Professional Documents
Culture Documents
الناظور
1
العنوان :الوجيز في القانون التجاري
ردمك978-9920-39-363-8 :
2
مقدمة:
بمقتضى القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة ،تم إلغاء القانون التجاري الصادر
بموجب الظهير الشريف المؤرخ في 12غشت ،1913و ذلك تجاوبا مع اإلصالحات
االقتصادية و القانونية و االجتماعية التي عرفتها بالدنا ،خصوصا تجديد و تحديث التشريعات
ذات الصلة بمجال المال و األعمال و المقاوالت ،التي من شأنها أن تعطي نفسا و انطالقا
القتصادنا الوطني و بالتالي فتح المبادرة و المنافسة للقطاع الخاص ليساهم بشكل أنسب و
أفضل في عملية التنمية االقتصادية و االجتماعية.
و يأتي هذا التجديد و التحديث استجابة لما طالبت به أغلب الفعاليات االقتصادية و
االجتماعية من ضرورة تغيير القوانين و خصوصا المرتبطة منها كمجال العمل و المقاوالت
نظ ار لعجز القوانين القديمة عن مواكبة التحوالت التي عرفها المغرب أخي ار اجتماعيا و اقتصاديا.
و لما كان القانون التجاري يتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم فئة من
األعمال تسمى باألعمال التجارية ،وطائفة من األشخاص تدعى طبقة التجار ،ولما كان ممارسة
األعمال التجارية تقتضي وجود محل يعرض فيه التاجر بضائعه ويكون همزة وصل بينه وبين
زبنائه ،فإن دراستنا لهذه الوحدة تقتضي التطرق لتعريف القانون التجاري و بيان خصائصه و
تحديد نطاق تطبيقه و استعراض مصادره في فصل تمهيدي ،ثم تقسيم الدراسة بعد ذلك إلى
بابين:
: 1محمد أخياظ :القانون التجاري المغربي الجديد ،مطبعة دار النشر الجسور وجدة ،طبعة ،2000ص .2
3
فصل متهيدي:
4
أوال :تعريف القانون التجاري
يعتبر القانون التجاري فرعا من فروع القانون الخاص ،ينظم مجموعة من القواعد القانونية
التي تحكم األعمال التجارية البرية والبحرية والجوية ،سواء قام بها التجار فيما بينهم ،أو بينهم
وبين زبنائهم ،وتنظم التجار وعالقاتهم مع بعضهم سواء كان هؤالء التجار أشخاصا طبيعيين أو
أشخاصا معنويين أي شركات(.)1
وبناء على هذا التعريف ،فإن القانون التجاري يعد شريعة خاصة تنطبق على نوع معين من
األعمال وهي األعمال التجارية ،ونشاط فئة خاصة من األف ارد وهي فئة التجار (أفراد كانوا أم
شركات) مما يعني أن القانون التجاري أضيق نطاقا من القانون المدني ألن هذا األخير كما هو
معلوم يضم القواعد العامة التي تحكم العالقات فيما بين األفراد بغض النظر عن طبيعة المهن
ونوع المعامالت التي يقومون بها(.)2
وحسب نصوص المدونة ،خصوصا المادة األولى فإن القانون التجاري يتولى تنظيم
المعامالت التجارية والتجار ،وهو ما يؤكد خصوصية قواعده ونطاق تطبيقه.
ولقد سمي القانون التجاري بهذه التسمية نسبة إلى التجارة ،ولفظ تجارة تشمل من الناحية
القانونية على معنى أوسع يتجاوز المفهوم االقتصادي واللغوي لكلمة التجارة ،فالتجارة في علم
االقتصاد وكذا اللغة يقصد منها عمليات الوساطة بين المنتج والمستهلك أي تبادل وتوزيع
الثروات دون اإلنتاج ،بينما يقصد بالتجارة في القانون التجاري إضافة إلى المعنى السابق (تداول
وتوزيع الثروات ،عمليات التحويل الصناعي للمواد األولية والنصف مصنوعة إلى مواد صالحة
لتلبية حاجيات األفراد) ،وهو ما يعني أن الصناعة تعد في جانب منها تجارة وتخضع وفقا لذلك
1
عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،الجزء األول ،النظرية العامة للتجارة والتجار ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية ،2001ص.16 .
2
علي البارودي ،القانون التجاري ،األعمال التجارية ،التجار ،األموال التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر،
طبعة ،1999ص.5 .
5
لقواعد القانون التجاري ،ويعد الصانع تبعا لذلك تاج ار من الناحية القانونية ،ويخضع بالتالي
لقواعد وأحكام القانون التجاري.
غير أن هذا المفهوم القانوني األخير ال يعني أن قانون التجارة يتولى تنظيم مختلف جوانب
النشاط االقتصادي بما فيه العمليات الزراعية وبعض العمليات اإلستخراجية واإلنتاج الفكري،
والمهن الحرة وغيرها من األنشطة ذات الصبغة االقتصادية والتي تخرج بطبيعة الحال من نطاق
قواعد القانون التجاري( ،)1وهذا ما سنالحظه ونتعرف عليه عندما نتعرض لموضوع تحديد
األنشطة التي تصير تجارية متى مورست على وجه االعتياد أو اإلحتراف.
* السرعة:
تعد السرعة في إنجاز وابرام الصفقات من اهم مقومات النشاط التجاري ،ذلك أن هذا
األخير يعتمد أساسا على سرعة الحركة وحسن المبادرة والقدرة على اتخاذ ق اررات حاسمة،
وسريعة وبالتالي تحمل مسؤولية القرار (ربحا كان أو خسارة).
وعلى خالف األعمال المدنية التي تتسم بالبطء نظ ار ألنها ال تحدث في حياة الفرد إال في
القليل النادر أو في فترات متباعدة ،فإن األعمال التجارية تتالحق بكثرة في حياة التاجر ،وكلما
1
محمد أخياظ ،الق انون التجاري المغربي الجديد ،التاجر ،األنشطة التجارية ،األصل التجاري ،مطبعة دار النشر الجسور،
وجدة ،طبعة ،2000ص.4 .
6
تالحقت هذه العمليات بسرعة ،كلما كانت فرصة التاجر في تحقيق الربح أكبر ،خاصة أن هذه
العمليات غالبا ما ترد على منقوالت معرضة لتقلبات األسعار أو قابلة للتلف(.)1
وقد أدت هذه السرعة إلى تفرد المعامالت التجارية بقواعد خاصة تختلف عن قواعد القانون
المدني ،وهذه القواعد تتسم في معظمها بالمرونة وتتجرد من الشكليات ،من ذلك مثال تقرير مبدأ
حرية اإلثبات في المواد التجارية فإذا كانت القاعدة أن إثبات التصرفات القانونية التي تتجاوز
قيمتها عشرة آالف درهم ال يجوز إال بالكتابة( ،)2فإن األمر يختلف بالنسبة للمعامالت التجارية
إذ يجوز اإلثبات بأية وسيلة ألن اشتراط الكتابة قد يكون مدعاة للبطء والتعقيد ،فالتاجر تفرض
عليه ظروفه أن يبرم عمليات كثيرة في وقت قصير ،وقد ال يتسع الوقت أمامه إليجاد دليل
كتابي السيما أن العديد من الصفقات التجارية تتم بمجرد مكالمة هاتفية.
يتضح إذن أن السرعة التي تميز المعامالت التجارية تقتضي اإلبتعاد عن الشكليات ،لكن
المالحظ أن الشكلية أصبحت تغزو من جديد قانون التجارة ،بحيث أن بعض التصرفات
واألعمال التجارية ال تنشأ إال إذا توفرت فيها البيانات الموضوعية والشكلية التي يتطلبها
القانون( .)3فالعقود المهمة في مجال حياة األعمال ينبغي أن تحرر كتابة ،وهذا ما يفرضه
القانون مثال بالنسبة لعقد الشركة وعقد بيع األصل التجاري ،وحتى في حالة غياب مقتضى
قانوني ،فإن األطراف غالبا ما يميلون إلى اشتراط الكتابة ،ومن مظاهر هذه الشكلية أيضا
انتشار التعامل بالعقود النموذجية( )4مما يجعلنا نتساءل عن مدى تعارض هذه الشكلية مع
السرعة التي تتطلبها المعامالت التجارية؟
في حق يقة األمر ،فإن الشكلية ال تتعارض مع السرعة ،بل هي على العكس تدعمها من
خالل تسهيلها إلبرام االتفاقات إذ تؤدي إلى تفادي النقاشات الالحقة حول تفسير بنود العقد ،كما
1
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية ،الجزء األول ،دار النشر
المعرفة ،الرباط ،الطبعة األولى ،2001ص.106 .
2
الفصل 443من قانون االلتزامات والعقود.
3
أحمد شكري السباعي ،م .س ،ص.108 .
4
يقصد بالعقود النموذجية ،تلك العقود المعدة سلفا لكل نوع من األعمال التجارية ،والتي تستعمل غالبا في عمليات البنوك
والتأمين والنقل.
7
تحول دون وقوع المفاجآت التي قد تتضمنها االتفاقات الخاصة ،الشيء الذي يؤدي إلى توفير
الوضوح والثقة بالنسبة للمتعاقدين ويجعلهم يتعاقدون بسهولة(.)1
* اإلئتمان:
يهتم القانون التجاري باالئتمان اهتماما بالغا ،ويتمثل االئتمان في منح المدين أجال للوفاء،
فالتاجر غالبا ما يحتاج إلى فترة زمنية ،أي أجل للوفاء ولتنفيذ تعهداته إذ هو كثي ار ما يقوم بشراء
بضائع جديدة قبل أن يتمكن من قبض ثمن البضاعة المبيعة أو من تصريفها بكاملها ،ومن هنا
تأتي أهمية االئتمان في الحياة التجارية.
وبالتالي أهمية القانون التجاري ،فهو القانون الذي يحتوي على مجموعة القواعد واألنظمة
التي تعنى بخلق أدوات االئتمان ومؤسساته كنظام األوراق التجارية ونظام البنوك والشركات،
وفي نفس الوقت بتدعيمه وحمايته كنظام التسوية والتصفية الجماعية ألموال المدين المتوقف عن
أداء ديونه.
وهكذا نالحظ أن في حماية وضمان االئتمان وتدعيمه ،حماية وضمان الستمرار النشاط
التجاري ،وان الثقة المدعمة –االئتمان -هي القلب النابض للتجارة.
* المرونة:
إن إرتكاز القانون التجاري على السرعة المدعمة باالئتمان والبعيدة عن الشكليات التي
تعيق التداول السريع للثروات ،ال يتعارض مع الحضور الصارم لمجموعة من المقتضيات
الشكلية التي يقرها القانون التجاري.
إنه بالرجوع إلى القانون التجاري ،نجده يشترط الكثير من الشكليات في مجاالت عدة منها
ما يتعلق مثال باألوراق التجارية أو العمليات المنصبة على األصول التجارية أو ما يتعلق
بالشركات التجارية وغيرها كثير.
1
عبد الواحد حمداوي ،القانون التجاري األولي ،مطبوعات الهالل وجدة ،الطبعة األولى ،2005ص.10 .
8
إن تزايد الشكليات في العمليات التجارية ال يتناقض مع حرية اإلثبات والتداول السريع
للثروات المميز للميدان التجاري ،إن هذه القواعد الشكلية تهدف إلى حماية أوضاع ومصالح
مهددة ،لذلك أوجد المشرع لحمايتها جملة من اإلجراءات ،فحين اشترط المشرع مجموعة من
اإلجراءات عندما نفوت أصال تجاريا ،فإن هذه الشروط تهدف إلى حماية األشخاص الذين تتهدد
مصالحهم عند غياب مثل هذه اإلجراءات وال تأثير لذلك على السرعة وعلى عملية تفويت
األصول التجارية.
إن غياب الجانب الشكلي في الكثير من العمليات التجارية ،كان سيؤدي حتما وبالضرورة
إلى الفوضى ويعني ذلك إندثار العمليات التجارية عصب االقتصاد ،لذلك نقول بأن المرونة
تستدعي الشكليات لحماية العمليات التجارية ،وتتمثل الشكليات التي يوجبها القانون التجاري إما
في كتابة وشهر بعض التصرفات (بيع ورهن األصل التجاري مثال ،تأسيس الشركات التجارية)..
أو في االمتثال بالتقيد بشكلية معينة كما هو الحال بالنسبة لألوراق التجارية أو بعض العقود
النموذجية.
* اإلعالم:
إن القانون التجاري يقوم على خاصية اإلعالم واإلشهار ،فتداخل المصالح بين أطراف
متعددة اقتضت إيجاد نظام إعالمي واشهاري لحماية هذه األوضاع والمصالح ،ويعتمد القانون
التجاري لتحقيق هذا الدور اإلعالمي اإلشهاري على وسائل فعالة ،نخص بالذكر منها نظام
السجل التجاري وجرائد اإلعالنات والجريدة الرسمية التي تتولى دور اإلعالم واإلخبار الذي يعرفه
النشاط التجاري.
إن ترك التجارة بدون إشهار واعالم يحرم المتعاملين في هذا الحقل من الشفافية والطمأنينة
المطلوبة في ميدان األعمال.
9
* الحركية أو التطور:
يعتبر القانون التجاري من فروع القانون التي تتميز بخاصية الحركية ،فقواعد هذا القانون
مستمرة التحوالت ،يحكمها ويوجهها المحيط والنمط االقتصادي السائد.
لقد ظل القانون التجاري منذ بداياته وفيا لهذه الخاصية والتي تعتبر بحق ضامن استم ارره
وتفرده(.)1
وهي التي تجعل التاجر أساس بناء القانون التجاري ،أي أن القانون التجاري ال يطبق إال
على طائفة معينة هي طائفة التجار ،اما غير التجار فال يخضعون ألحكام هذا القانون ولو
قاموا بأعمال تجارية.
وقد وجدت هذه النظرية أسسها في نظام الطوائف الذي كان سائدا قبل إندالع الثورة
الفرنسية ،حيث كان القانون التجاري قانون طائفة معنية هي طائفة التجار التي يرجع إليها
الفضل في إبتداع كثير من األعراف والعادات والنظم التجارية والتي جعلت من القانون التجاري
قانونا حرفيا.
وهي نقيض أو عكس النظرية األولى ،حيث تجعل أساس القانون التجاري األعمال
التجارية ،أي أن األعمال التجارية هي وحدها تخضع للقانون التجاري ،بصرف النظر عن
1
عبد الرحيم شمعية ،المبادئ األساسية للقانون التجاري ،مطبعة ووراقة سجلماسة ،طبعة ،2007 -2006ص.10 .
10
الشخص الذي قام بها سواء كان تاج ار أو غير تاجر ،أما إذا كان العمل مدنيا ،فإنه ال يخضع
ألحكام القانون التجاري ،ولو كان من قام به تاج ار ما لم يتعلق بتجارته فيصبح عمال تجاريا
بالتبعية.
ويرجع أصل هذه النظرية إلى الثورة الفرنسية التي كان من بين أهدافها مبدأ الحرية
والتساوي والغاء جميع العوائق والعراقيل التي من شأنها ان تقف في وجه اإلنسان طبقا لمبدئها
المعروف" :دعه يعمل – دعه يمر" .وعلى إثر إلغاء نظام الطوائف الحرفية وذلك بصدور قانون
2و 17مارس 1791الذي أعلن الحرية التجارية كحق طبيعي وجوهري لإلنسان ،و بصدور
قانون شابليه في 17يونيو 1791الذي ألغى نظام طوائف التجار ،فكان هذا القانون األخير
بداية التحول نحو النظرية المادية أو الموضوعية التي تجعل قانون التجارة قانون األعمال
التجارية ،على حساب النظرية الشخصية التي تجعل قانون التجارة قانون األعمال التجارية على
حساب النظرية الشخصية التي تجعل قانون التجارة طائفة أو أشخاص التجار.
وقد أثرت مبادئ الليبرالية والحرية التي نادت بها الثورة الفرنسية كثي ار في مدونة نابليون سنة
1807والتي أخذ عنها المشرع المغربي مدونة القانون التجاري لـ 12غشت ،1913هذه
المدونة جاءت مفعمة بتعاليم النظرية الموضوعية ،حيث أقدم المشرع المغربي في المادتين
الثانية والثالثة على تعداد األعمال التجارية البرية واألعمال التجارية البحرية(.)1
لقد جاء تأثير النظريتين معا على المشرع المغربي واضحا وجليا ،حيث يظهر أخذ المشرع
المغربي بالنظرية الشخصية من خالل تركيز مدونة التجارة على تحديد من هو تاجر وذلك
بعنونتها للقسم الثاني من الكتاب األول بـ "إكتساب الصفة التجارية" ،هذا فضال عن أخذ المشرع
المغربي بنظرية األعمال التجارية التبعية ،التي تؤدي إلى اكتساب األعمال المدنية للصفة
التجارية إذا صدرت عن تاجر بمناسبة عمله التجاري ،وهو األمر الذي يعني إعطاء األهمية
أحيانا لشخص التاجر في تحديد األعمال التجارية.
1
عز الدين بنستي ،م .س ،ص.20 .
11
أما معالم النظرية الموضوعية في مدونة التجارة فتظهر في تنظيم هذه المدونة لبعض
األعمال التجارية في ذاتها واخضاعها لقواعد القانون التجاري بغض النظر عن شخص القائم
بها ،وهو الشأن مثال بالنسبة لألعمال التجارية الشكلية ،وهذا يدل على أن المشرع ال يخص
التجار وحدهم بتطبيق قواعد القانون التجاري.
نخلص إلى أن نطاق القانون التجاري في التشريع المغربي يتحدد من جهة في األعمال
التجارية ،ومن جهة أخرى في التجار ،وهذا ما ذكرته المادة األولى من مدونة التجارة صراحة
عندما نصت على أنه "ينظم هذا القانون القواعد المتعلقة باألعمال التجارية والتجار" ،ومن هنا
نالحظ أن القانون التجاري يعتبر أضيق نطاقا من القانون المدني الذي ينظم العالقات بين
األفراد داخل المجتمع بشكل عام(.)1
يالحظ من هذه المادة أن المشرع اكتفى هنا بذكر المصادر الرسمية ،ولم يشر إلى
المصادر التفسيرية ،لذلك يمكننا القول أن للقانون التجاري ،مثله مثل باقي فروع القانون األخرى،
عدة مصادر منها ما هو رسمي ومنها ما هو تفسيري.
1
عبد الواحد حمداوي ،م .س ،ص.7 .
2
أنظر بخصوص مصادر القانون التجاري ،فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري المغربي الجديد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة الثانية ،2001ص 27 .وما بعدها.
12
* المصادر الرسمية للقانون التجاري:
يعتبر كل من التشريع والعرف المصدران الرسميان للقانون التجاري ،ويأتي التشريع في
المرتبة األولى من حيث التدرج ،ويليه العرف الذي يعتبر مصد ار احتياطيا ال يلجأ إليه إال عند
انتفاء القاعدة التشريعية(.)1
-1التشريع التجاري:
وهو مجموع نصوص القانون التجاري المغربي ،وقد كانت أول مدونة صدرت بخصوص
القانون التجاري هي تلك التي صدرت بمقتضى ظهير 9رمضان ،1331موافق لـ 12غشت
1913باإلضافة إلى بضعة ظهائر ألحقت به ،حيث فرضتها طبيعة بعض المواضيع
المتخصصة في مادة القانون التجاري ،وهذه المدونة بمتناقضاتها كانت قد صدرت في عهد
الحماية لتطبق في أغلب األحيان على الفرنسيين واألجانب المقيمين في المغرب ،واستمر العمل
بها بعد قانون التوحيد والمغربة والتعريب للقضاء المغربي سنة ،1965وتم تمديد تطبقها على
المغاربة أمام المحاكم العادية فيما بعد.
وقد بقي معموال بهذا التشريع إلى ان تمت المصادقة من طرف البرلمان بتاريخ 13ماي
1996على القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة(.)2
-2القانون المدني:
القاعدة األساسية أن نصوص القانون التجاري هي التي تحكم أصال المواد التجارية ،غير
أنه إذا لم يرد في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعالقات معينة ،تعين الرجوع إلى أحكام
القانون المدني باعتباره الشريعة العامة التي تنظم جميع العالقات سواء كانت تجارية أو مدنية،
فقواعد القانون التجاري تعتبر استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في حالة ال يحكمها نص
1
عبد الكريم الطالب" ،إشكال ترتيب مصادر القانون في المادة التجارية" ،مجلة المنتدى ،العدد األول ،أكتوبر ،1999ص.
.131
2
ظهير شريف رقم 1.96.83صادر في فاتح أغسطس 1996بتنفيذ القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة
والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4418بتاريخ 03أكتوبر ،1996ص.187 .
13
خاص ،واذا فرض ووجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري
مهما كان تاريخ نفاذه ،وذلك تطبيقا لقاعدة النص الخاص يغلب على النص العام ،بشرط أن
يكون كال النصين على درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آم ار واآلخر مفس ار أو مكمال وجب
األخذ بالنص اآلمر ألنه نص ال يجوز االتفاق على مخالفته.
تتميز التجارة بطابعها الدولي ،ذلك أن األسواق واالقتصاديات أصبحت اآلن متفتحة بعضها
على البعض اآلخر.
وبالنظر لتشعب واختالف القوانين الداخلية ،فإن ذلك دفع الدول إلى إبرام اتفاقيات دولية
تضع قواعد قانونية موحدة في مجاالت معينة تلتزم بها الدول الموقعة في عالقاتها التجارية
الدولية منعا لتنازع قوانينها الوطنية.
-فهي إما تكتفي بوضع القواعد الواجبة التطبيق في العالقات التجارية الخارجية للدول
الموقعة بحيث تظل العالقات الداخلية خاضعة للقانون الداخلي ،كما هو الشأن بالنسبة التفاقية
فارسوفيا لسنة 1929المتعلقة بالنقل الجوي ،واتفاقية جنيف سنة 1956المتعلقة بنقل البضائع
عبر الطرقات.
واما أن تضع قوانين موحدة للدول المتعاقدة ،بحيث تتعهد هذه األخيرة بتعديل قانونها
الداخلي بما يطابق قواعد المعاهدة ،فتصبح كافة العالقات التجارية للدولة سواء الداخلية أو
الخارجية منها خاضعة لنفس القواعد ،كما هو الشأن بالنسبة التفاقية جنيف لسنة 1930
المتعلق بتوحيد قواعد الكمبيالة والسند لألمر ،وسنة 1931المتعلقة بالشيك ،واتفاقية نيويورك
لسنة 1958المتعلقة باألعراف وتنفيذ الق اررات الصادرة عن هيئات التنظيم(.)1
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.30 .
14
-4العرف والعادات:
يتضمن العرف مجموعة من القواعد التي درج التجار على إتباعها فترة طويلة من الزمن
مع اعتقادهم بإلزاميتها ،وتعتبر العادة قاعدة تواتر إتباعها بانتظام دون أن يتوفر االعتقاد في
إلزامها ،وتستمد قوتها اإللزامية من اإلرادة المفترضة للمتعاقدين أو الصريحة.
واذا كان الفرق واضحا بين العرف والعادات على أكثر من مستوى :كيفية حصول االلتزام،
إلزاميتها للقاضي ،رقابة محكمة النقض ،فإن ما تجدر اإلشارة إليه أن القانون التجاري كما تقدم
قام في بدايته على األعراف والعادات السائدة التي قننها نظام الطوائف فكلنا نعلم أن نظام
المخاطر الجسيمة أساس نظرية التأمين ،بدأت قبل التقنين كقاعدة عرفية ،نفس الشيء يقال عن
قاعدة افتراض التضامن بين المدينين في المجال التجاري.
وتتقدم في الواقع العادات على األعراف ،نظ ار لخصوصية العمل التجاري المتميز
بمحدوديته الجغرافية ،مما يسمح بتداول العادة في حيز جغرافي معين أكثر من العرف.
ويكون العمل بالعرف والعادة أسبق من العمل بالقانون المدني ولو في قواعده اآلمرة ،وهذا
ما يكرس في واقع األمر خصوصيات القانون التجاري ،وذلك ما زكاه المشرع المغربي في المادة
الثانية من مدونة التجارة ،وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على اإلعتراف التشريعي بخصوصية
القانون التجاري الذي يستلهم أهم مبادئه من األعراف والعادات(.)1
المصادر التفسيرية:
يقصد بمصادر القانون التفسيرية ،المصادر التي يتمتع القاضي إزاءها بسلطة اختيارية إن
شاء رجع إليها للبحث عن حل النزاع المعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعه ،فالمصادر
التفسيرية على خالف المصادر الرسمية ،مصادر إختيارية.
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.19 .
15
-1االجتهاد القضائي:
يعتبر االجتهاد القضائي من قبيل المصادر التفسيرية التي يستأنس بها القاضي
الستخالص القواعد التي يتعين تطبيقها على ما يعرض عليه من خصومات.
ولما كانت نصوص القانون التجاري عاجزة عن مالحقة التطور المستمر للحياة التجارية
فضال عما بدا من نقص تشريعي في نواحي كثيرة متعددة ،كان على القضاء بالضرورة ان يبذل
قصارى جهده لسد هذا النقص والتوفيق بين تلك النصوص الغامضة أحيانا والناقصة أحيانا
أخرى ،والتطور الذي انتهت إليه معالم التجارة ،وهذا ما يفسر المنزلة التي يحتلها القضاء في
مجال مواجهة النزاعات التجارية وبالتالي المساهمة الجادة في تكوين قواعد القانون التجاري.
-2الفقه:
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده ،فالفقهاء
يقومون باستنباط األحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة
هذا الفرع من فروع القانون ،والرأي السائد أن الفقه ال يعتبر مصد ار للقانون حيث تقتصر وظيفته
على مجرد شرح القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صالت ،ثم
استنتاج مبادئ عامة في تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصد ار ملزما للقاضي.
وقد ساعد الفقه كثي ار في تطوير مواد القانون التجاري ،نتيجة الحلول القانونية والقضائية
وابراز مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض وقد أدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور
في المواد القانونية.
16
الباب الول :العامل التجارية والتاجر
تقتضي منا دراسة هذا الباب ،تقسيمه إلى فصلين ،األول يعرض لمدلول األعمال التجارية
وأنواعها ،والثاني يتطرق لدراسة شروط اكتساب صفة التاجر والتزاماته.
وهذه األعمال يمكن تصنيفها إلى أعمال تجارية أصلية ،أعمال تجارية تبعية وأخي ار أعمال
مختلطة.
وقبل دراسة كل هذه األنواع في المبحث الثاني ،البد ومن الضروري اإلشارة إلى أهمية
وأسباب تمييز األعمال التجارية عن األعمال المدنية ومعايير هذا التمييز وذلك في المبحث
األول.
املبحث الول :أمهية ومعايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية
تقتضي دراسة هذا المبحث تقسيمه إلى مطلبين األول يخصص ألهمية التمييز بين
األعمال التجارية و األعمال المدنية و الثاني يعرض لمعايير هذا التمييز
املطلب الول :أمهية المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية
أهمية التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني ،تتجلى أساسا في وجود نظام قانوني يقوم
على وضع قواعد قانونية تحكم العمل التجاري دون العمل المدني ،وذلك مسايرة لما تستدعيه
التجارة من سرعة وثقة وائتمان.
17
أوال :الاختصاص القضايئ
تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية ،هذا
التحصيص تمليه االعتبارات المتعلقة بطبيعة المعامالت التجارية التي تستلزم الفصل فيها على
وجه السرعة ،وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية وتأتي فرنسا على رأس هذه
الدول ،حيث خصص تشريعها التجاري لسنة 1807كتابه الرابع لتنظيم المحاكم التجارية ،سواء
من حيث تكوينها أو اختصاصها.
والمغرب بدوره تبنى نظام القضاء التجاري المتخصص ،حيث صادق على القانون رقم
53 -95الخاص بإحداث المحاكم التجارية( ،)1وحسب المادة الخامسة من هذا القانون تتمتع
المحاكم التجارية بالنظر في جميع القضايا ذات الصلة بالمعامالت التجارية سواء تعلق األمر
بالعقود التجارية أو الدعاوى الناجمة عن المنازعات بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية أو
باألوراق التجارية ،كما تفصل أيضا في النزاعات الناشئة بين الشركاء في الشركات التجارية
والنزاعات المتعلقة باألصول التجارية.
