Professional Documents
Culture Documents
لقد حاول الفقهاء إيجاد فكرة أو نظرية عامة أساسية تصلح أساسا و دعامة جوهرية لبن اء مب ادئ أو قواع د الق انون اإلداري يمكن االعتم اد عليه ا
لمعرفة والية القضاء اإلداري و تطبيق المبادئ و األحكام المتمّيزة و التي ال مثيل لها في الق انون الخ اص .و نظ را للخص ائص المم يزة للق انون
اإلداري من كونه حديثا وغير مقنن مرنا ومتطورا قضائيا في اغلب قواعده مما جعله متعددا في نظرياته أي تعدد المعايير فاجتهد الفق ه في البحث
عن فكرة تكون أساسا له أي البحث عن جواب.متى تطبق قواعد القانون اإلداري على اإلدارة العامة ونشاطاتها ومتى تطب ق عليه ا قواع د الق انون
العادي ومتى ال نطبق قواعد القانون اإلداري لذلك تعددت النظريات في مجال تمييز القانون اإلداري وفي تحديد المعيار وأهمي ة عملي ة متمثل ة في
تحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر للمنازعات اإلدارية الناجمة عن النش اط اإلداري ,أم ا األهمي ة النظري ة فهي تحدي د القواع د القانوني ة ال تي
ا؟ امت عليه تي ق س ال ات واألس ذه النظري ا هي ه ة فم ال اإلداري ات واألعم تحكم وتنظم العالق
و لإلجابة عن هذه األسئلة قمنا بتقسيم بحثنا الي أربعة مباحث رئيسية نتناول في المبحث األول أهمية تحديد أساس الق انون اإلداري ،ثم في المبحث
الثاني نظرية السلطة العامة أما في المبحث الثالث فنتناول نظرية المرفق العام ،و في األخير نتعرض لمعيار السلطة العامة بوج ه جدي د و محاول ة
الجمع بين المعياريين وموقف المشرع الجزائري من أسس و معايير القانون اإلداري فوقا للخطة الموضحة ادناه.
:خــــــطة البحث
.المبحث األول :أهمية تحديد أساس القانون اإلداري
.المطلب األول :التحديد من حيث الجهة القضائية صاحبة االختصاص
.المطلب الثاني :التحديد من حيث القواعد القانونية الواجبة التطبيق
.المبحث الثاني :معيار السلطة العامة
.المطلب األول :المقصود من معيار السلطة العامة
.المطلب الثاني:تقييم معيار السلطة العامة
.المطلب الثالث:أمثلة تطبيقية من القانون الجزائري
.المبحث الثالث :معيار المرفق العام
.المطلب األول :المقصود من معيار المرفق العام
.المطلب الثاني :أزمة المرفق العام
.المطلب الثالث :فكرة المصلحة العامة كأساس للقانون اإلداري
المبحث الرابع :ظهور معيار السلطة العامة بوجه جديد و محاولة الجمع بين المعياريين وموقف المشرع الجزائري من أسس و معايير القانون
.اإلداري
.المطلب األول :ظهور معيار السلطة العامة الحديث
.المطلب الثاني :الجمع بين معيار المرفق العام و السلطة العامة
.المطلب الثالث:موقف المشرع الجزائري من أسس و معايير القانون اإلداري
:الخاتمة
:قائمة المراجع
:الفهرس
.المبحث األول :أهمية تحديد أساس القانون اإلداري
ال شك أن وضع أساس للقانون اإلداري يساهم في تحديد والية هذا القانون و حصر مجال تطبيقه و يمكننا إجمال أهمية تحديد هذا األساس أوال من
.حيث الجهة القضائية صاحبة االختصاص ،أما ثانيا فمن حيث القواعد القانونية واجبة التطبيق
.المطلب األول :التحديد من حيث الجهة القضائية صاحبة االختصاص
إن وضع أساس لذا القانون له فائدة عملية تتجلى في معرفة اختصاص كل من القضاء العادي و اإلداري خصوصا في الدول التي تأخذ بازدواجية
.القضاء كما هو الحال بالنسبة لفرنسا و الجزائر و غيرها من الدول المنتهجة لهذا النظام
و بالنسبة للجزائر فلقد ازدادت أهمية وضع أساس للقانون اإلداري من الناحية العملية خصوصا بعد صدور القانون العضوي 98ـ 01و القانون 98ـ
02حيث بموجبهما الفصل بين جهات القضاء العادي و بين أجهزة القضاء اإلداري ،كما تم إنشاء محكمة للتنازع بموجب القانون العضوي رقم 98ـ
. 03و بهذا فإن وضع أساس لهذا القانون سيكون له فائدة عملية كبيرة فعلى هذا األساس يمكننا معرفة اختصاص إما جهة القضاء العادي أو جهة
القضاء اإلداري خصوصا أن قواعد االختصاص النوعي تعد من النظام العام الذى ال يجوز مخالفتها) 1 ( .
