Professional Documents
Culture Documents
النظام القانوني للمرافق العمومية والنتائج القانونية المترتبة عليه
النظام القانوني للمرافق العمومية والنتائج القانونية المترتبة عليه
:الممخص
وىو، وىو المرفق العمومي،يدور البحث حول موضوع يعتبر من أىم مواضيع القانون اإلداري
مع القول أن تسيير وتنظيم المرفق العمومي، ويعتبر أداة لتمبية حاجات المواطنين،الوظيفة الثانية لإلدارة
حيث يتكون ىذا النظام القانوني من مجموعة، يعتبر بمثابة روح المرافق العمومية،يخضع لنظام قانوني
وتتمثل ىذه المبادئ في مبدأ،من المبادئ األساسية ذات قيمة دستورية في المنظومة القانونية الجزائرية
. ومبدأ تكيف المرفق العمومي، ومبدأ المساواة أمام المرفق العمومي،استم اررية المرفق العمومي
Abstract:
The research concerns a topic that is considered one of the most important
topics of administrative law, which is the public service, which is the second
function of administration, moreover it is considered as a tool to fulfill needs of
citizens, while saying that the organization of the public service submits to a
legal system, which is considered as the spirit of public service, where this legal
system consists of constitutional principles in the Algerian legal system, these
principles are represented in, the principle of continuity of the public service, the
principle of equality in front of the public service, and the principle of mutability
of the public service.
164
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
مقدمة:
تخضع المرافق العامة بمختمف أنواعيا ،سواء كانت مرافق إدارية ،أو اقتصادية ،أو مينية ،وميما
كانت طريقة إدارتيا ،وسواء تتم إدارتيا بواسطة اإلدارة مباشرة ،أم يتولى إداراتيا القطاع الخاص بموجب
عقود امتياز إلى مبادئ أساسية جد ىامة ،تعتبر بمثابة روح ىذه اآلليات القانونية ،يطمق عمييا تسمية
"قوانين المرافق العمومية" نظ ار ألىميتيا البالغة والرتباطيا بجوىر عممية إدارة ىذه األخيرة .ويعود الفضل
في ظيور ىذه المبادئ لمفقيو "لويس روالند " حتى أصبحت تسمى بقوانين روالند ،وىي( :االستم اررية،
1
والمساواة ،والتكيف).
ففيما يتعمق باليدف من الدراسة ،فيي تيدف إلى بيان المبادئ األساسية التي تحكم تنظيم وسير
المرافق العمومية ،والتي تعتبر بمثابة روح النظام القانوني ليذه المبادئ.
وفيما يتعمق بإشكالية البحث ،فيي تدور حول المفيوم الحقيقي لمنظام القانوني الذي ترتكز عميو
المرافق العموم ية في تنظيميا وتسييرىا ،واآلثار المترتبة عمى المبادئ التي تحكم سيرىا ،باعتبارىا
األساس الذي يقوم عميو النظام القانوني ليذه األخيرة.
وبالنسبة لمنيج الدراسة ،فتم االعتماد عمى المنيج التحميمي من خالل تحميل أراء بعض الفقياء ،وكذا
لممشرع الجزائري والمرتبطة بالمبادئ التي تحكم المرافق العمومية.
ّ تحميل بعض النصوص القانونية
وبالنسبة لخطة الدراسة ،فسنقسميا تقسيم ثنائي ،نتعرض بحيث نتعرض بداية في المبحث األول إلى
مبدأ استم اررية المرفق العمومي ،ثم نتناول في المبحث الثاني مبدأ المساواة أمام المرفق العمومي ،ومبدأ
تكيف المرفق العمومي.
المبحث األول :مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد.
إن اليدف من إنشاء المرافق العامة ىو توفير الخدمات العامة الالزمة والضرورية لمجميور ،وقد
تطورت ىذه الحاجات بصورة أصبحت من مستمزمات الحياة اليومية لممواطن الذي ال يستطيع تحمل
نظر العتياده عمييا ،وعدم إمكانية االستغناء عنيا ،مثل :الصحة ،والتعمم ،والمياه،
انقطاع ىذه الخدمات ًا
والكيرباء ،والمواصالت وغيرىا ،وأن انقطاع ىذه الخدمات سوف يضر بمصالح األفراد ويخل بانتظام
تم الكشف عن ىذه المبادئ من ِقبل الفقيو الفرنسي "لويس روالند" سنة ( .1940متوفي سنة :)1956
1
https://fr.wikipedia.org/wiki/Louis_Rolland_(juriste
162
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
حياتيم .وعميو سنقسم ىذا المبحث إلى مطمبين ،نتعرض في األول منيما إلى تعريف مبدأ االستم اررية
ومكانتو في المنظومة القانونية لممشرع الجزائري ،ونتعرض في الثاني إلى النتائج المترتبة عميو وتأثيره في
مجالي القانون والقضاء.
ويقصد بو كذلك استمرار النشاط الذي يقوم بو المرفق بصورة منتظمة دون توقف ،ألن الغرض من
إنشائو ىو تقديم الخدمات الضرورية والوفاء بالحاجات العامة ،وعميو يعتبر ىذا المبدأ من المبادئ
األساسية التي ال يحتاج تقريرىا لنص تشريعي خاص ،ألن طبيعة المرافق العامة تستمزم ضمان سيرىا
باضط ارد ،فإذا توقفت تعرض المجتمع ألضرار بالغة الخطورة ،وبناء عمى ذلك يجب استبعاد كل ما من
شأنو إيقاف ىذه المرافق عن أداء خدماتيا.2
1
Nadine poulet , – Gibot Leclerc, droit administratif , 4 édition, Breal, 2011, p184.
