You are on page 1of 25

2018-06-17 ‫ تاريخ النشر‬2018-05-31 ‫ تاريخ القبول‬2018-05-18 ‫تاريخ االرسال‬

‫إشكالية التدبيرالعمومي بين الشرعية القانونية والفعالية التسييرية‬


-‫دراسة حالة الجزائر‬-

.‫ الجزائر‬،1 ‫ جامعة باتنة‬،‫ طالب دكتوراه‬،‫محمد أكحل‬


‫ الجزائر‬،1 ‫ جامعة باتنة‬،‫ أستاذة التعليم العالي‬،‫عواشرية رقية‬

:‫امللخص‬
‫يهدف هذا البحث إلى تناول إشكالية التدبير العمومي من خالل دراسة املقاربة التقليدية املستندة للنموذج الفيبري‬
‫ وكذا األزمة التي عرفها في ظل ضغوطات العوملة وأزمة دولة الرفاه وما‬،‫للعقالنية القانونية البيروقراطية وتحليل عناصرها‬
‫صاحبها من محاوالت إلصالح اإلدارة العمومية والقطاع العمومي من خالل تبني مفهوم املناجمنت العمومي الجديد وفق مقاربة‬
.‫ والفعالية والكفاءة والتي بدورها تطرح تحت منظور الحكامة‬،‫تسييرية تقوم على مبادئ ومفاهيم األداء‬
‫ واملحاوالت الرامية‬،‫مع اإلشارة إلى واقع التدبير العمومي في الجزائر القائم على املقترب التقليدي للمنطق البيروقراطي القانوني‬
.‫ كما تم تقييم مدى نجاح التجربة الجزائرية في تحقيق في ذلك‬،‫لتجاوز أزماته وذلك بالتوجه نحو املناجمنت العمومي الجديد‬
.‫ الحكامة‬،‫ التسييرية‬،‫ اإلداء‬،‫ البيروقراطية‬،‫ الفعالية‬،‫ القانونية‬،‫ الشرعية‬،‫ املناجمنت العمومي‬،‫ التدبير‬:‫الكلمات املفتاحية‬
The Public management Problematic :Legal Legitimacy Vs Managerial Effectiveness- Case study of Algeria-
Abstract:
This paper aims to address the problematic of public management through he study and analysis of its traditio-
nal approach which is based on Weber legal-rationalbureaucratic model ,its crisis experienced under the pres-
sure of globalization and the welfare state ,and the accompanying attempts to reform the public administration
and the public sector by adopting the concept of new public management according to a managerial approach
established on principles and concepts of performance ,effectiveness and efficiency ,which in turn fall under the
foundations of governance.
Then ,it deals with the Algerian public management experience which is based on the traditional legal
bureaucratic approach ,as well as the attempts to overcome its crises by moving to the new public management,
besides to assessing the success of this tendency.
Keywords: management, public management, Legitimacy, Legal , bureaucracy, performance, managerial, go-
vernance.
23
‫مقدمة‪:‬‬
‫عرفت نهاية القرن املا�ضي وبداية األلفية الجديدة تحوالت هامة مست الشأن العمومي‪ ،‬وطرحت عدة إشكاالت على رجال‬
‫القانون والسياسية واالقتصاد واالجتماع‪ ،‬شكلت إدارة الشأن العمومي وتسيير املال العمومي لتحقيق التنمية عنصر رئيسيا‬
‫فيها‪ ،‬تمحورت هذه اإلشكاليات في تحوالت دور الدولة وحجم تدخلها‪ ،‬كما انعكس هذا في طرق وأساليب استخدام القانون‬
‫بفعل العوملة وأزمة دولة الرفاهية‪ ،‬وما نجم عنها من تشكيك في مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬حيث ّأدت هذه املتغيرات االقتصادية‬
‫والسياسية واالجتماعية والتكنولوجية إلى إعادة النظر في نمط تسيير وتصريف الشؤون العمومية بعد األزمة التي عرفها‬
‫َ‬
‫النموذج العقالني البيروقراطي الف ْي َبري الذي يستند إلى الشرعية القانونية والقواعد املسبقة والسلطة الهرمية‪ ،‬ومحاوالت‬
‫إصالح هذه االختالالت التي ُعرفت منذ ستينيات القرن املا�ضي واالعتماد على مقاربة جديدة تستخدم املفردات التسييرية من‬
‫فعالية وكفاءة وأداء وجودة‪ ،‬والتي تجد مصدرها في مفهوم املناجمنت العمومي الجديد في سياق طرح نموذج الحكامة الجيدة‪،‬‬
‫عرفت عديد الدول محاوالت إصالح املنظمات العمومية وتعددت النماذج في بحثها عن الكيفية التي يمكن أن تجعل القطاع‬
‫العمومي يعمل بطريقة أكثرفعالية وكفاءة‪ ،‬ولهذا فإن هذا البحث يهدف إلى‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة عناصرإشكالية التدبيرالعمومي‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل أزمة التسييرالعمومي في ظل املقاربة التقليدية البيروقراطية القانونية ‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز خصائص املقاربة التسييرية كمحاولة لتجاوز أزمة التسييرالعمومي ‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم واقع التدبيرالعمومي الجزائروبلورة رؤية لتحديثه ‪.‬‬
‫والجزائر واحدة من البلدان التي عرفت أزمة التسيير العمومي بعد االعتماد على املنطق البيروقراطي في تسيير الشأن العمومي‬
‫منذ االستقالل إلى غاية بداية التسعينيات‪ ،‬حيث برزت محاولة االعتماد على مقاربة تسييرية تستند إلى مبادئ وممارسات‬
‫املناجمنت العمومي التي أملتها أزمات داخلية‪ ،‬وفرضتها تحوالت دولية حيث تدور اإلشكالية التالية‪ :‬إلى ّ‬
‫أي مدى يمكن تجاوز‬
‫أزمة التسييرالعمومي باالنتقال من الشرعية القانونية إلى الفعالية التسييرية؟‬
‫لإلجابة عن هذه اإلشكالية نقسم البحث إلى ثالثة محاور‪:‬‬
‫املحور األول‪ :‬التدبيرالعمومي من التسييرالعمومي إلى املناجمنت العمومي الجديد‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬التسييرالعمومي بين العقالنية القانونية والعقالنية التسييرية‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬واقع التدبيرالعمومي في الجزائربين املنطق البيروقراطي واملنطق التسييري‪.‬‬
‫املحور األول‪ :‬التدبيرالعمومي من التسييرالعمومي إلى املناجمنت العمومي‬
‫تجسدثالث تيارات فكرية تطور مفهوم التسيير‪ ،‬ويتعلق األمربالتوجه القانوني الذي يهتم أساسا بالظاهرة اإلدارية انطالقا‬
‫من دراسة البنيات اإلدارية والنصوص املنظمة لإلدارة العمومية‪ ،‬أما التوجه التسييري فيسعى إلى عقلنة عوامل اإلنتاج‪ ،‬بهدف‬
‫رفع املردودية للوحدة ككل‪ ،‬واإلنتاجية بالنسبة لكل فرد‪ ،‬ثم التوجه السوسيولوجي‪ ،‬الذي يعتمد أساسا على مفاهيم ومناهج‬
‫علم االجتماع في معالجته للظاهرة اإلدارية‪.1‬‬

‫‪24‬‬
‫َّ‬
‫أوال‪ :‬تعريف التسيير العمومي‪ :‬شكل تقديم تعريف للتسيير تحديا لعديد من الباحثين نظرا للتجاذبات القانونية واالجتماعية‬
‫التي ترتبط بمجاالت تدخل الدولة وعالقتها باملجتمع‪.‬‬
‫يعتبر ‪ Taylor .F‬رائدا في الفكرالتسييري‪ ،2‬حيث ّ‬
‫يعرف املناجمنت كما يلي‪«:‬أن تعرف بالضبط ماذا تريد ثم تتأكد من‬
‫أن األفراد يؤدونه بأفضل طريقة»‪ ،3‬كما جاء في تعريف ‪ ««:Fayol .H‬إن معنى أن تديرهوأن تتنبأ‪ ،‬تخطط‪ ،‬تصدراألوامر‪ ،‬تنسق‬
‫وتراقب «»‪.4‬‬
‫وعرفه ‪G.P.Bergeron‬بأنه‪«:‬العملية التي بواسطتها نخطط‪ ،‬ننظم‪ ،‬ندير ونراقب موارد املنظمة للوصول إلى أهداف معينة»‪،5‬‬
‫أما‪ Terry.G.R‬فيرى أنه هو‪«:‬تحقيق األهداف بواسطة األشخاص اآلخرين«‪.6‬‬
‫أما ‪ woodrowWilson‬فيرى ّأن التسييرالعمومي هو‪«:‬الهدف العملي الذي يتعلق بإنجازاملشروعات العامة بما يتفق مع رغبات‬
‫الناس وحاجاتهم‪ ،‬فعن طريق اإلدارة العامة توفرالحكومات حاجات املجتمع التي يعجزالنشاط الفردي عن الوفاء بها»‪.7‬‬
‫ّإن»مصطلح ‪Management‬في األصل هو مصطلح إنجليزي‪ ،‬ظهر بوصفه علما ألول مرة نتيجة الثورة الصناعية في نهاية القرن‬
‫التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ ،‬حيث زاد االهتمام بعلم اإلدارة‪ ،‬وبرز بوصفه علما تبنته حركة اإلدارة العلمية تزعمها‬
‫ّ‬
‫العلمية”‪ ،‬وتعددت استعماالته بحسب مجال تطبيقه من إدارة األعمال إلى إدارة‬ ‫‪ Frederick Taylor‬في كتابه املشهور”اإلدارة‬
‫املرافق العمومية‪ ،‬أما في الفرنسية فيقول أنصارالتيارالفرانكفوني‪ّ :‬أن مصطلح ‪ Management‬هو مفهوم أنجلو أمريكي ترجم‬
‫إلى الفرنسية من قبل اإلداريين وهو أوسع وأشمل ويتضمن في طياته مفهوم ‪ ،gestion La‬وقد كان الفرنسيون يستعملون‬
‫مصطلح ‪ Administration‬استخداما واسعا للتعبير عن كل املفاهيم اإلدارية بكافة مجاالتها‪ ،‬إلى غاية الثورة الصناعية وما‬
‫صاحبها من ظهور للمصطلح اإلنجليزي‪ Management‬الذي يحتوي املصطلحين السابقين اللذين يقتصران على اإلدارة التي‬
‫تطبق املعارف واملكتسبات اإلدارية دون الحاجة إلى دراسة املؤثرات البيئية أو الجوانب السلوكية”‪ ،8‬حيث يتم تقديم»كلمة‬
‫‪ management‬كتعبيرعن ممارسات مختلفة أكثرحداثة ومرونة وتكيفا‪ ،‬والتي يعبرعنها في الفرنسية بمصطلحين هما‪gestion :‬‬
‫و‪ ،management‬غيرأنه من الخطأ التعبيرعنها في اللغة اإلنجليزية بغيرمصطلح ‪.9”management‬‬
‫هذا‪ ،‬ويتم ترجمة مصطلح ‪ Management‬بمصطلح التدبير أو التسيير في الدول العربية املتأثرة باملنهج الفرانكفوني‪ ،‬في حين‬
‫تمت ترجمته في الدول العربية املتأثرة باملنهج األنجولوساكسوني بمصطلح اإلدارة‪ ،‬مما يطرح تساؤال حول حقيقة داللة هذه‬
‫املفاهيم‪ ،‬وهل هي مترادفات لذات املعنى أم َأن لكل واحد منها معنى مستقال بذاته؟‬
‫ّ‬
‫بالرجوع إلى أصل مصطلح اإلدارة من الفعل أدار الذي يعني في اللغة أدار ال�شيء‪ ،‬أي جعله يدور‪ ،‬بمعنى نظم وتعاطى األمر‬
‫وأحاط به‪ ،‬ويطلق اصطالحا على الجهاز الذي يقوم بالتدبير‪ ،‬ومنه جاء لفظ الدار الذي يطلق على الجهات الحكومية والعامة‬
‫مثل دار األوقاف‪ ،‬وعليه تعني اإلدارة لغة الجهاز واملكان الذي يتم فيه التدبير‪ ،‬ورد مفهوم اإلدارة في القرآن الكريم في موضع‬
‫وها )) [ البقرة‪ .]282 :‬وهي تستخدم‬‫اح َألاَّ َت ْك ُت ُب َ‬ ‫واحد قال تعالى((إلاَّ َأن َت ُكو َن ِت َج َار ًة َحاض َر ًة ُت ِد ُير َون َها َب ْي َن ُك ْم َف َل ْي َ‬
‫س َع َل ْي ُك ْم ُج َن ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هنا فقط في األمور اآلنية الحاضرة التي ال تتطلب التخطيط كتنفيذ األعمال اليومية للعمال”‪ .10‬أما مصطلح التدبير فقد ورد‬
‫َْ َ‬ ‫الس َماء إ َلى الأْ َ ْ ض ُث َّم َي ْع ُر ُج إ َل ْيه في َي ْوم َك َ‬
‫تعالى‪((:‬ي َد ّب ُر الأْ َ ْم َر م َن َّ‬
‫ان ِم ْق َد ُار ُه ألف َس َن ٍة ِّم َّما‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫في القران الكريم في أكثرمن موضع قال‬

