You are on page 1of 12

‫جامعة برج بوعرٌرٌج‬

‫كلٌة الحقوق و العلوم السٌاسٌة‬


‫السداسً الثانً مقٌاس القانون اإلداري سنة أولى لٌسانس‬
‫المجموعتٌن األولى و الثانٌة‬

‫المـــحــــور األول ‪ :‬الــــمــــرفـــــق الــــــــعام‬

‫ان مصطلح المرفق العام قبل دراسته كمفهوم قانونً بحت‪ٌ ،‬مكن القول فٌه أنه من‬
‫بٌن األفكار الربٌسٌة التً قامت علٌها نظرٌات و مبادئ القانون االداري ‪ ،‬حٌث تم اعتماده‬
‫كمعٌار لتحدٌد نطاق تطبٌق أحكام القانون االداري و لتحدٌد االختصاص النوعً لكل من‬
‫القضاء العادي و القضاء االداري ‪ ،‬هذا المنطلق تمت دراسته و مناقشته بالتفصٌل سالفا‬
‫فً السداسً األول عند التطرق لتطور القانون االداري فً فرنسا و باألخص‬
‫– قضٌة بالنكو ‪. -‬‬

‫عند اعتماد معٌار المرفق العام فً قضٌة بالنكو ‪ ،‬لم تكن الدولة تمارس مهاما اقتصادٌة‬
‫على النحو الذي هو علٌه اآلن ‪ ،‬لذلك كانت الطبٌعة القانونٌة للمرافق " إدارٌة " ‪ ،‬و طالما‬
‫أن نشاط الدولة كان محدودا فً تلبٌة حاجات المواطن االدارٌة البسٌطة ‪ ،‬فان اخضاع‬
‫االدارة ألحكام القانون االداري كان سهل التطبٌق و ال ٌثٌر أي إشكالٌة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم المرفــــق الــــعام ‪:‬‬

‫ان تطور مفهوم المرافق العامة مقترن بتطور الوظٌفة االدارٌة للدولة فعند ظهور‬
‫فكرة المرفق العام خالل القرن التاسع وبداٌة القرن العشرٌن لم تكن على درجة من اإلبهام‬
‫والغموض كالذي نراه اآلن‪ ،‬خاصة وأن وظابف الدولة فً تلك المرحلة كانت واضحة‬
‫ودقٌقة وألن المرافق العامة فً بداٌة األمر كانت تتسم بارتباطها بمظهر سٌادة الدولة وهو‬
‫األمر الذي جعل الفقهاء ٌجمعون على خضوعها للقانون العام‪.‬‬

‫غٌر أن تطور وظٌفة الدولة طرح إشكاال قانونٌا فً غاٌة من العمق؛ هل ٌمكن اعتبار‬
‫المرافق االقتصادٌة من قبٌل المرافق العامة ومن ثم نخضعها هً األخرى لقواعد القانون‬
‫العام‪ ،‬أم أنها تخرج أصال عن عداد المرافق العامة؟‪.‬‬

‫ٌرى البروفٌسور أحمد محٌو أن " مفهوم المرفق العام ال ٌمكن أن ٌكون مفهوما قانونٌا‬
‫مجردا أو حٌادٌا ‪ ،‬و لٌس له معنى إال فً ضوء محتواه و الغاٌات االقتصادٌة و االجتماعٌة‬
‫التً أسندت له ‪."....‬‬

