You are on page 1of 51

‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة‬


‫كلية الحقوق‬

‫دروس في‬

‫السنة الثالثة ليسانس ل م د ‪ ،‬تخصص قانون عام‬

‫للدكتورة ‪ :‬سالمي وردة‬

‫السنة الجامعية ‪2017-2016 :‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫تمهيد‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية القانون العام االقتصادي‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم القانون االقتصادي والقانون العام االقتصادي‬
‫المطلب األول ‪ :‬القانون االقتصادي والجدل الفقهي بشان مفهومه‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مفهوم القانون العام االقتصادي‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مصادر ومبادئ القانون العام االقتصادي‬
‫المطلب األول ‪ :‬مصادر القانون العام االقتصادي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مبادئ القانون العام االقتصادي‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تطور دور الدولة في المجال االقتصادي في الجزائر‬
‫المبحث األول‪ :‬الدولة المقاولة وتكوين القطاع العام االقتصادي‬
‫المطلب األول ‪ :‬عالقة الدولة بالنشاط االقتصادي قبل التسيير االشتراكي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التسيير االشتراكي وبناء القطاع العام االقتصادي‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬إعادة الهيكلة العضوية والمالية كمحاولة لإلصالح‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تغيير دور الدولة إلى المساهمة والضابطة‬
‫المطلب األول ‪ :‬الدولة المساهمة واالنسحاب من التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الدولة الضابطة وتأطير النشاط االقتصادي‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي في إطار الدولة المساهمة‬
‫المبحث األول‪:‬المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المؤسسة العمومية االقتصادية‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريفها‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تمييزها عن المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظام القانوني للمؤسسة ع ا‬

‫‪2‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة‬


‫المطلب األول ‪ :‬صناديق المساهمة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الشركات القابضة العمومية‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬شركات تسيير مساهمات الدولة‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬المجمعات الصناعية‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬األجهزة الممثلة للدولة المساهمة‬
‫المطلب األول ‪ :‬المجلس الوطني لمساهمات الدولة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مجلس مساهمات الدولة‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬الخوصصة في القطاع العام االقتصادي‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الخوصصة وتكريسها في التشريع الجزائري‬
‫المطلب األول ‪ :‬التعريف الفقهي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تكريس الخوصصة في التشريع الجزائري‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تعريف الخوصصة في القانون الجزائري‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬شروط إقرار عمليات الخوصصة نطاقها كيفياتها‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬خطوات انجاز عمليات الخوصصة‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫القانون العام االقتصادي جانب من القانون العام يعنى بتدخل األشخاص العامة في الحياة‬
‫االقتصادية ‪ ،‬ارتبط ظهور هذا الفرع من القانون وتطوره بشكل أساسي بتطور تدخل الدولة‬
‫في المجال االقتصادي من دورها كحارسة فمقاولة فمساهمة فضابطة ‪.‬‬
‫هذا القانون يختلف عن القانون العام لألعمال الذي يهتم بتنظيم العالقات بين اإلدارة‬
‫والمتعاملين االقتصاديين حيث يضم مختلف قواعد القانون العام التي تخص حياة األعمال‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫في حين ينظم القانون العام االقتصادي عموما الوسائل القانونية لتدخل األشخاص العامة‬
‫في المجال االقتصادي‪.1‬‬
‫هناك من يرى استنادا إلى التفرقة التقليدية بين القانون العام والقانون الخاص وجود قانون‬
‫خاص اقتصادي إلى جانب القانون العام االقتصادي ‪ ،‬غير أن هذه التفرقة ال تزال محل‬
‫جدل بالنظر للجدل القائم حول مفهوم القانون االقتصادي ‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬ماهية القانون العام االقتصادي‬


‫يتعين أوال التعرف على القانون االقتصادي قبل الخوض في البحث عن ماهية القانون العام‬
‫االقتصادي ‪ ،‬حتى يتيسر ضبط المفاهيم المرتبطة بهذا القانون‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم القانون االقتصادي والقانون العام االقتصادي‬
‫القانون االقتصادي هو قانون حديث النشأة مقارنة مع القوانين األخرى كالمدني‬
‫والتجاري‪ ...‬الخ ‪ ،‬قيل انه انبثق من قانون األعمال‪ ،‬برز هذا القانون في سياق الظواهر‬
‫االقتصادية الجديدة التي عرفتها المجتمعات الصناعية على األخص ظاهرة تمركز رؤوس‬
‫األموال ووسائل اإلنتاج بين أيدي فئات قليلة أكثر فأكثر‪ ،‬هذا إلى جانب تدخل الدولة في‬
‫المجال االقتصادي‪ ،‬وظهور الفكر االشتراكي وانتشاره‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬القانون االقتصادي والجدل الفقهي بشان مفهومه‬


‫تباينت أراء الفقهاء حول مدى وجود قانون اقتصادي كفرع قانوني جديد قائم بذاته أم‬
‫هو فقط مجرد تجميع لمواد قانونية تنتمي إلي الفروع األصيلة في القانون ‪.‬‬
‫في الحقيقة أن البحث عن مفهوم القانون االقتصادي ينطوي على الكثير من الصعوبة‬
‫حيث ظهرت بشأنه عدة ت صورات حاول من خاللها الفقهاء إيجاد معيار موضوعي لتعريف‬
‫القانون االقتصادي‪ ،‬إال انه لم يتم التوصل إلى تعريف محدد‪.2‬‬
‫و تركزت هذه التصورات بشان مفهوم القانون االقتصادي من حيث كونه قانون لالقتصاد‬
‫أو قانون يتميز عن قانون لالقتصاد‬
‫‪1‬‬
‫‪- Jean-Philippe Colson ,Pascale Idoux : Droit public économique , 6emeedition ,L.G.D.J Lextenso édition ,‬‬
‫‪Paris ,2012 ,p 34 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Prof .Moussa SAMB :Cours de droit économique, faculté des sciences juridiques et politiques,‬‬
‫‪université cheikh ANTA DIOP de Dakar ,p2 .‬‬

‫‪4‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الفرع األول ‪ :‬القانون االقتصادي قانون لالقتصاد أم قانون يتميز عن قانون لالقتصاد‬
‫أوال – القانون االقتصادي قانون لالقتصاد ‪:‬‬
‫القانون االقتصادي وفقا لهذا التصور ‪ ،‬قانون يطبق على كل المجاالت التي تدخل في مفهوم‬
‫االقتصاد أي يشمل المواضيع القانونية العامة والخاصة التي تتعلق التي تتعلق باالقتصاد‪.1‬‬
‫حيث اعتبر الفقيه ‪ Gérard Farjat‬أن القانون االقتصادي قانون ذو طبيعة أفقية وهو‬
‫قانون توحيدي جامع بين فرعي القانون أي جامع بين جميع فروع القانون العام وفروع‬
‫القانون الخاص ذات الصلة باالقتصاد‬
‫هذا المفهوم رغم بساطته ال يخلو من العيوب من حيث كونه واسع جدا نظرا لعدم وجود‬
‫حدود واضحة له‬
‫يبدو أن هذا التصور غير مجد نظرا ألنه يهتم بدراسة وفحص وثيق لشتى القواعد القانونية‬
‫في الفروع القانونية المختلفة والتي لها عالقة باالقتصاد‪ ،‬وحتى بالنظر إلى مفهوم االقتصاد‬
‫نفسه الذي يشمل كل أعمال اإلنتاج‪ ،‬التوزيع‪ ،‬التبادل‪ ،‬استهالك الثورات‪. 2‬‬
‫من هذا المنطلق ال يمكن أن نتوصل إلى أن هناك فرع قانوني بمفرده يمكن أن يضم كل‬
‫مجاالت األنشطة تلك ومع ذلك يتسم باالستقاللية‪ ،‬ففي للقانون الخاص مظاهر اقتصادية‬
‫تتعلق بنقل الملكية‪ ،‬ضمانات‪ ،‬نقل األموال‪ ، ...‬وفي القانون العام مظاهر اقتصادية تتجلى‬
‫في قانون األموال العامة‪ ،‬التأمينات‪ ،‬نزع الملكية ‪ ...‬والقول بان القانون االقتصادي يحوي‬
‫كل هذه المواضيع يجعله يفقد معناه‪.‬‬
‫كذلك تظهر الريبة في هذا التصور من حيث التمييز بين ما هو اقتصادي والمفاهيم‬
‫األخرى القريبة منه السيما المصطلحات االجتماعية والمالية‪ ،‬حيث يالحظ غالبا ما يقترن‬
‫استعمال مصطلح اقتصادي مع مصطلح اجتماعي مثال‪:‬‬
‫‪ -‬مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المجلس االقتصادي واالجتماعي‬
‫وعليه نقول إن هذا التصور ال يصلح لتحديد مفهوم القانون االقتصادي الن هذا األخير‬
‫ليس مرادف لقانون االقتصاد‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬لعشب محفوظ ‪:‬الوجيز في القانون االقتصادي ‪ ،‬النظرية العامة وتطبيقاتها في الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،1993 ،‬ص ‪. 57‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 58‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Prof .Moussa SAMB :op –cit , p 3 .‬‬

‫‪5‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫ثانيا ‪ -‬القانون االقتصادي يتميز عن قانون لالقتصاد‬

‫وفقا لهذا التصور ال يعد القانون االقتصادي مجرد جمع لبعض الموضوعات من‬
‫القانون العام والخاص والمتعلقة بالمجال االقتصادي أي ال ينبغي النظر إليه من‬
‫زاوية الموضوع الذي ينظمه‪ ،‬بل إلى أصالته وخصوصية قواعده‪.1‬‬
‫لذا ينبغي البحث عن الفكرة العامة والتي يقوم عليها القانون االقتصادي‬
‫وضع معيار موضوعي للتعريف به‪ ،‬وقد ظهر في هذا الشأن أراء‪:‬‬
‫‪ -‬يرى جانب من الفقه ‪ Hamel‬أن القانون االقتصادي هو امتداد للقانون التجاري‬
‫الذي يندرج ضمن القانون الخاص كفرع من قانون األعمال‬
‫‪ -‬بينما يرى جانب أخر من الفقه )‪ ( JEANTET‬العكس إن القانون االقتصادي‬
‫يقترب من القانون العام وتحديدا قانون تدخل الدولة في االقتصاد‬
‫القانون االقتصادي‬ ‫‪JEANTET‬‬ ‫حيث يعرف‬
‫‪Le droit économique est « l’ensemble des règles juridiques ayant pour objet de donner aux‬‬
‫‪pouvoirs publics la possibilité d’agir activement sur l’économie ».‬‬

‫‪ -‬وانجذب آخرون )‪ : (FARJAT, CHAMPAUD, TRUCHET‬إلى فكرة المشروع في‬


‫محاولة إيجاد معيار عام محدد للقانون االقتصادي‪ ،‬فيرون أن قانون االقتصادي‬
‫هو القانون الذي موضوعه األساسي (‪()entreprise‬المشروع) أو المقاولة‬
‫بهياكلها ووظائفها الداخلية وعالقتها مع المشاريع األخرى ومع السلطة العامة‪.2‬‬
‫إال أن الفقيه ‪ TRUCHET‬اعتبر أن فكرة المقاولة ضيقة ومحدودة وليست كافية من الناحية‬
‫القانونية ‪ ،‬البد أن ندخل مجموعة من المفاهيم أكثر اتساعا من فكرة المقاولة كمفهوم تنظيم‬
‫االقتصاد حيث يعرف هذا األخير القانون االقتصادي بأنه ‪" :‬مجموع القواعد المطبقة على‬
‫العالقات ما بين األشخاص القانونية المعدة كوحدات اقتصادية "‬
‫‪« Comme l’ensemble des règles applicables aux relations entre personnes de droit prises en‬‬
‫‪tant qu’unités économiques ».‬‬

‫في حين أن الفقيه ‪ FARJAT‬يرى بان القانون االقتصادي هو قانون التركيز والتجميع‬
‫لممتلكات اإلنتاج وتنظيم االقتصاد بواسطة ممتلكات خاصة أو عامة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬لعشب محفوظ ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬
‫‪- Prof .Moussa SAMB :op –cit , p 3 .‬‬

‫‪6‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪« Le droit de la concentration ou de la collectivisation des biens de production et de‬‬


‫‪l’organisation de l’économie par des pouvoirs publics et privés ».‬‬

‫أما الفقيه ‪ Claude CHAMPAUD‬فيبدو أن نظرته أوسع ‪ ،‬حيث يعتبر أن القانون االقتصادي‪:‬‬
‫‪« Le droit du développement et de l’organisation de l’économie industrielle entendue comme‬‬
‫» ‪un système de production et de distribution de masse‬‬

‫أما الفقيه ‪ R.SAVY‬فقد أشار في مؤلفه‪ 1‬حول القانون العام االقتصادي إلى أن هناك‬
‫تصورين للقانون االقتصادي تصور واسع وتصور ضيق ‪.‬‬
‫التصور الواسع يربط القانون االقتصادي بمجموعة القواعد التي تنظم العالقات ذات الطابع‬
‫االقتصادي ‪ ،‬وأسس هذا التصور على فكرة المشروع وذلك وفقا لما سبق توضيحه ‪.‬‬
‫أما التصور الضيق فيحصر القانون االقتصادي في القانون المطبق على تدخل الدولة في‬
‫النشاط االقتصادي‬
‫وفي النهاية خلص إلى أن القانون االقتصادي هو مجموعة القواعد الهادفة لضمان التوازن‬
‫بين المصالح الخاصة والعامة لألعوان االقتصادية والمصلحة االقتصادية العامة‪. 2‬‬
‫مما سبق نالحظ تعدد وتنوع أراء واجتهادات الفقهاء بشان تعريف القانون االقتصادي‬
‫‪،‬وأمام هذا التنو ع واالختالف يمكن القول حسب النظرة الواسعة ‪،‬أن القانون االقتصادي‬
‫يشمل كل ما يتعلق بتنظيم اإلنتاج والتداول وكذا استهالك الثروات‪...‬‬
‫فهو مجموعة من القواعد المطبقة على أشخاص القانون في إطار أنشطتهم االقتصادية ‪.‬‬
‫ويمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد القانونية الواردة على النشاط االقتصادي سواء فيما‬
‫يتعلق بتنظيمه ووظيفته وهدفه‪.3‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬استقاللية القانون االقتصادي‬


‫لم يقتصر جدل الفقهاء بشان مفهوم للقانون االقتصادي ‪ ،‬بل امتد الى مدى اعتبار القانون‬
‫االقتصادي كفرع جديد من فروع القانون له فروع ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Robert SAVY : Droit public économique ,2 éme édition DALLOZ , Paris, 1977.p 5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Robert SAVY :op-cit , p 6 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬لعشب محفوظ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 63‬‬

‫‪7‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫حيث ذهب بعض الفقهاء ومنهم ‪ FARJAT‬و‪ JEANTET‬إلى اعتبار القانون االقتصادي‬
‫فرع جديد في النظام القانوني ‪ ،‬بينما يرى آخرون منهم ‪ Claude CHAMPAUD‬بان‬
‫القانون االقتصادي هو نظرة جديدة اتجاه المفاهيم والمشاكل التي تتعاقب على فروع‬
‫القوانين التقليدية ‪ ،‬حسب ‪ CHAMPAUD‬انه من الخطأ اعتبار القانون االقتصادي كفرع‬
‫قانوني جديد بينما هو إال نظرة قانونية خاصة تطبق على فئات من القواعد المختلفة في حين‬
‫يقول ‪ M.VASSEUR‬أن القانون االقتصادي يظهر ابتداء من اليوم كطريقة للتوقع أو‬
‫التحسيس بتوظيف الضرورة االقتصادية في المشاكل القانونية‪.1‬‬
‫وبذلك اختلفت االتجاهات الفقهية أيضا بشان استقاللية القانون االقتصادي فمنهم من اتجه‬
‫إلى تأييد فكرة االستقاللية عن باقي فروع القانون ‪،‬ومنهم من شكك في وجوده ومنهم من‬
‫اتجه للقول بان القانون االقتصادي ال يتسم باالستقاللية ولكنه يتميز بخصوصيات تجعله‬
‫مختلفا ومتميزا وهذا هو الرأي الراجح‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬خصوصيات القانون االقتصادي‬
‫القانون االقتصادي هو قانون غير مقنن في مجموعة واحدة جامعة وشاملة ألصوله وأسسه‬
‫وقواعده وإجراءاته ألنه متشعب‪ .‬ينظم القانون االقتصادي ويحكم جميع العالقات‬
‫االقتصادية القائمة بين األشخاص ال يمكن حصره في قطاع معين بل انه يشمل جميع‬
‫المجاالت االقتصادية بخالف القانون التجاري مثال يهتم بفئة التجار ‪...‬الخ‬
‫وهو قانون امن كذلك ‪ ،‬يبدو ذلك في حمايته للمستهلك من مخاطر المنتجات والمواد‬
‫االستهالكية ‪ ،‬كما يوفق بين المصالح المشتركة المصالح الخاصة للمتعاملين االقتصاديين‬
‫والمصلحة العامة للمستهلك‪.‬‬
‫كما يتميز القانون االقتصادي بالمرونة‪ ،‬إذ يتغير بتغير التوجه االقتصادي للدولة ويتأثر‬
‫بالنهج الذي تتبعه اشتراكيا كان أم ليبراليا ‪ ،‬وهو قانون سريع التطور يتماشى مع سرعة‬
‫التطورات االقتصادية ‪.‬‬
‫ومن حيث مصادره يطغى التشريع الفرعي على بقية المصادر إذ يحتل مكانة عامة بالنسبة‬
‫للقانون االقتصادي ‪ ،‬نظرا للدور الممنوح للسلطة التنفيذية في تنظيم المجال االقتصادي‬
‫تماشيا مع المرونة التي يتميز بها هذا القانون‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 64-63‬‬

‫‪8‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مفهوم القانون العام االقتصادي‬


‫القانون العام االقتصادي هو القانون الذي يطبق على تدخل األشخاص العامة في االقتصاد‬
‫او هو التدخل العمومي في المسائل االقتصادية‪.1‬‬
‫وقد قد عرفه البعض بأنه " قانون مستقل يبتغي تنظيم تدخل األشخاص العامة في االقتصاد‬
‫والتأثير على الفاعلين االقتصاديين عاميين كانوا أو خواص وانه كذلك تعبير عن اإلرادة في‬
‫توجيه السوق ‪ ،‬من طبيعته الحث وله بعد استشرافي "‪.‬‬
‫أما ‪ D.LINOTTE‬فيرى أن القانون العام االقتصادي يتعلق ب " وضع سياسة اقتصادية‬
‫لألشخاص اإلدارية بواسطة القانون "‬
‫يهتم القانون العام االقتصادي بالقواعد التي تحكم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي من‬
‫خالل إشرافها على القطاع العام االقتصادي الذي يحتل مكانة هامة بالنسبة لالقتصاد‬
‫الوطني‪.‬‬
‫وقد اختلفت الدول الرأسمالية عن الدول االشتراكية في نمط التدخل في الحياة االقتصادية‬
‫بمعنى في تحقيق إدارة االقتصاد ‪.‬‬
‫حيث أن التدخل االقتصادي في الدول الرأسمالية عرف ثالث طرق أساسية ‪:‬‬
‫التنظيم ‪ ،‬التدخل المالي ‪ ،‬التسيير المباشر أو غير المباشر ‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم األنشطة االقتصادية يخص منطقيا مجموع الوحدات االقتصادية في البالد ‪،‬‬
‫يمكن أن يكون التنظيم حسب قطاعات النشاط ( البناء مثال‪ )..‬أو حسب الوظيفة‬
‫االقتصادية ( تنظيم القرض مثال ) في الحالتين هذا يقتضي تشريعات وتنظيمات‬
‫‪ ‬التدخل المالي يمكن أن يكون مباشر (قروض ‪ ،‬أو دعم ) فتكون بذلك الميزانية تقنية‬
‫تظهر التدخالت العمومية في نفقات الدولة ‪ ،‬ويمكن أن يكون التدخل المالي غير‬
‫مباشر ( تشجيع بعض االستثمارات عن طريق ضرائب انتقائية ) هي إذن تقنية‬
‫جبائية تظهر في طرق ووسائل قوانين المالية أو ضمن النصوص الخاصة ‪.‬‬
‫‪ ‬أما التسيير المباشر للدولة أو غير المباشر عن طريق إنشاء مؤسسات عمومية للقيام‬
‫بأنشطة اقتصادية ‪ ،‬قد يكون لتلك المؤسسات طابع المرفق العام أو ال‪. 2‬‬
‫في حين الدول االشتراكية لها مهمة أكثر بساطة في ذات الوقت أكثر تعقيد ‪ ،‬أكثر بساطة‬
‫الن االستبعاد القطاع الخاص سيوفر للدولة وحدات اقتصادية لتنفيذ سياستها أكثر انصياعا ‪،‬‬
‫وأكثر تعقيد الن التخطيط البد أن يكون أكثر تفصيل من اجل ضمان إدارة حقيقية لألنشطة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪- François .BORELLA , « Le droit public économique Algérien »,R.A.S.J.E.P , n 3 et 4, 1966 ,p 556.‬‬

