You are on page 1of 31

‫جامعة دمحم الخامس‪ -‬السويسي‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‬

‫سال‬
‫ماستر ‪ :‬القضاء اإلداري‬

‫مادة‪ :‬المرافق العمومية‬

‫ع‬
‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫املفهوم الدستوري للمرفق‬


‫العمومي واحلكامة اجليدة‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من اعداد الطلبة‬


‫ليلى أيت أبري‬ ‫بوعويد مليكة‬
‫د‪ .‬أمحد ووشييق‬ ‫سارة الحداد‬ ‫عدنان أمهيمار‬
‫بالتسو لحسن‬ ‫بثينة الحشداني‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪6102-6102‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫إن كل حديث عن المرافق العمومية هو بالضرورة حديث عن التطور الذي عرفته وظائف‬
‫الدولة سيما حين يتعلق األمر باالنتقال من حالة الدولة الدركية الى الدولة المتدخلة‪ .‬وأما عن‬
‫اعتباره أساسا جديدا للقانون والقضاء اإلداريين‪ .،‬فذلك معناه أن المرفق العمومي أصبح‬
‫معيار تقاس به حدود مجال القانون اإلداري‪ ،‬هذا الذي يعد تحديد معيار له أساسا تعتمده‬
‫المحاكم المختصة بالمنازعات اإلدارية‪ .‬ولعل ما أكد ذلك هو الحصيلة الوفيرة الوافرة‬
‫للقضايا التي أسس فيها القضاء الفرنسي أحكامها على نظرية المرفق العمومي كمحور‬
‫لتطبيق القانون االداري‪ .‬وترتاد هذه وتعلوها قضية "‪" Blanco‬لسنة ‪.3881‬‬

‫كما أن هذه األداة التي تستخدمها الدولة لتنفيذ سياستها التدخلية يمكن تعريفها بالجمع بين‬
‫المعيارين العضوي والوظيفي بكونها كل نشاط تنشه الدولة أو يخضع لرقابتها‪ ،‬بحيث‬
‫يستهدف تحقيق المصلحة العامة مع ضرورة استفادته من امتيازات السلطة العامة‪.1‬‬

‫وقد جاء اإلصالح الدستوري األخير في بابه الثاني عشر المعنون بالحكامة الجيدة‬
‫بمجموعة من اآلليات المبدئية الرامية الى تحقيق الهدف من المرفق العامة وهو المصلحة‬
‫العامة باعتبارها علة إحداثها‪ ،‬فضال عن تحسين اداء المرفق لغاية الجودة في التدبير‪ .‬وذلك‬
‫وفق متطلبات الشفافية والمساءلة والمحاسبة‪ ،‬هذه األخيرة التي تتحدد باعتبارها مستلزمات‬
‫أساسية تهدف إلى جعل المرافق العمومية مناطا لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية‪ .‬وهنا‬
‫ينبغي ذكر ان التجربة الدستورية المغربية قد اعطت أهمية قصوى لمسألة المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬على الرغم من ان الدستور المغربي لسنة ‪ 3691‬وما تبعه في ذلك من‬
‫المراجعات الدستورية التي تلته لم يربط ضرورة إنجاح تدبير المرافق العامة بآليات‬
‫الحكامة الجيدة إلى أن ربطها الدستور األخير بها ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬احمد بوعشيق‪ ،‬المرافق العامة الكبرى‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪3669‬‬

‫‪2‬‬
‫وفي ظل غياب تعريف قانوني محدد لمفهوم الحكامة‪ ،‬فقد أعتبر هذا األخير حقال للتفكير‬
‫باعتباره آلية حديثة وتقنية لمعالجة مختلف المشاكل االدارية والمالية التي كانت تعاني منها‬
‫الدول في مختلف مرافقها‪ ،‬على مستوى تدبير سياستها العامة‪.‬‬

‫وإذا كان هناك اختالف في تأويل الحكامة الجيدة بين رجال القانون والسياسة واالقتصاد‬
‫وعلماء االجتماع فإنهم بشكل أو بآخر يجمعون على الهدف المتوخى منها‪ ،‬وهو التدبير‬
‫الرشيد للشأن العام‪ ،‬وذلك عبر تحقيق التعاون بين مختلف السلطات السياسية واالجتماعية‪،‬‬
‫من خالل مجموعة من اآلليات والوسائل واألسس التي تؤدي وتساعد على حسن التدبير‬
‫وتسيير الشأن العام من خالل مؤسسات وهيئات وأفراد تربطهم عالقة متينة تساعدهم على‬
‫بلوغ الغايات التي يصبو اليها افراد هذا المجتمع المحلي قصد تحقيق اهداف اقتصادية‬
‫واجتماعية‪.‬‬

‫وتعد الحكامة الجيدة احدى طرق التدبير الحديثة المستمدة من القطاع الخاص‪ ،‬وهي وجه‬
‫من أوجه الديمقراطية القائمة على المشاركة والمسؤولية والمراقبة‪ ،‬وقد ظهرت نتيجة‬
‫للتحديات الكبرى التي تعيشها االدارة التي تعاني مختلف أوجه الفساد والتشوهات أو‬
‫العيوب نتيجة للممارسات التقليدية على مستوى التدبير والتسيير‪ ،‬فكان أن اعتبرها البعض‬
‫كهندسة جديدة في الممارسة الجماعية تروم تحقيق المشاركة والفعالية اعتمادا على مبادئ‬
‫ومعايير أساسية‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق فالحكامة تنصرف إلى ذلك التعبير عن ممارسة السلطة السياسية و‬
‫إدارتها لشؤون المجتمع و موارده‪ .‬و هذا هو التعريف المعتمد من طرف أغلب المنظمات‬
‫الدولية‪ .‬إذ عرف هذا المفهوم تطورا منذ عقدين و أصبح يعني حكم تقوم به قيادات سياسية‬
‫منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين و تحقيق رفاهيتهم‪ ،‬و ذلك برضاهم‬
‫و عبر مشاركتهم و دعمهم كما أعطت األمم المتحدة تعريفا لهذا المفهوم باعتباره األسلوب‬
‫التشاركي للحكم ولتدبير الشؤون العامة الذي يرتكز على تعبئة الفاعلين السياسيين‬

‫‪3‬‬
‫واالقتصاديين واالجتماعيين‪ ،‬سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص وكذلك من‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬بهدف تحقيق العيش الكريم المستدام لجميع المواطنين‪.2‬‬

‫وتكمن أهمية الموضوع في كون المرافق العامة بحكم موقعها في صلب اهتمامات الدولة‬
‫جعلها محط اشتغال من قبل العديد من الفعاليات الداخلية والخارجية‪ ،‬ذلك أنه بالرغم مما‬
‫عرفته من تطور‪ ،‬فإن هناك شبه إجماع على أنها دخلت في حالة تتطلب مراجعة آليات‬
‫اشغالها وتأهيلها من أجل بناء إداري فعال‪ ،‬على اعتبار أنها تضطلع وألمد طويل بدور‬
‫حاسم في التنمية‪ ،‬كما أن فعالية الدولة يمر باألساس بفعالية وظائفها‪ ،‬والغاية من ذلك تتجلى‬
‫في كسب دعامة أساسية لربح رهان اإلصالح اإلداري في منظوره الشمولي‪.‬‬

‫وأخذا بعين االعتبار ما اضحت تمثله التغيرات الوطنية و الدولية‪ ،‬فإلى ذلك أصبح من‬
‫الالزم إعادة التفكير في مستوى أداء النشاط العمومي‪ ،‬وذلك باالنطالق من اعتماد مبادئ‬
‫ومعايير مركزية هدفها الوصول الى أجود مستويات التدبير العمومي‪ .‬هذا الرهان سرعان‬
‫ما تتجلى صعوبة تطبيقه نظرا لعدم تنزيل فحوى الدستور سيما ما يتعلق بميثاق المرافق‬
‫العامة‪ ،‬وهو ما يستلزم بالضرورة الحديث عن مآل التدبير الجيد للمرافق العامة ‪.‬‬

‫وعليه فإن إشكالية الموضوع تتجلى في ‪ :‬المنظور الدستوري الجديد لحكامة المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬كمنطلق للرفع من مردوديتها واستجابتها لمقومات الرقي االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫غير أن مقاربة هذه اإلشكالية يستلزم منا وجوبا اإلجابة عن تساؤالت أساسية‪:‬‬
‫‪ ‬ماهي أهم المبادئ والمعايير الدستورية الناظمة للمرافق العمومية؟‬
‫‪ ‬هل صاحب هذا التنصيص وسائل كفيلة بالتجسيد الفعلي للغاية منها؟‬
‫‪ ‬ماهي مظاهر قصورها في التأسيس لحكامة فعلية للمرافق العمومية؟ وما آفاق‬
‫النهوض بها؟‬
‫وسنعتمد في محاولة مقاربة هذه اإلشكالية على المنهج التحليلي ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المقترب القانوني ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات الدستور الجديد ‪ ،1133‬ص‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫ولإلجابة عن هذه التساؤالت سنعتمد على خطة العمل التالية‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التأصيل الدستوري حلكامة املرافق العمومية‬

‫المطلب األول‪ :‬ربط المرفق العمومي بمبادئ الحكامة الجيدة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تكريس حكامة المرفق العمومي‬

