Professional Documents
Culture Documents
ان مصطلح المرفق العام قبل دراسته كمفهوم قانونً بحتٌ ،مكن القول فٌه أنه من
بٌن األفكار الربٌسٌة التً قامت علٌها نظرٌات و مبادئ القانون االداري ،حٌث تم اعتماده
كمعٌار لتحدٌد نطاق تطبٌق أحكام القانون االداري و لتحدٌد االختصاص النوعً لكل من
القضاء العادي و القضاء االداري ،هذا المنطلق تمت دراسته و مناقشته بالتفصٌل سالفا
فً السداسً األول عند التطرق لتطور القانون االداري فً فرنسا و باألخص
– قضٌة بالنكو . -
عند اعتماد معٌار المرفق العام فً قضٌة بالنكو ،لم تكن الدولة تمارس مهاما اقتصادٌة
على النحو الذي هو علٌه اآلن ،لذلك كانت الطبٌعة القانونٌة للمرافق " إدارٌة " ،و طالما
أن نشاط الدولة كان محدودا فً تلبٌة حاجات المواطن االدارٌة البسٌطة ،فان اخضاع
االدارة ألحكام القانون االداري كان سهل التطبٌق و ال ٌثٌر أي إشكالٌة .
أوال :مفهوم المرفــــق الــــعام :
ان تطور مفهوم المرافق العامة مقترن بتطور الوظٌفة االدارٌة للدولة فعند ظهور
فكرة المرفق العام خالل القرن التاسع وبداٌة القرن العشرٌن لم تكن على درجة من اإلبهام
والغموض كالذي نراه اآلن ،خاصة وأن وظابف الدولة فً تلك المرحلة كانت واضحة
ودقٌقة وألن المرافق العامة فً بداٌة األمر كانت تتسم بارتباطها بمظهر سٌادة الدولة وهو
األمر الذي جعل الفقهاء ٌجمعون على خضوعها للقانون العام.
غٌر أن تطور وظٌفة الدولة طرح إشكاال قانونٌا فً غاٌة من العمق؛ هل ٌمكن اعتبار
المرافق االقتصادٌة من قبٌل المرافق العامة ومن ثم نخضعها هً األخرى لقواعد القانون
العام ،أم أنها تخرج أصال عن عداد المرافق العامة؟.
ٌرى البروفٌسور أحمد محٌو أن " مفهوم المرفق العام ال ٌمكن أن ٌكون مفهوما قانونٌا
مجردا أو حٌادٌا ،و لٌس له معنى إال فً ضوء محتواه و الغاٌات االقتصادٌة و االجتماعٌة
التً أسندت له ."....
بتحلٌلنا لمضمون هذا المفهوم ٌمكن القول أن مهمة تحدٌد مفهوم المرفق العام من
الناحٌة القانونٌة فقط قد تكون غٌر كافٌة ،على اعتبار أن مضمون المرفق و سبل تحدٌده
فٌما إذا كان الجهاز المعنً ٌشكل مرفقا أم ال ،قد تحدده الغاٌة أو الوظٌفة المسندة إلٌه
والتً أنشا من أجلها ،فٌصبح لهذا المفهوم عالقة بجمٌع مسابل القانون االداري من تحدٌد
الجهة القضابٌة المختصة للفصل فً نزاعاته ،أو طبٌعة التصرفات التً ٌصدرها أو
ٌبرمها إن كانت تشكل قرارا ادارٌا أو عقدا ادارٌا ،أو حتى المسؤولٌة المترتبة ان كانت
مسؤولٌة ادارٌة أم مسؤولٌة مدنٌة ،لٌصح القول أن هذا التحدٌد فً التصرفات و اآلثار
المترتبة ان كانت ادارٌة أم ال ،تعمل علٌها مجموعة من المعاٌٌر التقلٌدٌة و االتجاهات
الفقهٌة الحدٌثة .
لهذا ٌمكننا القول أنه لٌس من السهل الفصل فً هذه اإلشكالٌة بعٌدا عن فكر وخلفٌة كل
اتجاه فقهً بخصوص الوظابف األساسٌة للدولة ،وإذا كانت المرافق ذات الطابع اإلداري لم
تطرح من حٌث األصل إشكالٌة بشأن خضوعها للقانون العام فً السابق ،فان األمر لم ٌكن
كذلك بالنسبة للمرافق االقتصادٌة التً تنشبها الدولة ،خاصة وأنها تطورت تطورا ملحوظا
و أصبحت تخضع فً نشاطها لكثٌر من قواعد القانون الخاص.