‫‪25‬‬
‫َ‬
‫ت ُع ُّدو َن)) [ السجدة‪ ،]05 :‬والتدبيرهو التفكير‪ ،11‬غيرأن استعماله لدى الدول املتأثرة باملنهج األنجلوساكسوني ضل مغيبا‪ ،‬وفي‬
‫الدول املتأثرة باملنهج الفرانكفوني يتم استعماله كمرادف ملصطلح التسيير‪ ،‬في حين ّأن صحيح اللغة هو التدبير الذي"يشمل‬
‫كال من مصطلح اإلدارة والتسيير‪ ،‬ويقصد به تطبيق املجال املعرفي واملهاري والسلوكي والبعد البيئي في املجاالت اإلدارية املختلفة‬
‫بكفاءة وفعالية لغرض تحقيق األهداف املسطرة"‪.12‬‬
‫ثانيا‪ :‬أزمة التسييرالعمومي‪:‬‬
‫ّأدت التحديات االقتصادية والسياسية واالجتماعية والتقنية التي واجهت الدولة والجهازالحكومي في سبعينيات القرن املا�ضي‬
‫إلى تأثيرعلى املنظومة اإلدارية الحكومية التقليدية التي كانت تعتمد على الهياكل والقواعد واللوائح واإلجراءات في اتـخاذ القرارات‬
‫محتكرة بذلك املبادرة في وضع السياسات العامة وتنفيذها ورقابتها إلى البحث عن حلول لتجاوز هذه التحديات‪ ،‬لقد تم تفسير‬
‫هذه األزمة بفشل نموذج التسييرالعمومي بفعل عدة عوامل يأتي في مقدمتها اختالالت النظام البيروقراطي الذي شكل نموذجا‬
‫إيجابيا على املستوى النظري والعملي حتى منتصف القرن املا�ضي بسب العوملة والتحوالت التي مست هياكل الدولة وانتشار‬
‫اقتصاد املعرفة‪ ،‬ذلك ّ‬
‫“أن البيروقراطية القائمة على عقالنية قانونية التي تهتم بالقواعد أو الشكليات أدت إلى تعقد اإلجراءات‬
‫والتمسك بشدة بالقواعد إلى درجة التقديس الذي يجعلها غاية وليست وسيلة لخدمة األهداف مما يؤدي إلى عدم االهتمام‬
‫باملصلحة العامة وتبذيراألموال العمومية”‪.13‬‬
‫كما تعرض دور الدولة في املجال االقتصادي وفشل محاولة إصالحها بسب ضعف األداء وعدم الفعالية إلى انتقادات أفرزت‬
‫ظهور مدارس فكرية تدعو إلى تجديد الفكرالليبرالي معتبرة ّأن أسباب األزمة االقتصادية ُّ‬
‫مرده تعاظم دور الدولة كسبب رئي�سي‬
‫وأن الحل يكمن في تقليص هذا الدور االقتصادي واالجتماعي بإتاحة الفرص للقطاع الخاص‪ ،‬وهذا‬ ‫ألزمة التسيير العمومي‪ّ ،‬‬
‫يعني إدخال آليات السوق واملنافسة في تسييرالقطاع العام في تنفيذ السياسات العامة‪ ،‬حيث ّ‬
‫يتم تقديم الخدمات العامة وفق‬
‫آليات السوق بمرجعية تعتمد عقالنية تسييرية تقوم على مبادئ الكفاءة والفعالية واألداء‪ ،‬هذه املبادئ هي التي تشكل اإلطار‬
‫املرجعي للمناجمنت العمومي الجديد‪.15»*14‬‬
‫ثالثا‪ :‬املناجمنت العمومي الجديد‬
‫بعد تغيردور الدولة الذي عرف تحوالت عميقة بفعل العوملة والتطورات التقنية التي شهدها العالم خاصة بعد نهاية‬
‫الثالثين املجيدة وبدايات أزمة دولة الرفاه في سبعينيات القرن املا�ضي من أزمة اقتصادية شكلت عبئا على املالية العمومية‪.‬‬
‫أدى التشكيك في دور الدولة والتخلي عند دورها التدخلي بسب عدم قدرتها على تلبية املطالب االجتماعية والصحية والوفاء‬
‫بالتزاماتها الناتج عن ظهور تعقيدات ناتجة عن عدم القدرة على السيطرة على الواقع الذي تزداد مشاكله في ظل قلة املوارد‬
‫املالية وزيادة األعباء العمومية واالعتماد على وسائل وأساليب التنظيم اإلداري البيروقراطي الفيبري املستند على الشرعية‬
‫العقالنية التي تمارس فيها الدولة حكمها وصالحياتها استنادا إلى مجموعة من القواعد املسبقة‪»،‬حيث هيمنة العقل ترتبط‬
‫بمجموعة من االعتقادات أولها اإليمان بالعلم‪ ،‬وثانيها اإليمان بالتطور‪ ،‬أي ّأن العقل يستمر في فرض القواعد‪ ،‬وثالثها تعميم‬
‫النماذج املطبقة في الغرب باسم العقل كنماذج مرجعية»‪.16‬‬

‫‪26‬‬
‫لقدتم طرح املناجمنت العمومي كاستجابة للتغير الحاصل في طبيعة دور الدولة واملهام املطلوبة منها في ظل هذا التحول‬
‫واملطالب املتزايدة على الحكامة الجيدة على املستوى العالمي كنموذج لتسيير عمومي فعال لغرض إصالح اإلدارة العمومية‬
‫التقليدية القائمة على القانونية الفيبرية في سياق اإلجابة عن تساؤالت الباحثين والسياسيين واالقتصاديين في الطرق واآلليات‬
‫التي تجعل الحكومة أكثر كفاءة وفعالية‪ ،‬حيث برزت دراسات أكاديمية في ستينيات وسبعينيات القرن املا�ضي تناولت طرق‬
‫تحسين التسييرالعمومي‪ ،‬لتعزيزقدرات الحكومات وأدائها «وظهرفي هذا السياق تياران رئيسيان األول قاده االقتصاديون ممن‬
‫يوصفون بتيار االقتصاد املؤس�سي الجديد‪ ،‬الذين نادوا باعتماد املنطق االقتصادي في عمليات الحكومة‪ ،‬وتقليص تدخلها‪،‬‬
‫واالحتكام إلى آليات السوق‪ ،‬التي يمكنها تحسين الكفاءة االقتصادية‪ ،‬والثاني عرف بالتيار التسييري ‪ managerialisme‬الداعي‬
‫إلى إدخال تقنيات الخبرة املهنية التسييرية املطبقة في القطاع الخاص في القطاع العام”‪.17‬‬
‫يعرف املعجم السويسري للسياسة االجتماعية املناجمنت العمومي الجديد بكونه»اتجاه عام لتسييراملنظمات العمومية تعود‬ ‫ّ‬

‫أول معالم ظهوره إلى بداية التسعينيات في الدول األنجلوساكسونية‪ ،‬وانتشر الحقا في معظم دول منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وعلى عكس التسيير العمومي التقليدي الذي يستمد مبادئه من العلوم القانونية‪ّ ،‬‬
‫فإن أفكار التسيير العمومي‬
‫الجديد مستوحاة من العلوم االقتصادية‪ ،‬ومن سياسات التسيير في القطاع الخاص بهدف تحسين ومعالجة االختالالت‬
‫التي ميزت التسيير العمومي التقليدي‪ ،‬والتي من بينها البيروقراطية‪ ،‬وكذا محاولة االرتقاء باإلدارة العامة إلى مستوى الكفاءة‬
‫والفعالية»‪.18‬‬
‫كما ّ‬
‫عرفته لجنة املناجمنت العمومي ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية باعتباره نموذجا جديدا»يقوم على نشر ثقافة‬
‫تحسين األداء في القطاع العمومي بالتقليل من مركزيته»‪ ،19‬حيث أنه يتميزبالخصائص التالية‪:20‬‬
‫‪ -‬التركيزعلى النتائج‪ ،‬من حيث الكفاءة والفعالية وجودة الخدمة‪.‬‬
‫‪ -‬استبدال البني التقليدية الهرمية واملركزية بهياكل حكامة المركزية‪ ،‬أين تكون الخيارات املالية املتعلقة بالخدمة العمومية‬
‫أقرب ما تكون للمواطن الذي له حق إبداء الرأي مع باقي الشركاء أصحاب املصلحة‪.‬‬
‫‪ -‬منح املسيرين نوع من الحرية في تحديد بدائل التسيير املباشر للمرفق العمومي ووضع أنظمة تسيير تسمح بتحسين مردودية‬
‫السياسات املعتمدة‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام أكثر بكفاءة الخدمات املقدمة من طرف املنظمات العمومية من خالل وضع أهداف خاصة باإلنتاجية وتبني مفهوم‬
‫املنافسة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيزالقدرات اإلستراتيجية للحكومة املركزية لتوجيه تطور الدولة بمختلف أجهزتها‪ ،‬وتمكينها من االستجابة بصورة منهجية‬
‫وسريعة وبأقل تكلفة للتغيرات الخارجية ومختلف القضايا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪Merrien‬أن”املناجمنت العمومي الجديد هو إدخال لقيم وأنماط تسييرعمل املؤسسة الخاصة‬ ‫في حين يرى ‪Xavier-François‬‬
‫والتقنيات املستوحاة أساسا من السوق في اإلدارة العمومية”‪.21‬‬
‫وغير بعيد من التعريف السابق يعتبر‪ّ Bernrath. W‬أن املناجمنت العمومي هو”مجموعة عناصر جديدة في تسيير اإلدارة‬

‫‪27‬‬
‫العمومية والتي تفرض عليها التخلي عن املنطق والبعد القانوني‪ ،‬وتصبح خاضعة للمنطق االقتصادي من خالل إدماج مفهومي‬
‫األداء الناجع والجودة”‪.22‬‬
‫بينما يرى ‪ّ YvanPesqueux‬أن املناجمنت العمومي الجديد هو”مشروعلغرس”روح الشركة” في جهازالدولة‪ ،‬من خالل إدخال‬
‫آلية السوق في أفاقه من منظـ ــور الحكامة الخاصة‪ ،‬وهو ما يعني التظاهر بأن املنافسة‪ -‬التي يشار إليها دائما كأساس كفاءة‬
‫السوق‪ -‬يمكن أن تكون بمثابة مبدأ سيا�سي‪ ،‬بحيث تجعل الجانب املالي مركزيا‪ ،‬وهذا من خالل رفع شعار«‪,Economie »3E‬‬
‫‪.23”EfficacitéEfficience‬‬
‫كما عرفه عمرأكتوف‪ »:‬معناه تحقيق أكبرقدرمن األرباح‪ ،‬وهذا يتطلب اتخاذ قرارات صائبة‪ ،‬ولتحقيق ذلك يستلزم‬
‫شخصا ذا اطالع على واقع التنظيم ومحيطه بصورة كاملة‪ ،‬ولديه األدوات الالزمة التي تمكنه من معالجة املعلومات التي هي‬
‫بحوزته»‪.24‬‬
‫مما سبق يمكن القول ّأن التعريفات املقدمة للمناجمنت العمومي الجديد تعتبره تصورا جديدا لكيفية إدارة املنظمات العمومية‬
‫بشكل يجعلها ّ‬
‫تسيربقواعد الشركات الخاصة وفق منطق السوق وآلياته‪ ،‬بفعل االبتعاد عن املنطق القانوني والعقالنية القانونية‬
‫التي تستند إلى القانون العام والقانون اإلداري تحديدا‪ ،‬حيث املبادئ هي الشرعية واملصلحة العامة والخدمة العمومية‪ ،‬واحترام‬
‫القواعد لصالح املنطق االقتصادي والعقالنية التسييرية التي تستند على تعاليم املناجمنت العمومي الجديد حيث التوصيات‪،‬‬
‫ومدونات قواعد السلوك مثل الفعالية‪ ،‬والكفاءة‪ ،‬واألداء‪ .‬وفي هذا يعتبر املناجمنت العمومي الجديد مذهبا معوملا بفعل دور‬
‫املؤسسات الدولية في نشره وجعله إطارا مرجعيا يؤثرعلى نوعية الخدمة العمومية‪ ،‬وعلى حياة املرفق العمومي‪ ،‬وكذلك على‬
‫طبيعة دور الدولة‪ ،‬الذي يتحول من فاعل مركزي وحيد إلى مجرد فاعل من بين عدة فواعل‪ ،‬في إطارتحوالت الدولة من منظور‬
‫الحكامة‪.‬‬
‫وعليه يقت�ضي البحث إبرازما يميزالتسييرالعمومي املستند إلى الشرعية القانونية‪ ،‬وما تعرضت له من انتقادات بفعل األزمات‬
‫التي عرفتها دولة الرفاهية‪ ،‬واملنظمات العمومية‪ ،‬ومحاوالت إصالحها من خالل تبني مقاربة تسييرية وفق مبادئ وآليات‬
‫املناجمنت العمومي الجديد‪ ،‬ومدى قدرتها على تجاوز املقاربة البيروقراطية القانونية‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬التسييرالعمومي بين الشرعية القانونية والفعالية التسييرية‬
‫في ظل التوجه السائد في معظم اإلدارات العمومية في دول العالم للبحث عن السبل الكفيلة للوصول الىتدبيرالشأن‬
‫العمومي بطريقة تضمن نجاعة الفعل العمومي‪ ،‬وتحقق التنمية املنشودة‪ ،‬تم تبني عدة إصالحات الغرض منها تحسين أداء‬
‫القطاع العام‪ ،‬ونوعية الخدمات املقدمة من طرف املرافق العمومية إلى تبني مقاربات تعتمد العقالنية التسييرية في تسيير‬
‫اإلدارة العمومية مبتعدة في ذلك عن العقالنية القانونية البيروقراطية الفيبرية التي عرفت في مرحلة دولة الرفاه‪ ،‬غير ّأن هذا‬
‫املسعى واجه عدة تحديات ارتبطت أساسا بمقاومة شديدة حاولت اإلبقاء على الطابع القانوني البيروقراطي لإلدارة العمومية‬
‫مع محاولة االستفادة من التعاليم التسييرية املتمثلة في الكفاءة والفعالية واألداء في تسييرالشأن العمومي‪ ،‬يشكل هذا األمرفي‬
‫الواقع صراع عقالنيات بين القانون واملناجمنت العمومي الجديد‪ ،‬تختلف درجات تأثيره من دولة إلى أخرى‪ ،‬ويتنازعه منظوران‬