‫املبحث الثاني‪ :‬املرافق العمومية واحلكامة اجليدة ‪ :‬احلدود وإمكانية‬


‫االرتقاء يف ظل التوجهات التدوريية احلديثة‬

‫المطلب األول‪ :‬اختالالت نمط الحكامة بالمرفق العمومي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مآل حكامة المرافق العمومية‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التأصيل الدستوري لحكامة المرافق العمومية‬
‫يشمل مفهوم الحكامة الجيدة في ارتباطه بالمرافق العمومية بين طياته مجموعة من المبادئ‬
‫والمرتكزات التي تكتسي أهمية قصوى اختلف تحديدها باختالف وجهات نظر الباحثين‪،‬‬
‫فنجد أنه ليس هناك اجماع حول وجود معيار واحد وموحد لتطوير الحكامة‪ ،‬بل نكون امام‬
‫عدة معايير سياسية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬وإدارية‪ ،‬وهنا يمكن أن نستحضر المبادئ‬
‫والمعايير التي تم تحديدها في الوثيقة الدستورية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ربط المرفق العمومي بمبادئ الحكامة الجيدة‬
‫في سبيل ضمان حسن أداء المرافق العامة بمختلف أنواعها وتلبية حاجيات الجمهور على‬
‫احسن وجه‪ ،‬صار من الالزم تجاوز مجموعة من اإلشكاليات التي طبعت التجارب‬
‫الدستورية السابقة والمتمثلة أساسا بتراجع وتدني وظيفة المرفق العام والعمل على تكييف‬
‫المرافق العامة وفق متطلبات التنمية‪ ،‬ومن هنا جاء االصالح الدستوري بالمغرب بمقاربة‬
‫تدبيرية حديثة حاول من خاللها المشرع تجويد عالقة المرفق العام بالمرتفق بإعتباره‬
‫المخاطب األول واألخير بخدماته‪ ،‬ومما يبرز هذا التصور إفراد باب خاص في الدستور‬
‫للحكامة الجيدة ‪.‬‬
‫وبالرجوع الى الباب الثاني عشر من الدستور نجده قد استهل الحديث عن المبادئ التي‬
‫تحكم المرافق العامة‪ ،‬ومايالحظ في هذا الشأن انه تم االرتقاء بهذه المبادئ إلى مصاف‬
‫األسس الدستورية والحديث هنا عن مبادئ أساسية يمكن إجمالها في التالي‪:‬‬
‫‪ -‬يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج‬
‫‪3‬‬
‫إليها واالنصاف في تغطية التراب الوطني واالستمرارية في اداء الخدمات ‪.‬‬
‫إخضاع تسيير المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ‬
‫والقيم الديمقراطية ‪.‬إلزام أعوان المرافق العمومية بممارسة وظائفهم وفقا لمبادئ احترام‬
‫القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة وتأمين تتبع مالحظات واقتراحات‬
‫وتظلمات المرتفقين ‪.‬‬
‫استنادا لهذه المعطيات سوف نتناول هذا المطلب وفق فرعين المبادئ التي تحكم‬
‫المرفق العام على ضوء الدستور الجديد ( الفرع االول ) ثم المعايير التي تخضع لها‬
‫المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد ( الفرع الثاني )‬
‫الفرع األول‪ :‬المبادئ المستمدة من الوثيقة الدستورية‬
‫لما كانت المصلحة العامة هي أهم العناصر التي تحكم سير المرافق العامة فإن‬
‫‪3‬‬
‫الفصل ‪ 354‬من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ ،1133‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،81-33-3‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪5151‬‬
‫مكرر بتاريخ ‪ 34‬رجب ‪ 31( 3411‬يونيو ‪)1133‬‬

‫‪6‬‬
‫المشرع عمل على حمايتها وذلك من خالل دسترة مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها‬
‫المرافق العامة ويمكن طرح هذه المبادئ من خالل ثالث محاور االول يتعلق بمبدأ المساواة‬
‫امام المرفق العام اما الثاني فيهم االنصاف في تغطية التراب الوطني وأخيرا الثالث ويرتبط‬
‫باالستمرارية في أداء الخدمات‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬مبدأ المساواة أمام المرافق العامة‬
‫يعتبر مبدأ المساواة من المبادئ األساسية التي تحكم المرافق العامة وهو نابع من‬
‫المبدأ العام للمساواة الذي قررته جميع الشرائع السماوية السيما الشريعة االسالمية التي‬
‫أكدت على هذا المبدأ في العديد من األيات القرآنية وكذا االحاديث النبوية الشريفة منها قول‬
‫الرسول ملسو هيلع هللا ىلص " الناس سواسية كأسنان المشط " كما ان اعالنات الحقوق قررت مبدأ المساواة‬
‫في نصوصها من ذلك اعالن حقوق االنسان والمواطن بفرنسا وكذا في ديباجة االعالن‬
‫العالمي لحقوق االنسان ‪.4‬‬
‫وبالرجوع الى الدستور المغربي الجديد نجده يؤكد في العديد من فصوله على مبدأ‬
‫المساواة منها الفصل السادس الذي ينص على مساواة جميع االشخاص ذاتيين او اعتباريين‬
‫بما فيهم السلطات العمومية أمام القانون والفصل التاسع عشر الذي ينص على المساواة بين‬
‫الرجل والمرأة ‪ ....‬إلى غيرها من الفصول التي تناولت مبدأ المساواة من جوانب متعددة ‪.‬‬
‫وإذا كان مبدأ المساواة يشكل عنصرا أساسيا ألي تدبير اداري يقوم على فكرة‬
‫الديمقراطية فإن ماينبغي مالحظته هو ان المناداة به ال يمكن ان يكون لها صدى حقيقي في‬
‫الواقع التطبيقي إال اذا كان هناك قضاء فاعل يؤمن بضرورته وباستحضار التجارب الرائدة‬
‫في هذا المجال نسترشد في هذا الصدد بالنظام القضائي الفرنسي بإعتباره مرجعية لإلجتهاد‬
‫القضائي المغربي تبين بأن مجلس الدولة وكذا محكمة التنازع كان لهما الفضل في تنويع‬
‫إعمال مبدأ المساواة كأساس ألي تطور يمكن أن يعرفه أي نظام اداري سليم وجعله عنصرا‬
‫ال محيد عنه في النشاطات التي تمارسها المرافق العامة‪. 5‬‬
‫ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ في العديد من احكامه من أشهرها حكمه‬
‫الصادر بتاريخ‪ 9‬مارس ‪ 1951‬في قضية جمعية حفالت الكونسرفتور‪ 6‬ومن المجاالت التي‬
‫أقر فيها مجلس المجلس مبدأ المساواة الذي يعني أن كل األشخاص الموجودين في وضعية‬

‫‪4‬‬
‫ابراهيم كومغار‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2009‬ص ‪95‬‬
‫‪5‬‬
‫دمحم كرامي‪ ،‬القانون اإلداري مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،2015‬ص ‪.214‬‬
‫‪6‬‬
‫والذي جاء فيه " على إثر الجزاء الذي أوقعته لجنة إدارة جمعية حفالت الكونسرفتوار طبقا لنظامها ‪ ،‬على عضوين فيها‪ ،‬لقيامهما رغم الحظر‬
‫الموجه إليهما بالمساهمة في حفلة نظمتها اإلذاعة الفرنسية في يناير ‪ ، 1974‬قررت إدارة االذاعة وقف كل إرسال اذاعي لحفالت الجمعية‬
‫الطاعنة ‪ ،‬ومن حيث أن ادارة اإلذاعة الفرنسية استعملت سلطاتها لغاية أخرى غير تلك التي منحتها من أجلها ‪ ،‬وأخلت بمبدأ المساواة الذي يحكم‬
‫المرافق العامة ‪ ،‬والذي يعطي الجمعية الطاعنة الحق في المعاملة وبث حفالتها كسائر الجمعيات الكبرى األخرى ‪ ،‬فإن هذا الخطأ يرتب مسؤولية‬
‫اإلدارة "‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مماثلة إزاء المرفق العام يجب ان يخضعوا لنفس القواعد ما يلي‪: 7‬‬
‫مساواة المواطنين أمام األعباء العامة‬ ‫‪‬‬
‫المساواة أمام الضرائب‬ ‫‪‬‬
‫المساواة في االنتفاع من الخدمة‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬المساواة بين النساء و الرجال‬ ‫‪‬‬
‫وتعتبر المساواة في االستفادة من خدمات المرفق العام أول مظهر لهذا المبدأ بيد أنه‬
‫ال يجب األخذ به على إطالقه بل يجب التمييز في االستفادة من خدمات المرفق العام بين ما‬
‫إذا كان إداريا حيث يطبق مبدأ المساواة بصرامة وما إذا كان تجاريا أو صناعيا حيث تكون‬
‫االستفادة بمقابل مادي يختلف مقداره حسب نوعية الخدمة ‪.‬‬
‫ومن مظاهر هذا المبدأ أيضا نجد مساواة جميع المواطنين في ولوج وظائف المرفق‬
‫العام فضال عن المساواة في تحمل أعباء المرفق العام ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلنصاف في تغطية التراب الوطني‬
‫ينص الفصل ‪ 20‬من الدستور في فقرته األولى على انه " يتم تنظيم المرافق العامة‬
‫على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين واإلنصاف في تغطية التراب الوطني ‪"...‬‬
‫إن اإل نصاف في تغطية التراب الوطني بخصوص المرافق العامة وانتشارها على‬
‫المجال الترابي الوطني يبرر أوال من خالل ترسيخ مبدأ أساسي تقوم عليه كل إدارة‬
‫والمتمثل في المساواة بين المرتفقين في االستفادة من خدمات المرفق العمومي ذلك أن كل‬
‫مرتفق أينما كان يحق له أن يستفيد من خدمات المرفق في نفس الشروط ونفس الظروف‬
‫ككل المواطنين لذلك فإن الفوارق التي ما تزال قائمة في مجال البنيات التحتية بين جهات‬
‫المملكة ال مبرر لها أن تدوم أو تتفاقم ‪.8‬‬
‫‪9‬‬
‫وبناءا على ذلك فعلى الدولة أن تخلق هيئات متخصصة في تحقيق مبدأ اإلنصاف‬
‫وذلك عبر التفكير في توزيع منصف وعقالني للمصالح اإلدارية في مجموع التراب‬
‫الوطني بغية تقريب اإلدارة عضويا من المواطنين ‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يجد مبدأ اإلنصاف تبريرا آخر يتمثل في التزايد السكاني الذي يجب‬
‫أن يصطحب بتزايد في اإلدارة المقربة من الجمهور إذ أن تطوير اإلدارة يفيد شتى الشرائح‬
‫االجتماعية التي تبقى في حاجة ماسة إلى ابسط الخدمات االجتماعية الضرورية كالتعليم‬

