Professional Documents
Culture Documents
CAF - Volume 33 - Issue 4 - Pages 146-187
CAF - Volume 33 - Issue 4 - Pages 146-187
-1-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الملخص العربي
تتميز القواعد الجنائية بآليتها الفعالة في حماية االقتصاد والتجارة العالمية حول العالم ؛ ولذلك فإن
الحماية الجنائية للعالمة التجارية تعد إحدى هذه الوسائل الهامة لدعم السوق الدولي الحر من
المنافسة غير العادلة وغير المشروعة .وعليه فإن هذا البحث ينطلق في محاولة لمعرفة السياسة
الجنائية التي اتبعها المنظم السعودي في حماية العالمة التجارية من العدوان ،وكافة عناصر المسئولية
الجنائية التي َّ
تطلبها النظام السعودي لتوافر الجريمة والعقاب عليها .
-1تحديد موقع القواعد الجنائية التي تجرم وتعاقب على انتهاك العالمة التجارية من النظام التجريمي
بالمملكة .
-2مدى إحاطة القواعد التجريمية بصور انتهاك العالمة التجارية في النظام السعودي مقارنة باألنظمة
األخرى محل المقارنة .
-3تحديد أركان الجرائم والعقوبات .وتحديد مدى قدرتها على تحقيق الحماية الجنائية للعالمة الجنائية
من خالل الردع العام والخاص وإشباع الشعور العام بالعدالة ،ووفقا للمدرسة العقابية الحديثة ؛ خاصة
فيما يتعلق بالجرائم التي تقع من الشخصيات المعنوية ،وينهض البحث على المنهج الوصفي والمقارن
وما بينهما من منهج تحليلي .
-2-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
مقدمة
موضوع البحث :
يطرح البحث موضوعه من خالل دراسة عناصر المسئولية الجنائية تجاه األنشطة المعتدية على العالمة
الجنائية في نظام العالمات التجارية السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم :م 21/بتاريخ
1423/5/28هـ ،وذلك من خالل تحليل القواعد الجنائية رغبة في الخلوص إلى تقدير فعالية السياسة
الجنائية في حماية العالمة التجارية ،ومدى كفاية هذه النصوص في اإلحاطة باألوجه المختلفة لهذا
العدوان.
أهمية البحث:
تبدو أهمية البحث من عدة أوجه ؛ حيث أنه – من ناحية أوليةُ -يكمل النقص الكبير في األبحاث التي
تتناول العالمة التجارية بالدراسة في النظام السعودي ،سواء على مستوى الشروحات العامة في النظام
التجاري أو على مستوى الدراسات المتعمقة .ومن ثم يعد هذا البحث إضافة إلى المكتبة القانونية
السعودية.
ومن ناحية موضوعية فإن البحث يحاول الوصول إلى أوجه الكمال أو القصور في السياسة الجنائية من
خالل دراسة نصوص نظام العالمات التجارية السعودي دراسة تحليلية وتأصيلية ،على وجه ديالكتيكي
،مما يعد معينا للمنظم السعودي وهو بصدد تعديل نظام العالمات التجارية أو بصدد إلغائه واستبدال
نظام أكثر تطو ار به.
يعمل البحث – كذلك -على خلق هيكلية دراسية أكثر سهولة للنظرية العامة في جرائم العالمات
التجارية ،وهذا ما يعين الباحثين على فهم التعقيدات التي أحدثها اإلقتباس من القانون الفرنسي إلى
القوانين العربية ثم إلى النظام السعودي ،وما أحدثه ذلك من خلط في المفاهيم؛ كموقع "شرط تضليل
الجمهور" داخل عناصر الجريمة ،وبعض الغموض في الجانب اإلجرائي ،كسقوط الدعوى الجنائية
العامة ...الخ.
-3-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
منهج البحث:
ينتهج البحث منهجا وصفيا وهو المنهج الالزم لجمع المعلومات عن الموضوع وترتيبها وتبويبها بالهيكل
األمثل ،قبل أن أن يتم انتهاج المنهج التحليلي في مرحلة ثانية .وخالل ذلك سنحاول اتباع المنهج
المقارن مع أنظمة دول اإلتحاد الخليجي ما دعت الحاجة إلى ذلك.
خطة البحث:
ينقسم البحث إلى مبحثين ؛ نتناول في أولهما تلك األحكام والشروط العامة التي يجب التأكد من توافرها
أوال ،لتنهض الحمائية الجنائية بنصوص التجريم والعقاب على األنشطة الماسة بالعالمة التجارية .في
حين ننتقل – في المبحث الثاني -إلى األحكام الخاصةفي الحماية الجنائية ؛ والتي تعدد هذه األنشطة
العدوانية وتفرض لها عقوبات رادعة.
-4-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
المبحث األول
األحكام العامة في الحماية الجنائية
تمهيد وتقسيم:
وضع المنظم السعودي قواعد جنائية لحماية العالمة التجارية ؛ بعض هذه القواعد متطلب بشكل عام ؛
فهي األركان والشروط العامة التي يجب توافرها قبل اإلنتقال للتكييف القانوني لشكل العدوان على
العالمة التجارية ؛ كما أن المنظم السعودي قد أفرد لبعض هذه الشروط حماية جنائية.
وسوف نتعرض لهذه األركان والشروط والتي تنحصر في متطلبين ؛ أولهما ركن المحل ؛ أي العالمة
التجارية ذاتها ،والتي يجب أن تتوافر فيها شروط معينة قبل االنتقال إلى النشاط الجنائي عليها ،
وثانيهما هو شرط التسجيل ؛ وهو من الشروط المفترضة في الجريمة .وقبل النظر في هذين المتطلبين
ال يمكن البحث في طبيعة االعتداء الجنائي على العالمة التجارية .وعلى هذا فسوف ينقسم المبحث إلى
مطلبين على النحو التالي:
المطلب األول
ركن المحـل
تقسيم:
ينصب النشاط اإلجرامي على محل corpus delictyوهو العالمة التجارية ؛ والتي سوف نتناولها
بالدراسة من حيث مدلولها وطبيعتها ،ومن حيث شروطها ،وكذلك من حيث اكتساب ملكيتها ،في
فرعين على النحو التالي:
-5-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الفرع األول
مدلول العالمة التجارية وشروطها
تقسيم:
ينقسم هذا الفرع إلى بندين :
يميز بعض الفقه بين العالمات التجارية والصناعية والخدمية ؛ فإذا وضعها التاجر على محله التجاري
فهي تجارية ،وإذاوضعها الصانع على المنتجات فهي صناعية وإذا وضعتها مؤسسة خدمية فهي
عالمة خدمية ،ولذلك تعرف العالمة وفق هذا التمييز بأنها السمة المميزة التي يضعها التاجر أو
الصانع أو الخدمي. 1
ويعرفها البعض بأنها أداة تستخدم لتمييز المنتجات أو الخدمات الخاصة بإحدى المنشئآت عن غيرها
من المنتجات أو الخدمات ويضيف هذا اإلتجاه العالمات الجماعية وعالمة مراقبة الفحص . 2ويعتبرها
البعض شعا ار يتخذه الصانع أو التاجر لمنتجاته أو بضائعه تميي از لها عن غيرها من المنتجات والبضائع
المماثلة.3
وتختلف التصوراتالمبتدعة للتمييز بين السلع والخدمات ؛ فهي قد تكون أرقام أو رسوم أو رموز أو نقوش
بارزة ..الخ ،مما يجعل تحديد وصفها عبر عناصر معينة أم ار صعبا ،وقد إتجه المنظم السعودي إلى
تعريف العالمة في المادة األولى من نظام العالمات التجارية وذلك عبر تعداد صورها ،فهي :
-1د.فرحة زراوي صالح ،الكامل في القانون التجاري الجزائري ،المحل التجاري والحقوق الفكرية ،القسم الثاني،
الحقوق الفكرية ،حقوق الملكية الصناعية والتجارية ،حقوق الملكية األدبية والفنية ،نشر وتوزيع ابن خلدون ،
2001م ،ص .208
-2جودي وانجر جوانز ،جي لي سكلينجتون ،ديفيد وانستين ،باتريشا دروست ،ترجمة مصطفى الشافعي ،مراجعة
التحرير ،أ.د .حامد طاهر ،جامعة القاهرة ،بدون تاريخ ،ص .183
-3د .مصطفى كمال طه ،مقدمة األعمال التجارية والتجار ،الشركات التجارية ،الملكية التجارية والصناعية ،الدار
الجامعية 1986 ،م ،ص .729
-6-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
" األسماء المتخذة شكال ممي از أو اإلمضاءات أو الكلمات أو الحروف أو األرقام أو الرسوم أو الرموز أو
األختام أو النقوش البارزة ؛ أو أي إشارة أخرى أو أي مجموعة منها تكون قابلة لإلدارك بالنظر وصالحة
لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية أو مشروع استغالل للغابات أو ثروة طبيعية أو
للداللة على أن الشيء المراد وضع العالمة عليه يعود لمالك العالمة بداعي صنعه أو انتقائه أو اختراعه
أو اإلتجار به ،أو للداللة على تأدية خدمة من الخدمات".
ويعاب على هذا التعريف أنه توسع توسعا شديدا رغم أن ما ذكر جاء على سبيل الحصر ،كما أنه
اقتصر على تلك العالمات التي يمكن تمييزها بالنظر ،وعليه يخرج من الحماية ؛ تلك األصوات
الموسيقية المميزة التي تقترن بسلعة ما لتمييزها مثل النغمات المخصصة لشركة اتصاالت معينة..الخ.
كما أن النص قد أعاد مكر ار صفة اإلتجار وميز بينها وبين دواعي الصنع واالنتقاء واالختراع ،وهكذا
جاء النص مفـتـق ار إلى البساطة والوضوح المرغوبين في فن سن األنظمة.
ويالحظ الباحث ؛ أيضا؛ أن محاولة نص المادة للتمييز بين السلعة ومصدر السلعة لم تسر على الوجه
المطلوب ،كما هو واضح فيما يتعلق بمشروع إستغالل الغابات ..الخ .وكان القانون العماني األكثر
وضوحا وتبسيطا في هذا الشأن حيث نصت المادة األولى من قانون العالمات والبيانات واألسرار
التجارية والحماية من المنافسة غير المشروعة على أن:
" العالمة التجارية هي كل ما أخذ شكال ممي از قابال لإلدارك بالنظر من كلمات أو إمضاءات أو أسماء
شخصية أو حروف أو أرقام أو رسوم أو رموز أو عناوين أو أختام أو نقوش أو مجموعات كانت
تستخدم أو يراد إستخدامها إما في تمييز بضائع أو منتجات أو خدمات للداللة على أنها تخص صاحب
العالمة بسبب وضعها أو إختيارها أو اإلتجار بها أو عرضها للبيع".
اقتصر المنظم السعودي على العالمة البصرية كما أسلفنا ؛ في حين توسع القانون اإلتحادي اإلماراتي
رقم ( )37لسنة 1992م فأضاف إلى ذلك في المادة ( )2اعتبار الصوت جز من العالمة التجارية إذا
كان مصاحبا لها .وهذا يعني – كما يرى الباحث -أنه يشترط لإلعتداد بالطبيعة الصوتية أن يكون
الصوت جزء من العالمة التجارية .فال يصلح الصوت مجردا كعالمة تجارية ،وذلك خالفا للقانون
القطري رقم ( )9لسنة 2002م الذي توسع توسعا كبي ار حيث اعتد بالصوت أو حتى الرائحة كعالمة
تجارية (م .)6وفاقه قانون التجارة الكويتي اتساعا حين اعتد بكل العالمات البصرية أو السمعية أو
-7-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
العالمات الخاصة بحاسة الشم ،بل وجعل مما سبق داللة على المثال ال الحصر فأورد النص اآلتي:
"أو أي عالمة أخرى"( .م.)61
ويؤيد الباحث هذا اإلتجاه التوسعي الذي يشمل كل الحواس وذلك ألنه ال يوجد مانع قانوني أو فني من
إمكانية إستخدام أنواع مستجدة من العالمات للتمييز ،وأن التطور التكنولوجي بقفزاته المتسارعة يمكن
أن يبتدع طرقا وأدواتا جديدة لتمميز السلع والخدمات .كما أن هناك فقهاء يرون أن التضييق
اإلصطالحي القانوني يعرقل من تطور الحماية القانونية للعالمة الجنائية. 1
التميز):
الشرط األول :الصفة الفارقة ( ُّ
ال تعد العالمة التجارية محال للحماية القانونية إال إذا كانت ذات صفة فارقة أو مميزة 2؛ وهذا ما نصت
عليه المادة الثانية فقرة (أ) من نظام العالمات التجارية السعودي حيث أنها منعت من تسجيل أي عالمة
خالية من أي صفة مميزة والتي تعد مجرد وصف لخصائص المنتجات أو الخدمات أو تكون مجرد
أسماء عادية يطلقها العرف على المنتجات أو الخدمات.