و علٌه فإن االجابة عن هذا التساؤل تظهر لنا العدٌد من المعاٌٌر التعرٌفٌة للمرفق
العام سنحاول التركٌز فٌها على أهم ثالث معاٌٌر نوضحها على النحو التالً:
ٌستند مفهوم المرفق العام وفقا للمعٌار العضوي أنه كل هٌبة أو جهاز تنشبه الدولة
1
وتشرف على إدارته بقصد القٌام بمهمة معٌنة لتحقٌق حاجات الجمهور فً مجال معٌن
كإدارة الصحة و القضاء و التعلٌم ...الخ .
ٌجسد هذا التعرٌف للمرفق العام ما ذهب إلٌه مجلس الدولة الفرنسً عند تحدٌده لنطاق
المرفق العام و الذي اشترط فٌه توافر ثالثة عناصر جوهرٌة :أن ٌباشر مهمة ذات نفع
عام أي أن ٌتصل نشاطه بالصالح العام ،أن ٌشكل جهاز مكلف بالتنفٌذ تدٌره وتشرف علٌه
هٌبة معٌنة تابعة للدولة ،أن ٌتمتع بامتٌازات خاصة تمٌزه عن باقً األجهزة الخاصة .
ٌقصد بالمرفق العام بالنظر للمعٌار الموضوعً كل نشاط ٌباشره شخص عام بقصد
إشباع حاجة عامة دون تحقٌق الربح مقابل الخدمة المقدمة ،ومن ثم تخرج عن نطاق هذا
التعرٌف سابر النشاطات الخاصة كالمؤسسة الخاصة كما ٌخرج عنه المشروعات التً
تستهدف فقط لتحقٌق الربح.
ٌستند مفهوم المرفق العام وفقا للمعٌار العضوي أنه كل هٌبة أو جهاز تنشبه الدولة
1
وتشرف على إدارته بقصد القٌام بمهمة معٌنة لتحقٌق حاجات الجمهور فً مجال معٌن
كإدارة الصحة و القضاء و التعلٌم ...الخ .
ٌجسد هذا التعرٌف للمرفق العام ما ذهب إلٌه مجلس الدولة الفرنسً عند تحدٌده لنطاق
المرفق العام و الذي اشترط فٌه توافر ثالثة عناصر جوهرٌة :أن ٌباشر مهمة ذات نفع
عام أي أن ٌتصل نشاطه بالصالح العام ،أن ٌشكل جهاز مكلف بالتنفٌذ تدٌره وتشرف علٌه
هٌبة معٌنة تابعة للدولة ،أن ٌتمتع بامتٌازات خاصة تمٌزه عن باقً األجهزة الخاصة .
ان مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار العضوي ٌمكن القول فٌه أنه ٌسمح بدمج المرفق
العام فً دابرة التنظٌم اإلداري القابم فً الدولة ،خصوصا إذا سلمنا أن المرفق هو عبارة
عن جهاز إداري عادي كبقٌة األجهزة اإلدارٌة األخرى ،بمعنى أن كل إدارة تنشبها الدولة
هً بمثابة مرفق عام و أٌنما وجدت مؤسسة أو هٌبة ادارٌة ٌوجد مرفق عام ،لكن التسلٌم
بهذا التعرٌف ٌجعله محل انتقاد بمخالفته للواقع العملً حٌث نشهد بعض األشخاص العامة
اإلدارٌة تنشبها الدولة تمارس نشاطات التعد بأي حال من األحوال مرافق عامة.
ٌقصد بالمرفق العام بالنظر للمعٌار الموضوعً كل نشاط ٌباشره شخص عام بقصد
إشباع حاجة عامة دون تحقٌق الربح مقابل الخدمة المقدمة ،ومن ثم تخرج عن نطاق هذا
التعرٌف سابر النشاطات الخاصة كالمؤسسة الخاصة كما ٌخرج عنه المشروعات التً
تستهدف فقط لتحقٌق الربح.
