميم اجلهوي‬
‫إلعداد الرتاب وتنظيم عمليات احلوار والتشاور املتعلقة به‪ ،‬نالحظ أن املرسوم املتعلق إبعداد هذا التصميم يف‬
‫املادة الرابعة‪ ،‬قد سحب هذا اإلختصاص من هذه اللجنة ومنحه إىل جلنة أخرى حتمل نفس اإلسم لكن‬
‫تعمل حتت إشراف وايل اجلهة‪ ،‬وهي اللجنة اإلستشارية إلعداد الرتاب‪ ،‬وحدد املرسوم أتليفها‪ ،‬وطريقة‬
‫إشتغاهلا‪ ،‬وجداول أعماهلا‪ .‬وابلتايل فنحن نرى أن هذه اللجنة هي جمرد هيئة مضافة هليئة موجودة يف األصل‬
‫وخمصصة هلذه الغاية‪ ،‬وابلتايل فاملشرع هنا مل يكن حكيما ألنه مسح ابلتداخل واإلرجتالية يف التدخالت‬
‫املتعلقة بتصميم وثيقة تعترب عصب قيام اجلهوية املتقدمة‪،‬‬

‫وبناء على ما سبق ال ميكن تصور قيام جهوية بدون سياسة إعداد ضمن إطار جهوي حيتضنها‪ ،‬وابلتايل‬
‫فاإلختالالت والنواقص اليت تطرقنا إليها توضح صعوبة حتقيق إلتقائية السياسات العمومية املتعلقة إبعداد‬
‫الرتاب‪ ،‬هذا بطبيعة احلال يف ظل ضعف مستوى غالبية أعضاء اجلماعات الرتابية عموما‪ ،‬واجلهات على وجه‬
‫اخلصوص وعدم مقدرهتا على إجناز تصميم جهوي إلعداد الرتاب متكامل يف جتانس وتناغم مع متطلبات‬
‫اجلهة وتطابق مع التصميم الوطين إلعداد الرتاب‪ ،‬وميكن أن نربهن ذلك من خالل أتخر العديد من اجلهات‬
‫يف تصور وإجناز هذه التصاميم‪ ،‬بل وضعف التصور يف بناء هذه التصاميم‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬هيمنة املقاربة التقنقراطية وتغييب الفاعل الرتايب‪.‬‬

‫لعل من بني مسات غياب البعد اإلسرتاتيجي عن السياسات العمومية جند هيمنة املقاربة التقنوقراطية‪ ،‬واليت‬
‫تشكل العامل األساسي لغياب البعد الرتايب يف السياسات العمومية‪ ،‬إذ أن هذه األخرية يتحكم فيها صانعوا‬
‫السياسات املنتمني ملختلف القطاعات الوزارية ابعتبارهم جهازا إداراي بريوقراطيا مركزاي‪ ،‬على حساب الفاعل‬
‫الرتايب احمللي الذي يتمتع مبشروعية دميقراطية‪ ،‬كما أن هلذا اجلهاز أيضا إمكانية منع تنفيذ سياسة عمومية‬
‫ترابية معينة بدوافع وهواجس أمنية ابتباع أساليب التعطيل البريوقراطي ولعل أمهها آلية رفض التأشري‪ ،‬واليت‬
‫تنسف كل اجملهود والوقت الذي قامت به اجملالس املنتخبة يف سبيل بلورة سياسة عمومية ترابية ذات أبعاد‬
‫تنموية وإجتماعية‪ ،‬وخنص ابلذكر سياسات التعاون الالمركزي الدويل اليت تسعى اجلماعات الرتابية لبلوغها‬
‫لتوطني مشاريع تنموية وإجتماعية وبيئية وجلب التمويالت املالية واخلربات األجنبية الالزمة لذلك من لدن‬
‫نظرياهتا على املستوى الدويل‪ ،‬واليت تقابل أحياان برفض وزارة الداخلية هلا بسبب رؤيتها التقنوقراطية املصبوغة‬
‫هبواجس أمنية هلذه املشاريع وغياب البعد الرتايب يف تدخالهتا وقراراهتا‪ ،‬وابلتايل النزوع إىل التعامل مبنظار تقين‬
‫مع القضااي التنموية ونزع الطابع السياسي عن السياسات العمومية وتغييب البعد الرتايب عنها وامليل إىل‬
‫تقنقرطتها‪ ،‬فإشكالية العالقة بني التقنوقراطي والسياسي هلا جذور ممتدة عرب الزمان وهي راجعة ابألساس إىل‬
‫دينامية بناء الدميقراطية وفق منط اإلنتاج التقليداين للسياسات العمومية مما يساهم بشكل كبري يف الضبط‬
‫السلطوي للنظام السياسي املغريب على حساب ضمان إلتقائية السياسات العمومية ومقدرهتا على تقدمي‬
‫البدائل وحل املشاكل العمومية الرتابية‪.‬‬

‫إن ما مييز السياسات العمومية خاصة االقتصادية منها واالجتماعية هو أهنا سياسات مركزية ابألساس على‬
‫عدة مستوايت‪ ،‬فعلى مستوى التصور‪ ،‬يعهد هبا وبشكل حصري للقطاعات احلكومية واملؤسسات التابعة‬
‫هلا‪ ،‬وذلك من خالل وضع املخططات والربامج اليت يتم إعدادها مركزاي‪ ،‬أما على مستوى التنفيذ فالقطاعات‬
‫احلكومية تقوم بتنفيذ هذه السياسات إما بشكل مباشر أو من خالل مؤسساهتا مع إشراك اجلماعات الرتابية‬
‫أحياان ويف جماالت ضئيلة جدا‪ ،‬فعلى سبيل املثال مشروع هتيئة حبرية مارتشيكا مبدينة الناظور‪ ،‬فقد عملت‬
‫السلطة احلكومية على منح وكالة مارتشيكا صالحية تنفيذ الربانمج بشكل إنفرادي دون أي تدخل أو‬
‫مساعدة من اجلماعة الرتابية للناظور علما ان املشروع يتم تنفيذه ابحليز اجلغرايف للجماعة‪ ،‬مما يؤكد هذا‬
‫التوجه القطاعي الضيق الذي يغيب عنه البعد الرتايب سواء على مستوى التصور أو التنفيذ‪ ،‬بل حىت على‬
‫مستوى إستشارة الفاعلني الرتابيني مل تقم الوكالة بذلك يف إطار مقاربة تشاركية‪ ،‬مما حيد من إلتقائية‬
‫السياسات العمومية والربامج واملشاريع الرتابية بفعل هذا التوجه القطاعي التجزيئي الذي جيعلنا نستنتج أن‬
‫مؤشرات التنمية البشرية تعاين ابملقابل من تراجعات نتيجة عدم اإلندماج الرتايب يف برامج التنمية القطاعية يف‬
‫ظل غياب التعبري عن احلاجيات األساسية وعن إنتظارات السكان‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬رهان حتقيق إلتقائية السياسات العمومية الرتابية‪.‬‬

