Professional Documents
Culture Documents
تاريخ النشر2022/06/05 : تاريخ القبول للنشر2022/05/30 : تاريخ االستالم2022/02/16 :
-----------------------
يعد اإلصالح اإلداري بشكل عام عملية شاملة ودينامكية ،ذات حركية مستمرة ومتفاعلة مع ملخص:
متطلبات وضغوطات البيئتين الداخلية والخارجية ،ويزداد األمر تعقيدا ملا يكون اإلصالح موجه وخاص باإلدارة
العامة ،حيث يستوجب عليها ضرورة التكيف مع متطلبات الحدث بكل أبعاده ،للتحول من نظام تقليدي
إلى نظام عصري وفق فلسفة إدارية حديثة ،و تعد حوكمة اإلدارة العامة آلية جوهرية من شأنها املساهمة
في تطوير الدول حيث يفترض عليها العمل للتغلب على تحديات النظام العاملي من جهة ،وللحفاظ على
استمراريتا ككيان قانوني وسياس ي بكل أبعاده على املستوى الوطني والدولي من جهة أخرى.
الكلمات املفتاحية :الحوكمة ؛ اإلدارة العامة؛ اإلصالح اإلداري؛ منظمة القرن 21؛ ؛ الخدمة العمومية ؛
الحكومة.
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 750
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
.1مقدمة:
قدم الفكر الحكومي الحديث واملعاصر تصورا واضحا حول مدى أهمية إعادة التفكير في منهجية وأسلوب
أداء الحكومات ،حيث تكشف لنا الدراسات العمق الجوهري لضرورة تغيير ممارسات موروثة ومستقرة
داخل الدول(خاصة الدول املتخلفة) من شانها عرقلة مسار تطورها ،وهو ما يستوجب ضرورة التوجه
نحو معايير الحوكمة .
وجدير بالذكر أن دراستنا لحوكمة اإلدارة العامة ال يمكن أن يكون خارج نطاق تحليل دور الدولة ،
فتاريخيا كان والزال هذا األخير (دور الدولة )محل دراسة وجدل ألطروحات نظرية شتى من قبل عدة
باحثين على اختالف توجهاتهم الفكرية و اإليديولوجية هذا من جهة ،كما يعد تصميم رؤية إستراتيجية
لإلدارة العامة مطلبا هام لالستمرارية أداءها بجودة وفاعلية على املستويين الداخلي والخارجي من جهة
أخرى .
وعليه استعراضا لطبيعة تلك التحوالت و التفاعالت القائمة ،نسعى ملعالجة املوضوع من خالل
اإلشكالية التالية:
-اإلشكالية:
-ما هي املنظومة اإلدارية البديلة التي تطرحها الحوكمة مقابل األطروحات الكالسيكية لتحديث
اإلدارة الحكومية من جهة وتحسين أداء الخدمة العمومية من جهة أخرى؟.
باإلضافة إلى طرح تساؤالت فرعية :
ما هي الفلسفة الحكومية الجديدة ؟ وما مدى مساهمتها في ترشيد السياسة العامة؟
وما هي مالمح الفكر اإلداري الحكومي املعاصر ؟
و ما هي األدوار املالئمة للحكومة في ظل التغيرات الحاصلة ؟.
-فرضيات الدراسة:
ولإلجابة على اإلشكالية تم صياغة الفرضيات التالية:
-تعد حوكمة اإلدارة العامة فلسفة إدارية معقدة و متعددة األبعاد وليست وصفة جاهزة أو
خبرة مستوردة يمكن نقلها وتطبيقها مباشرة .
-تتباين نتائج نجاح أو فشل الحوكمة وفق املؤهالت التقنية القانونية التي تتوفر عليها الدول.
-منهجية الدراسة:
نظرا لتعقد ظاهرة الحوكمة وتعدد أبعاد دراستها قانونيا ،سياسيا ،اجتماعيا ...فإن املوضوع يستلزم
توظيف مجموعة من االقترابات كاالقتراب القانوني واملؤسساتي و االتصالي و هو ما يسمح بدارسة
الظاهرة من شتى جوانبها .
أهداف الدراسة :
يهدف املقال إلى تقديم طرح تحليلي للموضوع من خالل املزاوجة مابين الجانب املنهجي والنظري ملوضوع
إستراتيجية حوكمة اإلدارة العامة ،وهو ما حاولنا توضيحه من خالل محاور وعناصر املقال ،حيث أشرنا
751 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
في محور املقاربات املنهجية لدراسة و تحليل اإلدارة العامة إلى أهمية توظيف االقترابات املنهجية لتحليل
الظاهرة السياسية بشكل عام و موضوع حوكمة اإلدارة العامة بشكل خاص وهو ما يعطي بعد أكاديمي
للتحليل ،حيث الدراسة تنطلق وتؤسس على منهجية واضحة.
من جانب أخر تم البحث في مؤشرات حوكمة اإلدارة العامة وإستراتيجية تطبيقها بهدف توضيح معايير
وأسس تحقيق الحوكمة على أرض الواقع ،كما تقع مسؤولية نجاح الحوكمة على مدى توفر رؤية
إستراتجية للقيادة .
