خطة البحث مقدمة المبحث االول :معيار السلطة العامة المطلب االول :تعريف السلطة العامة المطلب الثاني :العنصر االيجابي لفكرة السلطة العامة ( اعمال السلطة ) المطلب الثالث :العنصر السلبي لفكرة السلطة العامة ( اعمال التسيير ) المطلب الرابع :تقدير نظرية السلطة العامة المبحث الثاني :معيار المرفق العام المطلب االول :تعريف المرفق العام المطلب الثاني :مدرسة المرفق العام المطلب الثالث :ازمة فكرة المرفق العام المطلب الرابع :تقدير فكرة المرفق العام المبحث الثالث :المعيار المختلط ومعايير أخرى المطلب االول :المعيار المختلط وفكرة المصلحة العامة المطلب الثاني :معيار الغاية ومعيار التمييز بين اعمال السلطة العامة واعمال االدارة العادية المطلب الثالث :معيار التمييز بين اساليب االدارة العامة واساليب االدارة الخاصة والمعيار العضوي المطلب الرابع :موقف المشرع الجزائري من اسس ومعايير القانون االداري الخـــــــاتمة ):المقدمة: نظرا للخصائص المميزة للقانون اإلداري من كونه حديثا وغير مقنن مرنا ومتطورا قضائيا في اغلب قواعده مما جعله متعددا في نظرياته أي تعدد المعايير فاجتهد الفقه في البحث عن فكرة تكون أساسا له أي البحث عن جواب.متى تطبق قواعد القانون اإلداري على اإلدارة العامة ونشاطاتها ومتى تطبق عليها قواعد القانون العادي ومتى ال نطبق قواعد القانون اإلداري لذلك تعددت النظريات في مجال تمييز القانون اإلداري وفي تحديد المعيار وأهمية عملية متمثلة في تحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر للمنازعات اإلدارية الناجمة عن النشاط اإلداري ,أما األهمية النظرية فهي تحديد القواعد القانونية التي تحكم وتنظم العالقات واألعمال اإلدارية فما هي هذه النظريات واألسس التي قامت عليها؟ المبحث األول :السلطة العامة المطلب األول :تعريف السلطة العامة 1 لقد كان القانون اإلداري الفرنسي خالل القرن 19مبنيا على فكرة السلطة العامة ومرتبطة بهاو عرفها أنصارها على أنها مجموعة امتيازات والسلطات واالختصاصات ومجموعة األساليب الفنية ومجموعة القيود التي تعمل في حدودها اإلدارة العامة فهي تجعل اإلدارة أسمى وال تتساوى مع مراكز األفراد وبالتالي تحتم وجود قواعد القانون اإلداري االستثنائية وغير المألوفة في قواعد القانون األخرى ,ففكرة السلطة العامة هي التي تحدد مجال التطبيق القانوني فكل تصرف يتضمن مظهرا من مظاهر السلطة العامة يعد عمال إداريا يدخل في نطاق تطبيق القانون اإلداري .وفكرة السلطة العامة في مفهومها ومدلولها الحديث تتآلف من عنصرين عنصر ايجابي وسلبي. المطلب الثاني :العنصر االيجابي لفكرة السلطة ( أعمال السلطة )2 هي محور ومناط ومعيار النظام اإلداري من حيث خضوعها ألحكام استثنائية وغير مألوفة ومعهودة في روابط القانون الخاص ,هي قواعد القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري بالفصل في المنازعات المترتبة عنها مثل ‘إصدار القرارات اإلدارية ؛التنفيذ الجبري ؛ وامتياز نزع الملكية للمنفعة العامة وقد حاول الفقيه بالمير تحديد أعمال السلطة على أنها التصرفات التي تأتيها اإلدارة بموجب سلطة األمر والقيادة والتي تخرجها من نطاق القانون العام المشترك حيث ال يخول لألفراد القيام بتلك األعمال (قرار ؛حضر التجول). ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 1د.عمار عوابدي.