‫يف سياق التحوالت اليت تعرفها الدولة على مستوى وظائفها وصالحياهتا و بنياهتا التنظيمية واهليكلية مت‬
‫إعتماد وإقرار املرسوم رقم ‪ 2.17.618‬مبثابة ميثاق وطين لالمتركز اإلداري‪ ،‬وقد مت إعداده استنادا إىل اإلرادة‬
‫امللكية‪ ،‬حيث دعا امللك يف خطاب العرش بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ 2018‬إىل ضرورة التسريع بتنزيله وإصداره‬
‫تفعيال لورش اجلهوية املتقدمة‪ ،‬كما جاء امليثاق أيضا تفعيال للربانمج احلكومي‪ ،‬وتقرير اجمللس االقتصادي‬
‫واإلجتماعي والبيئي حول متطلبات اجلهوية املتقدمة وحتدايت إدماج السياسات القطاعية‪ ،‬ابإلضافة إىل‬
‫الدراسات املنجزة حول بعض التجارب املقارنة يف عدد من الدول األوروبية‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬سنتطرق إىل ميثاق الالمتركز اإلداري وتوضيح دور الوايل‪/‬العامل يف ضمان إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الرتابية(الفرع األول)‪ ،‬وسنتناول التصاميم املديرية لالمتركز اإلداري لنحدد موقعها من حتقيق إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الرتابية(الفرع الثاين)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الالمتركز اإلداري‪ ،‬ودور الوايل‪/‬العامل يف ضمان إلتقائية السياسات‬

‫يشكل ميثاق الالمتركز اإلداري دعامة يف ترسيخ اجلهوية املتقدمة‪ ،‬من خالل نقل اإلختصاصات التقريرية‬
‫للمصاحل الالممركزة من املركز إىل احمليط الرتايب عرب آلية التفويض مما حيقق ختفيف العبئ عن اإلدارات املركزية‬
‫ويسهل عملية التنسيق بني املصاحل الالممركزة على املستوى الرتايب مما يساهم يف حتقيق إلتقائية السياسات‬
‫العمومية الرتابية(الفقرة االوىل)‪ ،‬كما يشكل الوايل‪/‬العامل نقطة إرتكاز أساسية من خالل مهام التنسيق اليت‬
‫منحها له ميثاق الالمتركز اإلداري مما يدعم رهان بلوغ اإللتقائية على املستوى الرتايب(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬الالمتركز اإلداري ومسامهته يف تكريس اإللتقائية‪.‬‬

‫إنطالقا من دستور ‪ 2011‬والقوانني التنظيمية للجماعات الرتابية‪ ،‬وخاصة القانون املتعلق ابجلهات‪،‬‬
‫أصبحت هذه األخرية تتمتع إبختصاصات واسعة يف التنمية االقتصادية واإلجتماعية والثقافية‪ ،‬مما حتم على‬
‫السلطة السياسية إبتكار آليات وأساليب إلجياد احللول املمكنة للمعضالت اليت ابت يعيشها املغرب خاصة‬
‫فيما يتعلق إبفتقاد رؤساء املصاحل اخلارجية للوسائل املادية والتقنية والتقريرية الالزمة لتنفيذ وبرجمة املشاريع‬
‫التنموية على املستوى الرتايب‪ ،‬األمر الذي حد من تطور الالمتركز اإلداري وكرس مركزية القرار والطابع‬
‫البريوقراطي الرتايب‪ ،‬حبيث ال يستطيع املسؤول احمللي إختاذ أبسط القرارات دون الرجوع لإلدارة املركزية‪ ،‬مما‬
‫شكل عائقا أمام تكريس البعد اجلهوي للسياسات العمومية‪ ،‬وكاحبا لنجاح ورش اجلهوية املتقدمة بفعل‬
‫هشاشة إلتقائية السياسات العمومية على املستوى الرتايب‪ ،‬مما تتسبب يف ضياع الفرص التنموية‪ ،‬وتشتت‬
‫الفعل العمومي‪ ،‬وتضييع اجلهد والوقت واملال يف الدراسات والربامج‪ ،‬والتخطيط للمشاريع اليت تليب حاجيات‬
‫السكان‪ ،‬لكن يف هناية املطاف تصطدم كل هذه اآلمال إبنعدام سلطة تقريرية للمصاحل الالممركزة على‬
‫املستوى اجلهوي‪ ،‬والقادرة على إختاذ املبادرة والتأشري على تلك الربامج واملشاريع واإلخنراط فيها مبعزل عن‬
‫تدخل القطاع الوزاري املعين‪ ،‬مما يستدعي أخذ رأي وموافقة وتفويض السلطة املركزية‪ ،‬اليت تعرف بريوقراطية‬
‫جامدة‪ ،‬تؤدي نتائجها حملدودية املبادرات وإنعدام اإللتقائية الرتابية‪.‬‬

‫ولعل هذا ما أكد عليه اخلطاب امللكي ل‪ 29‬يوليوز ‪ ،2017‬حيث شخص اإلختالالت اليت تعاين منها‬
‫اإلدارة احمللية واملتمثلة يف غياب التنسيق واإللتقائية يف التدخالت العمومية‪ ،‬وضعف آليات احلكامة والنجاعة‪،‬‬
‫وإستمرار هيمنة اإلدارة املركزية على القرار الرتايب‪.‬‬

‫ويف هذا السياق جاءت مبادرة وضع ميثاق لالمتركز اإلداري يستهدف أجرأة السياسات العمومية الرتابية‬
‫بشكل أكثر مرونة وجناعة‪ ،‬عرب نقل السلطة التقريرية ووسائل العمل من املركز إىل اجملال الرتايب‪ .‬وهذا ما عرب‬
‫عنه امللك حممد السادس يف الرسالة اليت وجهها إىل أشغال املناظرة الوطنية األوىل للجهوية املتقدمة” حيث‬
‫جاء يف مضمون الرسالة‪…:‬مت يف إطار هذا امليثاق‪ ،‬حتديد دور واختصاصات اإلدارات املركزية والالممركزة‪،‬‬
‫وإبراز املستوى اجلهوي‪ ،‬ابعتباره اإلطار املالئم إلنسجام السياسات العمومية‪ ،‬ولربجمة مشاريع خمتلف‬
‫القطاعات احلكومية‪ ،‬وتفويض املهام والوسائل املادية والبشرية إىل املصاحل الالممركزة‪ ،‬ابإلضافة إىل تكريس‬
‫عقود الربامج بني اإلدارات املركزية وهذه املصاحل”‪.‬‬
‫لكن ما يعاب على مسلسل الالمتركز هو وجود مفارقة حقيقية‪ ،‬فعوض أن يسبق إطالق اجلهوية املتقدمة‪ ،‬إال‬
‫أننا جند أنه جاء كنتيجة هلا‪ ،‬مما جعله أقرب ما يكون إىل إجراء للمواكبة‪ ،‬وليس إصالحا ضروراي للحكامة‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫إن اهلدف من تفعيل مرامي ميثاق الالمتركز اإلداري و ربطه مبتطلبات اجلهوية املتقدمة‪ ،‬يكمن يف كونه‬
‫سيؤدي لعدم تركيز السلطة‪ ،‬وإمنا توزيعها بني املستوايت اإلدارية املختلفة‪ ،‬ومبوجبه سيتم نقل اإلختصاصات‬
‫املركزية إىل املصاحل الالممركزة‪ ،‬للقيام مبهام معينة وختويلها صالحية اختاذ القرار وفق آليات تفويض السلطة أو‬
‫اإلمضاء‪ ،‬مما سينجم عنه ختفيف العبء عن اإلدارات املركزية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى إىل سهولة التنسيق‬
‫بني اإلدارات على املستوى الرتايب‪ ،‬وابلتايل حتقيق اإللتقائية الرتابية يف تناغم مع ورش اجلهوية املتقدمة‪ ،‬والعمل‬
‫على التوطني الرتايب للسياسات وتنفيذها وتقييمها‪ ،‬وإرساء دعائم راسخة ودائمة لتعزيز التكامل يف الوظائف‬
‫واملهام بني املصاحل الالممركزة للدولة واهليئات الالمركزية‪ ،‬والسيما منها اجلماعات الرتابية من خالل السهر‬
‫على تفعيل آليات الشراكة والتعاون بينها ومواكبتها يف إجناز براجمها ومشاريعها التنموية‪ ،‬وضمان إلتقائية‬
‫السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬وجتانسها وتكاملها على مستوى اجلهة‪ ،‬وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬وحتقيق‬
‫التعاضد يف وسائل تنفيذها‪ .‬ولكي يتم ذلك جيب أن يستند الالمتركز اإلداري ملصاحل الدولة على املستويني‬
‫اجلهوي واإلقليمي‪ ،‬على مبادئ اإلنصاف يف تغطية الرتاب الوطين من خالل ضمان التوزيع اجلغرايف املتكافئ‬
‫ملصاحل الدولة الالممركزة‪ ،‬وختويل اجلهة مكانة الصدارة يف التنظيم اإلداري الرتايب‪ ،‬مع ضمان وحدة عمل‬
‫املصاحل الالممركزة ضماان للنجاعة والفعالية وحتقيقا لإللتقائية والتكامل يف اإلختصاصات املوكولة إليها‪،‬‬
‫فاإلدارات املركزية أصبحت اليوم حبكم وظيفتها اإلنتقالية‪ ،‬تستأثر مبهام التصور والتوجيه والتقييم والرقابة‪ ،‬يف‬
‫حني أن املصاحل الالممركزة أصبحت مهيأة أكثر ملباشرة مهام التسيري وتنفيذ السياسات العمومية على املستوى‬
‫الرتايب‪ ،‬وابلتايل أجرأة السياسات العمومية بشكل أكثر جناعة مع حتسني أداء املرافق العمومية على مستوى‬
‫اجملال الرتايب‪ ،‬من خالل نقل السلطة التقريرية ووسائل العمل من املركز إىل املستوى احمللي وإختاذ القرار على‬
‫أساس مبدأ القرب من املرتفق‪.‬‬

