You are on page 1of 111

‫الدكتور‪ :‬نجيم أهتوت‬

‫أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات‬

‫الناظور‬

‫الوجيز في القانون التجاري‬

‫الطبعة األولى ‪2020‬‬

‫‪1‬‬
‫العنوان‪ :‬الوجيز في القانون التجاري‬

‫المؤلف‪ :‬نجيم أهتوت‬

‫مطبعة‪ :‬مكتبة األنوار‬

‫اإليداع القانوني‪2020MO1125 :‬‬

‫ردمك‪978-9920-39-363-8 :‬‬

‫جميع حقوق الطبع محفوظة للناشر‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫بمقتضى القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬تم إلغاء القانون التجاري الصادر‬
‫بموجب الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬و ذلك تجاوبا مع اإلصالحات‬
‫االقتصادية و القانونية و االجتماعية التي عرفتها بالدنا‪ ،‬خصوصا تجديد و تحديث التشريعات‬
‫ذات الصلة بمجال المال و األعمال و المقاوالت‪ ،‬التي من شأنها أن تعطي نفسا و انطالقا‬
‫القتصادنا الوطني و بالتالي فتح المبادرة و المنافسة للقطاع الخاص ليساهم بشكل أنسب و‬
‫أفضل في عملية التنمية االقتصادية و االجتماعية‪.‬‬

‫و يأتي هذا التجديد و التحديث استجابة لما طالبت به أغلب الفعاليات االقتصادية و‬
‫االجتماعية من ضرورة تغيير القوانين و خصوصا المرتبطة منها كمجال العمل و المقاوالت‬
‫نظ ار لعجز القوانين القديمة عن مواكبة التحوالت التي عرفها المغرب أخي ار اجتماعيا و اقتصاديا‪.‬‬

‫و أمام تزايد الحاجات االقتصادية و الضرورات االجتماعية أضحى للقانون التجاري و‬


‫لقانون األعمال بصفة عامة مكانة رفيعة في الدراسات القانونية و ذلك تماشيا مع متطلبات‬
‫‪1‬‬
‫اإلنتاج و المستجدات في مجال عالم األعمال‪.‬‬

‫و لما كان القانون التجاري يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم فئة من‬
‫األعمال تسمى باألعمال التجارية‪ ،‬وطائفة من األشخاص تدعى طبقة التجار‪ ،‬ولما كان ممارسة‬
‫األعمال التجارية تقتضي وجود محل يعرض فيه التاجر بضائعه ويكون همزة وصل بينه وبين‬
‫زبنائه‪ ،‬فإن دراستنا لهذه الوحدة تقتضي التطرق لتعريف القانون التجاري و بيان خصائصه و‬
‫تحديد نطاق تطبيقه و استعراض مصادره في فصل تمهيدي‪ ،‬ثم تقسيم الدراسة بعد ذلك إلى‬
‫بابين‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬األعمال التجارية والتاجر‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬األصل التجاري‪.‬‬

‫‪ : 1‬محمد أخياظ ‪ :‬القانون التجاري المغربي الجديد‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور وجدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ص ‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫فصل متهيدي‪:‬‬

‫‪ -‬تعريف القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬خصائص القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬نطاق تطبيق قواعد القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬مصادر القانون التجاري‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف القانون التجاري‬
‫يعتبر القانون التجاري فرعا من فروع القانون الخاص‪ ،‬ينظم مجموعة من القواعد القانونية‬
‫التي تحكم األعمال التجارية البرية والبحرية والجوية‪ ،‬سواء قام بها التجار فيما بينهم‪ ،‬أو بينهم‬
‫وبين زبنائهم‪ ،‬وتنظم التجار وعالقاتهم مع بعضهم سواء كان هؤالء التجار أشخاصا طبيعيين أو‬
‫أشخاصا معنويين أي شركات(‪.)1‬‬

‫وبناء على هذا التعريف‪ ،‬فإن القانون التجاري يعد شريعة خاصة تنطبق على نوع معين من‬
‫األعمال وهي األعمال التجارية‪ ،‬ونشاط فئة خاصة من األف ارد وهي فئة التجار (أفراد كانوا أم‬
‫شركات) مما يعني أن القانون التجاري أضيق نطاقا من القانون المدني ألن هذا األخير كما هو‬
‫معلوم يضم القواعد العامة التي تحكم العالقات فيما بين األفراد بغض النظر عن طبيعة المهن‬
‫ونوع المعامالت التي يقومون بها(‪.)2‬‬

‫وحسب نصوص المدونة‪ ،‬خصوصا المادة األولى فإن القانون التجاري يتولى تنظيم‬
‫المعامالت التجارية والتجار‪ ،‬وهو ما يؤكد خصوصية قواعده ونطاق تطبيقه‪.‬‬

‫ولقد سمي القانون التجاري بهذه التسمية نسبة إلى التجارة‪ ،‬ولفظ تجارة تشمل من الناحية‬
‫القانونية على معنى أوسع يتجاوز المفهوم االقتصادي واللغوي لكلمة التجارة‪ ،‬فالتجارة في علم‬
‫االقتصاد وكذا اللغة يقصد منها عمليات الوساطة بين المنتج والمستهلك أي تبادل وتوزيع‬
‫الثروات دون اإلنتاج‪ ،‬بينما يقصد بالتجارة في القانون التجاري إضافة إلى المعنى السابق (تداول‬
‫وتوزيع الثروات‪ ،‬عمليات التحويل الصناعي للمواد األولية والنصف مصنوعة إلى مواد صالحة‬
‫لتلبية حاجيات األفراد)‪ ،‬وهو ما يعني أن الصناعة تعد في جانب منها تجارة وتخضع وفقا لذلك‬

‫‪1‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬النظرية العامة للتجارة والتجار‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2001‬ص‪.16 .‬‬
‫‪2‬‬
‫علي البارودي‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬األعمال التجارية‪ ،‬التجار‪ ،‬األموال التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،1999‬ص‪.5 .‬‬
‫‪5‬‬
‫لقواعد القانون التجاري‪ ،‬ويعد الصانع تبعا لذلك تاج ار من الناحية القانونية‪ ،‬ويخضع بالتالي‬
‫لقواعد وأحكام القانون التجاري‪.‬‬

‫غير أن هذا المفهوم القانوني األخير ال يعني أن قانون التجارة يتولى تنظيم مختلف جوانب‬
‫النشاط االقتصادي بما فيه العمليات الزراعية وبعض العمليات اإلستخراجية واإلنتاج الفكري‪،‬‬
‫والمهن الحرة وغيرها من األنشطة ذات الصبغة االقتصادية والتي تخرج بطبيعة الحال من نطاق‬
‫قواعد القانون التجاري(‪ ،)1‬وهذا ما سنالحظه ونتعرف عليه عندما نتعرض لموضوع تحديد‬
‫األنشطة التي تصير تجارية متى مورست على وجه االعتياد أو اإلحتراف‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬خصائص القانون التجاري‬


‫إن البحث عن خصوصيات القانون التجاري‪ ،‬تهدف إلى تأكيد اإلستقاللية واإلنفراد الذي‬
‫يعرفه هذا القانون عن القانون المدني‪ ،‬كما يعني ذلك تطبيق القانون التجاري على معامالت‬
‫مالية معينة‪ ،‬إذ ال يطبق على كل األعمال المالية‪ ،‬بل يطبق فقط على التجار كفئة محددة من‬
‫األشخاص‪ ،‬وهذا استوجب إيجاد قواعد تتالءم مع طبيعة هذا القانون من سرعة وائتمان ومرونة‬
‫واعالم وحركية‪.‬‬

‫* السرعة‪:‬‬

‫تعد السرعة في إنجاز وابرام الصفقات من اهم مقومات النشاط التجاري‪ ،‬ذلك أن هذا‬
‫األخير يعتمد أساسا على سرعة الحركة وحسن المبادرة والقدرة على اتخاذ ق اررات حاسمة‪،‬‬
‫وسريعة وبالتالي تحمل مسؤولية القرار (ربحا كان أو خسارة)‪.‬‬

‫وعلى خالف األعمال المدنية التي تتسم بالبطء نظ ار ألنها ال تحدث في حياة الفرد إال في‬
‫القليل النادر أو في فترات متباعدة‪ ،‬فإن األعمال التجارية تتالحق بكثرة في حياة التاجر‪ ،‬وكلما‬

‫‪1‬‬
‫محمد أخياظ‪ ،‬الق انون التجاري المغربي الجديد‪ ،‬التاجر‪ ،‬األنشطة التجارية‪ ،‬األصل التجاري‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور‪،‬‬
‫وجدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ص‪.4 .‬‬
‫‪6‬‬
‫تالحقت هذه العمليات بسرعة‪ ،‬كلما كانت فرصة التاجر في تحقيق الربح أكبر‪ ،‬خاصة أن هذه‬
‫العمليات غالبا ما ترد على منقوالت معرضة لتقلبات األسعار أو قابلة للتلف(‪.)1‬‬

‫وقد أدت هذه السرعة إلى تفرد المعامالت التجارية بقواعد خاصة تختلف عن قواعد القانون‬
‫المدني‪ ،‬وهذه القواعد تتسم في معظمها بالمرونة وتتجرد من الشكليات‪ ،‬من ذلك مثال تقرير مبدأ‬
‫حرية اإلثبات في المواد التجارية فإذا كانت القاعدة أن إثبات التصرفات القانونية التي تتجاوز‬
‫قيمتها عشرة آالف درهم ال يجوز إال بالكتابة(‪ ،)2‬فإن األمر يختلف بالنسبة للمعامالت التجارية‬
‫إذ يجوز اإلثبات بأية وسيلة ألن اشتراط الكتابة قد يكون مدعاة للبطء والتعقيد‪ ،‬فالتاجر تفرض‬
‫عليه ظروفه أن يبرم عمليات كثيرة في وقت قصير‪ ،‬وقد ال يتسع الوقت أمامه إليجاد دليل‬
‫كتابي السيما أن العديد من الصفقات التجارية تتم بمجرد مكالمة هاتفية‪.‬‬

‫يتضح إذن أن السرعة التي تميز المعامالت التجارية تقتضي اإلبتعاد عن الشكليات‪ ،‬لكن‬
‫المالحظ أن الشكلية أصبحت تغزو من جديد قانون التجارة‪ ،‬بحيث أن بعض التصرفات‬
‫واألعمال التجارية ال تنشأ إال إذا توفرت فيها البيانات الموضوعية والشكلية التي يتطلبها‬
‫القانون(‪ .)3‬فالعقود المهمة في مجال حياة األعمال ينبغي أن تحرر كتابة‪ ،‬وهذا ما يفرضه‬
‫القانون مثال بالنسبة لعقد الشركة وعقد بيع األصل التجاري‪ ،‬وحتى في حالة غياب مقتضى‬
‫قانوني‪ ،‬فإن األطراف غالبا ما يميلون إلى اشتراط الكتابة‪ ،‬ومن مظاهر هذه الشكلية أيضا‬
‫انتشار التعامل بالعقود النموذجية(‪ )4‬مما يجعلنا نتساءل عن مدى تعارض هذه الشكلية مع‬
‫السرعة التي تتطلبها المعامالت التجارية؟‬

‫في حق يقة األمر‪ ،‬فإن الشكلية ال تتعارض مع السرعة‪ ،‬بل هي على العكس تدعمها من‬
‫خالل تسهيلها إلبرام االتفاقات إذ تؤدي إلى تفادي النقاشات الالحقة حول تفسير بنود العقد‪ ،‬كما‬

‫‪1‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النشر‬
‫المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2001‬ص‪.106 .‬‬
‫‪2‬‬
‫الفصل ‪ 443‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.108 .‬‬
‫‪4‬‬
‫يقصد بالعقود النموذجية‪ ،‬تلك العقود المعدة سلفا لكل نوع من األعمال التجارية‪ ،‬والتي تستعمل غالبا في عمليات البنوك‬
‫والتأمين والنقل‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫تحول دون وقوع المفاجآت التي قد تتضمنها االتفاقات الخاصة‪ ،‬الشيء الذي يؤدي إلى توفير‬
‫الوضوح والثقة بالنسبة للمتعاقدين ويجعلهم يتعاقدون بسهولة(‪.)1‬‬

‫* اإلئتمان‪:‬‬

‫يهتم القانون التجاري باالئتمان اهتماما بالغا‪ ،‬ويتمثل االئتمان في منح المدين أجال للوفاء‪،‬‬
‫فالتاجر غالبا ما يحتاج إلى فترة زمنية‪ ،‬أي أجل للوفاء ولتنفيذ تعهداته إذ هو كثي ار ما يقوم بشراء‬
‫بضائع جديدة قبل أن يتمكن من قبض ثمن البضاعة المبيعة أو من تصريفها بكاملها‪ ،‬ومن هنا‬
‫تأتي أهمية االئتمان في الحياة التجارية‪.‬‬

‫وبالتالي أهمية القانون التجاري‪ ،‬فهو القانون الذي يحتوي على مجموعة القواعد واألنظمة‬
‫التي تعنى بخلق أدوات االئتمان ومؤسساته كنظام األوراق التجارية ونظام البنوك والشركات‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت بتدعيمه وحمايته كنظام التسوية والتصفية الجماعية ألموال المدين المتوقف عن‬
‫أداء ديونه‪.‬‬

‫وهكذا نالحظ أن في حماية وضمان االئتمان وتدعيمه‪ ،‬حماية وضمان الستمرار النشاط‬
‫التجاري‪ ،‬وان الثقة المدعمة –االئتمان‪ -‬هي القلب النابض للتجارة‪.‬‬

‫* المرونة‪:‬‬

‫إن إرتكاز القانون التجاري على السرعة المدعمة باالئتمان والبعيدة عن الشكليات التي‬
‫تعيق التداول السريع للثروات‪ ،‬ال يتعارض مع الحضور الصارم لمجموعة من المقتضيات‬
‫الشكلية التي يقرها القانون التجاري‪.‬‬

‫إنه بالرجوع إلى القانون التجاري‪ ،‬نجده يشترط الكثير من الشكليات في مجاالت عدة منها‬
‫ما يتعلق مثال باألوراق التجارية أو العمليات المنصبة على األصول التجارية أو ما يتعلق‬
‫بالشركات التجارية وغيرها كثير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الواحد حمداوي‪ ،‬القانون التجاري األولي‪ ،‬مطبوعات الهالل وجدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2005‬ص‪.10 .‬‬
‫‪8‬‬
‫إن تزايد الشكليات في العمليات التجارية ال يتناقض مع حرية اإلثبات والتداول السريع‬
‫للثروات المميز للميدان التجاري‪ ،‬إن هذه القواعد الشكلية تهدف إلى حماية أوضاع ومصالح‬
‫مهددة‪ ،‬لذلك أوجد المشرع لحمايتها جملة من اإلجراءات‪ ،‬فحين اشترط المشرع مجموعة من‬
‫اإلجراءات عندما نفوت أصال تجاريا‪ ،‬فإن هذه الشروط تهدف إلى حماية األشخاص الذين تتهدد‬
‫مصالحهم عند غياب مثل هذه اإلجراءات وال تأثير لذلك على السرعة وعلى عملية تفويت‬
‫األصول التجارية‪.‬‬

‫إن غياب الجانب الشكلي في الكثير من العمليات التجارية‪ ،‬كان سيؤدي حتما وبالضرورة‬
‫إلى الفوضى ويعني ذلك إندثار العمليات التجارية عصب االقتصاد‪ ،‬لذلك نقول بأن المرونة‬
‫تستدعي الشكليات لحماية العمليات التجارية‪ ،‬وتتمثل الشكليات التي يوجبها القانون التجاري إما‬
‫في كتابة وشهر بعض التصرفات (بيع ورهن األصل التجاري مثال‪ ،‬تأسيس الشركات التجارية‪)..‬‬
‫أو في االمتثال بالتقيد بشكلية معينة كما هو الحال بالنسبة لألوراق التجارية أو بعض العقود‬
‫النموذجية‪.‬‬

‫* اإلعالم‪:‬‬

‫إن القانون التجاري يقوم على خاصية اإلعالم واإلشهار‪ ،‬فتداخل المصالح بين أطراف‬
‫متعددة اقتضت إيجاد نظام إعالمي واشهاري لحماية هذه األوضاع والمصالح‪ ،‬ويعتمد القانون‬
‫التجاري لتحقيق هذا الدور اإلعالمي اإلشهاري على وسائل فعالة‪ ،‬نخص بالذكر منها نظام‬
‫السجل التجاري وجرائد اإلعالنات والجريدة الرسمية التي تتولى دور اإلعالم واإلخبار الذي يعرفه‬
‫النشاط التجاري‪.‬‬

‫إن ترك التجارة بدون إشهار واعالم يحرم المتعاملين في هذا الحقل من الشفافية والطمأنينة‬
‫المطلوبة في ميدان األعمال‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫* الحركية أو التطور‪:‬‬

‫يعتبر القانون التجاري من فروع القانون التي تتميز بخاصية الحركية‪ ،‬فقواعد هذا القانون‬
‫مستمرة التحوالت‪ ،‬يحكمها ويوجهها المحيط والنمط االقتصادي السائد‪.‬‬

‫لقد ظل القانون التجاري منذ بداياته وفيا لهذه الخاصية والتي تعتبر بحق ضامن استم ارره‬
‫وتفرده(‪.)1‬‬

‫اثلثا‪ :‬نطاق تطبيق قواعد القانون التجاري‬


‫نظ ار لما يتمتع به القانون التجاري من قواعد وأحكام تختلف عن قواعد القانون المدني‪ ،‬فإن‬
‫عملية تحديد نطاق تطبيق قواعده‪ ،‬تصبح أساسية‪ ،‬وذلك حتى تتضح لنا الحدود الفاصلة بين‬
‫القانون التجاري‪ ،‬وبين القانون المدني‪ ،‬وفي هذا الصدد برزت نظريتين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬النظرية الشخصية أو الذاتية‪:‬‬

‫وهي التي تجعل التاجر أساس بناء القانون التجاري‪ ،‬أي أن القانون التجاري ال يطبق إال‬
‫على طائفة معينة هي طائفة التجار‪ ،‬اما غير التجار فال يخضعون ألحكام هذا القانون ولو‬
‫قاموا بأعمال تجارية‪.‬‬

‫وقد وجدت هذه النظرية أسسها في نظام الطوائف الذي كان سائدا قبل إندالع الثورة‬
‫الفرنسية‪ ،‬حيث كان القانون التجاري قانون طائفة معنية هي طائفة التجار التي يرجع إليها‬
‫الفضل في إبتداع كثير من األعراف والعادات والنظم التجارية والتي جعلت من القانون التجاري‬
‫قانونا حرفيا‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية الموضوعية أو المادية‪:‬‬

‫وهي نقيض أو عكس النظرية األولى‪ ،‬حيث تجعل أساس القانون التجاري األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬أي أن األعمال التجارية هي وحدها تخضع للقانون التجاري‪ ،‬بصرف النظر عن‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شمعية‪ ،‬المبادئ األساسية للقانون التجاري‪ ،‬مطبعة ووراقة سجلماسة‪ ،‬طبعة ‪ ،2007 -2006‬ص‪.10 .‬‬
‫‪10‬‬
‫الشخص الذي قام بها سواء كان تاج ار أو غير تاجر‪ ،‬أما إذا كان العمل مدنيا‪ ،‬فإنه ال يخضع‬
‫ألحكام القانون التجاري‪ ،‬ولو كان من قام به تاج ار ما لم يتعلق بتجارته فيصبح عمال تجاريا‬
‫بالتبعية‪.‬‬

‫ويرجع أصل هذه النظرية إلى الثورة الفرنسية التي كان من بين أهدافها مبدأ الحرية‬
‫والتساوي والغاء جميع العوائق والعراقيل التي من شأنها ان تقف في وجه اإلنسان طبقا لمبدئها‬
‫المعروف‪" :‬دعه يعمل – دعه يمر"‪ .‬وعلى إثر إلغاء نظام الطوائف الحرفية وذلك بصدور قانون‬
‫‪ 2‬و‪ 17‬مارس ‪ 1791‬الذي أعلن الحرية التجارية كحق طبيعي وجوهري لإلنسان‪ ،‬و بصدور‬
‫قانون شابليه في ‪ 17‬يونيو ‪ 1791‬الذي ألغى نظام طوائف التجار‪ ،‬فكان هذا القانون األخير‬
‫بداية التحول نحو النظرية المادية أو الموضوعية التي تجعل قانون التجارة قانون األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬على حساب النظرية الشخصية التي تجعل قانون التجارة قانون األعمال التجارية على‬
‫حساب النظرية الشخصية التي تجعل قانون التجارة طائفة أو أشخاص التجار‪.‬‬

‫وقد أثرت مبادئ الليبرالية والحرية التي نادت بها الثورة الفرنسية كثي ار في مدونة نابليون سنة‬
‫‪ 1807‬والتي أخذ عنها المشرع المغربي مدونة القانون التجاري لـ ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬هذه‬
‫المدونة جاءت مفعمة بتعاليم النظرية الموضوعية‪ ،‬حيث أقدم المشرع المغربي في المادتين‬
‫الثانية والثالثة على تعداد األعمال التجارية البرية واألعمال التجارية البحرية(‪.)1‬‬

‫* موقف القانون التجاري المغربي من النظريتين‪:‬‬

‫لقد جاء تأثير النظريتين معا على المشرع المغربي واضحا وجليا‪ ،‬حيث يظهر أخذ المشرع‬
‫المغربي بالنظرية الشخصية من خالل تركيز مدونة التجارة على تحديد من هو تاجر وذلك‬
‫بعنونتها للقسم الثاني من الكتاب األول بـ "إكتساب الصفة التجارية"‪ ،‬هذا فضال عن أخذ المشرع‬
‫المغربي بنظرية األعمال التجارية التبعية‪ ،‬التي تؤدي إلى اكتساب األعمال المدنية للصفة‬
‫التجارية إذا صدرت عن تاجر بمناسبة عمله التجاري‪ ،‬وهو األمر الذي يعني إعطاء األهمية‬
‫أحيانا لشخص التاجر في تحديد األعمال التجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.20 .‬‬
‫‪11‬‬
‫أما معالم النظرية الموضوعية في مدونة التجارة فتظهر في تنظيم هذه المدونة لبعض‬
‫األعمال التجارية في ذاتها واخضاعها لقواعد القانون التجاري بغض النظر عن شخص القائم‬
‫بها‪ ،‬وهو الشأن مثال بالنسبة لألعمال التجارية الشكلية‪ ،‬وهذا يدل على أن المشرع ال يخص‬
‫التجار وحدهم بتطبيق قواعد القانون التجاري‪.‬‬

‫نخلص إلى أن نطاق القانون التجاري في التشريع المغربي يتحدد من جهة في األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬ومن جهة أخرى في التجار‪ ،‬وهذا ما ذكرته المادة األولى من مدونة التجارة صراحة‬
‫عندما نصت على أنه "ينظم هذا القانون القواعد المتعلقة باألعمال التجارية والتجار"‪ ،‬ومن هنا‬
‫نالحظ أن القانون التجاري يعتبر أضيق نطاقا من القانون المدني الذي ينظم العالقات بين‬
‫األفراد داخل المجتمع بشكل عام(‪.)1‬‬

‫رابعا‪ :‬مصادر القانون التجاري(‪)2‬‬


‫تنص المادة الثانية من مدونة التجارة على أنه "يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين‬
‫وأعراف وعادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني‪ ،‬ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ‬
‫األساسية للقانون التجاري"‪.‬‬

‫يالحظ من هذه المادة أن المشرع اكتفى هنا بذكر المصادر الرسمية‪ ،‬ولم يشر إلى‬
‫المصادر التفسيرية‪ ،‬لذلك يمكننا القول أن للقانون التجاري‪ ،‬مثله مثل باقي فروع القانون األخرى‪،‬‬
‫عدة مصادر منها ما هو رسمي ومنها ما هو تفسيري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الواحد حمداوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.7 .‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر بخصوص مصادر القانون التجاري‪ ،‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2001‬ص‪ 27 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫* المصادر الرسمية للقانون التجاري‪:‬‬

‫يعتبر كل من التشريع والعرف المصدران الرسميان للقانون التجاري‪ ،‬ويأتي التشريع في‬
‫المرتبة األولى من حيث التدرج‪ ،‬ويليه العرف الذي يعتبر مصد ار احتياطيا ال يلجأ إليه إال عند‬
‫انتفاء القاعدة التشريعية(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬التشريع التجاري‪:‬‬

‫وهو مجموع نصوص القانون التجاري المغربي‪ ،‬وقد كانت أول مدونة صدرت بخصوص‬
‫القانون التجاري هي تلك التي صدرت بمقتضى ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ ،1331‬موافق لـ ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬باإلضافة إلى بضعة ظهائر ألحقت به‪ ،‬حيث فرضتها طبيعة بعض المواضيع‬
‫المتخصصة في مادة القانون التجاري‪ ،‬وهذه المدونة بمتناقضاتها كانت قد صدرت في عهد‬
‫الحماية لتطبق في أغلب األحيان على الفرنسيين واألجانب المقيمين في المغرب‪ ،‬واستمر العمل‬
‫بها بعد قانون التوحيد والمغربة والتعريب للقضاء المغربي سنة ‪ ،1965‬وتم تمديد تطبقها على‬
‫المغاربة أمام المحاكم العادية فيما بعد‪.‬‬

‫وقد بقي معموال بهذا التشريع إلى ان تمت المصادقة من طرف البرلمان بتاريخ ‪ 13‬ماي‬
‫‪ 1996‬على القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة(‪.)2‬‬

‫‪ -2‬القانون المدني‪:‬‬

‫القاعدة األساسية أن نصوص القانون التجاري هي التي تحكم أصال المواد التجارية‪ ،‬غير‬
‫أنه إذا لم يرد في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعالقات معينة‪ ،‬تعين الرجوع إلى أحكام‬
‫القانون المدني باعتباره الشريعة العامة التي تنظم جميع العالقات سواء كانت تجارية أو مدنية‪،‬‬
‫فقواعد القانون التجاري تعتبر استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في حالة ال يحكمها نص‬

‫‪1‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪" ،‬إشكال ترتيب مصادر القانون في المادة التجارية"‪ ،‬مجلة المنتدى‪ ،‬العدد األول‪ ،‬أكتوبر ‪ ،1999‬ص‪.‬‬
‫‪.131‬‬
‫‪2‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.96.83‬صادر في فاتح أغسطس ‪ 1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‬
‫والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4418‬بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر ‪ ،1996‬ص‪.187 .‬‬
‫‪13‬‬
‫خاص‪ ،‬واذا فرض ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري‬
‫مهما كان تاريخ نفاذه‪ ،‬وذلك تطبيقا لقاعدة النص الخاص يغلب على النص العام‪ ،‬بشرط أن‬
‫يكون كال النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آم ار واآلخر مفس ار أو مكمال وجب‬
‫األخذ بالنص اآلمر ألنه نص ال يجوز االتفاق على مخالفته‪.‬‬

‫‪ -3‬المعاهدات واالتفاقات الدولية‪:‬‬

‫تتميز التجارة بطابعها الدولي‪ ،‬ذلك أن األسواق واالقتصاديات أصبحت اآلن متفتحة بعضها‬
‫على البعض اآلخر‪.‬‬

‫وبالنظر لتشعب واختالف القوانين الداخلية‪ ،‬فإن ذلك دفع الدول إلى إبرام اتفاقيات دولية‬
‫تضع قواعد قانونية موحدة في مجاالت معينة تلتزم بها الدول الموقعة في عالقاتها التجارية‬
‫الدولية منعا لتنازع قوانينها الوطنية‪.‬‬

‫واالتفاقيات الدولية التجارية تتدخل بإحدى طريقتين‪:‬‬

‫‪ -‬فهي إما تكتفي بوضع القواعد الواجبة التطبيق في العالقات التجارية الخارجية للدول‬
‫الموقعة بحيث تظل العالقات الداخلية خاضعة للقانون الداخلي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة التفاقية‬
‫فارسوفيا لسنة ‪ 1929‬المتعلقة بالنقل الجوي‪ ،‬واتفاقية جنيف سنة ‪ 1956‬المتعلقة بنقل البضائع‬
‫عبر الطرقات‪.‬‬

‫واما أن تضع قوانين موحدة للدول المتعاقدة‪ ،‬بحيث تتعهد هذه األخيرة بتعديل قانونها‬
‫الداخلي بما يطابق قواعد المعاهدة‪ ،‬فتصبح كافة العالقات التجارية للدولة سواء الداخلية أو‬
‫الخارجية منها خاضعة لنفس القواعد‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة التفاقية جنيف لسنة ‪1930‬‬
‫المتعلق بتوحيد قواعد الكمبيالة والسند لألمر‪ ،‬وسنة ‪ 1931‬المتعلقة بالشيك‪ ،‬واتفاقية نيويورك‬
‫لسنة ‪ 1958‬المتعلقة باألعراف وتنفيذ الق اررات الصادرة عن هيئات التنظيم(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ -4‬العرف والعادات‪:‬‬

‫يتضمن العرف مجموعة من القواعد التي درج التجار على إتباعها فترة طويلة من الزمن‬
‫مع اعتقادهم بإلزاميتها‪ ،‬وتعتبر العادة قاعدة تواتر إتباعها بانتظام دون أن يتوفر االعتقاد في‬
‫إلزامها‪ ،‬وتستمد قوتها اإللزامية من اإلرادة المفترضة للمتعاقدين أو الصريحة‪.‬‬

‫واذا كان الفرق واضحا بين العرف والعادات على أكثر من مستوى‪ :‬كيفية حصول االلتزام‪،‬‬
‫إلزاميتها للقاضي‪ ،‬رقابة محكمة النقض‪ ،‬فإن ما تجدر اإلشارة إليه أن القانون التجاري كما تقدم‬
‫قام في بدايته على األعراف والعادات السائدة التي قننها نظام الطوائف فكلنا نعلم أن نظام‬
‫المخاطر الجسيمة أساس نظرية التأمين‪ ،‬بدأت قبل التقنين كقاعدة عرفية‪ ،‬نفس الشيء يقال عن‬
‫قاعدة افتراض التضامن بين المدينين في المجال التجاري‪.‬‬

‫وتتقدم في الواقع العادات على األعراف‪ ،‬نظ ار لخصوصية العمل التجاري المتميز‬
‫بمحدوديته الجغرافية‪ ،‬مما يسمح بتداول العادة في حيز جغرافي معين أكثر من العرف‪.‬‬

‫ويكون العمل بالعرف والعادة أسبق من العمل بالقانون المدني ولو في قواعده اآلمرة‪ ،‬وهذا‬
‫ما يكرس في واقع األمر خصوصيات القانون التجاري‪ ،‬وذلك ما زكاه المشرع المغربي في المادة‬
‫الثانية من مدونة التجارة‪ ،‬وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على اإلعتراف التشريعي بخصوصية‬
‫القانون التجاري الذي يستلهم أهم مبادئه من األعراف والعادات(‪.)1‬‬

‫المصادر التفسيرية‪:‬‬

‫يقصد بمصادر القانون التفسيرية‪ ،‬المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن‬
‫شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعه‪ ،‬فالمصادر‬
‫التفسيرية على خالف المصادر الرسمية‪ ،‬مصادر إختيارية‪.‬‬

‫ويعتبر االجتهاد القضائي والفقه من المصادر التفسيرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.19 .‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -1‬االجتهاد القضائي‪:‬‬

‫يعتبر االجتهاد القضائي من قبيل المصادر التفسيرية التي يستأنس بها القاضي‬
‫الستخالص القواعد التي يتعين تطبيقها على ما يعرض عليه من خصومات‪.‬‬

‫ولما كانت نصوص القانون التجاري عاجزة عن مالحقة التطور المستمر للحياة التجارية‬
‫فضال عما بدا من نقص تشريعي في نواحي كثيرة متعددة‪ ،‬كان على القضاء بالضرورة ان يبذل‬
‫قصارى جهده لسد هذا النقص والتوفيق بين تلك النصوص الغامضة أحيانا والناقصة أحيانا‬
‫أخرى‪ ،‬والتطور الذي انتهت إليه معالم التجارة‪ ،‬وهذا ما يفسر المنزلة التي يحتلها القضاء في‬
‫مجال مواجهة النزاعات التجارية وبالتالي المساهمة الجادة في تكوين قواعد القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -2‬الفقه‪:‬‬

‫يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده‪ ،‬فالفقهاء‬
‫يقومون باستنباط األحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة‬
‫هذا الفرع من فروع القانون‪ ،‬والرأي السائد أن الفقه ال يعتبر مصد ار للقانون حيث تقتصر وظيفته‬
‫على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صالت‪ ،‬ثم‬
‫استنتاج مبادئ عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصد ار ملزما للقاضي‪.‬‬

‫وقد ساعد الفقه كثي ار في تطوير مواد القانون التجاري‪ ،‬نتيجة الحلول القانونية والقضائية‬
‫وابراز مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض وقد أدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور‬
‫في المواد القانونية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الباب الول‪ :‬العامل التجارية والتاجر‬
‫تقتضي منا دراسة هذا الباب‪ ،‬تقسيمه إلى فصلين‪ ،‬األول يعرض لمدلول األعمال التجارية‬
‫وأنواعها‪ ،‬والثاني يتطرق لدراسة شروط اكتساب صفة التاجر والتزاماته‪.‬‬

‫الفصل الول‪ :‬العامل التجارية‬


‫لم تعرف مدونة التجارة العمل التجاري‪ ،‬مكتفية بتعداد األعمال التجارية البرية في المادة‬
‫السادسة واألعمال التجارية البحرية والجوية في المادة السابعة واألعمال التجارية الشكلية في‬
‫المادة التاسعة كما تضمنت اإلشارة إلى األعمال التجارية التبعية في المادة العاشرة والى األعمال‬
‫المختلطة في المادة الرابعة‪.‬‬

‫وهذه األعمال يمكن تصنيفها إلى أعمال تجارية أصلية‪ ،‬أعمال تجارية تبعية وأخي ار أعمال‬
‫مختلطة‪.‬‬

‫وقبل دراسة كل هذه األنواع في المبحث الثاني‪ ،‬البد ومن الضروري اإلشارة إلى أهمية‬
‫وأسباب تمييز األعمال التجارية عن األعمال المدنية ومعايير هذا التمييز وذلك في المبحث‬
‫األول‪.‬‬
‫املبحث الول‪ :‬أمهية ومعايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية‬
‫تقتضي دراسة هذا المبحث تقسيمه إلى مطلبين األول يخصص ألهمية التمييز بين‬
‫األعمال التجارية و األعمال المدنية و الثاني يعرض لمعايير هذا التمييز‬
‫املطلب الول‪ :‬أمهية المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية‬
‫أهمية التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني‪ ،‬تتجلى أساسا في وجود نظام قانوني يقوم‬
‫على وضع قواعد قانونية تحكم العمل التجاري دون العمل المدني‪ ،‬وذلك مسايرة لما تستدعيه‬
‫التجارة من سرعة وثقة وائتمان‪.‬‬

‫وهذه القواعد يمكن إجمالها في اآلتي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫أوال‪ :‬الاختصاص القضايئ‬

‫تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية‪ ،‬هذا‬
‫التحصيص تمليه االعتبارات المتعلقة بطبيعة المعامالت التجارية التي تستلزم الفصل فيها على‬
‫وجه السرعة‪ ،‬وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية وتأتي فرنسا على رأس هذه‬
‫الدول‪ ،‬حيث خصص تشريعها التجاري لسنة ‪ 1807‬كتابه الرابع لتنظيم المحاكم التجارية‪ ،‬سواء‬
‫من حيث تكوينها أو اختصاصها‪.‬‬

