You are on page 1of 3

‫أشخاص المجتمع الدولي‬ ‫‪9‬‬

‫‪ -‬المنظمة الدولية‬ ‫الدرس التاسع‬

‫محاضرة من إعداد األستاذين‪:‬‬


‫‪-‬األستاذ بن زحاف فيصل‬
‫‪ -‬األستاذة عصماني ليلى‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المنظمة الدولية‬


‫قبل مجيء هيئة األمم المتحدة عام ‪ 1945‬فان الشخص القانوني الدولي الوحيد هو‬
‫الدولة‪ ،‬وكانت الممارسة الدولية واآلراء الفقهية ترفض إضافة شخص آخر إلى جانب الدولة‬
‫كما كانت ترفض تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية‪ ،‬غير أن المستجدات التي طرأت‬
‫على الساحة الدولية بعد ‪1945‬فرضت ضرورة إضفاء الشخصية القانونية للمنظمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف المنظمة الدولية‬
‫اختلف الفقهاء في تعريف المنظمة الدولية لحداثة المصطلح في فقه القانون الدولي من‬
‫جهة وإلى تعدد أنواعها وطوائفها من جهة أخرى‪ .‬وركزت جل التعاريف على عنصر‬
‫ديمومة المنظمة عن طريق هيئات وأجهزة دائمة‪ ،‬وكذا اإلرادة المستقلة والحرة المختلفة عن‬
‫إرادة أعضائها‪ ،‬والطابع الدولي للمنظمة ألنها أساسا تتكون من الدول‪ ،‬وبهذه العناصر تم‬
‫تعريف المنظمة بأنها‪ " :‬هيئة تشترك فيها مجموعة من الدول على وجه الدوام لالطالع‬
‫بشأن من الشؤون العامة المشتركة وتمنحها اختصاصا ذاتيا تباشره هذه الهيئات في‬
‫المجتمع الدولي"‪.‬‬
‫وعرفتها المادة الثالثة من مشروع اتفاقية قانون المعاهدات لعام ‪ 1956‬بأنها ‪ ":‬جمعية من‬
‫الدول مكونة بواسطة معاهدة تتمتع بدستور وفروع مشتركة‪ ،‬ولها شخصية قانونية متميزة‬
‫عن شخصية الدول األعضاء"‪ ،‬وحضي هذا التعريف الذي وضعته لجنة القانون الدولي‬
‫بموافقة غالبية الفقهاء‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف تشترك المنظمات الدولية بمختلف أنواعها في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تخضع لقواعد القانون الدولي‪ ،‬وتعتبر شخصا من أشخاصه‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة‬
‫العدل الدولية في رأيها االستشاري سنة ‪ 1949‬في قضية التعويضات عن األضرار‬
‫التي تلحق بموظفي األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬العضوية في المنظمة الدولية مقصورة في الغالب على الدول التي تشترك فيها عن‬
‫طريق مندوبين تعينهم الحكومات‪.‬‬
‫‪ -‬لكل منظمة دولية دستور أو ميثاق يحدد أجهزتها واختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ -‬قرارات المنظمات الدولية تصدر بنظام ا أغلبية أو اإلجماع حسب دستور المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬تعتمد المنظمة الدولية في ملء ذمتها المالية علبى اشتراكات الدول السنوية‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مهام المنظمات الدولية وأنواعها‬
‫أوال‪ :‬أهداف المنظمة الدولية‬
‫الدول بتكوينها للمنظمة الدولية تبتغي تحقيق مصلحة مشتركة لصالح أعضائها أو‬
‫بلوغ هدف معين‪ ،‬ويتم تحديد هذا الهدف وتحديد وسائل تحقيقه‪ ،‬وتوزيع المهام على أجهزة‬

