Professional Documents
Culture Documents
لقد نص قانون 95-53المتعلق باحداث المحاكم التجارية في مادته الثانية على ان المحكمة التجارية تتكون من
رئيس ونواب للرئيس ،وقضاة ،ومن نيابة عامة تتكون من وكيل ملك ونائب او عدة نواب ،ومن كتابة الضبط،
وكتابة للنيابة العامة .
وجاء في مادته الثالثة بان محكمة االستئناف التجارية تتكون من رئيس اول ورؤساء غرف ومستشارين ،ومن
نيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونواب له ….
وانه من خالل استقراء مقتضيات قانون احداث المحاكم التجارية يتجلى بانه لم يشر ولم يحدد اختصاصات النيابة
العامة التجارية.
غير انه بالنظر الى كون المحاكم التجارية محددة في االختصاص بمقتضى القانون.
وبالنظر الى كون النيابة لديها تعتبر بمقتضى المادة الثانية والثالثة من قانون احداث المحاكم التجارية من مكونات
المحكمة التجارية ،فان النيابة العامة التجارية تكون هي االخرى مختصة في نفس القضايا التي تعرض على
المحاكم التجارية للنظر فيها.
وبالتالي فان النيابة العامة بالمحاكم التجارية تستمد اختصاصاتها من المدونة الجديدة للتجارة ،وقوانين الشركات،
وقانون المسطرة المدنية ،وبعض القوانين االخرى الخاصة كقانون الملكية الصناعية مثال .
لذلك فسنقسم هذا البحث الى اربع مباحث نراها اساسية فيما يتعلق باختصاصات النيابة العامة التجارية،
وسنتعرض في مبحث اول الى اختصاصات النيابة العامة التجارية المستمدة من مدونة التجارة وقوانين الشركات،
وفي المبحث الثاني الى اختصاصات هذه النيابة العامة المستمدة من قانون المسطرة المدنية ،وفي المبحث الثالث
بالى اختصاصاتها المستمدة من بعض القوانين الخاصة كقانون حماية الملكية الصناعية ،وفي المبحث الرابع
واالخير الى اختصاصات اخرى هي موضوع تساؤالت من اغلب المهتمين والمعنيين وتتعلق بعدة حاالت مختلفة.
المبحث األول :اختصاصات النيابة العامة المستمدة من مدونة التجارة وقوانين الشركات
------------------------------------------------------------------------------------------
لقد منح المشرع للنيابة العامة التجارية باعتبارها تسهر على المصلحة العامة والنظام العام االقتصادي ،دورا
متميزا في المساطر المتعلقة بصعوبات المقاولة ،نظرا االهمية المقاوالت في النسيج االقتصادي ،وارتباطها
بالجانب االجتماعي والمصلحة العامة االقتصادية.
مما يجعل النيابة العامة التجارية دعما قويا لمصلحة المقاوالت من اجل التقويم والتصحيح ،بغية اقالع اقتصادي
الى االفضل واالحسن ،للمحافظة على استمرارية التشغيل واالنتاج ،واتاحة فرص جديدة للعمل ،الستيعاب اليد
العاملة ومحاربة البطالة .
فعمال بمقتضيات المادة 563من مدونة التجارة يحق للنيابة العامة طلب فتح مسطرة المعالجة ،كلما وصل الى
علمها ان مقاولة ما توقفت عن اداء ديونها نتيجة صعوبات مالية ،كما يمكنها كلما الحظت بان وضعية المقاولة
مختلة بشكل جدي ال رجعة فيه لدرجة تجعل امكانية تسوية وضعها وسداد خصومها امرا مستحيال ،ان تتقدم
بطلب فتح مسطرة التصفية القضائية وذلك ما يستفاد من مقتضيات المادة 619من مدونة التجارة والتي تحيل على
المواد 560الى 570من نفس المدونة.
كما يحق لها طبقا للمادة 620من نفس القانون ان تتقدم الى المحكمة ،بطلب استمرار نشاط المقاولة الخاضعة
للتصفية القضائية ،ويحق لها ايضا ان تتقدم بطلب الى المحكمة للتصريح بسقوط االهلية التجارية عن كل تاجر او
حرفي ،او مسؤول في شركات تجارية او مقاولة عند ارتكاب احد االفعال المستوجبة لذلك ،عمال بمقتضيات المادة
716من القانون المذكور وكذلك المواد 715-714-713-712 :من نفس القانون.