‫بتحلٌلنا لمضمون هذا المفهوم ٌمكن القول أن مهمة تحدٌد مفهوم المرفق العام من‬
‫الناحٌة القانونٌة فقط قد تكون غٌر كافٌة ‪ ،‬على اعتبار أن مضمون المرفق و سبل تحدٌده‬
‫فٌما إذا كان الجهاز المعنً ٌشكل مرفقا أم ال ‪ ،‬قد تحدده الغاٌة أو الوظٌفة المسندة إلٌه‬
‫والتً أنشا من أجلها ‪ ،‬فٌصبح لهذا المفهوم عالقة بجمٌع مسابل القانون االداري من تحدٌد‬
‫الجهة القضابٌة المختصة للفصل فً نزاعاته ‪ ،‬أو طبٌعة التصرفات التً ٌصدرها أو‬
‫ٌبرمها إن كانت تشكل قرارا ادارٌا أو عقدا ادارٌا ‪ ،‬أو حتى المسؤولٌة المترتبة ان كانت‬
‫مسؤولٌة ادارٌة أم مسؤولٌة مدنٌة ‪ ،‬لٌصح القول أن هذا التحدٌد فً التصرفات و اآلثار‬
‫المترتبة ان كانت ادارٌة أم ال‪ ،‬تعمل علٌها مجموعة من المعاٌٌر التقلٌدٌة و االتجاهات‬
‫الفقهٌة الحدٌثة ‪.‬‬

‫لهذا ٌمكننا القول أنه لٌس من السهل الفصل فً هذه اإلشكالٌة بعٌدا عن فكر وخلفٌة كل‬
‫اتجاه فقهً بخصوص الوظابف األساسٌة للدولة‪ ،‬وإذا كانت المرافق ذات الطابع اإلداري لم‬
‫تطرح من حٌث األصل إشكالٌة بشأن خضوعها للقانون العام فً السابق‪ ،‬فان األمر لم ٌكن‬
‫كذلك بالنسبة للمرافق االقتصادٌة التً تنشبها الدولة‪ ،‬خاصة وأنها تطورت تطورا ملحوظا‬
‫و أصبحت تخضع فً نشاطها لكثٌر من قواعد القانون الخاص‪.‬‬

‫و علٌه فإن االجابة عن هذا التساؤل تظهر لنا العدٌد من المعاٌٌر التعرٌفٌة للمرفق‬
‫العام سنحاول التركٌز فٌها على أهم ثالث معاٌٌر نوضحها على النحو التالً‪:‬‬

‫أ – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار العضوي ‪:‬‬

‫ٌستند مفهوم المرفق العام وفقا للمعٌار العضوي أنه كل هٌبة أو جهاز تنشبه الدولة‬
‫‪1‬‬
‫وتشرف على إدارته بقصد القٌام بمهمة معٌنة لتحقٌق حاجات الجمهور فً مجال معٌن‬
‫كإدارة الصحة و القضاء و التعلٌم ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫ٌجسد هذا التعرٌف للمرفق العام ما ذهب إلٌه مجلس الدولة الفرنسً عند تحدٌده لنطاق‬
‫المرفق العام و الذي اشترط فٌه توافر ثالثة عناصر جوهرٌة ‪ :‬أن ٌباشر مهمة ذات نفع‬
‫عام أي أن ٌتصل نشاطه بالصالح العام ‪ ،‬أن ٌشكل جهاز مكلف بالتنفٌذ تدٌره وتشرف علٌه‬
‫هٌبة معٌنة تابعة للدولة ‪ ،‬أن ٌتمتع بامتٌازات خاصة تمٌزه عن باقً األجهزة الخاصة ‪.‬‬

‫ب – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار الموضوعً ‪:‬‬

‫ٌقصد بالمرفق العام بالنظر للمعٌار الموضوعً كل نشاط ٌباشره شخص عام بقصد‬
‫إشباع حاجة عامة دون تحقٌق الربح مقابل الخدمة المقدمة ‪ ،‬ومن ثم تخرج عن نطاق هذا‬
‫التعرٌف سابر النشاطات الخاصة كالمؤسسة الخاصة كما ٌخرج عنه المشروعات التً‬
‫تستهدف فقط لتحقٌق الربح‪.‬‬

