You are on page 1of 149

‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم العالي‬


‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬
‫المعهد العالي للقضاء‬
‫قسم السياسة الشرعية‬

‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها‬

‫دراسة مقارنة‬

‫بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير‬


‫في السياسة الشرعية‬

‫إعداد الطالب ‪:‬‬


‫عبدالعزيز بن حامد بن مطر المطيري‬

‫المشرف العلمي ‪:‬‬


‫أ‪.‬د‪.‬مدني عبدالرحمن تاج الدين‬

‫العام الجامعي‪:‬‬
‫‪1435‬هـ ‪1436 -‬هـ‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المقدمة‬

‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ‪ ,‬ومن سيئات أعمالنا‬
‫من يهديه اهلل فال مضل لـه ومن يضلل فال هادي لـه وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال‬
‫شريك لـه وأشهد أن حممدا عبده ورسوله وخريته من خلقه صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم تسليماً كثرياً ‪.‬‬

‫أما بعد ‪..‬‬

‫فإن اهلل عز وجل من رمحته بالعباد أن جعل الشريعة اإلسالمية صاحلة لكل زمان ومكان ‪,‬‬
‫فال ختلو مصلحة للعباد دنيوية أو أخروية إال ويف الشريعة مايدلنا عليها وال مفسد إال ودجد‬
‫يف الشريعة ماحيذرنا منها ‪.‬‬

‫ومن ذلك أن تُرك باب التعزير الشرعي للحاكم والقاضي يف اجلرائم اليت تعترب من النوازل‬
‫والوقائع املستجد اليت يرى إمام املسلمني أن مصلحتهم تكون يف معاقبة كل من يرتكب أي‬
‫منها ‪ ,‬ويف هذا الباب صدر النظام اجلزائي جلرائم التزوير يف اململكة العربية السعودية مبوجب‬
‫املرسوم امللكي رقم ( م ‪ )11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ ‪.‬‬

‫ونظراً ألن من متطلبات التخرج يف مرحلة املاجستري يف املعهد العايل للقضاء تقدمي حبث‬
‫تكميلي فقد قمت باختيار موضوع ( جرمية تزوير األوراق التجارية وعقوبتها) سائال املوىل‬
‫اإلعانة والسداد واإلهلام والرشاد ‪.‬‬

‫أ ‪ .‬أهمية الموضوع ‪:‬‬

‫تكمن أمهية هذا املوضوع يف كون النظام اجلزائي جلرائم التزوير الصادر مبوجب املرسوم امللكي‬
‫رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ َّ‬
‫عد يف املاد (‪ )13‬منه تزوير األوراق التجارية من‬
‫الصور املشدد اليت يستحق مرتكبها أشد العقوبات املقرر يف ذلك النظام ؛ وذلك لكون‬
‫‪1‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫احلماية اجلنائية لألوراق التجارية مبنية على محاية ضرور من الضرورات اخلمس اليت جاءت‬
‫الشريعة اإلسالمية حبفظها من أي اعتداء قد يقع عليها ‪ ,‬وهذه الضرور هي ضرور حفظ‬
‫املال ‪.‬‬

‫ونظرا إىل أن األوراق التجارية تتفق مع األوراق النقدية يف تسهيل التعامل التجاري من‬
‫حيث التداول والقبول وأصبح جيري استعماهلا كأدوات للوفاء كما يف الشيك والسند ألمر ‪,‬‬
‫وأدا لالئتمان والوفاء معاً كما يف الكمبيالة ‪ ,‬فقد جرى محايتها نظاماً من أي اعتداء قد‬
‫يقع عليها ومن ذلك أن َّ‬
‫عد النظام اجلزائي جلرائم التزوير الصادر يف اململكة العربية السعودية‬
‫مبوجب املرسوم امللكي رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ تزوير األوراق التجارية من الصور‬
‫املشدد اليت يستحق مرتكبها أشد العقوبات املقرر يف ذلك النظام‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫‪ /1‬من أهم خصائص األوراق التجارية أهنا تعد صكوكاً شكلية ‪ ,‬مبعىن أهنا تكستب صفتها‬
‫النظامية عندما تستويف تلك األوراق األركان الشكلية اليت اشرتط املنظم تضمينها إياها ‪,‬‬
‫وبالتايل فإن أي اعتداء يقع على أيٍ من تلك األركان الشكلية سيؤثر تبعاً على الصفة‬
‫النظامية لتلك الورقة ‪.‬‬

‫‪ /2‬ومن األسباب أيضا أنين مل أجد – حسب حبثي واطالعي – من تناول حبث هذه‬
‫املسائل يف رسالة مستقلة وشاملة السيما بعد صدور النظام اجلزائي جلرائم التزوير باملرسوم‬
‫امللكي رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ ‪.‬‬

‫‪ /3‬أن هذا املوضوع يتعلق حبفظ ضرور من الضرورات اخلمس اليت جاءت الشريعة حبفظها‬
‫أال وهي ضرور حفظ املال ‪ ,‬ذلك أن األوراق التجارية متثل يف حقيقتها حقوقاً مالية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ /4‬تبني من خالل املمارسة العملية يف التحقيق يف قضايا التزوير احلاجة إىل حبث موضوع‬
‫جرمية تزوير األوراق التجارية من حيث طرقها وأركاهنا والعقوبة املقرر هلا على حنو خيدم‬
‫العاملني مبرافق العدالة واملهتمني هبا ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬مشكلة البحث وتساؤالته ‪:‬‬

‫تكمن مشكلة البحث يف بيان حقيقة وماهية جرمية تزوير األوراق التجارية من الناحيتني‬
‫الفقهية والنظامية ‪ ,‬ومدى اعتبارها جرمية جنائية مكتملة األركان والشروط يستحق فاعلها‬
‫اجلزاء املقرر فقهاً ونظاماً لكل من يرتكبها أم ال‪.‬‬

‫وبالتايل فإن هذا البحث جييب عن التساؤالت املسامهة يف حل تلك املشكلة واليت من أمهها‬
‫‪ :‬ماهي تعريفات مفردات كل من اجلرمية و التزوير واألوراق التجارية يف اللغة واالصطالح ؟‬
‫وماهي العلة من محاية األوراق التجارية يف الفقه والنظام ؟ وماهي أوجه التمييز بني جرمية‬
‫تزوير األوراق التجارية ومايشتبه هبا من اجلرائم األخرى ؟ وماهي أركان جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية يف الفقه والنظام ؟ وماهي العقوبة املتقرر فقهاً ونظاماً هلذه اجلرمية ؟ وماهي اجلهة‬
‫القضائية املختصة باحلكم هبذه العقوبة ؟ إىل غري ذلك من التساؤالت العديد املتعلقة هبذه‬
‫اجلرمية اليت جتيب عنها هذه الدراسة ‪.‬‬

‫د ‪ .‬الدراسات السابقة ‪:‬‬

‫بعد البحث واالستقراء مل أجد – فيما اطلعت عليه ‪ -‬من كتب يف هذا املوضوع رسالة‬
‫علمية مستقلة ‪ ,‬وما اطلعت عليه من رسائل علمية وحبوث مل تتعرض هلذا املوضوع بصور‬
‫شاملة السيما بعد صدور النظام اجلزائي جلرائم التزوير لعام ‪1435‬هـ ‪ ,‬ومن تلك الدراسات‬
‫‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫جرمية تزوير الشيك وعقوبتها ‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬للباحث ‪ /‬درع بن عبدالعزيز بن درع‬ ‫‪-1‬‬
‫أل درع ‪ ,‬وهو حبث تكميلي مقدم إىل قسم السياسة الشرعية باملعهد العايل للقضاء‬
‫يف عام ‪1428‬هـ ‪ ,‬وباطالعي على هذا الدراسة ومقارنتها مبوضوع هذا البحث‬
‫وجدت بينهما اختالفاً كبرياً أوجزته يف الفروق السبعة التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬من حيث اختالف النظام حمل املقارنة ‪ ,‬فدراسة جرمية تزوير الشيك وعقوبتها تُ ُّ‬
‫عد‬
‫دراسة مقارنة يف موضوعها بني الفقه ونظام مكافحة التزوير الصادر باملرسوم امللكي رقم‬
‫م ‪ 114/‬وتاريخ ‪1380/11/24‬هـ والذي مل يرد فيه نص صريح يتعلق جبرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية ‪ ,‬بينما هذه الدراسة تعدُّ مقارنة يف موضوعها بني الفقه و النظام اجلزائي‬
‫جلرائم التزوير الصادر باملرسوم امللكي رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ والذي نص‬
‫بوضوح يف املاد الثالثة عشر منه على جرمية تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬كما أنه الخيفى‬
‫على املطلع على النظامني االختالف الكلي بينهما يف ُج ِّل أحكامهما ‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث اختالف موضوع الدراسة ‪ ,‬فدراسة جرمية تزوير الشيك وعقوبتها اقتصرت‬
‫على شكل واحد من أشكال األوراق التجارية وهو الشيك ‪ ,‬بينما هذه الدراسة‬
‫ستتطرق جلميع أشكال األوراق التجارية من حيث وقوع جرمية التزوير عليها ‪ ,‬والخيفى‬
‫أن من أهم خصائص األوراق التجارية الشكلية ‪ ,‬واليت من أهم صورها أن لكل ورقة‬
‫جتارية بيانات حددها النظام لكي تؤدي هذه الورقة وظيفتها ‪ ,‬وبالتايل فإن وقوع جرمية‬
‫التزوير على أي ورقة خيتلف عن وقوعها على األخرى تبعاً الختالف البيانات احملدد‬
‫لكل منها ‪.‬‬
‫ت‪ -‬من حيث اختالف الركن الشرعي ‪ ,‬فجرمية تزوير األوراق التجارية مل يرد بشأهنا نص‬
‫خاص يف نظام مكافحة التزوير القدمي ‪ ,‬وانتهى الباحث يف دراسة جرمية تزوير الشيك‬
‫إىل إحلاق الشيك باألوراق العرفية ‪ ,‬بينما النظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد نص‬
‫بوضوح على جرمية تزوير األوراق التجارية يف املاد الثالثة عشر (‪ )13‬منه وعدَّها من‬