اثنيا :االإثبات
كما هو معلوم ،فإن القانون يتولى تحديد الطرق أو الوسائل التي يتولى من خاللها األفراد
إقامة الدليل أمام القضاء على وجود واقعة معينة أو نفيها سواء تعلق األمر بمسائل مدنية أو
تجارية غير أن استعمالها من طرف األطراف يختلف بحسب ما إذا كان يراد إثبات واقعة تجارية
أو مدنية.
فالقواعد العامة لإلثبات في المواد المدنية تقضي بوجوب اإلثبات الكتابي في التصرف
القانوني الذي تزيد قيمته عن 10آالف درهم ،وعلى خالف ذلك فإنه وفقا لمبدأ حرية اإلثبات
الوارد في أغلب التشريعات يجوز إثبات التصرف القانوني إذا كان تجاريا بشهادة الشهود والقرائن
والفواتير والدفاتر التجارية والمراسالت وبكافة طرق اإلثبات.
1
قانون رقم 53 -95يقضي بإحداث محاكم تجارية صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.65صادر في 12فبراير
،1997والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4482بتاريخ 15ماي ،1997ص.1141 .
18
ورغم أن مبدأ حرية اإلثبات في المواد التجارية تجمع التشريعات الوضعية على إطالقه لما
فيه من مصلحة للتاجر والتجارة ،فإن التشريع المغربي ،ومن خالل المادة 334من مدونة
التجارة كرس مبدأ حرية اإلثبات في المادة التجارية حيث قضت هذه المادة على أنه تخضع
المادة التجارية لحرية اإلثبات غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على
ذلك ،ومن خالل هذه المادة يرد على مبدأ حرية اإلثبات في المواد التجارية ما يأتي:
-1إن المتعاقدين من التجار يستطيعون اإلتفاق فيما بينهم على وجوب إثبات اتفاقهم
بالكتابة.
-2المشرع قد يشترط أحيانا ضرورة إثبات بعض العقود عن طريق الكتابة سواء بعقد
رسمي كما هو األمر في عقد بيع السفن أو بعقد مكتوب كما هو الحال في إثبات عقد تأسيس
الشركات التجارية ،كما أن هناك أعماال تجارية تستدعي توافر مجموعة من البيانات اإللزامية
كما هو حال األوراق التجارية(.)1
اثلثا :التضامن بني املدينني
القاعدة العامة في المعامالت المدنية أن التضامن بين المدنيين ال يفترض إنما يكون بناء
على اتفاق أو نص في القانون ،وهذا بخالف المعامالت التجارية إذ قرر المشرع أن الملتزمين
في دين تجاري يعدون متضامنين في هذا االلتزام ،بحيث يمكن للدائن مطالبة أي منهم بكامل
قيمة الدين.
رابعا :سعر الفائدة
يختلف سعر الفائدة القانونية التي تجب على المدين عند تأخره عن الوفاء بالتزامه في
الموعد المحدد ،بحسب كون الدين مدنيا أو تجاريا ،فهذا السعر يكون في المسائل التجارية مرتفع
عن المسائل المدنية ويرجع السبب في ارتفاع سعر الفائدة في المسائل التجارية إلى أن النقود
تدر أرباحا أكثر جراء استغاللها تجاريا.
1
محمد أخياط ،م .س ،ص.54 .
19
خامسا :همةل الوفاء
تجيز القواعد العامة للقاضي أن يمنح للمدين بدين مدني مهلة معقولة لتنفيذ التزامه إذا
استدعت حالته ذلك شريطة أال يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ،أما القانون التجاري
فقد حظر على القاضي منح مثل هذه المهلة في وفاء الديون التجارية إال في حاالت استثنائية،
وذلك لما تتطلبه الحياة التجارية من سرعة التنفيذ.
سادسا :التقادم
األصل أن جميع الحقوق في المسائل المدنية تتقادم بمضي خمس عشرة سنة على
استحقاقها ،عدا الحاالت التي ينص فيها القانون على مدد أخرى ،في حين جعل المشرع مدة
التقادم في المسائل التجارية خمس سنوات( )1إن لم ينص نص خاص على أجل أقصر ،ذلك أن
المعامالت التجارية تستوجب وضع حد للمنازعات المتعلقة بها في اقصر وقت ممكن.
املطلب الثاين :معايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية()2
بحث الفقه عن معايير يمكن بها تحديد طبيعة العمل التجاري ووضع عدة نظريات في هذا
الشأن ،وهذه النظريات منها ما هو إقتصادي (الفقرة األولى) ،ومنها ما هو قانوني (الفقرة
الثانية).
الفقرة الوىل :املعايري الاقتصادية
1
المادة الخامسة من مدونة التجارة.
2
أنظر بخصوص هذه المعايير:
-أحمد شكري السباعي ،م .س ،ص 371 .وما بعدها.
-فؤاد معالل ،م .س ،ص.53 .
-عز الدين ينستي ،م .س ،ص 106 .وما بعدها.
20
أوال :نظرية المضاربة
المضاربة هي السعي وراء تحقيق الربح المادي ،وبمقتضى هذه النظرية يعد العمل تجاريا
إذا كان الهدف منه الحصول على كسب مادي ،فشراء السلعة بقصد بيعها بربح هو أول صورة
أوردها المشرع لألعمال التجارية.
ويعاب على هذه النظرية أنها ليست صحيحة على إطالقها ،فهي واسعة أحيانا إذ أن معظم
أوجه النشاط اإلنساني يستهدف الربح ،فالمحامي والطبيب واألستاذ يسعون جميعهم إلى تحقيق
ربح مادي ،ومع ذلك ال يعدو عملهم تجاريا ،وهي ضيقة أحيانا أخرى ،إذ أن هناك من األعمال
ما يعد تجاريا ولو لم يتوافر قصد الربح فيه كالبيع بخسارة بقصد القضاء على منافس.
يرى بعض الفقه( )1أن العمل يتصف بالتجارية إذا انصب على تداول الثروات (السلع –
البضائع –النقود –الصكوك ....الخ) فجميع األعمال التي تقع بين مرحلتي اإلنتاج واإلستهالك
تعد أعماال تجارية.
وعلى ذلك األعمال التي تتناول تداول السلع والبضائع والنقود والصكوك والوساطة فيها تعد
أعماال تجارية فهي تنصب على السلع وهي في حالة حركة ،أما األعمال التي تتناول السلع وهي
في حالة سكون فهي أعمال مدنية.
فحيث يبدأ دفع المنتج إلى السوق يبدأ العمل التجاري وحيث تتجمد هذه الحركة ينتهي
العمل التجاري(.)2
وعلى الرغم من منطقية معيار التداول ،إال أنه لم يسلم من النقد على أساس أن هذا
المعيار ال يفسر اختفاء الصفة التجارية على بعض األعمال على الرغم من أنها ال تتضمن
1
مصطفى كمال طه ،النظرية العامة للقانون التجاري ،الدار الجامعية ،طبعة ،1991ص.37 .
-علي جمال الدين عوض ،الوجيز في القانون التجاري ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،1975 ،ص.46 .
2
محمود مختار بريري ،قانون المعامالت التجارية ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،طبعة ،2000ص.107 .
21
معنى التداول ،مثال ذلك النشاط الصناعي والنقل ،فالشك في تجارية كل منهما طبقا للنصوص
التشريعية وال يعتبر أي منهما سلع يمكن أن تكون محال للتداول.
وفضال عن ذلك فإن هناك أعماال تعتبر وساطة في تداول السلع دون أن تتصف
بالتجارية ،مثال ذلك نشاط الجمعيات التعاونية التي ال تستهدف تحقيق الربح(.)1
يقول دعاة هذه النظرية أن العمل التجاري ،يكمن في الوساطة بين المنتج والمستهلك وكل
عمل ال يتضمن هذه الوساطة فهو عمل مدني ،وذلك كأعمال المنتج األول من مزارع ومفكر
ومبدع وغيرهما.
ويجب العتبار الوساطة تجارية أن تقترن بنظرية المضاربة ،فأعمال وسطاء وسماسرة
البورصة مثال تعتبر أعماال تجارية ألنها تقوم على المضاربة بقصد تحقيق الربح.
إال أن هذه النظرية ال تصلح كمعيار حاسم ،من ذلك أن هناك من األعمال ما يعتبر
تجاريا دون القيام بهذه الوساطة كتداول األوراق التجارية ،وكذلك هناك من األعمال ما ال يعتبر
عمال تجاريا بالرغم من توافر عنصر الوساطة ،كالوساطة في الزواج مثال على اعتبار أن
الوساطة تقع على الخيرات وليس على األشخاص(.)2
الفقرة الثانية :املعايري القانونية
ذهب جانب من الفقه إلى أنه يتعين إعمال معايير قانونية ألجل التمييز بين العمل التجاري
والعمل المدني ،وقد اقترح في هذا الصدد معيار المؤسسة أو المقاولة ،ومعيار الحرفة التجارية.
1
حنان عبد العزيز مخلوف ،مبادئ القانون التجارية (األعمال التجارية وشركات األشخاص) ،طبعة ،2011ص.43 .
2
عز الدين بنستي ،م .س ،ص.108 .
22
أوال :معيار المقاولة
تنطلق هذه النظرية في تأسيس العمل التجاري من ضرورة القيام به من خالل مقاولة او
مشروع أي تكرار القيام به على وجه اإلحتراف إستنادا إلى تنظيم سابق يتجسد في إتخاذ مقر،
واستخدام يد عاملة ،وتوظيف رأس مال ،واستعمال أجهزة.
لذلك فهذه النظرية ال تنطلق في تحديد العمل التجاري من صفات ذاتية يجب أن تتوفر فيه
هو نفسه ،ولكن تنطلق في ذلك من اإلطار الذي يمارس فيه ،فإذا مورس من خالل مقاولة
اعتبر تجاريا أيا كان نوعه ،واذا لم يمارس من خالل مقاولة اعتبر مدنيا ،وهذا يعني أن العمل
الواحد مرة يعتبر تجاريا ألنه يمارس من خالل مقاولة ،ومرة يعتبر مدنيا ألنه ال يمارس من
خالل مقاولة ،أي ال يتكرر على سبيل اإلحتراف من خالل تنظيم سابق ،وانما يقع مرة واحدة أو
مرات معدودة بشكل عرضي ودون سابق تنظيم ،فالنقل مثال يعتبر عمال تجاريا إذا قامت به
مقاولة تحترف النقل ويعتبر عمال مدنيا إذا قام به شخص عادي.
إال أن هذه النظرية قاصرة بدورها على وضع معيار سليم يشمل كافة األعمال التجارية،
ألنها من ناحية تحصر العمل التجاري في العمل الذي يقع من خالل مقاولة في حين أن هناك
أعماال تعتبر تجارية حتى ولو تمت من دون أن تتوفر مقومات المقاولة من اعمال التجارة
البسيطة –السمرة من دون إتخاذ مقر للعمل مثال ،-وألنها من ناحية ثانية تشمل بعض األعمال
التي تعتبر مدنية والتي يمكن أن تتم من خالل مقاولة مثل المشروعات الفالحية والمهنية.
هذا ناهيك عن أن مدونة التجارة المغربية ،تخلت بالمرة عن معيار المقاولة الذي كانت
تعمل به المدونة القديمة بالنسبة لبعض األعمال ،كما أنها استبدلت مصطلح األعمال التجارية
بمصطلح األنشطة التجارية الذي يفيد التكرار واإلعتياد(.)1
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.54 .
23
ثانيا :معيار الحرفة التجارية
ظهر اتجاه في الفقه يميل إلى تأصيل األعمال التجارية على ضوء ضوابط شخصية ال
تستمد من ذات العمل وطبيعة موضوعه بل من طريقة مزاولته ،فالحرفة التجارية هي معيار
العمل التجاري ،بمعنى أن العمل التجاري هو ذلك الذي يصدر من التاجر أثناء مزاولته لحرفته
التجارية ،وحسب هذه النظرية فإن العمل يعتبر تجاريا إذا تعلق بمزاولة حرفة تجارية ،ويعتبر
على العكس من ذلك مدنيا إذا تعلق بمباشرة حرفة مدنية ،ولو كان صاد ار عن تاجر.
ويقصد بالحرفة التجارية لدى هذا االتجاه ،القيام باألعمال التجارية واتخاذها حرفة معتادة
قصد تحقيق ربح نقدي أو مادي ،وبناء على ذلك فإن الشخص الذي يزاول األعمال التجارية
ويتخذها حرفة معتادة له يعتبر تاجر ،وعلى خالف ذلك فإن الشخص الذي يعتاد القيام ببعض
األعمال التجارية دون أن يتخذ منها حرفة فال يعد تاج ار كمن يتعود على شراء وبيع أثاث منزله
قصد التجديد األخير(.)1
ويالحظ أن ربط العمل بالحرفة يستلزم حتما وبالضرورة تعريف المقصود بهذه األخيرة،
فالحرفة التجارية ال يمكن تعريفها إال بطبيعة األعمال المكونة لها ،وهذه الطبيعة ال يمكن
معرفتها إال على ضوء الحرفة التي تنظمها ،ثم إن هناك الحرفة المدنية إلى جانب الحرفة
التجارية كحرفة الطب والهندسة والمحاماة وغيرها الكثير ،فكيف لنا التمييز بينها وبين الحرفة
التجارية.
ويضاف إلى ذلك أن هذه النظرية ناقصة ،فالقانون أوجد إلى جانب الحرف التجارية أعماال
تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها سواء كان تاج ار أم ال وسواء كانت له حرفة
تجارية أم ال.
ولعل المشرع التجاري قد تأثر بهذا اإلتجاه فقرر اعتبار التاجر المحور التي تدور حوله
قواعد القانون التجاري ،وتفاديا لسلبيات هذه النظرية تولى إعطاء األمثلة لألنشطة التي يمكن
1
أحمد شكري السباعي ،م .س ،ص.259 .
24
احترافها أو اإلعتياد على ممارستها الكتساب الشخص الصفة التجارية ،تاركا الباب مفتوحا
إلمكانية قياس غيرها من األنشطة التي قد يظهر مستقبال أنها تجارية(.)1
وسنتناول هذه األنشطة التجارية مقسمة إلى أنشطة التوزيع (الفقرة األولى) أنشطة اإلنتاج
(الفقرة الثانية) ،أنشطة الخدمات (الفقرة الثالثة) وأخي ار األنشطة البحرية والجوية (الفقرة الرابعة).
الفقرة الوىل :أنشطة التوزيع والتسويق
تعبر أنشطة التوزيع عن أصالة األنشطة التجارية ،بالنظر إلى الحيز الهام الذي تشغله في
الحياة االقتصادية ،وقد عرفت هذه األنشطة تحوال هاما في مدونة التجارة.
1
محمد أخياط ،م .س ،ص.47 .
25
أوال :شراء المنقول بقصد البيع أو الكراء
اول نشاط جاء في المادة 6من مدونة التجارة هو "شراء المنقوالت المادية أو المعنوية بنية
بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى أو بقصد تأجيرها".
يستفاد من هذه الفقرة أن الشراء بقصد البيع أو الكراء يعد نشاطا تجاريا متى مارسه
الشخص على وجه االعتياد أو اإلحتراف ،ويالحظ أن المشرع في مدونة التجارة أورد شراء
المنقوالت بقصد بيعها في طليعة األنشطة التجارية ،ولعل السبب يرجع أساسا إلى كون الشراء
للمنقول ألجل البيع أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر التجارة ،وقد قاس عليهما القانون شراء
المنقول ألجل الكراء واستئجار المنقول ألجل التأجير ،ويتعين حتى يعتبر النشاط تجاريا توافر
جملة من الشروط تتمثل في:
-1الشراء أو اإلكتراء:
البد العتبار هذا النشاط تجاريا من أن يعتمد على شراء أو اكتراء المنقوالت كمنطق ،ويقوم
مقام الشراء المقايضة ،فإذا كانت المنقوالت المتاجر فيها تأتي من طريق آخر غير الشراء أو
اإلكتراء انتفت عن النشاط الصفة التجارية ،وهذا هو حال من يكون المنتج من نتاج أرضه أو
فكره أو جهده البدني.
غير أنه يالحظ أنه مادام القانون المغربي لم يعد يأخذ باألعمال التجارية المفردة – إذ من
المفروض أن يشكل شراء المنقوالت بقصد إعادة بيعها أو إيجارها أو اكترائها بقصد إعادة
إيجارها نشاطا للتاجر -فإن الذي يهم الكتمال مقومات العمل التجاري في هذا النوع من
األنشطة ،هو أن يكون النشاط ككل يعتمد في منطلقه على الشراء أو اإليجار ،ومن ثم فإذا
تخللت ذلك النشاط بعض العمليات ال تبدأ بالشراء أو اإليجار فإن ذلك ال يؤثر على صفته
التجارية ككل غير أن تلك العمليات ال تعتبر تجارية في ذاتها فتستبعد من ثم من النشاط
ككل( .)1ومن هذا المنطلق فإنه ال يعتبر عمال تجاريا الزراعة واإلنتاج الفكري والمهن الحرة.
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.58 .
26
* األعمال الزراعية:
لم ينص المشرع المغربي على طبيعة األعمال الزراعية ،لكن هذه األعمال تصنف تقليديا
في خانة األعمال المدنية البحتة ،وهذا راجع باألساس إلى رجحان العمل اليدوي في هذه
األعمال ،ألن بيع المزارع للمحصوالت الناتجة عن أرضه هو في الغالب ثمرة لمجهوده.
وأحيانا قد تكون األعمال الزراعية مرفوقة بعمليات شراء ،إذ عادة ما يقوم المزارعون بشراء
األسمدة ومواد المعالجة ،فضال عن استعمالهم األساليب التجارية المتعلقة بالبيع .كما أن بيعهم
للمحصوالت الناتجة عن أرضهم يكون في الغالب مرفوقا بشراء صناديق أو أكياس تعبأ فيها هذه
المحصوالت ،لكن رغم ذلك فإن عمل المزارع يبقى عمال مدنيا ،وذلك ألن هذه العمليات تبقى
ثانوية بالنسبة لنشاط المزارع الرئيسي.
وأحيانا ال يكتفي المزارع ببيع المحصوالت الناتجة عن أرضه ،وانما يقوم بش ارء محصوالت
الغير لبيعها أيضا ،ولتحديد طبيعة العمل في مثل هذه الحالة ،يتعين النظر إلى العملية األكثر
أهمية ،فإذا كانت عمليات الشراء التي يقوم بها المزارع تابعة لنشاطه الزراعي ،فإنها تعتبر
أعماال مدنية بالتبعية ،وعلى العكس فإن المزارع يتحول إلى تاجر إذا اكتست عمليات البيع التي
يقوم بها درجة من األهمية بحيث تشكل النشاط الرئيسي بالنسبة له(.)1
فإذا كان النشاط الزراعي هو النشاط الثانوي والنشاط التجاري هو النشاط الرئيسي فإنه
يصطبغ بالصفة التجارية ،ومثال ذلك قيام المزارع بزراعة الزيتون في أراضي مملوكة له أو
استأجرها لهذا الغرض الستخراج الزيت منه ،فهنا تكون الزراعة في خدمة نشاط تجاري وهو
استخراج الزيت من محصول الزيتون .والعكس صحيح فإذا كان النشاط الزراعي هو النشاط
الرئيسي والنشاط التجاري هو النشاط الثانوي ،فإنه يصطبغ بالصفة المدنية ،ومثال ذلك يعد شراء
الماشية وبيعها في هذه الحالة عمال مدنيا(.)2
1
عبد الواحد حمداوي ،م .س ،ص.43 .
2
محمود مختار بربري ،م .س ،ص.62 .
27
وحقيقة األمر أن استبعاد عمليات اإلنتاج الزراعي وما يرتبط بها من أنشطة من نطاق
األعمال التجارية ،وان كانت تجد ما يبررها بالنسبة للمشروعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة
فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للمشروعات الزراعية الكبيرة التي تستخدم أساليب المكننة،
وتلجأ إلى األساليب التجارية في تمويل عمليات اإلنتاج الزراعي وتسويق منتجاتها(.)1
* اإلنتاج الفكري:
يشمل اإلنتاج الفكري كال من اإلنتاج العلمي واألدبي والفني ،وهو ال يعتبر عمال تجاريا
ألنه منتج فكري لم تسبقه عملية شراء أو كراء ،ومن ثم فإذا باع المؤلف أو المخترع أو الفنان
منتوجه اعتبر ذلك عمال مدنيا وليس تجاريا.
غير أن اإلعتياد على شراء أو إكتراء مثل هذا المنتوج من أجل إعادة بيعه أو تأجيره،
يعتبر عمال تجاريا إذا ما تم بقصد تحقيق الربح لما ينطوي عليه ذلك من مضاربة وتوسط في
التداول وهذا هو حال دور النشر والتوزيع والعرض.
وبالنسبة إلصدار الصحف والمجالت فإنه يقترب من اإلنتاج الفكري إذا كان ال يقوم على
تحقيق الربح بحيث يعتبر عمال مدنيا ،أما إذا كان يستهدف تحقيق الربح عن طريق نشر
اإلعالنات واألخبار والمقاوالت واألبحاث ،فإنه يعتبر عمال تجاريا لقيامه على عنصري
المضاربة والتوسط في التداول وان كان التداول هنا تداول أفكار ومعارف(.)2
* المهن الحرة:
تقوم المهن الحرة على أساس استغالل الكفاءة العلمية أو التقنية للقائم بها ،وهي عمليات لم
تسبقها عملية شراء لذلك فالعاملون في هذا اإلطار ال يعتبرون تجارا.
إن عمل المحاسب يبقى عمال مدنيا ،كذلك الشأن بالنسبة لعمل المهندس والطبيب
والمحامي والموثق ...ويتزامن في بعض األحيان ممارسة المهنة الحرة – العمل المدني – ببعض
1
مصطفى كمال طه ،م .س ،ص.71 .
2
فؤاد معالل ،م .س ،ص.59 .
28
األعمال التجارية من حيث الشراء من أجل البيع ،آنذاك تتحول المهنة الحرة إلى عمل تجاري،
فالصيدلي وان كان يستغل شهادته العلمية ،إال أن عمله هو شراء وبيع مواد صيدلية ،كذلك
الشأن بالنسبة لطبيب األسنان حين يقوم ببيع مواد تركيب وتجميل األسنان خارج تدخله الطبي
العالجي أو الجراحي.
إن الحسم في مثل هذه المهن من حيث تكييفها يتحدد حسب حدود هيمنة العمل التقني أو
العلمي ،حيث يبقى العمل مدنيا ولو صاحبه عمليات شراء بنية البيع ،أما إذا كان الجانب التقني
أو العلمي متضائال أو غائبا أمام عملية إعادة البيع فإن العمل يأخذ منحى تجاريا(.)1
يشترط حتى يعد الشراء أو االستئجار عمال تجاريا أن يقع على منقول ،حسب نص المادة
6من مدونة التجارة ،وال يهم ما إذا كان المنقول ماديا ،وال أهمية لكونه منقوال بطبيعته
كالسيارات والسلع والبضائع أو منقول بحسب المآل ،كمن يشتري منزال لبيعه أنقاضا بعد هدمه
وقد يكون منقوال معنويا كحقوق الملكية الصناعية ،أي العالمات التجارية ،وبراءات اإلختراع
والرسوم والنماذج الصناعية .فعملية الشراء الواردة على هذه المنقوالت بقصد بيعها يعتبر عمال
تجاريا(.)2
اشترط المشرع المغربي ضرورة توفر نية إعادة البيع أو التأجير للمال موضوع عملية الشراء
األولى ،سواء تمت إعادة البيع أو التأجير للمال بالحالة التي كان عليها عند الشراء ،كمن اشترى
ثوبا وأعاد بيعه على حالته أو بعد تهيئته بهيئة أخرى ،أي بعد إدخال تعديالت على ذلك الشيء
بعد شرائه ليبيعه بهيئة أخرى أو تأجيره ،وكمن يحول القمح إلى دقيق أو الثوب إلى مالبس
وهكذا...
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.32 .
2
علي البارودي ،م .س ،ص.56 .
29
إن المشرع يستوجب تحقق نية إعادة البيع أو التأجير دونما ضرورة تحقق عملية إعادة
البيع أو التأجير ألي سبب كان ،ككساد السوق ،انخفاض األسعار وضياع المال ،إن المعتمد
قانونا هي مسألة تحقق نية إعادة البيع أو التأجير لدى التاجر عند قيامه بعملية الشراء األولى،
إن الشخص الذي ال تتوفر لديه هذه النية عند العملية األولى ال يعتبر حسب عبارة النص
القانوني قد قام بنشاط تجاري ،فمن اشترى سيارة لالستعمال الشخصي ثم بعد ذلك ارتأى أن
يبيعها ،فال يعتبر عمله هذا عمال تجاريا ،وذلك خالف لمن توفرت لديه نية إعادة البيع أو
التأجير عند قيامه بعملية الشراء األولى ،ففي هذه الحالة ولو لم يقم فعال بإعادة بيعها فإن ذلك
يشكل نشاطا تجاريا ،ألن نية إعادة البيع أو التأجير توفرت عند البداية(.)1
يشترط العتبار الشراء ألجل البيع أو التأجير عمال تجاريا أن تنصرف نية المشتري إلى
تحقيق الربح ،حتى ولو لم يتحقق الربح فعال بسبب انخفاض أسعار السلعة أو تحول ذوق
المستهلك عنها .فالدافع للقيام بالمعامالت التجارية هو تحقيق الربح ،ذلك أن جميع المعامالت
التجارية مهما تنوعت ،إنما تستهدف أو يستهدف القائم بها تحقيق الربح.
وترتيبا على ذلك ال تعد األعمال التي تقوم بها الجمعيات التعاونية أو النقابات المهنية من
شراء للسلع ثم بيعها ألعضائها بسعر التكلفة أعماال تجارية حتى ولو حصلت على بعض
المبالغ لإلنفاق على مستلزمات العمل التعاوني(.)2
وعلى خالف ذلك تعد األعمال التي تقوم بها هذه الجمعيات والنقابات أعماال تجارية إذا لم
تقتصر على بيع السلع ألعضائها ،وانما قامت بالبيع لغير أعضائها بسعر السوق بغية تحقيق
الربح(.)3
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.34 .
2
سميحة القليوبي ،الوسيط في شرح القانون المصري ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،طبعة ،2005ص.125 .
3
حنان عبد العزيز مخلوف ،م .س ،ص.81 .
30
ثانيا :إكتراء المنقوالت من أجل إكرائها من الباطن
نصت المادة 6من مدونة التجارة على أن -2 ...":إكتراء المنقوالت المادية أو المعنوية
من أجل إكرائها من الباطن؛ ."...
يتضح من هذه المادة أن عملية إكراء المنقول من الباطن تعد عمال تجاريا ،وذلك بشرط أن
يكون قصد اإلكراء متزامنا مع لحظة اإلكتراء ،فإذا كان القصد من اإلكتراء استعمال المنقول
استعماال شخصيا ،ثم عدل المكتري وقرر كراءه فالعمل ال يعد تجاريا .والعكس صحيح ،يعد
إكتراء المنقول تجاريا لو تم بقصد اإلكراء حتى لو عدل المكتري وقرر استعمال المنقول استعماال
شخصيا.
وفضال عن ضرورة توافر قصد اإلكراء لحظة اإلكتراء يتعين أن يتوافر أيضا قصد تحقيق
الربح ولو لم يتحقق الربح بالفعل.
وترتيبا على ذلك إذا قام شخص بإكتراء سيارات أو آالت بقصد إكرائها فإن عمله يعد عمال
تجاريا ولو وقع مرة واحدة.
ومن الجدير بالذكر أن المشرع قد أضفى الصفة التجارية على عملية اإلكراء الالحقة على
اإلكتراء ،وقد سبق أن فعل ذلك بالنسبة لعملية البيع أو الكراء التي تتبع عملية الشراء.