‫‪9‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫االقتصادية ‪ ،‬في مثل هذه الحالة تكون السياسة االقتصادية مطبقة قبل كل شيء‪ .‬من جهة‬
‫أخرى تتضمن السياسة االقتصادية نشاطا قانونيا يرتكز في إنشاء وتنظيم مؤسسات عمومية‬
‫كذلك تستعمل الدول االشتراكية تقنيات التدخل المالي‪.1‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مصادر ومبادئ القانون العام االقتصادي‬
‫يستند القانون العام االقتصادي إلى مصادر منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ‪ ،‬ويقوم‬
‫على مبادئ وأسس ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مصادر القانون العام االقتصادي‬
‫هناك مصادر داخلية ومصادر خارجية للقانون العام االقتصادي ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬المصادر الداخلية‬
‫من المصادر الداخلية المصادر المكتوبة األصلية كالتشريع واللوائح التنظيمية ومصادر‬
‫احتياطية غير مكتوبة تتمثل في أحكام القضاء‪.‬‬
‫يضم التشريع كل من نصوص الدستور ‪،‬التشريعات المصادق عليها من البرلمان واللوائح‬
‫التنظيمية المكونة من المراسيم ( الرئاسية ‪ ،‬التنفيذية ) والتي من شانها أن تكمل ما تضمنته‬
‫التشريعات أو أن تضبط مجاالت تختص بها وحدها ‪.‬‬
‫‪ - 1‬المصدر الدستوري ‪:‬‬
‫الدستور هو التشريع االسمي واألساسي في الدولة يحدد هيئات ومؤسسات الدولة‬
‫واختصاصاتها وعالقاتها يبعضها البعض ‪ .‬تتضمن الدساتير الحديثة بدرجة متفاوتة أحكام‬
‫تتعلق أما بتكريس مبادئ اقتصادية أو بإحداث مؤسسات اقتصادية ‪...‬‬
‫حيث جاءت ديباجة الدستور الجزائري لسنة‪ 1996‬خالية من المبادئ االقتصادية ‪،‬لكن‬
‫مواده كرست بعض المبادئ ‪،‬حيث أشارت المادة ‪ 19‬منه إلى تنظيم التجارة الخارجية هو‬
‫من اختصاص الدولة و‪،‬أما المادة ‪ 37‬منه فكرست مبدأ حرية الصناعة والتجارة الذي‬
‫يمارس في إطار القانون ‪ ،‬والمادة ‪ 52‬منه التي أقرت قدسية الملكية الخاصة لألفراد‬
‫وحمايتها ‪،‬بينما المادة ‪ 64‬أشارت إلى أن جميع المواطنين متساوون في أداء الضريبة ‪...‬‬
‫في حين ديباجة دستور ‪ 2016‬أشارت إلى أهداف اقتصادية يتعين تحقيقها وذلك ما بدا من‬
‫خالل عدة عبارة " يعمل على بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار التنمية المستدامة "‪ ،‬هذا‬
‫إلى جانب تأكيد المبادئ التي وردت في دستور ‪ 1996‬حيث نجد المادة ‪ 21‬تشير إلى أن‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ibid , p 557 .‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫تنظيم التجارة الخارجية من اختصاص الدولة ‪ ،‬والمادة ‪ 43‬وسعت نطاق حرية الصناعة‬
‫والتجارة إلى حرية االستثمار والتجارة ووضعت أسس لتجسيد هذا المبدأ " حرية االستثمار‬
‫والتجارة" حيث أ شارت إلى انه على الدولة أن تعمل على تحسين مناخ األعمال ‪ ،‬وتشجع‬
‫على ازدهار المؤسسات دون تمييز خدمة للتنمية االقتصادية ‪ ،‬كما عليها ضبط السوق‬
‫ووضعها قوانين تحمي المستهلك وتمنع االحتكار والمنافسة غير النزيهة ‪.‬أما المادة ‪ 64‬فقد‬
‫تضمنت حماية حق الملكية الخاصة ‪ ،‬في ما أشارت المادة ‪ 78‬منه إلى مساواة كل‬
‫المواطنين في أداء الضريبة ‪...‬‬
‫‪ - 2‬المصدر التشريعي ‪:‬‬
‫القوانين الصادرة عن البرلمان بغرفتيه في مجاالت التشريع المخولة له والتي حددتها المادة‬
‫‪ 122‬من دستور ‪ 1996‬والمعدلة بالمادة ‪ 140‬من دستور ‪ .2016‬للسلطة التشريعية‬
‫الحق في التشريع في مجاالت محددة ‪،‬حوالي ‪ 30‬مسالة من ضمنها المسائل االقتصادية‬
‫التالية ‪:‬‬
‫نظام االلتزامات المدنية والتجارية ونظام الملكية‬ ‫‪‬‬
‫التصويت على ميزانية الدولة‬ ‫‪‬‬
‫إحداث الضرائب والجبايات والرسوم والحقوق المختلفة وتحديد أسسها ونسبها‬ ‫‪‬‬
‫النظام الجمركي‬ ‫‪‬‬
‫نظام إصدار النقود ‪،‬نظام البنوك والقرض والتأمينات‬ ‫‪‬‬
‫النظام العام للمناجم والمحروقات‬ ‫‪‬‬
‫قواعد نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص‬ ‫‪‬‬
‫النظام العقاري‬ ‫‪‬‬
‫‪ - 3‬المصدر التنظيمي ‪:‬‬
‫يحظى التنظيم بمكانة كبيرة كمصدر للقانون العام واالقتصادي نظرا للمرونة التي يتسم بها‬
‫بسبب خ صوصية الحياة االقتصادية ونظرا لما تحوزه السلطة التنفيذية من ‪125‬‬
‫دستور‪ 1996‬المعدلة بالمادة ‪ 143‬من دستور ‪ 2016‬من صالحيات تنظيمية سواء تعود‬
‫لرئيس الجمهورية بوصفه صاحب االختصاص العام في كل المسائل التي تخرج من مجال‬
‫التشريع المخصص للسلطة التشريعية ‪،‬وكذا للوزير األول مما يسمح لهم بتكييف النصوص‬
‫التشريعية بحسب ما تمليه الضرورة الميدانية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المصادر الخارجية‬


‫يمكن أن نعتبر االتفاقيات الدولية ذات الهدف االقتصادي سواء منها المتعددة األطراف أو‬
‫الثنائية األطراف والتي انضمت إليها الجزائر أو أبرمتها‪ ،‬من مصادر القانون العام‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫من هذه االتفاقيات نجد اتفاق الشراكة مع االتحاد االروبي المبرم بتاريخ ‪ 22‬افريل ‪2002‬‬
‫والذي تمت المصادقة عليه بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم ‪ 159-05‬المؤرخ في ‪27‬‬
‫افريل ‪ 2005‬والقاضي بإنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر والدول االروبيىة األعضاء في‬
‫االتحاد االروبي‪. 1‬‬
‫انضمام الجزائر التفاقية واشنطن المتعددة األطراف والمؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪1965‬‬
‫والمتعلقة بتسوية المنازعات الخاصة باالستثمار بين الدول ورعايا دول أخرى ‪ ،‬والتي‬
‫صادقت عليها الجزائر بموجب األمر ‪ 04-95‬المؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪. 1995‬‬
‫كذلك مختلف المعاهدات الثنائية األطراف المتعلقة بحماية االستثمارات وكذا المتعلقة منها‬
‫بمنع االزدواج الضريبي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مبادئ القانون العام االقتصادي‬
‫هناك عدة مبادئ ذات الصلة بالمجال االقتصادي كمبدأ حرية التجارة والصناعة ‪ ،‬مبدأ‬
‫حماية حق الملكية ‪ ،‬مبدأ المساواة ‪...‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مبدأ حرية الصناعة والتجارة ‪ /‬مبدأ حرية االستثمار والتجارة‬
‫يعد مبدأ حرية التجارة والصناعة األساس القانوني لحرية المنافسة يعود أصله للقانون‬
‫الفرنسي ‪ ،‬ظهر هذا المبدأ بداية في إطار مبدأ حرية المبادرة ثم كرسه المشرع الفرنسي‬
‫بموجب تشريع ‪ 17-2‬مارس ‪ 1791‬المعروف بمرسوم أالرد ‪ ،‬وقانون ‪ 17-14‬مارس‬
‫‪ 1791‬المعروف ب ‪ ، Le Chapelier‬وقد تم تكريسه دستوريا في إطار قرار المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي في ‪ 16‬جانفي ‪ 1982‬الذي أكد فيه بصفة رسمية على الطابع‬
‫الدستوري لحرية المبادرة الخاصة واعتبرها أساسية لحرية الصناعة والتجارة والتي‬
‫تتضمن حرية األفراد في ممارسة أي نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي ‪ ،‬وحرية‬
‫األشخاص في إنشاء أي مؤسسة في مختلف النشاطات بشرط مراعاة قوانين التجارة‪. 2‬‬
‫هذا المبدأ كان مهمشا في الجزائر في ظل احتكار الدولة للنشاط االقتصادي وبشكل خاص‬
‫بعد تبني الخيار االشتراكي على اعتبار ان حرية التجارة والصناعة من مبادئ النظام‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪، 31‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jean-Philippe Colson ,Pascale Idoux : Droit public économique ,op-cit , pp 129-130.‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫اللبرالي ‪ ،‬لكن بعد توجه الجزائر نحو اقتصاد السوق في ظل اإلصالحات االقتصادية لسنة‬
‫‪ 1988‬وبداية انسحاب الدولة من النشاط االقتصادي تم فتح المجال لالستثمار الخاص‬
‫واالعتراف له بحرية التجارة والصناعة ‪ ،‬ليتم التكريس الدستوري لهذا المبدأ الحقا‬
‫بمقتضى المادة ‪ 37‬من دستور‪.1 1996‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مبدأ حماية حق الملكية‬


‫حق الملكية ‪ ،‬مبدأ مكرس دستوريا ‪ ،‬يتيح للفرد حرية اقتناء األموال وحرية التصرف فيها‬
‫على نحو ال يتعارض مع ما تقتضيه األنظمة والقوانين واللوائح ‪.‬‬
‫وقد تم تكريس هذا المبدأ ضمن الدساتير الجزائرية ‪ ،‬بدءا بدستور ‪ 1976‬الذي أشار في‬
‫المادة ‪ 16‬منه إلى أن" الملكية الفردية ذات االستعمال الشخصي أو العائلي مضمونة " وفي‬
‫الفقرة الثالثة من ذات المادة " أن الملكية الخاصة السيما في الميدان االقتصادي يجب أن‬
‫تساهم في تنمية البالد وان تكون ذات منفعة اجتماعية وهي مضمونة في إطار القانون "‬
‫يبدو من هذا النص أن حماية حق الملكية الفردية كان محتشما في ظل هذا الدستور‬
‫المكرس لالشتراكية كخيار للتنمية وما نجم عن ذلك من سياسات في إطار الدولة المقاولة‬
‫المحتكرة لكل الوظائف االقتصادية ‪.‬‬
‫إال أن دستور ‪ 1989‬الذي جاء معبرا عن توجه الدولة نحو اقتصاد السوق كرس الحماية‬
‫الالزمة لحق الملكية في المادة ‪ 49‬منه " الملكية الفردية مضمونة " وهو األمر الذي أكده‬
‫كل من دستور ‪ 1996‬في المادة ‪ 52‬ودستور ‪ 2016‬في المادة ‪ 64‬منه ‪.‬غير أن هذه‬
‫الحماية لحق الملكية الفردية ال تتيح لصاحبه ممارسة هذا الحق بشكل مطلق ‪ ،‬إنما يتعين‬
‫ممارسة حق الملكية في الحدود التي وضعها المشرع ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مبدأ المساواة‬
‫مبدأ المساواة هو مبدأ مكرس ليس فقط ضمن الدساتير الوطنية بل وتضمنته كذلك‬
‫اإلعالنات العالمية والمواثيق الدولية‪ ،‬من تطبيقات هذا المبدأ ضمن الدساتير في الجزائر ‪،‬‬
‫مبدأ المساواة أمام القانون ‪ ،‬مبدأ المساواة في تقلد الوظائف العامة ‪ ،‬مبدأ المساواة في أداء‬
‫الضريبة ‪...،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rachid ZOUAIMIA ,le droit de la concurrence ,édition Belkeise ,2012,p p 14-17.‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬تطور دور الدولة في المجال االقتصادي في الجزائر‬


‫انطالقا من كون القانون العام االقتصادي يعبر عن تدخل الدولة في النشاط االقتصادي تبدو‬
‫أهمية التطرق إلى عالقة الدولة بنشاط االقتصادي على ضوء التجربة الجزائرية وتطور‬
‫دورها في هذا المجال من المقاول إلى المساهم إلى المنظم ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الدولة المقاولة وتكوين القطاع العام االقتصادي‬
‫يقصد بالدولة المقاولة الدولة المسيطرة والمحتكرة للوظائف االقتصادية بالنظر القتناعها‬
‫بأنها المعنية بإحداث التنمية االقتصادية حيث تنفرد بتنظيم وتأطير االقتصاد من خالل جملة‬
‫من األعمال االدارية االنفرادية ‪.،‬برز هذا الدور بشكل واضح في ظل تبني الخيار‬
‫االشتراكي كنمط للتنمية االقتصادية ‪ ،‬وتجسد من خالل تكوينها لقطاع عام اقتصادي ‪.‬‬
‫صحيح أن تواجد الدولة في االقتصاد لتنظيمه يعد ضرورة ‪ ،‬ولكن تدخلها المفرط‬
‫وسيطرتها على المجال االقتصادي وتضييقها على االستثمار أدى ذلك الحقا إلى فشلها في‬
‫إدارة االقتصاد بالرغم من اإلصالحات التي قامت بها ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬عالقة الدولة بالنشاط االقتصادي قبل التسيير االشتراكي‬
‫غداة االستقالل لم تكن عالقة الدولة بالنشاط االقتصادي واضحة ‪ ،‬فال هي كانت بالدولة‬
‫الحارسة وال بالدولة المتدخلة ‪ ،‬فقد كانت أوضاعها متردية في جميع المجاالت ‪ ،‬ليس فقط‬
‫المجال االقتصادي ‪ ،‬نتيجة سياسات المطبقة من االستعمار ‪ ،‬لم تكن لديها ال أموال وال‬
‫كفاءات ‪،‬وال مؤسسات ‪ ،‬وال خبرات ‪ ...‬خلف لها المستعمر عديد المؤسسات والشركات‬
‫التي كان قد أنشأها من اجل استنزاف الثروات الجزائرية ‪.‬‬
‫لم يكن للدولة خيار ‪ ،‬فتحت المجال لالستثمار األجنبي بمقتضى قانون ‪ ،1 277-63‬بغية‬
‫االستفادة من األموال والخبرات األجنبية في محاولة لتأسيس الدولة ‪،‬حيث كانت تسهر على‬
‫عدم المساس بمصالح االستثمار األجنبي في إطار تدخلها في المجال االقتصادي ‪ ،‬لكن‬
‫سرعان ما تراجعت عن هذا الموقف سنة ‪ 1966‬وأغلقت األبواب في وجه االستثمار‬
‫بمقتضى األمر ‪ 2284-66‬واحتكرت بذلك الدولة المبادرة الخاصة بتحقيق مشاريع‬
‫االستثمارات‪ .‬على اعتبار هي من سيتولى تحقيق التنمية والتطور على كافة األصعدة ‪.‬لتبدو‬
‫بذلك مالمح دور الدولة المقاولة ‪.‬‬
‫شكلت المؤسسات الصناعية والزراعية التي هجرها المعمرون غداة االستقالل اللبنة‬
‫األولى للقطاع العام االقتصادي ‪ ،‬حيث مرت هذه المؤسسات بأزمة حادة نظرا لعدم وجود‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪ ، 53‬ص ‪. 774‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪ ، 80‬ص ‪. 1202‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫إطارات وأجهزة قادرة على التسيير مما أدى إلى شل نشاط المؤسسات ‪،‬لذا قامت مجموعة‬
‫من العمال وبطريقة تلقائي ة بتسيير المؤسسات المعلن عن شغورها فيما بعد ‪،‬وقد أضفت‬
‫السلطة العامة الشرعية على هذا األسلوب في التسيير وأطلقت عليه التسيير الذاتي وقد‬
‫صدر في هذا الشأن عدة نصوص قانونية منها‪:‬األمر ‪ 02-62‬مؤرخ في ‪1962/08/21‬‬
‫متعلق بتسيير وحماية األمالك الشاغرة‪ ،‬المرسوم ‪ 38/62‬المؤرخ في ‪1962/11/23‬‬
‫المتعلق بلجان التسيير في المؤسسات الصناعية الشاغرة‪ ،‬والمرسوم ‪ 88-63‬مؤرخ في‬
‫‪ 1963/12/23‬المتعلق بتنظيم األمالك الشاغرة ‪ ،‬والمرسوم ‪ 95/63‬مؤرخ في‬
‫‪ 1963/12/18‬المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات المسيرة ذاتيا ‪،‬في إطاره انتقلت ملكية‬
‫المؤسسات الشاغ رة إلى المجموعة الوطنية ‪.‬مما عبر عن نية السلطة آنذاك في التراجع‬
‫عن هذا األسلوب في التسيير‪. 1‬‬
‫تميز تنظيم المؤسسة المسيرة ذاتيا في ظل هذه األحكام بهيمنة العمال على أجهزتها وانفراد‬
‫الدولة بتعيين مديرها الذي يخضع للسلطة الرئاسية ولتعليمات اإلدارة المركزية‪.‬‬
‫يمكن القول أن النشاط االقتصادي للدولة في هذه الفترة فرضته الظروف الخاصة التي‬
‫عاشتها الجزائر حيث كان ال يعكس أي توجهات اقتصادية تتماشى وأشكال التدخل ‪ ،‬كذلك‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن ضعف الموارد المالية قيد نشاط الدولة في القيام بأي مبادرة ذات‬
‫أهمية ‪.‬‬
‫التدخالت ا القتصادية للدولة أخذت عدة أشكال‪ ،‬تعتبر في مجملها أشكال تقليدية لتدخالت‬
‫الدولة في االقتصاد الرأسمالي‪ : 2‬وذلك في إطار هيئات عامة ذات طابع إداري‪ ،‬هيئات‬
‫عامة ذات طابع صناعي وتجاري – شركات الدولة – أو شركات مختلطة ‪ ،‬بوجه عام‬
‫هذه الهيئات كانت منظمة ومهيكلة على نمط التشريع الفرنسي ‪.‬‬
‫تعدد أشكال تدخالت الدولة كان مكرس من الناحية القانونية بإصدار أكثر من ‪ 100‬قانون‬
‫وأمر ومرسوم بين ‪ 1966-1962‬مست خصوصا إنشاء وتنظيم المؤسسات العمومية‪.3‬‬
‫وكان المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري ‪ ،‬والشركات الوطنية الشكلين‬
‫األكثر استعماال في تدخالت الدولة‬
‫‪-‬المؤسسة العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري‪.‬‬
‫تعتبر المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري شكل من الالمركزية الوظيفية‬
‫تسمح للدولة بتسيير المرافق العامة وذلك بطريقة مرنة تختلف عن نمط التسيير اإلداري‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عجة الجياللي ‪ :‬قانون المؤسسات العمومية االقتصادية من اشتراكية التسيير إلى الخوصصة ‪ ،‬دار الخلدونية للنشر ‪ ، 2006 ،‬ص ‪. 13،12‬‬
‫‪ -‬رشيد واضح ‪:‬المؤسسة في التشريع الجزائري ‪ ،‬بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬دار هومه ‪ ، 2003 ،‬ص ‪. 58‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- François .BORELLA, op-cit ,p 557.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-- François .BORELLA , op-cit , p569.‬‬

