Professional Documents
Culture Documents
محاضرات القانون العام الاقتصادي
محاضرات القانون العام الاقتصادي
دروس في
1
د /سالمي وردة
تمهيد
الفصل األول :ماهية القانون العام االقتصادي
المبحث األول :مفهوم القانون االقتصادي والقانون العام االقتصادي
المطلب األول :القانون االقتصادي والجدل الفقهي بشان مفهومه
المطلب الثاني :مفهوم القانون العام االقتصادي
المبحث الثاني :مصادر ومبادئ القانون العام االقتصادي
المطلب األول :مصادر القانون العام االقتصادي
المطلب الثاني :مبادئ القانون العام االقتصادي
الفصل الثاني :تطور دور الدولة في المجال االقتصادي في الجزائر
المبحث األول :الدولة المقاولة وتكوين القطاع العام االقتصادي
المطلب األول :عالقة الدولة بالنشاط االقتصادي قبل التسيير االشتراكي
المطلب الثاني :التسيير االشتراكي وبناء القطاع العام االقتصادي
المطلب الثالث :إعادة الهيكلة العضوية والمالية كمحاولة لإلصالح
المبحث الثاني :تغيير دور الدولة إلى المساهمة والضابطة
المطلب األول :الدولة المساهمة واالنسحاب من التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي
المطلب الثاني :الدولة الضابطة وتأطير النشاط االقتصادي
الفصل الثالث :تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي في إطار الدولة المساهمة
المبحث األول:المؤسسات العمومية االقتصادية
المطلب األول :مفهوم المؤسسة العمومية االقتصادية
الفرع األول :تعريفها
الفرع الثاني :تمييزها عن المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري
المطلب الثاني :النظام القانوني للمؤسسة ع ا
2
د /سالمي وردة
تمهيد :
القانون العام االقتصادي جانب من القانون العام يعنى بتدخل األشخاص العامة في الحياة
االقتصادية ،ارتبط ظهور هذا الفرع من القانون وتطوره بشكل أساسي بتطور تدخل الدولة
في المجال االقتصادي من دورها كحارسة فمقاولة فمساهمة فضابطة .
هذا القانون يختلف عن القانون العام لألعمال الذي يهتم بتنظيم العالقات بين اإلدارة
والمتعاملين االقتصاديين حيث يضم مختلف قواعد القانون العام التي تخص حياة األعمال،
3
د /سالمي وردة
في حين ينظم القانون العام االقتصادي عموما الوسائل القانونية لتدخل األشخاص العامة
في المجال االقتصادي.1
هناك من يرى استنادا إلى التفرقة التقليدية بين القانون العام والقانون الخاص وجود قانون
خاص اقتصادي إلى جانب القانون العام االقتصادي ،غير أن هذه التفرقة ال تزال محل
جدل بالنظر للجدل القائم حول مفهوم القانون االقتصادي .
4
د /سالمي وردة
الفرع األول :القانون االقتصادي قانون لالقتصاد أم قانون يتميز عن قانون لالقتصاد
أوال – القانون االقتصادي قانون لالقتصاد :
القانون االقتصادي وفقا لهذا التصور ،قانون يطبق على كل المجاالت التي تدخل في مفهوم
االقتصاد أي يشمل المواضيع القانونية العامة والخاصة التي تتعلق التي تتعلق باالقتصاد.1
حيث اعتبر الفقيه Gérard Farjatأن القانون االقتصادي قانون ذو طبيعة أفقية وهو
قانون توحيدي جامع بين فرعي القانون أي جامع بين جميع فروع القانون العام وفروع
القانون الخاص ذات الصلة باالقتصاد
هذا المفهوم رغم بساطته ال يخلو من العيوب من حيث كونه واسع جدا نظرا لعدم وجود
حدود واضحة له
يبدو أن هذا التصور غير مجد نظرا ألنه يهتم بدراسة وفحص وثيق لشتى القواعد القانونية
في الفروع القانونية المختلفة والتي لها عالقة باالقتصاد ،وحتى بالنظر إلى مفهوم االقتصاد
نفسه الذي يشمل كل أعمال اإلنتاج ،التوزيع ،التبادل ،استهالك الثورات. 2
من هذا المنطلق ال يمكن أن نتوصل إلى أن هناك فرع قانوني بمفرده يمكن أن يضم كل
مجاالت األنشطة تلك ومع ذلك يتسم باالستقاللية ،ففي للقانون الخاص مظاهر اقتصادية
تتعلق بنقل الملكية ،ضمانات ،نقل األموال ، ...وفي القانون العام مظاهر اقتصادية تتجلى
في قانون األموال العامة ،التأمينات ،نزع الملكية ...والقول بان القانون االقتصادي يحوي
كل هذه المواضيع يجعله يفقد معناه.
كذلك تظهر الريبة في هذا التصور من حيث التمييز بين ما هو اقتصادي والمفاهيم
األخرى القريبة منه السيما المصطلحات االجتماعية والمالية ،حيث يالحظ غالبا ما يقترن
استعمال مصطلح اقتصادي مع مصطلح اجتماعي مثال:
-مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية...
3
-المجلس االقتصادي واالجتماعي
وعليه نقول إن هذا التصور ال يصلح لتحديد مفهوم القانون االقتصادي الن هذا األخير
ليس مرادف لقانون االقتصاد
1
-لعشب محفوظ :الوجيز في القانون االقتصادي ،النظرية العامة وتطبيقاتها في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،1993 ،ص . 57
2
-المرجع السابق ،ص . 58
3
- Prof .Moussa SAMB :op –cit , p 3 .
5
د /سالمي وردة
وفقا لهذا التصور ال يعد القانون االقتصادي مجرد جمع لبعض الموضوعات من
القانون العام والخاص والمتعلقة بالمجال االقتصادي أي ال ينبغي النظر إليه من
زاوية الموضوع الذي ينظمه ،بل إلى أصالته وخصوصية قواعده.1
لذا ينبغي البحث عن الفكرة العامة والتي يقوم عليها القانون االقتصادي
وضع معيار موضوعي للتعريف به ،وقد ظهر في هذا الشأن أراء:
-يرى جانب من الفقه Hamelأن القانون االقتصادي هو امتداد للقانون التجاري
الذي يندرج ضمن القانون الخاص كفرع من قانون األعمال
-بينما يرى جانب أخر من الفقه ) ( JEANTETالعكس إن القانون االقتصادي
يقترب من القانون العام وتحديدا قانون تدخل الدولة في االقتصاد
القانون االقتصادي JEANTET حيث يعرف
Le droit économique est « l’ensemble des règles juridiques ayant pour objet de donner aux
pouvoirs publics la possibilité d’agir activement sur l’économie ».
في حين أن الفقيه FARJATيرى بان القانون االقتصادي هو قانون التركيز والتجميع
لممتلكات اإلنتاج وتنظيم االقتصاد بواسطة ممتلكات خاصة أو عامة
1
-لعشب محفوظ :مرجع سابق ،ص . 60
2
-المرجع السابق ،ص . 60
- Prof .Moussa SAMB :op –cit , p 3 .
6
د /سالمي وردة
أما الفقيه Claude CHAMPAUDفيبدو أن نظرته أوسع ،حيث يعتبر أن القانون االقتصادي:
« Le droit du développement et de l’organisation de l’économie industrielle entendue comme
» un système de production et de distribution de masse
أما الفقيه R.SAVYفقد أشار في مؤلفه 1حول القانون العام االقتصادي إلى أن هناك
تصورين للقانون االقتصادي تصور واسع وتصور ضيق .
التصور الواسع يربط القانون االقتصادي بمجموعة القواعد التي تنظم العالقات ذات الطابع
االقتصادي ،وأسس هذا التصور على فكرة المشروع وذلك وفقا لما سبق توضيحه .
أما التصور الضيق فيحصر القانون االقتصادي في القانون المطبق على تدخل الدولة في
النشاط االقتصادي
وفي النهاية خلص إلى أن القانون االقتصادي هو مجموعة القواعد الهادفة لضمان التوازن
بين المصالح الخاصة والعامة لألعوان االقتصادية والمصلحة االقتصادية العامة. 2
مما سبق نالحظ تعدد وتنوع أراء واجتهادات الفقهاء بشان تعريف القانون االقتصادي
،وأمام هذا التنو ع واالختالف يمكن القول حسب النظرة الواسعة ،أن القانون االقتصادي
يشمل كل ما يتعلق بتنظيم اإلنتاج والتداول وكذا استهالك الثروات...
فهو مجموعة من القواعد المطبقة على أشخاص القانون في إطار أنشطتهم االقتصادية .
ويمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد القانونية الواردة على النشاط االقتصادي سواء فيما
يتعلق بتنظيمه ووظيفته وهدفه.3
1
-Robert SAVY : Droit public économique ,2 éme édition DALLOZ , Paris, 1977.p 5.
2
- Robert SAVY :op-cit , p 6 .
3
-لعشب محفوظ ،مرجع سابق ،ص . 63
7
د /سالمي وردة
حيث ذهب بعض الفقهاء ومنهم FARJATو JEANTETإلى اعتبار القانون االقتصادي
فرع جديد في النظام القانوني ،بينما يرى آخرون منهم Claude CHAMPAUDبان
القانون االقتصادي هو نظرة جديدة اتجاه المفاهيم والمشاكل التي تتعاقب على فروع
القوانين التقليدية ،حسب CHAMPAUDانه من الخطأ اعتبار القانون االقتصادي كفرع
قانوني جديد بينما هو إال نظرة قانونية خاصة تطبق على فئات من القواعد المختلفة في حين
يقول M.VASSEURأن القانون االقتصادي يظهر ابتداء من اليوم كطريقة للتوقع أو
التحسيس بتوظيف الضرورة االقتصادية في المشاكل القانونية.1
وبذلك اختلفت االتجاهات الفقهية أيضا بشان استقاللية القانون االقتصادي فمنهم من اتجه
إلى تأييد فكرة االستقاللية عن باقي فروع القانون ،ومنهم من شكك في وجوده ومنهم من
اتجه للقول بان القانون االقتصادي ال يتسم باالستقاللية ولكنه يتميز بخصوصيات تجعله
مختلفا ومتميزا وهذا هو الرأي الراجح.
الفرع الثالث :خصوصيات القانون االقتصادي
القانون االقتصادي هو قانون غير مقنن في مجموعة واحدة جامعة وشاملة ألصوله وأسسه
وقواعده وإجراءاته ألنه متشعب .ينظم القانون االقتصادي ويحكم جميع العالقات
االقتصادية القائمة بين األشخاص ال يمكن حصره في قطاع معين بل انه يشمل جميع
المجاالت االقتصادية بخالف القانون التجاري مثال يهتم بفئة التجار ...الخ
وهو قانون امن كذلك ،يبدو ذلك في حمايته للمستهلك من مخاطر المنتجات والمواد
االستهالكية ،كما يوفق بين المصالح المشتركة المصالح الخاصة للمتعاملين االقتصاديين
والمصلحة العامة للمستهلك.
كما يتميز القانون االقتصادي بالمرونة ،إذ يتغير بتغير التوجه االقتصادي للدولة ويتأثر
بالنهج الذي تتبعه اشتراكيا كان أم ليبراليا ،وهو قانون سريع التطور يتماشى مع سرعة
التطورات االقتصادية .
