Professional Documents
Culture Documents
مدخل للقانون الجنائي للأعمال
مدخل للقانون الجنائي للأعمال
يتحدد نطاق القانون الجنائي لألعمال باألساس من خالل التشريع أوال والفقو ثانيا ،فقد أثار
تحديد مفيومو جدال كبي ار بين الفقياء ارتكز حول تحديد و ضبط نطاقو.
فأصبح مصطمح القانون الجنائي لألعمال يثار في كل المجتمعات في وقتنا الحالي ،وميما كانت درجة
تطورىا ،وكان ذلك نتيجة لالنفتاح االقتصادي وثورة االتصاالت والتكنولوجيا ودور الشركات التجارية
الكبير في سرعة المعامالت التجارية بين الدول ،األمر الذي أدى الى خمق رابطة طبيعية بين القانون
واألعمال ،وىذه الرابطة توطدت من أجل تصحيح مسار األعمال وضبطو وتالفي القصور ومظاىر
االنحراف فيو ،لتكريس االستقرار وحماية االئتمان والثقة والمصالح االقتصادية واالجتماعية المختمفة.
وليستوي فيم ىذا القانون البد من تحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون وبيان
مصادره ،وصوال الى تعريفو وتوضيح الخصائص التي يتميز بو .و عميو سنقوم بدراسة ىذا الفصل من
خالل مبحثين ،نخصص المبحث األول لتحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون
ومصادره ،بينما نخصص المبحث الثاني لتعريف القانون الجنائي وبيان خصائصو.
المبحث األول :موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون ومصادره
سنتناول ىذا المبحث من خالل مطمبين تماشيا مع طبيعتو الخاصة ،نخصص المطمب األول
لتحديد موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون ،بينما نخصص المطمب الثاني لتحديد
مصادر القانون الجنائي لألعمال.
المطلب األول :موقع القانون الجنائي لألعمال من تقسيمات القانون
في الحقيقة يصعب عمينا ضبط ىذه المسألة عمى اعتبار أن القانون الجنائي لألعمال يرى فيو
الكثير من شراح القانون أنو فرع من أىم فروع قانون األعمال ،وقانون األعمال يجمع في طياتو مجموعة
ىائمة من النصوص القانونية الغير منسجمة والمتفرعة بين فروع القانون العام والخاص وما يعكسو ىذا
التقسيم عمى صياغة قواعده .وليذا يرى بعض الفقياء بأن قانون األعمال يتخطى ىذا التقسيم ألن محاولة
نسبو الى أحد تقسيمات القانون سيفقده مزاياه وجدواه في تنظيم عالم األعمال ،ىذه األعمال التي تسعى
كل فروع القانون بأن يكون ليا يدا في تنظيم ممارساتيا .وليذا نرى أن بعض الفقياء نادى بالتمييز بين
قانون األعمال الخاص وقانون األعمال العام .فعمى الرغم أن قواعد القانون التجاري التقميدية القائمة عمى
الحرية والسرعة تعتبر األساس لقانون األعمال ،إال أنيا لم تعد تستوعب شتى القواعد التي بمقدورىا تأمين
الحماية لممعامالت التجارية والمالية والتي تعتبر مزيجا مختمطا من قواعد القانون العام وقواعد القانون
الخاص معا 1.فقانون األعمال ليس تقنينا مصدره المشرع ،بل ىو فكرة قائمة عمى تحديد اطار قانوني
لجمع مختمف النصوص واألنظمة المطبقة عمى المشروعات التجارية والصناعية ،ميما اختمفت في
طبيعتيا عامة أم خاصة 2.فمثال نشاط الشركة ينظميا مجموعة ىائمة من النصوص القانونية والتنظيمية