كان شراء العقارات بقصد بيعها ال يعتبر عمال تجاريا في ظل مدونة التجارة القديمة التي
كانت تعكس الفكر التقليدي الذي يعتبر العقار شيئا ثابتا يتنافى بطبيعته وفكرة التداول السريع
التي يقوم عليها العمل التجاري( .)1باإلضافة إلى ما يتطلبه انتقال ملكيته من إجراءات التقييد
في السجل العقاري مما يتنافى والسرعة التي تتطلبها التجارة.
غير أن التطور االقتصادي الحديث عدل من هذه الفكرة بشكل كبير ،إذ لم يفت الفقه
الحديث أن يالحظ أن العقارات أصبحت تعرف مضاربات شرسة تتمثل في استثمار أموال كبيرة
1
مصطفى كمال طه ،م .س ،ص.71 .
31
في شراء األراضي وتجزئتها أو بناء العمارات والدكاكين عليها وبيعها بقصد الربح ،مما يثبت أن
المضاربات العقارية يتوفر فيها كذلك عنص ار المضاربة والتوسط في التداول ،خاصة إذا علمنا
أنه في ظل القوانين التجارية الحديثة ،ال يقتصر التداول على المنقوالت المادية بل المعنوية
كذلك ،لذلك فإذا كانت العقارات ال تتداول بنفس الطريقة التي تتداول بها المنقوالت ألنها ثابتة،
فإن تداول الحقوق المترتبة عليها يشكل تداوال غير مادي لقيم كاف لقيام العمل التجاري ،من هنا
خلص غالبية الفقه الحديث إلى أن العمليات الواقعة على العقارات إذا كانت تتوفر فيها
خاصيتين ،المضاربة والوساطة في التداول فإنه يجب اعتبارها أعماال تجارية.
وبالفعل فإن المشرع المغربي قد اقتنع بوجاهة هذه النظرة ،فنص في مدونة التجارة على
تجارية المضاربات الواقعة على العقارات ،ومن ثم فإن كل عملية شراء تنصب على العقارات
بقصد إعادة بيعها بربح ،سواء بيعت على حالها أو بعد إدخال تغيرات جزئية أو كلية عليها
تعتبر تجارية ،ونفس الشروط المتطلبة في شراء المنقوالت بقصد بيعها يجب أن تتوفر هنا
أيضا(.)1
تعتبر مقاوالت التوريد أو التموين من أهم مقاوالت التوزيع وتقديم الخدمات ،وقد نصت على
تجاريتها الفقرة الرابعة عشر من المادة السادسة من مدونة التجارة
ويقصد بالتوريد ،االتفاق الذي يلتزم بمقتضاه شخص بأن يسلم أو يورد لشخص آخر
البضائع والغلل أو الخدمات بصورة دورية ومستمرة ،ويقصد بمقاولة التوريد المقاولة التي تتعهد
بأن تقوم بالعمليات السابقة وذلك كتوريد األغذية والمالبس واألدوية للمستشفيات أو توريد الورق
إلحدى الصحف.
1
مصطفى معالل ،م .س ،ص.61 .
32
ويلحق بالمقاوالت السابقة تلك المكلفة بتقديم خدمات بصورة مستمرة لبعض المرافق الجهوية
للدولة أو منشآتها العامة بقصد القيام بأعمال الصيانة واإلصالح والنظافة بها.
واذا كانت أعمال التوريد تعتبر أعمال تجارية بالنسبة للمورد بالنظر لضرورة توافر المقاولة،
فإنها بالنسبة للمورد له قد تعتبر تجارية أو مدنية وذلك تبعا لعمله األصلي.
وال يشترط في التوريد أن يقع على وجه التملك لمصلحة المورد له ،بل قد يكون مجرد
عارية استعمال وذلك بالقيام بتأجير منفعتها لمدة معينة تعاد بعدها إلى المقاولة الموردة.
* أن يشتري المورد السلع أو الغلل من أجل بيعها للجهة التي تعهد لها بالتوريد ،وتعتبر
هذه األعمال من قبيل عمليات شراء المنقوالت المادية أو المعنوية بقصد بيعها والتي نصت على
تجاريتها مقتضيات الفقرة األولى من المادة السادسة من مدونة التجارة.
* أما عملية التوريد الثانية ،فتتمثل في تزويد جهة معنية بمواد أو خدمات لم يسبق للمورد
أن اشتراها وذلك كمن يتعهد بتوريد المؤونة لحي جامعي أو مستشفى أو سفينة ،وكتوريد مصادر
الطاقة من غاز وكهرباء وفحم حجري لجهات معينة(.)1
يقصد بالبيع بالمزاد العلني كل بيع يستطيع أي شخص حضوره حتى ولو اقتصر المزاد
على طائفة معينة من األشخاص ،ويتم لمن يقدم أعلى ثمن ،وقد أصبغ المشرع في مدونة
التجارة الفقرة 16من المادة السادسة على الشخص الذي يزاول على وجه اإلعتياد أو اإلحتراف
البيع بالمزاد العلني الصفة التجارية ،وهو ما يعني استبعاد البيع بالمزاد العلني الذي قد يتم
بصورة عارضة أو على وجه اإلنفراد ،ووفقا لذلك يعتبر صاحب محل البيع بالم ازد العلني الذي
1
عز الدين بنستي ،م .س ،ص.140 .
33
يعتاد أو يحترف البيع بالمزاد العلني تاج ار ،باعتبار أنه يتوسط في تداول المنقوالت من خالل
التقريب بين الراغبين في البيع وبين الراغبين في الشراء ،نظير عمولة يحصل عليها وهي عبارة
عن نسبة مئوية من ثمن البيع ،وبطبيعة الحال فإن المحالت التي تعرض فيها السلع لبيعها
بالمزاد تكتسب الصفة التجارية فتصبح محالت تجارية.
غير أن البيع بالمزاد العلني قد تمارسه بشكل معتاد بعض الجهات ،كمصلحة تنفيذ األحكام
القضائية ،ومصلحة الجمارك وغيرها التي قد تلجأ إلى عملية البيع بالمزاد العلني ألجل بيع
محجوزات المحكوم عليه من قبل مصلحة تنفيذ األحكام أو بيع الجمارك لما تحجزه من أشياء
مهربة أو غير مؤداة للرسوم الجمركية أو بيع محجوزات البلديات وغيرها ،فكل هذه البيوع التي
تجريه الجهات المشار إليها ال يضفي عليها الصفة التجارية النتفاء نية المضاربة ألجل تحقيق
الربح من جهة ولكون تلك الجهات ال تحترف أو تعتاد القيام بذلك كنشاط تجاري و إنما هو
يدخل في إطار تطبيق و تنفيذ أحكام و قوانين حسب كل مصلحة لغرض الصالح العام(.)1
وخالصة القول أن البيع بالمزاد العلني وفقا لنص المادة السادسة من مدونة التجارة يعتبر
عمال تجاريا متى تمت مزاولته من الشخص بصفة اعتيادية أو احترافية ،بمعنى أن البيع بالمزاد
العلني ال يكفي أن يتم مرة واحدة أو على وجه اإلنفراد بل يتعين قيامه استنادا إلى تنظيم وتكرار
على وجه احتراف بيع المنقوالت للغير بالمزاد( )2أو اعتياد القيام بذلك مما يترتب عليه اكتساب
القائم به الصفة التجارية وبالتالي تجارية البيع بالمزاد العلني.
تعتبر عملية توزيع الماء والكهرباء والغاز من الخدمات التي تشرف عليها الدولة ،وتعمل
على ضمان هذه الخدمات وحمايتها من المنافسة لما لها من أهمية بالغة في حياة المواطنين،
لذلك كان من األحسن لو استمرت الدولة في احتكار تسيير مشروع توزيع الماء والكهرباء ،بدال
من خوصصته وبالتالي إدخاله مجال المنافسة ،وقد جاء توزيع الماء والكهرباء والغاز ضمن
األنشطة التي إذا ما مارسها الشخص بصفة اعتيادية أو على وجه اإلحتراف اعتبر عمال
1
محمد أخياط ،م .س ،ص.105 .
2
سميحة القليوبي ،م .س ،ص.135 .
34
تجاريا .ونظ ار لما يتطلبه هذا العمل من تنظيم وادارة ورأس مال وأيدي عاملة ،فإن المشرع لم
يشترط مزاولة توزيع الماء والكهرباء والغاز من خالل مقاولة.
الفقرة الثانية :أنشطة االإنتاج
تتصدر هذه األنشطة ،النشاط الصناعي والحرفي (أوال) والتنقيب عن المناجم والمقالع
واستغاللها (ثانيا) والطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها (ثالثا) والبناء واألشغال العمومية
(رابعا).
النشاط الصناعي هو الذي يقوم على تحويل المواد األولية إلى مواد نصف مصنعة أو إلى
سلع مصنعة أو تحويل المواد نصف المصنعة إلى سلع مصنعة ،وتشمل الصناعة بهذا المعنى
أعمال اإلصالح والصيانة التي تؤدي إلى إحداث تغيرات جوهرية في األشياء ،بالنظر إلى أنها
تقوم في الغالب على المضاربة على اليد المستخدمة وعلى قطع الغيار.
وتعتبر الصناعة عمال تجاريا ألنها تقوم أوال على المضاربة إذ يقوم الصانع بتحديد ثمن
البيع بمراعاة تكلفة التصنيع – بما فيها األجور -باإلضافة إلى هامش الربح الذي يسعى إلى
تحقيقه ،وألنها تقوم ثانية على عنصر التوسط في التداول ،إذ يتوسط الصانع بين العمال الذي
يصنعون السلع مقابل أجر المستهلكين.
وقد كان في ظل النص القديم قبل صدور مدونة التجارة ،يشترط في عملية التصنيع أن
تقوم على المضاربة على عمل الغير ،أي أن تقوم على استخدام يد عاملة مأجورة بقصد جني
الربح من خالل منتجاتها وذلك لتمييز مقاولة التصنيع عن العمل الحرفي الذي يعتبر عمال
مدنيا ،بالضبط لعدم توفر عنصر المضاربة على عمل الغير فيه انطالقا من كون أن الحرفي أو
الصانع التقليدي إنما يمارس عمله لحسابه الخاص معتمدا أساسا على جهده وعمله الشخصيين
وليس على المضاربة على عمل الغير ،ولكونه حتى إذا استعان في بعض األحيان ببعض
العمال أو استخدم بعض اآلالت البسيطة ،فنشاطه يظل معتمدا على عمله الشخصي وعلى
مهارته اليدوية ،إال أن المشرع بنصه على تجارية العمل الحرفي يكون قد غير من هذه النظرة
35
الضيقة لمفهوم المضاربة التي تتحقق في العمل الحرفي بشكل مخالف حتى من دون مضاربة
على اليد العاملة.
وتتمثل في قصد جني الربح الذي يسعى إليه الحرفي من خالل عمله ،فالخياط أو الحالق
مثال مهما كانت التسمية التي يمكن أن نطلقها على المقابل الذي يحصل عليه مقابل عمله إنما
يسعى إلى تحقيق الربح من خالل توفيره لإلطار المالئم لتقديم خدماته ،المتمثل في المكان الذي
يخصصه الستقبال زبائنه واالستثمار الذي يخصصه لتوفير التجهيزات وأدوات العمل مهما كانت
بسيطة مضافة إلى جهده وعمله الشخصيين ،وعلى كل فهذه النظرة ليست جديدة في إطار
النص التشريعي القديم الذي كان ينص على تجارية مقاولة مكاتب األعمال بالرغم من أن العديد
من هذه المكاتب تعتمد أساسا على جهد أصحابها وخبرتهم ،وال تضارب على اليد العاملة،
ويحصل أصحابها على مقابل أتعاب وليس على أرباح كما هو الشأن بالنسبة لوكاالت إدارة
األمالك ومكاتب تخليص البضائع من الجمرك ،لذلك فمن المعتقد أن المعطيات الواقعية
لالقتصاد المغربي الحديث هي التي استدعت إضفاء الصبغة التجارية على األعمال الحرفية
وذلك من ناحية لتمكين الحرفيين من اإلستفادة من الحقوق التي يتمتع بها التجار مثل اكتساب
األصل التجاري ،ومن ناحية ثانية لحماية حقوق المتعاملين مع الحرفيين حتى يستفيدوا من
ضمانات الدين التجاري ،فيتدعم بذلك ائتمانهم ،وهذا ييسر على هذه الفئة من المنعشين
االقتصاديين الحصول على ما هي في حاجة إليه من تمويل(.)1
عمل المشرع المغربي على إلحاق التنقيب عن المناجم واستغاللها باألنشطة التجارية من
خالل الفقرة الرابعة من المادة السادسة ،ويبدو أن ذلك ال يشكل تجديدا مقارنة مع النص القديم،
ذلك أن االستغالالت المنجمية كانت تعتبر أعماال تجارية طبقا لظهير 16أبريل 1951أسوة
بالقانون الفرنسي لـ 09شتنبر 1919المعدل بقانون 02يناير ،1970بينما ظلت باقي
الصناعات المتعلقة بالمقالع خارج دائرة األنشطة التجارية ،وهي كثيرة كالمحاجر واألمالح والمياه
المعدنية ...خصوصا إذا علمنا أن هذه الصناعات توظف أمواال هامة وامكانيات مادية وبشرية
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص 64 .و.65
36
هائلة ،هكذا ومن خالل الفقرة الرابعة من الفصل السادس أضحت كل عمليات التنقيب عن
المناجم والمقالع واستغاللها أحد أهم األنشطة التجارية وهو ما يشكل تطو ار هاما في التعامل مع
هذه األعمال.
هكذا نالحظ أن المشرع المغربي وسع من دائرة أعمال التنقيب واستغالل المناجم والمقالع،
فكل هذه األنشطة أصبحت طبقا للمدونة أنشطة تجارية دونما تمييز بين أعمال المقالع وأعمال
المناجم(.)1
يعتبر النص على تجارية أعمال الطباعة والنشر من بين مستجدات مدونة التجارة ،أما في
السابق فإن الفقه هو الذي أضفى عليها الصبغة التجارية أمام ما الحظه من تطور هذه المهنة.
ورغم أن البعض يصنف األشخاص الذين يتولون الطباعة والنشر ضمن فئة الموزعين
ألنهم يقومون ببيع المؤلفات للمكتبات ،بل وأحيانا للجمهور مباشرة لكن الجانب األكثر أهمية في
عملهم يتمثل في تحويل شيء مخطوط باليد إلى كتب أو مؤلفات مطبوعة ،لكن األمر يختلف
بالنسبة لصاحب المكتبة الذي يشتري الكتب قصد إعادة بيعها ،فعمله هنا يعتبر عمال تجاريا
على أساس الفقرة األولى من المادة السادسة ،أي على أساس شراء المنقول بقصد بيعه(.)2
وتؤدي ممارسة أعمال الطباعة والنشر على سبيل االعتياد أو االحتراف إلى اكتساب القائم
بها لصفة تاجر ،لكن شريطة أن يكون الهدف من ذلك هو تحقيق الربح ،أما إذا انتفى هذا
الهدف فإن العمل ال يعتبر تجاريا ،وهو الشأن مثال بالنسبة ألعمال الطباعة والنشر التي تقوم
بها المطابع التابعة لإلدارات العمومية أو للجرائد الحزبية(.)3
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.40 .
2
عبد الواحد حمداوي ،م .س ،ص.67 .
3
امحمد لفروجي ،التاجر وقانون التجارة بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،طبعة ،1997ص.52 .
37
رابعا :البناء واألشغال العمومية
تعتبر أعمال البناء واألشغال العمومية من قبيل األنشطة التجارية طبقا للفقرة 12من المادة
السادسة وتهم هذه األعمال بناء القناطر وحفر األنفاق ومد الطرق وبناء السدود وما إلى ذلك.
ومن الناحية العملية غالبا ما تقوم بهذه األعمال شركات كبيرة ،تأخذ في الغالب شكل شركات
المساهمة لما تتطلبه من إمكانيات هائلة بشرية منها ومادية ،غير أن ذلك ال يمنع ان يقوم بهذا
النشاط شخص طبيعي.
ونالحظ أن المشرع المغربي خالف المشرع الفرنسي ،الذي ميز على مستوى تجارية أنشطة
البناء ،حيث اعتبر عمل المنعشين العقاريين عمال مدنيا ،وفي ذلك تشجيعا منه ألعمال اإلنعاش
العقاري الذي يقوم على حل أزمة السكن من خالل بناء العمارات وبيعها إما جملة أو بشكل
مجزئ(.)1
الفقرة الثالثة :أنشطة اخلدمات
يغلب على المادة السادسة من مدونة التجارة ،هيمنة انشطة الخدمات ،واذا كانت أنشطة
اإلنتاج تعمل على إنتاج وخلق الثروات ،فإن أنشطة الخدمات تساعد على خلق مناصب الشغل
الكثيرة ،وهكذا سنتحدث عن هذه األنشطة وفق ما يأتي:
تتمثل الخدمات االجتماعية والترفيهية التي تعتبر أعماال تجارية في :النقل ،تنظيم المالهي
العمومية ،فضال عن البريد والمواصالت.
-1النقل:
يعتبر النقل عمال تجاريا متى تم بعوض ،ومورس على سبيل التكرار واالعتياد ،وذلك أيا
كانت وسيلة النقل المستعملة وسواء تعلق بنقل األشخاص أو بنقل البضائع.
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.42 .
38
ولقد كانت المدونة القديمة تشترط أن يتم النقل من خالل مقاولة العتباره تجاريا ،مما كان
يؤدي إلى استبعاد اصحاب سيارات األجرة والنقل الذين يستغلون سياراتهم بأنفسهم من طائفة
التجار ،انطالقا من كونهم يعتمدون أساسا على جهدهم الشخصي ،ويصنفون بالتالي ضمن
أصحاب الحرف ،إال أن النص الجديد استبعد هذا الشرط ونص على تجارية النقل الذي يجري
على سبيل اإلعتياد أو االحت ارف(.)1
يقصد بالمالهي العمومية ،كل مكان يرتاده الجمهور بقصد اللهو والتسلية نظير أجر ،مثل
دور السينما والمسرح ،والسيرك ،األلعاب ،والتمثيل والموسيقى والرقص...
وتكمن تجارية هذه األعمال بالنسبة لمنظم المالهي في الفرق الذي يأخذه بين ما يقدمه
للمشاركين (الرياضيين ،الفنانين )...الذي يبقى العمل بالنسبة إليهم عمال مدنيا – وبين ما يأخذه
هو من الجمهور.
وتجدر اإلشارة إلى أن تنظيم المالهي من قبل الجمعيات وبعض الجهات الخيرية مثال ال
يعتبر نشاطا تجاريا النتفاء عنصر الربح والمضاربة(.)2
-3البريد والمواصالت:
كان قطاع البريد والمواصالت خاضعا في السابق الحتكار الدولة ،لكن الرغبة في فسح
المجال أمام المبادرة الحرة أدت إلى إعادة النظر في هيكلة هذا المرفق العمومي من خالل فتح
مجال االستثمار فيه أمام الخواص ،وخير دليل على ذلك هو ظاهرة األكشاك أو المخادع
الهاتفية المنظمة التي تتاجر في أعمال البريد والمواصالت(.)3
وتعتبر أعمال البريد والمواصالت أعماال تجارية ،وتبعا لذلك فإن إضفاء صبغة المؤسسة
العمومية على مكتب اتصاالت المغرب بمقتضى ظهير ،1984 -10 -10ال ينفي اختصاص
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.73 .
2
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.51 .
3
عز الدين بنستي ،م .س ،ص.170 .
39
المحاكم التجارية للنظر في الدعوى المتعلقة به إذا كان موضوعها خاضعا لقواعد القانون
التجاري وهدفها المضاربة وتحقيق الربح(.)1
هي التي تقوم على التقريب بين أطراف العملية التجارية من منتخبين وموزعين ومستهلكين،
فالوسيط ال ينتج وال يشتري وال يبيع ،وانما ينتقل بين هذا وذاك ،لربط اإلتصال فيما بينهم،
وللتقريب بين إرادتهم ،فهو كثي ار ما يالقي الطلب بالعرض ،وبفضله يتحقق تداول الثروات
وتتحدد هذه األعمال فيما نصت عليه البنود 9و 10و 13من المادة السادسة من مدونة التجارة
وهذه األعمال هي:
-1السمسرة:
السمسرة هي عملية التوسط بين طرفي العقد مقابل عمولة غالبا ما تأتي في شكل نسبة
مئوية من قيمة الصفقة ،ويقتصر دور السمسار على التقريب بين وجهات نظر المتعاقدين دون
أن يكون طرفا في العقد الذي يجمعهما ،وتعتبر السمسرة عملية تجارية ألنها تقوم على التوسط
في التداول إال أنها يجب ان تحصل بقصد تحقيق الربح.
وقد عرفت المادة 405من مدونة التجارة السمسرة بكونها عقد يكلف بموجبه السمسار من
طرف شخص بالبحث عن شخص آخر لربط عالقة بينهما قصد إبرام عقد.
وال تعتبر السمسرة تجارية إال إذا حصلت بشكل اعتيادي أو احترافي.
-2الوكالة بالعمولة:
الوكالة بالعمولة هي كل تعهد من شخص يسمى الوكيل بالعمولة بالقيام باألعمال التجارية
باسمه لحساب موكليه مقابل عمولة ،لذلك فالوكالة بالعمولة هي عملية توسط بين التجار
والمنتجين ،أو كبار التجار وصغارهم ،فالوكيل بالعمولة يتعاقد باسمه ،لذلك فهو الذي يظهر
اسمه على العقد ،وبالتالي هو الذي يكتسب الحقوق الناشئة عنه ويتحمل االلتزامات المترتبة
1
قرار رقم 182صادر عن محكمة االستئناف التجارية بفاس بتاريخ .1998 -11 -30
40
عنه ،كما لو كان قد تعاقد لحسابه الخاص هذا في عالقته مع المتعاقد معه .أما في عالقته مع
موكليه فإن الصفقات التي يجريها تطبيقا لعقد الوكالة الذي يجمعه بذلك الموكل تكون لحساب
هذا األخير ،وعليه أن يتقيد ببنود عقد الوكالة واال كان مسؤوال مسؤولية عقدية عن كل إخالل
يلحق ضر ار بالموكل.
وتقوم الحاجة في اللجوء إلى الوكيل بالعمولة في الحاالت التي ال يستطيع فيها الموكل
التعاقد باسمه ألن الغير ال يقبل التعاقد معه ،إما ألنه حديث العهد بالتجارة ،أو الفتقاده الثقة
بينهما ،أو ألي سبب آخر ،فيلجأ إلى الوكيل بالعمولة لالستفادة من االئتمان الذي يتمتع به هذا
األخير في السوق.
-3الوكالة التجارية:
لم تنص مدونة التجارة – القانون – 15.95صراحة على الوكالة التجارية ضمن التعداد
الوارد في المادة السادسة ،إال أنها نصت عليها ضمنا بإشارتها في البند 9إلى "السمسرة والوكالة
بالعمولة وغيرها من أعمال الوساطة" كما أنها نظمتها بمقتضى المواد من 393إلى 404من
مدونة التجارة.
والوكالة التجارية عرفتها المادة 393من مدونة التجارة بكونها عقد يلتزم بمقتضاه شخص
ودون أن يكون مرتبطا بعقد عمل بالتفاوض أو بالتعاقد بصفة معتادة ،بشأن عمليات تهم أشرية
أو بيوعات ،وبصفة عامة جميع العمليات التجارية باسم ولحساب تاجر أو منتج أو ممثل تجاري
آخر يلتزم من جهته بأدائه أجرة عن ذلك."...
فالوكالة التجارية إذن هي عملية وساطة يتولى فيها الوكيل التجاري التفاوض أو التعاقد
باسم ولحساب تاجر مقابل أجر ،والعتبارها تجارية يجب أن تمارس من قبل الوكيل بصفة
معتادة(.)1
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.68 .
41
-4مكاتب ووكاالت األعمال واألسفار واإلعالم واإلشهار:
عمل المشرع المغربي على إعادة تكريس مكاتب ووكاالت األعمال ضمن األعمال
التجارية ،كأحد أهم أعمال الوساطة ،لكن هذه المرة أضاف إليها مكاتب األسفار واإلعالم
واإلشهار ،وهذا ما تشير إليه الفقرة 13من المادة السادسة ،والمالحظ أن جميع هذه األنشطة
تحكمها قاعدة أعمال الوساطة في الحقل االقتصادي.
إن جميع هذه المكاتب والوكاالت رغم تعددها ،يكمن عملها في تقديم المساعدة لزبنائها
على تسيير وادارة أموالهم ،ومواصلة المعامالت القانونية لدى الجهات الرسمية.
وهكذا نجد مثال المكاتب العقارية (تسيير األمالك) مكاتب المنازعات ،مكاتب تخليص
البضائع من الجمرك...
لقد عرف المغرب في اآلونة األخيرة توسعا على مستوى هذه المكاتب والوكاالت كوكاالت
األسفار والوكاالت السياحية ووكاالت اإلشهار ،والوكاالت السياحية ووكاالت الهجرة ووكاالت
اإلحصاء ووكاالت اإلعالم واألنباء وهكذا.)1(...
اعتبر المشرع في الفقرة 10من المادة السادسة من مدونة التجارة استغالل المستودعات
والمخازن العمومية من األنشطة التجارية بعدما كانت تعتبر أعماال مدنية في ظل القانون
التجاري القديم .وتظهر تجارية هذا النشاط فيما يحصل عليه مستغلو هذه األماكن ،وغالبا ما
يأتي ذلك في إطار استغالل المخازن والمستودعات لتخزين البضائع والمعدات لحين ترويجها،
كالمخازن والمستودعات الموجودة مثال في الموانئ وكذلك المخازن والمستودعات داخل المدن
لتخزين الحبوب مثال.
-6التوطين(:)2
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.48 .
2
ظهير شريف رقم 1.18.110صادر في 2019/01/09بتنفيذ القانون رقم 89.17بتغيير وتتميم القانون 15.95المتعلق بمدونة
التجارة ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6745بتاريخ ،2019/1/21ص 142 .وما بعدها.
42
التوطين ،نشاط تجاري يكون موضوع عقد يضع بمقتضاه شخص ذاتي أو اعتباري يسمى
الموطن لديه ،مقر مقاولته أو مقره اإلجتماعي رهين إشارة شخص آخر ذاتي أو اعتباري يسمى
الموطن إلقامة مقر مقاولته أو مقره االجتماعي حسب الحالة.
ولكل شخص ذاتي أو اعتباري أو أي فرع أو وكالة إمكانية إقامة مقر المقاولة في محالت
تشغل بشكل مشترك مع مقاولة أو عدة مقاوالت.
ويشترط في الشخص الموطن أن يضع رهن إشارة الموطن له محالت مجهزة بوسائل
اإلتصال تتوفر على قاعة لعقد اإلجتماعات ومحالت معدة لمسك السجالت والوثائق المنصوص
عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وتمكن من الحفاظ واإلطالع عليها.
وتجدر اإلشارة هنا إلى أنه يمنع توطين الشركات التي تتوفر على مقر إجتماعي بالمغرب
كما ال يمكن ألي شخص ذاتي أو اعتباري إختيار أكثر من مقر للتوطين.
ويدخل فيها البنك والقرض والمعامالت المالية ،وعملية التأمين باألقساط الثابتة.
ويقصد بعمليات البنوك مختلف الخدمات البنكية التي تقدمها األبناك لزبنائها منها باألخص
تلقي الودائع ،ومنح االئتمان عن طريق القروض وفتح االعتمادات البسيطة أو فتح الحسابات
الجارية أو خصم األوراق التجارية أو إعادة خصمها أو التحويل المصرفي واصدار خطابات
الضمان ،وكراء الخزائن الحديدية وغيرها الكثير من األعمال التي أصبحت تنجزها األبناك.
وقد أورد القانون التجاري أعمال البنك ضمن األنشطة التي تكسب الشخص الصفة التجارية
متى تمت مزاولتها على وجه اإلعتياد أو االحتراف ،مما يعني أن عمليات البنوك ال تكفي
العتبارها من األعمال التجارية القيام بها لمرة واحدة أو بصفة عارضة ،فالقائم بالعمليات البنكية
43
بجميع أنواعها تعتبر بالنسبة إليه هذه األخيرة تجارية ويكتسب من خاللها الصفة التجارية متى
زاولها على وجه اإلعتياد أو االحتراف ،في حين ال تعد تلك العمليات تجارية بالنسبة للغير إال
إذا كان تاج ار وارتبطت بنشاطه التجاري فإنها تصبح آنذاك تجارية بالتبعية (المادة .)10
وتعد أعمال البنوك تجارية بصرف النظر عن ما إذا القائم بها شخصا طبيعيا أو معنويا
وسواء كان نشاط البنك تجاري أو زراعي أو عقاري ،أو قام بالعملية البنكية بفائدة أو عمولة أو
صدرت منه العملية مجانا لصالح تاجر أو غير تاجر.