و ٌقصد به كذلك استنادا للمعٌار الموضوعً أو المادي كما ٌسمٌه البعض بأنه :كل
نشاط شرع به بهدف إشباع مصلحة عامة ،فهو بذلك ٌتمٌز عن النشاط الخاص ،فالنشاط
العام تحركه المصلحة العامة و ٌجب أن ال ٌهتم بتحقٌق ربح معٌن ،أما الثانً فتحركه
المصلحة الخاصة و التً أنشبت ألجل تحقٌق الربح ،فجهاز األمن مثال هو النشاط الذي
ٌهدف إلى تحقٌق األمن و السكٌنة داخل المجتمع ،و التعلٌم هو النشاط الذي ٌتمثل بإعطاء
تكوٌن معٌن نظري أو تقنً 3.
ج – مفهوم المرفق العام استنادا للمعٌار المختلط :
أنصار هذا االتجاه ٌجمعون بٌن المعٌارٌن السابقٌن العضوي و الموضوعً ،فٌعرف
بعض الفقهاء منهم روالن بان المرفق العام بأنه " مشروع ذو نفع عام ،خاضع للهٌمنة أو
االدارة العلٌا للحاكم ٌ ،هدف إلى اشباع الحاجات العامة للجمهور ،بسبب عدم كفاٌة أو عدم
وجود مشروعات خاصة تحقق هذه األغراض ،و ٌخضع لنظام قانونً استثنابً 4.
-----------------------------------------------------
هذه هً مفاهٌم و معانً المرفق العام التً تجسدت ابان ظهوره ،و البعض منها الزال
مكرسا إلى غاٌة وقتنا الحالً ،بحٌث كان كل نشاط ٌستهدف المصلحة العامة ٌقع على
عاتق إدارة تتمتع بنظام قانونً معٌن ٌحكمه القانون العام ،أما النشاطات األخرى ذات
الطبٌعة الخاصة فتدخل ضمن نطاق المبادرة الخاصة و ٌحكمها القانون الخاص .
ما ٌثٌر االنتباه فً المفاهٌم التقلٌدٌة الواردة فً المعاٌٌر المذكورة سالفا أن مضمون
تحدٌد المفهوم اقتصر على جانبٌن ٌرتبان آثار قانونٌة موضوعٌة و إجرابٌة :فاألول ٌسعى
إلى تحدٌد القانون واجب التطبٌق و الذي ٌشترط أن ٌكون مٌدان القانون العام ،أما الثانً
فٌسعى إلى تحدٌد االختصاص النوعً للقضاء و الذي ٌشترط فٌه القضاء االداري ،
غٌر أن الفقٌه دوٌجً لٌون ذهب فً موقف مغاٌر ٌتمثل فً تحدٌد مفهوم الدولة وتحدٌد
مٌدان عملها و سلطتها ،فالدولة حسب رأٌه هً " لٌست ...قوة تقود أو سٌادة ،و انما
هً تعاونٌة مرافق عامة منظمة و مراقبة من قبل الحكام ،من هنا ٌرى دوٌجً لٌون أن
مفهوم المرفق العام ٌدخل فً كل نشاط ٌجب أن ٌتم إنجازه و تنظٌمه و مراقبته ،ألن انجاز
هذا النشاط ال بد منه لتحقٌق و تنمٌة التراب االجتماعً ،و ألنه ال ٌمكن تحقٌقه كلٌا ،نظرا
لطبٌعته ،إال بواسطة القوة الحاكمة " .
ٌرى البروفٌسور أحمد محٌو فً رأي دوٌجً لٌون أن الصلة بٌن مهمة المرفق العام
و الشخص العام هً صلة آلٌة :فالقول بأن مرفقا ما أصبح أو ٌجب أن ٌصبح مرفقا عاما ،
ٌعنً أنه سٌنظم من قبل الحكام و سٌعمل تحت مراقبتهم ،غٌر أن هذه الصلة المنسجمة بٌن
المعٌارٌن بدأت بالتحلل مع تطور الحقابق االقتصادٌة و االجتماعٌة ،و مع الدور الذي أرٌد
لمفهوم المرفق العام أن ٌلعبه 5.