التي تنتمي لعدة فروع ( القانون المدني – التجاري – االداري – العمل – البيئة .)...-
فبالمحصمة يعتبر القانون الجنائي لألعمال كفرع من فروع قانون األعمال مجموعة من القواعد القانونية
التي تنتمي لمنظام القانوني العام لمدولة ،فيو مرتبط بغايات عامة وخاصة يسعى المشرع لتحقيقيا وذلك
تمبية لحماية احتياجات عمى غاية من األىمية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ومالية 3.فيو ظاىرة قانونية
نتجت عن تطور وظيفة القانون الجنائي ،الذي يشمل حماية مجموعة من المصالح التجارية واالقتصادية
المرتبطة بنشاط رجال األعمال 4.من ىذا المنطمق يعتبر فرعا خاصا من فروع القانون الجنائي 5.والقانون
-1عبد الرؤوف ميدي ،المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية في القانون المقارن ،مطبعة المدني ،القاىرة،
،6791ص .79
-2سمير عالية ،ىيثم عالية ،القانون الجزائي لألعمال ،دراسة مقارنة ،مجد لمنشر والتوزيع ،بيروت ،2162 ،ص.95
-3حسني أحمد الجندي ،القانون الجنائي للمعامالت التجارية ،الكتاب األول ،القانون الجنائي لمشركات ،دار النيضة
العربية ،القاىرة ،6797 ،ص .27
-4أحمد فتحي سرور ،الجرائم الضريبية ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،6771 ،ص ص .69 - 61
-5حسني أحمد الجندي ،مرجع سابق ،ص ص .69 -69
الجنائي بمفيومو الواسع يحتوي عمى نوعين من القواعد ،قواعد موضوعية وقواعد شكمية ،وتنقسم القواعد
الموضوعية إلى قواعد موضوعية العامة تيتم بموضوع وعناصر الجريمة بصفة عامة ،وتسمى قانون
العقوبات القسم العام ،وقواعد موضوعية خاصة يكون موضوعيا دراسة كل جريمة عمى حدا وتبيان
عناصرىا والعقوبة المقررة ليا ،وتسمى بقانون العقوبات القسم الخاص 6.ويطمق عمى القسمين القانون
الجنائي األساسي كونو ييم جميع أفراد المجتمع وموضوعو عام .أما القوانين الجنائية الخاصة فيي التي
تيتم بموضوع و وقائع محددة وتخاطب أشخاص محددين ،وفي بعض األحيان نجد المشرع يحمي
مصمحة واحدة بعدد من النصوص قد تختمف في تبويبيا في صمب المجموعة الجنائية 7،وال يعتبر ذلك
تك ار ار قانونيا لموضوع الحماية ذاتو بل ىو ينظر الى موضوع الحماية من وجية نظر مختمفة ،واألكثر من
ذلك فإن بعض جرائم القسم الخاص شكمت مرجعا ونموذجا قانونيا لبعض الجرائم في القانون الجنائي
لألعمال ،مثل دور جريمة خيانة األمانة في بمورة جريمة اساءة استعمال أموال الشركة 8.وسندرس ذلك
الحقا بالتفصيل .فالمعني الجرمي واحد رغم طابعو التطوري الذي يفرضو كونو ينتمي الى أنظمة قانونية
مختمفة ،كالتقميد الجنائي مثال واختالف موضوعو بين التقميد في القانون الجنائي األساسي تحت عنوان
جريمة التزوير و التقميد في مادة العالمات التجارية ،رغم تطابق الواقعة الجرمية اال أن التجريم في
النظامين القانونين وطبيعة الحماية مختمفة ،األمر الذي أدى الى ضبابية واسعة في تطبيق النصوص في
الحقيقة ،مما دفع القاضي الى االرتكان في تطبيق النصوص المعتاد تطبيقيا ضمن مقتضيات القانون
الجنائي القسم الخاص من القانون األساسي ،في الحاالت المعروضة عميو سواء ارتبطت الجريمة بإحدى
موضوعات القانون الجنائي لألعمال ام غيرىا.