‫أ – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار العضوي ‪:‬‬

‫ٌستند مفهوم المرفق العام وفقا للمعٌار العضوي أنه كل هٌبة أو جهاز تنشبه الدولة‬
‫‪1‬‬
‫وتشرف على إدارته بقصد القٌام بمهمة معٌنة لتحقٌق حاجات الجمهور فً مجال معٌن‬
‫كإدارة الصحة و القضاء و التعلٌم ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫ٌجسد هذا التعرٌف للمرفق العام ما ذهب إلٌه مجلس الدولة الفرنسً عند تحدٌده لنطاق‬
‫المرفق العام و الذي اشترط فٌه توافر ثالثة عناصر جوهرٌة ‪ :‬أن ٌباشر مهمة ذات نفع‬
‫عام أي أن ٌتصل نشاطه بالصالح العام ‪ ،‬أن ٌشكل جهاز مكلف بالتنفٌذ تدٌره وتشرف علٌه‬
‫هٌبة معٌنة تابعة للدولة ‪ ،‬أن ٌتمتع بامتٌازات خاصة تمٌزه عن باقً األجهزة الخاصة ‪.‬‬

‫ان مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار العضوي ٌمكن القول فٌه أنه ٌسمح بدمج المرفق‬
‫العام فً دابرة التنظٌم اإلداري القابم فً الدولة‪ ،‬خصوصا إذا سلمنا أن المرفق هو عبارة‬
‫عن جهاز إداري عادي كبقٌة األجهزة اإلدارٌة األخرى‪ ،‬بمعنى أن كل إدارة تنشبها الدولة‬
‫هً بمثابة مرفق عام و أٌنما وجدت مؤسسة أو هٌبة ادارٌة ٌوجد مرفق عام ‪ ،‬لكن التسلٌم‬
‫بهذا التعرٌف ٌجعله محل انتقاد بمخالفته للواقع العملً حٌث نشهد بعض األشخاص العامة‬
‫اإلدارٌة تنشبها الدولة تمارس نشاطات التعد بأي حال من األحوال مرافق عامة‪.‬‬

‫ب – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار الموضوعً ‪:‬‬

‫ٌقصد بالمرفق العام بالنظر للمعٌار الموضوعً كل نشاط ٌباشره شخص عام بقصد‬
‫إشباع حاجة عامة دون تحقٌق الربح مقابل الخدمة المقدمة ‪ ،‬ومن ثم تخرج عن نطاق هذا‬
‫التعرٌف سابر النشاطات الخاصة كالمؤسسة الخاصة كما ٌخرج عنه المشروعات التً‬
‫تستهدف فقط لتحقٌق الربح‪.‬‬

‫و ٌقصد به كذلك استنادا للمعٌار الموضوعً أو المادي كما ٌسمٌه البعض بأنه ‪ :‬كل‬
‫نشاط شرع به بهدف إشباع مصلحة عامة ‪ ،‬فهو بذلك ٌتمٌز عن النشاط الخاص ‪ ،‬فالنشاط‬
‫العام تحركه المصلحة العامة و ٌجب أن ال ٌهتم بتحقٌق ربح معٌن ‪ ،‬أما الثانً فتحركه‬
‫المصلحة الخاصة و التً أنشبت ألجل تحقٌق الربح ‪ ،‬فجهاز األمن مثال هو النشاط الذي‬
‫ٌهدف إلى تحقٌق األمن و السكٌنة داخل المجتمع ‪ ،‬و التعلٌم هو النشاط الذي ٌتمثل بإعطاء‬
‫تكوٌن معٌن نظري أو تقنً ‪3.‬‬
‫ج – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار المختلط ‪:‬‬