وقد اتجه رأي فقهي إلى ضرورة مراعاة بعض المعايير عند تقدير الصفة الفارقة ؛ مثل مدة استعمال
العالمة التجارية ،حيث أن طول مدة استعمال العالمة التجارية قد يجعلها فارقة ،كذلك يراعى لون
العالمة التجارية حيث يجوز أن تقتصر العالمة التجارية كليا أو جزئيا على لون واحد . 3غير أن مدة
استعمال العالمة التجارية لن تجد حظها من اإلعتبار ،ذلك أن نظام العالمات التجارية السعودي يجعل
ثم فال اعتداد بأي استعمال سابق على
من تسجيل العالمة البينة الوحيدة على إثبات الملكية .ومن َّ
التسجيل وهذا ما يصادر على المتطلب الفقهي لمراعاة المدة.
وتحقيقا للتميُّز ؛ يشترط أال تكون العالمة شائعة أي خالية من أي صفة كاستعمال صورة شعر على
صبغة شعر ،كما يشترط أال تكون العالمة مجرد عالمة وصفية بحيث تشير إلى العناصر المكونة
للسلعة أو إلى الغرض منها أو إلى صفتها الجوهرية كاستخدام لفظ "المال" كتسمية لمجلة اقتصادية ،
1
- Stephen P. Ladas, Patents, Trademarks, and related rights: National and international
protection , Harvard University Press, 1975,p974.
-2د .عبد العزيز خليل إبراهيم بديوي ،األنظمة التجارية والبحرية السعودية ،دار الفكر العربي 1984 ،م ،ص، 53
د .هاني دويدار ،مقدمة القانون التجاري ،مكتبة اإلشعاع الفنية 1992 ،م ،ص.251
-3د .ناصر عبد الحليم السالمات ،الحماية الجزائية للعالمة التجارية ،دار النهضة العربية 2008 ،م ،ص.135
-8-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
كما يجب أال تكون العالمة نوعية أو ضرورية أي مجرد تسمية أو شكل معتاد كاستخدام كلمة
"مهرجان". 1
ال تصلح العالمة محال للحق أو الحماية القانونية إال إذا كانت جديدة لم يسبق استعمالها بمعرفة شخص
آخر ،وتتحدد األسبقية من نواح ثالث :ناحية نوع المنتجات أوال؛ فيجب أال تكون العالمة قد سبق
استعمالها للداللة على منتجات ممثالة ،ومن ناحية الزمان ثانيا ؛ فيجب أال تكون العالمة قد سبق
استعمالها من شخص آخر ثم تركت فدخلت في الملك العام ،ومن ناحية المكان ثالثا وأخي ار ؛ إذ يجب
أال تكون العالمة قد سبق استعمالها في نفس اإلقليم.2
والجدة هنا ليست مطلقة فهي ال تشمل جميع مجاالت النشاط التجاري بل هي جدة نسبية فيكفي أن
يختلف المجال الذي تستخدم فيه العالمة الالحقة عن المجال الذي استخدمت فيه العالمة المماثلة أو
المشابهة السابق تسجيلها أو استعمالها ،وال يشترط أن يصل التشابه إلى حالة اإلنطباق التام بين
العالمتين القديمة والجديدة النتفاء شرط الجدة ؛ بل يكفي أن يكون من شأن التشابهة أن يوقع المستهلك
العادي في الخلط بين العالمتين ،فالعبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن .3وقد اتجه القضاء
السعودي إلى ذلك مبينا بأن "الفيصل في العالمة التجارية يرجع إلى الصورة العامة التي تنطبع في
الذهن نتيجة لتركيب هذا الشكل أو الرموز أو الصور مع بعضها ،وبالهيئة التي تبرز بها في عالمة أو
أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها ،وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو
أكثر مما تحتويه األخرى ،سواء بوجود كلمة مشتركة أو لون معين أو شكل خاص أو طريقة النطق ،
وحيث أن المدعية تهدف إلى منع المدعى عليها من استخدام عالمتها التجارية خاصة حرف "كيو"
بداخله حرف إم في منتجاتها ،ولم تقدم وجها لمواطن اللبس والخلط عند المستهلك سوى داللة حرف
-9-
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
كيو على لقب .....في كال العالمتين ،فإن المدعية لم تقدم دليال يستند إليه في قيام المدعى عليها
1
باستخدام تلك العالمات على منتجاتها " .
وقضي كذلك بأنه وإن كانت العالمتان متفقتين في الحرفين األول VOإال أنه لما كانت عالمة الشركة
المدعية تنفرد بالرقم 5هو عنصر رئيسي ومؤثر في هذه العالمة من شأنه أن يميزها عن العالمة
المطلوب شطبها ،ويجعل المستهلك العادي ال يقع في الخلط بينهما ؛ بسبب وجود هذا العنصر البارز
والمؤثر في العالمة ،لذلك فإن الدائرة ترى أن هناك اختالفا بين العالمتين في شكلهما إلى جانب
االختالف في طريقة نطق العالمتين وجرسهما الصوتي ...ولما كان من المقرر أنه عند النظر في مدى
وجود تشابه بين عالمتين فإنه ينظر إلى أوجه التشابه في العناصر الرئيسية والمؤثرة في هذه العالمات
،أما العناصر الثانوية فإن وجود التشابه فيها يكون غير مؤثر ،وبناء عليه ،ولما كان التشابه بين
عالمة الشركة المدعية والعالمة المطلوب شطبها هو في العناصر الثانوية ،وأما العنصر الرئيسي
المتمثل في الرقم 5وفي طريقة نطق العالمتين فإنه ال يوجد تشابه فيها ،األمر الذي يجعل المستهلك
العادي قاد ار على التمييز بين العالمتين ؛ لذلك فإن الدائرة تنتهي إلى أن دعوى الشركة المدعية
بالمطالبة بشطب العالمة VOVدعوى غير صحيحة ويتعين رفضها. " 2
وخالفا لذلك فقد قضي بأن " العالمة الصادر قرار بقبول تسجيلها فينو ) (VENOبحروف عربية والتينية
مشابهة لعالمة الشركة المدعية ) (VIMTOعلى الفئة ( )22التي تشمل مختلف أنواع عصير الفاكهة
وشرابها ،وحيث أن وجه الشبه يتضح في الشكل العام وفي وقع الجرس الصوتي في بداية النطق
ونهايته ،فإن هذا بال شك يثير لبسا وتضليال على المستهلك ،خاصة مع اتحاد الفئة ،فضال عن كون
عالمة المدعية مما تتلقى الدواعي على طلب تقليدها على نحو ما أقدمت عليه الشركة طالبة التسجيل ؛
لما لها من شهرة مستفيضة لدى عموم المستهلكين ،كما يتبين من أقوال المدعية التي لم تنفها المدعى
عليها." 3
وقد وضع المنظم السعودي معايير لعنصر الجدة منعا للتشابهة ،فقد نصت المادة الثانية فقرة (ي) على
حظر تسجيل العالمات المطابقة أو المشابهة للعالمات الشائعة الشهرة في المملكة ولو كانت غير
مسجلة فيها على سلع أو خدمات مطابقة أو مشابهة ،والعالمات المطابقة والمشابهة لتلك الشائعة
الشهرة في المملكة والمسجلة فيها على سلع وخدمات ليست مطابقة أو مشابهة شريطة أن يلحق ذلك
-1قضية رقم /2/1768ق لعام 1425هـ ،ج 1427/11/21 ،هـ .ص .1836
-2قضية رقم /1 / 2222ق لعام 1424هـ ،ج 1427 /5 / 7هـ .ص .1638 ، 1637
-3قضية رقم /1/4729ق لعام 1425هـ ،ج 1427/1/14هـ ،ص .1583
- 10 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
وتفسي ار للنص – فإننا نرى -أن اشتراط الضرر ال يمنع التسجيل إبتداء وإنما يتم التسجيل والشهر
وانتظار التسعين يوما المقررة وفقا للمادة ( )15فإذا لم يتم اإلعتراض لم يعد أمام صاحب العالمة الدفع
بالضرر .وتسبيبنا لهذا الرأي أن الحاالت األخرى هي حاالت عينية تُترك لتقدير اإلدارة أو يراقبها
القضاء ،أما حالة الضرر فما هي سوى شرط شخصي ،حيث ال يمكن لإلدارة تقدير توفره ،بل يترك
ذلك للمتضرر من العالمة لبيان أوجه الضرر وطلب شطب العالمة.
يشترط في العالمة التجارية أن تكون مشروعة ، 1وقد تضمنت المادة الثانية من نظام العالمات التجارية
السعودي نوعين من المعايير التي توجب رفض تسجيل العالمة ؛ يتعلق أحدهما بالشرعية أي النص
النظامي .وأخرى بالمشروعية أي إنتهاك أخالقي أو انتهاك للمبادئ التي يقوم عليها المجتمع أو ما
يسمى بالنظام العام ؛ وذلك على النحو التالي:
الحالة األولى :إذا كانت العالمة مخلة بالدين .ولم يوجد أي نص مماثل في أي نظام من أنظمة دول
الخليج ؛ والسبب في ذلك – كما نرى -أن ما يخل بالدين يدخل في نطاق مخالفة النظام العام ؛
فالنظام العام 2هو مجموع المبادئ والقيم التي يستند عليها المجتمع وينهض على حمايتها ،ومن ضمن
ذلك القيم الدينية .غير أن التزيد في النص السعودي جاء للتأكيد على ذلك.
- 11 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الحالة الثانية :هو عدم جواز استخدام عالمة مخالفة للنظام العام أو اآلداب العامة ،فال يجوز إذا
إتخاذ رسم فاضح أو شعار َّ
هدام كعالمة تجارية.وقد قضي في ذلك ؛ بأن " المادة ( /2ب ،ج) من
نظام العالمات التجاريةقد نصت على أن (ال تعد وال تسجل عالمة تجارية :كل تعبير أو إشارة أو رسم
مخل بالدين أو مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة أو يكون مطابقا أو مماثال لرمز ذي صبغة دينية)
،وحيث أن برنامج (ستار أكاديمي) التلفزيوني قد اشتمل على محرمات شرعية على نحو ما أشير إليه
في الوقائع ،وهو الواقع المستفيض ،وصدر في هذا الشأن بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
واإلفتاء بالمملكة العربية السعودية ،وقرار سمو وزير الداخلية بإزالة أو إعادة تصدير أو إتالف البضائع
التي تحمل اسم هذاالبرنامج ،وحيث أن العالمة محل الدعوى قد اتخذت اسم البرنامج بحروفه المميزة
والشكل الهندسي الذي روج به للبرنامج وأصبح معروفا به ،وحيث قرر وكيل طالبة التسجيل بأن موكلته
قد أُضطرت إلى إيداع طلب تسجيل اسم هذا البرنامج عالمة تجارية للحيلولة دون استخدامه من قبل
اآلخرين ،وأنه ال مانع لدى موكلته من حرمان الجميع بمن فيهم موكلته من تسجيل هذه الكلمة ،أما
في حال السماح ألحد فإن موكلته تطلب الحكم لصالحها ؛ فإن الدائرة تنتهي إلى إلغاء قرار و ازرة
التجارة والصناعة الصادر بقبول التسجيل. " 1
كما قضي أيضا بأنه ؛ وحيث "أن المدعية تعترض على قرار و ازرة التجارة والصناعة المتضمن اإلعالن
عن قبول تسجيل كلمة أُنكور بحروف التينية ،يعلوها رسمة تشبه الصليب ،لطالبة التسجيل ،وحيث
أنه باإلطالع على الرسمة المشار إليها فقد تبين أنها رسمة المرساة التي اشتهر وضعها في السفن
والموانئ ،وجرى العرف على أنها ال تحمل أي صبغة دينية ؛ وبالتالي فإن تسجيل العالمة محل
الدعوى ال يدخل في إطار الحظر المنصوص عليه في المادة ( /2ب ،ج) من نظام المعامالت
التجارية." 2
العام هو األساس السياسي والجتماعي والقتصادي والخلقي الذي يقوم عليه كيان المجتمع في الدولة كما ترسمه
القوانين المطبقة فيه" .بمعنى أنه مجموعة المصالح األساسية التي تمس النظام األعلى للمجتمع ؛ بحيث تعتبر أساس ا
أو دعامات يقوم عليها بناء الجماعة من النواحي السياسية والقتصادية والجتماعية والخلقية" .