‫‪28‬‬
‫هما املنظور الشمال أمريكي إلدارة األعمال‪ ،‬واملنظور األوروبي لإلدارة العامة‪ ،‬وخاصة املقترب الفرن�سي ملفهوم الخدمة العمومية‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم التسييرالعمومي في إطارالشرعية القانونية (العقالنية القانونية)‬
‫لقد»تطور مفهوم العقالنية في الدارسات املتعلقة بالتسيير عبر مراحل كانت بداياتها مع فريدريك تايلور ومفهوم الرجل‬
‫االقتصادي‪ ،‬انتقاال إلى مفهوم الرجل االجتماعي لفايول‪ ،‬إلى ماكس فيبر والعقالنية القانونية التي تمثل خصوصية من‬
‫خصوصيات تسييراإلدارة العمومية التي ميزت فترة دولة الرفاه‪ ،‬وكانت قائمة على مقترب أساسه القانون»‪.25‬‬
‫انطالقا من ّأن أي دراسة للتسيير أو الشأن العمومي ال تخرج عن تحليل العقالنية والسلطة؛ ألنه ال وجود ألي تنظيم مهما كان‬
‫نوعه بدونهما «حيث ّأن النظام البيروقراطي الذي قدمه ماكس فيبر على أنه نموذج مثالي يجسد النمط العقالني‪ -‬القانوني في‬
‫ممارسة السلطة باالستقرارواملوضوعية والرشد معتقدا ّأن اتساع دائرة السلطة القانونية في املجتمع يف�ضي إلى وجود مجتمع‬
‫أكثر عقالنية واستقرار بخالف انحصار ممارسة السلطة فيه»‪ ،26‬هذا النظام الذي تستند السلطة فيه ألسس موضوعية يعتبر‬
‫رشيدا؛ ّ‬
‫ألن الوسائل مصممة فيه ومعبر عنها بطريقة واضحة‪ ،‬ولغرض واضح‪ ،‬وهو إنجاز األهداف املحددة‪ ،‬كما يعتبر قانونيا؛‬
‫ألنها تمارس فيه من خالل نظام القواعد واإلجراءات املرتبطة باملركزاملعين‪ ،‬إذا هذه السلطة من خصائصها العقالنية والشرعية‬
‫مبنية على امتثال إرادي وعفوي من األفراد للقواعد القانونية والتنظيمية بطريقة مسبقة وعقالنية لتحقيق األهداف املنشودة‪.‬‬
‫يعرف ماكس العقالنية بأنها»تلك القواعد والقوانين التنظيمية التي تنتجنها السلطة القائمة‪ ،‬وتعطي للتنظيم الفاعلية‬
‫والنجاعة وتكون متحررة من كل الضغوطات غير العقالنية»‪ ،27‬حيث»يقوم النموذج العقالني القانوني على عنصرين رئيسيين‬
‫هما البيروقراطية والقانون‪ ،‬وقد كانت البيروقراطية أنقى نوع عندما ظهر القانون الغربي الحديث باعتباره التجسيد األكثر‬
‫اكتماال للعقالنية الشكلية‪ .‬وكالهما عمال من خالل أدوات ومبادئ الشرعية»‪.28‬‬
‫‪ -1‬خصائص النظام البيروقراطي‪:‬‬
‫ّ‬
‫عرف ماكس فيبرالتنظيم البيروقراطي بأنه»نموذج من الهيمنة الشرعية العقالنية تبني فيه السلطة على أساس قانوني يحدد‬
‫بشكل مجرد وموضوعي أساليب ممارستها بعيدا عن الوالءات الشخصية‪ ،‬وهو ما يجعل ممارسة السلطة مثبتة قانونا‪ ،‬وطاعة‬
‫األوامر مستندة إلى القواعد واللوائح القانونية التي تستند السلطة إليها‪ ،‬وليس إلى الشخص اإلداري اآلمر بها وقد حدد فيبر‬
‫خصائص هذا التنظيم كما يلي‪ :‬التخصص الوظيفي ‪ -‬احتراف الوظيفة ‪ -‬التدرج الهرمي للسلطة ‪ -‬أداء العمل وفق سجالت‬
‫ومستندات رسمية‪ -‬وجود قواعد ولوائح عامة ومجردة تعبرعن عالقات وظيفية بين مراكزقانونية وليس بين أفراد»‪.29‬‬
‫‪ -2‬الدور املتفوق للقانون في النموذج التقليدي للتسييرالعمومي‪:‬‬
‫في النموذج التقليدي من النوع الفيبري القانون العام يضمن أولوية االنتظام واملساواة‪ ،‬الحياد واإلنصاف‪ ،‬التي ترتكزعلى وجود‬
‫قواعد قانونية مجردة وغير شخصية‪ ،‬وفق مقاربة عمودية هرمية وتسلسلية‪ ،‬تضمن الكثير من التجانس في تقسيمات العمل‬
‫واالحترافية‪ ،‬وتخضع الحترام القواعد واإلجراءات‪ ،‬والشفافية املرتبطة بصورة وثيقة بهيئة من املوظفين حيث النزاهة مضمونة‬
‫من الضمانات القانونية‪.30‬‬
‫هذا مما جعل ‪Mockle Daniel‬يعتبر»قوننة هذا النموذج تستجيب لعقالنية الجهاز اإلداري إلى درجة ّأن الخصائص املكونة‬

‫‪29‬‬
‫لهذا األخير قد تم استنساخها من خصائص القانون‪ ،‬ومن القانون اإلداري تحديدا في دول مثل فرنسا‪ ،‬حيث العلوم اإلدارية‬
‫ُّ‬
‫تعد الرافد األسا�سي له»‪.31‬‬
‫ّإن اإلطارالفلسفي واألخالقي املرجعي للتسييرالعمومي وفق املنظور القانوني العقالني يستند إلى مفهومين أساسين هما‪:32‬‬
‫أ‪ -‬املصلحة العامة‪ :‬حيث تعتبر مفهوما مركزيا وأساسيا‪ ،‬يدور عليها النموذج التقليدي للتسيير العمومي‪ ،‬فاإلدارة العمومية‬
‫هي موضوعة بجانب الدولة‪ ،‬وتشارك عن طريق تدخالتها في إحكام ميزان العدل بين مختلف املصالح االجتماعية‪ .‬فالتسيير‬
‫العمومي هو تسييرللمصلحة العامة وتسييرللسلطة العمومية من خالل املرافق العمومية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الخدمة العمومية‪ :‬وهي املرتكزالثاني للتسييرالعمومي التقليدي‪ ،‬وترجع إلى كل نشاط يقع فيه على الحكومة مسؤولية أدائه‬
‫ومراقبته‪ ،‬وهذا األساس جعل الدولة تمتع بمكانة محورية‪ ،‬فلها تقرير ما إذا كان النشاط يتوافر على معيار الخدمة العمومية‬
‫من عدمه‪ ،‬كما يجب أن يستجيب مفهوم الخدمة العمومية لتحقيق املصلحة العامة‪.‬‬
‫وفي الحقيقة أنه»ال يوجد تعريف دقيق ملفهوم الخدمة العمومية من الناحية القانونية‪ ،‬لكونه محل تجاذب عدة مقاربات‬
‫ّ‬
‫اجتماعية واقتصادية»‪ ،33‬حيث يتجلى هذا التجاذب من خالل تحول»املفهوم الفرن�سي للخدمة العمومية‪ ،‬الذي كان يرتبط‬
‫بالجانب القانوني واإلداري‪ ،‬القائم على عدة مبادئ منها املساواة‪ ،‬واالستمرارية‪ ،‬والتكيف‪ ،‬وأصبح يقترب من املفهوم األوروبي‬
‫الذي تخلى عن مفهوم الخدمة العمومية لفائدة مصطلح مفهوم خدمات املنفعة االقتصادية العامة»‪.34‬‬
‫ّإن أهم ما ميزالنموذج البيروقراطي الفيبري أنه جاء إلحداث قطيعة مع املمارسات اإلقطاعية واالستبدادية‪ ،‬بدعوته إلى الشرعية‬
‫والعقالنية ملنع التأثيرات والوالءات الشخصية‪ ،‬واالحتكام إلى قواعد القانون بدل األهواء‪ ،‬بما يضمن الحقوق ويحقق الكفاءة‬
‫املهنية‪ ،‬فهو يعبر عن النموذج املثالي‪ ،‬بفضل التنظيم والرسمية ومركزية اتخاذ القرار‪ ،‬كما أنه يتميز باالستقرار والعمومية‬
‫التي تسهل تطبيقه وتخفض تكلفته‪ ،‬غير ّأن التجارب واملمارسات التي عكست تطبيقه اختلفت من دولة إلى أخرى‪ ،‬فشهدت‬
‫عديد الدول الغربية دعوات إلى ضرورة إحداث تغييرات في هذا النموذج لتجاوز االختالالت التي نتجت عن تطبيقاته املختلفة‪،‬‬
‫واختلفت املقاربات املنتهجة في ذلك‪ ،‬وركزت الدارسات الناقدة للمنطق البيروقراطي القانوني بسب أزمة التسييرالعمومي على‬
‫طريقة التعامل امليكانيكية‪ ،‬وإهمال العالقات اإلنسانية والدوافع النفسية‪ ،‬من خالل النظر إلى املنظمات العمومية كنظام‬
‫مغلق بعيد عن التأثيرات الخارجية‪ ،‬مما جعلها في حالة تعارض مع الواقع‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن األزمة التي عرفها التسيير العمومي في ظل املقاربة التقليدية تسبب في توجيه االنتقادات أساسا إلى القانون الذي شكل‬
‫قلب التنظيم البيروقراطي‪ ،‬باعتباره الوظيفة األساسية للتدخل الدوالتي‪ ،‬وبسب دخوله في حالة تناقض مع عقالنيات املعايير‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهوما ّأدى إلى التشكيك في القانون في ّ‬
‫حد ذاته‪ ،‬وطرح فكرة ضرورة ترشيد اإلنتاج القانوني وفعاليته وجودته‪ ،‬التي‬
‫أصبحت ُتتناول من جانب املردودية االقتصادية‪ّ ،‬‬
‫جراء حالة االنفصال عن الواقع بسب كثرة النصوص وتنازع االختصاص‪،‬‬
‫وهذا مما أدى إلى طرح أزمة التسيير العمومي املتمثلة في عدم فعالية املنظمات العمومية وعدم كفاءتها‪ ،‬ويأتي هذا في إطار‬
‫تأثيرات العوملة‪ ،‬وانعكاساتها على تحوالت الدولة‪ ،‬وفي هذا السياق»يرى أنصار الحكامة ّأن الدولة لم تعد املصدر الحصري‬
‫وأن التنظيم والضبط املركزي بموجب القانون صار مستحيال‪ ،‬كما ّأن الشرعية الرسمية لم تعد قادرة‬
‫للمعيارية القانونية‪ّ ،‬‬

‫‪30‬‬
‫على فرض نفسها بوصفها الشكل الوحيد للرقابة االجتماعية والعدالة»‪.35‬‬
‫وفي املقابل ال يعني أنه تم التخلي عن التنظيم البيروقراطي الفيبري‪ ،‬فأنصارهذا االتجاه يرونه قادرا على تجديد نفسه‪ ،‬ومواكبة‬
‫التطورات الحاصلة بفعل فشل آليات السوق‪ ،‬واألزمات املالية التي حدثت بداية من سنة ‪ ،2008‬والدعوة إلى تدخل الدولة من‬
‫جديد لكونها وحدها القادرة على الحد من انتشاراألزمات املالية التي طالت العديد من الشركات والبنوك العاملية‪.*36‬‬
‫ثانيا‪ :‬املناجمنت العمومي الجديد في اطارالفعالية التسييرية (العقالنية التسييرية)‬
‫لقد»أدت التطورات التي حصلت في الفكر اإلداري‪ -‬التي عرفت انطالقة النظريات السلوكية والعالقات اإلنسانية في ثالثينات‬
‫القرن املا�ضي بعد دراسات هو ثورن التي أجراها فريق من الباحثين بقيادة ‪ Mayo Elton‬في مصانع وسترن الكترك في الواليات‬
‫املتحدة‪-‬إلى توجيه انتقادات مبادئ اإلدارة العلمية والنظرية البيروقراطية”‪ ،37‬حيث ّأن الدارسات في حقل التسييرواإلدارة بدأت‬
‫تستقطب اهتمام الباحثين في علم االجتماع والنفس والسياسة على خلفية التحوالت الكثيرة التي عرفتها املجتمعات الغربية‬
‫بفعل العوملة وأزمة دولة الرفاه‪ ،‬وهذا بالبحث عن السبل الكفيلة بتحسين أداء منظمات القطاع العام وجعلها أكثر فعالية‪،‬‬
‫وفي هذا السياق تم طرح مداخل ونظريات جديدة لتجاوز طروحات الرجل االقتصادي التي نادت بها التايلورية‪ ،‬وكذا طروحات‬
‫الرجل االجتماعي التي نادت بها حركة العالقات اإلنسانية‪ ،‬وكذا طروحات النموذج العقالني‪ -‬القانوني التي نادى بها ماكس فيبر‬
‫إلى تبني عقالنية أخرى‪ ،‬تختلف عن العقالنية الكالسيكية‪ ،‬في محاولة ملواجهة التحديات الجديدة التي تواجه التنظيم سواء‬
‫بداخله أو في محيطه‪ ،‬والتي تتطلب تكنولوجيا جديدة في التسيير واإلدارة‪ ،‬وهو ما يؤكده ‪Waldo‬الذي يرى ّأن»نظرية التسيير‬
‫الحديثة تتصف بالتنوع والتناقض والتنافس واألنماط املتغيرة»‪.38‬‬
‫ولتجاوز أزمة التسييرالعمومي ظهرت عدة اتجاهات تتنمي إلى مجموعتين من األفكار‪ ،‬واحدة مستمدة من حقل االقتصاد‬
‫ممثلة في االقتصاد املؤس�سي الجديد‪ ،‬منها نظرية االختيار العام‪ ،‬ونظرية الوكالة‪ ،‬ونظرية تكلفة الصفقات‪ ،‬واألخرى مستمدة‬
‫من النظم التسييرية‪ ،‬ويهتم بحثنا هذا بالتركيزعلى التسييرية باعتبارها تشكل الجانب العملي للمناجمنت العمومي الجديد‬
‫‪ -1‬التسييرية‪ :39‬يقوم هذا االتجاه على إدخال املبادئ واملمارسات املطبقة في إدارة القطاع الخاص مثل ( إدارة األداء‪ ،‬خدمة‬
‫العمالء‪ ،‬إدارة العقود‪ ).... ،‬في تسيير املنظمات العمومية‪ ،‬بحيث سيمكن تطبيق هذه املمارسات واملبادئ من حل املشاكل‬
‫املرتبطة بفعالية املنظمات العامة‪ ،‬من خالل ترك املبادرة للمسيرين للقيام بعملهم باستخدام مبادئ وممارسات الشركات‬
‫الخاصة‪ ،‬مركزين في ذلك على تحسين اإلدارة بدال من تحسين السياسات أو الترتيبات الدستورية‪ ،‬معتبرين ّأن الحكومات يمكن‬
‫أن تعمل كمشروع تجاري باستخدام مبادئ وممارسات الشركات الخاصة‪.‬‬
‫تعني التسييرية عند‪»:Christine RothmaryAlliso‬استيراد طرق من عالم األعمال إلى املجال السيا�سي وإدخال األفكارواألساليب‬
‫التي تم تطويرها في القطاع الخاص في مجال التسييرالعمومي»‪ ،40‬وهي تطرح حدوث التحوالت التالية‪:41‬‬
‫‪ -‬من تسييرموجه نحو املدخالت الى تسييرقائم على النتائج (املخرجات والنتائج باستخدام مؤشرات األداء )‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة استخدام أدوات السوق في الخدمات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬هياكل تنظيمية اقل هرمية واكثرتخصصا ‪ ،‬واستبدال العالقات الهرمية بعالقات شبه تعاقدية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬فصل أقل صرامة بين القطاعين العام والخاص كمثال على شكل الشراكة بين القطاعين‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪Boston‬أن”جوهرالتسييرية يكمن في أنه بالنسبة ألي منظمة هنالك نشاط عام وفعال للغاية يشتمل على مجموعة‬ ‫في حين يرى‬
‫من املبادئ التي يمكن استخدامها في كل من القطاعين العام والخاص‪ ،‬والشعار النموذجي املرتبط بهذه اإليديولوجية يشبه‬
‫شعار”دع املسيرين يسيرون‪ ،‬يسيرون من أجل النتائج”‪ ،‬الذي يعود أصله إلى فريديك تايلور‪ ،‬والذي تم إحياؤه مع مفاهيم‬
‫الكفاءة والفعالية واالقتصادية”‪.42‬‬
‫أما ‪ Urio‬فيقدم مجموعة من املبادئ التي تظهر أهمية وتأثير الوظيفة التي يقوم بها املسير في املناجمنت العمومي الجديد‪ ،‬من‬
‫خالل إدخال األفكار التسييرية عبراملبادئ اآلتية‪:43‬‬
‫‪ -‬الكفاءة االقتصادية تقوم على مسلمة عقالنية اقتصادية‪ ،‬لشرح سلوك الفاعلين االجتماعيين في جميع مجاالت النشاط‪،‬‬
‫ً‬
‫والسوق إذا هو أفضل وسيلة لتحسن اإلنتاج وتوزيع الثروة‪.‬‬
‫‪ -‬الفصل بين القرارات اإلستراتيجية والقرارات العملياتية يعزز االتجاه نحو خوصصة العقود والخدمات‪ ،‬والدولة أقل تدخال‬
‫في مجال اإلشراف والرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬املبدآن السابقان هما تجسيد ملبدأ الالمركزية التي يجب أن يتم توسعيها وتحفيزها ومنحها أكثر ثقة‪ ،‬وجعل األفراد يتمتعون‬
‫باستقاللية أكثر‪.‬‬
‫‪ -‬دعم املبادئ الثالثة السابقة بتوجيه النشاط الدوالتي للعمل على أساس النتائج‪ ،‬وبالتالي رضا الزبون بدل العمل على أساس‬
‫احترام االجراءات‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد سياسية اقتصادية تقوم على مبادئ أولوية الرقابة املالية‪ ،‬وتعميم عمليات التدقيق‪ ،‬وتقييم األداء‪ ،‬التي تستند إلى‬
‫معاييروقواعد وخاليا األداء‪ ،‬وذلك تحضيرا لنقل السلطة الى املسيرين‪.‬‬
‫‪ -‬املبدأ االقتصادي هو السوق‪ ،‬ورفع القيود عن سوق العمل ضروري‪ ،‬وبالتالي ظهور نظام تعاقدي في العمل يؤدي إلى تهميش‬
‫دور النقابات بسب إلزامية تعديل قوانين العمل‪ ،‬وبفعل تطبيق املبادئ السابقة ّ‬
‫فإن الفاعليين االقتصاديين سيحتلون مكانا‬
‫مهيمنا مقارنة بالسلطات السياسية‪.‬‬
‫أما بخصوص اإلطاراألخالقي والفلسفي اإليديولوجي للعقالنية التسييرية التي ترجع إلى املبادئ التي جاء منها املناجمنت العمومي‬
‫الجديد الذي جاء في سياق عدم قدرة التسيير العمومي على مواكبة مقتضيات العوملة‪ ،‬وعدم فعالية أساليبه ومناهجه‪،‬‬
‫بحيث تم تقديمه كنموذج جديد مرتكزعلى مبادئ االقتصاد السيا�سي الجديد‪ ،‬ونقد دور الدولة وتسييرها»استنادا إلى مقاربة‬
‫تسييرية تعتبر اإلجراءات العامة غير مميزة عن ما يمكن أن تنتجه وكالة خدمة خاصة‪ ،‬وبالتالي تخضع لنفس املعايير‪ ،‬تتنقد‬
‫التركيزاملفرط للوسائل واملوارد في يد القطاع العام‪ ،‬وتدعو إلى خصخصة كبيرة من خالل االستعانة باملصادرالخارجية والتوجه‬
‫إلى السوق‪ ،‬وتصر على الفعالية االقتصادية من خالل معايير تحليل التكلفة والفوائد»‪،44‬وفي هذا اإلطار يمكن اعتبار املقاربة‬
‫التسييرية»إيديولوجية جيدة وشاملة تمس املجتمع كله‪ ،‬باعتبارها تمثل املركزالعملي للمناجمنت العمومي الجديد‪ ،‬بحيث ّأن‬
‫الوحدات االجتماعية األساسية ليست األشخاص وال الدولة‪ ،‬وإنما املنظمات وسلطة املسيرين هي التي ّ‬
‫تكون قوة الدولة»‪.45‬‬