وخلصنا في محور حوكمة اإلدارة العامة ورهان جودة الخدمة العمومية :مقاربة تحليلية ،إلى إبراز
نماذج الحكومات للقرن ، 21والتي تعد من اآلليات الحديثة للتسيير العمومي ،حيث تقدم الخدمة
العمومية بمعايير وجودة عاملية ،وهو جوهر دراستنا ،فبناء إستراتيجية لحكومة اإلدارة العامة
ينطلق من بعد منهجي وقانوني وفكري في سياق متكامل .
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 752
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
وهو اقتراب وصفي ،يصف الظواهر من خالل معيار الشرعية والتطابق أو الخرق واالنتهاك ،ويستخدم
مجموعة مفاهيم مثل الحقوق الواجبات وااللتزام واملسؤولية ،كما يركز على االتفاقيات واملعاهدات
والعقود من حيث أطرافها وكيفية إعدادها ،وتوقيعها والتصديق عليها (كمال. )1980 ،
ويستخدم هذا االقتراب في مجال العلوم السياسية عامة ،وفي مجال دراسة وتحليل اإلدارة العامة
بصفة خاصة من خالل دراسة مدى التزامها بالقانون ،وينحصر بشكل أساس ي في قيام دولة القانون وهذا
يعني وجود دستور يضبط و يحدد مهام وصالحيات السلطات الثالث :
التشريعية،التنفيذية،القضائية،ويفصل بينها وكذا ضمان حقوق املواطنين من جهة وتحديد واجباتهم
تجاه الدولة من جهة أخرى (بوشعير. )1987 ،
و بالتالي فإن تحليل اإلدارة العامة وفق هذا االقتراب يرتبط إلى حد كبير بمدى تطبيق القانون والخضوع
له.
2.2االقتراب املؤسس ي:
يهدف هذا االقتراب إلى تجنب القيود والحدود التي ارتبطت باالقتراب القانوني الذي يركز على
الجانب الشكلي في دراسته للظواهر كالدولة والدساتير والسلطات ،دون إعطاء أهمية ملؤسسات الدولة
وتفاعالتها مع األبنية الخارجية ،ومن هذا املنطلق أولى االقتراب املؤسس ي أهمية لدراسة الدولة وباقي
املؤسسات وفق إطار متكامل يتضمن دراسة السلوك واألبنية واملؤسسات والقيم ...أي االعتماد على تحليل
متعدد الجوانب واألبعاد نظرا لتعقد الظاهرة االجتماعية وتشابكها (مجموعة. )2019 ،
ويعد املفكر" صامويل هنتنغتون " Samuel,Huntingtonمن أبرز املفكرين الذين اهتموا بدراسة
املؤسسية ومستوياتها ،حيث يرى أن املؤسسية هي العملية التي تحرز بمقتضاها املنظمة أو اإلجراء قيمة
واستقرارا ،وحسبه أن مستوى املؤسسية ودرجتها تختلف من تنظيم آلخر ،من حيث درجة التعقيد
،التكيف ،اإلستقاللية ،التماسك.
فاملؤسسية حسب " Samuel,Huntingtonتمكن املجتمع من تحقيق املصلحة العامة والحفاظ عليها
؛ ألنها تعني وجود مؤسسات سياسية قادرة على تحديد معنى املصلحة العامة وجوهرها ،أما في املجتمعات
التي ال تتوافر فيها مثل تلك املؤسسات الفعالة فإن كل فرد أو زعيم يسعى لتحقيق أهدافه الضيقة وقصيرة
األجل دون اعتبار للمصلحة العامة (. )1968 ،Samuel
3.2اقتراب االتصال:
يعد عالم السياسة األمريكي " كارل دويتش "Karel Deutschأول من استخدم اقتراب االتصال في التحليل
السياس ي ،وقد وردت أفكاره في مجموعة من املقاالت واملؤلفات من أبرزها كتابه " العصب الحكومي" وكتابه
" السياسة والحكم :كيف يقرر الناس مصيرهم" .
ويعتقد "دويتش" أن عملية االتصال تعد جوهرية بالنسبة ألي نظام سياس ي ،فهو يستقبل الرسائل
باستمرار ،التي تستدعيه لقراءتها وتحليلها واالستجابة لها ،وتقوم وسائل االستقبال التي تتلقى املعلومات
في صورة رسائل بنقلها إلى مراكز اتخاذ القرار ،هذه األخيرة تحلل الرسائل وتفك الرموز ومن ثم تصدر قرارا
753 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
وترسله إلى األبنية التنفيذية التي تتخذ اإلجراءات الالزمة ،وتلك القرارات واألفعال التنفيذية بدورها تثير
ردود أفعال مختلفة في شكل تغذية استرجاعية تتلقاها من جديد أجهزة االستقبال لتحولها إلى مراكز القرار
(شلبي.)1997 ،
فجوهر هذا االقتراب يتمثل في عملية التفاعل ما بين عناصر االتصال السياس ي وعلى الباحث تفكيك
كل عنصر وتحليله على حدى من خالل فك رموز الرسالة وفهم محتواها جيدا ،حيث تساهم الخبرة
املشتركة ما بين املرسل ( املسؤول الحكومي ،اإلداري ) واملستقبل ( املواطن ،الزبون) في زيادة فرص نجاح
االتصال ويحدث العكس في حالة تباعد الخبرة الحياتية ما بين املرسل واملستقبل .