-د .نزيه محمد الصادق المهدي ،المدخل لدراسة القانون ،الجزء األول ،نظرية القانون ،دار النهضة العربية ،
2002م ،ص .99 ، 98
-1قضية رقم /1/295ق لعام 1426هـ ،ج 1427/1/14هـ ص .1582 ، 1581
-2قضية رقم /1/2955ق لعام 1425هـ ،ج 1427/2/7هـ ،ص .1588 ، 1587
- 12 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
استبعدت المادة الثانية من النظام السعودي بعض الصور من العالمة التجارية وذلك عبر آليتين ؛
اإلستبعاد المطلق (بقوة القانون) ،واإلستبعاد النسبي ،على النحو التالي:
( )1اإلستبعاد المطلق (بقوة القانون) :حيث شملت المادة (/2د،ح،ك) الشعارات العامة ،واألعالم ،
وغيرها من الرموز واألسماء أو التسميات الخاصة بالمملكة أو بإحدى الدول التي تعاملها بالمثل أو
بإحدى الدول األعضاء في إتفاقية دولية متعددة األطراف تكون المملكة طرفا فيها أو بمنظمة دولية أو
حكومية .
وكذلك البيانات الخاصة بدرجات الشرف ،باإلضافة إلى العالمات المملوكة ألشخاص طبيعيين أو
معنويين يحظر التعامل معهم وفقا لقرار صادر من قبل الجهة المختصة.1
ويرى الباحث ؛ أنه وفي هذه الحاالت يطبق اإلستبعاد بقوة القانون دون حاجة إلى إذن أو إستيفاء شرط
من الشروط ،وقد أدرج بعض الفقهاء هذا اإلستبعاد المطلق في نطاق مخالفة النظام العام بمفهومه
الواسع .2وهذا ما ال نتفق معه ؛ والسبب في ذلك أنه ورغم أن القواعد في حالة اإلستبعاد المطلق قواعد
ثم فهي تتعلق بالنظام العام إال أنها تختلف عن اإلستبعاد الوارد في الفقرة (ج) من المادة
آمرة ومن َّ
الثانية ؛ وذلك من حيث نسبية التقدير ،ففي حالة اإلستبعاد نتيجة مخالفة النظام (بالمفهوم الواسع)
يكون لإلدارة سلطة تقدير وتحديد ما يعد مخالفا للنظام العام ،إال أنه في الفقرات (د،ح،ك) من المادة
الثانية ال يكون أمام اإلدارة أي سلطة تقديرية ؛ فمتى توفرت المطابقة بين عنصر الفرض الواقعي على
عنصر الفرض القانوني تم اإلستبعاد.
وهو ذلك اإلستبعاد الذي يتم إذا افتقر طلب تسجيل العالمة إلى إجازة معينة أو شرط معين ،ومثال ذلك
ما أشارت إليه المادة (/2هـ ،و ،ز) ؛ فالفقرة (ز) تطلبت لتسجيل العالمة التجارية المتمثلة في صور
اآلخرين أو أسمائهم الشخصية 3أو التجارية موافقة منهم أو من ورثتهم .كما أن الفقرة (هـ) اشترطت
قبول وزارة التجارة تسجيل كلمة "الجزار" لشركة .......استنادا إلى أنها اسم لعائلته ،وحيث أن الفقرة (ز) من المادة
- 13 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
التصريح من الجهة المالكة للعالمة واشترطت كذلك أال تكون العالمة معدة لإلستعمال على المنتجات
نفسها أو الخدمات أو على منتجات أو خدمات مشابهة .كما اشترطت الفقرة (و) اإلعتداد بالعالمة التي
تتخذ مسمى جغرافيا 1لها على أال يحدث ذلك لبس فيما يتعلق بمصدر المنتجات أو الخدمات أو أصلها
أو أال يكون من شأنه إحتكار بيان للمصدر أو تسمية المنشأ دون وجه حق.
لم يتعرض الفقه السعودي للمصلحة المحمية جنائيا ،غير انه قد اتضح لنا ومن خالل استقراء نصوص
نظام العالمات التجارية السعودي أن هناك ثالث مصالح محمية جنائيا ؛ أو َّ
الهن -وهي أساس الحماية
وثانيتهن النظام اإلداري للدولة ،وثالثتهن واألخيرة هي الحيازة :وهذه األخيرة
َّ الجنائية -حق الملكية ،
هي رؤية فقهية تعترضها معوقات عديدة .
فمن ناحية :تحمي المادة الثالثة في فقراتها (أ ،ب ،ج) ملكية العالمة التجارية ،في حين تحمي
المادة الرابعة واألربعون في فقرتيها (أ ،ب) هيبة النظام اإلداري للدولة ،من خالل تجريم استعمال
يدون فيها ما يوحي بتسجيلها .ورغم ما ذهب إليه البعض بأن هذه الجرائم تفضي
عالمة غير مسجلة أو َّ
إلى خداع جمهور المستهلكين ، 2مما يعني بأن المصلحة المحمية هي مصلحة المستهلكين ،إال أننا
نرى خالف ذلك ،فما دامت العالمة غير مسجلة فإن هذا يعني أنها ال تنتمي ألحد ؛ ومن ثم فإنها ال
الثانية من نظام العالمات التجارية نصت على (أل تسجل عالمة تجارية تحمل صور اآلخرين أو أسمائهم الشخصية أو
التجارية ما لم يوافقوا هم أو ورثتهم على استعمالها ) ،وحيث أن المقصود باألسماء الشخصية هو ما يدل على
شخص بعينه ،وبما أن اسم الجزار ل يطلق على شخص معين وليس إسم ا دا ال على المدعي لوحده ،كما أن العالمة
المطلوب تسجيلها تشتمل على مجموعة من العناصر منها كلمة الجزار بحروف عربية ويعلوها ترجمتها باللغة الالتينية
Mr.Butchehuورسم دائري يشبه الزهرة يتدلى منه شريطان ،وبالتالي فإن الحماية للعالمة ستكون لمجموع تلك
العناصر وليس كلمة الجزار فقط ،وأن الذي يتضح من كلمة الجزار في العالمة أنها إسم لمن يمتهن الجزارة ول يقصد به
إسم لعائلة ،وبالتالي ل تدخل في الحظر الوارد في الفقرة (ز) من المادة الثانية من نظام العالمات التجارية.
-قضية رقم /1 / 248ق لعام 1425هـ ،ج 1427/1/5هـ ،ص .1574 ، 1573
-قضية رقم /1 / 516ق لعام 1424هـ ،ج 1427/1/12هـ ،ص .1578 ، 1577
-1جودي وانجر جوانز ،مرجع سابق ،ص.193
-2د .رضا حمدي المالح ،المالح في شرح الجرائم التعزيرية في المملكة العربية السعودية وذلك وفقا ألحدث األنظمة
السعودية ،دار النهضة العربية 2010 ،م ،ص .341
- 14 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
تفضي إلى غش المستهلك ولكنها تعد انتهاكا للنظام اإلداري للدولة ،وقد يبلغ ِّ
التعدي َّ
حد انتهاك نظام
التسجيل مما يعد تزوي ار ألدوات التسجيل الحكومية ،ولذلك نرى صدر المادة الرابعة واألربعين ينص
على أنه "مع عدم اإلخالل بأي عقوبة أشد" .فقد يتضمن اإلعتداء انتهاكا لنظام مكافحة التزوير
َّ
المعدل بالمرسوم الملكي رقم 53لسنة 1382هـ. السعودي رقم 114لسنة 1380هـ ،
يتضح للباحث أيضا أن النصوص الجنائية قد تمد بجناحيها حماية للحيازة ،فإذا رخص صاحب
العالمة لشخص آخر باستعمالها وفق المادة ( )33من نظام العالمات ،ثم قام بعد ذلك باستعمال
العالمة خالفا لإلتفاق فإنه يكون مسئوال جنائيا وفقا للمادة (/43ج) ،وتبريرنا لذلك أن المنظم قد
استخدم جملة "بغير وجه حق" وهي ذات معنى واسع بحيث تشمل أي انتهاك إللتزام سواء كان مصدره
العقد أو اإلرادة المنفردة أو المسئولية التقصيرية أو النظام ،وسوف نفصل معوقات هذا التفسير الواسع
في موضعه بإذن هللا تعالى.
نصت المادة ( )29من نظام العالمات التجارية السعودي على صور اكتساب ملكية العالمة ،وذلك إما
ِّ
المورث وانتقال الملكية إلى الورثة أو عبر تصرف ناقل للملكية كالبيع أو الهبة عبر واقعة مادية كوفاة
..الخ .واشترطت أال يكون الغرض من التصرف هو تضليل الجمهور ،وتشترط المادة ( )18من
الالئحة التنفيذية شهر هذه التصرفات .كل هذا بالنسبة للعالمة المسجلة مسبقا ،أما قبل ذلك فتكتسب
الملكية بمجرد التسجيل ، 1وهذا ما نصت عليه المادة الحادية عشر من نظام العالمات التجارية ،ويتسم
حق الملكية بأنه حق دائم فبالرغم من أن تسجيل العالمة يكفل حمايتها لمدة عشر سنوات إال أنه يجوز
تجديد هذه المدة لمدد أخرى ال حصر لها ،كما يتميز حق ملكية العالمة بأنه نسبي ،فهو ال يشمل
جميع السلع والمنتجات وإنما يقتصر على منع الغير من استخدام نفس العالمة لتمييز المنتجات
والخدمات المشابهة ،ومن ثم يجوز للغير إستعمال العالمة لتمييز منتجات مختلفة اختالفا يمنع الخلط ،
شريطة أال يكون من شأن ذلك الحط من سمعة العالمة أو من قيمة المنتجات التي تستعمل فعال
لتمييزها ،فالحق في العالمة حق استئثاري وهو نسبي أيضا من حيث المكان ؛ إذ يقتصر على السوق
-1ربا طاهر القليوبي ،حقوق الملكية الفكرية ،تشريعات ،أحكام قضائية ،إتفاقيات دولية ومصطلحات ،مكتبة دار
الثقافة للنشر والتوزيع 1998 ،م ،ص.186
- 15 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الذي تصرف فيه المنتجات التي تميزها ،فيحتكر مالك العالمة استغاللها في نطاق حدود إقليم الدولة
التي سجلت فيها العالمة. 1
ومن خصائص حق ملكية العالمة أيضا أنه حق مالي فيجوز للمالك التصرف فيه ،على أنه يشترط أال
يتم التصرف إال بعد تسجيل العالمة ،فال يجوز لمن َّ
قدم طلبا للتسجيل أن يتنازل عن العالمة للغير
قبل صدور شهادة تسجيلها بإسمه.2
المطلب الثاني
الشرط المفترض (التسجيل)
تمهيد وتقسيم:
الشروط المفترضة في الجريمة هي عبارة عن مراكز قانونية أو واقعية تسبق في وجودها قيام الجريمة ،
والبد بالتالي من التحقق من هذا الوجود قبل الخوض في مدى توافر أركان الجريمة األخرى ، 3مثل
ملكية الشيء للغير في جريمة السرقة فهي في حقيقتها إشارة للمركز القانوني للملكية الذي يشغله المالك
لهذا الشيء.4فإذا كانت العالمة التجارية ال تتمتع بالحماية الجنائية إال بعد توافر شرط أساسي وهو
تسجيلها ،فيكفي مجرد تسجيل العالمة لقيام الحماية الجنائية ولو لم يتم وضعها فعال على البضائع 5؛
فإن هذا يكشف عن الطبيعة الهيكلية للتسجيل داخل النموذج القانوني بإعتباره شرطا مفترضا يجب أن
يتوفر في كل الجرائم الواقعة على العالمة التجارية.