‫‪7‬‬
‫ابراهيم كومغار‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪96‬‬
‫‪8‬‬
‫ابراهيم الشافعي " المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد " رسالة لنيل دبلوم الدراسات في القانون العام المعمق ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬طنجة ص ‪. 85‬‬
‫‪9‬‬
‫دمحم العمراني بوخبزة ‪ :‬محاضرات في مادة الحكامة المحلية ‪ ،‬السنة األولى ‪ ،‬ماستر علوم االدارة والتنمية ‪ ،‬كلية الحقوق طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪2012-2011‬‬

‫‪8‬‬
‫والصحة والطرق والقضاء واألمن ونتحدث هنا بالخصوص عن البوادي والجبال والمراكز‬
‫البعيدة عن تلك الخدمات األساسية‪. 10‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬ضرورة تنظيم المرافق العامة على أساس االستمرارية في أداء‬
‫الخدمات‬
‫يعد مبدأ استمرارية المرافق العامة في أدائها لنشاطها بإنتظام وإضطراد من اهم‬
‫المبادئ التي تحكم سير المرافق العامة بمختلف انواعها وهو من المبادئ التي تم اقرارها‬
‫من لدن االجتهاد القضائي حيث تم تكريسه بصورة غير مباشرة ويستنتج هذا من قرار‬
‫ونكل بتاريخ ‪ 7‬غشت ‪ 1909‬بأن االستمرارية هي روح المرفق العام ولهذا من واجب‬
‫السلطة االدارية ضمان السير المنتظم للمرفق‪.‬‬
‫كما نجد الدستور الحالي للمملكة ينص صراحة على ان طبيعة المرافق العامة‬
‫تستوجب ضمان سيرها بإنتظام في أداء الخدمات ويقضي هذا المبدأ ان يقوم المرفق العام‬
‫بمهامه ونشاطه وتقديم خدماته على سبيل الدوام واالستمرار دون إنقطاع أيا كانت الظروف‬
‫التي يواجهها السيما وأن تحقيق المصلحة العامة تقترن باالستمرارية وبالدوام ألن توقف‬
‫سير المرافق العامة او تعطلها عن العمل ولو عرضيا يكون له نتائج سيئة على المرتفقين‬
‫إلرتباط المرافق بمصالحهم اليومية كما هو الشأن بالنسبة لمرفق النقل أو مرفق الصحة ‪.‬‬
‫ويترتب على تطبيق هذا المبدأ وجود حاالت منافية إلستمرارية المرافق العامة منها‬
‫اإلضراب‪ ،‬استقالة الموظف‪ ،‬نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي ونظرية الظروف الطارئة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعارض اإلضراب واستمرارية المرفق العام‬
‫يقصد باإلضراب امتناع الموظفين في المرافق العامة عن تأدية أعمالهم لفترة معينة‬
‫وبصفة مؤقتة دون ان تتجه نيتهم إلى التخلي عن وظائفهم بشكل نهائي فاإلضراب وبذلك‬
‫يعد من أخطر اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دوام سير المرفق العام بإنتظام واضطراد‬
‫إذ قد يشل حركة المرافق العامة ويعرقل سيرها‪. 11‬‬
‫وعندما نبحث مسألة اإلضراب من خالل التشريع المقارن نالحظ أن مبدأ استمرارية‬
‫المرافق العامة قد ظل دائما حاضرا بشكل جعل اإلعتراف بحق اإلضراب وتنظيمه يعرف‬
‫الكثير من التعثر وان كانت بعض التشريعات عملت على التوفيق ولو نسبيا بين مبدأ‬
‫االستمرارية وحق االضراب‬
‫وبالرجوع الى مسألة االضراب في التشريع المغربي يمكن التمييز بين مرحلتين‬
‫فقبل صدور أول دستور سنة ‪ 1962‬كان االضراب محرما بمقتضى الفصل الخامس من‬
‫‪10‬‬
‫ابراهيم الشافعي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪11‬‬
‫ابراهيم كومغار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪9‬‬
‫مرسوم فبراير ‪ 121958‬وهو الموقف الذي سار على نهجه المجلس االعلى في القضية‬
‫المشهورة للسيد دمحم الحيحي‪ 13‬أما المرحلة الموالية لصدور أول دستور بالمغرب والى غاية‬
‫صدور اخر دستور نجد ان حق االضراب قد تم التنصيص عليه بيد أن القانون المنظم‬
‫لشروط ممارسة هذا الحق لم يصدر بعد رغم مرور أكثر من نصف قرن على النص عليه‬
‫في اول دستور مغربي مما أدى إلى احتدام الجدال القانوني مما أمكن معه القول ان جميع‬
‫التأويالت قد ظلت ممكنة خاصة بين المركزيات النقابية التي تعتبر أن اإلضراب حق‬
‫دستوري يكون من حق جميع القطاعات المهنية ان تمارسه واالدارة التي ظلت متشبتة‬
‫بروح الفصل ‪ 14‬من دستور ‪ 1962‬معتبرة ان ممارسة االضراب تقتضي صدور القانون‬
‫التنظيمي‪ 14‬األمر الذي دفع بالمشرع المغربي الى التدخل والتقليص من حدة التأويالت‬
‫بإصدار قوانين تحرم صراحة ممارسة اإلضراب في بعض المرافق العامة الرئيسية‬
‫للمجتمع وهو ما نالحظه بالنسبة للنظام األساسي لمتصرفي وزارة الداخلية (الفصل ‪ 15‬من‬
‫ظهير فاتح مارس ‪15 )1963‬والنظام االساسي للقضاء (الفصل ‪ 13‬الفقرة االخيرة من‬
‫الظهير بمثابة قانون بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪ 1974‬المتعلق بالنظام األساسي للقضاة) ‪16‬وموظفو‬
‫إدارة السجون (مرسوم ‪ 12‬نونبر ‪ 1974‬الخاص بنظامهم األساسي )‪.17‬‬
‫وعموما فإنه من الضروري للخروج من وضعية الغموض والخالف المرتبطة‬
‫بممارسة حق االضراب خروج القانون التنظيمي لحيز الوجود ألن في ذلك تقوية لدولة‬
‫الحق والقانون‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬استقالة الموظف‬
‫يقصد باالستقالة ترك الموظف لوظيفته بحريته بصفة نهائية وهي عبارة عن عمل‬
‫إ رادي من جانب الموظف يفصح فيها عن رغبته في ترك الخدمة نهائيا قبل بلوغ السن‬
‫‪18‬‬
‫القانونية المقررة لتركها‬
‫غير ان هذه الوسيلة وان كان من شأنها المس بمبدأ االستمرارية المنصوص عليه‬
‫دستوريا وكذا اعتبارات المصلحة العامة جعلت المشرع يتوخى في هذا الصدد التوفيق بين‬

‫‪12‬‬
‫مرسوم ‪ 2-57-1456‬بتاريخ ‪ 15‬رجب ‪5 ( 1377‬فبراير ‪ )1958‬بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي تم نشره في ج‪.‬ر عدد ‪ 2372‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 11‬ابريل ‪ ،1958‬ص ‪.922‬‬
‫‪13‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في ان السيد دمحم الحيحي كان قد شارك في حركة االضراب الجماعي عن العمل كأستاذ في وزارة التربية الوطنية‬
‫والشبيبة والرياضة ‪ ،‬طيلة يوم ‪25‬مارس ‪ 1960‬حيث صدر قرار بتوقيفه عن العمل بدون راتب من لدن وزير التربية الوطنية والشبيبة‬
‫والرياضة ‪ ،‬فتقدم السيد دمحم الحيحي بطعن ضد قرار االدارة أمام الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪ ،‬التي اعتبرت عقوبة التوقيف قانونية على‬
‫أساس ان السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة تمكنه من اتخاذ التدابير الالزمة لمواجهة االضراب في المرافق العامة ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫دمحم كرامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 297‬‬
‫‪15‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1-63-038‬بتاريخ فاتح مارس ‪ 1963‬تم نشره في ج‪.‬ر عدد بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 1963‬ص‪ 574 .‬ومابعدها ‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1-73-668‬بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪1974‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3237‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪ ، 1974‬ص ‪. 3315‬‬
‫‪17‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2-73-668‬بتاريخ ‪ 12‬نونبر ‪ 1974‬ج‪.‬ر لسنة ‪ ، 974‬ص ‪. 3323‬‬
‫‪18‬‬
‫كما أحال إليه ابراهيم كومغار في كتاب المرافق ( ‪Plantey , traité pratique de la fonction publique, tome I , 1963, p. 274 .‬‬
‫العمومية على نهج التحديث)‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫حق المواطن في التمتع بهذا الحق وحق المجتمع في الحصول على الخدمات العامة عن‬
‫طريق المرفق العام وعلى هذا االساس نظمها ظهير‪ 24 19‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق بالنظام‬
‫االساسي للوظيفة العمومية ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نظرية الموظف الفعلي‬
‫إذا كان الموظف الرسمي هو الشخص الذي عين تعيينا صحيحا وفقا لألصول‬
‫القانونية فإن الموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي عين تعيينا معيبا أو لم‬
‫يصدر قرار بتعيينه أصال ‪.‬‬
‫واذا كان االصل العام يفرض بطالن االعمال الصادرة عن الموظف الفعلي‬
‫بإعتبارها اعمال صادرة من غير مختص أو مغتصب أو منتحل للوظيفة فإن القضاء أكد‬
‫سالمة وصحة تلك االعمال ضمانا إلستمرارية المرفق العام ‪.‬‬
‫ويرتبط تطبيق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي بإعتبارات تختلف حسب الظروف‬
‫التي قد تكون ظروفا استثنائية كالحروب واالضطرابات أو في الظروف العادية كتعيين‬
‫شخص على نحو غير قانوني في احدى الوظائف العامة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬
‫ظهرت نظرية الظروف الطارئة في أحكام مجلس الدولة الفرنسي الذي اقرها‬
‫خروجا عن المبدأ في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين‬
‫ضمانا إلستمرارية سير المراق العامة ‪ ،‬وللحيلولة دون توقف المتعاقد مع االدارة عن تنفيذ‬
‫إلتزاماته وتعطيل المرافق العامة ‪.‬‬
‫وتحيل هذه النظرية في معناها العام على حوادث أو ظروف استثنائية لم تكن في‬
‫الحسبان أو غير متوقعة وقت اإلبرام وخارجة عن ارادة طرفي العقد ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المعايير التي تخضع لها المرافق العامة استرشادا بالدستور الجديد‬
‫لطالما شكل ربط المسؤولية بالمحاسبة إحدى المطالب األساسية للشارع المغربي‬
‫وكانت االستجابة بتخصيص الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬الفقرة الثانية من الفصل ‪" 154‬‬
‫اخضاع تسيير المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة وربطها بالمسؤولية‬
‫‪ " ...‬تبعا لذلك يمكن رصد هذه المعايير التي جاء بها الدستور الجديد لتحديد معالم المرفق‬
‫العام‪ ،‬وما يجب أن يخضع له‪ ،‬ألجل تحقيق الحكامة الجيدة وتتمثل على الخصوص في‬
‫جودة الخدمات المرفقية ( الفقرة االولى ) ‪ ،‬اعتماد الشفافية االدارية في األداء المرفقي (‬
‫المطلب الثاني ) واخير ربط المسؤولية بالمحاسبة ( الفقرة الثالثة )‬

