You are on page 1of 11

‫الفصل األول‪ :‬مدخل للقانون الجنائي لألعمال‬

‫يتحدد نطاق القانون الجنائي لألعمال باألساس من خالل التشريع أوال والفقو ثانيا‪ ،‬فقد أثار‬
‫تحديد مفيومو جدال كبي ار بين الفقياء ارتكز حول تحديد و ضبط نطاقو‪.‬‬
‫فأصبح مصطمح القانون الجنائي لألعمال يثار في كل المجتمعات في وقتنا الحالي‪ ،‬وميما كانت درجة‬
‫تطورىا‪ ،‬وكان ذلك نتيجة لالنفتاح االقتصادي وثورة االتصاالت والتكنولوجيا ودور الشركات التجارية‬
‫الكبير في سرعة المعامالت التجارية بين الدول‪ ،‬األمر الذي أدى الى خمق رابطة طبيعية بين القانون‬
‫واألعمال‪ ،‬وىذه الرابطة توطدت من أجل تصحيح مسار األعمال وضبطو وتالفي القصور ومظاىر‬
‫االنحراف فيو‪ ،‬لتكريس االستقرار وحماية االئتمان والثقة والمصالح االقتصادية واالجتماعية المختمفة‪.‬‬
‫وليستوي فيم ىذا القانون البد من تحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون وبيان‬
‫مصادره‪ ،‬وصوال الى تعريفو وتوضيح الخصائص التي يتميز بو‪ .‬و عميو سنقوم بدراسة ىذا الفصل من‬
‫خالل مبحثين‪ ،‬نخصص المبحث األول لتحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون‬
‫ومصادره‪ ،‬بينما نخصص المبحث الثاني لتعريف القانون الجنائي وبيان خصائصو‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون ومصادره‬
‫سنتناول ىذا المبحث من خالل مطمبين تماشيا مع طبيعتو الخاصة‪ ،‬نخصص المطمب األول‬
‫لتحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون‪ ،‬بينما نخصص المطمب الثاني لتحديد‬
‫مصادر القانون الجنائي لألعمال‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون‬
‫في الحقيقة يصعب عمينا ضبط ىذه المسألة عمى اعتبار أن القانون الجنائي لألعمال يرى فيو‬
‫الكثير من شراح القانون أنو فرع من أىم فروع قانون األعمال‪ ،‬وقانون األعمال يجمع في طياتو مجموعة‬
‫ىائمة من النصوص القانونية الغير منسجمة والمتفرعة بين فروع القانون العام والخاص وما يعكسو ىذا‬
‫التقسيم عمى صياغة قواعده‪ .‬وليذا يرى بعض الفقياء بأن قانون األعمال يتخطى ىذا التقسيم ألن محاولة‬
‫نسبو الى أحد تقسيمات القانون سيفقده مزاياه وجدواه في تنظيم عالم األعمال‪ ،‬ىذه األعمال التي تسعى‬
‫كل فروع القانون بأن يكون ليا يدا في تنظيم ممارساتيا‪ .‬وليذا نرى أن بعض الفقياء نادى بالتمييز بين‬
‫قانون األعمال الخاص وقانون األعمال العام‪ .‬فعمى الرغم أن قواعد القانون التجاري التقميدية القائمة عمى‬
‫الحرية والسرعة تعتبر األساس لقانون األعمال‪ ،‬إال أنيا لم تعد تستوعب شتى القواعد التي بمقدورىا تأمين‬
‫الحماية لممعامالت التجارية والمالية والتي تعتبر مزيجا مختمطا من قواعد القانون العام وقواعد القانون‬
‫الخاص معا‪ 1.‬فقانون األعمال ليس تقنينا مصدره المشرع‪ ،‬بل ىو فكرة قائمة عمى تحديد اطار قانوني‬
‫لجمع مختمف النصوص واألنظمة المطبقة عمى المشروعات التجارية والصناعية‪ ،‬ميما اختمفت في‬
‫طبيعتيا عامة أم خاصة‪ 2.‬فمثال نشاط الشركة ينظميا مجموعة ىائمة من النصوص القانونية والتنظيمية‬
‫التي تنتمي لعدة فروع ( القانون المدني – التجاري – االداري – العمل – البيئة ‪.)...-‬‬
‫فبالمحصمة يعتبر القانون الجنائي لألعمال كفرع من فروع قانون األعمال مجموعة من القواعد القانونية‬
‫التي تنتمي لمنظام القانوني العام لمدولة‪ ،‬فيو مرتبط بغايات عامة وخاصة يسعى المشرع لتحقيقيا وذلك‬
‫تمبية لحماية احتياجات عمى غاية من األىمية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ومالية‪ 3.‬فيو ظاىرة قانونية‬
‫نتجت عن تطور وظيفة القانون الجنائي‪ ،‬الذي يشمل حماية مجموعة من المصالح التجارية واالقتصادية‬
‫المرتبطة بنشاط رجال األعمال‪ 4.‬من ىذا المنطمق يعتبر فرعا خاصا من فروع القانون الجنائي‪ 5.‬والقانون‬