‫‪4‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الصور املشدد جلرائم التزوير ‪ ,‬فجعلها جرمية مستلقة عن جرمية تزوير احملررات العرفية‬
‫ورتب على تزويرها أيضاً عقوبة ختتلف عن العقوبة املقرر جلرمية تزوير احملررات العرفية ‪.‬‬
‫ث‪ -‬من حيث اختالف الركن املادي ‪ ,‬فالنظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد نص يف املاد‬
‫الثانية منه على طرق التزوير ‪ ,‬اليت الميكن أن تقع جرمية التزوير إال من خالهلا وذلك‬
‫على سبيل احلصر ‪ ,‬خبالف نظام مكافحة التزوير الذي مل ينص على هذه الطرق ‪,‬‬
‫وبالتايل فإن هذه الدراسة ستختلف عن دراسة جرمية تزوير الشيك من حيث بيان أي‬
‫من هذه الطرق ميكن أن تقع من خالله جرمية تزوير األوراق التجارية بأشكاهلا الثالثة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬من حيث اختالف العقوبة ‪ ,‬فدراسة جرمية تزوير الشيك وعقوبتها انتهت إىل أن‬
‫العقوبة املقرر جلرمية تزوير الشيك هي العقوبة الوراد يف املاد العاشر من النظام القدمي‬
‫وذلك باعتبار الشيك من األوراق العرفية ‪ ,‬بينما يف النظام اجلديد دجد أن العقوبات‬
‫األصلية والتكميلية والتبعية املقرر جلرمية تزوير األوراق التجارية خمتلفة عما ورد يف النظام‬
‫القدمي ‪.‬‬
‫ح‪ -‬دراسة جرمية تزوير الشيك مل تتطرق إىل حبث العلة من محاية األوراق التجارية يف الفقه‬
‫والنظام ‪ ,‬بينما هذه الدراسة ستبحث هذه العلة ‪.‬‬
‫خ‪ -‬دراسة جرمية تزوير الشيك مل تتطرق لبحث التمييز بني جرمية تزوير األوراق التجارية‬
‫ومايشتبه هبا ‪ ,‬بينما هذه الدراسة ستبحث ذلك‪.‬‬
‫دراسة احلماية اإلجرائية للشيك يف نظام اإلجراءات اجلزائية السعودي ‪ -‬دراسة‬ ‫‪-2‬‬
‫تطبيقية مقارنة‪ -‬رسالة مقدمة استكماالً ملتطلبات احلصول على درجة املاجستري يف‬
‫العدالة اجلنائية من جامعة نايف العربية للطالب ‪ /‬خالد احلسيين ‪ ,‬وباالطالع عليها‬
‫مل أجدها تطرقت جلرمية تزوير الشيك أو ماعداها من األوراق التجارية ‪.‬‬
‫أحكام جرائم الشيك وعقوباهتا ‪ -‬دراسة مقارنة‪ , -‬للطالب ‪ /‬يوسف بن سليمان‬ ‫‪-3‬‬
‫القرزعي وهو حبث تكميلي مقدم إىل قسم السياسة الشرعية باملعهد العايل للقضاء‬

‫‪5‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫يف عام ‪1421‬هـ ‪ ,‬وباالطالع عليها وجدهتا كسابقتها مل تتطرق جلرمية تزوير الشيك‬
‫أو ماعداها من األوراق التجارية وإمنا اقتصرت على اجلرائم املنصوص عليها يف نظام‬
‫األوراق التجارية ‪.‬‬
‫األوراق التجارية واإلفالس والتسوية الواقية منه طبقاً لألنظمة القانونية يف اململكة‬ ‫‪-4‬‬
‫العربية السعودية لألستاذ الدكتور عبدالرمحن السيد قرمان ‪ ,‬وباالطالع على هذا‬
‫الكتاب وجدته تطرق فيما يتعلق باألوراق التجارية ألركاهنا وبياناهتا واألحكام املتعلقة‬
‫بتداوهلا وضماناهتا ‪ ,‬ومل أجدها تطرقت جلرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬
‫القانون التجاري األوراق التجارية واإلفالس ‪ ,‬للدكتور مصطفى كمال طه ‪,‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وباالطالع على هذا الكتاب وجدته كسابقه تطرق ألركان األوراق التجارية وبياناهتا‬
‫واألحكام املتعلقة بتداوهلا وضماناهتا ‪ ,‬ومل يتطرق جلرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬
‫اجلرائم املالية والتجارية ‪ ,‬للدكتور عبداحلميد الشواريب ‪ ,‬وباالطالع على هذا‬ ‫‪-6‬‬
‫الكتاب وجدته تطرق جلرمية التهريب اجلمركي وجلرائم قانون النقد وجلرائم الضرائب‬
‫وجلرمية الكسب الغري مشروع وجلرائم البنوك واالئتمان وجلرائم تزييف العملة ‪ ,‬ومل‬
‫أجدها تطرقت جلرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬
‫هـ ‪ .‬منهج البحث ‪:‬‬

‫يتضمن ثالثة أمور ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬منهج الكتابة يف املوضوع ذاته ‪ ,‬ويكون يف ضوء النقاط اآلتية ‪:‬‬

‫البدء بدراسة املسألة وفقاً للنظام السعودي مث مقارنته باألنظمة األخرى وشروحها ‪,‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مث بعد ذلك مقارنته بالشريعة اإلسالمية ‪.‬‬
‫االعتماد عند الكتابة على املصادر االصلية عند كل مسألة حبسبها‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪6‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫االعرتاف بالسبق ألهله ‪ ,‬يف تقرير فكر ‪ ,‬أو نصب دليل‪ ,‬أو مناقشته أو ضرب‬ ‫‪-3‬‬
‫مثال أو ترجيح رأي ‪ ...‬اخل ‪ ,‬وذلك بذكره يف صلب البحث أو اإلحالة على‬
‫مصدره يف اهلامش‪.‬‬
‫احلرص على إيراد تطبيقات قضائية يف كل مسألة ما أمكن ذلك ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أتبع يف املسائل اخلالفية املنهج اآليت ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أ – حترير حمل اخلالف ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ذكر األقوال يف املسألة ‪ ,‬ويكون عرض اخلالف على ضوء األقوال مع نسبتها‬
‫إىل أصحاهبا وإيراد ما استدلوا به ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ترجيح مايظهر رجحانه ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬منهج التعليق والتهميش ‪ ,‬ويكون على ضوء النقاط التالية ‪:‬‬

‫أعزو اآليات القرآنية إىل السور الوارد فيها مع بيان رقم اآلية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أراعي يف ختريج األحاديث بيان من أخرجها بلفظها الوارد يف احلديث أو حنوه مع‬ ‫‪-2‬‬
‫بيان ذلك ‪ ,‬وذلك باإلحالة إىل مصدر احلديث بذكر الكتاب والباب واجلزء‬
‫والصفحة ‪ ,‬وإن كان احلديث يف الصحيحني أو أحدمها فأكتفي بتخرجيه منهما‬
‫للحكم بصحته ‪.‬‬
‫أوثق أقوال العلماء وآرائهم من كتبهم مباشر ‪ ,‬وال أجلأ للعزو بواسطة إال عند تعذر‬ ‫‪-3‬‬
‫األصل ‪.‬‬
‫أوثق نسبة األقوال إىل املذاهب من الكتب املعتمد يف كل مذهب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أوثق املعاين اللغوية من معاجم اللغة املعتمد ‪ ,‬وتكون اإلحالة على معاجم اللغة‬ ‫‪-5‬‬
‫باملاد واجلزء والصفحة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫املعلومات املتعلقة باملراجع (النشر ‪ ,‬رقم الطبعة ‪ ,‬ومكاهنا ‪ ,‬وتارخيها ‪ ...‬اخل) أكتفي‬ ‫‪-6‬‬
‫بذكرها يف قائمة املصادر واملراجع وال أذكر شيء من ذلك يف هامش البحث إال إذا‬
‫اختلفت الطباعة‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬مايتعلق بالناحية الشكلية والتنظيمية ولغة الكتابة ‪ ,‬فأراعي فيها األمور التالية ‪:‬‬

‫العناية بضبط األلفاظ ‪ ,‬وخباصة اليت يرتتب على عدم ضبطها شيء من الغموض ‪,‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وإحداث لبس ‪ ,‬أو احتمال بعيد ‪.‬‬
‫االعتناء بصحة املكتوب ‪ ,‬وسالمته من الناحية اللغوية ‪ ,‬واإلمالئية ‪ ,‬والنحوية ‪,‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومراعا حسن تناسق الكالم ‪ ,‬ورقي أسلوبه ‪.‬‬
‫العناية بعالمات الرتقيم ‪ ,‬ووضعها يف مواضعها الصحيحة فقط ‪ ,‬وأقصد هبا ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫النقط ‪ ,‬والفواصل ‪ ,‬وعالمات التعليل ‪ ,‬والتعجب ‪ ,‬واالستفهام ‪ ,‬والتنصيص ‪....‬‬
‫اخل ‪.‬‬

‫االعتناء بانتقاء حرف الطباعة يف العناوين ‪ ,‬وصلب املوضوع ‪ ,‬واهلوامش ‪ ,‬وبدايات‬ ‫‪-4‬‬
‫األسطر ‪.‬‬
‫أضع عند هناية كل مسألة ‪ ,‬أو مبحث ‪ ,‬أو مطلب ‪ ....‬اخل مايدل على انتهائه من‬ ‫‪-5‬‬
‫العالمات املميز ‪.‬‬
‫أتبع يف إثبات النصوص املنهج اآليت ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أ – أضع اآليات القرآنية بني قوسني مميزين على هذا الشكل ﴿ ‪. ﴾ ....‬‬