كما قد يتعرض االتصال إلى التشويش بقصد أو بغير قصد ( حيث أن القائم بعنصر التشويش قد
يتمثل يكون من البيئة الداخلية كاملعارضة السياسية أو جماعات الضغط ،املنافسين ،...كما قد يكون من
بيئة خارجية كضغوطات دول أجنبية أو منظمات دولية . )....وهو ما يعرقل وصول الرسالة وبالتالي التأثير
في االتصال ،مما يخلق بؤرا للتوتر والصراع ما بين املرسل واملستقبل .
ويتجلى نجاح االتصال أو فشله من خالل مرحلة رجع الصدى ،فقد يكون هذا األخير إيجابيا وبالتالي
نجاح االتصال و وصول الرسالة أو يكون سلبيا مما يفرض على املرسل تعديال في شكل الرسالة أو محتواها،
كما يمكن أن يكون فوريا أو مؤجال ،باإلضافة إلى أثر السياق العام الذي يكون فيه االتصال ويتمثل في
البيئة االتصالية والعوامل املحيطة بها .
وعليه فإن عناصر العملية االتصالية تعتبر مؤشرات لفهم طبيعة السياسات الحكومية ،خصوصا
في ظل الثورة التكنولوجية الحالية التي فتحت مجاالت واسعة لالتصال ،فلم يعد هذا األخير محصورا في
يد الجهات الرسمية فحسب ،وإنما توسع نطاقه إلى الجماهير الواسعة من خالل وسائل التواصل
االجتماعي الحديثة )( réseau sociauxالتي برزت تداعياتها وأثرها في الكثير من القضايا الدولية والوطنية ،
عبر فضاءات افتراضية )… (facbook,tewter,instgramمشكلة من خاللها ما أطلق عليه بالرأي العام
اإلليكتروني.
وتزداد أهمية اقتراب االتصال في خضم األزمات على اختالف مجالتها ( اقتصادية ،سياسية ،
اجتماعية ، )...،مما يستوجب على الدولة أن تتكيف مع متغيرات العملية االتصالية من خالل العمل على
فهم توجهات الرأي العام وفق وظيفة اتصالية حديثة قائمة على تطور العالقة النفسية بين الدولة
واملواطن في املجتمع املعاصر ،وفهم سياسة العمل االتصالي في أدوارها األربعة (التكامل القومي ،الترابط
الحضاري ،املساندة في السياسة الخارجية ،التصدي للغزو املعنوي ) وكل تلك األدوار متكاملة ،كما
يجب على الدولة أن تدع شخصية الفرد تتكون وتتكامل بحرية ودون قيود شرط أن ال يمس ذلك أمنها
واستقرار (فتحي. )2012 ،
وفي إطار كل تلك التفاعالت القائمة والرهانات املفروضة على الحكومات فقد استحدث الفكر
الحكومي "نموذج الحكومة املوجهة بالزبون أو املستهلك" ،فهذه األخيرة محور اهتمامها دراسة تطلعات
الزبون و املجتمع بصفة عامة ،ويأتي ذلك في سياق فلسفة إدارية جديدة تعطي أولوية وأهمية قصوى
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 754
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
للمستهلك أو املواطن الذي يحكم على نجاح أي منظمة عامة أو خاصة و إمكانية استمرارها في السوق ،
فهو الذي يحرك دورة حياة املنظمة من خالل األمر بإنتاج سلعة ما أو بتجهيز خدمة معينة له .
وقد أكدت عدة دراسات على أهمية مشاركة املوطنين في القرارات العامة كآلية جديدة يعتمد عليها القادة
في إطار صنع السياسات العامة ،مع ضرورة أن يكون املواطنين على درجة عالية من الوعي والتثقيف (جون
كاليتون.)2000 ،
استنادا عم جاء في الطرح املنهجي الخاص بتوظيف االقترابات في دراسة وتحليل اإلدارة العامة ،
نخلص إلى أهمية االقترابات في الدراسات األكاديمية بشكل عام ،فهي التي توجه الباحث وترشد تحليله
ضمن نسق فكري منطقي وعقالني ،حيث يمكنه ذلك من الحصول على نتائج نظرية وتطبيقية عن مخلفات
الفعل االجتماعي ،كما تعبر عن خالصة تجارب متراكمة ال يمكن تجاوزها و تجاهلها ،فهي تختصر الكثير
من الجهد والوقت الذي يمكن استغراقه في فهم الكثير من أشكال الفعل االجتماعي (قاسيمي.)2017 ،
كما تجدر اإلشارة أن االقتصار في دراستنا على االقترابات السالفة الذكر ال يعني استبعاد لباقي
االقترابات املنهجية التي من شأنها إعطاء بعد تحليلي أخر عند توظيفها في تحليل ودراسة اإلدارة العامة
كاقتراب القيادة ،اقتراب التبعية ،اقتراب الجماعة ،و اقتراب الدولة واملجتمع ....حيث قدم رواد تلك
اإلقترابات دراسات متباينة إلى حد ما حول الحكومة خاصة والدولة بشكل عام.