‫وبناء على حتليلنا لدور الالمتركز يف ضمان إلتقائية السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬البد أن نشري إىل سياسة‬
‫إعداد الرتاب الوطين على إعتبارها أم السياسات العمومية‪ ،‬واليت هتدف إىل حتقيق التوازن اجملايل وتوزيع أمثل‬
‫للثروات‪ ،‬وابلتايل فهي سياسة أفقية تستوجب التأمل‪ ،‬فبالرجوع مليثاق الالمتركز اإلداري وخاصة املادة‬
‫السابعة‪ ،‬نستنتج أن امليثاق يهدف إىل التوطني الرتايب للسياسات العمومية‪ ،‬كما جند أيضا أن املادة ‪ 88‬من‬
‫القانون املتعلق ابجلهات‪ ،‬جعل إعداد الرتاب الوطين من اإلختصاصات الذاتية للجهات‪ ،‬وابلتايل ال حيق ألي‬
‫إدارة مشاركة جملس اجلهة يف هذا اإلختصاص‪ ،‬ما عدا مؤسسة وايل اجلهة اليت منحها املشرع دور املساعدة‬
‫واملواكبة‪ ،‬وهنا نطرح تساءال حول موقع املفتشيات اجلهوية إلعداد الرتاب الوطين من هذه املعادلة يف ظل‬
‫إحتفاظها هبذا اإلختصاص الذي أصبح إختصاصا ذاتيا للجهة‪ ،‬وغري مشرتك أو منقول مما يؤدي لتنازع‬
‫اإلختصاصات بني املتدخلني وابلتايل عرقلة حتقيق اإللتقائية على مستوى سياسة إعداد الرتاب‪.‬‬

‫لقد ابت لزاما على املشرع املغريب اليوم مع ورش الالمتركز اإلداري أن يصحح املسار‪ ،‬وأن يربط اإلختصاص‬
‫بسلطة التدخل الرتايب وليس القطاعي‪ ،‬وابلتايل جتريد اإلدارة القطاعية من هذا اإلختصاص‪ ،‬أو أن حتدد هلا‬
‫إختصاصات ذاتية ال تتعارض مع إختصاصات رؤساء اجلهات والوالة يف جمال سياسة إعداد الرتاب‪ ،‬وحنن‬
‫نرى من وجهة نظران أن احلل يكمن يف خلق قطب إداري جهوي يشمل مجيع املتدخلني يف سياسة إعداد‬
‫الرتاب على املستوى اجلهوي‪ ،‬وأن متنح له صالحيات تقريرية وإختصاصات وازنة تضمن حتقيق اإللتقائية‬
‫والنجاعة على مستوى سياسة إعداد الرتاب‪.‬‬

‫إن اإلصالحات الكفيلة بتحقيق إلتقائية السياسات العمومية على املستوى الرتايب من خالل القوانني املؤطرة‬
‫لالمركزية‪ ،‬وميثاق الالمتركز اإلداري‪ ،‬ال ميكن إختزاهلا يف جمرد إصدار نصوص قانونية‪ ،‬وال يف إحداث هياكل‬
‫إدارية‪ ،‬بل البد من رؤية مشولية مبنية على منهجية علمية تشاركية ذات أهداف مدروسة قائمة على ضبط‬
‫العالقات بني الوحدات الرتابية املنتخبة وبني املصاحل الالممركزة للدولة‪ ،‬يف إطار تنسيقي تشاركي يقوي‬
‫العالقات األفقية مما يؤدي لعقلنة التنظيم الرتايب لتفادي اخللط والغموض يف القيام ابملسؤوليات‪ ،‬فتحقيق‬
‫التكامل واإللتقائية بني إدارة الالمتركز واجلماعات الرتابية‪ ،‬البد هلا من تصور مشويل ينظر إليها كنسق وبنية‬
‫متكاملة‪ ،‬وليس كمعطيات متفرقة عن بعضها البعض‪.‬‬

‫إن مسألة اإللتقائية بني التدبري العمومي للدولة والتدبري العمومي للجماعات الرتابية يفرض نفسه كضرورة‬
‫لتعاضد جهود مؤسسات الدولة واجلماعات الرتابية من أجل كسب رهان التنمية املستدامة واملندجمة‪ ،‬واليت‬
‫أنمل أن تشكل حمور إهتمام واسع من لدن اللجنة املكلفة بوضع تصور للنموذج التنموي اجلديد‪ ،‬الذي جيب‬
‫أن يقوم على تعزيز دور اجلهات واجلماعات الرتابية واملصاحل الالممركزة للدولة يف البناء التنموي القائم على‬
‫الالمتركز اإلداري الفعلي‪ ،‬وعلى مبادئ التعاون والتشارك والتضامن واإلستقاللية واإلنسجام يف تدبري‬
‫السياسات العمومية الرتابية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوايل‪/‬العامل وضمان إلتقائية السياسات على املستوى الرتايب‪.‬‬

‫يعترب الفضاء الرتايب اجلهوي جماال واسعا لتنزيل سياسات الدولة وضمان تنزيل العمل احلكومي على مستوى‬
‫تراب اجلهة بشقيها العمومي والقطاعي‪ ،‬وكذا خمتلف الربامج واملشاريع اإلستثمارية اليت تعتزم السلطات‬
‫احلكومية املعنية تنزيلها على مستوى اجلهة‪ .‬ولتحقيق هذه الغاايت فقد أسند امليثاق الوطين لالمتركز اإلداري‬
‫وذلك إنسجاما مع مقتضيات الفصل ‪ 145‬من دستور ‪ 2011‬ملؤسسة الوايل مهام ووظائف وآليات من‬
‫شأهنا أتمني تنفيذ سياسات الدولة وضمان إجناز الربامج واملشاريع على املستوى اجلهوي‬