‫ب‪ -‬أضع األحاديث واآلثار بني قوسني مميزين على هذا الشكل ‪. "...." :‬‬

‫ج‪ -‬أضع النصوص اليت نقلتها من غريي على هذا الشكل ‪. "...." :‬‬

‫‪8‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ألتزم بكل مايطلب مين سواء من القسم أو من فضيلة املشرف على البحث ‪,‬‬ ‫‪-7‬‬
‫والتنسيق عند رغبة التعديل أو إضافة مباحث جديد وذلك بعد موافقة القسم ‪.‬‬
‫تقسيمات البحث ‪:‬‬

‫يتكون البحث من مقدمة وتشتمل على بيان أمهية املوضوع وأسباب اختياره ومشكلة البحث‬
‫وتساؤالته والدراسات السابقة املتعلقة به واملنهج املتبع فيه وتقسيماته ‪ ,‬كما يتكون من متهيد‬
‫وفصلني وخامتة وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫‪ ‬التمهيد ‪ ,‬ويشتمل على التعريف مبفردات عنوان البحث ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬تعريف الجريمة ‪ ،‬وفيه مطلبان ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف اجلرمية لغة واصطالحاً ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬تعريف اجلرمية يف الفقه ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تعريف التزوير ‪ ،‬وفيه مطلبان ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف التزوير لغة واصطالحاً ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬تعريف التزوير يف الفقه ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تعريف األوراق التجارية لغة واصطالحاً ويشتمل على ثالثة‬
‫مطالب‪:‬‬

‫املطلب األوىل ‪ :‬تعريف األوراق التجارية لغة واصطالحاً ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬العلة من محاية األوراق التجارية يف الفقه والنظام ‪.‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬التمييز بني جرمية تزوير األوراق التجارية ومايشتبه هبا ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ ‬الفصل األول ‪ :‬أركان جريمة التزوير في األوراق التجارية ‪ ,‬وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬الركن الشرعي ‪ ،‬وتحته مطلبان ‪:‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬الركن الشرعي يف النظام‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬الركن الشرعي يف الفقه ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الركن المادي وتحته ثالثة مطالب ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬النشاط اإلجرامي ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬النتيجة الضار ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬العالقة السببية بني النشاط اإلجرامي والنتيجة الضار ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الركن المعنوي لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪ ،‬وتحته مطلبين ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬القصد اجلنائي العام لتزوير األوراق التجارية‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القصد اجلنائي اخلاص لتزوير األوراق التجارية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أركان جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل الثاني ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية ‪ ،‬وفيه مبحثين ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية ‪ ،‬وتحته مطلبان ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية ‪،‬‬
‫وتحته مطلبان ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل يف قضايا تزوير األوراق التجارية يف حماكم‬
‫الدرجة األوىل ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل يف قضايا تزوير األوراق التجارية يف حماكم‬
‫االستئناف ‪.‬‬

‫‪ ‬الخاتمة وفيها أهم النتائج والتوصيات ‪.‬‬


‫‪ ‬المراجع ‪.‬‬
‫‪ ‬الفهارس ‪.‬‬
‫ويف اخلتام أتوجه بالشكر اجلزيل بعد شكر اهلل سبحانه اهلل إىل كل من ساهم يف إخراج هذا‬
‫البحث إىل حيز الوجود ‪ ,‬وعلى رأس هؤالء فضيلة املشرف على هذا البحث أ‪ .‬د ‪ /‬مدين‬
‫عبدالرمحن تاج الدين–وفقه اهلل‪ , -‬الذي مل يألوا جهداً يف بذل كل مامن شأنه أن يساهم‬
‫مشرفة ‪ ,‬كما أشكر فضيلة د‪ /‬منصور بن عبدالرمحن‬
‫يف إخراج هذا البحث يف صور علمية ِّ‬
‫احليدري – وفقه اهلل‪ -‬الذي ساهم يف مرحلة اإلرشاد إىل موضوع البحث ‪ ,‬كما أشكر‬
‫زمالئي يف هيئة التحقيق واالدعاء العام الذين مافتئوا يساندوين على إكمال مسرييت التعليمية‬
‫وتذليل كل عقبة قد تعرتض هذه املسري ‪ ,‬كما أشكر والديت الغالية اليت أحسب أن دعائها‬
‫ومساندهتا يل مها سبب كل توفيق ودجاح يهبه اهلل يل ‪ ,‬والشكر موصول لزوجيت العزيز على‬
‫مابذلته من عطاء خالل مراحل إعداد هذا البحث ‪ ,‬وختاماً أسأل اهلل عزوجل أن يكون هذا‬
‫البحث يف ميزان األعمال الصاحلة لكاتبه واملشرف عليه وكل من ساهم فيه ‪ ,‬كما أسأله‬
‫سبحانه أن يعفو عما كان فيه من زلل أو قصور ‪ .‬وآخر دعواي أن احلمد هلل رب العاملني ‪.‬‬

‫عبدالعزيز بن حامد المطيري ‪ -‬الرياض ‪1436/11/8‬هـ‬


‫‪11‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفصل التمهيدي‬
‫وتحته ثالثة مباحث ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تعريف الجريمة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تعريف التزوير ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تعريف األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث األول‬

‫تعريف الجريمة‬

‫وتحته مطلبان ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الجريمة لغة واصطالحاً ‪ ,‬وتحته فرعان ‪:‬‬

‫اجلُجرُم‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الجريمة في اللغة ‪ :‬أصلها من ماد َجَرَم ‪ :‬أي َك َس َ‬
‫ب ‪َ ,‬و ج‬
‫الكسب اقتطاعٌ‪ .‬وقالوا يف قوهلم " َال َجَرَم " ‪ :‬هو من قوهلم‬
‫ب‪ ,‬و‬
‫ب ؛ ألَنَّهُ َك جس ٌ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫اجلَرميَةُ‪ :‬الذنج ُ‬
‫َو ج‬
‫ت ‪ ,‬وأنج َش ُدوا‪:‬‬
‫ت أي َك َسجب ُ‬
‫جرجم ُ‬
‫َ‬

‫ت فَـَز َارَ بَـ جع َد َها أَ جن يَـ جغ َ‬


‫ضبُوا‬ ‫ت أَبَا عُيَـجيـنَةَ طَ جعنَةً ‪َ ...‬جَرَم ج‬
‫َولََق جد طَ َعجن ُ‬
‫‪1‬‬
‫ضبًا ‪.‬‬
‫َي َك َسبَجتـ ُه جم َغ َ‬
‫أج‬
‫‪2‬‬
‫(جتََّرَم) َعلَجيه أَي ادعى عليه َذنجـبًا َملج يفعله ‪.‬‬
‫و قوهلم َ‬

‫وبالتايل يتبني مما سبق أن هذه الكلمة خصصت من قدمي للكسب املكروه غري املستحسن ‪,‬‬
‫ولذلك كانت كلمة َج ُرَم يراد منها احلمل على فعل محالً آمثاً ‪ ,‬ومن ذلك قوله تعاىل ﴿ َويَا‬
‫ٍ‬
‫صال ٍح َوَما‬
‫وح أ جَو قَـ جوَم ُهود أ جَو قَـ جوَم َ‬
‫اب قَـ جوَم نُ ٍ‬ ‫قَـ جوم َال َججيرَمنَّ ُك جم ش َقاقي أَ جن يُصيبَ ُك جم مثج ُل َما أ َ‬
‫َص َ‬

‫‪ 1‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا ‪ ,‬معجم مقاييس اللغة ‪,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ‪ ,‬الطبعة ‪1399 :‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫اجلزء األول ‪ ,‬الصفحة ‪. 446‬‬
‫‪ 2‬حممد بن أيب بكر بن عبدالقادر الرازي ‪ ,‬خمتار الصحاح ‪,‬الناشر ‪ :‬مكتبة لبنان ناشرون – بريوت ‪ ,‬طبعة ‪1415 :‬‬
‫– ‪ 1995‬الصفحة ‪. 56‬‬
‫‪13‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وط مجن ُكم ببع ٍ‬


‫يد ﴾‪ 1‬أي الحيملنكم محالً آمثاً شقاقي ومنازعتكم يل على أن ينزل بكم‬ ‫قَـوم لُ ٍ‬
‫ج َ‬ ‫جُ‬
‫‪2‬‬
‫عذاب شديد ‪ ,‬مثل مانزل مبن سبقوكم ممن شاقوا أنبياءهم ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف الجريمة في االصطالح ‪:‬‬

‫عُِّرفت اجلرمية يف االصطالح النظامي بعد تعريفات منها ‪:‬‬

‫أهنا فعل غري مشروع صادر عن إراد جنائية يقرر هلا القانون عقوبة أو تدبريا‬ ‫‪-1‬‬
‫احرتازيا‪.3‬‬
‫ويالحظ على هذا التعريف أنه اجته إىل وصف مايسمى باجلرمية اإلجيابية املتمثلة‬
‫بالفعل غري املشروع ‪ ,‬و مل يتطرق إىل اجلرمية السلبية املتمثلة يف ترك فعل أوجب‬
‫املشرع أو املنظِّم إتيانه ‪.‬‬
‫املشرع يف قانون العقوبات ورتَّب عليها‬
‫أهنا الواقعة اليت ترتكب إضراراً مبصلحة محاها ِّ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪4‬‬
‫أثراً جنائيا متمثالً يف العقوبة ‪.‬‬
‫ويالحظ على هذا التعريف أنه اشتمل فقط على اجلرائم املشمولة بقانون العقوبات ‪,‬‬
‫وبالتايل فإنه مل يشتمل على اجلرائم املشمولة بأنظمة أخرى يف الدول اليت فيها قانون‬
‫موحد ‪ ,‬أو الدول اليت لديها جرائم غري مشمولة بقوانني العقوبات اليت‬
‫عقوبات َّ‬
‫صدرت فيها وتكون مشمولة بأحكام الشريعة اإلسالمية بشكل عام كما يف اململكة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫حيرمه القانون ‪ ,‬أو امتناع عن عمل يقضي به القانون ‪.‬‬
‫أهنا عمل ِّ‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 1‬سور هود ‪ ,‬اآلية (‪. )89‬‬