ومن حيث مصادره يطغى التشريع الفرعي على بقية المصادر إذ يحتل مكانة عامة بالنسبة
للقانون االقتصادي ،نظرا للدور الممنوح للسلطة التنفيذية في تنظيم المجال االقتصادي
تماشيا مع المرونة التي يتميز بها هذا القانون
1
-المرجع السابق ،ص ص . 64-63
8
د /سالمي وردة
9
د /سالمي وردة
االقتصادية ،في مثل هذه الحالة تكون السياسة االقتصادية مطبقة قبل كل شيء .من جهة
أخرى تتضمن السياسة االقتصادية نشاطا قانونيا يرتكز في إنشاء وتنظيم مؤسسات عمومية
كذلك تستعمل الدول االشتراكية تقنيات التدخل المالي.1
المبحث الثاني :مصادر ومبادئ القانون العام االقتصادي
يستند القانون العام االقتصادي إلى مصادر منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ،ويقوم
على مبادئ وأسس .
المطلب األول :مصادر القانون العام االقتصادي
هناك مصادر داخلية ومصادر خارجية للقانون العام االقتصادي :
الفرع األول :المصادر الداخلية
من المصادر الداخلية المصادر المكتوبة األصلية كالتشريع واللوائح التنظيمية ومصادر
احتياطية غير مكتوبة تتمثل في أحكام القضاء.
يضم التشريع كل من نصوص الدستور ،التشريعات المصادق عليها من البرلمان واللوائح
التنظيمية المكونة من المراسيم ( الرئاسية ،التنفيذية ) والتي من شانها أن تكمل ما تضمنته
التشريعات أو أن تضبط مجاالت تختص بها وحدها .
- 1المصدر الدستوري :
الدستور هو التشريع االسمي واألساسي في الدولة يحدد هيئات ومؤسسات الدولة
واختصاصاتها وعالقاتها يبعضها البعض .تتضمن الدساتير الحديثة بدرجة متفاوتة أحكام
تتعلق أما بتكريس مبادئ اقتصادية أو بإحداث مؤسسات اقتصادية ...
حيث جاءت ديباجة الدستور الجزائري لسنة 1996خالية من المبادئ االقتصادية ،لكن
مواده كرست بعض المبادئ ،حيث أشارت المادة 19منه إلى تنظيم التجارة الخارجية هو
من اختصاص الدولة و،أما المادة 37منه فكرست مبدأ حرية الصناعة والتجارة الذي
يمارس في إطار القانون ،والمادة 52منه التي أقرت قدسية الملكية الخاصة لألفراد
وحمايتها ،بينما المادة 64أشارت إلى أن جميع المواطنين متساوون في أداء الضريبة ...
في حين ديباجة دستور 2016أشارت إلى أهداف اقتصادية يتعين تحقيقها وذلك ما بدا من
خالل عدة عبارة " يعمل على بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار التنمية المستدامة " ،هذا
إلى جانب تأكيد المبادئ التي وردت في دستور 1996حيث نجد المادة 21تشير إلى أن
1
-Ibid , p 557 .
10
د /سالمي وردة
تنظيم التجارة الخارجية من اختصاص الدولة ،والمادة 43وسعت نطاق حرية الصناعة
والتجارة إلى حرية االستثمار والتجارة ووضعت أسس لتجسيد هذا المبدأ " حرية االستثمار
والتجارة" حيث أ شارت إلى انه على الدولة أن تعمل على تحسين مناخ األعمال ،وتشجع
على ازدهار المؤسسات دون تمييز خدمة للتنمية االقتصادية ،كما عليها ضبط السوق
ووضعها قوانين تحمي المستهلك وتمنع االحتكار والمنافسة غير النزيهة .أما المادة 64فقد
تضمنت حماية حق الملكية الخاصة ،في ما أشارت المادة 78منه إلى مساواة كل
المواطنين في أداء الضريبة ...
- 2المصدر التشريعي :
القوانين الصادرة عن البرلمان بغرفتيه في مجاالت التشريع المخولة له والتي حددتها المادة
122من دستور 1996والمعدلة بالمادة 140من دستور .2016للسلطة التشريعية
الحق في التشريع في مجاالت محددة ،حوالي 30مسالة من ضمنها المسائل االقتصادية
التالية :
نظام االلتزامات المدنية والتجارية ونظام الملكية
التصويت على ميزانية الدولة
إحداث الضرائب والجبايات والرسوم والحقوق المختلفة وتحديد أسسها ونسبها
النظام الجمركي
نظام إصدار النقود ،نظام البنوك والقرض والتأمينات
النظام العام للمناجم والمحروقات
قواعد نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص
النظام العقاري
- 3المصدر التنظيمي :
يحظى التنظيم بمكانة كبيرة كمصدر للقانون العام واالقتصادي نظرا للمرونة التي يتسم بها
بسبب خ صوصية الحياة االقتصادية ونظرا لما تحوزه السلطة التنفيذية من 125
دستور 1996المعدلة بالمادة 143من دستور 2016من صالحيات تنظيمية سواء تعود
لرئيس الجمهورية بوصفه صاحب االختصاص العام في كل المسائل التي تخرج من مجال
التشريع المخصص للسلطة التشريعية ،وكذا للوزير األول مما يسمح لهم بتكييف النصوص
التشريعية بحسب ما تمليه الضرورة الميدانية.
11
د /سالمي وردة
12
د /سالمي وردة
اللبرالي ،لكن بعد توجه الجزائر نحو اقتصاد السوق في ظل اإلصالحات االقتصادية لسنة
1988وبداية انسحاب الدولة من النشاط االقتصادي تم فتح المجال لالستثمار الخاص
واالعتراف له بحرية التجارة والصناعة ،ليتم التكريس الدستوري لهذا المبدأ الحقا
بمقتضى المادة 37من دستور.1 1996
1
-Rachid ZOUAIMIA ,le droit de la concurrence ,édition Belkeise ,2012,p p 14-17.
13
د /سالمي وردة
1
-ج ر عدد ، 53ص . 774
2
-ج ر عدد ، 80ص . 1202
14
د /سالمي وردة
إطارات وأجهزة قادرة على التسيير مما أدى إلى شل نشاط المؤسسات ،لذا قامت مجموعة
من العمال وبطريقة تلقائي ة بتسيير المؤسسات المعلن عن شغورها فيما بعد ،وقد أضفت
السلطة العامة الشرعية على هذا األسلوب في التسيير وأطلقت عليه التسيير الذاتي وقد
صدر في هذا الشأن عدة نصوص قانونية منها:األمر 02-62مؤرخ في 1962/08/21
متعلق بتسيير وحماية األمالك الشاغرة ،المرسوم 38/62المؤرخ في 1962/11/23
المتعلق بلجان التسيير في المؤسسات الصناعية الشاغرة ،والمرسوم 88-63مؤرخ في
1963/12/23المتعلق بتنظيم األمالك الشاغرة ،والمرسوم 95/63مؤرخ في
1963/12/18المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات المسيرة ذاتيا ،في إطاره انتقلت ملكية
المؤسسات الشاغ رة إلى المجموعة الوطنية .مما عبر عن نية السلطة آنذاك في التراجع
عن هذا األسلوب في التسيير. 1
تميز تنظيم المؤسسة المسيرة ذاتيا في ظل هذه األحكام بهيمنة العمال على أجهزتها وانفراد
الدولة بتعيين مديرها الذي يخضع للسلطة الرئاسية ولتعليمات اإلدارة المركزية.
يمكن القول أن النشاط االقتصادي للدولة في هذه الفترة فرضته الظروف الخاصة التي
عاشتها الجزائر حيث كان ال يعكس أي توجهات اقتصادية تتماشى وأشكال التدخل ،كذلك
تجدر اإلشارة إلى أن ضعف الموارد المالية قيد نشاط الدولة في القيام بأي مبادرة ذات
أهمية .
التدخالت ا القتصادية للدولة أخذت عدة أشكال ،تعتبر في مجملها أشكال تقليدية لتدخالت
الدولة في االقتصاد الرأسمالي : 2وذلك في إطار هيئات عامة ذات طابع إداري ،هيئات
عامة ذات طابع صناعي وتجاري – شركات الدولة – أو شركات مختلطة ،بوجه عام
هذه الهيئات كانت منظمة ومهيكلة على نمط التشريع الفرنسي .
تعدد أشكال تدخالت الدولة كان مكرس من الناحية القانونية بإصدار أكثر من 100قانون
وأمر ومرسوم بين 1966-1962مست خصوصا إنشاء وتنظيم المؤسسات العمومية.3
وكان المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري ،والشركات الوطنية الشكلين
األكثر استعماال في تدخالت الدولة
-المؤسسة العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري.
تعتبر المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري شكل من الالمركزية الوظيفية
تسمح للدولة بتسيير المرافق العامة وذلك بطريقة مرنة تختلف عن نمط التسيير اإلداري
1
-عجة الجياللي :قانون المؤسسات العمومية االقتصادية من اشتراكية التسيير إلى الخوصصة ،دار الخلدونية للنشر ، 2006 ،ص . 13،12
-رشيد واضح :المؤسسة في التشريع الجزائري ،بين النظرية والتطبيق ،دار هومه ، 2003 ،ص . 58
2
- François .BORELLA, op-cit ,p 557.
3
-- François .BORELLA , op-cit , p569.
15
د /سالمي وردة
تتسم هذه الصيغة لتدخل الدولة في النشاط االقتصادي ،بتركيز كل صالحيات اإلدارة بيد
الجهاز التنفيذي التابع لإلدارة المركزية في ظل غياب مشاركة العمال ،حيث يحوز المدير
العام على كل الصالحيات إلى جانب مجلس اإلدارة يتألف من ممثلين عن الدولة والحزب
صالحياته شكلية وتختلف باختالف طبيعة ونشاط كل المؤسسة .
هذه الصيغة لتدخل الدولة في المجال االقتصادي تم استعمالها في وضعين :
كمؤسسة عامة مكلفة بتسيير نشاط تحت رقابة الدولة :
حيث ظهر في هذا الصدد كل من :الصندوق الجزائري للتامين وإعادة التامين بمقتضى
القانون 8جوان ،1963الهيئة الوطنية للملكية الصناعية مرسوم 10اكتوبر، ... 1963
كمؤسسة عمومية تتمتع بجانب من االستقاللية ،لها دور تسيير وإدارة االقتصاد ،
منها :
الهيئة الوطنية للسياحة مارس ، 1963البنك المركزي الجزائري ديسمبر ، 1962الهيئة
الوطنية للصيد ، 1963الهيئة الوطنية للنقل ، 1963المكتب الجزائري للبترول 1962
،الصندوق الوطني للتوفير واالحتياط . 1964
-الشركات الوطنية :
اعتبرت صيغة الشركات الوطنية آنذاك وسيلة مفضلة لضمان تدخل الدولة في النشاط
االقتصادي وتامين انجاز المشاريع المخططة ،حيث أنشأت الدولة منذ سنة 1964العديد
منها : ، جديدة أنشطة وتطوير لتسيير الشركات من
…SONATRACH ,SOMEA,SONACO,SEMPAC ,SONATIBA,SONITEX
إال انه هذا التدخل للدولة في المجال االقتصادي في إطار صيغة الشركة الوطنية لم يكن
يستجيب لالحتياجات للضرورية ،بسبب غياب منطق واضح لهذا التدخل الذي كان خاضع
للظروف والضرورات الميدانية .