ذكرنا فٌما سبق أن تطور مفهوم المرفق العام مقترن بتطور الوظٌفة االدارٌة للدولة ،
و تطور هذه األخٌرة طرح إشكاال قانونٌا فً غاٌة العمق ،هل ٌمكن اعتبار المرافق
االقتصادٌة من قبٌل المرافق العامة ومن ثم نخضعها هً األخرى لقواعد القانون العام ،أم
أنها تخرج أصال عن عداد المرافق العامة؟6 .
غنً عن البٌان أن المرافق العامة ذات الطابع االداري الخالص بقً نظامها خاضع كلٌا
لنظام القانون العام ،أما مع ظهور المرافق العامة الصناعٌة أو التجارٌة الخاضعة فً جزء
منها ألحكام القانون العام و فً جزء آخر ألحكام القانون الخاص ،أصبح المعٌار العضوي
و المعٌار الموضوعً محل انتقاد واسع ،حٌث كان مفهوم المرفق العام وفق هذٌن
المعٌارٌن متحد إلى حد كبٌر ،فكل مرفق كانت تجتمع له صفة المرفق العام سواء نظرنا
إلٌه طبقا للفكرة المادٌة أو طبقا للفكرة العضوٌة ،لذلك كان من السهل أن ٌكون القانون
اإلداري هو قانون المرافق العامة ،و المرافق العامة تعمل و تنظم بمبادئ القانون اإلداري ،
إال أن هذا المفهوم انتابه انشقاق بسبب االنفصال الذي وقع بٌن المفهوم العضوي والمفهوم
المادي هذا من جهة ،و النظام القانونً الذي ٌحكم المرفق العام من جهة أخرى بحٌث
أصبح من الممكن أن تقوم الهٌبات الخاصة بتسٌٌر المرفق العام وفقا للمعٌار المادي.
كما أن هناك صعوبة أصال فً معرفة إذا ما كان النشاط الذي تقوم به الهٌبة هو نشاط
عام أم خاص أي :تحدٌد نشاط المرفق العام ،و بعبارة أخرى ما هو المعٌار الذي على
اساسه ٌمكن لنا أن نحدد بأن نشاط ما ٌهدف إلى تحقٌق المصلحة العامة حتى نستطٌع أن
نقول بأننا أمام المرفق العام ،هذا فً ظل الشكوك و الغموض الذي ٌحٌط بفكرة المصلحة
العامة70.
فً السابق ( قبل تطور وظٌفة الدولة ) كان من السهل القول بأنه " حٌث ٌوجد المرفق
العام ٌنتفً تطبٌق القانون الخاص و ٌنتفً اختصاص المحاكم العادٌة" ،لكن حكم محكمة
التنازع الفرنسٌة الصادر فً ٌ 22ناٌر 1921فً قضٌة الشركة التجارٌة لغرب إفرٌقٌا
Société commerciale de l’Ouest africainفبموجب هذا القرار أقرت محكمة
التنازع الفرنسٌة بوجود مرافق عامة ُت َسٌّر وفق نفس الشروط التً تحكم سٌر المؤسسات
الخاصة وبذلك ظهرت المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعً و التجاري.
و تتمحور وقابع هذه القضٌة فً 88 :
أن الشركة التجارٌة لغرب إفرٌقٌا كانت تملك إحدى العربات التً تضررت فً الحادث
الذي وقع لعبّارة "إٌلوكا ) " ( Bac d’Elokaو هً مصلحة الربط البحري على ضفاف
ساحل العاج المستغلة مباشرة من طرف المستعمرة.
من أجل تحدٌد القاضً المختص لتعٌٌن الخبٌر الذي تطالب به الشركة كان على
محكمة التنازع أن تحدد ما إذا كانت مصالح ما تابعة لإلدارة ٌمكن أن تعتبر بأنها تسٌر
بنفس الشروط التً تسٌر بها المؤسسات الخاصة و بالتالً ٌكون القاضً العادي هو
القاضً المختص .
كان من المقبول أن تتصرف اإلدارة فً بعض العملٌات المعزولة مثل الخواص دون
استعمال امتٌازات السلطة العامة ،و لكن كانت هذه أول مرة ٌتم قبول الفكرة بالنسبة لمرفق
كامل.
