Professional Documents
Culture Documents
النشاط الاداري
النشاط الاداري
السويس ي الرباط
مادة :النشاط اإلداري
• المبحث الثالث :وسائل الضبط اإلداري • المبحث األول :أنواع الضبط اإلداري
• المطلب األول :الشرطة اإلدارية والشرطة
• المطلب األول :القرارات التنظيمية القضائية
• المطلب الثاني :القرارات الفردية • المطلب الثاني :الشرطة العامة والشرطة الخاصة
• المبحث الثاني :أهداف الضبط اإلداري أو الشرطة
• المطلب الثالث :القوة المادية أو التنفيذ الجبري اإلدارية
إلجراءات الشرطة اإلدارية • المطلب األول :األمن العام
• المطلب الثاني :السكينة العامة
• المبحث الرابع :رقابة القضاء على أعمال الضبط • المطلب الثالث :الصحة العمومية
الفصل الثاني :المرافق العمومية
• المبحث الثالث :عناصر المرفق العام • المبحث األول :تطور فكرة المرفق العام
• المطلب األول :المرفق العام هو نشاط • المبحث الثاني :مدلول المرفق العام
• المطلب الثاني :نشاط يهدف إلى تحقيق المصلحة • المطلب األول :المفهوم العضوي والمادي للمرفق
العامة العام
• المطلب الرابع :تتمتع الدولة بحق اإلشراف على • المطلب الثاني :التعريفات الفقهية والقضائية للمرفق
الفصل الثاني :المرافق العمومية
• المطلب الثاني :المرافق العامة حسب النطاق • المبحث الرابع :أنواع المرافق العامة
الجغرافي لنشاطها
• المطلب األول :تقسيم المرافق العامة حسب
• الفقرة األولى :المرافق العامة الوطنية
موضوع نشاطها
• الفقرة الثانية :المرافق العامة المحلية
• الفقرة األولى :المرافق العامة اإلدارية
• المطلب الثالث :تصنيف المرافق من حيث تمتعها
بصفة الشخصية المعنوية من عدمها • الفقرة الثانية :المرافق العامة اإلقتصادية
• المطلب الرابع :المرافق العامة حسب سلطة الدولة • الفقرة الثانية :المرافق العامة اإلجتماعية
في إنشائها
• الفقرة الرابعة :المرافق العامة المهنية
• الفقرة األولى :المرافق العامة اإلجبارية
الفصل الثاني :المرافق العمومية
والنشاط اإلداري يتم حسب طريقتين ،فالطريقة األولى يتم بمقتضاها إنتاج وتزويد الناس بما
يحتاجونه من الخدمات الالزمة لحياة الجماعة ويتم ذلك عن طريق المرافق التي تسيرها الدولة،
وبمقتضى الطريقة الثانية فإن بعض الخدمات يتم القيام بها من طرف الخواص ويقتصر فيها دور
اإلدارة على ما يعرف بالضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية أي تنظيم ومراقبة وتتبع هذه األنشطة.
فعندما تقرر السلطة العامة تعهدها ببعض األنشطة فإن هذا التدخل يتم عن طريق ما يعرف بالمرفق
العمومي وهو ما يختلف عن الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية ،حيث أنه في حالة الضبط اإلداري
يظل النشاط بين يدي األفراد مع وضع ضوابط وقيود للنشاط تقتضيها المحافظة على النظام العام.
فالنشاط اإلداري يعني الوظيفة اإلدارية التي يمارسها أشخاص القانون اإلداري والوسائل التي من
خاللها تمارس هذه الوظيفة ،والوظيفة اإلدارية تهدف من ناحية إلى تحقيق المصلحة العامة التي تعتبر
أساسا تنطلق منه كل األشخاص االعتبارية العامة فيما تقوم به من وظائف ،ولعل هذا ما يميز النشاط
اإلداري عن النشاط الخاص ،ففي الوقت الذي يسعى فيه النشاط الخاص إلى تحقيق المصالح الذاتية
ألولئك القائمين عليه ،فإن النشاط اإلداري ال غاية له إال المصلحة العامة ،ولعل الهدف العام هو الذي
يفسر سبب االعتراف ألشخاص القانون اإلداري الذين يمارسون هذه الوظيفة بامتيازات السلطة العامة
التي ال يتمتع بها أشخاص القانون الخاص في ممارسة نشاطهم ،ومن ناحية مضمونها ال يتوقف تعبير
الوظيفة اإلدارية وتحقيق ذاتيتها عند حد يميزها بغايتها وإنما هي أيضا تتميز بمضمونها الذي يتمثل في
أداء خدمة عامة قد تكون وظيفة أمنية مرتبطة بالضبط اإلداري .انطالقا من كل ما سبق يمتاز النشاط
اإلداري بأساليبه ووسائله التي تتميز عن أساليب ممارسة النشاط الخاص من حيث تنوعها من جهة وما
تنطوي عليه من امتيازات وما يرد عليها من قيود ال نظير لها في القانون الخاص من جهة أخرى
وتتمثل في الموظفين العموميين الذين تمارس السلطة اإلدارية وظائفها من خاللهم وأخيرا الوسائل
المادية وتتمثل في األموال التي تستعين بها هذه السلطة في القيام بهذه الوظائف .
فتساهم اإلدارة في تحديد النظام اإلداري للمجتمع وبالتالي تمارس أحد أدوارها حيث أن مجموعة من
المعايير يتم إصدارها أو تحديدها كالسماح ببعض التصرفات و منع البعض منها وهي وظيفة
(الضبط اإلداري) ومن جهة أخرى المرفق العمومي والذي يهدف إلى توزيع الخدمات على أصحابها
وبالتالي تمارس اإلدارة وظيفة خدماتية.
وتمارس اإلدارة أنشطتها أو صالحياتها باالعتماد على وسائلها القانونية وفي هذه الحالة فإنها
تتصرف وفق صالحيات السلطة العامة وفي ممارستها ألنشطتها فإن اإلدارة يمكن أن تلجأ إلى الطرق
التي يمنحها إياها القانون الخاص أي وفق تسيير أو تدبير خاص وخصوصا باعتماد العقود كالتي
يعقدها الخواص بينهم ،لكنها غالبا ما تلجأ إلى استعمال وسائل القانون العام بصفتها قوة عمومية ،وفي
القسم األول :نشاط اإلدارة ووظائفها
إن اإلدارة قد ترى أن بعض األنشطة التي تقوم بسد حاجيات المواطنين يستطيع الخواص
القيام بها بشكل مرض فتتركهم أحرارا للقيام بتلك األنشطة ،في حين تكتفي بتنظيمها ومراقبتها
بوضع قيود وقواعد تمنع وقوع االضطراب ،والمراقبة التي تمارسها اإلدارة على هذا النشاط
وكذا القيود والضوابط التي تضعها يطلق عليها الشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري ،كما أن
اإلدارة ولحساسية بعض األنشطة المرتبطة باألمن والدفاع تمارس هذه المهام بصفة مباشرة.
الفصل األول :الشرطة اإلدارية
يقصد بالضبط اإلداري كوظيفة من وظائف اإلدارة مجموع القيود والضوابط التي تمارسها
اإلدارة على ممارسة الخواص لنشاطاتهم أي تنظيم ومراقبة وتتبع هذه األنشطة حيث تظل في يد
األفراد ويقتصر دور اإلدارة على تنظيمها ،فعبارة الشرطة اإلدارية تشمل جميع أعمال اإلدارة
الرامية إلى ضمان المحافظة على النظام العام عن طريق تنظيم أعمال األفراد .ويعد الضبط
اإلداري بمثابة الوظيفة األولى لإلدارة والتي تمثل السلطة التنفيذية في كل دولة وهي الوظيفة
األكثر أهمية ،وبرزت هذه الوظيفة منذ نشوء الدولة وأصبحت مظهر جوهري لوجودها وتعبير
رئيسي عن سيادة السلطة الحاكمة وذلك من أجل تنظيم نشاطات األفراد ووضع القيود الضرورية
على تلك النشاطات حتى ال تسيئ ألمن المجتمع واستقراره بهدف حماية النظام العام ،لكن
وتمارس الشرطة اإلدارية وظيفتها عن طريق إصدار القرارات التنظيمية والفردية واستخدام
القوة المادية فصيانة النظام العام تقتضي فرض قيود على كيفية استخدام الحقوق في المجتمع
وعلى ممارسة الحريات العامة لذلك تبقى العالقة قائمة بين الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية
وحقوق األفراد وحرياتهم هذه العالقة التي قد تضيق وقد تتسع وذلك حسب ما إذا تعلق األمر
بحرية يضمنها القانون ويحدد شروط ممارستها فالنشاط الهادف إلى المحافظة على النظام العام
يتمثل في مجموعة من األشكال فهي من جهة تتمثل في إصدار مجموعة من المعايير القانونية
التي تعتبر جزائية حيث أن مخالفة القوانين الجاري بها العمل يشكل موضوع عقاب ،هذه
المعايير قد تكون ذات صبغة تنظيمية كتنظيم عملية السير وعملية توقف السيارات كما قد تكون
بشكل انفرادي كحجز رخصة السياقة ومنع نشاط معين أو حجز جريدة معينة ،وتترجم كذلك في
إن القيام بأعمال الشرطة اإلدارية اليجب خلطه مع نشاطات اإلدارة األخرى حيث تسعى الشرطة
اإلدارية إلى المحافظة على النظام العام ،والنظام العام المطبق من طرف الشرطة اإلدارية يختلف
عن نشاط السلطات اإلدارية األخرى على كثير من المستويات فسلطات الشرطة اإلدارية تمكن من
إصدار مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحد من الحريات العامة
لكن مبدأ الحد من الحريات من طرف سلطات الشرطة ال يمكن أن تكون مشروعة إال إذا تم القيام بها
من أجل الحفاظ على النظام العام وكان مضطرا لذلك ،فالقيام بالشرطة اإلدارية يعني القيام بخدمة
عمومية والتي تتمثل في الحفاظ على النظام العام حيث أن أنشطة الشرطة ال يمكن التنازل عليها
للخواص أو ألية هيئة أخرى،وتنقسم الشرطة اإلدارية إلى أنواع مختلفة تبعا للهدف الذي تسعى إلى
تحقيقه وتبعا للنشاط الذي تقوم به وتبعا للنطاق الترابي لممارسة هذا النشاط وتستعمل في تحقيق
مهامه مراسيم تنظيمية وقرارات فردية والقوة المادية إذا تطلبت الضرورة ذلك .
وتلك الحريات بحيث اليؤدي ممارستها إلى االخالل بالنظام العام ومن هنا ظهرت سلطة
الضبط اإلداري التي يعهد إليها بذلك التنظيم ،فالشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري إذن هو
نوع من التوازن بين المصالح التي تهدفها الجماعة واالحترام الواجب نحو نشاط الفرد وهو
بذلك ضرورة ال غنى عنها في كل مجتمع قوامه مبدأ سيادة القانون حيث يجسد دائما الصراع
األبدي بين السلطة والحرية أي بين ما ينبغي أن يتوافر للدولة من سلطات للحفاظ على النظام
العام من ناحية وبين ما يجب أن يتمتع به األفراد من حريات وضمانات كافية لممارسة
حقوقهم الدستورية من ناحية أخرى .