.المطلب الثاني :التحديد من حيث القواعد القانونية الواجبة التطبيق
ال تنحصر فائدة تحديد أساس القانون اإلداري على معرفة الجهة القضائية صاحبة االختصاص فحسب بل يتعدى ذلك إلى معرفة القواعد القانونية
.الواجبة التطبيق خاصة إذا نظرنا إلى االختالف الكبير بين قواعد القانون الخاص و قواعد القانون العام
فلقد أدى التطور الحديث لقواعد القانون اإلداري خصوصا بالنسبة للدول المتبنية لنظام ازدواجية القضاء إلى تميز كبير لقواعد هذا القانون في شتى
الميادين سواء في نظام المال أو في نظام التعاقد أو في مجال المسؤولية و أحكامها األمر الذي صار يتعذر معه يقينا إخضاع اإلدارة في أموالها و
عقودها و في نظام مسؤوليتها المدنية لقواعد القانون المدني دون سواها،و ال مانع من أن تخضع له جزئيا بما يتناسب و طبيعة هذا القانون) 2 ( .
________________________________________
عمار بوضياف:الوجيز في القانون اإلداري،الطبعة الثانية،جسور للنشر و التوزيع،الجزائر، 2007،ص) 1 ( .122
.نفس المرجع،ص( 2 ) 123
.المبحث الثاني :معيار السلطة العامة
سنتناول في هذا المبحث في البداية التعرض إلي معرفة المقصود بمعيار السلطة العامة ثم االنتقادات الموجه لهذا المعيار وفي األخير ارتأينا أن
.نحضر بعض األمثلة التطبيقية من القانون الجزائري في بعض المجاالت اإلدارية
.المطلب األول :المقصود من معيار السلطة العامة
يعتبر موريس هوريو رائد هذه المدرسة و مفاد هذه النظرية أن للدولة إرادة تعلو إرادة األفراد و من ثّم فإن لها أن تستعمل أساليب السلطة العامة ،و
هي إن قامت بهذا النوع من األعمال "نزع الملكية ،غلق محل ،فرض تلقيح ...إلخ " ،وجب أن تخضع لمبادئ و أحكام القانون اإلداري ،كما تخضع
.في منازعاتها المترتبة عن هذه األعمال أمام القاضي اإلداري ( ) 1
و ال تخضع اإلدارة ألحكام القانون اإلداري فحسب ،بل تخضع أيضا للقانون الخاص و تمثل منازعاتها أمام القضاء العادي ،و ذلك عندما تنزل إلى
مرتبة األفراد و تباشر أعماال مدنية .والية القانون اإلداري تم رسم معالمها استنادا لمعيار السلطة العامة ،فهو بهذا الوصف قانون السلطة العامة .