‫والمغرب بدوره تبنى نظام القضاء التجاري المتخصص‪ ،‬حيث صادق على القانون رقم‬
‫‪ 53 -95‬الخاص بإحداث المحاكم التجارية(‪ ،)1‬وحسب المادة الخامسة من هذا القانون تتمتع‬
‫المحاكم التجارية بالنظر في جميع القضايا ذات الصلة بالمعامالت التجارية سواء تعلق األمر‬
‫بالعقود التجارية أو الدعاوى الناجمة عن المنازعات بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية أو‬
‫باألوراق التجارية‪ ،‬كما تفصل أيضا في النزاعات الناشئة بين الشركاء في الشركات التجارية‬
‫والنزاعات المتعلقة باألصول التجارية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬االإثبات‬

‫كما هو معلوم‪ ،‬فإن القانون يتولى تحديد الطرق أو الوسائل التي يتولى من خاللها األفراد‬
‫إقامة الدليل أمام القضاء على وجود واقعة معينة أو نفيها سواء تعلق األمر بمسائل مدنية أو‬
‫تجارية غير أن استعمالها من طرف األطراف يختلف بحسب ما إذا كان يراد إثبات واقعة تجارية‬
‫أو مدنية‪.‬‬

‫فالقواعد العامة لإلثبات في المواد المدنية تقضي بوجوب اإلثبات الكتابي في التصرف‬
‫القانوني الذي تزيد قيمته عن ‪ 10‬آالف درهم ‪ ،‬وعلى خالف ذلك فإنه وفقا لمبدأ حرية اإلثبات‬
‫الوارد في أغلب التشريعات يجوز إثبات التصرف القانوني إذا كان تجاريا بشهادة الشهود والقرائن‬
‫والفواتير والدفاتر التجارية والمراسالت وبكافة طرق اإلثبات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قانون رقم ‪ 53 -95‬يقضي بإحداث محاكم تجارية صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.65‬صادر في ‪ 12‬فبراير‬
‫‪ ،1997‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4482‬بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ ،1997‬ص‪.1141 .‬‬
‫‪18‬‬
‫ورغم أن مبدأ حرية اإلثبات في المواد التجارية تجمع التشريعات الوضعية على إطالقه لما‬
‫فيه من مصلحة للتاجر والتجارة‪ ،‬فإن التشريع المغربي‪ ،‬ومن خالل المادة ‪ 334‬من مدونة‬
‫التجارة كرس مبدأ حرية اإلثبات في المادة التجارية حيث قضت هذه المادة على أنه تخضع‬
‫المادة التجارية لحرية اإلثبات غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على‬
‫ذلك‪ ،‬ومن خالل هذه المادة يرد على مبدأ حرية اإلثبات في المواد التجارية ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬إن المتعاقدين من التجار يستطيعون اإلتفاق فيما بينهم على وجوب إثبات اتفاقهم‬
‫بالكتابة‪.‬‬

‫‪ -2‬المشرع قد يشترط أحيانا ضرورة إثبات بعض العقود عن طريق الكتابة سواء بعقد‬
‫رسمي كما هو األمر في عقد بيع السفن أو بعقد مكتوب كما هو الحال في إثبات عقد تأسيس‬
‫الشركات التجارية‪ ،‬كما أن هناك أعماال تجارية تستدعي توافر مجموعة من البيانات اإللزامية‬
‫كما هو حال األوراق التجارية(‪.)1‬‬
‫اثلثا‪ :‬التضامن بني املدينني‬

‫القاعدة العامة في المعامالت المدنية أن التضامن بين المدنيين ال يفترض إنما يكون بناء‬
‫على اتفاق أو نص في القانون‪ ،‬وهذا بخالف المعامالت التجارية إذ قرر المشرع أن الملتزمين‬
‫في دين تجاري يعدون متضامنين في هذا االلتزام‪ ،‬بحيث يمكن للدائن مطالبة أي منهم بكامل‬
‫قيمة الدين‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬سعر الفائدة‬

‫يختلف سعر الفائدة القانونية التي تجب على المدين عند تأخره عن الوفاء بالتزامه في‬
‫الموعد المحدد‪ ،‬بحسب كون الدين مدنيا أو تجاريا‪ ،‬فهذا السعر يكون في المسائل التجارية مرتفع‬
‫عن المسائل المدنية ويرجع السبب في ارتفاع سعر الفائدة في المسائل التجارية إلى أن النقود‬
‫تدر أرباحا أكثر جراء استغاللها تجاريا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد أخياط‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪19‬‬
‫خامسا‪ :‬همةل الوفاء‬

‫تجيز القواعد العامة للقاضي أن يمنح للمدين بدين مدني مهلة معقولة لتنفيذ التزامه إذا‬
‫استدعت حالته ذلك شريطة أال يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم‪ ،‬أما القانون التجاري‬
‫فقد حظر على القاضي منح مثل هذه المهلة في وفاء الديون التجارية إال في حاالت استثنائية‪،‬‬
‫وذلك لما تتطلبه الحياة التجارية من سرعة التنفيذ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التقادم‬

‫األصل أن جميع الحقوق في المسائل المدنية تتقادم بمضي خمس عشرة سنة على‬
‫استحقاقها‪ ،‬عدا الحاالت التي ينص فيها القانون على مدد أخرى‪ ،‬في حين جعل المشرع مدة‬
‫التقادم في المسائل التجارية خمس سنوات(‪ )1‬إن لم ينص نص خاص على أجل أقصر‪ ،‬ذلك أن‬
‫المعامالت التجارية تستوجب وضع حد للمنازعات المتعلقة بها في اقصر وقت ممكن‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬معايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية(‪)2‬‬
‫بحث الفقه عن معايير يمكن بها تحديد طبيعة العمل التجاري ووضع عدة نظريات في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬وهذه النظريات منها ما هو إقتصادي (الفقرة األولى)‪ ،‬ومنها ما هو قانوني (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬املعايري الاقتصادية‬

‫هذه المعايير يمكن إجمالها في اآلتي ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة الخامسة من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر بخصوص هذه المعايير‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ 371 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.53 .‬‬
‫‪ -‬عز الدين ينستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ 106 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية المضاربة‬

‫المضاربة هي السعي وراء تحقيق الربح المادي‪ ،‬وبمقتضى هذه النظرية يعد العمل تجاريا‬
‫إذا كان الهدف منه الحصول على كسب مادي‪ ،‬فشراء السلعة بقصد بيعها بربح هو أول صورة‬
‫أوردها المشرع لألعمال التجارية‪.‬‬

‫ويعاب على هذه النظرية أنها ليست صحيحة على إطالقها‪ ،‬فهي واسعة أحيانا إذ أن معظم‬
‫أوجه النشاط اإلنساني يستهدف الربح‪ ،‬فالمحامي والطبيب واألستاذ يسعون جميعهم إلى تحقيق‬
‫ربح مادي‪ ،‬ومع ذلك ال يعدو عملهم تجاريا‪ ،‬وهي ضيقة أحيانا أخرى‪ ،‬إذ أن هناك من األعمال‬
‫ما يعد تجاريا ولو لم يتوافر قصد الربح فيه كالبيع بخسارة بقصد القضاء على منافس‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية التداول‬

‫يرى بعض الفقه(‪ )1‬أن العمل يتصف بالتجارية إذا انصب على تداول الثروات (السلع –‬
‫البضائع –النقود –الصكوك ‪ ....‬الخ) فجميع األعمال التي تقع بين مرحلتي اإلنتاج واإلستهالك‬
‫تعد أعماال تجارية‪.‬‬

‫وعلى ذلك األعمال التي تتناول تداول السلع والبضائع والنقود والصكوك والوساطة فيها تعد‬
‫أعماال تجارية فهي تنصب على السلع وهي في حالة حركة‪ ،‬أما األعمال التي تتناول السلع وهي‬
‫في حالة سكون فهي أعمال مدنية‪.‬‬

‫فحيث يبدأ دفع المنتج إلى السوق يبدأ العمل التجاري وحيث تتجمد هذه الحركة ينتهي‬
‫العمل التجاري(‪.)2‬‬

‫وعلى الرغم من منطقية معيار التداول‪ ،‬إال أنه لم يسلم من النقد على أساس أن هذا‬
‫المعيار ال يفسر اختفاء الصفة التجارية على بعض األعمال على الرغم من أنها ال تتضمن‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬النظرية العامة للقانون التجاري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬طبعة ‪ ،1991‬ص‪.37 .‬‬
‫‪ -‬علي جمال الدين عوض‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1975 ،‬ص‪.46 .‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود مختار بريري‪ ،‬قانون المعامالت التجارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ص‪.107 .‬‬
‫‪21‬‬
‫معنى التداول‪ ،‬مثال ذلك النشاط الصناعي والنقل‪ ،‬فالشك في تجارية كل منهما طبقا للنصوص‬
‫التشريعية وال يعتبر أي منهما سلع يمكن أن تكون محال للتداول‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك فإن هناك أعماال تعتبر وساطة في تداول السلع دون أن تتصف‬
‫بالتجارية‪ ،‬مثال ذلك نشاط الجمعيات التعاونية التي ال تستهدف تحقيق الربح(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬نظرية الوساطة‬

‫يقول دعاة هذه النظرية أن العمل التجاري‪ ،‬يكمن في الوساطة بين المنتج والمستهلك وكل‬
‫عمل ال يتضمن هذه الوساطة فهو عمل مدني‪ ،‬وذلك كأعمال المنتج األول من مزارع ومفكر‬
‫ومبدع وغيرهما‪.‬‬

‫ويجب العتبار الوساطة تجارية أن تقترن بنظرية المضاربة‪ ،‬فأعمال وسطاء وسماسرة‬
‫البورصة مثال تعتبر أعماال تجارية ألنها تقوم على المضاربة بقصد تحقيق الربح‪.‬‬

‫إال أن هذه النظرية ال تصلح كمعيار حاسم‪ ،‬من ذلك أن هناك من األعمال ما يعتبر‬
‫تجاريا دون القيام بهذه الوساطة كتداول األوراق التجارية‪ ،‬وكذلك هناك من األعمال ما ال يعتبر‬
‫عمال تجاريا بالرغم من توافر عنصر الوساطة‪ ،‬كالوساطة في الزواج مثال على اعتبار أن‬
‫الوساطة تقع على الخيرات وليس على األشخاص(‪.)2‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املعايري القانونية‬

‫ذهب جانب من الفقه إلى أنه يتعين إعمال معايير قانونية ألجل التمييز بين العمل التجاري‬
‫والعمل المدني‪ ،‬وقد اقترح في هذا الصدد معيار المؤسسة أو المقاولة‪ ،‬ومعيار الحرفة التجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حنان عبد العزيز مخلوف‪ ،‬مبادئ القانون التجارية (األعمال التجارية وشركات األشخاص)‪ ،‬طبعة ‪ ،2011‬ص‪.43 .‬‬
‫‪2‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.108 .‬‬
‫‪22‬‬
‫أوال‪ :‬معيار المقاولة‬

‫تنطلق هذه النظرية في تأسيس العمل التجاري من ضرورة القيام به من خالل مقاولة او‬
‫مشروع أي تكرار القيام به على وجه اإلحتراف إستنادا إلى تنظيم سابق يتجسد في إتخاذ مقر‪،‬‬
‫واستخدام يد عاملة‪ ،‬وتوظيف رأس مال‪ ،‬واستعمال أجهزة‪.‬‬

‫لذلك فهذه النظرية ال تنطلق في تحديد العمل التجاري من صفات ذاتية يجب أن تتوفر فيه‬
‫هو نفسه‪ ،‬ولكن تنطلق في ذلك من اإلطار الذي يمارس فيه‪ ،‬فإذا مورس من خالل مقاولة‬
‫اعتبر تجاريا أيا كان نوعه‪ ،‬واذا لم يمارس من خالل مقاولة اعتبر مدنيا‪ ،‬وهذا يعني أن العمل‬
‫الواحد مرة يعتبر تجاريا ألنه يمارس من خالل مقاولة‪ ،‬ومرة يعتبر مدنيا ألنه ال يمارس من‬
‫خالل مقاولة‪ ،‬أي ال يتكرر على سبيل اإلحتراف من خالل تنظيم سابق‪ ،‬وانما يقع مرة واحدة أو‬
‫مرات معدودة بشكل عرضي ودون سابق تنظيم‪ ،‬فالنقل مثال يعتبر عمال تجاريا إذا قامت به‬
‫مقاولة تحترف النقل ويعتبر عمال مدنيا إذا قام به شخص عادي‪.‬‬

‫إال أن هذه النظرية قاصرة بدورها على وضع معيار سليم يشمل كافة األعمال التجارية‪،‬‬
‫ألنها من ناحية تحصر العمل التجاري في العمل الذي يقع من خالل مقاولة في حين أن هناك‬
‫أعماال تعتبر تجارية حتى ولو تمت من دون أن تتوفر مقومات المقاولة من اعمال التجارة‬
‫البسيطة –السمرة من دون إتخاذ مقر للعمل مثال ‪ ،-‬وألنها من ناحية ثانية تشمل بعض األعمال‬
‫التي تعتبر مدنية والتي يمكن أن تتم من خالل مقاولة مثل المشروعات الفالحية والمهنية‪.‬‬

‫هذا ناهيك عن أن مدونة التجارة المغربية‪ ،‬تخلت بالمرة عن معيار المقاولة الذي كانت‬
‫تعمل به المدونة القديمة بالنسبة لبعض األعمال‪ ،‬كما أنها استبدلت مصطلح األعمال التجارية‬
‫بمصطلح األنشطة التجارية الذي يفيد التكرار واإلعتياد(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪23‬‬
‫ثانيا‪ :‬معيار الحرفة التجارية‬

‫ظهر اتجاه في الفقه يميل إلى تأصيل األعمال التجارية على ضوء ضوابط شخصية ال‬
‫تستمد من ذات العمل وطبيعة موضوعه بل من طريقة مزاولته‪ ،‬فالحرفة التجارية هي معيار‬
‫العمل التجاري‪ ،‬بمعنى أن العمل التجاري هو ذلك الذي يصدر من التاجر أثناء مزاولته لحرفته‬
‫التجارية‪ ،‬وحسب هذه النظرية فإن العمل يعتبر تجاريا إذا تعلق بمزاولة حرفة تجارية‪ ،‬ويعتبر‬
‫على العكس من ذلك مدنيا إذا تعلق بمباشرة حرفة مدنية‪ ،‬ولو كان صاد ار عن تاجر‪.‬‬

‫ويقصد بالحرفة التجارية لدى هذا االتجاه‪ ،‬القيام باألعمال التجارية واتخاذها حرفة معتادة‬
‫قصد تحقيق ربح نقدي أو مادي‪ ،‬وبناء على ذلك فإن الشخص الذي يزاول األعمال التجارية‬
‫ويتخذها حرفة معتادة له يعتبر تاجر‪ ،‬وعلى خالف ذلك فإن الشخص الذي يعتاد القيام ببعض‬
‫األعمال التجارية دون أن يتخذ منها حرفة فال يعد تاج ار كمن يتعود على شراء وبيع أثاث منزله‬
‫قصد التجديد األخير(‪.)1‬‬

‫ويالحظ أن ربط العمل بالحرفة يستلزم حتما وبالضرورة تعريف المقصود بهذه األخيرة‪،‬‬
‫فالحرفة التجارية ال يمكن تعريفها إال بطبيعة األعمال المكونة لها‪ ،‬وهذه الطبيعة ال يمكن‬
‫معرفتها إال على ضوء الحرفة التي تنظمها‪ ،‬ثم إن هناك الحرفة المدنية إلى جانب الحرفة‬
‫التجارية كحرفة الطب والهندسة والمحاماة وغيرها الكثير‪ ،‬فكيف لنا التمييز بينها وبين الحرفة‬
‫التجارية‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أن هذه النظرية ناقصة‪ ،‬فالقانون أوجد إلى جانب الحرف التجارية أعماال‬
‫تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها سواء كان تاج ار أم ال وسواء كانت له حرفة‬
‫تجارية أم ال‪.‬‬

‫ولعل المشرع التجاري قد تأثر بهذا اإلتجاه فقرر اعتبار التاجر المحور التي تدور حوله‬
‫قواعد القانون التجاري‪ ،‬وتفاديا لسلبيات هذه النظرية تولى إعطاء األمثلة لألنشطة التي يمكن‬

‫‪1‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.259 .‬‬
‫‪24‬‬
‫احترافها أو اإلعتياد على ممارستها الكتساب الشخص الصفة التجارية‪ ،‬تاركا الباب مفتوحا‬
‫إلمكانية قياس غيرها من األنشطة التي قد يظهر مستقبال أنها تجارية(‪.)1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أنواع العامل التجارية‬


‫عمل المشرع على إدراج الئحة باألعمال التجارية‪ ،‬يشكل أغلبها أعماال تجارية بطبيعتها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أعمال تجارية بنص القانون أو شكلية‪ ،‬وهناك أعمال يقوم بها التاجر بمناسبة‬
‫تجارته‪ ،‬وهي األعمال التجارية التبعية وفي األخير هناك األعمال المختلطة‪.‬‬

‫وسنتولى دراسة كل نوع في مطلب وفق اآلتي‪:‬‬


‫املطلب الول‪ :‬العامل التجارية بطبيعهتا أو النشطة التجارية‬
‫األعمال التجارية بطبيعتها هي األعمال التي تعتبر تجارية لذاتها‪ ،‬لكونها تتوفر على‬
‫مقومات العمل التجاري من مضاربة وتوسط في التداول‪ ،‬وهذه األعمال هي وحدها التي تؤدي‬
‫ممارستها على سبيل اإلعتياد أو اإلحتراف إلى اكتساب القائم بها لصفة تاجر‪ ،‬وقد أشار المشرع‬
‫المغربي إلى هذه األعمال في المادتين ‪ 6‬و‪ 7‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫وسنتناول هذه األنشطة التجارية مقسمة إلى أنشطة التوزيع (الفقرة األولى) أنشطة اإلنتاج‬
‫(الفقرة الثانية)‪ ،‬أنشطة الخدمات (الفقرة الثالثة) وأخي ار األنشطة البحرية والجوية (الفقرة الرابعة)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬أنشطة التوزيع والتسويق‬

‫تعبر أنشطة التوزيع عن أصالة األنشطة التجارية‪ ،‬بالنظر إلى الحيز الهام الذي تشغله في‬
‫الحياة االقتصادية‪ ،‬وقد عرفت هذه األنشطة تحوال هاما في مدونة التجارة‪.‬‬

‫هذه األنشطة سنعرض لها وفق اآلتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد أخياط‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.47 .‬‬
‫‪25‬‬
‫أوال‪ :‬شراء المنقول بقصد البيع أو الكراء‬

‫اول نشاط جاء في المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة هو "شراء المنقوالت المادية أو المعنوية بنية‬
‫بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى أو بقصد تأجيرها"‪.‬‬

‫يستفاد من هذه الفقرة أن الشراء بقصد البيع أو الكراء يعد نشاطا تجاريا متى مارسه‬
‫الشخص على وجه االعتياد أو اإلحتراف‪ ،‬ويالحظ أن المشرع في مدونة التجارة أورد شراء‬
‫المنقوالت بقصد بيعها في طليعة األنشطة التجارية‪ ،‬ولعل السبب يرجع أساسا إلى كون الشراء‬
‫للمنقول ألجل البيع أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر التجارة‪ ،‬وقد قاس عليهما القانون شراء‬
‫المنقول ألجل الكراء واستئجار المنقول ألجل التأجير‪ ،‬ويتعين حتى يعتبر النشاط تجاريا توافر‬
‫جملة من الشروط تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬الشراء أو اإلكتراء‪:‬‬

‫البد العتبار هذا النشاط تجاريا من أن يعتمد على شراء أو اكتراء المنقوالت كمنطق‪ ،‬ويقوم‬
‫مقام الشراء المقايضة‪ ،‬فإذا كانت المنقوالت المتاجر فيها تأتي من طريق آخر غير الشراء أو‬
‫اإلكتراء انتفت عن النشاط الصفة التجارية‪ ،‬وهذا هو حال من يكون المنتج من نتاج أرضه أو‬
‫فكره أو جهده البدني‪.‬‬

‫غير أنه يالحظ أنه مادام القانون المغربي لم يعد يأخذ باألعمال التجارية المفردة – إذ من‬
‫المفروض أن يشكل شراء المنقوالت بقصد إعادة بيعها أو إيجارها أو اكترائها بقصد إعادة‬
‫إيجارها نشاطا للتاجر‪ -‬فإن الذي يهم الكتمال مقومات العمل التجاري في هذا النوع من‬
‫األنشطة‪ ،‬هو أن يكون النشاط ككل يعتمد في منطلقه على الشراء أو اإليجار‪ ،‬ومن ثم فإذا‬
‫تخللت ذلك النشاط بعض العمليات ال تبدأ بالشراء أو اإليجار فإن ذلك ال يؤثر على صفته‬
‫التجارية ككل غير أن تلك العمليات ال تعتبر تجارية في ذاتها فتستبعد من ثم من النشاط‬
‫ككل(‪ .)1‬ومن هذا المنطلق فإنه ال يعتبر عمال تجاريا الزراعة واإلنتاج الفكري والمهن الحرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.58 .‬‬
‫‪26‬‬
‫* األعمال الزراعية‪:‬‬

‫لم ينص المشرع المغربي على طبيعة األعمال الزراعية‪ ،‬لكن هذه األعمال تصنف تقليديا‬
‫في خانة األعمال المدنية البحتة‪ ،‬وهذا راجع باألساس إلى رجحان العمل اليدوي في هذه‬
‫األعمال‪ ،‬ألن بيع المزارع للمحصوالت الناتجة عن أرضه هو في الغالب ثمرة لمجهوده‪.‬‬

‫وأحيانا قد تكون األعمال الزراعية مرفوقة بعمليات شراء‪ ،‬إذ عادة ما يقوم المزارعون بشراء‬
‫األسمدة ومواد المعالجة‪ ،‬فضال عن استعمالهم األساليب التجارية المتعلقة بالبيع‪ .‬كما أن بيعهم‬
‫للمحصوالت الناتجة عن أرضهم يكون في الغالب مرفوقا بشراء صناديق أو أكياس تعبأ فيها هذه‬
‫المحصوالت‪ ،‬لكن رغم ذلك فإن عمل المزارع يبقى عمال مدنيا‪ ،‬وذلك ألن هذه العمليات تبقى‬
‫ثانوية بالنسبة لنشاط المزارع الرئيسي‪.‬‬

‫وأحيانا ال يكتفي المزارع ببيع المحصوالت الناتجة عن أرضه‪ ،‬وانما يقوم بش ارء محصوالت‬
‫الغير لبيعها أيضا‪ ،‬ولتحديد طبيعة العمل في مثل هذه الحالة‪ ،‬يتعين النظر إلى العملية األكثر‬
‫أهمية‪ ،‬فإذا كانت عمليات الشراء التي يقوم بها المزارع تابعة لنشاطه الزراعي‪ ،‬فإنها تعتبر‬
‫أعماال مدنية بالتبعية‪ ،‬وعلى العكس فإن المزارع يتحول إلى تاجر إذا اكتست عمليات البيع التي‬
‫يقوم بها درجة من األهمية بحيث تشكل النشاط الرئيسي بالنسبة له(‪.)1‬‬

‫فإذا كان النشاط الزراعي هو النشاط الثانوي والنشاط التجاري هو النشاط الرئيسي فإنه‬
‫يصطبغ بالصفة التجارية‪ ،‬ومثال ذلك قيام المزارع بزراعة الزيتون في أراضي مملوكة له أو‬
‫استأجرها لهذا الغرض الستخراج الزيت منه‪ ،‬فهنا تكون الزراعة في خدمة نشاط تجاري وهو‬
‫استخراج الزيت من محصول الزيتون‪ .‬والعكس صحيح فإذا كان النشاط الزراعي هو النشاط‬
‫الرئيسي والنشاط التجاري هو النشاط الثانوي‪ ،‬فإنه يصطبغ بالصفة المدنية‪ ،‬ومثال ذلك يعد شراء‬
‫الماشية وبيعها في هذه الحالة عمال مدنيا(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الواحد حمداوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.43 .‬‬
‫‪2‬‬
‫محمود مختار بربري‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.62 .‬‬
‫‪27‬‬
‫وحقيقة األمر أن استبعاد عمليات اإلنتاج الزراعي وما يرتبط بها من أنشطة من نطاق‬
‫األعمال التجارية‪ ،‬وان كانت تجد ما يبررها بالنسبة للمشروعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة‬
‫فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للمشروعات الزراعية الكبيرة التي تستخدم أساليب المكننة‪،‬‬
‫وتلجأ إلى األساليب التجارية في تمويل عمليات اإلنتاج الزراعي وتسويق منتجاتها(‪.)1‬‬

‫* اإلنتاج الفكري‪:‬‬

‫يشمل اإلنتاج الفكري كال من اإلنتاج العلمي واألدبي والفني‪ ،‬وهو ال يعتبر عمال تجاريا‬
‫ألنه منتج فكري لم تسبقه عملية شراء أو كراء‪ ،‬ومن ثم فإذا باع المؤلف أو المخترع أو الفنان‬
‫منتوجه اعتبر ذلك عمال مدنيا وليس تجاريا‪.‬‬

‫غير أن اإلعتياد على شراء أو إكتراء مثل هذا المنتوج من أجل إعادة بيعه أو تأجيره‪،‬‬
‫يعتبر عمال تجاريا إذا ما تم بقصد تحقيق الربح لما ينطوي عليه ذلك من مضاربة وتوسط في‬
‫التداول وهذا هو حال دور النشر والتوزيع والعرض‪.‬‬

‫وبالنسبة إلصدار الصحف والمجالت فإنه يقترب من اإلنتاج الفكري إذا كان ال يقوم على‬
‫تحقيق الربح بحيث يعتبر عمال مدنيا‪ ،‬أما إذا كان يستهدف تحقيق الربح عن طريق نشر‬
‫اإلعالنات واألخبار والمقاوالت واألبحاث‪ ،‬فإنه يعتبر عمال تجاريا لقيامه على عنصري‬
‫المضاربة والتوسط في التداول وان كان التداول هنا تداول أفكار ومعارف(‪.)2‬‬

‫* المهن الحرة‪:‬‬

‫تقوم المهن الحرة على أساس استغالل الكفاءة العلمية أو التقنية للقائم بها‪ ،‬وهي عمليات لم‬
‫تسبقها عملية شراء لذلك فالعاملون في هذا اإلطار ال يعتبرون تجارا‪.‬‬

‫إن عمل المحاسب يبقى عمال مدنيا‪ ،‬كذلك الشأن بالنسبة لعمل المهندس والطبيب‬
‫والمحامي والموثق‪ ...‬ويتزامن في بعض األحيان ممارسة المهنة الحرة – العمل المدني – ببعض‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.71 .‬‬
‫‪2‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.59 .‬‬
‫‪28‬‬
‫األعمال التجارية من حيث الشراء من أجل البيع‪ ،‬آنذاك تتحول المهنة الحرة إلى عمل تجاري‪،‬‬
‫فالصيدلي وان كان يستغل شهادته العلمية‪ ،‬إال أن عمله هو شراء وبيع مواد صيدلية‪ ،‬كذلك‬
‫الشأن بالنسبة لطبيب األسنان حين يقوم ببيع مواد تركيب وتجميل األسنان خارج تدخله الطبي‬
‫العالجي أو الجراحي‪.‬‬

‫إن الحسم في مثل هذه المهن من حيث تكييفها يتحدد حسب حدود هيمنة العمل التقني أو‬
‫العلمي‪ ،‬حيث يبقى العمل مدنيا ولو صاحبه عمليات شراء بنية البيع‪ ،‬أما إذا كان الجانب التقني‬
‫أو العلمي متضائال أو غائبا أمام عملية إعادة البيع فإن العمل يأخذ منحى تجاريا(‪.)1‬‬

‫‪ :2‬أن يقع الشراء على منقول‬

‫يشترط حتى يعد الشراء أو االستئجار عمال تجاريا أن يقع على منقول‪ ،‬حسب نص المادة‬
‫‪ 6‬من مدونة التجارة‪ ،‬وال يهم ما إذا كان المنقول ماديا‪ ،‬وال أهمية لكونه منقوال بطبيعته‬
‫كالسيارات والسلع والبضائع أو منقول بحسب المآل‪ ،‬كمن يشتري منزال لبيعه أنقاضا بعد هدمه‬
‫وقد يكون منقوال معنويا كحقوق الملكية الصناعية‪ ،‬أي العالمات التجارية‪ ،‬وبراءات اإلختراع‬
‫والرسوم والنماذج الصناعية‪ .‬فعملية الشراء الواردة على هذه المنقوالت بقصد بيعها يعتبر عمال‬
‫تجاريا(‪.)2‬‬

‫‪ :3‬نية البيع أو التأجير على الحالة أو بعد التغيير‬

‫اشترط المشرع المغربي ضرورة توفر نية إعادة البيع أو التأجير للمال موضوع عملية الشراء‬
‫األولى‪ ،‬سواء تمت إعادة البيع أو التأجير للمال بالحالة التي كان عليها عند الشراء‪ ،‬كمن اشترى‬
‫ثوبا وأعاد بيعه على حالته أو بعد تهيئته بهيئة أخرى‪ ،‬أي بعد إدخال تعديالت على ذلك الشيء‬
‫بعد شرائه ليبيعه بهيئة أخرى أو تأجيره‪ ،‬وكمن يحول القمح إلى دقيق أو الثوب إلى مالبس‬
‫وهكذا‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.32 .‬‬
‫‪2‬‬
‫علي البارودي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.56 .‬‬
‫‪29‬‬
‫إن المشرع يستوجب تحقق نية إعادة البيع أو التأجير دونما ضرورة تحقق عملية إعادة‬
‫البيع أو التأجير ألي سبب كان‪ ،‬ككساد السوق‪ ،‬انخفاض األسعار وضياع المال‪ ،‬إن المعتمد‬
‫قانونا هي مسألة تحقق نية إعادة البيع أو التأجير لدى التاجر عند قيامه بعملية الشراء األولى‪،‬‬
‫إن الشخص الذي ال تتوفر لديه هذه النية عند العملية األولى ال يعتبر حسب عبارة النص‬
‫القانوني قد قام بنشاط تجاري‪ ،‬فمن اشترى سيارة لالستعمال الشخصي ثم بعد ذلك ارتأى أن‬
‫يبيعها‪ ،‬فال يعتبر عمله هذا عمال تجاريا‪ ،‬وذلك خالف لمن توفرت لديه نية إعادة البيع أو‬
‫التأجير عند قيامه بعملية الشراء األولى‪ ،‬ففي هذه الحالة ولو لم يقم فعال بإعادة بيعها فإن ذلك‬
‫يشكل نشاطا تجاريا‪ ،‬ألن نية إعادة البيع أو التأجير توفرت عند البداية(‪.)1‬‬

‫‪ :4‬قصد تحقيق الربح‬

‫يشترط العتبار الشراء ألجل البيع أو التأجير عمال تجاريا أن تنصرف نية المشتري إلى‬
‫تحقيق الربح‪ ،‬حتى ولو لم يتحقق الربح فعال بسبب انخفاض أسعار السلعة أو تحول ذوق‬
‫المستهلك عنها‪ .‬فالدافع للقيام بالمعامالت التجارية هو تحقيق الربح‪ ،‬ذلك أن جميع المعامالت‬
‫التجارية مهما تنوعت‪ ،‬إنما تستهدف أو يستهدف القائم بها تحقيق الربح‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك ال تعد األعمال التي تقوم بها الجمعيات التعاونية أو النقابات المهنية من‬
‫شراء للسلع ثم بيعها ألعضائها بسعر التكلفة أعماال تجارية حتى ولو حصلت على بعض‬
‫المبالغ لإلنفاق على مستلزمات العمل التعاوني(‪.)2‬‬

‫وعلى خالف ذلك تعد األعمال التي تقوم بها هذه الجمعيات والنقابات أعماال تجارية إذا لم‬
‫تقتصر على بيع السلع ألعضائها‪ ،‬وانما قامت بالبيع لغير أعضائها بسعر السوق بغية تحقيق‬
‫الربح(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.34 .‬‬
‫‪2‬‬
‫سميحة القليوبي‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المصري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،2005‬ص‪.125 .‬‬
‫‪3‬‬
‫حنان عبد العزيز مخلوف‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.81 .‬‬
‫‪30‬‬
‫ثانيا‪ :‬إكتراء المنقوالت من أجل إكرائها من الباطن‬

‫نصت المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة على أن ‪ -2 ...":‬إكتراء المنقوالت المادية أو المعنوية‬
‫من أجل إكرائها من الباطن؛ ‪."...‬‬

‫يتضح من هذه المادة أن عملية إكراء المنقول من الباطن تعد عمال تجاريا‪ ،‬وذلك بشرط أن‬
‫يكون قصد اإلكراء متزامنا مع لحظة اإلكتراء‪ ،‬فإذا كان القصد من اإلكتراء استعمال المنقول‬
‫استعماال شخصيا‪ ،‬ثم عدل المكتري وقرر كراءه فالعمل ال يعد تجاريا‪ .‬والعكس صحيح‪ ،‬يعد‬
‫إكتراء المنقول تجاريا لو تم بقصد اإلكراء حتى لو عدل المكتري وقرر استعمال المنقول استعماال‬
‫شخصيا‪.‬‬

‫وفضال عن ضرورة توافر قصد اإلكراء لحظة اإلكتراء يتعين أن يتوافر أيضا قصد تحقيق‬
‫الربح ولو لم يتحقق الربح بالفعل‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك إذا قام شخص بإكتراء سيارات أو آالت بقصد إكرائها فإن عمله يعد عمال‬
‫تجاريا ولو وقع مرة واحدة‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن المشرع قد أضفى الصفة التجارية على عملية اإلكراء الالحقة على‬
‫اإلكتراء‪ ،‬وقد سبق أن فعل ذلك بالنسبة لعملية البيع أو الكراء التي تتبع عملية الشراء‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬شراء العقارات بنية بيعها‬

‫كان شراء العقارات بقصد بيعها ال يعتبر عمال تجاريا في ظل مدونة التجارة القديمة التي‬
‫كانت تعكس الفكر التقليدي الذي يعتبر العقار شيئا ثابتا يتنافى بطبيعته وفكرة التداول السريع‬
‫التي يقوم عليها العمل التجاري(‪ .)1‬باإلضافة إلى ما يتطلبه انتقال ملكيته من إجراءات التقييد‬
‫في السجل العقاري مما يتنافى والسرعة التي تتطلبها التجارة‪.‬‬

‫غير أن التطور االقتصادي الحديث عدل من هذه الفكرة بشكل كبير‪ ،‬إذ لم يفت الفقه‬
‫الحديث أن يالحظ أن العقارات أصبحت تعرف مضاربات شرسة تتمثل في استثمار أموال كبيرة‬
‫‪1‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.71 .‬‬
‫‪31‬‬
‫في شراء األراضي وتجزئتها أو بناء العمارات والدكاكين عليها وبيعها بقصد الربح‪ ،‬مما يثبت أن‬
‫المضاربات العقارية يتوفر فيها كذلك عنص ار المضاربة والتوسط في التداول‪ ،‬خاصة إذا علمنا‬
‫أنه في ظل القوانين التجارية الحديثة‪ ،‬ال يقتصر التداول على المنقوالت المادية بل المعنوية‬
‫كذلك‪ ،‬لذلك فإذا كانت العقارات ال تتداول بنفس الطريقة التي تتداول بها المنقوالت ألنها ثابتة‪،‬‬
‫فإن تداول الحقوق المترتبة عليها يشكل تداوال غير مادي لقيم كاف لقيام العمل التجاري‪ ،‬من هنا‬
‫خلص غالبية الفقه الحديث إلى أن العمليات الواقعة على العقارات إذا كانت تتوفر فيها‬
‫خاصيتين‪ ،‬المضاربة والوساطة في التداول فإنه يجب اعتبارها أعماال تجارية‪.‬‬