وىذا ما جعل القانون الجنائي لألعمال بأغمب نصوصو الجنائية الخاصة المنتمية لمقوانين الخاصة
مجيولة لدى المحاكم 9.و يبقى لمقانون الجنائي لألعمال نطاقو الخاص ،الذي يشمل إجرام المعامالت
التجارية واالقتصادية والمالية ،ويتحدد نطاق تطبيقو من خالل موضوع الجريمة التي يجب أن تنتمي
باألساس ألحد فروع قانون األعمال .ومن ىنا يتضح لنا مدى صعوبة تحديد نطاقو .وعمى العموم يتكون
القانون الجنائي لألعمال من:
-الجرائم المرتبط بالشركات التجارية ؛
-6مأمون دمحم سالمة ،قانون العقوبات :القسم الخاص ،الجزء األول ،الجرائم المضرة بالمصمحة العامة ،الطبعة األولى،
سالمة لمنشر والتوزيع ،القاىرة ،2169 ،ص ص .1 – 9 ،
-7المرجع نفسو ،ص .66
-8ابن خدة رضى ،محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية ،تأصيل وتفصيل ،الطبعة الثانية ،دار السالم ،الرباط،
،2162ص .96
-9زينب تاغيتا ،القانون الجنائي للشركات أية مرجعية قضائية ،المجمة المغربية لمقانون الجنائي والعموم الجنائية،
المغرب ،العدد األول ،2162 ،ص ص .626 -621
-الجرائم المالية واساءة االئتمان؛
-جرائم المعامالت التجارية بصفة عامة.
المطلب الثاني :مصادر القانون الجنائي لألعمال
من الواضح من خالل ما سبق ،أن القانون الجنائي لألعمال تتداخل وتتشارك في تكوينو وتركيب
قواعده عدة فروع قانونية تسبقو بالوجود تمنحو البناء القانوني الالزم لتحقيق أغراضو .وبالتالي فيو يحتاج
في بنائو الى نفس مصادر القانون التي ساىمت في وجوده وىي المصادر المكتوبة ( الرسمية) والمصادر
غير المكتوبة .ورغم التسميم بان مصادر ىذا القانون ىي المصادر الداخمية التي نقصد بيا التشريع
والعرف والقضاء ،اال أن طبيعة جرائم األعمال بحاجة الى مصادر دولية ،من أجل توحيد الجيود لخمق
قواعد قانونية أكثر فعالية في مواجية ىذه الجرائم ،ونخص بالذكر ىنا عمى سبيل المثال جريمة تبيض
األموال العابرة لمحدود .كما أن النشاط الدولي التجاري وتطوره اليائل ال يمكن حصره بالتشريعات الداخمية
وال يمكن متابعتو أمام القضاء الداخمي وأجيزة المتابعة الداخمية.
وىذا ما يفسر كثرة االتفاقيات الدولية من تفادي التنازع في القوانين والحد من الجرائم الممتدة والعالمية في
المجال التجاري واالقتصادي ،مثل اتفاقية جنيف 6756-6751الخاصة بالكمبيالة والشيك والسند ألمر،
واتفاقية نيويورك 6719الخاصة بتسوية منازعات االستثمار ،واالتفاقيات المتعمقة بمكافحة تبيض
األموال ،واالتفاقيات المتعمقة بحقوق الممكية الفكرية .وتنظيم التجارة الدولية ( اتفاقية منظمة التجارة
العالمية ،)6772والتحكيم الدولي ....الخ .كما ساعد القضاء الدولي عمى ارساء أعراف دولية لتأسيس
نماذج موحدة وابرام اتفاقيات تسميم المجرمين ومتابعة الجريمة المنظمة العالمية.