‫أنصار هذا االتجاه ٌجمعون بٌن المعٌارٌن السابقٌن العضوي و الموضوعً ‪ ،‬فٌعرف‬
‫بعض الفقهاء منهم روالن بان المرفق العام بأنه " مشروع ذو نفع عام ‪ ،‬خاضع للهٌمنة أو‬
‫االدارة العلٌا للحاكم ‪ٌ ،‬هدف إلى اشباع الحاجات العامة للجمهور ‪ ،‬بسبب عدم كفاٌة أو عدم‬
‫وجود مشروعات خاصة تحقق هذه األغراض ‪ ،‬و ٌخضع لنظام قانونً استثنابً ‪4.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫هذه هً مفاهٌم و معانً المرفق العام التً تجسدت ابان ظهوره ‪ ،‬و البعض منها الزال‬
‫مكرسا إلى غاٌة وقتنا الحالً ‪ ،‬بحٌث كان كل نشاط ٌستهدف المصلحة العامة ٌقع على‬
‫عاتق إدارة تتمتع بنظام قانونً معٌن ٌحكمه القانون العام ‪ ،‬أما النشاطات األخرى ذات‬
‫الطبٌعة الخاصة فتدخل ضمن نطاق المبادرة الخاصة و ٌحكمها القانون الخاص ‪.‬‬

‫ما ٌثٌر االنتباه فً المفاهٌم التقلٌدٌة الواردة فً المعاٌٌر المذكورة سالفا أن مضمون‬
‫تحدٌد المفهوم اقتصر على جانبٌن ٌرتبان آثار قانونٌة موضوعٌة و إجرابٌة ‪ :‬فاألول ٌسعى‬
‫إلى تحدٌد القانون واجب التطبٌق و الذي ٌشترط أن ٌكون مٌدان القانون العام ‪ ،‬أما الثانً‬
‫فٌسعى إلى تحدٌد االختصاص النوعً للقضاء و الذي ٌشترط فٌه القضاء االداري ‪،‬‬

‫غٌر أن الفقٌه دوٌجً لٌون ذهب فً موقف مغاٌر ٌتمثل فً تحدٌد مفهوم الدولة وتحدٌد‬
‫مٌدان عملها و سلطتها ‪ ،‬فالدولة حسب رأٌه هً " لٌست ‪ ...‬قوة تقود أو سٌادة ‪ ،‬و انما‬
‫هً تعاونٌة مرافق عامة منظمة و مراقبة من قبل الحكام ‪ ،‬من هنا ٌرى دوٌجً لٌون أن‬
‫مفهوم المرفق العام ٌدخل فً كل نشاط ٌجب أن ٌتم إنجازه و تنظٌمه و مراقبته ‪ ،‬ألن انجاز‬
‫هذا النشاط ال بد منه لتحقٌق و تنمٌة التراب االجتماعً ‪ ،‬و ألنه ال ٌمكن تحقٌقه كلٌا ‪ ،‬نظرا‬
‫لطبٌعته ‪ ،‬إال بواسطة القوة الحاكمة " ‪.‬‬

‫ٌرى البروفٌسور أحمد محٌو فً رأي دوٌجً لٌون أن الصلة بٌن مهمة المرفق العام‬
‫و الشخص العام هً صلة آلٌة ‪ :‬فالقول بأن مرفقا ما أصبح أو ٌجب أن ٌصبح مرفقا عاما ‪،‬‬
‫ٌعنً أنه سٌنظم من قبل الحكام و سٌعمل تحت مراقبتهم ‪ ،‬غٌر أن هذه الصلة المنسجمة بٌن‬
‫المعٌارٌن بدأت بالتحلل مع تطور الحقابق االقتصادٌة و االجتماعٌة ‪ ،‬و مع الدور الذي أرٌد‬
‫لمفهوم المرفق العام أن ٌلعبه ‪5.‬‬

‫كٌف ظهرت إشكالٌة تحدٌد مفهوم المؤسسة العامة أو المرفق العام ؟‬

‫ذكرنا فٌما سبق أن تطور مفهوم المرفق العام مقترن بتطور الوظٌفة االدارٌة للدولة ‪،‬‬
‫و تطور هذه األخٌرة طرح إشكاال قانونٌا فً غاٌة العمق ‪ ،‬هل ٌمكن اعتبار المرافق‬
‫االقتصادٌة من قبٌل المرافق العامة ومن ثم نخضعها هً األخرى لقواعد القانون العام‪ ،‬أم‬
‫أنها تخرج أصال عن عداد المرافق العامة؟‪6 .‬‬