‫‪15‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫تتسم هذه الصيغة لتدخل الدولة في النشاط االقتصادي ‪ ،‬بتركيز كل صالحيات اإلدارة بيد‬
‫الجهاز التنفيذي التابع لإلدارة المركزية في ظل غياب مشاركة العمال ‪ ،‬حيث يحوز المدير‬
‫العام على كل الصالحيات إلى جانب مجلس اإلدارة يتألف من ممثلين عن الدولة والحزب‬
‫صالحياته شكلية وتختلف باختالف طبيعة ونشاط كل المؤسسة ‪.‬‬
‫هذه الصيغة لتدخل الدولة في المجال االقتصادي تم استعمالها في وضعين ‪:‬‬
‫‪ ‬كمؤسسة عامة مكلفة بتسيير نشاط تحت رقابة الدولة ‪:‬‬
‫حيث ظهر في هذا الصدد كل من‪ :‬الصندوق الجزائري للتامين وإعادة التامين بمقتضى‬
‫القانون ‪8‬جوان ‪ ،1963‬الهيئة الوطنية للملكية الصناعية مرسوم ‪ 10‬اكتوبر‪، ... 1963‬‬
‫‪ ‬كمؤسسة عمومية تتمتع بجانب من االستقاللية ‪ ،‬لها دور تسيير وإدارة االقتصاد ‪،‬‬
‫منها ‪:‬‬
‫الهيئة الوطنية للسياحة مارس ‪ ، 1963‬البنك المركزي الجزائري ديسمبر‪ ، 1962‬الهيئة‬
‫الوطنية للصيد ‪ ، 1963‬الهيئة الوطنية للنقل ‪ ، 1963‬المكتب الجزائري للبترول ‪1962‬‬
‫‪،‬الصندوق الوطني للتوفير واالحتياط ‪. 1964‬‬
‫‪-‬الشركات الوطنية ‪:‬‬
‫اعتبرت صيغة الشركات الوطنية آنذاك وسيلة مفضلة لضمان تدخل الدولة في النشاط‬
‫االقتصادي وتامين انجاز المشاريع المخططة ‪ ،‬حيث أنشأت الدولة منذ سنة ‪ 1964‬العديد‬
‫منها ‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫جديدة‬ ‫أنشطة‬ ‫وتطوير‬ ‫لتسيير‬ ‫الشركات‬ ‫من‬
‫…‪SONATRACH ,SOMEA,SONACO,SEMPAC ,SONATIBA,SONITEX‬‬

‫إال انه هذا التدخل للدولة في المجال االقتصادي في إطار صيغة الشركة الوطنية لم يكن‬
‫يستجيب لالحتياجات للضرورية ‪،‬بسبب غياب منطق واضح لهذا التدخل الذي كان خاضع‬
‫للظروف والضرورات الميدانية ‪.‬‬
‫رغم ذلك كانت صيغة الشركات الوطنية أكثر انتشارا بسبب االستثمارات العديدة للدولة‬
‫أساسا في مجال إنتاج السلع ‪ ،‬خصوصا بعد التراجع عن صيغة المؤسسة العامة ذات الطابع‬
‫الصناعي والتجاري ‪ ،‬وقيام الدولة بتأميم العديد من الشركات األجنبية‪.‬‬
‫عرف تنظيم الشركات الوطنية عدة أنماط ‪:‬‬
‫‪-‬النمط األول لتنظيم الشركات الوطنية يكون له مجلس إدارة كما هو الشأن في شركات‬
‫المساهمة واعتبرت هذه الشركات بمثابة ‪-‬شركة مساهمة بأموال عمومية‪-‬على غرار‬
‫‪SONATRACH‬‬

‫‪16‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫النمط الثاني لتنظيم الشركات الوطنية تقترب من تنظيم المؤسسة العامة ذات الطابع‬
‫الصناعي والتجاري مثل ‪SONACO‬‬

‫النمط الثالث لتنظيم الشركات الوطنية يقترب من تنظيم الهياكل ذات طابع سلطوي التي‬
‫يعهد فيها للمدير العام كل السلطات ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التسيير االشتراكي وبناء القطاع العام االقتصادي‬
‫بعد تكريس الخيار االشتراكي كنمط للتنمية االقتصادية تجلى بوضوح معالم دور الدولة‬
‫المقاولة ‪ ،‬و برز ذلك ب وجود إستراتيجية واضحة لتنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي‬
‫في ظل اقتصاد مخطط وموجه تحتكر في ظله الدولة المبادرة االقتصادية بإنشائها العديد من‬
‫المصانع و المؤسسات االقتصادية ‪.‬‬
‫وقد عبر ميثاق التسيير االشتراكي للمؤسسات المتضمن في األمر ‪ 74/71‬المؤرخ في‬
‫‪ 19711/11/16‬عن هذا التوجه الواضح لتدخل الدولة في المجال االقتصادي من خالل‬
‫محاولة توحيد شكل هذا التدخل وذلك باستحداث قالب المؤسسة االشتراكية ‪ ،‬بدال من صيغ‬
‫التدخل السابقة ‪.‬‬
‫رغم محاولة تعميم تطبيق ميثاق التسيير االشتراكي على كل المؤسسات التابعة للدولة ليس‬
‫فقط في المجال االقتصادي على اعتبار أن األمر ‪ 74/71‬هو قانون إطار لكافة‬
‫المؤسسات‪ .‬إال أن تطبيقه اقتصر على المجال االقتصادي من خالل األمر ‪ 23/75‬المؤرخ‬
‫في ‪ 1975/04/29‬المتعلق بالنظام األساسي النموذجي للمؤسسات االشتراكية ذات الطابع‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫يقوم التنظيم االشتراكي للمؤسسات على عدة مبادئ منها ‪ :‬الملكية الجماعية ‪ ،‬مشاركة‬
‫العمال في التسيير ( المنتج المسير) ‪ ،‬الخضوع للمخطط حيث كانت المؤسسة االشتراكية‬
‫ذات الطابع االقتصادي تعد عون تنفيذي مكلف بانجاز األهداف المخططة‪.‬‬
‫والن القطاع العام االقتصادي كان مسيرا إداريا‪ ،‬فقد تم توحيد الجهة المختصة بإعطاء‬
‫التوجيهات والتعليمات حتى تتكرس اإلدارة المركزية لالقتصاد الوطني ‪.‬‬
‫تقوم المؤسسة االشتراكية على وجود عدة أجهزة ‪ :‬المدير ـ مجلس العمال ـ مجلس‬
‫المديرية ـ اللجان الدائمة للمؤسسة االشتراكية ـ ( ‪ 3‬لجان منبثقة عن مجلس العمال ولجنتين‬
‫عن مجلس العمال ومجلس المديرية)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪ ، 101‬ص ‪. 1350‬‬

‫‪17‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫في ظل هذه المرحلة رغم اآلثار السلبية المترتبة عن تطبيق التنظيم االشتراكي للمؤسسات‬
‫يمكن القول أن تدخل الدولة في المجال االقتصادي ساهم في بناء قاعدة اقتصادية واسعة إال‬
‫أن الفضل في ذلك يعود للريع النفطي ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬إعادة الهيكلة العضوية والمالية محاولة لإلصالح‬
‫بدا التفكير في إعادة الهيكلة كمحاولة لإلصالح‪ ،‬بعد رحيل السلطة الحاكمة آنذاك‬
‫والمصادقة على الالئحة التقييمية المنبثقة عن المؤتمر االستثنائي لجبهة التحرير المنعقد‬
‫مابين ‪ 19-15‬جوان ‪ ،1980‬بعد أن تم تقييم الوضعية االجتماعية واالقتصادية للبالد‬
‫للفترة الممتدة ما بين ‪ 1978- 1967‬طرف لجنة تابعة للحزب‪.‬‬
‫حيث أظهرت ا لالئحة الجوانب السلبية لنمط التنمية المتبع من قبل السلطة السابقة ورأت أن‬
‫هناك خلل هيكلي في بناء االقتصاد الوطني‪ ،‬إذ انه اقتصاد ريعي يتغذى على إرادات النفط‬
‫وان المؤسسة االشتراكية ال تهتم بالمرد ودية وال تسعى لتحقيق التراكم المالي بقدر سعيها‬
‫للمحافظة على ا لسلم االجتماعي كما عجزت عن تحقيق األهداف المرجوة منها في مجال‬
‫اإلنتاج والمر دودية المالية‪ ،‬بل فشلت حتى في التوصل إلى نفس النتائج المنجزة من قبل‬
‫الشركات الوطنية نظرا لضخامة حجمها وضعف أجهزة الرقابة وعجز الدولة عن السيطرة‬
‫والتحكم فيها ‪ ...‬حيث أضحت أداة سياسية لتحقيق تصورات ظرفية ‪ ،‬ضعف نظام التوجيه‬
‫االقتصادي وثقله وإفراطه ‪.‬‬
‫لذا اقترحت اللجنة أسلوب إعادة الهيكلة كحل الزمة المؤسسة االشتراكية والذي تم اعتماده‬
‫من قبل السلطة العمومية بمقتضى المرسوم ‪ 242-80‬المؤرخ في ‪،1980/10/04‬‬
‫ودمجت أحكامه ضمن المخطط الخماسي األول الصادر بموجب قانون ‪.11-80‬‬
‫تم من خالل إجراءات إعادة الهيكلة العضوية والمالية تفكيك المؤسسات االشتراكية‬
‫والفصل بين مؤسسات اإلنتاج والتوزيع‪ ،‬تقليص المساعدات المالية الممنوحة للمؤسسات إال‬
‫في حدود األعباء المرفقية ‪،‬حيث ألزمت المادة ‪7‬من قانون المالية ‪ 1983‬كافة المؤسسات‬
‫بالتغطية الذاتية لنفقاتها من خالل سياسة التقشف التي تم تبنيها في سبيل الوظيفة االقتصادية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬وتعزيز الرقابات المفروضة على المؤسسة وهذا مع استمرارية العمل باألمر‬
‫‪.174-71‬‬
‫إال أن اإلصالحات التي قامت بها السلطة في مرحلة إعادة الهيكلة ومع أزمة انهيار أسعار‬
‫النفط لسنة ‪ 1986‬التي كشفت عن هشاشة تنظيم االقتصاد الوطني‪ .‬وتسيير القطاع العام‬
‫االقتصادي نظرا لآلثار الجسيمة التي ترتبت عنها‪ ،‬حيث تسبب في اختالل موازين‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عجة الجياللي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 31 ، 30‬‬

‫‪18‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫المدفوعات ‪ ،‬انخفاض كبير في اإليرادات الخارجية من العملة الصعبة‪ ،‬وارتفاع معدل‬


‫التضخم وزيادة كبيرة في حجم الديون‪...‬الخ‬
‫هذه األزمة كشفت حقيقة عن سوء تنظيم االقتصاد الوطني وعن فشل الدولة في تسيير‬
‫القطاع العام االقتصادي بسبب نمط التسيير اإلداري ‪ ،‬حيث عجزت المؤسسات عن تحقيق‬
‫الفعالية والمردودية المطلوبة والتراكم المالي نظرا لعدة مشاكل عانت منها المؤسسات‬
‫نذكر منها ‪:‬‬
‫‪-‬أن المؤسسات لم يكن لها كيان قانوني مستقل عن الدولة نظرا لعدم الفصل بين المالك (‬
‫الدولة ) والمسير ( إدارة المؤسسة ) حيث احتفظت السلطة االشتراكية بسلطة القرار ‪ ،‬وما‬
‫ترتب عنه من عدم الفصل بين الذمة المالية للدولة الذمة المالية للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬رغم أن األمر ‪ 74-71‬نص على توحيد جهة الوصاية إال أن المؤسسات خضعت للعديد‬
‫من جهات الوصاية‪ ،‬حيث خضعت لكتابة الدولة للتخطيط فيما يتعلق باالستثمار‪ ،‬ولوزارة‬
‫التجارة فيما يتعلق بتحديد سعر المنتوج وللوزارة المشرفة على القطاع فيما يخص تعيين‬
‫أجهزة التسيير‪.‬‬
‫‪ -‬خضوع المؤسسات لرقابات عديدة داخلية وخارجية‪ ،‬كالرقابة الوصائية التي قيدت‬
‫المؤسسة بشكل كبير في نشاطها االقتصادي‪ ،‬نظرا للتدخل المستمر ألجهزة الدولة عن‬
‫طريق إصدار تعليمات إدارية دون مراعاة انعكاس ذلك على المردودية ‪ ،‬إلى جانب رقابة‬
‫البرلمان‪ ،‬رقابة مجلس المحاسبة ‪...،‬تغليب األولوية االجتماعية على األولوية االقتصادية ‪.‬‬
‫هذا إن دل على شيء إنما يدل على فشل دور الدولة المقاولة في إدارتها للقطاع العام‬
‫االقتصادي استنادا لمنطق القانون العام رغم محاوالت التمسك بهذا الدور في إطار‬
‫إجراءات إعادة الهيكلة ‪ ،‬في هذا السياق ظهرت بوادر التغيير وضرورة إعادة النظر قي‬
‫عالقة الدولة بالنشاط االقتصادي ذلك أن فشلها حتم عليها االنسحاب من التسيير المباشر‬
‫للقطاع العام االقتصادي ومنح االستقاللية للمؤسسات بإخراج المؤسسات من فلك اإلدارة‬
‫وإخضاعها لمنطق القانون الخاص‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تغيير دور الدولة إلى المساهمة والضابطة‬
‫أعلنت اإلصالحات االقتصادية التي تضمنتها قوانين االستقاللية عن معالم الدور الجديد‬
‫للدولة في إدارة القطاع العام االقتصادي والذي جاء في سياق التوجه نحو اقتصاد السوق‬
‫برز هذا الدور من خالل انسحابها التدريجي من االقتصاد ‪ ،‬وفتح المجال للمبادرة الخاصة‬
‫ومع ذلك يبقى تواجدها ضروري لضمان استقرار االقتصاد بفرض التنظيم االقتصادي‪- ،1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Rachid ZOUAIMIA , Le droit de la concurrence ,op-cit , p 13.‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الضبط االقتصادي – لذا يجب عقلنة هذا التواجد بالحد من التدخل المفرط من قبلها والذي‬
‫يهدد الفعالية االقتصادية‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الدولة المساهمة واالنسحاب من التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي‬
‫تقلص دور الدولة في المجال االقتصادي بمقتضى اإلصالحات االقتصادية لسنة ‪1988‬‬
‫عموما وتغيرت عالقتها الدولة بالقطاع العام االقتصادي تبعا للتغيير الواقع في مفهوم الدولة‬
‫الذي يفرق بين الدولة كسلطة عامة والدولة كمساهم ‪ ،‬بعد منح االستقاللية للمؤسسات‪.‬‬
‫ليتحرر بذلك القطاع العام االقتصادي من التسيير اإلداري ليتم إخضاعه لمنطق السوق‪.‬‬
‫حيث تنقطع عالقة الدولة كسلطة عامة بالمؤسسات‪ ،‬في حين تبقى عالقتها كمساهمة‬
‫بالمؤسسات ع ا ولكن بشكل غير مباشر‪.‬‬
‫اقتضت إصالحات االستقاللية لسنة ‪ 1988‬إذن‪ ،‬ضرورة التغيير في دور الدولة في المجال‬
‫االقتصادي من المقاولة المحتكرة للمبادرة االقتصادية إلى مجرد المساهمة المنسحبة من‬
‫التسيير المباشر للقطاع العام االقتصادي ‪.‬‬
‫الدولة المساهمة فكرة تقوم أساسا على تقليص دور الدولة في االقتصاد وحصره في إطار‬
‫المساهمة ‪،‬فتكون بذلك كمساهم عادي يستثمر أمواله وفقا لقواعد التجارة ‪ ،‬ويخضع‬
‫اللتزامات التجار ‪ ،‬ولكنه ال يقوم بالتسيير المباشر ألسهمه‪ ،‬بل يوكل هذا األمر إلى هياكل‬
‫متخصصة ‪ ،‬تحول لها حقها في ملكية األسهم ‪. 1‬‬
‫جاء هذا في سياق التصور الجديد لملكية الدولة الذي يفرق بين ملكية الدولة شكل اعلي‬
‫للملكية االجتماعية غير قابل للتصرف فيه غير قابل للحجز عليه غير قابل للتنازل عنه ‪،‬‬
‫وملكية الدولة لألموال في إطار العالقات التجارية ‪ ،‬هذه التفرقة التي سمحت بإمكانية‬
‫التمييز بين ميزانية الدولة من جهة والرأسمال االجتماعي خزينة المؤسسة من جهة أخرى‪.2‬‬
‫هذا التصور الجديد لملكية الدولة سمح بالتفرقة بين وظائف الدولة كسلطة عامة ووظائفها‬
‫كمالكة لألموال التجارية أو مساهمة‪.3‬‬
‫– دور المساهم – لم يكن ليتجسد لوال‬ ‫هذا الدور الجديد للدولة في المجال االقتصادي‬
‫االقتصادي ‪ ،‬هذه االستقاللية التي برزت‬ ‫تكريس استقاللية المؤسسات التابعة للقطاع العام‬
‫عليها الميثاق الوطني لسنة ‪ 1986‬ضمن‬ ‫مالمحها قبل إصدار قوانين ‪ ، 1988‬حيث نص‬
‫أشار إلى " ضرورة منح المزيد من‬ ‫المبادئ العامة لتنظيم االقتصاد الوطني حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rapport général relatif a l’autonomie de l’entreprise ,,R.A.S.J.E.P , n0 1 ,1988 ,p 231.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid ,p 223.‬‬
‫‪-BOUDRA Belgacem , « Le régime juridique de l’entreprise publique économique » ,R.A.S.J.E.P , n0 2 ,1993‬‬
‫‪,p 247.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ibid ,p 247.‬‬