فالشرطة اإلدارية هي التي شكلت إحدى ركائز مفهوم الدولة وهي الجهاز الرئيسي
والضروري الذي تعود إليه مهمة الحفاظ على األمن العام ،وبصرف النظر عن االختالفات
المبحث األول :أنواع الضبط اإلداري
قبل أن نتطرق إلى أهداف الضبط اإلداري البد أن نميز في أنواعه بين الضبط اإلداري والضبط
القضائي والتطرق بعد ذلك للتمييز بين الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص.
توجه الشرطة اإلدارية أساسا إلى المحافظة على النظام العام بالحرص عن طريق اتخاذ تدابير مالئمة
على اتقاء األعمال التي يمكن أن تمس به ،فالصبغة الوقائية التي تطبع أساسا الشرطة اإلدارية هي
التي تساعد على التمييز بينها وبين الشرطة القضائية.
ويهدف الضبط اإلداري أيضا إلى الحفاظ على النظام العام وذلك بالحيلولة دون اإلخالل بالضوابط
التي سنتها سلطاته ،عن طريق القيام بواسطة تدابير مناسبة لالحتراز من األعمال التي من شأنها
المساس بالنظام العام ،ويمكن القول أن مهمة الضبط اإلداري هي مهمة وقائية في حين أن مهمة
للقوانين وإلقاء القبض عليهم وإحالتهم على المحاكم ،،فوظيفة الشرطة القضائية هي وظيفة عالجية إال
أن هذا ال يعني أنه من اليسر التمييز بين هاتين الشرطتين ألن السلطات المعهود بها إليها وكذا
الموظفين المساهمين في عملياتها غالبا ما تكون نفس السلطات ونفس الموظفين فضباط الدرك
يمارسون الوظيفيتين معا تبدأ مهمتهم بتولي ضبط إداري هو مراقبة سير السيارات في المناطق القروية
وعند مخالفة قانون السير يقومون بزجر المخالفين عن طريق إجبارهم على أداء غرامة مالية محددة
وفي حالة وقوع حادثة سير ينقلب دورهم إلى ضباط الشرطة القضائية وذلك إلعداد محضر الحادثة
والبحث عن الدالئل التي تثبت المتسبب في الحادثة وإحالته على المحكمة ،ويضاف إلى هذا أن عمليات
الشرطة اإلدارية وعمليات الشرطة القضائية يستخدم فيها نفس الموظفون حيث يمكن استدعاء نفس
األعوان للمحافظة على النظام خالل تجمع عمومي والمساهمة بهذه الصفة في عملية من عمليات
الشرطة اإلدارية ،لكن التمييز بين الشرطة اإلدارية والشرطة القضائية تترتب عليه آثارا هامة على
التعويض عنها من عدمه محل أخذ ورد في أغلب الدول وتختلف السلطات المكلفة بإدارة الشرطة كلما
تعلق األمر بالشرطة اإلدارية أو القضائية ففي الحالة األولى تتحمل السلطات اإلدارية مسؤولية العمليات
المتعلقة بالشرطة وفي الحالة الثانية تقوم السلطات القضائية بإدارة هذه األنشطة ،وتسير النيابة العامة
أعمال ضباط الشرطة القضائية وتجري مراقبة رئيس النيابة على أعمالهم وتمتد هذه المراقبة إلى أعمال
ضباط الشرطة القضائية والموظفين المعهود إليهم ببعض مهام الشرطة القضائية أما فيما يتعلق
بالمنازعات يتجلى أكثر مبدأ وحدة القضاء في جعل غاية هذا التمييز أقل أهمية ألن الخالفات التي يمكن أن
تنشأ عن مختلف العمليات تعرض على نفس القاضي دون أن يمس في شيء استقالل السلطات القضائية
،ويتنوع الضبط اإلداري بالنظر إلى طبيعة نشاطه إلى ضبط إداري عام وضبط إداري خاص وبالنظر إلى
النطاق الترابي إلى ضبط إداري وطني وضبط إداري محلي.
المطلب الثاني :الشرطة العامة والشرطة الخاصة :إن اختصاصات الشرطة المسندة إلى السلطات اإلدارية
يمكن تحديدها بطريقتين وتقسيمها إلى اختصاصات شرطة عامة واختصاصات شرطة خاصة ،ويعتبر
العامة ،إال أن األستاذ روني شابيس أضاف إلى هذه الثالثية التقليدية األخالق العامة حيث تأتي
المحافظة على األخالق العامة في إطار المحافظة على النظام العام ذا الطابع المعنوي وهي رابع
مكون من مكونات النظام العام ،وتهدف الشرطة اإلدارية العامة إلى المحافظة على النظام العام
بمدلوالته الثالث في حين أن الشرطة اإلدارية الخاصة تهدف إلى صيانة عنصر من عناصر
النظام العام كمنع االضطراب في نشاط أو قطاع معين كشرطة الصيد البحري أو محاربة الزيادة
في األسعار المحددة ،كما أن الفرق يتجلى في أن الشرطة اإلدارية العامة تخضع للمبادئ العامة
للقانون في حين أن الشرطة اإلدارية الخاصة تخضع إلى مبادئ قانونية مقننة فكل نوع صدر
بشأنه نص قانوني خاص ينظمه ويحدد مداه ( المعامل – الفنادق-الحانات -المقاهي ) ،غير أنه
يمكن أن تتميز الشرطة الخاصة كذلك بالغاية المعينة المتوخاة منها مثل شرطة الصيد البحري
والبري الهادفين إلى المحافظة على المجال البحري والبري من اإلتالف واالندثار أو مثل الشرطة
المبحث الثاني :أهداف الضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية
يقصد بالضبط اإلداري وضع القيود والحدود من طرف السلطة اإلدارية للنشاط الفردي وتهدف هذه
القيود والضوابط الى تحقيق المصلحة العامة وصيانة النظام العام فالضبط اإلداري يهدف الى تحقيق
أغراض ثالثة بل باألحرى إلى حماية غايات ثالثة وهي:
المطلب األول :األمن العام
يقصد باألمن العام استتباب األمن والطمأنينة في المدن واألحياء والقرى ومختلف األماكن بما يحققه
الهدوء واالطمئنان لدى كل المواطنين على أنفسهم وأوالدهم وأموالهم من خطر االعتداءات
واالنتهاكات التي قد تمسهم في الطرق واألماكن العامة ،كما يشمل مفهوم األمن العمومي حماية الناس
من الجرائم والحوادث المختلفة سواء كانت سرقة أو تهديد بالقتل أو جرائم هتك العرض وحماية
المواطنين من الحيوانات الخطيرة والمختلين عقليا ،كما يتضمن مفهوم األمن العام حماية األرواح من
أخطار الكوارث الطبيعية كالعواصف والحرائق والفيضانات وانهيار المباني .
المطلب الثاني :السكينة العامة ويقصد بها المحافظة على الهدوء والسكون في الطرق واألماكن العامة
ومنع االزعاج في االحياء السكنية أو بالقرب من المستشفيات والمدارس ومنع استخدام الوسائل المقلقة
للراحة كمكبرات الصوت ويشمل ذلك منع الباعة المتجولين لما في ذلك من مضايقة للسير والجوالن،
فهذه األعمال ولو أنها ال ترقى إلى درجة اإلخالل باألمن العمومي ال أنها تتسبب لألفراد مضايقات
على درجة من القلق تستلزم تدخل اإلدارة لمنعها ،ويدخل في مدلول السكينة العامة حماية االخالق
اآلداب العامة وهو ما يطلق عليه بالنظام االدبي وتبعا لذلك ليس لسلطة اإلدارة الحق في مس المشاعر
أو االخالق أو األمور الدينية إال إذا اتخذت تلك األمور مظهرا خارجيا من شأنه التأثير في النظام
األدبي وبالتالي اإلخالل بالنظام العام .
المطلب الثالث :الصحة العمومية :ويتحقق هذا الغرض بالتدخل للعمل على وقاية األفراد من
األمراض المعدية أو من كل مسبباتها كمنع انتشار األوبئة ورقابة األغذية واللحوم واألسماك وإعداد
المبحث الثالث :وسائل الضبط اإلداري
تتوفر الشرطة اإلدارية على أساليب ووسائل قانونية متعددة تساعدها على اتخاذ تدابير
الشرطة الالزمة على أنه يجوز لها أن تستخدم عند الضرورة القوة العمومية في نطلق عمليات
الشرطة ،فقد يتم اللجوء إلى تطبيق مقتضيات وأحكام األنظمة بواسطة قرارات تتضمن أوامر
ونواهي إلى شخص معين أو عدة اشخاص معنيين أما الوسيلة الثالثة كما ورد لدى بعض
الفقهاء هي الجزاءات اإلدارية ،وسندرس تباعا أساليب الضبط اإلداري ثم نتطرق لحاالت
وشروط االلتجاء إلى القوة العمومية من أجل تطبيق الضوابط اإلدارية والمحافظة على النظام
العام .
تدابير الشرطة اإلدارية نوعان فهي إما تدابير جماعية تحدد بوجه عام الشروط التي يمكن أن
وتتغير مدى سلطة الشرطة اإلدارية حسب طبيعة األنشطة المعنية فعندما تتمثل هذه األعمال في
حريات يضمنها الدستور أو القانون لن يكون في وسع سلطة الشرطة سوى تحديد شروط القيام بها
دون أن تستطيع مبدئيا منعها أو فرض ترخيص عليها ،وعلى العكس من ذلك إذا كان النشاط ال
يكتسي سوى صبغة إمكانية معترف بها لألفراد جاز لسلطة الشرطة أن تجعل القيام به متوقفا على
ترخيص أو تصريح سابق ويمكنها حتى منعها عند االقتضاء.
األصل أن السلطة التنظيمية هي المختصة لإلشراف على تنفيذ القوانين وضمان النظام العام
،وتستلزم هذه الوظيفة التنفيذية إصدار أنواع من القواعد العامة المجردة الشبيهة بالتشريع والتي
تسمى األنظمة ويطلق عليا في الشرق العربي اللوائح ،فالقرارات التنظيمية تصدرها سلطة الضبط
اإلداري قصد المحافظة على النظام العام بمدلوالته الثالث ،وتتخذ أنظمة الضبط اإلداري مظاهر
بالدستور أو القانون فال يجوز لسلطات الضبط اإلداري أن تعطل ممارسة الحرية بتنظيم منع أحد
مظاهرها منعا شامال ودائما وأقصى ما يباح لهيئات الضبط هو تعطيل ممارسة الحرية ألمد مؤقت ينتفي
بزوال مقتضياته قد يتخذ نظام الضبط اإلداري مظهرا اشتراط الحصول على اذن سابق قبل ممارسة
احدى الحريات ،كما أن تقييد النشاط الفردي بنظام من أنظمة الضبط اإلداري يتخذ مظهر ضرورة
إخطار السلطة اإلدارية مقدما والغرض من ذلك أن تكون هيئة الضبط اإلداري على علم بمباشرة النشاط
لتتخذ بشأنه ما تراه مناسبا .