‫‪ -1‬عبد الرؤوف ميدي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪ ،6791‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -2‬سمير عالية‪ ،‬ىيثم عالية‪ ،‬القانون الجزائي لألعمال‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجد لمنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،2162 ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ -3‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬القانون الجنائي للمعامالت التجارية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬القانون الجنائي لمشركات‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،6797 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -4‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الجرائم الضريبية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،6771 ،‬ص ص ‪.69 - 61‬‬
‫‪ -5‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.69 -69‬‬
‫الجنائي بمفيومو الواسع يحتوي عمى نوعين من القواعد‪ ،‬قواعد موضوعية وقواعد شكمية‪ ،‬وتنقسم القواعد‬
‫الموضوعية إلى قواعد موضوعية العامة تيتم بموضوع وعناصر الجريمة بصفة عامة‪ ،‬وتسمى قانون‬
‫العقوبات القسم العام‪ ،‬وقواعد موضوعية خاصة يكون موضوعيا دراسة كل جريمة عمى حدا وتبيان‬
‫عناصرىا والعقوبة المقررة ليا‪ ،‬وتسمى بقانون العقوبات القسم الخاص‪ 6.‬ويطمق عمى القسمين القانون‬
‫الجنائي األساسي كونو ييم جميع أفراد المجتمع وموضوعو عام‪ .‬أما القوانين الجنائية الخاصة فيي التي‬
‫تيتم بموضوع و وقائع محددة وتخاطب أشخاص محددين‪ ،‬وفي بعض األحيان نجد المشرع يحمي‬
‫مصمحة واحدة بعدد من النصوص قد تختمف في تبويبيا في صمب المجموعة الجنائية‪ 7،‬وال يعتبر ذلك‬
‫تك ار ار قانونيا لموضوع الحماية ذاتو بل ىو ينظر الى موضوع الحماية من وجية نظر مختمفة‪ ،‬واألكثر من‬
‫ذلك فإن بعض جرائم القسم الخاص شكمت مرجعا ونموذجا قانونيا لبعض الجرائم في القانون الجنائي‬
‫لألعمال‪ ،‬مثل دور جريمة خيانة األمانة في بمورة جريمة اساءة استعمال أموال الشركة‪ 8.‬وسندرس ذلك‬
‫الحقا بالتفصيل‪ .‬فالمعني الجرمي واحد رغم طابعو التطوري الذي يفرضو كونو ينتمي الى أنظمة قانونية‬
‫مختمفة‪ ،‬كالتقميد الجنائي مثال واختالف موضوعو بين التقميد في القانون الجنائي األساسي تحت عنوان‬
‫جريمة التزوير و التقميد في مادة العالمات التجارية‪ ،‬رغم تطابق الواقعة الجرمية اال أن التجريم في‬
‫النظامين القانونين وطبيعة الحماية مختمفة‪ ،‬األمر الذي أدى الى ضبابية واسعة في تطبيق النصوص في‬
‫الحقيقة‪ ،‬مما دفع القاضي الى االرتكان في تطبيق النصوص المعتاد تطبيقيا ضمن مقتضيات القانون‬
‫الجنائي القسم الخاص من القانون األساسي‪ ،‬في الحاالت المعروضة عميو سواء ارتبطت الجريمة بإحدى‬
‫موضوعات القانون الجنائي لألعمال ام غيرىا‪.‬‬
‫وىذا ما جعل القانون الجنائي لألعمال بأغمب نصوصو الجنائية الخاصة المنتمية لمقوانين الخاصة‬
‫مجيولة لدى المحاكم‪ 9.‬و يبقى لمقانون الجنائي لألعمال نطاقو الخاص‪ ،‬الذي يشمل إجرام المعامالت‬
‫التجارية واالقتصادية والمالية‪ ،‬ويتحدد نطاق تطبيقو من خالل موضوع الجريمة التي يجب أن تنتمي‬
‫باألساس ألحد فروع قانون األعمال‪ .‬ومن ىنا يتضح لنا مدى صعوبة تحديد نطاقو‪ .‬وعمى العموم يتكون‬
‫القانون الجنائي لألعمال من‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائم المرتبط بالشركات التجارية ؛‬