وفكرة السلطة العامة في مفهومها ومدلولها عندهم تتآلف من عنصرين عنصر ايجابي وسلبي أي لإلدارة نشاطين أو عملين و هما أعمال السلطة و
.أعمال التسيير أو اإلدارة ( ) 2
الفرع األول :العنصر االيجابي لفكرة السلطة (أعمال السلطة)
هي محور ومعيار النظام اإلداري من حيث خضوعها ألحكام استثنائية وغير مألوفة ومعهودة في روابط القانون الخاص ,هي قواعد القانون
اإلداري واختصاص القضاء اإلداري بالفصل في المنازعات المترتبة عنها مثل ‘إصدار القرارات اإلدارية ؛التنفيذ الجبري ؛ وامتياز نزع الملكية
للمنفعة العامة وقد حاول الفقيه بالمير تحديد أعمال السلطة على أنها التصرفات التي تأتيها اإلدارة بموجب سلطة األمر والقيادة والتي تخرجها من
.نطاق القانون العام المشترك حيث ال يخول لألفراد القيام بتلك األعمال
( الفرع الثاني :العنصر السلبي ( أعمال التسيير
حينما تقوم اإلدارة العامة بأعمال التسيير فهي ال تخضع للنظام اإلداري أي أنها تخضع في نشاطها للقانون العادي ويختص القضاء العادي
بالمنازعات التي تثور بنشأتها أي هو مجموعة القيود وااللتزامات والحدود التي تقيد وتلزم السلطة اإلدارية عند قيامها بوظائفها وأعمالها هذه القيود
التي ال مثيل لها في مجال القانون اإلداري العادي ومن هذه االلتزامات والقيود والحدود التي تحدد وتقيد حرية اإلدارة العامة بشكل أثقل واحكم من
.تلك القيود التي تقييد االفراد ( ) 3
________________________________________
.عمار بوضياف:مرجع سابق،ص( 1 ) 124
.عمار عوابدي :القانون اإلداري(النظام اإلداري) ،الجزء األول،الطبعة الخامسة،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2008،ص( 2 ) 146
المرجع السابق،ص) 3 ( 147،148
الفرع الثاني :في مجال التعاقد
إن إرادتها ليست حرة في اختيار المتعاقد معها بل هي ملزمة طبقا للمادة 20من المرسوم الرئاسي 02ـ 250المؤرخ في 24جويلية 2002
المتضمن تنظيم الصفقات العمومية بإبرام صفقات األشغال و التوريد و الخدمات و الدراسات تبعا لطريقة المناقصة بما يفرض اللجوء لإلشهار عن
طريق الصحافة و هذا تكريسا لمبدأ الشفافية و المساواة بين المتعهدين كما أخضع الصفقة بصور شتى من الرقابة سواء داخلية و هذا عن طريق
لجنة فتح المظاريف و لجنة تقييم العروض أو خارجية عن طريق لجان للصفقات المختلفة و اللجنة الوطنية و رقابة المحاسب العمومي و المراقب
.المالي
________________________________________
.عمار بوضياف :مرجع سابق،ص126ـ( 1 ) 130
.المبحث الثالث :معيار المرفق العام
سنتعرض في هذا المبحث أوال إلى معرفة المقصود بالمرفق العام ثم بعد ذلك معرفة أهم االنتقادات الموجه لهذا المعيار ثم في األخير نظرية
.المصلحة العامة التي جاءت على انقاد معيار المرفق العام
.المطلب األول :المقصود من معيار المرفق العام
كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها إلشباع الحاجات العامة بما يحقق عرف المرفق العام تعريفا عاما مفاده أن المرفق العام هو
.المصلحة العامة).و يستعمل مصطلح المرافق العامة بمعنيين أولهما عضوي و ثانيهما مادي
المعنى العضوي:يقصد به المنظمة أو الهيئة أو الجهة العامة التي تمارس بعمالها و أموالها النشاط المحقق للنفع العام كالجامعات و المستشفيات
...الخ
المعنى المادي:يتمثل في النشاط الذي يمارسه المرفق بهدف المصلحة العامة كنشاط التعليم الخ) 1 ( ...