و ساىم الفقو الى حد بعيد في توضيح الكثير من المفاىيم الغامضة في قوانين األعمال ،واقتراح الحمول
لممشاكل المستعصية عمى الحل .كما أن القانون الجنائي لألعمال جاء بمفاىيم مختمفة ارتكزت عمى
مصادر من األنظمة القانونية المقارنة ،والعرف الدولي ،مما منحو ثراء كبي ار في أحكامو ،ساىمت الى حد
10
بعيد في توحيد السياسة الجنائية في جرائم األعمال في المنظور الدولي.
– 61أنظر عمى سبيل المثال كيف ساىم الفقو الفرنسي في التخفيف من حدة النصوص الجنائية في مجال تسيير
الشركات التجارية ،وتخفيف الزخم اليائل من النصوص التجريمية وحصرىا في الجرائم األكثر خطورة ،وذلك لتشجيع
االستثمار وحماية لروح المبادرة – .سناء الوزيري ،السياسة الجنائية في ميدان الشركات التجارية ،أطروحة دكتوراه في
.699 الحقوق ،جامعة دمحم الخامس – أكدال ،الرباط ،السنة الدراسية ، 2111 – 2119ص ص – 699
المطلب األول :تعريف القانون الجنائي لألعمال
يعتبر ىذا القانون فرعا جديدا من فروع القانون ،وىو في حالة تطور دائمة نتيجة لمتطورات اليائمة
في مجاالت األعمال ،كما أنو مرتبط ارتباطا عضويا بقانون األعمال والقانون الجنائي ،فيعتبر من
القوانين المركبة األكثر تعقيدا ،كونو يحكم ظواىر غير تقميدية .السبب الذي أدى الى خالف فقيي حاد
حول تعريف ىذا القانون وتحديد موضوعو.
وقد تفرق الرأي بين مذىبين رئيسين :األول أخذ بالمعيار الموضوعي – والثاني أخذ بالمعيار الشخصي.
-11دمحم عمي سويمم ،القانون الجنائي االقتصادي ،األحكام الموضوعية والجوانب اإلجرائية ،دار المطبوعات الجامعية ،
االسكندرية ،2169 ،ص .92
-12آمال عثمان ،شرح قانون العقوبات االقتصادية في جرائم التموين ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،6795 ،ص .51
-13محمود داوود يعقوب ،المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي ،دراسة مقارنة ،منشورات الحمبي الحقوقية ،بيروت،
،2119ص .25
-14ورد ىذا التعريف في - :حسني أحمد الجندي ،مرجع سابق ،ص .69
-2معيار المشروع االقتصادي:
يربط أصحاب ىذا الرأي تعريف القانون الجنائي لألعمال بفكرة المشروع االقتصادي ،و مؤدى
ىذا المعيار أن اجرام األعمال ال يقع إال داخل المشروع ،و وفقا لذلك يعرف القانون الجنائي لألعمال
15
( كل إجرام متصور في إطار المشروع لخداع الجميور والدولة والشركاء).
ويشترط أن يكون المشروع حقيقيا غير وىمي ،فال يتصور األخذ بيذا المعيار في تعريف القانون الجنائي
لألعمال إال اذا وقعت جرائم األعمال في إطار مشروع حقيقي ،وبالتالي استبعاد الجرائم التي تقع في
المشروعات الوىمية 'الشركات الوىمية' من إطار ىذا القانون ،وتبقى خاضعة في ىذه الحالة لمقواعد
ويؤخذ عمى ىذا المعيار عدم وضوحو كونو يسمح بدخول جميع الجرائم من 16
العامة في قانون العقوبات.
القانون العام والقوانين الجنائية الخاصة في إطار ىذا الفرع القانوني ،بمجرد أن ىذه الجرائم تقع داخل
المشروع فقط ،حتى وان كانت ليس ليا طبيعة المعامالت التجارية في األصل كجريمة السرقة والنصب
والتحرش . ...ومن جية أخرى ورغم وجاىة ىذا المعيار إال أنو يستبعد طائفة من الجرائم تدخل في
صميم جرائم األعمال ،مثل جريمة تبيض األموال وجرائم العالمات وجرائم البورصة . ....ليذا فإن األخذ
بيذا المعيار الغير واضح والغير مضبوط ،سيؤدي إلى عدم القدرة عمى التفرقة بين الجرائم التي يتعمق
وحسب رأينا أنو يجب ضبط ىذا المعيار وحصره فقط بالجرائم 17
موضوعيا بقانون األعمال من عدمو.