2ينظر مصمح ممدوح الصرايرة ،القانون اإلداري ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع ،القاىرة1437 ،ه2016 ،م ،ص .343
164
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
نص المشرع عمى مبدأ االستم اررية في العديد من القوانين ،سنذكر البعض منيا عمى سبيل المثال ،من
ّ
ذلك ما جاء في القانون 01/02المتعمق بالكيرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات من خالل المادة 3/3
1دستور 28نوفمبر 1996المعدل والمتمم بالمرسوم الرئاسي 442/20المتعمق بإصدار التعديل الدستوري ،المصادق عميو في
استفتاء ّأول نوفمبر ،2020ج ر 82لسنة .2020
2بعد التصديق عمى االتفاقية تصبح ىذه األخيرة ضمن المنظومة القانونية لمدولة ،وىذا ما تتضمنو المادة 154من الدستور الجزائري
بنصيا (المعاىدات التي يصادق عمييا رئيس الجميورية ،حسب الشروط المنصوص عمييا في الدستور ،تسمو عمى القانون).
3
مرسوم رئاسي 415/12مؤرخ في 11ديسمبر ،2012يتضمن التصديق عمى الميثاق اإلفريقي لقيم ومبادئ الخدمة العامة واإلدارة
المعتمد بأديس أبابا بتاريخ 31يناير ،2011جريدة عدد 68لسنة .2012
161
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
بنصيا (...وتيدف ميمة المرفق العام إلى ما يأتي - :تموين الزبائن غير المؤىمين في أحسن شروطّ
1
اإلنصاف في المعاممة واالستم اررية. )...
ودائما في إطار التشريع العادي نذكر ما جاء في األمر 04/01المتعمق بتنظيم المؤسسات العمومية
االقتصادية من خالل ما تضمنتو المادة ( 16عندما تكون مؤسسة عمومية اقتصادية تقدم خدمة عمومية
موضوع خوصصة ،تتكفل الدولة بضمان استم اررية الخدمة العمومية).2
من النصوص التنظيمية نذكر المرسوم التنفيذي 232/03المتعمق بخدمة البريد حيث جاء في المادة
3منو (يجب أن تساىم أىداف الخدمة العامة لممواصالت السمكية والالسمكية بما يأتي - ... :ديمومة
تقديم الخدمة الياتفية.3)...
ونذكر أيضا المرسوم التنفيذي 215 /94المتعمق بأجيزة الوالية ،حيث جاء في المادة 5منو (تتمثل
ميمة الكاتب العام ،تحت سمطة الوالي ،فيما يأتي - :يسير عمى العمل اإلداري ويضمن
استم ارريتو .4)...وبيذا فإن المشرع يركز عمى مبدأ استم اررية العمل اإلداري في الوالية منيطا ذلك
بالكاتب العام لموالية تحت سمطة الوالي.
1
ق ،01/02جريدة عدد 8لسنة .2002
2
األمر ، 04/01مؤرخ في 20غشت ،2001يتعمق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية وتسييرىا وخوصصتيا ،جريدة عدد
47لسنة .2001
3
مرسوم تنفيذي 232/03مؤرخ في 24يونيو ،2003يحدد مضمون الخدمة العامة لمبريد والمواصالت السمكية والالسمكية
والتعريفات المطبقة وكيفية تمويميا ،جريدة عدد 39لسنة .2003
4
مرسوم تنفيذي 215/95مؤرخ في 23يوليو ،1995يحدد أجيزة اإلدارة العامة في الوالية وىياكميا ،جريدة عدد 48لسنة .1995
164
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
المشرع ،ونتعرض
ّ في الفرع األول ،عمما أننا سنقصر األمر عمى التشريع الجزائري فقط ل ّبين أىميتو عند
بعده إلى تأثيره في مجال القضاء في الفرع الثاني.
فتم السماح باإلضراب في بعض المجاالت مع اشتراط ضمان الحد األدنى من الخدمة العمومية ،وىذا
بنصيا (إذا كان اإلضراب يمس
ما تضمنتو المادة 37من القانون 02/90المتضمن ممارسة اإلضراب ّ
األنظمة التي يمكن أن يضر انقطاعيا التام استمرار المرافق العمومية األساسية ،أو يمس األنشطة
االقتصادية الحيوية أو تموين المواطنين أو المحافظة عمى المنشآت واألمالك الموجودة ،يتعين مواصمة
تنظيم األنشطة الضرورية في شكل قدر أدنى من الخدمة إجباري .3 )...
فعن المجاالت المشروطة بضمان الحد األدنى من الخدمة ّبينيا المشرع في المادة 38من القانون
فعدد ستة عشر مجاال سنكتفي بذكر بعضيا ،منيا – 1 :المصالح سابق الذكر عمى سبيل الحصرّ ،
1
جاء في م 70من الدستور (المعدل والمتمم)( ،الحق في اإلضراب معترف بو ،ويمارس في إطار القانون.)...
2
جاء في م 70من الدستور (...يمكن أن يمنع القانون ممارسة ىذا الحق ،أو يجعل حدودا لممارستو في ميادين الدفاع الوطني
واألمن ،أو في جميع الخدمات واألنشطة العمومية ذات المصمحة الحيوية لألمة).