رغم ذلك كانت صيغة الشركات الوطنية أكثر انتشارا بسبب االستثمارات العديدة للدولة
أساسا في مجال إنتاج السلع ،خصوصا بعد التراجع عن صيغة المؤسسة العامة ذات الطابع
الصناعي والتجاري ،وقيام الدولة بتأميم العديد من الشركات األجنبية.
عرف تنظيم الشركات الوطنية عدة أنماط :
-النمط األول لتنظيم الشركات الوطنية يكون له مجلس إدارة كما هو الشأن في شركات
المساهمة واعتبرت هذه الشركات بمثابة -شركة مساهمة بأموال عمومية-على غرار
SONATRACH
16
د /سالمي وردة
النمط الثاني لتنظيم الشركات الوطنية تقترب من تنظيم المؤسسة العامة ذات الطابع
الصناعي والتجاري مثل SONACO
النمط الثالث لتنظيم الشركات الوطنية يقترب من تنظيم الهياكل ذات طابع سلطوي التي
يعهد فيها للمدير العام كل السلطات .
المطلب الثاني :التسيير االشتراكي وبناء القطاع العام االقتصادي
بعد تكريس الخيار االشتراكي كنمط للتنمية االقتصادية تجلى بوضوح معالم دور الدولة
المقاولة ،و برز ذلك ب وجود إستراتيجية واضحة لتنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي
في ظل اقتصاد مخطط وموجه تحتكر في ظله الدولة المبادرة االقتصادية بإنشائها العديد من
المصانع و المؤسسات االقتصادية .
وقد عبر ميثاق التسيير االشتراكي للمؤسسات المتضمن في األمر 74/71المؤرخ في
19711/11/16عن هذا التوجه الواضح لتدخل الدولة في المجال االقتصادي من خالل
محاولة توحيد شكل هذا التدخل وذلك باستحداث قالب المؤسسة االشتراكية ،بدال من صيغ
التدخل السابقة .
رغم محاولة تعميم تطبيق ميثاق التسيير االشتراكي على كل المؤسسات التابعة للدولة ليس
فقط في المجال االقتصادي على اعتبار أن األمر 74/71هو قانون إطار لكافة
المؤسسات .إال أن تطبيقه اقتصر على المجال االقتصادي من خالل األمر 23/75المؤرخ
في 1975/04/29المتعلق بالنظام األساسي النموذجي للمؤسسات االشتراكية ذات الطابع
االقتصادي.
يقوم التنظيم االشتراكي للمؤسسات على عدة مبادئ منها :الملكية الجماعية ،مشاركة
العمال في التسيير ( المنتج المسير) ،الخضوع للمخطط حيث كانت المؤسسة االشتراكية
ذات الطابع االقتصادي تعد عون تنفيذي مكلف بانجاز األهداف المخططة.
والن القطاع العام االقتصادي كان مسيرا إداريا ،فقد تم توحيد الجهة المختصة بإعطاء
التوجيهات والتعليمات حتى تتكرس اإلدارة المركزية لالقتصاد الوطني .
تقوم المؤسسة االشتراكية على وجود عدة أجهزة :المدير ـ مجلس العمال ـ مجلس
المديرية ـ اللجان الدائمة للمؤسسة االشتراكية ـ ( 3لجان منبثقة عن مجلس العمال ولجنتين
عن مجلس العمال ومجلس المديرية)
1
-ج ر عدد ، 101ص . 1350
17
د /سالمي وردة
في ظل هذه المرحلة رغم اآلثار السلبية المترتبة عن تطبيق التنظيم االشتراكي للمؤسسات
يمكن القول أن تدخل الدولة في المجال االقتصادي ساهم في بناء قاعدة اقتصادية واسعة إال
أن الفضل في ذلك يعود للريع النفطي .
المطلب الثالث :إعادة الهيكلة العضوية والمالية محاولة لإلصالح
بدا التفكير في إعادة الهيكلة كمحاولة لإلصالح ،بعد رحيل السلطة الحاكمة آنذاك
والمصادقة على الالئحة التقييمية المنبثقة عن المؤتمر االستثنائي لجبهة التحرير المنعقد
مابين 19-15جوان ،1980بعد أن تم تقييم الوضعية االجتماعية واالقتصادية للبالد
للفترة الممتدة ما بين 1978- 1967طرف لجنة تابعة للحزب.
حيث أظهرت ا لالئحة الجوانب السلبية لنمط التنمية المتبع من قبل السلطة السابقة ورأت أن
هناك خلل هيكلي في بناء االقتصاد الوطني ،إذ انه اقتصاد ريعي يتغذى على إرادات النفط
وان المؤسسة االشتراكية ال تهتم بالمرد ودية وال تسعى لتحقيق التراكم المالي بقدر سعيها
للمحافظة على ا لسلم االجتماعي كما عجزت عن تحقيق األهداف المرجوة منها في مجال
اإلنتاج والمر دودية المالية ،بل فشلت حتى في التوصل إلى نفس النتائج المنجزة من قبل
الشركات الوطنية نظرا لضخامة حجمها وضعف أجهزة الرقابة وعجز الدولة عن السيطرة
والتحكم فيها ...حيث أضحت أداة سياسية لتحقيق تصورات ظرفية ،ضعف نظام التوجيه
االقتصادي وثقله وإفراطه .
لذا اقترحت اللجنة أسلوب إعادة الهيكلة كحل الزمة المؤسسة االشتراكية والذي تم اعتماده
من قبل السلطة العمومية بمقتضى المرسوم 242-80المؤرخ في ،1980/10/04
ودمجت أحكامه ضمن المخطط الخماسي األول الصادر بموجب قانون .11-80
تم من خالل إجراءات إعادة الهيكلة العضوية والمالية تفكيك المؤسسات االشتراكية
والفصل بين مؤسسات اإلنتاج والتوزيع ،تقليص المساعدات المالية الممنوحة للمؤسسات إال
في حدود األعباء المرفقية ،حيث ألزمت المادة 7من قانون المالية 1983كافة المؤسسات
بالتغطية الذاتية لنفقاتها من خالل سياسة التقشف التي تم تبنيها في سبيل الوظيفة االقتصادية
للمؤسسة ،وتعزيز الرقابات المفروضة على المؤسسة وهذا مع استمرارية العمل باألمر
.174-71
إال أن اإلصالحات التي قامت بها السلطة في مرحلة إعادة الهيكلة ومع أزمة انهيار أسعار
النفط لسنة 1986التي كشفت عن هشاشة تنظيم االقتصاد الوطني .وتسيير القطاع العام
االقتصادي نظرا لآلثار الجسيمة التي ترتبت عنها ،حيث تسبب في اختالل موازين
1
-عجة الجياللي ،مرجع سابق ،ص . 31 ، 30
18
د /سالمي وردة
1
- Rachid ZOUAIMIA , Le droit de la concurrence ,op-cit , p 13.
19
د /سالمي وردة
الضبط االقتصادي – لذا يجب عقلنة هذا التواجد بالحد من التدخل المفرط من قبلها والذي
يهدد الفعالية االقتصادية.
المطلب األول :الدولة المساهمة واالنسحاب من التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي
تقلص دور الدولة في المجال االقتصادي بمقتضى اإلصالحات االقتصادية لسنة 1988
عموما وتغيرت عالقتها الدولة بالقطاع العام االقتصادي تبعا للتغيير الواقع في مفهوم الدولة
الذي يفرق بين الدولة كسلطة عامة والدولة كمساهم ،بعد منح االستقاللية للمؤسسات.
ليتحرر بذلك القطاع العام االقتصادي من التسيير اإلداري ليتم إخضاعه لمنطق السوق.
حيث تنقطع عالقة الدولة كسلطة عامة بالمؤسسات ،في حين تبقى عالقتها كمساهمة
بالمؤسسات ع ا ولكن بشكل غير مباشر.
اقتضت إصالحات االستقاللية لسنة 1988إذن ،ضرورة التغيير في دور الدولة في المجال
االقتصادي من المقاولة المحتكرة للمبادرة االقتصادية إلى مجرد المساهمة المنسحبة من
التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي .
الدولة المساهمة فكرة تقوم أساسا على تقليص دور الدولة في االقتصاد وحصره في إطار
المساهمة ،فتكون بذلك كمساهم عادي يستثمر أمواله وفقا لقواعد التجارة ،ويخضع
اللتزامات التجار ،ولكنه ال يقوم بالتسيير المباشر ألسهمه ،بل يوكل هذا األمر إلى هياكل
متخصصة ،تحول لها حقها في ملكية األسهم . 1
جاء هذا في سياق التصور الجديد لملكية الدولة الذي يفرق بين ملكية الدولة شكل اعلي
للملكية االجتماعية غير قابل للتصرف فيه غير قابل للحجز عليه غير قابل للتنازل عنه ،
وملكية الدولة لألموال في إطار العالقات التجارية ،هذه التفرقة التي سمحت بإمكانية
التمييز بين ميزانية الدولة من جهة والرأسمال االجتماعي خزينة المؤسسة من جهة أخرى.2
هذا التصور الجديد لملكية الدولة سمح بالتفرقة بين وظائف الدولة كسلطة عامة ووظائفها
كمالكة لألموال التجارية أو مساهمة.3
– دور المساهم – لم يكن ليتجسد لوال هذا الدور الجديد للدولة في المجال االقتصادي
االقتصادي ،هذه االستقاللية التي برزت تكريس استقاللية المؤسسات التابعة للقطاع العام
عليها الميثاق الوطني لسنة 1986ضمن مالمحها قبل إصدار قوانين ، 1988حيث نص
أشار إلى " ضرورة منح المزيد من المبادئ العامة لتنظيم االقتصاد الوطني حيث
1
-Rapport général relatif a l’autonomie de l’entreprise ,,R.A.S.J.E.P , n0 1 ,1988 ,p 231.
2
-Ibid ,p 223.
-BOUDRA Belgacem , « Le régime juridique de l’entreprise publique économique » ,R.A.S.J.E.P , n0 2 ,1993
,p 247.
3
-Ibid ,p 247.
20
د /سالمي وردة
االست قاللية للمؤسسات االقتصادية قصد تحسين فعاليتها سواء على مستوى نموها الخاص
أو على مستوى مساهمتها في التنمية االقتصادية واالجتماعية بصفة شاملة ...عن طريق
التحكم أفضل في قواعد التسيير . 1"...سمحت االستقاللية بالفصل بين الدولة والمؤسسات
على الرغم من بقاء الدولة مالكة لألموال ،فال يمكنها التدخل في تسيير المؤسسات ،لذا
استعانت وهياكل وسيطة سهلت لها هذا االنسحاب من التسيير المباشر وخولت لها تسيير
وإدارة أموالها في المؤسسات ع ا .
أضحت المؤسسة في ظل هذا الدور الجديد للدولة بعد منحها االستقاللية وتحريرها من كافة
أشكال الرقابات السابقة وتحويلها من مؤسسة اشتراكية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية ،
شخص معنوي قائم بذاته خاضع للقانون الخاص منظم في شكل الشركة التجارية ،لها
حرية اتخاذ القرار .