‫‪ 2‬اإلمام حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي – اجلرمية‪ , -‬دار الفكرالعريب‪1998‬م ‪ ,‬الصفحة ‪. 19‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬حممد دجيب حسين ـ شرح قانون العقوبات القسم العام ـ دار النهضة العربية القاهر ـ الطبعة الرابعة ‪1977‬م ـ ص‬
‫‪. 45‬‬

‫‪ 4‬د‪ .‬مأمون حممد سالمة ـ قانون العقوبات القسم العام ـ دار الفكر العريب ‪ , 1979‬ص ‪. 84‬‬
‫‪14‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫أهنا الفعل أو الرتك الذي نص القانون على عقوبة مقرر له ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫ويالحظ على التعريفني األخريين أن معنامها واحد حيث يلتقيان يف وصف اجلرمية بأهنا الفعل‬
‫أو الرتك الذي نص القانون على جترميه ‪ ,‬فهما شاملني للجرمية بنوعيها اإلجيايب والسليب ‪,‬‬
‫ولكن ماميكن مالحظته على التعريف الثاين هو زياد قيد ‪ ( :‬نص القانون على عقوبة مقرر‬
‫للفعل أو الرتك الذي ميكن اعتباره جرمية ) ‪ ,‬وإ جن كان هذا القيد ميكن فهمه من منطوق‬
‫التعريف األول ولكن النص عليه أوىل ؛ ألن النهي عن الفعل أو األمر بإتيانه اليكفي وحده‬
‫حلمل الناس على إتيان الفعل أو االنتهاء عنه ‪ ,‬ولوال العقاب لكانت األوامر والنواهي أموراً‬
‫ضائعة وضرباً من العبث ‪ ,‬فالعقاب هو الذي جيعل لألمر والنهي معناً مفهوماً ونتيجة‬
‫‪3‬‬
‫مرجو ‪.‬‬

‫وبالتايل فإن التعريف األنسب للجرمية لدى الباحث هو تعريفها بأهنا ‪ :‬الفعل أو الرتك الذي‬
‫نص القانون على عقوبة مقرر له ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫تعريف الجريمة في الفقه‬

‫عُِّرفت اجلرمية يف اصطالح الفقهاء بأهنا ‪ " :‬حمظورات شرعية زجر اهلل تعاىل عنها حب ّد أو‬
‫تعزير " ‪.4‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار احلديث ‪ ,‬سنة النشر ‪1430 :‬هـ‪2009 -‬م ‪,‬‬
‫الصفحة ‪. 44‬‬
‫‪ 2‬حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 21‬‬
‫‪ 3‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 45‬‬
‫‪ 4‬أبو احلسن علي بن حممد املاوردي ‪ ,‬األحكام السلطانية ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار احلديث ‪ -‬القاهر ‪ ,‬الصفحة ‪. 322‬‬
‫‪15‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فهم من هذا التعريف أن اجلرائم يف الشريعة اإلسالمية هي احملظورات اليت رتَّبت الشريعة‬
‫ويُ َ‬
‫عليها عقوبات ‪ ,‬سواء كانت هذه العقوبات حدوداً مقدر شرعاً أو كانت تعزيراً ‪.‬‬

‫واملقصود باحلد يف الشريعة اإلسالمية هو ‪ " :‬عقوبة مقدر لتمنع من الوقوع يف مثله "‪, 1‬‬
‫املشرع على فعل أو ترك الجيوز الزياد عليها أو النقصان منها يف حال‬
‫فهي عقوبة مقدر من ِّ‬
‫ثبوهتا ‪ ,‬ومن أمثلة احلدود يف الشريعة اإلسالمية حد الزنا وحد شرب املسكر وحد الرد‬
‫وحنوها ‪.‬‬

‫أما املقصود بالتعزير فهو ‪ " :‬تأديب على ذنوب مل تشرع فيها احلدود " ‪ , 2‬ومعىن ذلك أن‬
‫التعزير هو عقوبة على جرمية مل تضع هلا الشريعة اإلسالمية عقوبة مقدر ‪ ,‬ومن أمثلة ذلك‬
‫تعزير املفطر يف هنار رمضان من غري أهل األعذار وتعزير شاهد الزور وحنوها ‪.‬‬

‫مايعرب الفقهاء عن اجلرمية بلفظ اجلناية ‪ ,‬لكن أكثر الفقهاء تعارفوا على إطالق لفظ‬
‫وكثرياً ِّ‬
‫اجلناية على األفعال الواقعة على نفس اإلنسان أو أطرافه ‪ ,‬وهي القتل واجلرح والضرب‬
‫‪3‬‬
‫واإلجهاض ‪ ,‬بينما يطلق بعضهم اجلناية على جرائم احلدود والقصاص ‪.‬‬

‫وبالرجوع إىل تعريف اجلرمية الذي ذكره اإلمام املاوردي – رمحه اهلل‪ 4-‬فإنه يالحظ عليه أنه‬
‫قصر اجلرمية على احملظورات الشرعية اليت زجر اهلل عنها حبد أو تعزير ‪ ,‬ويف احلقيقة أن هناك‬

‫‪ 1‬إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن حممد ابن مفلح ‪ ,‬املبدع يف شرح املقنع ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بريوت –‬
‫لبنان الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1418 ,‬هـ ‪ 1997 -‬م ‪ ,‬الصفحة ‪. 365‬‬
‫‪ 2‬أبو احلسن علي بن حممد املاوردي ‪ ,‬األحكام السلطانية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 344‬‬
‫‪ 3‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 55‬‬
‫‪ 4‬هو أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب البصري‪ ,‬املاوردي ‪ ,‬الشافعي ‪ ,‬صاحب التصانيف ‪ ,‬تفقه على أيب القاسم‬
‫الصيمري بالبصر ‪ ,‬وارحتل إىل الشيخ أيب حامد اإلسفراييين‪ ,‬ودرس بالبصر وبغداد سنني‪ ,‬وله مصنفات كثري يف الفقه‬
‫والتفسري‪ ,‬وأصول الفقه واألدب ‪ ,‬وكان حافظا للمذهب ‪ ,‬ويل القضاء ‪ ,‬مات يف بغداد يف ربيع األول سنة ‪450‬هـ ‪,‬‬
‫وقد بلغ ستا ومثانني سنة ‪ .‬انظر ‪ :‬سري أعالم النبالء لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد ال َذ َهيب ‪ ,‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ,‬الطبعة الثالثة ‪ ,‬سنة النشر ‪1405 :‬هـ ‪ ,‬اجلزء ‪ 35‬الصفحة ‪. 51‬‬
‫‪16‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫قسماً ثالثاً للجرمية مل يشمله هذا التعريف وهو اجلرائم اليت زجر اهلل عنها بالقصاص ؛ وذلك‬
‫مر معنا إىل ثالثة أقسام هي ‪ :‬جرائم‬
‫لكون اجلرائم يف التشريع اجلنائي اإلسالمي تنقسم كما َّ‬
‫احلدود وجرائم القصاص وجرائم التعازير ‪.‬‬

‫وعليه فإن التعريف األنسب للجرمية يف االصطالح الشرعي فيما يظهر يل هو تعريفها مبا‬
‫أورده اإلمام املاوردي مع إضافة جرائم القصاص ليصبح تعريف اجلرمية أهنا ‪ :‬حمظورات شرعية‬
‫زجر اهلل عنها حبد أو قصاص أو تعزير ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫تعريف التزوير‬
‫وتحته مطلبان ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف التزوير لغة واصطالحاً ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف التزوير في الفقه ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫تعريف التزوير لغة واصطالحاً‬

‫وتحته فرعان ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف التزوير لغة ‪:‬‬

‫الزور وهو‬ ‫التزوير لغة ‪ :‬الزاء والواو والراء أصل واح ٌد ُّ‬
‫يدل على املجيل والعدول ‪ ,‬من ذلك ُّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫وير تزيني الكذب ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّز‬
‫ج‬ ‫ـ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫مائل عن طري َقة احلق‬
‫الكذب ؛ ألنه ٌ‬
‫حَّت يقولون َّزور الشيءَ يف ن جفسه‪ :‬هيّأَهُ‪ ,‬ألنَّهُ يَعدل به عن‬
‫ويقال َّزوَر فال ٌن الشَّيءَ تزويراً ‪َّ ,‬‬
‫للصنم ُزور فهو القياس الصحيح ‪ ,‬قال‪:‬‬ ‫فأما قوهلم َّ‬‫أقرب إىل قَبول السامع ‪َّ ,‬‬ ‫ٍ‬
‫طريقة تكون َ‬
‫َص جّم ‪.‬‬
‫جاؤوا ُبز َوريجه جم وجئنا باأل َ‬
‫‪3‬‬
‫مال عنه ‪.‬‬
‫ازور عن كذا‪ ,‬أي َ‬
‫الزَور‪ :‬امليل‪ ,‬يقال َّ‬
‫و َّ‬