‫يف تناغم وإلتقائية وإندماجية على أساس عالقة تدبريية جيدة مبنية على حسن األداء والنتائج‪.‬‬

‫لقد رسم ميثاق الالمتركز اإلداري جمموعة من األهداف لتنفيذ صالحيات احلكومة يف جمال السياسات‬
‫العمومية على املستوى اجلهوي بشكل يراعي اخلصوصيات اجلهوية واإلقليمية‪ ،‬ويضمن إلتقائيتها وجتانسها‬
‫وتكاملها داخل هندسة ترابية تتطلب مهام جديدة للتنسيق والقيادة‪ ،‬هبدف إجياد حلول ملختلف املشاكل‬
‫العمومية على املستوى الرتايب ومعاجلتها‪ ،‬وابلتايل فقد أسند امليثاق للوايل مهمة اإلشراف على املصاحل‬
‫الالممركزة للدولة‪ ،‬إبعتبارها متثل السلطات احلكومية على مستوى اجلهة والعمالة واإلقليم‪ ،‬عند قيامها بتفعيل‬
‫تنفيذ السياسات العمومية والقطاعية على املستوى الرتايب‪ ،‬وابلتايل أصبح ملزما إبختاذ املبادرة لتحقيق الفعالية‬
‫والنجاعة‪ ،‬ومدخال لتحقيق إلتقائية السياسات العمومية على املستوى اجلهوي وذلك بواسطة بنيات إدارية‬
‫تتوىل تنفيذ السياسات يف اجملاالت اجلهوية واإلقليمية ويتعلق األمر ب‪:‬‬
‫اللجنة اجلهوية للتنسيق‪ :‬إذ حتدث لدى وايل اجلهة وحتت رائسته‪ ،‬وتتكون من عمال العماالت‬
‫واألقاليم التابعة لدائرة النفوذ الرتايب للجهة‪ ،‬والكاتب العام للشؤون اجلهوية‪ ،‬ورؤساء مصاحل الدولة‬
‫الالممركزة على مستوى اجلهة‪ ،‬عالوة على املسؤولني عن املراكز اجلهوية لإلستثمار‪ ،‬واملسؤولني‬
‫اجلهويني للمؤسسات العمومية املعنية‪ .‬وميكن أن منيز يف ما يتعلق إبختصاصاهتا بني املهام اليت تصب‬
‫يف قناة تنسيق أنشطة املصاحل الالممركزة‪ ،‬واملهام املندرجة يف جمال السهر على حسن سري هذه‬
‫املصاحل‪ .‬فبالنسبة للمهام األوىل فقد عهد للجنة اجلهوية للتنسيق‪ ،‬ابلعمل على إنسجام وإلتقائية‬
‫ووحدة عمل املصاحل الالممركزة على املستوى اجلهوي‪ ،‬وإبداء الرأي حول مشاريع السياسات والربامج‬
‫العمومية للدولة على املستوى اجلهوي‪ ،‬وإقرتاح التدابري الكفيلة بتذليل كل الصعوابت اليت قد تعرتض‬
‫إجنازها‪.‬‬
‫أما ابلنسبة للمهام الثانية املتعلقة ابلسهر على حسن سري املصاحل الالممركزة‪ ،‬فتتجلى مهام اللجنة يف‬
‫العمل على أتمني إستمرارية اخلدمات العمومية اليت تقدمها هذه املصاحل الالممركزة للدولة‪ ،‬وإبداء الرأي‬
‫بشأن مقرتحات توزيع اإلعتمادات املالية حسب احلاجيات والربامج اجلهوية‪ ،‬وإبداء الرأي بشأن‬
‫مقرتحات الربجمة امليزانياتية لثالث سنوات وتقارير جناعة األداء القطاعية وخمططات اإلستثمار للدولة‬
‫املتالئمة معها‪ ،‬إنسجاما مع التوجهات العامة للدولة هبذا اخلصوص‪.‬‬