وإذا كان التسجيل مهما لتوافر الحماية الجنائية ؛ فإنه يلعب أيضا دو ار هاما داخل القصد الجنائي كما
هو الحال في جريمة تزوير وتقليد العالمة التجارية ،ذلك أنه يعد وسيلة للشهر ،ألن لكل شخص أن
ِّ
يطلع على العالمات التجارية المدونة في السجل ،حيث يجوز لكل تاجر أن يعلم بالعالمات المسجلة ،
وقد أراد المنظم بذلك أن يكافح تزوير وتقليد واغتصاب العالمات التجارية فوضع آليات لتمكين الغير
- 16 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
من الوقوف على العالمات الموجودة ،كي يتفادى التاجر – وهو بصدد إختيار عالمته -الوقوع في
الخطأ ويبتعد عن مظنة اإلجرام.1
وقد أثار ذلك مسألة مدى تطلب القصد الجنائي لقيام جريمتي التزوير والتقليد فذهب رأي إلىأن سوء النية
ليس ركنا في الجريمة ،واتجه رأي إلى أن إشهار العالمة التجارية عبر تسجيلها يشكل قرينة على علم
الكافة بها وبأوصافها وبشكلها وهي قرينة ال تقبل إثبات العكس ،األمر الذي يتعذر معه قبول اإلدعاء
بحسن نية مقلدها أو بجهله بوجود العالمة المسجلة.2وإذا كنا سنبين رأينا حول هذه المسألة في موضعها
المناسب الحقا ،إال أن ما سبق يظهر لنا أهمية التسجيل كشرط مفترض في الجريمة وكمؤثر على مدى
تطلب القصد الجنائي في بعض الجرائم الواقعة على العالمة التجارية.
وعلى ما سبق ؛ فسوف نتناول في هذا المطلب التسجيل كشرط مفترض يجب توافره ابتداء قبل البحث
عن أي نشاط جنائي على العالمة التجارية ،وذلك في فرعين:
-1د .علي جمال الدين عوض ،الوجيز في القانون التجاري ،الجزء األول ،دار النهضة العربية 1975 ،م ،
ص.273
-2د.محمد السيد عرفة ،مرجع سابق ،ص .323
- 17 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
ونصت المادة ( )41على أنه تعتبر نافذة وتطبق بموجب هذا القانون أحاكم المعاهدات واإلتفاقيات
الدولية متعددة األطراف والثنائية التي تكون سلطنة عمان طرفا فيها ،أو قد تصبح فيما بعد طرفا في
تلك المعاهدات و اإلتفاقيات والتي تنظم حقوق مواطني الدول األطراف في تلك المعاهدات واإلتفاقيات
أو األشخاص الذين يعاملون معاملتهم فيما يتعلق بالعالمات والبيانات التجارية .وقد تبعت المادة ()2
من القانون القطري بشأن العالمات والبيانات التجارية ذات نسق القانون العماني ،وجاء النص جامعا
لحقوق المواطنين والمقيمين واإلتفاقيات الدولية بالنص على أنه ":مع عدم اإلخالل بأحكام المعاهدات
واإلتفاقيات الدولية أو الثنائية النافذة في قطر يكون لألجانب نفس الحقوق التي يكفلها هذا القانون."...
هناك ثالثة نظم لتحديد سبب كسب ملكية العالمة ؛ فالنظام األول يقضي بأن ملكية العالمة تنشأ
باستعمالها ،أما النظام الثاني فإن التسجيل فيه ينشيء الملكية بقرينة قاطعة ال تقبل إثبات العكس ،
وهناك نظام ثالث يجمع ما بين النظامين حيث يقتصر دور التسجيل على كونه قرينة بسيطة على
الملكية . 1وقد اتجهت أغلب األنظمة العربية و ُّ
الشراح إلى أن الملكية تستند أصال إلى استعمال العالمة
وليس التسجيل.2أما النظام السعودي فقد أخذ بالنظام الثاني ؛ حيث يعد التسجيل هو المنشيء لحق
ملكية العالمة بقرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس ؛ ويتضح ذلك من خالل المادة ( )21من نظام
العالمات السعودي والتي نصت على أن من قام بتسجيل العالمة هو مالكها دون سواه ،كما وقصرت
بسط الحماية المدنية والجنائية على العالمة المسجلة .وقد حددت المادة ( )22مدة الحماية بعشر سنوات
قابلة للتجديد لكي يستمر مالكها في تمتعه بتلك الحماية.
- 18 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
(أ) كل من استعمل عالمة غير مسجلة في األحوال المنصوص عليها في الفقرات (ب،ج،د،هـ) من
المادة الثانية من هذا النظام.
1
دون بغير حق على عالمته أو أوراقه التجارية بيانا يؤدي إلى اإلعتقاد بحصول تسجيلها
(ب) كل من َّ
.
يتمثل الركن المادي ؛ في استعمال عالمة غير مسجلة ، 2ولكن يشترط أن تكون العالمة مما هي
محظور وضعه وفق المادة (/2ب،ج،د،ه) أي أن تكون العالمة مخلة بالدين أو النظام العام أو تكون
من الشعارات العامة أو الدمغات الرسمية ...وهذا يعني – وفق ما نرى -أن استعمال عالمة غير
مسلجة في غير تلك الصور ال يشكل جريمة ،كما أن هذه الجريمة تعد جريمة عمدية مما يتطلب معها
توفر القصد الجنائي العام وهو العلم بأن العالمة تمثل إخالال بالدين أو بالنظام العام ...الخ وأنها غير
مسجلة ثم إتجاه اإلرادة إلى وضع هذه العالمة على المنتجات. 3
الصورة الثانية :وضع بيان يؤدي إلى اإلعتقاد بحصول التسجيل :
ويتمثل الركن المادي بوضع بيان ما ، 4كأن يضع المتهم رقم التسجيل أو ختم جهة التسجيل أو خالفه
،وقد يشتمل ذلك على جرائم أخرى كتزوير أختام رسمية أو إمضاءات ..الخ ،ولذلك – وكما نعتقد-
ذهب المنظم في صدر المادة إلى التأكيد على عدم اإلخالل بأي عقوبة أشد .
وقد اختلف الفقه حول ضرورة تطلب الركن المعنوي ؛ فذهب البعض منهم إلى اشتراط توفره استنادا إلى
أن الهدف من هذه الجريمة هو تضليل الجمهور واتجه رأي مخالف إلى عدم اشتراطه مكتفيا بتوفر
-1وانظر ذات التجريم في القانون القطري (م ، )1،3/48البحريني (م ، )4،5/31اإلماراتي (م. )38
-2د .محمد سليمان عبد الرحمن ،الحماية المقررة للعالمات والبيانات التجارية في القانون المصري واتفاقية الـ
، TRIPSط ،1مطبعة اإلسراء بالقاهرة 2011 ،م ،ص .29
-3د.ناصر عبد الحليم السالمات ،مرجع سابق ،ص .344 ،341
-4د .ناصر عبد الحليم السالمات ،المرجع السابق ،ص .347
- 19 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الركن المادي ، 1ونحن ال نتفق مع هذا الرأي األخير وذلك لعدة أسباب منها أن القصد الجنائي وفقا
للمدرسة النفسية الحديثة 2هو ذلك الرابط المعنوي بين المجرم والنشاط اإلجرامي ،وأن انقطاع هذا الرابط
متوقع ألسباب قد تتخلل العلم أو اإلرادة ،هذا من جانب الجاني ،كما أن اإلعتقاد بالتسجيل أمر نسبي
من قبل الجهور ،وتقدير القضاء لمدى توافر هذا اإلعتقاد يدخل في سلطة قضاء الموضوع التقديرية
مع مراقبة محكمة القانون (النظام) لمدى معقولية اإلستدالل على توفره ،وهذا ما يعني أن القضاء ال بد
أن ينظر إلى الرابط النفسي بين الجاني ونشاطه اإلجرامي ،فهل كان بالفعل يعلم بأن البيان الذي
وضعه يؤدي إلى االعتقاد بالتسجيل أم ال ،وعلى هذا فلو قام شخص بوضع أرقام بريده تحت العالمة
التجارية قاصدا بذلك أن يدعوا الجمهور إلى مراسلته فإنه إن أثبت ذلك ،يكون قد خلق قرينة بسيطة
على أن ال علمه وال إرادته قد انصرفتا إلى التضليل.
ولم يتناول الفقه المصلحة المحمية بهذا التجريم ،ونرى أن المصلحة المحمية هي النظام اإلداري للدولة
وليست حماية المستهلك ،رغم أن المادة ذهبت إلى أن يكون البيان مؤديا إلى اإلعتقاد بحصول
التسجيل ،والسبب في رأينا أن هذا اإلعتقاد هو المعيار الكاشف لمدى انتهاك البيان لقواعد التنظيم
اإلداري لسجل العالمة التجارية ،ولذلك فإن تقدير مدى إمكانية هذا البيان في بث اإلعتقاد الخاطئي
بالتسجيل تكون من سلطة اإلدارة تحت رقابة القضاء ،ألن اإلدارة وحدها من تستطيع تقييم هذا البيان ،
كما أن الصورة األولى لم تكترث لوضع عالمات غير مسجلة متى لم تكن منضوية تحت الفقرات
(ب،ج،د،هـ) من المادة الثانية ،ولذلك فإن المصلحة المحمية في الصورة األولى هي الدين أو النظام
العام واآلداب ،أو المظاهر السيادية للدولة ، ..وليس من ضمنها المستهلك.
وتكون العقوبة في الصورتين هي الحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر وبغرامة ال تقل عن عشرين ألف
ريال وال تزيد على مائتين وخمسين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين (م.)44
- 20 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
المبحث الثاني
األحكام الخاصة في الحماية الجنائية
تمهيد وتقسيم:
إذا توفرت األركان والشروط العامة ؛ فإن المنظم السعودي قد سن قواعد للتجريم والعقاب على بعض
األنشطة الماسة بالعالمة الجنائية ،وجمعها في مادة واحدة ؛ بحيث بدأ بتجريم األنشطة ظاهرة العدوان
على ذات العالمة التجارية ،كالتزوير والتقليد .ثم احتاط لألنشطة االخرى كاستعمال أو وضع عالمة
تجارية مملوكة للغير على المنتجات ،أو التعامل في عالمة معتدى عليها مسبقا ،وأوقع المنظم
السعودي عقوباتتشمل كافة هذه األنشطةثم أنه أسقط الدعوى الجنائية العامة بمرور المدة .وسوف نفصل
ذلك في هذا المبحث في ثالثة مطالب على النحو التالي:
المطلب األول
التجريم األصلي
تقسيم:ينقسم هذا المطلب إلى فرعين:
الفرع األول :جريمة التزوير والتقليد.الفرع الثاني :جريمة استعمال عالمة مزورة.