‫ويدل على هذا املعىن ماجاء يف حديث عمر رضي اهلل يف صحيح البخاري " وكنت قد‬
‫زورت مقالة أعجبتين أريد (أردت) أن أقدمها بني يدي أيب بكر وكنت أداري منه بعض احلد‬
‫َي َهيَّأجت َو َح َّسجنت "‪.5‬‬ ‫‪4‬‬
‫" ‪ ,‬قال يف فتح الباري ‪" :‬أ ج‬

‫‪ 1‬أبو احلسني أمحد بن فارس ‪ ,‬معجم مقاييس اللغة ‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬الصفحة ‪. 36‬‬
‫‪ 2‬حممد بن أيب بكر الرازي ‪ ,‬خمتار الصحاح ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 280‬‬
‫‪ 3‬أبو احلسني أمحد بن فارس ‪ ,‬معجم مقاييس اللغة ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 36‬‬
‫‪ 4‬حممد بن إمساعيل البخاري ‪ ,‬اجلامع الصحيح ‪ ,‬الطبعة اهلندية ‪ ,‬باب ‪ :‬رجم احلبلى من (يف) الزنا إذا أحصنت ‪,‬‬
‫احلديث رقم (‪. )6830‬‬
‫‪ 5‬أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين (املتوىف ‪852 :‬هـ) ‪ ,‬فتح الباري ‪ ,‬حتقيق الشيخ‬
‫عبد العزيز بن باز وحمب الدين اخلطيب ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ( مصور عن الطبعة السلفية )‪ , ,‬اجلزء ‪ 7‬الصفحة ‪30‬‬
‫‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف التزوير اصطالحاً ‪:‬‬

‫إن أفضل التعريفات اليت ميكن إيرادها عند دراسة أي موضوع من الناحية النظامية و القانونية‬
‫نص عليه املنظِّم أو ِّ‬
‫املشرع ؛ وذلك لكون إيراد أي تعريف آخر من‬ ‫هو ذلك التعريف الذي ًّ‬
‫املشرع ‪ ,‬وحيث أن املنظِّم السعودي يف‬
‫شأنه أال يكون جامعاً مانعاً لكل ما أراده ذلك ِّ‬
‫النظام اجلزائي جلرائم التزوير الصادر يف اململكة العربية السعودية مبوجب املرسوم امللكي رقم‬
‫عرف التزوير يف املاد األوىل منه ؛ فإن من املناسب اعتماد‬
‫م‪ 11 /‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ َّ‬
‫ذلك التعريف للتزوير يف هذه الدراسة ‪ ,‬حيث عرف التزوير بأنه " كل تغيري للحقيقة‬
‫بإحدى الطرق املنصوص عليها ‪ -‬حدث بسوء نية – قصداً لالستعمال فيما حيميه النظام‬
‫من حمرر أو خامت أو عالمة أو طابع وكان من شأن هذا التغيري أن يتسبب يف ضرر مادي أو‬
‫معنوي أو اجتماعي ألي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية " ‪.‬‬

‫تفرد‬ ‫و ُّ‬
‫يعد من مزايا النظام اجلزائي جلرائم التزوير نصه على هذا التعريف احملدد الواضح حيث َّ‬
‫هبا عن النظام السابق ملكافحة التزوير يف اململكة و الذي مل يرد فيه تعريف للتزوير ‪ ,‬كما أن‬
‫العديد من قوانني العقوبات يف األنظمة املقارنة األخرى مل حتذو حذو املنظم السعودي يف‬
‫يعرف التزوير املعاقب عليه ‪ ,‬بل اكتفى‬
‫ذلك ‪ ,‬حيث دجد أن قانون العقوبات املصري مل ِّ‬
‫ببيان الطرق اليت ترتكب هبا جرمية التزوير‪. 1‬‬

‫و يظهر أن السبب الذي دفع املنظِّم السعودي إىل تعريف التزوير يف هذا النظام ألول مر‬
‫هو اختالف مفهوم التزوير يف هذا النظام عن نظام مكافحة التزوير القدمي وعن األنظمة‬
‫املقارنة األخرى ألن التزوير يف النظام السابق واألنظمة األخرى كان مقصوراً على احملررات‬
‫فقط ولكنه يف هذا النظام يقع على احملررات واألختام والطوابع والعالمات ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبداحلميد الشواريب ‪ ,‬التزوير والتزييف مدنياً وجنائياً ‪ ,‬الناشر ‪ :‬منشأ املعارف ‪1996‬م ‪ ,‬الصفحة ‪. 18‬‬
‫‪20‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وبالرجوع إىل األنظمة املقارنة األخرى وشروحاهتا دجد أهنا تقصر التزوير على تغيري احلقيقة يف‬
‫‪1‬‬
‫حمرر فقط ‪ ,‬أما األختام فهي تسمى جرمية تقليد األختام والتعد تزويراً ‪.‬‬

‫وقد اشتمل تعريف التزوير يف النظام اجلزائي جلرائم التزوير على عدد من املفردات والقيود ‪,‬‬
‫واليت ينبغي بياهنا على النحو التايل ‪:‬‬

‫‪ " -1‬تغيير للحقيقة " ‪ :‬ومعناه أي بإبداهلا مباخيالفها ‪ ,‬وذلك بإحالل أمر غري صحيح حمل‬
‫األمر احلقيقي الصحيح ‪ ,‬فتغيري احلقيقة هو جوهر التزوير ‪ ,‬حبيث أنه إذا مل حيدث هذا‬
‫التغيري فال وجود للتزوير ‪ ,‬ولو كان الفاعل يظن أن ماقام بإثباته من بيانات خيالف‬
‫احلقيقة ‪ ,‬بينما هو يف الواقع غري ذلك ‪ ,‬ألن ماأثبته من بيانات يطابق احلقيقة مطابقة‬
‫كاملة ‪ ,‬ويف هذه احلالة نكون أمام اجلرمية الظنية اليت الوجود هلا إال يف خميلة الفاعل‬
‫‪2‬‬
‫وليس هلا من احلقيقة شيء ‪.‬‬
‫‪ " -2‬بإحدى الطرق المنصوص عليها " ‪ :‬املقصود به أي أن جرمية التزوير التقع إال من‬
‫خالل سلوك اجملرم عند ارتكابه جلرمية التزوير ألحد الطرق اليت نص عليها املنظِّم يف املاد‬
‫الثانية من النظام اجلزائي جلرائم التزوير ‪ ,‬وهذه الطرق مت ذكرها على سبيل احلصر ‪,‬‬
‫وبالتايل فإنه إذا حدث تغيري للحقيقة بطريقة غري الطرق املنصوص عليها فال وجود جلرمية‬
‫التزوير اخلاضعة للنظام ‪ ,‬وسيتم بيان الطرق اليت ميكن سلوكها الرتكاب جرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية عند بيان الركن املادي هلذه اجلرمية بإذن اهلل ‪.‬‬
‫‪ " -3‬حدث بسوء نية " ‪ :‬معناه أن يتحقق الركن املعنوي جلرمية التزوير لدى اجلاين املرتكب‬
‫هلا ‪ ,‬وذلك على النحو الذي سيتم بيانه يف مبحث الركن املعنوي هلذه اجلرمية بإذن اهلل ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬قانون العقوبات املصري املواد ‪ , 227 - 206‬و قانون العقوبات اجلزائري املواد ‪. 253- 193‬‬
‫‪ 2‬فتوح الشاذيل ‪ ,‬جرائم التعزير املنظمة يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1433‬هـ‬
‫‪ ,‬الصفحة ‪. 269‬‬
‫‪21‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ " -4‬قصداً لالستعمال " ‪ :‬أي أن جمرد تغيري احلقيقة بأحد الطرق املنصوص عليها وإن‬
‫املزور ‪.‬‬
‫كان بسوء نية اليكفي العتباره تزويراً ‪ ,‬بل البد أن يقرتن ذلك بقصد استعمال َّ‬
‫‪ " -5‬فيما يحميه النظام من محرر أو خاتم أو عالمة أو طابع " ‪ :‬هذا القيد يبني‬
‫عرفها النظام يف املاد األوىل منه على‬
‫ماعدَّه النظام مما تقع عليه جرمية التزوير ‪ ,‬وقد َّ‬
‫النحو التايل ‪:1‬‬
‫عرف النظام احملرر بأنه ‪ " :‬كل مسطور يتضمن حروفاً أو عالمات ينتقل بقراءهتا الفكر‬
‫َّ‬
‫إىل معىن معني بصرف النظر عن الوعاء الذي كتبت أو حفظت فيه‪ ,‬مبا يف ذلك وسائل‬
‫تقنية املعلومات " ‪.‬‬
‫عرف اخلامت بأنه ‪ :‬األدا اليت متهر هبا احملررات للتوثيق‪ ,‬أو األثر املنطبع منها‪.‬‬
‫كما َّ‬
‫عرف الطابع بأنه ‪ :‬امللصق أو ما يقوم مقامه مما يطبع آليًّا أو إلكرتونيًّا ويستخدم‬
‫كما َّ‬
‫ألغراض الربيد أو لتحصيل اإليرادات العامة ‪.‬‬
‫عرف العالمة بأهنا ‪ :‬اإلشار (أو الرمز) اليت تستعملها جهة عامة للداللة على معىن‬
‫كما َّ‬
‫خاص هبا يرتب أثراً نظاميًّا‪ ,‬بصرف النظر عن نوعها أو شكلها‪.‬‬
‫ومايهمنا يف هذه الدراسة هو احملرر باعتبار أن األوراق التجارية هي أحد احملررات اليت‬
‫أسبغ عليها النظام احلماية اجلنائية ‪.‬‬
‫‪ " -6‬وكان من شأن هذا التغيير أن يتسبب في ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي ألي‬
‫شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية " ‪ :‬هذا قيد يتعلق بعنصر الضرر املشرتط لقيام‬
‫جرمية التزوير ‪ ,‬والضرر عرفه الشراح بأنه " اإلخالل حبق أو مبصلحة حيميها القانون ‪,‬‬
‫وهو أنواع فمنه املادي واألديب ومنه احملقق واحملتمل ومنه الضرر الفردي والضرر‬