755 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
يقاس مؤشر فعالية الحكومة من خالل مدى جودة الخدمات العامة ودرجة استقاللية عمل
الحكومة عن الضغوط السياسية ،وجودة األنظمة وتطبيقاتها ومدى التزام الحكومة بها.
تعد خدمة املواطن هدف أساس ي ومحوري لدى الحكومة ـحيث تسعى إلى توظيف عدة آليات للتكفل
بانشغاالت املواطنين ،و يأتي تطبيق أسلوب الحوكمة لرفع كفاءة وفعالية األداء الحكومي .
3.1.3.مؤشراالستقرارالسياس ي
يعد االستقرار السياس ي أحد أبرز مؤشرات حوكمة اإلدارة العامة ،ملا له من تداعيات واضحة على
الدولة ككل من حيث استمرارية الحكومة واستمرارية خدماتها ،وكذا تأثير ذلك على القطاعات االقتصادية
واألمنية واالجتماعية ...
4.1.3مؤشرجودة الخدمات التشريعية وتطبيقها
يقاس هذا املؤشر من حيث مدى قدرة الحكومة صياغة وتنفيذ سياسات ولوائح فعالة من شأنها
املساهمة في خلق بيئة جاذبة للمستثمرين من الداخل والخارج ،وهذا يعد إقرارا بالدور الحيوي للقطاع
الخاص كفاعل جديد في تقديم الخدمة العمومية..
-5.1.3مؤشرسيادة القانون
يقاس بمدى ثقة املتعاملين بتطبيق القوانين بشكل متساوي على األفراد واملنظمات ،فمؤشر سيادة
القانون له أبعاد تتعدى تأثيرها على الفرد لتشمل املجتمع و قطاع األعمال ،من خالل خلق بيئة استثمارية
جاذبة من خالل حماية حقوق امللكية الفكرية و املساعدة على اإلبداع واالبتكار .
6.1.3مؤشراملشاركة واملسألة :
يقاس بمدى قدرة مواطني بلد ما على املشاركة في انتخاب حكوماتهم ،حيث يكون لهم دور في عملية
اتخاذ القرارات ن وحرية التعبير تجاه قضايا معينة ،وكذا قدرة املواطنين على محاسبة املسئولين عن نتائج
قراراتهم ،كنوع من الرقابة املجتمعية عليهم وهذا من شأنه أن يقلل الفساد و يدعم حقوق و اإلنسان ويؤثر
على التنمية االقتصادية واالجتماعية.
فالحوكمة الرشيدة نظام ال يمكن االستغناء عنهامن أجل بناء مجتمعات تنعم بالسالم و الرفاه
االقتصادي واالجتماعي ،ترتكز على تأسيس القانون وتكوين مؤسسات وطنية فاعلة ،وهي عناصر
ضرورية لكل حكومة تطمح للرقي بالخدمة املقدمة ملواطنيها ،ومستعدة للمسألة على أفعالها وقراراتها
أمامهم .
2.3الرؤية اإلستراتيجية لحوكمة اإلدارة العامة
إن جهود اإلصالح اإلداري تختلف باختالف الظروف الخاصة بكل دولة وحجم التغيير املطلوب
وأهدافه العامة ،فقد يكون اإلصالح اإلداري شامال لجميع عناصر النظام اإلداري أو مقتصرا على عنصر
أو أكثر من عناصره األساسية .إال أن جهود اإلصالح اإلداري قد تتعرض للفشل إذا لم تكن هناك قيادة
تؤمن باإلصالح اإلداري ولها رؤية إستراتيجية مناسبة لظروف كل دولة.
2.3التفكيراإلستراتيجي للقيادة التحويلية
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 756
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
إن التعقيدات التي تعمل في ظلها الحكومات فرضت ضرورة وجود قادة من نوع جديد يحبون التغيير
وقادرون على التكيف وعلى التأثير في التابعين لهم وإلهامهم ،يمثل هذا النوع " القائد التحويلي
، "Transfformational Leaderالذي يتميز بأنه يفكر بطريقة مختلفة إلى حد كبير ،وهو صاحب رؤية
مستقبلية ورسالة ،كما يعتبر أن مبرر وجوده هو نقل الناس من حوله نقلة حضارية،ومن ثم فأهدافه
عالية واملعايير التي يطمح إليها مرتفعة ،وهذا نابع من الثقة الذاتية التي يتمتع بها باإلضافة إلى الحضور
الديناميكي والجاذبية الشخصية املوجهة ألهداف املجموعة ،معتمدا في ذلك على الرموز والشعارات
واللهجات الجديدة املعبرة واستثارة تابعيه عقليا ،وكذا االهتمام برغبات التابعين له ،وكل ذلك يؤدي إلى
خلق دافعية أقوى وأداء أكبر مما كان متوقعا (الهواري.)1999 ،
فأسلوب القائد التحويلي قائم على خلق االبتكار وتنميته لدى مرؤوسيه ،وهو بحاجة لفهم حاجاتهم
ودوافعهم من جهة ،ودراسة نقاط ضعفهم لتطويرها من خالل التدريب والتكوين من جهة أخرى ،وفق
متطلبات إدارة التغيير والتحديات القائمة واملحتملة التي تعمل في ظلها املنظمة.