فلقد قامت نظرية المرفق العام في الفقه الفرنسي كأساسي للقانون اإلداري على يد ثالثة أعالم من فقهاء القانون العام حيث اعتبر ليون دوجي
رواد هذا المعيار .الدولة ليست شخصا يتمتع بالسلطة و السيادة و السلطان (كما ذهب Bonnardو بونارد Jezeجيز Léon Duguit ،
.أصحاب السلطة العامة) بل هي مجموعة مرافق عامة تعمل لخدمة المجتمع و إشباع حاجات األفراد الدولة جسم خالياه المرافق العامة
و يقصد بالمرافق العامة مشروعات عامة تتكّو ن من أشخاص و أموال تهدف إلى إشباع حاجة عامة ،و هذه المرافق تتمّيز بأنها مشروعات يعجز
.األفراد عن القيام بها
.المرفق العام هو جوهر القانون اإلداري و إليه يرجع جميع موضوعاته و يتحدد نطاق اختصاصاته و واليته ( ) 2
من الجدير بالذكر أن الفكر قد أستمد و استنبط هذا األساس من أحكام القضاء اإلداري الفرنسي حيث تبنى مجلس الدولة الفرنسي فكرة المرفق العام
:كأساس تطبيقي للقانون اإلداري منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر في سلسلة من األحكام أهمها
أوال :حكم بالنكو
حكم محكمة التنازع في قضية بالنكو الشهيرة حيث تعرضت بنت صغيرة تدعى ايجينز بالنكو لحادث تسببت فيه عربة تابعة لوكالة التبغ التي كانت
تنقل إنتاج هذه الوكالة من المصنع إلى المستودع
________________________________________
.عمار عوابدي:مرجع سابق،ص( 1 ) 139
مصطفى أبو زيد فهمي:الوسيط في القانون اإلداري(تنظيم اإلدارة العامة) ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،دار المطبوعات الجامعية ،بدون ) ( 2
.بلد, 1995،ص55ـ58
فقام ولي البنت برفع دعوة لتعويض الضرر المادي الذي حصل إلبنته أمام المحكمة العدلية على أساس أحكام القانون المدني الفرنسي إال أن وكالة
التبغ اعتبرت أن النزاع يهم اإلدارة و أن مجلس الدولة هو صاحب االختصاص لذلك طالبت بإيقاف النظر في الدعوة حتى تبنت محكمة تنازل
:االختصاص في هذا اإلشكال و حين عرض األمر عليها أجابت محكمة التنازع بتاريخ 8فبراير 1873بما يلي
حيث أن المسؤولية التي يمكن أن تتحملها الدولة بسبب األضرار التي يلحقها أعوان المرفق العام باألفراد ال يمكن أن تخضع لمبادئ القانون "
المدني التي تضبط عالقة األفراد فيما بينها ،حيث أن هذه المسؤولية ليست عامة أو مطلقة بل لها قواعدها التي تتغير حسب مقتضيات المرفق العام و
ضرورة التوفيق بين مصلحة الدولة و حقوق األفراد و حيث أصبحت بالتالي السلطة اإلدارية وحدها المختصة بالنظر في هذا النزاع و هو ما يجعل
القرار و رئيس المقاطعة في رفع القضية أمام المحكمة قرارا صائبا يستوجب إقراره " ) 1 ( .
ثانيا :حكم تيرييه
كذلك في قضية السيد تيرييه حيث أعلنت أحد المجالس البلدية عن مكافئة يتم منحها لكل فرد يساهم في حملت التخلص من األفاعي التي كانت تهدد
السكان و قد أشرفت البلدية على حملت التطهير هذه و خصصت لها غالف مالي رصد للمساهمين في هذه العملية و بعد ما ساهم في هذه الحملة
السيد تيرييه تقدم لمصالح البلدية الحصول على مكافئته غير أنه فوجئ بالرد من جانب البلدية أن الرصيد المالي المخصص للعملية قد نفذ و ما كان
عليه إال أن يتجه للقضاء مخاصما المجلس البلدي و لما وصلت الدعوة لمجلس الدعوى الفرنسي الذي أقر اختصاصه بالنظر في النزاع في حكمه
الشهير بتاريخ 6فبراير 1903على أساس أن الوعد بالجائزة قد تضمن إيجابا من جانب المجلس البلدي يقابله قبوال من طرف السيد تيرييه و من ثم
يكون بينهما عقد موضوعه التخلص من األفاعي التي تشكل خطرا على الصحة العامة في المدينة و هذا العقد في نظر مجلس الدولة يتعلق بمرفق
عام) 2 ( .