- 21 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
عرف الفقه التزوير بأنه تغيير الحقيقة بقصد الغش تغيي ار من شأنه أن يسبب ضر ار ، 1وزاد عليه بعض
الفقه بأنه مجرد إدخال تغيير باإلضافة أو الحذف أو التعديل على شيء صحيح في األصل سواء كان
هذا التغيير متقنا أو غير متقن .2وهناك خالف في الفقه حول عناصر جريمة التزوير ؛ إذ ذهب رأي
يناصره األستاذ جارسون إلى أنها ثالثة ؛ (أ) تغيير الحقيقة في محرر ( ،ب) والضرر المباشر أو
المحتمل الناتج عن هذا التغيير ( ،ج) نية الغش .وهذا الرأي رفضه األستاذ بالنش ،فهو يرفض اعتماد
الضرر كركن مستقل ألنه ليس صفة خاصة فيه وحده ،بل الضرر شرط عام في كل الجرائم وإال لما
عاقب عليها المنظم ،ويعني هذا أنه ال نزاع في تطلب الضرر. 3
وقد أشار المنظم السعودي إلى عنصر الضرر حين نص على أن على التزوير أن يتسبب في تضليل
الجمهور (م/43أ) .ويثير ذلك تساؤال مهما حول ما إذا كانت المصلحة المحمية هي –بالتالي -مصلحة
المستهلكين وليس ملكية العالمة التجارية ؟ ونرى أنه وبالرغم من أن صياغة النص توحي بأن المصلحة
المحمية هي مصلحة المستهلكين إال أنه وبقليل من التأمل يتبين أن عنصر التضليل هو المعيار
الكاشف لمدى التشابه الذي يؤدي إلى انتهاك حق ملكية العالمة التجارية .ولذلك فسواء وقع التضليل
بالفعل أم لم يقع ،فإن القضاء ينظر إلى مدى التشابه الذي يكون معياره مدى انخداع المستهلكين بهفي
مرحلة أولية ؛ ثم ليقوم – نتيجة لذلك -بتقرير مدى انتهاك ملكية العالمة التجارية عبر التزوير ،أو
التقليد .إذا؛ فالضرر هو انتهاك ملكية العالمة التجارية ،ومعيار تقدير توافر هذا الضرر هو بمدى
إمكانية أن ينخدع المستهلكون بالعالمة المزورة أو المقلدة.
وقد اتجه الفقه إلى تعريف المحرر في جرائم تزوير المحررات تعريفا واسعا فهو ":كل مسطور يتضمن
عالمات أو رموز ينتقل بها الفكر لدى النظر إليها من شخص إلى آخر ويعبر عن معنى معين ،فجوهر
المحرر أنه وسيلة تعبير عن فكرة باعتباره أداة للتفاهم وتبادل األفكار فمن ثم يجب أن يكون تعبي ار عن
- 22 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
معان وأفكار مترابطة فيما بينها لكي يكون له أثر في المعامالت القانونية واإلجتماعية ،ويكون له قيمة
قانونية واجتماعية.1
وهذا التعريف الواسع يمكننا من إدخال العالمة التجارية بسهولة إلى دائرة المحررات من حيث التكييف ،
غير أن القضية الجوهرية هي مدى إمكانية معاملة تزوير العالمات كتزوير المحررات؟
يالحظ أن التزوير ال يقع إال على ذات جسد المحرر ،ويعد اصطناع المحرر كصورة من صور
التزوير ؛ استثناء على هذا األصل ؛ واالصطناع هو إنشاء محرر بأكمله ،ونسبته إلى شخص آخر لم
يكتبه ومثالها أن ينشيء الجاني سند دين وينسبه إلى شخص ذمته غير مشغولة بشيء أو أن يصطنع
شهادة علمية ويقلد إمضاء المختصين بإصدارها ويدعيها لنفسه.2
ويمكننا القول مما سبق أن التزوير في العالمة التجارية هو صورة اإلصطناع في المحررات ال غيرها.
ولذلك نرى أنه ال يمكن األخذ بالرأى الذي يذهب إلى إمكانية تطبيق كل صور التزوير في المحرر على
العالمة ،ألن االصطناع هو استثناء من األصل الذي يتطلب أن يقع تغيير الحقيقة في ذات المحرر .
وهذا ما الحظه المشرع الجزائري حين أطلق كلمة التقليد على اصطناع عالمة مطابقة تماما للعالمة
األصلية أو تشبه في مجموعها العالمة الحقيقية في حين أطلق مسمى التشبيه على اصطناع عالمة
مشابهة بصفة تقريبية للعالمة األصلية من أجل خداع المستهلكين.3
ويترتب القول بأن التزوير يقوم على تغيير الحقيقة أن إعدام ذاتية العالمة ال يعتبر تزوي ار.4
يقصد بالتقليد اصطناع شيء كاذب يشبه الشيء الصحيح ،وال يشترط لتوافره أن تكون هذه المشابهة
تامة ،بل يكفي أن تصل إلى درجة تسمح بالتعامل بالشيء المصطنع على اعتبار أنه الشيء الذي أريد
تقليده ،فإن لم تبلغ هذه الدرجة فال يجوز ُّ
عد الفعل تقليدا وإنما شروع فيه.5
-1د .أسامة عبد هللا قايد ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،جرائم اإلعتداء على المصلحة العامة ،دار
النهضة العربية 1423 ،هـ 2003 ،م ،ص .234
-2د .ماهر عبد شويش الدرة ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،المكتبة القانونية ،بدون تاريخ ،ص .26
-3د .فرحة زراوي صالح ،مرجع سابق ،ص .260
-4د .ماهر عبد شويش الدرة ،مرجع سابق ،ص .21
-5د .عمر السعيد رمضان ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،ط ، 4دار النهضة العربية 1977 ، 1976 ،م ،
ص .123
- 23 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
وقد وضعالقضاء السعودي إلى جانب الفقه معايي ار لتحديد توافر التقليد ؛ فالعبرة بأوجه الشبه وليس
بأوجه اإلختالف ،فاألولى هي التي تحدث الخلط لدى المستهلك ،كما أن العبرة بالمظهر العام
للعالمتين وليس بالتفاصيل ؛ ألن األول هو ما ينطبع في الذهن .كذلك فليس للقاضي أن ينظر إلى
العالمتين بشكل متجاور ألن ذلك ال يتيسر للجمهور عمال ،بل يجب أن ينظر إليهما الواحدة تلو
األخرى واإلعتداد بالصورة الذهنية التي يخلقها كل منهما لتقدير ما إذا كان األثر الذي تتركه الصورتان
لديه واحدا أو مقاربا .كما أنه لتقدير وقوع المستهلك في الخطأ ؛ يجب اللجوء إلى المستهلك العادي
متوسط الحرص واإلنتباه وليس بالمستهلك الخبير أو شديد الحرص.1
وتطبيقا لذلك فقد قضي بأنه " قد تبين وجود تشابه متقن لهاتين العالمتين التجاريتين الموجودتين على
العبوة كالهما معا بنواح عديدة ووثيقة تقطع دون ريب بتعمد التقليد ،في حين بدت أوجه اإلختالف
قليلة وضئيلة للغاية وتنم أوضاعها عن حرص مصمميها على اإليهام بانتفاء الشبه وتحقق المغايرة ،
وإن من أمرها التلبيس حتى على من يعلو انتباهه من الجمهور ،ذلك أنهما يحمالن ذات العالمتين
المسجلتين المشار إليهما سلفا تقريبا ،عالوة على وجود محاكاة كبيرة في الرسوم واأللوان والكتابة
والصور واألشكال ،وحجم العبوتين قد يصل لدرجة التطابق مما قد يكاد يخفي التمييز بينهما حتى على
المتخصص المحترف في هذا النشاط ،فضال عن القطع بعدم إمكانية التمييز بينهما للشخص
العادي."2
اتجه بعض الفقهاء إلى أنه في حالة تزوير العالمة ال يلزم سوء النية ويعتبر مجرد اقتباس عالمة
مطابقة لعالمة الغير المسجلة خطأ يستوجب العقاب ،أما في حالة التقليد فيجب أن يكون التقليد قد تم
بقصد الغش أي أن يكون المتهم قد تعمد إحداث اللبس بين العالمتين وإال فال عقوبة بل يقتصر األمر
على الرجوع إلى المحاكم المدنية لطلب األمر بإتخاذ اإلجراءات الكفيلة بعدم استمرار اللبس.3وذهب رأي
إلى أنالقصد الجنائي بمعنى إتيان الفعل عن علم بأنه تزوير أو تقليد شرط الزم ضمنا وإن كان تسجيل
-1د .عاشور عبد الجواد عبد الحميد ،مبادئ القانون التجاري ،األعمال التجارية ،التاجر ،األموال التجارية ،ط، 2
دار النهضة العربية 2000 ،م ،ص .492 ، 491
-2قضية رقم /2/56ق لعام 1427هـ ،ج 1427 /10/15هـ ،ص .1772
-3د .أكثم الخولي ،مرجع سابق ،ص .34
وانظر كذلك :
-د .علي سيد قاسم ،مرجع سابق ،ص .128
- 24 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
العالمة يعتبر قرينة على توافر سوء النية ،ويكون للمتهم أن يدحض هذه القرينة ويثبت حسن نيته
وجهله بسبق تسجيل العالمة. 1
ونحن نتفق مع هذا الرأي األخير ونشير إلى ضرورة توافر قصد اإلستعمال ،فالنص جاء بصيغة
مجملة وأفرد لإلستعمال فرضا جنائيا خاصا به .ولكن هذا ال يعني أنه لم يتطلب نية اإلستعمال ؛ فمن
يزور أو ِّ
يقلد عالمة دون أن يقصد بذلك استعمالها ال يعد مقترفا للجريمة ،ويستفاد هذا القصد الخاص ِّ
من تطلب المنظم السعودي ألن يتسبب هذا التزوير أو التقليد في تضليل الجمهور .ونرى أنه يستوي
أن يكون اإلستعمال مباشرة من المزور أو المقلد نفسه أو من شخص آخر ،فإذا كان هذا اإلستعمال
المزور أو ِّ
المقلد عالما بأن العالمة المزورة أو المقلدة سيتم استعمالها ِّ من شخص آخر فيجب أن يكون
من قبل اآلخر وإال انتفت مسئوليته الجنائية .وإزاء ما سبق من تطلب القصد الخاص ؛ يتبين لنا أن
تزوير العالمة قد يقع بحسن نية أو من شخص ليس لديه خبرة بالعالمات المسجلة ومن ثم فإن تطلب
توافر القصد الجنائي العام والخاص أمر الزم وحتمي .
أكملت المادة ( )43فقرتها (أ) بتجريم أستعمال عالمة مزورة أو مقلدة ؛ ناصة على تجريم وعقاب "
كلمناستعملبسوءالقصدعالمةمزورةأومقلدة ".2
أو ال :الركن المادي:
والمقصود هو وضع العالمة المزورة أو المقلدة على السلعة ،ويقع ذلك غالبا من المزور أو المقلد ،
ولكنه قد يقع من شخص آخر مستقل عنه ؛ كأن يشتري شخص محال تجاريا ويجد به عالمات مزورة
أو مقلدة فيستعملها بالرغم من علمه بذلك .وتقع الجريمة بمجرد وضع العالمة ولو لم يحصل بيع
السلعة أو عرضها للبيع ،ألن كال من هذين الفعلين جريمة مستلقة وإنما يشترط أن توضع العالمة على
منتجات من نفس الصنف الذي وضعت العالمة األصلية لتمييزه ،ألنه بذلك يمكن حصول الخلط بين
السلع ،يوكفي أن تكون السلعة من ذات الصنف ولو كانت أردأ من النوع األصلي.3
-1د .عاشور عبد الجواد عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص .495
-2وأنظر ذات القاعدة الجنائية في كل من القانون ؛ العماني (م ، )1/35القطري (م ، )2/47البحريني (م، )1/31
اإلماراتي (م ، )1/37الكويتي (م. )1/92
-3د .علي جمال الدين عوض ،مرجع سابق ،ص .299
- 25 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
يشترط لقيام جريمة استعمال العالمة المزورة او المقلدة أن يكون مستعمل العالمة سيء القصد ؛ أي
يعلم بأنه إنما يقوم باستعمال عالمة مزورة أو مقلدة لتضليل الجمهور ،ومعنى ذلك أنه إذا كان حسن
النية وال يعلم بأنه يستعمل عالمة مزورة أو مقلدة فال جريمة وال عقاب ،وحسن النية مفترض ،وعلى
المدعي إثبات سوء قصد مستعمل العالمة ،وقصد تضليل الجمهور.1
وقد ذهبنا –فيما سبق -إلى أن احتمال تضليل الجمهور هو معيار لمدى انتهاك ملكية العالمة التجارية
أي أن تضليل الجمهور ليس بالضرورة أن يحدث بالفعل ،بل هو مجرد معيار كاشف عن توافر
عناصر الشبه بين العالمتين.