‫وبالفعل فإن المشرع المغربي قد اقتنع بوجاهة هذه النظرة‪ ،‬فنص في مدونة التجارة على‬
‫تجارية المضاربات الواقعة على العقارات‪ ،‬ومن ثم فإن كل عملية شراء تنصب على العقارات‬
‫بقصد إعادة بيعها بربح‪ ،‬سواء بيعت على حالها أو بعد إدخال تغيرات جزئية أو كلية عليها‬
‫تعتبر تجارية‪ ،‬ونفس الشروط المتطلبة في شراء المنقوالت بقصد بيعها يجب أن تتوفر هنا‬
‫أيضا(‪.)1‬‬

‫رابعا‪ :‬التزويد بالمواد والخدمات‬

‫تعتبر مقاوالت التوريد أو التموين من أهم مقاوالت التوزيع وتقديم الخدمات‪ ،‬وقد نصت على‬
‫تجاريتها الفقرة الرابعة عشر من المادة السادسة من مدونة التجارة‬

‫"‪ ...‬التزويد بالمواد والخدمات؛‪."...‬‬

‫ويقصد بالتوريد‪ ،‬االتفاق الذي يلتزم بمقتضاه شخص بأن يسلم أو يورد لشخص آخر‬
‫البضائع والغلل أو الخدمات بصورة دورية ومستمرة‪ ،‬ويقصد بمقاولة التوريد المقاولة التي تتعهد‬
‫بأن تقوم بالعمليات السابقة وذلك كتوريد األغذية والمالبس واألدوية للمستشفيات أو توريد الورق‬
‫إلحدى الصحف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪32‬‬
‫ويلحق بالمقاوالت السابقة تلك المكلفة بتقديم خدمات بصورة مستمرة لبعض المرافق الجهوية‬
‫للدولة أو منشآتها العامة بقصد القيام بأعمال الصيانة واإلصالح والنظافة بها‪.‬‬

‫واذا كانت أعمال التوريد تعتبر أعمال تجارية بالنسبة للمورد بالنظر لضرورة توافر المقاولة‪،‬‬
‫فإنها بالنسبة للمورد له قد تعتبر تجارية أو مدنية وذلك تبعا لعمله األصلي‪.‬‬

‫وال يشترط في التوريد أن يقع على وجه التملك لمصلحة المورد له‪ ،‬بل قد يكون مجرد‬
‫عارية استعمال وذلك بالقيام بتأجير منفعتها لمدة معينة تعاد بعدها إلى المقاولة الموردة‪.‬‬

‫كما هو الشأن في توريد األواني والمفروشات والخيام والكراسي الستعمالها في األعراس‬


‫والحفالت‪.‬‬

‫والواقع أن أعمال التوريد هي على نوعين‪:‬‬

‫* أن يشتري المورد السلع أو الغلل من أجل بيعها للجهة التي تعهد لها بالتوريد‪ ،‬وتعتبر‬
‫هذه األعمال من قبيل عمليات شراء المنقوالت المادية أو المعنوية بقصد بيعها والتي نصت على‬
‫تجاريتها مقتضيات الفقرة األولى من المادة السادسة من مدونة التجارة‪.‬‬

‫* أما عملية التوريد الثانية‪ ،‬فتتمثل في تزويد جهة معنية بمواد أو خدمات لم يسبق للمورد‬
‫أن اشتراها وذلك كمن يتعهد بتوريد المؤونة لحي جامعي أو مستشفى أو سفينة‪ ،‬وكتوريد مصادر‬
‫الطاقة من غاز وكهرباء وفحم حجري لجهات معينة(‪.)1‬‬

‫خامسا‪ :‬البيع بالمزاد العلني‬

‫يقصد بالبيع بالمزاد العلني كل بيع يستطيع أي شخص حضوره حتى ولو اقتصر المزاد‬
‫على طائفة معينة من األشخاص‪ ،‬ويتم لمن يقدم أعلى ثمن‪ ،‬وقد أصبغ المشرع في مدونة‬
‫التجارة الفقرة ‪ 16‬من المادة السادسة على الشخص الذي يزاول على وجه اإلعتياد أو اإلحتراف‬
‫البيع بالمزاد العلني الصفة التجارية‪ ،‬وهو ما يعني استبعاد البيع بالمزاد العلني الذي قد يتم‬
‫بصورة عارضة أو على وجه اإلنفراد‪ ،‬ووفقا لذلك يعتبر صاحب محل البيع بالم ازد العلني الذي‬
‫‪1‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.140 .‬‬
‫‪33‬‬
‫يعتاد أو يحترف البيع بالمزاد العلني تاج ار‪ ،‬باعتبار أنه يتوسط في تداول المنقوالت من خالل‬
‫التقريب بين الراغبين في البيع وبين الراغبين في الشراء‪ ،‬نظير عمولة يحصل عليها وهي عبارة‬
‫عن نسبة مئوية من ثمن البيع‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن المحالت التي تعرض فيها السلع لبيعها‬
‫بالمزاد تكتسب الصفة التجارية فتصبح محالت تجارية‪.‬‬

‫غير أن البيع بالمزاد العلني قد تمارسه بشكل معتاد بعض الجهات‪ ،‬كمصلحة تنفيذ األحكام‬
‫القضائية‪ ،‬ومصلحة الجمارك وغيرها التي قد تلجأ إلى عملية البيع بالمزاد العلني ألجل بيع‬
‫محجوزات المحكوم عليه من قبل مصلحة تنفيذ األحكام أو بيع الجمارك لما تحجزه من أشياء‬
‫مهربة أو غير مؤداة للرسوم الجمركية أو بيع محجوزات البلديات وغيرها‪ ،‬فكل هذه البيوع التي‬
‫تجريه الجهات المشار إليها ال يضفي عليها الصفة التجارية النتفاء نية المضاربة ألجل تحقيق‬
‫الربح من جهة ولكون تلك الجهات ال تحترف أو تعتاد القيام بذلك كنشاط تجاري و إنما هو‬
‫يدخل في إطار تطبيق و تنفيذ أحكام و قوانين حسب كل مصلحة لغرض الصالح العام(‪.)1‬‬

‫وخالصة القول أن البيع بالمزاد العلني وفقا لنص المادة السادسة من مدونة التجارة يعتبر‬
‫عمال تجاريا متى تمت مزاولته من الشخص بصفة اعتيادية أو احترافية‪ ،‬بمعنى أن البيع بالمزاد‬
‫العلني ال يكفي أن يتم مرة واحدة أو على وجه اإلنفراد بل يتعين قيامه استنادا إلى تنظيم وتكرار‬
‫على وجه احتراف بيع المنقوالت للغير بالمزاد(‪ )2‬أو اعتياد القيام بذلك مما يترتب عليه اكتساب‬
‫القائم به الصفة التجارية وبالتالي تجارية البيع بالمزاد العلني‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬توزيع الماء والكهرباء والغاز‬

‫تعتبر عملية توزيع الماء والكهرباء والغاز من الخدمات التي تشرف عليها الدولة‪ ،‬وتعمل‬
‫على ضمان هذه الخدمات وحمايتها من المنافسة لما لها من أهمية بالغة في حياة المواطنين‪،‬‬
‫لذلك كان من األحسن لو استمرت الدولة في احتكار تسيير مشروع توزيع الماء والكهرباء‪ ،‬بدال‬
‫من خوصصته وبالتالي إدخاله مجال المنافسة‪ ،‬وقد جاء توزيع الماء والكهرباء والغاز ضمن‬
‫األنشطة التي إذا ما مارسها الشخص بصفة اعتيادية أو على وجه اإلحتراف اعتبر عمال‬
‫‪1‬‬
‫محمد أخياط‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.105 .‬‬
‫‪2‬‬
‫سميحة القليوبي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.135 .‬‬
‫‪34‬‬
‫تجاريا‪ .‬ونظ ار لما يتطلبه هذا العمل من تنظيم وادارة ورأس مال وأيدي عاملة‪ ،‬فإن المشرع لم‬
‫يشترط مزاولة توزيع الماء والكهرباء والغاز من خالل مقاولة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنشطة االإنتاج‬

‫تتصدر هذه األنشطة‪ ،‬النشاط الصناعي والحرفي (أوال) والتنقيب عن المناجم والمقالع‬
‫واستغاللها (ثانيا) والطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها (ثالثا) والبناء واألشغال العمومية‬
‫(رابعا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النشاط الصناعي والحرفي‬

‫النشاط الصناعي هو الذي يقوم على تحويل المواد األولية إلى مواد نصف مصنعة أو إلى‬
‫سلع مصنعة أو تحويل المواد نصف المصنعة إلى سلع مصنعة‪ ،‬وتشمل الصناعة بهذا المعنى‬
‫أعمال اإلصالح والصيانة التي تؤدي إلى إحداث تغيرات جوهرية في األشياء‪ ،‬بالنظر إلى أنها‬
‫تقوم في الغالب على المضاربة على اليد المستخدمة وعلى قطع الغيار‪.‬‬

‫وتعتبر الصناعة عمال تجاريا ألنها تقوم أوال على المضاربة إذ يقوم الصانع بتحديد ثمن‬
‫البيع بمراعاة تكلفة التصنيع – بما فيها األجور‪ -‬باإلضافة إلى هامش الربح الذي يسعى إلى‬
‫تحقيقه‪ ،‬وألنها تقوم ثانية على عنصر التوسط في التداول‪ ،‬إذ يتوسط الصانع بين العمال الذي‬
‫يصنعون السلع مقابل أجر المستهلكين‪.‬‬

‫وقد كان في ظل النص القديم قبل صدور مدونة التجارة‪ ،‬يشترط في عملية التصنيع أن‬
‫تقوم على المضاربة على عمل الغير‪ ،‬أي أن تقوم على استخدام يد عاملة مأجورة بقصد جني‬
‫الربح من خالل منتجاتها وذلك لتمييز مقاولة التصنيع عن العمل الحرفي الذي يعتبر عمال‬
‫مدنيا‪ ،‬بالضبط لعدم توفر عنصر المضاربة على عمل الغير فيه انطالقا من كون أن الحرفي أو‬
‫الصانع التقليدي إنما يمارس عمله لحسابه الخاص معتمدا أساسا على جهده وعمله الشخصيين‬
‫وليس على المضاربة على عمل الغير‪ ،‬ولكونه حتى إذا استعان في بعض األحيان ببعض‬
‫العمال أو استخدم بعض اآلالت البسيطة‪ ،‬فنشاطه يظل معتمدا على عمله الشخصي وعلى‬
‫مهارته اليدوية‪ ،‬إال أن المشرع بنصه على تجارية العمل الحرفي يكون قد غير من هذه النظرة‬

‫‪35‬‬
‫الضيقة لمفهوم المضاربة التي تتحقق في العمل الحرفي بشكل مخالف حتى من دون مضاربة‬
‫على اليد العاملة‪.‬‬

‫وتتمثل في قصد جني الربح الذي يسعى إليه الحرفي من خالل عمله‪ ،‬فالخياط أو الحالق‬
‫مثال مهما كانت التسمية التي يمكن أن نطلقها على المقابل الذي يحصل عليه مقابل عمله إنما‬
‫يسعى إلى تحقيق الربح من خالل توفيره لإلطار المالئم لتقديم خدماته‪ ،‬المتمثل في المكان الذي‬
‫يخصصه الستقبال زبائنه واالستثمار الذي يخصصه لتوفير التجهيزات وأدوات العمل مهما كانت‬
‫بسيطة مضافة إلى جهده وعمله الشخصيين‪ ،‬وعلى كل فهذه النظرة ليست جديدة في إطار‬
‫النص التشريعي القديم الذي كان ينص على تجارية مقاولة مكاتب األعمال بالرغم من أن العديد‬
‫من هذه المكاتب تعتمد أساسا على جهد أصحابها وخبرتهم‪ ،‬وال تضارب على اليد العاملة‪،‬‬
‫ويحصل أصحابها على مقابل أتعاب وليس على أرباح كما هو الشأن بالنسبة لوكاالت إدارة‬
‫األمالك ومكاتب تخليص البضائع من الجمرك‪ ،‬لذلك فمن المعتقد أن المعطيات الواقعية‬
‫لالقتصاد المغربي الحديث هي التي استدعت إضفاء الصبغة التجارية على األعمال الحرفية‬
‫وذلك من ناحية لتمكين الحرفيين من اإلستفادة من الحقوق التي يتمتع بها التجار مثل اكتساب‬
‫األصل التجاري‪ ،‬ومن ناحية ثانية لحماية حقوق المتعاملين مع الحرفيين حتى يستفيدوا من‬
‫ضمانات الدين التجاري‪ ،‬فيتدعم بذلك ائتمانهم‪ ،‬وهذا ييسر على هذه الفئة من المنعشين‬
‫االقتصاديين الحصول على ما هي في حاجة إليه من تمويل(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنقيب عن المقالع والمناجم واستغاللها‬

‫عمل المشرع المغربي على إلحاق التنقيب عن المناجم واستغاللها باألنشطة التجارية من‬
‫خالل الفقرة الرابعة من المادة السادسة‪ ،‬ويبدو أن ذلك ال يشكل تجديدا مقارنة مع النص القديم‪،‬‬
‫ذلك أن االستغالالت المنجمية كانت تعتبر أعماال تجارية طبقا لظهير ‪ 16‬أبريل ‪ 1951‬أسوة‬
‫بالقانون الفرنسي لـ ‪ 09‬شتنبر ‪ 1919‬المعدل بقانون ‪ 02‬يناير ‪ ،1970‬بينما ظلت باقي‬
‫الصناعات المتعلقة بالمقالع خارج دائرة األنشطة التجارية‪ ،‬وهي كثيرة كالمحاجر واألمالح والمياه‬
‫المعدنية ‪ ...‬خصوصا إذا علمنا أن هذه الصناعات توظف أمواال هامة وامكانيات مادية وبشرية‬
‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ 64 .‬و‪.65‬‬
‫‪36‬‬
‫هائلة‪ ،‬هكذا ومن خالل الفقرة الرابعة من الفصل السادس أضحت كل عمليات التنقيب عن‬
‫المناجم والمقالع واستغاللها أحد أهم األنشطة التجارية وهو ما يشكل تطو ار هاما في التعامل مع‬
‫هذه األعمال‪.‬‬

‫هكذا نالحظ أن المشرع المغربي وسع من دائرة أعمال التنقيب واستغالل المناجم والمقالع‪،‬‬
‫فكل هذه األنشطة أصبحت طبقا للمدونة أنشطة تجارية دونما تمييز بين أعمال المقالع وأعمال‬
‫المناجم(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها‬

‫يعتبر النص على تجارية أعمال الطباعة والنشر من بين مستجدات مدونة التجارة‪ ،‬أما في‬
‫السابق فإن الفقه هو الذي أضفى عليها الصبغة التجارية أمام ما الحظه من تطور هذه المهنة‪.‬‬

‫ورغم أن البعض يصنف األشخاص الذين يتولون الطباعة والنشر ضمن فئة الموزعين‬
‫ألنهم يقومون ببيع المؤلفات للمكتبات‪ ،‬بل وأحيانا للجمهور مباشرة لكن الجانب األكثر أهمية في‬
‫عملهم يتمثل في تحويل شيء مخطوط باليد إلى كتب أو مؤلفات مطبوعة‪ ،‬لكن األمر يختلف‬
‫بالنسبة لصاحب المكتبة الذي يشتري الكتب قصد إعادة بيعها‪ ،‬فعمله هنا يعتبر عمال تجاريا‬
‫على أساس الفقرة األولى من المادة السادسة‪ ،‬أي على أساس شراء المنقول بقصد بيعه(‪.)2‬‬

‫وتؤدي ممارسة أعمال الطباعة والنشر على سبيل االعتياد أو االحتراف إلى اكتساب القائم‬
‫بها لصفة تاجر‪ ،‬لكن شريطة أن يكون الهدف من ذلك هو تحقيق الربح‪ ،‬أما إذا انتفى هذا‬
‫الهدف فإن العمل ال يعتبر تجاريا‪ ،‬وهو الشأن مثال بالنسبة ألعمال الطباعة والنشر التي تقوم‬
‫بها المطابع التابعة لإلدارات العمومية أو للجرائد الحزبية(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.40 .‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الواحد حمداوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.67 .‬‬
‫‪3‬‬
‫امحمد لفروجي‪ ،‬التاجر وقانون التجارة بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،1997‬ص‪.52 .‬‬
‫‪37‬‬
‫رابعا‪ :‬البناء واألشغال العمومية‬

‫تعتبر أعمال البناء واألشغال العمومية من قبيل األنشطة التجارية طبقا للفقرة ‪ 12‬من المادة‬
‫السادسة وتهم هذه األعمال بناء القناطر وحفر األنفاق ومد الطرق وبناء السدود وما إلى ذلك‪.‬‬
‫ومن الناحية العملية غالبا ما تقوم بهذه األعمال شركات كبيرة‪ ،‬تأخذ في الغالب شكل شركات‬
‫المساهمة لما تتطلبه من إمكانيات هائلة بشرية منها ومادية‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع ان يقوم بهذا‬
‫النشاط شخص طبيعي‪.‬‬

‫ونالحظ أن المشرع المغربي خالف المشرع الفرنسي‪ ،‬الذي ميز على مستوى تجارية أنشطة‬
‫البناء‪ ،‬حيث اعتبر عمل المنعشين العقاريين عمال مدنيا‪ ،‬وفي ذلك تشجيعا منه ألعمال اإلنعاش‬
‫العقاري الذي يقوم على حل أزمة السكن من خالل بناء العمارات وبيعها إما جملة أو بشكل‬
‫مجزئ(‪.)1‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أنشطة اخلدمات‬

‫يغلب على المادة السادسة من مدونة التجارة‪ ،‬هيمنة انشطة الخدمات‪ ،‬واذا كانت أنشطة‬
‫اإلنتاج تعمل على إنتاج وخلق الثروات‪ ،‬فإن أنشطة الخدمات تساعد على خلق مناصب الشغل‬
‫الكثيرة‪ ،‬وهكذا سنتحدث عن هذه األنشطة وفق ما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنشطة الخدمات االجتماعية والترفيهية‬

‫تتمثل الخدمات االجتماعية والترفيهية التي تعتبر أعماال تجارية في‪ :‬النقل‪ ،‬تنظيم المالهي‬
‫العمومية‪ ،‬فضال عن البريد والمواصالت‪.‬‬

‫‪ -1‬النقل‪:‬‬

‫يعتبر النقل عمال تجاريا متى تم بعوض‪ ،‬ومورس على سبيل التكرار واالعتياد‪ ،‬وذلك أيا‬
‫كانت وسيلة النقل المستعملة وسواء تعلق بنقل األشخاص أو بنقل البضائع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.42 .‬‬
‫‪38‬‬
‫ولقد كانت المدونة القديمة تشترط أن يتم النقل من خالل مقاولة العتباره تجاريا‪ ،‬مما كان‬
‫يؤدي إلى استبعاد اصحاب سيارات األجرة والنقل الذين يستغلون سياراتهم بأنفسهم من طائفة‬
‫التجار‪ ،‬انطالقا من كونهم يعتمدون أساسا على جهدهم الشخصي‪ ،‬ويصنفون بالتالي ضمن‬
‫أصحاب الحرف‪ ،‬إال أن النص الجديد استبعد هذا الشرط ونص على تجارية النقل الذي يجري‬
‫على سبيل اإلعتياد أو االحت ارف(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬تنظيم المالهي العمومية‪:‬‬

‫يقصد بالمالهي العمومية‪ ،‬كل مكان يرتاده الجمهور بقصد اللهو والتسلية نظير أجر‪ ،‬مثل‬
‫دور السينما والمسرح‪ ،‬والسيرك‪ ،‬األلعاب‪ ،‬والتمثيل والموسيقى والرقص‪...‬‬

‫وتكمن تجارية هذه األعمال بالنسبة لمنظم المالهي في الفرق الذي يأخذه بين ما يقدمه‬
‫للمشاركين (الرياضيين‪ ،‬الفنانين‪ )...‬الذي يبقى العمل بالنسبة إليهم عمال مدنيا – وبين ما يأخذه‬
‫هو من الجمهور‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن تنظيم المالهي من قبل الجمعيات وبعض الجهات الخيرية مثال ال‬
‫يعتبر نشاطا تجاريا النتفاء عنصر الربح والمضاربة(‪.)2‬‬

‫‪ -3‬البريد والمواصالت‪:‬‬

‫كان قطاع البريد والمواصالت خاضعا في السابق الحتكار الدولة‪ ،‬لكن الرغبة في فسح‬
‫المجال أمام المبادرة الحرة أدت إلى إعادة النظر في هيكلة هذا المرفق العمومي من خالل فتح‬
‫مجال االستثمار فيه أمام الخواص‪ ،‬وخير دليل على ذلك هو ظاهرة األكشاك أو المخادع‬
‫الهاتفية المنظمة التي تتاجر في أعمال البريد والمواصالت(‪.)3‬‬

‫وتعتبر أعمال البريد والمواصالت أعماال تجارية‪ ،‬وتبعا لذلك فإن إضفاء صبغة المؤسسة‬
‫العمومية على مكتب اتصاالت المغرب بمقتضى ظهير ‪ ،1984 -10 -10‬ال ينفي اختصاص‬
‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.73 .‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.51 .‬‬
‫‪3‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.170 .‬‬
‫‪39‬‬
‫المحاكم التجارية للنظر في الدعوى المتعلقة به إذا كان موضوعها خاضعا لقواعد القانون‬
‫التجاري وهدفها المضاربة وتحقيق الربح(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أعمال الوساطة‬

‫هي التي تقوم على التقريب بين أطراف العملية التجارية من منتخبين وموزعين ومستهلكين‪،‬‬
‫فالوسيط ال ينتج وال يشتري وال يبيع‪ ،‬وانما ينتقل بين هذا وذاك‪ ،‬لربط اإلتصال فيما بينهم‪،‬‬
‫وللتقريب بين إرادتهم‪ ،‬فهو كثي ار ما يالقي الطلب بالعرض‪ ،‬وبفضله يتحقق تداول الثروات‬
‫وتتحدد هذه األعمال فيما نصت عليه البنود ‪ 9‬و‪ 10‬و‪ 13‬من المادة السادسة من مدونة التجارة‬
‫وهذه األعمال هي‪:‬‬

‫‪ -1‬السمسرة‪:‬‬

‫السمسرة هي عملية التوسط بين طرفي العقد مقابل عمولة غالبا ما تأتي في شكل نسبة‬
‫مئوية من قيمة الصفقة‪ ،‬ويقتصر دور السمسار على التقريب بين وجهات نظر المتعاقدين دون‬
‫أن يكون طرفا في العقد الذي يجمعهما‪ ،‬وتعتبر السمسرة عملية تجارية ألنها تقوم على التوسط‬
‫في التداول إال أنها يجب ان تحصل بقصد تحقيق الربح‪.‬‬

‫وقد عرفت المادة ‪ 405‬من مدونة التجارة السمسرة بكونها عقد يكلف بموجبه السمسار من‬
‫طرف شخص بالبحث عن شخص آخر لربط عالقة بينهما قصد إبرام عقد‪.‬‬

‫وال تعتبر السمسرة تجارية إال إذا حصلت بشكل اعتيادي أو احترافي‪.‬‬

‫‪ -2‬الوكالة بالعمولة‪:‬‬

‫الوكالة بالعمولة هي كل تعهد من شخص يسمى الوكيل بالعمولة بالقيام باألعمال التجارية‬
‫باسمه لحساب موكليه مقابل عمولة‪ ،‬لذلك فالوكالة بالعمولة هي عملية توسط بين التجار‬
‫والمنتجين‪ ،‬أو كبار التجار وصغارهم‪ ،‬فالوكيل بالعمولة يتعاقد باسمه‪ ،‬لذلك فهو الذي يظهر‬
‫اسمه على العقد‪ ،‬وبالتالي هو الذي يكتسب الحقوق الناشئة عنه ويتحمل االلتزامات المترتبة‬
‫‪1‬‬
‫قرار رقم ‪ 182‬صادر عن محكمة االستئناف التجارية بفاس بتاريخ ‪.1998 -11 -30‬‬
‫‪40‬‬
‫عنه‪ ،‬كما لو كان قد تعاقد لحسابه الخاص هذا في عالقته مع المتعاقد معه‪ .‬أما في عالقته مع‬
‫موكليه فإن الصفقات التي يجريها تطبيقا لعقد الوكالة الذي يجمعه بذلك الموكل تكون لحساب‬
‫هذا األخير‪ ،‬وعليه أن يتقيد ببنود عقد الوكالة واال كان مسؤوال مسؤولية عقدية عن كل إخالل‬
‫يلحق ضر ار بالموكل‪.‬‬

‫وتقوم الحاجة في اللجوء إلى الوكيل بالعمولة في الحاالت التي ال يستطيع فيها الموكل‬
‫التعاقد باسمه ألن الغير ال يقبل التعاقد معه‪ ،‬إما ألنه حديث العهد بالتجارة‪ ،‬أو الفتقاده الثقة‬
‫بينهما‪ ،‬أو ألي سبب آخر‪ ،‬فيلجأ إلى الوكيل بالعمولة لالستفادة من االئتمان الذي يتمتع به هذا‬
‫األخير في السوق‪.‬‬

‫‪ -3‬الوكالة التجارية‪:‬‬

‫لم تنص مدونة التجارة – القانون ‪ – 15.95‬صراحة على الوكالة التجارية ضمن التعداد‬
‫الوارد في المادة السادسة‪ ،‬إال أنها نصت عليها ضمنا بإشارتها في البند ‪ 9‬إلى "السمسرة والوكالة‬
‫بالعمولة وغيرها من أعمال الوساطة" كما أنها نظمتها بمقتضى المواد من ‪ 393‬إلى ‪ 404‬من‬
‫مدونة التجارة‪.‬‬

‫والوكالة التجارية عرفتها المادة ‪ 393‬من مدونة التجارة بكونها عقد يلتزم بمقتضاه شخص‬
‫ودون أن يكون مرتبطا بعقد عمل بالتفاوض أو بالتعاقد بصفة معتادة‪ ،‬بشأن عمليات تهم أشرية‬
‫أو بيوعات‪ ،‬وبصفة عامة جميع العمليات التجارية باسم ولحساب تاجر أو منتج أو ممثل تجاري‬
‫آخر يلتزم من جهته بأدائه أجرة عن ذلك‪."...‬‬

‫فالوكالة التجارية إذن هي عملية وساطة يتولى فيها الوكيل التجاري التفاوض أو التعاقد‬
‫باسم ولحساب تاجر مقابل أجر‪ ،‬والعتبارها تجارية يجب أن تمارس من قبل الوكيل بصفة‬
‫معتادة(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.68 .‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -4‬مكاتب ووكاالت األعمال واألسفار واإلعالم واإلشهار‪:‬‬

‫عمل المشرع المغربي على إعادة تكريس مكاتب ووكاالت األعمال ضمن األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬كأحد أهم أعمال الوساطة‪ ،‬لكن هذه المرة أضاف إليها مكاتب األسفار واإلعالم‬
‫واإلشهار‪ ،‬وهذا ما تشير إليه الفقرة ‪ 13‬من المادة السادسة‪ ،‬والمالحظ أن جميع هذه األنشطة‬
‫تحكمها قاعدة أعمال الوساطة في الحقل االقتصادي‪.‬‬

‫إن جميع هذه المكاتب والوكاالت رغم تعددها‪ ،‬يكمن عملها في تقديم المساعدة لزبنائها‬
‫على تسيير وادارة أموالهم‪ ،‬ومواصلة المعامالت القانونية لدى الجهات الرسمية‪.‬‬

‫وهكذا نجد مثال المكاتب العقارية (تسيير األمالك) مكاتب المنازعات‪ ،‬مكاتب تخليص‬
‫البضائع من الجمرك‪...‬‬

‫لقد عرف المغرب في اآلونة األخيرة توسعا على مستوى هذه المكاتب والوكاالت كوكاالت‬
‫األسفار والوكاالت السياحية ووكاالت اإلشهار‪ ،‬والوكاالت السياحية ووكاالت الهجرة ووكاالت‬
‫اإلحصاء ووكاالت اإلعالم واألنباء وهكذا‪.)1(...‬‬

‫‪ -5‬استغالل المستودعات والمخازن العمومية‪:‬‬

‫اعتبر المشرع في الفقرة ‪ 10‬من المادة السادسة من مدونة التجارة استغالل المستودعات‬
‫والمخازن العمومية من األنشطة التجارية بعدما كانت تعتبر أعماال مدنية في ظل القانون‬
‫التجاري القديم‪ .‬وتظهر تجارية هذا النشاط فيما يحصل عليه مستغلو هذه األماكن‪ ،‬وغالبا ما‬
‫يأتي ذلك في إطار استغالل المخازن والمستودعات لتخزين البضائع والمعدات لحين ترويجها‪،‬‬
‫كالمخازن والمستودعات الموجودة مثال في الموانئ وكذلك المخازن والمستودعات داخل المدن‬
‫لتخزين الحبوب مثال‪.‬‬

‫‪-6‬التوطين(‪:)2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.48 .‬‬
‫‪2‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.18.110‬صادر في ‪ 2019/01/09‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 89.17‬بتغيير وتتميم القانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة‬
‫التجارة‪ ،‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6745‬بتاريخ ‪ ،2019/1/21‬ص‪ 142 .‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫التوطين‪ ،‬نشاط تجاري يكون موضوع عقد يضع بمقتضاه شخص ذاتي أو اعتباري يسمى‬
‫الموطن لديه‪ ،‬مقر مقاولته أو مقره اإلجتماعي رهين إشارة شخص آخر ذاتي أو اعتباري يسمى‬
‫الموطن إلقامة مقر مقاولته أو مقره االجتماعي حسب الحالة‪.‬‬

‫ولكل شخص ذاتي أو اعتباري أو أي فرع أو وكالة إمكانية إقامة مقر المقاولة في محالت‬
‫تشغل بشكل مشترك مع مقاولة أو عدة مقاوالت‪.‬‬

‫ويشترط في الشخص الموطن أن يضع رهن إشارة الموطن له محالت مجهزة بوسائل‬
‫اإلتصال تتوفر على قاعة لعقد اإلجتماعات ومحالت معدة لمسك السجالت والوثائق المنصوص‬
‫عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وتمكن من الحفاظ واإلطالع عليها‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه يمنع توطين الشركات التي تتوفر على مقر إجتماعي بالمغرب‬
‫كما ال يمكن ألي شخص ذاتي أو اعتباري إختيار أكثر من مقر للتوطين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الخدمات المالية‬

‫ويدخل فيها البنك والقرض والمعامالت المالية‪ ،‬وعملية التأمين باألقساط الثابتة‪.‬‬

‫‪ -1‬البنك والقرض والمعامالت المالية‪:‬‬

‫جاء في نص المادة السادسة من المدونة (البنك والقرض والمعامالت المالية)‪.‬‬

‫ويقصد بعمليات البنوك مختلف الخدمات البنكية التي تقدمها األبناك لزبنائها منها باألخص‬
‫تلقي الودائع‪ ،‬ومنح االئتمان عن طريق القروض وفتح االعتمادات البسيطة أو فتح الحسابات‬
‫الجارية أو خصم األوراق التجارية أو إعادة خصمها أو التحويل المصرفي واصدار خطابات‬
‫الضمان‪ ،‬وكراء الخزائن الحديدية وغيرها الكثير من األعمال التي أصبحت تنجزها األبناك‪.‬‬

‫وقد أورد القانون التجاري أعمال البنك ضمن األنشطة التي تكسب الشخص الصفة التجارية‬
‫متى تمت مزاولتها على وجه اإلعتياد أو االحتراف‪ ،‬مما يعني أن عمليات البنوك ال تكفي‬
‫العتبارها من األعمال التجارية القيام بها لمرة واحدة أو بصفة عارضة‪ ،‬فالقائم بالعمليات البنكية‬

‫‪43‬‬
‫بجميع أنواعها تعتبر بالنسبة إليه هذه األخيرة تجارية ويكتسب من خاللها الصفة التجارية متى‬
‫زاولها على وجه اإلعتياد أو االحتراف‪ ،‬في حين ال تعد تلك العمليات تجارية بالنسبة للغير إال‬
‫إذا كان تاج ار وارتبطت بنشاطه التجاري فإنها تصبح آنذاك تجارية بالتبعية (المادة ‪.)10‬‬

‫وتعد أعمال البنوك تجارية بصرف النظر عن ما إذا القائم بها شخصا طبيعيا أو معنويا‬
‫وسواء كان نشاط البنك تجاري أو زراعي أو عقاري‪ ،‬أو قام بالعملية البنكية بفائدة أو عمولة أو‬
‫صدرت منه العملية مجانا لصالح تاجر أو غير تاجر‪.‬‬

‫وبغض النظر عن طبيعة العملية البنكية‪ ،‬وعلى خالف ما كان يقرره القانون القديم من‬
‫اإلكتفاء بصدور العمل البنكي عرضا ولمرة واحدة‪ ،‬ليصير من األعمال التجارية حسب الفقرة‬
‫الرابعة من الفصل الثاني من القانون التجاري القديم‪ ،‬فإن مدونة التجارة في الفقرة الثانية من‬
‫المادة السادسة تشترط أن يمارس النشاط البنكي من قبل الشخص على وجه اإلعتياد أو‬
‫االحتراف لكي يخضع للقانون التجاري‪ ،‬ونص المادة السادسة أوردت النشاط البنكي عاما ومطلقا‬
‫دون تقييد العمليات البنكية بأي قيد وهو ما يعني أن أعمال البنوك تعد كلها تجارية سواء كانت‬
‫خاصة أو عامة للودائع أو االئتمان أو غيرها من األنشطة التي تعتبر تجارية متى مورست على‬
‫وجه االعتياد او االحتراف‪ ،‬وبناء على ذلك فإن كافة عمليات الصرف تعد تجارية سواء صدرت‬
‫عن البنوك أو عن األفراد ممن يحترفون أو يعتادون القيام بالعمليات الصرفية‪ ،‬وعلى خالف ذلك‬
‫بالنسبة للزبون أو المستفيد‪ ،‬فإن عملية الصرف ال تعد تجارية حيث يكون الغرض منها أهداف‬
‫شخصية إال إذا كانت العملية الصرفية مرتبطة بأنشطته التجارية التي يحترفها أو يعتادها‪،‬‬
‫فآنذاك يصبح الصرف تجاريا وفقا لنظرية األعمال التجارية بالتبعية (المادة ‪ 10‬من مدونة‬
‫التجارة)‪.‬‬

‫وبناء على نص المادة السادسة من المدونة فإن عمليات البنوك تعد بال شك تجارية في‬
‫جميع الحاالت بالنسبة للبنوك متى جاءت على وجه اإلعتياد أو االحتراف من قبل البنك في‬
‫حين يتوقف إصباغ العمل البنكي بالصفة التجارية بالنسبة للزبون أو الطرف الثاني على مدى‬
‫ارتباط العمل البنكي بنشاطه التجاري‪ ،‬فإذا اقترض الزبون مثال ألجل إصالح المحل التجاري أو‬
‫استيراد بضائع ألجل إعادة بيعها أو تجهيز مقاولته التجارية فعمله يعد في هذه الحاالت بال‬
‫‪44‬‬
‫جدال تجاريا‪ ،‬أما إذا اقترض ألغراض شخصية أو عائلية كالعالج أو شراء شقة للسكن أو سيارة‬
‫الستعماله الخاص فإن العمل يعد مدنيا من جانبه(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬عملية التأمين باألقساط الثابتة‪:‬‬