‫‪20‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫االست قاللية للمؤسسات االقتصادية قصد تحسين فعاليتها سواء على مستوى نموها الخاص‬
‫أو على مستوى مساهمتها في التنمية االقتصادية واالجتماعية بصفة شاملة ‪...‬عن طريق‬
‫التحكم أفضل في قواعد التسيير ‪ . 1"...‬سمحت االستقاللية بالفصل بين الدولة والمؤسسات‬
‫على الرغم من بقاء الدولة مالكة لألموال ‪ ،‬فال يمكنها التدخل في تسيير المؤسسات ‪ ،‬لذا‬
‫استعانت وهياكل وسيطة سهلت لها هذا االنسحاب من التسيير المباشر وخولت لها تسيير‬
‫وإدارة أموالها في المؤسسات ع ا ‪.‬‬
‫أضحت المؤسسة في ظل هذا الدور الجديد للدولة بعد منحها االستقاللية وتحريرها من كافة‬
‫أشكال الرقابات السابقة وتحويلها من مؤسسة اشتراكية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية ‪،‬‬
‫شخص معنوي قائم بذاته خاضع للقانون الخاص منظم في شكل الشركة التجارية ‪ ،‬لها‬
‫حرية اتخاذ القرار ‪.‬‬
‫جاء هذا التغيير الجذري في تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي بمقتضى قوانين‬
‫االستقاللية ‪:‬‬
‫قانون ‪ 01-88‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية‬ ‫‪‬‬
‫قانون ‪ 02-88‬المتضمن قانون التخطيط‬ ‫‪‬‬
‫قانون ‪ 03-88‬المتعلق بصناديق المساهمة‬ ‫‪‬‬
‫قانون ‪ 04-88‬المتضمن أحكام القانون التجاري المطبقة على المؤسسات العمومية‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادية‪.2‬‬
‫وقد صاحب هذا التغيير تغيير في المنظومة القانونية للدولة ككل حيث تم تعديل الكثير من‬
‫القوانين وحتى الدستور في هذه الفترة من اإلصالحات حتى تواكب التوجه الجديد للدولة في‬
‫المجال االقتصادي الذي تم في إطاره فتح المجال لالستثمار ‪.‬‬
‫قد استمر دور الدولة المساهمة رغم التخلي عن إصالحات االستقاللية نظرا لفشلها في‬
‫تحسين مرد ودية المؤسسات وحتى وضع حد لتدهور األوضاع االقتصادية والمالية لها‪.‬‬
‫واعتماد إصالحات اقتصادية جديدة ‪ ،‬والتي جاءت في سياق إعادة الجدولة وإبرام اتفاق‬
‫التسوية الهيكلية مع الهيئات المالية الدولية‪ ،‬التي فرضت على الجزائر ضرورة االنسحاب‬
‫الشامل للدولة من النشاط االقتصادي ‪ ،‬وتبني سياسات التحرير االقتصادي ( تحرير‬
‫المنافسة ‪ ،‬تحرير األسعار ‪ ،‬تحرير التجارة الخارجية ‪ )...‬وإعادة تنظيم القطاع العام‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادي وضرورة تكريس الخوصصة ‪...‬‬
‫هذه اإلصالحات االقتصادية برزت من خالل‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني لسنة ‪ ، 1986‬حزب جبهة التحرير الوطني ‪ ،‬األمانة الدائمة للجنة المركزية ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪ 2‬لسنة ‪. 1988‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- SADI Nacer-Eddine :La privatisation des entreprises publiques en Algérie ,2 éme ed ,OPU,2006, p 48 .‬‬

‫‪21‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬المادتين ‪ 25-24‬من قانون المالية التكميلي لسنة ‪1994‬‬


‫‪ ‬األمرين ‪ 22-95‬المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية و ‪ 25-95‬المتعلق بتسيير‬
‫رؤوس األموال التجارية التابعة للدولة‬
‫‪ ‬ثم بعد ذلك األمر ‪ 04-01‬المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫وتسييرها وخوصصتها ‪.‬‬
‫تم في ظل هذه اإلصالحات تغيير الهياكل الوسيطة المسيرة لمساهمات الدولة في المؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية ‪ ،‬وتغيير الهياكل الممثلة للدولة المساهمة‬
‫صحيح انه في سياق كل هذه اإلصالحات االقتصادية منذ ‪ 1988‬إلى الوقت الحالي ليس‬
‫للدولة كسلطة عامة عالقة بالمؤسسات ع ا ال بشكل مباشر وال بشكل غير مباشر ‪ ،‬مع ذلك‬
‫يبقى لها دور في المجال االقتصادي يبدو في القيام بأنشطة وصالحيات عدة قطاعات‬
‫وزارية‪:‬‬
‫أنشطة التخطيط والترتيب األفقي ( المالية ‪ ،‬التجارة ‪ ،‬التخطيط ‪ ،‬التهيئة العمرانية ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫العمل )‬
‫وظيفة التجهيز والتي تضم األنشطة التالية ‪ :‬الري ‪ ،‬الهياكل القاعدية ‪ ،‬هياكل الطاقة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،‬البناء والتعمير ‪ ،‬البريد والمواصالت ‪.‬‬
‫وظيفة اإلنتاج في القطاعين الصناعيين ( الصناعة الثقيلة والخفيفة ‪ ،‬الفالحة )‬ ‫‪-‬‬
‫وظيفة اجتماعية تضم نشاطات الصحة ‪ ،‬التربية ‪ ،‬التكوين ‪ ،‬العمل ‪ ،‬الشؤون‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية ‪ ،‬الثقافة ‪ ،‬السياحة ‪.‬‬
‫إلى جانب دور الدولة المساهمة في المجال االقتصادي برز لها دور آخر هو دور الدولة‬
‫الضابطة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الدولة الضابطة وتأطير النشاط االقتصادي‬
‫بعد انسحاب الدولة من النشاط االقتصادي وتحريره وفقا لمقتضيات المبدأ‬
‫الدستوري " حرية الصناعة والتجارة ‪،‬كان من الضروري تأطير وضبط النشاط االقتصادي‬
‫لفائدة السوق ‪،‬بعد إعادة النظر في وظائف الدولة بتخليها عن مجال الضبط االقتصادي‬
‫محاولة منها في التأقلم مع التحوالت العالمية الجديدة باعتماد قواعد وأساليب جديدة لتنظيم‬
‫الحياة االقتصادية من خالل استحداث أجهزة جديدة ضمن النظام اإلداري عرفت" بالسلطات‬
‫اإلدارية المستقلة "‪،‬تعنى بضبط النشاط االقتصادي‪ ،‬كل منها في القطاع مكلفة بضبطه‬
‫‪،‬تتميز عن اإلدارة التقليدية بعدم خضوعها ألي سلطة رئاسية أو وصاية إدارية‪ ،‬مما‬
‫يجعلها تتمتع باالستقاللية عن السلطة التنفيذية‪ ،‬مع خضوعها للرقابة القضائية‪ ،‬واستحواذها‬
‫على سلطات واسعة في مجال الضبط االقتصادي‪ ،‬استشارية تنظيمية قمعية تنازعية وتبتعد‬
‫‪22‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫في مفهومها عن الهيئات االستشارية والهيئات اإلدارية التقليدية وهكذا تم فتح المجال‬
‫تدريجيا أمام المنافسة الحرة في القطاعات االقتصادية بما فيها تلك التي تعتبر إستراتجية‪.‬‬
‫إال أن وظيفة الضبط االقتصادي ال تجسد غياب الدولة التام وسلطانها في ضبط‬
‫ممارسة النشاط االقتصادي بل دورها يبقى قائما في تنظيم ممارسة المهن واألنشطة ‪.1‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم الضبط‬
‫مصطلح الضبط ‪ The régulation‬هو من أصل انجليزي ظهرت ‪،‬بعد التدهور‬
‫الكبير الذي عرفه االقتصاد العالمي ‪،‬أين ظهرت الحاجة إلى وضع مجموعة من الهيئات‬
‫من اجل رقابة السوق والسير الحسن للمنافسة ومن ثمة تفادي الوضعيات االحتكارية‬
‫وتاطير السوق ‪،‬فتم إنشاء السلطات اإلدارية المستقلة في و‪.‬م‪.‬ا وبداية ثم بريطانيا بعد ذلك‬
‫فرنسا وأروبا بشكل عام‬
‫فمصطلح الضبط في اللغة الفرنسية يحمل معنى الدور الجديد للدولة في المجال‬
‫االقتصادي مجسدة بأجهزة مستحدثة غير تلك التقليدية المعروفة وال يقصد به التنظيم‬
‫‪ ،réglementation‬الن هذا األخير يعتبر جزء أو مهمة من مهام الضبط وقد استعمل‬
‫‪ régulation‬في القانون‬ ‫المشرع الجزائري مصطلح الضبط ‪:‬‬
‫الجزائري ألول مرة في القانون ‪ 12-89‬المتعلق باألسعار بنصه في اللغة الفرنسية وترجم‬
‫للعربية بكلمة تنظيم ‪،‬وحتى سنة ‪ ،2008‬عرفه المشرع من خالل المادة ‪2 03‬من القانون‬
‫‪ 12-08‬المتعلق بالمنافسة بأنه‪ :‬كل إجراء تتخذه هيئة عمومية ‪،‬يهدف إلى ضمان توازن‬
‫السوق وعمل المنافسة الحرة ‪،‬ورفع الحواجز التي بإمكانها إعاقة الدخول إليه وحسن سيره‬
‫وكذا باالستغالل االقتصادي األمثل لموارد السوق عن طريق مختلف الفاعلين‪.‬‬
‫يعتبر مفهوم الضبط مصطلح حديث الظهور في المجال القانوني يندرج ضمن‬
‫قانون الضبط الذي يوازن في مفهومه بين قواعد المنافسة الحرة وقواعد القانون العام وإذا‬
‫كانت مهمة الضبط التي بموجبها يقام التوازن بين حقوق والتزامات كل طرف في السوق‬
‫مهمة قاعدية مشتركة بين مختلف سلطات الضبط ‪،‬فان لكل منها قطاع مكلفة بضبطه‪.3‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬سلطات الضبط االقتصادي‬
‫تعد سلطات الضبط االقتصادي استجابة قانونية لخلفية اقتصادية محصنة تتجسد في‬
‫طبيعة الدور االقتصادي الجديد للدولة‪ ،‬والذي استدعى بعد انسحاب هذه األخيرة من‬
‫‪1‬‬
‫‪-Rachid ZOUAIMIA : Droit de la régulation économique ,Berti ed , 2006,p 13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ – 3‬ه من القانون ‪ 12-08‬المعدل والمتمم لألمر ‪ 03-03‬المتعلق بالمنافسة " الضط‪ :‬كل إجراء أيا كانت طبيعته صادر أية هيئة‬
‫عمومية يهدف بالخصوص إلى تدعيم وضمان توازن قوي في السوق ‪ ،‬وحرية المنافسة ‪ ،‬ورفع القيود التي بإمكانها عرقلة الدخول إليها‬
‫وسيرها المرن وكذا السماح بالتوزيع االقتصادي األمثل لموارد السوق بين مختلف أعوانها وذلك طبقا ألحكام هذا األمر "‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬وليد بوجملين ‪ :‬سلطات الضبط االقتصادي ‪ ،‬دار بلقيس للنشر ‪ ، 2011 ،‬ص ‪7‬‬

‫‪23‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫وظائف التسيير المباشر والمراقبة ‪،‬إيجاد شكل مؤسساتي جديد ينوب عن الدولة في أسهم‬
‫على حسن سير السوق والمنافسة وضبط األنشطة ‪،‬فيعتبر مصطلح سلطات الضبط مفهوم‬
‫جديد في القانون الوضعي‪ ،‬حيث يكرس ألول مرة قطيعة مع التقسيمات التقليدية التي درج‬
‫الفقه اإلداري على تبنيها في نظرية التنظيم اإلداري على غرار اإلدارة المركزية‪ ،‬اإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬الهيئات العمومية بمختلف أنواعها‪ ،‬فهو يمثل شكل جديد غير معهود في القانون‬
‫اإلداري التقليدي وقد تم إنشاء أول لجنة مستقلة من طرف الكونغرس في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية سنة ‪ 1889‬في حين كان ظهور سلطات الضبط في فرنسا من خالل اللجنة‬
‫الوطنية لإلعالم اآللي والحريات سنة ‪.1978‬‬
‫إال أن األمر تأخر نوعا ما في الجزائر إلى غاية ‪ 1990‬أين انشأ المشرع أول سلطة‬
‫ضبط مستقلة هي المجلس األعلى لإلعالم‪ ،1‬ثم استمر إنشاء سلطات ضبط في نفس السنة‬
‫تم إنشاء مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية‪ 2‬المكلفتان بضبط المجال المالي ‪،‬وسنة‬
‫‪ 1993‬انشأ المشرع سلطة أخرى هي لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها ‪،3‬وبعدها‬
‫انشأ مجلس المنافسة‪ 4‬سنة ‪، 1995‬و الذي يعمل على ترقية المنافسة الحرة وحمايتها من‬
‫مختلف الممارسات المنافية لها ‪،‬وفي سنة ‪ 2000‬قام المشرع بإنشاء سلطة ضبط البريد‬
‫والمواصالت السلكية والالسلكية‪ 5‬كذلك في قطاع المناجم كان إنشاء الوكالة الوطنية‬
‫للممتلكات المنجمية والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية ‪، 6 2001‬ثم سلطة‬
‫ضبط الكهرباء والغاز‪ 2002 7‬سلطة ضبط النقل وفي ‪ 2005‬سلطة ضبط المياه ‪ 8‬ثم‬
‫الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلى جانب هيئة ضبط في مجال التامين ‪...‬الخ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى انه ليس لسلطات الضبط نظام موحد‪ ،‬حيث نجد تكوينها وطريقة تعيين‬
‫أعضائها وكذا الطرق التي تؤمن استقالليتها تختلف من سلطة ألخرى ‪،‬إضافة إلى انه من‬
‫بين السلطات من تتمتع بالشخصية المعنوية ومنها من ال يتمتع بها‪.9‬‬
‫ويعتبر مجلس المنافسة سلطة ضبط ذات اختصاص عام فهو أداة لحماية السوق من‬
‫الممارسات المنافية للمنافسة فهو يضبط وينظم الحياة االقتصادية التي تسود فيها المنافسة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 50‬من القانون ‪ 07-90‬المؤرخ في ‪ 3‬افريل ‪ 1990‬المتعلق باإلعالم ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 14‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 10- 90‬المؤرخ في ‪ 14‬افريل ‪ 1990‬المتعلق بالنقد والقرض ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 16‬معدل ومتمم باألمر ‪01-01‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري‬
‫‪ ، 2001‬ج ر عدد ‪ 14‬واألمر ‪ 11-03‬المؤرخ في ‪26‬اوت ‪ ، 2003‬ج ر عدد ‪. 52‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرسوم التشريعي ‪ 10-93‬المؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ 1993‬متعلق ببورصة القيم المنقولة ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 34‬معدل ومتمم بالقانون ‪ 04-03‬المؤرخ‬
‫في ‪ 17‬فيفري ‪ ، 2003‬ج ر ‪. 11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬األمر ‪ 06-95‬المؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ 1995‬المتعلق بالمنافسة ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 9‬معدل ومتمم باألمر ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ، 2003‬ج‬
‫ر عدد ‪ 42‬ومعدل ومتمم بالقانون ‪ 12-08‬مؤرخ في ‪ 25‬جوان ‪ ، 2008‬ج ر عدد ‪. 36‬ومعدل ومتمم بالقانون ‪ 05-10‬مؤرخ ‪ 19‬جويلية ‪2010‬‬
‫‪ ،‬ج ر عدد ‪. 46‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 03-2000‬مؤرخ في ‪5‬اوت ‪ 2000‬متعلق بالقواعد العامة للبريد والمواصالت السلكية والالسلكية ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 48 ،‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 10-01‬مؤرخ في ‪3‬جويلية ‪ 2001‬متعلق بالمناجم ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 35‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 01-02‬مؤرخ في ‪ 5‬فيفري ‪ 2002‬متعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز عن طريق القنوات ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 8‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 12-05‬مؤرخ في ‪ 4‬أوت ‪ 2005‬متعلق بالمياه ‪ ،‬ج ر ‪. 6‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬وليد بوجملين ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.19 ،18‬‬

‫‪24‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الحرة ‪ ،‬أ ما سلطات الضبط أخرى هي سلطات ضبط قطاعية‪ ،‬تختص بضبط قطاع معين‬
‫دون غيره من القطاع‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬تنظيم وإدارة القطاع العام االقتصادي في إطار الدولة المساهمة‬
‫تغيير دور الدولة من مقاولة إلى مساهمة أدى إلى التغيير في تنظيم وإدارة القطاع العام‬
‫االقتصادي ‪،‬فبعد أن كانت تتدخل بشكل مباشر في تسيير المؤسسات االقتصادية ‪ ،‬لم يعد‬
‫بإمكانها التدخل في التسيير الذي أضحى يخضع لقواعد التجارة ‪،‬واستعانت بهياكل وسيطة‬
‫في ذلك لتتولى هذه األخيرة اإلشراف على تسيير مساهمات الدولة في المؤسسات ع ا باسم‬
‫ولحساب الدولة وكذا ممارسة حقها في الملكية ‪.‬‬
‫مومد‬ ‫الدولة المساهمة‬
‫ممد‬ ‫األجهزة الممثلة للدولة المساهمة‬
‫‪1‬‬
‫صم‬
‫شقع‬ ‫الهياكل الوسيطة‬
‫شتم د‬
‫المجمعات‬
‫المؤسسات ع ا‬

‫المبحث األول‪ :‬المؤسسات العمومية االقتصادية‬


‫برز مصطلح مؤسسة عمومية اقتصادية مع التشريعات المتضمنة الستقاللية المؤسسات‬
‫لسنة ‪ 1988‬يراد به الشركات التابعة للقطاع العام‪.‬‬
‫قبل أن نتعرف على النظام القانوني لهذه المؤسسات يتعين بداية التعريف بها وتمييزها عن‬
‫المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ص م ‪ :‬صناديق المساهمة‬
‫‪-‬ش ق ع ‪ :‬شركات قابضة عمومية‬
‫‪-‬ش ت م د ‪ :‬شركات تسيير مساهمات الدولة‬

‫‪25‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المؤسسة العمومية االقتصادية‬