القانون االداري-ج-1ديوان المطبوعات الجامعية-ط-2005-3الجزائر-ص146 2د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص147 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ المطلب الثالث :العنصر السلبي ( أعمال التسيير )3 حينما تقوم اإلدارة العامة بأعمال التسيير فهي ال تخضع للنظام اإلداري أي أنها تخضع في نشاطها للقانون العادي ويختص القضاء العادي بالمنازعات التي تثور بنشأتها ؛أي هو مجموعة القيود وااللتزامات والحدود التي تقيد وتلزم السلطة اإلدارية عند قيامها بوظائفها وأعمالها ؛هذه القيود التي ال مثيل لها في مجال القانون اإلداري العادي ومن هذه االلتزامات والقيود والحدود التي تحدد وتقيد حرية اإلدارة العامة بشكل أثقل واحكم ضرورة احترام هذه المصلحة العامة ؛ أهمية االلتزام بقواعد حماية األموال العامة. ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 3د.عمارعوابدي-المرجع السابق-ص147 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 4المطلب الرابع :تقدير نظرية السلطة العامة إن فكرة السلطة العامة بمفهومها السابق تنجح كمعيار للقانون اإلداري فهي تحدد نطاق تطبيق القانون اإلداري فاحتواءها على مظاهر السلطة العامة هي التي تكسيه الطبيعة اإلدارية وتبين الطبيعة اإلدارية لهذا العمل وبالتالي دخوله في نطاق تطبيق القانون اإلداري فنظرا لوجود مظاهر امتيازات السلطة العامة (نظرية الشروط االستثنائية ) في العقود التي تبرمها اإلدارة العامة هو الذي يكسب هذه العقود والصفقة والطبيعة اإلدارية ؛ وفكرة السلطة العامة هي التي تدخل هذه التصرفات ضمن قواعد القانون اإلداري وتطبيقاته وكذا القرارات اإلدارية وفكرة الموظف العام واألحوال العامة إذ أن احتواءها على مظاهر السلطة العامة تليها الطبيعة اإلدارية ويدخلها بشكل مباشر ضمن تطبيقات القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ؛هذا عن دورها كمعيار للقانون اإلداري أما دورها في إظهار القانون اإلداري فهي وحدها عاجزة عن إن تكون الفكرة الوحيدة لتأسيس القانون اإلداري بل تشترك مع فكرة المرفق العام في مدلوله الوظيفي الفني ( المصلحة العامة ) في تأسيس القانون اإلداري ففكرة السلطة العامة تشترك مع المرفق العام في تكوين فكرة الجمع بين األهداف والوسائل كأساس ومعيار للقانون اإلداري ومنه فان العبرة في تحديد النظام اإلداري وإنما تكمن في خصائص ومميزاته وتصرف عمل اإلدارة ذاتها فاألمر يستند إلى معيار أحادي يقوم على أساس مدى إتباع اإلدارة العامة لألساليب وإجراءات غير مألوفة وغير معهودة في القانون الخاص بغض النظر عن احتوائه على مظاهر السلطة أو ال ؟. ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 4د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص148 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 5المبحث الثاني :معيــــار المرفق العام المطلب األول :تعريف معيار المرفق العام يعرف المرفق العام تعريفا عاما هو انه كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها إلشباع الحاجات العامة بما تحقق المصلحة العامة.أي أن أعمالها المتعلقة بهذا المرفق تتصف باإلدارية أي المنازعات المتعلقة لها ؛فتخضع ألحكام القانون اإلداري ويفصل فيها القانون اإلداري وظهرت هذه المدرسة في بداية القرن 20في مجلس الدولة الفرنسي أشهرها قضية بالتكو حيث إن المسؤولية التي تتحملها الدولة بسبب أخطاء الموظفين الذين يعملون في المرفق العام تقوم على أساس القانون اإلداري وكذلك قضية روتشا د ( أي أن العمل يكون إداريا إذا اتصل بالمرفق العام سواء كان محليا أو وطنيا ) فالموظف العام يكتسب هذه الصفة بنشاطه بالمرفق العام ؛ واألموال المملوكة للمرفق العام تصبح أمواال عامة تتمتع بحماية خاصة وإحكام مستقلة عن األموال الخـــــــــاصة. المطلب الثاني :مدرسة المرفق العام6 نجم عن صدور هذه األحكام القضائية التي تقرر وتؤكد إن فكرة المرفق العام هي أصل ومحور القانون الذي يجمع شتات نظرياته وأساس اختالف قواعده عن قواعد القانون ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ -5دار الثقافة للنشر والتوزيع-بدون طبعة-2002-عمان –االردن-ص 85-84د.