‫غنً عن البٌان أن المرافق العامة ذات الطابع االداري الخالص بقً نظامها خاضع كلٌا‬
‫لنظام القانون العام ‪ ،‬أما مع ظهور المرافق العامة الصناعٌة أو التجارٌة الخاضعة فً جزء‬
‫منها ألحكام القانون العام و فً جزء آخر ألحكام القانون الخاص ‪ ،‬أصبح المعٌار العضوي‬
‫و المعٌار الموضوعً محل انتقاد واسع‪ ،‬حٌث كان مفهوم المرفق العام وفق هذٌن‬
‫المعٌارٌن متحد إلى حد كبٌر‪ ،‬فكل مرفق كانت تجتمع له صفة المرفق العام سواء نظرنا‬
‫إلٌه طبقا للفكرة المادٌة أو طبقا للفكرة العضوٌة ‪ ،‬لذلك كان من السهل أن ٌكون القانون‬
‫اإلداري هو قانون المرافق العامة‪ ،‬و المرافق العامة تعمل و تنظم بمبادئ القانون اإلداري ‪،‬‬
‫إال أن هذا المفهوم انتابه انشقاق بسبب االنفصال الذي وقع بٌن المفهوم العضوي والمفهوم‬
‫المادي هذا من جهة‪ ،‬و النظام القانونً الذي ٌحكم المرفق العام من جهة أخرى بحٌث‬
‫أصبح من الممكن أن تقوم الهٌبات الخاصة بتسٌٌر المرفق العام وفقا للمعٌار المادي‪.‬‬

‫كما أن هناك صعوبة أصال فً معرفة إذا ما كان النشاط الذي تقوم به الهٌبة هو نشاط‬
‫عام أم خاص أي‪ :‬تحدٌد نشاط المرفق العام‪ ،‬و بعبارة أخرى ما هو المعٌار الذي على‬
‫اساسه ٌمكن لنا أن نحدد بأن نشاط ما ٌهدف إلى تحقٌق المصلحة العامة حتى نستطٌع أن‬
‫نقول بأننا أمام المرفق العام‪ ،‬هذا فً ظل الشكوك و الغموض الذي ٌحٌط بفكرة المصلحة‬
‫العامة‪70.‬‬
‫فً السابق ( قبل تطور وظٌفة الدولة ) كان من السهل القول بأنه " حٌث ٌوجد المرفق‬
‫العام ٌنتفً تطبٌق القانون الخاص و ٌنتفً اختصاص المحاكم العادٌة"‪ ،‬لكن حكم محكمة‬
‫التنازع الفرنسٌة الصادر فً ‪ٌ 22‬ناٌر ‪ 1921‬فً قضٌة الشركة التجارٌة لغرب إفرٌقٌا‬
‫‪ Société commerciale de l’Ouest africain‬فبموجب هذا القرار أقرت محكمة‬
‫التنازع الفرنسٌة بوجود مرافق عامة ُت َسٌّر وفق نفس الشروط التً تحكم سٌر المؤسسات‬
‫الخاصة وبذلك ظهرت المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعً و التجاري‪.‬‬
‫و تتمحور وقابع هذه القضٌة فً ‪88 :‬‬
‫أن الشركة التجارٌة لغرب إفرٌقٌا كانت تملك إحدى العربات التً تضررت فً الحادث‬
‫الذي وقع لعبّارة "إٌلوكا ) ‪ " ( Bac d’Eloka‬و هً مصلحة الربط البحري على ضفاف‬
‫ساحل العاج المستغلة مباشرة من طرف المستعمرة‪.‬‬
‫من أجل تحدٌد القاضً المختص لتعٌٌن الخبٌر الذي تطالب به الشركة كان على‬
‫محكمة التنازع أن تحدد ما إذا كانت مصالح ما تابعة لإلدارة ٌمكن أن تعتبر بأنها تسٌر‬
‫بنفس الشروط التً تسٌر بها المؤسسات الخاصة و بالتالً ٌكون القاضً العادي هو‬
‫القاضً المختص ‪.‬‬
‫كان من المقبول أن تتصرف اإلدارة فً بعض العملٌات المعزولة مثل الخواص دون‬
‫استعمال امتٌازات السلطة العامة ‪ ،‬و لكن كانت هذه أول مرة ٌتم قبول الفكرة بالنسبة لمرفق‬
‫كامل‪.‬‬
‫فً فرنسا كذلك سنة ‪ 2491‬ظهرت قضٌة مونبٌر ‪ ،‬و التً تتلخص وقابعها فً أن‬
‫القانون الصادر بتارٌخ ‪ 16‬أوت ‪ 1948‬الذي تم بموجبه احداث مؤسسات تجمعٌة فً بداٌة‬
‫الحرب العالمٌة الثانٌة من خالل تشكٌل لجان تنظٌم كلفت بتنسٌق االنتاج الصناعً بغٌة‬
‫تجنب القحط ‪ ،‬فكان على هذه اللجان المؤلفة من أعضاء مهنة واحدة ان تسعى للوصول‬
‫التفاقات طوعٌة بٌن المؤسسة الخاصة المعنٌة أو أن تتخذ فً حال الفشل اجراءات‬
‫سلطوٌة‪ ،‬و حدث أن صاحب احدى المؤسسات السٌد مونبٌر لم ٌرض عن قرار اتخذته‬
‫اللجنة التنظٌمٌة لصناعة الزجاج من أجل توزٌع الفحم الضروري ‪ ،‬فقدم دعوى أمام‬
‫القاضً االداري للحصول على إلغاء القرار ‪.‬‬
‫فكانت المسألة القانونٌة المطروحة أمام القاضً االداري كالتالً ‪ :‬هل ٌعتبر قرار اللجنة‬
‫عمال إدارٌا قابال للطعن بسبب تجاوز حد السلطة ؟ بمعنى ‪ :‬هل تعتبر اللجنة التنظٌمٌة‬
‫جهازا إدارٌا أي مؤسسة عامة ؟ حتى ٌصبح القاضً اإلداري هو المختص للفصل فً‬
‫النزاع‪.‬‬