جاء هذا التغيير الجذري في تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي بمقتضى قوانين
االستقاللية :
قانون 01-88المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية
قانون 02-88المتضمن قانون التخطيط
قانون 03-88المتعلق بصناديق المساهمة
قانون 04-88المتضمن أحكام القانون التجاري المطبقة على المؤسسات العمومية
االقتصادية.2
وقد صاحب هذا التغيير تغيير في المنظومة القانونية للدولة ككل حيث تم تعديل الكثير من
القوانين وحتى الدستور في هذه الفترة من اإلصالحات حتى تواكب التوجه الجديد للدولة في
المجال االقتصادي الذي تم في إطاره فتح المجال لالستثمار .
قد استمر دور الدولة المساهمة رغم التخلي عن إصالحات االستقاللية نظرا لفشلها في
تحسين مرد ودية المؤسسات وحتى وضع حد لتدهور األوضاع االقتصادية والمالية لها.
واعتماد إصالحات اقتصادية جديدة ،والتي جاءت في سياق إعادة الجدولة وإبرام اتفاق
التسوية الهيكلية مع الهيئات المالية الدولية ،التي فرضت على الجزائر ضرورة االنسحاب
الشامل للدولة من النشاط االقتصادي ،وتبني سياسات التحرير االقتصادي ( تحرير
المنافسة ،تحرير األسعار ،تحرير التجارة الخارجية )...وإعادة تنظيم القطاع العام
3
االقتصادي وضرورة تكريس الخوصصة ...
هذه اإلصالحات االقتصادية برزت من خالل:
1
-انظر الميثاق الوطني لسنة ، 1986حزب جبهة التحرير الوطني ،األمانة الدائمة للجنة المركزية ،ص .195
2
-ج ر عدد 2لسنة . 1988
3
- SADI Nacer-Eddine :La privatisation des entreprises publiques en Algérie ,2 éme ed ,OPU,2006, p 48 .
21
د /سالمي وردة
في مفهومها عن الهيئات االستشارية والهيئات اإلدارية التقليدية وهكذا تم فتح المجال
تدريجيا أمام المنافسة الحرة في القطاعات االقتصادية بما فيها تلك التي تعتبر إستراتجية.
إال أن وظيفة الضبط االقتصادي ال تجسد غياب الدولة التام وسلطانها في ضبط
ممارسة النشاط االقتصادي بل دورها يبقى قائما في تنظيم ممارسة المهن واألنشطة .1
الفرع األول :مفهوم الضبط
مصطلح الضبط The régulationهو من أصل انجليزي ظهرت ،بعد التدهور
الكبير الذي عرفه االقتصاد العالمي ،أين ظهرت الحاجة إلى وضع مجموعة من الهيئات
من اجل رقابة السوق والسير الحسن للمنافسة ومن ثمة تفادي الوضعيات االحتكارية
وتاطير السوق ،فتم إنشاء السلطات اإلدارية المستقلة في و.م.ا وبداية ثم بريطانيا بعد ذلك
فرنسا وأروبا بشكل عام
فمصطلح الضبط في اللغة الفرنسية يحمل معنى الدور الجديد للدولة في المجال
االقتصادي مجسدة بأجهزة مستحدثة غير تلك التقليدية المعروفة وال يقصد به التنظيم
،réglementationالن هذا األخير يعتبر جزء أو مهمة من مهام الضبط وقد استعمل
régulationفي القانون المشرع الجزائري مصطلح الضبط :
الجزائري ألول مرة في القانون 12-89المتعلق باألسعار بنصه في اللغة الفرنسية وترجم
للعربية بكلمة تنظيم ،وحتى سنة ،2008عرفه المشرع من خالل المادة 2 03من القانون
12-08المتعلق بالمنافسة بأنه :كل إجراء تتخذه هيئة عمومية ،يهدف إلى ضمان توازن
السوق وعمل المنافسة الحرة ،ورفع الحواجز التي بإمكانها إعاقة الدخول إليه وحسن سيره
وكذا باالستغالل االقتصادي األمثل لموارد السوق عن طريق مختلف الفاعلين.
يعتبر مفهوم الضبط مصطلح حديث الظهور في المجال القانوني يندرج ضمن
قانون الضبط الذي يوازن في مفهومه بين قواعد المنافسة الحرة وقواعد القانون العام وإذا
كانت مهمة الضبط التي بموجبها يقام التوازن بين حقوق والتزامات كل طرف في السوق
مهمة قاعدية مشتركة بين مختلف سلطات الضبط ،فان لكل منها قطاع مكلفة بضبطه.3
الفرع الثاني :سلطات الضبط االقتصادي
تعد سلطات الضبط االقتصادي استجابة قانونية لخلفية اقتصادية محصنة تتجسد في
طبيعة الدور االقتصادي الجديد للدولة ،والذي استدعى بعد انسحاب هذه األخيرة من
1
-Rachid ZOUAIMIA : Droit de la régulation économique ,Berti ed , 2006,p 13
2
-المادة – 3ه من القانون 12-08المعدل والمتمم لألمر 03-03المتعلق بالمنافسة " الضط :كل إجراء أيا كانت طبيعته صادر أية هيئة
عمومية يهدف بالخصوص إلى تدعيم وضمان توازن قوي في السوق ،وحرية المنافسة ،ورفع القيود التي بإمكانها عرقلة الدخول إليها
وسيرها المرن وكذا السماح بالتوزيع االقتصادي األمثل لموارد السوق بين مختلف أعوانها وذلك طبقا ألحكام هذا األمر "
3
-وليد بوجملين :سلطات الضبط االقتصادي ،دار بلقيس للنشر ، 2011 ،ص 7
23
د /سالمي وردة
وظائف التسيير المباشر والمراقبة ،إيجاد شكل مؤسساتي جديد ينوب عن الدولة في أسهم
على حسن سير السوق والمنافسة وضبط األنشطة ،فيعتبر مصطلح سلطات الضبط مفهوم
جديد في القانون الوضعي ،حيث يكرس ألول مرة قطيعة مع التقسيمات التقليدية التي درج
الفقه اإلداري على تبنيها في نظرية التنظيم اإلداري على غرار اإلدارة المركزية ،اإلدارة
المحلية ،الهيئات العمومية بمختلف أنواعها ،فهو يمثل شكل جديد غير معهود في القانون
اإلداري التقليدي وقد تم إنشاء أول لجنة مستقلة من طرف الكونغرس في الواليات المتحدة
األمريكية سنة 1889في حين كان ظهور سلطات الضبط في فرنسا من خالل اللجنة
الوطنية لإلعالم اآللي والحريات سنة .1978
إال أن األمر تأخر نوعا ما في الجزائر إلى غاية 1990أين انشأ المشرع أول سلطة
ضبط مستقلة هي المجلس األعلى لإلعالم ،1ثم استمر إنشاء سلطات ضبط في نفس السنة
تم إنشاء مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية 2المكلفتان بضبط المجال المالي ،وسنة
1993انشأ المشرع سلطة أخرى هي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها ،3وبعدها
انشأ مجلس المنافسة 4سنة ، 1995و الذي يعمل على ترقية المنافسة الحرة وحمايتها من
مختلف الممارسات المنافية لها ،وفي سنة 2000قام المشرع بإنشاء سلطة ضبط البريد
والمواصالت السلكية والالسلكية 5كذلك في قطاع المناجم كان إنشاء الوكالة الوطنية
للممتلكات المنجمية والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية ، 6 2001ثم سلطة
ضبط الكهرباء والغاز 2002 7سلطة ضبط النقل وفي 2005سلطة ضبط المياه 8ثم
الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى جانب هيئة ضبط في مجال التامين ...الخ
وتجدر اإلشارة إلى انه ليس لسلطات الضبط نظام موحد ،حيث نجد تكوينها وطريقة تعيين
أعضائها وكذا الطرق التي تؤمن استقالليتها تختلف من سلطة ألخرى ،إضافة إلى انه من
بين السلطات من تتمتع بالشخصية المعنوية ومنها من ال يتمتع بها.9
ويعتبر مجلس المنافسة سلطة ضبط ذات اختصاص عام فهو أداة لحماية السوق من
الممارسات المنافية للمنافسة فهو يضبط وينظم الحياة االقتصادية التي تسود فيها المنافسة
1
-المادة 50من القانون 07-90المؤرخ في 3افريل 1990المتعلق باإلعالم ،ج ر عدد . 14
2
-القانون 10- 90المؤرخ في 14افريل 1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج ر عدد 16معدل ومتمم باألمر 01-01المؤرخ في 27فيفري
، 2001ج ر عدد 14واألمر 11-03المؤرخ في 26اوت ، 2003ج ر عدد . 52
3
-المرسوم التشريعي 10-93المؤرخ في 23مارس 1993متعلق ببورصة القيم المنقولة ،ج ر عدد . 34معدل ومتمم بالقانون 04-03المؤرخ
في 17فيفري ، 2003ج ر . 11
4
-األمر 06-95المؤرخ في 25جانفي 1995المتعلق بالمنافسة ،ج ر عدد 9معدل ومتمم باألمر 03-03المؤرخ في 19جويلية ، 2003ج
ر عدد 42ومعدل ومتمم بالقانون 12-08مؤرخ في 25جوان ، 2008ج ر عدد . 36ومعدل ومتمم بالقانون 05-10مؤرخ 19جويلية 2010
،ج ر عدد . 46
5
-القانون رقم 03-2000مؤرخ في 5اوت 2000متعلق بالقواعد العامة للبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ،ج ر عدد . 48 ،
6
-القانون 10-01مؤرخ في 3جويلية 2001متعلق بالمناجم ،ج ر عدد . 35
7
-القانون 01-02مؤرخ في 5فيفري 2002متعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز عن طريق القنوات ،ج ر عدد . 8
8
-القانون 12-05مؤرخ في 4أوت 2005متعلق بالمياه ،ج ر . 6
9
-وليد بوجملين :مرجع سابق ،ص .19 ،18
24
د /سالمي وردة
الحرة ،أ ما سلطات الضبط أخرى هي سلطات ضبط قطاعية ،تختص بضبط قطاع معين
دون غيره من القطاع
الفصل الثالث :تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي في إطار الدولة المساهمة
تغيير دور الدولة من مقاولة إلى مساهمة أدى إلى التغيير في تنظيم وإدارة القطاع العام
االقتصادي ،فبعد أن كانت تتدخل بشكل مباشر في تسيير المؤسسات االقتصادية ،لم يعد
بإمكانها التدخل في التسيير الذي أضحى يخضع لقواعد التجارة ،واستعانت بهياكل وسيطة
في ذلك لتتولى هذه األخيرة اإلشراف على تسيير مساهمات الدولة في المؤسسات ع ا باسم
ولحساب الدولة وكذا ممارسة حقها في الملكية .
مومد الدولة المساهمة
ممد األجهزة الممثلة للدولة المساهمة
1
صم
شقع الهياكل الوسيطة
شتم د
المجمعات
المؤسسات ع ا
1
-ص م :صناديق المساهمة
-ش ق ع :شركات قابضة عمومية
-ش ت م د :شركات تسيير مساهمات الدولة
25
د /سالمي وردة
1
-المادة " 3تشكل المؤسسة العمومية االقتصادية في إطار عملية التنمية ،الوسيلة المفضلة إلنتاج المواد والخدمات وتراكم راس المال.وتعمل
هذه المؤسسة في خدمة األمة والتنمية وفق الدور والمهام المنوطة بها .وتتمتع بالشخصية المعنوية التي تسري عليها قواعد القانون التجاري
إال إذا نص صراحة على أحكام قانونية خاصة ".