نواف كنعان--القانون االداري 6د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص141-140 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ الخاص؛ وحدود تطبيقه ؛ ظهرت مدرسة المرفق العام بزعامة ليون ديجي ؛أحكام القضاء اإلداري التي أشارت إلى فكرة المرفق العام كأساس ومعيار للقانون اإلداري والقضاء اإلداري حيث أسس منها دوجي نظرية متكاملة ؛ وجاستون جيز وبونار وروالند؛ حيث أفكار الشخصية المعنوية ؛ ورفضه لفكرة السيادة ؛ والسلطة العامة أي أن الدولة هي ليست سلطة أمر ونهي وامتيازات ؛ بل هي مجموعة المرافق العامة التي يديرها الحكام باعتبار هم عمال مرافق عامة وذلك لتحقيق أهداف التضامن االجتماعي ؛ والحكام حين تسييرهم لها يسيرونها بصفتهم عمال مرافق عامة ال العتبارهم أصحاب سلطة أمر ونهي ؛إما عن عالقة المرفق العام بالقانون اإلداري فيرى أنصار هذه المدرسة إنها الفكرة الوحيدة لقيام نظرية القانون اإلداري وقواعده االستثنائية عن القانون الخاص فكل عمل متحل بالمرافق العامة يعد عمال إداريا يدخل في نطاق تطبيق القانون اإلداري. المطلب الثالث :أزمة نظرية المرفق العام كأساس ومعيار للقانون اإلداري7 تطور الحياة االقتصادية وظهور الدولة المتدخلة واهتزاز األساس الفلسفي واإليديولوجي إذ أن أسباب تطور هذه النظرية هو سبب هدمها وظهور عدة أنواع من المرافق العامة االقتصادية والمرافق المهنية تخضع لمزيج من قواعد القانون اإلداري والقانون الخاص ( قانون إداري-مرافق عامة ) (قانون خاص –العمال القائمين بوظيفة التنفيذ والعقود المبرمة مع األفراد ) وإضافة لذلك إن المرفق العام وخضوع المشروع ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 7د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص145-142 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ االقتصادي والمهني لإلدارة واستخدامه وسائل القانون العام في نشاطه ؛استهداف إشباع الحاجيات العامة وتحقيق المصلحة العامة ال يكفي كمعيار لتمييز المرافق االقتصادية عن المهنية التي ال تستخدم أسلوب القانون العام بالرغم من استهدافها تحقيق مصلحة عامة أو نفع عام .عدم كفاية فكرة المرفق العام وعدم شمولها كأساس لتحديد القانون اإلداري مما أدى إلى صعوبة تحديد مضمون المرفق العام بسبب غموض هذا المعيار ؛ فالنشاط اإلداري ال يقتصر على إدارة المرافق العامة ؛وإنما يشمل تنظيم نشاط األفراد الذي يتم عن طريق الضبط اإلداري والذي ال يعتبر بالمعنى الدقيق مرفقا عاما؛ ولهذا فان تعريف القانون اإلداري بأنه قانون المرافق العامة اغفل جزءا من النشاط اإلداري هو النشاط ألضبطي كما إن األخذ بفكرة المرافق العامة يحرج بعض األنشطة من تطبيق القانون اإلداري – .أما بالنسبة لغموض فكرة المرفق العام فان عدم اهتمام الفقه بوضع تعريف شامل كامل للمرفق العام جعلته غامضا ؛ فأصبح مدلول المرفق العام متطور ومتبدال بتطور وتبدل الزمان ؛ حيث كان ينظر إليه نظرة عضوية عند نشأته أي باعتباره جهازا ومنظمة ومشروعا إداريا.