‫‪ -6‬مأمون دمحم سالمة‪ ،‬قانون العقوبات‪ :‬القسم الخاص‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الجرائم المضرة بالمصمحة العامة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سالمة لمنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،2169 ،‬ص ص ‪.1 – 9 ،‬‬
‫‪ -7‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -8‬ابن خدة رضى‪ ،‬محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية‪ ،‬تأصيل وتفصيل‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ ،2162‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -9‬زينب تاغيتا‪ ،‬القانون الجنائي للشركات أية مرجعية قضائية‪ ،‬المجمة المغربية لمقانون الجنائي والعموم الجنائية‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬العدد األول‪ ،2162 ،‬ص ص ‪.626 -621‬‬
‫‪ -‬الجرائم المالية واساءة االئتمان؛‬
‫‪ -‬جرائم المعامالت التجارية بصفة عامة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر القانون الجنائي لألعمال‬
‫من الواضح من خالل ما سبق‪ ،‬أن القانون الجنائي لألعمال تتداخل وتتشارك في تكوينو وتركيب‬
‫قواعده عدة فروع قانونية تسبقو بالوجود تمنحو البناء القانوني الالزم لتحقيق أغراضو‪ .‬وبالتالي فيو يحتاج‬
‫في بنائو الى نفس مصادر القانون التي ساىمت في وجوده وىي المصادر المكتوبة ( الرسمية) والمصادر‬
‫غير المكتوبة‪ .‬ورغم التسميم بان مصادر ىذا القانون ىي المصادر الداخمية التي نقصد بيا التشريع‬
‫والعرف والقضاء‪ ،‬اال أن طبيعة جرائم األعمال بحاجة الى مصادر دولية‪ ،‬من أجل توحيد الجيود لخمق‬
‫قواعد قانونية أكثر فعالية في مواجية ىذه الجرائم‪ ،‬ونخص بالذكر ىنا عمى سبيل المثال جريمة تبيض‬
‫األموال العابرة لمحدود‪ .‬كما أن النشاط الدولي التجاري وتطوره اليائل ال يمكن حصره بالتشريعات الداخمية‬
‫وال يمكن متابعتو أمام القضاء الداخمي وأجيزة المتابعة الداخمية‪.‬‬
‫وىذا ما يفسر كثرة االتفاقيات الدولية من تفادي التنازع في القوانين والحد من الجرائم الممتدة والعالمية في‬
‫المجال التجاري واالقتصادي‪ ،‬مثل اتفاقية جنيف ‪ 6756-6751‬الخاصة بالكمبيالة والشيك والسند ألمر‪،‬‬
‫واتفاقية نيويورك ‪ 6719‬الخاصة بتسوية منازعات االستثمار‪ ،‬واالتفاقيات المتعمقة بمكافحة تبيض‬
‫األموال‪ ،‬واالتفاقيات المتعمقة بحقوق الممكية الفكرية‪ .‬وتنظيم التجارة الدولية ( اتفاقية منظمة التجارة‬
‫العالمية ‪ ،)6772‬والتحكيم الدولي ‪....‬الخ ‪ .‬كما ساعد القضاء الدولي عمى ارساء أعراف دولية لتأسيس‬
‫نماذج موحدة وابرام اتفاقيات تسميم المجرمين ومتابعة الجريمة المنظمة العالمية‪.‬‬
‫و ساىم الفقو الى حد بعيد في توضيح الكثير من المفاىيم الغامضة في قوانين األعمال‪ ،‬واقتراح الحمول‬
‫لممشاكل المستعصية عمى الحل‪ .‬كما أن القانون الجنائي لألعمال جاء بمفاىيم مختمفة ارتكزت عمى‬
‫مصادر من األنظمة القانونية المقارنة‪ ،‬والعرف الدولي‪ ،‬مما منحو ثراء كبي ار في أحكامو‪ ،‬ساىمت الى حد‬
‫‪10‬‬
‫بعيد في توحيد السياسة الجنائية في جرائم األعمال في المنظور الدولي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف القانون الجنائي لألعمال و خصائصو‬


‫سنحاول من خالل ىذا المبحث وبعد أن عرفنا موقعو من تقسيمات القانون والمصادر التي‬
‫تساىم في بنيانو القانوني‪ ،‬الوقوف عمى تعريف القانون الجنائي لألعمال في المطمب األول‪ ،‬بينما‬
‫نخصص المطمب الثاني لبيان خصائص ىذا القانون‪.‬‬

‫‪ – 61‬أنظر عمى سبيل المثال كيف ساىم الفقو الفرنسي في التخفيف من حدة النصوص الجنائية في مجال تسيير‬
‫الشركات التجارية‪ ،‬وتخفيف الزخم اليائل من النصوص التجريمية وحصرىا في الجرائم األكثر خطورة ‪ ،‬وذلك لتشجيع‬
‫االستثمار وحماية لروح المبادرة‪ – .‬سناء الوزيري‪ ،‬السياسة الجنائية في ميدان الشركات التجارية‪ ،‬أطروحة دكتوراه في‬
‫‪.699‬‬ ‫الحقوق‪ ،‬جامعة دمحم الخامس – أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ، 2111 – 2119‬ص ص ‪– 699‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القانون الجنائي لألعمال‬
‫يعتبر ىذا القانون فرعا جديدا من فروع القانون‪ ،‬وىو في حالة تطور دائمة نتيجة لمتطورات اليائمة‬
‫في مجاالت األعمال‪ ،‬كما أنو مرتبط ارتباطا عضويا بقانون األعمال والقانون الجنائي‪ ،‬فيعتبر من‬
‫القوانين المركبة األكثر تعقيدا‪ ،‬كونو يحكم ظواىر غير تقميدية‪ .‬السبب الذي أدى الى خالف فقيي حاد‬
‫حول تعريف ىذا القانون وتحديد موضوعو‪.‬‬
‫وقد تفرق الرأي بين مذىبين رئيسين‪ :‬األول أخذ بالمعيار الموضوعي – والثاني أخذ بالمعيار الشخصي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المعيار الموضوعي‪:‬‬