وإن أهم خاصية تميز القائد التحويلي عن باقي أنماط القادة هو امتالكه لرؤية استراتيجية ملجمل
الظروف والتحديات القائمة أو املحتملة التي من يمكن أن تواجهه ،فالقائد التحويلي ال يملك عص ى سحرية
أو ما شابه ذلك و إنما رؤيته تلك مبنية على استعانته باستشاريين ومتخصصين في شتى املجاالت ( سياسية
–اقتصادية –اجتماعية – مالية – تقنية-ثقافية ....-وغيرهامن املجاالت) حسب طبيعة املنظمة ،كما
يحرص القائد التحويلي على شرح وتوضيح رؤية املنظمة لدى عامة املوظفين و هو ما يساهم في عملية
تحقيق األهداف .
2.3بناء رؤية إستراتيجية:
الرؤية اإلستراتيجية تمثل الحالة املرغوبة ملستقبل املنظمات اإلدارية ،كما تعبر الرؤية على قدرة
القائد االستراتيجي في إحداث التغيير املطلوب والتأثير في اتجاه اآلخرين وتبني ما يخطط إلنجازه ،فهي ال
تعني مجرد تصور أو تخيل ذا عالقة بفترة ما أو أوضاع قادمة ،و إنما هي بمثابة أداة وقدرة تستند إلى
إمكانيات وخبرة ودراسة عقالنية لواقع ومستقبل املنظمة بما يجعلها تحقق الهدف املطلوب في توحيد
العاملين باتجاه أغراض املنظمة العليا (النعيمي. )2012 ،
و من أفضل األمثلة املعبرة عن وضوح الرؤية حينما قال الرئيس األمريكي جون كيندي عام
(1960إنني أعتقد أن هذه األمة يجب أن تلزم نفسها بتحقيق هدف قبل إنتهاء هذا العقد بإنزال رجل
ً
على القمروإعادته ساملا إلى األرض) ،فتلك الرؤية واإلعالن كان بمثابة قوة تحفيزية التي أعطت معنى
واتجاه ليس فقط لبرنامج الفضاء بل ً
أيضا لحياة املهنيين املبدعين في الحكومة.
ويقول روبين سبكيوالند( :لقد حاول أحد الصحفيين أن يعرف مدى تأثير رؤية الرئيس على
العاملين في وكالة ناسا ،فقام بزيارة مقر الوكالة ،فالحظ أن املهندسين والعلماء يعملون بسرعة محمومة،
ولكن أكثر ش يء أثار دهشة الصحفي هو عامل النظافة الذي كان يمسح األرض ،توقف الصحفي وسأل
757 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
عامل النظافة :ماذا تفعل هنا؟ عندها رفع عامل النظافة هامته ونظر إلى عين الصحفي مباشرة ،وقال:
(أنا أساعد في إرسال أول رجل فضاء إلى القمر)
وفي ذلك داللة على أن رؤية الرئيس جون كينيدي قوية للغاية وألهمت العاملين في كل مكان،
ورغم أن جون كينيدي قد تعرض لالغتيال في عام ،1963فإن رؤيته لم تمت معه ،ففي عام 1969م،
حقق الشعب األمريكي حلمه ،لقد ألهمت رؤية كينيدي كل فرد في أمته ،بما فيها عمال النظافة) (كردي).
وعليه تستدعي الرؤية االستشرافية ضرورة وجود قيادة تحويلية قادرة على استيعاب مفاهيم
اإلصالح اإلداري وآلياته ومتطلبات نجاحه .
كما تجدر اإلشارة إلى التفرقة ما بين استراتيجيات املنظمات اإلدارية والتي على أساسها تتحدد طبيعة
املنظمة وقوتها ،حيث منها من تتبنى إستراتيجية دفاعية تبحث على االستقرار ومنتهى أهدافها هو ضمان
البقاء ،حيث تتبنى نمط تسيير إداري تقليدي غير متطور ال يبحث عن التغيير وال يحب املخاطرة ،وهو ما
ينعكس سلبا في غالب األحيان على نشاطاتها وقيمها و موظفيها .
على صعيد أخر نجد املنظمات اإلدارية الحديثة التي تتبنى اإلستراتيجية الهجومية دائمة
البحث عن التغيير والبحث عن الفرص كما تلجأ إلى املخاطرة والتوسع والتغلغل ، ...وهذا يتطلب قيادة
إدارية تؤمن بمفاهيم التسيير اإلداري الحديث وتتبع اإلستراتيجية الهجومية ،لكن ذلك يتم استناد على
دراسات وتحليالت للبيئة التي تعمل فيها املنظمة في أدق تفاصيلها ومجاالتها .
تشير اإلدارة العامة الجديدة إلى تطبيقات إصالحية واسعة النطاق تستهدف تحسين أداء الحكومات و
تعزيز كفاءة ممارساتها ،و هو ما عبر عنه بمصطلح إعادة اختراع الحكومة القائم على الحد من
البيروقراطية و إدماج تطبيقات الحوكمة ،فضال عن تقنين التدخل الحكومي وضبط النفقات العامة
واالتجاه نحو الخصخصة (دولة الحد األدنى) إلى جانب تبني أنماط تسيير إدارة األعمال ومفاهيمها .