‫التأمين عقد يلتزم بمقتضاه المؤمن نظير قسط يدفعه له المؤمن له‪ ،‬بأن يدفع لهذا األخير‬
‫أو لمن يعين في العقد أداء محددا في حالة تحقق خطر معين‪.‬‬

‫وينقسم التأمين من حيث الشكل إلى تأمين تعاوني أو تعاضدي‪ ،‬وتأمين بقسط ثابت فأما‬
‫التأمين التعاوني فهو الذي يتفق فيه مجموعة من األشخاص على تعويض األضرار التي قد‬
‫تلحق أحدهم نتيجة تحقق خطر معين من مجموع االشتراكات التي يدفعها كل واحد منهم‪،‬‬
‫وبالنظر إلى كون هذا النوع من التأمين ال يقوم على الربح فإنه ال يعتبر تجاريا‪ ،‬أما التأمين‬
‫بقسط ثابت فهو الذي يتخذ فيه المؤمن شكل شركة مساهمة‪ ،‬ويسعى إلى تحقيق الربح عن‬
‫طريق إجراء المقاصة بين المخاطر المؤمن منها‪.‬‬

‫والتأمين بأقساط ثابتة من األنشطة التجارية الجديدة التي نص عليها المشرع في مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬ورغم أن المشرع لم يشترط فيها أن تتم من خالل مقاولة‪ ،‬فإنه يالحظ أن القانون‬
‫المغربي يتطلب في هذا النوع من التأمين أن يتم من خالل شركة مساهمة وهي شركة تعتبر‬
‫تجارية بشكلها(‪.)2‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬النشطة التجارية البحرية واجلوية‬

‫تكتسب صفة تاجر حسب المادة السابعة من مدونة التجارة بالممارسة االعتيادية أو‬
‫االحترافية لألنشطة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬كل عملية تتعلق بالسفن والطائرات وتوابعها؛‬

‫‪ -2‬كل عملية ترتبط باستغالل السفن والطائرات وبالتجارة البحرية والجوية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد اخياط‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.86 .‬‬
‫‪2‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.73 .‬‬
‫‪45‬‬
‫هذه األنشطة سنعرض لها وفق اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العمليات المتعلقة بالسفن والطائرات وتوابعها‬

‫تهم هذه الطائفة كل األعمال المتعلقة بإنشاء السفن والطائرات من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية‬
‫كل العمليات المنصبة على توابع السفن والطائرات من أدوات وأجهزة ومؤونة لهذه األجهزة أو‬
‫العاملين عليها‪ ،‬وفي كل الحاالت فإن المنطق الذي يحكم الشراء من أجل البيع يبقى محترما في‬
‫هذا اإلطار‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العمليات المرتبطة باستغالل السفن والطائرات المرتبطة بهما‬

‫تكثر في الحياة العملية‪ ،‬العمليات التي تنصب على استغالل السفن والطائرات‪ ،‬هكذا‬
‫فالعمليات الهادفة إلى إكراء واكتراء السفن والطائرات وهي في الغالب تعتبر أنشطة تجارية‪.‬‬
‫ويسري نفس الحكم على العملية التي تنصب أو تتعلق باستغالل السفن والطائرات كعقود التأمين‬
‫التي تهمها وما تحمله وتنقله من أشخاص وبضائع‪ ،‬وفي كل الحاالت فإن األعمال البحرية‬
‫والجوية تكون أعماال تجارية أصلية أو تبعية حسب الحاالت وهي في ذلك ال تختلف عن‬
‫األعمال التجارية البرية(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬العامل التجارية الشلكية‬
‫األعمال التجارية الشكلية هي األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية لذاتها انطالقا من كونها‬
‫يجب أن تفرغ في شكل معين‪ ،‬فالمشرع لم يعتد في إضفاء الصبغة التجارية على هذه األعمال‬
‫بمقومات العمل التجاري من مضاربة ووساطة في التداول‪ ،‬بل بالشكل الذي يجب أن تفرغ فيه‪،‬‬
‫بحيث بمجرد ما أن تتوفر فيها الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون إال واعتبرت تجارية بغض‬
‫النظر عن شخص القائم بها‪ ،‬أكان تاج ار أم غير تاجر‪ ،‬وبغض النظر عن طبيعة العمل الذي‬
‫أجريت بمناسبته أكان عمال تجاريا أو مدنيا‪ .‬وهذا يعني أن هذه األعمال تعتبر تجارية في كافة‬
‫األحوال‪ ،‬واألعمال التجارية بشكلها هي الكمبيالة والسند ألمر والشركات التجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪46‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬المكبياةل والس ند لمر‬

‫نصت مدونة التجارة صراحة على اعتبار الكمبيالة والسند ألمر عمال تجاريا‪ ،‬وذلك في‬
‫المادة التاسعة التي ورد فيها‪":‬يعد عمال تجاريا بصرف النظر عن المادتين ‪ 6‬و‪7‬‬

‫‪ -‬الكمبيالة‬
‫‪ -‬السند ألمر الموقع ولو من غير تاجر اذا ترتب في هذه الحالة عن معاملة تجارية"‪.‬‬

‫أما الشيك فال يعتبر وفقا للرأي الراجح عمال تجاريا إال إذا تعلق بعمل تجاري أو سحبه‬
‫تاجر حيث يفترض فيه أنه سحب لعمل تجاري‪ .‬ما لم يثبت العكس(‪.)1‬‬

‫والكمبيالة سند يحرر وفقا لبيانات حددها القانون‪ ،‬تتضمن أم ار من شخص يسمى الساحب‬
‫إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه‪ ،‬بأن يدفع مبلغا معينا من النقود إلى شخص ثالث‬
‫يسمي المستفيد‪.‬‬

‫وهنالك مجموعة من البيانات اإللزامية يجب أن تتوفر عليها الكمبيالة(‪)2‬واال فقدت قيمتها‬
‫كورقة تجارية وأصبحت مجرد سند عادي‪.‬‬

‫ويعتبر تجاريا كل ما يتعلق بالكمبيالة من سحب وتظهير وضمان احتياطي وقبول وغيره‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة ‪ ،20‬ص‪29 .‬‬
‫‪2‬‬
‫هذه البيانات حسب المادة ‪ 159‬و‪ 160‬من مدونة التجارة ‪:‬‬
‫‪-1‬تسمية "كمبيالة" مدرجة في نص السند ذاته‪ ،‬وباللغة المستعملة للتحري‪.‬‬
‫‪-2‬األمر الناجز بأداء مبلغ معين‪.‬‬
‫‪-3‬اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه)‪.‬‬
‫‪-4‬تاريخ االستحقاق‪ ،‬فإذا لم يعين اعتبرت مستحقة بمجرد اإلطالع‪.‬‬
‫‪ -5‬مكان الوفاء‪ ،‬فإذا له ما لم يرد في السند خالف ذلك‪ .‬فإذا لم يعين مكان بجانب تسم المسحوب عليه‪ ،‬يعتبر مكان للوفاء‬
‫المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه‪.‬‬
‫‪-6‬اسم من يجب الوفاء له أو ألمره‪.‬‬
‫‪-7‬تاريخ ومكان إنشاء الكمبيالة‪ ،‬واذا لم يعين مكان إنشائها اعتبرت منشأة في المكان المذكور إلى جانب اسم الساحب‪،‬‬
‫واذا لم يعين مكان بجانب اسم الساحب فإن الكمبيالة تعتبر منشاة بموطنه‪ .‬أما إذا لم يعين تاريخ إنشاء الكمبيالة‪ ،‬فإن تاريخ‬
‫اإلنشاء يكون هو تاريخ تسليم السند إلى المستفيد ما لم يرد في السند خالف ذلك‪.‬‬
‫‪-8‬اسم وتوقيع من أصدر الكمبيالة (الساحب)‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫أما السند ألمر فهو وثيقة يتعهد بمقتضاها محررها‪ ،‬ويسمى المتعهد‪،‬بأن يدفع مبلغا معينا‬
‫من النقود في تاريخ معين الى شخص آخر هو المستفيد‪.‬‬

‫ويجب فيه كذلك أن يتوفر على مجموعة من البيانات اإللزامية واال اعتبر مجرد سند‬
‫عادي‪ .‬والسند ألمر يعتبر تجاريا في ذاته إذا كان صاد ار عن تاجر بمناسبة عمله التجاري‪ ،‬أما‬
‫إذا كان صاد ار عن غير تاجر فإنه ال يعتبر تجاريا إال إذا ترتب عن معاملة تجارية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرشاكت التجارية‬

‫لقد نص المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي على اعتبار كافة أنواع الشركات‬
‫تجارية بشكلها‪ ،‬باستثناء شركة المحاصة التي ال تعتبر تجارية إال إذا كان غرضها تجاريا(‪.)1‬‬
‫فتعتبر من ثم تجارية بشكلها شركة المساهمة وشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة‬
‫التوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬فهذه الشركات تعتبر تجارية في كافة‬
‫األحوال وبغض النظر عن طبيعة العمل الذي تنصب عليه بحيث ولو كان موضوعها مدنيا‬
‫بطبيعته مثل الزراعة أو مهنة حرة فإنها تعتبر تجارية وتخضع بالتالي ألحكام القانون التجاري‪.‬‬

‫ويرجع السبب في إضفاء المشرع الصبغة التجارية على هذه الشركات إلى حرصه على‬
‫إخضاعها لنظام المساطر الجماعية (مسطرة معالجة صعوبات المقاولة أو التسوية أو التصفية‬
‫القضائية في حالة توقفها عن أداء ديونها ومسطرة الشهر في السجل التجاري‪ ) ...‬الذي يقوم‬
‫عليه القانون التجاري كيفما كانت طبيعة العمل الذي تقوم به وذلك لتوفير أداة قانونية فعالة‬
‫لالستثمار تستفيد منها القطاعات غير التجارية‪.‬‬

‫وتعتبر كافة أعمال هذه الشركات تجارية بما فيها األعمال المتعلقة بإنشائها وحلها‪.2‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬العامل التجارية التبعية‬
‫تسري أحكام القانون التجاري باإلضافة على األنشطة واألعمال التجارية التي رأينا‪ ،‬على‬
‫أعمال تعتبر في أصلها مدنية‪ ،‬لكن تتحول في شروط معينة إلى طبيعة قانونية أخرى إذا قام بها‬
‫‪1‬‬
‫المادة األولى من القانون رقم ‪ 17.95‬بالنسبة لشركة المساهمة‪ ،‬والمادة الثانية من القانون رقم ‪ 5.96‬بالنسبة لشركات‬
‫التضامن والتوصية البسيطة والتوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬
‫‪ : 2‬فؤاد معالل ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪48‬‬
‫تاجر‪ ،‬وكانت تتعلق بنشاطه التجاري‪ :‬إنها األعمال التجارية التبعية‪ .‬سنقف حول مفهومها‬
‫وشروطها‪( ،‬فقرة أولى)‪ ،‬ثم بعد ذلك سنرى تطبيقات لها ( فقرة ثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬مفهوم ورشوط العمل التجاري التبعي‬

‫سنرى مفهوم العمل التجاري التبعي (أوال) وشروط هذا العمل (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم العمل التجاري التبعي‬

‫تعتبر األعمال التجارية بالتبعية‪ ،‬أعماال مدنية في األصل أي خارج دائرة األعمال التجارية‬
‫التي عددها القانون‪ ،‬المواد ‪ 6‬و‪ 7‬و‪8‬؛ لكنها تصير تجارية بصدورها من تاجر ولحاجات عمله‬
‫التجاري‪ .‬فقد نصت المادة ‪ 10‬من المدونة‪ ":‬تعتبر تجارية كذلك الوقائع واألعمال التي يقوم بها‬
‫التاجر بمناسبة تجارته ما لم يثبت خالف ذلك"‪.‬‬

‫وتعتبر الصياغة الجديدة للمادة العاشرة أكثر دقة في تحديد مفهوم العمل التجاري التبعي‪،‬‬
‫عكس ما كانت تشير إليه المادة الثانية الفقرة ‪ 6‬من القانون القديم "االلتزامات الحاصلة بين‬
‫التجار والمتسببين والصيارفة"‪.‬‬

‫لقد أقام القانون الجديد قرينة قانونية على تجارية األعمال والوقائع التي يقوم بها التاجر ما‬
‫لم يثبت العكس‪ .‬وكان القانون العراقي قد سبق التشريع المغربي في هذا المجال‪ ،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 18‬منه على‪ ":‬التجارة صفة أصلية في عقود التاجر والتزاماته إال إذا ثبت تعلق تلك‬
‫العقود وااللتزامات بمعامالت مدنية"‪ .‬كما نصت المادة ‪ 19‬منه على‪ ":‬تعتبر جميع األعمال‬
‫المرتبطة بالمعامالت التجارية الوارد ذكرها في هذا الفصل أو المسهلة لها تجارية أيضا"‪.‬‬

‫إن التاجر يقوم يوميا بمجموعة من التصرفات القانونية تدور بين تصرفات تجارية صرفة‬
‫(كالشراء من أجل البيع‪ ،‬كنشاط السمسرة‪ ،‬كنشاط التأمين‪ ،) ...‬كما قد يقوم بتصرفات مدنية‪،‬‬
‫هذه التصرفات منها ما هو متعلق بحاجياته الشخصية ‪ -‬أي بعيدا عن أنشطته التجارية ‪-‬‬
‫كشراء سيارات لنقل أطفاله إلى المدرسة أو اكتراء عقار للسكن‪ .‬ومنها ما هو متعلق بنشاطه‬
‫التجاري‪ ،‬كشراء األثاث لتجهيز محله التجاري‪ ،‬أو شراء سيارة لنقل عمال مصنعه‪ ...‬هكذا تم‬
‫االهتداء إلى نظرية التبعية إلضفاء الصفة التجارية على أعمال تعتبر في األصل مدنية‪ ،‬لكنها‬
‫‪49‬‬
‫تتحول طبيعتها القانونية إلى أعمال تجارية تبعية في ظل شروط البد من توفرها تطبيقا لنظرية‬
‫الفرع يتبع األصل(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط العمل التجاري التبعي‬

‫يصبح العمل المدني عمال تجاريا تبعيا حسب المادة ‪ ،10‬من مدونة التجارة متى كان‬
‫صاد ار عن تاجر ‪ ،‬وتعلق ‪ -‬هذا العمل المدني ‪ -‬وكان تابعا لعمل تجاري أصلي ‪ .‬ويتبين من‬
‫خالل المادة العاشرة أن المشرع المغربي كرس النظرية الشخصية (اعتماد التاجر) وكذلك‬
‫النظرية الموضوعية (اعتماد العمل التجاري) كأساس نظرية لتأصيل نظرية العمل التجاري‬
‫التبعي‪.‬‬

‫أ ‪ -‬صدور العمل المدني عن تاجر‪:‬‬

‫يتعين أن يصدر العمل المدني األصلي عن "تاجر" كان شخصا طبيعيا أو معنويا‪ ،‬وتكون‬
‫العبرة بوجود الصفة عند ممارسة التاجر للعملين (المدني والتجاري) معا‪.‬‬

‫واذا كان الخالف قد ثار بخصوص العمليات األولى التي يقوم بها التاجر في حياته‬
‫التجارية‪ ،‬كالعقود والتصرفات التي تهم األصول التجارية مثال فالشخص الذي يكتري محال‬
‫لمزاولة نشاطه التجاري‪ ،‬ال يكون في بداية عمله قد اكتسب صفة تاجر مادام لم يزاول بعد أي‬
‫نشاط تجاري يكسبه هذه الصفة‪ ،‬فهل يعتبر ما قام به ‪ -‬أي عقد الكراء‪ ،‬عمال مدنيا أم تجاريا‬
‫تبعيا؟ ‪ -‬قلت فإن الفقه والقضاء(‪ )2‬المقارنين ثابتين في اعتبارها أعماال تجارية تبعية حماية‬
‫للمتعاملين معه خصوصا فيما يتعلق بحرية اإلثبات‪.‬‬

‫ب‪ -‬تبعية العمل المدني للنشاط التجاري‪:‬‬

‫تصير األعمال المدنية أعماال تجارية بالتبعية متى صدرت عن تاجر‪ ،‬وكانت مرتبطة‬
‫وضرورية للنشاط التجاري األصلي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪2‬‬
‫‪A. Viandier, J. Vallansan- Actes de commerce, commerçants, activités commerciales,‬‬
‫‪PUF, 1992, p. 79.‬‬
‫‪50‬‬
‫إن نظرية تبعية العمل المدني للنشاط التجاري ال تنسحب على كل األعمال التي يقوم بها‬
‫التاجر‪ ،‬بل تبقى مقتصرة على تلك التي تتعلق بنشاطه التجاري األصلي فكلما انتفت العالقة‬
‫والصلة بين العمل المدني الذي أتاه التاجر ونشاطه التجاري‪ ،‬ظل العمل مدنيا وال يتحول أبدا‬
‫إلى عمل تجاري تبعي‪.‬‬

‫وتبقى تبعية العمل المدني للنشاط التجاري مسألة واقع يستقل قاضي الموضوع بتقديرها‪،‬‬
‫وهي ما تسمى بالقرينة القانونية قابلة إلثبات العكس التي أشارت إليها المادة ‪.10‬‬

‫إن األنشطة (األعمال) التجارية التي تصبغ صفة العمل التجاري التبعي على العمل المدني‬
‫األصلي‪ ،‬هي األنشطة التجارية األصلية أو بطبيعتها‪ ،‬ألن هذه األخيرة تصبغ على القائم بها‬
‫صفة تاجر‪ ،‬الشرط األول لتحقق التبعية‪ .‬إن األعمال التجارية الشكلية ال تصبغ على القائم بها‬
‫صفة تاجر‪ ،‬وبذلك فإن العمل المدني الذي يتحول إلى عمل تجاري تبعي هو الذي يرتبط‬
‫بالنشاط التجاري بطبيعته (أو األنشطة التجارية)‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطبيقات نظرية التبعية‬

‫يتسع نطاق نظرية األعمال التجارية التبعية‪ ،‬ذلك أن هذه األخيرة تشمل جميع التزامات‬
‫التاجر العقدية منها (أوال)‪ ،‬أو غير العقدية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية التبعية وااللتزامات التعاقدية‬

‫تحكم العقود التي يبرمها التاجر قاعدة تالزمية هذه العقود لنشاطه التجاري‪.‬‬

‫إن جميع العقود التي يبرمها التاجر لحاجيات نشاطه التجاري تعتبر مبدئيا أعماال تجارية‬
‫بالتبعية‪ ،‬شراء أثاث‪ ،‬ناقالت‪ ،‬عقود كراء‪ ،‬عقود تأمين‪ ،‬حوالة الديون بين تاجرين‪ ،‬فتح حساب‬
‫جاري‪...‬‬

‫إن الغاية والهدف من هذه العقود هو المحدد لخضوع هذه العقود (األعمال) لنظرية التبعية‬
‫من عدمه‪ .‬فإذا كان عقد الوساطة بغير عوض‪ ،‬يحفظ طابعه المدني‪ ،‬فإنه يمكن أن يتحول إلى‬
‫عمل تجاري تبعي متى قام تاجر بضمان زبون له على أساس االحتفاظ بهذا األخير‪ .‬ففي مثل‬

‫‪51‬‬
‫هذه الحاالت تبقى السلطة التقديرية للقاضي في إخضاع مثل هذه التصرفات لألحكام التجارية‬
‫أو استبعادها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية التبعية والتصرفات غير العقدية‬

‫تخضع اإلتزامات غير التعاقدية لنظرية العمل التجاري التبعي إذا ما قام بها التاجر بمناسبة‬
‫نشاطه التجاري وهذا ما أكده الفصل ‪ ،10‬تعتبر تجارية كذلك "الوقائع واألعمال‪."...‬‬

‫لعل الصياغة الحالية وان كانت فضفاضة‪ ،‬فإنها ال تخرج عن مدلول ومضمون "االلتزامات"‬
‫الواردة في الفصل ‪ 7‬من القانون القديم‪.‬‬

‫يكون التزام التاجر تجاريا بالتبعية عن التعويض عن العمل غير المشروع الصادر منه‬
‫شخصيا كتقليد عالمة أو القيام بالمنافسة غير المشروعة‪ ،‬وعن فعل الغير في إطار عالقة التابع‬
‫بالمتبوع‪ ،‬أو عن أشياء وحيوانات تحت حراسته ألحقت أض ار ار بالغير‪ .‬ويشترط طبعا لتحقق‬
‫التبعية في هذه األعمال والوقائع عالقتها بالنشاط التجاري للتاجر‪.‬‬

‫وتسري نظرية التبعية في األخير على األعمال والوقائع التي يكون مصدرها اإلثراء بال‬
‫سبب متى كانت ناشئة عن مزاولة النشاط التجاري‪ ،‬كما في حالة رد التاجر ما كان غير‬
‫مستحق‪.1‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬العامل التجارية اخملتلطة‬
‫ال تشكل األعمال التجارية المختلطة نوعا جديدا من األعمال التجارية‪ ،‬ولكنها نفس‬
‫األعمال التجارية التي سبقت دراستها‪ .‬وهي تكتسي صبغة العمل المختلط عندما تكون ذات‬
‫طبيعة مزدوجة‪ ،‬صبغة تجارية بالنسبة ألحد األطراف وصبغة مدنية بالنسبة للطرف اآلخر‪.‬‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬فإن العمل التجاري المختلط هو العمل الذي يقوم به التاجر بمناسبة عمله التجاري‬
‫ويكون طرفه اآلخر شخصا غير تاجر‪ .‬وتشمل األعمال التجارية المختلطة العديد من العمليات‬

‫‪ : 1‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.63‬‬


‫امحمد لفروجي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪52‬‬
‫التي تقع يوميا‪ ،‬كعملية الشراء التي يقوم بها المستهلك‪ ،‬فضال عن عقود الشغل و عقود التامين‬
‫والنقل إلخ‪...‬‬

‫وتثير الطبيعة المزدوجة لألعمال المختلطة إشكاال مهما يتعلق بتحديد النظام القانوني الذي‬
‫ستخضع له هذه األعمال‪ ،‬بمعنى هل سيتم اعتبارها من قبيل األعمال التجارية‪ ،‬أم أنه ينبغي‬
‫اعتبارها أعماال مدنية؟‬

‫في غياب نصوص تشريعية صريحة‪ ،‬كانت القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء هي‬
‫إخضاع األعمال المختلطة لنظام قانوني مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون التجاري على‬
‫الطرف الذي يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه وقواعد القانون المدني على الطرف الذي يعتبر‬
‫العمل مدنيا بالنسبة إليه)‪ .(1‬وقد كرست مدونة التجارة الجديدة هذا الحل‪ ،‬وهذا ما يستنتج من‬
‫خالل نص المادة الرابعة التي جاء فيها‪ ":‬إذا كان العمل تجاريا بالنسبة ألحد المتعاقدين ومدنيا‬
‫بالنسبة للمتعاقد اآلخر طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة‬
‫إليه تجاريا‪ ،‬وال يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا‪ ،‬ما لم ينص‬
‫مقتضى خاص على خالف ذلك"‪ .‬لكن مع ذلك يالحظ وجود بعض الحاالت التي يستحيل أو‬
‫يصعب فيها تطبيق نظام مزدوج على األعمال المختلطة وهنا يتم العمل بنظام موحد‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬النظام القانوين املزدوج للعامل اخملتلطة‬

‫مبدئيا فإن العمل التجاري المختلط يخضع للنظام القانوني المدني بالنسبة للطرف المدني‪،‬‬
‫ويخضع في نفس الوقت للنظام القانوني التجاري بالنسبة للطرف الذي يعتبر العمل تجاريا‬
‫بالنسبة له(‪ .)2‬ويتم تطبيق النظام القانوني المزدوج لألعمال المختلطة في عدة مجاالت(‪،)3‬‬
‫نكتفي من بينها بالتركيز على االختصاص القضائي وقواعد اإلثبات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االختصاص القضائي‬

‫‪1‬‬
‫محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.369 .‬‬
‫‪2‬علي البارودي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.83 .‬‬
‫‪3‬‬
‫من ذلك مثال مبدأ افتراض التضامن بين المدينين‪ ،‬الذي ال يسري إال بالنسبة للطرف الذي يكون العمل تجاريا بالنسبة إليه‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫القاعدة أن اختصاص النظر في النزاعات المتعلقة باألعمال المختلطة يتحدد على ضوء‬
‫صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه‪ .‬فإذا كان المدعى عليه تاج ار فإن المدعي غير التاجر يرفع‬
‫دعواه أمام المحاكم التجارية‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬لكن العمل استقر في فرنسا على أن المدعي‬
‫غير التاجر له الخيار بين أن يرفع دعواه أمام المحاكم العادية أو أمام المحكمة التجارية‪ .‬في‬
‫حين أن التاجر ال يمكن أن يرفع دعواه ضد غير التاجر إال أمام المحاكم العادية(‪ )1‬وهذا الحل‬
‫هو الذي يأخذ به القضاء المغربي(‪.)2‬‬

‫بيد أنه يمكن للتاجر وغير التاجر االتفاق على إسناد النظر في النزاع الذي قد ينشأ بينهما‬
‫بسبب عمل من أعمال التاجر للمحكمة التجارية(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪ :‬قواعد اإلثبات‬

‫من خالل نص المادة الرابعة من مدونة التجارة‪ ،‬نستنتج أنه يجوز للشخص غير التاجر أن‬
‫ي ثبت العمل أو التصرف في مواجهة التاجر بجميع وسائل اإلثبات‪ ،‬مستفيدا في ذلك من مبدأ‬
‫حرية اإلثبات المقرر في المواد التجارية‪ .‬أما التاجر‪ ،‬فإنه ال يستطيع إثبات التصرف في مواجهة‬
‫غير التاجر إال باتباع قواعد اإلثبات المدنية(‪ ،)4‬أي أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا زادت قيمة‬
‫التصرف عن عشرة آالف درهم‪ .‬وهذا االختالف في استعمال وسائل اإلثبات هو في الحقيقة‬
‫مقرر لصالح الطرف المدني(‪ ،)5‬ألن حرية اإلثبات المقررة في الميدان التجاري تجد تبريرها في‬
‫الكيفية التي تعود التجار القيام بعملياتهم من خاللها‪ ،‬لذلك ال يمكن إعمال هذا المبدأ في مواجهة‬
‫غير التاجر‪ ،‬ألنه غريب عن عالم التجارة وأساليبه‪.‬‬

‫‪ :1‬محمود مختار بريري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪85‬‬


‫‪2‬‬
‫على سبيل المثال‪ :‬قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس رقم ‪ 826‬صادر بتاريخ ‪ 1999-11-29‬ملف عدد ‪.99/883‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 5‬من القانون المحدث للمحاكم التجارية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.121 .‬‬
‫‪5‬‬
‫علي البارودي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.84 .‬‬
‫‪54‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن تطبيق قواعد اإلثبات بشكل مزدوج على النزاع الناشئ عن العمل‬
‫المختلط ال يتأثر بنوع المحكمة التي يعرض عليها النزاع‪ ،‬إذ تطبق تلك القواعد سواء رفعت‬
‫الدعوى أمام المحكمة التجارية أو أمام المحكمة المدنية(‪.)1‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النظام القانوين املوحد للعامل اخملتلطة‬

‫يصعب أحيانا تطبيق نظام مزدوج بخصوص األعمال التجارية المختلطة‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يتم تطبيق نظام موحد ومن بين األمثلة على ذلك ما يتعلق بنظام التقادم‪ ،‬وقد جاءت المادة‬
‫الخامسة من مدونة التجارة لتؤكد هذا التوحيد‪ ،‬إذ نصت على أنه‪ ":‬تتقادم االلتزامات الناشئة‬
‫بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار‪ ،‬بمضي خمس سنوات‪ ،‬ما لم توجد‬
‫مقتضيات خاصة مخالفة"‪ .‬ويالحظ من خالل نص هذه المادة أن التقادم المقرر في خمس‬
‫سنوات يشمل حتى االلتزامات التي تنشأ بمناسبة عمل تجاري بين التجار وغير التجار‪ ،‬أي‬
‫االلتزامات التي تنشأ بمناسبة عمل تجاري مختلط‪ ،‬وذلك بغض النظر عن صفة المدعي أو‬
‫المدعى عليه‪ .‬وال شك أن الحكمة من ذلك تتمثل في تحفيز غير التجار على المسارعة باقتضاء‬
‫حقوقهم من التجار الذين يتعاملون معهم‪ ،‬وذلك للحيلولة دون تراكم الديون التجارية‪ ،‬الشيء الذي‬
‫قد يؤدي إلى عجز التجار عن الوفاء بها‪.‬‬

‫بالمقابل‪ ،‬نالحظ أن النظام القانوني لألعمال المختلطة يكون أحيانا موحدا‪ ،‬لكن على‬
‫أساس تطبيق القواعد المقررة في الميدان المدني‪ ،‬وهو الشأن بالنسبة إلمكانية التعيين المسبق‬
‫لمحكم أو محكمين للفصل في النزاع الذي قد يحدث بين المتعاقدين‪ .‬فهذه اإلمكانية غير مسموح‬
‫بها في مجال االتفاقيات التي قد تتم بمناسبة األعمال التجارية المختلطة‪ .‬ويجد هذا المقتضى‬
‫تفسيره في الرغبة في توفير الحماية للمستهلكين‪ ،‬الذين قد يجهلون األبعاد الحقيقية لمثل هذا‬
‫الشرط‪.2‬‬

‫‪ 1‬محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.373 .‬‬


‫‪ : 2‬عبد الواحد حمداوي ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التاجر‬
‫عمل القانون المغربي على تحديد األنشطة التجارية طبقا للمواد ‪ 6‬و‪ 7‬و‪ 8‬من مدونة‬
‫التجارة‪( ،‬هذا التحديد الذي رأينا أنه على سبيل المثال)‪ ،‬وجعل الشخص الذي يمارس هذه‬
‫األنشطة بشكل احترافي أو اعتيادي تاجرا‪.‬‬

‫إن هذا األخير يستمد هذه الصفة من مزاولته لألنشطة التجارية(المبحث األول)‪،‬وقد رتب‬
‫القانون في مقابل اكتساب التاجر لهذه الصفة‪ ،‬التزامات معينة عرفت في ظل مدونة التجارة‬
‫تعديالت هامة (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫املبحث الول‪ :‬رشوط اكتساب صفة اتجر‬


‫يتوقف اكتساب الشخص لصفة تاجر على ضرورة توفر مجموعة من الشروط هي‪ :‬األهلية‬
‫التجارية وامكانية مزاولة النشاط التجاري (مطلب أول)‪ ،‬ثم الممارسة االعتيادية أو االحترافية‬
‫للنشاط التجاري (مطلب ثالث)‪ ،‬باإلضافة إلى ممارسة النشاط التجاري بشكل مستقل وأن يتم‬
‫للحساب الخاص للتاجر (مطلب ثالث)‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الهلية التجارية وإاماكنية مزاوةل النشطة التجارية‬
‫ليكون الشخص تاجرا‪ ،‬البد بداية أن يكون أهال لممارسة النشاط التجاري‪ .‬إن األهلية‬
‫التجارية تتميز بخصوصيات تنفرد في جوانب عدة عن األهلية المدنية (فقرة أولى)‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك يتوجب على القائم بالنشاط التجاري أن يكون ذلك ممكنا بالنسبة له (فقرة ثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬الهلية التجارية‬

‫تتصدر األهلية التجارية أولى شروط اكتساب صفة تاجر‪ .‬إن األهلية التجارية ال تثبت إال‬
‫لمن توفرت فيه أوال األهلية القانونية المدنية عموما‪.‬‬

‫هكذا يشترط في التاجر أن يكون بالغا سن الرشد القانوني‪ ،‬وهي ‪ 18‬سنة شمسية كاملة‪،‬‬
‫وخالية من عوارض األهلية‪ ،‬دونما تمييز كون التاجر رجال أو امرأة‪ ،‬ودونما تمييز بين المرأة‬

‫‪56‬‬
‫المتزوجة أو غير المتزوجة‪ .‬وقد عرف المغرب تعديالت هامة فيما يخص السن القانوني المحدد‬
‫لألهلية القانونية‪ ،‬فمن سن ‪ 21‬سنة إلى ‪ 20‬سنة لنصل اآلن إلى ‪ 18‬سنة‪.‬‬

‫وال يجوز للقاصر الذي لم يبلغ سن الرشد أن يمارس التجارة بنفسه‪ .‬ويعتبر في حكم‬
‫القاصر من بلغ ‪ 12‬سنة‪ ،‬وكذلك من بلغ سن الرشد والمصاب بعارض السفه‪.‬‬

‫وتخضع األعمال التجارية التي يأتيها ويقوم بها القاصر لنفس آثار وأحكام التصرفات‬
‫المالية العامة التي نظمها قانون اإللتزامات والعقود من خالل الفصول ‪ 4‬و‪ 5‬و‪.6‬‬

‫لقد سمح القانون للقاصر ناقص األهلية ممارسة األنشطة التجارية وفقا لشروط قانونية‬
‫محددة‪.‬‬

‫وقد سمحت مدونة األسرة للقاصر ممارسة أنشطة تجارية‪ ،‬في حالة ترشيده من قبل‬
‫المحكمة وبناء على طلب بذلك‪.‬‬

‫وال يمكن ترشيد القاصر طبقا ألحكام مدونة األسرة‪ ،‬إال إذا بلغ سن السادس عشرة من‬
‫العمر (الفقرة الثالثة من المادة ‪ 218‬من مدونة األسرة)‪.‬‬

‫وال يكفي القاصر لممارسة النشاط التجاري الترشيد‪ ،‬بل البد من تقييد ذلك في السجل‬
‫التجاري واشهاره‪.‬‬

‫ويعتبر القاصر المرشد كامل األهلية التجارية فيما أذن له به‪ .‬واذا كانت المدونة لم تفصح‬
‫عن ذلك بصراحة‪ ،‬فليس هناك ما يثير تخوفات سواء فيما يخص الدائنين أو مصالح القاصر‪.‬‬
‫إن التخوف الذي طالما كان يثار في هذا الصدد كان يتعلق بانعكاس اكتساب القاصر صفة‬
‫تاجر فيما يخص اإلفالس وامكانية الرجوع على كل أموال القاصر من قبل الدائنين‪.‬‬

‫وتهدف القواعد اإلجرائية التي اشترطها الفصل ‪ 13‬حماية المتعاملين مع القاصر وتنبيههم‬
‫إلى وضعيته خصوصا وأن الهدف من إعطاء القاصر اإلذن أو ترشيده إنما يسير في اتجاه‬
‫إدخال القاصر حلبة المعامالت المالية وتحفيزه الستقبال أمواله عند بلوغه سن الرشد في‬

‫‪57‬‬
‫الظروف العادية‪ .‬وليس هناك شك حول اكتساب القاصر المرشد صفة تاجر بممارسته لألنشطة‬
‫التجارية رغم عدم صراحة النصوص في هذا المجال‪.1‬‬