المادة " 4تتميز المؤسسة العمومية االقتصادية في مفهوم هذا القانون عن -1 :الهيئات العمومية بصفتها أشخاص معنوية خاضعة للقانون
العام ومكلفة بتسيير الخدمات العمومية -2 ،الجمعيات والتعاونيات والتجمعات األخرى" .
المادة " 5المؤسسات العمومية االقتصادية شركات مساهمة أو شركات محدودة المسؤولية تملك الدولة و/أو الجماعات المحلية فيها مباشرة أو
بصفة غير مباشرة ،جميع األسهم و/أو الحصص .ويتوقف االختيار بين احد الشكلين المن صوص عليهما أعاله على ميدان عملهما وأهميته في
التنمية االقتصادية "...
26
د /سالمي وردة
وهو ما تأكد بصدور األمر 25-95الذي اعتبر المؤسسات ع ا شركات تجارية تخضع في
إنشائها وتنظيمها وسيرها لألحكام المتعلقة بشركات رؤوس األموال المنصوص عليها في
القانون التجاري .
أما في ظل األمر 04/01اعتبرت المادة 2منه المؤسسات ع ا هي شركات تجارية تحوز
فيها الدولة أو أشخاص القانون العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية الرأسمال
االجتماعي وتخضع للقانون العام ) (Droit communأما المادة /5ف 1أحالت إنشاء
المؤسسات ع ا وتنظيمها وسيرها ألحكام شركات رؤوس األموال المنصوص عليها في
القانون التجاري .
الفر ع الثاني :تمييزها عن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري
المؤسسة ال عمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والتي يطلق عليها لفظ "الهيئة " شخص
معنوي عام ،عرفه المشرع في المادة 44من القانون 01-88بنصها " عندما تتمكن هيئة
عمومية من تمويل االستغاللية جزئيا أو كليا عن طريق عائد بيع إنتاج تجاري ينجز طبقا لتعريفة معدة
مسبقا ولدفتر الشروط العامة الذي يحدد األعباء والتقيدات التي تعود على عاتق الهيئة والحقوق
والصالحيات المرتبطة بها وكذا عند االقتضاء حقوق وواجبات المستعملين ،فإنها تأخذ تسمية «هيئة
عمومية ذات طابع صناعي وتجاري »".
يبدو أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تتميز عن المؤسسة العمومية
االقتصادية ،من حيث كونها مرتبطة بهيئة إدارية تمارس عليها سلطة وصاية ،كما أن لها
نظام قانوني مزدوج تخضع في عالقتها مع الدولة للقواعد المطبقة على اإلدارة في حين
تعد تاجرة في عالقاتها مع الغير وتخضع لقواعد القانون التجاري.1
تمول أنشطة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من األموال العامة وتؤدي
مهام من اجل المصلحة العامة ،وقد تمارس بعض امتيازات السلطة العامة ( نزع الملكية ،
إبرام الصفقات العمومية ...الخ )
يحدد تنظيم الهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ضمن القوانين األساسية
الخاصة بها والتي تحدد كذلك صالحياتها وقواعد عملها وهذا حسب المادة 46من القانون
01-88التي نصت على انه " يحدد الطابع التجاري والصناعي للهيئة العمومية وكذا قواعد
تنظيمها وسيرها بموجب عقد اإلنشاء والقوانين األساسية المتخذة وفق الشكل التنظيمي " .وعليه
فان القانون لم يضع هيكل تنظيمي محدد لهذه الهيئات.
حسب ما هو جاري العمل به يشرف على إدارة هذه الهيئات جهازين :جهاز مداولة ،
جهاز تسيير .
1
-المادة 45من القانون 01-88
27
د /سالمي وردة
جهاز المداولة :يسمى هذا الجهاز عادة "مجلس اإلدارة" يختلف عدد أعضاء هذا
المجلس من مؤسسة إلى أخرى ،وهم يمثلون الدولة في مجموعهم وإما الدولة
والمستخدمين والمستعملين ،يتم تعيينهم من طرف الدولة .مبدئيا يحوز المجلس
صالحيات واسعة ذلك أن أغلبية القوانين األساسية لهذه المؤسسة "الهيئة"تخوله
مسؤولية ضمان سير إدارة المؤسسة ،إال أن صالحيات هذا المجلس تبقى مقيدة
بواقع الوصاية التي تخضع لها المؤسسة.
جهاز التسيير :ويضم في الغالب كل من رئيس مجلس اإلدارة والمدير العام الذين
يتم تعيينهما إما بموجب مرسوم إذا تعلق باألمر بمؤسسة تابعة للدولة أو بمقتضى
مقرر يصدر إما عن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي عندما يتعلق األمر
بهاتين الجماعتين المحليتين .يقوم رئيس مجلس اإلدارة بدور شرفي ،إذ يستدعي
المجلس لالنعقاد ،ويضع جدول أعمال اجتماع المجلس بالتنسيق مع المدير العام
...في حين يتولى هذا األخير ( المدير العام ) كل السلطات الالزمة لضمان السير
الحسن للمؤسسة ،إال انه قد يصطدم عند أدائه لمهامه بترتيبات وإجراءات الوصاية
التي تتطلب مصادقة هذه األخيرة قبل أي تنفيذ للقرارات المتخذة .
صحيح أن غرض المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري يقترب من غرض
المؤسسات ع ا – شركات تجارية -وهو تحقيق الربح ،كذلك مواردها تتأتى من مداخيل
تحققها من بيع منتج أو خدمة ،وأساليب تسييرها تشبه أساليب المؤسسات الخاصة هذا ما
يبرز الطابع الصناعي والتجاري للمؤسسة ويجعلها تخضع لقواعد القانون الخاص ،أعوان
المؤسسة يفتقدون صفة الموظف ويخضعون ألحكام قانون العمل إال أن هناك جوانب
تقترب فيها من المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري وتتميز من خاللها عن المؤسسات
ع ا ويتجلى ذلك من خالل :
من منطلق كونها تمتع بامتيازات السلطة العامة ،يجوز لها اتخاذ قرارات إدارية -
تكون قابلة للطعن فيها أمام القضاء اإلداري .
أموال المؤسسة غير قابلة للحجز عليها إذا كان هذا المبدأ يحمي المؤسسة إال انه -
يحرمها من إمكانية الحصول على القروض البنكية.
ليس لها اللجوء للتحكيم إال في العالقات االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات -
العمومية ( المادة 1006من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية).
عقودها المبرمة مع مستخدمي المرفق هي عقود خاصة وتخضع الختصاص -
القضاء العادي ،إال إذا تعلق األمر بصفقات عمومية موضوعها نفقات المؤسسات
العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف بانجاز عملية ممولة كليا او
28
د /سالمي وردة
29
د /سالمي وردة
التجاري ولألحكام القانونية المتعلقة باألمالك الخاصة للدولة وذلك سواء في إطار األمر
25-95أو األمر 04-01المعدل والمتمم.
بالنسبة لطبيعة رأسمال المؤسسة – أو طبيعة األموال التي تحوزها الدولة أو أشخاص
القانون العام في المؤسسات العمومية االقتصادية ، -فبعد أن كانت أموال عمومية ،في ظل
قوانين ، 1988أضفى عليها المشرع الصفة التجارية بمقتضى األمر 25-95حيث
اعتبرها أمواال تجارية تابعة للدولة ، ،تراجع المشرع عن إضفاء الصفة التجارية على
األموال التي تحوزها الدولة في رأسمال المؤسسة واعتبرها أموال عمومية بمقتضى األمر
1
04-01
الشريك الذي يحوز رأسمال المؤسسة العمومية االقتصادية هو شخص معنوي عام وليس
خاص ،الدولة هي من تحوز رأس مالها بصفتها مساهمة وليس بصفتها سلطة عامة
تمارس حقها في الملكية عن طريق هياكل وسيطة استنادا لقواعد القانون التجاري ،بداية
من خالل صناديق المساهمة ،ثم عن طريق الشركات القابضة العمومية التي خول لها
ممارسة جميع خصائص حق الملكية في ظل تطبيق األمر ،25-95ليأتي دور شركات
تسيير المساهمات لتمارس فقط حق التسيير لحساب الدولة في ظل األمر . 04-01
الفرع الثاني :األحكام المتعلقة بتنظيم وسير ورقابة المؤسسة ع ا
الن المؤسسة العمومية االقتصادية تخضع ألحكام شركات رؤوس األموال المنصوص
عليها في القانون التجاري وبصفة خاصة ألحكام شركة المساهمة فسيكون للمؤسسة ع ا
نفس هياكل شركة المساهمة ولكن مع بعض الفوارق الطفيفة .
فقد يكون تنظيمها وإدارتها وفقا للصيغة التقليدية لإلدارة ،فيكون لها بذلك :جمعية عامة ،
مجلس إدارة ،رئيس مجلس اإلدارة ومدير عام ( أو الرئيس المدير العام ) ومحافظ
الحسابات .وقد يتم تنظيمها وإدارتها وفقا للصيغة الحديثة لإلدارة فيكون لها بذلك :جمعية
عامة ،مجلس مراقبة ،مجلس مديرين ،محافظ الحسابات .
فللمؤسسة ع ا ،أن تختار إما اإلدارة وفقا للصيغة التقليدية أو وفقا للصيغة الحديثة ،يكون
تنظيم أجهزتها وهياكل إدارتها وكيفيات عملهم والصالحيات الموكلة لهم ،وفقا لقواعد
القانون التجاري .
إال انه تظهر خصوصية المؤسسة ع ا من حيث تنظيمها وسير عملها بالمقارنة مع الشركة
فيما يلي :
1
-المادة / 3ف 1من األمر " 04-01تحوز الدولة أو أي شخص معنوي أخر خاضع للقانون العام ،تمثيال لرأسمالها االجتماعي مباشرة أو
غير مباشرة ،أمواال عمومية في شكل حصص ا واسهم أو شهادات استثمار ،أو سندات مساهمة أو أي قيم منقولة أخرى في المؤسسات
العمومية االقتصادية ".
30
د /سالمي وردة
هذا التدخل للمفتشية من اجل رقابة وتدقيق تسيير المؤسسات ع ا له طابع جوازي وليس
وجوبي ،إذ يشترط أن يكون بناء على طلب السلطات او األجهزة التي تمثل الدولة
المساهمة.
1
-نص في المادة 7مكرر/ف 1من األمر " 01-08بغض النظر عن األحكام المنصوص عليها في القانون التجاري ،يمكن المفتشية العامة
للمالية أن تقوم برقابة وتدقيق التسيير المؤسسات العمومية االقتصادية ،بناء على طلب من السلطات أو األجهزة التي تمثل الدولة المساهمة
حسب الشروط و الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.
غير أن المؤسسات العمومية االقتصادية المكلفة بمشاريع ممولة بمساهمة من الميزانية ،تخضع للرقابة الخارجية من المفتشية العامة للمالية
،حسب الكيفيات المنصوص عليها بالنسبة للمؤسسات واإلدارات العمومية ".