1.4مالمح وأسس إدارة القرن 21
في دراسة تحت عنوان البعد الثالث إلدارة القرن الواحد والعشرين ،قدمها "الدكتور سعيد يس
عامر"رفقة 24خبير ،تم رصد مجموعة من املؤشرات إلدارة القرن الحادي والعشرين ،منها:
-عدم وجود نظرية ثابتة أو مدخل إداري جامد يصلح إلدارة القرن الحادي والعشرين ،بسبب تعاقب
أحداث التغيير بمعدالت لم تعد تطاق بسهولة.
ً ً
-إن العنصر البشرى مديرا ومدارا يعتبر حجر الزاوية ملا تنطوي عليه إدارة املوارد البشرية ،وأن عملية
تدريب العناصر البشرية تتطلب الجدية واالنضباط واإلصرار على رفع املستويات واكتساب املهارات .
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 758
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
-تعتبر املؤسسات الكبيرة والقوية أهم ضمانات للشفافية واستقرار للسياسات ،وهي والعامل الحاسم
في عملية النمو االقتصادي والتطور االجتماعي.
-يتوقف بناء املؤسسات القوية على مدى استيعابها للتكنولوجيا الحديثة ،وانتشار ثقافة تكنولوجيا
املعلومات في املجاالت املختلفة.
-يعتبر تحديث الدولة من أهم متطلبات التنمية الشاملة ،وأن اإلبداع والتغيير الفعال يعتبران وجهين
لعملة واحدة ويلزمان إدارة القرن الحادي والعشرين على كافة املستويات (يس عامر.)2000 ،
تلك املؤشرات توحي أن مسألة التغيير واإلصالح اإلداري في شتى مستوياته ومجاالته ،أصبح أكثر من
ضرورة للمنظمات العامة والخاصة التي تبحث عن االستمرارية بجدارة وفعالية ،وفق إستراتيجية
هجومية بدال من اإلستراتجية الدفاعية التي لم تعد تجدي نفعا في عالم يتعامل بمنطق السيطرة والتوسع
،وهو ما تتبناه جل املنظمات املتطورة .ويأتي ذلك في ظل تعقد الحياة االقتصادية واالجتماعية التي أدت
إلى ضرورة زيادة مهارات الهيئات الحكومية وتوفير الخبرات الالزمة لها لتتعامل مع مختلف القضايا
الجديدة.
2.4نماذج من حكومات القرن :21
تسعى النماذج الحكومية في القرن 21إلى ترقية جودة الخدمات الحكومية والتواصل مع املواطنين
وتفعيل دورهم في ضمان تحسين أداء الخدمات الحكومية( .الحكومة الحافزة –الحكومة املوجهة باملستهلك-
الحكومة االيرادية)......
ففي كل مرة يتم التطرق إلى أي أزمة تواجه الحكومة ينبغي دائما أن نتذكر أن تلك األزمة بدأت بسبب
غياب التنظير لفكر حكومي معاصر ،إضافة إلى أن األزمة املالية الراهنة التي تمر بها جل الدول أدت
بالتأكيد إلى ضرورة إعادة النظر أو مراجعة واسعة لكثير من املمارسات اإلدارية التي اعتبرت لفترة طويلة
أنها من املسلمات.
مما يعني ضرورة إعادة اكتشاف الحكومة من مدخل األزمات القائمة أو املحتملة ،والتصرف حيالها
بمنطق أو روح منظمات األعمال ،وفي هذا الصدد نجد الكثير من الباحثين اهتموا باملوضوع نذكر على
سبيل املثال" دونالد ف.كيتل"في كتابه "The Global Public ManagemementRevolutionثورة اإلدارة
العامة العاملية :تقرير حول تحول الحكم الذي شرح فيه أسباب اإلصالح اإلداري و أهدافه ،كما عرض
أهم تجارب اإلصالح الحكومي التي أقدمت عليها بعض الدول ،معتبرا أن الحكومات لجأت لذلك اإلصالح
إلعادة تشكيل دور الدولة وعالقاتها باملواطنين ،معتمدتا في ذلك على مجموعة من األسس
واالستراتيجيات الجوهرية التي شملها اإلصالح اإلداري الحكومي و التي تتمثل في :اإلنتاجية ،التحول إلى
أسلوب السوق ،التوجه للخدمة الزبون ،الالمركزية،ابتكار السياسة ومتابعتها ،املسؤولية عن النتائج
(كيتل.)2003 ،
759 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
وفي ذات السياق جاء كتاب د.سيد الهواري "،اإلدارة األصول واألسس العلمية للقرن ، "21الذي
عرض فيه مجموعة املواصفات واملفاهيم الجديدة التي تتعلق بدور الحكومة في املجتمع ،وذلك حسبما
تناولها الكاتبان "دفيدأوزبورن" و"تيدجيبلر" في كتابهما "إعادة اكتشاف الحكومة" ( Osbovneو ،Ted
.)1993
وهو ما يجعل حكومة القرن 21تختلف اختالفا جوهريا عن حكومة القرن 20فكرا وممارسة ،مثلما يظهر
في األنماط الحكومية املعاصرة التالية:
1.2.4حكومة تداربالرسالة والرؤية بدال من القوانين:
فرغم أهمية القوانين كونها تعمل على التأكد من أن كل ش يء يسير بدقة وانضباط مثلما تم التخطيط
له و بما يحفظ املصلحة العمومية ،إال أن األمر يختلف اختالفا جوهريا عن فلسفة منظمة القرن 21
التي تعتمد على وضوح الرؤية أو وضوح صورة املطلوب إنجازه لدى الجميع ،وهي بذلك أداة تنسيقية قوية
بين مختلف األفراد في املنظمة في املستويات واملناصب اإلدارية املختلفة.