المطلب الثاني :القرارات الفردية
لسلطة الضبط اإلداري الحق في استصدار القرارات الفردية الالزمة للمحافظة على النظام العام سواء
كانت هذه القرارات أوامر أو نواه أو تراخيص موجهة لألفراد ،فاألوامر الفردية قد تتخذ صورا مختلفة
بحسب األحوال قد تتضمن األمر بعمل شيء كاألمر بهدم منزل آيل للسقوط وقد تصدر باالمتناع عن
عمل شيء معين كاألمر بمنع اجتماع عام أو منع إلقاء
محاضرة كما قد يتضمن األمر الفردي منع ترخيص مزاولة نشاط معين وال تختلف هذه األوامر الفردية
عن سائر األوامر اإلدارية األخرى إال فيما يتعلق بأهدافها وغاياتها ولهذا فإنها تخضع لألحكام العامة
للقرارات اإلدارية .
المطلب الثالث :القوة المادية أو التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية
ال يقف حق اإلدارة عند إصدار قرارات تنظيمية أو أوامر فردية ملزمة لألفراد بل إنها تملك فوق ذلك حق
تنفيذ هذه األوامر جبرا إذا لم ينفذها األفراد وذلك باستخدام القوة المادية وذلك دون اللجوء إلى القضاء
وإجراءاته البطيئة بمنع اختالل النظام العام واجبار األفراد على احترام أحكام القانون وذلك باالستعانة بالقوة
العمومية ( القوات العمومية ،الشرطة ،الدرك القوات المسلحة الملكية ) ويعتبر التنفيذ الجبري امتياز من
امتيازات اإلدارة بل يعتبر من أهم امتيازاتها فاإلدارة تصدر بنفسها القرارات التنفيذية فالتنفيذ الجبري يفترض
أن الموجه إليه التدبير الصادر عن الشرطة اإلدارية ال يريد طواعية تحقيق أثر هذا التدبير بصورة قاهرة .
على أن التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية ليس معناه إعفاء اإلدارة من الخضوع لرقابة القضاء بل
من نتيجته أن يغير الوقت الذي يتدخل فيه القضاء فبدال من أن يتدخل قبل التنفيذ فإنه يتدخل بعد التنفيذ ،ومن
حق االفراد دائما االلتجاء إلى القضاء لوقف اعتداء اإلدارة ومع ذلك فإنه قد يترتب على التنفيذ الجبري
لتدابير الشرطة اإلدارية نتائج خطيرة ال يسهل تداركها ،كما لو منعت اإلدارة اجتماعا سياسيا في مناسبة
معينة فال يمنع بعد ذلك إلغاء القضاء لهذا المنع حتى ولو قضى بالتعويض لهذه الهيئة التي طلبت عقد
االجتماع ،من أجل هذا كله كان من الضروري إحاطة التنفيذ الجبري إلجراءات الشرطة اإلدارية بسياج من
المبحث الرابع :رقابة القضاء على أعمال الضبط اإلداري
إن األعمال التي تقوم بها سلطات الشرطة اإلدارية بهدف الحفاظ على النظام على العام تخضع
للمراقبة مثلها مثل باقي األعمال الصادرة عن اإلدارة بصفة عامة وهو المبدأ الذي استقر عليه
كل من االجتهاد الفقهي واالجتهاد القضائي والتشريع وذلك نظرا لما يهدف إليه من غاية أسمى
تتمثل في جعل اإلدارة تعمل على ضمان سيادة القانون انطالقا من خضوعها ألحكامه ،فالشرطة
اإلدارية ملزمة باحترام الشرعية وإال اعتبرت إجراءاتها باطلة معنى ذلك أن هذه األعمال
واإلجراءات قد تلحق أضرارا باألفراد أو الجماعات عندما تكون مشوبة بعيب من عيوب
الشرعية وتتمثل المراقبة في مساءلة أجهزة الشرطة اإلدارية عما تقوم به من أعمال في مجال
المحافظة على النظام العام ،ومن األعمال التي قد تكون معرضة للطعن أمام المحاكم اإلدارية
كأن تكون قرارات الشرطة اإلدارية قد تتخذ في مجاالت غير التي هي كأن تكون قرارات
لها مما ينتج عنه متضررين من اإلجراءات المتخذة من طرف أجهزة الشرطة اإلدارية يستوجب
مطالبة القضاء بإلغائها بسبب الشطط في استعمال السلطة ،فبمقتضى المبادئ العامة للقانون تكون
جميع األعمال الصادرة عن اإلدارة خاضعة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة كما ينص
الفصل 8من القانون 90 41المحدث للمحاكم اإلدارية يتضمن من بين القضايا التي يبث فيها
القضاء اإلداري طلبات إلغاء قرارات السلطات اإلدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة ومادام
أن سلطات الشرطة اإلدارية هي أجهزة إدارية فمعنى ذلك أن القرارات التي تصدر عنها هي
قرارات إدارية ،وقد لعب االجتهاد القضائي دورا رئيسيا من أجل اثبات مبدأ مراقبة اإلجراءات
الصادرة عن سلطات الشرطة اإلدارية ويدخل هذا التطور في إطار التطور العام الذي عرفه نظام
إلغاء القرارات اإلدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة خصوصا في ظل النظام القضائي
الفرنسي الذي يعد فيه مجلس الدولة الفرنسي أحد ركائز االجتهاد القضائي ،وقد مارس مجلس
الدولة الفرنسي هذا االختصاص بإصداره منذ وقت مبكر مجموعة منالقرارات في مجال الشرطة
إن أعمال الشرطة اإلدارية باعتبارها صادرة عن سلطات إدارية فهي تخضع للمبدأ القاضي بضرورة
التعويض عن األضرار التي يكون ضحيتها األفراد نتيجة ممارسة اإلدارة لنشاطها ،فعندما تتسبب
الشرطة اإلدارية في أضرار لألغيار أثناء قيامها بعملها فإنها تكون مسؤولة عن األضرار ويترتب
عن هذه المسؤولية تخصيص تعويض مواز لها فمبدأ خضوع أعمال الشرطة اإلدارية يجد أساسه
كذلك في التشريع واالجتهاد القضائي ،فاألضرار التي يتعرض لها األفراد من جراء األعمال التي
تقوم بها أجهزة الشرطة اإلدارية تستوجب بالضرورة قيام مسؤولية هذه األجهزة يترتب عليها
التعويض فمهما كانت طبيعة الخطأ فإن الدولة هي التي تعتبر مسؤولة عن تعويض األضرار التي
تلحق باألفراد بمناسبة ممارسة اإلدارة لنشاطها ومن ضمنها نشاط سلطات الشرطة اإلدارية ،أما
بالنسبة لالجتهاد القضائي فيمكن القول أن مسؤولية اإلدارة عن األضرار التي تسبب فيها لألفراد هي
في األصل من صنع القضاء اإلداري (قرار بالنكو الصادر عن محمة التنازع الفرنسية بتاريخ 8
فبراير ) 1873وقد عمل االجتهاد القضائي بالنسبة لنشاط الشرطة اإلدارية على التمييز بين ما يسمى
الفصل الثاني :المرافق العمومية
كما سبقت اإلشارة لذلك فإن النشاط اإلداري يتم حسب طريقتين ،الطريقة األولى تتولى من
خاللها اإلدارة ضبط وتنظيم ومراقبة وتتبع األنشطة التي يقوم بها الخواص هذه الضوابط التي
تقتضيها المحافظة على النظام العام وهو ما يعرف بالضبط اإلداري أو الشرطة اإلدارية
والطريقة الثانية يتم بمقتضاها إنتاج وتزويد الناس بما يحتاجونه من الخدمات الالزمة لحياتهم
ويتم عن طريق المرافق التي تسيرها الدولة ويكون ذلك عندما تقرر السلطة العامة تعهدها
ببعض األنشطة فإن هذا التدخل يتم عن طريق المرافق العمومية
المبحث األول :تطور فكرة المرفق العام
قبل بزوغ فكرة المرفق العام اعتمد فقهاء القرن التاسع عشر في فرنسا على فكرة السلطة العامة لتبرير
قواعد القانون اإلداري وانعقاد االختصاص للقضاء اإلداري عندما تتصرف اإلدارة كسلطة آمرة وناهية
ومستفيدة من نظام قانوني متميز يقرر شروطا وأوضاعا غير مألوفة في القانون الخاص لذلك ساهمت
فكرة السلطة العامة في إبراز قواعد القانون اإلداري وتطبيقها في عالقات اإلدارة وهي تؤدي المهام
التقليدية المتمثلة في األمن والدفاع واألمن والقضاء والتي يسهل تمييزها عن أنشطة الخواص ،تبعا لذلك
وفي ظل اإليديولوجية الليبرالية كان مفهوم السلطة العامة كافيا لتحديد نطاق القانون اإلداري بيد أنه مع
تطور مهام الدولة نتيجة انتشار المبادئ االشتراكية كان على الدولة أن تتدخل إلشباع الحاجيات العامة
الضرورية لألفراد كالتعليم والصحة لذلك أنشأت الدولة مشروعات عامة تقوم بتسييرها أو تشرف على
تدبيرها فطهرت مرافق جديدة ،من هنا يتبين بجالء أن حاجة اإلدارة لقانون مستقل ومتميز في مبادئه
المختلفة عن تلك التي يقوم عليها القانون الخاص ال تعود إلى كون اإلدارة صاحبة سلطة أو سيادة ولكن
،ومن هنا ظهرت أيضا فكرة المرفق العام كأساس جديد لتحديد مجال القانون والقضاء اإلداريين
تقوم على التمييز بين ما يتعلق بمرفق عمومي وما ال يتعلق به ،وبعبارة أخرى فإن ما يتعلق
بنشاط المرفق العام يتصل بالقانون اإلداري فيخضع الختصاص القضاء اإلداري وما ال يتعلق
بنشاط المرفق العام يتصل بالقانون الخاص فيخضع الختصاص القضاء العادي ،فمفهوم المرفق
العام يوجد في صلب القانون اإلداري نتيجة ارتباطه الوثيق بمفهوم السلطة العمومية ،والقضاء
اإلداري والقانون اإلداري ال يتناول من نشاط اإلدارة إال ما كان يتعلق بالمرفق العمومي للقانون
اإلداري بل إن اإلدارة حرة في أن تلجأ تارة إلى وسائل القانون الخاص تحت مراقبة أشخاص
القانون العام وسواء انطلقنا من المعنى التقليدي الذي تقوم عليه وظائف الدولة والذي ينطوي
على المحافظة على النظام العام أو بالمعنى الحديث لهذه الوظائف فإن فكرة المرفق العام قد تعتبر
إحدى مظاهر تدخل الدولة في كل الحياة سواء منها المجال اإلداري المحض الذي هو مجالها
لقد ساهمت عدة عوامل في تجاوز المفهوم التقليدي للمرفق العام وإلى األخذ بمفهوم حديث يواكب
ويستوعب التغيرات الهامة في وظائف الدولة هذه األخيرة التي وجدت نفسها مضطرة إلى التدخل
إلشباع حاجات عامة متطورة لصالح المواطنين كتوزيع الماء والكهرباء الصحة التدريس وهذا ما
أدى إلى كثرة وتنوع المرافق العمومية التي تديرها اإلدارة مباشرة أو تترك للخواص تدبيرها
تحقيقا للصالح العام ،وبالمقابل تنوعت صورة تدخل الدولة في إدارة المرفق العام بحيث خضعت
بعض األنشطة الحتكار اإلدارة وتم تقاسم أنشطة أخرى مع الخواص والمشاركة معهم أو االكتفاء
فقط بمراقبة وتنظيم أنشطة معينة .