التي تتعمق بسير المشروع وادارتو ،فنكون بذلك بصدد جرائم التسيير ،التي تعتبر محو ار أساسيا من
محاور القانون الجنائي لألعمال.
ب -المعيار الموضوعي القانوني:
يرى أصحاب ىذا الرأي لمخروج من االنتقادات التي وجيت الى المعايير الموضوعية االقتصادية،
ضرورة اعتماد معيار موضوعي قانوني يقوم عمى عممية تصنيف بتعداد وترتيب جرائم األعمال ،وذلك
18
بتحديد نطاق القانون الجنائي لألعمال عن طريق وضع قائمة بقوانين يجمعيا تحت ىذا االسم.
وبالتالي نكون بصدد تطبيق ىذا القانون عند وقوع فعل أو اكثر من ىذه األفعال .ورغم ما يمتاز بو ىذا
المعيار من الوضوح والتحديد ولكن يعاب عميو بأنو ال يسمح بتحديد واضح لمضمون ىذا القانون بطريقة
جامعة مانعة ،طالما أننا لسنا ق ادرين عمى إيجاد تقنين خاص يجمع ىذه األفعال الجرمية في تقنين واحد.
وليذا سنبقى في عوز مستمر في مواجية االنحرافات المستجدة لصعوبة الكشف عنيا ،ليذا يرى االستاذ
( Rousselأن القانون الجنائي لألعمال يتسم بالتعقيد الفني والجسامة عالوة عمى صعوبة الكشف عن
23
-Mireille Delmas Marty, Droit Pénal des Affaires, 2éme édition, DUF ,Paris, 1981, p44.
األعمال ،وخروج واضح عن نطاقيا ،مثل جرائم التحرش والزنى والسرقة والسياقة في حالة سكر وغيرىا
الكثير ،والتي يرتكبيا رجال األعمال كثيرا .ويأخذ أيضا عمى ىذا المعيار من جية ثانية أنو يضيق من
نطاق قانون األعمال كونو يستبعد الكثير من الجرائم التي يرتكبيا من ال ينتمي الى ىذه الطائفة مثل
جرائم النصب وجرائم الصرف وتقميد العالمة التجارية. ....
ب -معيار السلوك النفسي لمجرم األعمال:
يذىب طائفة أخرى من الفقياء الى األخذ بمعيار شخصي آخر متصل بنفسية المجرم ،بالوقوف
24
ويميز أصحاب ىذا الرأي بي صنفين من المجرمين: عمى الدوافع التي تحرك مجرم األعمال،
-الصنف األول :يشمل األشخاص الذين دخموا حياتيم المينية بطريقة تخالف القانون ،مثل مبيضي
األموال و النصابين.
-الصنف الثاني :يشمل أشخاص كانوا شرفاء في بداية حياتيم العممية ،ومن ثم تعرضوا لصعوبات
25
صادفتيم بحياتيم العممية.
ويعتبر أنصار ىذا المعيار بأن النوع الثاني ىم وحدىم مجرمي األعمال ،كما يركز الفقيو Jean
Largiuerعمى عبارات تدور جميعيا حول الجانب النفسي لممجرم ،مثل انعدام المشاعر واألحاسيس
26
التي تحرك رجال األعمال والشعور باإلشفاق تجاه اآلخرين األقل ثراء وغنى.