‫وال تفوتنا اإلشارة –ونحن نتحدث عن األهلية التجارية للقاصر في التشريع التجاري‬
‫المغربي‪ -‬إلى ما تضمنته المدونة التجارية من تجديدات هامة تسير في إطار عصرنة وتدويل‬
‫القواعد التجارية‪ ،‬فاألجنبي الذي يشترط قانون جنسيته سنا أعلى من السن الذي يتطلبه القانون‬
‫المغربي (‪ 18‬سنة)‪ ،‬يعتبر حسب المادة ‪ 15‬كامل األهلية في المغرب‪ ،‬وبالمقابل اشترط القانون‬
‫التجاري من خالل المادة ‪ 16‬ضرورة توفر القاصر األجنبي على اإلذن من رئيس المحكمة‪ ،‬ولو‬
‫كان قانونه الوطني يعتبره كامل األهلية – أي أن كمال األهلية بالنظر إلى قانون بلده يجعله‬
‫قاص ار طبقا للقانون المغربي إذا لم يكن قد بلغ ‪ 18‬سنة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬غياب موانع ممارسة النشطة التجارية‬

‫ال يكفي الشخص التوفر على األهلية لممارسة األنشطة التجارية‪ ،‬بل البد أن تكون‬
‫ممارسته لتلك األنشطة ممكنة‪ .‬فقد تحول عوامل عدة تمنع الشخص من ممارسة أنشطة تجارية‪.‬‬
‫وترجع هذه الموانع إما ألسباب تتعلق بشخص القائم بالنشاط أو لصدور حكم قضائي يمنعه من‬
‫ذلك أو ألسباب تعود لطبيعة النشاط التجاري‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬حاالت التنافي‬

‫تقوم الحرفة األصلية للشخص في بعض الحاالت عائقا أمام ممارسته ألي نشاط تجاري‪.‬‬
‫فنجد النظام األساسي للوظيفة العمومية يمنع على الموظفين مزاولة أنشطة تجارية‪ ،‬ونفس المنع‬
‫قد نجده في الكثير من األنظمة السياسية للعديد من المهن الحرة كالمحاماة‪ ،‬والهندسة والطب‪...‬‬

‫ويتم تبرير هذا المنع بضرورة اإلخالص للعمل األصلي الذي ال يتماشى مع النشاط‬
‫التجاري القائم على المضاربة‪ ،‬كما يبرر المنع في جانب آخر بحماية األغيار المتعاملين مع‬
‫صاحب هذه المهنة أو الوطنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬محمد اطويف ‪ ،‬الوجيز في شرح القانون التجاري‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2016‬ص‪.132 ،‬‬
‫‪58‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حاالت اشتراط اإلذن والتصريح‬

‫تعمل الدولة العتبارات أمنية واقتصادية وايضا اجتماعية إلى منع بعض األنشطة التجارية‪.‬‬
‫وتشترط لمزاولتها الحصول على درجة علمية (الصيدلية) أو على تصريح بذلك‪ .‬ويمكن أن يمس‬
‫المنع المواطنين واألجانب على حد سواء‪.‬‬

‫ونالحظ أن هناك الكثير من األنشطة التجارية ال يسمح بممارستها إال بالحصول على إذن‬
‫بذلك‪ ،‬كالمطاحن‪ ،‬تصاريح النقل‪ ،‬المواد الكحولية‪ ،‬الغاز‪ ،‬صناعة األسلحة‪ ،‬المطاعم ‪ ...‬وقد‬
‫يكون المنع في بعض األحيان راجعا إلى احتكار الدولة ألنشطة معينة كاحتكار استخراج‬
‫الفوسفاط أو الكهرباء‪ ...‬ولكننا نالحظ بداية اضمحالل احتكار الدولة للكثير من األنشطة أمام‬
‫نهج سياسة الخوصصة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حاالت المنع الناتجة عن حكم قضائي )حاالت سقوط األهلية التجارية (‬

‫يتعرض الشخص لسحب األهلية التجارية منه بناء على حكم أو قرار قضائي‪ .‬وقد عرف‬
‫سقوط األهلية تطو ار هاما في المغرب على المستوى القانوني‪ ،‬عكس ما كان سائدا على عهد‬
‫قانون اإلفالس‪.‬‬

‫ويستطيع الشخص طلب رد االعتبار بمقتضى مقرر للمحكمة قبل انتهاء مدة المنع طبقا‬
‫للمادة ‪ 720‬من المدونة‪ .‬كما أن هذا المنع قد يرتفع بقوة القانون طبقا للمادة ‪ 719‬بانتهاء مدة‬
‫المنع والتي قد تصل إلى خمس سنوات‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى حاالت السقوط التي تضمنها نظام معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬نجد‬
‫مقتضيات قانونية متفرقة تنظم السقوط كبعض المقتضيات الجنائية التي تهم خيانة األمانة‪،‬‬
‫النصب‪....‬‬

‫‪59‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املامرسة الاعتيادية أو الاحرتافية للنشاط التجاري‬
‫يكتسب الشخص صفة تاجر بـ "الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية" حسب‬
‫الفصل ‪ 6‬من المدونة‪ .‬وكان الفصل األول من ظهير ‪ 1913‬بمثابة القانون التجاري القديم يشير‬
‫إلى ‪":‬كل من زاول األعمال التجارية واتخذها مهنة معتادة له فهو تاجر"‪.‬‬

‫لقد كان الفقه المغربي تأث ار منه بالفقه والقضاء الفرنسيين‪ ،‬يعتبر ممارسة األعمال التجارية‬
‫بشكل احترافي يكسب القائم به صفة تاجر‪ ،‬عكس الممارسة االعتيادية لألعمال التجارية التي ال‬
‫تخول صفة تاجر للقائم بها‪ .‬إن هذا االتجاه كانت تمليه صياغة‪ ،‬بل وربما تصور المشرع لفئة‬
‫العاملين في الحقل التجاري‪ .‬لكن برجوعنا إلى المادة ‪ 6‬من المدونة‪ ،‬فإن األمر لم يعد كما كان‬
‫في الماضي‪ ،‬إذ تشير المادة إلى الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية‪.‬‬

‫إن االحتراف يعني تكرار األعمال بصورة وبشكل مستمر بحيث يعتبر العمل المورد‬
‫األساسي لعيش القائم به‪ .‬أما االعتياد في ممارسة األنشطة التجارية‪ ،‬فيعني تكرار العمل من‬
‫وقت آلخر‪ ،‬حيث تعتبر ممارسة هذه األنشطة أحد العناصر التي تشكل مصدر عيش القائم‬
‫‪1‬‬
‫به‪.‬‬

‫هكذا فالممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية هي التي تضفي على القائم بها‬
‫صفة تاجر‪ .‬إن هذا الطرح أو التصور القانوني سيسمح بتوسيع دائرة التجار بالمغرب‪.‬‬

‫إن ركن االعتياد أو االحتراف الذي نتحدث عنه يجب أن ينصب على األنشطة التجارية‬
‫األصلية (بطبيعتها)‪ .‬إن األعمال التجارية التبعية ال تكسب صفة تاجر‪ ،‬ألن هذه األعمال تستمد‬
‫تكييفها القانوني من التاجر‪ ،‬وكذلك األعمال التجارية الشكلية ال تكسب صفة تاجر‪ ،‬ألن هذه‬
‫األعمال اعتبرها المشرع تجارية بنص القانون وبغض النظر عن القائم بها‪.‬‬

‫إن الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية ال تمنع التاجر من مزاولة أنشطة‬
‫أخرى غير تجارية كالزراعة والمهن الحرة‪ ،‬الوظيفة العمومية‪ ...‬واذا صادف أن مارس موظف‬

‫‪ :1‬محمد اطويف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫أحمد شكري السباعي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪60‬‬
‫مثال نشاطا تجاريا بالرغم من المنع القانوني لذلك‪ ،‬فإن ممارسته لنشاط تجاري يتوفر فيه عنصر‬
‫االعتياد أو االحتراف يجعله تاج ار بالرغم من المنع القانوني(‪ .)1‬فقد نصت المادة ‪ 11‬من‬
‫المدونة‪" :‬يعتبر تاج ار كل شخص اعتاد ممارسة نشاط تجاري رغم وقوعه في حالة الحظر أو‬
‫السقوط أو التنافي"‪.‬‬

‫واذا مارس أحد األشخاص نشاطا تجاريا بشكل مستتر بأن جعل شخصا آخر يمارس بدله‪،‬‬
‫كالموظف‪ ،‬والزوج مع زوجته ‪ ...‬فإننا نحتكم في هذا الصدد إلى نظرية "المظهر الخادع يحمي‬
‫المخدوع" ونظرية "الظاهر"‪.2‬‬

‫وبناء على هذه الثوابت النظرية في الحقل التجاري‪ ،‬فإن المتعاملين مع التاجر الظاهر‬
‫يمكنهم االعتداد بواقع األمر والرجوع على هذا األخير‪ ،‬أو على التاجر المستتر ألن العمل تم‬
‫لحسابه‪ .‬إنه على الرغم من غياب نص صريح في القانون المغربي لحل هذه المسألة فإن حماية‬
‫المتعاملين واستقرار المعامالت تقتضي اعتبار الشخص الظاهر تاج ار والشخص المستتر تاج ار‬
‫أيضا‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الاس تقاللية يف ممارسة النشاط التجاري‬
‫يقتضي شرط االستقاللية ممارسة التاجر لنشاطه التجاري باسمه ولحسابه الخاص‪ .‬ويعمل‬
‫هذا الشرط على تزكية الثقة واالئتمان أساس النشاط التجاري‪ ،‬إذ من خالله يتحمل التاجر‬
‫مسؤولياته التجارية‪ .‬هكذا ال يعتبر تاج ار المسير المأجور لألصول التجارية ومديرو ومسيرو‬
‫شركات المساهمة وشركات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وممثلو المحالت التجارية إذا كانوا ال يعملون‬
‫لحسابهم الخاص وفق نظام النسب المئوية‪...‬‬

‫واذا كنا نالحظ أهمية هذا الشرط الكتساب صفة تاجر‪ ،‬فإن التطورات التي ما فتئت تعرفها‬
‫الممارسة التجارية‪ ،‬جعلت بعض التشكك واالهتزاز يهدد شرط االستقاللية في ممارسة النشاط‬
‫التجاري‪ .‬ولعل أوضح مثال على ذلك عقود التسيير الحر لمحطات البنزين‪ ،‬أو عقود االمتياز‪،‬‬
‫حيث يتقيد المسير الحر في مثالنا األول وصاحب االمتياز في المثال الثاني بتعليمات المحطة‬

‫‪ 1‬فهو يعتبر تاج ار طبقا للقانون التجاري‪ ،‬لكنه سيخضع لجزاءات قانون الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫‪ :2‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪61‬‬
‫مكرية األصل التجاري والشركة األم مما يضعف المغامرة بل ويعدمها في مثل هذه األنشطة‬
‫التجارية‪ ،‬وهي من أهم خصائص العمل التجاري‪.1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬الزتامات التاجر‬


‫إن ولوج الحرف التجارية – كما ذكرنا ذلك سابقا – يظل جد مفتوح في نظامنا القانوني‬
‫وذلك رغما عن التقييدات التي يمكن أن تلحقه‪ .‬إال أن لهذا االنفتاح مقابل‪ ،‬ويتمثل في‬
‫االلتزامات المفروضة على التجار‪ .‬فما هي هذه االلتزامات إذن؟‬

‫تتمثل هذه االلتزامات في التزام أساسي هو الشهر في السجل التجاري وسنخصص له‬
‫المطلب األول‪ ،‬وتلحق به التزامات أخرى سنخصص لها المطلب الثاني‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الشهر يف السجل التجاري‬
‫لقد عرف التشريع المغربي مؤسسة السجل التجاري قبل التشريع الفرنسي نفسه وذلك من‬
‫خالل الفصول من ‪ 19‬إلى ‪ 27‬من مدونة القانون التجاري لـ ‪ 12‬غشت ‪ .1913‬وقد انضافت‬
‫إلى ذلك المقتضيات الواردة في ظهير فاتح شتنبر ‪ 1926‬الذي قرر إجبارية تسجيل التجار‬
‫والشركات التجارية في السجل التجاري‪ ،‬وكذلك مقتضيات ظهير ‪ 7‬مايو ‪ 1927‬المتمم للظهير‬
‫أعاله الذي قرر إجبارية تسجيل التجار والشركات التجارية في السجل التجاري‪.‬‬

‫وبقي هذا الرصيد التشريعي الموروث عن عهد الحماية الفرنسية معموال به حتى وقتنا‬
‫الراهن إلى حين صدور مدونة التجارة الحالية‪ .‬هذه األخيرة التي خصصت للشهر في السجل‬
‫التجاري كل الباب الثاني بالقسم الرابع من الكتاب األول المتعلق بالتاجر وذلك في المواد من‬
‫‪ 27‬إلى ‪ 78‬أي ‪ 52‬مادة تدل على االهتمام الذي أصبح يوليه المشرع لهذه المؤسسة والرهانات‬
‫المستقبلية التي يعلقها عليها‪ .‬خاصة إذا علمنا أن لموضوع السجل التجاري عالقة بكل جوانب‬

‫‪ :1‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪81‬‬


‫‪62‬‬
‫القانون التجاري من أعمال تجارية وتجار وشركات تجارية وأصل تجاري وعقود تجارية وأوراق‬
‫تجارية ونظام معالجة صعوبات المقاولة وأكرية تجارية وملكية صناعية ومنافسة وغيرها(‪.)1‬‬

‫وينضاف إلى المواد من ‪ 27‬إلى ‪ 78‬من مدونة التجارة‪ ،‬أحكام المرسوم التطبيقي الصادر‬
‫في ‪ 18‬يناير ‪ 1997‬والذي ألغى مقتضيات ظهير فاتح شتنبر ‪ 1926‬المتعلق بإجبارية تسجيل‬
‫التجار والشركات التجارية في السجل التجاري‪ .‬وكذلك أحكام قرار وزير العدل رقم ‪106 -97‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 1997‬القاضي بتحديد استمارات التصريح بالتقييد في السجل التجاري‬
‫وتحديد قائمة العقود واألوراق المثبتة المشفوع بها التصريح المذكور(‪.)2‬‬

‫ننتقل بعد هذا الجرد التشريعي‪ ،‬إلى التطرق لموضوع الشهر في السجل التجاري وذلك في‬
‫الفقرات األربع اآلتية‪:‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬وظائف السجل التجاري‬

‫يلعب السجل التجاري وظائف متعددة‪ ،‬إال أن أهمها يكمن في الوظائف األربع التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الوظيفة اإلخبارية‬

‫يشكل السجل التجاري موسوعة تجارية تشمل بيانات مفصلة عن النشاط التجاري الذي‬
‫يباشره كل تاجر أو شركة تجارية‪ ،‬حيث توضع هذه المعلومات رهن إشارة كل من يهمه األمر‬
‫الذي يمكنه أن يحصل على مستخرج منها من لدن كتابة ضبط المحكمة االبتدائية‪ .‬وهذه‬
‫المعلومات تتعلق باألسماء الشخصية والعائلية واللقب ومكان ازدياد التاجر وجنسيته‪ ،‬واإلذن‬
‫بمزاولة التجارة إذا تعلق األمر بقاصر‪ ،‬والغرض التجاري‪ ،‬والفروع والوكاالت والعالمة والعنوان‬
‫التجاري‪ ،‬ونظام الزواج وكذا حقوق الملكية وبراءة االختراع‪ ،‬واألصل التجاري وكل التعديالت‬
‫والتغييرات التي تط أر عليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد قرر بعض وسائل اإلشهار الخرى التي تعد إلزامية كاإلشهار في سجالت‬
‫االحتجاجات المتعلقة باألوراق التجارية (المادة ‪ 212‬من مدونة التجارة بخصوص الكمبيالة) والمادة ‪ 300‬من نفس المدونة‬
‫بخصوص الشيك) وسجل إشهار عمليات التمويل بالكراء (المادة ‪ 436‬من مدونة التجارة) وسجل رهونات األصل التجاري‬
‫وكذلك رهن أدوات ومعدات التجهيز (المادة ‪ 381‬من مدونة التجارة)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4449‬بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ ،1997‬ص‪.155 -135 .‬‬
‫‪63‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوظيفة اإلحصائية‬

‫حيث يقدم السجل التجاري إحصاء شامال عن عدد التجار والشركات والمحالت التجارية‬
‫والفروع والوكاالت األجنبية والوطنية وأغراضها وأنواعها ورأس المال الرائج الوطني واألجنبي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الوظيفة االقتصادية‬

‫وتكمن هذه الوظيفة في أن السجل التجاري يعطي للدولة بيانات إحصائية تمكنها من تسيير‬
‫اقتصادها الوطني وتوجيهه الوجهة الصحيحة‪ ،‬حتى تستطيع في نهاية المطاف تركيز‬
‫مشروعاتها وتخطيطاتها على بيانات دقيقة وسليمة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الوظيفة القانونية‬

‫وتعتبر أهم وظيفة يقوم بها السجل التجاري‪ ،‬حيث أن المشرع المغربي وان جعل من القيد‬
‫في السجل التجاري مجرد قرينة بسيطة وقابلة إلثبات العكس على أن الشخص تاجر‪ ،‬وأن له‬
‫فقط اثر عالنية واشهار دون أي أثر منشئ‪ .‬فإنه يؤدي على الرغم من ذلك وظائف قانونية‬
‫عدة‪ ،‬من ذلك أن هذا السجل قد يرتب اآلثار اإلنشائية لحماية الحق في استعمال االسم أو‬
‫العنوان‪ ،‬كما يفترض علم الناس كافة بالبيانات المسجلة بمجرد اتخاذ إجراءات إيداع تلك‬
‫البيانات لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة وتسجيلها وشهرها‪ ،‬حيث يستطيع الشخص‬
‫المسجل إذاك أن يحتج بالبيانات المقيدة فيه في مواجهة الغير أما البيانات التي لم تسجل‪ ،‬فال‬
‫يستطيع االحتجاج بها أمام الغير الذي يمكنه إثباتها بكافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنظمي السجل التجاري‬

‫لقد حاول المشرع المغربي في مدونة التجارة جمع المقتضيات القانونية المتعلقة بالسجل‬
‫التجاري المركزي والسجل التجاري المحلي‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪1‬‬
‫أوال‪ :‬السجل التجاري المركزي‬

‫ويمسك من طرف اإلدارة‪ ،‬نقصد بذلك المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية طبقا‬
‫لمقتضيات المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 13 -99‬يقضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬ويعد عموميا‪ ،‬غير أن اإلطالع عليه ال يمكن أن يتم إال بحضور المأمور‬
‫المكلف بمسكه(‪.)2‬‬

‫ويرمي السجل التجاري المركزي حسب المقتضيات القانونية الجديدة إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬مركزة المعلومات المبنية في مختلف السجالت المحلية بمجموع تراب المملكة‪.‬‬

‫‪ -‬تسليم الشهادات المتعلقة بتقييد أسماء التجار والتسميات التجارية والشعارات وكذا‬
‫الشهادات والنسخ المتعلقة بالتقييدات األخرى المسجلة فيه‪ ،‬أو ما يصطلح على تسميته بالشهادة‬
‫السلبية‪3‬وفي هذا السياق تنص المادة ‪ 74‬من مدونة التجارة على مايلي‪:‬‬

‫"ال يمكن إجراء تقييد في السجل التجاري لكل اسم أو عنوان تجاري‪ ،‬أو تسمية تجارية أو‬
‫شعار لم يقم المستفيد منه بتقييده في السجل التجاري خالل سنة ابتداء من تاريخ تسليمه الشهادة‬
‫السلبية من طرف مصلحة السجل التجاري المركزي"‪.‬‬

‫‪ : 1‬المهدي شبو ‪ :‬الدليل العملي في السجل التجاري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2009‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬تجدر اإلشارة هنا إلى دور اإلعالميات في مجال تقريب المعلومات إلى المعنيين باإلطالع عليها‪ .‬كما تجدر اإلشارة أيضا إلى‬
‫أن مبدأ المجانية لم يعد معموال به‪ ،‬بل اصبحت مثل هذه الخدمات يؤدى عنها المقابل حسب تعرفة محددة من قبل اإلدارة‬
‫المعنية‪.‬‬
‫أنظر بهذا الخصوص قرار مشترك لوزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية ووزير المالية واالستثمارات صادر بتاريخ ‪4‬‬
‫شتنبر ‪ 1996‬بتغيير وتتميم قائمة الخدمات المقدمة من قبل الوزارة المكلفة بالتجارة فيما يتعلق بالسجل التجاري المركزي‪.‬‬
‫ج‪ .‬ر عدد ‪ 4418‬بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،1996‬ص‪.2259 -2258 .‬‬
‫‪3‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنه في إطار الالمركزية وتقريب اإلدارة من المواطنين‪ ،‬فلم يعد أمر طلب هذه الشهادة متمرك از على مدينة‬
‫الدار البيضاء وحدها كما كان األمر في السابق‪ ،‬بل لقد وضعت رهن إشارة طالبيها ‪ 29‬مندوبية للتجارة الداخلية متواجدة بـ‬
‫‪ 29‬عمالة واقليم منتشرة في مختلف أرجاء المملكة‪.‬‬
‫ويعد هذا من ثمار ميثاق االستثمارات الجديد بالمغرب والذي ينص في باب التدابير اإلدارية وخاصة في المادة ‪ 22‬على‬
‫تخفيف لإلجراءات اإلدارية‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫‪ -‬نشر مجموعة في بداية كل سنة‪ ،‬تضم معلومات عن أسماء التجار والتسميات التجارية‬
‫والشعارات التي أرسلت إليه‪ .‬ويجب أن تضمن في السجل التجاري المركزي فورا‪ ،‬البيانات التي‬
‫أرسلت إ ليه من طرف كاتب الضبط مع اإلشارة إلى السجل التجاري المحلي الذي تم به تسجيل‬
‫التاجر أو الشركة التجارية‪.‬‬

‫ويحظى التضمين بالحماية إما في مجموع تراب المملكة إذا طلبها ذوو المصلحة‪ ،‬واما في‬
‫‪1‬‬
‫الناحية أو الدائرة القضائية التي تعين خصيصا من قبلهم‪.‬‬

‫غير أنه إذا كان يهدف من إيداع اسم التاجر أو تسمية تجارية إلى استخدامه كعالمة في‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬يجب لحماية هذه العالمة أن يتم اإليداع طبقا للتشريع المتعلق بالعالمات‪ :‬أقصد‬
‫بذلك اإليداع لدى مكتب الملكية الصناعية والتجارية المنظم بالقانون رقم ‪ 13 -99‬أعاله(‪.)2‬‬
‫‪3‬‬
‫ثانيا‪ :‬السجل التجاري المحلي‬

‫يعرف السجل التجاري المحلي بأنه أداة رسمية أو مؤسسة إدارية‪ ،‬تمسكها وتنظمها في‬
‫المغرب كتابة ضبط المحكمة التجارية‪ ،‬تقيد فيها التجار والشركات التجارية والبيانات المتعلقة‬
‫بهم قصد إطالع الغير على أحوالهم الشخصية والتجارية‪ .‬فهذا السجل ما هو في الواقع سوى‬
‫مجموعة من الملفات المتالئمة مع البطاقات اإلجمالية‪ .‬حيث يحوز كل تاجر فرد أو شخص‬
‫معنوي مسجل بالسجل التجاري لملف تجمع فيه كل العقود وكل البيانات المتوالية التي تهمه‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن سجال عاما مرتب زمنيا يرسم مجموع التصريحات المحصل عليها‬
‫من لدن كاتب الضبط تبعا لتاريخها‪ .‬كما يلخص سجل آخر بطريقة أبجدية مجموعة أسماء‬
‫األشخاص المسجلين بالسجل التجاري‪.‬‬

‫وتمكن كل شخص من الحصول على نسخة أو مستخرج مشهود بصحته للتقييدات التي‬
‫يتضمنها السجل التجاري أو شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب‬

‫‪ : 1‬عز الدين بنستي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 2‬تجدر اإلشارة إلى أن السجل التجاري المركزي في فرنسا يمسكه المعهد الوطني للملكية الصناعية‪.‬‬
‫‪ : 3‬المهدي شبو ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪25‬‬
‫‪66‬‬
‫عليه‪ .‬ويشهد كاتب الضبط المكلف بمسك السجل بصحة النسخ أو المستخرجات أو الشهادات‬
‫(المادة ‪ 29‬من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫واذا تتبعنا المراحل التي مر منها السجل التجاري منذ عهوده األولى حتى وقتنا الراهن‪،‬‬
‫نالحظ أن هذا السجل كان سابقا مجرد موسوعة إدارية ال تنتج أية آثار قانونية كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لقانون ‪ 18‬مارس ‪ 1919‬الفرنسي‪ ،‬حيث أن القيد أو عدم القيد وكذلك وجود أو انعدام‬
‫بيان من البيانات لم تكن تترتب عنه أية نتائج‪.‬‬

‫إال أنه في مرحلة ثانية أصبح القيد في السجل التجاري أم ار إلزاميا لكي يصبح تصرف أو‬
‫واقعة معينة نافذة تجاه الغير (ظهير فاتح شتنبر ‪ 1926‬الذي قرر إجبارية تسجيل التجار‬
‫والشركات التجارية في السجل التجاري)‪.‬‬

‫وأخي ار يالحظ أنه في العديد من الحاالت‪ ،‬فإن كثي ار من إجراءات القيد في السجل التجاري‬
‫أصبحت تؤدي إلى إنشاء الحق ذاته وليس فقط مجرد االحتجاج به تجاه الغير‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬فإن هناك مفهومان مختلفان يحكمان السجل التجاري في كل الدول‪:‬‬

‫‪ -‬فالسجل التجاري يمكن أن يكون مجرد موسوعة إدارية تعطي لألغيار بعض المعلومات‬
‫المجردة من أية نتائج قانونية مضبوطة‪.‬‬

‫‪ -‬وفي المقابل‪ ،‬يمكن أن يكون وثيقة منشئة للحق‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للقانون األلماني‪.‬‬
‫حيث أن القيد في السجل التجاري يعتبر قرينة قاطعة على أن الشخص المسجل تاجر وغير‬
‫قابلة إلثبات العكس‪.‬‬

‫ويالحظ أن كال من التشريع الفرنسي ومثيله المغربي الحالي يحتالن مرتبة وسطا بين كال‬
‫هذين المفهومين‪ .‬فباإلضافة إلى الدور اإلشهاري المخول له‪ ،‬فإن السجل التجاري يؤدي وظيفة‬

‫‪67‬‬
‫أخرى هامة سواء بالنسبة لألشخاص الطبيعيين أو المعنويين(‪ )1‬أو بالنسبة لبعض العمليات‬
‫التجارية‪.‬‬

‫وعليه فيعتبر القيد في السجل التجاري في التشريع المغربي أم ار إلزاميا بالنسبة لجميع‬
‫التجار والشركات التجارية‪ ،‬وال يستثنى من ذلك إال صغار التجار الذين يعفون من هذا االلتزام‪.‬‬
‫إال أن التشريع المغربي لم يجعل من القيد رغم إلزاميته سببا الكتساب صفة التاجر‪ ،‬بل إن ذلك‬
‫القيد يعتبر مجرد قرينة بسيطة على أن الشخص تاجر وقابلة إلثبات العكس‪ 2.‬وهذا ما استقر‬
‫عليه اجتهاد محكمة االستئناف بالدار البيضاء بخصوص تسجيل األصل التجاري بالسجل‬
‫التجاري‪ ،‬حيث ال يعتبر حجة قاطعة في مواجهة الغير‪ ،‬بل مجرد بسيطة قابلة إلثبات العكس‬
‫عمال بمقتضيات ظهير ‪ 1927/5/7‬الخاص بمؤسسة السجل التجاري(‪.)3‬‬

‫*السجل التجاري اإللكتروني(‪:)4‬‬

‫السجل التجاري اإللكتروني‪ ،‬سجل تمسك من خالله السجالت التجارية المحلية والسجل‬
‫التجاري المركزي وذلك عبر المنصة اإللكترونية المحدثة بموجب القانون رقم ‪ 88.17‬المتعلق‬
‫بإحداث المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها‪.‬‬

‫وتتم التقييدات في السجل التجاري اإللكتروني عبر المنصة اإللكترونية إلحداث المقاوالت‬
‫بطريقة إلكترونية ومواكبتها‪ ،‬وكل تقييد يجب أن يتم بطريقة إلكترونية من خالل النافذة‬
‫المخصصة في المنصة اإللكترونية لكتابة الضبط بالمحكمة التي يقع بدائرة نفوذها المركز‬
‫الرئيسي للتاجر أو المقر اإلجتماعي للشركة‪.‬‬

‫والسجل المركزي عمومي يتم اإلطالع عليه من خالل المنصة اإللكترونية إلحداث‬
‫المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن ميالد الشخصية المعنوية لكل الشركات باستثناء شركات المحاصة وفقا لإلصالحات التشريعية الحديثة‬
‫بالمغرب‪ ،‬أصبح معلقا على ضرورة القيد في السجل التجاري وابتداء من تاريخ هذا التسجيل‪.‬‬
‫‪ : 2‬عز الدين بنستي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪224‬‬
‫‪ 3‬ملف عدد ‪ 91/1717‬صادر بتاريخ ‪ ،1991/07/19‬منشور بمجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،74‬ص‪.105 -101 .‬‬
‫‪4‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.18.110‬صادر في ‪ 2019/01/09‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 89.17‬بتغيير وتتميم القانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة‬
‫التجارة‪ ،‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6745‬بتاريخ ‪ ،2019/1/21‬ص‪ 142 .‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وال يجوز تسجيل التاجر بالسجل التجاري اإللكتروني إال بناء على طلب أو طلب وكيله‬
‫الذي يتوفر على وكالة كتابية ترفق وجوبا بهذا الطلب‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الالزتام مبسك احملاس بة واحملافظة عىل املراسالت‬
‫أوجبت المادة ‪ 19‬من مدونة التجارة على كل تاجر أن يمسك محاسبة طبقا ألحكام القانون‬
‫رقم ‪ 9.88‬المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها‪ .‬كما أوجبت المادة ‪26‬‬
‫من نفس المدونة أن ترتب وتحفظ أصول المراسالت الواردة ونسخ المراسالت الصادرة مدة عشر‬
‫سنوات ابتداء من تاريخها‪.‬‬

‫ويعتبر مسك المحاسبة مفيدا من عدة نواحي‪ ،‬فهو يمكن التاجر من التعرف باستمرار على‬
‫مركزه المالي والوضع الذي توجد عليه تجارته‪ .‬كما يمنح للتاجر وللمتعاملين معه وسيلة فعالة‬
‫للتغلب على مشكلة إثبات المعامالت التجارية‪ .‬هذا فضال عن أنه يمنح للسلطات العمومية‬
‫وسيلة فعالة لمراقبة التجارة ومعرفة مدى سالمة العمليات التجارية‪ .‬ومن بين كل هذه العناصر‬
‫سنقتصر في دراستنا على دور الوثائق المحاسبية في اإلثبات (الفقرة الثانية) لكن قبل ذلك يبقى‬
‫من الضروري التعرف على التنظيم القانوني للمحاسبة المفروضة على التجار (الفقرة األولى)‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬التنظمي القانوين للمحاس بة املفروضة عىل التجار‬

‫لقد قام المشرع المغربي بتحديد أنواع الوثائق المحاسبية الواجب على التجار مسكها (أوال)‬
‫وقام ببيان الطريقة التي يتعين أن يتم بها مسك هذه الوثائق (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الوثائق المحاسبية الواجب مسكها‬

‫تمسك المحاسبة بواسطة مجموعة من الوثائق هي الدفاتر المحاسبية‪ ،‬والقوائم التركيبية‪ .‬كما‬
‫يلزم القانون التجار بالحفاظ على المراسالت‪.‬‬

‫‪ :1‬الدفاتر المحاسبية‬

‫من أهم الدفاتر المحاسبية التي ألزم المشرع المغربي التجار بمسكها‪ ،‬هناك دفتر اليومية (أ)‬
‫ودفتر األستاذ (ب) ودفتر الجرد (ج)‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أ‪ -‬دفتر اليومية‪:‬‬

‫يعتبر هذا الدفتر من أهم الوثائق المحاسبية وأكثرها بيانا لحقيقة المركز المالي للتاجر‪ ،‬نظ ار‬
‫لكونه يعد سجال يوميا يلزم على التاجر أن يقيد فيه عملياته التجارية عملية عملية ويوما بيوم‬
‫حسب تسلسلها‪ ،‬سواء ما يتعلق منها بحركة أصول منشأته أو بخصومها‪ ،‬أي أنه يلزم بتقييد‬
‫جميع ما يقوم به من عمليات متعلقة بتجارته من بيع وشراء أو اقتراض أو استالم بضائع إلخ‪...‬‬

‫ب‪ -‬دفتر األستاذ‪:‬‬

‫وتسجل فيه وفق قائمة حسابات التاجر‪ .‬والفرق بين دفتر اليومية ودفتر األستاذ هو أن‬
‫األول يتضمن كل عملية يجريها التاجر بجميع تفاصيلها‪ ،‬أما الثاني فال يتضمن إال الخالصات‬
‫الناتجة عن تلك العمليات‪.‬‬

‫ج‪ -‬دفتر الجرد‪:‬‬

‫ألزم المشرع المغربي كل تاجر بأن يقوم عند نهاية كل دورة محاسبية بإجراء جرد شامل‬
‫يتضمن قيمة عناصر أصول المنشأة وخصومها‪ .‬ويجب أن يشمل هذا الجرد كافة أموال التاجر‬
‫التي يوظفها في تجارته‪.‬‬

‫‪ : 2‬القوائم التركيبية‬

‫ألزم المشرع المغربي التاجر بإعداد قوائم تركيبية سنوية عند اختتام الدورة المحاسبية‪،‬‬
‫ويكون ذلك على أساس بيانات المحاسبة والجرد المقيدة في دفتر اليومية ودفتر األستاذ ودفتر‬
‫الجرد‪ .‬ويجب أن تكون هذه القوائم التركيبية صورة صادقة ألصول المنشأة وخصومها‪.‬‬

‫‪ : 3‬ملف المراسالت الصادرة والواردة‬

‫‪70‬‬
‫ألزمت المادة ‪ 26‬من مدونة التجارة كل تاجر بأن يرتب ويحفظ أصول المراسالت الواردة‬
‫ونسخ المراسالت الصادرة مدة عشر سنوات ابتداء من تاريخها‪ .‬وتشمل هذه المراسالت كافة‬
‫المستندات والوثائق المتعلقة بتجارته من عقود وفاتورات وايصاالت ووثائق تأمين وشحن‬
‫والبرقيات إلخ‪...‬‬

‫ثانيا‪ :‬طريقة مسك الوثائق المحاسبية‬

‫لتأمين انتظام وصحة البيانات المسجلة في الوثائق المحاسبية وضع المشرع بعض القواعد‬
‫الخاصة‪ .‬وهكذا يلزم قبل أي استعمال لدفتر اليومية ودفتر الجرد أن يعرضهما التاجر على‬
‫كاتب الضبط بالمحكمة التجارية التابع لها مقر المنشأة ليرقم صفحاتهما ويوقع عليهما‪ ،‬وذلك‬
‫منعا ألي محاولة لتغيير الدفتر كله واصطناع دفتر آخر بدال منه‪ .‬كما يلزم أن يتم التدوين في‬
‫هذين الدفترين بطريقة تسلسلية أي حسب تاريخ إجراء كل عملية‪ ،‬مع عدم ترك أي بياض في‬
‫الدفتر منعا لإلضافة أو الحشو بين السطور‪ .‬وفي حالة وقوع خطأ في قيد من التقييدات فيجب‬
‫تصحيحه بتقييد جديد مع اإلشارة إليه والى تاريخه تفاديا لحصول أي شك في البيانات الواردة‬
‫فيه‪.1‬‬