‫يتحدد تعريف ىذا القانون حسب ىذا المذىب عمى أن موضوع الجريمة إما أن يكون قانونيا أو يكون‬
‫اقتصاديا‪ ،‬واتخذ لذلك عدة معايير‪ ،‬معايير مرتبطة بالجانب االقتصادي‪ ،‬ومعايير متعمقة بالجانب‬
‫القانوني المحض‪.‬‬

‫أ‪ -‬المعايير الموضوعية االقتصادية‪:‬‬


‫وىي بدورىا تتفرع الى معيارين‪ :‬معيار النظام االقتصادي ومعيار المشروع االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -6‬معيار النظام االقتصادي‪:‬‬
‫حسب ىذا المعيار فان المشرع ييدف من العقاب وفقا ليذا القانون الحد من أي اعتداء عمى السياسة‬
‫‪11‬‬
‫االقتصادية لمدولة‪ ،‬التي تسعى من خالليا الى تنظيم انتاج وتوزيع واستخدام وتبادل األموال والخدمات‪.‬‬
‫أي االعتداءات التي تقع عمى النظام االقتصادي الذي قررتو السياسة االقتصادية لمدولة‪12،‬حيث أن‬
‫‪13‬‬
‫وقد عرفت‬ ‫الدولة ىنا في سبيل تنظيم االقتصاد ال تقول ما يجب فعمو وانما كذلك ما ال يجب فعمو‪.‬‬
‫محكمة النقض الفرنسية الجريمة االقتصادية بأنيا " كل اعتداء يقع عمى انتاج أو توزيع أو استيالك السمع‬
‫‪14‬‬
‫وليذا نجد أن الفقو الذي أخذ بيذا المعيار لتعريف‬ ‫والبضائع ووسائل صرف النقود بأشكاليا المختمفة"‬
‫القانون الجنائي لألعمال تبنى الى حد بعيد الى درجة التطابق بينو وبين قانون العقوبات االقتصادي‪.‬‬
‫ومن ىنا فإن األخذ بيذا المعيار يخمق لبسا واضحا في مفيوم القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬كون ىذا المعيار‬
‫واسع جدا وفضفاض‪.‬‬

‫‪ -11‬دمحم عمي سويمم‪ ،‬القانون الجنائي االقتصادي‪ ،‬األحكام الموضوعية والجوانب اإلجرائية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،2169 ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -12‬آمال عثمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات االقتصادية في جرائم التموين‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،6795 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -13‬محمود داوود يعقوب‪ ،‬المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2119‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -14‬ورد ىذا التعريف في‪ - :‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -2‬معيار المشروع االقتصادي‪:‬‬
‫يربط أصحاب ىذا الرأي تعريف القانون الجنائي لألعمال بفكرة المشروع االقتصادي‪ ،‬و مؤدى‬
‫ىذا المعيار أن اجرام األعمال ال يقع إال داخل المشروع‪ ،‬و وفقا لذلك يعرف القانون الجنائي لألعمال‬
‫‪15‬‬
‫( كل إجرام متصور في إطار المشروع لخداع الجميور والدولة والشركاء)‪.‬‬
‫ويشترط أن يكون المشروع حقيقيا غير وىمي‪ ،‬فال يتصور األخذ بيذا المعيار في تعريف القانون الجنائي‬
‫لألعمال إال اذا وقعت جرائم األعمال في إطار مشروع حقيقي‪ ،‬وبالتالي استبعاد الجرائم التي تقع في‬
‫المشروعات الوىمية 'الشركات الوىمية' من إطار ىذا القانون‪ ،‬وتبقى خاضعة في ىذه الحالة لمقواعد‬
‫ويؤخذ عمى ىذا المعيار عدم وضوحو كونو يسمح بدخول جميع الجرائم من‬ ‫‪16‬‬
‫العامة في قانون العقوبات‪.‬‬
‫القانون العام والقوانين الجنائية الخاصة في إطار ىذا الفرع القانوني‪ ،‬بمجرد أن ىذه الجرائم تقع داخل‬
‫المشروع فقط‪ ،‬حتى وان كانت ليس ليا طبيعة المعامالت التجارية في األصل كجريمة السرقة والنصب‬
‫والتحرش ‪ . ...‬ومن جية أخرى ورغم وجاىة ىذا المعيار إال أنو يستبعد طائفة من الجرائم تدخل في‬
‫صميم جرائم األعمال‪ ،‬مثل جريمة تبيض األموال وجرائم العالمات وجرائم البورصة‪ . ....‬ليذا فإن األخذ‬
‫بيذا المعيار الغير واضح والغير مضبوط‪ ،‬سيؤدي إلى عدم القدرة عمى التفرقة بين الجرائم التي يتعمق‬
‫وحسب رأينا أنو يجب ضبط ىذا المعيار وحصره فقط بالجرائم‬ ‫‪17‬‬
‫موضوعيا بقانون األعمال من عدمو‪.‬‬
‫التي تتعمق بسير المشروع وادارتو‪ ،‬فنكون بذلك بصدد جرائم التسيير‪ ،‬التي تعتبر محو ار أساسيا من‬
‫محاور القانون الجنائي لألعمال‪.‬‬
‫ب‪ -‬المعيار الموضوعي القانوني‪:‬‬
‫يرى أصحاب ىذا الرأي لمخروج من االنتقادات التي وجيت الى المعايير الموضوعية االقتصادية‪،‬‬
‫ضرورة اعتماد معيار موضوعي قانوني يقوم عمى عممية تصنيف بتعداد وترتيب جرائم األعمال‪ ،‬وذلك‬
‫‪18‬‬
‫بتحديد نطاق القانون الجنائي لألعمال عن طريق وضع قائمة بقوانين يجمعيا تحت ىذا االسم‪.‬‬
‫وبالتالي نكون بصدد تطبيق ىذا القانون عند وقوع فعل أو اكثر من ىذه األفعال‪ .‬ورغم ما يمتاز بو ىذا‬
‫المعيار من الوضوح والتحديد ولكن يعاب عميو بأنو ال يسمح بتحديد واضح لمضمون ىذا القانون بطريقة‬
‫جامعة مانعة‪ ،‬طالما أننا لسنا ق ادرين عمى إيجاد تقنين خاص يجمع ىذه األفعال الجرمية في تقنين واحد‪.‬‬
‫وليذا سنبقى في عوز مستمر في مواجية االنحرافات المستجدة لصعوبة الكشف عنيا‪ ،‬ليذا يرى االستاذ‬
‫‪ ( Roussel‬أن القانون الجنائي لألعمال يتسم بالتعقيد الفني والجسامة عالوة عمى صعوبة الكشف عن‬