‫‪19‬‬
‫انظر الفصول ‪ 78 ، 77‬و ‪ 79‬من ظهير ‪ 24‬فبراير ‪. 1958‬‬

‫‪11‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬جودة الخدمات المرفقية‬
‫دخل المغرب في برنامج واسع من االصالحات السياسية الدستورية االقتصادية‬
‫واالجتماعية هذه االصالحات ترمي الى اعتماد مقاربة جديدة للتدبير والتنمية عن طريق‬
‫مرفق عمومي نشيط يخضع لمعايير الحكامة الجيدة ومن ضمن هذه العناصر التخطيط على‬
‫اساس جودة الخدمات‪ 20‬ويشكل هذا االخير محورا اساسيا لالصالح والتغيير في سبيل رفع‬
‫مستوى اداء اجهزة القطاع العام بالمغرب‪. 21‬‬
‫وتعد الجودة احد المفاهيم المتطورة باستمرار في مجال تدبير المرافق العامة تتغير‬
‫حسب طبيعة هذه االخيرة وحسب تطور نشاطاتها والظروف البيئية المحيطة بها وهو‬
‫ماجعل من الصعب حصر تعريف واحد لها ‪.‬‬
‫وبالرجوع الى التعريفات التي اوردها الكتاب المهتمون بموضوع الجودة لوضع‬
‫تعربف محدد لمعناها ومضمونها فقد عرفها » ‪ «P .Crospy‬بأنها التوافق مع المتطلبات أما‬
‫» ‪ «E.Deming‬فيعرفها بأنها الخدمة التي تشبع متطلبات الزبون وسواء كانت تلك‬
‫المتطلبات ظاهرة او ضمنية مجردة او غير مجردة ‪.‬‬
‫وعموما فإن المشرع وسعيا منه على الوفاء بمطالب كل المتعاملين مع المرافق‬
‫العامة وتحقيق تلك المتطلبات بما يتوافق وتوقعاتهم فإنه عمل على دسترة هذا المعيار‬
‫وجعل المرافق تخضع لهذا المعيار مما يؤكد على نتيجة واحدة وهي رد االعتبار للمرافق‬
‫العامة وجعلها في مستوى تطلعات المرتفقين ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إعتماد الشفافية اإلدارية في األداء المرفقي‬
‫يعد مبدأ الشفافية إحدى المرتكزات التي يقوم عليها تدبير المرافق العامة والتي أقرها‬
‫الدستور الجديد في الفصل ‪ 154‬كمبادئ عامة للحكامة وقد أصبح هذا المبدأ في الوقت‬
‫الراهن معيار أساسي لتقييم أداء تدبير المرافق العامة فهو يسمح للمواطنين المرتفقين‬
‫باإلطالع على مختلف العمليات التي يقوم بها المسير من أجل تنفيذ الخدمات االجتماعية‬
‫وبالتالي معرفة تفاصيل إدارة المرفق فإقرار هذا المبدأ ضمن قواعد التدبير الجيد يهدف الى‬
‫احترام المنافسة والشرعية والمساوة امام القانون ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد فإن الحكامة الجيدة تدمج في مفهومها عدة معايير في مقدمتها الجودة‬
‫وشفافية التدبير ولتحقيق ذلك يرى البعض‪ 22‬بضرورة تنزيل جملة من التدابير أهمها ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫ابراهيم الشافعي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.94 ،‬‬
‫‪21‬‬
‫نوال الهناوي " تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة " وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة ‪ :‬جامعة دمحم‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2001- 2000‬ص ‪.91‬‬
‫‪22‬‬
‫عبد العزيز اشرقي الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء طبعة ‪2014‬ص ‪.393‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬تنزيل قانون يتضمن الولوج الغير المقيد للمعلومات ومراجعة الفصل ‪ 18‬من‬
‫النظام االساسي للوظيفة العمومية المتعلقة بالسر المهني‬
‫‪ ‬مراجعة المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية وتطعيمه بمقتضيات تحد من‬
‫السلطة التقديرية الواسعة لضمان الشفافية التامة للصفقات العمومية‬
‫‪ ‬تسريع وثيرة قوانين التصريح بالممتلكات لتشمل جميع المرافق العمومية‬
‫وتطبيق االجراءات ضد المخالفات المتعلقة بالتصاريح المزيفة‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬معياري المحاسبة والمسؤولية‬
‫المحاسب ة والمسؤولية جزءان اليتجزءان من منظومة الحكامة الجيدة وحلقتان جوهريتان‬
‫في سياق التطور الديمقراطي وبناء دولة الحق والقانون ولقد اعطى دستور ‪2011‬‬
‫إشارات واضحة على انه يشكل قطيعة مع كل الممارسات التي كانت تسقم جسم االدارة‬
‫منذ فجر االستقالل حيث تمت صياغته انطالقا من مجموعة من المرتكزات الهدف منها‬
‫القطع مع سياسية الماضي ‪.‬‬
‫وبالرجوع الى الهدف االساسي لوجود المرافق العامة نجد الجواب هو خدمة الصالح‬
‫العام إال ان هذه الخدمة قد تعترضها بعض الصعوبات إلرتباطها بالمسؤولية لذلك فقد نص‬
‫دستور ‪ 2011‬في مجموعة من فصوله على مسألة تحمل المسؤولية من طرف القيمين‬
‫على االدارة العمومية وهو مايحتم تحلي هؤالء األشخاص بالمسؤولية امام االدارة من‬
‫جهة والمرتفقين من جهة اخرى وقد عمل الدستور على االحاطة بهذه المسؤولية‬
‫بمجموعة من القواعد والضوابط حيث نص في فصله ‪ 155‬أن اعوان المرافق العمومية‬
‫يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة‬
‫العامة ‪.23‬‬

‫‪23‬‬
‫ابراهيم الشافعي ‪ :‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آليات تكريس حكامة المرفق العمومي‬
‫إن تنصيص دستور ‪ 1133‬على مجموعة المبادئ التي سلف ذكرها وكذا القواعد‬
‫األساسية التي تحكم المرافق العمومية في تدبيرها‪ ،‬ال يمكن أن يكون قابال للتجسيد إال‬
‫بإعمال آ ليات وإجراءات كفيلة بضمان بلوغ األهداف المرجوة منها‪ ،‬ومن هذا المنطلق تم‬
‫التنصيص على هيئات و آليات بهدف ضمان تفعيل هده المبادئ ‪ .‬ويمكن التمييز بين آليات‬
‫قانونية وأخرى مؤسساتية‪ ،‬رغم أن التداخل بينهما يبقى أمرا ال مناص منه‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اآلليات القانونية‬


‫لما كانت الغاية من ربط مبادئ ومعايير الحكامة بالمرفق العمومي هي ضمان قيامه بالدور‬
‫المنوط به على أكمل وجه‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن يرتبط تحقيق هذا الهدف بأدوات قانونية‬
‫فوق الجميع‪ ،‬هذه األدوات القانونية التي تتسم بالتعدد ‪ ،‬سنعمل على الوقوف على وجهين‬
‫من أوجهها على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬سواء من خالل ربط تخليق المرفق العمومي‬
‫بالقانون المتعلق بتعليل القرارات اإلدارية‪( ،‬الفقرة األولى)‪ ،‬قبل االنتقال للحديث عن آلية‬
‫التصريح الجبري بالممتلكات (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعليل القرارات اإلدارية كمدخل لتخليق المرفق العمومي‬
‫يعتبر مبدأ تعليل القرارات اإلدارية من أهم الوسائل التي تسهل مراقبة المواطنين والقضاء‬
‫لمشروعية األعمال اإلدارية باعتباره يدعم مبدأ شفافية العمل اإلداري ويجعل السلطة‬
‫اإلدارية بمفهومها الشامل تتقيد بمبدأ المشروعية في تصرفاتها اتجاه الغير كما يشكل هدا‬
‫المبدأ ضمانة لدعم دولة الحق والقانون‪.‬‬
‫فالتعليل دليل على التزام اإلدارة بقواعد المشروعية والقانون وعلى أساسه تتم محاسبتها‪،‬‬
‫كما أن إجبارية التعليل تحتم على اإلدارة تقديم وجهة نظرها الحقيقية التي صيغ على‬
‫ضوئها القرار اإلداري الفردي السلبي‪ ،‬وفي هدا الحالة تتخلص كل األطراف من الشكوك‬
‫التي يثيرها مفهوم السر المهني أو اإلداري هذا فضال عن االعتبارات الديمقراطية التي تقوم‬
‫على افتراض إخبار المواطنين بمبررات تصرف اإلدارة‪.‬‬
‫كما يظل الرهان الكبير الذي ينطلق منه أي إصالح يهم المرفق العمومي ‪ ،‬هو رهان‬
‫التخليق وإشاعة ثقافة الفضيلة في تدبير المرافق العمومية‪ ،‬وذلك على مختلف المستويات‬
‫‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد أضحت القيم الرفيعة والمبادئ المثلى رافعة في معظم دول العام‪.‬‬
‫وعلى رأسها الشفافية ودفع وتقديم الحساب‪ ،24‬وقد عرف البعد التخليقي في المرفق‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬دمحم اليعكوبي‪ ،‬المبادئ الكبرى للحكامة المحلية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،59‬ماي يونيو ‪ 1114‬ص ‪39‬‬