وبذلك فالرؤية ليست استراتيجية ،وإنما هي تصور للصور الذهنية املستقبلية للمنظمة وللقيم التي
تحكمها واتجاهها في املستقبل .وهو ما يتم توضيحه في رسالة املنظمة التي تعبر عن الغرض الذي من أجله
وجدت املنظمة ،وطبيعة عملها والتعريف بعمالئها ...فهي أكثر شموال من الرؤية في ذلك كونها تحتوي على
االستراتيجية العامة للمنظمة وللقيم والقناعات األساسية(شخصية املنظمة) (سيد.)2011 ،
2.2.4حكومة متوقعة لألحداث تفكرتفكيرا استراتيجي هجومي وليس دفاعي :
من خالل التوسع الجغرافي و التغلغل في السوق وقيادته وتحدي املنافسين ،عن طريق البحث في كيفية
تخفيض نقاط الضعف وتعظيم نقاط القوة انطالقا من دراستها للتهديدات والفرص املحتملة ،وذلك
وفق التحليل االستراتيجي الرباعي من خالل تحليل:
الفرص ،Opportunitiesوالتهديدات Threatsومعرفة نقاط القوة ،Strengthsونقاط الضعف
."S.W.O.T" ،Weaknessesومن الضروري املواءمة بين القدرات الذاتية للمنظمة وبين البيئة الخارجية
لها.
-3.2.4حكومة المركزية :
حيث يتجه الفكر اإلداري املعاصر إلى نمط اإلدارة الالمركزية لعدة اعتبارات ،كمواجهة متطلبات
انتشار منظمات األعمال في مختلف األسواق وملواجهة املنافسة واستثمار الفرص الناشئة عن العوملة
عالوة على حتمية توفير املرونة في اتخاذ القرار وسرعة االستجابة لطلبات العمالء ( ،الشبلي و النسور،
.)2011
4.2.4حكومة موجهة باملستهلك:
حيث يكون اهتمام الحكومة باملستهلك أكثر من اهتمامها باألجهزة البيروقراطية ،وذلك من خالل الحرص
على كفاءة وجودة الخدمات ،وكذا السعي للتعرف على احتياجاته ورأيه وردود أفعاله تجاه الخدمات
املقدمة له ،ويأتي ذلك في سياق فلسفة إدارية جديدة تعطي أولوية وأهمية قصوى للمستهلك أو العميل
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 760
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
وذلك نظرا لكون هذا األخير هو الذي يحكم على نجاح أي منظمة و إمكانية استمرارها في السوق ،فهو
الذي يحرك دورة حياة املنظمة من خالل األمر بإنتاج سلعة ما أو بتجهيز خدمة معينة له ،كما أنه هو
الذي يمول ميزانية املنظمة ،وهو من يحكم على جودة السلع والخدمات...
كما يفترض عليها قياس درجة رض ى العمالء لكي تحسن خدماتها ،حيث يكون محور اهتمامها
بالدرجة األولى املستهلك والعميل عبر طرح تساؤل عن القيمة املضافة التي تقدمها له ؟ وعن كيفية وضع
املستهلك في مركز القيادة ؟ حيث يصبح هو موجهها األساس ي عن طريق االستماع للمستهلك وتلقي
شكاويهم واقتراحاتهم( ...سيد.)2011 ،
ومن هنا يبرز الدور الحيوي واملحوري لدور الحكومات في ترشيد السياسة العامة ،كما أن هذه
الفلسفة الجديدة يفترض أن تواكبها إصالحات هيكلية على مستوى الجهاز الحكومي ،أو بتعبير أخر توفير
لها متطلبات وآليات لتنفيذها .فحسب اعتقاد "د.أحمد صقر عاشور" أن إصالح الجهاز الحكومي لكي
ينجح ينبغي أال يتحرك في فلك منفصل أو مستقل عن السياسات والبرامج التنموية ،وإال فلن يكون لهذا
اإلصالح توجها استراتيجيا ،إذ فغاية إصالح الجهاز الحكومي ورسالته ينبغي أن تشتق من أولويات وبرامج
اإلستراتيجية التنموية ،وهذه األولويات والبرامج هي التي تحدد قطاعات الجهاز الحكومي األجدر بالتطوير
الخاتمة:
نصل في األخير إلى التأكيد على أن الحوكمة كأسلوب تسيير حديث جاء في إطار التغير الشامل
الذي مس كل جوانب الدول و في أدق تفاصيلها ،كما أن الحوكمة ليست مقتصرة على الحكومات كفاعل
رسمي في صنع السياسات العامة ،فحسب و إنما امتدت لتشمل فواعل أخرى غير رسمية كالقطاع الخاص
واملجتمع املدني ،واملوطنيين بالدرجة األولى ،فمواطن القرن 21لم يعد يدرك نفسه كمستهلك سلبي
لخدمات الحكومة ،بل يعد كجزء من الحل لعدة قضايا .