فً فرنسا كذلك سنة 2491ظهرت قضٌة مونبٌر ،و التً تتلخص وقابعها فً أن
القانون الصادر بتارٌخ 16أوت 1948الذي تم بموجبه احداث مؤسسات تجمعٌة فً بداٌة
الحرب العالمٌة الثانٌة من خالل تشكٌل لجان تنظٌم كلفت بتنسٌق االنتاج الصناعً بغٌة
تجنب القحط ،فكان على هذه اللجان المؤلفة من أعضاء مهنة واحدة ان تسعى للوصول
التفاقات طوعٌة بٌن المؤسسة الخاصة المعنٌة أو أن تتخذ فً حال الفشل اجراءات
سلطوٌة ،و حدث أن صاحب احدى المؤسسات السٌد مونبٌر لم ٌرض عن قرار اتخذته
اللجنة التنظٌمٌة لصناعة الزجاج من أجل توزٌع الفحم الضروري ،فقدم دعوى أمام
القاضً االداري للحصول على إلغاء القرار .
فكانت المسألة القانونٌة المطروحة أمام القاضً االداري كالتالً :هل ٌعتبر قرار اللجنة
عمال إدارٌا قابال للطعن بسبب تجاوز حد السلطة ؟ بمعنى :هل تعتبر اللجنة التنظٌمٌة
جهازا إدارٌا أي مؤسسة عامة ؟ حتى ٌصبح القاضً اإلداري هو المختص للفصل فً
النزاع.
جاء قرار مجلس الدولة الفرنسً أن لجنة التنظٌم لٌست مؤسسة عامة و لكنها فً
الوقت نفسه تستطٌع اتخاذ أعمال إدارٌة ٌ ،فٌد البروفٌسور أحمد محٌو أن هذا القرار ٌحمل
تناقضا ،مضمونه "إما أن تعتبر اللجنة مؤسسة عامة و ٌكون بإمكانها اتخاذ أعمال إدارٌة ،
و إما أنها ال تملك هذه الصفة و بالتالً ال تستطٌع اتخاذ أي عمل إداري " .و ٌضٌف فً
نفس السٌاق أن قرار مجلس الدولة الفرنسً " ٌبٌن أن المفهوم األصلً أو التقلٌدي قد تم
تجاوزه ،فإلى جانب المؤسسة العامة التقلٌدٌة أو االدارٌة ،توجد من اآلن و صاعدا مرافق
عامة أخرى تتمتع بالشخصٌة االعتبارٌة ،هذه المرافق المشخصة ٌمكن أن تخضع للقانون
العام أو القانون الخاص ،و بإمكانها تشكٌل أسالٌب جدٌدة للتسٌٌر لٌس فقط المرافق العامة
وانما لتسٌٌر كل نشاط ذي مصلحة عامة أٌضا"89.
أمام عدم وجود تعرٌف قانونً دقٌق لمصطلح المرفق العام ،و أمام عدم قدرة المذاهب
الفقهٌة لإلجماع على تحدٌد مفهوم موحد ،ظهر تٌار حدٌث ٌسعى لتعرٌف المرفق العام
باللجوء إلى مفهوم السلطة العامة .
تعرف فكرة السلطة العامة بأنها مجموع االمتٌازات التً تتمتع بها االدارة العامة
و تستخدمها من أجل اشباع الحاجات العامة فً الدولة و تغلٌبها على المصالح الفردٌة ،
فالجزاء الذي تفرضه االدارة على شخص معٌن سواء كان متعاقدا معها أم ال ٌشكل مظهرا
من مظاهر السلطة العامة .
فً الجزابر و بعد االستقالل ظهرت فكرة التأمٌم التً تعنً استبعاد االدارة و الربح
عن مؤسسة معٌنة و إعادة إدارتها و ملكٌتها للصالح العام ،و نذكر على سبٌل المثال ال
الحصر تأمٌم المحروقات الحاصل بتارٌخ 24فٌفري سنة ، 1971أٌن استرجعت الثروات
الوطنٌة من كبرى الشركات األجنبٌة المتعددة الجنسٌات مثل "برٌتش بترولٌوم " و " إٌسو"
و " شال" ...إلخ .