‫‪ 1‬النظام اجلزائي جلرائم التزوير ‪ ,‬املاد األوىل ‪.‬‬


‫‪22‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫االجتماعي ‪ ,‬وحتقق أي ضرر من هذه األنواع يكفي لوقوع اجلرمية "‪ " , 1‬والخالف‬
‫بني شراح القانون يف أن الضرر شرط الزم لوجود التزوير ‪ ,‬وعليه فكل تغيري للحقيقة‬
‫الينشأ عنه ضرر وليس من شأنه إحداث ضرر فاليعترب تزويراً – واخلالف بني الشراح يف‬
‫هل ركن الضرر مستقل من أركان جرمية التزوير أو هو شرط من شروط الركن املادي هلذه‬
‫‪2‬‬
‫اجلرمية وهذا اخلالف من حيث الشكل اليغري من جوهر األمر شيئاً " ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫تعريف التزوير في الفقه‬

‫باستقراء أقوال الفقهاء حول معىن التزوير عندهم دجده الخيتلف كثرياً عن معناه يف اللغة ‪ ,‬إذ‬
‫قال الثعليب‪ " : 3‬الزور حتسني الشيء‬
‫يدور عندهم حول معىن تغيري احلقيقة وتزيني الكذب ‪َ ,‬‬
‫ووصفه خبالف صفته حَّت خييَّل إىل من مسعه أَو رآه أنه خبالف ما هو به فهو متويه الباطل‬
‫مبا يوهم أنه حق"‪. 4‬‬
‫وجاء يف احلديث عن عائشة رضي اهلل عنها أن امرأ قالت ‪ :‬يارسول اهلل أقول إن زوجى‬
‫أعطاىن مامل يعطىن فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم " املتشبِّع مبا مل يعط كالبس ثوىب‬

‫‪ 1‬حممد علي سكيكر ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير وتطبيقاهتا العملية ‪ ,‬دار الفكر اجلامعي ‪ ,‬الطبعة األوىل لعام ‪2008‬م ‪,‬‬
‫الصفحة ‪. 83‬‬
‫‪ 2‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 84‬‬
‫‪ 3‬اإلمام احلافظ العالمة شيخ التفسري أبو إسحاق أمحد بن حممد بن إبراهيم النيسابوري ‪ ,‬كان أحد أوعية العلم ‪ ,‬له‬
‫كتاب التفسري الكبري ‪ ,‬وكتاب العرائس يف قصص األنبياء ‪ ,‬قال السمعاين‪ :‬يقال له‪ :‬الثعليب والثعاليب وهو لقب له ال‬
‫نسب ‪ ,‬وكان صادقا موثقا‪ ,‬بصريا بالعربية‪ ,‬طويل الباع يف الوعظ ‪ ,‬تويف سنة ‪427‬هـ ‪ .‬انظر ‪ :‬سري أعالم النبالء ‪,‬‬
‫مرجع سابق ‪ ,‬ج ‪ 17‬الصفحة ‪. 437‬‬
‫‪ 4‬حممد بن إمساعيل الصنعاين ‪ ,‬سبل السالم املوصلة إىل بلوغ املرام ‪ ,‬كتاب القضاء ‪ ,‬باب الشهادات ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار‬
‫ابن اجلوزي ‪ ,‬سنة النشر ‪ 1421:‬هـ ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,‬اجلزء ‪ , 8‬الصفحة ‪. 81‬‬
‫‪23‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫زور "‪ , 1‬قال العلماء ‪ :‬معناه املتكثِّر مبا ليس عنده بأن يظهر أن عنده ماليس عنده ‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوىب زور ‪.‬‬
‫وحول هذا املعىن جاءت كثري من الفروع الفقهية املبثوثة يف كتب الفقهاء رمحهم اهلل ‪ ,‬ومن‬
‫ذلك ماذكره صاحب املغين بقوله " ولنا أن ما أمكن إثباته بالشهاد مل جيز االقتصار فيه‬
‫على الظاهر كإثبات العقود وألن اخلط يشبه اخلط واخلتم ميكن التزوير عليه "‪.3‬‬
‫ومن ذلك ما أورده السيوطي‪– 4‬رمحه اهلل‪ -‬بقوله ‪ " :‬إذا رأى القاضي ورقة فيها حكمه‬
‫لرجل‪ ,‬وطالب عنه إمضاءه والعمل به ومل يتذكره‪ ,‬مل يعتمده قطعا إلمكان التزوير"‪. 5‬‬
‫وقال يف احلاوي " وال حيكم خبط القاضي قبله وال خبط نفسه إال أن يذكره الشتباه اخلطوط‬
‫وإمكان التزوير عليها "‪. 6‬‬
‫وعلى ماسبق فإن معىن التزوير عند الفقهاء هو ‪ :‬تغيري احلقيقة وتزيني الكذب ‪.‬‬

‫‪ 1‬متفق عليه ‪ ,‬رواه البحاري يف باب ‪ :‬املتشبع مبا مل ينل وما ينهى من افتخار الضر ‪ ,‬احلديث رقم (‪ , )5219‬ورواه‬
‫مسلم بن احلجاج أبو احلسني القشريي النيسابوري ‪ ,‬باب ‪ :‬النهي عن التزوير يف اللباس وغريه والتشبع مبا مل يعط ‪,‬‬
‫احلديث رقم (‪ , )2129‬الناشر ‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت ‪.‬‬
‫‪ 2‬أبو زكريا حيىي بن شرف النووي ‪ ,‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب –‬
‫بريوت ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ , 1392 :‬اجلزء ‪ , 14‬الصفحة ‪. 110‬‬
‫‪ 3‬عبداهلل بن أمحد بن قدامة املقدسي ‪ ,‬املغين يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر – بريوت ‪,‬‬
‫الطبعة األوىل ‪1405 :‬هـ ‪ ,‬اجلزء ‪ , 11‬الصفحة ‪.470‬‬
‫‪ 4‬هو عبد الرمحن بن الكمال بن أيب بكر بن حممد ‪ ,‬لقبه والده جبالل الدين ‪ ,‬والنسبة إىل أسيوط أسيوطي بضم أوهلا‬
‫‪ ,‬ولد بالقاهر عام ‪849‬هـ ‪ ,‬عرف السيوطي بكثر مؤلفاته يف احلديث والفقه والتاريخ ‪ ,‬حيث أنه ملا بلغ أربعني سنة‬
‫ّ‬
‫أخذ يف التجرد للعباد واالنقطاع إىل اهلل تعاىل واإلعراض عن الدنيا وأهلها وشرع يف حترير مؤلفاته حَّت وافاه أجله يف‬
‫عام ‪911‬ه ‪ .‬انظر ‪ :‬جالل الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده يف الدرس اللغوي ‪ ,‬طاهر سليمان محود ‪,‬‬
‫الناشر‪ :‬املكتب االسالمى – بريوت ‪ ,‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1410‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 5‬جالل الدين عبدالرمحن السيوطي ‪ ,‬األشباه والنظائر يف قواعد وفروع فقه الشافعية ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫بريوت ‪ -‬لبنان ‪ ,‬اجلزء ‪ 1‬الصفحة ‪. 480‬‬
‫‪ 6‬العالمة أبو احلسن املاوردى ‪ ,‬احلاوى الكبري ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ـ بريوت ‪ ,‬اجلزء ‪ 16‬الصفحة ‪. 35‬‬
‫‪24‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫تعريف األوراق التجارية‬

‫وتحته مطلبين ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف األوراق التجارية لغة واصطالحاً ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف األوراق التجارية في الفقه ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫تعريف األوراق التجارية لغة واصطالحاً‬

‫وتحته فرعان ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف األوراق التجارية لغة ‪:‬‬

‫األوراق التجارية لفظ مركب من كلمتني أوالمها موصوفة بالثانية ‪( ,‬األوراق ) مأخوذ من‬
‫الوَرق ‪ ,‬وهو يف اللغة ‪ " :‬من أ جَوَراق الشجر والكتاب الواحد َوَرقة وشجر َورقَة و َوري َقة أي‬
‫َ‬
‫كثري األوراق و أ جَوَرق الشجر أخرج ورقه "‪. 1‬‬

‫ووَر ُق املصحف وأ جَوراقُه صحفه الواحد‬


‫رقاق واحدهتا َوَرقة ومنها َوَر ُق املصحف َ‬
‫الوَر ُق أُدم ٌ‬
‫"وَ‬
‫اق معروف وحرفته الوراقةُ " ‪. 2‬‬
‫الوَّر ُ‬
‫كالواحد وهو منه و َ‬
‫أما لفظ " التجارية " لغة ‪ :‬فهي من َجتََر يَـجت ُج ُر َججتراً وجتَ َارً ؛ باع وشرى ‪ ,‬وكذلك َّاجتََر وهو‬
‫اخلمار ‪ ,‬قَ َال األَعشى ‪:‬‬
‫افجـتَـ َعل‪ ,‬وقد غلب على َّ‬
‫‪3‬‬
‫ت التَّاجَر ‪ ...‬األ َُّما َن‪َ ,‬م جوُروداً َشَرابُ جه ‪.‬‬
‫ولََق جد َشه جد ُ‬
‫ويف احلديث " َم جن يَـتَّج ُر على هذا فيصلي معه " ‪.4‬‬