‫‪14‬‬
‫العمومي إرهاصاته األولى مع حكومة التناوب والتي عملت على تبني الورش الكبير‬
‫‪25‬‬
‫للتأهيل العام لإلدارة المغربية‪.‬‬
‫وسعيا منها لضمان هذا المبتغى ربطته بالتنصيص القانوني وهو ما برز بإصدار القانون‬
‫‪ 26 11.13‬الذي نص في مادته األولى على انه تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية‬
‫وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها‬
‫اإلدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت‬
‫طائلة عدم الشرعية ‪ ،‬وذلك باإلفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن األسباب القانونية‬
‫والواقعية الداعية إلى اتخاذه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور آلية التصريح الجبري للمتلكات‬
‫تعد آلية التصريح الجبري للمتلكات من أهم األوجه التي تظهر البعد الوقائي لتخليق المرفق‬
‫العمومي وربطه بمبادئ الشفافية وكذا ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وقد عمل المشرع‬
‫المغ ربي على التنصيص القانوني على هذه اآللية بهدف ضبط جميع التصرفات وكذا تالفي‬
‫االنحرافات التي قد تشوب العمليات التدبيرية بالمرافق العمومية منذ ‪ 3661‬وذلك من خالل‬
‫القانون ‪ ،27 61.15‬إذ يخاطب هذا القانون أعضاء الحكومة والموظفين وكل من يشغل منصبا‬
‫بمصالح الدولة بالداخل أو الخارج وبالجماعات الترابية وكذا المؤسسات العمومية‪،‬‬

‫ويرمي هذا القانون من خالل الزام األشخاص المشار الذين يخاطبهم بأن يقدموا عند‬
‫انتخابهم أو تعيينهم أو توظيفهم قائمة مفصلة لما يملكونه هم وأوالدهم القاصرون من‬
‫عقارات أو قيم منقولة جعل كل العمليات التدبيرية تخضع لمعايير الشفافية ‪.‬‬

‫وقد عرف تاريخ ‪ 35‬فبراير من سنة ‪ 1131‬أيضا دخول اإلطار القانوني المتعلق بالتصريح‬
‫اإلجباري بالممتلكات حيز التنفيذ‪ ،28‬ويكمن الهدف من إعمال الغاية آلية التصريح الجبري‬
‫بالممتلكات في تخليق الحياة العامـة وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية وحماية األموال‬
‫العمومية‪ ،‬و بهذا فإن إلزامية التصريح بالممتلكات تعكس السعي إلى إرساء المزيد من قيم‬
‫االستقامة والنزاهة ‪ ،‬وذلك على غرار ما هو سائد في الدول الديمقراطية المتقدمة‪.‬‬

‫إن تنمية ثقافة أخالقية سليمة ترتكز على القيم والمبادئ المثلى ال يمكن أن تتم إال من خالل‬
‫دعم مخ تلف المبادرات التخليقية الهادفة إلى تأسيس قيم جديدة في تدبير الشأن العام وتهذيب‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬وخالل هذه الفترة تم إصدار ميثاق حسن التدبير والذي سعى إلى تجويد عمل اإلدارة‬
‫‪26‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 22.121.1‬صادر في ‪ 21‬من جمادى األولى (‪ 12‬يوليو ‪ )1..1‬بتنفيذ القانون رقم ‪ .2..2‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية‬
‫والجماعات المحليةوالمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها اإلدارية‬
‫‪27‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 3.61.341‬صادر في ‪ 31‬من جمادى اآلخرة ‪ 1( 3431‬ديسمبر ‪ )3661‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.61‬المتعلق بإقرار‬
‫موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات المحلية‬
‫والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرون‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ -‬ظهـير شريف رقم ‪ 11.18.3‬صادر في ‪ 11‬من شوال ‪ 11 )3416‬أكتـوبر ‪(1118‬بتتـميم الظهـير الشريف رقم ‪ 113.14.3‬الصادر في ‪33‬‬
‫من ربيع اآلخـر ‪ 11 )3165‬أبـريل ‪( 3615‬بــشــأن حـالــة أعـضــاء الحـكــومـة وتأليف دواوينهم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الحياة اإلداريةعبر قيم النزاهة والشفافية واالستقامة‪ ،‬ومن خالل مقاربة شمولية مع مراعاة‬
‫مجموعة من الشروط الموضوعية المتعلقة بتداعيات هذه المسألة على مستوى التنظيم‬
‫اإلداري مما يجعل الطروحات العالجية غير متعالية على حيثيات الواقع ويمنحها بالتالي‬
‫القابلية العملية للتطبيق‪.29‬‬

‫الفقرة اثانية‪ :‬اآلليات المؤسساتية‬


‫يبقى التنصيص القانوني في غياب آليات مؤسساتية قادرة على جعل هذه التوجهات القانونية‬
‫موضع التطبيق‪ ،‬إجراء غير كاف ‪ ،‬فإذا كان التنصيص القانوني يضع التوجهات‬
‫الكبرى‪،‬فإن وظيفتها هو العمل على تطبيقها‪ .‬وإذا كان الشق األول من باب الحكامة الجيدة‬
‫قد نص على قواعد و مبادئ تحكم سير المرافق العامة‪ .‬فالشق الثاني من نفس الباب نجده‬
‫ينص بصفة عامة على مؤسسات و هيئات حماية الحقوق و الحريات و الحكامة الجيدة و‬
‫التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية‪ ،‬باإلضافة إلى مؤسسات تم تخصيصها‬
‫بأبواب فريدة‪.‬‬

‫المجلس األعلى للحسابات‪:‬‬


‫يعد المجلس األعلى للحسابات الهيئة العليا الذي أعطاها الدستور سلطة الرقابة العليا على‬
‫حماية المال العام‪ ،‬ولقد انيطت به مهام جديدة تتجلى في مراقبة التصريح اإلجباري‬
‫للممتلكات فإذا كان هذا اإلجراء يرتبط باإلجراءات القانونية التي سلف ذكرها ‪ ،‬فإن‬
‫المجلس األعلى للحسابات يعد الهيئة التي أنيطت به مهمة الرقابة عليها‪ ،‬وباإلضافة الى ذلك‬
‫فإن التأكيد على وجوب نشر أعماله وتقديم مساعدته للسلطات القضائية يشكل أهم آداة تمكن‬
‫من جعله مؤسسة قادرة على ضمان تحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫مؤسسة الوسيط‪:‬‬
‫تعد الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪ ،‬جاءت لتعوض ديوان المظالم‪ ،‬تختص‬
‫بالدفاع عن الحقوق في نطاق العالقات بين اإلدارة في عالقتها بالجمهور‪ ،‬والمساهمة في‬
‫ترسيخ احترام سيادة القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقيم التخليق والشفافية في‬
‫تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صالحيات‬
‫السلطة العمومية‪ 30.‬وقد أحدثت بمقتضى ظهير شريف رقم ‪ 3.13.168‬الصادر في ‪119‬‬
‫من رمضان ‪1( 3411‬ديسمبر‪ )1113‬وتتحدد اختصاصاتها في‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬دمحم الهيني‪ ،‬دور هيئات النوظمة في ضمان حامة إد ارية فعالة ‪ ،‬بحث مقدم إلى الملتقى الدولي حول اإلبداع والتغيير التنظيمي ‪ ،‬دراسة‬
‫وتحليل تجارب وطنية ودولية‪،‬المقام في جامعة سعد حلب البليدة‪ ،‬موقع ‪iefpedia.com/arab/p27369‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 391‬من دستور ‪1133‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،28-11-1‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3535‬مكرر بتاريخ ‪ 11‬رجب‬
‫‪ 11( 1158‬يونيو ‪)8111‬‬

‫‪16‬‬
‫تلقي الشكايات و التظلمات من طرف المواطن في إطار عالقته بالمرفق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حل المنازعات بين اإلدارة و المترفقين بأسلوب غير قضائي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تمارس وظيفة تصحيحية تتجلى في الدور اإلصالحي الهادف لحماية المواطن من‬ ‫‪‬‬
‫تعسف أو شطط السلطات العمومية‪.‬‬
‫تمارس كذلك وظيفة وقائية تتجلى في كون لمجرد حضور مؤسسة الوسيط داخل‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة كعامل مباشر لحثها التمسك بالقوانين و األنظمة في تعاملها مع الوافدين‬
‫عليها و بالتالي سيادة مناخ يشعر فيه الكل تحت القانون‪.‬‬

‫الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة‪:31‬‬


‫ارتقت السلطات العمومية من خالل الوثيقة الدستورية وذلك بهدف التجاوب مع االتفاقيات‬
‫الدولية خاصة اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد من خالل إحداث هذه الهيئة ‪ ،‬وذلك‬
‫بهدف السير في طريق مكافحة الفساد اإلداري والذي تعد الرشوة أكبر تجلياته‪ ،‬إذ تنتشر في‬
‫اإلدارة المغربية وتعد من أكثر اآلفات التي تزيد من تشوه اإلدارة المغربية‪،‬‬

‫إن اعتماد الدستور الجديد الية ربط المسؤولية بالمحاسبة كآلية تدبيرية في ببالدنا كركيزة‬
‫أساسية للحكامة الجيدة يشير الى تكريس قاعدة تالزم ممارسة المسؤوليات و الوظائف‬
‫العمومية بالمحاسبة‪.‬‬
‫كما أنها الهيئة تعمل على تنسيق سياسة الوقاية من الرشوة و كدا لتتبع و تقييم المنجزات في‬
‫هدا المجال و آلية لتبليغ السلطات القضائية عن جميع االفعال التي تشكل رشوة يعاقب عليها‬
‫القانون وهي قوة ضاغطة في اتجاه التفعيل بتخويلها صالحية رفع تقرير سنوي إلى الوزير‬
‫األول و وزير العدل حول نتائج األشغال و مفعول التوصيات و تقييم المنجزات‪.‬‬