وقد أثرت هذه التطورات في الجوهر األصلي لنظرية المرفق العام الكامن في ارتباط تطبيق
القانون العام والقانون اإلداري بمفهوم المرفق العام وابتعاد تطبيق قواعد القانون الخاص على
العالقة القانونية المرتبطة بالمرفق العام ،هذه الصورة لم تصمد أمام اهتمام نشاط اإلدارة ونشاط
-تفوق المضمون المادي ( طليعة النشاط الذي يقوم به المرفق العام) عن المعنى العضوي (الهيئة
العامة التي تدير النشاط لتحقيق المصلحة العامة والخاضعة للقانون والقضاء اإلداريين) وعدم
تطابقهما
-اتساع مفهوم المصلحة العامة بتنامي الحاجيات العامة التي بات األفراد يطالبون بتلبيتها مثل
التعليم النقل الصحة مما دفع بالخواص إلى القيام بمشروعات تقوم على خدمة المنفعة العامة ،لذلك
لم يعد المرفق العمومي خاضعا بالضرورة للسلطة اإلدارية التي أحدثته
-تجاوز قاعدة القانون اإلداري هو قانون المرافق العامة مادام أن المرافق العامة التجارية
والصناعية أضحت في حاجة إلى قواعد القانون الخاص أكثر من قواعد القانون العام وبذلك لم يعد
المرفق العام يتميز بتطبيق قواعد القانون اإلداري عليه بل يمكن أن تخضع لمزيج من القانون
المبحث الثاني :مدلول المرفق العام
تستعمل كلمة مرفق عام في القانون اإلداري للداللة على معنيين إما النشاط الذي يصدر عن الدولة أو
إحدى هيئاتها إلشباع حاجة عامة تحقيقا للمصلحة العامة ،أو تطلق كلمة مرفق عام على الهيئة التي تزاول
ذلك النشاط وهو االتجاه العضوي أو الشكلي في تعريف المرفق العام وهكذا توجد نظرة مادية تنصرف
إلى نشاط المرفق ونظرة عضوية تنصرف إلى الجهة الممارسة لهذا النشاط.
ومن الفقهاء من اعتمد في تعريفه للمرفق العام على المعنى العضوي وآخرون اعتمدوا على المعنى
المادي في حين اعتمد البعض اآلخر على المعنيين معا وذلك باعتبار المرفق العام منظمة تعمل بانتظام
واطراد تحت إشراف أعضاء الحكومة بقصد أداء خدمة للجمهور مع خضوعها لنظام قانوني معين ،فكلمة
منظمة تدل على المعنيين المادي والعضوي معا ألنها تضم كل من العاملين واألموال واألنشطة التي
تتوالها ألداء الخدمة العمومية ،وأهمية التفرقة بين المرافق العضوية والمادية ال تظهر إال في الحاالت
وهو النشاط المرفقي أما إذا كانت الهيئة العامة هي التي تدير النشاط المرفقي نكون أمام مرفق
عضوي وهو الهيئة وآخر مادي وهو النشاط وتبعا لذلك تختفي التفرقة بين نوعي المرافق العامة
العضوية والمادية ،وتظهر أهمية التفرقة كذلك بين النوعين من المرافق في مسألة الخضوع ألحكام
أي القانونين العام أو الخاص
المطلب األول :المفهوم العضوي والمادي للمرفق العام
يتجاذب اصطالح المرفق العام معنيين األول شكلي أو عضوي والثاني مادي أو موضوعي
،فالمعنى األول يفيد الهيئة العامة التي تدير النشاط القائم إلشباع الحاجات العامة فعندما يدار
المشروع بواسطة سلطة عامة نكون أمام مرفق عام عضوي ومن أمثلة ذلك الوزارات
والمستشفيات والجامعات ،حيث ينسحب مدلول المرفق العضوي على الجهاز اإلداري القائم لتلبية
أنشطة ذات منفعة عامة أما حين تتولى إدارة المشروع هيئة خاصة كما هو الشأن في أسلوب
االمتياز نكون أمام مرفق مادي حيث ينسحب معنى المرفق العام على النشاط المؤدى المتصل
بالصالح العام (التعليم ،الصحة ،توزيع الماء والكهرباء ) دون الهيئة الخاصة التي تؤديه ،ففي حالة
الفقرة األولى :المفهوم العضوي للمرفق العام
ويقصد بهذا المفهوم أن المرفق العام هو جهاز عام مكلف بتسيير نشاط ذي مصلحة عامة فهو
تنظيم تقوم الدولة بإحداثه وتتولى شؤونه بغاية إشباع الحاجات العامة وهكذا فإن الدولة تنشأ
مرافق عامة وتنظم سير نشاطها تحقيقا للمصلحة العامة إال أن هذا المفهوم أصبح متجاوزا على
اعتبار أنه يعير اهتماما بالغا بالناحية العضوية أي الجهة التي يصدر عنها نشاط المرفق في حين
أن االتجاه الحديث يعتمد على نشاط المرفق العام فذلك النشاط هو األصل في المرفق العام وهو
التجسيد الحي لفكرته بغض النظر عن الجهة أو الهيئة التي تدير المرافق ،كما أن األمر قد
استعصى عن التمييز عندما ظهرت إلى الوجود أنواع مختلفة من األنشطة إلشباع الحاجات
العامة وجعلت منها السلطات العامة مرافق عامة مع إناطة إدارتها باألفراد أو شركات خاصة
األمر الذي جعل القضاء اإلداري في فرنسا (مجلس الدولة الفرنسي)يؤكد بالنسبة لهذه المرافق
أنها مرافق عامة وقد عبر فالين عن ذلك صراحة عندما قال "إن الفكرة التقليدية القائمة على
فمن جهة نجد أن بعض الهيئات العامة ال تعتبر مرافق عامة ألنه ليس من غرضها تحقيق
المصلحة العامة ومن جهة أخرى ال نجد من بعض أنواع النشاط التي يعتبرها القضاء اإلداري
من المرافق العامة العناصر الالزمة للمشروع ،ومن هنا يتبين أن ال محل لذكر الهيئة في
صلب التعريف للمرفق العام كما أنه ال محل العتبارها من أركان المرفق العام " وبهذا يكون
القضاء والفقه في تعريفه للمرفق العام قد تبنى المعنى المادي فقد اعترف مجلس الدولة
الفرنسي للمرافق االقتصادية والتجارية بصفة المرفق العام كما يعرف موريس هوريو المرفق
العام انطالقا من العنصر العضوي الذي يعد في نظره "منظمة عامة تملك سلطات
واختصاصات وتستخدمها لتكفل تقديم خدمة معينة تقدمها للجمهور بانتظام واطراد "
الفقرة الثانية :المفهوم المادي للمرفق العام
ويقصد به أن المرفق العام ما هو إال ذلك النشاط الذي تقوم به شخصية عامة تحقيقا للمصلحة
العامة ،وفقا لهذا المفهوم فإن فكرة المرفق العام تتحدد على أساس النشاط الذي تمارسه هيئة
وجدير بالذكر أن هذا المفهوم أخذ به مجلس الدولة الفرنسي في حكمه المتعلق بالسيد كيريي حيث
قضى أن النشاط الذي قامت به اإلدارة المحلية إلبادة الحيوانات الصغيرة كاألفاعي قصد حماية
السكان يعتبر في حد ذاته مرفقا عاما.
إال أن هذا المفهوم على الرغم من استقالليته فإنه لم يسلم ومنذ قديم من التداخل مع المفهوم
العضوي وذلك نتيجة لكون نشاط اإلدارة ال يمكن ممارسته آنذاك إال في إطار هيئة عامة إدارية
،واعتمادا على هذا التداخل تم تعريفه على أن المرفق العام ما هو إال نشاط ذو مصلحة عامة تباشره
هيئة عامة ،ويستخلص من ذلك أن االتجاه في البداية سار على تغليب المعيار العضوي أو الشكلي
في تعريف المرفق العام إال أن التطورات التي جاءت فيما بعد جعلت المعيار الموضوعي أو المادي
يطفو على السطح وأصبح تعريف المرفق العام يعتمد على طبيعة النشاط أو الهدف الذي يسعى
لتحقيقه المشروع بغض النظر عن التنظيم الذي يمارس في ظله النشاط.
المطلب الثاني :التعريفات الفقهية والقضائية للمرفق العام
إن مدرسة المرفق العام ظهرت مالمحها بعد القراءة الجديدة لحكم بالنكو الذي يعتبر من بين األحكام
األولى الصادرة عن محكمة التنازع الفرنسية وقد قررت المحكمة لحل النزاع الذي حدث بين اإلدارة
ووالد الضحية ما يلي " حيث أن المسؤولية التي يمكن أن تتحملها الدولة نتيجة األضرار التي أصيب بها
الخواص من جراء أعمال األشخاص الذين تشغلهم في المرفق العمومي ال يمكن أن تحدد بالمبادئ
المقررة في القانون المدني والمنظمة للعالقات بين الخواص مع بعضهم البعض أن هذه المسؤولية ليست
عامة ومطلقة لها قواعدها الخاصة التي تختلف تبعا لحاجيات المرفق ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة
والحقوق الخاصة " إال أن الفقيه G.TIESSIERأحد مفوضي الحكومة لدى مجلس الدولة قال "إن
المرفق العمومي يمكن اعتباره أساس نظرية شاملة لالختصاص وكذلك للقانون اإلداري " وبفضل كونه
عضوا في مجلس الدولة الفرنسي فقد قام بمجهودات متوالية قصد إقناع تلك المحكمة بتبني أفكاره .
إال أن الفقيه DEGUITهو رائد نظرية المرفق العام والدولة بالنسبة إليه ليست شخصا يتمتع بالسيادة
،ويضيفون أن السلطة السياسية ال تملك أي حق من حقوق هذه السلطة وال يكون استخدامها لحقوقها
وامتيازاتها مشروعا خارج نطاق المرافق العامة.
ويعرف األستاذ دولوبادير المرفق العام " هو ذلك النشاط الذي تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة
عامة ذات نفع عام " أما األستاذ ريفيرو فتبنى التعريف المادي للمرفق العام الذي في نظره "نشاط يهدف
إلى تحقيق الصالح العام " ويعرف األستاذ سليمان الطماوي المرفق العام بأنه "مشروع يعمل باطراد
وانتظام تحت إشراف رجال الحكومة بقصد أداء خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام قانوني معين"
كما يعرفه األستاذ محمد فؤاد مهنا بأنه "مشروعات تنشئها الدولة أو تشرف على إدارتها وتعمل بانتظام
واستمرار متشبعة بسلطات اإلدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي يتطلبها ال بقصد الربح ولكن
بقصد المساهمة في صيانة النظام وخدمة المصالح العامة في الدولة " ومن خالل هذه التعاريف يمكن أن
المبحث الثالث :عناصر المرفق العام
المطلب األول :المرفق العام هو نشاط :لقد كان مدلول المرفق العام في السابق ينسحب على الجهاز
اإلداري الذي أحدثه لتلبية حاجيات ذات نفع عام وبذلك كان نشاط المرفق يتميز عادة بوجود هيئة أو
منظمة تشرف على تنظيمه ،وبهذه الصورة يتحدد المرفق العام الذي ينظر إليه كجهاز إذ ال أهمية
للنشاط في تحديد كمدلوله ،إال أنه مع ظهور أنشطة متنوعة قائمة على حاجيات عامة يديرها أفراد
أوهيئات خاصة بات المعنى الحديث للمرفق العام يرتكز على النشاط حيث يعد المرفق العام نشاط
يمارس من طرف الدولة أو األشخاص العامة األخرى التابعة لها مباشرة أو من قبل أشخاص آخرين
لكن تحت مراقبتها .المطلب الثاني :نشاط يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة :يمكن اعتبار عنصر
المصلحة العامة التي يرمي نشاط المرفق العام إلى تحقيقها أحد العناصر الجوهرية في المرفق العام
وتتحقق المنفعة العامة بإشباع الحاجات العامة وهي الحاجات التي يرى أفراد بالمجتمع أو الرأي العام
أهمية النشاط وما سيؤديه من منافع وبالمقابل ،إذا اتخذ نشاط معين صبغة المنفعة العامة فإننا نكون أمام مرفق
عام حتى عندما ال تدير الدولة مباشرة ذلك النشاط وتشرف عليه إذ ال ينبغي أن يكون الهدف األساسي من ذلك
النشاط هو الربح.