31
د /سالمي وردة
تجسد تدخل المفتشية فعليا للقيام بالرقابة وتدقيق التسيير على مستوى المؤسسات التابعة
للقطاع العام االقتصادي ،حيث قامت مصالح المفتشية سنة 2009ب 128عملية رقابة
1
واعدت 154تقرير كما قامت خالل سنتي 2010الى 2012ب 36عملية رقابة
هذا إلى جانب خضوع المؤسسة ع ا إلى رقابة مجلس المحاسبة ،بمقتضى األمر 02-10
المؤرخ في 26غشت 2010المعدل والمتمم لألمر 20-95المتعلق بمجلس المحاسبة
حيث رخصت المادة 8مكرر منه للمجلس بممارسة رقابته على المؤسسات ع ا بنصها "
يمارس مجلس المحاسبة رقابته وفق الشروط المنصوص عليها في هذا األمر ،على تسيير الشركات
والمؤسسات والهيئات ،مهما يكن وضعها القانوني ،التي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو
ال مؤسسات أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى ،بصفة مشتركة أو فردية مساهمة بأغلبية في
راس المال أو سلطة قرار مهيمنة ".
كذلك نص المادة 9من ذات األمر " يؤهل مجلس المحاسبة وفق الشروط المنصوص عليها في
هذا األمر لمراقبة األسهم العمومية في المؤسسات أو الشركات أو الهيئات مهما كان وضعها القانوني
،التي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المرافق أو الهيئات العمومية جزء من رأسمالها ".
1
-مقال بجريدة الوطن في . 2011/01/ 27
2
-انظر المادة 36من القانون 01-88السابق ذكره .
32
د /سالمي وردة
عدم تطبيق المادة 352من ق ت ج عندما يتعلق األمر بمؤسسة ع ا ،ألنها تخول
ألحد دائني المدين أو لوكيل التفلسة أن يطلب من المحكمة اإلذن بالتعاقد جزافا في
كل األصول المنقولة أو العقارية أو بعضها وبيعها .
المبحث الثاني :األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة – الهياكل الوسيطة -
تجسيدا النسحاب الدولة من النشاط االقتصادي ومن تسيير المؤسسات ع ا بعد منحها
االستقاللية ،استعانت الدولة المساهمة بهياكل وسيطة لتتولى تسيير مساهماتها في
المؤسسات ،هذه الهياكل منظمة في شكل شركات مساهمة تخضع للقانون التجاري .
تنوعت وتعددت هذه األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة عبر اإلصالحات االقتصادية ،
وكانت البداية مع صناديق المساهمة ،إال انه نظرا لفشل هذه األخيرة تم حلها ،واستبدلت
بالشركات القابضة العمومية في ظل األمر ، 25-95لتحل محل هذه األخيرة شركات
تسيير مساهمات الدولة بمقتضى األمر ، 04-01لتصبح حاليا مجمعات صناعية .
المطلب األول :صناديق المساهمة
استعانت الدولة المساهمة بصناديق المساهمة في ظل إصالحات 1988من اجل تنظيم
انسحابها من التسيير المباشر للمؤسسات ع ا لتتصرف كمجرد مساهم توكل إدارة وتسيير
أسهمها إلى صناديق المساهمة – األعوان االئتمانية -مما يسمح لها باالنسحاب ويحافظ على
حقوقها كمالك لألسهم ،وقد تم إنشاء 8صناديق بموجب القانون 03-88وهي كالتالي :
صندوق الصناعات الغذائية والصيد -
صندوق المناجم والمحروقات والري -
صندوق التجهيز -
صندوق البناء -
صندوق الكيمياء البيتروكيمياء والصيدلة -
صندوق اإللكترونيك ،االتصاالت واإلعالم اآللي -
صندوق النسيج ،الجلود ،األحذية واألثاث -
صندوق الخدمات -
الفرع األول :مفهوم صناديق المساهمة
تعريف صناديق المساهمة :حسب أحكام القانون 01/88يعتبر صندوق المساهمة شركة
مساهمة تابعة للدولة مسيرة لحافظة األسهم لها نظام قانوني خاص ،كما يعتبر عون
ائتماني للدولة ي قوم بدور الوسيط في عالقة الدولة بالمؤسسات يضمن مقابل القيمة لألسهم
والحصص
33
د /سالمي وردة
أما القانون 03/88فقد اعتبره مؤسسة عمومية اقتصادية محدثة في شكل شركة لتسيير
القيم المنقولة تتولى التسيير المالي لرؤوس األموال العامة ،تعمل عونا ائتمانيا وتخضع
للقانون التجاري
كما أشار المرسوم 119/88إلى أن صندوق المساهمة هو عون ائتماني تابع للدولة ،ينشا
بناء على قرار يتخذه مجلس الوزراء بعقد توثيقي في شكل شركة ذات أسهم
مما سبق يمكن تعريف الصندوق :
هو مؤسسة عمومية اقتصادية منظمة في شكل شركة مساهمة تكون فيها الدولة المساهم
الوحيد ،موضوعها يتضمن التسيير المالي لمساهمات الدولة داخل المؤسسات ع ا التي
تمارس حقوق مرتبطة بالملكية فيها حسب قواعد القانون التجاري.1
الفرع الثاني :عالقة الصناديق بالدولة المساهمة وبالمؤسسات ع ا
صناديق المساهمة باعتبارها هيكل وسيط في عالقة الدولة المساهمة بالمؤسسات ع ا بالطبع
سيكون لها عالقة بالدولة المساهمة كذا بالمؤسسات ع ا ،تتسم عالقتها بالدولة المساهمة
بالتبعية المطلقة ،بالنظر لكونها منظمة في شكل شركات مساهمة لها جمعية عامة ومجلس
إدارة ،ذلك ألن هذه األخيرة تمارس حقها في الملكية على صناديق المساهمة بصفة مباشرة
؛ من خالل جهاز خاص مؤهل لممارسة صالحيات الجمعية العامة العادية و االستثنائية
لكل الصناديق ، 2يكون أغلب أعضائه وزراء ،ضف إلى ذلك أن كل صندوق مساهمة يديره
مجلس إدارة معين في مجلس الوزراء ،ما يبرز حضور الدولة المساهمة بصفة مباشرة في
الصناديق ؛ مما يؤكد عدم ﺇستقالليتها تجاه الدولة .
وفي حين تظهر عالقة الصناديق بالمؤسسات من خالل أداء الصناديق للمهام التي أوكلت
لها من طرف الدولة المساهمة حيث أنها
تعمل عونا ائتماني :حيث تقوم بالتسيير المالي لرؤوس أموال الدولة المشكلة من
حافظة األسهم المصدرة من المؤسسات ع ا باسم الدولة مقابل الحصص المكتتبة
حيث تتصرف كوكيل مؤتمن من الدولة
1
- BOUDRA Belkacem, Lʼautonomie de entreprise publique économique « thèse d’état en droit public »,
université de Constantine, institut de droit et des sciences administratif, 1993,p 162 .
2
-المرسوم التنفيذي 119-88مؤرخ في 21جوان 1988متعلق بصناديق المساهمة األعوان االئتمانيين التابعين للدولة ،ج ر عدد . 24
34
د /سالمي وردة
تمارس حق الملكية :تمارس الصناديق حق ملكية الدولة على األسهم حسب قواعد
القانون التجاري ،باسم ولحساب الدولة يشترط في ذلك أن يكون الصندوق حائز
ألسهم أو حصص في رأسمال المؤسسات ،و تبرز ممارسة حق الملكية من خالل
قيام الصندوق بمهام الجمعية العامة العادية و غير العادية في المؤسسات ؛ أو
تفويض أجهزة معينة من طرفه لممارسة هذه المهام ،1إضافة لتعيين ممثلين عنه في
أجهزة إدارة المؤسسات العمومية االقتصادية التي يحوز فيها الصندوق مساهمات .
تقوم باستثمارات اقتصادية لحساب الدولة :يظهر ذلك من خالل اخذ مساهمات في
رأسمال مؤسسات ع ا أو بإنشاء مؤسسات ع ا جديدة بهدف تحقيق أرباح
تدرس وتنفذ كل تدبير من شانه التوسع االقتصادي للمؤسسات التي تحوز فيها أسهم
أو حصص .
المطلب الثاني :الشركات القابضة العمومية
استعان المشرع بالشركات القابضة العمومية من اجل إعادة تنظيم القطاع العام االقتصادي
والرقابة على المؤسسات ،حلت هذه الشركات – القابضة -محل صناديق المساهمة 2؛
لتضم مؤسسات عمومية اقتصادية لها نشاطات متجانسة بهدف إعادة تنظيمها واعادة
هيكلتها وتجميعها والرقابة عليها.
وادخلها ألول مرة في التشريع الجزائري بمقتضى األمر 25 – 95ثم أدرجها ضمن
القانون التجاري بموجب األمر . 27-96في سياق تطبيق هذا األمر؛ تم إنشاء شركات
قابضة عمومية على مستويين وطني و جهوي 11شركة قابضة عمومية وطنية 3و5
شركات قابضة جهوية ،إال أنه سنة 2000تم تخفيض عدد الشركات القابضة الوطنية إلى
.45
35
د /سالمي وردة
مصطلح القابضة من القبض ،أي قبض بين يديه شيء ،تسمى بالشركة القابضة كونها
تقبض أسهم وسندات تسمح لها بإدارة المشروع من خالل المشاركة في اتخاذ القرارات ،
ويعرفها القانون التجاري الجزائري ،بأنها الشركة التي تختص في شراء أسهم من اجل
المراقبة
وحسب األمر 25-95تعتبر الشركات القابضة العمومية مجموعات مالية تتخذ شكل
شركات ذات أسهم تشترك فيها الدولة أو أشخاص القانون العام ،تتولى تسيير رؤوس
األموال التجارية للدولة بتوظيفها في المؤسسات العمومية االقتصادية والرقابة عليها عن
طريق حيازة اغلب رأسمالها أو اغلب األصوات في الجمعيات العامة لها.
تنشأ الشركات القابضة العمومية بموجب عقد موثق حسب الشروط المطبقة على شركات
المساهمة ،تتكون أصولها أساسا من قيم منقولة في شكل أسهم وسندات مساهمة وشهادات
استثمار أو أي سند أخر يمثل ملكية الرأسمال أو الديون في المؤسسات التابعة لها .
يدير الشركة القابضة العمومية مجلس مديرين تحت رقابة مجلس مراقبة ،يخضع تنظيم
أجهزة الشركة القابضة العمومية ألحكام خاصة منصوص عليها في األمر .25-95
شمل تطبيق أسلوب الشركات القابضة العمومية ؛ كافة قطاعات النشاط االقتصادي ،
باستثناء تلك التي تعتبر إستراتيجية ؛ حسب برنامج الحكومة االقتصادي 1كقطاع البنوك ،
التأمينات ،المحروقات ...الخ
1
- MEBTOUL Abderrahmane, op-cit , p 127.
36
د /سالمي وردة
تتولى الشركات القابضة العمومية بالرقابة على المؤسسات العمومية االقتصادية التابعة لها
استنادا لقواعد القانون التجاري بهدف السيطرة والتحكم البارز في التسيير والسياسة
المالية ( للمؤسسات ) .هذه السيطرة تسمح لها بالتدخل في أنشطة المؤسسات .وتوجيهها
والرقابة عليها حسب اإلستراتيجية المحددة في الشركة القابضة .وحتى تمارس الشركات
القابضة الرقابة البد أن تحوز مساهمات في رأسمال المؤسسات أو حقوق تصويت في
الجمعيات العامة .بصفة عامة تقوم هذه الرقابة على سلطة األغلبية 1؛ و تكون على
مستوى الجمعيات العامة للمؤسسات التابعة أو على مستوى أجهزة إدارتها ؛ سواء في مجلس
اإلدارة أو مجلس المراقبة ؛ كي تؤثر بالفعل على عملية ﺇتخاذ القرار.