قانون 02/90مؤرخ في 6فبراير 1990يتعمق بالنزاعات الجماعية في العمل وتسويتيا وممارسة حق اإلضراب ،جريدة عدد .6 3
االستشفائية ،المناوبة ومصالح االستعجاالت وتوزيع األدوية – 2 ،المصالح المرتبطة بسير الشبكة
الوطنية لممواصالت السمكية والالسمكية واإلذاعة والتمفزة – 3 ،المصالح المرتبطة بإنتاج الكيرباء والغاز
والمواد البترولية والماء ونقميا وتوزيعيا – 15 ...،األنشطة المرتبطة بامتحانات التعميم الثانوي ذات
الطابع الوطني وذلك طوال فترة إجرائيا – 16 ،مصالح اإلدارة العمومية التي تتولى األنشطة الدبموماسية
لمدولة).
المشرع
ّ عددىا
واألكثر من ذلك أنو يمكن المجوء إلى تسخير العمال المضربين في بعض القطاعات ّ
بنصو ...( 41يمكن أن يؤمر بتسخير العمال المضربين الذين يشغمون،
ّ عمى سبيل الحصر في المادة
في الييئات أو اإلدارات العمومية أو المؤسسات ،مناصب عمل ضرورية ألمن األشخاص والمنشآت
واألمالك ،لضمان استمرار المصالح العمومية األساسية في توفير الحاجيات الحيوية لمبالد أو الذين
يمارسون أنشطة الزمة لتمويل البالد).
1
يرجع إلى م 68من ق 11/90مؤرخ في 21أبريل ،1990يتعمق بعالقات العمل ،ج عدد 17لسنة ( .1990معدل ومتمم باألمر
، 21/96ج عدد 43لسنة .1996
2
يرجع إلى م 217من األمر ،03/06مؤرخ في 15يوليو ،2006يتضمن القانون األساسي العام لموظيفة العمومية ،جريدة عدد
46لسنة .2006
164
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
واذا كان لمموظف أن يترك وظيفتو عن طريق االستقالة ،فإن ىناك اعتبارات تتعمق بالمصمحة العامة
تحد من استعمال ىذا الحق ،فالموظف ال يقوم بعمل لصالح فرد بذاتو ولكن لصالح الجماعة.2
وباعتبار أن االستقالة تترك فراغا عمى مستوى مصمحة أو وظيفة المستقيل مما قد يسبب توقف أداء
المشرع -وعمى غرار ما قام بو بالنسبة
ّ الخدمات خاصة في حالة عدم وجود من يخمف المستقيل ،فإن
لحق اإلضراب – تدخل بتأطيره ليذا الحق حفاظا عمى استم اررية تقديم الخدمات.
فبالنسبة لممجال االجتماعي (عالقات العمل الخاضعة لمقانون الخاص) فقد ألزم المشرع من العامل
الذي يبدي رغبتو في إنياء عالقة العمل أن يتقدم بطمب كتابي ليعمم المستخدم بذلك ،3وان ال يغادر
منصبو إالّ بعد إشعار مسبق وفقا لما ورد في االتفاقيات أو االتفاقات الجماعية.4
وال يترتب عمى تقديم االستقالة أي أثر إالّ بعد قبوليا الصريح من السمطة المخولة صالحيات التعيين
ابتداء من تاريخ إيداع الطمب ،7واألمر
ً يتعين عمييا اتخاذ قرار بشأنيا في أجل أقصاه شيران تحسب
التي ّ
ال يقف عند ىذا الحد بحيث أنو بإمكان السمطة التي ليا صالحيات التعيين تأجيل الموافقة عمى االستقالة
1
ينظر ابتسام القرام ،المصطمحات القانونية في التشريع الجزائري ،قاموس بالمغتين العربية والفرنسية ،طبع المؤسسة الوطنية لمفنون
المطبعية ،1992 ،الجزائر ،ص.91
ينظر سميمان الطماوي ،مبادئ القانون اإلداري دراسة مقارنة ،الكتاب الثاني -نظرية المرفق العام وعمال اإلدارة العامة ،دار الفكر 2
ابتداء من تاريخ انقضاء األجل األول ،إذا اضطرتيا ضرورة المصمحة إلى
ً لمدة شيرين آخرين تحسب
ذلك ،وبانقضاء ىذا األجل تصبح االستقالة فعمية.1
تشتمل األمالك الوطنية عمى األمالك العمومية (التابعة لمدولة أو الوالية أو البمدية) ،واألمالك الخاصة
(التابعة لمدولة أو الوالية أو البمدية) ،2وتتمثل األمالك العمومية في الحقوق واألمالك العقارية والمنقولة
التي يستعمميا الجميع والموضوعة تحت تصرف الجميور المستعمل إما مباشرة واما بواسطة مرفق عام،3
عام ،3وتتكون األمالك الوطنية العمومية من األمالك العمومية الطبيعية و التي تشمل (شواطئ البحر،
والمجال الجوي اإلقميمي ،قعر البحر اإلقميمي وباطنو ،المياه البحرية الداخمية ،الثروات والموارد الطبيعية
السطحية والجوفية المتمثمة في الموارد المائية بمختمف أنواعيا 4،)...واألمالك العمومية االصطناعية
والتي تشمل (األراضي المعزولة اصطناعيا عن تأثير األمواج ،الموانئ الجوية والمطارات المدنية
والعسكرية وتوابعيا المبنية أو غير المبنية المخصصة لفائدة المالحة الجوية ،الطرق العادية والسريعة
وتوابعيا ،الحدائق المييأة ،البساتين العمومية ،اآلثار العمومية والمتاحف واألماكن والحظائر األثرية.5)...
األثرية.5)...