المطلب الثالث :النشاط تمارسه الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة األخرى :
مع تطور دور الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة التي تتدخل في الميادين االقتصادية والصناعية والتجارية
أصبح تدخلها متشعبا وتعددت المرافق العامة المنشأة من قبل الدولة وهيئاتها العامة من تلك التي تطبق قواعد
القانون العام والتي تطبق قواعد القانون الخاص.
المطلب الرابع :تتمتع الدولة بحق اإلشراف على المرفق العام :
يعد خضوع المرفق العام إلشراف الدولة أو إحدى هيئاتها أحد العناصر األساسية لوجود المرفق العام ذاته
حيث يعود للدولة تقدير المجاالت والميادين التي من الضروري التدخل فيها لتلبية حاجات عامة غير أن درجة
خضوع تلك المرافق لرقابة الدولة تختلف حسب األسلوب الذي اختارت اإلدارة إدارة المرفق العام به ،وبصفة
المبحث الرابع :أنواع المرافق العامة
لقد أدى توسع وتنوع نشاط الدولة وتدخلها في مختلف الميادين واألنشطة سعيا إلى تحقيق الصالح العام إلى
أن يتنوع تبعا لذلك هذا النشاط المتمثل في المرافق العامة مما أدى إلى اختالف المعايير المعتمدة في تصنيفها
أو تقسيمها من حيث موضوع نشاطها إلى مرافق عامة إدارية واقتصادية واجتماعية ومهنية ،ومن حيث
نطاق نشاط المرفق يمكن تقسيمها إلى مرافق وطنية ومرافق محلية ،كذلك يمكن تقسيم المرافق حسب
اكتسابها للشخصية المعنوية من عدمها إلى مرافق عامة تتمتع بالشخصية المعنوية ومرافق غير متمتعة بها
،أو حسب سلطة الدولة في إنشائها إلى مرافق عامة اختيارية ومرافق عامة إجبارية .
المطلب األول :تقسيم المرافق العامة حسب موضوع نشاطها
الفقرة األولى :المرافق العامة اإلدارية
وهي المرافق التي شكلت أساس القانون اإلداري واكتسبت صبغة المرفق العام في األصل وهي المرافق
العامة التقليدية التي تديرها الدولة وتظهر فيها بوصفها صاحبة مبادرة أو سلطة واآلمر والناهي كما تخضع
وتخضع في ذلك لقواعد القانون اإلداري وتديرها الدولة بواسطة األموال العامة والموظفين العموميين كما
تعد القرارات الصادرة عنها قرارات إدارية والعقود التي تبرمها عقودا إدارية والمنازعات المترتبة عن
نشاطها منازعات إدارية تخضع الختصاص القضاء اإلداري وتؤدي كذلك خدماتها للمواطنين بالمجان .
على إثر تزايد تدخل الدولة لتأمين حاجيات عامة جديدة ظهرت مرافق عامة اقتصادية ويقصد بها المرافق
العامة التي تقوم بأنشطة اقتصادية ذات صبغة صناعية وتجارية ومالية مماثلة للتي يزاولها الخواص
وتخضع لنظام قانوني مختلط بين القانون العام والخاص وقد ثبت مجلس الدولة الفرنسي في قرارات كثيرة
صفة المرافق العامة لهذه األنواع من األنشطة وذلك لتضمنها واحتوائها لفكرة المرفق العام القائمة على
إشباع الحاجات العامة لغرض تحقيق المصلحة العامة من قبل اإلدارة العامة وتحت إشرافها ومن أمثلتها
مرافق البريد والمواصالت وتوزيع الماء والكهرباء واألبناك وشركات التأمين ،كما أن طرق تدبير الدولة
لهذا النوع من المرافق العامة قد تختلف طبقا لما يالئم طبيعة النشاط االقتصادي للمرفق ووفقا لألسلوب
الفقرة الثانية :المرافق العامة االجتماعية
يعرفها دولوبادير بكونها مرافق تهدف إلى تقديم خدمات اجتماعية للمستفيدين منها هذه الخدمات التي
تسعى إلى توفير ضمانات لبعض المواطنين ذوي الدخل المحدود ضد المخاطر الناجمة عن ظروفهم
االجتماعية ،وهي المرافق التي تتولى بشأنها تقديم الخدمات االجتماعية للمنتفعين منها وقد ازداد هذا
النوع من المرافق انتشارا مع ازدياد تدخل الدولة وانتشار األفكار االشتراكية ومن أمثلتها المرافق العامة
للمساعدة االجتماعية ،الضمان االجتماعي وتخضع عادة لمبادئ القانون اإلداري والقانون العام.
ومن حيث النظام القانوني الذي تخضع له المرافق االجتماعية فهو مختلط بين القانون العام والخاص إذ
نجد بعضها يتم تنظيمه بأساليب القانون العام وتتولى منازعاتها الختصاص القضاء اإلداري في حين أن
بعضها اآلخر يتم تسييره بأساليب القانون الخاص فتطبق عليها قواعد القانون الخاص وتؤول منازعاتها
الفقرة الرابعة :المرافق العامة المهنية
يقصد بالمرافق المهنية تلك المرافق التي تتولى تنظيم وتوجيه مهنة معينة من لدن أعضائها أنفسهم مع
تمتع الهيئات التي تضطلع بإدارتها ببعض امتيازات وسلطات المرفق العام ومن أمثلتها نجد الغرف
المهنية والهيئات والنقابات كنقابة المحامين وهيئة األطباء والمهندسين والصيادلة وغيرها.
ويدخل تنظيم هذه المهن في صميم اختصاصات الدولة بوصفها قائمة على المصالح العامة فإذا رأت
الدولة أن تتخلى عن هذا األمر ألعضاء المهنة أنفسهم ألنهم أقدر عليه مع تخويلهم نصيبا من السلطة
العامة يستعينون به على تأدية رسالته مع االحتفاظ بحقها في اإلشراف والرقابة تحقيقا للصالح العام فإن
ذلك ال يغير من التكييف القانوني لهذه المهن بوصفها مرافق عامة.
إن تنظيم هذه المرافق يتخذ شكل هيئة أو نقابة تكون اإلدارة فيها لمجلس منتخب من بين أعضاء الهيئة
نفسها كما أن االنضمام إلى هذه النقابة يكون بصفة إجبارية بالنسبة ألعضاء الهيئة ،وتتولى النقابة
وقد أقر مجلس الدولة الفرنسي مرافق التنظيم المهني بمثابة مرافق عامة فهي أشخاص معنوية
تتولى تدبير مرافق عامة وتجدر اإلشارة إلى أن النقابات المهنية تخضع لنظام قانوني مختلط يجمع
بين القانون العام والخاص رغم أن الشطر الهام من نشاطها يحكمه القانون الخاص السيما ما يتعلق
بممارسة أعمالها المدنية .
المطلب الثاني :المرافق العامة حسب النطاق الجغرافي لنشاطها :تنقسم المرافق العامة من حيث
النشاط المكاني لنشاطها إلى مرافق عامة وطنية يمثل نشاطها مجموع التراب الوطني ومرافق عامة
محلية ينحصر نشاطها على حيز محدد من الدولة.
الفقرة األولى :المرافق العامة الوطنية :يقصد بالمرافق العامة الوطنية تلك المرافق التي يتسع
نشاطها ليشمل كل أجزاء التراب الوطني بحيث تهدف لتلبية حاجيات جميع المواطنين ومن أمثلة
الفقرة الثانية :المرافق العامة المحلية :وتتحدد عناصر المرفق العام المحلي في ضرورة وجود مشروع
تمارسه مجموعة تستعين بوسائل مادية وبشرية من أجل هدف معين يتمثل في أداء خدمة لفائدة الجماعة
وسد حاجياتها وتكتسي هذه الخدمة طابعا محليا حيث تؤدى على الصعيد المحلي ،فالمرفق العام المحلي
يؤدي خدماته من لدن هيئة محلية تمثل اإلرادة المعنية لسكان الجماعة المحلية وتكون غالبا الهيئة منتخبة
تعكس تطلعات السكان في تدبير الشؤون المحلية وتخضع هذه المرافق لرقابة السلطة المركزية.
وترتيبا على ذلك فإن المرافق العامة المحلية هي تلك المرافق التي يسير نشاطها على رقعة جغرافية
محددة ويستفيد من خدماتها سكان الوحدة الترابية المحلية سواء كانت جهة أو إقليم أو جماعة قروية
أوحضرية ومن أمثلة ذلك التطهير وتوزيع الماء والكهرباء والنقل الحضري وفي هذا الصدد أحدث
المشرع المغربي مؤسسات عمومية محلية إشباعا للحاجات المحلية وتلبية لرغبات السكان في مجال
الخدمات المحلية كالوكاالت المستقلة مثال.
المطلب الثالث :تصنيف المرافق من حيث تمتعها بصفة الشخصية المعنوية من عدمها
يمكن تصنيف المرافق العامة كذلك من حيث مدى سلطة الدولة في مراقبتها وإدارتها إلى مرافق
عامة غير متمتعة بالشخصية المعنوية ومرافق عامة متمتعة بالشخصية المعنوية ،فبالنسبة لمعظم
المرافق العامة التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية أي التي ال تمارس نشاطها بدرجة من االستقالل
اإلداري والمالي تظل مرتبطة باألشخاص اإلدارية المنشأة لها وهي غالبا المرافق العمومية الوطنية
والتي لها أهمية بالنسبة لمجموع سكان الدولة كمرافق العدل واألمن ،أما بالنسبة للمرافق العامة
المتمتعة بالشخصية المعنوية فهي التي تتمتع باالستقالل اإلداري والمالي في نشاطها مع خضوعها
للرقابة والوصاية اإلدارية من لدن السلطات المركزية فيكون الغرض من إنشاء هذه المرافق هو
تفادي سلبيات اإلدارة المباشرة لبعض األنشطة المتمثلة في البطئ والتعقيد ،فالمصلحة العامة
تقتضي تمتع بعض المرافق العامة بالشخصية العامة بغية تحسين أداء خدماتها وتعرف هذه
المطلب الرابع :المرافق العامة حسب سلطة الدولة في إنشائها
تنقسم المرافق العامة حسب سلطة الدولة في إنشائها إلى مرافق عامة اختيارية ومرافق عامة
إجبارية.