‫الفرع األول ‪ :‬تعريف المؤسسة ع ا‬
‫تضمنت عدة نصوص ضمن القانون ‪ 01/88‬تعريف المؤسسة ع ا في المواد ‪، 4 ،3 ،2‬‬
‫‪ 1 5‬يستشف بعد اإلطالع على هذه النصوص أن ‪:‬‬
‫‪ -‬أن المؤسسة ع ا شخص من أشخاص القانون الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬أن المؤسسة ع ا وسيلة إلنتاج المواد والخدمات وتراكم رأسمال‪.‬‬
‫‪ -‬أن المؤسسة ع ا ومنظمة في شكل شركة مساهمة أو شكل شركة محدودة المسؤولية‬
‫يبدو أن المشرع وضع عدة معايير لتحديد مفهوم المؤسسة ‪ :‬معيار مادي ‪ ،‬معيار عضوي ‪،‬‬
‫ومعيار الشكل القانوني‬
‫معيار مادي ‪ :‬يبدو من خالل حصره لنشاط المؤسسة في إنتاج المواد والخدمات وتراكم‬
‫رأسمال ‪ ،‬بمعنى المؤسسة تهدف لتحقيق الربح وبالتالي تختلف عن شكل كل تنظيم ال‬
‫يهدف لتحقيق الربح ‪.‬‬
‫معيار عضوي ‪ :‬ويقوم على مبدأ الفصل بين المؤسسة والدولة كون المؤسسة أضحت‬
‫معنوي من أشخاص القانون الخاص منفصل عن الدولة ‪،‬يتمتع باستقاللية قانونية تجاه‬
‫المؤسسين الذين يمارسون عليه نفس نمط الرقابة الذي يمارسه عادة المساهمين (الذين‬
‫يملكون أغلبية األسهم)في شركات األموال‪.‬‬
‫معيار الشكل القانوني ‪ :‬ال يمكن أن تنظم المؤسسة ع ا قانونا سوى في شكل شركة مساهمة‬
‫أو شكل شركة محدودة المسؤولية ‪.‬‬
‫بعد تعديل المادة ‪ 5‬من القانون ‪ 01-88‬بمقتضى المادة ‪ 25‬من قانون المالية التكميلي لسنة‬
‫‪ 1994‬تغير تعريف المؤسسة ع ا نوعا ما ‪ ،‬حيث عرفت هذه المادة المؤسسات ع ا بأنها‬
‫شركات ذات رؤوس أموال تحوز فيها الدولة أو أشخاص القانون العام األغلبية المطلقة‬
‫للرأسمال االجتماعي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬المادة ‪ " 3‬تشكل المؤسسة العمومية االقتصادية في إطار عملية التنمية ‪،‬الوسيلة المفضلة إلنتاج المواد والخدمات وتراكم راس المال‪.‬وتعمل‬
‫هذه المؤسسة في خدمة األمة والتنمية وفق الدور والمهام المنوطة بها ‪ .‬وتتمتع بالشخصية المعنوية التي تسري عليها قواعد القانون التجاري‬
‫إال إذا نص صراحة على أحكام قانونية خاصة ‪".‬‬
‫المادة ‪" 4‬تتميز المؤسسة العمومية االقتصادية في مفهوم هذا القانون عن ‪ -1 :‬الهيئات العمومية بصفتها أشخاص معنوية خاضعة للقانون‬
‫العام ومكلفة بتسيير الخدمات العمومية ‪ -2 ،‬الجمعيات والتعاونيات والتجمعات األخرى" ‪.‬‬
‫المادة ‪ " 5‬المؤسسات العمومية االقتصادية شركات مساهمة أو شركات محدودة المسؤولية تملك الدولة و‪/‬أو الجماعات المحلية فيها مباشرة أو‬
‫بصفة غير مباشرة ‪ ،‬جميع األسهم و‪/‬أو الحصص ‪.‬ويتوقف االختيار بين احد الشكلين المن صوص عليهما أعاله على ميدان عملهما وأهميته في‬
‫التنمية االقتصادية ‪"...‬‬

‫‪26‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫وهو ما تأكد بصدور األمر ‪ 25-95‬الذي اعتبر المؤسسات ع ا شركات تجارية تخضع في‬
‫إنشائها وتنظيمها وسيرها لألحكام المتعلقة بشركات رؤوس األموال المنصوص عليها في‬
‫القانون التجاري ‪.‬‬
‫أما في ظل األمر ‪ 04/01‬اعتبرت المادة ‪ 2‬منه المؤسسات ع ا هي شركات تجارية تحوز‬
‫فيها الدولة أو أشخاص القانون العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية الرأسمال‬
‫االجتماعي وتخضع للقانون العام )‪ (Droit commun‬أما المادة ‪/5‬ف‪ 1‬أحالت إنشاء‬
‫المؤسسات ع ا وتنظيمها وسيرها ألحكام شركات رؤوس األموال المنصوص عليها في‬
‫القانون التجاري ‪.‬‬
‫الفر ع الثاني ‪ :‬تمييزها عن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‬
‫المؤسسة ال عمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والتي يطلق عليها لفظ "الهيئة " شخص‬
‫معنوي عام ‪ ،‬عرفه المشرع في المادة ‪ 44‬من القانون ‪ 01-88‬بنصها " عندما تتمكن هيئة‬
‫عمومية من تمويل االستغاللية جزئيا أو كليا عن طريق عائد بيع إنتاج تجاري ينجز طبقا لتعريفة معدة‬
‫مسبقا ولدفتر الشروط العامة الذي يحدد األعباء والتقيدات التي تعود على عاتق الهيئة والحقوق‬
‫والصالحيات المرتبطة بها وكذا عند االقتضاء حقوق وواجبات المستعملين ‪ ،‬فإنها تأخذ تسمية «هيئة‬
‫عمومية ذات طابع صناعي وتجاري »"‪.‬‬
‫يبدو أن المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تتميز عن المؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية ‪ ،‬من حيث كونها مرتبطة بهيئة إدارية تمارس عليها سلطة وصاية‪ ،‬كما أن لها‬
‫نظام قانوني مزدوج تخضع في عالقتها مع الدولة للقواعد المطبقة على اإلدارة في حين‬
‫تعد تاجرة في عالقاتها مع الغير وتخضع لقواعد القانون التجاري‪.1‬‬
‫تمول أنشطة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من األموال العامة وتؤدي‬
‫مهام من اجل المصلحة العامة ‪،‬وقد تمارس بعض امتيازات السلطة العامة ( نزع الملكية ‪،‬‬
‫إبرام الصفقات العمومية ‪...‬الخ )‬
‫يحدد تنظيم الهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ضمن القوانين األساسية‬
‫الخاصة بها والتي تحدد كذلك صالحياتها وقواعد عملها وهذا حسب المادة ‪ 46‬من القانون‬
‫‪ 01-88‬التي نصت على انه " يحدد الطابع التجاري والصناعي للهيئة العمومية وكذا قواعد‬
‫تنظيمها وسيرها بموجب عقد اإلنشاء والقوانين األساسية المتخذة وفق الشكل التنظيمي "‪ .‬وعليه‬
‫فان القانون لم يضع هيكل تنظيمي محدد لهذه الهيئات‪.‬‬
‫حسب ما هو جاري العمل به يشرف على إدارة هذه الهيئات جهازين ‪ :‬جهاز مداولة ‪،‬‬
‫جهاز تسيير ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 45‬من القانون ‪01-88‬‬

‫‪27‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬جهاز المداولة‪ :‬يسمى هذا الجهاز عادة "مجلس اإلدارة" يختلف عدد أعضاء هذا‬
‫المجلس من مؤسسة إلى أخرى ‪ ،‬وهم يمثلون الدولة في مجموعهم وإما الدولة‬
‫والمستخدمين والمستعملين ‪ ،‬يتم تعيينهم من طرف الدولة ‪.‬مبدئيا يحوز المجلس‬
‫صالحيات واسعة ذلك أن أغلبية القوانين األساسية لهذه المؤسسة "الهيئة"تخوله‬
‫مسؤولية ضمان سير إدارة المؤسسة ‪ ،‬إال أن صالحيات هذا المجلس تبقى مقيدة‬
‫بواقع الوصاية التي تخضع لها المؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬جهاز التسيير‪ :‬ويضم في الغالب كل من رئيس مجلس اإلدارة والمدير العام الذين‬
‫يتم تعيينهما إما بموجب مرسوم إذا تعلق باألمر بمؤسسة تابعة للدولة أو بمقتضى‬
‫مقرر يصدر إما عن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي عندما يتعلق األمر‬
‫بهاتين الجماعتين المحليتين ‪ .‬يقوم رئيس مجلس اإلدارة بدور شرفي ‪ ،‬إذ يستدعي‬
‫المجلس لالنعقاد ‪ ،‬ويضع جدول أعمال اجتماع المجلس بالتنسيق مع المدير العام‬
‫‪ ...‬في حين يتولى هذا األخير ( المدير العام ) كل السلطات الالزمة لضمان السير‬
‫الحسن للمؤسسة ‪ ،‬إال انه قد يصطدم عند أدائه لمهامه بترتيبات وإجراءات الوصاية‬
‫التي تتطلب مصادقة هذه األخيرة قبل أي تنفيذ للقرارات المتخذة ‪.‬‬
‫صحيح أن غرض المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري يقترب من غرض‬
‫المؤسسات ع ا – شركات تجارية‪ -‬وهو تحقيق الربح ‪ ،‬كذلك مواردها تتأتى من مداخيل‬
‫تحققها من بيع منتج أو خدمة ‪ ،‬وأساليب تسييرها تشبه أساليب المؤسسات الخاصة هذا ما‬
‫يبرز الطابع الصناعي والتجاري للمؤسسة ويجعلها تخضع لقواعد القانون الخاص‪ ،‬أعوان‬
‫المؤسسة يفتقدون صفة الموظف ويخضعون ألحكام قانون العمل إال أن هناك جوانب‬
‫تقترب فيها من المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري وتتميز من خاللها عن المؤسسات‬
‫ع ا ويتجلى ذلك من خالل ‪:‬‬
‫من منطلق كونها تمتع بامتيازات السلطة العامة ‪ ،‬يجوز لها اتخاذ قرارات إدارية‬ ‫‪-‬‬
‫تكون قابلة للطعن فيها أمام القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫أموال المؤسسة غير قابلة للحجز عليها إذا كان هذا المبدأ يحمي المؤسسة إال انه‬ ‫‪-‬‬
‫يحرمها من إمكانية الحصول على القروض البنكية‪.‬‬
‫ليس لها اللجوء للتحكيم إال في العالقات االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات‬ ‫‪-‬‬
‫العمومية ( المادة ‪ 1006‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية)‪.‬‬
‫عقودها المبرمة مع مستخدمي المرفق هي عقود خاصة وتخضع الختصاص‬ ‫‪-‬‬
‫القضاء العادي ‪ ،‬إال إذا تعلق األمر بصفقات عمومية موضوعها نفقات المؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري عندما تكلف بانجاز عملية ممولة كليا او‬

‫‪28‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫جزئيا بمساهمات مؤقتة أو نهائية من الدولة‪ ، 1‬تكون عقودها عامة وتخضع‬


‫الختصاص القضاء اإلداري‬
‫‪ -‬تخضع لمحاسبة مزدوجة ألحكام المحاسبة العامة وكذا ألحكام المحاسبة التجارية‬
‫بالنظر لتحصيلها إتاوات مقابل الخدمة المقدمة إلى زبائنها ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬النظام القانوني للمؤسسة العمومية االقتصادية‬
‫على اعتبار أن المؤسسة العمومية االقتصادية وكما سبق أن اشرنا هي شركة تجارية‬
‫تحوز فيها الدولة أو أشخاص القانون العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية الرأسمال‬
‫االجتماعي وتخضع ألحكام شركات رؤوس األموال المنصوص عليها في القانون التجاري‬
‫الفرع األول‪ :‬األحكام المتعلقة بإنشاء المؤسسة ع ا ‪ ،‬طبيعة رأسمالها وصفة المالك‬
‫استنادا ألحكام المادة ‪ / 5‬ف ‪ 1‬من األمر ‪ 04-01‬المعدل والمتمم " يخضع إنشاء المؤسسات‬
‫االقتصادية العمومية وتنظيمها وسيرها لألشكال التي تخضع لها شركات رؤوس األموال المنصوص‬
‫عليها في القانون التجاري ‪".‬‬
‫وعليه فإنشاء المؤسسة العمومية االقتصادية يخضع لألحكام ذاتها التي تخضع لها شركات‬
‫المساهمة‪ ،‬سواء بالنسبة للشروط الموضوعية أو الشكلية‪ ،‬فقط أعفاها المشرع من شرط‬
‫تعدد الشركاء‪ ،2‬ويكون تأسيسها إما باللجوء لالدخار العلني أو دون اللجوء لالدخار العلني‪،‬‬
‫وبما أن المؤسسة أعفيت من شرط تعدد الشركاء ‪ ،‬فمن يتولى شكليات وإجراءات تأسيسها‬
‫هل هو الشريك الوحيد ؟ ( الدولة )‬
‫في حقيقة األمر ال يتولى عملية التأسيس واإلنشاء الشريك الوحيد وإنما يقوم بذلك شركات‬
‫تسيير مساهمات الدولة في ظل تطبيق األمر ‪.04-01‬‬
‫رأسمال المؤسسة ع ا ‪ ،‬لم يكن له نفس مفهوم رأسمال الشركة في ظل تطبيق قوانين‬
‫االستقاللية ‪ ،‬حيث كان جزء منه تابع لذمة الدولة هذا الجزء ال يمكن التصرف فيه وال‬
‫التنازل عنه وال الحجز عليه ‪ ،‬إما الجزء األخر والذي يسمى " األصول " وهو تابع لذمة‬
‫المؤسسة يمكن التنازل عنه وكذا الحجز عليه والتصرف فيه باعتباره وحده يمثل ضمان‬
‫لاللتزامات المؤسسة قبل الدائنين‪ ، 3‬في حين أن مفهوم رأسمال الشركة له طابع الوحدة‬
‫استندا لمبدأ وحدة الذمة المالية وهو كله ضمان لدائني الشركة‪.‬‬
‫إال انه بعد إلغاء قوانين االستقاللية‪ ،‬أضحى رأسمال المؤسسة كله ضمان اللتزاماتها قبل‬
‫الدائنين إذ يمثل الرهن الدائم غير قابل للتخفيض لدي الدائنين ‪ .‬ويخضع ألحكام القانون‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 6‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 247-15‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 2015‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 3/592‬من القانون التجاري الجزائري " وال يطبق الشرط المذكور في المقطع ‪ 2‬أعاله على الشركات ذات رؤوس أموال عمومية "‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 01-88‬السابق ذكره ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫التجاري ولألحكام القانونية المتعلقة باألمالك الخاصة للدولة وذلك سواء في إطار األمر‬
‫‪ 25-95‬أو األمر ‪ 04-01‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫بالنسبة لطبيعة رأسمال المؤسسة – أو طبيعة األموال التي تحوزها الدولة أو أشخاص‬
‫القانون العام في المؤسسات العمومية االقتصادية ‪ ، -‬فبعد أن كانت أموال عمومية ‪ ،‬في ظل‬
‫قوانين ‪ ، 1988‬أضفى عليها المشرع الصفة التجارية بمقتضى األمر ‪ 25-95‬حيث‬
‫اعتبرها أمواال تجارية تابعة للدولة ‪، ،‬تراجع المشرع عن إضفاء الصفة التجارية على‬
‫األموال التي تحوزها الدولة في رأسمال المؤسسة واعتبرها أموال عمومية بمقتضى األمر‬
‫‪1‬‬
‫‪04-01‬‬
‫الشريك الذي يحوز رأسمال المؤسسة العمومية االقتصادية هو شخص معنوي عام وليس‬
‫خاص‪ ،‬الدولة هي من تحوز رأس مالها بصفتها مساهمة وليس بصفتها سلطة عامة‬
‫تمارس حقها في الملكية عن طريق هياكل وسيطة استنادا لقواعد القانون التجاري ‪ ،‬بداية‬
‫من خالل صناديق المساهمة ‪ ،‬ثم عن طريق الشركات القابضة العمومية التي خول لها‬
‫ممارسة جميع خصائص حق الملكية في ظل تطبيق األمر ‪،25-95‬ليأتي دور شركات‬
‫تسيير المساهمات لتمارس فقط حق التسيير لحساب الدولة في ظل األمر ‪. 04-01‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬األحكام المتعلقة بتنظيم وسير ورقابة المؤسسة ع ا‬
‫الن المؤسسة العمومية االقتصادية تخضع ألحكام شركات رؤوس األموال المنصوص‬
‫عليها في القانون التجاري وبصفة خاصة ألحكام شركة المساهمة فسيكون للمؤسسة ع ا‬
‫نفس هياكل شركة المساهمة ولكن مع بعض الفوارق الطفيفة ‪.‬‬
‫فقد يكون تنظيمها وإدارتها وفقا للصيغة التقليدية لإلدارة ‪ ،‬فيكون لها بذلك ‪ :‬جمعية عامة ‪،‬‬
‫مجلس إدارة ‪ ،‬رئيس مجلس اإلدارة ومدير عام ( أو الرئيس المدير العام ) ومحافظ‬
‫الحسابات‪ .‬وقد يتم تنظيمها وإدارتها وفقا للصيغة الحديثة لإلدارة فيكون لها بذلك‪ :‬جمعية‬
‫عامة ‪ ،‬مجلس مراقبة ‪ ،‬مجلس مديرين ‪ ،‬محافظ الحسابات ‪.‬‬
‫فللمؤسسة ع ا‪ ،‬أن تختار إما اإلدارة وفقا للصيغة التقليدية أو وفقا للصيغة الحديثة ‪ ،‬يكون‬
‫تنظيم أجهزتها وهياكل إدارتها وكيفيات عملهم والصالحيات الموكلة لهم ‪ ،‬وفقا لقواعد‬
‫القانون التجاري ‪.‬‬
‫إال انه تظهر خصوصية المؤسسة ع ا من حيث تنظيمها وسير عملها بالمقارنة مع الشركة‬
‫فيما يلي ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪/ 3‬ف‪ 1‬من األمر ‪ " 04-01‬تحوز الدولة أو أي شخص معنوي أخر خاضع للقانون العام ‪ ،‬تمثيال لرأسمالها االجتماعي مباشرة أو‬
‫غير مباشرة ‪ ،‬أمواال عمومية في شكل حصص ا واسهم أو شهادات استثمار ‪ ،‬أو سندات مساهمة أو أي قيم منقولة أخرى في المؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية ‪".‬‬

‫‪30‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬الجمعية العامة للمؤسسة ع ا ‪ :‬تتشكل استثناء ألحكام األمر ‪ 04-01‬من ممثلي‬


‫شركات تسيير المساهمات ‪،‬يمارسون مهامهم حسب الشروط والكيفيات المنصوص‬
‫عليها في القانون التجاري‪ ،‬إال أن هذه الجمعية العامة تفقد أهم خصائصها( المناقشة‬
‫والمداولة ) حول اإلدارة والتسيير الن المساهم الوحيد هو الدولة ‪.‬‬
‫‪ ‬كذلك بالنسبة لمجلس إدارة أو مجلس مراقبة المؤسسة ع ا نجد أن المشرع اشترط‬
‫أن يشتمال على مقعدين لصالح العمال اإلجراء يتم تعيينها حسب الكيفيات‬
‫المنصوص عليها في القانون المتعلق بعالقات العمل‪.‬‬
‫‪ ‬هذا إلى جانب إعفاء أعضاء مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة من حيازة أسهم‬
‫الضمان على خالف األمر بالنسبة لشركات المساهمة ‪.‬‬
‫بالنسبة للرقابة على المؤسسة ع ا ‪ ،‬فهي تخضع لرقابة داخلية وفقا لشكل الرقابة في‬
‫شركات األموال وذلك من طرف أجهزة المؤسسة ( الجمعية العامة باعتبارها جهاز سيادي‬
‫على حق الملكية لها دور رقابي ‪ ،‬إلى جانب دور مجلس اإلدارة أو دور مجلس المراقبة في‬
‫الرقابة على نشاط المؤسسة) وكذا رقابة محافظ الحسابات الذي يمارس مهامه بشكل مستقل‬
‫في رقابة حسابات المؤسسة ويعد تقريرا عاما سنويا يشهد في بصحة وانتظامية ومصداقية‬
‫حسابات المؤسسة‪.‬‬
‫هذا إلى جانب إخضاع المؤسسة من جديد لرقابة وتدقيق تسيير من طرف المفتشية العامة‬
‫للمالية بمقتضى األمر ‪ 01-08‬المؤرخ في ‪28‬فبراير ‪2008‬المعدل والمتمم لألمر ‪04/01‬‬
‫المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية وتسييرها وخوصصتها ‪،1‬ثم بين للمفتشية‬
‫كيفية قيامها بالرقابة وتدقيق تسيير المؤسسات ع ا من خالل المرسوم التنفيذي ‪96-09‬‬
‫المؤرخ في ‪ 22‬فبراير ‪ ، 2009‬بعد أن أعاد تنظيم عمل المفتشية من خالل المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 272-08‬المؤرخ في ‪ 6‬سبتمبر‪ 2008‬المتضمن صالحيات المفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫هذا التدخل للمفتشية من اجل رقابة وتدقيق تسيير المؤسسات ع ا له طابع جوازي وليس‬
‫وجوبي ‪ ،‬إذ يشترط أن يكون بناء على طلب السلطات او األجهزة التي تمثل الدولة‬
‫المساهمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬نص في المادة ‪ 7‬مكرر‪/‬ف‪ 1‬من األمر ‪" 01-08‬بغض النظر عن األحكام المنصوص عليها في القانون التجاري ‪،‬يمكن المفتشية العامة‬
‫للمالية أن تقوم برقابة وتدقيق التسيير المؤسسات العمومية االقتصادية ‪،‬بناء على طلب من السلطات أو األجهزة التي تمثل الدولة المساهمة‬
‫حسب الشروط و الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم‪.‬‬