وبغض النظر عن طبيعة العملية البنكية ،وعلى خالف ما كان يقرره القانون القديم من
اإلكتفاء بصدور العمل البنكي عرضا ولمرة واحدة ،ليصير من األعمال التجارية حسب الفقرة
الرابعة من الفصل الثاني من القانون التجاري القديم ،فإن مدونة التجارة في الفقرة الثانية من
المادة السادسة تشترط أن يمارس النشاط البنكي من قبل الشخص على وجه اإلعتياد أو
االحتراف لكي يخضع للقانون التجاري ،ونص المادة السادسة أوردت النشاط البنكي عاما ومطلقا
دون تقييد العمليات البنكية بأي قيد وهو ما يعني أن أعمال البنوك تعد كلها تجارية سواء كانت
خاصة أو عامة للودائع أو االئتمان أو غيرها من األنشطة التي تعتبر تجارية متى مورست على
وجه االعتياد او االحتراف ،وبناء على ذلك فإن كافة عمليات الصرف تعد تجارية سواء صدرت
عن البنوك أو عن األفراد ممن يحترفون أو يعتادون القيام بالعمليات الصرفية ،وعلى خالف ذلك
بالنسبة للزبون أو المستفيد ،فإن عملية الصرف ال تعد تجارية حيث يكون الغرض منها أهداف
شخصية إال إذا كانت العملية الصرفية مرتبطة بأنشطته التجارية التي يحترفها أو يعتادها،
فآنذاك يصبح الصرف تجاريا وفقا لنظرية األعمال التجارية بالتبعية (المادة 10من مدونة
التجارة).
وبناء على نص المادة السادسة من المدونة فإن عمليات البنوك تعد بال شك تجارية في
جميع الحاالت بالنسبة للبنوك متى جاءت على وجه اإلعتياد أو االحتراف من قبل البنك في
حين يتوقف إصباغ العمل البنكي بالصفة التجارية بالنسبة للزبون أو الطرف الثاني على مدى
ارتباط العمل البنكي بنشاطه التجاري ،فإذا اقترض الزبون مثال ألجل إصالح المحل التجاري أو
استيراد بضائع ألجل إعادة بيعها أو تجهيز مقاولته التجارية فعمله يعد في هذه الحاالت بال
44
جدال تجاريا ،أما إذا اقترض ألغراض شخصية أو عائلية كالعالج أو شراء شقة للسكن أو سيارة
الستعماله الخاص فإن العمل يعد مدنيا من جانبه(.)1
التأمين عقد يلتزم بمقتضاه المؤمن نظير قسط يدفعه له المؤمن له ،بأن يدفع لهذا األخير
أو لمن يعين في العقد أداء محددا في حالة تحقق خطر معين.
وينقسم التأمين من حيث الشكل إلى تأمين تعاوني أو تعاضدي ،وتأمين بقسط ثابت فأما
التأمين التعاوني فهو الذي يتفق فيه مجموعة من األشخاص على تعويض األضرار التي قد
تلحق أحدهم نتيجة تحقق خطر معين من مجموع االشتراكات التي يدفعها كل واحد منهم،
وبالنظر إلى كون هذا النوع من التأمين ال يقوم على الربح فإنه ال يعتبر تجاريا ،أما التأمين
بقسط ثابت فهو الذي يتخذ فيه المؤمن شكل شركة مساهمة ،ويسعى إلى تحقيق الربح عن
طريق إجراء المقاصة بين المخاطر المؤمن منها.
والتأمين بأقساط ثابتة من األنشطة التجارية الجديدة التي نص عليها المشرع في مدونة
التجارة ،ورغم أن المشرع لم يشترط فيها أن تتم من خالل مقاولة ،فإنه يالحظ أن القانون
المغربي يتطلب في هذا النوع من التأمين أن يتم من خالل شركة مساهمة وهي شركة تعتبر
تجارية بشكلها(.)2
الفقرة الرابعة :النشطة التجارية البحرية واجلوية
تكتسب صفة تاجر حسب المادة السابعة من مدونة التجارة بالممارسة االعتيادية أو
االحترافية لألنشطة التالية:
1
محمد اخياط ،م .س ،ص.86 .
2
فؤاد معالل ،م .س ،ص.73 .
45
هذه األنشطة سنعرض لها وفق اآلتي:
تهم هذه الطائفة كل األعمال المتعلقة بإنشاء السفن والطائرات من جهة ،ومن جهة ثانية
كل العمليات المنصبة على توابع السفن والطائرات من أدوات وأجهزة ومؤونة لهذه األجهزة أو
العاملين عليها ،وفي كل الحاالت فإن المنطق الذي يحكم الشراء من أجل البيع يبقى محترما في
هذا اإلطار.
تكثر في الحياة العملية ،العمليات التي تنصب على استغالل السفن والطائرات ،هكذا
فالعمليات الهادفة إلى إكراء واكتراء السفن والطائرات وهي في الغالب تعتبر أنشطة تجارية.
ويسري نفس الحكم على العملية التي تنصب أو تتعلق باستغالل السفن والطائرات كعقود التأمين
التي تهمها وما تحمله وتنقله من أشخاص وبضائع ،وفي كل الحاالت فإن األعمال البحرية
والجوية تكون أعماال تجارية أصلية أو تبعية حسب الحاالت وهي في ذلك ال تختلف عن
األعمال التجارية البرية(.)1
املطلب الثاين :العامل التجارية الشلكية
األعمال التجارية الشكلية هي األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية لذاتها انطالقا من كونها
يجب أن تفرغ في شكل معين ،فالمشرع لم يعتد في إضفاء الصبغة التجارية على هذه األعمال
بمقومات العمل التجاري من مضاربة ووساطة في التداول ،بل بالشكل الذي يجب أن تفرغ فيه،
بحيث بمجرد ما أن تتوفر فيها الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون إال واعتبرت تجارية بغض
النظر عن شخص القائم بها ،أكان تاج ار أم غير تاجر ،وبغض النظر عن طبيعة العمل الذي
أجريت بمناسبته أكان عمال تجاريا أو مدنيا .وهذا يعني أن هذه األعمال تعتبر تجارية في كافة
األحوال ،واألعمال التجارية بشكلها هي الكمبيالة والسند ألمر والشركات التجارية.
1
عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.54 .
46
الفقرة الوىل :المكبياةل والس ند لمر
نصت مدونة التجارة صراحة على اعتبار الكمبيالة والسند ألمر عمال تجاريا ،وذلك في
المادة التاسعة التي ورد فيها":يعد عمال تجاريا بصرف النظر عن المادتين 6و7
-الكمبيالة
-السند ألمر الموقع ولو من غير تاجر اذا ترتب في هذه الحالة عن معاملة تجارية".
أما الشيك فال يعتبر وفقا للرأي الراجح عمال تجاريا إال إذا تعلق بعمل تجاري أو سحبه
تاجر حيث يفترض فيه أنه سحب لعمل تجاري .ما لم يثبت العكس(.)1
والكمبيالة سند يحرر وفقا لبيانات حددها القانون ،تتضمن أم ار من شخص يسمى الساحب
إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه ،بأن يدفع مبلغا معينا من النقود إلى شخص ثالث
يسمي المستفيد.
وهنالك مجموعة من البيانات اإللزامية يجب أن تتوفر عليها الكمبيالة()2واال فقدت قيمتها
كورقة تجارية وأصبحت مجرد سند عادي.
ويعتبر تجاريا كل ما يتعلق بالكمبيالة من سحب وتظهير وضمان احتياطي وقبول وغيره.
1
مصطفى كمال طه ،مرجع سابق ،الفقرة ،20ص29 .
2
هذه البيانات حسب المادة 159و 160من مدونة التجارة :
-1تسمية "كمبيالة" مدرجة في نص السند ذاته ،وباللغة المستعملة للتحري.
-2األمر الناجز بأداء مبلغ معين.
-3اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه).
-4تاريخ االستحقاق ،فإذا لم يعين اعتبرت مستحقة بمجرد اإلطالع.
-5مكان الوفاء ،فإذا له ما لم يرد في السند خالف ذلك .فإذا لم يعين مكان بجانب تسم المسحوب عليه ،يعتبر مكان للوفاء
المكان الذي يزاول فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه.
-6اسم من يجب الوفاء له أو ألمره.
-7تاريخ ومكان إنشاء الكمبيالة ،واذا لم يعين مكان إنشائها اعتبرت منشأة في المكان المذكور إلى جانب اسم الساحب،
واذا لم يعين مكان بجانب اسم الساحب فإن الكمبيالة تعتبر منشاة بموطنه .أما إذا لم يعين تاريخ إنشاء الكمبيالة ،فإن تاريخ
اإلنشاء يكون هو تاريخ تسليم السند إلى المستفيد ما لم يرد في السند خالف ذلك.
-8اسم وتوقيع من أصدر الكمبيالة (الساحب).
47
أما السند ألمر فهو وثيقة يتعهد بمقتضاها محررها ،ويسمى المتعهد،بأن يدفع مبلغا معينا
من النقود في تاريخ معين الى شخص آخر هو المستفيد.
ويجب فيه كذلك أن يتوفر على مجموعة من البيانات اإللزامية واال اعتبر مجرد سند
عادي .والسند ألمر يعتبر تجاريا في ذاته إذا كان صاد ار عن تاجر بمناسبة عمله التجاري ،أما
إذا كان صاد ار عن غير تاجر فإنه ال يعتبر تجاريا إال إذا ترتب عن معاملة تجارية.
الفقرة الثانية :الرشاكت التجارية
لقد نص المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي على اعتبار كافة أنواع الشركات
تجارية بشكلها ،باستثناء شركة المحاصة التي ال تعتبر تجارية إال إذا كان غرضها تجاريا(.)1
فتعتبر من ثم تجارية بشكلها شركة المساهمة وشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة
التوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة ،فهذه الشركات تعتبر تجارية في كافة
األحوال وبغض النظر عن طبيعة العمل الذي تنصب عليه بحيث ولو كان موضوعها مدنيا
بطبيعته مثل الزراعة أو مهنة حرة فإنها تعتبر تجارية وتخضع بالتالي ألحكام القانون التجاري.
ويرجع السبب في إضفاء المشرع الصبغة التجارية على هذه الشركات إلى حرصه على
إخضاعها لنظام المساطر الجماعية (مسطرة معالجة صعوبات المقاولة أو التسوية أو التصفية
القضائية في حالة توقفها عن أداء ديونها ومسطرة الشهر في السجل التجاري ) ...الذي يقوم
عليه القانون التجاري كيفما كانت طبيعة العمل الذي تقوم به وذلك لتوفير أداة قانونية فعالة
لالستثمار تستفيد منها القطاعات غير التجارية.
وتعتبر كافة أعمال هذه الشركات تجارية بما فيها األعمال المتعلقة بإنشائها وحلها.2
املطلب الثالث :العامل التجارية التبعية
تسري أحكام القانون التجاري باإلضافة على األنشطة واألعمال التجارية التي رأينا ،على
أعمال تعتبر في أصلها مدنية ،لكن تتحول في شروط معينة إلى طبيعة قانونية أخرى إذا قام بها
1
المادة األولى من القانون رقم 17.95بالنسبة لشركة المساهمة ،والمادة الثانية من القانون رقم 5.96بالنسبة لشركات
التضامن والتوصية البسيطة والتوصية باألسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة.
: 2فؤاد معالل :مرجع سابق ،ص .76
48
تاجر ،وكانت تتعلق بنشاطه التجاري :إنها األعمال التجارية التبعية .سنقف حول مفهومها
وشروطها( ،فقرة أولى) ،ثم بعد ذلك سنرى تطبيقات لها ( فقرة ثانية).
الفقرة الوىل :مفهوم ورشوط العمل التجاري التبعي
سنرى مفهوم العمل التجاري التبعي (أوال) وشروط هذا العمل (ثانيا).
تعتبر األعمال التجارية بالتبعية ،أعماال مدنية في األصل أي خارج دائرة األعمال التجارية
التي عددها القانون ،المواد 6و 7و8؛ لكنها تصير تجارية بصدورها من تاجر ولحاجات عمله
التجاري .فقد نصت المادة 10من المدونة ":تعتبر تجارية كذلك الوقائع واألعمال التي يقوم بها
التاجر بمناسبة تجارته ما لم يثبت خالف ذلك".
وتعتبر الصياغة الجديدة للمادة العاشرة أكثر دقة في تحديد مفهوم العمل التجاري التبعي،
عكس ما كانت تشير إليه المادة الثانية الفقرة 6من القانون القديم "االلتزامات الحاصلة بين
التجار والمتسببين والصيارفة".
لقد أقام القانون الجديد قرينة قانونية على تجارية األعمال والوقائع التي يقوم بها التاجر ما
لم يثبت العكس .وكان القانون العراقي قد سبق التشريع المغربي في هذا المجال ،حيث نصت
المادة 18منه على ":التجارة صفة أصلية في عقود التاجر والتزاماته إال إذا ثبت تعلق تلك
العقود وااللتزامات بمعامالت مدنية" .كما نصت المادة 19منه على ":تعتبر جميع األعمال
المرتبطة بالمعامالت التجارية الوارد ذكرها في هذا الفصل أو المسهلة لها تجارية أيضا".
إن التاجر يقوم يوميا بمجموعة من التصرفات القانونية تدور بين تصرفات تجارية صرفة
(كالشراء من أجل البيع ،كنشاط السمسرة ،كنشاط التأمين ،) ...كما قد يقوم بتصرفات مدنية،
هذه التصرفات منها ما هو متعلق بحاجياته الشخصية -أي بعيدا عن أنشطته التجارية -
كشراء سيارات لنقل أطفاله إلى المدرسة أو اكتراء عقار للسكن .ومنها ما هو متعلق بنشاطه
التجاري ،كشراء األثاث لتجهيز محله التجاري ،أو شراء سيارة لنقل عمال مصنعه ...هكذا تم
االهتداء إلى نظرية التبعية إلضفاء الصفة التجارية على أعمال تعتبر في األصل مدنية ،لكنها
49
تتحول طبيعتها القانونية إلى أعمال تجارية تبعية في ظل شروط البد من توفرها تطبيقا لنظرية
الفرع يتبع األصل(.)1
يصبح العمل المدني عمال تجاريا تبعيا حسب المادة ،10من مدونة التجارة متى كان
صاد ار عن تاجر ،وتعلق -هذا العمل المدني -وكان تابعا لعمل تجاري أصلي .ويتبين من
خالل المادة العاشرة أن المشرع المغربي كرس النظرية الشخصية (اعتماد التاجر) وكذلك
النظرية الموضوعية (اعتماد العمل التجاري) كأساس نظرية لتأصيل نظرية العمل التجاري
التبعي.
يتعين أن يصدر العمل المدني األصلي عن "تاجر" كان شخصا طبيعيا أو معنويا ،وتكون
العبرة بوجود الصفة عند ممارسة التاجر للعملين (المدني والتجاري) معا.
واذا كان الخالف قد ثار بخصوص العمليات األولى التي يقوم بها التاجر في حياته
التجارية ،كالعقود والتصرفات التي تهم األصول التجارية مثال فالشخص الذي يكتري محال
لمزاولة نشاطه التجاري ،ال يكون في بداية عمله قد اكتسب صفة تاجر مادام لم يزاول بعد أي
نشاط تجاري يكسبه هذه الصفة ،فهل يعتبر ما قام به -أي عقد الكراء ،عمال مدنيا أم تجاريا
تبعيا؟ -قلت فإن الفقه والقضاء( )2المقارنين ثابتين في اعتبارها أعماال تجارية تبعية حماية
للمتعاملين معه خصوصا فيما يتعلق بحرية اإلثبات.
تصير األعمال المدنية أعماال تجارية بالتبعية متى صدرت عن تاجر ،وكانت مرتبطة
وضرورية للنشاط التجاري األصلي.
1
عبد الرحيم شميعة ،مرجع سابق ،ص .59
2
A. Viandier, J. Vallansan- Actes de commerce, commerçants, activités commerciales,
PUF, 1992, p. 79.
50
إن نظرية تبعية العمل المدني للنشاط التجاري ال تنسحب على كل األعمال التي يقوم بها
التاجر ،بل تبقى مقتصرة على تلك التي تتعلق بنشاطه التجاري األصلي فكلما انتفت العالقة
والصلة بين العمل المدني الذي أتاه التاجر ونشاطه التجاري ،ظل العمل مدنيا وال يتحول أبدا
إلى عمل تجاري تبعي.
وتبقى تبعية العمل المدني للنشاط التجاري مسألة واقع يستقل قاضي الموضوع بتقديرها،
وهي ما تسمى بالقرينة القانونية قابلة إلثبات العكس التي أشارت إليها المادة .10
إن األنشطة (األعمال) التجارية التي تصبغ صفة العمل التجاري التبعي على العمل المدني
األصلي ،هي األنشطة التجارية األصلية أو بطبيعتها ،ألن هذه األخيرة تصبغ على القائم بها
صفة تاجر ،الشرط األول لتحقق التبعية .إن األعمال التجارية الشكلية ال تصبغ على القائم بها
صفة تاجر ،وبذلك فإن العمل المدني الذي يتحول إلى عمل تجاري تبعي هو الذي يرتبط
بالنشاط التجاري بطبيعته (أو األنشطة التجارية).
الفقرة الثانية :تطبيقات نظرية التبعية
يتسع نطاق نظرية األعمال التجارية التبعية ،ذلك أن هذه األخيرة تشمل جميع التزامات
التاجر العقدية منها (أوال) ،أو غير العقدية (ثانيا).
تحكم العقود التي يبرمها التاجر قاعدة تالزمية هذه العقود لنشاطه التجاري.
إن جميع العقود التي يبرمها التاجر لحاجيات نشاطه التجاري تعتبر مبدئيا أعماال تجارية
بالتبعية ،شراء أثاث ،ناقالت ،عقود كراء ،عقود تأمين ،حوالة الديون بين تاجرين ،فتح حساب
جاري...
إن الغاية والهدف من هذه العقود هو المحدد لخضوع هذه العقود (األعمال) لنظرية التبعية
من عدمه .فإذا كان عقد الوساطة بغير عوض ،يحفظ طابعه المدني ،فإنه يمكن أن يتحول إلى
عمل تجاري تبعي متى قام تاجر بضمان زبون له على أساس االحتفاظ بهذا األخير .ففي مثل
51
هذه الحاالت تبقى السلطة التقديرية للقاضي في إخضاع مثل هذه التصرفات لألحكام التجارية
أو استبعادها.
تخضع اإلتزامات غير التعاقدية لنظرية العمل التجاري التبعي إذا ما قام بها التاجر بمناسبة
نشاطه التجاري وهذا ما أكده الفصل ،10تعتبر تجارية كذلك "الوقائع واألعمال."...
لعل الصياغة الحالية وان كانت فضفاضة ،فإنها ال تخرج عن مدلول ومضمون "االلتزامات"
الواردة في الفصل 7من القانون القديم.
يكون التزام التاجر تجاريا بالتبعية عن التعويض عن العمل غير المشروع الصادر منه
شخصيا كتقليد عالمة أو القيام بالمنافسة غير المشروعة ،وعن فعل الغير في إطار عالقة التابع
بالمتبوع ،أو عن أشياء وحيوانات تحت حراسته ألحقت أض ار ار بالغير .ويشترط طبعا لتحقق
التبعية في هذه األعمال والوقائع عالقتها بالنشاط التجاري للتاجر.
وتسري نظرية التبعية في األخير على األعمال والوقائع التي يكون مصدرها اإلثراء بال
سبب متى كانت ناشئة عن مزاولة النشاط التجاري ،كما في حالة رد التاجر ما كان غير
مستحق.1
املطلب الرابع :العامل التجارية اخملتلطة
ال تشكل األعمال التجارية المختلطة نوعا جديدا من األعمال التجارية ،ولكنها نفس
األعمال التجارية التي سبقت دراستها .وهي تكتسي صبغة العمل المختلط عندما تكون ذات
طبيعة مزدوجة ،صبغة تجارية بالنسبة ألحد األطراف وصبغة مدنية بالنسبة للطرف اآلخر.
بمعنى آخر ،فإن العمل التجاري المختلط هو العمل الذي يقوم به التاجر بمناسبة عمله التجاري
ويكون طرفه اآلخر شخصا غير تاجر .وتشمل األعمال التجارية المختلطة العديد من العمليات
وتثير الطبيعة المزدوجة لألعمال المختلطة إشكاال مهما يتعلق بتحديد النظام القانوني الذي
ستخضع له هذه األعمال ،بمعنى هل سيتم اعتبارها من قبيل األعمال التجارية ،أم أنه ينبغي
اعتبارها أعماال مدنية؟
في غياب نصوص تشريعية صريحة ،كانت القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء هي
إخضاع األعمال المختلطة لنظام قانوني مزدوج مؤداه تطبيق قواعد القانون التجاري على
الطرف الذي يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه وقواعد القانون المدني على الطرف الذي يعتبر
العمل مدنيا بالنسبة إليه) .(1وقد كرست مدونة التجارة الجديدة هذا الحل ،وهذا ما يستنتج من
خالل نص المادة الرابعة التي جاء فيها ":إذا كان العمل تجاريا بالنسبة ألحد المتعاقدين ومدنيا
بالنسبة للمتعاقد اآلخر طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة
إليه تجاريا ،وال يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا ،ما لم ينص
مقتضى خاص على خالف ذلك" .لكن مع ذلك يالحظ وجود بعض الحاالت التي يستحيل أو
يصعب فيها تطبيق نظام مزدوج على األعمال المختلطة وهنا يتم العمل بنظام موحد.
الفقرة الوىل :النظام القانوين املزدوج للعامل اخملتلطة
مبدئيا فإن العمل التجاري المختلط يخضع للنظام القانوني المدني بالنسبة للطرف المدني،
ويخضع في نفس الوقت للنظام القانوني التجاري بالنسبة للطرف الذي يعتبر العمل تجاريا
بالنسبة له( .)2ويتم تطبيق النظام القانوني المزدوج لألعمال المختلطة في عدة مجاالت(،)3
نكتفي من بينها بالتركيز على االختصاص القضائي وقواعد اإلثبات.
1
محمد لفروجي ،م .س ،ص.369 .
2علي البارودي ،م .س ،ص.83 .
3
من ذلك مثال مبدأ افتراض التضامن بين المدينين ،الذي ال يسري إال بالنسبة للطرف الذي يكون العمل تجاريا بالنسبة إليه.
53
القاعدة أن اختصاص النظر في النزاعات المتعلقة باألعمال المختلطة يتحدد على ضوء
صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه .فإذا كان المدعى عليه تاج ار فإن المدعي غير التاجر يرفع
دعواه أمام المحاكم التجارية ،والعكس صحيح .لكن العمل استقر في فرنسا على أن المدعي
غير التاجر له الخيار بين أن يرفع دعواه أمام المحاكم العادية أو أمام المحكمة التجارية .في
حين أن التاجر ال يمكن أن يرفع دعواه ضد غير التاجر إال أمام المحاكم العادية( )1وهذا الحل
هو الذي يأخذ به القضاء المغربي(.)2
بيد أنه يمكن للتاجر وغير التاجر االتفاق على إسناد النظر في النزاع الذي قد ينشأ بينهما
بسبب عمل من أعمال التاجر للمحكمة التجارية(.)3
من خالل نص المادة الرابعة من مدونة التجارة ،نستنتج أنه يجوز للشخص غير التاجر أن
ي ثبت العمل أو التصرف في مواجهة التاجر بجميع وسائل اإلثبات ،مستفيدا في ذلك من مبدأ
حرية اإلثبات المقرر في المواد التجارية .أما التاجر ،فإنه ال يستطيع إثبات التصرف في مواجهة
غير التاجر إال باتباع قواعد اإلثبات المدنية( ،)4أي أنه يتعين اإلثبات بالكتابة إذا زادت قيمة
التصرف عن عشرة آالف درهم .وهذا االختالف في استعمال وسائل اإلثبات هو في الحقيقة
مقرر لصالح الطرف المدني( ،)5ألن حرية اإلثبات المقررة في الميدان التجاري تجد تبريرها في
الكيفية التي تعود التجار القيام بعملياتهم من خاللها ،لذلك ال يمكن إعمال هذا المبدأ في مواجهة
غير التاجر ،ألنه غريب عن عالم التجارة وأساليبه.
يصعب أحيانا تطبيق نظام مزدوج بخصوص األعمال التجارية المختلطة ،وفي هذه الحالة
يتم تطبيق نظام موحد ومن بين األمثلة على ذلك ما يتعلق بنظام التقادم ،وقد جاءت المادة
الخامسة من مدونة التجارة لتؤكد هذا التوحيد ،إذ نصت على أنه ":تتقادم االلتزامات الناشئة
بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار ،بمضي خمس سنوات ،ما لم توجد
مقتضيات خاصة مخالفة" .ويالحظ من خالل نص هذه المادة أن التقادم المقرر في خمس
سنوات يشمل حتى االلتزامات التي تنشأ بمناسبة عمل تجاري بين التجار وغير التجار ،أي
االلتزامات التي تنشأ بمناسبة عمل تجاري مختلط ،وذلك بغض النظر عن صفة المدعي أو
المدعى عليه .وال شك أن الحكمة من ذلك تتمثل في تحفيز غير التجار على المسارعة باقتضاء
حقوقهم من التجار الذين يتعاملون معهم ،وذلك للحيلولة دون تراكم الديون التجارية ،الشيء الذي
قد يؤدي إلى عجز التجار عن الوفاء بها.
بالمقابل ،نالحظ أن النظام القانوني لألعمال المختلطة يكون أحيانا موحدا ،لكن على
أساس تطبيق القواعد المقررة في الميدان المدني ،وهو الشأن بالنسبة إلمكانية التعيين المسبق
لمحكم أو محكمين للفصل في النزاع الذي قد يحدث بين المتعاقدين .فهذه اإلمكانية غير مسموح
بها في مجال االتفاقيات التي قد تتم بمناسبة األعمال التجارية المختلطة .ويجد هذا المقتضى
تفسيره في الرغبة في توفير الحماية للمستهلكين ،الذين قد يجهلون األبعاد الحقيقية لمثل هذا
الشرط.2
إن هذا األخير يستمد هذه الصفة من مزاولته لألنشطة التجارية(المبحث األول)،وقد رتب
القانون في مقابل اكتساب التاجر لهذه الصفة ،التزامات معينة عرفت في ظل مدونة التجارة
تعديالت هامة (المبحث الثاني).
تتصدر األهلية التجارية أولى شروط اكتساب صفة تاجر .إن األهلية التجارية ال تثبت إال
لمن توفرت فيه أوال األهلية القانونية المدنية عموما.
هكذا يشترط في التاجر أن يكون بالغا سن الرشد القانوني ،وهي 18سنة شمسية كاملة،
وخالية من عوارض األهلية ،دونما تمييز كون التاجر رجال أو امرأة ،ودونما تمييز بين المرأة
56
المتزوجة أو غير المتزوجة .وقد عرف المغرب تعديالت هامة فيما يخص السن القانوني المحدد
لألهلية القانونية ،فمن سن 21سنة إلى 20سنة لنصل اآلن إلى 18سنة.
وال يجوز للقاصر الذي لم يبلغ سن الرشد أن يمارس التجارة بنفسه .ويعتبر في حكم
القاصر من بلغ 12سنة ،وكذلك من بلغ سن الرشد والمصاب بعارض السفه.
وتخضع األعمال التجارية التي يأتيها ويقوم بها القاصر لنفس آثار وأحكام التصرفات
المالية العامة التي نظمها قانون اإللتزامات والعقود من خالل الفصول 4و 5و.6
لقد سمح القانون للقاصر ناقص األهلية ممارسة األنشطة التجارية وفقا لشروط قانونية
محددة.
