Professional Documents
Culture Documents
أساس و نطاق تطبيق القانون الإداري
أساس و نطاق تطبيق القانون الإداري
عند تناول القانون اإلداري نقوم بالبحث عن أساسه لتحديد سبب تطبيق قواعده على األجهزة
اإلدارية و أنشطتها و ليس قواعد القانون المدني ،كما نبحث في معياره ال ذي به يتم تحديد
نطاق و مجال تطبيقه.
و نظرا لما يعرفه القانون اإلداري من تطورات سريعة في قواعده و أساسه و نطاق تطبيقه ،
فقد أخذ كل من الفقه و القضاء بعدة نظريات ل تحديد أساس و نطاق القانون اإلداري منها:
1
-تقديره :أعتبر هذا المعيار غير حاسم بسبب كونه بني على فكرة قانونية خاطئة ،تتمثل
في إزدواج الشخصية القانونية للدولة ،التي ليس لها إال شخصية قانونية واحدة.
/4معيار السلطة العامة:
يعد أول معيار ظهر في الفقه الفرنسي لتحديد أساس القانون و حدود إختصاص القضاء
اإلداري ،أساسه تقسيم أعمال اإلدارة إلى صنفين األول أعمال السلطة العامة و الثاني أعمال
اإلدارة العامة العادية ،و هو معيار ظهر في أواسط القرن التاسع عشر حيث حظي بإهتمام
فقهاء ذلك القرن خاصة الفقيه إدوارد الفيريار و بارتملي ،اللذين حاوال جعل هذا المعيار
ن ظرية أساسية تفصل بين ما هو إداري و ما هو عادي.
حيث أن الدولة تتضمن أعمال تستند إلى فكرة السلطة العامة تجعل اإلدارة حينها تعمد إلى
إصدار أوامر وقرارات تدخل فيما يسمى بالقانون اإلداري و تخضع إلختصاص القضاء
اإلداري ،أما إذا كانت اإلدارة ال تعمل وفق السلطة العامة فحينها تتصرف مثل الفرد العادي
في معامالته العادية مثل اإليجار و البيع و تخضع حينها للقانون الخاص المدني و
إلختصاص القضاء العادي.
-تقديره :لم يكن هذا المعيار حاسما و كافيا ،إذ أن نشاطات اإلدارة العامة تمزج بين أعمال
السلطة العامة و اإلدارة العادية في نفس الوقت ،و حينها ال يمكن إعطاء وصف واحد محدد
لعمل اإلدارة ،مما يجعل مدرسة السلطة العامة تعجز على التفريق بين العملين.
و أعتبر هذا أكبر عجز لهذه المدرسة بالرغم ما حققته من نجاح كبير ،و هو األمر الذي أدى
إلى ظهور فكرة المرفق العام.
/5معيار المرفق العام:
معيار مادي يرتكز على أعمال اإلدارة و نشاطها ،حيث يقصد بالمرفق العام كل مشروع
تديره الدولة بنفسها أو تحت إشرافها إلشباع الحاجات العامة بما تحقق المصلحة العامة.
و قد أعتبر هذا المعيار كأساس للقانون اإلداري و إلختصاص القضاء اإلداري بداية من
منتصف القرن التاسع عشر ،بحيث يرجع معظم الفقهاء مثل هوريو موريس فكرة المرفق
العام إلى قرار بالنكو الشهير الذي أصدرته محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ ،1873/02/08
و التي حك م القضاء إزاءها بأن العمل يكون إداريا إذا إتصل بالمرفق العام ،و يختص القضاء
اإلداري بالنظر و الفصل في منازعاته مطبقا في ذلك قواعده التي تختلف عن قواعد القانون
الخاص.
2
و يعتبر الفقيه ليون ديجي مؤسس مدرسة المرفق العام التي بناها على أساس رفضه لفكرة
الشخصية المعنوية و فكرة السيادة و السلطة العامة ،فالدولة في نظره عبارة عن كتلة
ضخمة و مجموعة كبيرة من المرافق العامة ينشئها و يديرها و يقودها الحكام بإعتبارهم
عمال المرافق العامة و ذلك لتحقيق أهداف التضامن اإلجتماعي المختلفة.
أما عن طبيعة العالقة بين المر فق العام و القانون اإلداري عند أنصار هذه المدرسة ،هي
إعتبار فكرة المرفق العام حجر الزاوية في بناء نظرية القانون اإلداري و محوره ،حيث
هي األصل و األساس الوحيد الذي يبرر وجود قواعد القانون اإلداري غير المألوفة في نطاق
القانون الخاص ،و هي وحدها المحددة لنطاق تطبيق القانون اإلداري و مجال إختصاص
القضاء اإلداري.
و رغم النجاح الذي القته هذه النظرية ،إال أنه في بعض الحاالت عند وجود المرفق العام
فالقاضي يحكم بالقانون العادي ،مما أدى إلى ظهور أزمة المرفق العام.
-أزمة المرفق العام :على الرغم من الدور الذي لعبته فكرة المرفق العام في بناء و تأسيس
الق انون اإلداري ،إال أنها تأثرت بعوامل التطور التي أحدثت بها خلال ،بحيث أصبحت
عاجزة على أن تكون األساس الوحيد للقانون اإلداري ،فتحولت إلى فكرة مطاطة غير كافية
في تأسيس القانون اإلداري و تحديد نطاق تطبيقه و مجال إختصاصه اإلداري.
-أسباب األزمة- :تظافر عوامل التطور في الحياة العامة و اإلقتصادية و اإلجتماعية بسبب
تقدم الحياة و الحروب و ظهور الدولة المتدخلة و الدولة اإلشتراكية.
-إهتزاز األساس الفلسفي و اإليديولوجي الذي قامت عليه فكرة المرفق العام.
-التطور الذي أصاب نظرية المرفق العام ذاتها أدى إلى هدمها كأساس و معيار للقانون
اإلداري.
-مظاهر األزمة :تتجلى في الصور التالية:
/1قصور فكرة المرفق العام و عجزها في أن تحتوي و تشمل كل موضوعات القانون
اإلداري /2تميزها بكونها فضفاضة شديدة اإلتساع ،بحيث أصبحت تشمل موضوعات و
أنشطة غي ر إدارية بطبيعتها مثل إدخال عقود اإلدارة العامة المدنية في نطاق تطبيق القانون
اإلداري ،و هو أمر غير منطقي و غير مقبول.
/3عدم مسايرة معيار المرفق العام لتطورات المجتمعات المعاصرة المجسدة في ظهور
المرافق اإلقتصادية الناتجة عن تدخل الدولة في المجال الصناعي و التجاري.
3
/4غموض فكرة المرفق العام كأساس و معيار للقانون ،بسبب عدم تسليم الفقهاء بإخضاع
المرافق اإلقتصادية للقانون اإلداري ألنها مرافق تحكمها إجراءات تتسم بالسرعة و ليس
البطء و التعقيد كما في المرافق اإلدارية ،لذا يرى بعض الفقه أنه فكرة غامضة دون محتوى
أو مضمون يمكن اإلعتماد عليه في تأسيس القانون اإلداري و تحديد مجال تطبيقه.
-تقديره :لقد هدمت فكرة المرفق العام من قبل األزمة التي أصابتها و جعلتها عاجزة على أن
تكون المعيار السليم الوحيد الكافي لتحديد نطاق القانون اإلداري و مجال إختصاص القضاء
اإلداري.
4