ثم أصبح ينظر إليه نظرة مزدوجة مختلطة عضوية موضوعية ؛ وعرف على هذا األساس بأنه كل (( كل مشروع تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها لتحقيق المصلحة العامة عن طريق إشباع الحاجيات العامة ؛ ثم تطور إلى مفهوم وظيفي فأصبح يعرف تبعا لذلك:كل نشاط يستهدف تحقيق المنفعة العامة ؛ أي أصبح مفهوما متغيرا غامضا ذلك انه األساس والمعيار يتطلب فيهما الوضوح والدقة والثبات ويشترط فيه صفة الجمع الشامل لكافة عناصر الموضوع أو األمر ؛ ومع ذلك فان أنصارها الزالوا يؤمنون بأنها أساس القانون اإلداري وعملوا على تطويرها األستاذ أندري دي كوبادير؛ والتورني وإزاء هذه االنتقادات الموجهة له اتجه الفقه والقضاء اإلداريين إليجاد معيار أخر يقوم على الوسيلة التي تستخدمها السلطة اإلدارية المتمثلة في السلطة العامة واالمتيازات المخولة لها. 8المطلب الرابع :تقدير فكرة المرفق العام إن معيار المرفق العام تعرض لبعض االنتقادات التي تبرر عجزه وقصوره عن استيعاب التطورات الحاصلة بالقانون اإلداري عامة والنشاط المرفقي خاصة بالرغم من إن فكرة المرفق العام قد أدت ومازالت تؤدي خدمة جليلة لنظرية القانون اإلداري وحدته وتناسق نظرياته وأحكامه ومبادئه المبعثرة باعتباره قانون غير مقنن ؛ سريع التطور كما إن المبادئ القانونية للمرفق العام ( مبدأ مساواة الجميع في االنتفاع بالخدمات ونظام المرافق العامة ) الزالت ذات دور كبير في تأسيس وتبرير نظريات القانون اإلداري ومبادئه (نظرية الظروف الطارئة ؛ فكرة اإلضراب ؛ االستقالة ؛ فعل األمير ه سحب القرارات اإلدارية ؛فهذه النظريات أسست على هذه المبادئ تساهم مع فكرة السلطة العامة في تأصيلها وتأسيسها. ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 8د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص142-141 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 9المبحث الثالث :المعيار المختلط و معايير أخرى ( الجمع بين المرفق العام والسلطة العامة ) يقوم هذا المعيار على الجمع بين فكرتي المرفق العام والسلطة العامة؛ بحيث يتحدد نطاق القانون اإلداري وتطبيق قواعده إذا كان النزاع متعلقا بنشاط قام به مرفق عام أو يستهدف خدمة نشاط مرفقي؛ وتستخدم في هذا النشاط وسائل وأساليب القانون العام ....وان الجمع بين الفكرتين اقتضاء عدم كفاية فكرة واحدة لتمييز القانون اإلداري أو تحديد نطاقه؛ إذ أن فكرة المرفق العام ال تغطي كل النشاطات اإلدارية مما يستوجب تكميلها بفكرة أخرى هي استخدام أساليب القانون العام أو وسائل السلطة العامة لسد هذا العجز .وقد القى هذا المعيار المختلط اهتماما وتجاوبا من الفقه والقضاء اإلداريين في مصر فأكد بعض الفقهاء على أن هذا المعيار يتالفى القصور في المعيارين السابقين ويجمع بين مزاياهما ؛ وان الجمع بين فكرة المرفق العام والسلطة العامة كأساس لتمييز القانون اإلداري ومعيار له يؤكد أن الفكرتين متكاملتان وال تستبعد إحداهما األخرى ( ) 2كما إن القضاء اإلداري اتجه في أحكامه التي صدرت في السنوات األخيرة إلى الجمع بين فكرتي المرفق العام واستعمال أساليب القانون العام لتحديد نطاق القانون اإلداري؛ وتحديد االختصاص القضائي بالنظر في المنازعات اإلدارية . .أما في األردن فيالحظ أن محكمة العدل العليا طبقت في الكثير من أحكامها المعيار المختلط كأساس لتمييز بعض موضوعات القانون اإلداري كموضوعات :الموظف العام ؛ القرار اإلداري ؛العقد اإلداري ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ - 9د.