‫ويجب االحتفاظ بالوثائق المحاسبية لمدة عشر سنوات(‪ ،)2‬لكن يمكن للتجار أن يحتفظوا‬
‫بهذه الوثائق حتى بعد مرور تلك المدة‪ ،‬إال أنه إذا كان في غير مصلحة التاجر أن يدلي بها‬
‫فإنه يمكنه أن يدعي إتالفها إذا كانت قد مرت عليها مدة العشر سنوات‪ ،‬ألنه بمرور هذه المدة‬
‫ال يصبح ملزما بتقديم تلك الوثائق إلى القضاء(‪.)3‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جحية الواثئق احملاسبية يف االإثبات‬

‫بالنظر إلى ما تتضمنه الوثائق المحاسبية من بيانات مهمة بالنسبة للمعامالت التجارية‪ ،‬فقد‬
‫قرر المشرع أن تكون لهذه الوثائق حجية معينة في اإلثبات‪ ،‬إال أن هذه الحجية تختلف بحسب‬

‫‪ : 1‬عبد الواحد حمداوي ‪ :‬مرجع ابق ‪ ،‬ص‪.123‬‬


‫‪ 2‬حدد المشرع الفرنسي هذه المدة في خمس سنوات مراعاة منه لجل التقادم المقرر لاللتزامات في الميدان التجاري‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.306 .‬‬
‫‪71‬‬
‫ما إذا كان التمسك بهذه الوثائق لهذا الغرض قد تم من قبل التاجر لمصلحته (أوال) وبحسب ما‬
‫إذا كان التمسك بها يتم من طرف الغير ضد التاجر الذي يمسكها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬حالة التمسك بالوثائق المحاسبية لمصلحة التاجر‬

‫استثناء من القاعدة العامة في اإلثبات‪ ،‬التي تنص على أنه ال يجوز للشخص أن ينشئ‬
‫بنفسه دليال لمصلحته‪ ،‬فإن المشرع يجيز للتاجر االحتجاج بما هو مضمن في وثائقه المحاسبية‬
‫في مواجهة غيره‪ .‬وهذا ما يستفاد من صيغة المادة ‪ 19‬من مدونة التجارة التي جاء فيها ‪...":‬‬
‫إذا كانت تلك المحاسبة ممسوكة بانتظام فإنها تكون مقبولة أمام القضاء كوسيلة إثبات بين‬
‫التجار في األعمال المرتبطة بتجارتهم"‪.‬‬

‫يتبين من خالل النص السابق أنه يشترط العتبار الوثائق المحاسبية حجة في هذه الحالة‬
‫توافر ثالثة شروط‪ :‬فينبغي أوال أن يتعلق النزاع المعروض أمام القضاء بتاجرين‪ ،‬والسبب في‬
‫ذلك أن تخويل الحق للتاجر من أجل استعمال محاسبته إلثبات ما يدعيه يعتبر امتيا از قرره له‬
‫القانون‪ ،‬لذلك فهو ال يستطيع استعمال هذا االمتياز إال في مواجهة تاجر آخر يتمتع بنفس‬
‫الحقوق‪ ،‬وذلك حرصا على المساواة(‪ .)1‬إذ الغالب في مثل هذه الحالة أن يقدم كل من التاجرين‬
‫دفاتره من تلقاء نفسه‪ ،‬بحيث تكون أمام القاضي مهمة المضاهاة والمقارنة والترجيح بين دفاتر‬
‫كل من التاجر‪ ،‬إذا اختلفت البيانات المستمدة من كل منهما(‪ ،)2‬أما إذا كانت متطابقة فال‬
‫إشكال‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يلزم العتبار الوثائق المحاسبية حجة في مثل هذه الحالة أن يتعلق األمر‬
‫بنزاع تجاري بالنسبة للخصمين‪ .‬أما إذا كان العمل موضوع النزاع تجاريا بالنسبة للتاجر ماسك‬
‫الوثائق المحاسبية ومدنيا بالنسبة للتاجر اآلخر‪ .‬كما هو الشأن مثال بالنسبة للحالة التي يقوم‬
‫فيها النزاع بين تاجر يرتكز نشاطه على بيع السيارات وتاجر اقتنى منه سيارة من أجل استعماله‬
‫الشخصي فال يمكن االعتماد على هذه الوثائق في اإلثبات‪ .‬وأخيرا‪ ،‬يلزم لالحتجاج بالوثائق‬
‫المحاسبية أن تكون هذه الوثائق ممسوكة بانتظام‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.135 .‬‬
‫‪2‬‬
‫علي البارودي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.121 .‬‬
‫‪72‬‬
‫بيد أن توافر هذه الشروط ال يعني إعطاء هذه الوثائق حجية مطلقة في اإلثبات – ألنه‬
‫يمكن للمحكمة أن ترفض األخذ بما جاء في هذه الوثائق‪ ،‬خاصة في حالة قيام الشك حول‬
‫صحة ما هو مدون بها أو في حالة توفر دليل آخر أقوى منها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حالة التمسك بالوثائق المحاسبية ضد التاجر‬

‫تنص المادة ‪ 20‬من مدونة التجارة على أنه ‪":‬يجوز لألغيار أن يحتجوا ضد التاجر‬
‫بمحتوى محاسبته ولو لم تكن ممسوكة بانتظام"‪ .‬يتبين إذن أن األغيار يجوز لهم االحتجاج ضد‬
‫التاجر بما هو مدون في وثائقه المحاسبية‪ ،‬وذلك في جميع الحاالت ومن دون شروط‪ ،‬وذلك‬
‫بغض النظر عن كون الشخص الذي يحتج بها تاج ار أو غير تاجر‪ ،‬وبغض النظر عن طبيعة‬
‫العمل وما إن كان مدنيا أم تجاريا‪ .‬وذلك على اعتبار أن البيانات المقيدة في الوثائق المحاسبية‬
‫للتاجر تعد بمثابة اإلقرار المكتوب‪ .‬واإلقرار كما هو معروف يعتبر حجة على صاحبه‪.‬‬

‫لكن رغم ذلك فإن هذه الحجة ليست قاطعة‪ ،‬إذ يمكن للتاجر المعني باألمر أن يقيم الدليل‬
‫على عكس ما ورد فيها بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬كأن يثبت مثال وقوع خطأ في التسجيل‪ ،‬أو‬
‫حصول تغيير الحق على ما يتضمنه التقييد المستند إليه‪ ،‬دون أن يتم تسجيل ذلك‪.‬‬

‫ونشير في األخير إلى أن استعمال الوثائق المحاسبية في اإلثبات أمام القضاء يتم إما عن‬
‫طريق التقديم(‪ )1‬أو بواسطة اإلطالع(‪ )2‬وذلك إما بأمر من المحكمة أو بناء على طلب أحد‬
‫األطراف‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫نصت المادة ‪ 23‬من مدونة التجارة على أن ‪":‬التقديم هو استخراج من المحاسبة للمحررات فقط التي تهم النزاع المعروض‬
‫على المحكمة"‪.‬‬
‫‪ 2‬ورد في المادة ‪ 24‬من المدونة أن ‪":‬اإلطالع هو العرض الكامل للوثائق المحاسبية‪."...‬‬
‫‪ : 3‬عبد الواحد حمداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪73‬‬
‫الباب الثاين ‪ :‬الصل التجاري‬
‫يعتبر األصل التجاري من أهم ما ابتدعه الفكر – الممارسة التجارية‪ -‬قبل أن يتوصل إلى‬
‫تعريفه و تحديده و تنظيمه‪.‬‬

‫إن التجار غالبا ما يمارسون نشاطهم التجاري – المقصود هنا النشاط التجاري بمفهومه‬
‫القانوني و ليس االقتصادي – في إطار فردي أو جماعي‪ .‬فهم إن مارسوا التجارة في إطار‬
‫جماعي‪ ،‬غالبا ما ينضوون في إطار شركة – المقاولة الجماعية – و إن زاولوا نشاطهم في‬
‫إطار فردي معتمدين على إمكانياتهم الذاتية‪ ،‬فإن هذه الممارسة تتم في إطار أصل تجاري‪،‬‬
‫تجتمع فيه مجموعة من العناصر المادية و المعنوية من أجل خدمة زبناء هذا األصل الذي‬
‫يوصف من الناحية االقتصادية بالمقاولة الفردية‪.‬‬

‫لقد اهتدى التجار الفرنسيون إلى إيجاد و خلق فكرة األصل التجاري في معامالتهم التجارية‬
‫من أجل تحقيق هدفين ‪ :‬استعماله و استغالله كأداة للحصول على القروضفي إطار الرهن‪ ،‬ثم‬
‫تنظيم المنافسة بين التجار الذين يعملون في نوع معين من التجارة‪.‬‬

‫ولم يتدخل القانون الفرنسي لتنظيم األصل التجاري إال بعد ما استقر في المعامالت اليومية‬
‫من خالل قانون ‪ 17‬مارس ‪ .1909‬و قبل ذلك كان القانون الفرنسي يفرض مجرد رسوم على‬
‫بيع األصل التجاري من خالل قانون ‪ 28‬فبراير ‪ 1872‬ثم قانون فاتح مارس ‪ 1898‬المنظم‬
‫للرسم على رهن األصل التجاري‪.‬‬

‫لم يبدأ الحديث في المغرب عن األصل التجاري إال مع صدور ظهير ‪ 1914‬المنظم لرهن‬
‫و بيع األصل التجاري المنقول حرفيا عن القانون الفرنسي لسنة ‪.1909‬‬

‫و إذا كنا نسجل مجموعة من التعديالت التي عرفها قانون ‪ 1909‬الفرنسي‪ ،‬نخص بالذكر‬
‫هنا قانون ‪ 29‬يونيو ‪ 1935‬حول حماية الحائز الجديد لألصل التجاري‪ ،‬و قانون ‪1956‬‬
‫المتعلق بالتسيير الحر لألصل التجاري‪ ،‬فإن ظهير ‪ 1914‬المغربي لم يعرف أي تعديل جوهري‬
‫إلى حين صدور مدونة التجارة سنة ‪ ،1996‬و كان من الطبيعي أن يحمل هذا التعديل بعض‬

‫‪74‬‬
‫المقتضيات الهامة تخص هذا األصل‪ ،‬إن على مستوى ماهيته و تركيبته‪ ،‬أو على مستوى‬
‫العمليات المنصبة عليه‪.1‬‬

‫من هنا فإن الدراسة في هذا الباب ستقسم عبر فصلين األول أخصصه لعناصر األصل‬
‫التجاري‪ ،‬و الثاني أعرض فيه لبيع و رهن األصل التجاري‪.‬‬

‫الفصل الول‪ :‬عنارص الصل التجاري‬


‫لم يتعرض المشرع التجاري القديم للعناصر المكونة لألصل التجاري‪ ،‬في حين تعرضت‬
‫مدونة التجارية الحالية صراحة للعناصر المكونة لألصل التجاري بقولها "يشتمل األصل التجاري‬
‫وجوبا على زبناء وسمعة تجارية‪ .‬ويشمل أيضا كل األموال األخرى الضرورية الستغالل‬
‫األصل‪ ،‬كاالسم التجاري‪ ،‬والشعار والحق في الكراء‪ ،‬واألثاث التجاري والبضائع والمعدات‪،‬‬
‫واألدوات وبراءات االختراع‪ ،‬وبصفة عامة لكل حقوق الملكية الصناعية أو األدبية أو الفنية‬
‫الملحقة باألصل" (المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫ومن خالل هذا التعريف لألصل التجاري وبالعناصر التي يتكون منها يتضح بأن األصل‬
‫التجاري يتكون من عناصر مادية‪ ،‬كالبضائع والمعدات واألثاث التجاري وغيره وعناصر غير‬
‫مادية أو ما يسمى بالعناصر المعنوية‪ ،‬وهي بشكل خاص الزبائن‪ ،‬واالسم التجاري أو العنوان‬
‫التجاري‪ ،‬والشعار‪ ،‬وحق الكراء‪ ،‬وحقوق الملكية الصناعية واألدبية والفنية‪ ،‬واإلجازات والرسوم‬
‫وغيرها من العناصر وذلك حسب طبيعة ونوعية تجارة التاجر‪ ،‬فالعناصر المشار إليها ليست‬
‫سوى أمثلة لما قد يتكون منه األصل التجاري عادة‪ ،‬فمن النادر أن تجتمع هذه العناصر كلها في‬
‫محل تجاري معين فالتاجر الذي يمارس النشاط التجاري في عقار مملوك له ليس له حق الكراء‬
‫كما أن بعض المؤسسات مثال كمؤسسات السماسرة‪ ،‬والوكالء بالعمولة ووكالء األشغال ال‬
‫تشتمل على بضائع وليست فيها سوى بعض المعدات واألجهزة البسيطة‪ .‬في حين قد تعتبر‬
‫العناصر المادية أحيانا أساسية في تجارة معينة كتجارة األقمشة مثال‪ ،‬والمواد الغذائية وغيرها‪.‬‬

‫‪ :1‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.121‬‬


‫‪75‬‬
‫وتشكل العناصر المادية والمعنوية مجتمعة وحدة اقتصادية متميزة لها وضعها القانوني‬
‫القائم بذاته‪ ،‬وبالرغم من انها تختلف اختالفا يؤدي إلى احتفاظ كل عنصر بطبيعته‪ ،‬وبالتالي‬
‫خضوعه لنظام قانوني خاص به‪ ،‬وحتى تتضح هذه العناصر أكثر سنحاول أن نتعرض لكل من‬
‫العناصر المادية في المبحث األول على أن نخصص المبحث الثاني للعناصر المعنوية‪.‬‬

‫املبحث الول‪ :‬العنارص املادية‬


‫يتضح من المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة الجديدة أن األصل التجاري أو المتجر أو‬
‫المصنع(‪ )1‬يتكون من مجموعة عناصر مادية كالبضائع واألدوات أو المعدات‪ ،‬ومن األثاث‬
‫التجاري بمختلف أنواعه‪ ،‬علما بأن العناصر المادية تعد عنص ار ثانويا في تكوين األصل‬
‫التجاري أحيانا‪ ،‬بالرغم من أنها قد تشكل قيمة مالية كبيرة‪ ،‬وتنقسم عموما العناصر المادية إلى‬
‫معدات وبضائع‪:‬‬

‫أوال‪ :‬البضائع‬

‫تعد كافة السلع المنقولة المعدة للبيع أو التعامل أو الكراء من قبيل البضائع سواء أكانت‬
‫مصنعة أو نصف مصنعة أو مواد أولية سواء الموجودة منها داخل المحل التجاري أو المخزون‬
‫في أماكن أخرى(‪ .)2‬وال تدخل البضائع بمفرداتها في تكوين األصل التجاري‪ ،‬وانما تشكل مع‬
‫البضائع المخزونة وحدة قائمة بذاتها كعنصر من عناصر األصل التجاري‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن‬
‫البضائع التي تباع أو تكترى في محالت بيع المواد الغذائية‪ ،‬ومن األحذية في محل بيع األحذية‬
‫ومن األجهزة الكهربائية في المحالت المختصة بذلك‪ ،‬والد ارجات في محالت بيعها والسيارات‬
‫الفاخرة‪ .‬كما تعتبر من قبيل البضائع المواد األولية التي تعتمد في صناعة ما يقوم المصنع‬
‫ببيعه‪ ،‬وانتاجه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يطلق على األصل التجاري المتجر إذا كان األمر يتعلق بتجارة ويطلق عليه المصنع إذا كان األمر يتعلق بصناعة‪ ،‬والقانون‬
‫اللبناني أطلق تسمية المؤسسة التجارية على األصل التجاري بينما القانون األردني والسوري سماه بالمتجر والقانون المصري‬
‫سماع بالمحل التجاري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كما إذا كان المحل يزاول فيه صاحبه تأجير أو كراء المنقوالت‬
‫‪ -‬سميحة القليوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪76‬‬
‫واذا كانت البضائع تشكل عنص ار هاما من عناصر األصل التجاري في التجارات السابق‬
‫اإلشارة إليها وغيرها فإنه قد ال تكون لها أهمية كما هو الحال بالنسبة لمقاولة المالهي العمومية‪،‬‬
‫ووكاالت األشغال والوكالة بالعمولة وغيرها‪ ،‬ولما كانت البضائع معدة ألجل البيع أو التأجير‪،‬‬
‫فهي قابلة للزيادة أو النقصان تبعا لنشاط األصل التجاري‪ ،‬ولذلك ال يرد عليها الرهن كأحد‬
‫عناصر األصل التجاري وانما يجوز فقط التخلي عن حيازتها للدائن المرتهن وفقا لما تقضي به‬
‫القواعد العامة‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة ‪ 107‬من مدونة التجارة حيث جاء فيها بأنه "ال يجوز أن‬
‫يشمل رهن األصل التجاري سوى العناصر المحددة في المادة ‪ 80‬باستثناء البضائع" وعلى‬
‫العكس من ذلك يشمل عقد بيع األصل التجاري السلع والبضائع ما لم يتفق الطرفان على خالف‬
‫ذلك‪ .‬وهذا ما يستفاد من نص المادة ‪ 91‬من مدونة التجارة والتي جاء فيها "‪ ...‬ال يترتب‬
‫االمتياز إال على عناصر األصل التجاري المبنية في عقد البيع وفي التقييد‪ ،‬فإذا لم يعين ذلك‬
‫على وجه الدقة شمل االسم التجاري والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية‪،"...‬‬
‫وهو نفس االتجاه الذي سلكه القضاء‪ ،‬ففي إحدى ق اررات محكمة النقض المصرية جاء فيه بأنه‬
‫ولئن كان المتجر ‪ ...‬يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول‪ ،‬ومن مقومات مادية ومعنوية ‪...‬‬
‫ولئن جاز اعتبار البضاعة بكل مفرداتها ضمن عناصر المحل التجاري التي يشملها البيع حتى‬
‫ولو لم ينص على ذلك في العقد‪ ،‬إال أنه ليس ثمة ما يمنع الطرفين من االتفاق على احتفاظ‬
‫البائع بالبضائع وعدم دخولها ضمن األشياء التي ينصب عليها البيع دون أن يخل ذلك باعتباره‬
‫بيعا للمتجر(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬المعدات‬

‫يقصد بالمعدات (المادة ‪ 8‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‪ ،‬الوسائل أو األدوات المنقولة التي يستخدمها عادة‬
‫التاجر ألجل استثمار األصل التجاري على أن ال تكون معدة للبيع كآالت المصنع التي تستخدم‬
‫في صنع المنتجات‪ ،‬وتجهيزات المطاعم أو المقاهي‪ ،‬واألثاث المستعمل في التجارة‪ ،‬كالمكاتب‬
‫والمقاعد وغيرهما مما يدخل فيما يسمى بتجهيزات األصل التجاري‪ ،‬غير أن ثمة تجهيزات‬
‫ووسائل وآالت تكون احيانا مثبتة ومخصصة لخدمة األصل التجاري‪ ،‬بحيث تصبح عقا ار‬

‫‪1‬‬
‫أنظر طعن رقم ‪ 757‬لسنة ‪ 42‬ق جلسة ‪ ،1976 -6 -23‬س ‪ ،27‬ص‪.1405 .‬‬
‫‪77‬‬
‫بالتخصيص‪ ،‬كاآلالت والتجهيزات المعدة لإلنتاج في المصنع‪ ،‬غير أن هذا ال يمنع من شمول‬
‫عقد بيع األصل التجاري لكافة المعدات الموجودة فيه ولو لم ينص على ذلك في العقد ما لم يتم‬
‫االتفاق على استبعادها(‪.)1‬‬

‫والمالحظ هنا أن التفرقة أو التمييز بين ما يعد من البضائع وما يعتبر من المعدات قد يثير‬
‫أحيانا بعض الصعوبات‪ ،‬فيمكن للشيء الواحد أن يدخل في عداد البضائع وأحيانا في عداد‬
‫المعدات‪ ،‬فالسيارة تعتبر من المعدات بالنسبة للمتعهد بالنقل بينما تعد من البضائع بالنسبة إلى‬
‫محل بيع السيارات الجديدة‪ ،‬والماشية تعتبر من المعدات بالنسبة إلى المحل الذي يستخرج‬
‫األلبان منها بينما تعتبر بالنسبة إلى محل بيع وشراء الماشية أو بالنسبة إلى محل اللحوم من‬
‫البضائع‪ ،‬ولذلك ينبغي تحديد ما إذا كان الشيء أعد ألجل االستعانة به ألجل استثمار التاجر‬
‫محله التجاري أو من أجل عرضه للبيع‪ .‬بمعنى أن ضابط التفرقة بين البضائع والمعدات يكمن‬
‫في الغرض الذي يخصص له أحدهما بصرف النظر عن طبيعته‪ ،‬وتظهر أهمية التفرقة بين‬
‫المعدات والبضائع في كون المعدات دون البضائع هي التي تكون محال للرهن نظ ار لكونها‬
‫عنصر من عناصر األصل التجاري(‪.)2‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬العنارص املعنوية‬


‫تشكل العناصر المعنوية أهم عناصر األصل التجاري وهي التي تساعد في الغالب على‬
‫تحديد قيمته‪ ،‬و يعتبر الرأي مستق ار على أن العناصر التي ذكرتها المادة ‪ 80‬لم ترد على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬و لكنها جاءت على سبيل المثال‪ ،‬وفيما يلي نحاول بيان أحكام أهم هذه العناصر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سميحة القليوبي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 21‬هامش ‪3‬‬
‫في حين يرى الفقه الفرنسي استبعاد المعدات من عناصر األصل التجاري متى صارت عقا ار بالتخصيص‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وقد اختلف الرأي في حالة ما إذا كانت األشياء الموجودة في المحل التجاري معدة للكراء كما هو الحال في كراء السيارات أو‬
‫الدراجات أو األواني أو المفروشات في حين ذهب الرأي الراجح ويحق إلى أنها تعد من قبيل البضائع التي يقصد من ورائها‬
‫الشراء لجل الكراء‪ ،‬وهو ما نصت عليه الفقرة األولى من الفصل الثاني من القانون التجاري القديم‪.‬‬
‫‪ -‬محمد أخياظ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪195‬‬
‫‪78‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الزبناء والسمعة التجارية‪1‬‬
‫يعتبر عنصر الزبناء من أهم عناصر األصل التجاري‪ ،‬بحيث أن غياب هذا العنصر يؤدي‬
‫إلى انعدام وجود األصل التجاري في حد ذاته‪.‬‬

‫ويقصد بالزبناء مجموع األشخاص الذين يتعاملون مع التاجر ويرتادون متجره بصفة دائمة‬
‫أو عرضية(‪.)2‬وينبغي العتبار عنصر الزبناء متوفرا‪ ،‬ضرورة تحقق شرطين‪ ،‬فمن جهة أولى‬
‫يلزم أن يكون الزبناء حقيقيين ومؤكدين‪ ،‬أما إذا كانوا افتراضيين أو محتملين فال يتحقق قيام‬
‫عنصر الزبناء‪ .‬الشيء الذي يقتضي بالضرورة أن يكون قد شرع في استغالل األصل التجاري‪.‬‬
‫لكن أحيانا يكفي مجرد االستعداد للدخول في معامالت تجارية لقيام األصل التجاري‪ ،‬وهو الشأن‬
‫بالنسبة لتأجير محطات توزيع البنزين‪ ،‬الذي يؤدي إلى قيام األصل التجاري رغم عدم شروعها‬
‫في العمل‪ ،‬مادامت تشكل مم ار إلزاميا بالنسبة للزبناء‪.‬‬

‫من جهة ثانية يشترط أن يكون الزبناء خاصين بالمتجر ذاته وهو األمر الذي ال يتوافر في‬
‫أعمال التجارة الصغيرة المستغلة في إطار مركبات تجارية كبيرة(‪ .)3‬وذلك بسبب افتقادها لزبناء‬
‫ذاتيين ومستقلين يرتبطون بالخدمات التي تقدمها‪ ،‬ألن اإلقبال على خدماتها إنما يتم بمناسبة‬
‫التواجد بالمكان األم‪ ،‬الذي تبقى عالقة االرتباط به أقوى من أي ارتباط بهذا المحل أو ذاك من‬
‫المحالت المتواجدة به(‪ .)4‬ونفس الحكم ينطبق على المحالت المنتمية لشبكة التوزيع‪ ،‬التي‬
‫تكتفي بتسويق منتجات ذات عالمة مسجلة وطنية أو دولية‪.5‬‬

‫أما السمعة التجارية فيقصد بها قدرة المتجر على استقطاب الزبائن بسبب شهرته أو موقعه‪،‬‬
‫ويظهر من خالل هذا التعريف مدى االرتباط القائم بين الزبائن والسمعة التجارية‪ ،‬إذ يعتبران‬

‫‪ : 1‬أحمد شكري السباعي‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2007‬ص ‪.413‬‬
‫‪ 2‬عز الدين بنستي‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬األصل التجاري دار النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،2001‬ص‪.33.‬‬
‫‪3‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.163 .‬‬
‫‪ 4‬محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.146 .‬‬
‫‪ : 5‬أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.415‬‬
‫‪79‬‬
‫مكملين لبعضهما البعض‪ ،‬ألن كال منهما يؤثر في اآلخر باإليجاب أو السلب‪ ،‬فالسمعة التجارية‬
‫تتعزز بتضاعف زبائن األصل التجاري والعكس صحيح(‪.)1‬‬

‫ويحاول البعض التمييز بين الزبائن والسمعة التجارية على أساس أن الرصيد من الزبناء‬
‫يتشكل من العمالء القارين الذين اعتادوا التعامل مع التاجر‪ ،‬في حين أن عنصر السمعة‬
‫التجارية يقصد به قدرة األصل التجاري على اجتذاب الزبائن بسبب موقعه مثال(‪ .)2‬لكن هذا‬
‫التمييز ليست له أية آثار قانونية(‪ ،)3‬الشيء الذي يؤكد الترابط الكبير بين هذين العنصرين من‬
‫عناصر األصل التجاري‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الامس أو العنوان التجاري‬
‫االسم التجاري هو التسمية التي يتخذها التاجر ليزاول تحتها تجارته‪ ،‬سواء كان فردا أو‬
‫شركة تجارية‪ ،‬فيعرف به في الوسط التجاري ويظهر على مطبوعاته ويمضي به مراسالته(‪.)4‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 69‬من مدونة التجارة على أنه "ال يجوز لمن يستغل مؤسسة تجارية بمفرده أو‬
‫مع شريك بالمحاصة أن يقيد إال اسمه العائلي كعنوان تجاري‪ ،‬وال يجوز له أن يضيف إلى‬
‫عنوانه التجاري أي شيء يفيد وجود رابطة شركة ‪."...‬‬

‫والشك أن الهدف من هذا المقتضى هو حماية المتعاملين مع التجار‪ ،‬من خالل تمكينهم‬
‫من معرفة شخص المستغل لألصل التجاري‪ ،‬نظ ار ألهمية االعتبار الشخصي في تحديد مدى‬
‫إمكانية منح االئتمان للتاجر‪ .‬لكن ذلك ال يمنع توفر التاجر على الحق في إضافة كل بيان من‬
‫شأنه أن يعرف بشخصه أو مؤسسته‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.146 .‬‬
‫‪2‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.164 .‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الفضيل محمد أحمد‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ / 151 .‬محمد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬سن ص‪.146 .‬‬
‫‪ 4‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.172 .‬‬
‫‪ : 5‬عبد الواحد حمداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪80‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬احلق يف الكراء‪1‬‬
‫يقصد بالحق في الكراء‪ ،‬المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة ‪ )2(80‬من مدونة‬
‫التجارة ضمن العناصر المعنوية لألصل التجاري‪ ،‬ذلك الحق المخول للتاجر المستأجر للعقار‬
‫الذي يباشر فيه تجارته من جهة في البقاء في هذا العقار عن طريقه تمتيعه بتعويض عادل عن‬
‫اإلخالء في حالة رفض المؤجر تجديد عقد الكراء عند انتهاء مدته‪ ،‬ومن جهة أخرى في التنازل‬
‫عن الكراء للغير في الحالة التي يعمل فيها على التصرف في األصل التجاري بالبيع أو بأحد‬
‫أوجه التصرف المنصوص عليها في المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪ ،‬كتقديم األصل التجاري‬
‫حصة في الشركة أو بيعه أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد‪.‬‬

‫مضمون الحق في الكراء‪:‬‬

‫يعطي الحق في الكراء للمكتري إمكانية تجديد العقد ولو حل أجل إنهائه‪ ،‬كما يمكنه تفويت‬
‫الحق في الكراء إلى الغير‪ ،‬وبالمقابل يحصل المكتري على تعويض في حال إذا ما رفض المالك‬
‫تجديد العقد‪.‬‬

‫‪ -1‬تحديد العقد‪:‬‬

‫متى توافرت الشروط المتعلقة بعقد الكراء‪ ،‬وتحديدا وروده في محرر كتابي ثابت التاريخ م‬
‫‪ ،3‬واثبات انتفاع المكتري مستقل م ‪ ،4‬وكذلك الشروط الواردة في المادة األولى فإن المكتري‬
‫يصير محقا في تجديد عقد الكراء م ‪.6‬‬

‫ويحتفظ المكري بالحق في وضع شروط جديدة لتجديد العقد‪ ،‬وغالبا ما يقترح تعديال في‬
‫مبلغ الوجيبة الكرائية أو مدة العقد‪ ،‬ويخضع التعديل للشروط التعاقدية التي يحددها األطراف‬
‫مسبقا أو التفاق الحق بينهما م ‪.5‬‬

‫‪ : 1‬أحمد شكري السباعي ‪ :‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬دار نشر المعرفة الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2008‬ص‬
‫‪ 3‬و ما بعدها‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة ‪":‬يشتمل األصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية‪.‬‬
‫ويشمل أيضا كل األموال األخرى الضرورية الستغالل األصل كاإلسم التجاري والشعار والحق في الكراء واألثاث التجاري‬
‫والبضائع والمعدات واألدوات وبراءات اإلختراع والرخص وعالمات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية وبصفة‬
‫عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو األدبية أو الفنية الملحقة باألصل"‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫بيد أنه وفي حال عدم اتفاق األطراف‪ ،‬تطبق مقتضيات القانون رقم ‪ 07.03‬المتعلق‬
‫بمراجعة اثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو‬
‫الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.134‬بتاريخ ‪ 19‬من ذي القعدة ‪30( 1428‬‬
‫نوفمبر ‪.)1()2007‬‬

‫وحسب المادة ‪ 31‬من هذا القانون يحق للمكري والمكتري االتفاق على شروط مراجعة‬
‫الوجيبة الكرائية ونسبة الرفع من قيمتها أو تخفيضها‪.‬‬

‫وال يجوز االتفاق على رفع مبلغ الوجيبة الكرائية خالل مدة تقل عن ثالث سنوات ابتداء من‬
‫تاريخ إبرام عقد الكراء؛ أو من تاريخ آخر مراجعة قضائية أو اتفاقية‪ ،‬أو االتفاق على زيادة‬
‫تتعدى النسب المقررة في هذا القانون‪.‬‬

‫إذا لم يقع بين الطرفين اتفاق على شروط مراجعة الوجيبة الكرائية ونسبة الرفع من قيمتها؛‬
‫أمكن مراجعتها بعد مرور كل ثالث سنوات على األقل من تاريخ االتفاق على الوجيبة أو من‬
‫تاريخ مراجعتها بين األطراف مباشرة‪ ،‬أو من التاريخ الذي حددته المحكمة آلخر مراجعة وذلك‬
‫طبقا للنسب المقررة في المادة ‪ 34‬بعده‪.‬‬

‫تحدد نسبة الزيادة في الوجيبة في ‪.%10‬‬

‫يمكن للمحكمة أن تحدد نسبة الزيادة في مبلغ الوجيبة الكرائية بما لها من سلطة تقديرية؛‬
‫ودون التقيد بالنسبة المذكورة في المادة ‪ 34‬أعاله إذا كان مبلغ قيمة الوجيبة الكرائية ال يتجاوز‬
‫أربعمائة درهم شهريا على أال تتعدى نسبة الزيادة المحكوم بها ‪.%50‬‬

‫‪1‬‬
‫القانون رقم ‪ 07.03‬المتعلق بمراجعة أثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي‬
‫أو الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.134‬بتاريخ ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمبر ‪)2007‬؛‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5586‬بتاريخ ‪ 2‬ذو الحجة ‪ 13( 1428‬ديسمبر ‪ ،)2007‬ص‪ ،4061 .‬تم تعديله بالقانون رقم‬
‫‪ 67.12‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني ظهير شريف‬
‫رقم ‪ 1.13.111‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 19( 1435‬نوفمبر ‪ )2013‬الذي نص في المادة ‪ 75‬منه على أنه تظل‬
‫المقتضيات الواردة في القانون رقم ‪ 07.03‬المتعلق بكيفية مراجعة أثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني‬
‫أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.134‬بتاريخ ‪ 19‬من ذي القعدة ‪30( 1428‬‬
‫نوفمبر ‪ ،) 2007‬سارية المفعول فقط بالنسبة للمحالت المعدة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫يمكن للمكتري المطالبة بتخفيض مبلغ الوجيبة الكرائية إذا طرأت ظروف اثرت على‬
‫استعمال المحل للغرض الذي إكتري من أجله‪ ،‬وذلك وفق أحكام الفصلين ‪ 660‬و‪ 661‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫يجري العمل بالوجيبة الكرائية الجديدة ابتداء من تاريخ المطالبة القضائية‪.‬‬

‫‪ -2‬تفويت الحق في الكراء‪:‬‬

‫يحق للمكتري تفويت حق الكراء مع بقية عناصر األصل التجاري أو مستقال عنها دون‬
‫ضرورة الحصول على موافقة المكري‪ ،‬وبالرغم من كل شرط مخالف م‪.25‬‬

‫ويتم التفويت بعقد رسمي أو عرفي ثابت التاريخ يتضمن البيانات الواردة في المادة ‪ 81‬من‬
‫القانون رقم ‪ 95.15‬المتعلق بمدونة التجارة(‪ ،)1‬ويودع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا‬
‫لالحتفاظ بالودائع‪ ،‬ويجب أن يخضع العقد لإلجراءات المنصوص عليها في المواد من ‪ 83‬إلى‬
‫‪ 89‬من نفس القانون‪.‬‬

‫لقد قرر المشرع هنا حماية خاصة للتاجر على حساب مالك العقار‪ ،‬وهو بذلك يساهم في‬
‫إنعاش واغناء االمتيازات القانونية للمكتري وتوسيع ذمته المالية بأن يضيف إليها قيمة اقتصادية‬
‫جديدة‪.‬‬

‫ويساعد حق المكتري في تفويت الحق في الكراء في تشجيع التخلي عن األصل التجاري‪،‬‬


‫كما أن تفويت هذا األصل ينطوي آليا على تفويت الحق في الكراء باعتباره عنص ار من العناصر‬
‫المشكلة له‪.‬‬

‫ويتعين أن يبلغ هذا التفويت إلى المكري حتى يواجه به‪ ،‬حيث يكون بإمكانه أن يمارس حق‬
‫األفضلية‪ ،‬وذلك باسترجاع المحل المكتري مقابل عرضه لمجموع المبالغ المدفوعة من طرف‬