‫‪ -15‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫‪ -16‬دمحم عمي سويمم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪-17‬سمير عالية‪ ،‬ىيثم عالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -18‬دمحم عمي سويمم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪19‬‬
‫وان األخذ بيذا المعيار يخمق تضخما تشريعا واضحا في ميدان األعمال‪ ،‬ويعزو الكثير من‬ ‫الجرائم) ‪.‬‬
‫الباحثين ىذه الظاىرة الى كون التجريم والعقاب في مجال األعمال يضعو تقنيون في كل قطاع من أجل‬
‫احترام المقتضيات المنظمة لو( البورصة‪ -‬الشركات – العالمات التجارية‪ ،)... -‬فيو ليس من صنع‬
‫واضعي القانون الجنائي وحدىم‪ ،‬و واضعي القانون التجاري‪ .‬و ىذا ىو السبب في عدم االنسجام الذي‬
‫يعاني منو قانون األعمال بصفة عامة‪ ،‬والذي ينعكس عمى القانون الجنائي لألعمال باعتباره أىم‬
‫‪20‬‬
‫فروعو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعيار الشخصي‪:‬‬
‫يتجو أنصار ىذا المذىب الى تحديد نطاق ىذا القانون عمى أساس الشخص مرتكب الجريمة‪ ،‬فيروا‬
‫أن اجرام األعمال يخص أشخاص تتوافر فييم بعض المواصفات الخاصة‪ ،‬سواء تعمق األمر بنشاطيم‬
‫الميني أو بنفسية المجرم‪.‬‬
‫أ‪ -‬معيار النشاط الميني لمجرم األعمال‪:‬‬
‫يرى أنصار ىذا الرأي بأن مرتكب ىذا النوع من الجرائم ىو دائما ينتمي الى طائفة محددة من الجناة وىم‬
‫رجال األعمال‪ .‬وأشارت أستاذة القانون الجنائي الفرنسي ‪ " Mireille Delmas Marty‬بأن اجرام‬
‫األعمال ىو اجرام ميني بالدرجة األولى‪ ،‬ومرتكب ىذا النوع من اإلجرام ىو شخص ينتمي الى طائفة‬
‫‪21‬‬
‫ويقال أن صاحب ىذا ال أري ىو العالم اليولندي ‪ Willem Bonger‬في كتابو‬ ‫رجال األعمال"‪،‬‬
‫(اإلجرام والظروف االقتصادية) وعالم اإلجرام األمريكي ‪ Edwin Sutherland‬في نظريتو الشييرة‬
‫(جرائم أصحاب الياقات البيضاء)‪ ،‬وتتمخص نظريتو بأن جرائم األعمال " ىي الجرائم التي ترتكب من‬
‫فيي جرائم طائفة اجتماعية‬ ‫‪22‬‬
‫أشخاص يتمتعون بمركز أو مينة أو وضع مالي مرموق في المجتمع"‪،‬‬
‫معينة منغمقة عمى نفسيا صاحبة نفوذ‪ ،‬تمارس أعماليا بسرية واحترافية‪ ،‬مما يصعب كشف أفعاليم‬
‫المنحرفة‪ ،‬وبالمخالفة يتم استبعاد األشخاص العاديين من قانون األعمال‪ ،‬إال في حالة االشتراك الجرمي‬
‫‪23‬‬
‫ويعاب عمى ىذا المعيار أنو يدخل ضمن جرائم األعمال‪ ،‬جرائم ال تعتبر أصال من جرائم‬ ‫فقط‪.‬‬
‫األعمال‪ ،‬بل اعتبرت كذلك فقط ألن مرتكبيا من طائفة رجال األعمال‪ ،‬وفي ذلك توسيع كبير لجرائم‬

‫‪ -19‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.22 -26‬‬


‫‪-Jean Didier Wilfrid , Le droit pénal des affaires ,Dalloz,paris,1991, p 61.‬‬
‫‪20‬‬