‫‪1‬‬
‫المنظمة ضمن المعاهدة المنشئة( الميثاق)‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أنه في بداية نشأة المنظمات‬
‫الدولية اقتصرت جهود الدول على تنظيم المالحة في األنهار الدولية‪ ،‬النقل بالسكك الحديدية‬
‫ثم تنوعت بتنوع التعامل الدولي لتشمل المجال االقتصادي‪ ،‬السياسي‪ ،‬العسكري‪ ،‬الثقافي‪،‬‬
‫الطاقة‪ ،‬التجارة‪ ،‬التكنولوجيا‪ ،‬البيئة‪ ،‬النشاطات الجوية‪ ،‬القضائية‪ ...‬و توسعت هذه النشاطات‬
‫ومجال العمل أدى إلى تنوع المنظمات الدولية حسب طبيعة النشاط والنطاق اإلقليمي‬
‫الختصاصها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع المنظمات الدولية‬
‫تنقسم المنظمات الدولية حسب طبيعة نشاطها إلى طائفتين‪:‬‬
‫‪ -‬منظمات دولية ذات إختصاص عام وتسمى كذلك المنظمات السياسية واختصاصها‬
‫يغطي أغلب المجاالت سياسية‪ ،‬إقتصادية‪ ،‬ثقافية‪ ...‬وفي مقدمتها األمم المتحدة‪ ،‬االتحاد‬
‫االفريقي‪ ،‬جامعة الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -‬منظمات دولية متخصصة هي منظمات تهتم بمجال محدد من مجاالت التعاون وغالبا‬
‫مايظهر ميدان اختصاصها من خالل تسميتها مثل منظمة الصحة العالميةم منظمة‬
‫التغذية والزراعة‪ ،‬منظمة العمل الدولية‪.‬‬
‫و تنقسم حسب طبيعة اختصاصها اإلقليمي إلى طائفتين‪:‬‬
‫‪ -‬منظمات عالمية وهي مفتوحة لالنضمام لكل دول العالم ومنه تكتسب الصفة العالمية‬
‫وامكانية بسط اختصاصها على كل أقاليم المعمورة مثل منظمة األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬منظمات جهوية أو إقليمية ويقتصر اختصاصها على قارة معينة مثل االتحاد االفريقي‬
‫أو منظمة الدول األمريكية‪ ،‬وقد يمتد االختصاص إلى أكثر من قارة كجامعة الدول‬
‫العربية‪ .‬وهذا التقسيم هو التقسيم الغالب ألنه يمكن الحديث عن منظمات دولية سياسية‪،‬‬
‫قضائية ومنظمات مالية‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬الشخصية القانونية للمنظمة الدولية‬
‫تعد عصبة األمم أول منظمة دولية ذات طابع سياسي إال أن تشكيلتها كانت أوروبية‬
‫بامتياز ألن أغلب الدول اإلفريقية واآلسيوية كانت مستعمرة‪ ،‬لذا من الصعب الحديث في‬
‫هذه الفترة عن الكيانات وعن شخصيتها القانونية‪ .‬وتلت عصبة األمم هيئة األمم المتحدة سنة‬
‫‪ 1945‬دون أن ينص ميثاقها على تمتيعها بالشخصية القانونية‪ ،‬فالقضية ليست عدم تفطن‬
‫للمسالة وإنما هي عدم اتفاق بين الدول وعدم الرضا بإقرار هذه الشخصية القانونية الدولية‬
‫للمنظمة الدولية‪ .‬فكانوا يرون في منح المنظمة الدولية الشخصية القانونية الدولية يؤدي إلى‬
‫خلق هيئة دولية فوق الدول وهذا فيه خرق لسيادتها‪ .1‬غير أن مقتل وسيط األمم المتحدة إلى‬
‫فلسطين من طرف اإلسرائيليين اللورد بربدوت عام ‪1948‬ادى إلى طرح إشكالية مدى تمتع‬
‫منظمة األمم المتحدة بالشخصية القانونية الدولية كمسألة أولية ينبغي الفصل فيها حتى يتسنى‬
‫للمنظمة الدولية المطالبة بالتعويض عن ما لحقها من أضرار‪ ،‬فأول مشكل واجه هيئة األمم‬
‫المتحدة بعد إنشائها احتاجت فيه هذه األخيرة إلى جواب عن مسالة التمتع بالشخصية‬
‫القانونية‪.‬‬

‫تتحرر كما لم تكن تقصد خلق كيان مستقل بل ارادت ان تبقي‬


‫ّ‬ ‫‪ - 1‬فالدول عندما شكلت المنظمة لم تكن تقصد ترك المنظمة‬
‫هيئة االمم المتحدة في قبضتها وان تنفد سياستها وخير دليل على ذلك ان مجلس االمن يصدر قرارات نابعة عن الدول‬
‫الكبرى الدائمة العضوية فيه ولها ان ترفض بعض المواقف الدولية من خالل استعمالها للفيتو‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أمام هذا األشكال قامت الجمعية العامة لهيئة األمم المتحدة بطلب رأي استشاري من‬
‫محكمة العدل الدولية في مدى تمتع هيئة األمم المتحدة بالشخصية القانونية الدولية وطرحت‬
‫المسالة على محكمة العدل الدولية لتصدر المحكمة رأيها االستشاري عام ‪.1949‬‬
‫وفي أول قضية عرضت على محكمة العدل الدولية المتعلقة بالشخصية القانونية‬
‫المنظمة األمم المتحدة قررت المحكمة االعتراف بالشخصية القانونية لألمم المتحدة‪،‬‬
‫هذه الشخصية التي تتمتع بها المنظمة الدولية ليست شبيهة بشخصية الدول كما ال‬
‫يعني ذلك خلق منظمة آو هيئة دولية فوق الدول بل نبقى هنا أمام مجتمع دولي أفقي ال‬
‫عمودي‪.‬‬
‫كما أنه من سمات الشخصية القانونية للمنظمة الدولية أنها شخصية محدودة فهي تقيّد‬
‫مقرر في النظام األساسي للمنظمة الدولية‪.‬‬
‫بما لها من اختصاص ّ‬
‫و كحوصلة لما سبق تحليله فان بناء الشخصية القانونية للمنظمة الدولية يكون من‬
‫خالل‪:‬‬
‫‪ -1‬الرأي االستشاري‪.‬‬
‫‪ -2‬على أساس أيضا ممارسة دولية وعرف دولي بمجرد توافر نفس المعايير‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض المنظمات أصبح ينص نظامها األساسي صراحة على تمتعها بالشخصية‬
‫القانونية كمنظمة قانون البحار لعام ‪ ،1982‬المحكمة الجنائية الدولية لعام ‪.1998‬‬

‫‪3‬‬

You might also like