‫جاء قرار مجلس الدولة الفرنسً أن لجنة التنظٌم لٌست مؤسسة عامة و لكنها فً‬
‫الوقت نفسه تستطٌع اتخاذ أعمال إدارٌة ‪ٌ ،‬فٌد البروفٌسور أحمد محٌو أن هذا القرار ٌحمل‬
‫تناقضا ‪ ،‬مضمونه "إما أن تعتبر اللجنة مؤسسة عامة و ٌكون بإمكانها اتخاذ أعمال إدارٌة ‪،‬‬
‫و إما أنها ال تملك هذه الصفة و بالتالً ال تستطٌع اتخاذ أي عمل إداري "‪ .‬و ٌضٌف فً‬
‫نفس السٌاق أن قرار مجلس الدولة الفرنسً " ٌبٌن أن المفهوم األصلً أو التقلٌدي قد تم‬
‫تجاوزه ‪ ،‬فإلى جانب المؤسسة العامة التقلٌدٌة أو االدارٌة ‪ ،‬توجد من اآلن و صاعدا مرافق‬
‫عامة أخرى تتمتع بالشخصٌة االعتبارٌة ‪ ،‬هذه المرافق المشخصة ٌمكن أن تخضع للقانون‬
‫العام أو القانون الخاص ‪ ،‬و بإمكانها تشكٌل أسالٌب جدٌدة للتسٌٌر لٌس فقط المرافق العامة‬
‫وانما لتسٌٌر كل نشاط ذي مصلحة عامة أٌضا"‪89.‬‬