‫‪ -31‬أحدثت هده الهيئة بمقتضى مرسوم ‪ 15.31.15.11‬بتاريخ ‪ 31‬مارس‪1111‬‬

‫‪17‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المرافق العمومية و الحكامة الجيدة‪ :‬اإلكراهات و آفاق االرتقاء في ظل‬
‫التوجهات التدبيرية الحديثة‬
‫على الرغم مما يتميز به اإلطار القانوني والمؤسساتي نسبيا من شمولية وتكامل و وضوح على مستوى‬
‫توزيع األدوار واالختصاصات‪ ،‬إال أن الممارسة أبانت عن عدة إكراهات ونواقص تعترض مختلف‬
‫مكوناته وتحد من نجاعته وفعاليته‪.‬‬
‫فتطبيق مرتكزات الحكامة على الوجه الصحيح سيعالج مجموعة من ِاإلكراهات التي تتخلل تنظيم‬
‫المرافق العمومية و كذا تفعيل مرتكزات ميثاق المرافق العمومية و النصوص القانونية العامة الخاصة‬
‫بدورها بتنظيم وتسيير المرافق العامة و هدا كله جاء من أجل االرتقاء بالمرافق العامة و الخدمات التي‬
‫تقدمها للمرتفقين و تحسين عالقاتهم مع مختلف اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اختالالت نمط الحكامة بالمرفق العمومي‬

‫تعددت المبادرات التي تهدف إلى النهوض بالمرافق العمومية وتنوعت ‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫تخليصها من القيود التي الزمتها منذ تكوينها‪ ،‬وبالرغم من حضورها في الفكر والممارسة‬
‫اإلصالحيتين للدولة فإن إصالح المرفق العمومي الزال يعرف عدة معيقات ويعاني من‬
‫حدود تحد من قدرته على احداث التغييرات الكفيلة بتطويره‪ ،‬ويمكن أن نجمل هذه‬
‫االختالالت في مايلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عالقة اإلدارة بالمتعاملين معها‬

‫أهم االختالالت التي تعرفها اإلدارة المغربية هي تلك التي تجوب عالقة االدارة بالمتعاملين‬
‫معها وتتمثل في انعدام الثقة واالرتياب اللذان يشعر بهما المواطن تجاه المرافق العمومية‪،‬‬
‫إذ أن من المواطنين من الزال يتفادى المصالح االدارية قدر المستطاع ويستغني عن‬
‫مجموعة من الحقوق أو يرجئها إلى وقت الحق أو يفوض أموره اإلدارية إلى شخص آخر‬
‫حتى يتجنب الذهاب إلى اإلدارات العمومية‪ .‬والسبب في ذلك يعود إلى طريقة استقبال‬
‫المتعام لين مع اإلدارة إذ يالخظ غياب مصلة االستقبال في مجموعة من المؤسسات‬
‫العمومية وإن تم إحداث تلك المصلة فإنها توكل إلى أعوان اليتمتعون بالمؤهالت الكافية‬
‫لتلك المهمة وغالبا ما يكونون من أعوان الحراسة ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختالالت متعلقة بالموارد البشرية‬

‫إلى جانب ماسبق تشكل مسألة غياب الموظفين إخدى المعيقات التي تخدش صورة اإلدارة‬
‫العمومية لدى المواطنين فإذا كانت ظاهرة التغيب عن العمل من اإلشكاالت التي سعت كل‬
‫الحكومات المتعاقبة الى التصدي لها فإن ظاهرة الحضور الغير منتج تعد من األمور التي‬
‫يصعب التحكم فيها ولها انعكاسات جد سلبية على عالقة اإلدارة بمرتفقيها‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ظاهرة الرشوة والمحسوبية‬

‫انتشرت ظاهرة الرشوة باإلدارة المغربية منذ عدة عقود وأصبخت تشكل عملية لإلتجار في‬
‫الخدمة التي يقدمها المرفق العمومي والتي هي في األصل بدون مقابل وبالتالي فقد تم‬
‫المساس بمبدأ المجانية وتشويه لما يجب أن يكون عليه العالقة بين اإلدارة والمتعاملين‬
‫معها‪ ،‬إذ صار المرتفق يشعر أن الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الضرائب التي‬
‫يدفعها والذين يجب أن يكونوا في خدمته‪ ،‬أصبح هو في خدمتهم من خالل األتاوات‬
‫‪32‬‬
‫والرشوة‪.‬‬

‫رغم أن المرفق العمومي المغربي قد عرف سواء في بعده المركزي أو المحلي عدة‬
‫اصالحات شملت محاور متنوعة( البنيات والمساطر الوظيفة العمومية‪ ،)...‬إال أن ما يالحظ‬
‫على هذه االصالحات أنها ظلت تتميز بالتدرج ولم تتوخ إحداث القطيعة مع الوضع السابق‪.‬‬
‫كما أن تتبع مختلف االجراءات والتدابير التي اتخذت منذ االستقالل الى اليوم تكشف عن‬
‫محدودية مجمل هذه المحاوالت‪ ،‬مما يجعلها ال تخرج عن دائرة إعادة االنتاج بدل توخي‬
‫التغيير وإحداث التحول ألجذري‪ ،‬ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في الحد من نجاعة‬
‫المرفق العمومي والتي يمكن تحديدها في ‪:‬‬
‫‪ ‬استئثار الدولة باتخاذ وتنفيذ معظم االصالحات التي همت المرفق العمومي‪:‬‬
‫إن أهم مايميز طبيعة القرارات التي همت النهوض بالمرافق العمومية تبرز مركزيتها‪ ،‬وهو‬
‫ماينفي أية مشاركة في صياغة واعداد هذه االصالحات ‪ ،‬وهي ظاهرة عرفتها معظم‬
‫االصالحات في المغرب‬
‫‪ ‬الطابع القطاعي لإلصالحات‬
‫‪ ‬االهتمام بالنصوص واغفال العالقات بين االدارة والمجتمع‪:‬‬
‫إن اصالح النصوص القانونية ال يكفي للنهوض بوضعية المرافق العمومية‪ ،‬ذلك أن‬
‫االهتمام بعالقتها مع الجمهور مسألة بالغة االهمية وذلك عبر تطوير طرق التواصل‬
‫وولوج المرتفق الى الخدمات االدارية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬رشيد باجي‪ ،‬تحديث اإلدارة المغربية بين رصد االختالالت وتطبيق أسس الحكامة الجيدة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،315‬نونبر –دجنبر ‪ ،1135‬ص ‪113‬‬

‫‪19‬‬
‫وفي ظل هذا الوضع تعاني فإن اإلدارة المغربية ال زالت تعاني عدة مشاكل التي تحول‬
‫دون تحقيق التنمية المنشودة حيث نجد الباحتين أغلبهم اجمعوا على ان اإلدارة المغربية‬
‫مجملها تعمل بشكل سيء وبدل ان تكون قاطرة حقيقية للتنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫أصبحت تجسد عقبة في أداء مهامها ودلك لغياب البعد االستراتيجي الخاص بالربط بين اال‬
‫تمركز واالمركزية كدعامتين لترسيخ أسس تنمية محلية وبشرية مستدامة وكدا االختالل‬
‫الجهوي و ما ينجم عنه من تنمية معطوبة لها انعكاسات سلبية خطيرة على بالدنا وهدا ما‬
‫يؤكد المشاكل والمعيقات التي تحول دون تحقيق التنمية المنشودة فانه من خالل التقرير‬
‫الدي اعده البنك الدولي سنة ‪ 3665‬تم الوقوف بجدية على هده المشاكل حيث قال الملك‬
‫الراحل الحسن الثاني في هدا الصدد" قرأت هدا التقرير فوجدت فيه فصاحة موجعة وأرقاما‬
‫ِمؤلمة تجعل كل ذي ضمير حي ال ينام" وهذا تقرير وقف في الحقيقة على مجموعة من‬
‫المشاكل التي تعاني منها اإلدارة المغربية‬

‫‪20‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مآل حكامة المرافق العمومية‬

‫إن تشخيص الواقع الغير الصحي للممارسة اليومية لإلدارة العمومية بالمغرب‬
‫يستدعي طرح بدائل تنشد اإلصالح والعالج ألمراض اإلدارة كبناء ووظيفة‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق من المفترض أن يشكل إصدار ميثاق المرافق العمومية دورا في تأهيل ودعم‬
‫قدرات االدارة العمومية من خالل نسج مفاهيم جديدة لالنتقال الى إدارة مواطنة تقدم خدمات‬
‫عمومية سريعة وذات جودة عالية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ترسيخ إصالح المرفق العمومي‬

‫يبقى مسعى االرتقاء بالمرافق العمومية رهينا بارساء مجموعة من التدابير ولعل من‬
‫أهمها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إقرار سياسة انفتاحية لإلدارة كبناء ذاتي‬

‫يبدو أن التفكير في تهذيب اإلدارة ودمقرطتها يفرض نفسه بإلحاح لتكسير طوق‬
‫البيروقراطية وردود الفعل السلطوية‪ ،33‬في اتجاه إقرار سياسة انفتاحية على مستوى تدبير‬
‫الموارد البشرية واستكمال تكوينها أو على مستوى اعتماد سياسة التعاون مابين الوحدات‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحسين نظام التسيير‬

‫يشكل هذا النسق جانبا رئيسيا من سياسة التحديث اإلداري ليس فقط ألنه يلعب دورا حاسما‬
‫في تنفيذ بعض األهداف المنوطة بهذا التحديث وخاصة اإلستعمال العقالني للموارد‬
‫المتوفرة والتحكم في النفقات بل وألنه أيضا يؤثر على الجوانب األخرى سواء تعلق األمر‬
‫بتحسين عالقات اإلدارة بمرتفقيها‪ ،‬أو تعبئة الموظفين ويتعلق األمر أساسا بمراجعة بعض‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬ابراهيم حركات‪ ،‬المغرب عبر التاريخ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الرشاد الحديثة البيضاء ‪ ،3685‬ص ‪441‬‬