فلو أن المنظم قد استخدم جملة "بقصد االستعمال" ،ألغناه ذلك عن الدخول في تماهي جملة "تضليل
ثم فال نرى ضرورة إثبات
الجمهور" ،والتي هي وصف غير ظاهر وغير منضبط ،ولكفاه ذلك .ومن َّ
علم المقلد أو المزور أو من يستعمل العالمة المقلدة أو المزورة بأن ما سيقترفه سيضلل الجمهور ،
فالجاني هنا ال يكترث كثي ار بالنتيجة اإلجرامية ؛ بل أن أغلب من يبتاعون السلع يعلمون بأنها –رغم
حملها للعالمات – ليست منتجات أصلية ،خاصة مع تزايد التوكيالت التجارية وخبرة األفراد في هذا
الشأن ،إال أن الخطورة تكمن في أن تطلب قصد تضليل الجمهور قد يؤدي إلى اإلفالت من العقاب ،
فإذا قام تاجر بوضع إعالن للجمهور في مدخل محله التجاري مبينا أن السلع رغم حملها لعالمات
تجارية إال أنها ليست أصلية ،ورغم ذلك اشتراها الجمهور فإنه ال يكون مسئوال جنائيا ،كذلك إذا قام
التاجر بإخبار كل من يشتري منه بأن السلع ليست أصلية رغم العالمات التجارية ،فإنه سيفلت من
العقاب .ولذلك أرى ضرورة أن يتم اإلقتصار فقط على تطلب قصد اإلتجار بالعالمة التجارية بغض
النظر عن تضليل أو عدم تضليل الجمهور ؛ في حين يكون هذا األخير هو معيار لمدى تطابق أو
اختالف العالمة المزورة أو المقلدة عن العالمة األصلية.ولذلك فإنه عندما أثير هذا األمر أمام القضاء
السعودي أضطر إلى االلتفات عنه ،ففي إحدى القضايا دفع المدعى عليه بأنه " يعلم بأن البضاعة
2
مقلدة ؛ مفيدا أنه يخبر الناس بأنها مقلدة قبل شرائهم لها " .ومع ذلك فإن المحكمة تجاهلت هذا الدفع
.
ووفق رأينا هذا ؛إذا كان اإلستعمال ألغراض فنية أو علمية أو تعبي ار عن رأي فال تنهض الجريمة ؛
كذلك لو كان االستعمال شخصيا ؛ فلو قلد شخص عالمة تجارية وألصقها بمالبسه أو حذائه فال محل
لمساءلته جنائيا .بل حتى إن قام ببيع هذه المالبس فال يعد مقترفا للجريمة النتـفاء عنصر اإلحترف.
- 26 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
المطلب الثاني
التجريم اإلحتياطي
تقسيم:ينقسم هذا المطلب إلى فرعين ؛ نتناول في أولهما جريمة استعمال ووضع عالمة مملوكة للغير
،وفي فرع ثان ،جريمة التعامل في عالمة معتدى عليها .على ما يلي:
الفرع األول :جريمة استعمال ووضع عالمة مملوكة للغير.
نصت المادة ( )43في فقرتها (ب) على تجريم كل من ؛ " كل من وضع بسوء القصد على منتجاته أو
استعمل فيما يتعلق بخدماته عالمة مملوكة لغيره".1
والفرض هنا – على خالف الحال في الجريمتين السابقتين – هو أن عالمة الغير حقيقية وليست مزورة
،وأن الجريمة تقوم بوضع هذه العالمة الحقيقية على منتجات ال تتمتع بالحق في حملها .ولهذه الجريمة
ركنان ؛ ركن مادي يتمثل في وضع عالمة الغير ،وركن معنوي هو سوء القصد.2
ويتوفر الركن المادي بعدة صور ؛ كما لو تم وضع العالمة على سلعة شبيهة بالسلعة التي تحميها
العالمة ،أو يتم ملء حاويات أصلية تحمل العالمة األصلية بمحتوى غير أصلي ؛ كوضع مياه غازية
غير أصلية على زجاجات أصلية تحمل عالمتها األصلية...الخ.3
أما بالنسبة للقصد الجنائي ؛ فقد ذهب رأي إلى أن هذا األخير إنما يتوفر بعلم المتهم بأنه يستعمل
عالمة تجارية إستعماال باطال وأن يكون قصده من ذلك اإلستعمال خداع الغير واإليقاع به ،ويستطيع
المتهم نفي القصد بأن يثبت بأن استعماله للعالمة التجارية لم ينتج عنه انخداع الغير أو أن ذلك قد تم
-1يالحظ أن القانون العماني لم يشر إلى هذه الجريمة مباشرة بمادة منفصلة بل أضافها إلى الفقرة ( )2من المادة
( )35؛ حيث أنها جرمت بيع أو عرض أو حيازة منتجات بها عالمة موضوعة بغير وجه حق ،وذلك خالفا لباقي دول
اإلتحاد الخليجي التي انتهجت ذات النهج السعودي ؛ أنظر ؛ القطري (م ، )3/47البحريني (م ، )2/31اإلماراتي
(م ، )2/37الكويتي (م.)2/92
-2د.أكثم الخولي ،مرجع سابق ،ص .349
-3فرحة زراوي ،مرجع سابق ،ص .268
- 27 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
بموافقة صاحب العالمة .إال أن عبء إثبات ذلك يقع على عاتق المتهم وذلك في جميع أدوار
المحاكمة.1
وكما أشرنا من قبل من مالحظة وقوع الخلط بين تضليل الجمهور كركن في الجريمة وبين كونه معيا ار
للكشف عن العدوان على العالمة التجارية ؛ بالكشف عن مدى التشابهة واإلختالف بين العالمات .وأن
هذا الخلط الفقهي والتشريعي (النظامي) يؤدي إلى إفالت المعتدين على العالمة من العقاب ولذلك فإننا
نرى أن سوء القصد إنما يتوفر فقط بمجرد علم المستعمل بأن العالمة ال تخص السلعة وأنه وضعها
لغرض تجاري.
وفي المرحلة الرابعة :ال يكون الجاني مقترفا ألي مما سبق ،فهو لم يزور ولم يقلد ولم يضع عالمة
مملوكة للغير ؛ بل تسلَّم -على أي نحو -سلعا بها هذه العالمات المزورة أو المقلدة أو المملوكة للغير،
وذلك بقصد بيعها ،أي أن هذا النشاط الرابع هو أثر لتداول العالمة المنتهكة ابتداء؛ ويتبين من النص
السعودي أنه نص احتياطي حتى ال يفلت أي متداخل في العدوان على العالمة التجارية من العقاب
مادام تداخله هذا قد تم عن علم وإدراك باإلنتهاك المسبق للعالمة التجارية .ويتمثل الركن المادي في
عملية البيع أي نقل الملكية ؛ أو العرض بتقديم المنتج إلى المشترين أو الحيازة والتي تشمل الحيازتين
- 28 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الكاملة والناقصة . 1ونحن نختلف مع هذا اإلتجاه الفقهي حول قصر المسئولية على الحيازة الكاملة
والناقصة دون المادية ، 2ونرى أن هذا الرأي تأثر بسيادة هذا التقسيم على جرائم األموال ال سيما السرقة
؛ والتي أخرجت الحيازة المادية من واقعة التسليم النافية لإلختالس .3فالحائز المادي –فيما يتعلق
بالعالمة التجارية -ال تنتفي عنه المسئولية كاملة ؛ بل يكون مساهما في الجريمة إذا كان عالما بأن
-1د .ناصر عبد الحليم السالمات ،مرجع سابق .323 ، 319 ،
-2تعرف الحيازة بأنها حالة واقعية تعطي للشخص قدرة مادية تمكنه من استعمال شيء منقول والتصرف فيه ...
والحائز هو من لديه منقول يخضع لسلطانه أو سلطاته ،وللحائز على المنقول قدرة التمتع به واستعماله وتحويله للغير
وكذلك التصرف فيه.
أنظر :
-د .أحمد العطار ،جرائم اإلعتداء على األموال في القانون المصري ،النسر الذهبي ،بدون تاريخ ،ص .28 ، 27
-وبالتالي تنقسم الحيازة إلى عنصرين ؛ عنصر مادي وعنصر معنوي .
-د .أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات الخاص ،ط ، 4دار الطباعة الحديثة 1991 ،م ،ص .819
ويتمثل العنصر المادي في مجموعة األفعال والتصرفات التي يباشرها حائز الشيء عليه حكقه في حبسه واستغالله أو
التصرف فيه .ويتمثل العنصر المعنوي في توافر نية اإلستئثار بالشيء لدى الحائز وانصراف إرادته إلى مباشرة سلطاته
عليه بوصفه مالكا دون غيره .
-د .هاللي عبد الاله أحمد ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،دار النهضة العربية 1988 ،م ،ص .495
والحيازة – بالنظر إلى هذين العنصرين – تنقسم إلى ثالثة أنواع :
( -)1حيازة تامة أو كاملة :ويقصد بها السيطرة الفعلية على الشيء ومباشرة سلطات المالك عليه مع نية اإلستئثار به
كمالك .وفي هذه الحالة يبدو العنصر المادي والعنصر المعنوي .
-د .أحمد فتحي سرور ،مرجع سابق ،ص .820
( -)2الحيازة المؤقتة (الناقصة ) :هي تلك التي تنصرف إلى الحالة التي يباشر فيها الشخص على الشيء بعض
السلطات بمقتضى عقد من عقود األمانة كاإليجار أو الوديعة أو الرهن ...الخ ،فالحائز حيازة مؤقتة وإن كان يباشر
على الشيء بعض سلطات المالك فتتوافر له له بعض مظاهر الجانب المادي للحيازة ،إل أن حيازته لهذا الشيء
ناقصة ؛ إذ ينقصها جانبها المعنوي نظرا ألن سلطات الحائز على الشيء في هذه الحالة تستند إلى عقد يتضمن
اعترافه بملكية الغير له .
-د .عمر السعيد رمضان ،مرجع سابق ،ص .406
( -)3الحيازة المادية أو العارضة :وتتوافر بوجود الشيء بين يدي الشخص دون أن يتوافر له حق يباشره علي
الشيء ل بوصفه مالك ا له ول بوصفه صاحب حق عيني أو شخصي على الشيء .وكل ما في األمر هو وضع الشيء
ماديا بين يدي الشخص بصفة عارضة ،وفي هذه الحالة ل تتوافر الحيازة بعنصريها ؛ ومثالها يد العمال في المصنع
بالنسبة لألدوات التي يستعملها في عمله.
-د .أحمد فتحي سرور ،مرجع سابق ،ص . 819
-د .محمد هشام أبو الفتوح ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،دار النهضة العربية 1999 ،م ،ص .15
-3د .فوزية عبد الستار ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،ط ، 2دار النهضة العربية 1988 ،م ،ص 667
وما بعدها .
-د .رؤوف عبيد ،جرائم اإلعتداء على األشخاص واألموال ،ط ، 8دار الفكر العربي 1978 ،م ،ص .317
- 29 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
العالمات مزورة أو مقلدة أو مستعملة أو موضوعة بغير وجه حق ،حيث يكيف مركزه الواقعي باعتباره
معاونا على اقتراف الجريمة فإن كانت المعاونة جزء من عناصر الركن المادي َّ
عد فاعال أصليا وإن
الحقةعَّد مساهما تبعيا.
ُ كانت
لم يتعرض الفقه لتفسير الفرض في نص المادة (/43ج) الذي استخدم جملة "بغير وجه حق" ،وربما
كان السبب أن المفهوم يتبادر بداهة من خالل تدرج صور اإلعتداء الجنائي على العالمة التجارية في
الفقرتين (أ ،ب) من ذات المادة ؛ غير أننا نرى ضرورة مد تفسير عدم وجه الحق تفسي ار موسعا بحيث
يشمل كل اعتداء على العالمة التجارية ولو لم تشمله صور العدوان في الفقرتين (أ ،ب) وإال أدى ذلك
إلى قصور في المحاصرة الجنائية لكافة األنشطة التي تبغى على العالمة وتعتدي عليها ،ومن ثم فإنه
يجوز – بناء على هذا التفسير الموسع -أن يخضع مالك العالمة نفسه للتجريم والعقاب إذا اعتدى على
هذه العالمة إذا كان قد رخص لغيره باستخدامها وفق المادة ( )33ومن ثم يمتد التجريم والعقاب ال
ليحمي الملكية فقط بل والحيازة أيضا .خاصة أن في كليهما تضليل للجمهور .