‫غير أن المؤسسات العمومية االقتصادية المكلفة بمشاريع ممولة بمساهمة من الميزانية ‪،‬تخضع للرقابة الخارجية من المفتشية العامة للمالية‬
‫‪،‬حسب الكيفيات المنصوص عليها بالنسبة للمؤسسات واإلدارات العمومية ‪".‬‬

‫‪31‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫تجسد تدخل المفتشية فعليا للقيام بالرقابة وتدقيق التسيير على مستوى المؤسسات التابعة‬
‫للقطاع العام االقتصادي ‪ ،‬حيث قامت مصالح المفتشية سنة ‪ 2009‬ب ‪ 128‬عملية رقابة‬
‫‪1‬‬
‫واعدت ‪ 154‬تقرير كما قامت خالل سنتي ‪2010‬الى ‪ 2012‬ب‪ 36‬عملية رقابة‬

‫هذا إلى جانب خضوع المؤسسة ع ا إلى رقابة مجلس المحاسبة‪ ،‬بمقتضى األمر ‪02-10‬‬
‫المؤرخ في ‪ 26‬غشت ‪ 2010‬المعدل والمتمم لألمر ‪ 20-95‬المتعلق بمجلس المحاسبة‬
‫حيث رخصت المادة ‪ 8‬مكرر منه للمجلس بممارسة رقابته على المؤسسات ع ا بنصها "‬
‫يمارس مجلس المحاسبة رقابته وفق الشروط المنصوص عليها في هذا األمر ‪ ،‬على تسيير الشركات‬
‫والمؤسسات والهيئات ‪ ،‬مهما يكن وضعها القانوني ‪ ،‬التي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو‬
‫ال مؤسسات أو الشركات أو الهيئات العمومية األخرى ‪ ،‬بصفة مشتركة أو فردية مساهمة بأغلبية في‬
‫راس المال أو سلطة قرار مهيمنة "‪.‬‬

‫كذلك نص المادة ‪ 9‬من ذات األمر " يؤهل مجلس المحاسبة وفق الشروط المنصوص عليها في‬
‫هذا األمر لمراقبة األسهم العمومية في المؤسسات أو الشركات أو الهيئات مهما كان وضعها القانوني‬
‫‪ ،‬التي تملك فيها الدولة أو الجماعات اإلقليمية أو المرافق أو الهيئات العمومية جزء من رأسمالها ‪".‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬مدى خضوع المؤسسة ع ا لإلفالس‬


‫بعد أن كان خضوع المؤسسة ع ا لإلفالس على سبيل االستثناء في ظل قوانين االستقاللية‬
‫‪21988‬عندما تكون في حالة انعدام مالي مستديم يجعلها في حالة إعسار يكون إثباته‬
‫بموجب قاعدة قانونية خاصة‪ .‬لم تكن المؤسسة تخضع لإلفالس شانها شان الشركة بالرغم‬
‫من اعتبارها شركة مساهمة أو شركة محدودة المسؤولية ‪ ،‬فقد كان خضوعها لإلفالس‬
‫استثناءا ويتم وفقا لقواعد قانونية خاصة وليس وفقا لقواعد القانون التجاري ‪.‬‬
‫إال انه بعد تعديل القانون التجاري بموجب المرسوم التشريعي ‪ 08-93‬وتعديل المادة ‪217‬‬
‫منه أضحت المؤسسة العمومية االقتصادية تخضع ألحكام اإلفالس والتسوية القضائية على‬
‫ضوء القانون التجاري وشانها شان الشركات حيث نصت " تخضع الشركات ذات أموال‬
‫عمومية كليا أو جزئيا ألحكام هذا الباب المتعلق باإلفالس والتسوية القضائية ‪ ، "...‬إال أن هذا‬
‫اإلخضاع مقيد بـ بشرطين ‪:‬‬
‫‪ ‬قدرة السلطة على اتخاذ تدابير لتسديد مستحقات الدائنين فان وقعت المؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية في وضعية إفالس يمكن للسلطات التدخل وتسديد المستحقات‪،‬‬
‫ويترتب على ذلك وفق إجراءات اإلفالس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مقال بجريدة الوطن في ‪. 2011/01/ 27‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬انظر المادة ‪ 36‬من القانون ‪ 01-88‬السابق ذكره ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬عدم تطبيق المادة ‪ 352‬من ق ت ج عندما يتعلق األمر بمؤسسة ع ا‪ ،‬ألنها تخول‬
‫ألحد دائني المدين أو لوكيل التفلسة أن يطلب من المحكمة اإلذن بالتعاقد جزافا في‬
‫كل األصول المنقولة أو العقارية أو بعضها وبيعها ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة – الهياكل الوسيطة ‪-‬‬
‫تجسيدا النسحاب الدولة من النشاط االقتصادي ومن تسيير المؤسسات ع ا بعد منحها‬
‫االستقاللية‪ ،‬استعانت الدولة المساهمة بهياكل وسيطة لتتولى تسيير مساهماتها في‬
‫المؤسسات‪ ،‬هذه الهياكل منظمة في شكل شركات مساهمة تخضع للقانون التجاري ‪.‬‬
‫تنوعت وتعددت هذه األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة عبر اإلصالحات االقتصادية ‪،‬‬
‫وكانت البداية مع صناديق المساهمة ‪ ،‬إال انه نظرا لفشل هذه األخيرة تم حلها ‪ ،‬واستبدلت‬
‫بالشركات القابضة العمومية في ظل األمر ‪ ، 25-95‬لتحل محل هذه األخيرة شركات‬
‫تسيير مساهمات الدولة بمقتضى األمر ‪ ، 04-01‬لتصبح حاليا مجمعات صناعية ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬صناديق المساهمة‬
‫استعانت الدولة المساهمة بصناديق المساهمة في ظل إصالحات ‪ 1988‬من اجل تنظيم‬
‫انسحابها من التسيير المباشر للمؤسسات ع ا لتتصرف كمجرد مساهم توكل إدارة وتسيير‬
‫أسهمها إلى صناديق المساهمة – األعوان االئتمانية‪ -‬مما يسمح لها باالنسحاب ويحافظ على‬
‫حقوقها كمالك لألسهم‪ ،‬وقد تم إنشاء ‪ 8‬صناديق بموجب القانون ‪ 03-88‬وهي كالتالي ‪:‬‬
‫صندوق الصناعات الغذائية والصيد‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق المناجم والمحروقات والري‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق التجهيز‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق البناء‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق الكيمياء البيتروكيمياء والصيدلة‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق اإللكترونيك ‪ ،‬االتصاالت واإلعالم اآللي‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق النسيج ‪ ،‬الجلود ‪ ،‬األحذية واألثاث‬ ‫‪-‬‬
‫صندوق الخدمات‬ ‫‪-‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم صناديق المساهمة‬
‫تعريف صناديق المساهمة ‪ :‬حسب أحكام القانون ‪ 01/88‬يعتبر صندوق المساهمة شركة‬
‫مساهمة تابعة للدولة مسيرة لحافظة األسهم لها نظام قانوني خاص ‪ ،‬كما يعتبر عون‬
‫ائتماني للدولة ي قوم بدور الوسيط في عالقة الدولة بالمؤسسات يضمن مقابل القيمة لألسهم‬
‫والحصص‬

‫‪33‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫أما القانون ‪ 03/88‬فقد اعتبره مؤسسة عمومية اقتصادية محدثة في شكل شركة لتسيير‬
‫القيم المنقولة تتولى التسيير المالي لرؤوس األموال العامة ‪ ،‬تعمل عونا ائتمانيا وتخضع‬
‫للقانون التجاري‬
‫كما أشار المرسوم ‪ 119/88‬إلى أن صندوق المساهمة هو عون ائتماني تابع للدولة ‪ ،‬ينشا‬
‫بناء على قرار يتخذه مجلس الوزراء بعقد توثيقي في شكل شركة ذات أسهم‬
‫مما سبق يمكن تعريف الصندوق ‪:‬‬
‫هو مؤسسة عمومية اقتصادية منظمة في شكل شركة مساهمة تكون فيها الدولة المساهم‬
‫الوحيد ‪ ،‬موضوعها يتضمن التسيير المالي لمساهمات الدولة داخل المؤسسات ع ا التي‬
‫تمارس حقوق مرتبطة بالملكية فيها حسب قواعد القانون التجاري‪.1‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬عالقة الصناديق بالدولة المساهمة وبالمؤسسات ع ا‬
‫صناديق المساهمة باعتبارها هيكل وسيط في عالقة الدولة المساهمة بالمؤسسات ع ا بالطبع‬
‫سيكون لها عالقة بالدولة المساهمة كذا بالمؤسسات ع ا‪ ،‬تتسم عالقتها بالدولة المساهمة‬
‫بالتبعية المطلقة ‪ ،‬بالنظر لكونها منظمة في شكل شركات مساهمة لها جمعية عامة ومجلس‬
‫إدارة ‪ ،‬ذلك ألن هذه األخيرة تمارس حقها في الملكية على صناديق المساهمة بصفة مباشرة‬
‫؛ من خالل جهاز خاص مؤهل لممارسة صالحيات الجمعية العامة العادية و االستثنائية‬
‫لكل الصناديق‪ ، 2‬يكون أغلب أعضائه وزراء‪ ،‬ضف إلى ذلك أن كل صندوق مساهمة يديره‬
‫مجلس إدارة معين في مجلس الوزراء ‪ ،‬ما يبرز حضور الدولة المساهمة بصفة مباشرة في‬
‫الصناديق ؛ مما يؤكد عدم ﺇستقالليتها تجاه الدولة ‪.‬‬

‫وفي حين تظهر عالقة الصناديق بالمؤسسات من خالل أداء الصناديق للمهام التي أوكلت‬
‫لها من طرف الدولة المساهمة حيث أنها‬

‫‪ ‬تعمل عونا ائتماني ‪ :‬حيث تقوم بالتسيير المالي لرؤوس أموال الدولة المشكلة من‬
‫حافظة األسهم المصدرة من المؤسسات ع ا باسم الدولة مقابل الحصص المكتتبة‬
‫حيث تتصرف كوكيل مؤتمن من الدولة‬

‫‪1‬‬
‫‪- BOUDRA Belkacem, Lʼautonomie de entreprise publique économique « thèse d’état en droit public »,‬‬
‫‪université de Constantine, institut de droit et des sciences administratif, 1993,p 162 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي ‪ 119-88‬مؤرخ في ‪21‬جوان ‪ 1988‬متعلق بصناديق المساهمة األعوان االئتمانيين التابعين للدولة ‪ ،‬ج ر عدد ‪. 24‬‬

‫‪34‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬تمارس حق الملكية ‪ :‬تمارس الصناديق حق ملكية الدولة على األسهم حسب قواعد‬
‫القانون التجاري ‪ ،‬باسم ولحساب الدولة يشترط في ذلك أن يكون الصندوق حائز‬
‫ألسهم أو حصص في رأسمال المؤسسات‪ ،‬و تبرز ممارسة حق الملكية من خالل‬
‫قيام الصندوق بمهام الجمعية العامة العادية و غير العادية في المؤسسات ؛ أو‬
‫تفويض أجهزة معينة من طرفه لممارسة هذه المهام‪ ،1‬إضافة لتعيين ممثلين عنه في‬
‫أجهزة إدارة المؤسسات العمومية االقتصادية التي يحوز فيها الصندوق مساهمات ‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم باستثمارات اقتصادية لحساب الدولة ‪ :‬يظهر ذلك من خالل اخذ مساهمات في‬
‫رأسمال مؤسسات ع ا أو بإنشاء مؤسسات ع ا جديدة بهدف تحقيق أرباح‬
‫‪ ‬تدرس وتنفذ كل تدبير من شانه التوسع االقتصادي للمؤسسات التي تحوز فيها أسهم‬
‫أو حصص ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الشركات القابضة العمومية‬
‫استعان المشرع بالشركات القابضة العمومية من اجل إعادة تنظيم القطاع العام االقتصادي‬
‫والرقابة على المؤسسات‪ ،‬حلت هذه الشركات – القابضة ‪ -‬محل صناديق المساهمة‪ 2‬؛‬
‫لتضم مؤسسات عمومية اقتصادية لها نشاطات متجانسة بهدف إعادة تنظيمها واعادة‬
‫هيكلتها وتجميعها والرقابة عليها‪.‬‬

‫وادخلها ألول مرة في التشريع الجزائري بمقتضى األمر ‪ 25 – 95‬ثم أدرجها ضمن‬
‫القانون التجاري بموجب األمر ‪ . 27-96‬في سياق تطبيق هذا األمر؛ تم إنشاء شركات‬
‫قابضة عمومية على مستويين وطني و جهوي ‪ 11‬شركة قابضة عمومية وطنية‪ 3‬و‪5‬‬
‫شركات قابضة جهوية ‪ ،‬إال أنه سنة ‪ 2000‬تم تخفيض عدد الشركات القابضة الوطنية إلى‬
‫‪.45‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم الشركات القابضة العمومية‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 01-88‬السابق ذكره‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 27‬من األمر ‪.25-95‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬تم استحداث ‪ 11‬شركة قابضة عمومية وطنية ل ‪ :‬انجاز المشاريع الكبرى ‪ ،‬الميكانيك ‪ ،‬المناجم ‪ ،‬الحديد والصلب ‪ ،‬الكهرباء و اإللكترونيك‪،‬‬
‫الصيدلة والكيمياء ‪ ،‬الصناعات الغذائية الزراعية األساسية ‪،‬الصناعات الغذائية الزراعية المشتقة ‪،‬البناء ومواد البناء ‪،‬الصناعات النسيجية‬
‫والجلود ‪،‬الخدمات‬
‫‪4‬‬
‫‪-MEBTOUL Abderrahmane, l'Algérie face aux défis de la mondialisation, 2002,p 127.‬‬

‫‪35‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫مصطلح القابضة من القبض ‪ ،‬أي قبض بين يديه شيء ‪ ،‬تسمى بالشركة القابضة كونها‬
‫تقبض أسهم وسندات تسمح لها بإدارة المشروع من خالل المشاركة في اتخاذ القرارات ‪،‬‬
‫ويعرفها القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬بأنها الشركة التي تختص في شراء أسهم من اجل‬
‫المراقبة‬
‫وحسب األمر ‪ 25-95‬تعتبر الشركات القابضة العمومية مجموعات مالية تتخذ شكل‬
‫شركات ذات أسهم تشترك فيها الدولة أو أشخاص القانون العام‪ ،‬تتولى تسيير رؤوس‬
‫األموال التجارية للدولة بتوظيفها في المؤسسات العمومية االقتصادية والرقابة عليها عن‬
‫طريق حيازة اغلب رأسمالها أو اغلب األصوات في الجمعيات العامة لها‪.‬‬
‫تنشأ الشركات القابضة العمومية بموجب عقد موثق حسب الشروط المطبقة على شركات‬
‫المساهمة ‪ ،‬تتكون أصولها أساسا من قيم منقولة في شكل أسهم وسندات مساهمة وشهادات‬
‫استثمار أو أي سند أخر يمثل ملكية الرأسمال أو الديون في المؤسسات التابعة لها ‪.‬‬
‫يدير الشركة القابضة العمومية مجلس مديرين تحت رقابة مجلس مراقبة‪ ،‬يخضع تنظيم‬
‫أجهزة الشركة القابضة العمومية ألحكام خاصة منصوص عليها في األمر ‪.25-95‬‬

‫شمل تطبيق أسلوب الشركات القابضة العمومية ؛ كافة قطاعات النشاط االقتصادي ‪،‬‬
‫باستثناء تلك التي تعتبر إستراتيجية ؛ حسب برنامج الحكومة االقتصادي‪ 1‬كقطاع البنوك ‪،‬‬
‫التأمينات ‪ ،‬المحروقات ‪...‬الخ‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عالقة القابضة العمومية بالدولة المساهمة وبالمؤسسات ع ا‬


‫تظهر عالقة القابضة العمومية بالدولة المساهمة من خالل المجلس الوطني لمساهمات‬
‫الدولة والذي يفوض ممثلين عنه للقيام بصالحيات الجمعيات العامة العادية وغير العادية‬
‫للشركات القابضة‪ ،‬هذه العالقة أضحى يميزها الطابع التعاقدي على خالف األمر بالنسبة‬
‫للصناديق حيث يبدو أن القابضة تشارك في تنفيذ السياسة االقتصادية للحكومة في إطار‬
‫اتفاقيات تبرمها مع الدولة الممثلة من طرف المجلس الوطني لمساهمات الدولة ‪.‬‬
‫أما عن عالقتها بالمؤسسات ع ا فتظهر من خالل المهام المتعددة التي تقوم بها القابضة‬
‫العمومية في إطار إشرافها على المؤسسات التابعة لحافظتها ‪ ،‬حيث تقوم ب ‪:‬‬
‫‪ -‬وظيفة مالية ‪ :‬تقوم باستثمار حافظة األسهم واألوراق المالية المحولة إليها وجعلها‬
‫أكثر مرد ودية‬

‫‪1‬‬
‫‪- MEBTOUL Abderrahmane, op-cit , p 127.‬‬

‫‪36‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ -‬تنسيقية رقابية ‪ :‬تراقب المؤسسات العمومية االقتصادية التابعة لحافظتها وتنسق‬


‫معها لتحقيق الهدف المشترك للمجموعة ‪ ،‬كما تنسق حركة رؤوس لتلك المؤسسات‬
‫التابعة لحافظتها مع حرصها على احترام استقاللية الذمة المالية لكل مؤسسة تابعة‬
‫لها‬
‫‪ -‬اقتصادية ‪ :‬تسعى لتوفير الظروف المناسبة للمؤسسات العمومية االقتصادية بهدف‬
‫إنعاش المجمعات الصناعية والتجارية والمالية التي تراقبها‪.‬‬
‫دور الشركات القابضة العمومية في الرقابة على المؤسسات ‪:‬‬