بهذا التأمٌم تحولت أموال عدٌدة و نشاطات مختلفة لملكٌة الدولة الجزابرٌة و أصبحت
بعض النشاطات محصورة بالسلطة العامة ،من ثم توسع تكٌٌف المرفق العام الذي كان
ٌشمل المؤسسة أو اإلدارة العامة نحو التكٌٌف الجدٌد الذي ٌشمل المؤسسة العامة الصناعٌة
أو التجارٌة " ." E.P.I.C
أوجه االختالف:
قواعد القانون القابلة للتطبٌق على المؤسسة العامة االدارٌة هً قواعد القانون العام فقط ،
و العاملون فٌها هم موظفٌن ٌخضعون لقانون الوظٌفة العمومٌة ،و العقود التً تبرمها هً
عقود إدارٌة ،أما المؤسسة العامة الصناعٌة او التجارٌة فتخضع ألحكام القانون العام
والق انون الخاص ،العاملون فٌها هم غالبا أجزاء من القانون الخاص ،و العقود التً تبرمها
ٌحكمها القانون الخاص .
نشاط المؤسسة االدارٌة هو نشاط غٌر تجاري و غٌر مربح ،فً حٌن أن نشاط المؤسسة
الصناعٌة أو التجارٌة فهو صناعً أو تجاري الغرض منه تحقٌق الربح.
منازعات المؤسسة العامة االدارٌة هً بشكل أساسً منازعات إدارٌة و تكون الجهات
القضابٌة اإلدارٌة هً المختصة للفصل فٌها ،أما منازعات المؤسسة العامة الصناعٌة
و التجارٌة ،فتعود أحٌانا لقواعد القانون العام و الختصاص القاضً الذي ٌنظر فً القضاٌا
االدارٌة ،و أحٌانا أخرى لقواعد القانون الخاص و ٌفصل فٌها القاضً الذي ٌنظر فً
القضاٌا العادٌة .
ٌتحكم فً تسٌٌر المرفق العام ثالثة مبادئ أساسٌة :االستمرارٌة ،المساواة و القابلٌة للتكٌف.
ٌشكل مبدأ مساواة الجمٌع أمام المرفق العام القاعدة األساسٌة لتكوٌنه و تسٌٌره و ٌجد
مصدره التشرٌعً فً إعالن العالمً لحقوق االنسان الذي ٌفٌد بأن الناس ٌولدون أحرارا
ومتساوٌن فً الحقوق و ان القانون ٌجب أن ٌكون هو نفسه بالنسبة لجمٌع المواطنٌن
باعتبارهم متساوٌن ،لهذا تعتبر فكرة المساواة أمام المرفق العام نتٌجة مترتبة عن قاعدة
المساواة أمام القانون ،و تتفرع عن هذه القاعدة نتٌجتان :األولى تجسد المساواة فً
الحقوق بٌن جمٌع األفراد عند تسٌٌر المرفق العام ،و النتٌجة الثانٌة تجسد المساواة فً
االلتزامات المفروضة على األفراد .
طالما أن المرفق العام ٌهدف إلى إشباع المصلحة العامة ٌ ،جب أن ٌحتوي هذا االشباع
على صفة الدٌمومة ،فاالستمرارٌة هً روح المرفق العام التً تكرس منح المساواة فً
الحقوق و فرض االلتزامات ،فكل انقطاع للمرفق العام ٌشكل خطأ فً الخدمة من شأنه أن
ٌحمل االدارة مسؤولٌة معٌنة ،و أحٌانا ٌمكن لمجرد التأخر أو التنفٌذ السٌا فً الخدمة
الموجهة للصالح العام أن ٌؤدي إلى تحصٌل التعوٌض للمتعاملٌن مع المرفق.
بما أن المرفق العام ٌعمل على تلبٌة المتطلبات العامة ،أكٌد أن هذه المتطلبات تتطور
بالضرورة ،لهذا ٌجب على المرفق أن ٌلقى بعض التعدٌالت بغٌة تلبٌة المتطلبات الجدٌدة ،
غٌر أن هذه التعدٌالت أو المتطلبات ٌجب أن تكون مقترنة بالمصلحة العامة حتى ٌتحسن
وضع المنتفعٌن من هذا المرفق العام و ٌوفر مزاٌا تعتبر قابلة للتبدٌل بصورة دابمة حتى
وان لم تستدع الضرورة ذلك