‫‪32‬‬
‫هذا‪ ،‬وترتكز املقاربة التسييرية على نقاط عديدة مستوحاة كلها من أساليب التسيير املنتهجة في القطاع الخاص ومنطق‬
‫السوق‪ ،‬وتعكس عقالنية اقتصادية تهدف إلى تحويل املنظمات الحكومية إلى مؤسسات تجارية تر�ضي املواطن‪ -‬الزبون من خالل‬
‫العمل على تحسين األداء‪ ،‬وتحقيق النتائج من خالل توظيف مفردات تسييرية تأتي في مقدمتها الفعالية والكفاءة واالقتصادية‪.‬‬
‫‪.1‬أ‪ -‬األداء‪ :‬ال يوجد اتفاق بين الباحثين بالنسبة لتعريف األداء‪ ،‬نظرا لتباين وجهات نظر املفكرين في هذا املجال‪ ،‬واختالف‬
‫األهداف املتوخاة من صياغة تعريف محدد له‪ ،‬حيث عرف ‪ Kherakhem.A‬األداء بأنه”تأدية عمل‪ ،‬أو إنجاز نشاط‪ ،‬أو تنفيذ‬
‫مهمة‪ ،‬بمعنى القيام بفعل يساعد على الوصول إلى األهداف املسطرة”‪ ،46‬في حين أورد الكاتبان ( ‪ )Bromily et Miller‬أنه”انعكاس‬
‫لكيفية استخدام املؤسسة للموارد املالية والبشرية‪ ،‬واستغاللها بكفاءة وفعالية بصورة تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها”‪.47‬‬
‫هذا‪ ،‬و»غالبا ما يقدم األداء على أنه أسطورة حاضنة للخطاب التسييري‪ ،‬وفي ظل املنطق االقتصادي ّ‬
‫فإن مفهوم األداء يتعلق‬
‫بالترشيد مركزا على جانب األداء االقتصادي في تحسين أداء املنظمات العمومية‪ ،‬معتمدة على نماذج تقييم تقوم على تبني‬
‫عالقة إيجابية بين املمارسات التسييرية ومؤشرات األداء الوسيطة واملتمثلة في اإلنتاجية والجودة»‪.48‬‬
‫ّإن مصطلح األداء يعبرعن مدى تحقيق األهداف ومدى االقتصاد في استخدام املوارد‪ ،‬كما أنه يعبرعن إنجازاملهام‪»،‬وقد‬
‫عرف مفهوم األداء توسعا ليشمل إنتاج القيمة للزبون بعد أن كان يعبر عن تخفيض التكلفة املعبرة عن املردودية املالية‬
‫واالقتصادية للمساهمين‪ ،‬لينتقل إلى مفهوم أوسع يشمل مراعاة مصالح أطراف أخرى من أصحاب املصلحة»‪.49‬‬
‫وفي ظل النظم التسييرية ّ‬
‫فإن مصطلح األداء يتكون من مكونين رئيسين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪.1‬ب‪ -‬الفعالية‪ :‬ويعرفها ‪”Bartoli.M‬بأنها العالقة بين النتائج املحققة فعال والنتائج املقدرة وذلك من خالل قياس االنحراف”‪،50‬‬
‫ويرى ‪ price James‬بأن الفعالية”يقصد بها عموما درجـة تحقيـق األهداف “‪ ،51‬إذ تتعلق الفعالية بمدى تحقيق األهداف املسطرة‬
‫من قبل املؤسسة طبقا ملعايير تم تحديدها مسبقا‪ ،‬فإذا تمكنت من تحقيقها كانت مؤسسة فعالة‪ ،‬وفي ظل املقاربة التسييرية‬
‫ّ‬
‫فإن إدخال مفهوم الفعالية في القطاع العام يعني العالقة بين األهداف املسطرة والنتائج املتوصل اليها‪.‬‬
‫‪.1‬جـ‪ -‬الكفاءة‪ :‬ويعرفها ‪plauchet Vincent‬بأنها”القدرة على القيام بالعمل املطلوب بقليل من اإلمكانيات‪ ،‬والنشاط الكفء‬
‫هو النشاط األقل تكلفة”‪ ،52‬وهي في ظل املقاربة التسييرية تشير إلى تعظيم القيمة وتخفيض التكلفة‪ ،‬بحيث تعمل املنظمات‬
‫العمومية على االستعمال األمثل للموارد املتاحة لتحقيق النتائج املسطرة من خالل تعظيم األرباح‪ ،‬وتقليل التكاليف‪ ،‬وتعكس‬
‫العالقة بين املدخالت واملخرجات‪.‬‬
‫ويكمن الفرق بين مفهومي الفعالية والكفاءة ‪ -‬وإن بدا أنهما متكامالن‪ -‬في كون ّأن األول يقاس بالقدرة على أداء الدور املتوقع‬
‫منه وبلوغ النتائج املسطرة‪ ،‬في حين يرتبط الثاني بالوسيلة املتبعة للوصول للهدف‪ ،‬ومدى انخفاض تكلفتها‪.‬‬
‫وفي ظل املنطق التسييري ّ‬
‫فإن املنظمة العمومية ال تكون ذات فعالية وكفاءة إال إذا استطاعت تحقيق األهداف املسطرة‪،‬‬
‫وبلوغ النتائج املتوقعة بأكبر قدر من األرباح وأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬وهو ما يعني أهمية اإلنتاجية وقيمة النتائج التي تعكس املعيار‬
‫االقتصادي الذي تعتمده هذه املقاربة‪.‬‬
‫‪ -2‬الفعالية كأساس للمنطق التسييري‬

‫‪33‬‬
‫تقوم العقالنية التسييرية على مبدأ الفعالية‪*53‬الذي يشكل قلب هذه املقاربة‪»،‬وهي تشكل نموذجا رمزيا‪ ،‬ولم تعد األخالق‬
‫معيارا إلزاميا للحكم‪ ،‬بل مجرد متغير يتم أخذه في الحسبان في حسابات التكلفة من الربح أو الخسارة‪ ،‬األمر الذي يجعل من‬
‫الحكم على الفعالية ال يتم وفق معايير النزاهة واألخالق‪ ،‬بل على العكس سيتم إعادة النظر ومراجعة هذه املعايير باستخدام‬
‫أسس أو مؤشرات الفعالية»‪ ،54‬يعني هذا أن املنطق التسييري يتخلى عن القانون واألخالق لفائدة معيار الفعالية‪ .‬كما تسعى‬
‫هذه املقاربة إلى االستفادة من الزخم االصالحي الذي اخترق جل الدول الصناعية خالل العقد املا�ضي‪ ،‬بفعل الدور املحوري‬
‫للمؤسسات املالية الدولية التي تطرحها تحت مسمى الحكامة‪ ،‬حيث «تستخدم آليات املناجمنت العمومي الجديد واملنطق‬
‫التسييري إلصالح البيروقراطيات من خالل السعي لتحسين أداء الدولة‪ ،‬بوضع املنظمات العمومية في حالة منافسة مع بعضها‬
‫البعض ومع املنظمات الخاصة‪ ،‬أو بإطالق الشراكات بينهما‪ ،‬أو إنشاء منظمات شبه مستقلة مسؤولة عن الجزء العملياتي من‬
‫السياسات‪ ،‬واستخدام أسلوب التعاقد‪ ،‬ومضاعفة الرقابة املالية التسييرية‪ ،‬وتقوية اآلليات التشاركية‪ ،‬وجعل املستخدمين‬
‫مراقبين‪ ،‬وتعزيزاالستحقاق»‪ ،55‬كمثال على هذا النهج التسييري نجد القانون العضوي املتعلق بقوانين املالية الفرن�سي ‪))LOLF‬‬
‫رقم ‪ 2001/692‬الصادربتاريخ ‪ 01‬أوت ‪ 2001‬املطبق بداية من سنة ‪« 2006‬الذي سمح باالنتقال من ثقافة الوسائل إلى ثقافة‬
‫النتائج‪ ،‬ومنطق النتائج يرتكز على األداء ( موازنة برامج قائمة على أساس النتائج )‪ ،‬حيث يضم كل برنامج استراتيجية لربط‬
‫املهمة والبرامج باألهداف‪ ،‬من خالل مؤشرات األداء»‪.56‬‬
‫ساهم تبني العقالنية التسييرية املرتبط أساسا بمبدأ الفعالية الكفاءة واالقتصادية في إحداث تحوالت عميقة في البنية الهرمية‬
‫للدولة؛»وذلك بالتمييزبصورة أكثروضوحا بين ما يسمى بالوظائف اإلستراتيجية لإلدارة املركزية وما يسمى بالوظائف العملياتية‬
‫ُ‬
‫التي تنقل إلى هياكل وظيفية إقليمية مستقلة‪ ،‬أو حتى االستعانة بمصادر خارجية عبر تفويض الخدمة العمومية والشراكة‬
‫بين القطاعين العام والخاص»‪ ،57‬وساهم من جهة أخرى في إحداث تحوالت في أساليب الفعل العمومي عن طري االستخدام‬
‫املتزايد آللية التفويض في عملية صنع القانون‪»،‬من قانون وحيد الطرف إلى قانون تفاو�ضي بفعل تحول السلطة التي يتمتع بها‬
‫القانون إلخضاع املعنيين له إلى سلطة وقوة مستمدة من موافقة املخاطبين به‪ ،‬وعليه فقد تحولت بذلك مشروعية القانون‬
‫من مشروعية خاصة مؤسسة على العقل إلى مشروعية إجرائية تجد أساسها في الطرق الجديدة لوضع القاعدة»‪ ،58‬وهذا‬
‫املنطق التفاو�ضي يتجسد في التحول امللحوظ نحو آلية التعاقد»التي ساهمت في تغييرالطبيعة واملفهوم التقليديين للعقد تحت‬
‫تسميات مختلفة كامليثاق‪ ،‬االتفاقية‪ ،‬أو العقد وشبه العقد‪ ،‬يعكس هذا أسلوبا جديدا لتنظيم العالقة املؤسسة من جهة على‬
‫الحوار والبحث عن اإلجماع‪ ،‬ومن جهة أخرى على منطق التعاقد في عملية صنع القانون‪ ،‬التي تأخذ بعين االعتبار مشاركة‬
‫فاعليين آخرين في هذه العملية‪ ،‬إلى جانب الدولة التي أصبحت مطالبة باملرونة‪ ،‬والتأقلم مع معطيات الواقع»‪.59‬‬
‫لقد ّأدى اختراق املنطق التسييري للحقل القانوني إلى اعتبار القانون أداة في خدمة الفعالية االقتصادية؛ لهذا يرى‪Pierre‬‬
‫‪Legendre‬أنه”بفعل تأثير األدوات التسييرية وصل القانون إلى مرحلة من الوسائلية البحتة والبسيطة‪ ،‬التي تجعل منه مجرد‬
‫تقنية ملحقة في خدمة الكفاءة ما بعد الحداثة‪ ،‬ويعكس رجال السياسة هذه الوضعية بفعل استخدامهم ملفاهيم شروط‬
‫اإلجراء‪ ،‬املشروع‪ ،‬القرار‪ ،‬تسيير‪ ،‬الفعالية ومسؤولية‪ ،‬بدال من املفاهيم املعروفة لديهم من قبيل أمة‪ ،‬حكومة‪ ،‬دولة‪ً ،‬‬
‫إقليما‪،‬‬