‫‪ -21‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪22‬‬
‫‪-Edmund‬‬ ‫‪W Kitch , Economy crime: Theory, Encyclopedia of crime and justice, the‬‬
‫‪free prees, New York, Vol 2, 1983. - Edwin Sutherland, White Collar Criminality,‬‬
‫‪American Socilogical Review, V 1940, pp 1-12.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪-Mireille Delmas Marty, Droit Pénal des Affaires, 2éme édition, DUF ,Paris, 1981, p44.‬‬
‫األعمال‪ ،‬وخروج واضح عن نطاقيا‪ ،‬مثل جرائم التحرش والزنى والسرقة والسياقة في حالة سكر وغيرىا‬
‫الكثير‪ ،‬والتي يرتكبيا رجال األعمال كثيرا‪ .‬ويأخذ أيضا عمى ىذا المعيار من جية ثانية أنو يضيق من‬
‫نطاق قانون األعمال كونو يستبعد الكثير من الجرائم التي يرتكبيا من ال ينتمي الى ىذه الطائفة مثل‬
‫جرائم النصب وجرائم الصرف وتقميد العالمة التجارية‪. ....‬‬
‫ب‪ -‬معيار السلوك النفسي لمجرم األعمال‪:‬‬
‫يذىب طائفة أخرى من الفقياء الى األخذ بمعيار شخصي آخر متصل بنفسية المجرم‪ ،‬بالوقوف‬
‫‪24‬‬
‫ويميز أصحاب ىذا الرأي بي صنفين من المجرمين‪:‬‬ ‫عمى الدوافع التي تحرك مجرم األعمال‪،‬‬
‫‪ -‬الصنف األول‪ :‬يشمل األشخاص الذين دخموا حياتيم المينية بطريقة تخالف القانون‪ ،‬مثل مبيضي‬
‫األموال و النصابين‪.‬‬
‫‪ -‬الصنف الثاني‪ :‬يشمل أشخاص كانوا شرفاء في بداية حياتيم العممية‪ ،‬ومن ثم تعرضوا لصعوبات‬
‫‪25‬‬
‫صادفتيم بحياتيم العممية‪.‬‬
‫ويعتبر أنصار ىذا المعيار بأن النوع الثاني ىم وحدىم مجرمي األعمال‪ ،‬كما يركز الفقيو ‪Jean‬‬
‫‪ Largiuer‬عمى عبارات تدور جميعيا حول الجانب النفسي لممجرم‪ ،‬مثل انعدام المشاعر واألحاسيس‬
‫‪26‬‬
‫التي تحرك رجال األعمال والشعور باإلشفاق تجاه اآلخرين األقل ثراء وغنى‪.‬‬
‫الخالصة‪:‬‬
‫ما يالحظ أن األخذ بكل معيار من ىذه المعيار‪ ،‬سواء الموضوعية أو الشخصية‪ ،‬عمى حدا يجعل‬
‫التعريف بيذا القانون غير كامل‪ ،‬و قد يخرج الكثير من السموكات من نطاقو والتي تعتبر من صميم‬
‫القانون الجنائي لألعمال‪ .‬ومن جية أخرى إن األخذ بكل المعايير معا يعاب عميو أنو قد يشمل جرائم تقع‬
‫من أشخاص ليس ليم أي عالقة بعالم األعمال‪ ،‬ويدخل جرائم ال ترتبط بمجال األعمال‪ .‬مع التسميم‬
‫باستحالة األخذ بيم معا من الناحية العممية نظ ار لالختالف الواضح في مضمون ومنطق كل معيار‪ .‬مما‬
‫جعل بعض الفقياء يطرحون تساؤل في غاية األىمية ىل يوجد قانون جنائي لألعمال فعال ؟ ىل ىذا‬
‫القانون حقيقة أم خيال؟‬
‫أن أغمب الدراسات القانونية و األكاديمية وعمى وجو الخصوص في فرنسا تعتمد في دراسة ىذا القانون‬
‫عمى المعيار الموضوعي القانوني‪ ،‬وذلك لواقعيتو العممية‪ ،‬بحيث تقوم عمى معيار التعداد و الترتيب‬
‫لمجرائم المتعمقة بشكل مباشر بميدان األعمال ميما كان مكان ىذه النصوص‪.‬‬
‫و بناء عمى ذلك نستطيع القول بأن جرائم األعمال يقصد بيا ( تمك األفعال الغير مشروعة التي ترتكب‬