‫على الرغم من كون اللجنة اجلهوية للتنسيق ستساهم يف ضمان إلتقائية السياسات القطاعية على‬
‫املستوى الرتايب اجلهوي‪ ،‬إال أننا نؤيد التوجه املنتقد هلذه السياسة‪ ،‬حبكم كوهنا قد خالفت رأي اجمللس‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي‪ ،‬إذ مل ختصص هذه اللجنة اجلهوية مكانة ملمثلي اجلماعات الرتابية‬
‫وخاصة رؤساء اجملالس اجلهوية ضمن الرتكيبة اإلدارية للجنة‪ ،‬مما قد يضعف حتقيق اإللتقائية الرتابية‬
‫ويقوي من هيمنة اإلدارة املركزية عن طريق ممثليها ابجلهات يف رسم السياسات العمومية الرتابية‪.‬‬
‫وابلتايل نرى على أنه البد من تعديل املادة ‪ 31‬من امليثاق‪ ،‬وجعل مؤسسة رئيس اجلهة ضمن تركيبة‬
‫اللجنة اجلهوية للتنسيق‪ ،‬ألنه اليعقل أن نتحدث عن دور اجلهات يف حتقيق اإللتقائية بني الربامج‬
‫واملشاريع العمومية‪ ،‬والتصاميم اجلهوية إلعداد الرتاب وبرامج التنمية اجلهوية يف ظل غياب خماطب‬
‫ميثل اجلهة داخل هذه اللجنة‪.‬‬
‫الكتابة العامة للشؤون اجلهوية‪ :‬وتعترب من اآلليات املؤسساتية املوضوعة من أجل مساعدة الوالة يف‬
‫القيام إبختصاصاهتم جتاه املصاحل الالممركزة للدولة‪ ،‬ويرأس هذه البنية حتت سلطة وايل اجلهة‪ ،‬كاتب‬
‫عام للشؤون اجلهوية يعني من قبل وزير الداخلية‪ .‬وتتحدد مهامها يف التنسيق واملواكبة الالزمة ملساعدة‬
‫وايل اجلهة يف ممارسة صالحياته جتاه املصاحل الالممركزة‪ ،‬وحتضري إجتماعات اللجنة اجلهوية للتنسيق‬
‫والسهر على تنسيق أشغاهلا‪ ،‬وإعداد تقارير دورية ترفع إىل اللجنة حول حصيلة تنفيذ السياسات‬
‫العمومية والقطاعية على مستوى اجلهة‪ ،‬عالوة على إعداد تقرير سنوي للجنة اجلهوية للتنسيق‪ ،‬والذي‬
‫يبعثه وايل اجلهة إىل اللجنة الوزارية لالمتركز اإلداري قبل متم شهر مارس من كل سنة‪ ،‬على أن تقوم‬
‫هذه األخرية إبصدار تقرير سنوي حول حصيلة أعماهلا‪.‬‬
‫إن فكرة إحداث الكتابة العامة للشؤون اجلهوية ابملغرب مستمدة من التجربة الفرنسية اليت تعود لسنة‬
‫‪ 1964‬لكن‪ ،‬ويف املقابل مل أيخذ مبا هو معمول به يف فرنسا‪ ،‬إذ جند أن الكتابة العامة للشؤون‬
‫اجلهوية تضم إىل جانب الكاتب العام ومساعديه‪ ،‬قطبني أساسيني‪ ،‬القطب األول خيتص بتحديث‬
‫عمل املصاحل الالممركزة‪ ،‬و القطب الثاين خيتص بتتبع تنفيذ السياسات العمومية على املستوى اجلهوي‬
‫وتنسيق أعمال املصاحل الالممركزة‪ ،‬وابلتايل فإننا نرى أنه كان من الالزم على املشرع املغريب إتباع نفس‬
‫النهج الذي سار عليه نظريه الفرنسي مما سيعطي دفعة قوية لعملية التنسيق وتتبع تنفيذ السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬وابلتايل تضافر اجلهود لتحقيق إلتقائية السياسات القطاعية على املستوى اجلهوي‪.‬‬
‫اللجنة التقنية للعمالة أو اإلقليم‪ :‬من أجل مساعدة عامل العمالة أو اإلقليم يف ممارسة‬
‫اإلختصاصات املوكولة إليه يف تنسيق أنشطة املصاحل الالممركزة للدولة واملؤسسات العمومية اليت متارس‬
‫مهامها على مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬والسهر على حسن سريها‪ ،‬تناط ابللجنة التقنية إختاذ مجيع‬
‫التدابري الالزمة لضمان تنسيق أنشطة املصاحل الالممركزة للدولة على مستوى العمالة أو اإلقليم‪،‬‬
‫ومواكبة برامج ومشاريع اإلستثمار املقررة وأشغال التجهيز املراد إجنازها على مستوى العمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ،‬وتتبع تنفيذ السياسات العمومية القطاعية‪ ،‬وإقرتاح مجيع التدابري الكفيلة بتحسني جودة‬
‫اخلدمات العمومية املقدمة إىل املرتفقني على مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬ويتوىل عامل العمالة أو‬
‫اإلقليم رفع التوصيات من أجل إحداث متثيليات إدارية على مستوى العمالة أو اإلقليم اتبعة لقطاع‬
‫وزاري معني أو مشرتكة بني قطاعني وزاريني أو أكثر‪ .‬مما يساهم يف ضمان إلتقائية السياسات العمومية‬
‫القطاعية على مستوى العمالة أو اإلقليم‪ ،‬من خالل دور اللجنة يف مواكبة املشاريع القطاعية والسعي‬
‫إىل تذليل كافة الصعوابت اليت قد تعرتض إجنازها وكذا من خالل إبداء رأيه حول عقود الربامج املزمع‬
‫إجنازها فوق تراب العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫لقد ألقى ميثاق الالمتركز اإلداري ابلثقل على وايل اجلهة‪ ،‬للتنسيق بني املصاحل الالممركزة للدولة‪ ،‬واجلماعات‬
‫الرتابية‪ ،‬وجمموعاهتا‪ ،‬وهيئاهتا‪ ،‬من أجل إجناز براجمها ومشاريعها التنموية يف إلتقائية وجتانس وتناغم من أجل‬
‫ضمان جناح تنفيذ سياسات الدولة على املستوى اجلهوي‪ ،‬لكن ما ميكن أن نستنتجه‪ ،‬يكمن يف كون‬
‫اجلماعات الرتابية غري حاضرة يف امليثاق بشكل متكرر‪ ،‬لكون هذا األخري يهم اإلدارات الالممركزة وعالقتها‬
‫ابملصاحل املركزية‪ ،‬مسجال أن فلسفة املرسوم تقوم على وضع آليات للتنسيق رهن إشارة الوايل‪ ،‬تضمن جناح‬
‫القطاعات احلكومية يف تنفيذ براحمها بكيفية منسجمة‪ ،‬مما يضمن فعاليتها‪ ،‬وعليه فإن النص يهم اإلدرات‬
‫املركزية ومصاحلها اخلارجية‪ .‬كما جند أن ميثاق الالمتركز اإلداري قد نص على أن يقوم الوالة إبحاطة‬
‫السلطات احلكومية مبختلف التدابري املتخذة‪ ،‬وكذا وضعية تنفيذ الربامج واملشاريع واألشغال بغية تذليل‬
‫الصعوابت اليت قد تعرتض تنفيذها‪.‬‬
‫إن مهام التنسيق املوكولة إىل مؤسسة الوايل أدت إىل جعل اإلدارة املركزية تشتغل بشكل أفضل وذلك راجع‬
‫إىل تعزيز التنسيق األفقي بني القطاعات الوزارية وتنمية العمل البني – وزاري يف إلتقائية وتناسق بني كافة‬
‫املتدخلني على املستوى األفقي فيما يتعلق ابلسياسات العمومية القطاعية على املستوى الرتايب‪ ،‬لكن وحسب‬
‫وجهة نظران‪ ،‬فاألمر ال يبدو هبذه البساطة و السهولة‪ ،‬ذلك أن تضاعف عدد الوزارات بفعل تنامي تدخل‬
‫الدولة‪ ،‬وإندماج الوزارات يف بعضها البعض كما شهدان بفعل التعديل الوزاري األخري الذي أفرز حكومة‬
‫الكفاءات‪ ،‬يرتتب عنه دمج بعض القطاعات الوزارية أو جتزيئ البعض اآلخر‪ ،‬مما يؤدي يف الغالب إىل تفتيت‬
‫العمل اإلداري على الصعيد املركزي‪ ،‬مع ما يصاحب ذلك من بطئ وتعقيد يف التسيري والتنسيق البني‪-‬‬
‫وزاري‪ ،‬وينعكس سلبا على مستوى اإلنسجام بني عمل الوزارات‪ ،‬ويؤدي ابلضرورة إىل إعاقة اإللتقائية على‬
‫املستوى الرتايب‪ ،‬واليت تتطلب عمليات منسجمة للمصاحل الوزارية على املستوى العمودي من أجل حسن‬
‫تنزيلها من املركز إىل املستوى الرتايب‪.‬‬

‫إن التفكري حسب وجهة نظران يف إحداث مندوبيات جهوية وإقليمية تتضمن جتميع مصاحل متعددة تضم‬
‫أكثر من قطاع وزاري‪ ،‬إىل جانب املؤسسات العمومية اليت تقع حتت وصاية هذه القطاعات الوزارية‪ ،‬أصبح‬
‫ضروراي من أجل ضمان تنسيق أفضل‪ ،‬وضمان إلتقائية سياسات هذه القطاعات الوزارية‪ ،‬بدل اإلقتصار فقط‬
‫على دور الوايل‪/‬العامل للقيام ابملهام التنسيقية‪ ،‬واليت قد تؤدي إلنتاج مركزية جديدة لكن من نوع جهوي‪،‬‬
‫خاصة وأن مؤسسة الوايل تربطها عالقة عمودية بوزارة الداخلية اليت تغلب عليها املقاربة األمنية بدل املقاربة‬
‫التنموية‪ ،‬هذا التجميع هو معتمد يف التجربة الفرنسية‪ ،‬وتعترب نتائجه جد مهمة على مستوى اإللتقائية‬
‫والتناغم بني القطاعات الوزارية على املستوى اجلهوي‪ ،‬حيث سيؤدي ذلك حسب رأينا‪ ،‬إىل تغري يف املشهد‬
‫اإلداري ابجلهات‪ ،‬والعماالت واألقاليم‪ ،‬واجلماعات‪ ،‬حيث سينتج عنه جتميع املصاحل الالممركزة يف شكل‬
‫مديرايت جهوية متناغمة يف أداء مهامها‪.‬‬

‫إن إتباع هذا النهج التنظيمي سيؤدي يف هناية املطاف لتحقيق اإللتقائية فيما يتعلق ابلسياسات القطاعية‬
‫على املستوى الرتايب والتنزيل السليم لسياسات الدولة‪ ،‬شريطة منحها الصالحيات التقريرية الفعلية‪،‬‬
‫واإلمكانيات املادية والبشرية‪.‬‬