لكن تبقى املسؤولية العظمى تقع على الدول والحكومات ،من حيث تهيئة املناخ املناسب لتطبيق
وإرساء مؤشرات الحوكمة على أرض الواقع ،واالستعداد ألي طارئ محلي أو دولي وفق رؤية إستراتيجية
واضحة ودقيقة ،حيث تظل الحكومة في حركية دائمة تترصد الفرص والتهديدات اآلتية من البيئتين
الداخلية والخارجية لالستثمار فيها أو تجنبها .
وبالتالي على الحكومة أن تعمل بروح منظمات األعمال وأن تتصرف بطريقة غير تلك التي تتصرف
بها الحكومة البيروقراطية ،وذلك من خالل اعتماد مؤشرات الحوكمة العاملية ،ألجل الرقي بجودة حياة
املواطنين و تتماش ى مع توقعاتهم سواء من حيث الكم أو النوعية واملواصفات .
761 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
قائمة املراجع:
-مراجع باللغة العربية:
• -املنوفي كمال .)1980( .نظريات النظم السياسية .الكويت :وكالة املطبوعات.
• الهواري سيد .)2011( .اإلدارة :األصول واألسس العلمية للقرن ال( 21اإلصدار ط .)2السعودية:
قرطبة للنشر والتوزيع.
• بن عبد هللا البسام بسام .)2013( .الحوكمة الرشيدة والنمو االقتصادي :اململكة العربية
السعودية حالة دراسية ،في حالة الحوكمة واإلدارة العامة في الوطن العربي .املنظمة العربية
للتنمية افدارية أعمال مؤتمرات :عمان.
• توماس جون كاليتون .)2000( .مشاركة الجمهور في القرارات العامة( .فايزة حكيم ،و احمد
منيب ،املحررون) مصر :الدار الجامعية.
• دونالد كيتل .)2003( .ثورة اإلدارة العامة العامليةـ تقرير حول تحول الحكم( ،اإلصدار ط.)1
(محمد شريف الطرح ،املحرر) السعودية :مكتبة العبيكان.
• سعيد بوشعير .)1987( .القانون الدستوري والنظم السياسية املقارنة (اإلصدار ط .)6الجزائر:
ديوان املطبوعات الجامعية.
• سعيد وأخرون يس عامر .)2000( .البعد الثالث إلدارة القرن الواحد والعشرين .مصر :مركز
وايدسيرفيس لالستثمارات والتطوير اإلداري .
• سيد الهواري .)1999( .القائد التحويلي :رؤية عن قائد بأفكار ومهرات جديدة من أجل انجاز غير
عادي في عالم متغير متنافس (اإلصدار ط .)2مصر :مكتبة عين الشمس.
صالح عبد القادر النعيمي" .)2012( .مواصفات املفكر اإلستراتيجي في املنظمة" ،في األداء •
اإلستراتيجي في املنظمات العامة والخاصة .مصر :املنظمة العربية للتنمية.
عاشور احمد صقر .)1979( .اإلدارة العامة :مدخل بيئي مقارن .بيروت :دار النهضة العربية. •
عامر فتحي .)2012( .الرأي العام اإلليكتروني .مصر :دار النشر للجامعات. •
محمد شلبي .)1997( .املنهجية في التحليل السياس ي ،املناهج ،االقترابات ،األدوات .الجزائر :دار •
قرطبة.
• مؤلفين مجموعة .)2019( .منهجية البحث العلمي وتقنياته في العلوم االجتماعية .برلين :املركز
الديمقراطي العربي.
• ناصر قاسيمي .)2017( .التحليل السوسيولوجي نماذج تطبيقية .الجزائر :ديوان املطبوعات
الجامعية .
جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 : 762
د/عائشة عباش إسرتاتيجية حوكمة اإلدارة العامة :دراسة حتليلية يف املرجعيات الفكرية ومتطلبات اإلصالح اإلداري
• هيثم حمود ،الشبلي ،و مروان محمد ،النسور - .)2011( .اإلدارة :األصول واألسس العلمية للقرن
ال .21السعودية :قرطبة للنشر والتوزيع.
مراجع باللغة األجنبية
،David Osbovneو .)1993( .Gaebler Ted,
ReinvrntingGovernment,HowtheEnterpreneurial Spirit isTransforming the Public ,
.New York: plume Penguin Book .sector
Yale: YaleUniv .Political Order in Changing Soceities .)1968( .Huntington Samuel
..Press
مو اقع اليكترونية:
-أحمد سيد كردي( .،بال تاريخ) .خصائص ورؤية منظمة القرن الـ .21تاريخ االسترداد ،2021 ,10 02
من http://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/posts
-شرح معنى " القيادة التحويلية دليل مصطلحات هارفارد بزنريفيو .)2021 ,09 14( .تم االسترداد من
tps://hbrarabic.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D
9%8:
763 جملة السياسة العاملية ،اجمللد ( ،)6العدد ( ،)1السنة ( ،( 2022ص ص763-750 :