الفقرة األولى :المرافق العامة اإلجبارية :األصل أن للدولة وباقي األشخاص المعنوية العامة السلطة
التقديرية في إحداث المرافق العامة فيما يظهر لها ضرورة إشباع إحدى الحاجات العامة بواسطة
المرفق العام وال يملك األفراد إلزامها بذلك ،لكن قد تلزم اإلدارة بإحداث المرافق العامة بصفة
إجبارية إذ ال تملك الحرية واالختيار في إنشائها أو عدم إنشائها ألنها تتعلق بممارسة الوظائف
األساسية للدولة كمرافق الدفاع واألمن والقضاء والتعليم وإما ألن نصا دستوريا يلزم اإلدارة بإنشائها
،كما تحدث المرافق العامة بشكل إجباري نتيجة معاهدات دولية ،كما قد يلزم القانون الهيئات
الالمركزية إنشاء بعض المرافق العمومية المحلية إذ يتم إحداثها بموجب قانون .
الفقرة الثانية :المرافق العامة االختيارية :بالنسبة للمرافق العامة االختيارية يبقى لإلدارة حق إنشائها
المبحث الخامس :المبادئ العامة للمرافق العامة
إذا كانت المرافق العامة تتباين من حيث نشاطها إلى مرافق عامة إدارية واقتصادية واجتماعية
ومهنية وتتباين أيضا تبعا لطبيعة الهيئة التي تشرف عليها فإنها تهدف جميعها إلى تحقيق
المصلحة العامة ،وفي سبيل حسن أداء المرافق العامة وتلبية حاجيات الجمهور في أحسن وجه
فإنها تخضع لقواعد ومبادئ أساسية دأب الفقه والقضاء على حصرها في ثالث مبادئ وهي
المساواة أمام المواطنين ومبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واطراد أو ما يعرف بمبدأ
االستمرارية ثم مبدا قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير حسب مقتضيات المصلحة العامة .
المرافق العامة تهدف إلى سد حاجات عامة وخدمات أساسية تقتضي المصلحة العامة ضرورة
توفيرها بطريقة مستمرة ومنتظمة لذا يعتبر سير المرافق العامة بانتظام واطراد أول قاعدة عامة
تحكم سير المرافق العامة على اختالف أنواعها ،كما أن المرافق العمومية من جهة ثانية تنشأ
وتدار لمصلحة الجمهور بغير تفرقة أو تمييز لذا كان واليزال مبدأ المساواة أمام المنتفعين من
االقتصادية واالجتماعية والسياسية لهذا كان مبدأ مسايرة المرافق العامة للمقتضيات المستجدة ثالث
القواعد العامة التي تحكم سير المرافق العامة
• -2مبدأ مسايرة المرفق العام للمقتضيات المستجدة أو مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير
وقد طور هذه المبادئ الفقيه لوي روالن louis Rollandحتى أصبحت تعرف بمبادئ لوي روالن
Rollandحيث وصف المبادئ الثالث ب "القوانين الثالث للمرافق العامة " إال أنه مع التطور الذي
عرفته المرافق العامة من حيث آليات تدبيره وأهدافه اقترح األستاذ رشيد المرابط إضافة مبدأ الفعالية
كمبدأ رابع حيث أضاف أن مبدأ الفعالية يجب أن يصبح من مبادئ المرفق العام على غرار المبادئ
الثالث األخرى ومن المفروض أن يصبح مبدأ أساسيا وليس اختياريا
المطلب األول :مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واطراد أو مبدأ االستمرارية
يعد مبدأ استمرارية المرفق العام في أداء أنشطته بانتظام واطراد من أول المبادئ التي تحكم سير
المرافق العامة بمختلف أنواعها وهو من المبادئ التي تم إقرارها من قبل االجتهاد القضائي
ويقتضي هذا المبدأ أن يقوم المرفق العام بمهامه ونشاطه وتقديم خدماته على سبيل الدوام
واالستمرار دون انقطاع أيا كانت الظروف التي يواجهها في مساره السيما أن تحقيق المصلحة
العامة تقترن باالستمرارية وبالدوام ألن توقف سير المرافق العامة أو تعطلها عن العمل ولو كان
عرضيا تكون له نتائج سيئة على المرتفقين الرتباط تلك المرافق بمصالحهم اليومية كما هو الشأن
بالنسبة لمرفق النقل والتعليم والصحة ،عالوة على أن ذلك قد يؤثر على النظام العام ويمكن
لألفراد الدفع أمام القضاء بعدم احترام مبدأ االستمرارية أو المطالبة بالتعويض عن األضرار التي
تلحقهم بسبب اإلخالل بواجب تأمين سير المرافق العامة .
ويعتبر مبدأ استمرارية المرفق العام وسيره بانتظام من المبادئ العامة للقانون الذي ال يحتاج إلى تقرير
نص تشريعي ألن طبيعة المرفق العام تستلزم ضمان سيره بانتظام لخدمة المصلحة العامة.
غير أن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة إذ ال يعني أن المرافق العامة يجب أن تشتغل في كل وقت
وطيلة أيام األسبوع لذلك هناك نسبية في تطبيق هذا المبدأ إذ يختلف طابعه اإللزامي من موقف آلخر
لذلك فإن االستمرارية تتحدد في كل حالة حسب القواعد المنظمة للمرفق.
تحدث المرافق العامة لتلبية حاجات عامة وتقديم خدمات أساسية لألفراد بصفة دائمة ومنتظمة ألن
المنتفعين يرتبون أمور حياتهم على أساس وجود المرفق واستمرار سيره ويمكن تصور االرتباك في
الحياة العامة واالضطراب االجتماعي الذي قد ينجم عن انقطاع خدمات األمن أو الماء أو الكهرباء ولو
لفترة قصيرة لذلك فقد قضى القضاء بإخضاع المرافق العامة لمبدأ االستمرارية وألزم السلطة العامة
بضمان ذلك مهما كانت الصعوبات والعراقيل ،أما إذا كان المرفق يتم تدبيره من لدن أشخاص متعاقدين
مع اإلدارة فيقع على عاتق هؤالء التزام باالستمرار في أداء النشاط المرفقي مهما كانت الصعوبات التي
تعترضهم ،لذلك فتطبيق مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام على أعمال اإلدارة يقر ثالثة نتائج
الفقرة األولى :نظرية الظروف الطارئة
وهي من النظريات التي أحدثها االجتهاد القضائي ذلك انه من الممكن في العقود اإلدارية الطويلة األمد
أن تظهر خالل تنفيذها ظروف لم تكن متوقعة عند إمضاء العقد وهاته الظروف ال دخل إلرادة
المتعاقدين في ظهورها وتجعل تنفيذ العقد أمرا مرهقا وصعبا بل وتجعل االستمرار في تنفيذه غير ممكنا
،فإنه من حق المتعاقد أن يطالب من اإلدارة المشاركة معه في تحمل تلك األعباء الجديدة الطارئة إما من
خالل تعويضه جزئيا عن الخسائر التي لحقته من جراء الظروف الطارئة وإما عن طريق تعديل شروط
العقد ليتمكن المتعاقد من االستمرار في تنفيذ التزاماته ضمان لدوام سير المرفق العام الذي يرتبط به
العقد بانتظام وإطراد .وأصل ظهور نظرية الظروف الطارئة يكمن في أحكام مجلس الدولة الفرنسي
التي أقرها خروجا عن المبدأ في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين
ضمان الستمرار المرفق العام والحيلولة دون توقف المتعاقد مع اإلدارة عن تنفيذ التزاماته وتعطيل
المرافق العامة ،وهكذا ظهرت هذه النظرية من خالل حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية شركة غاز
وبالتالي قد تؤدي إلى توقفه وتوقف خدماته فقد ارتأى المجلس أن المصلحة العامة تقتضي
مساعدة الشركة للتغليب على الصعاب الناجمة عن ارتفاع سعر الفحم ،وطبقت بعد ذلك
نظرية الظروف الطارئة على أنواع عديدة من العقود اإلدارية ترتبط بالنقل واالشغال العامة
وأصبحت بالتالي نظرية قابلة للتطبيق عندما تتحقق شروط تطبيقها وهي كالتالي :
−أن يؤدي الظرف الطارئ إلى جعل تنفيذ العقد عسيرا او مرهقا
تعد نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي من النظريات التي تنبثق عن مبدأ دوام سير المرفق العام
بانتظام فإذا كان الموظف الرسمي هو الشخص الذي عين تعيينا صحيحا وفقا للمقتضيات القانونية
فإن الموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي يعترف القضاء بصحة ومشروعية بعض
األعمال والتصرفات التي يأتيها وهو مزاول للوظيفة المرتبطة بسير المرفق العام وذلك دون أن
يكون معينا وفقا للقانون وعين تعيينا معيبا أو لم يصدر قرار بتعيينه أصال .وبالرغم من أن األصل
األعم يفرض بطالن األعمال الصادرة عن الموظف الفعلي أو الواقعي باعتبارها أعماال صادرة
عن غير مختص أو مغتصب أو منتحل للوظيفة فإن القضاء أكد صحة وسالمة تلك األعمال ضمانا
الستقرار سير المرافق العامة ،وترتبط تطبيق نظرية الموظف الفعلي باعتبارات تختلف حسب
الظروف التي قد تكون ظروفا استثنائية أو عادية
-في الظروف االستثنائية :حيث تقع بعض الظروف مثل الحروب واالضطرابات تؤدي إلى اختفاء
ممارسة صالحيات واختصاصات وظيفة معينة بالنظر لدواعي الفعل والواقع دون القانون وضمان
لسير المرفق العام بانتظام فإن الفقه والقضاء أقر بصحة األعمال التي يقومون بها وهم مزاولين
الختصاصات إحدى الوظائف العامة المرتبطة بالمرافق العامة مع ترتيب جميع اآلثار القانونية
عليها.