المشرع
ّ فقد تستعمل ىذه األمالك في تقديم خدمات لمجميور إلشباع الحاجات العامة ،وعميو فقد أحاط
أي تصرف يطاليا قد يؤدي إلى انقطاع ىذه األمالك الوطنية العمومية والخاصة بحماية خاصة من ّ
المشرع أن تكون األمالك الوطنية
ّ الخدمات ومنو المساس بمبدأ استم اررية المرافق العمومية ،فمنع
العمومية محل ممكية خاصة بحكم طبيعتيا أو غرضيا ،6إضافة إلى إخراجيا من دائرة جواز التصرف
1
ينظر م 2/220من األمر .03/06
ينظر م 2من ق 30/90مؤرخ في أول ديسمبر ،1990المتضمن قانون المالك الوطنية جريدة عدد 52لسنة 1990
(2معدل ومتمم) بالقانون 14/08مؤرخ في 20يوليو ،2008جريدة عدد 44لسنة .2008
3ينظر م 12من ق ( ،30/90المعدل والمتمم )سابق الذكر.
4
ينظر م 15من ق .30/90
5
ينظر م 16من ق .30/90
6
ينظر م 3من ق .30/90
164
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
فييا أو اكتسابيا بالتقادم أو الحجز عمييا ،1ومنع أيضا أن تكون األمالك الوطنية الخاصة قابمة لمتقادم أو
محل حجز.2
رابعا :بالنسبة لمسألة الخروج عن ركن االختصاص في القرار اإلداري (العنصر الشخصي).
من بين أركان القرار اإلداري "ركن االختصاص" ومن بين عناصر ىذا الركن "العنصر الشخصي"،
حدده القانون ،بحيث إذا صدر من غيره كان ىذا العمل
ويقصد بو أن يصدر القرار من الشخص الذي ّ
القانوني معيبا بأحد عيوب عدم المشروعية ،بسبب مخالفة العنصر الشخصي في ركن االختصاص.
فنظ ار لبعض الظروف التي قد تحيط بالوظيفة اإلدارية ،من ذلك غياب األصيل صاحب االختصاص
عينو القانون إلصدار ق اررات – أو عدم قدرتو عمى القيام بكل الميام المنوطة بو نظ ار لمضغط
– أي من ّ
الناتج عن الوظيفة ،أو أن يحول مانع دون تمكن األصيل من القيام بميامو ،أو تمرده ورفضو القيام بما
ىو موكل لو ،وأمام كل ىذا فإن التطبيق المطمق لركن االختصاص بعنصره الشخصي وما ينتج عنو من
ضرورة صدور القرار من األصيل وحده دون غيره قد يترتب عنو إخالل بمبدأ استم اررية الخدمات ،وعمى
التقيد المطمق بركن االختصاص الشخصي لضمان اعتبار أن المصمحة العامة تقتضي الخروج عن ّ
بالمشرع السماح بالخروج عمى ىذا الركن ومنو إجازة أن يصدر
ّ استمرار المرافق العمومية ،فإن ىذا دفع
لمشرع في حاالت منيا "التفويض ،3والحمول ،4واإلنابة".
حدده ا ّ
القرار من شخص غير الذي ّ
الفرع الثاني :تأثيره في مجال القضاء.
تدخل القضاء ممثال في مجمس الدولة الفرنسي عن طريق آلية االجتياد بالتأسيس لبعض النظريات
السباق في ذلك -تم ابتكارىا ضمانا لدوام خدمات المرافق العمومية وتجسيدا لمبدأ االستم اررية.
– وكان ّ
ومن ىذه النظريات ما يتعمق بأثر بعض الظروف الطارئة التي تثير مشاكل أثناء تنفيذ العقود اإلدارية،
1
ينظر م 4من ق .30/90
2
ينظر م 2/4من ق .30/90
يرجع إلى م 93من الدستور الجزائري ،سابق الذكر( ،الخاصة بتفويض رئيس الجميورية لبعض صالحياتو لموزير األول).
3والمادة 87من ق البمدية (الخاصة بتفويض رئيس البمدية إلمضائو).
يرجع إلى م 94من الدستور الجزائري ،سابق الذكر( .الخاصة بالمانع الذي يحول دون تمكن رئيس الجميورية من ممارسة
4ميامو) .والمادة 102 ,101من ق البمدية (الخاصة بحمول الوالي محل رئيس البمدية).
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
ومنيا ما يتعمق بالوضع القانوني لألعمال التي يقوم بيا بعض األفراد لضمان استمرار سير المرفق
العمومي بالرغم من أنو ليس ليم صفة الموظف من الناحية القانونية ،وسنقوم بشرح موجز لذلك.
وتجسيدا لقاعدة استم اررية المرافق العمومية ابتكر مجمس الدولة الفرنسي نظرية الظروف الطارئة في
العقود اإلدارية ،ومفادىا أنو إذا ظيرت أثناء تنفيذ العقد ظروف طارئة لم تكن متوقعة تؤدي إلى إضعاف
الجانب المالي لممتعاقد مع اإلدارة ،وتجعل من تنفيذه مستحيال وجب عمى ىذه األخيرة المساىمة بقدر
مالي في صورة تعويض إلعادة التوازن المالي لمعقد لتمكين المتعاقد من مواصمة تنفيذه ،وىذا كمو لضمان
استمرار المرفق العمومي.