‫كما أنه قد ابت من الالزم منح الوايل‪/‬العامل إمكانية تقدمي ملتمسات يف حينه إلعادة توجيه وتنظيم إدارة‬
‫الالمتركز على مستوى اجلماعة واإلقليم واجلهة كلما تطلب األمر ذلك حبسب حاجيات الشأن احمللي‪ ،‬كما‬
‫نقرتح عالوة على ما سبق‪ ،‬ضرورة تكوين جملس وطين إلدارة الالمتركز وأن يشمل من بني أعضاءه‪ ،‬رؤساء‬
‫اجلماعات الرتابية بتالوينها الثالث على املستوى الوطين‪ ،‬من أجل العمل على تتبع وتقومي أوجه القصور فيما‬
‫يتعلق ابلعالقات األفقية بني املتدخلني يف الشأن الرتايب من أجل ضمان اإللتقائية الرتابية وجناح ورش اجلهوية‬
‫املتقدمة‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬التصاميم املديرية لالمتركز اإلداري ورهان حتقيق إلتقائية السياسات العمومية‪.‬‬

‫تعترب التصاميم املديرية لالمتركز اإلداري نظام تدبري إداري ترايب تقرتن مبوجبه اجلهوية املتقدمة ابلالمتركز الفعال‪،‬‬
‫وهو نظام يعتمد املستوى الرتايب كمنطلق وأساس لتقدمي اخلدمة العمومية وتدبريها‪ ،‬كما كرست التصاميم‬
‫املديرية لالمتركز اإلداري منطا جديدا لتوزيع االختصاصات قائم على مرتكزات أساسية(الفقرة االوىل)‪ ،‬ومن‬
‫أجل إستخالص ذلك سنحاول قدر املستطاع تقدمي قراءة يف التصميم املديري لالمتركز اإلداري املتعلق بوزارة‬
‫الداخلية(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬املرتكزات األساسية للتصاميم املديرية لالمتركز اإلداري‪.‬‬

‫يعترب التصميم املديري لالتركيز اإلداري خمططا يروم إعادة تنظيم الالتركيز تفعيال للتوجيهات امللكية‪ ،‬وصدور‬
‫املرسوم رقم ‪ 2.17.618‬مبثابة امليثاق الوطين لالمتركز اإلداري‪ ،‬واملرسوم رقم ‪2.19.40‬بتحديد منوذج‬
‫التصميم املديري املرجعي لالمتركز اإلداري تطبيقا ملقتضيات املادة ‪ 20‬من امليثاق‪ ،‬والذي يروم تنزيل مضامني‬
‫ميثاق الالمتركز اإلداري وتوفري الشروط الالزمة لتنفيذ السياسات العمومية على الصعيد الرتايب‪ ،‬وضمان‬
‫إلتقائيتها وتناسقها وإنسجامها ملواكبة ورش اجلهوية املتقدمة‪.‬‬

‫لقد كرست التصاميم املديرية لالمتركز اإلداري منطا جديدا لتوزيع االختصاصات‪ ،‬حبيث حتدد مجيع‬
‫الصالحيات واملهام اليت سيتم نقلها أو اليت ستكون موضوع تفويض إىل املصاحل الالممركزة للدولة على مستوى‬
‫اجلهات وعلى مستوى العماالت أو األقاليم‪ ،‬هذا عالوة على آلية يف غاية األمهية‪ ،‬ويتعلق األمر ابإلتفاقيات‬
‫والعقود املربمة بني اإلدارات املركزية واملصاحل الالممركزة حيث ستساهم يف التحديد الدقيق لإللتزامات مما‬
‫سيساهم يف تكريس مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة‪ .‬فالتصاميم املديرية لالمتركز اإلداري ختول للمصاحل الالممركزة‬
‫للدولة صالحيات تقريرية تفضي إىل حتقيق وحدة عمل مصاحل الدولة على املستوى اجلهوي أو اإلقليمي‪،‬‬
‫وإمكانية إحداث متثيليات إدارية جهوية أو إقليمية مشرتكة بني قطاعني وزاريني أو أكثر‪ ،‬ويعين هذا األمر‬
‫اإلستغناء عن عدد من املديرايت املركزية اليت ستنقل سلطها إىل املصاحل اجلهوية واإلقليمية للقطاعات‬
‫احلكومية‪ ،‬اليت ستتمتع بصالحيات تغنيها عن إنتظار التأشري من اإلدارة املركزية‪ ،‬مما سيساهم حسب رأينا يف‬
‫وحدة التدخالت العمومية على املستوى األفقي وتكاملها وجتانسها‪ ،‬وابلتايل الوصول إىل حتقيق اإللتقائية‬
‫على مستوى تصور وبرجمة وتنفيذ السياسات العمومية على املستوى الرتايب‪ ،‬مما سيؤدي لعدم ضياع الفرص‬
‫التنموية على مستوى املشاريع االقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وحتقيق السرعة والفعالية والنجاعة يف‬
‫حل املشاكل العمومية‪.‬‬

‫لقد حدد املرسوم ‪ 2.19.40‬حماور أساسية‪ ،‬يف شكل وثيقة مؤطرة لتنفيذ سياسة الالمتركز اإلداري‪ ،‬عبارة‬
‫عن جداول وإستمارات مت توزيعها على خمتلف الوزارات إلعداد تصميم مديري لالمتركز اإلداري من طرف‬
‫جلنة الالتركيز اإلداري على مستوى كل وزارة‪ ،‬وتشمل عددا من املعطيات كالتايل‪:‬‬
‫اإلختصاصات‪ ،‬السيما منها التقريرية‪ ،‬اليت سيتم نقلها إىل املصاحل الالممركزة‪ .‬طبقا لقواعد توزيع‬
‫اإلختصاصات املنصوص عليها يف املواد ‪ 14‬و ‪ 15‬و ‪ 16‬من املرسوم رقم ‪ 2.17.618‬مبثابة‬
‫ميثاق وطين لالمتركز اإلداري‪.‬‬
‫اإلختصاصات اليت ميكن أن تكون موضوع تفويض إىل املصاحل الالممركزة للدولة على مستوى اجلهة‬
‫وعلى مستوى العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫توزيع املوارد البشرية بني املصاحل املركزية واملصاحل الالممركزة للدولة على مستوى اجلهة وعلى مستوى‬
‫العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫توزيع املوارد املادية بني املصاحل املركزية واملصاحل الالممركزة للدولة على مستوى اجلهة وعلى مستوى‬
‫العمالة أو اإلقليم‪.‬‬
‫حتديد األهداف املراد حتقيقها من قبل املصاحل الالممركزة للدولة على مستوى اجلهة والعمالة أو اإلقليم‬
‫يف ضوء اإلختصاصات اليت سيتم نقلها إليها ومؤشرات قياس جناعة أدائها يف حتقيق هذه األهداف‪.‬‬