‫‪21‬‬
‫المقتضيات القانونية التي تسير نشاط اإلدارة العمومية وبإدخال نظام إعالم للتسيير ومعالجة‬
‫‪34‬‬
‫المعلمومات‪.‬‬

‫تدبير الموارد البشرية‪:‬‬

‫لقد أصبح القاموس اإلداري يزخر في اآلونة األخيرة بعبارة تسيير الموارد البشرية محل‬
‫عبارة ‪ :‬تسيير شؤوون الموظفين ولهذا الحل داللته الخاصة كاإلعتراف بفضل الطاقة‬
‫والرأسمال البشري في التنمية‪ ،‬وهذا من جهة ومن جهة أخرى فهو ينم عن الرغبة في‬
‫أنسنة العالقات البشرية داخل صلب اإلدارة الواحدة‪،‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوجه نحو نجاعة العمل اإلداري من خالل التنسيق والتعاون‬

‫يعد التنسيق بمثابة تنظيم وترتيب مهيكل وتفاهم مشترك وهو بمثابة التوفيق بين نشاط‬
‫الجماعة التي تعمل على تحقيق غرض مشترك وبث االنسجام بين أفرادها بحيث يبدل كل‬
‫منهما قصارى جهده لتحقيق اغاية المشتركة‪ ،‬ويندرج التنسيق أو التعاون في إطار التنمية‬
‫اإلدارية والتي تقتضي تجنيد الطاقات وتوحيد العمل وتنسيقه وبين مختلف الهياكل اإلدارية‬
‫‪35‬‬
‫سواء على المستوى العمودي أو األفقي‬

‫وباإلضافة إلى ضرورة تبني اإلجراءات السالفة الذكر يبقى تفعيل المقتضى الدستوري‬
‫بضرورة إصدار ميثاق المرافق العمومية‪ ،‬أمرا ضروريا لما ينتظر منه من أدوار في إرساء‬
‫قواعد الحكامة الجيدة‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬علي سدجاري‪ ،‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث‪،‬مؤسسة هانس سايدل األلمانية‬
‫‪35‬‬
‫أحمد حضراني‪ ،‬انطباعات حول واقع اإلدارة العمومية وافاق إصالحها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪،16*18‬‬
‫‪1113‬‬

‫‪22‬‬
‫إذ شكل دستور ‪ 1122‬دعامة أساسية إلرساء حكامة التدبير و إقرار مبدأ المسؤولية و‬
‫المحاسبة و ذ لك لضمان حسن سير المرافق العمومية و في هدا الصدد نص الدستور على‬
‫ميثاق المرافق العمومية و ذلك لإلجابة على عدة مشاكل و تحديات تواجه تدبير المرافق‬
‫العمومية الن هذ ه األخيرة عرفت عدة تحوالت قبل أن تصل إلى ما هي عليه ففي البداية‬
‫كانت اشد االرتباط بمصالح الدولة من حيت التنظيم و التسيير و مع فتح المجال أمام إشراك‬
‫الخواص في تدبيرها وبعد عجز الدولة عن القيام بوظائفها المتزايدة بدأت عملية الخوصصة‬
‫تم تلتها عملية تفويض بعض المرافق الحيوية للخواص من اجل تدبيرها نظرا لما كانت‬
‫تعيشه من أزمة التدبير و ضعف المر دودية و بلوغها مستوى اإلفالس من الجانب المالي‬
‫و اإلداري لما عرفته من سوء التدبير و ضخامة التبذير المالي و الزمني و لهذا جاء ميثاق‬
‫المرافق العمومية لمحاولة تجاوز الوضعية المتأزمة لهذه المرافق و معالجة االختالالت التي‬
‫تعيشها‬

‫ولما كانت اإلدارة العمومية تمثل تجسيدا ملموسا ومظهرا حقيقيا لنشاط الدولة وشكال من‬
‫اشكال تدخل هذه االخيرة في مجال االعمال واالستثمار لتقديم خدمات عمومية للمواطنين‬
‫والمقاوالت و‪ .......‬لمتطلباتهم واحتياجاتهم‪ ،‬فقد أضحى المرفق العمومي في هذا االطار‬
‫حجر الزاوية في كل المبادرات االصالحية لقياس درجة قربها من المواطن والمقاولة‬
‫ولالرتقاء به الى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية المالية وهو ما يعني ترسيخ أسس‬
‫الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العمومي في اطار التنزيل المتواصل للمضامين الدستورية‬
‫المكونة لصرح دستور ‪ 2011‬وفي مقدمتها اصدار ميثاق المرافق العمومية يحدد قواعد‬
‫الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير االدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية االخرى‬
‫واالجهزة العمومية كما يشير الى ذلك الفصل ‪ 157‬من الدستور ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ميثاق المرافق العمومية كمدخل لتكريس حكامة المرفق العمومي‬

‫ينص الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ 2011‬في الفصل ‪ 157‬من الباب الثاني عشر المتعلق‬
‫بالحكامة الجيدة على انه يحدد ميثاق للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير‬
‫االدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية واالجهزة العمومية ‪.‬‬

‫وتنزيال لهذا المقتضى الدستوري المعبر عنه في الفصل السالف الذكر واعتمادا على مبدأ‬
‫التشاركية عملت الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث االدارة وباستشارة مع وزارة‬
‫الداخلية والوزارة المكلفة بالحكامة والشؤون العامة على إعداد مسودة مشروع هذا الميثاق‬
‫ما قد يشكل قفزة نوعية وإيجابية تعزز مسار االصالح والتحديث االداري ألجل تحقيق‬
‫ادارة اكثر نجاعة قي خدمة المواطن والمقاولة عبر تحسين الخدمات العمومية وتبسيط‬
‫المساطر واالجراءات االدارية من جهة وتجويد بيئة االستثمار والتشجيع على ممارسة‬
‫االعمال بكل ثقة من جهة اخرى ‪.‬‬
‫‪ ‬مضمون مسودة ميثاق المرافق العمومية‪:‬‬

‫وبالعودة الى مضمون المسودة وباستقرائنا لها يتبين ان هندستها من حيث الشكل تتكون من‬
‫ديباجة وأربعة ابواب حيث نجد ‪:‬‬

‫الباب االول ‪ :‬يتكون من ‪ 13‬مادة موزعة على مقتضيات تهم موضوع الميثاق واهدافه‬
‫ومبادئه والتزامات االدارة‬

‫الباب الثاني ‪ :‬يتكون من ‪ 17‬مادة اي من المادة ‪ 14‬الى المادة ‪ 30‬موزعة على قواعد‬
‫تنظيم وتدبير االدارة‬

‫الباب الثالث ‪ :‬يتكون من ‪ 16‬مادة اي من المادة ‪ 31‬الى المادة ‪ 46‬وتهم القواعد المنظمة‬
‫لعالقات االدارة بالمرتفق‬

‫الباب الرابع واالخير ‪ :‬ويتكون من ‪4‬مواد ويتعلق بمقتضيات مختلفة تهم التفعيل والتقييم‬
‫والتنفيذ والتطبيق‬

‫‪24‬‬
‫وفي مايخص المضمون فيمكن القول مبدئيا ان المسودة تعتبر مدخال اساسيا إلرساء‬
‫الحكامة الجيدة باالدارة العمومية المغربية ولبنة مهمة في مسلسل دعم مبادئ الشفافية‬
‫والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة بالمرفق العمومي ‪.‬‬

‫وتتكون مواد المسودة من مقتضيات متعددة يمكن الوقوف على أهمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬سياق مشروع ميثاق المرافق العمومية " موضوعة واهدافه ومبادئه "‬

‫‪ -‬التزامات االدارة من حيث قواعد التنظيم والتدبير‬

‫‪-‬القواعد المنظمة لعالقات االدارة بالمرتفق من خالل االلتزام بتدعيم التواصل والتشاور‬
‫واالنفتاح وتحسين االستقبال والتوجيه واالنصات وتتبع المالحظات واالقتراحات والشكايات‬

‫‪ -‬المقتضيات الخاصة بمجاالت التنفيذ والتفعيل واليات ووسائل التطبيق ‪.‬‬

‫وهكذا عمل المشرع في الباب االول على تحديد موضوع مشروع الميثاق وأهدافه التي‬
‫تكمن في‪:‬‬

‫‪ -‬ضمان المساواة في الحصول على الخدمات ذات المصلحة العامة ‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز النزاهة والمصداقية والحياد في ممارسة المهام االدارية ‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين‬

‫‪ -‬تطوير اداء االدارة وضمان فعاليتها ‪.‬‬

‫‪ -‬اقرار المسؤولية والمحاسبة في تدبير المرافقوع والمنسجمة مع العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم المشاركة المواطنة ‪.‬‬

‫كما تطرق المشرع في نفس الباب أيضا لمبادئ المشروع والمنسجمة مع المبادئ االساسية‬
‫للمرفق العام والمتمثلة أساسا في اخترام القانون والمساواة والحياد وضمان االستمرارية في‬
‫اداء الخدمات والتكييف والمواءمة واالنصاف في تغطية التراب الوطني والجودة والشفافية‬

‫‪25‬‬
‫والمحاسبة والمسؤولية والنزاهة واالنصات الى المرتفقين والمبادئ الديمقراطية التي اقرها‬
‫الدستور ‪.‬‬

‫أما الباب الثاني المتعلق بقواعد تنظيم وتدبير االدارة فقد عمل المشرع فيه على تعداد هذه‬
‫القواعد سواء المرتبطة بالتنظيم والمتعلقة باالختصاصات والهياكل االدارية في افق التوزيع‬
‫االمثل للوسائل والموارد وفي تحقيق الوحدة واالنسجام في التدخل وفي الترشيد والعقلنة‪،‬‬

‫وفي نفس الباب اوصى المشرع بضرورة اصدار قانون عام للمسطرة االدارية لتأطير‬
‫العالقة مع المرتفق ولتجويد القرارات المتخذة والخدمات المقدمة ‪.‬‬

‫كما اوصى كذلك بضرورة وضع قانون بشأن منع تضارب المصالح وحاالت التنافي ‪.‬‬

‫‪ -‬في وضع أليات لتعزيز النزاهة عبر وضع ميثاق وطني لمكافحة الفساد وتحيين وتأهيل‬
‫التشريعات المرتبطة بها واعتماد برنامج وطني للنزاهة ‪.‬‬