وعن اإلطار التاريخي ألحداث ىذه النظرية ،فتعود إلى فترة الحرب العالمية األولى ،حيث تم تكميف
"الشركة العامة إلضاءة مدينة بوردو" بميمة إضاءة المدينة في إطار عقد امتياز ،إالّ أن سعر الفحم
تضاعف حوالي خمس ( )5مرات ما بين توقيع العقد وسنة 1916التي عرفت سيطرة األلمان عمى
المناطق المنتجة لمفحم بفرنسا خالل الحرب العالمية األولى ،وىذا ما جعل مواصمة تنفيذ العقد (ميمة
لمتفصيل أكثر فيما يتعمق بنظرية الظروف الطارئة وغيرىا من النظريات ،يرجع إلى محمود عبد المجيد المغربي ،المشكالت
التي يواجييا تنفيذ العقود اإلدارية وآثارىا القانونية ،دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق ،المؤسسة الحديثة لمكتاب ،طرابمس لبنان ،ط
1األولى.1998 ،
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
إضاءة المدينة) مستحيل ،وبعد عرض المشكل عمى مجمس الدولة أصدر ق ارره الشيير في 30مارس
،1916قضى من خاللو بضرورة إعادة التوازن المالي لمعقد بأن تساىم إدارة المدينة بدفع مبمغ مالي في
صورة تعويض جراء القوة القاىرة التي أدت إلى صعوبة مواصمة تنفيذ العقد ،حتى تتمكن الشركة المتعاقدة
من ضمان استمرار الخدمات الممقاة عمى عاتقيا بموجب عقد االمتياز.1
ثانيا :نظرية الموظف الفعمي (الواقعي).
الموظف الفعمي ىو الفرد الذي تم تعيينو بطريقة معيبة ،أو الذي لم يصدر قرار بتعيينو عمى اإلطالق،
ومع ذلك تعتبر األعمال الصادرة منو سميمة .وتبنى سالمة أعمالو في األوقات العادية عمى "الظاىر"
وشرع االستثناء لمصمحة الجميور ،أما في الظروف االستثنائية فإنيا تبنى عمى "ضرورة سير المرافق
ِّ
العامة سي ار منتظما" ،وحينئذ ليس من الضروري أن يكون مصدر القرار قد عيِّن تعيينا سميما ،بل يجوز
أالّ يكون قد صدر بتعيينو قرار إطالقا.2
ويعود تاريخ ىذه النظرية إلى سنة ،1948بحيث ترجع خيوط القضية إلى 20ماي 1940تاريخ
دخول األلمان إلى فرنسا واحتالل بعض مناطقيا من ذلك مدينة "سان فاليري" الواقعة في إقميم "واز" وىو
ما ترتب عميو ىروب أعضاء المجمس البمدي لمبمدية نتيجة لمحرب ،ما جعل بعض المواطنين المتطوعين
الحمول محل األ عضاء الياربين والقيام بتسيير شؤون البمدية لضمان استمرار مرفق البمدية في إطار
مجمس واقعي فرضتو الظروف ،وبعد فترة زمنية قامت البمدية بالطعن ضد تصرفات المجمس الواقعي
(البديل) باعتبارىا أعمال غير مشروعة ،فكان نتيجة ذلك أن ذىب مجمس الدولة بتاريخ 5مارس 1948
إلى إعطاء صفة الموظفين الفعميين ألعضاء ىذا المجمس عمى اعتبار أن ما قاموا بو كان لممصمحة
العامة وساىم في استم ار سير المرفق ،وعميو قضى بمشروعية تصرفات المجمس البمدي الواقعي عمى
أساس الظروف االستثنائية التي عاشتيا البالد.3
ينظر سميمان الطماوي ،النظرية العامة لمق اررات اإلدارية ،دراسة مقارنة ،طبعة مزيدة منقحة1427 ،ه2006 ،م ،دار الفكر
2العربي ،ص .319 ،318
3https://www.doc-du-juriste.com/droit-public-et-international/droit-administratif/commentaire-
circonstances-exceptionnelles-453381.html d-arret/conseil-etat-5-mars-1948-condition-
142
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
نصت عميو العديد من التشريعاتيعتبر مبدأ المساواة بصفة عامة من المبادئ الدستورية واألساسيةّ ،
المقارنة 1والتشريع الدولي ،فتم التنصيص عميو في المادة األولى من "اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان"،2
المشرع الجزائري في المادتين ، 32/35و 37من الدستور.4
ّ ونص عميو
ّ
ويقتضي ىذا المبدأ أن يعامل األفراد بالطريقة نفسيا دون تمييز بسبب األراء السياسية أو الدين أو
الجنس .5ويعتبر من المبادئ األساسية ذات القيمة الدستورية ومن المبادئ العامة لمقانون ،ويعتبر نتيجة
طبيعية لمبدأ المساواة .ويشمل المبدأ صورتين ،تتمثل األولى في المساواة في الحقوق ،والثانية في المساواة
في الواجبات واألعباء ،وسنوضح كال الصورتين في الفرعيين المواليين.
تشمل المساواة ثالثة نواحي :المساواة في االنتفاع من خدمات المرافق ،والمساواة في شغل الوظائف
لدى ىذه األخيرة ،والمساواة في التعاقد مع اإلدارة.
من ذلك ما جاء في م 53من الدستور المصري لسنة .20014والمادة األولى من "إعالن حقوق اإلنسان والمواطن"
1الفرنسي لسنة.1789
2
م 1من اإلعالن العالمي (يولد جميع الناس أح ار اًر متساوين في الكرامة والحقوق)...
م 2/35من الدستور (المعدل والمتمم)...( ،تستيدف مؤسسات الجميورية ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في
3الحقوق.)...