الخالصة:
ما يالحظ أن األخذ بكل معيار من ىذه المعيار ،سواء الموضوعية أو الشخصية ،عمى حدا يجعل
التعريف بيذا القانون غير كامل ،و قد يخرج الكثير من السموكات من نطاقو والتي تعتبر من صميم
القانون الجنائي لألعمال .ومن جية أخرى إن األخذ بكل المعايير معا يعاب عميو أنو قد يشمل جرائم تقع
من أشخاص ليس ليم أي عالقة بعالم األعمال ،ويدخل جرائم ال ترتبط بمجال األعمال .مع التسميم
باستحالة األخذ بيم معا من الناحية العممية نظ ار لالختالف الواضح في مضمون ومنطق كل معيار .مما
جعل بعض الفقياء يطرحون تساؤل في غاية األىمية ىل يوجد قانون جنائي لألعمال فعال ؟ ىل ىذا
القانون حقيقة أم خيال؟
أن أغمب الدراسات القانونية و األكاديمية وعمى وجو الخصوص في فرنسا تعتمد في دراسة ىذا القانون
عمى المعيار الموضوعي القانوني ،وذلك لواقعيتو العممية ،بحيث تقوم عمى معيار التعداد و الترتيب
لمجرائم المتعمقة بشكل مباشر بميدان األعمال ميما كان مكان ىذه النصوص.
و بناء عمى ذلك نستطيع القول بأن جرائم األعمال يقصد بيا ( تمك األفعال الغير مشروعة التي ترتكب
31
- Mireille Delmas Marty, OP. Cit, p 6.
- Jean Largiuer, OP. Cit, p p 10 – 11.
32
-33أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات :القسم العام ،الطبعة السادسة ،دار النيضة العربية ،القاىرة،
، 2169ص ص .69 -61
-34غنام دمحم غنام ،الحماية الجنائية لالدخار العام في شركات المساىمة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،6799 ،ص .7
-35عادل عبد السميع عبد الفتاح الغرباوي ،الحماية الجنائية للشركات التجارية :دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه ،كمية
الحقوق ،جامعة القاىرة ،2119 ،ص ص .96 – 91
وىناك من ينكر فكرة التفرع القانوني أصال ويتمسك بفكرة وحدة النظام 36
األذىان وجود ىذا القانون.
القانوني الجنائي ،حتى لو تفرع في عدة قوانين أخرى تمثل في النياية النظام القانوني لمدولة.
ومع وجاىة جميع اآلراء السابقة إال أن الفقو في غالبو يرجح أن ىذا القانون يدخل ضمن طائفة القوانين
الجنائية الخاصة ،رغم تداخمو في حماية مصالح اقتصادية وتجارية ومالية متنوعة تحت طائمة العقاب
و أن مصدر ىذه الخصوصية ليس في وضعيا في قانون خاص أو 37
الجنائي لفرض القواعد التنظيمية.
في معالجتيا كموضوع عممي مستقل ،وانما في استقالليا القاعدي بمبادئ قانونية مميزة ،ووظيفة جنائية
خاصة .و ىذا ال يعني قطع الصمة مع قانون العقوبات األساسي بل يبقى القانون األساسي ىو األصل
38
الذي نعود إليو كمما تعرضنا لنقص ضمن القوانين الخاصة في تنظيم وفيم مسائل معينة.
خالصة الفصل
بينا من خالل دراسة ىذا الفصل ،مقومات القانون الجنائي لألعمال ،وحاولنا ابراز المعايير التي
أعتمد عمييا الفقو لتحديد نطاق ىذا القانون وتعريفيو ،وتوقفنا عند أىم الخصائص التي تميزه ،وذلك كمو
ليساعدنا في فيم ىذا القانون ،ومعرفة متى نكون بصدد جريمة من جرائم األعمال عمى وجو الدقة.
وسنسعى من خالل ذلك الى دراسة بعض النماذج من جرائم األعمال ،سواء التي تنتمي إلى القانون
األساسي أو التي تنتمي إلى بعض القوانين الخاصة.