‫أمام عدم وجود تعرٌف قانونً دقٌق لمصطلح المرفق العام ‪ ،‬و أمام عدم قدرة المذاهب‬
‫الفقهٌة لإلجماع على تحدٌد مفهوم موحد ‪ ،‬ظهر تٌار حدٌث ٌسعى لتعرٌف المرفق العام‬
‫باللجوء إلى مفهوم السلطة العامة ‪.‬‬

‫تعرف فكرة السلطة العامة بأنها مجموع االمتٌازات التً تتمتع بها االدارة العامة‬
‫و تستخدمها من أجل اشباع الحاجات العامة فً الدولة و تغلٌبها على المصالح الفردٌة ‪،‬‬
‫فالجزاء الذي تفرضه االدارة على شخص معٌن سواء كان متعاقدا معها أم ال ٌشكل مظهرا‬
‫من مظاهر السلطة العامة ‪.‬‬

‫فً الجزابر و بعد االستقالل ظهرت فكرة التأمٌم التً تعنً استبعاد االدارة و الربح‬
‫عن مؤسسة معٌنة و إعادة إدارتها و ملكٌتها للصالح العام ‪ ،‬و نذكر على سبٌل المثال ال‬
‫الحصر تأمٌم المحروقات الحاصل بتارٌخ ‪ 24‬فٌفري سنة ‪ ، 1971‬أٌن استرجعت الثروات‬
‫الوطنٌة من كبرى الشركات األجنبٌة المتعددة الجنسٌات مثل "برٌتش بترولٌوم " و " إٌسو"‬
‫و " شال" ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬

‫بهذا التأمٌم تحولت أموال عدٌدة و نشاطات مختلفة لملكٌة الدولة الجزابرٌة و أصبحت‬
‫بعض النشاطات محصورة بالسلطة العامة ‪ ،‬من ثم توسع تكٌٌف المرفق العام الذي كان‬
‫ٌشمل المؤسسة أو اإلدارة العامة نحو التكٌٌف الجدٌد الذي ٌشمل المؤسسة العامة الصناعٌة‬
‫أو التجارٌة " ‪." E.P.I.C‬‬

‫تجدر اإلشارة أن المؤسسة العامة الصناعٌة أو التجارٌة " ‪ " E.P.I.C‬تمارس‬


‫مجموعة من النشاطات ذات طبٌعة خاصة ‪ ،‬و تدار كمؤسسة خاصة بالرغم من اعتبارها‬
‫هٌبة عامة ‪ ،‬و طالما أنها تتخذ صفة المؤسسة العامة ‪ ،‬فهً تشبه المؤسسة العامة االدارٌة‬
‫التقلٌدٌة فً بعض الجوانب و تختلف عنها فً جوانب أخرى ‪ ،‬نوضحها على النحو التالً‪:‬‬

‫‪ 2‬ــ أوجه الشبه‪:‬‬

‫ــ التمتع بامتٌازات السلطة العامة ‪.‬‬

‫ــ كال المؤسستٌن تنشأ بنص تنظٌمً أو تشرٌعً‪.‬‬

‫ــ التمتع بالشخصٌة االعتبارٌة‪.‬‬

‫ــ تسٌر كمرفق عام‪.‬‬

‫أوجه االختالف‪:‬‬

‫قواعد القانون القابلة للتطبٌق على المؤسسة العامة االدارٌة هً قواعد القانون العام فقط ‪،‬‬
‫و العاملون فٌها هم موظفٌن ٌخضعون لقانون الوظٌفة العمومٌة ‪ ،‬و العقود التً تبرمها هً‬
‫عقود إدارٌة ‪ ،‬أما المؤسسة العامة الصناعٌة او التجارٌة فتخضع ألحكام القانون العام‬
‫والق انون الخاص ‪ ،‬العاملون فٌها هم غالبا أجزاء من القانون الخاص ‪ ،‬و العقود التً تبرمها‬
‫ٌحكمها القانون الخاص ‪.‬‬
‫نشاط المؤسسة االدارٌة هو نشاط غٌر تجاري و غٌر مربح ‪ ،‬فً حٌن أن نشاط المؤسسة‬
‫الصناعٌة أو التجارٌة فهو صناعً أو تجاري الغرض منه تحقٌق الربح‪.‬‬