م 37من الدستور الجزائري ،المعدل والمتمم( ،كل المواطنين سواسية أما القانون.)... 4
5
Farid ouabri , Droit administratif, opu, 2017,p 180.
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
نص عمى ذلك الدستور الجزائري في المادة ،127والميثاق اإلفريقي لقيم ومبادئ الخدمة العامة في
ّ
2
المادة ، 3ويقصد بو تمكين جميع المواطنين من االستفادة من الخدمات التي تؤدييا المرافق العامة دون
تمييز وعمى قدم المساواة.
ويشمل مبدأ مساواة المنتفعين أمام المرافق العامة كافة المرافق العامة ومختمف أنواعيا ،سواء أكانت
إدارية أم اقتصادية أم اجتماعية أم مينية ،وبغض النظر عن طريق إداراتيا ،سواء أكانت بصورة مباشرة،
أم عن طريق عقود التزام المرافق العامة ،أم أسموب المؤسسات العامة .ويترتب عمى تطبيق ىذا المبدأ أن
حر في اختيار األشخاص الذين يتبعون لخدماتو ،أي أنو من حق أي شخص تتوافر المرفق العام ليس ًا
فيو الشروط التي يتطمبيا النظام القانوني لممرفق أن يستفيد من خدماتو 3.ومعنى ىذا أن المساواة تكون
بين أفراد تتوفر فييم شروط االستفادة من خدمة المرفق وليست المساواة المطمقة ،ومثال ذلك أن
المستشفيات العسكرية ال تقدم خدماتيا إالّ لمن يتوفر فيو الشرط القانوني وىو االنتماء ليذه الفئة ،ومراكز
االستجمام المخصصة لفئة المجاىدين مثال غير مفتوحة لعموم الجميور تطبيقا لمبدأ المساواة ،عمى
اعتبار أن المساواة المقصودة ليست المساواة المطمقة.
ثانيا :المساواة في تقمد الوظائف لدى المرافق العمومية.
نص عمى ذلك الدستور الج ازئري في المادة 67فجاء فييا (يتساوى جميع المواطنين في تقمّد الميام
ّ
وجسده قانون الوظيفة
ّ والوظائف ،باستثناء الميام والوظائف ذات الصمة بالسيادة واألمن الوطنيين).
العمومية الذي أ ّكد عمى ضرورة أن يخضع التوظيف إلى قاعدة المساواة.4
ويقصد بو أن تتاح لممواطنين فرص التوظيف نفسيا لدى مؤسسات الدولة ،وأن يعامموا عمى قدم
المساواة ،فيما عدا ما يشترطو القانون من شروط لاللتحاق بالوظائف ،1وعميو فكل من تتوفر فييم ما
1
م 27من الدستور الجزائري (تضمن المرافق العمومية لكل مرتفق التساوي في الحصول عمى الخدمات ،وبدون تمييز).
م ( 3تتفق الدول األعضاء عمى تنفيذ الميثاق وفقا لممبادئ اآلتية -1 :المساواة بين كل مستخدمي الخدمة العامة واإلدارة
العامة -2 .منع جميع أشكال التمييز ميما كانت أسسو .)...الميثاق اإلفريقي لقيم ومبادئ الخدمة العامة واإلدارة ،مصادق عميو
2بالمرسوم الرئاسي ،415/12سابق الذكر.
3
ينظر محمد جمال الذنيبات ،الوجيز في القانون اإلداري ،دار الثقافة لمنشر والتوزيع1432 ،ه2011 ،م ،ص .157
م 74من قانون الوظيفة العمومية عمى ما يمي (يخضع التوظيف إلى مبدأ المساواة في االلتحاق بالوظائف العمومية) األمر
،06/064سابق الذكر.
141
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
اشترطو القانون لشغل الوظيفة يدخمون تحت حكم المادة السابقة ويستفيدون من المساواة ،والعكس
صحيح.
فيما يتعمق بالمساواة في الواجبات كصورة ثانية لممساواة أمام المرافق العمومية ،فالمقصود بيا أن
تساوي المرافق بين األفراد الممزمين بالواجب فيما يخص الواجبات المتعمقة والمرتبطة بيذه األخيرة ،فتُعامل
الجميع المعاممة ذاتيا وتتصرف حياليم بالطريقة نفسيا ،بحيث ال تستثني من الواجب إالّ ما استثناه
القانون ،وكل تعامل عمى خالف ما سبق ذكره يدخل اإلدارة في إطار الممنوع دستوريا والمتمثل في خرق
قاعدة المساواة في الواجبات.4
وفيما يتعمق بالمساواة في األعباء المالية ،فيقصد بيا أن يساوي مرفق الجباية بين المكمفين بالضريبة
أي تمييز طبقا لمقانون ،وتعتبر قاعدة ذات قيمة دستورية ،5وكل
أمام الضريبة وأن تتّم معاممتيم دون ّ
بنصو (ال يمكن أن يوظف ّأيا كان في وظيفة عمومية ما لم تتوفر فيو الشروط اآلتية:
المشرع في م ّ 75
ّ من ذلك ما اشترطو
1أن يكون ج ازئري الجنسية - ،أن يكون متمتعا بحقوقو المدنية .)...،األمر ،06/06سابق الذكر.
م ...( 5يجب أن تراعى في الصفقات العمومية مبادئ حرية الوصول لمطمبات العمومية والمساواة في معاممة المرشحين
وشفافية اإلجراءات )...مرسوم رئاسي ،247/15مؤرخ في 16سبتمبر ،2015يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق
2العام.