‫‪1‬‬
‫القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ ‪ 15‬من ربيع األول ‪( 1417‬فاتح‬
‫أغسطس ‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4418‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬جمادى األولى ‪ 3( 1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬ص‪.‬‬
‫‪ ،2187‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫المشتري أو إيداعه لها عند االقتضاء‪ ،‬وذلك داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ تبليغه‪ ،‬واال سقط‬
‫حقه‪.‬‬

‫ولقد تبنى القانون الجديد في المادة ‪ 24‬موقفا مغاي ار لما تضمنته المادة ‪ 22‬من ظهير‬
‫‪ 1955‬التي منعت الكراء من الباطن كليا أو جزئيا ماعدا إذا وجد مقتضى خاص في عقد‬
‫الكراء‪ ،‬أو حصلت موافقة صريحة من المكري‪ ،‬بيان ذلك أن القانون الجديد أجاز للمكتري أن‬
‫يؤجر للغير المحل المكتري كال أو بعضا ما لم ينص العقد على خالف ذلك‪.‬‬

‫وما يميز الكراء من الباطن عن تفويت الحق في الكراء أن العالقة األصلية بين المكري‬
‫والمكتري األول أو األصلي تبقى قائمة في الكراء من الباطن؛ وتنضاف إليها عالقة كرائية‬
‫جديدة بين المكتري األول والمكتري الثاني أو الفرعي‪.‬‬

‫وال يحتج بالعالقة الكرائية الجديدة على المكري األصلي إال من تاريخ إخباره‪ ،‬وينشأ عن‬
‫هذا اإلخبار إلتزام المكري بإشعار المكتري الفرعي بكل إجراء يعتزم القيام به تجاه المكتري‬
‫األصلي تحت طائلة عدم مواجهته به‪.‬‬

‫‪ -3‬التعويض عن إنهاء عقد الكراء‪:‬‬

‫حسب المادة ‪ ،26‬يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعالقة الكرائية‪ ،‬أن يوجه‬
‫للمكتري إنذارا‪ ،‬يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده‪ ،‬وأن يمنحه أجال لإلفراغ اعتبا ار من تاريخ‬
‫التوصل‪.‬‬

‫يحدد هذا األجل في‪:‬‬

‫‪ -‬خمسة عشر يوما إذا كان الطلب مبنيا على عدم أداء واجبات الكراء أو على كون‬
‫المحل آيال للسقوط؛‬

‫‪ -‬ثالثة أشهر إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل لالستعمال الشخصي‪،‬‬
‫أو لهدمه واعادة بنائه‪ ،‬أو توسعته‪ ،‬أو تعليته‪ ،‬أو على وجود سبب جدي إلخالل المكتري ببنود‬
‫العقد‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫وحسب المادة السابعة (‪ )7‬يستحق المكتري تعويضا عن إنهاء عقد الكراء‪ ،‬ويعادل‬
‫التعويض ما لحق المكتري من ضرر ناجم عن اإلفراغ‪ ،‬ويعتبر باطال كل شرط أو اتفاق من‬
‫شانه حرمان المكتري من حقه في التعويض عن إنهاء الكراء‪.‬‬

‫يشمل هذا التعويض قيمة األصل التجاري التي تحدد انطالقا من التصريحات الضريبية‬
‫للسنوات األربع األخيرة‪ ،‬يضاف إليه ما أنفقه المكتري من تحسينات واصالحات وما فقده من‬
‫عناصر األصل التجاري‪ ،‬كما يشمل التعويض مصاريف االنتقال من المحل‪.‬‬

‫غير أنه يمكن للمكري أن يثبت أن الضرر الذي لحق المكتري أخف من القيمة المذكورة‪.‬‬

‫واذا كان المكتري قدم مبلغا ماليا الحق في الكراء حسب المادة الرابعة (‪ ،)4‬فإن قيمة‬
‫التعويض عن اإلفراغ ال يمكن أن تقل عن المبلغ المدفوع مقابل الحق في الكراء‪.‬‬

‫وال يستحق المكتري التعويض إذا فقد األصل التجاري عنصر الزبائن والسمعة التجارية؛‬
‫ويفترض تحقق ذلك بإغالق المحل لمدة سنتين م‪.8‬‬

‫كما ال يستحق التعويض في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله‬
‫باإلنذار‪ ،‬وكان مجموع ما بذمته على األقل ثالثة أشهر من الكراء؛‬

‫‪ -2‬إذا أحدث المكتري تغيي ار بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على‬
‫سالمة البناء أو يرفع من تحمالته‪ ،‬ماعدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما‬
‫كانت عليه داخل األجل ذلك‪ ،‬في جميع األحوال‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر؛‬

‫‪ -3‬إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك‪ ،‬ماعدا إذا عبر‬
‫المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل األجل الممنوح له‪ ،‬على أن يتم هذا‬
‫اإلرجاع‪ ،‬في جميع األحوال‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر؛‬

‫‪85‬‬
‫‪ -4‬إذا كان المحل آيال للسقوط‪ ،‬ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام‬
‫بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك؛‬

‫‪ -5‬إذا هلك المحل موضوع الكراء بفعل المكتري أو بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي؛‬

‫‪ -6‬إذا عمد المكتري إلى كراء المحل من الباطن خالفا لعقد الكراء‪.‬‬

‫لم تقم مدونة التجارة بتعريف حق الكراء‪ ،‬ولكنها اكتفت بذكره في المادة ‪ 80‬من في سياق‬
‫تعداد عناصر األصل التجاري‪ .‬ويعتبر تعريف الحق في الكراء مسالة جد صعبة‪ ،‬ألنه ظاهرة‬
‫قانونية واقتصادية في ذات الوقت(‪ .)1‬ومع ذلك فقد حاول بعض الفقه تعريفه بأنه حق معنوي‬
‫قابل للتصرف فيه بالبيع ضمن عناصر الحق التجاري أو بصفة منفردة(‪.)2‬‬

‫ويحق للتاجر أن يتخلى عن الحق في الكراء أثناء التخلي عن العناصر األخرى المكونة‬
‫لألصل التجاري دون أن يتمكن المكري من التعرض(‪.)3‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الشعار‬
‫يقصد بالشعار الرمز الخاص بالمحل التجاري‪ ،‬ويكون الشعار غالبا على شكل رسم أو‬
‫شكل هندسي يطغى عليه طابع اإلبداع واالبتكار بهدف لفت انتباه الجمهور إلى الخاصية التي‬
‫تميز المتجر المعني باألمر عن باقي المتاجر األخرى‪ ،‬والسيما تلك التي يزاول فيها نفس‬
‫النشاط‪.‬‬

‫وال يعتبر اتخاذ الشعار مسألة إلزامية بالنسبة للتاجر‪ ،‬إال أنه إذا اتخذه فإنه يعتبر عنص ار‬
‫من عناصر األصل التجاري له قيمة مالية‪ ،‬ويمكن أن ترد عليه التصرفات القانونية(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1998 ،‬ص‪.44 .‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد عاصم‪ ،‬الحماية القانونية للكراء التجاري‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1988 ،‬ص‪.103 .‬‬
‫‪3‬‬
‫عز الدين بنستي‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬األصل التجاري‪....‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.174 .‬‬
‫‪86‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬براءات الاخرتاع‬
‫براءة االختراع عبارة عن شهادة تمنحها اإلدارة المعنية للمخترع‪ ،‬يستطيع بمقتضاها أن‬
‫يستأثر بحق استغالل اختراعه اقتصاديا(‪ .)1‬ويشترط العتبار االكتشاف اختراعا أن يكون جديدا‪،‬‬
‫أي لم يسبق نشره ال في المغرب وال في الخارج‪ ،‬ولم يتم استعماله أو منح براءة عنه(‪ .)2‬ويتم‬
‫تسجيل براءة االختراع لدى مكتب الملكية الصناعية الموجود مقره بالدار البيضاء‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬الرخص واالإجازات‬
‫من أجل خلق أو استغالل بعض األنشطة التجارية‪ ،‬يكون من الضروري الحصول أو‬
‫التوفر على رخصة إدارية أو امتيازات‪ ،‬كالترخيص بالنقل عبر الطرقات والترخيص الممنوح من‬
‫أجل مباشرة أعمال التنقيب عن النفط أو من أجل فتح محل للصيدلة‪.‬‬

‫ويتوقف منح هذه الرخص أحيانا على ضرورة توافر شروط موضوعية وأحيانا على ضرورة‬
‫التوفر على مؤهالت معينة لمزاولة النشاط المطلوب‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لطلب رخصة فتح‬
‫صيدلية‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫علي البارودي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.428 .‬‬
‫‪ 2‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.175 .‬‬
‫‪ : 3‬عبد الواحد حمداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري ‪ ،‬الجزء الثاني ‪....‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 80‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬بيع الصل التجاري ورهنه‬
‫هذا الفصل سأقسمه إلى مبحثين‪ ،‬األول أخصصه لبيع األصل التجاري‪ ،‬و الثاني أعرض‬
‫فيه ألحكام رهن األصل التجاري‬

‫املبحث الول‪ :‬بيع الصل التجاري‬


‫األصل أن قانون االلتزامات والعقود يتولى تنظيم عقد البيع بشكل عام (الفصول ‪-478‬‬
‫‪ 618‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) غير أن طبيعة األصل التجاري كمنقول معنوي مركب من عناصر مختلفة‬
‫(مادية ومعنوية) وبحكم نوع االستغالل التجاري الذي يستهدفه‪ ،‬خصه المشرع التجاري بظهير‬
‫‪ 31‬دجنبر ‪ 1914‬الذي يتضمن قواعد وأحكام خاصة ببيع األصل التجاري ورهنه‪ ،‬وأخي ار‬
‫صدرت مدونة التجارة التي خصت األصل التجاري بالكتاب الثاني من المدونة مستعرضة‬
‫األحكام المنظمة لعقد بيع األصل التجاري‪.‬‬
‫املطلب الول‪ :‬رشوط بيع الصل التجاري‬
‫يتعين أن تتوافر إلى جانب الشروط العامة في عقد البيع (الرضا – المحل – السبب –‬
‫األهلية) شروط خاصة لعقد بيع األصل التجاري(‪.)1‬‬
‫الفقرة الوىل ‪ :‬فامي يتعلق ابلرشوط العامة‬

‫يجب أن يتوفر ركن الرضا (الفصل ‪ 19‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) النعقاد بيع لألصل التجاري صحيحا‬
‫وأن يكون سليما بحيث ال يشوبه عيب من عيوب اإلرادة من غلط وتدليس أو إكراه (الفصل ‪39‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع) وبناء على ذلك يجوز طلب إبطال العقد متى كانت إرادة المشتري معيبة‪ ،‬كما إذا‬
‫وقع في غلط أو تدليس سببه البائع ذاته او شخص آخر يعمل لحساب هذا األخير‪ ،‬جعله‬
‫يتصور تصو ار غير مطابق للواقع بالنسبة لعنصر من عناصر األصل التجاري –كعنصر‬
‫الزبائن والسمعة التجارية وغيره من العناصر المؤثرة‪ ،‬ونكون أيضا أمام تدليس متى كانت‬
‫المعلومات واألرقام التي قدمها البائع مخالفة للواقع‪ ،‬بل أن مجرد سكوت البائع عمدا يشكل‬
‫صورة من صور التدليس يجعل العقد قابال لإلبطال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر علي البارودي‪ ،‬القانون التجاري والبحري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪ ،1977‬ص‪.187 .‬‬
‫‪88‬‬
‫‪ -‬كما يجب أن يكون كل من البائع والمشتري أهال إلبرام هذا التصرف (بيع األصل‬
‫التجاري) وفيما يخص السبب فإن الفصل ‪ 63‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يفترض أن لكل التزام سبب حقيقي‬
‫ومشروع إلى أن يثبت العكس(‪.)1‬‬

‫‪ -‬كما يجب أيضا أن يكون المبيع معينا أي أن يحدد المتعاقدان العناصر التي تدخل في‬
‫عملية البيع من مادية ومعنوية‪ ،‬ومن البديهي أن يتضمن عقد بيع األصل التجاري عنص ار أو‬
‫أكثر من العناصر المعنوية خصوصا وأنه كما رأينا(‪ – )2‬تمثل العناصر المعنوية أساس األصل‬
‫التجاري‪ ،‬ولعل هذا ما جعل المشرع الجديد ينص صراحة على أن األصل التجاري يشتمل وجوبا‬
‫على زبناء وسمعة تجارية(‪( )3‬المادة ‪ 80‬من ق‪.‬ت‪.‬ج) وبناء على ذلك إذا ما لم يتم تعيين أو‬
‫ذكر عناصر األصل التجاري في عقد البيع‪ ،‬اعتبر أن البيع قد انصب على االسم التجاري‬
‫والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية (المادة ‪ 91‬من ق‪.‬ت‪.‬ج) ومتى كان األصل‬
‫موجودا في عقار يملكه البائع‪ ،‬تعين على هذا األخير أن يبرم عقد كراء مع المشتري‪ ،‬وقد ال يرد‬
‫البيع على األصل التجاري بأكمله بحيث يجوز أن ينصب البيع على حصة شائعة فيه أو‬
‫ينصب على فرع من فروع األصل التجاري مادامت العناصر التي يتضمنها الفرع ومن بينها‬
‫عنصر االتصال بالزبناء تكفي بذاتها لتكوين األصل التجاري(‪.)4‬‬

‫‪ -‬ويجب إضافة إلى الشروط العامة السابقة ان يتفق األطراف المتعاقدة على الثمن وكيفية‬
‫الوفاء به‪ ،‬وتقضي القواعد العامة (الفصل ‪ 577‬ق‪.‬ل‪.‬ع) بتعجيل دفع الثمن عند سكوت العقد‪،‬‬
‫غير أنه فيما يخص تسديد ثمن بيع األصل التجاري عادة ما يتم تأجيله قصد منح الفرصة‬
‫لدائني البائع ليتقدموا للمطالبة بديونهم وهذا ما دفع بالمشرع إلى اشتراط إيداع ثمن البيع لدى‬
‫جهة مؤهلة قانونا لالحتفاظ بالودائع (المادة ‪ 81‬من ق‪.‬ت‪.‬ج) إلى غاية انتهاء مدة التعرض‬
‫المخولة لدائني البائع وانهاء إجراءات البيع‪ ،‬كما فرض المشرع عدم تعيين ثمن إجمالي لألصل‬

‫‪1‬‬
‫الفصول (‪ 65 - 64 -3 -62‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫راجع ما سبق حول عناصر األصل التجاري‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫انظر أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري ‪ ،‬الجزء األول ‪ ....‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 413‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أنظر الطعن لدى محكمة النقض المصرية رقم ‪ 1712‬لسنة ‪ 49‬جلسة ‪.1985/6/26‬‬
‫‪89‬‬
‫التجاري‪ ،‬وتمييز أو تعيين ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات بصفة مستقلة كل على‬
‫حدة (المادة ‪ 81‬من ق‪.‬ت‪.‬ج)(‪.)1‬‬

‫وأخي ار يتعين أن يكون الغرض من استغالل األصل التجاري مشروعا واال كان البيع باطال‬
‫لمخالفته للنظام العام واآلداب تطبيقا للفصل ‪ 62‬وما بعده من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الخاصة بعقد بيع األصل التجاري‬

‫‪ -1‬شرط الكتابة‪ :‬تبدأ المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة بالنص على أنه‪:‬‬

‫"يتم بيع األصل التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو‬
‫بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي‪."...‬‬

‫ومن خالل هذا النص يكون المشرع قد خرج على المبدأ العام السائد في عقود البيع وهو‬
‫انعقاد العقد صحيحا بتوافق إرادتي البائع والمشتري‪ ،‬ومع ذلك فإن شكلية الكتابة هي نتيجة‬
‫منطقية‪ ،‬يتطلبها القانون لنشأة حق امتياز البائع على األصل التجاري خصوصا إذا كان الثمن‬
‫مؤجال – ألجل اقتضاء الثمن نتيجة طبيعية اللتزام البائع والمشتري بشهر البيع وتسجيله ليكون‬
‫نافذا في مواجهة دائني البائع‪ ،‬ونظ ار لهذه األهمية العملية خصوصا لهذا العقد سواء بالنسبة‬
‫للبائع أو المشتري فقد اشترط المشرع أن يتضمن عقد البيع الرسمي الموثق أو العقد العرفي‬
‫الموقع من قبل الطرفين‪:‬‬

‫‪ -1‬اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية‬
‫والبضائع والمعدات‪،‬‬
‫‪ -2‬حالة تقييد االمتيازات والرهون المقامة على األصل‪،‬‬
‫‪ -3‬وعند االقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري‪،‬‬

‫‪ -4‬مصدر ملكية األصل التجاري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنظر نص الفصل ‪ 5 -4‬من ظهير ‪ 31‬دجنبر ‪.1914‬‬
‫‪90‬‬
‫وقد يثور سؤال حول مدى ضرورة شرط الكتابة النعقاد البيع؟ أم أنها ال تعدو أن تكون‬
‫شرط فقط إلثبات العقد علما بأن االتفاق بين اإلرادتين تنصب على عنصر األصل التجاري‬
‫المختلفة والمتعددة وعلى الثمن وكيفية الوفاء به وغيرها من التفاصيل التي يصعب أن يعتمد فيها‬
‫المتعاقدان على الذاكرة أو شهادة الشهود‪.‬‬

‫‪ -‬والمشرع التجاري المغربي بعدما أن أوجب كتابة العقد وحدد البيانات الضرورية التي‬
‫يتعين أن يشتمل عليها‪ ،‬منح للمشتري أحقية المطالبة من القضاء خالل أجل ال يتعدى سنة من‬
‫تاريخ عقد البيع التصريح بإبطال عقد البيع أو التخفيض من الثمن متى كان هذا األخير غير‬
‫مشتمال على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة ‪ 91‬من مدونة التجارة‪ ،‬أو كانت البيانات‬
‫المذكورة في العقد غير صحيحة‪ .‬ومن خالل ما سبق يبدو من الناحية العملية أن شرط الكتابة‬
‫أمر أساسي النعقاد بيع األصل التجاري خصوصا إلثبات الطرفين لحقوقهما وتحديد االلتزامات‬
‫التي تقع على كل واحد منهما‪ ،‬سواء قبل بعضهما البعض أو قبل الغير‪.‬‬

‫‪ -2‬شهر بيع األصل التجاري‪ :‬وال يكفي النعقاد بيع األصل التجاري فقط كتابة العقد‪ ،‬بل‬
‫يوجب القانون على البائع شهر عقد البيع فحسب المادة ‪ 83‬مدونة التجارة يلتزم بائع األصل‬
‫التجاري‪:‬‬

‫أ‪ -‬بإيداع نسخة من العقد الرسمي أو نظير من العقد العرفي لدى كتابة ضبط المحكمة‬
‫التي يستثمر في دائرتها األصل التجاري ومتى كان لألصل فروع وقع اإليداع لدى المحكمة التي‬
‫يوجد فيها المركز الرئيسي وذلك خالل ‪ 15‬يوما من تاريخ إبرام العقد‪ ،‬وذلك تمهيدا إلجراء القيد‬
‫في السجل التجاري‪.‬‬

‫ب‪ -‬يقيد ملخص العقد في السجل التجاري الذي يتعين أن يتضمن‪:‬‬

‫‪ -‬االسم الشخصي والعائلي (للمالك الجديد والقديم) وموطنهما‪.‬‬

‫‪ -‬تاريخ عقد البيع‪.‬‬

‫‪ -‬نوعية التجارة التي تمارس في األصل التجاري ومقره‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬الفروع المشمولة بالبيع إن وجدت مقرها‪.‬‬

‫‪ -‬منح الدائنين أحقية التعرض خالل ‪ 15‬يوم من تاريخ انتهاء عمليات النشر‪ ،‬مع بيان‬
‫الموطن المختار الذي يجب أن تبلغ فيه التعرضات على أن يكون الموطن في دائرة المحكمة‬
‫التي يجري فيها التسجيل‪.‬‬

‫ج‪ -‬يتعين أن يقوم كاتب الضبط في أقرب وقت ممكن وعلى نفقة أطراف العقد بنشر‬
‫المستخرج المقيد بالسجل التجاري في الجريدة الرسمية أو في إحدى الجرائد المخول لها نشر‬
‫اإلعالنات القانونية‪ ،‬وعلى المشتري أن يحدد عملية النشر في ذات الجرائد وذلك بين اليوم‬
‫‪1‬‬
‫الثامن والخامس عشر من عملية النشر األولى (المادة ‪ 89‬من مدونة التجارة)‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أاثر عقد بيع الصل التجاري‬

‫معلوم أن اآلثار المترتبة على عقد البيع بصفة عامة‪ ،‬هي ذاتها أو في جانب كبير منها ال‬
‫تختلف عن اآلثار المترتبة على عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬لذلك سوف نقتصر على ذكر ما‬
‫يتعلق فقط بعقد بيع األصل التجاري من آثار وينفرد بها بحكم طبيعته الخاصة كمنقول معنوي‬
‫مركب من عناصر مختلفة وبحكم نوع االستغالل التجاري الذي يستهدفه ومن هذه اآلثار‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حقوق دائني البائع‬

‫يحق لكل دائن عادي(‪ )2‬للبائع أن يتعرض على دفع ثمن المبيع للبائع سواء كان الدين‬
‫واجب األداء أم ال‪ ،‬وذلك خالل أجل أقصاه ‪ 15‬يوما تبدأ من تاريخ نشر اإلعالن الثاني(‪،)3‬‬
‫وينبغي أن يتم التعرض برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪ ،‬توجه إلى كتابة ضبط المحكمة‬
‫التي سجل لديها البيع‪ ،‬ويجب أن يبين فيها مبلغ الدين وأسبابه والموطن المختار داخل دائرة‬
‫المحكمة تحت طائلة بطالن التعرض (الفقرة األولى من المادة ‪ 84‬مدونةالتجارة)‪.‬‬

‫‪ : 1‬محمد أخياظ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫‪ 2‬تجدر اإلشارة إلى أن حق التعرض هنا حقا مطلقا‪ ،‬سواء كان الدين مستحقا ام ال وسواء كان معينا أم ال كما أن حق‬
‫التعرض حق مقرر فقط لفائدة الدائنين العاديين دون الدائنين الذين يتمتعون بديون ممتازة او يضمنها رهن مسجل في السجل‬
‫التجاري لما لهم من حق تتبع على األصل التجاري أين ما انتقل (المادة ‪ 111‬من ق‪.‬ت‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلعالن الثاني المنشور في الجريدة الرسمية أو القضائية والمتعلق بالمستخرج المقيد بالسجل التجاري‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ -‬ويستثنى من احقية التعرض للدائنين العاديين المالك المكري حيث ال يكون له الحق في‬
‫التعرض من أجل أجرة الكراء الحالية أو المستقبلية‪.‬‬

‫‪ -‬ومتى تم التعرض خالل المدة القانونية‪ ،‬التزم المشتري بعدم دفع الثمن إلى البائع‪ ،‬وكل‬
‫دفع مخالف يعتبر غير ذي أثر في مواجهة الغير (الفقرة األخيرة من المادة ‪ 84‬مدونة التجارة)‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال فإن التعرض هو بمثابة إدعاء للحق في تحصيل مبلغ الدين قبل البائع‪،‬‬
‫غير أن ثمن البيع قد يتجاوز أحيانا الدين المدعى به‪ ،‬وأحيانا قد يكون اإلدعاء في حد ذاته غير‬
‫صحيح‪ ،‬ولذلك سمح المشرع للبائع أن يتقدم بعد انص ارم ‪ 10‬أيام على المهلة المقررة لقبول‬
‫التعرضات لدى قاضي المستعجالت بطلب لقبض الثمن رغم التعرض‪ ،‬على أن يودع البائع‪،‬‬
‫يحدده قاضي‬ ‫لدى كتابة الضبط – مبلغا كافيا للوفاء بالديون التي تعرض أصحابها‪-‬‬
‫المستعجالت متى ثبت الدين باعتراف من البائع أو بموجب حكم‪ ،‬ويستفيد الدائنين المتعرضين‬
‫بحق األفضلية على المبلغ في مواجهة بقية الدائنين الذين لم يتعرضوا‪.‬‬

‫ومتى دفع المشتري الثمن للبائع بناء على أمر من قاضي المستعجالت برئت ذمته قبل‬
‫المتعرضين‪ ،‬وانتقلت بالتالي آثار التعرضات إلى كتابة الضبط للمحكمة المختصة على أن يوقع‬
‫تصريحا يعلن فيه بأنه يجهل وجود دانين آخرين‪ ،‬غير الذين أشار إليهم البائع في طلبه لقبض‬
‫الثمن(‪.)1‬‬

‫وأخي ار فإن التعرض الذي ال سند له وال سبب‪ ،‬أو الباطل من حيث الشكل ولم تقم دعوى‬
‫في الموضوع‪ ،‬يخول للبائع طلب قبض الثمن من قاضي المستعجالت رغم وجود التعرض‬
‫(المادة ‪ 88‬مدونة التجارة) وبالمقابل تب أر ذمة المشتري تجاه األغيار متى دفع الثمن دون مباشرة‬
‫عملية النشر وفق الشكل المحدد قانونا أو قبل انصرام أجل ‪ 15‬يوما المقررة للمتعرضين أو دون‬
‫مراعاة التقييدات والتعرضات (المادة ‪ 89‬مدونة التجارة)‪ ،‬والجدير بالذكر أن من حقوق دائني‬
‫البائع زيادة السدس على الثمن الرئيسي متى كان ثمن بيع األصل التجاري غير كاف للوفاء‬
‫وبالديون‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تقضي المادة ‪ 87‬ق‪.‬ت‪.‬ع بأنه "ال يمنع قاضي المستعجالت اإلذن المطلوب إال بعد تقديم المشتري المدخل في الدعوى‬
‫تصريحا يسجل تحت مسؤوليته الشخصية بعدم وجود دائنين آخرين قدموا تعرضا غير الذين بوشرت المسطرة ضدهم"‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫فمتى متى عملية النشر الثانية تتولى كتابة الضبط للمحكمة التي تلقت عقد البيع إلى وضع‬
‫نسخة من عقد البيع وكذا التعرضات التي توصلت بها تحت تصرف الدائنين المتعرضين طوال‬
‫ثالثين يوما‪ ،‬حتى يتسنى لهم التعرض على ثمن البيع متى توفرت الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان ثمن البيع ال يكفي للوفاء بديون المقيدين‪.‬‬

‫‪ -2‬استعداد المتعرض على زيادة السدس على ثمن البيع دونما أن يشمل السدس قيمة‬
‫البضائع والمعدات‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يتعلق الزيادة في الثمن الذي حدد رضائيا‪ ،‬فال تقبل الزيادة بعد بيع قضائي أو‬
‫بالمزاد العلني (المواد ‪ 95 – 94 -93‬مدونة التجارة)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬امتياز البائع‬

‫يتمتع البائع بحق امتياز على جميع دائني المشتري ولتحصيل ثمن المبيع متى توفرت‬
‫الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يقيد في السجل التجاري أن البيع قد تم بالسلف‪ ،‬وأن الثمن يدفع أقساطا‪ ،‬وكيفية‬
‫الوفاء بهذه األقساط‪.‬‬

‫‪ -2‬يتكرر التقييد في كتابة ضبط كل محكمة يوجد في دائرتها فرع يشمله بيع األصل‬
‫التجاري‪ ،‬وال داعي إلى شهر أو نشر ذلك التقييد في الجريدة الرسمية أو غيرها المسموح لها‬
‫بذلك خالفا لما هو األمر عليه في شهر البيع‪.‬‬

‫‪ -3‬تعين عناصر األصل التجاري الضامنة للوفاء بالثمن‪ ،‬واال اقتصر الضمان أو االمتياز‬
‫على العناصر المبنية في عقد البيع الذي تم شهره واذا لم تكن العناصر مبنية في العقد ورد‬
‫االمتياز على االسم التجاري والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية (المادة ‪91‬‬
‫مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -4‬يعين تحديد ثمن كل عنصر من عناصر األصل التجاري المباعة‪ ،‬المادية منها‬
‫والمعنوية‪ ،‬وذلك حتى يتم خصم كل قسط يسدد أو يدفع من ثمن البضائع أوال‪ ،‬ثم من ثمن‬
‫المعدات وأخي ار من ثمن العناصر المعنوية وهذا الترتيب تضمنته المادة ‪ 91‬مدونة التجارة وهو‬
‫من النظام العام‪ ،‬بحيث ال يجوز االتفاق على خالفه‪ ،‬ولعل المشرع قصد من وراء هذا الترتيب‬
‫تحرير العناصر المادية من امتياز البائع أوال‪ ،‬وتحقيق مصلحة الغير ومصلحة كل من البائع‬
‫والمشتري(‪.)1‬‬

‫‪ -5‬يتعين تقييد حقوق البائع في السجل التجاري خالل مهلة أقصاها ‪ 15‬يوما تبتدئ من‬
‫تاريخ عقد البيع‪ ،‬وهو ما سيجعل تلك الحقوق ثابتة من اليوم الذي تم فيه البيع أصال‪،‬‬
‫واالحتجاج بالتالي بها في مواجهة الكافة بما فيها التسوية القضائية أو التصفية القضائية‬
‫للمشتري(‪.)2‬‬

‫ويترتب على قيد البائع لحقوقه خالل ‪ 15‬يوما من تاريخ البيع أحقية التقدم على جميع‬
‫‪3‬‬
‫دائني المشتري‪ ،‬حتى وان اكتسبوا رهنا على األصل التجاري وقيدوا دينهم قبل البائع‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ثالثا‪ :‬إقامة البائع دعوى الفسخ‬

‫يجوز للبائع حسب القواعد العامة طلب فسخ البيع لعدم التنفيذ خصوصا أداء ثمن المبيع‬
‫في الميعاد المتفق عليه‪ ،‬ويترتب على الفسخ أن يسترد البائع األصل التجاري المبيع خاليا من‬
‫الحقوق التي قد يكون المشتري رتبها عليه لصالح الغير‪.‬‬

‫ونظ ار لما لدائني مشتري األصل التجاري من مصلحة في التعرف على مطلب البائع يفسخ‬
‫عقد البيع‪ ،‬فقد استلزم المشرع من البائع التقيد بمجموعة من الشروط واألحكام‪.‬‬

‫‪ -1‬يتعين النص صراحة في السجل التجاري على أحقية البائع بفسخ البيع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫العناصر المادية عادة ما يعتمد عليها الدانئون العاديون القتضاء حقوقهم كما أن لسريان قاعدة الحيازة سند الملكية على‬
‫العناصر المادية التي يتصرف فيها المشتري صعوبة على البائع في ممارسة حق التتبع رغم قيد امتيازه‪.‬‬
‫‪ 2‬أنظر نص المادة ‪ 92‬ق‪.‬ت‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ :3‬محمد أخياظ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.237‬‬
‫‪ : 4‬عز الدين بنستي ‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬األصل التجاري‪ ....‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪95‬‬
‫‪ -2‬ارتباط دعوى الفسخ بحق االمتياز‪ ،‬فمتى سقط حق البائع في االمتياز سقط حقه حكما‬
‫بدعوى الفسخ (الفقرة األولى من المادة ‪ 99‬مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ -3‬تقتصر دعوى الفسخ على العناصر التي يشملها عقد البيع فقط‪.‬‬

‫‪ -4‬متى فسخ البيع رضائيا أو قضائيا استرد البائع جميع عناصر األصل التجاري التي‬
‫شملها البيع بما فيها تلك التي سقط حق االمتياز ودعوى الفسخ في شأنها (الفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 100‬مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ -5‬يلتزم البائع برد ثمن البضائع والمعدات الموجودة في األصل التجاري بعد تقييمها‬
‫بواسطة خبرة حضورية‪ ،‬سواء عين الخبراء رضاء أم قضاء على أن يخصم من الثمن المستحق‬
‫له بموجب االمتياز على األثمان الخاصة بالبضائع والمعدات‪ ،‬أما ما تبقى من الثمن‪ .‬فيرصد‬
‫للوفاء بديون الدائنين المقيدين إن وجدوا واال فللدائنين العاديين‪.‬‬

‫‪ -6‬يجب على البائع قبل رفع دعوى الفسخ تبليغ الدائنين المقيدين على األصل في‬
‫الموطن الذي اختاروه والمشار إليه في السجل التجاري وال يصدر الحكم إال بعد ثالثين يوما من‬
‫التبليغ للدائنين المقيدين (المادة ‪.)101‬‬

‫‪ -7‬ومتى تم فسخ البيع قانونا أو رضاء تعين تبليغ الدائنين المسجلين بذلك علما بأن فسخ‬
‫البيع ال ينتج أثره القانوني إال بعد انقضاء شهر على تبليغ الدائنين بذلك الفسخ (المادة ‪102‬‬
‫مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ -8‬واذا تم بيع األصل التجاري بالمزاد العلني بناء على طلب سنديك التسوية أو التصفية‬
‫القضائية‪ ،‬أو من أي مصف أو مسير قضائي أو كان بطلب من أي ذي حق‪ ،‬وجب على‬
‫الطالب أن يبلغ البائعين السابقين وفي موطنهم المختار حسب السجل التجاري بالبيع بالمزاد‬
‫ويدعوهم إلى رفع دعوى الفسخ من جهتهم خالل مهلة شهر من تاريخه تحت طائلة سقوط‬
‫حقهم‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫رابعا‪ :‬التزام البائع بعدم منافسة المشتري‬

‫يلتزم المشتري بمقتضى عقد بيع األصل التجاري بدفع الثمن كما يكون من حقه استالم‬
‫المبيع (الفصل ‪ 576‬وما بعده من ق‪.‬ل‪.‬ع) وبالمقابل يلتزم البائع بتسليم المبيع وضمانه (الفصل‬
‫‪ 799‬وما بعده من ق‪.‬ل‪.‬ع)(‪.)1‬‬

‫وبخصوص التزام البائع بضمان المبيع سواء من العيوب الخفية أو ضمان االنتفاع بالمبيع‬
‫وبريعه‪ ،‬وذلك بعدم تعرض البائع بشكل أو آخر للمشتري أو بالتشويش عنه أو تحريمه من‬
‫االنتفاع واالستفادة من المزايا التي كان له الحق فيها (الفصل ‪ 533‬ق‪.‬ل‪.‬ع) وتطبيقا لذلك فإن‬
‫البائع يلتزم بعدم التعرض أو القيام بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى اجتذاب الزبائن وتحويلهم إلى‬
‫أصل تجاري جديد يؤسسه‪.‬‬

‫وقد يتخذ التعرض صورة منافسة البائع بعينه المشتري بمزاولة ذات التجارة في مكان قريب‬
‫(رغم أحقية الغير في ذلك) لما في ذلك من تأثير على الزبناء وتحويلهم إلى المحل الجديد الذي‬
‫ينشئه في دائرة استغالل المحل األول فحسب القواعد العامة يلتزم إذن البائع بعدم مزاولة ذات‬
‫التجارة على نحو يؤثر على عنصر العمالء‪ ،‬غير أن هذا االلتزام على إطالقه من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى تقييد حرية البائع‪ ،‬مما يقتضي معه األمر تحديد التزام سواء من حيث المدة والمكان‬
‫ونوعية التجارة‪.2‬‬

‫أ‪ -‬فيجب إذن مرور مدة معينة تكفي العتياد الزبائن على المالك الجديد لألصل التجاري‪،‬‬
‫مما سيسمح للبائع إلى ممارسة نشاطه التجاري دون تأثير على زبائن المشتري‪.‬‬