‫أما الثالث الذي استهدف عالقة االدارة بالمرتفق فقد عمل على ارساء مجموعة من القواعد‬
‫تتعلق ب ‪:‬‬

‫‪ -‬تعميم نشر النصوص القانونية المتعلقة بالحقوق والواجبات التي لها اثر على المرتفق مع‬
‫التركيز‬

‫‪ -‬استعمال الوسائل االلكترونية للتواصل مع المرتفقين ‪.‬‬

‫‪ -‬وضع أليات لتحسين االستقبال والتواصل والتوجيه‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف بهوية الموظف من خالل تمكين المرتفق ‪.‬‬

‫‪ -‬االقرار باالستالم ‪.‬‬

‫‪ -‬اثبات االرسال داخل األجال المحدد من طرف المرتفق مي مختلف العمليات‪.‬‬

‫‪ -‬االنصات للمرتفقين وتتبع مالحظاتهم واقتراحاتهم وشكاياتهم من خالل وضع اليات لذلك ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬اصدار قانون المنازعات االدارية ينظم مسطرة التنازع بين االدارة والمرتفق وتضمن‬
‫تكافؤ الفرص عند اللجوء الى القضاء االداري‪.‬‬

‫‪ -‬تبسيط المساطر االدارية ووضعها على الخط من طرف لجنة وطنية مكلفة بالتبسيط‪.‬‬

‫‪ -‬كما يجب ايضا انشاء فضاءات قريبة من المرتفقين ومنتشرة على المستوى المجالي لتقديم‬
‫الخدمات العمومية ‪.‬‬

‫أما الباب الرابع واالخير فقد استعرض اليات تقييم وتنفيذ الميثاق وقد حددها في اربعة‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -‬احداث لجنة برلمانية تضم ممثلين عن لمجتمع المدني في شأن تقييم تنفيذ الميثاق ‪.‬‬

‫‪ -‬السلطة المكلفة بالوظ يفة العمومية وتحديث االدارة من خالل انجاز تقرير سنوي لتتبع‬
‫مراحل التفعيل‬

‫‪ -‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي من خالل السهر على تقييم وضع الميثاق وعلى‬
‫جودة الخدمات المقدمة ‪.‬‬

‫إن حياة األفراد ال يمكن إن تستقيم بدون تلبية الحاجيات األساسية العامة والتي ال تتم إال‬
‫عبر المرافق العمومية سواء الوطنية أو المحلية و المرتبطة أساسا بالحقوق االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬فضال عن كونها تعزز حسن المواطنة و تضمن ظروف العيش الكريم‪ ،‬كما‬
‫إن ميثاق المرافق العمومية جاء لتجميع المبادئ المرتبطة لحاكمة تدبير المرفق العمومي‪ ،‬و‬
‫ترتيبها‪ ،‬و تفصيلها‪ ،‬و تضمينها في وثيقة واحدة ملزمة قانونيا أخالقيا و تحدد واجبات و‬
‫حقوق كل المتدخلين سواء القائمين على تدبير المرافق العمومية أو المترفقين و المتعاقدين‬
‫‪36‬‬
‫ضمانا لحسن األداء و حماية الحقوق و تعزيزا لمفهوم المواطنة‪.‬‬

‫‪ -36‬دمحم البكوري‪ .‬مجلة القانون و األعمال‪.‬الحكامة اإلدارية بالمغرب و بناء دولة التقة ‪.‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ‪.‬الحكامة‬
‫الجيدة بين الوضع‪ .‬الراهن و مقتضيات الدستور الجديد ‪.1133‬‬

‫‪27‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫خالصة القول ان ال حكامة الجيدة كمقاربة عصرية لتدبير‪ ،‬الموارد االقتصادية و االجتماعية‬
‫لها عالقة وطيدة بالمرافق العمومية و دلك يتجلى في كونها دعامة أساسية‪ ،‬لتحقيق معايير‬
‫الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية ومحاربة الفساد‪ ،‬وترسيخ قيم النزاهة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالمرافق العمومية ال يمكنها اإلشتغال في معزل عن تطبيق قواعد الحكامة الجيدة التي‬
‫تهدف باألساس‪ ،‬إلى اإلصالح اإلداري وتأهيل المرافق العمومية لكن اإلشكال المطروح هو‬
‫هل قواعد الحكامة الجيدة كفيلة بتحقيق إصالح منظومة المرافق العمومة أم أنها الزالت‬
‫بحاجة إلى آليات اخرى أكثر نجاعة لإلرتقاء بالمرفق العمومي ؟‬

‫وفي ظل هذه االنتظرات يبقى التعويل على مشروع الميثاق المتعلق بالمرافق العمومية‬
‫الوسيلة التي يمكن القول أنها ستعمل على تكريس مقاربة نوعية لترسيخ ادارة مواطنة‬
‫وحديثة وقيمة مضافة في الترسانة القانونية المؤطرة لحياة المرفق العمومي وإطارا مرجعيا‬
‫جامعا لكل القوانين والتدابير واإلجراءات واآلليات والوسائل الكفيلة بتحسين فعالية التدبير‬
‫وترشيد القرارات وعقلنتها وترسيخ الشفافية والتعجيل في تقديم الخدمات للمرتفقين وهي‬
‫مقتضيات لها وقع مباشر وجلي على تأهيل المرفق العام‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الئحة املراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫احمد بوعشيق‪ ،‬المرافق العامة الكبرى‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية‬

‫‪3669‬‬

‫ابراهيم كومغار‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬‬

‫الطبعة األولى ‪، 2009‬‬

‫دمحم كرامي‪ ،‬القانون اإلداري مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪،2015‬‬

‫عبد العزيز اشرقي الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع‬

‫الجهوية المتقدمة ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء طبعة ‪2014‬‬

‫ابراهيم حركات‪ ،‬المغرب عبر التاريخ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ط ‪ ،3‬دار الرشاد الحديثة البيضاء‬

‫‪،3685‬‬

‫علي سدجاري‪ ،‬الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث‪،‬مؤسسة هانس سايدل األلمانية‬

‫األطروحات والرسائل‪:‬‬

‫ابراهيم الشافعي " المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد " رسالة لنيل دبلوم الدراسات في‬

‫القانون العام المعمق ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬طنجة ‪1131-1133‬‬

‫نوال الهناوي " تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة " وحدة‬

‫القانون اإلداري وعلم اإلدارة ‪ :‬جامعة دمحم الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫أكدال الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪1113/1111‬‬

‫املقاالت و اجملالت‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫دمحم اليعكوبي‪ ،‬المبادئ الكبرى للحكامة المحلية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬

‫‪ ،59‬ماي يونيو ‪1114‬‬

‫رشيد باجي‪ ،‬تحديث اإلدارة المغربية بين رصد االختالالت وتطبيق أسس الحكامة الجيدة‪،‬‬

‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،315‬نونبر –دجنبر ‪،1135‬‬

‫أحمد حضراني‪ ،‬انطباعات حول واقع اإلدارة العمومية وافاق إصالحها‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪1113 ،16-18‬‬

‫الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات الدستور‬

‫الجديد ‪،1133‬‬

‫دمحم البكوري‪ .‬مجلة القانون و األعمال‪.‬الحكامة اإلدارية بالمغرب و بناء دولة الثقة ‪.‬الهيئة‬

‫المركزية للوقاية من الرشوة ‪.‬الحكامة الجيدة بين الوضع‪ .‬الراهن و مقتضيات الدستور الجديد‬

‫‪.1133‬‬

‫دمحم الهيني‪ ،‬دور هيئات النوظمة في ضمان حكامة إدارية فعالة ‪ ،‬بحث مقدم إلى الملتقى الدولي‬

‫حول اإلبداع والتغيير التنظيمي ‪ ،‬دراسة وتحليل تجارب وطنية ودولية‪،‬المقام في جامعة سعد‬

‫حلب البليدة‪ ،‬موقع ‪1139/33/11 ،iefpedia.com/arab/p27369‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫دستور ‪1133‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،81-33-3‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬

‫‪ 5151‬مكرر بتاريخ ‪ 34‬رجب ‪ 31( 3411‬يونيو ‪)1133‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 3.11.111‬صادر في ‪ 31‬من جمادى األولى (‪ 11‬يوليو ‪ )1111‬بتنفيذ‬

‫القانون رقم ‪ 11.13‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‬

‫بتعليل قراراتها اإلدارية‬

‫‪30‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 3.61.341‬صادر في ‪ 31‬من جمادى اآلخرة ‪ 1( 3431‬ديسمبر ‪)3661‬‬

‫المتعلق بإقرار موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية‬ ‫بتنفيذ القانون رقم ‪15.61‬‬

‫والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات المحلية‬

‫والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرون‪.‬‬

‫ظهـير شريف رقم ‪ 11.18.3‬صادر في ‪ 11‬من شوال ‪ 11 )3416‬أكتـوبر ‪(1118‬بتتـميم‬

‫الظهـير الشريف رقم ‪ 113.14.3‬الصادر في ‪ 33‬من ربيع اآلخـر ‪ 11 )3165‬أبـريل ‪3615‬‬

‫(بــشــأن حـالــة أعـضــاء الحـكــومـة وتأليف دواوينهم‪.‬‬

‫مرسوم ‪ 2-57-1456‬بتاريخ ‪ 15‬رجب ‪5 ( 1377‬فبراير ‪ )1958‬بشأن مباشرة الموظفين للحق‬

‫النقابي تم نشره في ج‪.‬ر عدد ‪ 2372‬مكرر بتاريخ ‪ 11‬ابريل ‪.1958‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1-63-038‬بتاريخ فاتح مارس ‪ 1963‬تم نشره في ج‪.‬ر عدد بتاريخ ‪15‬‬

‫مارس ‪. 1963‬‬

‫ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1-73-668‬بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪1974‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3237‬بتاريخ ‪13‬‬

‫نونبر ‪. 1974‬‬

‫‪31‬‬

You might also like