م ( 209تخضع اتفاقيات تفويض المرفق العام ،إلبراميا إلى المبادئ المنصوص عمييا في المادة 5من ىذا المرسوم)،
مرسوم رئاسي ،247/15سابق الذكر
3
م ...( 35تستيدف مؤسسات الجميورية ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات .)...م ( 37كل
4المواطنين سواسية أمام القانون) .الدستور الجزائري ،سابق الذكر.
5
المشرع في المادة ( 2/82كل المكمفين بالضريبة متساوين أمام الضريبة ،)...الدستور الجزائري ،سابق الذكر
ّ نص عمييا
ّ
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
أي فعل ييدف إلى التحايل عمى مبدأ المساواة بين المكمفين بالضريبة اعتبره المشرعمخالفة ليا عن طري ّ
مساسا بمصالح المجموعة الوطنية طبقا لمدستور.1
وأخيرا ،فإن مبدأ المساواة أمام المرافق العمومية يعتبر مثمما سبق ذكره من المبادئ العامة لمقانون
يتوجب عمى اإلدارة االلتزام بو في إدارتيا ليذه المرافق ،سواء فيما يتعمق بالمساواة في الحقوق أو المساواة
في الواجبات ،وان اإلخالل بيذا المبدأ ال يمكن تبريره ّإال بما ىو مقبول من الناحية القانونية.
والعمّة من تعديل القواعد واألساليب الخاصة بتنظيم المرافق العامة ىو تمكينيا من متابعة المستجدات
والتطورات الالزمة والضرورية لضمان استمرار سير ىذه المرافق وتأدية الخدمات عمى أكمل وجو.
تضمنتو
ّ لممشرع الجزائري ،فمن النصوص القانونية التي
ّ وعن مكانة المبدأ في المنظومة القانونية
نذكر اآلتي:
م ( 5/82كل فعل ييدف إلى التحايل عمى مبدأ المساواة بين المكمفين بالضريبة ،يعد مساسا بمصالح المجموعة الوطنية)،
1الدستور الجزائري ،سابق الذكر
ينظر ىاني عمي الطيراوي ،القانون اإلداري ،ماىية القانون اإلداري ،التنظيم اإلداري ،النشاط اإلداري ،دار الثقافة لمنشر
2والتوزيع1430 ،ه2009 ،م ،ص.317
146
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
ففيما يتعمق بالتشريع األساس ،فتم التنصيص عميو في المادة 2/27من الدستور ،1وفي إطار
تضمنتو المادة 3من الميثاق اإلفريقي المتعمق بالخدمة العامة ،2وفيما يتعمق
ّ االتفاقيات الدولية فقد
بالتشريع العادي ،نذكر عمى سبيل المثال القانون 01/02المتعمق بالكيرباء وتوزيع الغاز ،حيث جاء في
المادة 2/3ما يمي (ييدف المرفق العام إلى ضمان التموين بالكيرباء والغاز عبر مجموع التراب الوطني
في أحسن شروط األمن والجودة والسعر واحترام القواعد التقنية والبيئية .3)...وبالنسبة لمتشريع الفرعي،
فمن بين النصوص التنظيمية نذكر المرسوم 131/88المنظم لعالقة اإلدارة بالمواطن من خالل المادة 6
نصت عمى ما يمي (تسير اإلدارة دوما عمى تكييف مياميا وىياكميا مع احتياجات المواطنين.
والتي ّ
ضمن ىذا المبدأ في القسم الرابع من
ويجب أن تضع تحت تصرف المواطن خدمة جيدة) .بل أن المشرع ّ
ىذا المرسوم تحت عنوان "التحسين الدائم لنوع الخدمة" فجاء في المادة 21منو (يجب عمى اإلدارة حرصا
منيا عمى تحسين نوعية خدمتيا باستمرار وتحسين صورتيا العامة...ويجب عمييا ،زيادة عمى ذلك أن
تطور أي إجراء ضروري لتتالءم دوما مع التقنيات الحديثة في التنظيم والتسيير).4
1
التكيف المستمر )...،الدستور الجزائري سابق الذكر.
م ...( 2/27تقوم المرافق العمومية عمى مبادئ االستم اررية ،و ّ
م ( 3تتفق الدول األعضاء عمى تنفيذ الميثاق وفقا لممبادئ اآلتية -5 ... :تكيف الخدمات العامة مع احتياجات
المستخدمين.)...م ( 4/7تضمن اإلدارة العامة التكيف المستمر لخدماتيا مع االحتياجات المستجدة لممستخدمين) .م -1( 8تقوم
اإلدارة العامة بتسييل إدخال إجراءات ونظم حديثة ومبتكرة في تقديم خدماتيا -2 .تسير اإلدارة عمى استخدام التكنولوجيا الحديثة لدعم
وتحسين نوعية الخدمة العامة التي تقدميا ) ...الميثاق اإلفريقي لقيم ومبادئ الخدمة العامة واإلدارة ،مصادق عميو بالمرسوم الرئاسي
،415/122سابق الذكر.
3
القانون 01/02مؤرخ في 5فبراير ،2002يتعمق بالكيرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات ،ج .8
4
مرسوم 131/88مؤرخ في 4يوليو ،1988ينظم العالقة بين اإلدارة والمواطن ،ج . 27
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
أن يكون اليدف من التعديل ىو تحقيق المصمحة العامة ،وأن ال يسري ىذا التعديل بأثر رجعي بل يجب
أن يسري عمى المستقبل فقط.