‫‪34‬‬
‫سلطة‪ ،‬سيادة‪.60”... ،‬‬
‫لقد تم التعبير عن هذه التحوالت في املجال الدولي من خالل استعمال مصطلح الحكامة الجيدة‪ ،‬حيث أعرب األمين‬
‫العام لألمم املتحدة السيد كوفي عنان‪ -‬في املنتدى االقتصادي العالمي سنة ‪»-1999‬عن رغبته في الخروج من أزمة سياسية‬
‫ومالية‪ ،‬بضم املجتمع املدني وقطاع األعمال‪ ،‬واعترف بأنه ال يمكن تحقيق السالم واالزدهار بدون شراکات تشمل الحكومات‬
‫واملنظمات الدولية ومجتمع األعمال واملجتمع املدني»‪ ،61‬وفي نفس االتجاه»سارت مجموعة الثمانية وجميع املؤسسات الدولية‬
‫منذ منتصف التسعينات لتعزيزمفهوم الحكامة الجيدة‪ ،‬حيث يمكن للقطاع الخاص واملجتمع املدني أن يلعبا دورا منتجا‪ ،‬وال‬
‫يقتصراألمرعلى الدول الصناعية فحسب‪ ،‬فقد تم تمريره كذلك إلى الدول النامية من خالل برامج املساعدات املشروطة التي‬
‫تقوم بها املؤسسات الدولية”‪.62‬‬
‫لقد انتقل الخطاب في مجال التسيير العمومي من القانون والشرعية إلى الحديث عن الفعالية واألداء‪ ،‬وهو ما عبر عنه‬
‫بدقة ‪( Romano PRODI‬رئيس املفوضية األوروبية للفترة من ‪ )2000-2005‬موجها خطابه إلى برملاني االتحاد األوروبي في ‪15‬‬
‫فيفري ‪ 2002‬بمدينة ستراسبوغ بقوله‪“ :‬األفعال أكثرقوة من الكلمات‪ ،‬إن فعالية عمل املؤسسات األوروبية هي املصدرالرئي�سي‬
‫لشرعيتها”‪.63‬‬
‫لقد أف�ضى االعتماد على العقالنية التسييرية إلى حدوث تحوالت مهمة في التسيير العمومي‪ ،‬كانت لها نتائج إيجابية ال يمكن‬
‫إنكارها‪ ،‬خاصة في البلدان الغربية‪ ،‬وذلك باعتمادها على تعاليم وممارسات املناجمنت العمومي‪ ،‬حيث تعد التجربة البريطانية‬
‫رائدة في هذا املجال في فتره حكومة ‪ Thatcher Margaret‬سنة ‪ Reagan Ronald ،1979‬في الواليات املتحدة األمريكية ‪ ،1980‬و‬
‫‪ Brian Mulroney‬في كندا سنة ‪ ،1984‬ثم في التسعينياتفي العديد من دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ ،‬وبعدها في‬
‫الدول النامية من خالل املؤسسات املالية الدولية‪ ،‬غير ّأن النجاحات التي تم تحقيقها في مجال تحسين أداء التسيير العمومي‬
‫اختلفت من دولة ألخرى‪.*64‬‬
‫كما كان لها آثار مست دور الدولة وشرعيتها‪ ،‬ولم يقتصر األمر على البلدان النامية‪ ،‬بل تعداه إلى الدول األوربية‪ ،‬التي تعد‬
‫مهد النظرية البيروقراطية والعقالنية القانونية‪ ،‬و»يعد من منتقدي هذ النهج االقتصادي األمريكي ‪JosephStiglitz‬الذي عبر‬
‫في كتابه “خيبة العوملة” على ّأن نتيجة هذه السياسات هي زيادة الفقروالفو�ضى االجتماعية والسياسية في كثيرمن البلدان”‪.65‬‬
‫وفي نفس السياق يرى الباحث ‪ّ Texier Le Thibault‬أن املقولة الشهيرة لالقتصادي ‪ّ Keynes Maynard John‬‬
‫“أن املشكلة‬
‫السياسية لإلنسانية تكمن في الجمع بين ثالثة أمور أساسية هي‪ :‬الفعالية االقتصادية والعدالة االجتماعية والحرية الفردية‪،‬‬
‫قد أصبحت في واقعنا اليوم تعكس تصميم وتفسير العنصرين اآلخرين وفق نمط التفكير التسييري‪ ،‬الذي يعكس عقالنية‬
‫تسييرية»‪.66‬‬
‫ّ‬
‫لقد مست أزمة التسييرالعمومي أغلب دول العالم‪ ،‬والجزائرواحدة منها‪ ،‬بحيث تبنت النموذج البيروقراطي في تسييرالشأن‬
‫العام‪ ،‬غير ّأن األزمة التي ّ‬
‫مرت بها املرافق العمومية والقطاع العام أدت إلى البحث عن حلول لتجاوزها‪ ،‬وهو ما سيكون موضوع‬
‫املحور األخيرمن هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬واقع التسييرالعمومي في الجزائربين املنطق البيروقراطي واملنطق التسييري‬
‫تطور مفهوم التسيير العمومي من مقاربة تعتمد العقالنية القانونية البيروقراطية الفيبرية التي ميزت اإلدارة العمومية‬
‫الجزائرية طيلة القترة املمتدة من سنة ‪ 1662‬إلى غاية سنة ‪ 1989‬على الطريقة الجزائرية إلى عقالنية تسييرية تحاول توظيف‬
‫مفردات املناجمنت العمومي الجديد من فعالية وكفاءة وأداء حيث ينظر إلى املنظمات العمومية كمجاالت تسييرية بداية من‬
‫منتصف سنوات تسعينيات القرن املا�ضي‪ ،‬وهو ما يدفع إلى التساؤل عن مدى استفادة تجربة إصالح تسيير اإلدارة العمومية‬
‫في الجزائر من الحركة التي عرفتها العديد من الدول اإلفريقية‪ ،‬واملتميزة بتقديم املبادئ واملمارسات التسييرية‪ ،‬التي غالبا ما‬
‫ترتبط بممارسات القطاع الخاص‪ ،‬ومدى مساهمتها في إصالح التسيير العمومي في الجزائر‪ ،‬وتقديم نموذج يراعي خصوصياته‬
‫من جهة‪ ،‬ويحقق التنمية املنشودة من جهة أخرى‪.‬‬
‫أوال‪ :‬هيمنة املنطق البيروقراطي في ظل التسييرالعمومي‬
‫اعتمدت التجربة الجزائرية في مجال التسييرالعمومي بشكل أسا�سي على القطاع العام واإلدارة العمومية‪ ،‬لغرض تحقيق‬
‫التنمية الوطنية‪ ،‬حيث امتد نشاط الدولة إلى كافة املرافق االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬حتى بعد دخول الجزائر إلى اقتصاد‬
‫السوق على إثرالتحوالت التي عرفتها الدولة‪ ،‬خاصة خالل فترات تسعينيات القرن املا�ضي‪ ،‬وذلك بعد تبني التعددية في دستور‬
‫‪ ،1989‬مرورا ببرنامج التعديل الهيكلي‪ ،‬وما صاحبه من شروط املؤسسات املالية الدولية لرفع كفاءة القطاع العمومي‪.‬‬
‫تميزت خصائص التسييرالعمومي التقليدي بمرجعية أخالقية وفلسفية‪»،‬تستند أوال إلى مفهومي املصلحة العامة والخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬و ثانيا إلى النظام القانوني لإلدارة العامة‪ ،‬واملحدد في القانون اإلداري والنظام املشترك للمرافق العمومية‪ ،‬وثالثا‬
‫بعقالنية بيروقراطية ونظام احتكاري»‪.67‬‬
‫يعتبرمفهوما املصلحة العامة والخدمة العمومية مرجعين أساسين‪ ،‬حيث ال يقتصرمفهوم املصلحة العامة على أداء الخدمات‬
‫العمومية ذات االرتباط املباشر بالحاجات األساسية للجمهور‪ ،‬والتي يعجز الفرد عن تلبيتها‪ ،‬وإنما يتجاوزها ليشمل كل أوجه‬
‫النشاط االقتصادي واالجتماعي في الدولة‪ ،‬باعتبارها األداة الرئيسية لتوحيد طبقات الشعب‪ ،‬وتحقيق األهداف االشتراكية‬
‫املنشودة في ظل تبني النهج االشتراكي إلى غاية دستور ‪»،1989‬فاملشرع الجزائري يحدد أشخاص القانون‪ ،‬أي األشخاص اإلدارية‬
‫اإلقليمية واألشخاص املرفقية‪ ،‬استنادا إلى معياراملرفق العمومي‪ ،‬الذي يرتكزبصورة كبيرة على مفهوم املصلحة العامة»‪.68‬‬
‫تجسد الخدمة العمومية اإلطاراألخالقي والفلسفي ملفهوم التسييرالعمومي التقليدي‪ ،‬وهي في الجزائرتمثل القاسم املشترك ألي‬
‫تدخل عمومي‪ ،‬حيث ال يقوم التسييرالعمومي إال في حدود الخدمة العمومية‪ ،‬وهي تمثل هنا نشاطا عاما ذا مضمون اقتصادي‬
‫واجتماعي تتواله الدولة لتحقيق املصالح العامة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والتي في ضوئها يتقرر النظام الذي يحكم املرفق‬
‫العمومي‪َّ ،‬‬
‫وتحدد سلطة إنشائه في ظل تبني النهج االشتراكي‪.‬‬
‫ّإن تحليل الوضعية القانونية لإلدارة العمومية»يؤكد هيمنة قواعد القانون اإلداري على مجال التسيير العمومي‪ ،‬األمر الذي‬
‫يجعلها إدارة تتميز بالسلطة العامة بفعل االتجاه التوحيدي لألنظمة القانونية لكل املنظمات العمومية على كل األصعدة‬
‫واملجاالت‪ ،‬لكونها تسعى إلى تحقيق املصلحة العامة»‪ ،69‬وعكس املشرع الجزائري هذ التوجه من خالل ما يلي‪:70‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬تنظيم جميع املؤسسات املختلفة وفق أسلوب التسييراالشتراكي‪.71‬‬
‫‪ -‬صدور القانون األسا�سي العام للعامل في حل لتوحيد النظام القانوني املطبق على كافة األسالك التابعة لإلدارة‪.72‬‬
‫‪ -‬صدور قانون األمالك العمومية عام ‪.731984‬‬
‫‪ -‬وعلى مستوى العقود تم تجسيد هذا االتجاه في نظام الصفقات العمومية‪.74‬‬
‫بخصوص رقابة القضاء على أعمال اإلدارة يعكسه وجود غرف إدارية على مستوى املجالس اإلدارية واملجلس األعلى للفصل في‬
‫الدعاوى اإلدارية وجود قضاء إداري مستقل‪.‬‬
‫ّإن إتباع نمط التسيير العمومي التقليدي في الجزائر أبان عن هيمنة عقالنية بيروقراطية ونظام احتكاري‪ ،‬قائم أساسا على‬
‫السلطة القانونية‪ ،‬فاإلدارة العمومية في الجزائر هي إدارة بالسلطة‪ ،‬وتعتمد أساسا على التشريع لتحديد ما تريد الوصول‬
‫إليه‪ ،‬وتتجسد العقالنية البيروقراطية من خالل أساليب تنظيم املجال العمومي‪ ،‬حيث املركزية في اتخاذ القرا ات‪»،‬إذ ّ‬
‫يعد‬ ‫ر‬
‫مبدأ الوحدة العضوية أهم ميزة يتميز بها التسيير العمومي في الجزائر في مجال تنظيم القطاع العمومي‪ ،‬والتي تجعل من هياكل‬
‫التسييرالعمومي مجموعا مترابطا ومتالحما وكامال»‪.75‬‬
‫وبسب هيمنة اإلطار اإليديولوجي اإلشتراكي على التسيير العمومي تم وضع اإلدارة العمومية في مرتبة أعلى من األفراد‪»،‬فكل‬
‫املرافق العمومية سواء أكانت أشخاصا معنوية إقليمية أم مصلحية تتملص من املنافسة عن طريق االحتكارالقانوني أوالحماية‬
‫القانونية»‪ ،76‬ورغم ّأن املنظمات ال يتم منحها ضمانات تمييزية فإنها ليست في وضعية تنافسية‪ ،‬بما لها من امتيازات السلطة‬
‫العامة فالتسييرالعمومي هنا هو تسييرالقوة العمومية‪ ،‬مما يجعلها بعيدة عن الخضوع ملبدأ املنافسة فعليا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬محاولة االنتقال الى املنطق التسييري في ظل املناجمنت العمومي الجديد‬
‫عرفت الجزائر نهاية سنوات ثمانينات القرن املا�ضي أزمة مشروعية املنظمات العمومية‪ ،‬بسب إخفاقات القطاع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمومي في تسيير القضايا االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ولدت أزمات متعددة األبعاد‪ ،‬شكل رهان تحسين أداء القطاع العمومي‬
‫أولوية فيها‪ ،‬خاصة في ظل تبني دستور ‪ 1989‬الذي عكس التخلي عن النهج االشتراكي‪ ،‬وتبني التعددية السياسية‪ ،‬وسمح ببداية‬
‫تحرير االقتصاد من يد الدولة مرحليا‪ ،‬عبر تشجيع االستثمار األجنبي‪ ،‬وتنظيم القطاع الخاص‪ ،‬وبروز فواعل جديدة أحزاب‬
‫سياسية‪ ،‬وجمعيات‪ ،‬ومجتمع مدني‪ ،‬وتم هذا التحول في سياق دولي تميزبانهياراملعسكرالشيوعي‪ ،‬وسقوط جداربرلين‪ ،‬وتأثير‬
‫متزايد للعوملة من خالل املؤسسات املالية الدولية التي طرحت مفهوم الحكامة لتجاوز أزمة الشرعية‪ ،‬التي رأت أنها تتعلق بأزمة‬
‫تسييرفي بدايتها‪ ،‬فقدمت لها حلوال تتبني املقاربة التسييرية املعتمدة على مبادئ وممارسات املناجمنت العمومي الجديد‪.‬‬
‫حاولت الجزائر في ظل املعطيات الداخلية الخارجية السابقة الذكر تجاوز أزمة التسيير العمومي‪ ،‬التي عرفتها من‬
‫خالل تبني مقاربة جديدة تتجاوز املنطق البيروقراطي‪ ،‬الذي وجهت له انتقادات عديدة‪»،‬كالدور التدخلي املحوري للدولة‪،‬‬
‫واملركزية الشديدة‪ ،‬والتضخم في الجهاز اإلداري‪ ،‬وزيادة الفجوة بين املواطن واإلدارة‪ ،‬وانعدام الثقة بسب تحريف السياسات‬
‫والقرارات‪ ،‬وتعدد األجهزة واللجان الفرعية‪ ،‬وتنازع االختصاص»‪ ،77‬والتمسك بحرفية القوانين واللوائح الذي أدى إلى التحايل‬
‫عليها بسب صعوبة تعديلها‪ ،‬وأفقدها شرعيتها بسب استعمالها كأداة للسيطرة بدل من تكريسها لخدمة املصلحة العامة‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫وارتفاع التكلفة االقتصادية بسب اإلسراف والتبذير الناجم عن غياب الفعالية والكفاءة‪ ،‬كما تم إهمال األساليب العلمية‬
‫بسب ضعف القيادات اإلدارية‪ ،‬التي تميز أداؤها بتغليب العنصر الذاتي في األداء اإلداري إضافة إلى اقتصار وضع الخطط‬
‫التنموية وعلى مجموعة من املوظفين الكباردون وجود مشاركة مجتمعية بسب احتكارها للمعلومات ولسلطة اتخاذا القرار»‪،78‬‬
‫وهو ما َّ‬
‫يعبرعنها بالبيروقراطية املتوحشة‪.‬‬
‫لقد حاول املشرع الجزائري تجاوز الفلسفة التي يستند إليها التسييرالعمومي قبل دستور ‪ ،1989‬التي تنظرإلى اإلدارة العمومية‬
‫كخدمة عمومية‪ ،‬واملوظف كموظف عمومي‪ ،‬ومن القانون كقاعدة‪ ،‬إلى فلسفة جديدة تنظر إلى التسيير العمومي كمجال‬
‫تسييري بامتياز‪ ،‬وإلى املوظف كوكيل‪ ،‬وإلى مدونات وقواعد السلوك كآليات تسييرية لتحسين أداء القطاع العمومي‪ ،‬انعكس‬
‫هذا التوجه في إصالحات هدفت الى تحقيق استقاللية املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬وقد مست القطاع اإلنتاجي دون أن‬
‫تطال باقي املجال العمومي‪ ،‬وهذا بإصدار القانون التوجيهي للمؤسسات الوطنية باملرسوم ‪ 88-01‬املؤرخ في ‪12/01/1988‬‬
‫املتعلق باستقاللية املؤسسات‪ ،‬الذي طرح مفهوم االستقاللية التي»تعني منح مزيد من املبادرة في إطار العمل على التجسيد‬
‫الفعلي لالمركزية وإمكانية التعاقد وفق القانون التجاري بالنظر إلى أنها تمتع بالشخصية املعنوية ومسؤولة عن نشاطها‬
‫وتخضع ملبدأ الربحية‪ ،‬أي أن مبدأ اإلنتاجية والفعالية االقتصادية أصبحا يشكالن أهم املبادئ التي يرتكز عليها التسيير‬
‫العمومي»‪ .79‬كما ُيطرح مفهوم «مبدأ االستقاللية» في إطار السعي إلى تجاوز أزمة التسيير العمومي‪ ،‬ووضع املؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية‪»،‬فهو يشكل شكال من أشكال خوصصة التسيير االقتصادي‪ ،‬باتباع أسلوب القانون الخاص‪ ،‬واالحتفاظ بالصفة‬
‫العمومية للمؤسسة‪ ،‬األمرالذي جعل النصوص املتعلقة تستند إلى أساس قانوني وإداري واقتصادي»‪.80‬‬
‫لقد تعلقت حركة تحديث املرافق العمومية بجانبين أساسين هما تكييف اإلدارات املركزية‪ ،‬وتنظيمها‪ ،‬وتحديث املصالح‬
‫الجبائية‪ ،‬فانصب اإلصالح الذاتي على رفع أداء وتحسين آليات تسيير القطاع العمومي اإلنتاجي‪ ،‬وأغفل املرافق العمومية التي‬
‫بقيت َّ‬
‫تسيروفق النموذج البيروقراطي‪ ،‬في حين ركزت اإلصالحات التي أملتها املؤسسات املالية الدولية في إطارسياسات التعديل‬
‫الهيكلي للفترة املمتدة من ‪ 1995-1998‬على ثالثة نقاط أساسية‪:81‬‬
‫‪ -‬تحسين أداء ورفع كفاء تسييراملؤسسات العمومية االقتصادية في إطاراملبادئ التي جاء ت بها اإلصالحات الهيكلية الذاتية عن‬
‫طريق سن العديد من القوانين مثل األمر رقم ‪06-95‬املتعلق باملنافسة‪ ،83*82‬وكذا ظهور الهيئات اإلدارية املستقلة‪ 84‬كان أولها‬
‫املجلس األعلى لإلعالم‪.85‬‬
‫‪ -‬تحسين أداء املرافق العمومية وهذا بالعمل على إخراج الهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من دائرة الخدمة‬
‫العمومية واملصلحة العامة إلى إطارآليات ومبادئ املناجمنت العمومي الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬الخوصصة والتي تشكل الركن األسا�سي لكل نماذج اإلصالح الهيكلي‪ ،‬والتي ترمي إلى تقليص دور الدولة في التسيير العمومي‪،‬‬
‫وإدخال آليات التسييرالخاص لتحسين أداء القطاع العمومي‪.‬‬
‫كما ّأن هذا التوجه من املشرع الجزائري نحو اعتماد عقالنية تسييرية تجسد في عدة نصوص قانونية‪ ،‬هدفت إلى تحقيق‬
‫الفعالية والكفاءة واالقتصادية من خالل إشراك القطاع الخاص‪ ،‬اعتماد مبدأ استقاللية املؤسسات‪ ،‬وتبني تقنية التعاقد‪،‬‬