‫تتولى الشركات القابضة العمومية بالرقابة على المؤسسات العمومية االقتصادية التابعة لها‬
‫استنادا لقواعد القانون التجاري بهدف السيطرة والتحكم البارز في التسيير والسياسة‬
‫المالية ( للمؤسسات ) ‪ .‬هذه السيطرة تسمح لها بالتدخل في أنشطة المؤسسات‪ .‬وتوجيهها‬
‫والرقابة عليها حسب اإلستراتيجية المحددة في الشركة القابضة‪ .‬وحتى تمارس الشركات‬
‫القابضة الرقابة البد أن تحوز مساهمات في رأسمال المؤسسات أو حقوق تصويت في‬
‫الجمعيات العامة‪ .‬بصفة عامة تقوم هذه الرقابة على سلطة األغلبية‪ 1‬؛ و تكون على‬
‫مستوى الجمعيات العامة للمؤسسات التابعة أو على مستوى أجهزة إدارتها ؛ سواء في مجلس‬
‫اإلدارة أو مجلس المراقبة ؛ كي تؤثر بالفعل على عملية ﺇتخاذ القرار‪.‬‬

‫هذه الرقابة حسب رأي الفقيه "‪ " Claude CHAMPEAU‬ترتكز على المساهمات ؛‬
‫التي تسمح بفرض ممثلين ؛ للقيام بمهام التسيير بشكل أفضل لصالحها‪.2‬‬

‫وألن الدولة مالك ألغلبية الرأسمال اإلجتماعي للمؤسسات ؛ الذي تحوزه الشركات القابضة‬
‫العمومية ؛ بعد أن تم توزيعه عليها ‪ ،‬عند حل صناديق المساهمة ؛ فان مسألة المساهمات‬
‫ال تثير إشكال بالنسبة للقابضة العمومية ؛ لكن توجد مساهمات ال تخول لحائزها حقوق‬
‫التصويت فالعبرة إذن ؛ تكون بحقوق التصويت التي تحوزها الشركات القابضة ؛ حسب‬
‫الحاالت الموضحة في نص المادة ‪ 731‬قانون تجاري ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Maggy Pariente : Les groupes de sociétés, Aspect juridique, sociale, comptable et fiscal, éd librairie de le‬‬
‫‪cour de cassation, éd Litec , paris, 1993, p 79.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid , p 72.‬‬

‫‪37‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫هذا إلى جانب ممارسة الشركات القابضة لجميع خصائص حق ملكية الدولة على‬
‫المؤسسات بما في ذلك التنازل‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬شركات تسيير مساهمات الدولة ‪SGP‬‬


‫قرر المشرع سنة ‪ 2001‬استبدال الشركات القابضة العمومية بنموذج جديد إلدارة القطاع‬
‫العام االقتصادي يدعى بشركات تسيير مساهمات الدولة بسبب الصعوبات التي واجهت‬
‫تطبيق األمر ‪ 25-95‬واألمر ‪. 22-95‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف وتنظيم شركات تسيير المساهمات‬
‫شركات تسيير مساهمات الدولة هي مؤسسات عمومية مكلفة بتسيير مساهمات الدولة في‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية ‪،‬أنشأت بمقتضى المرسوم التنفيذي ‪ 283-01‬المؤرخ في‬
‫‪ 24‬سبتمبر ‪ 2001‬المتضمن الشكل الخاص بأجهزة إدارة المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫وتسييرها وذلك تطبيقا لنص الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 5‬من األمر ‪ 04-01‬لتتولى مهمة تسيير‬
‫القيم المنقولة المشكلة لرؤوس األموال االجتماعية في المؤسسات العمومية االقتصادية ‪.‬‬
‫تنظم شركات تسيير المساهمات في شكل شركات مساهمة لها شكل خاص لإلدارة والتسيير‬
‫‪،‬يضم مجلس مديرين وجمعية عامة وحيدة ‪ ،‬وبذلك يتميز تنظيمها عن ما هو مألوف بالنسبة‬
‫لشركات المساهمة في القانون التجاري ‪.‬‬
‫حتى تخضع المؤسسة لهذا الشكل الخاص بأجهزة اإلدارة وتصبح شركة لتسيير المساهمات‬
‫البد ‪ - :‬أن تمتلك الدولة مجموع رأسمالها – أن يتم إخضاعها لهذا الشكل الخاص لإلدارة‬
‫عن طريق الئحة يصدرها مجلس مساهمات الدولة ‪.‬‬
‫تتشكل الجمعية العامة الوحيدة لشركات تسيير المساهمات من ممثلين مفوضين قانونا من‬
‫مجلس مساهمات الدولة حدد المرسوم التنفيذي ‪ 283-01‬صالحياتها‪ ،‬عند اختتام أعمالها‬
‫ترسل لوائحها إلى رئيس مجلس مساهمات الدولة‪.‬‬
‫يتكون مجلس المديرين من عضو إلى ‪ 3‬أعضاء من بينهم الرئيس يتم اختيار هؤالء من بين‬
‫أصحاب المهنة المحترفين ‪ ،‬عندما يمارس شخص واحد مهام مجلس المديرين يأخذ صفة‬
‫المدير العام الوحيد ‪ ،‬يقرر مجلس مساهمات الدولة تشكيلة مجلس المديرين حسب مهام‬
‫المؤسسة ع ا وطبيعتها وحجمها‪.‬‬
‫تكون مهام أعضاء مجلس المديرين وحقوقهم وواجباتهم وكذا مدة عهدتهم موضوع عقود‬
‫تبرم بينهم وبين الجمعية العامة‬

‫‪38‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عالقة شركات تسيير المساهمات بالدولة المساهمة وبالمؤسسات ع ا‬


‫تبرز عالقة شركات تسيير المساهمات بالدولة المساهمة بداية من خالل تفويض ممثلين عن‬
‫مجلس مساهمات الدولة لممارسة صالحيات الجمعيات العامة في شركات ‪. SGP‬‬
‫إال أن ما يميز عالقة هذا الهيكل الوسيط بالدولة المساهمة وكذا بالمؤسسات ع ا بالمقارنة‬
‫مع الهياكل الوسيطة األخرى ‪ ،‬انه تحكمها "عهدة تسيير"تحدد هذه العهدة العالقات بين‬
‫الدولة المساهمة وشركات تسيير المساهمات‪.‬‬
‫الن المشرع لم يحدد لهذه الشركات مهام ‪ ،‬ال في األمر‪ 04-01‬وال في المرسوم ‪283-01‬‬
‫‪ ،‬بل فوضت لها بعض الصالحيات كمالك وذلك بصفة تعاقدية في شكل عهدة تسيير والتي‬
‫تعد جزء ال يتجزأ من القوانين األساسية التي تحكم نشاط هذه الشركات‪،‬التي تلتزم كذلك‬
‫باللوائح التي يصدرها مجلس مساهمات الدولة ‪ ،‬وبما تضمنته المذكرة التوجيهية للسيد رئيس‬
‫الحكومة ﺇلى مجالس مديري شركات تسيير المساهمات المؤرخة في ‪ 19‬فيفري ‪. 2003‬‬

‫تبرم عهدة التسيير بين أجهزة شركة تسيير المساهمات ومجلس مساهمات الدولة وتوقع من‬
‫طرف الجمعية العامة‪ ،‬تهدف عهدة التسيير إلى تقنين العناصر الخاصة بتسيير السندات‬
‫السيما ‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد صالحيات الدولة صاحبة األمالك المحولة لشركات تسيير المساهمات‬
‫وشروط تفويضها‬
‫‪ -‬شروط الحيازة وتسيير القيم المنقولة األخرى‬
‫حيث تخول للشركات‪ SGP‬بصفة تعاقدية بعض الصالحيات من خالل عهدة التسيير تحدد‬
‫هذه العهدة االلتزامات الملقاة على عاتق هذه الشركات ‪ ، SGP‬إذ ال تمارس هذه األخيرة‬
‫جميع خصائص حق الملكية كالشركات القابضة بل تمارس فقط حق التسيير لحساب الدولة‬
‫بمقتضى عهدة التسيير الممنوحة لها من طرف المجلس فتضمن حيازة الدولة للقيم المنقولة‬
‫في المؤسسة العمومية االقتصادية وتسييرها طبقا لإلستراتجية وسياسة تسيير المساهمات‬
‫المحددة من طرف المجلس ‪ .‬وذلك من خالل ‪:‬‬
‫‪ ‬القيام بتجسيد وتنفيذ مخططات إعادة التقويم ‪ ،‬إعادة التأهيل وتطوير المؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية في األشكال القانونية المالئمة‬
‫‪ ‬ضمان التسيير والمراقبة اإلستراتجية والعملية لحافظة األسهم وغيرها من القيم‬
‫المنقولة وفقا لمعيار المر دودية والنجاعة المطلوبة‬

‫‪39‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ ‬ممارسة صالحيات الجمعية العامة للمؤسسات العمومية االقتصادية ضمن نطاق‬


‫الحدود المعنية في عهدة التسيير‪.‬‬
‫إال انه سنة ‪ 2008‬وبقرار من مجلس مساهمات الدولة ‪ ،‬تقرر أن يضمن كل وزير قطاع‬
‫معني نشاط شركات تسيير المساهمات رئاسة جمعياتها العامة ‪ ،‬كما عليه التكفل بمتابعة‬
‫‪1‬‬
‫تطور المؤسسات ‪ ،‬بهذا تم توزيع حقيبة القطاع العام على مختلف الوزارات‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬المجمعات الصناعية‬
‫تم مؤخرا إعادة النظر في تنظيم القطاع العام االقتصادي ‪ ،‬في إطار اإلستراتيجية المنتهجة‬
‫من طرف وزارة الصناعة والمناجم ‪ ،‬حيث تقرر التخلي عن العمل بنظام شركات تسيير‬
‫مساهمات لتحل محلها المجمعات الصناعية ‪ ،‬وذلك بموجب الالئحة الوحيدة رقم ‪ 1‬للدورة‬
‫‪ 142‬بتاريخ ‪ 28‬أوت ‪ 2014‬لمجلس مساهمات الدولة‪ ،‬إال انه لحد الساعة لم يتم وضع‬
‫نظام قانوني خاص بها ومبدئيا تخضع كليا لقواعد القانون التجاري ‪.‬‬
‫إعادة تنظيم القطاع العام يقوم على إنشاء مجمعات صناعية كبرى منسجمة ومتكاملة قادرة‬
‫على النمو واالبتكار والتكيف مع التحوالت الجديدة بهدف ضمان فعالية وقدرة تنافسية‬
‫اكبر‪ ،‬كما يمنح استقاللية أكبر‪ ،‬بحيث يمكن للمجمع أن يحدد السياسات الخاصة به ‪ ،‬بما في‬
‫ذلك آليات الشراكة‪ ،‬بينما تقوم الدولة بالمصادقة على السياسات العامة‪.‬‬
‫ستتمتع المجمعات باالستقاللية الكاملة في مجال اتخاذ القرارات في مجال التسيير‪ ،‬على‬
‫أساس كونها مؤسسات اقتصادية تخضع بالمقام األول إلى تحقيق األهداف تتعلق بترقية‬
‫اإلنتاج واالقتصاد الوطني‬
‫تتم عملية إنشاء المجمعات بطريقة تدريجية حتى ال تعيق استمرارية النشاط الصناعي‬
‫والتجاري للمؤسسات الحالية وذلك عن طريق االندماج واالمتصاص‪.‬‬
‫وقد كانت وزارة الصناعة والمناجم من القطاعات السباقة العاملة بهذا النمط الجديد حيث يتم‬
‫إنشاء ‪ 12‬مجمع انطالقا من ‪ 14‬شركة تسيير مساهمات ‪ 7 ،‬مجمعات جديدة و‪ 5‬كانت‬
‫موجودة من قبل‬
‫وتخص المجمعات السبعة الجديدة قطاعات الصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية‬
‫والتجهيزات الكهربائية والكهرومنزلية ‪ ،‬وااللكترونية والصناعات المحلية والميكانيك‬
‫وصناعات التعدين والحديد والصلب والنسيج والجلود ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جريدة الخبر بتاريخ ‪ 3‬سبتمبر ‪ ". 2014‬بوشوارب يؤكد فشل شركات تسيير المساهمات ‪"...‬‬

‫‪40‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫أما المجمعات ا لخمسة األخرى التي كانت موجودة من قبل ‪ ،‬فيتعلق األمر بالشركة الوطنية‬
‫للسيارات الصناعية ‪ ،‬والمجمع الصناعي لالسمنت ‪ ،‬ومجمع الصناعات الصيدالنية‬
‫(صيدال) والشركة الوطنية للتبغ والكبريت ‪ ،‬ومجمع مناجم الجزائر ‪.‬‬
‫فيما يتعلق برئاسة الجمعيات العامة للمجمعات الصناعية فيشرف عليها وزير الصناعة‬
‫والمناجم ويسير كل مجمع صناعي من قبل مجلس إدارة يضم ممثلين عن البنك المعتمد‬
‫للمجمع مع بقائه مفتوحا على القدرات الخارجية خاصة الخبراء ‪ ،‬هذا إلى جانب تعيين‬
‫مديرين عامين بعقود نجاعة ‪.‬‬
‫ستفتح هذه المجمعات – اثنا عشر مجمع ‪ -‬رأس مالها أمام المؤسسات الخاصة وحتى‬
‫األجنبية‪ ،‬من خالل طرح رأس مال هذه األخيرة في البورصة للتداول‪،‬‬
‫حيث يتم إلغاء دور الوسيط المتمثل في الدولة أوال قبل نقل التمويل إلى البنوك‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي سيلغي أي وساطة بين هذه المؤسسات والدولة‪ ،‬ما يمنحها استقاللية أكبر في التسيير‪،‬‬
‫قبل اإلقدام على فتح رأس مال هذه المؤسسات أمام المستثمرين األجانب‪.‬‬
‫تتمتع المجمعات الصناعية باستقاللية مالية اكبر من تلك التي كانت تتمتع بها األجهزة‬
‫الوسيطة السابقة ‪ ،‬وذلك بهدف تحقيق المزيد من الحرية في التسيير ‪ ،‬ذلك أن عملية إعادة‬
‫التنظيم استهدفت تقليص عدد األطوار التنظيمية واقتصاد الهياكل التي تتطلب مسار مبسط‬
‫التخاذ القرار‪ ،‬بحيث تكون المؤسسة األم المحاور الوحيد لصاحب األسهم ‪ ،‬وستستبدل‬
‫مراكز القرار المتعددة بقطب وحيد التخاذ القرار الذي سيعمل باسم الدولة‪.1‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬األجهزة الممثلة للدولة المساهمة‬
‫بهدف اإلشراف على حسن تسيير مساهمات الدولة تم استحداث هياكل تمثل الدولة‬
‫المساهمة‪ ،‬حيث أنشأ المشرع في البداية المجلس الوطني لمساهمات الدولة بمقتضى األمر‬
‫‪ ، 25-95‬ثم أعاد تنظيمه بموجب األمر ‪ 04-01‬وأطلق عليه تسمية مجلس مساهمات‬
‫الدولة‬
‫المطلب األول ‪ :‬المجلس الوطني لمساهمات الدولة‬
‫تم إنشاء هذا المجلس بمقتضى المادة ‪ 17‬من األمر ‪ 25-95‬من اجل التكفل بتنظيم‬
‫وتسيير ومراقبة األموال التجارية التي تحوزها الدولة في رأسمال المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية نظمه المرسوم التنفيذي ‪. 404-95‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تصريح وزير الصناعة والمناجم عبد السالم بوشوارب ‪ ،‬عقب التنصيب الرسمي لعشر مجمعات في ‪ 23‬فيفري ‪2015‬‬

‫‪41‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫يتشكل هذا المجلس من كافة الوزارات التي لها صلة بالنشاط االقتصادي‪ ،‬ويوضع تحت‬
‫سلطة رئيس الحكومة الذي يرأسه‪ ،‬يجتمع مرة في السنة على األقل‪ ،‬كما يمكنه أن يجتمع في‬
‫أي وقت بناء على استدعاء من رئيسه أو بطلب من أعضائه أو من الجمعية العامة لشركة‬
‫قابضة عمومية ‪.‬‬
‫يقوم هذا المجلس بتنسيق نشاط الشركات القابضة العمومية وتوجيهه حسب متطلبات‬
‫المصلحة الوطنية‪ ،‬تبعا لسياسة الحكومة المسطرة في هذا المجال‪.‬‬
‫يقوم هذا المجال بعدة صالحيات يمارسها من خالل إشرافه على سياسة تسيير المساهمات‬
‫منها‪.‬‬
‫‪ ‬يقوم بتحديد أهداف سياسة تسيير المساهمات وبالتشاور مع الهيئات المداولة في‬
‫الشركات القابضة العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد شروط توظيف األموال التجارية التابعة للدولة وكذا شراء األسهم وغيرها من‬
‫القيم المنقولة والتنازل عنها‪.‬‬
‫‪ ‬تفويض ممثلين عنه لممارسة صالحيات الجمعية العامة للشركات القابضة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مجلس مساهمات الدولة‬

‫حل مجلس مساهمات الدولة محل المجلس الوطني لمساهمات الدولة في إطار األمر ‪-01‬‬
‫‪ 04‬نظمه المشرع بالمرسوم التنفيذي ‪.1253-01‬‬

‫تغيرت تشكيلة هذا المجلس مقارنة بالمجلس السابق ؛ كما تغيرت التشكيلة مرة أخرى‬
‫بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم ‪ 184-06‬المؤرخ في ‪ 31‬مايو ‪2 2006‬الذي يعدل المرسوم‬
‫التنفيذي ‪ 253-01‬؛ ﺇ ال أنه بقي يخضع لسلطة رئيس الحكومة الذي يرأسه ؛ أصبح يجتمع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 253-01‬المؤرخ في ‪ 10‬سبتمبر ‪ 2001‬يتعلق بتشكيلة مجلس مساهمات الدولة و سيره جريدة رسمية صادرة‬
‫‪ 12‬سبتمبر ‪ ،2001‬عدد ‪ ،51‬ص ‪.7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ج ر عدد ‪. 36‬‬

‫‪42‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫مرة كل ‪ 3‬أشهر على األقل ‪ ،‬كما يمكن أن يجتمع في كل وقت ‪ ،‬بطلب من رئيسه أو من‬
‫أحد أعضائه‪1‬؛ يتخذ ق ارراته بشكل تداولي ‪.‬‬

‫صالحيات هذا المجلس مقارنة مع صالحيات‬ ‫وسع المشرع في إطار األمر‪04-01‬‬


‫المجلس السابق ؛ بحيث استحوذ على صالحيات هذا األخير ‪ ،‬كما أسندت له صالحيات‬
‫أخرى في مجال الخوصصة ‪ ،‬وهو يمارس مهام الدولة المساهمة – المالكة – بطريقة مباشرة‬
‫حيث يكلف‪ 2‬ب‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد اإلستراتيجية الشاملة في مجال مساهمات الدولة والخوصصة‪،‬‬

‫‪ -‬تحديد السياسات والبرامج فيما يخص مساهمات الدولة وينفذها‪،‬‬

‫‪ -‬يحدد سياسات وبرامج خوصصة المؤسسات العمومية االقتصادية ويوافق عليها‪،‬‬

‫‪-‬يدرس ملفات الخوصصة ويرافق عليها‪،‬‬

‫‪-‬يضبط تنظيم القطاع العام االقتصادي‪.‬‬

‫كما يعين ممثلين عنه للقيام بصالحيات الجمعية العامة في المؤسسات العمومية االقتصادية‬
‫؛ عندما تحوز الدولة رأسمالها بصفة مباشرة دون تحديد لمقدار هذا الرأسمال ‪ ،‬إن كان يمثل‬
‫أغلبية أم أقلية ‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬الخوصصة في القطاع العام االقتصادي‬