-في الظروف العادية :حيث يحدث أن يتم تعيين أحد األشخاص على نحو غير قانوني في إحدى
الوظائف العامة أو انتخاب أفراد في إحدى الهيئات الالمركزية بصفة غير مشروعة ،وهكذا فاألصل
يقتضي بطالن تصرفات وأعمال هؤالء األشخاص من الموظفين الفعليين أو الواقعيين لكن الفقه
والقضاء أقر بصحة ومشروعية األعمال والتصرفات التي يأتونها استنادا إلى فكرة األوضاع
الظاهرة مادام أن الغير ال يعلم أن األشخاص الموجودين في الوظائف العامة ليسوا بموظفين
قانونيين وأن العيب الذي رافق تعيينهم خفي وغير ظاهر واستنادا أيضا لضرورة سير المرافق
العامة بانتظام ،ومثال ذلك كان يتم انتخاب أحد األعضاء خطأ ليشغل إحدى الوظائف العامة أو أن
الفقرة الثالثة :تنظيم اإلضراب
يقصد باإلضراب امتناع الموظفين في المرافق العامة عن تأدية أعمالهم لفترة معينة وبصفة
مؤقتة دون أن تتجه النية إلى التخلي عن وظائفهم بشكل نهائي ،واإلضراب بذلك يعد من أخطر
اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دوام سير المرافق العامة ،ومن القواعد األساسية التي دأبت
عليها معظم الدول فيما يخص تنظيم اإلضراب تلك القاعدة التي تنطلق من أنه إذا كان من الجائز
اللجوء إلى اإلضراب في القطاع الخاص فإن ذلك ال يجوز إطالقا في المرافق العامة القائمة
على تحقيق الصالح العام لذلك بادرت معظم الدول إلى تحريمه واإلضراب هو اتفاق مجموعة
من العمال على التوقف عن العمل لفترة مؤقتة قصد إبراز استيائهم من أمر ما أو تحقيق بعض
المطالب المتعلقة بظروف العمل والحياة بصفة عامة ،ونظرا لخطورة اإلضراب على سير
المرفق العام فقد سارع المشرع واالجتهاد القضائي الى تحريمه وإذا كانت بعض التشريعات قد
سباقا إلى تحريم االضراب في حكم وينكل حيث جاء فيه "ومن حيث أن موظفي المرفق العام
بإضرابهم لم يتركبوا خطأ شخصيا فحسب وإنما قد وضعوا أنفسهم بهذا العمل السياسي خارج
نطاق القوانين واللوائح التي تضمن لهم مباشرة حقوقهم" وفي حكم مينيير قضى مجلس الدولة
الفرنسي كذلك " أن الموظف المضرب عن العمل يجعل نفسه بقيامه باإلضراب خارجا عن
إطار نظام الوظيفة العمومية فهو بذلك يحرم من صفة الموظف ومن الضمانات التأديبية
المقررة في مجال التأديب" وفي هذا الصدد يقرر ريفير بأن شرعية فصل الموظفين المضربين
دون إتاحة الفرصة إلطالعهم على ملف خدمتهم تستند إلى مكونين متميزين األولى أن
الموظف المضرب يكون قد ساهم في تعطيل سير العمل وهذا يعد خروجا عن القوانين واللوائح
التي تكفل له الضمانات التأديبية ومنها إطالعه مقدما على ملف خدمته قبل محاكمته تأديبيا
والثانية أن اإلدارة على إثر هذا اإلضراب تكون مهددة بتعطيل سير مرافقها العامة لذلك يجب
التي تكفل سير مرافقها العامة دون انقطاع ومنها سرعة فصل المضربين دون أن تمنحهم فرصة
اإلطالع على ملف خدمتهم قبل المحاكمة ،ولم يقتصر مجلس الدولة الفرنسي على حرمان
الموظف المضرب من الضمانات التأديبية وإنما قضى كذلك بأن مبدأ استمرار المرافق العامة
يخول اإلدارة أن تتخذ في حالة اإلضراب أو التهديد به كافة اإلجراءات الكفيلة باستمرار سير
المرافق العامة دون أن يقال أن هناك انحراف بالسلطة من جانبها ،وهكذا وانطالقا من دستور
1946ومقدمة دستور 1958الذي يحيل إلى إعالن حقوق االنسان والمواطن لسنة 1789
وماورد في حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ديهين يستنتج أن اإلضراب حق لكن ضرورة
دوام سير المرافق العامة تقتضي تقييده والتضييق من نطاقه وال يعني ذلك إلغاء هذا الحق
ومصادرته كليا بل تنظيمه صونا للصالح العام ،غير أنه في سنة 1938صدر قانون بشأن
حقوق وواجبات الموظفين ليؤكد أن " يمارس الموظفون حق اإلضراب في إطار القوانين التي
-لم يعد اإلضراب عمال غير مشروع ولكن حق الحكومة في أن تحرم اإلضراب في بعض
المجاالت وأن تقنن ممارسته بأن تفرض عليه قيودا وإجراءات ضمانا للصالح العام.
--الحكومة من حقها اتخاذ بعض التدابير الوقائية من أجل التخفيف من آثار اإلضراب
في المغرب أثارت وضعية حق اإلضراب جدال قانونيا وفقهيا وسياسيا قبل دستور 1962كان
اإلضراب محرما بمقتضى الفصل الخامس من مرسوم 2فبراير 1958الذي نص "كل توقف
عن العمل بصفة مدبرة يمكن المعاقبة عليه خارج الضمانات التأديبية" والذي استندت إليه الغرفة
اإلدارية في قضية الحيحي ضد وزير التربية الوطنية ،ومع صدور دستور 1962والدساتير التي
لحقته أصبح حق اإلضراب مضمون وسيتولى قانون تنظيمي تبيان كيفية ممارسة هذا الحق غير
أن منع ممارسة اإلضراب المضمون بالدستور ال يمكن أن تظهر مشروعيته إال ضمن الحدود
الفقرة الرابعة :االستقالة
يقصد باالستقالة ترك الموظف لوظيفته بحرية بصفة نهائية فهي عبارة عن عمل إرادي من جانب
الموظف يفصح فيه عن رغبته في ترك الخدمة نهائيا
إن اعتبارات المصلحة العامة وضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد يجعل المشرع يحرص
عند تنظيم االستقالة على التوفيق بين حق الموظف في التمتع بهذا الحق والحق في القيام بالخدمات
التي يقتضيها المرفق العام.
وبما أن االستقالة يمكن أن تؤثر في سير المرافق العامة خاصة إذا حدثت في وقت غير مناسب أو
قبل أن تستعد اإلدارة لشغل الفراغ الذي ينتج عنها لذلك وجب تنظيمها على نحو يوفق بين الحفاظ
على مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد وحق الموظف أو العامل في ترك الخدمة وذلك
بوضع مقتضيات قانونية لتنظيمها ،وإذا تمت االستقالة وفقا لشروطها وقبلتها السلطة لمختصة فإنها
−أن تكون االستقالة مكتوبة.
−أن يستمر الموظف في عمله إلى أن تقبل االستقالة صراحة أو ضمنيا بمضي 30يوما على
تقديمها.
وتعتبر االستقالة إحدى الصور التي تهدد قاعدة ومبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد
لذلك سلك القاضي اإلداري نهجا استهدف منه خلق توازن بين مصلحة الموظف من جهة
ومبدأ استمرارية المرفق العام من جهة أخرى ،فالممارسة العملية أظهرت أن اإلدارة في
الغالب تقبل طلب االستقالة إذا كانت ال تضر بالمصلحة العامة وال تؤثر على مبدأ استمرارية
المرفق العام ،واالستقالة تختلف عن االضراب حيث أنها أقل خطورة من اإلضراب ألنها
الفقرة الخامسة :قاعدة منع الحجز على األموال العامة
إن تطبيق مبدأ دوام استمرارية المرفق العام بانتظام واطراد يقتضي عدم الحجز على أموال المرافق العامة
،إذ خالفا للقاعدة العامة التي تتيح الحجز على ممتلكات المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه فإن المرافق
العامة ال يمكن الحجز على أموالها التي تعتمد عليها في تلبية الحاجات العامة ذات المنفعة العامة ،وبذلك فان
أموال المرافق العامة تخضع لنظام قانوني يحميها فباإلضافة إلى أنها غير قابلة للتفويت والتملك فإنه يمنع
الحجز عليها ألن في الحجز على أموال أشخاص القانون العام تعطيل لخدمات المرافق العامة وتهديد لها
بالتوقف واالنقطاع وهذا ما يناقض ومبدأ استمرارية المرفق العام .والحماية المقررة لألموال العامة تقتضي
بأنه ال يجوز للغير الحجز على المال العام وفاء لدين أو ألي سبب آخر العتبارات عدة من أهمها عدم تعطيل
سير المرافق العامة ،لكن هذا المبدأ طرأت عليه تغييرات خصوصا على مستوى أحكام القاضي اإلداري غير
أن الفقه اختلف حول مسألتين:
فيما يخص المرافق العامة التي تدار بواسطة االستغالل المباشر فيكاد يجمع الفقه على عدم جواز الحجز
أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب المؤسسة العمومية والتي تتمتع باستقالل ما عن الدولة
في الجانب المالي فيرى بعض الفقه جواز الحجز على أموالها ذلك أن الدولة بمنحها تلك
المرافق الشخصية المعنوية أرادت أن تمنحها قدرا من االستقالل في التعامل وتحمل
المسؤولية المالية.
أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب االمتياز فهي ال تتمتع بأية سلطات غير عادية ونشاطها
يخضع بالكامل لقواعد القانون الخاص األمر الذي يبرر استغالل طرق التنفيذ جميعها على
كافة أموالها .ويرى بعض الفقهاء جواز الحجز على أموال المرافق العامة اعتبارا أنه ال
يمكن اعتبار جميع تلك األموال من الملك العام فهناك أموال ليست مخصصة لخدمة
الجمهور وهناك منتجات المرافق العامة المعروضة للبيع والتي تكون قابلة للتصرف بها
المطلب الثاني :مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير
تهدف المرافق العامة بطبيعتها إلى اشباع الحاجات العامة والتي هي بطبيعتها تتطور بفعل التقدم
العلمي والتكنولوجي والظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تمر بها الدولة والتي قد
تفترض إدخال تغييرات في نوعية الخدمة المؤداة وفي كيفية تأديتها ،ومن تم فإن القواعد القانونية
المنظمة لمرفق ما يجب أن تكون قابلة للتغيير والتبديل في أي وقت طبقا لما تقتضيه للمصلحة
العامة دون أن يكون الحق ألي كان في الدعوة إلى اإلبقاء على المرفق العام على حالته
واالحتجاج بالحقوق المكتسبة ذلك أن اإلدارة هي التي يعود إليها االختصاص في توضيح وضعية
هذه المرافق العامة وضرورة تكييفها مع ما يحدث من مستجدات يقتضي القيام بالتغييرات
الالزمة وهذا المبدأ هو ما يعرف بمبدأ المالئمة ،وهكذا تسند إلى السلطة اإلدارية مهمة تكييف
المرفق قصد إرضاء الحاجة المرتبطة به ،وتختص هذه السلطة كذلك بإلغاء المرفق العام إذا
اختفت الحاجة التي أحدثت من أجله أو إذا كان من الممكن إرضاء هذه الحاجة طبق شروط
أماكن تعيين األعوان وظروف عملهم وتنظيم المرفق كما يمكن إلغاء المناصب رغم ما يقتضيه هذا
التدبير من احترام بعض القواعد ومن تخويل حقوق في التعويض عن اإلعفاء عن العمل ويتحمل
المنتفعون جميع التغييرات التي ترى السلطة المسؤولة أنه من الضروري إدخالها على المرفق .