‫‪38‬‬
‫وأسلوب تفويض املرفق العمومي‪ ،‬عكس في مجملها تحوال نحو تحقيق مقتضيات الحكامة التي تجسدها آليات املناجمنت‬
‫العمومي الجديد‪ ،‬وفيما يلي أهم هذه النصوص‪:‬‬
‫‪ -‬حمل املرسوم الرئا�سي ‪247-1586‬املتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق العام جديدا تمثل في عقود تفويضات‬
‫املرفق العمومي‪ ،‬حيث اعترف صراحة بتقنية تفويضات املرفق العمومي‪ ،‬التي هي جمع لعقود متناثرة في عدد من النصوص‬
‫القانونية القطاعية‪ ،‬مثل استغالل الثروة املائية‪ ،‬والتطهير‪ ،‬وتشغيل محطات الحافالت‪ ،‬والنقل البري والبحري‪ ،‬وذلك في إطار‬
‫التفويض االتفاقي للمرافق العمومية لفائدة الخواص بحثا عن تمويل خاص وفعالية تسييرية أكبر‪.‬‬
‫‪ -‬كما أدخل األمر رقم ‪ 06-03‬في مواده من ‪ 19‬الى ‪ 8724‬نظام التعاقد لبعض الفئات ألول مرة في التاريخ الوظيفة العمومية‪،‬‬
‫بتشريع العمل بعقود عمل محددة أو غيرمحددة املدة‪ ،‬بالتوقيت الكامل أو الجزئي‪ ،‬بهدف إضفاء املرونة على عملية التوظيف‪،‬‬
‫والتعليمة رقم ‪ 02-2006‬الصادرة عن السيد رئيس الحكومة املتعلقة بعقلنة املناصب املالية في املؤسسات واإلدارات العمومية‪،‬‬
‫إضافة إلى تعليمة الوزارية رقم ‪ 01/2011‬الصادرة عن السيد الوزير األول املتعلقة بإضفاء املرونة على إجراءات التوظيف‬
‫وشفافيتها‪.‬‬
‫‪ -‬في محاولة إلصالح اإلدارة العمومية من أجل الوصول إلى تسيير فعال تم إنشاء لجنة إلصالح هياكل الدولة ومهامها‪ ،88‬بهدف‬
‫تكريس أسلوب الحكامة الجيدة في التسيير‪ ،‬من خالل إشراك املواطن في تسيير الشؤون العمومية‪ ،‬وهو ما تجسد من قانون‬
‫البلدية ‪ ،8911/10‬وقانون الوالية ‪ ،9012/07‬إضافة الى القانون التوجيهي للمدينة رقم ‪ 9106/06‬الذي جاء لدعم تطويرالتسيير‬
‫العقالني باستخدام الوسائل واألساليب الحديثة‪ ،‬وتوفير خدمة نوعية في ظل إشراك املواطنين من خالل آليات التشاور‪،‬‬
‫والتنسيق‪ ،‬والالمركزية‪ ،‬والتسييرالجواري‪.‬‬
‫يبقى أن نشير إلى مصادقة مجلس الوزراء بتاريخ ‪ 14/03/2018‬على مشروع قانون عضوي متعلق بقوانين املالية‪ ،‬يهدف إلى‬
‫عصرنة القاعدة القانونية مليزانية الدولة‪ ،‬وتعزيز العالقة بين الحكومة والبرملان‪ ،‬وإعداد ميزانية وفق أهداف وبرامج‪ ،‬وليس‬
‫وفق الوسائل املتاحة‪.92‬‬
‫يقوم رهان مشروع القانون العضوي الجديد على االنتقال من مقاربة قانونية إلى مقاربة تسييرية‪ ،‬تعتمد على منطق النتائج بدل‬
‫الوسائل‪ ،‬وفق مؤشرات واضحة لغرض تحقيق التسييرالفعال للمالية العمومية‪ ،‬الذي يدخل في إطارمساعي إصالح الدولة‪.‬‬
‫ّإن واقع التسيير العمومي في الجزائر عكس فشل النموذج البيروقراطي املطبق إلى غاية دستور ‪ 1989‬بسب الدور املحوري‬
‫للدولة‪ ،‬واعتمادها على نظام مركزي قائم على تنميط املنظمات واإلجراءات‪ ،‬إضافة إلى التضخم اإلداري بسب توسعه أفقيا في‬
‫بناء النظم اإلدارية‪ ،‬وهدر املال العام‪ ،‬في ظل غياب املساءلة والرقابة الفعالة‪ ،‬زاد من خطورة هذه االختالالت انتشار الفساد‬
‫على نطاق واسع في املنظمات العمومية‪ ،‬كلها أسباب أدت إلى حدوث تدني مستوى الخدمات العمومية‪ ،‬وحدوث أزمة التسيير‬
‫العمومي‪ ،‬فتبنت الدولة لتجاوزها خيارات ذاتية‪ ،‬بدأت بقانون استقاللية املؤسسات‪ ،‬وتحديث املرافق العمومية لغرض رفع‬
‫أداء القطاع العمومي‪ ،‬ورفع االحتكار العمومي في تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬وإبراز دور القطاع الخاص واملجتمع املدني في‬
‫ذلك‪ ،‬كما ّأن اإلصالحات املفروضة من قبل املؤسسات املالية الدولية جاءت مستوحاة من مبادئ املناجمنت العمومي الجديد‪،‬‬