عمار عوابدي--المرجع السابق-ص149 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ حيث قضت هذه األحكام بان قواعد القانون اإلداري تنطبق على نشاط معين وينعقد االختصاص للمحكمة في النزاع حول هذا النشاط عندما يتعلق بمرفق عام من جهة ؛ وتستخدم اإلدارة في مباشرته وانجازه أساليب القانون العام..فقد استق قضاء محكمة العدل العليا في مجال الوظيفة العامة على إن الموظف العام هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تدبره الدولة أو احد أشخاص القانون العام وهذا تطبيق للمعيار المختلط ؛ الن تحديد صفة الموظف العام الذي يخضع لنظام الوظيفة العامة ترتبط بكونه يخدم في مرفق عام ؛ وان يدار هذا المرفق من قبل سلطة إدارية تستخدم أساليب القانون العام....فاعتبرت على أساس هذا المعيار العاملين في الوزارات المختلفة والعاملين في المؤسسات العامة والبلديات؛ موظفين عموميين المطلب األول :المعيار المختلط ومعيار المصلحة العامة نظرا لصعوبة وضع معيار دقيق وواضح للقانون اإلداري يذهب الفقه الفرنسي خاصة إلى األخذ بمعيار مركب يجمع بين السلطة العامة والمرفق العام أي تكامل المعايير أي الفكرة التي تكشف المصلحة العامة والمبادئ القانونية التي تحكم سير المرافق العامة وفكرة السلطة تكشف بشكل مباشر عن الصفة والطبيعة اإلدارية للعمل اإلداري ومن القائلين بهذه الفكرة األستاذ ( جان ريفرو )وناصره كثير من األساتذة في العصر الحديث ؛ كما إن أحكام القضاء اإلداري المقارن تؤيد وتؤكد سالمة ومنطقية هذه الفكرة. معيار المصلحة العامة ( المنفعة العامة ) 9 بعد األزمة التي حلت بفكرة المرفق العام وجعلتها عاجزة على أن تكون المعيار الوحيد للقانون اإلداري وجدت أفكار أخرى وهما فكرة المنفعة العامة ( فالين ) التي تحل محل المرفق العام فبعد خروج هذا األخير عن فكرة المرفق العام انتقدها ورأى أن فكرة المصلحة العامة هي التي تحدد قواعد القانون اإلداري االستثنائية وغير المألوفة ويحدد الطبيعة اإلدارية للنشاط اإلداري أي أنها الفكرة والمعيار الذي يحدد نطاق تطبيق القانون اإلداري ومجال اختصاص القضاء اإلداري الن المنفعة العامة هي سبب وجود هذه القواعد ويكون النشاط إداريا إذا استهدف تحقيق مصلحة عامة ؛ أما إذا هدف إلى تحقيق مصلحة خاصة فال يكون نشاطا إداريا ؛ ويطبق القانون اإلداري على النشاط الهادف لتحقيق المصلحة العامة واسعة وغامضة إضافة إلى مرونتها وقابليتها للتطور والتبدل بتغير الزمان والمكان في مقتضياتهما. المطلب الثاني :معيار الغاية أو الهدف ومعيار التمييز بين أعمال السلطة العامة وأعمال اإلدارة العادية اوال*الغاية والهدف10 وفقا لمعيار الهدف أو الغاية تكون العبرة في تحديد النشاط اإلداري بالتركيز على الهدف من النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة يعد نشاطا إداريا يخضع لقواعد القانون اإلداري ويختص بمنازعته القضاء اإلداري فإذا كان يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة فتطبق عليه قواعد القانون اإلداري ويكون من اختصاص القضاء اإلداري واالنتقادات التي وجهت إليه هي نفسها التي وجهت إلى معيار المصلحة العامة. التمييز بين أعمال السلطة العامة وأعمال اإلدارة العادية11: ثانيا* نظرا للعيوب التي وجهت إلى معيار الغاية أو الهدف هجره القضاء إلى فكرة ومعيار جديد هو معيار التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العادية؛ حيث يستند إلى تقسيم أعمال اإلدارة إلى نوعين. -إن هذا المعيار غير قاطع وغير