‫إن اإلختصاصات املنقولة من املركز إىل احمليط يف إطار الالمتركز اإلداري‪ ،‬ستسمح حسب وجهة نظران‬
‫بتحقيق اإللتقائية مع التوجهات الكربى للدولة يف إطار من الفعالية والنجاعة والتنزيل السليم للسياسات‬
‫العمومية للدولة‪ ،‬وتنفيذ الربامج واملشاريع التنموية على الصعيد اجلهوي‪ ،‬مما سيسمح إبختاذ القرارات بشكل‬
‫أفقي يف اجملال الواحد‪ ،‬وحتقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية وفق رؤية واضحة وموحدة بني مجيع‬
‫األقطاب الرتابية‪ ،‬ويسمح إبعمال مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة‪ ،‬وتقييم األداء يف تقدمي اخلدمات‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أنه قد صادقت اللجنة الوزارية لالمتركز اإلداري برائسة السيد رئيس احلكومة يوم الثالاثء‬
‫‪ 31‬دجنرب ‪ 2019‬ابلرابط‪ ،‬يف اجتماعها العاشر على آخر التصاميم املديرية‪ ،‬وبذلك أهنت املصادقة على‬
‫هذه التصاميم جلميع القطاعات احلكومية‪ ،‬يف إطار اآلجال القانونية املرتبطة بوضع التصاميم املديرية لالمتركز‬
‫اإلداري‪ ،‬وتطبيقها على املستوى امليداين‪.‬‬

‫وقال رئيس احلكومة‪ ،‬يف تصريح صحفي يف ختام اإلجتماع‪ …“ ،‬أصبح لدينا اآلن خريطة لالختصاصات‬
‫اليت سيتم نقلها للجهات من خمتلف القطاعات احلكومية‪ ،‬وبقي أمامنا فقط تعديل بعض املقتضيات القانونية‬
‫والتنظيمية لتصبح اإلدارات اجلهوية قادرة على ممارسة عدد من االختصاصات اليت كانت حكرا على اإلدارات‬
‫املركزية”‪ .‬وأضاف رئيس احلكومة‪…” ،‬إن هذا اإلجناز سيقرب عددا من اخلدمات للمواطنني وللمقاولة‪،‬‬
‫ويوفر عليهم اجلهد والزمن ويسهل عليهم احلياة”‪ ،‬موضحا أنه سيتم البدء بعد ذلك مباشرة يف تنفيذ نقل‬
‫االختصاصات وفق الربجمة احملددة يف التصاميم املديرية‪.‬‬
‫وأوضح رئيس احلكومة‪ ،‬أنه سيتم العمل على تنفيذ التصاميم املديرية وفقا خلطة تدرجيية‪ ،‬متتد على الثالث‬
‫سنوات املقبلة‪ ،‬ابملوازاة مع تنفيذ خارطة الطريق تروم مراجعة القوانني املنظمة للقطاعات الوزارية واملؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع اجلهوي‪ ،‬ونظام احملاسبة العمومية والصفقات العمومية‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬أنمل يف التنزيل السليم هلذه التصاميم على أن تتم ممارسة اإلختصاصات الفعلية التقريرية‬
‫من لدن املصاحل الالممركزة‪ ،‬من أجل جتاوز معيقات تنفيذ السياسات العمومية على املستوى الرتايب اليت كانت‬
‫والتزال حلد الساعة تعرف ختبطا واضحا بسبب التدخل املركزي العمودي للقطاعات الوزارية يف بلورة‬
‫السياسات العمومية الرتابية‪ ،‬وما يرتتب عن ذلك من أتخري يف الفعل العمومي‪ ،‬وتنزيل لسياسات عمومية ال‬
‫تتناسب مع وضعية خمتلف اجلهات‪ ،‬وال أدل على ذلك من الظروف اليت مر هبا قطاع التعليم يف ظل جائحة‬
‫مار سكورون احيث تم إعتماد التعليم عن بعد وتفعيله كسياسة عمومية وطنية منذ‪ ،2020‬على الرغم من‬
‫باتكون بع ضالجهتا لم تسجل تباتاح الات إصاةب بلاوباء‪ ،‬أو سجلت على مر أزيد من أربعة أشهر صإا‬
‫قليلة جدا مقارنة جبهات أخرى‪ ،‬يف حني كان على الوزارة املعنية ابلقطاع تفويض هذا اإلختصاص‬
‫للمندوبيات اجلهوية لقطاع التعليم يف إطار سياسة الالمتركز اإلداري‪ ،‬لتتخذ اإلجراء األنسب حسب تطور‬
‫احلالة الوابئية على مستوى اجلهة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التصميم املديري لالمتركز اإلداري‪ -‬قراءة يف التصميم املديري لوزارة الداخلية كنموذج‪-‬‬

‫يقوم ميثاق الالمتركز اإلداري على نظام ترايب انجع تقرتن مبوجبه اجلهوية املتقدمة ابلالمتركز الفعال‪ ،‬فهو نظام‬
‫يعتمد املستوى الرتايب كمنطلق وأساس لتقدمي اخلدمة العمومية وتدبريها‪ ،‬وهبذا اخلصوص أطلق امللك حممد‬
‫السادس بتاريخ ‪ 19‬شتنرب ‪ 2018‬املرحلة الثالثة من املبادرة الوطنية للتنمية البشرية(‪ )2023-2019‬واليت‬
‫تقوم على تكريس التدبري املندمج للمشاريع وحتقيق اإللتقائية بني خمتلف الربامج القطاعية ملؤسسات الدولة‬
‫واجلماعات الرتابية‪.‬‬

‫وإستنادا إىل التوجيهات امللكية السامية الرامية لتقريب اإلدارة من املرتفق واملالمسة امليدانية ملشاكله واإللتزام‬
‫بفعالية وجناعة خدمته‪ ،‬إخنرطت وزارة الداخلية يف مسلسل الالمتركز اإلداري وذلك إبجنازها ملشروع التصميم‬
‫املديري لالمتركز اإلداري والذي أكدت من خالل حماوره األساسية على مواكبة ودعم اجلهوية املتقدمة‪،‬‬
‫ومواكبة تنزيل األوراش التنموية على املستوى الرتايب وتشجيع اإلستثمار وخلق فرص الشغل وتقريب اخلدمات‬
‫من املرتفقني وتبسيط املساطر وتقليص اآلجال عالوة على حتسني ظروف عمل موظفي وزارة الداخلية‪ ،‬وذلك‬
‫وم كله من أجل ضمان التنزيل السلمي لماضمين ميثاقا للاتمركز‪ ،‬وتفعي لالمرسرقم ‪2.19.40‬بتحديد منوذج‬
‫التصميم املديري املرجعي لالمتركز اإلداري تطبيقا ملقتضيات املادة ‪ 20‬من امليثاق‪.‬‬

‫وإنطالقا من قراءة مضامني التصميم املديري لوزارة الداخلية‪ ،‬بناء على اجلرد الذي قامت به من أجل حتديد‬
‫اإلختصاصات املزمع نقلها أوتفويضها إىل املستوى الرتايب على إمتداد ثالث سنوات واليت أسفرت عن ما‬
‫جمموعه ‪ 107‬إختصاص تقريري سيمكن تنزيلها الفعلي من إعطاء دفعة قوية ملسلسل الالمتركز اإلداري وتغيري‬
‫النمط احلايل للتدبري اإلداري مما سيؤدي لتحقيق األهداف املرجوة من إعتماد سياسة الالمتركز اإلداري وحتقيق‬
‫التنمية الشاملة واملستدامة واملتكافئة بني مجيع جهات اململكة‪.‬‬

‫و خبصوص توزيع هذه اإلختصاصات على مدى ثالث سنوات املخصصة لتنزيل ورش الالمتركز اإلداري‬
‫حسب ما ورد يف التصميم املديري‪ ،‬فستشهد السنة األوىل المتركز ‪ 61‬إختصاص أي بنسبة ‪ 57‬ابملائة فيما‬
‫سيتم المتركز ‪ 16‬إختصاص يف السنة الثانية أي بنسبة ‪ 15‬ابملائة وسيتم إختتام هذا التنزيل بالمتركز ما‬
‫جمموعه ‪ 30‬إختصاص املتبقية أي بنسبة ‪ 28‬ابملائة يف السنة الثالثة‪.‬‬