هذه الرقابة حسب رأي الفقيه " " Claude CHAMPEAUترتكز على المساهمات ؛
التي تسمح بفرض ممثلين ؛ للقيام بمهام التسيير بشكل أفضل لصالحها.2
وألن الدولة مالك ألغلبية الرأسمال اإلجتماعي للمؤسسات ؛ الذي تحوزه الشركات القابضة
العمومية ؛ بعد أن تم توزيعه عليها ،عند حل صناديق المساهمة ؛ فان مسألة المساهمات
ال تثير إشكال بالنسبة للقابضة العمومية ؛ لكن توجد مساهمات ال تخول لحائزها حقوق
التصويت فالعبرة إذن ؛ تكون بحقوق التصويت التي تحوزها الشركات القابضة ؛ حسب
الحاالت الموضحة في نص المادة 731قانون تجاري .
1
- Maggy Pariente : Les groupes de sociétés, Aspect juridique, sociale, comptable et fiscal, éd librairie de le
cour de cassation, éd Litec , paris, 1993, p 79.
2
- Ibid , p 72.
37
د /سالمي وردة
هذا إلى جانب ممارسة الشركات القابضة لجميع خصائص حق ملكية الدولة على
المؤسسات بما في ذلك التنازل
38
د /سالمي وردة
تبرم عهدة التسيير بين أجهزة شركة تسيير المساهمات ومجلس مساهمات الدولة وتوقع من
طرف الجمعية العامة ،تهدف عهدة التسيير إلى تقنين العناصر الخاصة بتسيير السندات
السيما :
-تحديد صالحيات الدولة صاحبة األمالك المحولة لشركات تسيير المساهمات
وشروط تفويضها
-شروط الحيازة وتسيير القيم المنقولة األخرى
حيث تخول للشركات SGPبصفة تعاقدية بعض الصالحيات من خالل عهدة التسيير تحدد
هذه العهدة االلتزامات الملقاة على عاتق هذه الشركات ، SGPإذ ال تمارس هذه األخيرة
جميع خصائص حق الملكية كالشركات القابضة بل تمارس فقط حق التسيير لحساب الدولة
بمقتضى عهدة التسيير الممنوحة لها من طرف المجلس فتضمن حيازة الدولة للقيم المنقولة
في المؤسسة العمومية االقتصادية وتسييرها طبقا لإلستراتجية وسياسة تسيير المساهمات
المحددة من طرف المجلس .وذلك من خالل :
القيام بتجسيد وتنفيذ مخططات إعادة التقويم ،إعادة التأهيل وتطوير المؤسسات
العمومية االقتصادية في األشكال القانونية المالئمة
ضمان التسيير والمراقبة اإلستراتجية والعملية لحافظة األسهم وغيرها من القيم
المنقولة وفقا لمعيار المر دودية والنجاعة المطلوبة
39
د /سالمي وردة
1
-جريدة الخبر بتاريخ 3سبتمبر ". 2014بوشوارب يؤكد فشل شركات تسيير المساهمات "...
40
د /سالمي وردة
أما المجمعات ا لخمسة األخرى التي كانت موجودة من قبل ،فيتعلق األمر بالشركة الوطنية
للسيارات الصناعية ،والمجمع الصناعي لالسمنت ،ومجمع الصناعات الصيدالنية
(صيدال) والشركة الوطنية للتبغ والكبريت ،ومجمع مناجم الجزائر .
فيما يتعلق برئاسة الجمعيات العامة للمجمعات الصناعية فيشرف عليها وزير الصناعة
والمناجم ويسير كل مجمع صناعي من قبل مجلس إدارة يضم ممثلين عن البنك المعتمد
للمجمع مع بقائه مفتوحا على القدرات الخارجية خاصة الخبراء ،هذا إلى جانب تعيين
مديرين عامين بعقود نجاعة .
ستفتح هذه المجمعات – اثنا عشر مجمع -رأس مالها أمام المؤسسات الخاصة وحتى
األجنبية ،من خالل طرح رأس مال هذه األخيرة في البورصة للتداول،
حيث يتم إلغاء دور الوسيط المتمثل في الدولة أوال قبل نقل التمويل إلى البنوك ،وهو األمر
الذي سيلغي أي وساطة بين هذه المؤسسات والدولة ،ما يمنحها استقاللية أكبر في التسيير،
قبل اإلقدام على فتح رأس مال هذه المؤسسات أمام المستثمرين األجانب.
تتمتع المجمعات الصناعية باستقاللية مالية اكبر من تلك التي كانت تتمتع بها األجهزة
الوسيطة السابقة ،وذلك بهدف تحقيق المزيد من الحرية في التسيير ،ذلك أن عملية إعادة
التنظيم استهدفت تقليص عدد األطوار التنظيمية واقتصاد الهياكل التي تتطلب مسار مبسط
التخاذ القرار ،بحيث تكون المؤسسة األم المحاور الوحيد لصاحب األسهم ،وستستبدل
مراكز القرار المتعددة بقطب وحيد التخاذ القرار الذي سيعمل باسم الدولة.1
المبحث الثالث :األجهزة الممثلة للدولة المساهمة
بهدف اإلشراف على حسن تسيير مساهمات الدولة تم استحداث هياكل تمثل الدولة
المساهمة ،حيث أنشأ المشرع في البداية المجلس الوطني لمساهمات الدولة بمقتضى األمر
، 25-95ثم أعاد تنظيمه بموجب األمر 04-01وأطلق عليه تسمية مجلس مساهمات
الدولة
المطلب األول :المجلس الوطني لمساهمات الدولة
تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى المادة 17من األمر 25-95من اجل التكفل بتنظيم
وتسيير ومراقبة األموال التجارية التي تحوزها الدولة في رأسمال المؤسسات العمومية
االقتصادية نظمه المرسوم التنفيذي . 404-95
1
-تصريح وزير الصناعة والمناجم عبد السالم بوشوارب ،عقب التنصيب الرسمي لعشر مجمعات في 23فيفري 2015
41
د /سالمي وردة
يتشكل هذا المجلس من كافة الوزارات التي لها صلة بالنشاط االقتصادي ،ويوضع تحت
سلطة رئيس الحكومة الذي يرأسه ،يجتمع مرة في السنة على األقل ،كما يمكنه أن يجتمع في
أي وقت بناء على استدعاء من رئيسه أو بطلب من أعضائه أو من الجمعية العامة لشركة
قابضة عمومية .
يقوم هذا المجلس بتنسيق نشاط الشركات القابضة العمومية وتوجيهه حسب متطلبات
المصلحة الوطنية ،تبعا لسياسة الحكومة المسطرة في هذا المجال.
يقوم هذا المجال بعدة صالحيات يمارسها من خالل إشرافه على سياسة تسيير المساهمات
منها.
يقوم بتحديد أهداف سياسة تسيير المساهمات وبالتشاور مع الهيئات المداولة في
الشركات القابضة العمومية.
تحديد شروط توظيف األموال التجارية التابعة للدولة وكذا شراء األسهم وغيرها من
القيم المنقولة والتنازل عنها.
تفويض ممثلين عنه لممارسة صالحيات الجمعية العامة للشركات القابضة.
حل مجلس مساهمات الدولة محل المجلس الوطني لمساهمات الدولة في إطار األمر -01
04نظمه المشرع بالمرسوم التنفيذي .1253-01
تغيرت تشكيلة هذا المجلس مقارنة بالمجلس السابق ؛ كما تغيرت التشكيلة مرة أخرى
بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 184-06المؤرخ في 31مايو 2 2006الذي يعدل المرسوم
التنفيذي 253-01؛ ﺇ ال أنه بقي يخضع لسلطة رئيس الحكومة الذي يرأسه ؛ أصبح يجتمع
1
-أنظر :المرسوم التنفيذي رقم 253-01المؤرخ في 10سبتمبر 2001يتعلق بتشكيلة مجلس مساهمات الدولة و سيره جريدة رسمية صادرة
12سبتمبر ،2001عدد ،51ص .7
2
-ج ر عدد . 36
42
د /سالمي وردة
مرة كل 3أشهر على األقل ،كما يمكن أن يجتمع في كل وقت ،بطلب من رئيسه أو من
أحد أعضائه1؛ يتخذ ق ارراته بشكل تداولي .
كما يعين ممثلين عنه للقيام بصالحيات الجمعية العامة في المؤسسات العمومية االقتصادية
؛ عندما تحوز الدولة رأسمالها بصفة مباشرة دون تحديد لمقدار هذا الرأسمال ،إن كان يمثل
أغلبية أم أقلية .
43
د /سالمي وردة
الضبط .وقد عرف مفهوم الخوصصة انتشار واسعا على الصعيد العالمي ،وهو ينطوي
عموما على نقل ملكية مؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص
المبحث األول :مفهوم الخوصصة وتكريسها في التشريع الجزائري
المطلب األول :التعريف الفقهي
ال يوجد مفهوم محدد لفكرة الخوصصة ،حيث اختلف مفهومها من دولة ألخرى ،وظهر
مفهومان للخوصصة ،مفهوم انجلوسكسوني موسع ومفهوم فرنسي ضيق ومحدود جدا.
المفهوم الموسع:
حسبه يشمل مفهوم الخوصصة كل أشكال انسحاب الدولة désétatisation-
dénationalisationتطبيق قواعد القانون التجاري ،تشجيع القطاع الخاص ،نقل النشاط
من القطاع العام إلى القطاع الخاص
المفهوم الضيق:
حسب هذا المفهوم تكون الخوصصة فقط عند نقل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص
بشكل مباشر أو غير مباشر.
المطلب الثاني :تكريس الخوصصة في التشريع الجزائري
تبنت الجزائر الخوصصة في ظل اإلصالحات االقتصادية المترتبة عن اتفاق التسوية
الهيكلية وكذا ذلك بشكل تدريجي ،بداية من خالل قانون المالية التكميلي لسنة 1994المادة
25-24منه ،حيث سمح بالخوصصة الجزئية للمؤسسة من خالل المادة 24التي عدلت
مضمون المادة 20من قانون 01-88سمحت للمؤسسة بتحويل األموال التي تدخل ضمن
الخدمة المالية الخاصة بها بكل حرية إلى أشخاص طبيعية أو معنوية خاصة سواء بالتنازل
أو البيع...
ثم بعد ذلك األمر 22-95الذي كرس عمليات الخوصصة سواء كانت كلية أو
جزئية أو خوصصة تسيير ،ولتعذر تنفيذ عمليات بسبب التناقضات العديدة التي احتواها
هذا األمر تقرر تعديله سنة 1997بمقتضى األمر ،12-97لكن التعديالت ترقى
للمستوى المطلوب ،تمت إعادة تنظيم عمليات الخوصصة من جديد بموجب األمر -01
،04الذي استغنى عن خوصصة التسيير.
وقد تم تبني الخوصصة في الجزائر باعتبارها أداة اقتصادية إلعادة الهيكلة كونها عقد
استثمار يسمح بـ:
44
د /سالمي وردة
-إما في تحويل ملكية كل األصول المادية أو المعنوية في مؤسسة عمومية أو جزء منها أو
كل رأسمالها أو جزء منه لصالح أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعيين للقانون الخاص.