‫‪ 1‬حممد بن أيب بكر الرازي ‪ ,‬خمتار الصحاح ‪ ,‬اجلزء ‪ 1‬الصفحة ‪. 470‬‬


‫‪ 2‬حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري ‪ ,‬لسان العرب ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار صادر ‪ -‬بريوت ‪ ,‬اجلزء‪ , 10‬الصفحة‬
‫‪. 374‬‬
‫‪ 3‬لسان العرب ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬اجلزء ‪ 4‬الصفحة ‪. 89‬‬
‫‪ 4‬رواه أمحد يف مسنده عن أيب سعيد اخلدريي رضي اهلل عنه ‪ ,‬احلديث رقم (‪ , )11019‬اجلزء ‪ , 17‬الصفحة (‪) 63‬‬
‫صلِّ َي َم َعهُ» ‪ ,‬اجلزء ‪ 6‬الصفحة ‪ , 159‬قال شعيب‬
‫َّق َعلَى َه َذا فَـيُ َ‬
‫صد ُ‬‫‪ ,‬ورواه ابن حبان يف صحيحه بلفظ " « َم جن يـَتَ َ‬
‫األرناؤوط يف خترجيه هلذا احلديث ‪ :‬إسناده صحيح‪ ,‬رجاله ثقات رجال الشيخني غري سليمان الناجي‪ ,‬وهو ثقة احتج‬
‫به أبو داود والرتمذي ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫ِّج َار ؛ ألنه يشرتي بعمله الثواب ‪,‬‬ ‫بعض ُهم‪َ ,‬وُه َو يَـ جفتَع ُل من الت َ‬
‫قال ابن األثري ‪ :‬هكذا يَـ جرويه ُ‬
‫‪2‬‬
‫واليكون من األجر على هذه الرواية ‪ ,‬ألن اهلمز التدغم يف التاء ‪ ,‬وإمنا يقال فيه يَأج َجت ُر ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف األوراق التجارية اصطالحاً ‪:‬‬

‫هنج املنظم السعودي ماهنجه املشرعون يف الدول األخرى ‪ ,‬فلم يضع تعريف حمدد لألوراق‬
‫التجارية ؛ " واحلكمة من ذلك هي إعطاء كل من الفقه والقضاء جماالً أوسع لالجتهاد يف‬
‫اختيار التعريف املناسب الذي يتالءم مع مقتضى مايطرأ على الفكر القانوين واألعراف‬
‫والعادات من تطور يكون من شأنه التأثري على املوضوع الذي يراد تعريفه"‪. 3‬‬

‫وبالرجوع إىل تعريفات الشراح لألوراق التجارية دجد أهنا يف اجلملة تدور حول خصائص معينة‬
‫تتميز هبا هذه األوراق ‪.‬‬

‫وأقرب هذه التعريفات جلَ جمع هذه اخلصائص هو تعريف األوراق التجارية بأهنا ‪ " :‬صكوك‬
‫حمرر وفقاً لبيانات حددها النظام ‪ ,‬تتضمن التزام شخص بدفع مبلغ معني من النقود يف‬
‫وقت حمدد أو عند الطلب ‪ ,‬وقابلة للتداول بالطرق التجارية " ‪.4‬‬

‫‪ 1‬هو أبو السعادات املبارك بن أيب الكرم حممد بن حممد بن عبد الكرمي بن عبد الواحد الشيباين‪ ,‬املعروف بابن األثري‬
‫اجلزري‪ ,‬امللقب جمد الدين ‪ ,‬ولد عام ‪544‬هـ ‪ ,‬له املصنفات البديعة والرسائل الوسيعهة منها‪ :‬جامع األصول يف‬
‫أحاديث الرسول مجع فيه بني الصحاح الستة ‪ ,‬ومنها كتاب النهاية يف غريب احلديث ‪ ,‬وكتاب اإلنصاف يف اجلمع بني‬
‫الكشف والكشاف يف تفسري القرآن الكرمي ‪ ,‬تويف عام ‪606‬هـ ‪ .‬انظر ‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ‪ ,‬أليب‬
‫العباس مشس الدين أمحد بن حممد بن أيب بكر بن خلكان ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار صادر – بريوت ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪1970‬م ‪,‬‬
‫اجلزء ‪ 4‬الصفحة ‪. 141‬‬
‫‪2‬‬
‫الزبيدي ‪ ,‬تاج العروس من جواهر القاموس ‪,‬‬ ‫الرزاق احلسيين أبو الفيض املل ّقب مبرتضى َّ‬‫حممد بن عبد ّ‬‫حممد بن ّ‬ ‫ّ‬
‫الناشر ‪ :‬دار اهلداية ‪ ,‬اجلزء ‪ , 10‬الصفحة ‪. 278‬‬
‫‪ 3‬د‪.‬حممد بن صاحل املقبل ‪ ,‬االمتناع عن الوفاء باألوراق التجارية ‪ ,‬الناشر ‪ :‬القلم العريب ‪1431 -‬هـ ‪ , -‬الصفحة‬
‫‪. 30‬‬
‫‪ 4‬أ‪.‬د عبدالرمحن السيد قرمان ‪ ,‬األوراق التجارية واإلفالس والتسوية الواقية منه ‪ ,‬مكتبة الشقريي للنشر والتوزيع ‪ ,‬طبعة‬
‫عام ‪1433‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 10‬‬
‫‪27‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وبالنظر إىل هذا التعريف دجد أنه تضمن اإلشار إىل خصائص األوراق التجارية اليت متيزها‬
‫عن غريها من الصكوك ‪ ,‬ومن هذه اخلصائص مايلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الشكلية ‪ :‬الورقة التجارية صك يتم وفقاً ألوضاع شكلية وبيانات حددها القانون ‪,‬‬
‫فهي حمرر شكلي يتطلب القانون لصحته توافر بيانات معينة ‪ ,‬فإن ختلف كلها أو بعضها‬
‫‪1‬‬
‫بطلت بوصفها ورقة جتارية ‪.‬‬
‫فالبد منً أن تكون الورقة التجارية يف حمرر مكتوب ‪ ,‬أياً كانت املاد املكتوب عليها ؛‬
‫وعلى ذلك اليتصور وجود ورقة جتارية غري مكتوبة ؛ وإذا كان األصل أن تكون مكتوبة‬
‫على الورق فقد كشف التطور التكنولوجي يف الدول املتقدمة عن استخدام مايسمى‬
‫بالصكوك اإللكرتونية حيث تسجل بيانات الورقة التجارية على رقائق ممغنطة تُكتب‬
‫‪2‬‬
‫وتُقرأ إلكرتونياً بواسطة احلاسب اآليل ‪.‬‬
‫احملرر املكتوب من أن يكون قد تضمن البيانات الالزمة ‪ ,‬واختذ الشكل‬
‫مث إنه البد هلذا َّ‬
‫الذي حدده النظام ‪ ,‬فإن ختلفت هذه البيانات أو بعضها امتنع إسباغ صفة الورقة‬
‫التجارية على هذا احملرر ‪ ,‬واستحال إعمال األحكام اخلاصة هبا عليه ‪ ,‬وإمنا غاية‬
‫ماهنالك أهنا ميكن اعتبارها سنداً عادياً يكون من سائر البينات اليت تثبت هبا احلقوق ‪,‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن مث التسري عليه أحكام نظام األوراق التجارية ‪.‬‬
‫أنها قابلة للتداول بالطرق التجارية ‪ :‬تتميز األوراق التجارية بأهنا قابلة للتداول‬ ‫‪-2‬‬
‫‪4‬‬
‫بالطرق التجارية ‪ ,‬فهي تنتقل بالتظهري إن كانت إذنية وبالتسليم إن كانت للحامل ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬سعيد حيىي ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام التجاري السعودي ‪ ,‬مكتبة امللك عبدالعزيز العامة برقم (‪346,53107‬‬
‫) ‪ ,‬طبعة عام ‪1405‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 2‬‬
‫‪ 2‬األوراق التجارية واإلفالس والتسوية الواقية منه ‪ ,‬املرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 10‬‬
‫‪ 3‬صالح سامل ‪ ,‬دراسة قانونية عن األوراق التجارية ‪ ,‬الصفحة ‪. 4‬‬
‫‪ 4‬األوراق التجارية يف النظام التجاري السعودي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 3‬‬
‫‪28‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وهبذا تتضح ميز األوراق التجارية عن سواها من السندات املدنية وذلك ببساطة‬
‫إجراءات تداوهلا بالطرق التجارية ‪ ,‬وبفضله تتمكن األوراق التجارية من أداء وضيفتها‬
‫كوسيلة فعالة يف نقل االئتمان بني التجار ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها صكوك تمثل حقاً نقدياً ‪ ,‬متثل األوراق التجارية دائماً حقاً مببلغ من النقود ‪,‬‬
‫وذلك ألن الصكوك اليت تتضمن دفع مبلغ معني من النقود يف أجل معني هي وحدها‬
‫اليت تصلح بديالً للنقود يف املعامالت وتتهيأ هلا فرص التداول السريع ‪ ,‬ولذلك اليعد‬
‫سند الشحن البحري وتذكر النقل الربي أو اجلوي وصكوك اإليداع يف املخازن العامة‬
‫من األوراق التجارية‪ ,‬ذلك أن هذه الصكوك ولو أهنا قد تكون قابلة للتداول بالطرق‬
‫‪1‬‬
‫التجارية إال أهنا المتثل حقاً نقدياً بل متثل البضائع املنقولة أو املودعة ‪.‬‬
‫وأنواع األوراق التجارية اليت نص عليها نظام األوراق التجارية الصادر باملرسوم امللكي رقم‬
‫(م‪ )37/‬وتاريخ ‪1383/10/11‬هـ هي الكمبيالة والشيك والسند ألمر ‪.‬‬
‫ع ِّرفت الكمبيالة بأنها ‪ " :‬ورقة جتارية تتضمن أمراً من شخص يسمى الساحب إىل شخص‬
‫آخر يسمى املسحوب عليه بأن يدفع مبلغاً معيناً من النقود مبجرد االطالع أو يف تأريخ‬
‫معني إلذن (أو ألمر ) شخص ثالث هو املستفيد "‪. 2‬‬
‫فعرف بأنه ‪ " :‬ورقة جتارية تتضمن أمراً من شخص يسمى الساحب إىل شخص‬
‫أما الشيك ِّ‬
‫آخر هو املسحوب عليه ( وجيب أن يكون بنكاً ) بأن يدفع مبجرد االطالع عليها مبلغاً‬
‫‪3‬‬
‫معيناً من النقود لشخص ثالث هو املستفيد أو إلذنه أو حلامل الورقة" ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬مصطفى طه ‪ ,‬القانون التجاري ( األوراق التجارية – العقود التجارية – عمليات البنوك – اإلفالس ) ‪ ,‬الناشر ‪:‬‬
‫دار املطبوعات اجلامعية – ‪1986‬م‪ -‬الصفحة ‪. 6‬‬
‫‪ 2‬أ‪.‬د ‪ .‬مصطفى كمال طه ووائل أنور ‪ ,‬األوراق التجارية ووسائل الدفع االلكرتونية ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر العريب –‬
‫‪2013‬م‪ , -‬الصفحة ‪. 40‬‬
‫‪ 3‬األوراق التجارية ووسائل الدفع االلكرتونية ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 15‬‬
‫‪29‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فعرف بأنه ‪ " :‬ورقة جتارية يتعهد حمررها مبقتضاعا بأن يدفع مبلغاً معيناً من‬
‫أما السند ألمر ِّ‬
‫معني إلذن أو ألمر شخص آخر هو املستفيد" ‪.1‬‬
‫النقود يف تأريخ َّ‬