حاسم في تحديد نطاق القانون اإلداري ومجال اختصاص القضاء اإلداري فما هو أساس التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العادية لإلدارة العامة واهم سبب في عدم قطعية هذه الفكرة بتطور مفهوم السلطة العامة في القانون اإلداري الحديث واختالفهما عن مفهومهما . المطلب الثالث :معيار التمييز بين أساليب اإلدارة العامة وأساليب اإلدارة الخاصة والعضوي12 إن هذا المعيار قريب من سابقه ؛ فاإلدارة العامة عند قيامها بوظيفتها قد تستعمل ذات األساليب المستعملة من طرف األفراد أي أساليب اإلدارة الخاصة ( تسيير أمالك الدولة الخاصة ؛ عقود اإلدارة المدنية ) إذن أعمال وأساليب اإلدارة الخاصة تخرج من نطاق األعمال اإلدارية وبالتالي تخرج من نطاق القانون اإلداري وتخرج من نطاق القضاء اإلداري ؛ أما إذا قامت اإلدارة العامة بأعمال وظائفها وفقا ألساليب اإلدارة العامة المغايرة والمتميزة عن أساليب اإلدارة الخاصة وتعد أعماال إدارية تخضع للقانون اإلداري ويختص بهاو القضاء اإلداري ومثال ذلك ( اختيار العمال ؛ إبرام العقود اإلدارية ؛ وأساليب اإلدارة وتسيير األموال العامة للدولة وحمايتها وهنا تستخدم اإلدارة أساليب استثنائية ومغايرة ألساليب اإلدارة الخاصة هي أساليب اإلدارة العامة أوال* أعمال السلطة حيث تقوم بها اإلدارة العامة باعتبارها سلطة عامة تمارس امتيازات السلطة العامة لتنفيذ األهداف العامة بما تحقق المصلحة العامة ؛ ( إصدار قرارات إدارية ؛ التنفيذ المباشر ؛التنفيذ الجبري ؛ نزع الملكية للمنفعة العامة )....تقوم بها السلطة عن طريق إصدار األوامر والنهي بإرادتها المنفردة والملزمة هي وحدها المشكلة لألعمال اإلدارية التي تخضع للقانون اإلداري ويختص بها القضاء اإلداري. ثانيا*أعمال اإلدارة العادية :تنحصر في النشاطات واألعمال التي تقوم بها اإلدارة باعتبارها شخصا عاديا وسلطة ممارسة لالمتيازات العامة ومثال ذلك ,,إبرام العقود المدنية ؛ أعمال التصرف وإدارة وتسيير أموال الدولة الخاصة ( الدومين الخاص ) أي إن هذه األعمال تخرج عن نطاق القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري تكون مزايا هذه الفكرة متمثلة بالبساطة والوضوح ولها أهمية كبيرة حيث استطاع القضاء بفضل هذا المعيار فرض رقابة على جانب هام من أعمال اإلدارة كانت تعد من أعمال السيادة ال تخضع لرقابة القضاء بتاتا ومع ذلك فله عدة عيوب نذكر منها .قيام األساس على ازدواج الشخصية القانونية للدولة حيث تصوروا وجود شخصيتين بينما للدولة شخصية قانونية واحدة تحقق لها الدوام واالستمرارية والوحدة .أدى تطبيقه إلى إخراج بعض األعمال اإلدارية بطبيعتها من األعمال اإلدارية مثل العقود اإلدارية على أنها تتضمن بطبيعتها عناصر ومظاهر السلطة العامة ( انظر الشروط االستثنائية وغير المألوفة في مجال عقود القانون الخاص .مع ذلك لم ينل هذا المعيار اهتمام من قبل القضاء اإلداري ؛ حيث ظل القضاء اإلداري يعتمد على فكرة التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العادية ؛ ولكن هذا المعيار أمكن بواسطته إدخال العقود اإلدارية صمن األعمال اإلدارية نظرا الحتوائها على أساليب اإلدارة العامة وإدخالها في نطاق القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري ؛ بينما كان معيار التمييز بين أعمال السلطة وأعمال اإلدارة العادية قد اخرج العقود اإلدارية من نطاق األعمال اإلدارية ومن مجال القانون اإلداري واختصاص القضاء اإلداري... المعيار العضوي12 : يقصد به ضرورة التركيز في تحديد