-وإما تحويل تسيير مؤسسات عمومية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون وذلك
بواسطة صيغ تعاقدية ،يجب أن تحدد كيفيات تحويل التسيير وممارسة شروطه.
الفرع الثاني :تعريف الخوصصة وفقا لألمر 04-01
عرفت المادة 13من األمر 04-01الخوصصة على أنها كل صفقة تتجسد في نقل
الملكية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين للقانون الخاص من غير المؤسسات
العمومية أو جزء منه تحوزه الدولة مباشرة أو بصفة غير مباشرة أو األشخاص
المعنويين الخاضعين للقانون العام وذلك عن طريق التنازل عن أسهم وحصص
اجتماعية أو اكتتاب لزيادة في رأسمال
-األصول التي تشكل وحدة استغالل مستقلة في المؤسسات العمومية التابعة للدولة
45
د /سالمي وردة
يشترط إلقرار عمليات الخوصصة وفقا لألمر 22-95أن تهدف تلك العمليات إلى
إصالح المؤسسة أو تحديثها وكذا الحفاظ على كل مناصب العمل المأجورة فيها أو
بعضها ،إلى جانب التزام المتملك بإبقاء المؤسسة في حالة نشاط مدة 5سنوات كحد
ادنى ،إال أن هذه الشروط أضحت بصدور األمر 04-01حافزا للحصول على مزايا
يستفيد منها المتملك إذا التزم بإصالح المؤسسة أو تحديثها والحفاظ على مناصب العمل
فيها أو اإلبقاء على المؤسسة في حالة نشاط ،وان كانت المؤسسة المعنية بالخوصصة
تقدم خدمة عمومية تتكفل الدولة بضمان استمرارية الخدمة العمومية.
لم تشمل أحكام الخوصصة في البداية جميع المؤسسات التابعة للقطاع العام
االقتصادي في ظل تطبيق األمر ،22-95حيث انحصر تطبيق الخوصصة على
المؤسسات التابعة للقطاعات التنافسية ،وتم تحديد مجال نشاط تلك المؤسسات على سبيل
الحصر منه :الفندقة والسياحة والتجارة والتوزيع ،الصناعات النسيجية والصناعات
الزراعية والغذائية...الخ.
ثم توسع نطاق تطبيق أحكام الخوصصة ليشمل المؤسسات العمومية التابعة لمجموع
قطاعات النشاط االقتصادي في ظل تطبيق األمر .04-01
تتم عمليات الخوصصة وفقا لكيفيات محددة بنص القانون ،وذلك إما باللجوء آلليات
السوق المالية ،من خالل العرض في البورصة أو عرض علني للبيع بسعر محدد زاما
عن طريق المناقصات آو باللجوء إلى إجراء البيع بالتراضي بعد ترخيص مجلس
مساهمات الدولة وبناء على تقرير مفصل للوزير المكلف بالمساهمات ،وأما بواسطة أي
نمط أخر يهدف إلى ترقية مساهمات الجمهور إلى جانب تكريس حق اإلجراء الراغبين
في استعادة مؤسستهم في الشفعة ،والذي يجب ممارسته في اجل شهر واحد ابتداء من
تاريخ تبليغ عرض التنازل إلى إجراء مع استفادتهم من تخفيض قدره %15على
األكثر من سعر التنازل بشرط انتظامهم في شركات تجارية ،وهذا استنادا ألحكام
المرسوم التنفيذي 353-01المؤرخ في 2001-11-10
46
د /سالمي وردة
النجاز عمليات الخوصصة يتطلب األمر إجراء عدة خطوات تحضيرية للعملية بداية
البد من تصنيف المؤسسات وتحديد مدى قابليتها للخوصصة على أساس المعايير واألهداف
المرجوة منها.أي يتم انتقاء المؤسسات التي ستخضع للخوصصة وإدراجها في قائمة ضمن
برنامج الخوصصة المقترح من طرف الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة على الحكومة التي
تتولى المصادقة عليه وتعلن عنه بمقتضى مرسوم ،وتم ذلك من خالل المرسوم التنفيذي
195-98الذي تضمن قائمة بـ 89 :مؤسسة هذه القائمة تعد بالتشاور مع القطاعات
المعنية.
توضع المؤسسات العمومية المدرجة في برنامج الخوصصة المصادق عليه تحت سلطة
الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة التي تتولى كل سلطات اإلدارة.حيث بإمكان هذه الهيئة أن
تطلب من المؤسسات والهيئات تزويدها بالوثائق والمعلومات الضرورية النجاز مهمتها
وتحضير المؤسسة للخوصصة ( إعادة هيكلة المؤسسة ) وتطبق توجيهات المجلس الكتابية
للخوصصة وتحضر المؤسسة العمومية أو أصولها ثم بعد ذلك يتم تقييم المؤسسة أو
األصول محل الخوصصة وتحديد سعر التنازل ليأتي دور مجلس الخوصصة بشان عملية
التقييم ،حيث يتولى هو تقديم قيمة المؤسسة العمومية أو أصولها المطلوب التنازل عنها أو
يكلف من يقدر وذلك حسب المناهج والتقنيات المالئمة في مجال التنازل الكلي أو الجزئي
عن المؤسسات أو أصولها مع مراعاة خصوصية كل حالة ،ويحدد على أساس تقارير
تقويم نوعية يعدها بنفسه أو الخبراء الذين فوضهم لذلك ،فارق األسعار لتحديد سعر عرض
التنازل عن األسهم والحصص أو ...ثم يرسل هذا المجلس تقرير التقويم وفارق األسعار
إلى الهيئة التي تبلغهما للحكومة التي توافق عليها بعد استشارة لجنة مراقبة عمليات
الخوصصة التي تطلع على ملف التقويم المعد من المجلس بعد ذلك يشرع في الخطوات
التنفيذية لعملية الخوصصة ،حيث يقترح المجلس إجراءات التنازل وكيفياته أو يقترح تدابير
خوصصة التسيير التي تبدو له أكثر مالئمة لحالة المؤسسة العمومية المعنية بالخوصصة.
ثم تعرض هذه اإلجراءات المقترحة من طرف الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة على
الحكومة التخاذ قرار بشأنها بعد اإلطالع على تقرير المجلس ورأي اللجنة.
هذا ويتولى المجلس كذلك النشر عن كل عملية خوصصة يعتزم القيام بها وتفاصيل منهج
الخوصصة وشروط المناقصة ،وان اقتضى األمر تاريخ اختتام العروض في جريدتين
وطنيتين أو دوليتين مرتين على األقل ،كما يقوم بإشهار كل عملية خوصصة بواسطة
الوسائل السمعية البصرية واإلعالن على مستوى الغرفة التجارية .
-يستقبل المجلس العروض ويقوم بانتقائها ويعد تقرير ظرفيا عن العرض المقبول ويرسله
إلى الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة.
47
د /سالمي وردة
-تضبط شروط تحويل ملكية المؤسسات العمومية االقتصادية أو خوصصة تسييرها في
دفاتر الشروط الخاصة التي تحدد فيها المتنازل أو المتملك وواجباتهما.
-ويمكن أن تنص دفاتر الشروط عند االقتضاء على احتفاظ المتنازل مؤقتا سهم نوعي.
-ينجز تحويل الملكية حسب األشكال المطلوبة قانونا يطلب من الهيئة المكلفة بالخوصصة .
المطلب الثاني :انجاز عمليات الخوصصة حسب األمر .04/01
حسب هذا األمر تتدخل هيئات أخرى في انجاز عمليات الخوصصة بداية من مجلس
مساهمات الدولة ثم الوزارة المكلفة بالمساهمات وشركات تسيير المساهمة وحتى المؤسسة
العمومية االقتصادية.
يتم إعداد برنامج الخوصصة من طرف الوزير المكلف بالمساهمات بالتشاور مع
الوزراء المعنيين ( يتم انتقاء المؤسسات التي ستدرج في برنامج الخوصصة ) ثم يعرض
البرنامج على مجلس مساهمات الدولة للموافقة عليه ،ويحال بعد ذلك على مجلس الوزراء
للمصادقة عليه.
ثم يكلف الوزير المكلف بالمساهمات بتنفيذ عمليات الخوصصة التي يحويها البرنامج
المصادق عليه ،حيث يكلف خبراء مؤهلين لتقدير قيمة المؤسسة و األصول المتنازل عنها
وهذا اإلجراء يعد مهما جدا من حيث وجوب كون عناصر األصول والسندات المعروضة
للخوصصة موضوع تقييم من قبل خبراء قبل أي عملية خوصصة كما يعد وينفذ
إستراتجية اتصال تجاه الجمهور والمستثمرين حول سياسات الخوصصة وفرص المساهمة
في أعمال المؤسسات العمومية.
-يدرس العروض ويقوم بانتقائها ويعد تقريرا مفصال حول العرض الذي تم قبوله.
التابعة لها فيعرضه على مجلس -يعد ملف التنازل بمعية المؤسسة المعنية وشركات
مساهمات الدولة بهذا الملف الذي يحوي على تقييم األسعار وحدها األدنى واألعلى وكذا
كيفيات نقل الملكية التي تم قبولها وكذا اقتراح المشتري بعد أن يرسله إلى لجنة مراقبة
عمليات الخوصصة التي تعد تقريرا وتبدي رأيها بشان الملف حول سير العملية وتبلغه
إلى رئيس الحكومة في اجل ال يتعدى شهر واحد من استالم الملف.
-تخضع شروط نقل الملكية إلى دفاتر شروط خاصة تكون جزء ال يتجزأ من عقد التنازل
الذي يحدد حقوق وواجبات كل من المتنازل والمتنازل له.
وتكون كل عملية نقل للملكية موضوع لشكليات اإلشهار ويمضي عقد التنازل ممثل يفوضه
قانونا الجمعية العامة للمؤسسة العمومية االقتصادية المعنية .
48
د /سالمي وردة
الخاتمة
إن اتساع مجال القانون العام االقتصادي يجعل من المتعذر اإلحاطة بمختلف جوانبه لذا تم
التركيز على أهم المسائل المرتبطة به على غرار تنظيم القطاع العام االقتصادي ،دور
الدولة في المجال االقتصادي ...وذلك استنادا إلى تجربة الدولة الجزائرية .
و تبقى محاور أخرى ترتبط بالقانون العام االقتصادي ،تستحق الدراسة على غرار اإلدارة
االقتصادية ،والتدخالت االقتصادية لإلدارة ...،الخ
مراجع
لعشب محفوظ :الوجيز في القانون االقتصادي ،النظرية العامة وتطبيقاتها في الجزائر ،ديوان
المطبوعات الجامعية .1993 ،
عجة الجياللي :قانون المؤسسات العمومية االقتصادية من اشتراكية التسيير إلى الخوصصة ،دار
الخلدونية للنشر . 2006 ،
رشيد واضح :المؤسسة في التشريع الجزائري ،بين النظرية والتطبيق ،دار هومه 2003 ،
وليد بوجملين :سلطات الضبط االقتصادي ،دار بلقيس للنشر ، 2011 ،
الميثاق الوطني لسنة ، 1986حزب جبهة التحرير الوطني ،األمانة الدائمة للجنة المركزية
49
سالمي وردة/د
SAVY Robert: Droit public économique ,2 éme édition DALLOZ , Paris, 1977.
50