وقد استقر القضاء على األخذ بهذا المبدأ ،وفي هذا الصدد قضى مجلس الدولة الفرنسي بصحة
اإلجراء المتخذ من قبل اإلدارة بتعديل تعرفة تزويد الغاز كما قضت الغرفة اإلدارية بالمجلس
األعلى في نازلة الشركة الكهربائية العمومية سنة 1967تملك اإلدارة حق التعديل بصفة انفرادية
فيما يخص االمتيازات المتعلقة بالمرفق العمومي وبالخدمة التي يؤديها أصحابها إلى الجمهور وقد
استقر الفقه والقضاء على أن يسري مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتبديل وفقا لمقتضيات
المصلحة العامة على جميع المرافق العامة سواء تلك التي يتم تدبيرها من لدن اإلدارة نفسها في
المطلب الثالث :مبدأ المساواة
إذا كانت المرافق العامة قد وجدت إلشباع الحاجات العامة فإنها قانونيا تلتزم بتقديم خدماتها على أساس
المساواة بين جميع األفراد دون تمييز بينهم بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة حينما
تتوفر فيهم شروط االستفادة من تلك الخدمات ،لذلك يعد مبدأ المساواة من المبادئ األساسية المترتبة عن
وجود المرفق العام حيث يتساوى الجميع أمامه سواء في االستفادة من خدماته أو المساهمة في تحمل
أعبائه وقد ورد هذا المبدأ في إعالن الحقوق والمواطن في فرنسا لسنة " 1789مبدأ المساواة أمام
المرافق العامة "وحق جميع المواطنين في تقلد الوظائف "كما ينص على واجب أداء الضرائب والحق
في مراقبة إنفاقها
واستعمالها ،وقد أكد الدستور المغربي كذلك على مبدأ المساواة أمام خدمات المرافق العامة حيث نص في
ديباجة الدستور على إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع باألمن والحرية والكرامة والمساواة
وتكافؤ الفرص والعدالة االجتماعية والفصل الذي ينص "19يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة
بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والفصل " 28تعمل الدولة والمؤسسات
والفصل " 154يتم تنظيم المرافق العمومية على أساسي المساواة بين المواطنات والمواطنين
في الولوج إليها واالستمرارية في أداء الخدمات " والمساواة أمام المرافق العامة ال يقصد بها
المساواة المطلقة حيث يجوز لكل فرد في المجتمع أن يستفيد من خدمات المرفق العام بدون
قيد أو شرط وإنما يقصد به المساواة بين جميع األفراد الذين تتحقق فيهم الشروط التي فرضها
المرفق العام لالستفادة من خدماته لذلك ليس هناك أي تناقض مع مبدأ المساواة حين تقرر أو
تضع اإلدارة شروطا يتعين استيفائها من لدن األشخاص الذين يريدون االستفادة من خدماتها
كاشتراط التوفر على الشهادة أو اشتراط التوفر على مستوى تعليمي قصد ولوج إحدى
الوظائف العامة أو دفع رسوم نظير االستفادة من خدمات المرفق العام تبعا لذلك فمبدأ
المساواة يطبق بالنسبة للمرتفقين الموجودين في نفس المركز وفي نفس الظروف وبالتالي
فمبدأ المساواة ال يتناقض مع تعامل المرفق العام تعامال مختلفا مع فئات متباينة من
،فالتمييز في جميع الحاالت السابقة ليس تمييزا بين فرد أو آخر وإنما هو تمييز راجع الختالف
المراكز والظروف التي تقتضي مبادئ العدالة ومصلحة المرفق العام أو الصالح العام التمييز بينهم
وينطبق ذلك مثال على التعيين في الوظائف السامية لإلدارة ،ومن جهة أخرى فقد تقرر بعض
القوانين امتيازات تمنح بصفة خاصة لكل من تتوفر فيهم شروط معينة وذلك تحقيقا ألغراض سياسية
أو اجتماعية كتخصيص نسبة من الوظائف ألبناء المقاومين أو تخصيص منح دراسية للمتفوقين
وأبناء الفقراء فتمثل هذه المعاملة الخاصة فضال عن أنها تقررت بنصوص عامة فإنها ليست خاصة
بأفراد معينين بل تقررت بصفة عامة لكل من يتوفر على الشروط المنصوص عليها مما يجعلها
تتالءم مع مبدأ المساواة .ومادام مبدأ المساواة هو أحد المبادئ األساسية التي تحكم المرافق العامة
فإن أي إخالل به يجعل العمل اإلداري باطال ويتيح لألفراد الحق في الطعن بإلغاء ذلك العمل
والتعويض عن األضرار التي لحقت بهم من جراء ذلك وبغض النظر عن طبيعة الهيئة المسيرة
المبحث السادس :طرق إدارة المرفق العام
إن تدبير المرافق العامة يقتضي إتباع بعض األساليب حيث ال تدبر هذه المرافق بكيفية موحدة نظرا لتعدد
طرق التدبير ،وتتحدد هذه الطرق واألساليب حسب طبيعة النشاطات المعنية ومدى درجة تدخل السلطات
وطنية أو محلية في إدارة هذه النشاطات ،ومن تم فإن طرق إدارة المرافق العامة قد تتخذ أشكاال مختلفة
وتتحدد أهم الطرق في:
المطلب األول :االستغالل المباشر
ويقصد بهذه الطريقة ان تقوم الدولة بنفسها بإدارة وتنظيم وتسيير المرفق العام مباشرة عن طرق أموالها
وموظفيها مستخدمة في ذلك وسائل القانون العام وأن تتحمل مسؤوليتها عن جميع المخاطر الناجمة عن
الناجمة عن إدارة المرفق العام ،وتتبع طريقة االستغالل المباشر عادة في إدارة المرافق العامة اإلدارية وذلك
نظرا ألهميتها والرتباطها بمصالح المواطنين الحيوية لذلك كانت الدولة حريصة على إدارتها بنفسها ضمان
لتحقيق واستمرارية خدماتها ،غير أن هذا ال يعني عدم إمكانية استعمال هذا األسلوب في إدارة بعض المرافق
العامة الصناعية والتجارية إال أن اتباع هذا األسلوب بالنسبة للمرافق العامة اإلقتصادية من شأنه أن يقلص
المطلب الثاني :المؤسسة العمومية
إن المؤسسة العمومية هي أسلوب من األساليب المتبعة في إدارة المرافق العامة فلما تبينت بعض
مساوئ اإلدارة المباشرة لبعض المرافق العامة المتعلقة بالروتين وبطئ اإلجراءات أو مخالفة
القواعد المتعلقة بطبيعة النشاط للمرفق العام وخاصة المرافق الصناعية والتجارية ،اتجهت الدول
إليجاد واستخدام أساليب أخرى إلدارة المرافق العامة إلى جانب هذا األسلوب ومنها المؤسسة
العمومية ،والمؤسسة العمومية أسلوب آخر من أساليب إدارة المرافق العامة من قبل األشخاص
العامة وهي تشبه طريقة إدارة المرافق العامة باالستغالل المباشر من حيث أنها تدار من قبل
األشخاص العامة ولكن مع الفارق المتمثل في أن طريقة االستغالل المباشر تعني اإلدارة
المباشرة للمرفق العام من قبل الشخص العام بينما المؤسسة العمومية تعني ذلك المرفق العام
الذي يتمتع بالشخصية المعنوية فيكون له بموجبها قدر من االستقالل اتجاه الشخص العام الذي
ويبدو هذا األسلوب كطريقة لتمكين المرافق العامة التي تحصل على الشخصية المعنوية أن
تدير شؤونها وبصورة مستقلة عن السلطة العامة اإلدارية التي كانت تتبعها
أصال هذا االستقالل للمؤسسات العمومية في إدارة شؤونها وتحقيق أغراضها يبرز بجالء
الشق اآلخر من الالمركزية اإلدارية وهي الالمركزية المرفقية القائمة على استغالل
المرافق العامة عن السلطات اإلدارية التي تتبعها ،وهكذا فالمؤسسات العامة هي من
األشخاص العامة المرفقية والمتخصصة في إشباع حاجات عامة معنية ومن عناصر وجود
مرفق عام يتمتع بالشخصية المعنوية أن يكون غرض المؤسسة العمومية تأدية نشاط مرفق
عام أي إشباع حاجات معينة والمهم في هذا التخصص هو اقتصاره على غرض محدد هو
إشباع حاجات عامة معينة ومحددة واليجب أن يتعارض نشاطها مع تخصصها أي الغرض
من إنشائها ،باإلضافة إلى أن االستقاللية ال يجب أن تخرج عن القواعد المقررة لها بقانون
المطلب الثالث :مرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة
رغبة من المشرع المغربي في تحسين التدبير المالي لبعض المرافق العامة غير المتمتعة
بالشخصية المعنوية ورغبة في منه في عقلنة المسؤوليات المنوطة بإدارة المرفق العام والتي
يجب أن ترتكز باألساس على ال تمركز المهام وإمكانية اتخاذ القرارات ،ونظرا ألهمية بعض
المرافق العامة التي تقوم بأنشطة اقتصادية وتجارية وإدارية ومهنية واجتماعية تم إحداث نوع
جديد من المرافق العامة تسمى مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ،وقد نص مرسوم
المحاسبة العمومية على أنه " تعتبر بمثابة مصالح تسيرها الدولة بصفة مستقلة مصالح الدولة
التي تغطي بموارد خاصة بعض نفقاتها غير المقتطعة من الميزانية العامة للدولة " في حين
عرفها القانون التنظيمي للمالية رقم "7.98بأنها مصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية
المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من االعتمادات المقيدة في
المطلب الرابع :أسلوب االمتياز
اذا كانت طريقة االستغالل المباشر تعني إدارة المرفق العام من قبل السلطات العامة أو األشخاص
العامة عن طريق موظفيها وأعوانها وأن أسلوب المؤسسة العامة يعني منح المرفق العام شخصية
معنوية تجعله في عداد األشخاص العامة المستقلة في إدارة شؤونها ،فإن أسلوب االمتياز يختلف عن
االسلوبين السابقين في إدارة المرافق العامة باعتبار أن الشخص العام ينيط استغالل المرفق العام إلى
شخص خاص قد يكون شركة من الشركات وقد يكون فردا من األفراد ويعرف االجتهاد الفقهي هذا
األسلوب بانه أسلوب يسند بواسطة شخص عمومي الذي هو مانح االمتياز إلى شخص ذاتي واعتباري
يسمى صاحب االمتياز بغية تسيير مرفق عمومي تحت مراقبة السلطة مانحة االمتياز ،يتضح إذن من
خالل التعريف أن امتياز المرفق العمومي هو عقد من طبيعة خاصة تجعله يخضع لشروط ومبادئ
تميزه عن باقي العقود األخرى فامتياز المرفق العمومي تخضع من الناحية المبدئية للشروط المتبعة
في مجال التعاقد فهو يخضع من الناحية المبدئية للشروط المتبعة في مجال التعاقد كما يخضع للشروط
التي ال يكون من حق اإلدارة أن تتدخل لتغييرها بشكل انفرادي والشروط التنظيمية التي رغم كونها تبدو
شروط تعاقدية إال أنها تستمد قوتها من موافقة صاحب االمتياز بل من السلطة التي تتوفر عليها اإلدارة
والتي يكون من حقها أن تغيرها بشكل انفرادي إذا ما اقتضت المصلحة العامة ذلك .
ويخضع االمتياز لمجوعة من المبادئ حيث يعتبر عقد االمتياز من العقود اإلدارية التي تلعب فيها السلطة العمومية
دورا أساسيا باعتبارها مانحة االمتياز ومن تم فهي تتمتع بمجموعة من الحقوق التي تمكنها من التدخل قصد
ضمان سير مجدي للمرفق العام موضوع االمتياز ومنها:
-حرية اإلدارة في اخيار صاحب االمتياز -حق اإلدارة في المراقبة -حق اإلدارة في تغيير الشروط التنظيمية
للعقد -حق اإلدارة في استرداد المرفق العمومي
وإذا كان صاحب االمتياز يخضع لمجوعة من الواجبات التي من شأنها تأمين تسيير المرفق العام فانه يتمتع اتجاه
اإلدارة بمجوعة من الحقوق التي تمكنه من تحقيق هذا الغرض ومنها:
-حق االستفادة من امتيازات المرفق العمومي -حق فرض الرسوم على المرتفقين -الحق في الحفاظ على التوازن