‫‪ -24‬دمحم عمي سويمم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ -25‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪26‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Jean Largiuer, Droit Pénal des Affaires, Armand colin, Collection, 8éme Edition, Paris,‬‬
‫‪1992, pp 7-12.‬‬
‫عند مباشرة المعامالت التجارية ويؤدي الى االضرار أو التيديد بالضرر بسالمة المعامالت التجارية‬
‫‪27‬‬
‫واالقتصادية والمالية)‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص القانون الجنائي لألعمال‬
‫يتميز القانون الجنائي لألعمال بميزات وخصائص عديدة تجعمو ينفرد بطبيعة خاصة متربطة‬
‫أساسا بالخصائص المميزة لقانون األعمال الرتباطو العضوي بو‪ .‬ونستطيع أن نوجزىا عمى النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬جرائم القانون الجنائي لألعمال ىي جرائم مصطنعة قانونية‪:‬‬
‫ينبغي التمييز بين الجريمة كونيا ظاىرة اجتماعية وكونيا ظاىرة قانونية‪ ،‬فتكون الجريمة ظاىرة‬
‫اجتماعية " وىي الجرائم الطبيعية " عندما تعرف عمى أنيا تتناول عالجا لظاىرة اجتماعية مخالفة لقيم‬
‫المجتمع االخالقية والتي ليا عنصر الثبات والعمومية‪ ،‬فتأتي القاعدة الجنائية منسجمة مع مطالب‬
‫المجتمع‪ ،‬و تتكون من شقين‪ ،‬شق التكميف وشق الجزاء‪ .‬كجرائم القتل والسرقة واآلداب العامة‪ .‬أما كون‬
‫الجريمة ظاىرة قانونية فيعني ذلك أنيا من صنع القانون فالجريمة ىنا جريمة مصطنعة يخمقيا القانون من‬
‫العدم لمواجية خرق األفراد لسياسات الدولة التنظيمية‪ .‬فغالبا يكون التكميف فييا تردادا اللتزام تقرره قاعدة‬
‫‪28‬‬
‫و إن جرائم األعمال ال تنتمي الى فئة‬ ‫غير جنائية‪ ،‬مما يضفي عمى الفعل صفة عدم المشروعية‪.‬‬
‫الجرائم التقميدية‪ ،‬كونيا متطورة باستمرار‪ ،‬ويغمب عمييا الطابع التنظيمي‪ ،‬كالقانون الجنائي لمشركات مثال‪.‬‬
‫وقانون األعمال نفسو نشأ نتيجة التطور االقتصادي والمالي المستمر‪.‬‬
‫‪ -2‬جرائم األعمال جرائم تقنية‪:‬‬
‫تتخذ ىذه الجرائم صورة منظمة‪ ،‬فيي جرائم تقنية تتضمن صورة من صور التنظيم‪ ،‬بين أطراف‬
‫ترتكب ىذه األعمال اإلجرامية‪ .‬و بخالف اإلجرام العادي فإن مرتكبي ىذا النوع من اإلجرام غالبا ما‬
‫ويرتكبون جرائميم ببراعة‪ ،‬ويستعممون معمومات ووسائل‬ ‫‪29‬‬
‫يكونون من ذوي مكانة اجتماعية ومالية عالية‪،‬‬
‫‪30‬‬
‫وخير مثال عمى ذلك جرائم تسيير الشركات وجرائم‬ ‫متطورة‪ ،‬في إطار من السرية والكتمان والمينية‪.‬‬
‫البورصة و مراقبي الحسابات وجرائم تبيض األموال ‪. ......‬‬

‫‪ -27‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ -28‬دمحم عبد المطيف عبد العال‪ ،‬الجرائم المادية وطبيعة المسؤولية الناشئة عنيا‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،6779 ،‬‬
‫ص ‪ -.619‬عبد العظيم وزير‪ ،‬الشروط المفترضة في الجريمة‪ ،‬دراسة تحليلية تأصيلية‪ ،‬دار النيضة العربية‪،6795 ،‬‬
‫ص ‪.59‬‬
‫‪ -29‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -‬ابن خدة رضى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.627‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪ -3‬جرائم األعمال جرائم ذات طابع اقتصادي و مالي‪:‬‬
‫يمتد نطاقيا ليشمل أنشطة اقتصادية ومالية متعددة‪ ،‬و المصالح التي تحمييا مصالح اقتصادية‬
‫وتجارية ومالية محضة‪ 31.‬كما أن المجرم فييا يسعى دائما لتحقيق منافع مادية‪.‬‬
‫‪ -4‬القانون الجنائي لألعمال قانون غير مقنن‪:‬‬
‫ال يوجد قانون مقنن يسمى القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬بل ىو عبارة عن مجموعة كبيرة من‬
‫النصوص المشتتة والمتناثرة في مجموعة من القوانين الخاصة‪ ،‬كالقانون التجاري‪ ،‬وقانون البورصة‪،‬‬
‫‪32‬‬
‫وقانون العالمات التجارية‪ ....... ،‬باإلضافة إلى قانون العقوبات األساسي‪.‬‬
‫‪ -5‬القانون الجنائي لألعمال ذو طبيعة قانونية مميزة‪:‬‬
‫ذىب جانب من الفقو الى وجود فروع لمقانون الجنائي لألعمال‪ ،‬تتعدد عمى حسب المصمحة‬
‫المراد حمايتيا‪ ،‬فيناك قانون جنائي مالي عندما يحمي المصالح المالية‪ ،‬وىناك قانون جنائي تجاري وىو‬
‫الذي ييتم بحماية المصالح التجارية‪ ،‬وقانون جنائي اقتصادي عندما يحمي المصالح االقتصادية‪ ،‬فالقانون‬
‫الجنائي لألعمال يحمي مصالح متنوعة ومتداخمة‪.‬‬
‫ويرى األستاذ أحمد فتحي سرور أن المعيار القانوني المعتبر ىنا لوجود ىذه القوانين الخاصة ىو‬
‫ضرورة تحررىا من بعض المبادئ التي يقوم عمييا القسم العام من قانون العقوبات‪ 33.‬إذ أن األمر يحتاج‬
‫تدخل تشريعي إلفراد ىذه النصوص عن غيرىا من النصوص‪ ،‬خاصة عندما يصعب تصور تجريم‬
‫نصوص آمرة‪ ،‬وعدم القدرة عمى اإلحالة من القوانين الخاصة التي تنتمي لنظام قانوني خاص (كالنظام‬
‫القانوني لمبورصة مثال) الى قانون العقوبات األساسي‪ ،‬بسبب الطبيعة الخاصة ليذه القوانين ونوع‬
‫وىذا ىو االتجاه السائد في الفقو المقارن ويسمى ذلك باالستقالل القانوني لمفروع‬ ‫‪34‬‬
‫المصالح التي تحمييا‪.‬‬
‫القانونية التي تمكن المشرع من مواجية األفعال الجديدة الناتجة عن تطور الظواىر اإلجرامية والتي ال‬
‫‪35‬‬
‫يستطيع وفقا لمقانون الجنائي التقميدي مجاراتيا لتميزه باالستقرار والثبات وعدم قابميتو لمتغير‪.‬‬
‫وىناك من ينكر ىذه االستقاللية لمقانون الجنائي لألعمال عمى أساس أنو يفتقد االستقالل التشريعي‪ ،‬فميس‬
‫ىناك قانون بيذا االسم ( تقنين) بشكل مستقل‪ ،‬وأكثر ما في األمر حسب أصحاب ىذا الرأي بأن ىذا‬
‫القانون يتمتع باستقالل عممي فقط‪ ،‬فمن خالل الدراسات حول الموضوع النقدية و التحميمية ترسخ في‬