غير أن ما يقف في مواجهة هذا الرأي هو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات حيث ال يجوز أن يتم التوسع
في التفسير ضد مصلحة المتهم متى كان هذا التفسير يخلق جرائم أو عقوبات جديدة .ومن هنا نرى
ضرورة تدخل المنظم السعودي ليشمل الحيازة القانونية للعالمة بالحماية الجنائية.
يتطلب لقيام الجريمة توفر القصد الجنائي أي العلم بتقليد العالمة أوتشبيهها أو اغتصابها وقصد خديعة
المشتري في ذاتية البضاعة أو مصدرها ،ويجوز للمتهم أن يتذرع بحسن نيته وجهله إيداع العالمة. 1
واألصل هو حسن النية ؛ فعلى من يدعي غير ذلك أن يقيم الدليل على صدق ما يدعيه .ومن القرائن
الدالة على سوء نية المتهم عرض المنتجات األصلية والمنتجات المقلدة للبيع في نفس الوقت ،وتفاوت
الثمن تفاوتا كبي ار بين السلعتين ،إلى غير ذلك من الظروف التي ال يسهل معها اإلدعاء بجهل التزوير
أو التقليد أو الغصب.2
- 30 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
1
كذلك فقد اتجه القضاء السعودي إلى أن احتراف المتهم وخبرته تجعل علمه بالتقليد مفترضا
وقد قضي في ذلك بأن"محضر التحقيق مع صاحب المؤسسة المدعى عليها أفاد فيه حصوله على عبوة
زيت الفرامل المضبوطة في مؤسسته من قبل مندوب متجول ،ودون فاتورة ،وتعهد بعدم بيعها مرة
أخرى ،غير أن العادة أن من يشتري بضاعة أصلية يحرص على شرائها من أصحابها أو وكالئهم
المعتمدين ليضمن حقه في الحصول على سعر مناسب وعلى جودة حقيقية ،وإثبات ذلك بفاتورة توضح
حجم المشتريات مقابل المصروفات ،حيث أن وظيفة التاجر صاحب السجل التجاري الحصول
الحصول على الربح وفق أصول محاسبية معتبرة ،ولجوء صاحب المؤسسة للشراء من بائع متجول من
دون فاتورة يناقض العرف التجاري المتفق مع القوانين السوقية السليمة من جهة البحث عن جودة السعر
والضمان وإثبات حالة الشراء ،ولم تر الدائرة دافعا لذلك إال البحث عن الثراء من خالل بيع بضاعة
مستنسخة عن البضاعة األصلية ،وهي مقلدة ،بما يوقع المستهلك بالتدليس والغبن ،ومؤدى ذلك
ثبوت العلم وتوفر القصد الجنائي."2
كما قضي بأنه قد " ثبت بيع المدعى عليه وحيازته البضائع التي تحمل العالمة المقلدة بقصد البيع مع
علمه بذلك ،والذي تستظهره الدائرة من كون المدعى عليه يمارس هذا النشاط منذ فترة طويلة تكسبه
بطبيعتها علما ودراية بالمنتجات محل النشاط ،فضال عن إقرار المدعى عليه بوجود الفارق السعري بين
المنتج األصلي ونظيره المقلد الذي عزاه إلى خطأ عامله ،وهو ما ال يجد سند قبوله لدى الدائرة. " 3
المطلب الثالث
العقوباتوتقادم الدعوى الجنائية العامة
تقسيم:ينقسم هذا المطلب إلى فرعين :
الفرع األول :العقوبات .الفرع الثاني :تقادم الدعوى الجنائية العامة.
- 31 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
العقوبة هي الجزاء الذي يقدره الشرع (في الحدود والقصاص) أو يقدره النظام الجزائي لمصلحة المجتمع
(في التعزير) ؛ تنفيذا لحكم قضائي .ويجب أن تكون العقوبة قانونية ؛ بمعنى أن تكون مقررة بنص في
النظام من حيث نوعها وقدرها ،فإذا لم ينص النظام على عقوبة للفعل الذي ينهى عنه أو اإلمتناع كما
أمر به فيجب الحكم بالبراءة . 1وقد نص نظام اإلجراءات الجزائية السعودي على هذا المبدأ وذلك في
مادته الثالثة حيث جاءت باآلتي:
"ال يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إال على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما ،
وبعد ثبوت إدانته بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجري وفقا للوجه الشرعي".
وهو نص شمل شرعية الجرائم والعقوبات ؛ وعمال بهذا المبدأ ؛ فبالرغم من أن جرائم العداون على
العالمة التجارية من جرائم التعزير ؛ إال أن المنظم السعودي قد حدد لها عقوبات واضحة في المادة
( )43من نظام العالمات التجارية السعودي ،بحيث اشتملت على نوعين من العقوبات ؛ عقوبة ماسة
بحرية الجاني ،وأخرى ماسة بذمته المالية.حيث نصت المادة المشار إليها بعقوبة الحبس مدة ال تزيد
على سنة وبغرامة ال تقل عن خمسين ألف ريال وال تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين .
ويالحظ الباحث أن المنظم قد استخدم وصف الحبس ولم يميز بينه وبين السجن ،رغم أن مصطلح
الحبس إنما يستخدم عادة في األنظمة التي تأخذ بالتقسيم الثالثي أو الثنائي للجرائم والعقوبات .وبتتبعنا
ألغلب األنظمة السعودية ،وجدناها تتقلب ما بين السجن والحبس دون معيار واضح للتمييز بينهما.
فليست طبيعة العقوبة هي المعيار ،وال هي المدة الزمنية ؛ فعلى سبيل المثال استخدمت المادة ()143
من نظام اإلجراءات الجزائية لسنة 1422هـ مصطلح السجن على تقييد الحرية في جرائم الجلسات ؛ رغم
أن فترة العقوبة ال تتجاوز أربعا وعشرين ساعة ،كما أن نظام استبدال الغرامة بالحبس لسنة 1374هـ لم
يميز بين الحبس والسجن.
والغرامة هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى الخزينة العامة المبلغ المعين في الحكم .وتؤدي الغرامة
ثالثة وظائف ؛ فهي إما أن تكون عقوبة أصلية مباشرة وذلك في حالة كونها العقوبة الوحيدة في الجريمة
،أو أن تكون عقوبة أصلية إختيارية وذلك في حالة ما إذا نص عليها في النظام كعقوبة إختيارية يحكم
بها مع الحبس أو بدال عنه ،أو أن تكون عقوبة تكميلية وتتحقق إذا نص عليها في النظام كعقوبة
-1د .علي حسين الخلف ،د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،المكتبة القانونية ،
بغداد ،بدون تاريخ ،ص . 408 ، 405
- 32 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
إضافية يحكم بها باإلضافة إلى العقوبة األصلية.1وقد اعتبرها المنظم السعودي عقوبة أصلية مباشرة أو
إختيارية ،أي أنه جمع بين وظيفتيها األولتين.
والجدير باإلشارة ؛ أن المنظم السعودي قد شمل بهذه العقوبة كافة صور العدوان على العالمة التجارية
الواردة بالمادة (.)43
المصادرة عقوبة مالية كالغرامة ،ولكنها تختلف في كونها عبارة عن نزع ملكية المال جب ار بغير مقابل
وإضافته إلى ملك الدولة بينما الغرامة ال تنشيء للدولة إال مجرد حق دائنية ِّقَبل المحكوم عليه بالمبلغ .
وتعتبر المصادرة عقوبة تكميلية ال يحكم بها إال على المتهم تبعا لعقوبة أصلية ما عدا حينما تكون
المصادرة وقائية حيث تتم مصادرة الشيء لخطورته ؛ وهنا ال يشترط أن يصدر حكم بإدانة المتهم ،بل
يجوز أن يحكم بها ولو تمت تبرأته أو سقطت الدعوى العمومية لوفاته أو لصدور عفو عن الجريمة.2
وقد نصت المادة ( )52من نظام العالمات التجارية السعودي على المصادرة باعتبارها مصادرة وقائية ؛
فقد جاء في النص ":يجوز لديوان المظالم في أي دعوى مدنية أو جنائية أن يحكم بمصادرة األشياء
المحجوزة أو التي تحجز فيما بعد .....وذلك حتى في حالة الحكم بالبراءة" .3ويمكننا أن نمثل لهذا
الفرض بأن يكون المتهم قد برئ نسبة لعدم توافر القصد الجنائي في جريمة حيازة سلع عليها عالمات
تجارية مزورة ،هنا يجب مصادرة هذه السلع حتى ال تستمر في إحداث ضررها في العدوان على
العالمة التجارية .ولذلك نصت المادة نفسها من إمكانية أن يأمر ديوان المظالم بإتالف العالمات
التجارية وأن يأمر عند اإلقتضاء بإتالف األشياء التي تحمل هذه العالمة .أي أن المنظم السعودي قد
ميَّز بين نوعين من اإلتالف ؛ إتالف للعالمة دون السلع إذا كان باإلمكان الفصل بينهما ودون أن
يسبب ذلك ضر ار بالمعتدى على عالمته .أو أن يتم إتالف السلع بالعالمة التي تحملها .ونرى أن تقدير
ذلك متروك لسلطة ديوان المظالم التقديرية .
-1د .علي حسين الخلف ،د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص .428
-2د .محمود محمود مصطفى ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،ط ، 2دار النهضة العربية ،بدون تاريخ ،
ص.569 ، 566
-3وانظر ذات الحكم في دول اإلتحاد الخليجي :عماني (م ، )38قطري (م ، )50إماراتي (م ، )38كويتي (م.)95
- 33 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
لم يعد نشر الحكم وسيلة للتشهير بالشخص كما كان يتبع قديما ؛ بل أن هذا اإلجراء أخذ يهدف إلى
تحقيق أغراض مختلفة سواء كان الحكم قد تضمن اإلدانة أو البراءة ،فقد تقتضيه أحيانا المصلحة
العامة ،أو المصلحة الخاصة ؛ أي مصلحة المتضرر من الجريمة .وهي تعتبر إجراء مشددا للعقوبة
سواء في تأثيره على منزلة الشخص الذي يكون عرضة لهذا اإلجراء أو بسبب المصاريف التي يتحملها
ِّ
المقصر .1وقد نصت المادة ( )52من نظام المعامالت السعودي على إجازة أن يأمر ديوان الشخص
المظالم بنشر الحكم في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه .وإذا كان المنظم السعودي
والمشرع العماني قد جعال من األمر بنشر الحكم جوازيا للمحكمة ؛ فإن القانون القطري قد جعل
األمربنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه وجوبيا على المحكمة (م.)50
تتنوع التعريفات الفقهية للعود ؛ فهو "ارتكاب الشخص جريمة بعد الحكم عليه حكما باتا في جريمة
أخرى" ،وهو "حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد سبق صدور حكم بات عليه بالعقاب من
أجل جريمة سابقة" . 2ويطلق المنظم السعودي على الحكم البات مصلطح "الحكم النهائي" ؛ واألحكام
- الجزائية اإلجراءات لنظام وفقا – النهائية
هياألحكامالمكتسبةللقطعيةبقناعةالمحكومعليه،أوتصديقالحكممنمحكمةالتمييز،أومجلسالقضاءاألعلىبحسباال
ختصاص (م 213إج ج).