وقد سمحت مدونة األسرة للقاصر ممارسة أنشطة تجارية ،في حالة ترشيده من قبل
المحكمة وبناء على طلب بذلك.
وال يمكن ترشيد القاصر طبقا ألحكام مدونة األسرة ،إال إذا بلغ سن السادس عشرة من
العمر (الفقرة الثالثة من المادة 218من مدونة األسرة).
وال يكفي القاصر لممارسة النشاط التجاري الترشيد ،بل البد من تقييد ذلك في السجل
التجاري واشهاره.
ويعتبر القاصر المرشد كامل األهلية التجارية فيما أذن له به .واذا كانت المدونة لم تفصح
عن ذلك بصراحة ،فليس هناك ما يثير تخوفات سواء فيما يخص الدائنين أو مصالح القاصر.
إن التخوف الذي طالما كان يثار في هذا الصدد كان يتعلق بانعكاس اكتساب القاصر صفة
تاجر فيما يخص اإلفالس وامكانية الرجوع على كل أموال القاصر من قبل الدائنين.
وتهدف القواعد اإلجرائية التي اشترطها الفصل 13حماية المتعاملين مع القاصر وتنبيههم
إلى وضعيته خصوصا وأن الهدف من إعطاء القاصر اإلذن أو ترشيده إنما يسير في اتجاه
إدخال القاصر حلبة المعامالت المالية وتحفيزه الستقبال أمواله عند بلوغه سن الرشد في
57
الظروف العادية .وليس هناك شك حول اكتساب القاصر المرشد صفة تاجر بممارسته لألنشطة
التجارية رغم عدم صراحة النصوص في هذا المجال.1
وال تفوتنا اإلشارة –ونحن نتحدث عن األهلية التجارية للقاصر في التشريع التجاري
المغربي -إلى ما تضمنته المدونة التجارية من تجديدات هامة تسير في إطار عصرنة وتدويل
القواعد التجارية ،فاألجنبي الذي يشترط قانون جنسيته سنا أعلى من السن الذي يتطلبه القانون
المغربي ( 18سنة) ،يعتبر حسب المادة 15كامل األهلية في المغرب ،وبالمقابل اشترط القانون
التجاري من خالل المادة 16ضرورة توفر القاصر األجنبي على اإلذن من رئيس المحكمة ،ولو
كان قانونه الوطني يعتبره كامل األهلية – أي أن كمال األهلية بالنظر إلى قانون بلده يجعله
قاص ار طبقا للقانون المغربي إذا لم يكن قد بلغ 18سنة.
الفقرة الثانية :غياب موانع ممارسة النشطة التجارية
ال يكفي الشخص التوفر على األهلية لممارسة األنشطة التجارية ،بل البد أن تكون
ممارسته لتلك األنشطة ممكنة .فقد تحول عوامل عدة تمنع الشخص من ممارسة أنشطة تجارية.
وترجع هذه الموانع إما ألسباب تتعلق بشخص القائم بالنشاط أو لصدور حكم قضائي يمنعه من
ذلك أو ألسباب تعود لطبيعة النشاط التجاري.
تقوم الحرفة األصلية للشخص في بعض الحاالت عائقا أمام ممارسته ألي نشاط تجاري.
فنجد النظام األساسي للوظيفة العمومية يمنع على الموظفين مزاولة أنشطة تجارية ،ونفس المنع
قد نجده في الكثير من األنظمة السياسية للعديد من المهن الحرة كالمحاماة ،والهندسة والطب...
ويتم تبرير هذا المنع بضرورة اإلخالص للعمل األصلي الذي ال يتماشى مع النشاط
التجاري القائم على المضاربة ،كما يبرر المنع في جانب آخر بحماية األغيار المتعاملين مع
صاحب هذه المهنة أو الوطنية.
1
:محمد اطويف ،الوجيز في شرح القانون التجاري ،مطبعة األمنية الرباط ،الطبعة األولى ،2016ص.132 ،
58
ثانيا :حاالت اشتراط اإلذن والتصريح
تعمل الدولة العتبارات أمنية واقتصادية وايضا اجتماعية إلى منع بعض األنشطة التجارية.
وتشترط لمزاولتها الحصول على درجة علمية (الصيدلية) أو على تصريح بذلك .ويمكن أن يمس
المنع المواطنين واألجانب على حد سواء.
ونالحظ أن هناك الكثير من األنشطة التجارية ال يسمح بممارستها إال بالحصول على إذن
بذلك ،كالمطاحن ،تصاريح النقل ،المواد الكحولية ،الغاز ،صناعة األسلحة ،المطاعم ...وقد
يكون المنع في بعض األحيان راجعا إلى احتكار الدولة ألنشطة معينة كاحتكار استخراج
الفوسفاط أو الكهرباء ...ولكننا نالحظ بداية اضمحالل احتكار الدولة للكثير من األنشطة أمام
نهج سياسة الخوصصة.
ثالثا :حاالت المنع الناتجة عن حكم قضائي )حاالت سقوط األهلية التجارية (
يتعرض الشخص لسحب األهلية التجارية منه بناء على حكم أو قرار قضائي .وقد عرف
سقوط األهلية تطو ار هاما في المغرب على المستوى القانوني ،عكس ما كان سائدا على عهد
قانون اإلفالس.
ويستطيع الشخص طلب رد االعتبار بمقتضى مقرر للمحكمة قبل انتهاء مدة المنع طبقا
للمادة 720من المدونة .كما أن هذا المنع قد يرتفع بقوة القانون طبقا للمادة 719بانتهاء مدة
المنع والتي قد تصل إلى خمس سنوات.
وباإلضافة إلى حاالت السقوط التي تضمنها نظام معالجة صعوبات المقاولة ،نجد
مقتضيات قانونية متفرقة تنظم السقوط كبعض المقتضيات الجنائية التي تهم خيانة األمانة،
النصب....
59
املطلب الثاين :املامرسة الاعتيادية أو الاحرتافية للنشاط التجاري
يكتسب الشخص صفة تاجر بـ "الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية" حسب
الفصل 6من المدونة .وكان الفصل األول من ظهير 1913بمثابة القانون التجاري القديم يشير
إلى ":كل من زاول األعمال التجارية واتخذها مهنة معتادة له فهو تاجر".
لقد كان الفقه المغربي تأث ار منه بالفقه والقضاء الفرنسيين ،يعتبر ممارسة األعمال التجارية
بشكل احترافي يكسب القائم به صفة تاجر ،عكس الممارسة االعتيادية لألعمال التجارية التي ال
تخول صفة تاجر للقائم بها .إن هذا االتجاه كانت تمليه صياغة ،بل وربما تصور المشرع لفئة
العاملين في الحقل التجاري .لكن برجوعنا إلى المادة 6من المدونة ،فإن األمر لم يعد كما كان
في الماضي ،إذ تشير المادة إلى الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية.
إن االحتراف يعني تكرار األعمال بصورة وبشكل مستمر بحيث يعتبر العمل المورد
األساسي لعيش القائم به .أما االعتياد في ممارسة األنشطة التجارية ،فيعني تكرار العمل من
وقت آلخر ،حيث تعتبر ممارسة هذه األنشطة أحد العناصر التي تشكل مصدر عيش القائم
1
به.
هكذا فالممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية هي التي تضفي على القائم بها
صفة تاجر .إن هذا الطرح أو التصور القانوني سيسمح بتوسيع دائرة التجار بالمغرب.
إن ركن االعتياد أو االحتراف الذي نتحدث عنه يجب أن ينصب على األنشطة التجارية
األصلية (بطبيعتها) .إن األعمال التجارية التبعية ال تكسب صفة تاجر ،ألن هذه األعمال تستمد
تكييفها القانوني من التاجر ،وكذلك األعمال التجارية الشكلية ال تكسب صفة تاجر ،ألن هذه
األعمال اعتبرها المشرع تجارية بنص القانون وبغض النظر عن القائم بها.
إن الممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التجارية ال تمنع التاجر من مزاولة أنشطة
أخرى غير تجارية كالزراعة والمهن الحرة ،الوظيفة العمومية ...واذا صادف أن مارس موظف
واذا مارس أحد األشخاص نشاطا تجاريا بشكل مستتر بأن جعل شخصا آخر يمارس بدله،
كالموظف ،والزوج مع زوجته ...فإننا نحتكم في هذا الصدد إلى نظرية "المظهر الخادع يحمي
المخدوع" ونظرية "الظاهر".2
وبناء على هذه الثوابت النظرية في الحقل التجاري ،فإن المتعاملين مع التاجر الظاهر
يمكنهم االعتداد بواقع األمر والرجوع على هذا األخير ،أو على التاجر المستتر ألن العمل تم
لحسابه .إنه على الرغم من غياب نص صريح في القانون المغربي لحل هذه المسألة فإن حماية
المتعاملين واستقرار المعامالت تقتضي اعتبار الشخص الظاهر تاج ار والشخص المستتر تاج ار
أيضا.
املطلب الثالث :الاس تقاللية يف ممارسة النشاط التجاري
يقتضي شرط االستقاللية ممارسة التاجر لنشاطه التجاري باسمه ولحسابه الخاص .ويعمل
هذا الشرط على تزكية الثقة واالئتمان أساس النشاط التجاري ،إذ من خالله يتحمل التاجر
مسؤولياته التجارية .هكذا ال يعتبر تاج ار المسير المأجور لألصول التجارية ومديرو ومسيرو
شركات المساهمة وشركات المسؤولية المحدودة ،وممثلو المحالت التجارية إذا كانوا ال يعملون
لحسابهم الخاص وفق نظام النسب المئوية...
واذا كنا نالحظ أهمية هذا الشرط الكتساب صفة تاجر ،فإن التطورات التي ما فتئت تعرفها
الممارسة التجارية ،جعلت بعض التشكك واالهتزاز يهدد شرط االستقاللية في ممارسة النشاط
التجاري .ولعل أوضح مثال على ذلك عقود التسيير الحر لمحطات البنزين ،أو عقود االمتياز،
حيث يتقيد المسير الحر في مثالنا األول وصاحب االمتياز في المثال الثاني بتعليمات المحطة
1فهو يعتبر تاج ار طبقا للقانون التجاري ،لكنه سيخضع لجزاءات قانون الوظيفة العمومية.
:2عبد الرحيم شميعة ،مرجع سابق ،ص .80
61
مكرية األصل التجاري والشركة األم مما يضعف المغامرة بل ويعدمها في مثل هذه األنشطة
التجارية ،وهي من أهم خصائص العمل التجاري.1
تتمثل هذه االلتزامات في التزام أساسي هو الشهر في السجل التجاري وسنخصص له
المطلب األول ،وتلحق به التزامات أخرى سنخصص لها المطلب الثاني.
املطلب الول :الشهر يف السجل التجاري
لقد عرف التشريع المغربي مؤسسة السجل التجاري قبل التشريع الفرنسي نفسه وذلك من
خالل الفصول من 19إلى 27من مدونة القانون التجاري لـ 12غشت .1913وقد انضافت
إلى ذلك المقتضيات الواردة في ظهير فاتح شتنبر 1926الذي قرر إجبارية تسجيل التجار
والشركات التجارية في السجل التجاري ،وكذلك مقتضيات ظهير 7مايو 1927المتمم للظهير
أعاله الذي قرر إجبارية تسجيل التجار والشركات التجارية في السجل التجاري.
وبقي هذا الرصيد التشريعي الموروث عن عهد الحماية الفرنسية معموال به حتى وقتنا
الراهن إلى حين صدور مدونة التجارة الحالية .هذه األخيرة التي خصصت للشهر في السجل
التجاري كل الباب الثاني بالقسم الرابع من الكتاب األول المتعلق بالتاجر وذلك في المواد من
27إلى 78أي 52مادة تدل على االهتمام الذي أصبح يوليه المشرع لهذه المؤسسة والرهانات
المستقبلية التي يعلقها عليها .خاصة إذا علمنا أن لموضوع السجل التجاري عالقة بكل جوانب
وينضاف إلى المواد من 27إلى 78من مدونة التجارة ،أحكام المرسوم التطبيقي الصادر
في 18يناير 1997والذي ألغى مقتضيات ظهير فاتح شتنبر 1926المتعلق بإجبارية تسجيل
التجار والشركات التجارية في السجل التجاري .وكذلك أحكام قرار وزير العدل رقم 106 -97
الصادر بتاريخ 18يناير 1997القاضي بتحديد استمارات التصريح بالتقييد في السجل التجاري
وتحديد قائمة العقود واألوراق المثبتة المشفوع بها التصريح المذكور(.)2
ننتقل بعد هذا الجرد التشريعي ،إلى التطرق لموضوع الشهر في السجل التجاري وذلك في
الفقرات األربع اآلتية:
الفقرة الوىل :وظائف السجل التجاري
يلعب السجل التجاري وظائف متعددة ،إال أن أهمها يكمن في الوظائف األربع التالية:
يشكل السجل التجاري موسوعة تجارية تشمل بيانات مفصلة عن النشاط التجاري الذي
يباشره كل تاجر أو شركة تجارية ،حيث توضع هذه المعلومات رهن إشارة كل من يهمه األمر
الذي يمكنه أن يحصل على مستخرج منها من لدن كتابة ضبط المحكمة االبتدائية .وهذه
المعلومات تتعلق باألسماء الشخصية والعائلية واللقب ومكان ازدياد التاجر وجنسيته ،واإلذن
بمزاولة التجارة إذا تعلق األمر بقاصر ،والغرض التجاري ،والفروع والوكاالت والعالمة والعنوان
التجاري ،ونظام الزواج وكذا حقوق الملكية وبراءة االختراع ،واألصل التجاري وكل التعديالت
والتغييرات التي تط أر عليها.
1
تجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد قرر بعض وسائل اإلشهار الخرى التي تعد إلزامية كاإلشهار في سجالت
االحتجاجات المتعلقة باألوراق التجارية (المادة 212من مدونة التجارة بخصوص الكمبيالة) والمادة 300من نفس المدونة
بخصوص الشيك) وسجل إشهار عمليات التمويل بالكراء (المادة 436من مدونة التجارة) وسجل رهونات األصل التجاري
وكذلك رهن أدوات ومعدات التجهيز (المادة 381من مدونة التجارة).
2
منشور بالجريدة الرسمية عدد 4449بتاريخ 20يناير ،1997ص.155 -135 .
63
ثانيا :الوظيفة اإلحصائية
حيث يقدم السجل التجاري إحصاء شامال عن عدد التجار والشركات والمحالت التجارية
والفروع والوكاالت األجنبية والوطنية وأغراضها وأنواعها ورأس المال الرائج الوطني واألجنبي.
وتكمن هذه الوظيفة في أن السجل التجاري يعطي للدولة بيانات إحصائية تمكنها من تسيير
اقتصادها الوطني وتوجيهه الوجهة الصحيحة ،حتى تستطيع في نهاية المطاف تركيز
مشروعاتها وتخطيطاتها على بيانات دقيقة وسليمة.
وتعتبر أهم وظيفة يقوم بها السجل التجاري ،حيث أن المشرع المغربي وان جعل من القيد
في السجل التجاري مجرد قرينة بسيطة وقابلة إلثبات العكس على أن الشخص تاجر ،وأن له
فقط اثر عالنية واشهار دون أي أثر منشئ .فإنه يؤدي على الرغم من ذلك وظائف قانونية
عدة ،من ذلك أن هذا السجل قد يرتب اآلثار اإلنشائية لحماية الحق في استعمال االسم أو
العنوان ،كما يفترض علم الناس كافة بالبيانات المسجلة بمجرد اتخاذ إجراءات إيداع تلك
البيانات لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة وتسجيلها وشهرها ،حيث يستطيع الشخص
المسجل إذاك أن يحتج بالبيانات المقيدة فيه في مواجهة الغير أما البيانات التي لم تسجل ،فال
يستطيع االحتجاج بها أمام الغير الذي يمكنه إثباتها بكافة وسائل اإلثبات.
الفقرة الثانية :تنظمي السجل التجاري
لقد حاول المشرع المغربي في مدونة التجارة جمع المقتضيات القانونية المتعلقة بالسجل
التجاري المركزي والسجل التجاري المحلي.
64
1
أوال :السجل التجاري المركزي
ويمسك من طرف اإلدارة ،نقصد بذلك المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية طبقا
لمقتضيات المادة الثالثة من القانون رقم 13 -99يقضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية
الصناعية والتجارية ،ويعد عموميا ،غير أن اإلطالع عليه ال يمكن أن يتم إال بحضور المأمور
المكلف بمسكه(.)2
ويرمي السجل التجاري المركزي حسب المقتضيات القانونية الجديدة إلى ما يلي:
-تسليم الشهادات المتعلقة بتقييد أسماء التجار والتسميات التجارية والشعارات وكذا
الشهادات والنسخ المتعلقة بالتقييدات األخرى المسجلة فيه ،أو ما يصطلح على تسميته بالشهادة
السلبية3وفي هذا السياق تنص المادة 74من مدونة التجارة على مايلي:
"ال يمكن إجراء تقييد في السجل التجاري لكل اسم أو عنوان تجاري ،أو تسمية تجارية أو
شعار لم يقم المستفيد منه بتقييده في السجل التجاري خالل سنة ابتداء من تاريخ تسليمه الشهادة
السلبية من طرف مصلحة السجل التجاري المركزي".
: 1المهدي شبو :الدليل العملي في السجل التجاري ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2009ص .19
2تجدر اإلشارة هنا إلى دور اإلعالميات في مجال تقريب المعلومات إلى المعنيين باإلطالع عليها .كما تجدر اإلشارة أيضا إلى
أن مبدأ المجانية لم يعد معموال به ،بل اصبحت مثل هذه الخدمات يؤدى عنها المقابل حسب تعرفة محددة من قبل اإلدارة
المعنية.
أنظر بهذا الخصوص قرار مشترك لوزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية ووزير المالية واالستثمارات صادر بتاريخ 4
شتنبر 1996بتغيير وتتميم قائمة الخدمات المقدمة من قبل الوزارة المكلفة بالتجارة فيما يتعلق بالسجل التجاري المركزي.
ج .ر عدد 4418بتاريخ 3أكتوبر ،1996ص.2259 -2258 .
3
تجدر اإلشارة إلى أنه في إطار الالمركزية وتقريب اإلدارة من المواطنين ،فلم يعد أمر طلب هذه الشهادة متمرك از على مدينة
الدار البيضاء وحدها كما كان األمر في السابق ،بل لقد وضعت رهن إشارة طالبيها 29مندوبية للتجارة الداخلية متواجدة بـ
29عمالة واقليم منتشرة في مختلف أرجاء المملكة.
ويعد هذا من ثمار ميثاق االستثمارات الجديد بالمغرب والذي ينص في باب التدابير اإلدارية وخاصة في المادة 22على
تخفيف لإلجراءات اإلدارية.
65
-نشر مجموعة في بداية كل سنة ،تضم معلومات عن أسماء التجار والتسميات التجارية
والشعارات التي أرسلت إليه .ويجب أن تضمن في السجل التجاري المركزي فورا ،البيانات التي
أرسلت إ ليه من طرف كاتب الضبط مع اإلشارة إلى السجل التجاري المحلي الذي تم به تسجيل
التاجر أو الشركة التجارية.
ويحظى التضمين بالحماية إما في مجموع تراب المملكة إذا طلبها ذوو المصلحة ،واما في
1
الناحية أو الدائرة القضائية التي تعين خصيصا من قبلهم.
غير أنه إذا كان يهدف من إيداع اسم التاجر أو تسمية تجارية إلى استخدامه كعالمة في
الوقت نفسه ،يجب لحماية هذه العالمة أن يتم اإليداع طبقا للتشريع المتعلق بالعالمات :أقصد
بذلك اإليداع لدى مكتب الملكية الصناعية والتجارية المنظم بالقانون رقم 13 -99أعاله(.)2
3
ثانيا :السجل التجاري المحلي
يعرف السجل التجاري المحلي بأنه أداة رسمية أو مؤسسة إدارية ،تمسكها وتنظمها في
المغرب كتابة ضبط المحكمة التجارية ،تقيد فيها التجار والشركات التجارية والبيانات المتعلقة
بهم قصد إطالع الغير على أحوالهم الشخصية والتجارية .فهذا السجل ما هو في الواقع سوى
مجموعة من الملفات المتالئمة مع البطاقات اإلجمالية .حيث يحوز كل تاجر فرد أو شخص
معنوي مسجل بالسجل التجاري لملف تجمع فيه كل العقود وكل البيانات المتوالية التي تهمه.
ومن جهة أخرى ،فإن سجال عاما مرتب زمنيا يرسم مجموع التصريحات المحصل عليها
من لدن كاتب الضبط تبعا لتاريخها .كما يلخص سجل آخر بطريقة أبجدية مجموعة أسماء
األشخاص المسجلين بالسجل التجاري.
وتمكن كل شخص من الحصول على نسخة أو مستخرج مشهود بصحته للتقييدات التي
يتضمنها السجل التجاري أو شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب
واذا تتبعنا المراحل التي مر منها السجل التجاري منذ عهوده األولى حتى وقتنا الراهن،
نالحظ أن هذا السجل كان سابقا مجرد موسوعة إدارية ال تنتج أية آثار قانونية كما هو الشأن
بالنسبة لقانون 18مارس 1919الفرنسي ،حيث أن القيد أو عدم القيد وكذلك وجود أو انعدام
بيان من البيانات لم تكن تترتب عنه أية نتائج.
إال أنه في مرحلة ثانية أصبح القيد في السجل التجاري أم ار إلزاميا لكي يصبح تصرف أو
واقعة معينة نافذة تجاه الغير (ظهير فاتح شتنبر 1926الذي قرر إجبارية تسجيل التجار
والشركات التجارية في السجل التجاري).
وأخي ار يالحظ أنه في العديد من الحاالت ،فإن كثي ار من إجراءات القيد في السجل التجاري
أصبحت تؤدي إلى إنشاء الحق ذاته وليس فقط مجرد االحتجاج به تجاه الغير.
وبصفة عامة ،فإن هناك مفهومان مختلفان يحكمان السجل التجاري في كل الدول:
-فالسجل التجاري يمكن أن يكون مجرد موسوعة إدارية تعطي لألغيار بعض المعلومات
المجردة من أية نتائج قانونية مضبوطة.
-وفي المقابل ،يمكن أن يكون وثيقة منشئة للحق ،كما هو الشأن بالنسبة للقانون األلماني.
حيث أن القيد في السجل التجاري يعتبر قرينة قاطعة على أن الشخص المسجل تاجر وغير
قابلة إلثبات العكس.
ويالحظ أن كال من التشريع الفرنسي ومثيله المغربي الحالي يحتالن مرتبة وسطا بين كال
هذين المفهومين .فباإلضافة إلى الدور اإلشهاري المخول له ،فإن السجل التجاري يؤدي وظيفة
67
أخرى هامة سواء بالنسبة لألشخاص الطبيعيين أو المعنويين( )1أو بالنسبة لبعض العمليات
التجارية.
وعليه فيعتبر القيد في السجل التجاري في التشريع المغربي أم ار إلزاميا بالنسبة لجميع
التجار والشركات التجارية ،وال يستثنى من ذلك إال صغار التجار الذين يعفون من هذا االلتزام.
إال أن التشريع المغربي لم يجعل من القيد رغم إلزاميته سببا الكتساب صفة التاجر ،بل إن ذلك
القيد يعتبر مجرد قرينة بسيطة على أن الشخص تاجر وقابلة إلثبات العكس 2.وهذا ما استقر
عليه اجتهاد محكمة االستئناف بالدار البيضاء بخصوص تسجيل األصل التجاري بالسجل
التجاري ،حيث ال يعتبر حجة قاطعة في مواجهة الغير ،بل مجرد بسيطة قابلة إلثبات العكس
عمال بمقتضيات ظهير 1927/5/7الخاص بمؤسسة السجل التجاري(.)3
السجل التجاري اإللكتروني ،سجل تمسك من خالله السجالت التجارية المحلية والسجل
التجاري المركزي وذلك عبر المنصة اإللكترونية المحدثة بموجب القانون رقم 88.17المتعلق
بإحداث المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها.
وتتم التقييدات في السجل التجاري اإللكتروني عبر المنصة اإللكترونية إلحداث المقاوالت
بطريقة إلكترونية ومواكبتها ،وكل تقييد يجب أن يتم بطريقة إلكترونية من خالل النافذة
المخصصة في المنصة اإللكترونية لكتابة الضبط بالمحكمة التي يقع بدائرة نفوذها المركز
الرئيسي للتاجر أو المقر اإلجتماعي للشركة.
والسجل المركزي عمومي يتم اإلطالع عليه من خالل المنصة اإللكترونية إلحداث
المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها.
1
تجدر اإلشارة إلى أن ميالد الشخصية المعنوية لكل الشركات باستثناء شركات المحاصة وفقا لإلصالحات التشريعية الحديثة
بالمغرب ،أصبح معلقا على ضرورة القيد في السجل التجاري وابتداء من تاريخ هذا التسجيل.
: 2عز الدين بنستي ،مرجع سابق ،ص 224
3ملف عدد 91/1717صادر بتاريخ ،1991/07/19منشور بمجلة المحاكم المغربية ،عدد ،74ص.105 -101 .
4
ظهير شريف رقم 1.18.110صادر في 2019/01/09بتنفيذ القانون رقم 89.17بتغيير وتتميم القانون 15.95المتعلق بمدونة
التجارة ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6745بتاريخ ،2019/1/21ص 142 .وما بعدها.
68
وال يجوز تسجيل التاجر بالسجل التجاري اإللكتروني إال بناء على طلب أو طلب وكيله
الذي يتوفر على وكالة كتابية ترفق وجوبا بهذا الطلب.
املطلب الثاين :الالزتام مبسك احملاس بة واحملافظة عىل املراسالت
أوجبت المادة 19من مدونة التجارة على كل تاجر أن يمسك محاسبة طبقا ألحكام القانون
رقم 9.88المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها .كما أوجبت المادة 26
من نفس المدونة أن ترتب وتحفظ أصول المراسالت الواردة ونسخ المراسالت الصادرة مدة عشر
سنوات ابتداء من تاريخها.
ويعتبر مسك المحاسبة مفيدا من عدة نواحي ،فهو يمكن التاجر من التعرف باستمرار على
مركزه المالي والوضع الذي توجد عليه تجارته .كما يمنح للتاجر وللمتعاملين معه وسيلة فعالة
للتغلب على مشكلة إثبات المعامالت التجارية .هذا فضال عن أنه يمنح للسلطات العمومية
وسيلة فعالة لمراقبة التجارة ومعرفة مدى سالمة العمليات التجارية .ومن بين كل هذه العناصر
سنقتصر في دراستنا على دور الوثائق المحاسبية في اإلثبات (الفقرة الثانية) لكن قبل ذلك يبقى
من الضروري التعرف على التنظيم القانوني للمحاسبة المفروضة على التجار (الفقرة األولى).
الفقرة الوىل :التنظمي القانوين للمحاس بة املفروضة عىل التجار
لقد قام المشرع المغربي بتحديد أنواع الوثائق المحاسبية الواجب على التجار مسكها (أوال)
وقام ببيان الطريقة التي يتعين أن يتم بها مسك هذه الوثائق (ثانيا).
تمسك المحاسبة بواسطة مجموعة من الوثائق هي الدفاتر المحاسبية ،والقوائم التركيبية .كما
يلزم القانون التجار بالحفاظ على المراسالت.
:1الدفاتر المحاسبية
من أهم الدفاتر المحاسبية التي ألزم المشرع المغربي التجار بمسكها ،هناك دفتر اليومية (أ)
ودفتر األستاذ (ب) ودفتر الجرد (ج).
69
أ -دفتر اليومية:
يعتبر هذا الدفتر من أهم الوثائق المحاسبية وأكثرها بيانا لحقيقة المركز المالي للتاجر ،نظ ار
لكونه يعد سجال يوميا يلزم على التاجر أن يقيد فيه عملياته التجارية عملية عملية ويوما بيوم
حسب تسلسلها ،سواء ما يتعلق منها بحركة أصول منشأته أو بخصومها ،أي أنه يلزم بتقييد
جميع ما يقوم به من عمليات متعلقة بتجارته من بيع وشراء أو اقتراض أو استالم بضائع إلخ...