‫‪39‬‬
‫املستندة إلى آليات عمل القطاع الخاص‪ ،‬والتي تم في سياقها طرح سياسية خوصصة مؤسسات القطاع العمومي لغرض‬
‫تحقيق فعالية أكبر في تسييرها‪ ،‬والوصول إلى أداء أفضل‪ ،‬لكن سياسية الخوصصة أثبت فشلها في تحقيق ذلك؛ الفتقادها‬
‫للرؤية االستراتيجية‪ ،‬لكن الواقع يؤكد استمرار املنطق البيروقراطي على الطريقة الجزائرية في تسيير املنظمات العمومية في‬
‫عصرالتسييراإللكتروني‪ ،‬وعدم بلوغ إصالح الدولة مستويات الحكامة الراشدة والتنمية املستدامة املنشودة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫تعلقت إشكالية التدبيرالعمومي دائما بدور الدولة فهو الحل في مرحلة‪ ،‬واملشكلة في مرحلة أخرى‪ ،‬وهذا بالرجوع إلى املنطلقات‬
‫األيديولوجية والفكرية‪ ،‬التي تبحث مسألة كيفية جعل املنظمات العمومية تعمل بكفاءة أكبر‪ ،‬فإذا كان النموذج العقالني‬
‫ّ‬
‫البيروقراطي الفييري شكل النموذج املثالي في فترة الثالثين املجيدة لدولة الرفاه‪ ،‬فإن األزمة التي عرفتها هذه األخيرة بفعل العوملة‬
‫والتطورات التكنولوجية دفعتها نحو تبني النموذج التسييري لتجاوز أزمة التسيير العمومي‪ ،‬حيث تقوم تعاليم املناجمنت‬
‫العمومي على األداء والفعالية والكفاءة والبحث عن جودة الخدمة العمومية‪ ،‬وهو ما انعكس في حجم تدخل الدولة‪ ،‬وتراجع‬
‫القانون لفائدة األدوات التسييرية‪ ،‬ال�شيء الذي تؤكده الحركة املفرطة للمنطق االقتصادي في القانون‪ ،‬وغلبة منطق الرجل‬
‫التسييري القائم على حساب الربح والخسارة‪ ،‬وهو االتجاه املدعوم من املؤسسات الدولية من منظور الحكامة الجيدة‪ ،‬لتجاوز‬
‫أزمة الشرعية وتدبير الشؤون العمومية‪ ،‬في املقابل نجد مقاومة تعتقد بقدرة املنطق البيروقراطي العقالني على تجديد نفسه‬
‫من خالل استيعاب العقالنية القانونية ملضامين الفعالية واألداء والكفاءة‪ ،‬وجعلها تعمل من أجل تعزيزشرعيتها‪.‬‬
‫لقد عكست تجارب الدول الغربية في تبني املنطق التسييري نماذج مختلفة عبرت عن وجود إطار مؤس�سي‪ ،‬سمح بحدوث‬
‫تحوالت مهمة في تسيير الفعل العمومي مع الحفاظ على مفاهيم تجسد دولة القانون‪ ،‬ويختلف الوضع في الدول النامية التي‬
‫من بينها الجزائر‪ ،‬التي عكست أزمة التسيير العمومي فيها فشل املقاربة البيروقراطية في تسيير القطاع العمومي‪ ،‬وهو ما فرض‬
‫التحول إلى تبني املقاربة التسييرية لعوامل ذاتية تهدف لتحسين أداء املنظمات العمومية‪ ،‬ورفع كفاءتها‪ ،‬ولعوامل خارجية‬
‫بفعل مشروطية املؤسسات املالية الدولية‪ ،‬وبرامج اإلصالحات الهيكلية‪ ،‬فالسعي إلى تجاوز أزمة التسييرالعمومي رهين بتجاوز‬
‫اختالالت التسيير العمومي التقليدي املستند إلى عقالنية بيروقراطية‪ ،‬وقد خلصت دراسة تجربة الجزائر في مجال التسيير‬
‫العمومي إلى الخروج بالنتائج االتية ‪:‬‬
‫‪ -‬عرف مفهوم التسيير العمومي في الجزائر أزمة بفعل عدم فعاليته‪ ،‬وكذا عدم قدرته على التكيف مع املعطيات الجديدة التي‬
‫فرضتها التحوالت الداخلية والدولية‪.‬‬
‫‪ -‬في سياق البحث عن حلول إلزمة التسييرالعمومي حاولت الجزائرتبني مفهوم املناجمنت العمومي الجديد الذي يطرح كمقاربة‬
‫تسييرية من منظور الحكامة‪ ،‬لكنها فشلت بسب غياب الرؤية االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬يبقى املنطق البيروقراطي القانوني مهيمنا على نمط التسيير العمومي فرغم املحاوالت الرامية إلى إصالحه من خالل تبني عدة‬
‫تشريعات وقوانين وتنظيمات يشيرالواقع إلى محدودية عملية اإلصالح ‪.‬‬
‫إن إصالح التدبير العمومي في الجزائر رهين بتوفر رؤية شاملة لإلصالح من منظور حكامة شاملة تنبني على إرادة سياسية‬

‫‪40‬‬
‫قوية وأدوات قانونية مالئمة ومؤسسات منتخبة ذات مصداقية تتمتع بثقة املواطنين ومشاركتهم وسلطة قضائية مستقلة‪،‬‬
‫تستند هذه املقاربة إلى ربط املسؤولية باملحاسبة ملواكبة التحوالت التي يعرفها املجتمع الدولي املعاصر حيث التكامل بيـن‬
‫الوظائف املخولة لكل من الحكومة والجماعات املحلية والقطـاع الخاص واملجتمع املدني أحد ميزاته األساسية لتحقيق‬
‫التنمية املستدامة‪.‬‬
‫ولتجاوز أزمة التسيير العمومي نقترح أن يقوم اإلصالح وفق مقاربة شاملة للحكامة العمومية‪ ،‬انطالقا من األسس التي تهتم‬
‫باآلليات القانونية ومنهجية التدبيرالعمومي ‪:‬‬
‫‪ -‬فعلى مستوى اآلليات القانونية يقت�ضي اإلصالح مراجعة القانون ‪ 84/17‬املتعلق بقوانين املالية لكونه لم يعد يستجيب‬
‫للتحوالت التي تعرفها الجزائر‪ ،‬وهو املسعى الذي سيتجسد في حال موافقة البرملان على مشروع القانون العضوي املتعلق‬
‫بقوانين املالية الجديد‪ ،‬وهوما يستلزم أيضا إصالح النظام املحاسبي والضريبي‪ .‬وتوسيع قاعدة الالمركزية التي تشكل رهان‬
‫الدولة الحديثة لبلوغ الفعالية في أدائها ‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى مستوى منهجية التسييريقت�ضي األمراالنتقال إلى مقاربة تشاركية في صنع القراراملالي‪ ،‬تأخذ بعين االعتبارباقي الفواعل‬
‫نحو تجسيد امليزانية املفتوحة‪ ،‬يكون للبرملان فيها دور فعال‪ ،‬وللمجتمع املدني صوت مسموع‪ ،‬وللقطاع الخاص دور منتج‪ ،‬كما‬
‫تقـوم على اعتماد البعد االستراتيجي في تسيير املالية العمومية‪ ،‬وتستند إلى تعزيز آليات الرقابة املالية من خالل تفعيل دور‬
‫مجلس املحاسبة واملفتشية العامة للمالية‪.‬‬
‫إن نجاح التدبير العمومي في الجزائر يرتبط بقدرة اإلدارة العمومية على تبني مفاهيم املناجمنت العمومي الجديد باعتبارها‬
‫وسيلة للتحديث ينبغي تكيفيها مع الخصوصيات املميزة لثقافة العنصرالبشري‪ ،‬الذي يعد غاية اإلصالح وأساس نجاحه‪ ،‬فتبني‬
‫املناهج والتقنيات التسييرية ال يحدث أثرا إال في ظل تبني مقاربة حكامة شاملة تراعي مختلف الجوانب السياسية واإلدارية‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪1-‬سنا حمر اراس‪ ،‬التدبير املالي الترابي بين إكراهات الواقع ومتطلبات الحكامة‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬غير منشورة ‪ ،‬جامعة محمد‬

‫الخامس بالرباط‪ ،‬املغرب‪ ،2017 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪*2‬باإلضافة إلى ‪ Taylor .F‬فإنه يوجد عدد من املفكرين من بينهم‪,HyacintheDubreuil, Woodward jean, weber max Bernard l cchester:‬‬

‫‪fllott Parker marry ,mayo Elton Fayol henry‬‬

‫‪3‬تشتات سلوى‪ ،‬أفاق الوظيفية العمومية الجزائرية في ظل تطبيق املناجمنت العمومي الجديد بالنظرالى بعض التجارب األجنبية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬

‫غيرمنشورة‪ ،‬تخصص تسييراملنظمات‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة موالي بوقرة بومرداس‪ ،2014/2015 ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.107‬‬


‫‪ 5‬مراد بن سعيد ‪،‬العقالنية التسييرية في اإلدارة الجزائرية‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬غير منشورة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪،‬‬

‫‪ ،2003/2004‬ص ‪.25‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ 6‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪7‬عبد اللطيف قطيش‪ ،‬اإلدارة العامة من النظرية إلى التطبيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي‪ ،‬لبنان ‪،2013 ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪ 8‬انظر‪ :‬عبد املالك أحمد العصري‪ ،‬التأصيل النظري ملفهومي اإلدارة والتدبير‪ ،‬مجلة جامعة الجزيرة‪ ،‬اليمن‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬العدد األول‪ ،2017 ،‬ص‬

‫‪.89‬‬

‫‪9-Jacques Ziller , Le droit public, un outil de gestion publique moderne et non un frein à la réforme, Revue Internationale des‬‬

‫‪Sciences Administratives, Belgique, Vol. 71, 2005/2, p 287‬‬

‫‪ 10‬عبد املالك أحمد العصري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪ *11‬التدبير في األمر‪ :‬أن تنظر ما تؤول إليه عاقبة‪ ،‬والتدبير أن يدبر الرجل أمره‪ ،‬ويديره‪ ،‬أي‪ :‬ينظر عواقبه‪ .‬ابن منظور األنصاري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تح‪:‬‬

‫عامرأحمد حيدرو عبد املنعم خليل إبراهيم‪ ،‬ج ‪ ،3‬ط ‪ ،1‬دارالكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،2005 ،‬ص ‪.256‬‬

‫أداره عن األمروعليه وداوره‪ :‬يقال أدرت فالنا على األمرإذا حاولت إلزامه إياه‪ .‬وأدرته عن األمر‪ :‬إذا طلبت منه تركه‪ .‬نفس املرجع‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.279‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وجهها‪ ،‬أشرف عليها ّ‬ ‫َّ‬
‫سير أعمال فالن‪ :‬أدارها‪ّ ،‬‬
‫العمل»‪ .‬تسيير األمور‪ :‬تحريكها وإدارتها‪ .‬أحمد مختار‪ ،‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪،‬‬ ‫«سير املوظفون‬

‫ج ‪ ،2‬ط ‪ ،1‬عالم الكتب ‪ ،2008 ،‬ص ‪.1147‬‬

‫مما سبق ذكره‪ ،‬يمكنا القول أن التدبيرأشمل وأعم؛ إذ يتعلق باإلدارة والتسييرمعا‪ ،‬باعتباره ينظرإلى العواقب‪.‬‬

‫‪12‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪90‬‬


‫‪ 13‬انظر‪ :‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬علم االدارة العامة‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2005 ،‬ص ‪ .14‬وانظر أيضا‪ :‬رضوان برو�سي‪ ،‬الدمقرطة والحكم‬

‫الراشد في افريقيا‪ ،‬دارسة في املداخل النظرية اآلليات العملية ومؤشرات قياس نوعية الحكم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غيرمنشورة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬

‫السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،2007/2008 ،‬ص ‪.150‬‬

‫∗‪ -New public management‬أصل مصطلح املناجمنت العمومي الجديد أثار جدال في األدبيات من خالل أول مقالتين ‪ Aucoin‬سنة‬ ‫‪14‬‬

‫‪ 1992 Hood 1990‬اللذان اعتبرا ّأن املناجمنت العمومي الجديد تعبير مختصر يستخدم لإلشارة إلى موضوعات وأنماط متميزة لألساليب الخدمة‬

‫العمومية بدأت في اململكة املتحدة واستراليا ونيوزيلندا‪.‬‬

‫‪ 15‬انظر‪ :‬طارق عشور‪ ،‬مقاربة التسييرالعمومي الجديد كآلية لتدعيم وتعزيزتنافسية وكفاءة املنظمات الحكومية‪ ،‬مجلة أداء املؤسسات الجزائرية‪،‬‬

‫(جامعة ورقلة)‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،01/2011-2012‬ص ‪ .111‬وانظر أيضا‪ :‬ليلى بن عي�سى‪ ،‬الحكم الراشد أحد مقومات التسيير العمومي الجديد‪،‬‬

‫مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد الرابع عشر‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2013‬ص ‪.192‬‬

‫‪16-Chevallier Jacques , vers un droit post- moderne ?DANS Les transformations de la régulation juridique, Sous la direction de Jean‬‬

‫‪Clam et Gilles Martin, n° 5, Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence, Paris , 1998, pp22‬‬

‫‪ 17‬طارق عشور‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ ،110‬و‬

‫‪- BinodAtreya ,the applicability of new public management to developing countries :A case fromNepal ,thesis of Doctorate in Phi-‬‬

‫‪losophy, School of Management, Faculty of Business and Law, Victoria University of Technology, Melbourne, Australia, 2002, p.28‬‬

‫‪42‬‬
.191 ‫ ص‬، ‫ مرجع سبق ذكره‬،‫ليلى بن عي�سى‬18

19Marcel Guenoun, le management de la performance publique local (étude de l’utilisation des outils de gestion inter communal,

thèse du doctorat en sciences de gestion, université Paul Cézanne , Aix-Marseille III , 2009, p 61.

20.Idem ,p61

21François-Xavier Merrien, La Nouvelle Gestion publique : un concept mythique.,revue Lien social et Politiques, canada , Numéro

42,1999 , p100

22 - HachimiSanni Yaya, Les partenariats privé-public comme nouvelle forme de gouvernance et alternative au dirigisme étatique,

p6,le 25/10/2018 à 16:20 consulté au

https://www.innovation.cc/francais/hachimi_sanni_yaya_final1v10i1a2.pdf: p6

23- Yvan Pesqueux, Le nouveau management public , ou New Public Management , LE 15/10/2017 à 15:25, consulté au site:

https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-00510878 2006,P3

.13 ‫ص‬، ‫ مرجع سابق‬،‫ مراد بن سيعيد‬24

.8 ‫ ص‬، ‫املرجع نفسه‬25


‫ تصدر عن الجمعية‬، ‫ املجلة العربية للعلوم السياسية‬، ‫ رؤية نقدية‬:‫من الدولة الفيبرية إلى الحوكمة كمنظور دولتي جديد‬، ‫ رضوان برو�سي‬26

.60 ‫ ص ص‬06/2013 ، 38 ‫ العدد‬، ‫ لبنان‬، ‫العربية للعلوم السياسية بالتعاون مع مركزدراسات الوحدة العربية‬

.14 ‫ ص‬، ‫ مرجع سابق‬، ‫مراد بن سعيد‬27

28Patrice Duran, Légitimité, droit et action publique, L’Année sociologique, France, Vol. 59, 2009 p.322

‫ مجلة جامعة األنبارللعلوم االقتصادية واإلدارية‬، ‫ إطارنظري‬: ‫ التنظيم البيروقراطي إزاء الفكراإلداري املعاصر‬، ‫ عبد الستارإبراهيم دهام‬:‫ انظر‬29

.6، 5 ‫ ص‬، 2008 ‫ سنة‬، ‫ العدد الثاني‬، ‫العراق‬،

30Daniel Mockle,La gouvernance le droit et l’État les question du droit dans la gouvernance publique , BRUYLANTE , BRUXELLE

,P182

31 Daniel Mockle ,Idem p183.

،123 ‫ العدد‬،‫ العدد االقتصادي‬، ‫ جامعة األغواط‬،‫ مجلة دراسات‬، ‫التسيير العمومي في الجزائر إصالح أو إعادة اختراع‬، ‫ مراد بن سعيد‬:‫ انظر‬32