وقد يكون العود خاصا أو عاما؛ فالخاص ال يتوفر إال إذا كانت الجريمة الثانية مشابهة للجريمة األولى
أو مماثلة لها ،أما العود العام فال يشترط فيه التماثل ؛ ويأتي تشديد العقوبة في العود الخاص باعتبار
أن تشابه الجرائم إنما يدل على اتجاه الجاني إلى اعتياد جرائم معينة ،وقد يكون الدافع إليها واحدا ،مما
لعل حاله ينصلح ،وهذا غير متوافر في العود العام وإنما يبرر التشديد في
يقتضي أخذ الجاني بالشدة َّ
هذا األخير بأن الجاني لم يرتدع بالعقوبة وقد كان الظن بأنها كافية . 3وقد نصت المادة ( )45من نظام
4
العالمات التجارية السعودي على تشديد عقوبة العائد إلى ما ال يزيد على ضعف الحد األقصى للعقوبة
-1د .علي حسين الخلف ،د .سلطان عبد القادر الشاوي ،مرجع سابق ،ص .448
-2د .عبد الرحيم صدقي -مرجع سابق ،ص .186
-3د .محمود محمود مصطفى ،مرجع سابق ،ص .616
-4وقد ذهب المشرع القطري إلى ذات األمر ولكنه جعل من الجمع بين الحبس والغرامة وجوبي ا (م . )49أما المشرع
البحريني فقد انتهج ذات منهج المنظم السعودي ؛ حيث أضاف غلق المحل بذات المدة التي حددها النظام السعودي
(م ، )31وتبعهمافي ذلك القانون اإلماراتي (م. )39
- 34 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
،وأضافت عقوبة أخرى وجوبية وهي إغالق المحل التجاري أو المشروع لمدة ال تقل عن خمسة عشرة
يوما وال تزيد على ستة أشهر.
اتجهت المادة ( )47من نظام العالمات التجارية السعودي ؛ إلى أنه " تسقط دعوى الحق العام بمضي
خمس سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة ،دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المحاكمة ،وال
يترتب على سقوط دعوى الحق العام أي مساس بالحقوق الخاصة".
ويبرر الفقه تقادم الدعوى بعدة أسباب ؛ منها نسيان الجريمة ومحو آثارها ،بل وقد يصعب إثباتها ، ُ
كما أن التقادم يعزز نسيان هذه الواقعة التي قد تكون غير ثابتة في حق المتهم .كما ُيبرر التقادم أيضا
باإلستقرار القانوني ؛ ذلك أن ترك باب تحريك الدعوى مفتوحا على مصراعيه بال نهاية يؤدي إلى
إضطراب األفراد طوال حياتهم ،فال بد من وضع حد لذلك. 1
ويشترط وفقا للمادة ( )47أال يتخذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المحاكمة ،ورغم أن المنظم
السعودي لم يحدد إذا ما كان ذلك وقفا أم قطعا للمدة ؛ فإننا نرى أنه قطع للمدةوهذا يعني أن إتخاذ
هذااإلجراء يقطع التقادم ثم ليبدأ من جديد بعد نهاية اإلجراء فال يكون للمدة السابقة عليه أي أثر .فإذا
اتخذ المحقق أي إجراء من إجراءات التحقيق ،ثم رأي حفظ التحقيق لعدم كفاية األدلة ؛ فإن مدة سقوط
الدعوى تبدأ من تاريخ قرار الحفظ ،ولذلك كان من األوفق أن ينص المنظم السعودي على سقوط دعوى
الحق العام بمضي خمس سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة أو من تاريخ آخر إجراء أتخذ في التحقيق .
وذلك ألن النص وهو بهذه الحالة يؤدي إلى أن إتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ثم حفظ التحقيق
ألي سبب يعني أن جهة التحقيق تستطيع أن ترفع الدعوى حتى ولو بعد مرور خمس سنوات على هذا
اإلجراء األخير وهذا ما يصادر على الحكمة من إسقاط الدعوى بمرور المدة.
كما أن المنظم السعودي قد قصر التقادم على الدعوى العامة دون الخاصة ،فالدعوى العامة هي تلك
التي تباشرها هيئة التحقيق واإلدعاء العام ،أما الدعوى الجنائية الخاصة فيباشرها المجني عليه أو من
-1د .علي عبد الرحمن العيدان ،انقضاء الدعوى الجنائية الخاصة في الشريعة اإلسالمية وقوانين وأنظمة دول مجلس
التعاون الخليجي ،رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة نايف العربية للعلوم األمنية 1430 ،هـ 2009 ،م ،ص ، 180
.181
- 35 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
ينوب عنه أو ورثته من بعده .1وهذا يعني أن انقضاء الدعوى الجزائية الخاصة يخضع للقواعد
المنصوص عليها في نظام اإلجراءات الجزائية السعودي وفقا للمادة (. )23
الخاتمة
يتضح من هذه الدراسة ضرورة تدخل المنظم السعودي لتعديل نظام العالمات التجارية حتى ال يكون
التضييق اإلصطالحي معرقال لتطور تمييز السلع بأنواع جديدة من العالمات.ونشير في هذا الصدد
إلى النقاط التالية:
-1تطوير فن صياغة نظام العالمات التجارية خاصة فيما يتعلق بالمواد (.)43( ، )4
-2يجب أن يترك المنظم السعودي المجال مفتوحا للصور شبه المادية للعالمة التجارية كالصوت
والرائحة وما قد ُيبتدع في اآلفاق .خاصة مع عدم وجود مانع نظامي أو شرعي لذلك.
-3أن يتم النظر بعين اإلعتبار للحيازة كمصلحة يجب حمايتها جنائيا متى ما تم االعتداء عليها.
-4أن ُي ِّ
ميز المنظم السعودي داخل نصوص النظام بين التسبب في تضليل الجمهور كمعيار لتحديد
مدى تشابه أو اختالف العالمات التجارية وبين كونه معيا ار للقصد الجنائي .لما أحدثه ذلك من خلط
فقهي ،كما أثر كذلك على المصلحة المحمية ،حيث يدعو إلى اإلعتقاد بأن مصلحة المستهلك هي
محل الحماية الجنائية.
-5يالحظ كذلك أن محاولة اإلحاطة بكل صور العدوان على العالمة التجارية قد أدي إلى عدم وضوح
الحدود بين جريمتي إستعمال العالمة المزورة والمقلدة (م/43أ) والتعامل في عالمة مزورة أو مقلدة
(م/43ج) ؛ حيث تتماهي الحدود بينهما تماهيا شديدا ونرى أنه كان من األوفق إلغاء جريمة إستعمال
عالمة مزورة أو مقلدة واالكتفاء بجريمة التداول خاصة إذا وضعنا في اإلعتبار ما طرحناه من ضرورة
النص على قصد اإلستعمال التجاري ليكون قصدا خاصا في جريمة التزوير والتقليد.
-6نوصي–على وجه اإلحتياط -أيضا بضرورة اإلكتفاء بالنص على قصد اإلستعمال التجاري في هذه
الجرائم ؛ مما يؤدي إلى غلق باب الجدل الفقهي حول القصد الجنائي في جريمة اإلستعمال .
-7يالحظ أيضا أن المنظم السعودي يستخدم كلمة مخالفة على الجريمة ،وهو إذ ذاك ال يميز بين
السجن والحبس ،رغم أن هذه المصطلحات ترتبط إرتباطا وثيقا بالنظام الثالثي للتجريم والعقاب السائد
- 36 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
في النظام الالتيني والمعروفة في النسق القانوني األمريكي.ونرى أنه قد آن األوان إلصالح الصياغة
النظامية لتعبر عن نسق متكامل للنظام القانوني للدولة ؛ ألن األنظمة هي عنوان الدولة قبل أن تكون
معبرة عن سيادتها على سلطاتها الثالث .
-10نرى وجوب أن يعيد المشرع صياغة المادة ( )47محددا فيها طبيعة األثر المترتب على اتخاذ أي
إجراء من إجراءات التحقيق على إسقاط الدعوى ،فهل سيكون له أثر قاطع أم أثر موقف ،أم أنه
يصادر تماما على إمكانية سقوط الدعوى الجنائية العامة مرة أخرى بعد اتخاذ هذا اإلجراء.
قائمة المراجع
باللغة العربية:
- 37 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
-د .أحمد صبحي العطار ،دراسة في القسم الخاص في قانون العقوبات المصري ،جرائم االعتداء
-د .أحمد العطار ،جرائم اإلعتداء على األموال في القانون المصري ،النسر الذهبي ،بدون تاريخ.
-د.أحمد عوض بالل ،اإلثم الجنائي ،ط ،1دار النهضة العربية 1988 ،م.
-د .أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات الخاص ،ط ، 4دار الطباعة الحديثة 1991 ،م.
-د .أسامة عبد هللا قايد ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،جرائم اإلعتداء على المصلحة العامة
-جودي وانجر جوانز ،جي لي سكلينجتون ،ديفيد وانستين ،باتريشا دروست ،ترجمة مصطفى
الشافعي ،مراجعة التحرير ،أ.د .حامد طاهر ،جامعة القاهرة ،بدون تاريخ.
-د .رؤوف عبيد ،جرائم اإلعتداء على األشخاص واألموال ،ط ، 8دار الفكر العربي 1978 ،م.
-ربا طاهر القليوبي ،حقوق الملكية الفكرية ،تشريعات ،أحكام قضائية ،إتفاقيات دولية ومصطلحات
-د .رضا حمدي المالح ،المالح في شرح الجرائم التعزيرية في المملكة العربية السعودية وذلك وفقا
-د .سليمان عبد المنعم ،النظرية العامة لقانون العقوبات ،دار الجامعة الجديدة للنشر 2000 ،م.
-د .صالح زين الدين ،الملكية الصناعية والتجارية ،براءات اإلختراع ،الرسوم الصناعية ،النماذج
الصناعية ،العالمات التجارية ،البيانات التجارية ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع 2000 ،م.
-د .عاشور عبد الجواد عبد الحميد ،مبادئ القانون التجاري ،األعمال التجارية ،التاجر ،األموال
- 38 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
بين القانونين المصري والفرنسي في ضوء اتفاقية التربس وقواعد منظمة الويبو ،دار النهضة العربية ،
ط2008 ،2م.
-د.عبد الرحيم صدقي ،موسوعة صدقي في القانون الجنائي ،القانون الجنائي والقسم الخاص ،
-د .عبد العزيز خليل إبراهيم بديوي ،األنظمة التجارية والبحرية السعودية ،دار الفكر العربي ،
1984م .
-د .عبد العظيم مرسي وزير ،الشروط المفترضة في الجريمة ،دار النهضة العربية 1984 ،م.
-د.عزت عبد القادر ،شرح أحكام المنازعات التجارية ،ط ، 1بدون دار نشر 1990 ،م.
-د .علي جمال الدين عوض ،الوجيز في القانون التجاري ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،
1975م.
-د .علي حسين الخلف ،د .سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،المكتبة
-د .علي عبد الرحمن العيدان ،انقضاء الدعوى الجنائية الخاصة في الشريعة اإلسالمية وقوانين
وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي ،رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،
-د .عمر السعيد رمضان ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،ط ، 4دار النهضة العربية ،
1977 ، 1976م.
- 39 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
-د.فرحة زراوي صالح ،الكامل في القانون التجاري الجزائري ،المحل التجاري والحقوق الفكرية ،
القسم الثاني ،الحقوق الفكرية ،حقوق الملكية الصناعية والتجارية ،حقوق الملكية األدبية والفنية ،نشر
-د .فوزية عبد الستار ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،ط ، 2دار النهضة العربية 1988 ،م.
-د .ماهر عبد شويش الدرة ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،المكتبة القانونية ،بدون تاريخ.
-د .محمد السيَّد عرفة ،الحماية القانونية للعالمات التجارية طبق لنظام العالمات التجارية السعودية ،
-د .محمد سليمان عبد الرحمن ،الحماية المقررة للعالمات والبيانات التجارية في القانون المصري
-د .محمد هشام أبو الفتوح ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،دار النهضة العربية 1999 ،م.
-د .محمود محمود مصطفى ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،ط ، 2دار النهضة العربية ،بدون
تاريخ.
-د .مصطفى كمال طه ،مقدمة األعمال التجارية والتجار ،الشركات التجارية ،الملكية التجارية
-د .ناصر عبد الحليم السالمات ،الحماية الجزائية للعالمة التجارية ،دار النهضة العربية 2008 ،م.
-د .نزيه محمد الصادق المهدي ،المدخل لدراسة القانون ،الجزء األول ،نظرية القانون ،دار
-د .هاني دويدار ،مقدمة القانون التجاري ،مكتبة اإلشعاع الفنية 1992 ،م .
-د .هاللي عبد الاله أحمد ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،دار النهضة العربية 1988 ،م.
باللغة النجليزية:
- Stephen P. Ladas, Patents, Trademarks, and related rights: National and international protection ,
Harvard University Press, 1975.
- 40 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
الفهرس
Contents
- 41 -
الحماية الجنائية للعالمة التجارية
- 42 -