‫ظهرت فكرة الخوصصة مع التوجهات الليبرالية التي تبناها صندوق النقد الدولي في‬
‫إطار انسحاب الدولة من النشاط االقتصادي وفسح المجال للقطاع الخاص واحتفاظها بسلطة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي‪ 253-01‬السابق ذكره ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 9‬والمادة ‪ 11‬من األمر ‪. 04-01‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الضبط‪ .‬وقد عرف مفهوم الخوصصة انتشار واسعا على الصعيد العالمي‪ ،‬وهو ينطوي‬
‫عموما على نقل ملكية مؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الخوصصة وتكريسها في التشريع الجزائري‬
‫المطلب األول ‪ :‬التعريف الفقهي‬
‫ال يوجد مفهوم محدد لفكرة الخوصصة‪ ،‬حيث اختلف مفهومها من دولة ألخرى ‪،‬وظهر‬
‫مفهومان للخوصصة‪ ،‬مفهوم انجلوسكسوني موسع ومفهوم فرنسي ضيق ومحدود جدا‪.‬‬
‫‪ ‬المفهوم الموسع‪:‬‬
‫حسبه يشمل مفهوم الخوصصة كل أشكال انسحاب الدولة ‪désétatisation-‬‬
‫‪dénationalisation‬تطبيق قواعد القانون التجاري ‪،‬تشجيع القطاع الخاص‪ ،‬نقل النشاط‬
‫من القطاع العام إلى القطاع الخاص‬
‫‪ ‬المفهوم الضيق‪:‬‬
‫حسب هذا المفهوم تكون الخوصصة فقط عند نقل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص‬
‫بشكل مباشر أو غير مباشر‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تكريس الخوصصة في التشريع الجزائري‬
‫تبنت الجزائر الخوصصة في ظل اإلصالحات االقتصادية المترتبة عن اتفاق التسوية‬
‫الهيكلية وكذا ذلك بشكل تدريجي‪ ،‬بداية من خالل قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 1994‬المادة‬
‫‪ 25-24‬منه‪ ،‬حيث سمح بالخوصصة الجزئية للمؤسسة من خالل المادة ‪ 24‬التي عدلت‬
‫مضمون المادة ‪ 20‬من قانون ‪ 01-88‬سمحت للمؤسسة بتحويل األموال التي تدخل ضمن‬
‫الخدمة المالية الخاصة بها بكل حرية إلى أشخاص طبيعية أو معنوية خاصة سواء بالتنازل‬
‫أو البيع‪...‬‬
‫ثم بعد ذلك األمر ‪ 22-95‬الذي كرس عمليات الخوصصة سواء كانت كلية أو‬
‫جزئية أو خوصصة تسيير‪ ،‬ولتعذر تنفيذ عمليات بسبب التناقضات العديدة التي احتواها‬
‫هذا األمر تقرر تعديله سنة ‪ 1997‬بمقتضى األمر ‪،12-97‬لكن التعديالت ترقى‬
‫للمستوى المطلوب‪ ،‬تمت إعادة تنظيم عمليات الخوصصة من جديد بموجب األمر ‪-01‬‬
‫‪ ،04‬الذي استغنى عن خوصصة التسيير‪.‬‬
‫وقد تم تبني الخوصصة في الجزائر باعتبارها أداة اقتصادية إلعادة الهيكلة كونها عقد‬
‫استثمار يسمح بـ‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫تخلص الدولة من تسيير وتمويل أنشطة غير إستراتيجية‬ ‫‪‬‬


‫استقطاب رؤوس أموال جديدة للمستثمرين‬ ‫‪‬‬
‫ترقية المؤسسات في إطار التسيير الحديث ‪،‬بإدخال التخصص وتقنية التسيير‬ ‫‪‬‬
‫الحديث الفعال‬
‫ضمان استمرارية أنشطة المؤسسات‬ ‫‪‬‬
‫دعم تنافسية المؤسسات‬ ‫‪‬‬
‫استقطاب التكنولوجيا الحديثة‬ ‫‪‬‬
‫فتح أسواق جديدة‬ ‫‪‬‬
‫رفع التصدير خارج مجال المحروقات‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تعريف الخوصصة في القانون الجزائري‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الخوصصة حسب األمر ‪: 22-95‬‬
‫حسب المادة األولى من هذا األمر تعني الخوصصة " القيام بمعاملة أو معامالت تجارية‬
‫تتجسد‪:‬‬

‫‪ -‬إما في تحويل ملكية كل األصول المادية أو المعنوية في مؤسسة عمومية أو جزء منها أو‬
‫كل رأسمالها أو جزء منه لصالح أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعيين للقانون الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬وإما تحويل تسيير مؤسسات عمومية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون وذلك‬
‫بواسطة صيغ تعاقدية‪ ،‬يجب أن تحدد كيفيات تحويل التسيير وممارسة شروطه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الخوصصة وفقا لألمر ‪04-01‬‬
‫عرفت المادة ‪ 13‬من األمر ‪ 04-01‬الخوصصة على أنها كل صفقة تتجسد في نقل‬
‫الملكية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين للقانون الخاص من غير المؤسسات‬
‫العمومية أو جزء منه تحوزه الدولة مباشرة أو بصفة غير مباشرة أو األشخاص‬
‫المعنويين الخاضعين للقانون العام وذلك عن طريق التنازل عن أسهم وحصص‬
‫اجتماعية أو اكتتاب لزيادة في رأسمال‬
‫‪ -‬األصول التي تشكل وحدة استغالل مستقلة في المؤسسات العمومية التابعة للدولة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬شروط إقرار عمليات الخوصصة نطاقها كيفياتها‬

‫‪45‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫يشترط إلقرار عمليات الخوصصة وفقا لألمر ‪ 22-95‬أن تهدف تلك العمليات إلى‬
‫إصالح المؤسسة أو تحديثها وكذا الحفاظ على كل مناصب العمل المأجورة فيها أو‬
‫بعضها‪ ،‬إلى جانب التزام المتملك بإبقاء المؤسسة في حالة نشاط مدة ‪ 5‬سنوات كحد‬
‫ادنى‪ ،‬إال أن هذه الشروط أضحت بصدور األمر ‪ 04-01‬حافزا للحصول على مزايا‬
‫يستفيد منها المتملك إذا التزم بإصالح المؤسسة أو تحديثها والحفاظ على مناصب العمل‬
‫فيها أو اإلبقاء على المؤسسة في حالة نشاط‪ ،‬وان كانت المؤسسة المعنية بالخوصصة‬
‫تقدم خدمة عمومية تتكفل الدولة بضمان استمرارية الخدمة العمومية‪.‬‬
‫لم تشمل أحكام الخوصصة في البداية جميع المؤسسات التابعة للقطاع العام‬
‫االقتصادي في ظل تطبيق األمر ‪ ،22-95‬حيث انحصر تطبيق الخوصصة على‬
‫المؤسسات التابعة للقطاعات التنافسية ‪،‬وتم تحديد مجال نشاط تلك المؤسسات على سبيل‬
‫الحصر منه‪ :‬الفندقة والسياحة والتجارة والتوزيع ‪،‬الصناعات النسيجية والصناعات‬
‫الزراعية والغذائية‪...‬الخ‪.‬‬
‫ثم توسع نطاق تطبيق أحكام الخوصصة ليشمل المؤسسات العمومية التابعة لمجموع‬
‫قطاعات النشاط االقتصادي في ظل تطبيق األمر ‪.04-01‬‬
‫تتم عمليات الخوصصة وفقا لكيفيات محددة بنص القانون ‪،‬وذلك إما باللجوء آلليات‬
‫السوق المالية‪ ،‬من خالل العرض في البورصة أو عرض علني للبيع بسعر محدد زاما‬
‫عن طريق المناقصات آو باللجوء إلى إجراء البيع بالتراضي بعد ترخيص مجلس‬
‫مساهمات الدولة وبناء على تقرير مفصل للوزير المكلف بالمساهمات‪ ،‬وأما بواسطة أي‬
‫نمط أخر يهدف إلى ترقية مساهمات الجمهور إلى جانب تكريس حق اإلجراء الراغبين‬
‫في استعادة مؤسستهم في الشفعة‪ ،‬والذي يجب ممارسته في اجل شهر واحد ابتداء من‬
‫تاريخ تبليغ عرض التنازل إلى إجراء مع استفادتهم من تخفيض قدره ‪ %15‬على‬
‫األكثر من سعر التنازل بشرط انتظامهم في شركات تجارية‪ ،‬وهذا استنادا ألحكام‬
‫المرسوم التنفيذي ‪ 353-01‬المؤرخ في ‪2001-11-10‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬خطوات انجاز عمليات الخوصصة‬


‫يتطلب انجاز عمليات الخوصصة خطوات تحضيرية وأخرى تنفيذية ‪ ،‬تشرف عليها‬
‫هيئات سياسية وأخرى تقنية اختلفت بين األمرين ‪ 22-95‬و ‪.04-01‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬انجاز عمليات الخوصصة في ظل األمر ‪22-95‬‬

‫‪46‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫النجاز عمليات الخوصصة يتطلب األمر إجراء عدة خطوات تحضيرية للعملية بداية‬
‫البد من تصنيف المؤسسات وتحديد مدى قابليتها للخوصصة على أساس المعايير واألهداف‬
‫المرجوة منها‪.‬أي يتم انتقاء المؤسسات التي ستخضع للخوصصة وإدراجها في قائمة ضمن‬
‫برنامج الخوصصة المقترح من طرف الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة على الحكومة التي‬
‫تتولى المصادقة عليه وتعلن عنه بمقتضى مرسوم‪ ،‬وتم ذلك من خالل المرسوم التنفيذي‬
‫‪ 195-98‬الذي تضمن قائمة بـ‪ 89 :‬مؤسسة هذه القائمة تعد بالتشاور مع القطاعات‬
‫المعنية‪.‬‬
‫توضع المؤسسات العمومية المدرجة في برنامج الخوصصة المصادق عليه تحت سلطة‬
‫الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة التي تتولى كل سلطات اإلدارة‪.‬حيث بإمكان هذه الهيئة أن‬
‫تطلب من المؤسسات والهيئات تزويدها بالوثائق والمعلومات الضرورية النجاز مهمتها‬
‫وتحضير المؤسسة للخوصصة ( إعادة هيكلة المؤسسة ) وتطبق توجيهات المجلس الكتابية‬
‫للخوصصة وتحضر المؤسسة العمومية أو أصولها ثم بعد ذلك يتم تقييم المؤسسة أو‬
‫األصول محل الخوصصة وتحديد سعر التنازل ليأتي دور مجلس الخوصصة بشان عملية‬
‫التقييم‪ ،‬حيث يتولى هو تقديم قيمة المؤسسة العمومية أو أصولها المطلوب التنازل عنها أو‬
‫يكلف من يقدر وذلك حسب المناهج والتقنيات المالئمة في مجال التنازل الكلي أو الجزئي‬
‫عن المؤسسات أو أصولها مع مراعاة خصوصية كل حالة‪ ،‬ويحدد على أساس تقارير‬
‫تقويم نوعية يعدها بنفسه أو الخبراء الذين فوضهم لذلك ‪،‬فارق األسعار لتحديد سعر عرض‬
‫التنازل عن األسهم والحصص أو ‪ ...‬ثم يرسل هذا المجلس تقرير التقويم وفارق األسعار‬
‫إلى الهيئة التي تبلغهما للحكومة التي توافق عليها بعد استشارة لجنة مراقبة عمليات‬
‫الخوصصة التي تطلع على ملف التقويم المعد من المجلس بعد ذلك يشرع في الخطوات‬
‫التنفيذية لعملية الخوصصة‪ ،‬حيث يقترح المجلس إجراءات التنازل وكيفياته أو يقترح تدابير‬
‫خوصصة التسيير التي تبدو له أكثر مالئمة لحالة المؤسسة العمومية المعنية بالخوصصة‪.‬‬
‫ثم تعرض هذه اإلجراءات المقترحة من طرف الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة على‬
‫الحكومة التخاذ قرار بشأنها بعد اإلطالع على تقرير المجلس ورأي اللجنة‪.‬‬
‫هذا ويتولى المجلس كذلك النشر عن كل عملية خوصصة يعتزم القيام بها وتفاصيل منهج‬
‫الخوصصة وشروط المناقصة‪ ،‬وان اقتضى األمر تاريخ اختتام العروض في جريدتين‬
‫وطنيتين أو دوليتين مرتين على األقل ‪،‬كما يقوم بإشهار كل عملية خوصصة بواسطة‬
‫الوسائل السمعية البصرية واإلعالن على مستوى الغرفة التجارية ‪.‬‬
‫‪ -‬يستقبل المجلس العروض ويقوم بانتقائها ويعد تقرير ظرفيا عن العرض المقبول ويرسله‬
‫إلى الهيئة المكلفة بتنفيذ الخوصصة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫‪ -‬تضبط شروط تحويل ملكية المؤسسات العمومية االقتصادية أو خوصصة تسييرها في‬
‫دفاتر الشروط الخاصة التي تحدد فيها المتنازل أو المتملك وواجباتهما‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن أن تنص دفاتر الشروط عند االقتضاء على احتفاظ المتنازل مؤقتا سهم نوعي‪.‬‬
‫‪ -‬ينجز تحويل الملكية حسب األشكال المطلوبة قانونا يطلب من الهيئة المكلفة بالخوصصة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬انجاز عمليات الخوصصة حسب األمر ‪.04/01‬‬
‫حسب هذا األمر تتدخل هيئات أخرى في انجاز عمليات الخوصصة بداية من مجلس‬
‫مساهمات الدولة ثم الوزارة المكلفة بالمساهمات وشركات تسيير المساهمة وحتى المؤسسة‬
‫العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫يتم إعداد برنامج الخوصصة من طرف الوزير المكلف بالمساهمات بالتشاور مع‬
‫الوزراء المعنيين ( يتم انتقاء المؤسسات التي ستدرج في برنامج الخوصصة ) ثم يعرض‬
‫البرنامج على مجلس مساهمات الدولة للموافقة عليه ‪،‬ويحال بعد ذلك على مجلس الوزراء‬
‫للمصادقة عليه‪.‬‬
‫ثم يكلف الوزير المكلف بالمساهمات بتنفيذ عمليات الخوصصة التي يحويها البرنامج‬
‫المصادق عليه‪ ،‬حيث يكلف خبراء مؤهلين لتقدير قيمة المؤسسة و األصول المتنازل عنها‬
‫وهذا اإلجراء يعد مهما جدا من حيث وجوب كون عناصر األصول والسندات المعروضة‬
‫للخوصصة موضوع تقييم من قبل خبراء قبل أي عملية خوصصة كما يعد وينفذ‬
‫إستراتجية اتصال تجاه الجمهور والمستثمرين حول سياسات الخوصصة وفرص المساهمة‬
‫في أعمال المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬يدرس العروض ويقوم بانتقائها ويعد تقريرا مفصال حول العرض الذي تم قبوله‪.‬‬
‫التابعة لها فيعرضه على مجلس‬ ‫‪ -‬يعد ملف التنازل بمعية المؤسسة المعنية وشركات‬
‫مساهمات الدولة بهذا الملف الذي يحوي على تقييم األسعار وحدها األدنى واألعلى وكذا‬
‫كيفيات نقل الملكية التي تم قبولها وكذا اقتراح المشتري بعد أن يرسله إلى لجنة مراقبة‬
‫عمليات الخوصصة التي تعد تقريرا وتبدي رأيها بشان الملف حول سير العملية وتبلغه‬
‫إلى رئيس الحكومة في اجل ال يتعدى شهر واحد من استالم الملف‪.‬‬
‫‪-‬تخضع شروط نقل الملكية إلى دفاتر شروط خاصة تكون جزء ال يتجزأ من عقد التنازل‬
‫الذي يحدد حقوق وواجبات كل من المتنازل والمتنازل له‪.‬‬
‫وتكون كل عملية نقل للملكية موضوع لشكليات اإلشهار ويمضي عقد التنازل ممثل يفوضه‬
‫قانونا الجمعية العامة للمؤسسة العمومية االقتصادية المعنية ‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫د‪ /‬سالمي وردة‬

‫الخاتمة‬
‫إن اتساع مجال القانون العام االقتصادي يجعل من المتعذر اإلحاطة بمختلف جوانبه لذا تم‬
‫التركيز على أهم المسائل المرتبطة به على غرار تنظيم القطاع العام االقتصادي ‪ ،‬دور‬
‫الدولة في المجال االقتصادي ‪...‬وذلك استنادا إلى تجربة الدولة الجزائرية ‪.‬‬
‫و تبقى محاور أخرى ترتبط بالقانون العام االقتصادي ‪ ،‬تستحق الدراسة على غرار اإلدارة‬
‫االقتصادية ‪ ،‬والتدخالت االقتصادية لإلدارة ‪...،‬الخ‬

‫مراجع‬

‫لعشب محفوظ ‪:‬الوجيز في القانون االقتصادي ‪ ،‬النظرية العامة وتطبيقاتها في الجزائر ‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪.1993 ،‬‬

‫عجة الجياللي ‪ :‬قانون المؤسسات العمومية االقتصادية من اشتراكية التسيير إلى الخوصصة ‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية للنشر ‪. 2006 ،‬‬

‫رشيد واضح ‪:‬المؤسسة في التشريع الجزائري ‪ ،‬بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬دار هومه ‪2003 ،‬‬

‫وليد بوجملين ‪ :‬سلطات الضبط االقتصادي ‪ ،‬دار بلقيس للنشر ‪، 2011 ،‬‬

‫الميثاق الوطني لسنة ‪ ، 1986‬حزب جبهة التحرير الوطني ‪ ،‬األمانة الدائمة للجنة المركزية‬

‫‪BORELLA François ., « Le droit public économique Algérien »,R.A.S.J.E.P ,‬‬


‫‪n0 3 et 4, 1966 .‬‬

‫‪BOUDRA Belgacem , « Le régime juridique de l’entreprise publique‬‬


‫‪économique » ,R.A.S.J.E.P , n0 2 ,1993‬‬

‫‪49‬‬
‫ سالمي وردة‬/‫د‬

BOUDRA Belkacem, Lʼautonomie de entreprise publique économique « thèse


d’état en droit public », université de Constantine, institut de droit et des
sciences administratif, 1993,

COLSON Jean-Philippe, IDOUX Pascale: Droit public économique ,


6emeedition ,L.G.D.J Lextenso édition , Paris ,2012

Maggy Pariente : Les groupes de sociétés, Aspect juridique, sociale, comptable


et fiscal, éd librairie de le cour de cassation, éd Litec , paris, 1993

MEBTOUL Abderrahmane, l'Algérie face aux défis de la mondialisation, 2002

Rapport général relatif a l’autonomie de l’entreprise ,,R.A.S.J.E.P , n0 1 ,1988 .

Prof .SAMB Moussa: Cours de droit économique, faculté des sciences


juridiques et politiques, université cheikh ANTA DIOP de Dakar.

SADI Nacer-Eddine : La privatisation des entreprises publiques en Algérie ,2 éme


ed ,OPU,2006.

SAVY Robert: Droit public économique ,2 éme édition DALLOZ , Paris, 1977.

ZOUAIMIA Rachid, Le droit de la concurrence ,édition Belkeise ,2012.

ZOUAIMIA Rachid: Droit de la régulation économique ,Berti ed , 2006.

50

You might also like