‫منازعات المؤسسة العامة االدارٌة هً بشكل أساسً منازعات إدارٌة و تكون الجهات‬
‫القضابٌة اإلدارٌة هً المختصة للفصل فٌها ‪ ،‬أما منازعات المؤسسة العامة الصناعٌة‬
‫و التجارٌة ‪ ،‬فتعود أحٌانا لقواعد القانون العام و الختصاص القاضً الذي ٌنظر فً القضاٌا‬
‫االدارٌة ‪ ،‬و أحٌانا أخرى لقواعد القانون الخاص و ٌفصل فٌها القاضً الذي ٌنظر فً‬
‫القضاٌا العادٌة ‪.‬‬

‫مبادئ تسٌٌر المرفق العام ‪:‬‬

‫ٌتحكم فً تسٌٌر المرفق العام ثالثة مبادئ أساسٌة‪ :‬االستمرارٌة‪ ،‬المساواة و القابلٌة للتكٌف‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مبدأ المساواة ‪:‬‬

‫ٌشكل مبدأ مساواة الجمٌع أمام المرفق العام القاعدة األساسٌة لتكوٌنه و تسٌٌره و ٌجد‬
‫مصدره التشرٌعً فً إعالن العالمً لحقوق االنسان الذي ٌفٌد بأن الناس ٌولدون أحرارا‬
‫ومتساوٌن فً الحقوق و ان القانون ٌجب أن ٌكون هو نفسه بالنسبة لجمٌع المواطنٌن‬
‫باعتبارهم متساوٌن ‪ ،‬لهذا تعتبر فكرة المساواة أمام المرفق العام نتٌجة مترتبة عن قاعدة‬
‫المساواة أمام القانون ‪ ،‬و تتفرع عن هذه القاعدة نتٌجتان ‪ :‬األولى تجسد المساواة فً‬
‫الحقوق بٌن جمٌع األفراد عند تسٌٌر المرفق العام ‪ ،‬و النتٌجة الثانٌة تجسد المساواة فً‬
‫االلتزامات المفروضة على األفراد ‪.‬‬

‫ثانٌا ‪ :‬مبدأ استمرارٌة المرفق العام ‪:‬‬

‫طالما أن المرفق العام ٌهدف إلى إشباع المصلحة العامة ‪ٌ ،‬جب أن ٌحتوي هذا االشباع‬
‫على صفة الدٌمومة ‪ ،‬فاالستمرارٌة هً روح المرفق العام التً تكرس منح المساواة فً‬
‫الحقوق و فرض االلتزامات ‪ ،‬فكل انقطاع للمرفق العام ٌشكل خطأ فً الخدمة من شأنه أن‬
‫ٌحمل االدارة مسؤولٌة معٌنة ‪ ،‬و أحٌانا ٌمكن لمجرد التأخر أو التنفٌذ السٌا فً الخدمة‬
‫الموجهة للصالح العام أن ٌؤدي إلى تحصٌل التعوٌض للمتعاملٌن مع المرفق‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مبدأ التكٌف الدائم للمرفق العام ‪:‬‬

‫بما أن المرفق العام ٌعمل على تلبٌة المتطلبات العامة ‪ ،‬أكٌد أن هذه المتطلبات تتطور‬
‫بالضرورة ‪ ،‬لهذا ٌجب على المرفق أن ٌلقى بعض التعدٌالت بغٌة تلبٌة المتطلبات الجدٌدة ‪،‬‬
‫غٌر أن هذه التعدٌالت أو المتطلبات ٌجب أن تكون مقترنة بالمصلحة العامة حتى ٌتحسن‬
‫وضع المنتفعٌن من هذا المرفق العام و ٌوفر مزاٌا تعتبر قابلة للتبدٌل بصورة دابمة حتى‬
‫وان لم تستدع الضرورة ذلك‬

You might also like