وتسجل فيه وفق قائمة حسابات التاجر .والفرق بين دفتر اليومية ودفتر األستاذ هو أن
األول يتضمن كل عملية يجريها التاجر بجميع تفاصيلها ،أما الثاني فال يتضمن إال الخالصات
الناتجة عن تلك العمليات.
ألزم المشرع المغربي كل تاجر بأن يقوم عند نهاية كل دورة محاسبية بإجراء جرد شامل
يتضمن قيمة عناصر أصول المنشأة وخصومها .ويجب أن يشمل هذا الجرد كافة أموال التاجر
التي يوظفها في تجارته.
: 2القوائم التركيبية
ألزم المشرع المغربي التاجر بإعداد قوائم تركيبية سنوية عند اختتام الدورة المحاسبية،
ويكون ذلك على أساس بيانات المحاسبة والجرد المقيدة في دفتر اليومية ودفتر األستاذ ودفتر
الجرد .ويجب أن تكون هذه القوائم التركيبية صورة صادقة ألصول المنشأة وخصومها.
70
ألزمت المادة 26من مدونة التجارة كل تاجر بأن يرتب ويحفظ أصول المراسالت الواردة
ونسخ المراسالت الصادرة مدة عشر سنوات ابتداء من تاريخها .وتشمل هذه المراسالت كافة
المستندات والوثائق المتعلقة بتجارته من عقود وفاتورات وايصاالت ووثائق تأمين وشحن
والبرقيات إلخ...
لتأمين انتظام وصحة البيانات المسجلة في الوثائق المحاسبية وضع المشرع بعض القواعد
الخاصة .وهكذا يلزم قبل أي استعمال لدفتر اليومية ودفتر الجرد أن يعرضهما التاجر على
كاتب الضبط بالمحكمة التجارية التابع لها مقر المنشأة ليرقم صفحاتهما ويوقع عليهما ،وذلك
منعا ألي محاولة لتغيير الدفتر كله واصطناع دفتر آخر بدال منه .كما يلزم أن يتم التدوين في
هذين الدفترين بطريقة تسلسلية أي حسب تاريخ إجراء كل عملية ،مع عدم ترك أي بياض في
الدفتر منعا لإلضافة أو الحشو بين السطور .وفي حالة وقوع خطأ في قيد من التقييدات فيجب
تصحيحه بتقييد جديد مع اإلشارة إليه والى تاريخه تفاديا لحصول أي شك في البيانات الواردة
فيه.1
ويجب االحتفاظ بالوثائق المحاسبية لمدة عشر سنوات( ،)2لكن يمكن للتجار أن يحتفظوا
بهذه الوثائق حتى بعد مرور تلك المدة ،إال أنه إذا كان في غير مصلحة التاجر أن يدلي بها
فإنه يمكنه أن يدعي إتالفها إذا كانت قد مرت عليها مدة العشر سنوات ،ألنه بمرور هذه المدة
ال يصبح ملزما بتقديم تلك الوثائق إلى القضاء(.)3
الفقرة الثانية :جحية الواثئق احملاسبية يف االإثبات
بالنظر إلى ما تتضمنه الوثائق المحاسبية من بيانات مهمة بالنسبة للمعامالت التجارية ،فقد
قرر المشرع أن تكون لهذه الوثائق حجية معينة في اإلثبات ،إال أن هذه الحجية تختلف بحسب
استثناء من القاعدة العامة في اإلثبات ،التي تنص على أنه ال يجوز للشخص أن ينشئ
بنفسه دليال لمصلحته ،فإن المشرع يجيز للتاجر االحتجاج بما هو مضمن في وثائقه المحاسبية
في مواجهة غيره .وهذا ما يستفاد من صيغة المادة 19من مدونة التجارة التي جاء فيها ...":
إذا كانت تلك المحاسبة ممسوكة بانتظام فإنها تكون مقبولة أمام القضاء كوسيلة إثبات بين
التجار في األعمال المرتبطة بتجارتهم".
يتبين من خالل النص السابق أنه يشترط العتبار الوثائق المحاسبية حجة في هذه الحالة
توافر ثالثة شروط :فينبغي أوال أن يتعلق النزاع المعروض أمام القضاء بتاجرين ،والسبب في
ذلك أن تخويل الحق للتاجر من أجل استعمال محاسبته إلثبات ما يدعيه يعتبر امتيا از قرره له
القانون ،لذلك فهو ال يستطيع استعمال هذا االمتياز إال في مواجهة تاجر آخر يتمتع بنفس
الحقوق ،وذلك حرصا على المساواة( .)1إذ الغالب في مثل هذه الحالة أن يقدم كل من التاجرين
دفاتره من تلقاء نفسه ،بحيث تكون أمام القاضي مهمة المضاهاة والمقارنة والترجيح بين دفاتر
كل من التاجر ،إذا اختلفت البيانات المستمدة من كل منهما( ،)2أما إذا كانت متطابقة فال
إشكال.
من جهة أخرى ،يلزم العتبار الوثائق المحاسبية حجة في مثل هذه الحالة أن يتعلق األمر
بنزاع تجاري بالنسبة للخصمين .أما إذا كان العمل موضوع النزاع تجاريا بالنسبة للتاجر ماسك
الوثائق المحاسبية ومدنيا بالنسبة للتاجر اآلخر .كما هو الشأن مثال بالنسبة للحالة التي يقوم
فيها النزاع بين تاجر يرتكز نشاطه على بيع السيارات وتاجر اقتنى منه سيارة من أجل استعماله
الشخصي فال يمكن االعتماد على هذه الوثائق في اإلثبات .وأخيرا ،يلزم لالحتجاج بالوثائق
المحاسبية أن تكون هذه الوثائق ممسوكة بانتظام.
1
فؤاد معالل ،م .س ،ص.135 .
2
علي البارودي ،م .س ،ص.121 .
72
بيد أن توافر هذه الشروط ال يعني إعطاء هذه الوثائق حجية مطلقة في اإلثبات – ألنه
يمكن للمحكمة أن ترفض األخذ بما جاء في هذه الوثائق ،خاصة في حالة قيام الشك حول
صحة ما هو مدون بها أو في حالة توفر دليل آخر أقوى منها.
تنص المادة 20من مدونة التجارة على أنه ":يجوز لألغيار أن يحتجوا ضد التاجر
بمحتوى محاسبته ولو لم تكن ممسوكة بانتظام" .يتبين إذن أن األغيار يجوز لهم االحتجاج ضد
التاجر بما هو مدون في وثائقه المحاسبية ،وذلك في جميع الحاالت ومن دون شروط ،وذلك
بغض النظر عن كون الشخص الذي يحتج بها تاج ار أو غير تاجر ،وبغض النظر عن طبيعة
العمل وما إن كان مدنيا أم تجاريا .وذلك على اعتبار أن البيانات المقيدة في الوثائق المحاسبية
للتاجر تعد بمثابة اإلقرار المكتوب .واإلقرار كما هو معروف يعتبر حجة على صاحبه.
لكن رغم ذلك فإن هذه الحجة ليست قاطعة ،إذ يمكن للتاجر المعني باألمر أن يقيم الدليل
على عكس ما ورد فيها بكافة وسائل اإلثبات ،كأن يثبت مثال وقوع خطأ في التسجيل ،أو
حصول تغيير الحق على ما يتضمنه التقييد المستند إليه ،دون أن يتم تسجيل ذلك.
ونشير في األخير إلى أن استعمال الوثائق المحاسبية في اإلثبات أمام القضاء يتم إما عن
طريق التقديم( )1أو بواسطة اإلطالع( )2وذلك إما بأمر من المحكمة أو بناء على طلب أحد
األطراف.3
1
نصت المادة 23من مدونة التجارة على أن ":التقديم هو استخراج من المحاسبة للمحررات فقط التي تهم النزاع المعروض
على المحكمة".
2ورد في المادة 24من المدونة أن ":اإلطالع هو العرض الكامل للوثائق المحاسبية."...
: 3عبد الواحد حمداوي ،مرجع سابق ،ص .127
73
الباب الثاين :الصل التجاري
يعتبر األصل التجاري من أهم ما ابتدعه الفكر – الممارسة التجارية -قبل أن يتوصل إلى
تعريفه و تحديده و تنظيمه.
إن التجار غالبا ما يمارسون نشاطهم التجاري – المقصود هنا النشاط التجاري بمفهومه
القانوني و ليس االقتصادي – في إطار فردي أو جماعي .فهم إن مارسوا التجارة في إطار
جماعي ،غالبا ما ينضوون في إطار شركة – المقاولة الجماعية – و إن زاولوا نشاطهم في
إطار فردي معتمدين على إمكانياتهم الذاتية ،فإن هذه الممارسة تتم في إطار أصل تجاري،
تجتمع فيه مجموعة من العناصر المادية و المعنوية من أجل خدمة زبناء هذا األصل الذي
يوصف من الناحية االقتصادية بالمقاولة الفردية.
لقد اهتدى التجار الفرنسيون إلى إيجاد و خلق فكرة األصل التجاري في معامالتهم التجارية
من أجل تحقيق هدفين :استعماله و استغالله كأداة للحصول على القروضفي إطار الرهن ،ثم
تنظيم المنافسة بين التجار الذين يعملون في نوع معين من التجارة.
ولم يتدخل القانون الفرنسي لتنظيم األصل التجاري إال بعد ما استقر في المعامالت اليومية
من خالل قانون 17مارس .1909و قبل ذلك كان القانون الفرنسي يفرض مجرد رسوم على
بيع األصل التجاري من خالل قانون 28فبراير 1872ثم قانون فاتح مارس 1898المنظم
للرسم على رهن األصل التجاري.
لم يبدأ الحديث في المغرب عن األصل التجاري إال مع صدور ظهير 1914المنظم لرهن
و بيع األصل التجاري المنقول حرفيا عن القانون الفرنسي لسنة .1909
و إذا كنا نسجل مجموعة من التعديالت التي عرفها قانون 1909الفرنسي ،نخص بالذكر
هنا قانون 29يونيو 1935حول حماية الحائز الجديد لألصل التجاري ،و قانون 1956
المتعلق بالتسيير الحر لألصل التجاري ،فإن ظهير 1914المغربي لم يعرف أي تعديل جوهري
إلى حين صدور مدونة التجارة سنة ،1996و كان من الطبيعي أن يحمل هذا التعديل بعض
74
المقتضيات الهامة تخص هذا األصل ،إن على مستوى ماهيته و تركيبته ،أو على مستوى
العمليات المنصبة عليه.1
من هنا فإن الدراسة في هذا الباب ستقسم عبر فصلين األول أخصصه لعناصر األصل
التجاري ،و الثاني أعرض فيه لبيع و رهن األصل التجاري.
ومن خالل هذا التعريف لألصل التجاري وبالعناصر التي يتكون منها يتضح بأن األصل
التجاري يتكون من عناصر مادية ،كالبضائع والمعدات واألثاث التجاري وغيره وعناصر غير
مادية أو ما يسمى بالعناصر المعنوية ،وهي بشكل خاص الزبائن ،واالسم التجاري أو العنوان
التجاري ،والشعار ،وحق الكراء ،وحقوق الملكية الصناعية واألدبية والفنية ،واإلجازات والرسوم
وغيرها من العناصر وذلك حسب طبيعة ونوعية تجارة التاجر ،فالعناصر المشار إليها ليست
سوى أمثلة لما قد يتكون منه األصل التجاري عادة ،فمن النادر أن تجتمع هذه العناصر كلها في
محل تجاري معين فالتاجر الذي يمارس النشاط التجاري في عقار مملوك له ليس له حق الكراء
كما أن بعض المؤسسات مثال كمؤسسات السماسرة ،والوكالء بالعمولة ووكالء األشغال ال
تشتمل على بضائع وليست فيها سوى بعض المعدات واألجهزة البسيطة .في حين قد تعتبر
العناصر المادية أحيانا أساسية في تجارة معينة كتجارة األقمشة مثال ،والمواد الغذائية وغيرها.
أوال :البضائع
تعد كافة السلع المنقولة المعدة للبيع أو التعامل أو الكراء من قبيل البضائع سواء أكانت
مصنعة أو نصف مصنعة أو مواد أولية سواء الموجودة منها داخل المحل التجاري أو المخزون
في أماكن أخرى( .)2وال تدخل البضائع بمفرداتها في تكوين األصل التجاري ،وانما تشكل مع
البضائع المخزونة وحدة قائمة بذاتها كعنصر من عناصر األصل التجاري ،وبطبيعة الحال فإن
البضائع التي تباع أو تكترى في محالت بيع المواد الغذائية ،ومن األحذية في محل بيع األحذية
ومن األجهزة الكهربائية في المحالت المختصة بذلك ،والد ارجات في محالت بيعها والسيارات
الفاخرة .كما تعتبر من قبيل البضائع المواد األولية التي تعتمد في صناعة ما يقوم المصنع
ببيعه ،وانتاجه.
1
يطلق على األصل التجاري المتجر إذا كان األمر يتعلق بتجارة ويطلق عليه المصنع إذا كان األمر يتعلق بصناعة ،والقانون
اللبناني أطلق تسمية المؤسسة التجارية على األصل التجاري بينما القانون األردني والسوري سماه بالمتجر والقانون المصري
سماع بالمحل التجاري.
2
كما إذا كان المحل يزاول فيه صاحبه تأجير أو كراء المنقوالت
-سميحة القليوبي ،مرجع سابق ،ص.21 .
76
واذا كانت البضائع تشكل عنص ار هاما من عناصر األصل التجاري في التجارات السابق
اإلشارة إليها وغيرها فإنه قد ال تكون لها أهمية كما هو الحال بالنسبة لمقاولة المالهي العمومية،
ووكاالت األشغال والوكالة بالعمولة وغيرها ،ولما كانت البضائع معدة ألجل البيع أو التأجير،
فهي قابلة للزيادة أو النقصان تبعا لنشاط األصل التجاري ،ولذلك ال يرد عليها الرهن كأحد
عناصر األصل التجاري وانما يجوز فقط التخلي عن حيازتها للدائن المرتهن وفقا لما تقضي به
القواعد العامة ،وهذا ما أكدته المادة 107من مدونة التجارة حيث جاء فيها بأنه "ال يجوز أن
يشمل رهن األصل التجاري سوى العناصر المحددة في المادة 80باستثناء البضائع" وعلى
العكس من ذلك يشمل عقد بيع األصل التجاري السلع والبضائع ما لم يتفق الطرفان على خالف
ذلك .وهذا ما يستفاد من نص المادة 91من مدونة التجارة والتي جاء فيها " ...ال يترتب
االمتياز إال على عناصر األصل التجاري المبنية في عقد البيع وفي التقييد ،فإذا لم يعين ذلك
على وجه الدقة شمل االسم التجاري والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية،"...
وهو نفس االتجاه الذي سلكه القضاء ،ففي إحدى ق اررات محكمة النقض المصرية جاء فيه بأنه
ولئن كان المتجر ...يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ،ومن مقومات مادية ومعنوية ...
ولئن جاز اعتبار البضاعة بكل مفرداتها ضمن عناصر المحل التجاري التي يشملها البيع حتى
ولو لم ينص على ذلك في العقد ،إال أنه ليس ثمة ما يمنع الطرفين من االتفاق على احتفاظ
البائع بالبضائع وعدم دخولها ضمن األشياء التي ينصب عليها البيع دون أن يخل ذلك باعتباره
بيعا للمتجر(.)1
ثانيا :المعدات
يقصد بالمعدات (المادة 8ق.ت.ج) ،الوسائل أو األدوات المنقولة التي يستخدمها عادة
التاجر ألجل استثمار األصل التجاري على أن ال تكون معدة للبيع كآالت المصنع التي تستخدم
في صنع المنتجات ،وتجهيزات المطاعم أو المقاهي ،واألثاث المستعمل في التجارة ،كالمكاتب
والمقاعد وغيرهما مما يدخل فيما يسمى بتجهيزات األصل التجاري ،غير أن ثمة تجهيزات
ووسائل وآالت تكون احيانا مثبتة ومخصصة لخدمة األصل التجاري ،بحيث تصبح عقا ار
1
أنظر طعن رقم 757لسنة 42ق جلسة ،1976 -6 -23س ،27ص.1405 .
77
بالتخصيص ،كاآلالت والتجهيزات المعدة لإلنتاج في المصنع ،غير أن هذا ال يمنع من شمول
عقد بيع األصل التجاري لكافة المعدات الموجودة فيه ولو لم ينص على ذلك في العقد ما لم يتم
االتفاق على استبعادها(.)1
والمالحظ هنا أن التفرقة أو التمييز بين ما يعد من البضائع وما يعتبر من المعدات قد يثير
أحيانا بعض الصعوبات ،فيمكن للشيء الواحد أن يدخل في عداد البضائع وأحيانا في عداد
المعدات ،فالسيارة تعتبر من المعدات بالنسبة للمتعهد بالنقل بينما تعد من البضائع بالنسبة إلى
محل بيع السيارات الجديدة ،والماشية تعتبر من المعدات بالنسبة إلى المحل الذي يستخرج
األلبان منها بينما تعتبر بالنسبة إلى محل بيع وشراء الماشية أو بالنسبة إلى محل اللحوم من
البضائع ،ولذلك ينبغي تحديد ما إذا كان الشيء أعد ألجل االستعانة به ألجل استثمار التاجر
محله التجاري أو من أجل عرضه للبيع .بمعنى أن ضابط التفرقة بين البضائع والمعدات يكمن
في الغرض الذي يخصص له أحدهما بصرف النظر عن طبيعته ،وتظهر أهمية التفرقة بين
المعدات والبضائع في كون المعدات دون البضائع هي التي تكون محال للرهن نظ ار لكونها
عنصر من عناصر األصل التجاري(.)2
1
سميحة القليوبي ،مرجع سابق ،ص 21هامش 3
في حين يرى الفقه الفرنسي استبعاد المعدات من عناصر األصل التجاري متى صارت عقا ار بالتخصيص،
2
وقد اختلف الرأي في حالة ما إذا كانت األشياء الموجودة في المحل التجاري معدة للكراء كما هو الحال في كراء السيارات أو
الدراجات أو األواني أو المفروشات في حين ذهب الرأي الراجح ويحق إلى أنها تعد من قبيل البضائع التي يقصد من ورائها
الشراء لجل الكراء ،وهو ما نصت عليه الفقرة األولى من الفصل الثاني من القانون التجاري القديم.
-محمد أخياظ ،مرجع سابق ،ص 195
78
املطلب الول :الزبناء والسمعة التجارية1
يعتبر عنصر الزبناء من أهم عناصر األصل التجاري ،بحيث أن غياب هذا العنصر يؤدي
إلى انعدام وجود األصل التجاري في حد ذاته.
ويقصد بالزبناء مجموع األشخاص الذين يتعاملون مع التاجر ويرتادون متجره بصفة دائمة
أو عرضية(.)2وينبغي العتبار عنصر الزبناء متوفرا ،ضرورة تحقق شرطين ،فمن جهة أولى
يلزم أن يكون الزبناء حقيقيين ومؤكدين ،أما إذا كانوا افتراضيين أو محتملين فال يتحقق قيام
عنصر الزبناء .الشيء الذي يقتضي بالضرورة أن يكون قد شرع في استغالل األصل التجاري.
لكن أحيانا يكفي مجرد االستعداد للدخول في معامالت تجارية لقيام األصل التجاري ،وهو الشأن
بالنسبة لتأجير محطات توزيع البنزين ،الذي يؤدي إلى قيام األصل التجاري رغم عدم شروعها
في العمل ،مادامت تشكل مم ار إلزاميا بالنسبة للزبناء.
من جهة ثانية يشترط أن يكون الزبناء خاصين بالمتجر ذاته وهو األمر الذي ال يتوافر في
أعمال التجارة الصغيرة المستغلة في إطار مركبات تجارية كبيرة( .)3وذلك بسبب افتقادها لزبناء
ذاتيين ومستقلين يرتبطون بالخدمات التي تقدمها ،ألن اإلقبال على خدماتها إنما يتم بمناسبة
التواجد بالمكان األم ،الذي تبقى عالقة االرتباط به أقوى من أي ارتباط بهذا المحل أو ذاك من
المحالت المتواجدة به( .)4ونفس الحكم ينطبق على المحالت المنتمية لشبكة التوزيع ،التي
تكتفي بتسويق منتجات ذات عالمة مسجلة وطنية أو دولية.5
أما السمعة التجارية فيقصد بها قدرة المتجر على استقطاب الزبائن بسبب شهرته أو موقعه،
ويظهر من خالل هذا التعريف مدى االرتباط القائم بين الزبائن والسمعة التجارية ،إذ يعتبران
: 1أحمد شكري السباعي :الوسيط في األصل التجاري ،دار نشر المعرفة ،الرباط ،الطبعة األولى ،2007ص .413
2عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،الجزء الثاني ،األصل التجاري دار النجاح الجديدة ،الطبعة
األولى ،2001ص.33.
3
فؤاد معالل ،م .س ،ص.163 .
4محمد لفروجي ،م .س ،ص.146 .
: 5أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،مرجع سابق ،ص .415
79
مكملين لبعضهما البعض ،ألن كال منهما يؤثر في اآلخر باإليجاب أو السلب ،فالسمعة التجارية
تتعزز بتضاعف زبائن األصل التجاري والعكس صحيح(.)1
ويحاول البعض التمييز بين الزبائن والسمعة التجارية على أساس أن الرصيد من الزبناء
يتشكل من العمالء القارين الذين اعتادوا التعامل مع التاجر ،في حين أن عنصر السمعة
التجارية يقصد به قدرة األصل التجاري على اجتذاب الزبائن بسبب موقعه مثال( .)2لكن هذا
التمييز ليست له أية آثار قانونية( ،)3الشيء الذي يؤكد الترابط الكبير بين هذين العنصرين من
عناصر األصل التجاري.
املطلب الثاين :الامس أو العنوان التجاري
االسم التجاري هو التسمية التي يتخذها التاجر ليزاول تحتها تجارته ،سواء كان فردا أو
شركة تجارية ،فيعرف به في الوسط التجاري ويظهر على مطبوعاته ويمضي به مراسالته(.)4
وقد نصت المادة 69من مدونة التجارة على أنه "ال يجوز لمن يستغل مؤسسة تجارية بمفرده أو
مع شريك بالمحاصة أن يقيد إال اسمه العائلي كعنوان تجاري ،وال يجوز له أن يضيف إلى
عنوانه التجاري أي شيء يفيد وجود رابطة شركة ."...
والشك أن الهدف من هذا المقتضى هو حماية المتعاملين مع التجار ،من خالل تمكينهم
من معرفة شخص المستغل لألصل التجاري ،نظ ار ألهمية االعتبار الشخصي في تحديد مدى
إمكانية منح االئتمان للتاجر .لكن ذلك ال يمنع توفر التاجر على الحق في إضافة كل بيان من
شأنه أن يعرف بشخصه أو مؤسسته.5
1
محمد لفروجي ،م .س ،ص.146 .
2
فؤاد معالل ،م .س ،ص.164 .
3
عبد الفضيل محمد أحمد ،م .س ،ص / 151 .محمد لفروجي ،م .سن ص.146 .
4فؤاد معالل ،م .س ،ص.172 .
: 5عبد الواحد حمداوي ،مرجع سابق ،ص .133
80
املطلب الثالث :احلق يف الكراء1
يقصد بالحق في الكراء ،المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة )2(80من مدونة
التجارة ضمن العناصر المعنوية لألصل التجاري ،ذلك الحق المخول للتاجر المستأجر للعقار
الذي يباشر فيه تجارته من جهة في البقاء في هذا العقار عن طريقه تمتيعه بتعويض عادل عن
اإلخالء في حالة رفض المؤجر تجديد عقد الكراء عند انتهاء مدته ،ومن جهة أخرى في التنازل
عن الكراء للغير في الحالة التي يعمل فيها على التصرف في األصل التجاري بالبيع أو بأحد
أوجه التصرف المنصوص عليها في المادة 81من مدونة التجارة ،كتقديم األصل التجاري
حصة في الشركة أو بيعه أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد.
يعطي الحق في الكراء للمكتري إمكانية تجديد العقد ولو حل أجل إنهائه ،كما يمكنه تفويت
الحق في الكراء إلى الغير ،وبالمقابل يحصل المكتري على تعويض في حال إذا ما رفض المالك
تجديد العقد.
-1تحديد العقد:
متى توافرت الشروط المتعلقة بعقد الكراء ،وتحديدا وروده في محرر كتابي ثابت التاريخ م
،3واثبات انتفاع المكتري مستقل م ،4وكذلك الشروط الواردة في المادة األولى فإن المكتري
يصير محقا في تجديد عقد الكراء م .6
ويحتفظ المكري بالحق في وضع شروط جديدة لتجديد العقد ،وغالبا ما يقترح تعديال في
مبلغ الوجيبة الكرائية أو مدة العقد ،ويخضع التعديل للشروط التعاقدية التي يحددها األطراف
مسبقا أو التفاق الحق بينهما م .5
: 1أحمد شكري السباعي :الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثاني ،دار نشر المعرفة الرباط ،الطبعة األولى ،2008ص
3و ما بعدها
2المادة 80من مدونة التجارة ":يشتمل األصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية.
ويشمل أيضا كل األموال األخرى الضرورية الستغالل األصل كاإلسم التجاري والشعار والحق في الكراء واألثاث التجاري
والبضائع والمعدات واألدوات وبراءات اإلختراع والرخص وعالمات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية وبصفة
عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو األدبية أو الفنية الملحقة باألصل".
81
بيد أنه وفي حال عدم اتفاق األطراف ،تطبق مقتضيات القانون رقم 07.03المتعلق
بمراجعة اثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو
الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.134بتاريخ 19من ذي القعدة 30( 1428
نوفمبر .)1()2007
وحسب المادة 31من هذا القانون يحق للمكري والمكتري االتفاق على شروط مراجعة
الوجيبة الكرائية ونسبة الرفع من قيمتها أو تخفيضها.
وال يجوز االتفاق على رفع مبلغ الوجيبة الكرائية خالل مدة تقل عن ثالث سنوات ابتداء من
تاريخ إبرام عقد الكراء؛ أو من تاريخ آخر مراجعة قضائية أو اتفاقية ،أو االتفاق على زيادة
تتعدى النسب المقررة في هذا القانون.
إذا لم يقع بين الطرفين اتفاق على شروط مراجعة الوجيبة الكرائية ونسبة الرفع من قيمتها؛
أمكن مراجعتها بعد مرور كل ثالث سنوات على األقل من تاريخ االتفاق على الوجيبة أو من
تاريخ مراجعتها بين األطراف مباشرة ،أو من التاريخ الذي حددته المحكمة آلخر مراجعة وذلك
طبقا للنسب المقررة في المادة 34بعده.
يمكن للمحكمة أن تحدد نسبة الزيادة في مبلغ الوجيبة الكرائية بما لها من سلطة تقديرية؛
ودون التقيد بالنسبة المذكورة في المادة 34أعاله إذا كان مبلغ قيمة الوجيبة الكرائية ال يتجاوز
أربعمائة درهم شهريا على أال تتعدى نسبة الزيادة المحكوم بها .%50
1
القانون رقم 07.03المتعلق بمراجعة أثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي
أو الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.134بتاريخ 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر )2007؛
الجريدة الرسمية عدد 5586بتاريخ 2ذو الحجة 13( 1428ديسمبر ،)2007ص ،4061 .تم تعديله بالقانون رقم
67.12المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني ظهير شريف
رقم 1.13.111صادر في 15من محرم 19( 1435نوفمبر )2013الذي نص في المادة 75منه على أنه تظل
المقتضيات الواردة في القانون رقم 07.03المتعلق بكيفية مراجعة أثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني
أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.134بتاريخ 19من ذي القعدة 30( 1428
نوفمبر ،) 2007سارية المفعول فقط بالنسبة للمحالت المعدة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي.
82
يمكن للمكتري المطالبة بتخفيض مبلغ الوجيبة الكرائية إذا طرأت ظروف اثرت على
استعمال المحل للغرض الذي إكتري من أجله ،وذلك وفق أحكام الفصلين 660و 661من
قانون االلتزامات والعقود.