________________________________________
.عمار بوضياف:مرجع سابق,ص( 1 ) 131
.هاني علي الطهراوي:القانون اإلداري ،الطبعة األولى دار الثقافة للنشر و التوزيع, 2006،ص( 2 ) 102
غير المعقول إخضاع المرافق االقتصادية إلى القضاء اإلداري .ففكرة المرفق العام أصبحت عاجزة على أن تكون أداة تمّيز بين والية القانون
اإلداري و والية القانون الخاص ) 1 ( .
و لعل أبرز ما يمكن االستشهاد به في هذا المجال القرار الصادر عن محكمة التنازل في 22جانفي 1921الخاص في قضية باك لوكا حيث
تعرضت عبارة بحرية في ساحل العاج لحادث تسبب في غرق مسافر و إلحاق الضرر بمجموعة عربات و لما رفع األمر إلى المحاكم العدلية تمسك
ممثل اإلدارة فعرض األمر على محكمة التنازل فأقرت الصبغة المدنية للنزاع و اختصاص القاضي العادي بالنظر فيه مؤسسة قرارها على أن
الشركة كانت تقوم بوظيفة نقل طبقا لذات الشروط التي يعمل بمقتضاها األفراد و انتهت بذلك إلى أن غياب نص صريح يعهد االختصاص القاضي
اإلداري فإن النزاع يكون من اختصاص القاضي العدل ،و انطالقا من هذا القرار انتهى الفقهاء أن المرفق العام لم يعد شكال واحدا بل و بحكم
التطور الذي حدث في المجتمعات أصبحت المرافق أنواع مرافق إدارية و مرافق اقتصادية نتجت عن تدخل الدولة في المجال الصناعي و التجاري
إذا كان يجب إخضاع المرافق اإلدارية ألحكام القانون اإلداري فإنه من غير المعقول تطبيق نفس األحكام بالنسبة للمرافق االقتصادية حيث أن هذه
المرافق تخضع أساسا ألحكام القانون الخاص فالعقود التي تبرمها المرافق االقتصادية تكون غالبا من نفس طبيعة العقود المدنية كما أن عمال
المرافق االقتصادية يخضعون لتشريع العمل ال لتشريع الوظيفة العامة ) 2 ( .
و تأسيسا على ما تقدم أصبحت هذه الفكرة عاجزة أن تكون أداة تميز بين والية القانون الخاص و القانون العام مما أدى بالفقه إلى التفكير في معيار
.أكثر حسما و أشد وقعا
________________________________________
مصطفى ابو زيد فهمي:الوسيط في القانون اإلداري(تنظيم االدارة العامة)،الجزء االول،الطبعة االولى،دار المطبوعات الجامعية،بدون بلد( 1 ) ،
.1995.ص134
________________________________________
.محمد رفعت عبد الوهاب:مبادئ و أحكام القانون اإلداري،منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان, 2005 ،ص( 1 ) 76
المبحث الرابع :ظهور معيار السلطة العامة بوجه جديد و محاولة الجمع بين المعياريين وموقف المشرع الجزائري من أسس و معايير القانون
.اإلداري
سنتناول في مبحثنا هذا معيار السلطة العامة بوجه جديد بعد النقد الموجه له حيث حاول أنصاره تحديثه ثم نتطرق إلى محاولة الفقه الجمع بين
.المعياريين و في األخير معرفة موقف المشرع الجزائري من أسس و معايير هذا القانون
.المطلب األول :ظهور معيار السلطة العامة الحديث
بعد ظهور المرافق الصناعية و التجارية و القصور الذي لحق بمعيار المرافق العامة عاد معيار السلطة العامة من جديد من طرف مؤيدها في فرنسا
العميد فيديل ليؤكد على أن الفصل بين قواعد كل من القانون اإلداري و القانون الخاص يكمن في فكرة السلطة العامة فالقانون اإلداري يكون هو
الواجب التطبيق إذا لجأت اإلدارة إلى استخدام بعض امتيازات السلطة العامة .و هذا يعني إن والية القانون اإلداري تبنى باألساس على الوسيلة التي
تستخدمها اإلدارة ،فإن استخدمت وسائل القانون العام "امتيازات السلطة العامة" خضعت في عملها هذا للقانون اإلداري و إن استخدمت وسائل
القانون الخاص نزلت إلى مرتبة األفراد خضعت للقانون الخاص و القضاء العادي إال أن كذلك هذه النظرية لم تسلم من النقد فلقد فتحت السبيل واسعا
أمام اإلدارة و تركت لها قدرا كبيرا من الحرية فهي إن أرادت أتباع قواعد القانون الخاص أو العام بدون وجود ضوابط في ذلك) 1 ( .