.46 ‫ ص‬،2015

،‫نحو إدماج مفهوم األداء في الخدمة العمومية في الدول النامية «نحو تسييرعمومي جديد وفق نظرية االدارة لعامة الجديدة‬، ‫ شريفة رفاع‬:‫ انظر‬33

.‫ وما يليها‬03 ‫ ص‬، ‫ جامعة الجزائر‬،2007/2008 ، ‫ غيرمنشورة‬، ‫أطروحة دكتوراه‬

.‫ وما يليها‬03 ‫ ص‬، ‫املرجع نفسه‬34

35Laurent Pech , droit &gouvernance : ver une privatisation du droit ,chaire de recherche du canada en modalisation, citoyenneté

43
‫‪et démocratie, le 18/12/2017 à 22:10 consulté au‬‬

‫‪http://centre-mcd.uqam.ca/upload/files/Publications/documents-travail/document-2004-02-pech-2.pdf‬‬

‫* حيث صرح وزيرالخزانة االمريكي هني بولسون بأن التدخل غيراملسبوق والشامل للحكومة يعتبرالوسيلة الوحيدة دون انهياراالقتصاد‬ ‫‪36‬‬

‫االمريكي انظرفي هذا ‪ 34:‬احمد سبع ‪ ،‬دور الدولة في االقتصاد بين الضرورة والحدود ‪ ،‬املجلة الجزائرية للعوملة والسياسات االقتصادية ‪ ،‬العدد‪،7‬‬

‫‪ ،2016‬ص ‪ ،165‬وانظرأيضا‪ :‬بديعة لشهب ‪ ،‬االزمة املالية العاملية ‪ :‬محاولة في الفهم والتجاوز ‪ ،‬مجلة بحوث اقتصادية وعربية ‪ ،‬تصدرعن الجمعية‬

‫العربية للبحوث االقتصادية بالتعاون مع مركزدراسات الوحدة العربية ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬العدد ‪ ،2010 ، 25‬ص ‪71.‬‬

‫‪37‬عبد الستار ابراهيم دهام ‪ ،‬التنظيم البيروقراطي إزاء الفكر االداري املعاصر ‪ :‬إطار نظري ‪ ،‬مجلة جامعة االنبار للعلوم االقتصادية واالدارية‬

‫‪،‬العراق ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،‬سنة ‪ ، 2008‬ص ‪.09‬‬

‫‪38‬مراد بن سعيد ‪ ،‬العقالنية التسييرية في اإلدارة الجزائرية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪ 39‬طارق عشور ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪40Christine RothmaryAllison ,rationalité juridique vs rationalité managériale ?,n 84,‬‬ ‫‪droit et société, LGDJ, France, 2013, p 279‬‬

‫‪41idem, 2013, p 279‬‬

‫‪42Michel ST-GERMAIN , Une conséquence de la nouvelle gestion publique: L’émergence d’une pensée comptable en éducation‬‬

‫‪, Éducation et francophonie, Canda ,Vol29, 2001, p27‬‬

‫‪43Idem‬‬ ‫‪p24.‬‬

‫‪44VIGNON, Jérôme, Leçons des réformes de l’action publique en Europe, dans : Etat et gestion pu-‬‬

‫‪blique, Actes du colloque du 16décembre 1999, réalisé en PAO au Conseil d’Analyses Economiques,‬‬

‫‪La documentation française, Paris , 2000,p22‬‬

‫‪45‬مراد بن سعيد العقالنية التسييرية في االدارة الجزائرية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪ 46‬الشيخ الداوي ‪ ،‬تحليل االسس النظرية ملفهوم االداء ‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪،‬العدد ‪ ،07/2009-2010‬ص ‪.218‬‬

‫‪ 47‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.218‬‬

‫‪48-Saulquin J., Schier G., Responsabilitésociale des entreprises et performance :Complémentaritéousubstituabilité ? revue des‬‬

‫‪Sciences de gestion,France,n°223, 2007 ,p 61‬‬

‫‪49‬الشيخ الداوي ‪،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪222‬‬

‫‪ 50‬شوقي بورقبة‪ ، ،‬التمييز بين الكفاءة والفعالية و الفاعلية واألداء ‪ ،‬ورقة بحث مقدمة فضمن فعاليات حوار األربعاء العلمي ‪ ،‬جامعة امللك عبد‬

‫العزيز‪ ،09-06-2010 ،‬ص ‪.4‬‬

‫‪ 51‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.4‬‬

‫‪52‬الشيخ الداوي ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪44‬‬
:‫ انظر‬.»‫*كانت التايلورية تسمى أيضا»بمنهج الفعالية‬ 53

managériale, La Découverte, Paris,2016 ,p 22.Thibault LE TEXIER, LeManiement des hommes. Essai sur larationalité

54Thibault LE TEXIER , D’un principe de justice à un standard à un standard d’efficacité la rationalité régalienne à l’épreuve de la

logique gestionnaire ,Revue de philosophie politique de l’ULg, Belgique , N°4 , 2011 , p56

55Thibault LE TEXIER, LeManiement des hommes. Essai sur larationalité managériale,op.cite , p 222.

56- Thibault Le Texier, D’un principe de justice à un standard à un standard d’efficacité la rationalité régalienne à l’épreuve de la

logique gestionnaire ,op.cite , p65

57- Jacques Chevallier, Management public et Droit, revue politiques et management public, France, Vol.26/3 , 2008, P97

58Chevallier Jacques , vers un droit post- moderne ?DANS Les transformations de la régulation juridique, Sous la direction de Jean

Clam et Gilles Martin, n° 5, Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence, Paris , 1998, p34

59-jacques chevallier, l’Etat post-moderne, 2ème éd., droit et société, Paris, 2004;p121

60 Thibault LE TEXIER , D’un principe de justice à un standard à un standard d’efficacité la rationalité régalienne à l’épreuve de la

logique gestionnaire, op.cite , p235.

61- ANNAN KOFI, adresse au forum économique mondiale, le 31/01/1999, le 23/02/2018 à 15/25 , consulté au http://www.

un.org/reform/civilsociety/pdfs/pocantico_booklet.pdf

62Thibault le texier , D’un principe de justice à un standard à un standard d’efficacité la rationalité régalienne à l’épreuve de la

logique gestionnaire, op.cite.p67.

63PRODI Romano, « 2000-2005 : Donner forme à la Nouvelle Europe », Parlement européen Strasbourg,15 février 2000 , le

09/12/2017à17:23 consulté au : http://europa.eu/rapid/press-release_SPEECH-00-41_fr.htm.


ٌّ *64
‫ فاإلصالحات تختلف بحسب الحالة؛ لذا‬،‫الحقيقة أنه ال توجد بداية محددة أو مجموعة من عناصرإصالح تتبع مسارا محددا أو لها جهة معينة‬

:‫ انظر‬.‫ في حين ركزت بريطانيا على االستفادة من قوى السوق وإدخال التسييرية‬،‫ركزت البلدان اإلسكندنافية على عنصر األداء والتسيير التعاقدي‬

.123 ‫ ص‬، ‫ مرجع سبق ذكره‬،‫طارق عشور‬

‫ بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي تظمها مركز دارسات‬، ‫العوملة ودولة الرفاهية في الدول املتقدمة صناعيا والدول النامية‬، ‫منير الحمش‬65

.346 ‫ ص‬،2006 ،‫ لبنان‬،‫ الطبعة األولى‬،‫الواحدة العربية بالتعاون مع املعهد السويدي باإلسكندرية‬

66Thibault le texier ,D’un principe de justice à un standard à un standard d’efficacité la rationalité régalienne à l’épreuve de la

logique gestionnaire, op.cite.p69

.88 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬، ‫ العقالنية التسييرية في اإلدارة الجزائرية‬، ‫مراد بن سعيد‬67

.47 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬، ‫التسييرالعمومي في الجزائرا اصالح أو إعادة اختراع‬، ‫مراد بن سعيد‬68

45
‫‪69‬سليمة مراح ‪ ،‬التسييرالحديث واإلدارة العمومية الجزائرية ‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ، 2002 ،‬ع ص ‪151‬‬

‫‪ 70‬انظر‪ :‬بن سعيد مراد ‪ ،‬العقالنية التسييرية في اإلدارة الجزائرية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪ -71‬األمررقم ‪ 74-71‬مؤرخ في ‪ 16‬نوفمبرسنة ‪ 1971‬یتعلقبالتسییراالشتراكي للمؤسسات‪ ،‬ج رج ج‪ ،‬عدد ‪ 101‬صادرة بتاریخ ‪.13/12/1971‬‬

‫‪72‬القانون ‪ 78/12‬املتعلق بالقانون االسا�سي العام للعامل املؤرخ في ‪ ،05/08/1978‬ج رع ‪ ،32‬الصادرة بتاريخ في ‪08‬غشت ‪ ،1978‬ص ‪.724‬‬

‫‪73‬القانون رقم ‪ 16- 84‬املؤرخ في ‪ 30‬جوان ‪ ،1984‬یتعلق باألمالك الوطنیة ‪ ،‬ج رعدد ‪ 27 :‬الصادرة بتاریخ ‪ 03‬جویلیة سنة ‪.1984‬‬

‫‪ 74‬املرسوم ‪ 82-145‬املؤرخ في ‪ 10/04/1982‬ينظم الصفقات التي يبرمها املتعامل العمومي ‪ ،‬ج رع ‪ 15‬الصادرة بتاريخ‪.13/04/1982 :‬‬

‫‪75‬مراد بن سعيد ‪ ،‬العقالنية التسييرية في اإلدارة الجزائرية ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.139‬‬

‫‪ 76‬انظر‪ :‬بن سعيد مراد‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫‪ 77‬بومدين طامشة‪ ،‬التوسع البيروقراطي الحلقة املنسية في عملية التنمية في الوطن العربي ‪،‬مجلة دفاتر السياسية والقانون ‪،‬جامعة قاصدي‬

‫مرباح‪ ،‬العدد السابغ جوان ‪ 2012‬ص ‪.8 ،7‬‬

‫‪ 78‬بومدين طامشة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪ 79‬الطيب داودي‪ ،‬اماني عبد الحق‪ ،‬تقييم اعادة هيكلة املؤسسة العمومية الجزائرية ‪،‬مجلة املفكر‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،‬‬

‫ص ‪.142‬‬

‫‪ 80‬محمود حشماط ‪،‬قانون الخوصصة في الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،2007 ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪ 81‬بن سعيد مراد‪ ،‬التسييرالعمومي إصالح أو اعادة اختراع‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪ *82‬يظهرمن هذا القانون أن االقتصاد يهمين على القانون بشكل الفت‪ ،‬حيث أنه من بين أهداف هذا القانون هو حماية الفعالية االقتصادية‪ ،‬كما‬

‫يظهر بوضوح أن النظام التناف�سي يأتي من النظريات االقتصادية التي جعلت القواعد القانونية تقاس على ضوء نتائجها االقتصادية‪ .‬انظر‪ :‬بوزيد‬

‫صبرينة‪ ،‬قانون املنافسة ‪ :‬ال أمن قانوني أم تصور جديد لألمن القانوني‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ‪ 08‬ماي ‪1945‬‬

‫قاملة‪ ،2015 ،‬ص ‪ .62‬كما أدى تجاوز حدود عالقة التأثير املتبادل بين االقتصاد والفانون الزدهار دراسات التحليل االقتصادي للقانون‪ .‬انظر‪:‬‬

‫بلخيرمحمد آيتعودية‪ ،‬التحليل االقتصادي للقانون‪ ،‬مجلة الباحث للدارسات األكاديمية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬مارس ‪ ،2015‬ص ‪.328‬‬

‫‪ 83‬األمررقم ‪ 06-95‬املؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ 1995‬ج رع ‪ 09‬بتاريخ ‪/22‬فبراير‪.1995/‬‬

‫‪ *84‬يمثل تحوال نحو نقل الكثير من امتيازات السلطة العامة من اإلدارة العمومية التقليدية التي تخضع للقانون العام والقانون اإلداري تحديدا‬

‫لصالح هيئات أخرى كثيرا ما يختلط نظامها القانوني مع هيئات أخرى‪ .‬انظر‪ :‬حموش فايزة‪ ،‬امتيازات السلطة العامة والهيئات اإلدارية غيرالعمومية‬

‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2015 ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪ 85‬القانون رقم ‪07-90‬املؤرخ في ‪1990/04/03‬املتعلق باإلعالم‪ ،‬ج رعدد ‪14‬بتاريخ ‪.04/04/1994.‬‬

‫‪ 86‬مرسوم رقم ‪ 15/247‬املؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ ، 2015‬ج ررقم ‪ 50‬بتاريخ ‪20‬سبتمبر ‪ ،2015‬يـتـضــمن تـن ـظـيم الصفقات العمومية وتفويضات املرفق‬

‫العام‪.‬‬

‫‪ 87‬األمررقم ‪03-06‬املؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪2006‬املتضمن القانون األسا�سي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ج ررقم ‪46‬الصادرفي ‪16‬جويلية ‪2006.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ 88‬مرسوم رئا�سي رقم ‪ 2000-372‬املتضمن إحداث لجنة اصالح هياكل الدولة ومهامها‪ ،‬ج ر‪ ،‬الععد‪ ،77‬الصادرة بتاريخ ‪ 26‬نوفمبر ‪ ،2000‬ص ‪.04‬‬

‫‪ 89‬القانون‪10/11 ،‬املؤرخ في ‪22‬جويلية ‪ 2011،‬املتضمن قانون البلدية‪ ،‬ج‪ /‬ررقم ‪ ،37‬املؤرخة في ‪ 3‬يوليو‪.2011 ،‬‬

‫‪90‬القانون ‪07/12 ،‬املؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪2012 ،‬املتضمن قانون الوالية‪ ،‬ج‪ /‬ررقم ‪ 12 ،‬املؤرخة في ‪29‬فبراير‪2012. ،‬‬
‫‪ 91‬القانون التوجيهي للمدينة‪ ،‬رقم ‪ ،06/06‬املؤرخ في ‪ ،20/02/2006‬ج ررق ‪15‬املؤرخ في ‪ 20‬فيفري لسنة ‪.2006‬‬

‫‪ 92‬بيان مجلس الوزراء ‪ ،‬وكالة االنباء الجزائرية بتاريخ ‪14/03/2018‬على املوقع الرسمي‪ ،‬تم االطالع بتاريخ ‪25/03/2018‬على‪ 18:20 :‬على الرابط ‪:‬‬

‫‪http://ar.aps.dz/economie/54367-2018-03-14-18-35-44‬‬

‫‪47‬‬

You might also like