يحق للمكتري تفويت حق الكراء مع بقية عناصر األصل التجاري أو مستقال عنها دون
ضرورة الحصول على موافقة المكري ،وبالرغم من كل شرط مخالف م.25
ويتم التفويت بعقد رسمي أو عرفي ثابت التاريخ يتضمن البيانات الواردة في المادة 81من
القانون رقم 95.15المتعلق بمدونة التجارة( ،)1ويودع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا
لالحتفاظ بالودائع ،ويجب أن يخضع العقد لإلجراءات المنصوص عليها في المواد من 83إلى
89من نفس القانون.
لقد قرر المشرع هنا حماية خاصة للتاجر على حساب مالك العقار ،وهو بذلك يساهم في
إنعاش واغناء االمتيازات القانونية للمكتري وتوسيع ذمته المالية بأن يضيف إليها قيمة اقتصادية
جديدة.
ويتعين أن يبلغ هذا التفويت إلى المكري حتى يواجه به ،حيث يكون بإمكانه أن يمارس حق
األفضلية ،وذلك باسترجاع المحل المكتري مقابل عرضه لمجموع المبالغ المدفوعة من طرف
1
القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 15من ربيع األول ( 1417فاتح
أغسطس ،)1996الجريدة الرسمية عدد 4418الصادر بتاريخ 19جمادى األولى 3( 1417أكتوبر ،)1996ص.
،2187كما تم تغييره وتتميمه.
83
المشتري أو إيداعه لها عند االقتضاء ،وذلك داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ تبليغه ،واال سقط
حقه.
ولقد تبنى القانون الجديد في المادة 24موقفا مغاي ار لما تضمنته المادة 22من ظهير
1955التي منعت الكراء من الباطن كليا أو جزئيا ماعدا إذا وجد مقتضى خاص في عقد
الكراء ،أو حصلت موافقة صريحة من المكري ،بيان ذلك أن القانون الجديد أجاز للمكتري أن
يؤجر للغير المحل المكتري كال أو بعضا ما لم ينص العقد على خالف ذلك.
وما يميز الكراء من الباطن عن تفويت الحق في الكراء أن العالقة األصلية بين المكري
والمكتري األول أو األصلي تبقى قائمة في الكراء من الباطن؛ وتنضاف إليها عالقة كرائية
جديدة بين المكتري األول والمكتري الثاني أو الفرعي.
وال يحتج بالعالقة الكرائية الجديدة على المكري األصلي إال من تاريخ إخباره ،وينشأ عن
هذا اإلخبار إلتزام المكري بإشعار المكتري الفرعي بكل إجراء يعتزم القيام به تجاه المكتري
األصلي تحت طائلة عدم مواجهته به.
حسب المادة ،26يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعالقة الكرائية ،أن يوجه
للمكتري إنذارا ،يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده ،وأن يمنحه أجال لإلفراغ اعتبا ار من تاريخ
التوصل.
-خمسة عشر يوما إذا كان الطلب مبنيا على عدم أداء واجبات الكراء أو على كون
المحل آيال للسقوط؛
-ثالثة أشهر إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل لالستعمال الشخصي،
أو لهدمه واعادة بنائه ،أو توسعته ،أو تعليته ،أو على وجود سبب جدي إلخالل المكتري ببنود
العقد.
84
وحسب المادة السابعة ( )7يستحق المكتري تعويضا عن إنهاء عقد الكراء ،ويعادل
التعويض ما لحق المكتري من ضرر ناجم عن اإلفراغ ،ويعتبر باطال كل شرط أو اتفاق من
شانه حرمان المكتري من حقه في التعويض عن إنهاء الكراء.
يشمل هذا التعويض قيمة األصل التجاري التي تحدد انطالقا من التصريحات الضريبية
للسنوات األربع األخيرة ،يضاف إليه ما أنفقه المكتري من تحسينات واصالحات وما فقده من
عناصر األصل التجاري ،كما يشمل التعويض مصاريف االنتقال من المحل.
غير أنه يمكن للمكري أن يثبت أن الضرر الذي لحق المكتري أخف من القيمة المذكورة.
واذا كان المكتري قدم مبلغا ماليا الحق في الكراء حسب المادة الرابعة ( ،)4فإن قيمة
التعويض عن اإلفراغ ال يمكن أن تقل عن المبلغ المدفوع مقابل الحق في الكراء.
وال يستحق المكتري التعويض إذا فقد األصل التجاري عنصر الزبائن والسمعة التجارية؛
ويفترض تحقق ذلك بإغالق المحل لمدة سنتين م.8
-1إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله
باإلنذار ،وكان مجموع ما بذمته على األقل ثالثة أشهر من الكراء؛
-2إذا أحدث المكتري تغيي ار بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على
سالمة البناء أو يرفع من تحمالته ،ماعدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه داخل األجل ذلك ،في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر؛
-3إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك ،ماعدا إذا عبر
المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل األجل الممنوح له ،على أن يتم هذا
اإلرجاع ،في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر؛
85
-4إذا كان المحل آيال للسقوط ،ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام
بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك؛
-5إذا هلك المحل موضوع الكراء بفعل المكتري أو بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي؛
-6إذا عمد المكتري إلى كراء المحل من الباطن خالفا لعقد الكراء.
لم تقم مدونة التجارة بتعريف حق الكراء ،ولكنها اكتفت بذكره في المادة 80من في سياق
تعداد عناصر األصل التجاري .ويعتبر تعريف الحق في الكراء مسالة جد صعبة ،ألنه ظاهرة
قانونية واقتصادية في ذات الوقت( .)1ومع ذلك فقد حاول بعض الفقه تعريفه بأنه حق معنوي
قابل للتصرف فيه بالبيع ضمن عناصر الحق التجاري أو بصفة منفردة(.)2
ويحق للتاجر أن يتخلى عن الحق في الكراء أثناء التخلي عن العناصر األخرى المكونة
لألصل التجاري دون أن يتمكن المكري من التعرض(.)3
املطلب الرابع :الشعار
يقصد بالشعار الرمز الخاص بالمحل التجاري ،ويكون الشعار غالبا على شكل رسم أو
شكل هندسي يطغى عليه طابع اإلبداع واالبتكار بهدف لفت انتباه الجمهور إلى الخاصية التي
تميز المتجر المعني باألمر عن باقي المتاجر األخرى ،والسيما تلك التي يزاول فيها نفس
النشاط.
وال يعتبر اتخاذ الشعار مسألة إلزامية بالنسبة للتاجر ،إال أنه إذا اتخذه فإنه يعتبر عنص ار
من عناصر األصل التجاري له قيمة مالية ،ويمكن أن ترد عليه التصرفات القانونية(.)4
1
محمد الكشبور ،الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،1998 ،ص.44 .
2
أحمد عاصم ،الحماية القانونية للكراء التجاري ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،1988 ،ص.103 .
3
عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،الجزء الثاني ،األصل التجاري....مرجع سابق ،ص.72 ،
4
فؤاد معالل ،م .س ،ص.174 .
86
املطلب اخلامس :براءات الاخرتاع
براءة االختراع عبارة عن شهادة تمنحها اإلدارة المعنية للمخترع ،يستطيع بمقتضاها أن
يستأثر بحق استغالل اختراعه اقتصاديا( .)1ويشترط العتبار االكتشاف اختراعا أن يكون جديدا،
أي لم يسبق نشره ال في المغرب وال في الخارج ،ولم يتم استعماله أو منح براءة عنه( .)2ويتم
تسجيل براءة االختراع لدى مكتب الملكية الصناعية الموجود مقره بالدار البيضاء.
املطلب السادس :الرخص واالإجازات
من أجل خلق أو استغالل بعض األنشطة التجارية ،يكون من الضروري الحصول أو
التوفر على رخصة إدارية أو امتيازات ،كالترخيص بالنقل عبر الطرقات والترخيص الممنوح من
أجل مباشرة أعمال التنقيب عن النفط أو من أجل فتح محل للصيدلة.
ويتوقف منح هذه الرخص أحيانا على ضرورة توافر شروط موضوعية وأحيانا على ضرورة
التوفر على مؤهالت معينة لمزاولة النشاط المطلوب ،كما هو الشأن بالنسبة لطلب رخصة فتح
صيدلية.3
1
علي البارودي ،م .س ،ص.428 .
2فؤاد معالل ،م .س ،ص.175 .
: 3عبد الواحد حمداوي ،مرجع سابق ،ص .136
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثاني ....مرجع سابق ،ص 80و ما بعدها .
87
الفصل الثاين :بيع الصل التجاري ورهنه
هذا الفصل سأقسمه إلى مبحثين ،األول أخصصه لبيع األصل التجاري ،و الثاني أعرض
فيه ألحكام رهن األصل التجاري
يجب أن يتوفر ركن الرضا (الفصل 19من ق.ل.ع) النعقاد بيع لألصل التجاري صحيحا
وأن يكون سليما بحيث ال يشوبه عيب من عيوب اإلرادة من غلط وتدليس أو إكراه (الفصل 39
من ق.ل.ع) وبناء على ذلك يجوز طلب إبطال العقد متى كانت إرادة المشتري معيبة ،كما إذا
وقع في غلط أو تدليس سببه البائع ذاته او شخص آخر يعمل لحساب هذا األخير ،جعله
يتصور تصو ار غير مطابق للواقع بالنسبة لعنصر من عناصر األصل التجاري –كعنصر
الزبائن والسمعة التجارية وغيره من العناصر المؤثرة ،ونكون أيضا أمام تدليس متى كانت
المعلومات واألرقام التي قدمها البائع مخالفة للواقع ،بل أن مجرد سكوت البائع عمدا يشكل
صورة من صور التدليس يجعل العقد قابال لإلبطال.
1
أنظر علي البارودي ،القانون التجاري والبحري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،طبعة ،1977ص.187 .
88
-كما يجب أن يكون كل من البائع والمشتري أهال إلبرام هذا التصرف (بيع األصل
التجاري) وفيما يخص السبب فإن الفصل 63من ق.ل.ع يفترض أن لكل التزام سبب حقيقي
ومشروع إلى أن يثبت العكس(.)1
-كما يجب أيضا أن يكون المبيع معينا أي أن يحدد المتعاقدان العناصر التي تدخل في
عملية البيع من مادية ومعنوية ،ومن البديهي أن يتضمن عقد بيع األصل التجاري عنص ار أو
أكثر من العناصر المعنوية خصوصا وأنه كما رأينا( – )2تمثل العناصر المعنوية أساس األصل
التجاري ،ولعل هذا ما جعل المشرع الجديد ينص صراحة على أن األصل التجاري يشتمل وجوبا
على زبناء وسمعة تجارية(( )3المادة 80من ق.ت.ج) وبناء على ذلك إذا ما لم يتم تعيين أو
ذكر عناصر األصل التجاري في عقد البيع ،اعتبر أن البيع قد انصب على االسم التجاري
والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية (المادة 91من ق.ت.ج) ومتى كان األصل
موجودا في عقار يملكه البائع ،تعين على هذا األخير أن يبرم عقد كراء مع المشتري ،وقد ال يرد
البيع على األصل التجاري بأكمله بحيث يجوز أن ينصب البيع على حصة شائعة فيه أو
ينصب على فرع من فروع األصل التجاري مادامت العناصر التي يتضمنها الفرع ومن بينها
عنصر االتصال بالزبناء تكفي بذاتها لتكوين األصل التجاري(.)4
-ويجب إضافة إلى الشروط العامة السابقة ان يتفق األطراف المتعاقدة على الثمن وكيفية
الوفاء به ،وتقضي القواعد العامة (الفصل 577ق.ل.ع) بتعجيل دفع الثمن عند سكوت العقد،
غير أنه فيما يخص تسديد ثمن بيع األصل التجاري عادة ما يتم تأجيله قصد منح الفرصة
لدائني البائع ليتقدموا للمطالبة بديونهم وهذا ما دفع بالمشرع إلى اشتراط إيداع ثمن البيع لدى
جهة مؤهلة قانونا لالحتفاظ بالودائع (المادة 81من ق.ت.ج) إلى غاية انتهاء مدة التعرض
المخولة لدائني البائع وانهاء إجراءات البيع ،كما فرض المشرع عدم تعيين ثمن إجمالي لألصل
1
الفصول ( 65 - 64 -3 -62من ق.ل.ع).
2
راجع ما سبق حول عناصر األصل التجاري.
3
انظر أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء األول ....مرجع سابق ،ص 413و ما بعدها.
4
أنظر الطعن لدى محكمة النقض المصرية رقم 1712لسنة 49جلسة .1985/6/26
89
التجاري ،وتمييز أو تعيين ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات بصفة مستقلة كل على
حدة (المادة 81من ق.ت.ج)(.)1
وأخي ار يتعين أن يكون الغرض من استغالل األصل التجاري مشروعا واال كان البيع باطال
لمخالفته للنظام العام واآلداب تطبيقا للفصل 62وما بعده من ق.ل.ع.
-1شرط الكتابة :تبدأ المادة 81من مدونة التجارة بالنص على أنه:
"يتم بيع األصل التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو
بالمزاد بعقد رسمي أو عرفي."...
ومن خالل هذا النص يكون المشرع قد خرج على المبدأ العام السائد في عقود البيع وهو
انعقاد العقد صحيحا بتوافق إرادتي البائع والمشتري ،ومع ذلك فإن شكلية الكتابة هي نتيجة
منطقية ،يتطلبها القانون لنشأة حق امتياز البائع على األصل التجاري خصوصا إذا كان الثمن
مؤجال – ألجل اقتضاء الثمن نتيجة طبيعية اللتزام البائع والمشتري بشهر البيع وتسجيله ليكون
نافذا في مواجهة دائني البائع ،ونظ ار لهذه األهمية العملية خصوصا لهذا العقد سواء بالنسبة
للبائع أو المشتري فقد اشترط المشرع أن يتضمن عقد البيع الرسمي الموثق أو العقد العرفي
الموقع من قبل الطرفين:
-1اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية
والبضائع والمعدات،
-2حالة تقييد االمتيازات والرهون المقامة على األصل،
-3وعند االقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري،
1
أنظر نص الفصل 5 -4من ظهير 31دجنبر .1914
90
وقد يثور سؤال حول مدى ضرورة شرط الكتابة النعقاد البيع؟ أم أنها ال تعدو أن تكون
شرط فقط إلثبات العقد علما بأن االتفاق بين اإلرادتين تنصب على عنصر األصل التجاري
المختلفة والمتعددة وعلى الثمن وكيفية الوفاء به وغيرها من التفاصيل التي يصعب أن يعتمد فيها
المتعاقدان على الذاكرة أو شهادة الشهود.
-والمشرع التجاري المغربي بعدما أن أوجب كتابة العقد وحدد البيانات الضرورية التي
يتعين أن يشتمل عليها ،منح للمشتري أحقية المطالبة من القضاء خالل أجل ال يتعدى سنة من
تاريخ عقد البيع التصريح بإبطال عقد البيع أو التخفيض من الثمن متى كان هذا األخير غير
مشتمال على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة 91من مدونة التجارة ،أو كانت البيانات
المذكورة في العقد غير صحيحة .ومن خالل ما سبق يبدو من الناحية العملية أن شرط الكتابة
أمر أساسي النعقاد بيع األصل التجاري خصوصا إلثبات الطرفين لحقوقهما وتحديد االلتزامات
التي تقع على كل واحد منهما ،سواء قبل بعضهما البعض أو قبل الغير.
-2شهر بيع األصل التجاري :وال يكفي النعقاد بيع األصل التجاري فقط كتابة العقد ،بل
يوجب القانون على البائع شهر عقد البيع فحسب المادة 83مدونة التجارة يلتزم بائع األصل
التجاري:
أ -بإيداع نسخة من العقد الرسمي أو نظير من العقد العرفي لدى كتابة ضبط المحكمة
التي يستثمر في دائرتها األصل التجاري ومتى كان لألصل فروع وقع اإليداع لدى المحكمة التي
يوجد فيها المركز الرئيسي وذلك خالل 15يوما من تاريخ إبرام العقد ،وذلك تمهيدا إلجراء القيد
في السجل التجاري.
91
-الفروع المشمولة بالبيع إن وجدت مقرها.
-منح الدائنين أحقية التعرض خالل 15يوم من تاريخ انتهاء عمليات النشر ،مع بيان
الموطن المختار الذي يجب أن تبلغ فيه التعرضات على أن يكون الموطن في دائرة المحكمة
التي يجري فيها التسجيل.
ج -يتعين أن يقوم كاتب الضبط في أقرب وقت ممكن وعلى نفقة أطراف العقد بنشر
المستخرج المقيد بالسجل التجاري في الجريدة الرسمية أو في إحدى الجرائد المخول لها نشر
اإلعالنات القانونية ،وعلى المشتري أن يحدد عملية النشر في ذات الجرائد وذلك بين اليوم
1
الثامن والخامس عشر من عملية النشر األولى (المادة 89من مدونة التجارة).
املطلب الثاين :أاثر عقد بيع الصل التجاري
معلوم أن اآلثار المترتبة على عقد البيع بصفة عامة ،هي ذاتها أو في جانب كبير منها ال
تختلف عن اآلثار المترتبة على عقد بيع األصل التجاري ،لذلك سوف نقتصر على ذكر ما
يتعلق فقط بعقد بيع األصل التجاري من آثار وينفرد بها بحكم طبيعته الخاصة كمنقول معنوي
مركب من عناصر مختلفة وبحكم نوع االستغالل التجاري الذي يستهدفه ومن هذه اآلثار:
يحق لكل دائن عادي( )2للبائع أن يتعرض على دفع ثمن المبيع للبائع سواء كان الدين
واجب األداء أم ال ،وذلك خالل أجل أقصاه 15يوما تبدأ من تاريخ نشر اإلعالن الثاني(،)3
وينبغي أن يتم التعرض برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،توجه إلى كتابة ضبط المحكمة
التي سجل لديها البيع ،ويجب أن يبين فيها مبلغ الدين وأسبابه والموطن المختار داخل دائرة
المحكمة تحت طائلة بطالن التعرض (الفقرة األولى من المادة 84مدونةالتجارة).
-ومتى تم التعرض خالل المدة القانونية ،التزم المشتري بعدم دفع الثمن إلى البائع ،وكل
دفع مخالف يعتبر غير ذي أثر في مواجهة الغير (الفقرة األخيرة من المادة 84مدونة التجارة).
وبطبيعة الحال فإن التعرض هو بمثابة إدعاء للحق في تحصيل مبلغ الدين قبل البائع،
غير أن ثمن البيع قد يتجاوز أحيانا الدين المدعى به ،وأحيانا قد يكون اإلدعاء في حد ذاته غير
صحيح ،ولذلك سمح المشرع للبائع أن يتقدم بعد انص ارم 10أيام على المهلة المقررة لقبول
التعرضات لدى قاضي المستعجالت بطلب لقبض الثمن رغم التعرض ،على أن يودع البائع،
يحدده قاضي لدى كتابة الضبط – مبلغا كافيا للوفاء بالديون التي تعرض أصحابها-
المستعجالت متى ثبت الدين باعتراف من البائع أو بموجب حكم ،ويستفيد الدائنين المتعرضين
بحق األفضلية على المبلغ في مواجهة بقية الدائنين الذين لم يتعرضوا.
ومتى دفع المشتري الثمن للبائع بناء على أمر من قاضي المستعجالت برئت ذمته قبل
المتعرضين ،وانتقلت بالتالي آثار التعرضات إلى كتابة الضبط للمحكمة المختصة على أن يوقع
تصريحا يعلن فيه بأنه يجهل وجود دانين آخرين ،غير الذين أشار إليهم البائع في طلبه لقبض
الثمن(.)1
وأخي ار فإن التعرض الذي ال سند له وال سبب ،أو الباطل من حيث الشكل ولم تقم دعوى
في الموضوع ،يخول للبائع طلب قبض الثمن من قاضي المستعجالت رغم وجود التعرض
(المادة 88مدونة التجارة) وبالمقابل تب أر ذمة المشتري تجاه األغيار متى دفع الثمن دون مباشرة
عملية النشر وفق الشكل المحدد قانونا أو قبل انصرام أجل 15يوما المقررة للمتعرضين أو دون
مراعاة التقييدات والتعرضات (المادة 89مدونة التجارة) ،والجدير بالذكر أن من حقوق دائني
البائع زيادة السدس على الثمن الرئيسي متى كان ثمن بيع األصل التجاري غير كاف للوفاء
وبالديون.
1
تقضي المادة 87ق.ت.ع بأنه "ال يمنع قاضي المستعجالت اإلذن المطلوب إال بعد تقديم المشتري المدخل في الدعوى
تصريحا يسجل تحت مسؤوليته الشخصية بعدم وجود دائنين آخرين قدموا تعرضا غير الذين بوشرت المسطرة ضدهم".
93
فمتى متى عملية النشر الثانية تتولى كتابة الضبط للمحكمة التي تلقت عقد البيع إلى وضع
نسخة من عقد البيع وكذا التعرضات التي توصلت بها تحت تصرف الدائنين المتعرضين طوال
ثالثين يوما ،حتى يتسنى لهم التعرض على ثمن البيع متى توفرت الشروط اآلتية:
-2استعداد المتعرض على زيادة السدس على ثمن البيع دونما أن يشمل السدس قيمة
البضائع والمعدات.
-3أن يتعلق الزيادة في الثمن الذي حدد رضائيا ،فال تقبل الزيادة بعد بيع قضائي أو
بالمزاد العلني (المواد 95 – 94 -93مدونة التجارة).
يتمتع البائع بحق امتياز على جميع دائني المشتري ولتحصيل ثمن المبيع متى توفرت
الشروط التالية:
-1أن يقيد في السجل التجاري أن البيع قد تم بالسلف ،وأن الثمن يدفع أقساطا ،وكيفية
الوفاء بهذه األقساط.
-2يتكرر التقييد في كتابة ضبط كل محكمة يوجد في دائرتها فرع يشمله بيع األصل
التجاري ،وال داعي إلى شهر أو نشر ذلك التقييد في الجريدة الرسمية أو غيرها المسموح لها
بذلك خالفا لما هو األمر عليه في شهر البيع.
-3تعين عناصر األصل التجاري الضامنة للوفاء بالثمن ،واال اقتصر الضمان أو االمتياز
على العناصر المبنية في عقد البيع الذي تم شهره واذا لم تكن العناصر مبنية في العقد ورد
االمتياز على االسم التجاري والشعار والحق في الكراء والزبناء والسمعة التجارية (المادة 91
مدونة التجارة).
94
-4يعين تحديد ثمن كل عنصر من عناصر األصل التجاري المباعة ،المادية منها
والمعنوية ،وذلك حتى يتم خصم كل قسط يسدد أو يدفع من ثمن البضائع أوال ،ثم من ثمن
المعدات وأخي ار من ثمن العناصر المعنوية وهذا الترتيب تضمنته المادة 91مدونة التجارة وهو
من النظام العام ،بحيث ال يجوز االتفاق على خالفه ،ولعل المشرع قصد من وراء هذا الترتيب
تحرير العناصر المادية من امتياز البائع أوال ،وتحقيق مصلحة الغير ومصلحة كل من البائع
والمشتري(.)1
-5يتعين تقييد حقوق البائع في السجل التجاري خالل مهلة أقصاها 15يوما تبتدئ من
تاريخ عقد البيع ،وهو ما سيجعل تلك الحقوق ثابتة من اليوم الذي تم فيه البيع أصال،
واالحتجاج بالتالي بها في مواجهة الكافة بما فيها التسوية القضائية أو التصفية القضائية
للمشتري(.)2
ويترتب على قيد البائع لحقوقه خالل 15يوما من تاريخ البيع أحقية التقدم على جميع
3
دائني المشتري ،حتى وان اكتسبوا رهنا على األصل التجاري وقيدوا دينهم قبل البائع.
4
ثالثا :إقامة البائع دعوى الفسخ
يجوز للبائع حسب القواعد العامة طلب فسخ البيع لعدم التنفيذ خصوصا أداء ثمن المبيع
في الميعاد المتفق عليه ،ويترتب على الفسخ أن يسترد البائع األصل التجاري المبيع خاليا من
الحقوق التي قد يكون المشتري رتبها عليه لصالح الغير.
ونظ ار لما لدائني مشتري األصل التجاري من مصلحة في التعرف على مطلب البائع يفسخ
عقد البيع ،فقد استلزم المشرع من البائع التقيد بمجموعة من الشروط واألحكام.
-1يتعين النص صراحة في السجل التجاري على أحقية البائع بفسخ البيع.
1
العناصر المادية عادة ما يعتمد عليها الدانئون العاديون القتضاء حقوقهم كما أن لسريان قاعدة الحيازة سند الملكية على
العناصر المادية التي يتصرف فيها المشتري صعوبة على البائع في ممارسة حق التتبع رغم قيد امتيازه.
2أنظر نص المادة 92ق.ت.ج.
:3محمد أخياظ ،مرجع سابق ،ص .237
: 4عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،الجزء الثاني ،األصل التجاري ....مرجع سابق ،ص .148
95
-2ارتباط دعوى الفسخ بحق االمتياز ،فمتى سقط حق البائع في االمتياز سقط حقه حكما
بدعوى الفسخ (الفقرة األولى من المادة 99مدونة التجارة).
-3تقتصر دعوى الفسخ على العناصر التي يشملها عقد البيع فقط.
-4متى فسخ البيع رضائيا أو قضائيا استرد البائع جميع عناصر األصل التجاري التي
شملها البيع بما فيها تلك التي سقط حق االمتياز ودعوى الفسخ في شأنها (الفقرة األولى من
المادة 100مدونة التجارة).
-5يلتزم البائع برد ثمن البضائع والمعدات الموجودة في األصل التجاري بعد تقييمها
بواسطة خبرة حضورية ،سواء عين الخبراء رضاء أم قضاء على أن يخصم من الثمن المستحق
له بموجب االمتياز على األثمان الخاصة بالبضائع والمعدات ،أما ما تبقى من الثمن .فيرصد
للوفاء بديون الدائنين المقيدين إن وجدوا واال فللدائنين العاديين.
-6يجب على البائع قبل رفع دعوى الفسخ تبليغ الدائنين المقيدين على األصل في
الموطن الذي اختاروه والمشار إليه في السجل التجاري وال يصدر الحكم إال بعد ثالثين يوما من
التبليغ للدائنين المقيدين (المادة .)101
-7ومتى تم فسخ البيع قانونا أو رضاء تعين تبليغ الدائنين المسجلين بذلك علما بأن فسخ
البيع ال ينتج أثره القانوني إال بعد انقضاء شهر على تبليغ الدائنين بذلك الفسخ (المادة 102
مدونة التجارة).
-8واذا تم بيع األصل التجاري بالمزاد العلني بناء على طلب سنديك التسوية أو التصفية
القضائية ،أو من أي مصف أو مسير قضائي أو كان بطلب من أي ذي حق ،وجب على
الطالب أن يبلغ البائعين السابقين وفي موطنهم المختار حسب السجل التجاري بالبيع بالمزاد
ويدعوهم إلى رفع دعوى الفسخ من جهتهم خالل مهلة شهر من تاريخه تحت طائلة سقوط
حقهم.
96
رابعا :التزام البائع بعدم منافسة المشتري
يلتزم المشتري بمقتضى عقد بيع األصل التجاري بدفع الثمن كما يكون من حقه استالم
المبيع (الفصل 576وما بعده من ق.ل.ع) وبالمقابل يلتزم البائع بتسليم المبيع وضمانه (الفصل
799وما بعده من ق.ل.ع)(.)1
وبخصوص التزام البائع بضمان المبيع سواء من العيوب الخفية أو ضمان االنتفاع بالمبيع
وبريعه ،وذلك بعدم تعرض البائع بشكل أو آخر للمشتري أو بالتشويش عنه أو تحريمه من
االنتفاع واالستفادة من المزايا التي كان له الحق فيها (الفصل 533ق.ل.ع) وتطبيقا لذلك فإن
البائع يلتزم بعدم التعرض أو القيام بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى اجتذاب الزبائن وتحويلهم إلى
أصل تجاري جديد يؤسسه.