‫‪31‬‬
‫‪- Mireille Delmas Marty, OP. Cit, p 6.‬‬
‫‪- Jean Largiuer, OP. Cit, p p 10 – 11.‬‬
‫‪32‬‬

‫‪ -33‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في قانون العقوبات‪ :‬القسم العام‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪ ، 2169‬ص ص ‪.69 -61‬‬
‫‪ -34‬غنام دمحم غنام‪ ،‬الحماية الجنائية لالدخار العام في شركات المساىمة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،6799 ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -35‬عادل عبد السميع عبد الفتاح الغرباوي‪ ،‬الحماية الجنائية للشركات التجارية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كمية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاىرة‪ ،2119 ،‬ص ص ‪.96 – 91‬‬
‫وىناك من ينكر فكرة التفرع القانوني أصال ويتمسك بفكرة وحدة النظام‬ ‫‪36‬‬
‫األذىان وجود ىذا القانون‪.‬‬
‫القانوني الجنائي‪ ،‬حتى لو تفرع في عدة قوانين أخرى تمثل في النياية النظام القانوني لمدولة‪.‬‬
‫ومع وجاىة جميع اآلراء السابقة إال أن الفقو في غالبو يرجح أن ىذا القانون يدخل ضمن طائفة القوانين‬
‫الجنائية الخاصة‪ ،‬رغم تداخمو في حماية مصالح اقتصادية وتجارية ومالية متنوعة تحت طائمة العقاب‬
‫و أن مصدر ىذه الخصوصية ليس في وضعيا في قانون خاص أو‬ ‫‪37‬‬
‫الجنائي لفرض القواعد التنظيمية‪.‬‬
‫في معالجتيا كموضوع عممي مستقل‪ ،‬وانما في استقالليا القاعدي بمبادئ قانونية مميزة‪ ،‬ووظيفة جنائية‬
‫خاصة‪ .‬و ىذا ال يعني قطع الصمة مع قانون العقوبات األساسي بل يبقى القانون األساسي ىو األصل‬
‫‪38‬‬
‫الذي نعود إليو كمما تعرضنا لنقص ضمن القوانين الخاصة في تنظيم وفيم مسائل معينة‪.‬‬

‫خالصة الفصل‬
‫بينا من خالل دراسة ىذا الفصل‪ ،‬مقومات القانون الجنائي لألعمال‪ ،‬وحاولنا ابراز المعايير التي‬
‫أعتمد عمييا الفقو لتحديد نطاق ىذا القانون وتعريفيو‪ ،‬وتوقفنا عند أىم الخصائص التي تميزه‪ ،‬وذلك كمو‬
‫ليساعدنا في فيم ىذا القانون‪ ،‬ومعرفة متى نكون بصدد جريمة من جرائم األعمال عمى وجو الدقة‪.‬‬
‫وسنسعى من خالل ذلك الى دراسة بعض النماذج من جرائم األعمال‪ ،‬سواء التي تنتمي إلى القانون‬
‫األساسي أو التي تنتمي إلى بعض القوانين الخاصة‪.‬‬

‫‪ -36‬ابن خدة رضى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.97 – 99‬‬


‫‪ -37‬حسني أحمد الجندي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -38‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الجرائم الضريبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

You might also like