كما انه يستشف من قوانين الشركات ومن مرسوم 18/01/1997المنظم للسجل التجاري انه يتعين على النيابة
العامة التجارية ان تسهر على التطبيق السليم للقانون من مرحلة التاسيس الشركات الى مرحلة الحل ( انظر المادة
12من قانون 17-95المتعلق بشركات المساهمة .والمادة 1من قانون 5.96المتعلق بشركات التضامن وباقي
الشركات االخرى والتي تحيل على القانون المتعلق بشركات المساهمة).
هذا وان كانت النيابة العامة التجارية تملك الحق في طلب مسطرة المعالجة ،فهل تقدم الطلب على شكل مقال،
وتكون بذلك طرفا رئيسيا حتى يتاتى لها ممارسة حق الطعن ،ام تقدم ذلك على شكل طلب ،وتكون مجرد طرف
منظم ،ال يحق له ممارسة حق الطعن ؟
وفي هذا الخصوص ،نرى انه من االفيد ،ان تتقدم النيابة العامة التجارية كلما اقتضت الضرورة ،وتوفرت لها
العناصر الكافية بمقال من اجل فتح المسطرة ،يبين بوضوح وضعية الشركة المالية واالقتصادية ،ويكون معززا
بالوثائق التي من شانها ان تثبت حالة التوقف عن الدفع ،ويتضمن كل البيانات الضرورية في هذا المجال ،ومما
تجدر االشارة اليه ان المشرع الفرنسي حدد القرارات التي يمكن للنيابة العامة امام المحكمة التجارية الطعن فيها
باالستئناف ولو لم تكن طرفا رئيسيا ومنها :
القرار الصادر بشان فتح مسطرة المعالجة .
قرار الموافقة على مخطط استمرار المقاولة في مزاولة نشاطها او العدول عنه.
الحكم القاضي بتعيين او استبدال الخبير او المسير او السنديك او المراقب .
الحكم المحدد لفترة المراقبة .
القرار المتعلق بالتفويت.
وحبذا لو ان المشرع المغربي حدا حذو المشرع الفرنسي في هذا الصدد .
بقي ان نشير الى ان البعض يرى بانه كلما عبر المشرع بعبارة لكل ذي مصلحة ضمن مواد مدونة التجارة
وقوانين الشركات ،اال وكانت النيابة العامة من ضمن المعنيين ،باعتبارها تمثل المصلحة العامة االقتصادية.
غير انه اذا كان الطرح يمكن التسليم به فيما يتعلق بصعوبات المقاولة باعتبار المواد التي تنظمها تعد من النظام
العام ،فان ذلك ال يمكن االخذ به على عالته في باقي المواد االخرى التي تتضمن عبارة لكل ذي مصلحة ،او من
يهمه االمر ،وينبغي الحيطة والحذر الالزمين ،وعدم التوسع في التفسير عند ممارسة النيابة العامة لهذه االمكانية،
اذ كثيرا ما يخول المشرع الحق في القيام باجراء ما لكل ذي مصلحة ،او من يهمه االمر ،ومع ذلك ينص في نفس
المادة على حق النيابة في القيام بنفس االجراء ( انظر المادة 426من القانون رقم 17-95المتعلق بشركات
المساهمة).