وقد يتخذ التعرض صورة منافسة البائع بعينه المشتري بمزاولة ذات التجارة في مكان قريب
(رغم أحقية الغير في ذلك) لما في ذلك من تأثير على الزبناء وتحويلهم إلى المحل الجديد الذي
ينشئه في دائرة استغالل المحل األول فحسب القواعد العامة يلتزم إذن البائع بعدم مزاولة ذات
التجارة على نحو يؤثر على عنصر العمالء ،غير أن هذا االلتزام على إطالقه من شأنه أن
يؤدي إلى تقييد حرية البائع ،مما يقتضي معه األمر تحديد التزام سواء من حيث المدة والمكان
ونوعية التجارة.2
أ -فيجب إذن مرور مدة معينة تكفي العتياد الزبائن على المالك الجديد لألصل التجاري،
مما سيسمح للبائع إلى ممارسة نشاطه التجاري دون تأثير على زبائن المشتري.
ب -يجب السماح للبائع بممارسة نشاطه في منطقة أو حي أو مدينة غير التي يتواجد فيها
األصل المبيع.
1
فااللتزام بالتسليم واالستالم ال يثيران أية صعوبة فيما يتعلق ببيع األصل التجاري ،كما إن أداء الثمن سبق وأن أشرنا إلى
كيفية تسلميه إلى البائع ،والضمانات المتعلقة به .
: 2عبد الرحيم شميعة ،مرجع سابق ،ص .172
97
ج -وأيضا ممارسة نشاط تجاري مغاير ال يؤثر على التجارة التي كان يمارسها في األصل
المبيع ،ويتمتع القضاء بسلطة تقديرية حسب كل قضية على حدة ،مع العلم أن المتعاقدان ناد ار
ما يتركان األمر للقضاء ،وانما يفضلون تضمين عقودهم نصا يوضح الحدود التي سيلتزمها
البائع ،وهو شرط صحيح .أما المنع المطلق فالشك أنه باطل لما فيه من اعتداء على الحرية
الشخصية للبائع.1
ومن هذا المنطلق لما كان األصل التجاري ماال منقوال فإنه حسب القواعد العامة ال يمكن
رهنه إال رهنا حيازيا مما يستتبع ضرورة نقل حيازته إلى الدائن المرتهن وهذا فيه حرمان للتاجر
من االستمرار في استثماره ألصله التجاري مما قد يجعله عاج از عن الوفاء بديونه فيفقد بالتالي
األصل التجاري قيمته االئتمانية وال يعود صالحا لتمكين التاجر من الحصول على ما يحتاجه
من قروض ،لهذه االعتبارات فإن أغلب القوانين تبنت نظاما لرهن األصل التجاري يمكن التاجر
من االحتفاظ بحيازة محله التجاري واالستمرار في استثماره مع ضمان حقوق الدائنين عليه في
نفس الوقت ،ولقد ساعد على تبني هذا الحل تمتع األصل التجاري بمركز ثابت وعدم خضوعه
لمبدأ "الحيازة في المنقول سند الملكية" باعتباره منقوال معنويا مع إمكانية شهر التصرفات
وهكذا فقد أفرد القانون المغربي لرهن األصل التجاري أحكاما خاصة سمحت برهنه دون
نقل حيازته (المواد من 106إلى ،)151غير أن هذه األحكام ال تعمل إال بالنسبة للمحل الذي
تتوفر فيه مقومات األصل التجاري ،أي المحل الذي يتعاطى العمل التجاري فعال ،ومع ذلك فإن
القانون سمح استثناء بإنشاء الرهن على أصل تجاري قيد التأسيس على أن يقتصر أثره على
العالقة فيما بين الدائن والمدين دون الغير الذي ال يمكن االحتجاج به في مواجهته إال من وقت
افتتاح أبوابه للجمهور.1
لقد حدد القانون العناصر التي يمكن أن تكون محال للرهن وهي كافة العناصر المعنوية
والمادية باستثناء البضائع (المادة .)107
والحكمة من استبعاد البضائع من رهن األصل التجاري واضحة وهي أنه إذا شملها الرهن
فإنه يجب على المدين الراهن أن يبقيها تحت حراسته في حين أنها معدة للبيع فيتعطل بذلك
عمل التاجر وتنتفي الحكمة من رهن األصل التجاري ،هذا فضال عن أن المشرع أراد أن يحافظ
للدائنين العاديين للتاجر على الضمان الظاهر الذي يعتمدون عليه الستيفاء ديونهم وهو
البضائع.
يخضع رهن األصل التجاري لنفس اإلجراءات القانونية التي يخضع لها بيعه وعلى هذا:
-1يجب أن ينظم عقد مكتوب بذلك الرهن يبين فيه تاريخ العقد وأسماء وألقاب وموطن
األطراف وعناصر األصل التجاري المشمولة بالرهن ومبلغ الدين الذي يضمنه والشروط المتعلقة
بالفوائد واالستحقاق (المادتان 108و ،)132ويستحسن التصديق على اإلمضاءات ،ويجب أن
يسجل العقد لدى مصلحة التسجيل ألنه بدون ذلك سيرفض كاتب ضبط المحكمة تسجيله في
السجل التجاري.
-2ثم يجب أن يقوم الدائن المرتهن بإيداع نسخة أو نظير من العقد الرسمي أو العرفي
لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بمسك السجل التجاري لمقر األصل التجاري وان يقوم بقيد
مستخرج من ذلك العقد في السجل التجاري خالل 15يوما من تاريخ العقد إلطالع الجمهور
عليه واال ما أمكن له االحتجاج به في مواجهة الغير ،ويجب أن يكرر التسجيل لدى كتابة ضبط
كل محكمة يوجد في دائرة نفوذها فرع مشمول بالرهن (المادة )109واذا طال أمد الرهن وجب
عليه أن يجدد القيد في السجل التجاري في أجل خمس سنوات(( )1المادة .)137
كما أنه إذا كان يوجد من بين العناصر المرهونة حق من حقوق الملكية الصناعية فإنه
يجب تسجيل الرهن الواقع عليه في السجل الخاص به.2
1
تؤدى بطبيعة الحال رسوم عن هذا التسجيل تتمثل في رسم ثابت يبلغ 150درهما زيادة عن نسبة %0.50من قيمة
الدين.
: 2فؤاد معالل ،مرجع سابق ،ص.177
100
املطلب الثاين :أاثر رهن الصل التجاري1
كما سبق القول فإن رهن األصل التجاري ال يمكن أن يكون إال رسميا لذلك فإن المدين
الراهن يحتفظ بحيازته له ويستمر في استغالله إال أنه في نفس الوقت يترتب عليه التزام
بالمحافظة واالمتناع عن القيام بكل ما من شأنه إنقاص قيمته.
وتنتج عن هذا الرهن آثار سواء في مواجهة الدائن المرتهن أو في مواجهة الدائنين
العاديين.
الفقرة الوىل :أاثر الرهن يف مواهجة ادلائن املرهتن
يكتسب الدائن المرتهن بمقتضى هذا الرهن حق امتياز على األصل التجاري وذلك من
تاريخ قيده في السجل التجاري (المادة )109وهو حق يخوله تتبع األصل التجاري بين يدي أي
كان ،وحق إعالمه بكل تغيير يط أر على وضعيته القانونية ،وحق استيفاء دينه من ثمنه باألولوية
على باقي دائني المدين الراهن عن طريق الحجز عليه وبيعه وفق اإلجراءات التي حددها
القانون:
يترتب على إنشاء الرهن إعطاء الدائن المرتهن حق أولوية في استيفاء دينه من ثمن
األصل التجاري في حالة عدم وفاء المدين به وذلك في مواجهة دائني هذا األخير العاديين أو
دائنيه المرتهنين الذين سجلوا رهنهم في تاريخ الحق (المادتان 109و.)110
وبالرغم من حق األولوية الذي يعطيه الرهن إلى الدائن المرتهن فإنه يالحظ أنه يشكل
ضمانة ضعيفة للديون عامة ،ويرجع ذلك من ناحية إلى تخلف رتبته بالنسبة لرتبة الديون
الممتازة( ،)2ومن ناحية ثانية إلى أنه عند توقف المدين عن الوفاء بديونه فإنه غالبا ما يفقد
: 1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثاني ...مرجع سابق ،ص .231
-عز الدين بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،الجزء الثاني األصل التجاري ...مرجع سابق ،ص .213
2إذ حسب الفصل 1248من ق.ل.ع فإن الديون الممتازة لها األولوية في األداء على الديون المضمونة برهن رسمي،
والديون الممتازة بحسب الترتيب هي :مصروفات الجنازة ،مصروفات العالج في مرض الموت ،المصروفات القضائية ،األجور
والتعويضات عن العمل ،تعويضات المصاب في حادثة شغل ،الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان االجتماعي.
101
األصل التجاري قيمته االقتصادية ،ألنه لو لم يكن المدين يعاني من صعوبات في استثماره له
لكان قد استمر في الوفاء بديونه ،وهذا يعني أن هناك حظوظا كبيرة في أن ينفذ الدائن المرتهن
على أصل تجاري ال تكفي قيمته للوفاء بالدين.
يتمتع الدائن المرتهن كذلك بحق تتبع األصل التجاري المرهون وتتبع كل عنصر من
العناصر المشمولة بالرهن في أية يد كانت (المادة )122بحيث إذا قام المدين الراهن بتفويته
إلى الغير بالرغم من الرهن الواقع عليه فإن للدائن أن ينفذ عليه بين يدي ذلك الغير ألن
التسجيل يجعل االمتياز المقرر للدائن مرتبطا باألصل التجاري المرهون وليس بالتاجر الراهن،
هذا زيادة عن أن األصل التجاري مال معنوي ال تنطبق عليه قاعدة "الحيازة في المنقول سند
الملكية" انطالقا من أن التسجيل يوفر إمكانية كافية للغير للتعرف على الوضعية القانونية التي
يوجد عليها األصل التجاري.
غير أن المشكلة تثور بالنسبة للعناصر المادية المشكلة لألصل المرهون إذا ما تم تفويتها
مستقلة إلى الغير إذ هنا تنطبق قاعدة "الحيازة في المنقول سند الملكية" بحيث أنه إذا كان
الحائز حسن النية فإنه ال يمكن للدائن المرتهن أن ينفذ عليها.
بالنظر إلى أن األصل التجاري المرهون يضل في حيازة المدين الراهن ،ولما كان من شأن
كل تغيير في وضعيته القانونية أن يمس بحق االمتياز الذي يتمتع به الدائن المرتهن فقد حرص
القانون على النص على إعالم هذا األخير ببعض التصرفات القانونية ذات األهمية التي يكون
األصل التجاري المرهون محال لها ورتب على اإلخالل بذلك إسقاط أجل الدين الذي يصبح حاال
مع تحميل المدين الراهن المسؤولية عن كل ضرر يلحق الدائن المرتهن نتيجة ذلك.
102
-1حالة تغيير مقر األصل التجاري :إذ يجب على الراهن أن يخطر الدائنين المرتهنين
بذلك وبالمقر الجديد خمسة عشر يوما على األقل قبل النقل ،وعندئذ على الدائن المرتهن داخل
خمسة عشر يوما من اإلخطار أو ثالثين يوما من علمه بالنقل أن يطلب التنصيص بهامش قيد
الرهن في السجل التجاري على المقر الجديد ،واذا تم نقله إلى دائرة محكمة أخرى عليه أن يعيد
تقييد رهنه من تاريخه األصلي بسجل تلك المحكمة مع بيان المقر الجديد .فإذا أغفل الدائن
إجراء ذلك أمكن للمحكمة أن تقضي بإسقاط امتيازه إذا ثبت أنه تسبب بتقصيره ذاك في إلحاق
ضرر بالغير الذي وقع تغليطه بشأن الوضعية القانونية لألصل التجاري.
هذا ويالحظ أنه يمكن للدائن المرتهن أن يعترض على نقل مقر األصل التجاري إذا ما
تبين له أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إنقاص قيمته فإذا ثبت صحة ما يدعيه جاز للمحكمة أن
تقضي بإسقاط آجال الدين الذي يصبح حال األداء (المادة .)111
-2حالة إقامة مالك العقار الذي يستغل فيه األصل التجاري دعوى فسخ عقد الكراء :إذ
عليه في هذه الحالة أن يخطر بذلك الدائنين المرتهنين المقيدين في السجل التجاري وذلك في
موطنهم المختار المعين في ذلك التقييد ،وعندئذ ال يمكن للمحكمة أن تصدر حكمها بالفسخ إال
بعد ثالثين يوما من التبليغ .ونفس الشيء قرره المشرع بالنسبة للفسخ الرضائي الذي يتقرر اتفاقا
بين مالك العقار والمدين الراهن فهو بدوره ال يصبح نهائيا إال بعد ثالثين يوما من تاريخ تبليغ
الدائن المرتهن (المادة .)112
والقصد من إعالم الدائن المرتهن في هذه الحالة هو إتاحة الفرصة له لحماية حقوقه التي
ستتأثر بالتأكيد في حالة فسخ الكراء والذي سيؤدي إلى إفراغ المدين الراهن من المحل الذي
يستغل فيه األصل التجاري المرهون وهو الذي قد يكون من شانه اندثار ذلك األصل.
وعموما فإن الدائن المرتهن متى وقع إعالمه بدعوى الفسخ أو بالفسخ الرضائي يمكنه
اتخاذ أحد المواقف التالية:
103
-التدخل في المسطرة القضائية للدفاع عن حقوقه بما في ذلك العمل على تدارك أسباب
الفسخ :مثال عرض أداء واجبات الكراء المتخلفة في ذمة المدين الراهن أو عرض إجراء
اإلصالحات الضرورية في المحل ...تبعا لسبب طلب الفسخ.
هذا واذا أخل المكري بااللتزام الواقع عليه باإلخطار المشار إليه أعاله فإنه يتحمل
المسؤولية عن كل ضرر يلحق الدائن المرتهن نتيجة ذلك(.)1
-3حالة بيع العناصر التي يتكون منها األصل التجاري كال على حدة :ففي حالة التنفيذ
على أحد أو بعض عناصر األصل التجاري المرهون بشكل مستقل من قبل الغير بموجب حجز
تنفيذي أو في إطار البيع القضائي لألصل التجاري فإن ذلك البيع ال يمكن أن يتم إال بعد عشرة
أيام على األقل من إخطار الدائنين المرتهنين الذين أجروا تقييدهم خمسة عشر يوما على األقل
من اإلخطار المذكور.
ولكل دائن مرتهن عندئذ ان يرفع دعوى خالل العشرة أيام المذكورة إلى المحكمة التي
يستغل األصل التجاري في دائرتها ترمي إلى بيع األصل التجاري برمته (المادة .)120
وواضح أن القصد مما قرره المشرع هنا تفادي تضرر الدائن المرتهن الذي يمكن ان ينتج
من جراء انتقاص األصل التجاري المرهون.
-4حالة الحكم ببيع األصل التجاري تحقيقا المتياز البائع أو تحقيقا لرهن ثاني :ففي هذه
الحالة على عون التنفيذ أن يخطر باقي الدائنين المرتهنين في األيام العشرة األولى من تاريخ
1
ذهب المجلس األعلى في قراره عدد 2044بتاريخ 1984/10/31إلى أن "الغاية من إعالم المكري للدائن المرتهن بفسخ
عقد الكراء هو أن يتمكن هذا األخير من الدفاع والمحافظة على عناصر األصل التجاري التي تتأثر بفسخ العقد وان إخالله
بهذا االلتزام القانوني يعد مسؤولية تقصيرية يتمثل جزاءها في التزامه بتعويض جميع األضرار التي يتعرض لها الدائن بسبب
فسخ عقد الكراء ،"...مجموعة ق اررات للمجلس األعلى في المادة المدنية ( )1991/1983الرباط ،1992ص ،181 .نشر
كذلك في :قضاء المجلس األعلى ،عدد ،38 -37ص.12 .
104
تبليغ الحكم إلى أطرافه ويجدد هذا اإلخطار في األيام العشرة األخيرة السابقة إلجراء المزايدة
ويستدعيهم للحضور فيها (المادة )116وذلك حتى يتسنى لهم اقتضاء حقوقهم وفق ترتيبهم.
-5حالة رفع دعوى فسخ البيع من بائع األصل التجاري ضد مشتريه بسبب عدم دفع
الثمن :إذ على البائع في هذه الحالة إخطار دائني المشتري المرتهنين بتلك الدعوى وعندئذ ال
يمكن للمحكمة أن تصدر حكمها فيها إال بعد مضي ثالثين يوما من اإلخطار (المادة )101
ونفس الشيء إذا نتج الفسخ في هذه الحالة بناء على شرط في عقد البيع ذاته أو برضى من
المشتري بناء على طلب من البائع إذ على البائع إخطار الدائنين المرتهنين بذلك وحينئذ فإن
الفسخ ال ينتج آثاره إال بعد مرور ثالثين يوما من اإلخطار (المادة .)102
وفي كافة هذه الحاالت الغرض من حرص المشرع على إخطار الدائنين المرتهنين إتاحة
الفرصة لهم لتدارك الفسخ عن طريق عرض أداء الثمن أو ما تبقى منه إذا ما ارتأوا ذلك حتى
يبقوا على األصل التجاري في ملكية مدينهم ويكون بإمكانهم التنفيذ عليه.
-6حالة إعالن التسوية أو التصفية القضائية في حق المدين الراهن :ففي هذه الحالة
أوجب القانون على السنديك أن يشعر شخصيا الدائنين المرتهنين بفتح مسطرة التسوية أو
التصفية القضائية في حق مدينهم حتى يتسنى لهم التصريح بديونهم من أجل إدراجها في الئحة
الديون (المادة .1)686
2
رابعا :التنفيذ على األصل التجاري
إن الرهن الواقع على األصل التجاري ليس إال ضمانا لدين معلوم على المدين الراهن لذلك
فعلى هذا األخير أن يقوم بالوفاء بدينه في التاريخ المحدد له واال أمكن للدائن أن ينفذ على
األصل التجاري نفسه.
ويتم التنفيذ عن طريق استصدار حكم من المحكمة بعد توجيه إنذار إلى المدين بالوفاء
خالل ثمانية أيام من التوصل باإلنذار.
وبعد الحكم يتم بيع األصل التجاري بالمزاد العلني بواسطة كتابة ضبط المحكمة 30يوما
من تبليغ الحكم إلى المدين الراهن ما لم يمدد رئيس المحكمة باعتباره قاضيا للمستعجالت هذا
األجل بأمر معلل لمدة إضافية ال يمكن أن تتعدى 60يوما ،ويستوفي الدائن المرتهن حقه من
الثمن باألفضلية على الدائنين العاديين والدائنين المرتهنين الموالين له في التسجيل وذلك ما لم
تكن هناك ديون تتمتع بحق امتياز قانوني (المواد من 113إلى .)121
ويالحظ على مسطرة التنفيذ هذه أنها طويلة تتطلب كثي ار من الوقت ،كما أنها معقدة وغير
مجدية من حيث انها تخرج األصل التجاري المرهون من تحكم أطراف العقد وتتيح تدخل جهات
أجنبية ،فتفتح المجال للتالعب بمصالح الطرفين ،إذ غالبا ما يرسو المزاد على ثمن منخفض
ليس فقط بسبب الصعوبات التي يوجد فيها األصل التجاري المنفذ عليه ولكن على الخصوص
بسبب عدم مالءمة مسطرة التنفيذ التي تستوجب استصدار حكم قضائي مما ينفر المهتمين من
المشاركة في المزايدة وهذا يجعل هذه األخيرة ال يشارك فيها إال منتهزو الفرص فيرسو الثمن في
الغالب في مبلغ منخفض عنه غبن للمالك من ناحية وعدم كفاية الثمن من ناحية ثانية للوفاء
بالديون المضمونة بالرهن.
لذلك يستحسن التخلي عن مسطرة التنفيذ الحالية واعطاء الحق للدائن المرتهن بالتنفيذ على
األصل المرهون بعد توجيه اإلنذار بالوفاء دون جدوى ،حيث يلجأ حينئذ إلى رئيس المحكمة
التجارية الستصدار أمر بالتنفيذ ،وعندئذ يجري البيع بمشاركة المدين الذي يتم إشراكه في البحث
عن مشتري يعطي الثمن المناسب ،فنتفادى بذلك تعقيدات المسطرة القضائية التي تفتح المجال
لسماسرة المزادات العلنية للتالعب بحقوق األطراف األصلية ،وقد يكون من المفيد وضع مسطرة
شبيهة بمسطرة الصلح يتوافق بمقتضاها الطرفان تحت إشراف قاضي المستعجالت ،على البيع
106
ضمن آجال معقولة ،بحيث ال تتدخل المحكمة إال إذا انصرف األجل دون نجاح عملية البيع
الرضائية.
وهنا قد يكون من الضروري كذلك التنبيه إلى مشكلة الديون الممتازة التي كثي ار ما يفاجأ بها
الدائن المرتهن عند التنفيذ على األصل التجاري ،خاصة الضرائب والرسوم (الجمركية وغيرها)
ومستحقات الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ،والتي تتمتع بحق امتياز قانوني حيث كثي ار
ما تعطل وظيفة رهن األصل التجاري ،لذلك فقد يكون من المفيد إيجاد مسطرة للتعرف على هذه
الديون حتى يكون الدائن المرتهن على بينة من أمره عند قبوله الرهن على أصل تجاري مثقل
1
بها.
الفقرة الثانية :أاثر الرهن يف مواهجة ادلائنني العاديني2
مراعاة لحقوق الدائنين العاديين فإن المشرع رتب على رهن األصل التجاري أن أعطاهم
الحق ،متى كانت ديونهم مترتبة عن استغالل ذلك األصل ،أن يطلبوا إسقاط أجل تلك الديون
(المادة – 111الفقرة ما قبل األخيرة) بحيث تصبح مستحقة األداء على الفور.
وهذه اإلمكانية جاءت مراعاة لالئتمان الذي يوفره األصل التجاري ،فهذا األخير كما أكدنا
على ذلك م ار ار يشكل أداة االئتمان األساسية التي يعتمد عليها الدائنون في معامالتهم مع
التاجر ،لذلك فهم عندما قبلوا إجراء معامالت تتصل باستغالل ذلك األصل على أن يكون
المقابل عنها مؤجل الدفع فذلك اعتمادا على ما استأنسوه من ضمان يوفره األصل التجاري ذاته،
فإذا تم رهن هذا األخير بعد ذلك فهذا يعني أنه قد تم إنشاء حق امتياز عليه لفائدة الغير وهذا
فيه مس بالضمان الذي اعتمدوا عليه فكان من الطبيعي من تم أن نتيح لهم فرصة التأكد من
مدى إمكانية الحصول على ديونهم ،بحيث عن طريق طلب إسقاط آجال تلك الديون إما أن
المحكمة تقدر أن تخوفاتهم لها ما يبررها فتستجيب لطلبهم فيكون بإمكانهم استيفاء ديونهم على
الفور إما طوعا أو جب ار عن طريق القضاء ،أو تقدر المحكمة أن إنشاء الرهن ال يؤثر على
ضمانهم فال تستجيب لطلبهم.
108
الفهرس:
مقدمة3 ...................................................................... :
فصل متهيدي4 .................................................................. :
أوال :تعريف القانون التجاري 5 ........................................................
اثنيا :خصائص القانون التجاري 6 ......................................................
اثلثا :نطاق تطبيق قواعد القانون التجاري10 ..............................................
رابعا :مصادر القانون التجاري() 12 ....................................................
الباب الول :العامل التجارية والتاجر 17 ................................................
الفصل الول :العامل التجارية 17 .....................................................
املبحث الول :أمهية ومعايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية 17 ..........................
املطلب الول :أمهية المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية 17 ...............................
أوال :الاختصاص القضايئ18 ........................................................
اثنيا :االإثبات 18 ................................................................
اثلثا :التضامن بني املدينني 19 .......................................................
رابعا :سعر الفائدة 19 .............................................................
خامسا :همةل الوفاء 20 .............................................................
سادسا :التقادم 20 ...............................................................
املطلب الثاين :معايري المتيزي بني العامل التجارية والعامل املدنية() 20 .............................
الفقرة الوىل :املعايري الاقتصادية 20 ...................................................
الفقرة الثانية :املعايري القانونية 22 ......................................................
املبحث الثاين :أنواع العامل التجارية 25 .................................................
املطلب الول :العامل التجارية بطبيعهتا أو النشطة التجارية 25 .................................
الفقرة الوىل :أنشطة التوزيع والتسويق 25 ...............................................
الفقرة الثانية :أنشطة االإنتاج35 .......................................................
109
الفقرة الثالثة :أنشطة اخلدمات 38 .....................................................
الفقرة الرابعة :النشطة التجارية البحرية واجلوية 45 ..........................................
املطلب الثاين :العامل التجارية الشلكية 46 ...............................................
الفقرة الوىل :المكبياةل والس ند لمر 47 .................................................
الفقرة الثانية :الرشاكت التجارية 48 ....................................................
املطلب الثالث :العامل التجارية التبعية 48 ...............................................
الفقرة الوىل :مفهوم ورشوط العمل التجاري التبعي 49 .......................................
الفقرة الثانية :تطبيقات نظرية التبعية 51 .................................................
املطلب الرابع :العامل التجارية اخملتلطة 52 ...............................................
الفقرة الوىل :النظام القانوين املزدوج للعامل اخملتلطة 53 ......................................
الفقرة الثانية :النظام القانوين املوحد للعامل اخملتلطة 55 .......................................
الفصل الثاين :التاجر 56 ...........................................................
املبحث الول :رشوط اكتساب صفة اتجر 56 ............................................
املطلب الول :الهلية التجارية وإاماكنية مزاوةل النشطة التجارية 56 ..............................
الفقرة الوىل :الهلية التجارية 56 .....................................................
الفقرة الثانية :غياب موانع ممارسة النشطة التجارية 58 ........................................
املطلب الثاين :املامرسة الاعتيادية أو الاحرتافية للنشاط التجاري 60 ..............................
املطلب الثالث :الاس تقاللية يف ممارسة النشاط التجاري 61 ...................................
املبحث الثاين :الزتامات التاجر 62 ....................................................
املطلب الول :الشهر يف السجل التجاري 62 .............................................
الفقرة الوىل :وظائف السجل التجاري 63 ...............................................
الفقرة الثانية :تنظمي السجل التجاري 64 .................................................
املطلب الثاين :الالزتام مبسك احملاس بة واحملافظة عىل املراسالت69 ...............................
الفقرة الوىل :التنظمي القانوين للمحاس بة املفروضة عىل التجار 69 ................................
110
الفقرة الثانية :جحية الواثئق احملاسبية يف االإثبات 71 ..........................................
الباب الثاين :الصل التجاري 74 .....................................................
الفصل الول :عنارص الصل التجاري 75 ................................................
املبحث الول :العنارص املادية 76 .....................................................
املبحث الثاين :العنارص املعنوية 78 ....................................................
املطلب الول :الزبناء والسمعة التجارية 79 ...............................................
املطلب الثاين :الامس أو العنوان التجاري 80 ..............................................
املطلب الثالث :احلق يف الكراء 81 ....................................................
املطلب الرابع :الشعار 86 ..........................................................
املطلب اخلامس :براءات الاخرتاع 87 ..................................................
املطلب السادس :الرخص واالإجازات 87 ................................................
الفصل الثاين :بيع الصل التجاري ورهنه 88 .............................................
املبحث الول :بيع الصل التجاري 88 ..................................................
املطلب الول :رشوط بيع الصل التجاري 88 .............................................
الفقرة الوىل :فامي يتعلق ابلرشوط العامة88 ..............................................
املطلب الثاين :أاثر عقد بيع الصل التجاري 92 ............................................
املبحث الثاين :رهن الصل التجاري 98 .................................................
املطلب الول :رشوط رهن الصل التجاري99 ............................................
الفقرة الوىل :حتديد العنارص املشموةل ابلرهن 99 ...........................................
الفقرة الثانية :الرشوط الشلكية يف رهن الصل التجاري 100...................................
املطلب الثاين :أاثر رهن الصل التجاري 101.............................................
الفقرة الوىل :أاثر الرهن يف مواهجة ادلائن املرهتن 101.......................................
الفقرة الثانية :أاثر الرهن يف مواهجة ادلائنني العاديني 107......................................
الفهرس109.................................................................. :
111