ويترتب عمى تطبيق مبدأ قابمية أسموب المرافق العمومية لمتغيير بعض النتائج ،نذكر منيا:
-بالنسبة لموظفي المرفق :فتأسيسا عمى الطبيعة القانونية لموظفي المرافق العمومية ،وباعتبار أنيم في
مراكز قانونية تنظيمية يحكميا نصوص تشريعية ،فإنو يحق لإلدارة أن تعدل بإرادتيا المنفردة من
أوضاعيم القانونية بما يتوافق ومقتضيات تطوير الييئات اإلدارية لتمبية حاجات الجميور المتجددة تبعا
لمظروف والمتغيرات ،دون أن يكون ليم حق االحتجاج عمى ذلك والدفع بالحقوق المكتسبة.1
-وبالنسبة لممنتفعين من المرفق :فإنو وفي حالة أي تعديالت تط أر عمى نشاط المرفق العمومي وفقا لما
تقتضيو المصمحة العامة ،فإنو ال يجوز لممنتفعين من خدمات المرفق أن يحتجوا عمى ذلك.
-وبالنسبة لمعقود اإلدارية :فخالفا لقواعد القانون الخاص في التعاقد الذي تحكمو قاعدة "العقد شريعة
المتعاقدين" ،2تتمتع السمطات اإلدارية في مجال إشباع الحاجات العامة بامتيازات متعددة عند إبرام العقود
اإلدارية ،من ذلك سمطة تعديل العقد عن طريق آلية "الممحق" 3دون أن يكون لممتعاقد مع اإلدارة حق
الرفض ،وكل ذلك مسايرة لمبدأ قابمية المرفق لمتعديل والتغيير عمى حسب المتغيرات.
الخاتمة:
وخالصة ىذا البحث جممة من النتائج المرتبطة بالنظام القانوني الذي يتم بو تسيير المرافق العمومية،
والمتوصل ليا من خالل ىذه الدراسة ،ومن ذلك نذكر اآلتي:
تنص م 7من األمر ،03/06مؤرخ في 15يوليو ،2006يتضمن القانون األساسي العام لموظيفة العمومية عمى ما يمي
(1يكون الموظف تجاه اإلدارة في وضعية قانونية أساسية وتنظيمية) .ج .46
تنص م ( 106العقد شريعة المتعاقدين ،فال يجوز نقضو ،وال تعديمو إال باتفاق الطرفين .)...،األمر 58/75مؤرخ في 26
2سبتمبر ،1975المتضمن القانون المدني ،المعدل والمتمم.
تنص م 135عمى ما يمي (يمكن المصمحة المتعاقدة أن تمجأ إلى إبرام مالحق لمصفقة في إطار أحكام ىذا المرسوم) و
المادة ( 136يشكل الممحق وثيقة تعاقدية تابعة لمصفقة ،ويبرم في جميع الحاالت إذا كان ىدفو زيادة الخدمات أو تقميميا و/أو تعديل
بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة .)...المرسوم الرئاسي ،247/15مؤرخ في 16سبتمبر ،2015يتضمن تنظيم الصفقات
3العمومية وتفويضات المرفق العام ،ج .50
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
-إن القواعد التنظيمية لممرفق العام تضعيا السمطة اإلدارية من أجل أدائو الخدمة عمى أحسن وجو،
عمما أن ىذه القواعد تعتبر من جممة الوسائل التي تيدف إلى تنظيم عمل المرافق العامة ،وعميو فيي
قابمة لمتعديل متى اقتضت المصمحة العامة ذلك.
-إن مبدأ تعديل وتكيف المرافق يتعمق بجميع أنواع المرافق العامة دون استثناء.
-إن التعديل يشمل كل القواعد القانونية المتعمقة بالمرفق ،من ذلك القواعد الخاصة بمسألة أساليب
وطرق تسييره وتنظيمو ،وكذا الخاصة باألوضاع القانونية لموظفيو ،ويشمل أيضا العقود اإلدارية التي
تبرميا اإلدارة خدمة لمصالح العام.
-من حق السمطة اإلدارية استنادا إلى مبدأ قابمية أسموب المرافق العمومية لمتغيير والتبديل أن تمغي
المرفق العام إذا لم يعد يفي بمتطمبات المصمحة العامة ،دون أن يكون لممنتفعين حق االعتراض عمى
ذلك.
-إن حق اإلدارة في تعديل أسموب المرافق العامة ال يكون مشروعا إالّ إذا توافر شرطان ،من ذلك أن
يكون اليدف من التعديل ىو تحقيق المصمحة العامة ،وأن ال يسري ىذا التعديل بأثر رجعي.
وفيما يتعمق بالتوصيات ،فمن جممة االقتراحات التي نقدميا نذكر ما يمي:
-ضرورة تعديل النصوص القانونية المتعمقة بتنظيم وتسيير المرافق العمومية باستمرار ،وفقا لمتطمبات
المصمحة العامة.
-ضرورة تفعيل دور القضاء في ابتكار قواعد قانونية في مجال المرافق العمومية عن طريق آلية
االجتياد القضائي المنوطة بو دستوريا ،عمى شاكمة نظيره الفرنسي.
-إنشاء ىيئات عمومية ،محمية ووطنية تُسند ليا ميمة رصد كل ما يعيق سير المرافق العمومية ،واقتراح
كل ما يساعد عمى السير الحسن ليذه األخيرة.
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
144
مجلة طبنـــة للدراسات العلمية األكاديميةISSN 2661-7633 / EISSN 2716-8883
ص.ص480-410 : العدد20 : المجلد20 : السنة2222 :
144