المبحث الثالث :اختصاصات النيابة العامة المستمدة من مقتضيات قانون الملكية الصناعية
--------------------------------------------------------------------------------------------
انه بغض النظر عن االختصاصات المدنية المخولة للنيابة العامة في ظهير 23/6/1916فان القانون الجديد -97
17الصادر بتاريخ 15/02/2000المتعلق بحماية الملكية الصناعية ،والذي لم يدخل بعد حيز التطبيق لعدم
صدور النصوص التطبيقية الخاصة به ،كما تشير الى ذلك المادة 224منه ،ينص في مادته 15بان المحاكم
التجارية تنفرد وحدها للبث في المنازعات المترتبة عن تطبيقه ،مما يكون قد خول للنيابة العامة التجارية
باعتبارها من مكونات المحكمة التجارية وبصريح القانون ان تقوم برفع بعض الدعاوى المنصوص عليها في
المواد 206-175-161-131-86 :من القانون الجديد لحماية الملكية الصناعية ،مما يعطي للنيابة العامة التجارية
في مثل هذه الحاالت الحق ان تتقدم كلما اقتضت الضرورة بمقال لرفع الدعاوى المنصوص عليها في المواد
المذكورة اعاله ،االمر الذي يجعلها في مثل هذه الحاالت طرفا رئيسيا ،يملك حق الطعن باالستئناف في االحكام
الصادرة بهذه المناسبة.
وضمانا لحسن سير العدالة فان االمر يقتضي ان يسند للنيابة العامة التجارية السهر على اجراء االبحاث التمهيدية
بخصوص االخالالت التي قد تقف عليها تلقائيا ،او التي تبلغ اليها ،او تحال عليها من طرف قاضي السجل
التجاري ،او من طرف القاضي المنتدب او السنديك او المحكمة مثال :الفصل 62وما يليه من مدونة التجارة
والفصول من 378الى 439والفصل 449من قانون شركات المساهمة والفصل 404وما يليه من قانون شركات
التضامن والشركات ذات المسؤولية المحدودة والفصل 11من مرسوم 1997-1-18المنظم للسجل التجاري.
وتبعا لكل ذلك ينبغي ان تقوم النيابة العامة التجارية بتسيير االبحاث المذكورة ،وتتبعها ومراقبتها ،من بداية البحث
الى نهايته ،وعند اتمام المسطرة تحيلها على النيابة العامة المختصة لتطبيق القانون.
كيفية التعامل بين النيابة العامة التجارية والنيابات العامة االخرى :
ان اهمية التساؤالت المطروحة تكمن في كون قانون المحاكم التجارية لم يتعرض الختصاصات النيابة العامة
لديها ،وبالتالي لم يضع حدودا واضحة بين اختصاصات النيابة العامة التجارية ،واختصاصات النيابة العامة لدى
المحاكم غير التجارية.
ونظرا لطبيعة العالقة بين النيابات العامة المذكورة رغم استقالل كل منهما على االخرى ،فان كيفية التعامل مع
الحاالت والتساؤالت اعاله ،تقتضي تدخل المشرع بمقتضى نصوص قانونية واضحة ومنسجمة ،تحدد
اختصاصات النيابة العامة لدى المحاكم التجارية بكل دقة وتنسق فيما بينها وبين النيابات العامة االخرى .
وفي انتظار وضوح الرؤيا من خالل الممارسة العملية والدراسات القانونية والتطبيقية في هذا المجال ،وما قد
يترتب عن ذلك من تدخل المشرع لتحديد االختصاص بكل دقة .
فان الكيفية التي ستتعامل بها النيابات العامة التجارية مع ما قد يبرز امامها من اشكاالت قانونية ،وما قد يطرح
عليها خالل عملها اليومي ،ستلقي الضوء وال شك على دور النيابة العامة امام هذه المحاكم ،لتحقيق الغاية من
احداثها ،وحتى يكون دورها فعاال بحيث يتاتى لها القيام بدورها الريادي والحيوي في حماية االمن العام
االقتصادي ،توفير المناخ القانوني المالئم الكفيل بطمانة الفاعلين االقتصاديين ،ونشر الثقة وسيادتها في هذا
الميدان ،لجلب المزيد من رؤوس االموال ،ولتشجيع االستثمار ،وتكريس دولة الحق والقانون في مجال حقوق
االنسان المالية واالقتصادية ،خصوصا ونحن نعيش اليوم الفية جديدة في عالم عمته وغزته المعلوميات بكل
اكراهاتها وغدت فيه سيادة القانون وضمان حقوق االنسان بكل انواعها مقياسا لتقدم االمم ورقيها ،وعنوانا لنشر
العدل بين المواطنين ونجاحه .
السيد احمد اشمارخ