‫ب‪ -‬يجب السماح للبائع بممارسة نشاطه في منطقة أو حي أو مدينة غير التي يتواجد فيها‬
‫األصل المبيع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فااللتزام بالتسليم واالستالم ال يثيران أية صعوبة فيما يتعلق ببيع األصل التجاري‪ ،‬كما إن أداء الثمن سبق وأن أشرنا إلى‬
‫كيفية تسلميه إلى البائع‪ ،‬والضمانات المتعلقة به ‪.‬‬
‫‪ : 2‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪97‬‬
‫ج‪ -‬وأيضا ممارسة نشاط تجاري مغاير ال يؤثر على التجارة التي كان يمارسها في األصل‬
‫المبيع‪ ،‬ويتمتع القضاء بسلطة تقديرية حسب كل قضية على حدة‪ ،‬مع العلم أن المتعاقدان ناد ار‬
‫ما يتركان األمر للقضاء‪ ،‬وانما يفضلون تضمين عقودهم نصا يوضح الحدود التي سيلتزمها‬
‫البائع‪ ،‬وهو شرط صحيح‪ .‬أما المنع المطلق فالشك أنه باطل لما فيه من اعتداء على الحرية‬
‫الشخصية للبائع‪.1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬رهن الصل التجاري‬


‫يشكل األصل التجاري أداة مهمة لالئتمان بالنسبة للتاجر نظ ار لقيمته االقتصادية الكبيرة‪ ،‬إذ‬
‫يمكنه من الحصول على ما يحتاج إليه من قروض عن طريق رهنه لدى دائنيه ضمانا للوفاء‬
‫بدينه(‪ ،)2‬ويعتبر رهن األصل التجاري من أبرز الضمانات العينية التي تقدم عادة من قبل‬
‫التجار ضمانا للقروض التي يحصلون عليها‪ ،‬وهو يدخل ضمن الرهون التجارية التي نظمتها‬
‫مدونة التجارة الجديدة من منطلق دعم االئتمان التجاري(‪.)3‬‬

‫ومن هذا المنطلق لما كان األصل التجاري ماال منقوال فإنه حسب القواعد العامة ال يمكن‬
‫رهنه إال رهنا حيازيا مما يستتبع ضرورة نقل حيازته إلى الدائن المرتهن وهذا فيه حرمان للتاجر‬
‫من االستمرار في استثماره ألصله التجاري مما قد يجعله عاج از عن الوفاء بديونه فيفقد بالتالي‬
‫األصل التجاري قيمته االئتمانية وال يعود صالحا لتمكين التاجر من الحصول على ما يحتاجه‬
‫من قروض‪ ،‬لهذه االعتبارات فإن أغلب القوانين تبنت نظاما لرهن األصل التجاري يمكن التاجر‬
‫من االحتفاظ بحيازة محله التجاري واالستمرار في استثماره مع ضمان حقوق الدائنين عليه في‬
‫نفس الوقت‪ ،‬ولقد ساعد على تبني هذا الحل تمتع األصل التجاري بمركز ثابت وعدم خضوعه‬
‫لمبدأ "الحيازة في المنقول سند الملكية" باعتباره منقوال معنويا مع إمكانية شهر التصرفات‬

‫‪ : 1‬محمد أخياظ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.240‬‬


‫‪ 2‬عبد المجيد غميجة‪ ،‬رهن األصل التجاري على ضوء األحكام الجديدة لمدونة التجارة‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬العدد ‪ ،24‬أكتوبر‬
‫‪ ،1999‬ص‪14 .‬‬
‫‪3‬‬
‫من هذه الرهون كذلك‪ :‬الرهن الحيازي التجاري واإليداع بالمخازن العمومية ورهن أدوات ومعدات التجهيز ورهن بعض‬
‫المنتوجات والمواد‪ ،‬وقد نظمتها مدونة التجارة في قسم خاص بالرهن (القسم األول) وارد ضمن الكتاب الرابع المتعلق بالعقود‬
‫التجارية في المواد من ‪ 336‬إلى ‪ ،392‬وكذلك رهن القيم المنقولة وقد نظمته المدونة ضمن العقود البنكية في المواد من‬
‫‪ 537‬إلى ‪.544‬‬
‫‪98‬‬
‫القانونية الواردة عليه على خالف باقي المنقوالت العامة التي ال يمكن شهر ما يرد عليها من‬
‫حقوق نظ ار لكثرة تنقلها من يد إلى أخرى‪.‬‬

‫وهكذا فقد أفرد القانون المغربي لرهن األصل التجاري أحكاما خاصة سمحت برهنه دون‬
‫نقل حيازته (المواد من ‪ 106‬إلى ‪ ،)151‬غير أن هذه األحكام ال تعمل إال بالنسبة للمحل الذي‬
‫تتوفر فيه مقومات األصل التجاري‪ ،‬أي المحل الذي يتعاطى العمل التجاري فعال‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫القانون سمح استثناء بإنشاء الرهن على أصل تجاري قيد التأسيس على أن يقتصر أثره على‬
‫العالقة فيما بين الدائن والمدين دون الغير الذي ال يمكن االحتجاج به في مواجهته إال من وقت‬
‫افتتاح أبوابه للجمهور‪.1‬‬

‫ونبحث رهن األصل التجاري من حيث شروط إنشائه ثم من حيث آثاره‪.‬‬


‫املطلب الول‪ :‬رشوط رهن الصل التجاري‬
‫يشترط في رهن األصل التجاري توفر األركان العامة للتعاقد من رضا وأهلية ومحل وسبب‬
‫وذلك باإلضافة إلى شرطي الكتابة والشهر‪ ،‬واذا كان يطبق بالنسبة للرضا واألهلية والسبب‬
‫والمحل األحكام العامة المتعلقة بها والمنصوص عليها في ق‪.‬ل‪.‬ع فإنه بالنسبة لمحل التزام‬
‫الراهن تطلب القانون تحديد العناصر التي ينصب عليها الرهن‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬حتديد العنارص املشموةل ابلرهن‬

‫لقد حدد القانون العناصر التي يمكن أن تكون محال للرهن وهي كافة العناصر المعنوية‬
‫والمادية باستثناء البضائع (المادة ‪.)107‬‬

‫والحكمة من استبعاد البضائع من رهن األصل التجاري واضحة وهي أنه إذا شملها الرهن‬
‫فإنه يجب على المدين الراهن أن يبقيها تحت حراسته في حين أنها معدة للبيع فيتعطل بذلك‬
‫عمل التاجر وتنتفي الحكمة من رهن األصل التجاري‪ ،‬هذا فضال عن أن المشرع أراد أن يحافظ‬
‫للدائنين العاديين للتاجر على الضمان الظاهر الذي يعتمدون عليه الستيفاء ديونهم وهو‬
‫البضائع‪.‬‬

‫‪ : 1‬فؤاد معالل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫‪99‬‬
‫ولما كانت عناصر األصل التجاري تختلف من نشاط آلخر‪ ،‬فمن البديهي أن يحدد في‬
‫العقد العناصر التي يشملها الرهن‪ ،‬فإذا لم تحدد اعتبر الرهن واقعا على االسم التجاري والشعار‬
‫والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية (المادة ‪ ،)107‬كما أنه إذا كان الرهن يشتمل فروعا‬
‫لألصل التجاري فيجب ان تعين تلك الفروع بدقة وأن تبين مقارها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرشوط الشلكية يف رهن الصل التجاري‬

‫يخضع رهن األصل التجاري لنفس اإلجراءات القانونية التي يخضع لها بيعه وعلى هذا‪:‬‬

‫‪ -1‬يجب أن ينظم عقد مكتوب بذلك الرهن يبين فيه تاريخ العقد وأسماء وألقاب وموطن‬
‫األطراف وعناصر األصل التجاري المشمولة بالرهن ومبلغ الدين الذي يضمنه والشروط المتعلقة‬
‫بالفوائد واالستحقاق (المادتان ‪ 108‬و‪ ،)132‬ويستحسن التصديق على اإلمضاءات‪ ،‬ويجب أن‬
‫يسجل العقد لدى مصلحة التسجيل ألنه بدون ذلك سيرفض كاتب ضبط المحكمة تسجيله في‬
‫السجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -2‬ثم يجب أن يقوم الدائن المرتهن بإيداع نسخة أو نظير من العقد الرسمي أو العرفي‬
‫لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بمسك السجل التجاري لمقر األصل التجاري وان يقوم بقيد‬
‫مستخرج من ذلك العقد في السجل التجاري خالل ‪ 15‬يوما من تاريخ العقد إلطالع الجمهور‬
‫عليه واال ما أمكن له االحتجاج به في مواجهة الغير‪ ،‬ويجب أن يكرر التسجيل لدى كتابة ضبط‬
‫كل محكمة يوجد في دائرة نفوذها فرع مشمول بالرهن (المادة ‪ )109‬واذا طال أمد الرهن وجب‬
‫عليه أن يجدد القيد في السجل التجاري في أجل خمس سنوات(‪( )1‬المادة ‪.)137‬‬

‫كما أنه إذا كان يوجد من بين العناصر المرهونة حق من حقوق الملكية الصناعية فإنه‬
‫يجب تسجيل الرهن الواقع عليه في السجل الخاص به‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫تؤدى بطبيعة الحال رسوم عن هذا التسجيل تتمثل في رسم ثابت يبلغ ‪ 150‬درهما زيادة عن نسبة ‪ %0.50‬من قيمة‬
‫الدين‪.‬‬
‫‪ : 2‬فؤاد معالل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪100‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أاثر رهن الصل التجاري‪1‬‬

‫كما سبق القول فإن رهن األصل التجاري ال يمكن أن يكون إال رسميا لذلك فإن المدين‬
‫الراهن يحتفظ بحيازته له ويستمر في استغالله إال أنه في نفس الوقت يترتب عليه التزام‬
‫بالمحافظة واالمتناع عن القيام بكل ما من شأنه إنقاص قيمته‪.‬‬

‫وتنتج عن هذا الرهن آثار سواء في مواجهة الدائن المرتهن أو في مواجهة الدائنين‬
‫العاديين‪.‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬أاثر الرهن يف مواهجة ادلائن املرهتن‬

‫يكتسب الدائن المرتهن بمقتضى هذا الرهن حق امتياز على األصل التجاري وذلك من‬
‫تاريخ قيده في السجل التجاري (المادة ‪ )109‬وهو حق يخوله تتبع األصل التجاري بين يدي أي‬
‫كان‪ ،‬وحق إعالمه بكل تغيير يط أر على وضعيته القانونية‪ ،‬وحق استيفاء دينه من ثمنه باألولوية‬
‫على باقي دائني المدين الراهن عن طريق الحجز عليه وبيعه وفق اإلجراءات التي حددها‬
‫القانون‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حق األولوية‬

‫يترتب على إنشاء الرهن إعطاء الدائن المرتهن حق أولوية في استيفاء دينه من ثمن‬
‫األصل التجاري في حالة عدم وفاء المدين به وذلك في مواجهة دائني هذا األخير العاديين أو‬
‫دائنيه المرتهنين الذين سجلوا رهنهم في تاريخ الحق (المادتان ‪ 109‬و‪.)110‬‬

‫وبالرغم من حق األولوية الذي يعطيه الرهن إلى الدائن المرتهن فإنه يالحظ أنه يشكل‬
‫ضمانة ضعيفة للديون عامة‪ ،‬ويرجع ذلك من ناحية إلى تخلف رتبته بالنسبة لرتبة الديون‬
‫الممتازة(‪ ،)2‬ومن ناحية ثانية إلى أنه عند توقف المدين عن الوفاء بديونه فإنه غالبا ما يفقد‬

‫‪ : 1‬أحمد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري ‪،‬الجزء الثاني ‪ ...‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -‬عز الدين بنستي‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬الجزء الثاني األصل التجاري‪ ...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬
‫‪ 2‬إذ حسب الفصل ‪ 1248‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فإن الديون الممتازة لها األولوية في األداء على الديون المضمونة برهن رسمي‪،‬‬
‫والديون الممتازة بحسب الترتيب هي‪ :‬مصروفات الجنازة‪ ،‬مصروفات العالج في مرض الموت‪ ،‬المصروفات القضائية‪ ،‬األجور‬
‫والتعويضات عن العمل‪ ،‬تعويضات المصاب في حادثة شغل‪ ،‬الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫األصل التجاري قيمته االقتصادية‪ ،‬ألنه لو لم يكن المدين يعاني من صعوبات في استثماره له‬
‫لكان قد استمر في الوفاء بديونه‪ ،‬وهذا يعني أن هناك حظوظا كبيرة في أن ينفذ الدائن المرتهن‬
‫على أصل تجاري ال تكفي قيمته للوفاء بالدين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق التتبع‬

‫يتمتع الدائن المرتهن كذلك بحق تتبع األصل التجاري المرهون وتتبع كل عنصر من‬
‫العناصر المشمولة بالرهن في أية يد كانت (المادة ‪ )122‬بحيث إذا قام المدين الراهن بتفويته‬
‫إلى الغير بالرغم من الرهن الواقع عليه فإن للدائن أن ينفذ عليه بين يدي ذلك الغير ألن‬
‫التسجيل يجعل االمتياز المقرر للدائن مرتبطا باألصل التجاري المرهون وليس بالتاجر الراهن‪،‬‬
‫هذا زيادة عن أن األصل التجاري مال معنوي ال تنطبق عليه قاعدة "الحيازة في المنقول سند‬
‫الملكية" انطالقا من أن التسجيل يوفر إمكانية كافية للغير للتعرف على الوضعية القانونية التي‬
‫يوجد عليها األصل التجاري‪.‬‬

‫غير أن المشكلة تثور بالنسبة للعناصر المادية المشكلة لألصل المرهون إذا ما تم تفويتها‬
‫مستقلة إلى الغير إذ هنا تنطبق قاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية" بحيث أنه إذا كان‬
‫الحائز حسن النية فإنه ال يمكن للدائن المرتهن أن ينفذ عليها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحق في اإلعالم‬

‫بالنظر إلى أن األصل التجاري المرهون يضل في حيازة المدين الراهن‪ ،‬ولما كان من شأن‬
‫كل تغيير في وضعيته القانونية أن يمس بحق االمتياز الذي يتمتع به الدائن المرتهن فقد حرص‬
‫القانون على النص على إعالم هذا األخير ببعض التصرفات القانونية ذات األهمية التي يكون‬
‫األصل التجاري المرهون محال لها ورتب على اإلخالل بذلك إسقاط أجل الدين الذي يصبح حاال‬
‫مع تحميل المدين الراهن المسؤولية عن كل ضرر يلحق الدائن المرتهن نتيجة ذلك‪.‬‬

‫وتتمثل أهم حاالت اإلعالم التي نص عليها القانون في‪:‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ -1‬حالة تغيير مقر األصل التجاري‪ :‬إذ يجب على الراهن أن يخطر الدائنين المرتهنين‬
‫بذلك وبالمقر الجديد خمسة عشر يوما على األقل قبل النقل‪ ،‬وعندئذ على الدائن المرتهن داخل‬
‫خمسة عشر يوما من اإلخطار أو ثالثين يوما من علمه بالنقل أن يطلب التنصيص بهامش قيد‬
‫الرهن في السجل التجاري على المقر الجديد‪ ،‬واذا تم نقله إلى دائرة محكمة أخرى عليه أن يعيد‬
‫تقييد رهنه من تاريخه األصلي بسجل تلك المحكمة مع بيان المقر الجديد‪ .‬فإذا أغفل الدائن‬
‫إجراء ذلك أمكن للمحكمة أن تقضي بإسقاط امتيازه إذا ثبت أنه تسبب بتقصيره ذاك في إلحاق‬
‫ضرر بالغير الذي وقع تغليطه بشأن الوضعية القانونية لألصل التجاري‪.‬‬

‫هذا ويالحظ أنه يمكن للدائن المرتهن أن يعترض على نقل مقر األصل التجاري إذا ما‬
‫تبين له أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إنقاص قيمته فإذا ثبت صحة ما يدعيه جاز للمحكمة أن‬
‫تقضي بإسقاط آجال الدين الذي يصبح حال األداء (المادة ‪.)111‬‬

‫‪ -2‬حالة إقامة مالك العقار الذي يستغل فيه األصل التجاري دعوى فسخ عقد الكراء‪ :‬إذ‬
‫عليه في هذه الحالة أن يخطر بذلك الدائنين المرتهنين المقيدين في السجل التجاري وذلك في‬
‫موطنهم المختار المعين في ذلك التقييد‪ ،‬وعندئذ ال يمكن للمحكمة أن تصدر حكمها بالفسخ إال‬
‫بعد ثالثين يوما من التبليغ‪ .‬ونفس الشيء قرره المشرع بالنسبة للفسخ الرضائي الذي يتقرر اتفاقا‬
‫بين مالك العقار والمدين الراهن فهو بدوره ال يصبح نهائيا إال بعد ثالثين يوما من تاريخ تبليغ‬
‫الدائن المرتهن (المادة ‪.)112‬‬

‫والقصد من إعالم الدائن المرتهن في هذه الحالة هو إتاحة الفرصة له لحماية حقوقه التي‬
‫ستتأثر بالتأكيد في حالة فسخ الكراء والذي سيؤدي إلى إفراغ المدين الراهن من المحل الذي‬
‫يستغل فيه األصل التجاري المرهون وهو الذي قد يكون من شانه اندثار ذلك األصل‪.‬‬

‫وعموما فإن الدائن المرتهن متى وقع إعالمه بدعوى الفسخ أو بالفسخ الرضائي يمكنه‬
‫اتخاذ أحد المواقف التالية‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬التدخل في المسطرة القضائية للدفاع عن حقوقه بما في ذلك العمل على تدارك أسباب‬
‫الفسخ‪ :‬مثال عرض أداء واجبات الكراء المتخلفة في ذمة المدين الراهن أو عرض إجراء‬
‫اإلصالحات الضرورية في المحل ‪ ...‬تبعا لسبب طلب الفسخ‪.‬‬

‫‪ -‬طلب بيع األصل التجاري فو ار تحقيقا للرهن‪.‬‬

‫‪ -‬البحث عن مشتري لألصل التجاري يخلف المدين الراهن في التزاماته‪.‬‬

‫هذا واذا أخل المكري بااللتزام الواقع عليه باإلخطار المشار إليه أعاله فإنه يتحمل‬
‫المسؤولية عن كل ضرر يلحق الدائن المرتهن نتيجة ذلك(‪.)1‬‬

‫‪ -3‬حالة بيع العناصر التي يتكون منها األصل التجاري كال على حدة‪ :‬ففي حالة التنفيذ‬
‫على أحد أو بعض عناصر األصل التجاري المرهون بشكل مستقل من قبل الغير بموجب حجز‬
‫تنفيذي أو في إطار البيع القضائي لألصل التجاري فإن ذلك البيع ال يمكن أن يتم إال بعد عشرة‬
‫أيام على األقل من إخطار الدائنين المرتهنين الذين أجروا تقييدهم خمسة عشر يوما على األقل‬
‫من اإلخطار المذكور‪.‬‬

‫ولكل دائن مرتهن عندئذ ان يرفع دعوى خالل العشرة أيام المذكورة إلى المحكمة التي‬
‫يستغل األصل التجاري في دائرتها ترمي إلى بيع األصل التجاري برمته (المادة ‪.)120‬‬

‫وواضح أن القصد مما قرره المشرع هنا تفادي تضرر الدائن المرتهن الذي يمكن ان ينتج‬
‫من جراء انتقاص األصل التجاري المرهون‪.‬‬

‫‪ -4‬حالة الحكم ببيع األصل التجاري تحقيقا المتياز البائع أو تحقيقا لرهن ثاني‪ :‬ففي هذه‬
‫الحالة على عون التنفيذ أن يخطر باقي الدائنين المرتهنين في األيام العشرة األولى من تاريخ‬

‫‪1‬‬
‫ذهب المجلس األعلى في قراره عدد ‪ 2044‬بتاريخ ‪ 1984/10/31‬إلى أن "الغاية من إعالم المكري للدائن المرتهن بفسخ‬
‫عقد الكراء هو أن يتمكن هذا األخير من الدفاع والمحافظة على عناصر األصل التجاري التي تتأثر بفسخ العقد وان إخالله‬
‫بهذا االلتزام القانوني يعد مسؤولية تقصيرية يتمثل جزاءها في التزامه بتعويض جميع األضرار التي يتعرض لها الدائن بسبب‬
‫فسخ عقد الكراء‪ ،"...‬مجموعة ق اررات للمجلس األعلى في المادة المدنية (‪ )1991/1983‬الرباط ‪ ،1992‬ص‪ ،181 .‬نشر‬
‫كذلك في‪ :‬قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،38 -37‬ص‪.12 .‬‬
‫‪104‬‬
‫تبليغ الحكم إلى أطرافه ويجدد هذا اإلخطار في األيام العشرة األخيرة السابقة إلجراء المزايدة‬
‫ويستدعيهم للحضور فيها (المادة ‪ )116‬وذلك حتى يتسنى لهم اقتضاء حقوقهم وفق ترتيبهم‪.‬‬

‫‪ -5‬حالة رفع دعوى فسخ البيع من بائع األصل التجاري ضد مشتريه بسبب عدم دفع‬
‫الثمن‪ :‬إذ على البائع في هذه الحالة إخطار دائني المشتري المرتهنين بتلك الدعوى وعندئذ ال‬
‫يمكن للمحكمة أن تصدر حكمها فيها إال بعد مضي ثالثين يوما من اإلخطار (المادة ‪)101‬‬
‫ونفس الشيء إذا نتج الفسخ في هذه الحالة بناء على شرط في عقد البيع ذاته أو برضى من‬
‫المشتري بناء على طلب من البائع إذ على البائع إخطار الدائنين المرتهنين بذلك وحينئذ فإن‬
‫الفسخ ال ينتج آثاره إال بعد مرور ثالثين يوما من اإلخطار (المادة ‪.)102‬‬

‫وفي كافة هذه الحاالت الغرض من حرص المشرع على إخطار الدائنين المرتهنين إتاحة‬
‫الفرصة لهم لتدارك الفسخ عن طريق عرض أداء الثمن أو ما تبقى منه إذا ما ارتأوا ذلك حتى‬
‫يبقوا على األصل التجاري في ملكية مدينهم ويكون بإمكانهم التنفيذ عليه‪.‬‬

‫‪ -6‬حالة إعالن التسوية أو التصفية القضائية في حق المدين الراهن‪ :‬ففي هذه الحالة‬
‫أوجب القانون على السنديك أن يشعر شخصيا الدائنين المرتهنين بفتح مسطرة التسوية أو‬
‫التصفية القضائية في حق مدينهم حتى يتسنى لهم التصريح بديونهم من أجل إدراجها في الئحة‬
‫الديون (المادة ‪.1)686‬‬
‫‪2‬‬
‫رابعا‪ :‬التنفيذ على األصل التجاري‬

‫إن الرهن الواقع على األصل التجاري ليس إال ضمانا لدين معلوم على المدين الراهن لذلك‬
‫فعلى هذا األخير أن يقوم بالوفاء بدينه في التاريخ المحدد له واال أمكن للدائن أن ينفذ على‬
‫األصل التجاري نفسه‪.‬‬

‫ويتم التنفيذ عن طريق استصدار حكم من المحكمة بعد توجيه إنذار إلى المدين بالوفاء‬
‫خالل ثمانية أيام من التوصل باإلنذار‪.‬‬

‫‪ : 1‬فؤاد معالل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.180‬‬


‫‪ : 2‬محمد أخياظ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.245‬‬
‫‪105‬‬
‫ويالحظ أن المشرع أخضع البت في طلب تحقيق الرهن إلى مسطرة سريعة إذ أوجب على‬
‫المحكمة أن تصدر حكمها خالل الخمسة عشر يوما التي تلي أول جلسة‪ ،‬وحكمها هذا غير‬
‫قابل للتعرض وهو مشمول بالنفاذ على األصل‪ ،‬غير أن استئنافه الذي يجب أن يتم خالل‬
‫خمسة عشر يوما من التبليغ يكون له أثر موقف‪ ،‬وعلى محكمة االستئناف أن تصدر حكمها‬
‫خالل ثالثين يوما‪ ،‬وقرارها قابل للتنفيذ على األصل (المادة ‪ -113‬الفقرة األخيرة)‪.‬‬

‫وبعد الحكم يتم بيع األصل التجاري بالمزاد العلني بواسطة كتابة ضبط المحكمة ‪ 30‬يوما‬
‫من تبليغ الحكم إلى المدين الراهن ما لم يمدد رئيس المحكمة باعتباره قاضيا للمستعجالت هذا‬
‫األجل بأمر معلل لمدة إضافية ال يمكن أن تتعدى ‪ 60‬يوما‪ ،‬ويستوفي الدائن المرتهن حقه من‬
‫الثمن باألفضلية على الدائنين العاديين والدائنين المرتهنين الموالين له في التسجيل وذلك ما لم‬
‫تكن هناك ديون تتمتع بحق امتياز قانوني (المواد من ‪ 113‬إلى ‪.)121‬‬

‫ويالحظ على مسطرة التنفيذ هذه أنها طويلة تتطلب كثي ار من الوقت‪ ،‬كما أنها معقدة وغير‬
‫مجدية من حيث انها تخرج األصل التجاري المرهون من تحكم أطراف العقد وتتيح تدخل جهات‬
‫أجنبية‪ ،‬فتفتح المجال للتالعب بمصالح الطرفين‪ ،‬إذ غالبا ما يرسو المزاد على ثمن منخفض‬
‫ليس فقط بسبب الصعوبات التي يوجد فيها األصل التجاري المنفذ عليه ولكن على الخصوص‬
‫بسبب عدم مالءمة مسطرة التنفيذ التي تستوجب استصدار حكم قضائي مما ينفر المهتمين من‬
‫المشاركة في المزايدة وهذا يجعل هذه األخيرة ال يشارك فيها إال منتهزو الفرص فيرسو الثمن في‬
‫الغالب في مبلغ منخفض عنه غبن للمالك من ناحية وعدم كفاية الثمن من ناحية ثانية للوفاء‬
‫بالديون المضمونة بالرهن‪.‬‬

‫لذلك يستحسن التخلي عن مسطرة التنفيذ الحالية واعطاء الحق للدائن المرتهن بالتنفيذ على‬
‫األصل المرهون بعد توجيه اإلنذار بالوفاء دون جدوى‪ ،‬حيث يلجأ حينئذ إلى رئيس المحكمة‬
‫التجارية الستصدار أمر بالتنفيذ‪ ،‬وعندئذ يجري البيع بمشاركة المدين الذي يتم إشراكه في البحث‬
‫عن مشتري يعطي الثمن المناسب‪ ،‬فنتفادى بذلك تعقيدات المسطرة القضائية التي تفتح المجال‬
‫لسماسرة المزادات العلنية للتالعب بحقوق األطراف األصلية‪ ،‬وقد يكون من المفيد وضع مسطرة‬
‫شبيهة بمسطرة الصلح يتوافق بمقتضاها الطرفان تحت إشراف قاضي المستعجالت‪ ،‬على البيع‬
‫‪106‬‬
‫ضمن آجال معقولة‪ ،‬بحيث ال تتدخل المحكمة إال إذا انصرف األجل دون نجاح عملية البيع‬
‫الرضائية‪.‬‬

‫وهنا قد يكون من الضروري كذلك التنبيه إلى مشكلة الديون الممتازة التي كثي ار ما يفاجأ بها‬
‫الدائن المرتهن عند التنفيذ على األصل التجاري‪ ،‬خاصة الضرائب والرسوم (الجمركية وغيرها)‬
‫ومستحقات الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬والتي تتمتع بحق امتياز قانوني حيث كثي ار‬
‫ما تعطل وظيفة رهن األصل التجاري‪ ،‬لذلك فقد يكون من المفيد إيجاد مسطرة للتعرف على هذه‬
‫الديون حتى يكون الدائن المرتهن على بينة من أمره عند قبوله الرهن على أصل تجاري مثقل‬
‫‪1‬‬
‫بها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أاثر الرهن يف مواهجة ادلائنني العاديني‪2‬‬

‫مراعاة لحقوق الدائنين العاديين فإن المشرع رتب على رهن األصل التجاري أن أعطاهم‬
‫الحق‪ ،‬متى كانت ديونهم مترتبة عن استغالل ذلك األصل‪ ،‬أن يطلبوا إسقاط أجل تلك الديون‬
‫(المادة ‪ – 111‬الفقرة ما قبل األخيرة) بحيث تصبح مستحقة األداء على الفور‪.‬‬

‫وهذه اإلمكانية جاءت مراعاة لالئتمان الذي يوفره األصل التجاري‪ ،‬فهذا األخير كما أكدنا‬
‫على ذلك م ار ار يشكل أداة االئتمان األساسية التي يعتمد عليها الدائنون في معامالتهم مع‬
‫التاجر‪ ،‬لذلك فهم عندما قبلوا إجراء معامالت تتصل باستغالل ذلك األصل على أن يكون‬
‫المقابل عنها مؤجل الدفع فذلك اعتمادا على ما استأنسوه من ضمان يوفره األصل التجاري ذاته‪،‬‬
‫فإذا تم رهن هذا األخير بعد ذلك فهذا يعني أنه قد تم إنشاء حق امتياز عليه لفائدة الغير وهذا‬
‫فيه مس بالضمان الذي اعتمدوا عليه فكان من الطبيعي من تم أن نتيح لهم فرصة التأكد من‬
‫مدى إمكانية الحصول على ديونهم‪ ،‬بحيث عن طريق طلب إسقاط آجال تلك الديون إما أن‬
‫المحكمة تقدر أن تخوفاتهم لها ما يبررها فتستجيب لطلبهم فيكون بإمكانهم استيفاء ديونهم على‬
‫الفور إما طوعا أو جب ار عن طريق القضاء‪ ،‬أو تقدر المحكمة أن إنشاء الرهن ال يؤثر على‬
‫ضمانهم فال تستجيب لطلبهم‪.‬‬

‫‪ : 1‬فؤاد معالل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.182‬‬


‫‪ : 2‬عبد الرحيم شميعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪107‬‬
‫هذا ويالحظ أن المشرع أخضع البت في طلب إسقاط أجل الديون هنا لنفس المسطرة‬
‫السريعة التي قررها بالنسبة للتنفيذ على األصل التجاري المرهون (المادة ‪ – 111‬الفقرة األخيرة)‬
‫إذ أوجب على المحكمة أن تصدر حكمها خالل الخمسة عشر يوما التي تلي أول جلسة‪،‬‬
‫وحكمها هذا يكون غير قابل للتعرض ومشموال بالنفاذ على األصل‪ ،‬غير أن استئنافه الذي يجب‬
‫أن يتم خالل خمسة عشر يوما من التبليغ يكون له أثر موقف‪ ،‬وعلى محكمة االستئناف أن‬
‫تصدر حكمها خالل ثالثين يوما‪ ،‬ويكون قرارها قابال للتنفيذ على األصل (المادة ‪ -113‬الفقرة‬
‫األخيرة)‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪3 ...................................................................... :‬‬
‫فصل متهيدي‪4 .................................................................. :‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف القانون التجاري ‪5 ........................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬خصائص القانون التجاري ‪6 ......................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬نطاق تطبيق قواعد القانون التجاري‪10 ..............................................‬‬
‫رابعا‪ :‬مصادر القانون التجاري() ‪12 ....................................................‬‬
‫الباب الول‪ :‬العامل التجارية والتاجر ‪17 ................................................‬‬
‫الفصل الول‪ :‬العامل التجارية ‪17 .....................................................‬‬
‫املبحث الول‪ :‬أمهية ومعايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية ‪17 ..........................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬أمهية المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية ‪17 ...............................‬‬
‫أوال‪ :‬الاختصاص القضايئ‪18 ........................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬االإثبات ‪18 ................................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬التضامن بني املدينني ‪19 .......................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬سعر الفائدة ‪19 .............................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬همةل الوفاء ‪20 .............................................................‬‬
‫سادسا‪ :‬التقادم ‪20 ...............................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬معايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية() ‪20 .............................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬املعايري الاقتصادية ‪20 ...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املعايري القانونية ‪22 ......................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬أنواع العامل التجارية ‪25 .................................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬العامل التجارية بطبيعهتا أو النشطة التجارية ‪25 .................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬أنشطة التوزيع والتسويق ‪25 ...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنشطة االإنتاج‪35 .......................................................‬‬

‫‪109‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أنشطة اخلدمات ‪38 .....................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬النشطة التجارية البحرية واجلوية ‪45 ..........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬العامل التجارية الشلكية ‪46 ...............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬المكبياةل والس ند لمر ‪47 .................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرشاكت التجارية ‪48 ....................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬العامل التجارية التبعية ‪48 ...............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬مفهوم ورشوط العمل التجاري التبعي ‪49 .......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطبيقات نظرية التبعية ‪51 .................................................‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬العامل التجارية اخملتلطة ‪52 ...............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬النظام القانوين املزدوج للعامل اخملتلطة ‪53 ......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬النظام القانوين املوحد للعامل اخملتلطة ‪55 .......................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التاجر ‪56 ...........................................................‬‬
‫املبحث الول‪ :‬رشوط اكتساب صفة اتجر ‪56 ............................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الهلية التجارية وإاماكنية مزاوةل النشطة التجارية ‪56 ..............................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬الهلية التجارية ‪56 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬غياب موانع ممارسة النشطة التجارية ‪58 ........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املامرسة الاعتيادية أو الاحرتافية للنشاط التجاري ‪60 ..............................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الاس تقاللية يف ممارسة النشاط التجاري ‪61 ...................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الزتامات التاجر ‪62 ....................................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الشهر يف السجل التجاري ‪62 .............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬وظائف السجل التجاري ‪63 ...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنظمي السجل التجاري ‪64 .................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الالزتام مبسك احملاس بة واحملافظة عىل املراسالت‪69 ...............................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬التنظمي القانوين للمحاس بة املفروضة عىل التجار ‪69 ................................‬‬

‫‪110‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جحية الواثئق احملاسبية يف االإثبات ‪71 ..........................................‬‬
‫الباب الثاين ‪ :‬الصل التجاري ‪74 .....................................................‬‬
‫الفصل الول‪ :‬عنارص الصل التجاري ‪75 ................................................‬‬
‫املبحث الول‪ :‬العنارص املادية ‪76 .....................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬العنارص املعنوية ‪78 ....................................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬الزبناء والسمعة التجارية ‪79 ...............................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الامس أو العنوان التجاري ‪80 ..............................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬احلق يف الكراء ‪81 ....................................................‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الشعار ‪86 ..........................................................‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬براءات الاخرتاع ‪87 ..................................................‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬الرخص واالإجازات ‪87 ................................................‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬بيع الصل التجاري ورهنه ‪88 .............................................‬‬
‫املبحث الول‪ :‬بيع الصل التجاري ‪88 ..................................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬رشوط بيع الصل التجاري ‪88 .............................................‬‬
‫الفقرة الوىل ‪ :‬فامي يتعلق ابلرشوط العامة‪88 ..............................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أاثر عقد بيع الصل التجاري ‪92 ............................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬رهن الصل التجاري ‪98 .................................................‬‬
‫املطلب الول‪ :‬رشوط رهن الصل التجاري‪99 ............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬حتديد العنارص املشموةل ابلرهن ‪99 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرشوط الشلكية يف رهن الصل التجاري ‪100...................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أاثر رهن الصل التجاري ‪101.............................................‬‬
‫الفقرة الوىل‪ :‬أاثر الرهن يف مواهجة ادلائن املرهتن ‪101.......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أاثر الرهن يف مواهجة ادلائنني العاديني ‪107......................................‬‬
‫الفهرس‪109.................................................................. :‬‬

‫‪111‬‬

You might also like