طبيعة العمل اإلداري على صفة الجهة أو العضو الذي صدر منه العمل ؛ دون النظر أو االعتماد على ماهية وجوهر وطبيعة العمل ذاته وبذلك يكون العمل عمال إداريا إذا صدر من عضو أو جهة إدارية لها الصفة والطبيعة اإلدارية ( الوزارة ؛ الواليةأي هو قانون اإلدارة العامة باعتبارها تنظيما وجهازا ال باعتبارها نشاطا ووظيفة وقد نشا هذا المعيار عند نشأة القضاء اإلداري للقانون اإلداري الذي قرر انفصال واستقالل الوظيفة القضائية عن األعمال اإلدارية وقرر عدم تدخل القضاء العادي مرتبكا جريمة الخيانة العظمى ؛ وبذلك أصبح كل عمل أو نشاط إداري هو ما صدر عن جهة إدارية مهما كانت طبيعته يخضع للقانون اإلداري ويفصل فيه القضاء اإلداري. تقدير المعيار العضوي13: بالرغم من بساطته ووضوح وسهولة تحديده لمجال تطبيق القانون اإلداري واختصاصه يشوبه عيب على ظواهر العمل اإلداري وأشكاله الخارجية وال يتعمق في ماديات وطبيعة العمل اإلداري لتعبيره وفحص طبيعته من حيث كونه إداريا تطبق عليه قواعد القانون اإلداري ؛ ويشوبه عدم الدقة فمثال " هناك مجموعة تصرفات صادرة عن سلطات إدارية لكنها ال تعد أعماال إدارية وال تطبق عليها قواعد القانون اإلداري؛ وال يختص بمنازعتها القضاء اإلداري ( عقود اإلدارة المدنية ). ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 12د.عمار عوابدي.المرجع السابق-ص133 13د.عمار عوابدي-المرجع السابق-ص134-133- ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ المطلب الرابع :رأي المشرع الجزائري من أسس ومعايير القانون اإلداري14 إن فكرة الجمع بين األهداف والوسائل ‘ هي التي يمكن لها أن تؤسس القانون اإلداري الجزائري الحديث ؛ فاشتراك فكرة السلطة بمدلولها الحديث مع فكرة المصلحة العامة للدولة الجزائرية والمتجسدة في األهداف االشتراكية للدولة وهدف تحقيق التنمية الوطنية ؛ هو الذي يؤسس فكرة القانون اإلداري الجزائري ويحدد نطاق تطبيقه ؛ ففكرة السلطة العامة عن طريق مظاهرها المختلفة هي التي تؤسس قواعد القانون اإلداري التقليدي ولكن في العهد الحالي أخذت الجزائر بالمعيار العضوي. ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ 14د.محمد الصغير بعلي-القانون االداري-دار العلوم للنشر والتوزيع-2004-ص29 ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ الخـــــــــــاتمة: وهكذا يتضح لنا من خالل عرض المعايير السابقة لتمييز القانون اإلداري ؛ والجهود التي بذلها الفقه والقضاء اإلداريين للتوصل إلى معيار جامع يمكن اعتماده كأساس لتمييز القانون اإلداري ؛ وتختلف باختالف النظام القضائي الذي تتبعه الدولة ؛ وما إذا كان القضاء اإلداري صاحب الوالية العامة في المنازعات اإلدارية ؛ أم أن اختصاصه محددا على سبيل الحصر ففي طل نظام القضاء اإلداري صاحب الوالية العامة في المنازعات اإلدارية تبرز أهمية معيار تمييز القانون اإلداري ؛ إذ البد من معرفة طبيعة النزاع لتحديد القضاء المختص وبالتالي القانون الواجب التطبيق وتبرز في هذا النظام األهمية العملية إليجاد أساس لتمييز القانون اإلداري أو معيار يحدد نطاقه . أما في ظل نظام القضاء اإلداري صاحب االختصاص المحدد فال تبرز األهمية لوجود معيار لتمييز القانون اإلداري. قائمة المراجع: -1د.عمار عوابدي –القانون اإلداري-ج-1ديوان المطبوعات الجامعية-ط-2005-3الجزائر -2د.محمد الصغير بعلي-القانون اإلداري-دار العلوم للنشر والتوزيع2004- -3د.نواف كنعان-القانون اإلداري-دار الثقافة للنشر والتوزيع-2002-عمان -األردن