.المطلب الثاني :الجمع بين معيار المرفق العام و السلطة العامة
ناد الفقيه "أندريه ديلوبادير" بضرورة تطبيق معيار مزدوج فأعطى لكل من المعيارين حقه في رسم معالم والية و اختصاص القانون اإلداري،
فالقانون اإلداري ال يطبق إال إذا كان األمر متعلقا بمرفق عام و يتمتع هذا المرفق بامتيازات السلطة العامة في القيام بنشاطاته ) 2 ( .
إن الجمع بين الفكرتين أساسه عدم كفاية فكرة واحدة لتمييز القانون اإلداري أو تحديد نطاقه؛ إذ أن فكرة المرفق العام ال تغطي كل النشاطات
اإلدارية مما يستوجب تكميلها بفكرة أخرى هي استخدام أساليب القانون العام أو وسائل السلطة العامة لسد هذا العجز .وقد القى هذا المعيار المختلط
اهتماما وتجاوبا من الفقه والقضاء اإلداريين في مصر فأكد بعض الفقهاء على أن هذا المعيار يتالفى القصور في المعيارين السابقين ويجمع بين
مزاياهما ؛ وان الجمع بين فكرة المرفق العام والسلطة العامة كأساس لتمييز القانون اإلداري ومعيار له يؤكد أن الفكرتين
________________________________________
.محمد رفعت عبد الوهاب:مرجع سابق,ص( 1 ) 77,78
. .عبد الغني بسيوني عبد هللا:الوسيط في مبادئ و أحكام القانون اإلداري،منشأة المعارف،بدون بلد،بدون سنة.ص( 2 ) 96
متكاملتان وال تستبعد إحداهما األخرى كما إن القضاء اإلداري اتجه في أحكامه التي صدرت في السنوات األخيرة إلى الجمع بين فكرتي المرفق
العام واستعمال أساليب القانون العام لتحديد نطاق القانون اإلداري؛ وتحديد االختصاص القضائي بالنظر في المنازعات اإلدارية .أما في األردن
فيالحظ أن محكمة العدل العليا طبقت في الكثير من أحكامها المعيار المختلط كأساس لتمييز بعض موضوعات القانون اإلداري
كموضوعات :الموظف العام ،القرار اإلداري ؛العقد اإلداري .حيث قضت هذه األحكام بان قواعد القانون اإلداري تنطبق على نشاط معين وينعقد
االختصاص للمحكمة في النزاع حول هذا النشاط عندما يتعلق بمرفق عام من جهة ؛ وتستخدم اإلدارة في مباشرته وانجازه أساليب القانون العام..فقد
استق قضاء محكمة العدل العليا في مجال الوظيفة العامة على إن الموظف العام هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تدبره
الدولة أو احد أشخاص القانون العام وهذا تطبيق للمعيار المختلط ؛ الن تحديد صفة الموظف العام الذي يخضع لنظام الوظيفة العامة ترتبط بكونه
يخدم في مرفق عام ؛ وان يدار هذا المرفق من قبل سلطة إدارية تستخدم أساليب القانون العام....فاعتبرت على أساس هذا المعيار العاملين في
الوزارات المختلفة والعاملين في المؤسسات العامة والبلديات؛ موظفين عموميين) 1 ( .