‫وخبصوص توزيع هذه اإلختصاصات حسب املديرايت فيمكن توضيحه من خالل اجلدول التايل‪:‬‬
‫ومن خالل اإلطالع على توزيع هذه اإلختصاصات املزمع نقلها أو تفويضها إىل املستوى الرتايب كما ورد‬
‫التصميم املديري لالمتركز اإلداري لوزارة الداخلية بعد اإلطالع عليه‪ ،‬ميكننا أن نسجل أهم مرتكزاته األساسية‬
‫على النحو التايل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعزيز تقريب اخلدمات العمومية إىل املرتفقني وأتمني إستمراريتها‬
‫وذلك بتمكني عمال العماالت واألقاليم من إختاذ جمموعة من اإلجراءات والقرارات املتعلقة بتدبري‬
‫شؤون اجلماعات الساللية والدفاع عن مصاحلها أمام القضاء‪ ،‬وختويل والت اجلهات وعمال‬
‫العماالت واإلقاليم التقرير يف طلبات امللزمني املتعلقة ابإلبراء أو التخفيف من الزايدات والغرامات‬
‫والذعائر وابقي اجلزاءات املتعلقة ابلرسوم اليت يتم تدبريها من طرف مصاحل اجلماعات الرتابية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬تعزيز أتهيل وتشجيع اإلستثمار‪.‬‬
‫وذلك من خالل متكني عمال العماالت واألقاليم من تتبع حتصيل املبالغ املالية املتعلقة بعمليات‬
‫الكراء والتفويت والشركات عالوة على متكينهم من صالحيات إختاذ القرارات اإلدارية املرتبطة برخص‬
‫سيارات األجرة يف إطار تنظيم قطاع النقل من خالل منحها أو إلغائها أو السحب املؤقت هلا‪،‬‬
‫ابإلضافة إىل متكني والة اجلهات وعمال العماالت واألقاليم من تثمني أمالك اجلماعات الساللية عن‬
‫طريق التفويت والكراء ودراسة الربامج واملشاريع موضوع طلبات اإلقتناء وتتبع وتنفيذ شروط اإلجناز‬
‫الواردة يف عقود التفويت ودفاتر التحمالت‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬مواكبة التنظيم الرتايب الالمركزي والعمل على ضمان جناعته‪.‬‬
‫من خالل منح الوالت صالحية التاشري على ميزانية اجلهة‪ ،‬ومتكينهم مبعية عمال العماالت واألقاليم‬
‫من اإلشراف على االعمال املالية للجماعات الرتابية يف إطار ممارسة الرقابة اإلدارية على القرارات‬
‫املتعلقة بتدبري اجلباايت احمللي‪ ،‬ومنح الدعم مليزانيات اجلماعات الرتابية‪ ،‬ومواكبة التعاون بني‬
‫اجلماعات وذلك عرب مواكبة إحداث مؤسسة التعاون بني اجلماعات وإحداث جمموعة اجلماعات‬
‫الرتابية والعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التوطني الرتايب للسياسات العمومية من خالل أخذ اخلصوصيات اجلهوية بعني اإلعتبار‪.‬‬
‫من خالل إعتماد تنظيم مؤسسايت جديد الليات احلكامة تضع اجلهة كمستوى ترايب أمثل من أجل‬
‫جناعة تنزيل وأداء براجمها املتعلقة ابلتنمية البشرية‪ ،‬وإحداق قسم ”التنسيقية اجلهوية للمبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية” على مستوى كل والايت اململكة‪ .‬عالوة على وضع خمطط جهوي للتكوين وتقوية‬
‫القدرات‪ ،‬والعمل على تقييم مؤشرات جناعة برامج املبادرة على املستوى اإلقليمي واجلهوي‪ ،‬وإجناز‬
‫الدراسات واألحباث ذات الطابع اجلهوي املتعلقة به‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬متكني الوالة والعمال من الصالحيات الضرورية لتدبري املوارد البشرية‪ ،‬من خالل إحداث‬
‫اللجان اإلدارية املتساوية األعضاء‪ ،‬وتدبري احلياة اإلدارية ملتصريف وزارة الداخلية‪ ،‬والتدبري امليزانيايت‬
‫للموارد البشرية وتدبري احلماية االجتماعية هلم‪.‬‬

‫وقدمت وزارة الداخلية يف ختام تصميمها املديري مقرتحات ملراجعة جمموعة من النصوص القانونية والتنظيمية‬
‫املرتبطة مبمارسة الوزارة لإلختصاصات املزمع نقلها ويتعلق األمر ب‪:‬‬

‫مراجعة القوانني التنظيمية للجماعات الرتابية‬


‫مراجعة القانون املتعلق ابجلباايت احمللية‬
‫إصدار القانون ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على اجلماعات الساللية‬
‫وابلتايل فوزارة الداخلية ستقوم خالل السنة األوىل إبعتماد آلية تفويض اإلمضاء يف إنتظار القيام مبا يلزم من‬
‫تعديالت على النصوص القانونية والتنظيمية لنقل اإلختصاصات التقريرية‪.‬‬

‫لقد قدم التصميم املديري لالمتركز اإلداري على مستوى وزارة الداخلية مشروعا يروم التنزيل امليداين مليثاق‬
‫الالمتركز اإلداري من أجل حتقيق مرامي اجلهوية املتقدمة‪ ،‬وابلتايل سيعزز إلتقائية السياسات العمومية الرتابية‪،‬‬
‫من خالل الدور احملوري الذي أنيطت به مؤسسة الوايل‪/‬العامل يف عالقتها ابجلماعات الرتابية املبنية على‬
‫التنسيق والتعاون والتتبع لضمان حتقيق اإلنسجام واإلندماجية واإللتقائية يف التدخل العمومي الرتايب‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬

‫إن موضوع إلتقائية السياسات العمومية له راهنيته وأمهيته يف صقل مسلسل اإلصالحات اليت يقودها املغرب‬
‫للنهوض أبوضاعه اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬ابلنظر إىل حداثة هذا املوضوع والذي حاولنا‬
‫مقاربته من زوااي خمتلفة من أجل مالمسة اإلكراهات والعوائق اليت حالت والزالت حتول دون حتقيق هدف‬
‫التنمية املندجمة وحتقيق البعد اإللتقائي واإلندماجي للسياسات العمومية يف بعدها الرتايب‪ ،‬رغم كل التقارير اليت‬
‫تشري إىل أن التنمية يف املغرب تشوهبا بعض الشوائب‪ ،‬الشيء الذي جعل مؤشر التنمية ابملغرب حيتل دائما‬
‫مراتب دنيا مقارنة مع ابقي دول العامل‪.‬‬

‫إن واقع السياسات العمومية أصبحت اليوم تتجه وابمللموس إىل كل ما هو حملي وله عالقة ابملسألة اجلهوية‬
‫على إعتبارها الفضاء الذي يسمح بتبلورها خدمة لتحقيق مسار تنموي قائم على القطيعة مع املخططات‬
‫السابقة و التوجه حنو بناء منوذج تنموي فعال مبين على إلتقائية التدخالت والسياسات القطاعية والربامج‬
‫واملخططات ضمن وحدة ترابية مبنية على اإلندماج والتكامل‪.‬‬

You might also like