.المطلب الثالث:موقف المشرع الجزائري من أسس و معايير القانون اإلداري
إن فكرة الجمع بين األهداف والوسائل ‘ هي التي يمكن لها أن تؤسس القانون اإلداري الجزائري الحديث ؛ فاشتراك فكرة السلطة بمدلولها الحديث
مع فكرة المصلحة العامة للدولة الجزائرية والمتجسدة في األهداف االشتراكية للدولة وهدف تحقيق التنمية الوطنية ؛ هو الذي يؤسس فكرة القانون
اإلداري الجزائري ويحدد نطاق تطبيقه ؛ ففكرة السلطة العامة عن طريق مظاهرها المختلفة كوسيلة تحقيق للمصلحة العامة في نطاق األهداف و
المبادئ االشتراكية للدولة الجزائرية هي التي تبرز و تؤسس القانون اإلداري الجزائري التقليدي هي التي تؤسس قواعد القانون اإلداري التقليدي
ذلك أنه ال يمكن القول بفكرة المرفق العام كأساس و معيار للقانون اإلداري الجزائري الحديث أما فكرة السلطة العامة فهي تلعب الدور الرئيسي في
تأسيس الستعمال وسائل و مظاهر السلطة العامة ) 2 ( .
________________________________________
.عالء الدين عشي :مدخل القانون اإلداري ،الجزء األول ،دار الهدى ،الجزائر.2009 ،ص( 1 ) 56
:الخاتمة
وخالصة القول و من خالل عرض المعايير السابقة لتمييز القانون اإلداري ؛ والجهود التي بذلها الفقه والقضاء اإلداريين للتوصل إلى معيار جامع
يمكن اعتماده كأساس لتمييز القانون اإلداري ؛ وتختلف باختالف النظام القضائي الذي تتبعه الدولة ؛ وما إذا كان القضاء اإلداري صاحب الوالية
العامة في المنازعات اإلدارية ؛ أم أن اختصاصه محددا على سبيل الحصر
ففي ظل نظام القضاء اإلداري صاحب الوالية العامة في المنازعات اإلدارية تبرز أهمية معيار تمييز القانون اإلداري ؛ إذ البد من معرفة طبيعة
النزاع لتحديد القضاء المختص وبالتالي القانون الواجب التطبيق وتبرز في هذا النظام األهمية العملية إليجاد أساس لتمييز القانون اإلداري أو معيار
.يحدد نطاقه
.أما في ظل نظام القضاء اإلداري صاحب االختصاص المحدد فال تبرز األهمية لوجود معيار لتمييز القانون اإلداري
:قائمة المراجع
إبراهيم أبو زيد فهمي:الوسيط في القانون اإلداري(تنظيم اإلدارة العامة) ،الجزء األول ،الطبعة األولى ،دار المطبوعات الجامعية ،بدون بلد1. ،
1995.
، .عبد الغني بسيوني عبد هللا:الوسيط في مبادئ و أحكام القانون اإلداري،منشأة المعارف،بدون بلد 2.
.عالء الدين عشي:مدخل القانون اإلداري ،الجزء األول ،دار الهدى ،الجزائر3. 2009 ،
.عمار بوضياف:الوجيز في القانون اإلداري،الطبعة الثانية،جسور للنشر و التوزيع،الجزائر4. 2007،
.عمار عوابدي :القانون اإلداري(النظام اإلداري) ،الجزء األول،الطبعة الخامسة،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2008،ص5. 146
.محمد رفعت عبد الوهاب:مبادئ و أحكام القانون اإلداري،منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان6. 2005،
مصطفى أبو زيد فهمي:الوسيط في القانون اإلداري(تنظيم اإلدارة العامة)،الجزء األول،الطبعة األولى،دار المطبوعات الجامعية،بدون بلد7. ،
1995.
.هاني علي الطهراوي:القانون اإلداري ،الطبعة األولى دار الثقافة للنشر و التوزيع8. 2006،