‫المطلب الثاني‬

‫العلة من حماية األوراق التجارية في الفقه والنظام‬

‫وتحته فرعان ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العلة من حماية األوراق التجارية في الفقه ‪:‬‬

‫سبق يف هذه الدراسة بيان أن من أهم خصائص األوراق التجارية هو أهنا متثِّل حقاً نقدياً ‪,‬‬
‫وبالتايل فإن محايتها يف الشريعة اإلسالمية تأيت امتداداً حلماية الشريعة للمال ‪ ,‬وذلك بوصفه‬
‫إحدى الضرورات اخلمس اليت جاءت الشريعة حبفظها ومحياهتا ‪ ,‬حيث أحاطتها بسياج منيع‬
‫من األوامر الداعية إىل حفظها والنواهي الصارفة عن االعتداء عليها ‪.‬‬

‫لقد جاء القرآن الكرمي باحملافظة على املال بأقوم الطرق وأعدهلا ‪ ,‬ولذلك منع أخذه بغري حق‬
‫ين آَ َمنُوا َال تَأج ُكلُوا أ جَم َوالَ ُك جم بَـجيـنَ ُك جم بالجبَاطل إَّال أَ جن تَ ُكو َن‬ ‫َّ‬
‫شرعي ‪ ,‬قال تعاىل ﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫يما ﴾‪ , 2‬وقال تعاىل ﴿ َوَال‬ ‫اض مجن ُك جم َوَال تَـ جقتُـلُوا أَنجـ ُف َس ُك جم إ َّن اللَّهَ َكا َن ب ُك جم َرح ً‬
‫جتَ َارً َع جن تَـَر ٍ‬
‫احلُ َّكام لتَأج ُكلُوا فَري ًقا م جن أ جَم َوال النَّاس ب جاإل جمث‬ ‫تَأج ُكلُوا أ جَم َوالَ ُك جم بَـجيـنَ ُك جم بالجبَاطل َوتُ جدلُوا هبَا إ َىل ج‬
‫‪3‬‬
‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَزاءً مبَا َك َسبَا نَ َك ًاال‬ ‫السار ُق َو َّ‬ ‫َوأَنجـتُ جم تَـ جعلَ ُمو َن ﴾ ‪ ,‬وقال تعاىل ﴿ َو َّ‬
‫م َن اللَّه َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪1‬‬
‫يم ﴾‪ , 4‬وكل ذلك حمافظةً على املال ودرءاً للمفسد عنه ‪.‬‬

‫‪ 1‬األوراق التجارية ووسائل الدفع االلكرتونية ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 16‬‬


‫‪ 2‬سور الكهف ‪ ,‬اآلية ‪. 49‬‬
‫‪ 3‬سور البقر ‪ ,‬األية ‪. 188‬‬
‫‪ 4‬سور املائد ‪ ,‬اآلية ‪. 38‬‬
‫‪30‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫قال ابن كثري ‪ " :‬ينهى اهلل تبارك وتعاىل عباده املؤمنني عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً‬
‫بالباطل أي بأنواع املكاسب اليت هي غري شرعية كأنواع الربا والقمار وماجرى جمرى ذلك من‬
‫‪3‬‬
‫‪ ,‬والشك أن تزوير األوراق التجارية هو من أجلى صور احليل اليت‬ ‫سائر صنوف احليل "‬
‫يُقصد منها يف الغالب أكل أموال الناس بالباطل ‪.‬‬

‫كما جاءت السنة النبوية بنصوص كثري مؤكد هلذا املقصد الشرعي العظيم وذلك باحملافظة‬
‫على املال وحترمي االعتداء عليه بأي صور من صور االعتداء ‪ ,‬فروى عبد الرمحن بن أيب بكر‬
‫رضي اهلل أنه صلى اهلل عليه وسلم قال يف يوم النحر " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم‬
‫عليكم حرام ‪ ,‬كحرمة يومكم هذا ‪ ,‬يف بلدكم هذا ‪ ,‬يف شهركم هذا " ‪. 4‬‬

‫مسوغ وبأي وسيلة‬


‫فحمى املال من أن متتد إليه أيدي العابثني وتطلعات الطامعني حتت أي ِّ‬
‫‪ ,‬والشك أن تزوير األوراق التجارية هو إحدى وسائل االعتداء احملرمة على املال واليت تدخل‬
‫يف مشمول هذه النصوص العظيمة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العلة من حماية األوراق التجارية في النظام ‪:‬‬

‫‪ 1‬حممد األمني بن حممد املختار بن عبد القادر اجلكين الشنقيطي ‪ ,‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن ‪ ,‬الناشر ‪:‬‬
‫دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بريوت – لبنان ‪ ,‬عام النشر ‪ 1415 :‬هـ ‪ 1995 -‬مـ ‪ ,‬اجلزء ‪ , 3‬الصفحة ‪49‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬هو إمساعيل بن عمر بن كثري بن ضو بن درع القرشي البصروي مث الدمشقي‪ ,‬أبو الفداء ‪ ,‬عماد الدين ‪ ,‬حافظ مؤرخ‬
‫فقيه ‪ .‬ولد يف قرية من أعمال بصرى الشام عام ‪701‬هـ ‪ ,‬وانتقل إىل دمشق سنة ‪ 706‬هـ ‪ ,‬تويف بدمشق ‪774‬هـ ‪ ,‬له‬
‫مصنفات كثري منها تفسري القرآن العظيم والبداية والنهاية وطبقات الفقهاء الشافعيني وجامع املسانيد وغريها ‪ .‬انظر ‪:‬‬
‫األعالم خلري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس‪ ,‬الزركلي الدمشقي ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار العلم للماليني ‪ ,‬الطبعة ‪:‬‬
‫اخلامسة عشر ‪ 2002‬م ‪.‬‬
‫‪ 3‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري ‪ ,‬تفسري القرآن العظيم ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ‪ ,‬الطبعة ‪1414 :‬هـ‪1994/‬م‬
‫اجلزء ‪ , 3‬الصفحة ‪. 444‬‬
‫‪ 4‬صحيح البخاري ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬باب ‪ :‬قول النيب صلى اهلل عليه وسلم رب مبلغ أوعى من سامع ‪ ,‬احلديث رقم (‬
‫‪. )67‬‬
‫‪31‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫تقوم األوراق التجارية بدور مهم يف احليا االقتصادية ‪ ,‬إذ أن هذ احليا تتميز بالسرعة‬
‫واالئتمان ‪ ,‬ولذلك يسعى التجار إىل إجياد الوسائل اليت تساعدهم على سرعة ممارسة‬
‫نشاطهم وإدجاز أعماهلم ‪ ,‬ويف ذات الوقت حتقق هلم الثقة واالئتمان الذي حيتاج إليه التاجر‬
‫دائماً ‪ ,‬ألن احليا التجارية تفرض على التاجر أن يكون دائناً لبعض من يتعامل معهم ومديناً‬
‫ميكن التاجر من تشغيل مشروعه‬‫للبعض اآلخر ‪ ,‬فهذا التداخل يف العالقات هو الذي ِّ‬
‫بأقصى درجة ممكنة ‪ ,‬لكي حيقق أعلى معدل للربح ‪ ,‬وذلك عن طريق العمل بإمكانات‬
‫مادية أعلى مما ميكله حقيقة ‪ ,‬وهو حيصل على هذا القدر الزائد عن طريق االئتمان والثقة‬
‫اليت حيظى هبا لدى اآلخرين ‪ ,‬حيث يستطيع الشراء باألجل ويقوم ببيع ما اشرتاه بسرعة مث‬
‫يسدد ماتبقى عليه من الثمن ‪ 1.‬واألوراق التجارية تعد من أهم الوسائل اليت تكفل للنشاط‬
‫التجاري حتقيق هاتني اخلاصتني ‪ ,‬فهي تقوم بدور الوفاء بالديون بصور سريعة ‪ ,‬كما تقوم‬
‫بدور االئتمان عند تأجيل الوفاء بتلك الديون‪.‬‬

‫لكل ماسبق كان من األمهية مبكان أن حتاط هذه األوراق التجارية باحلماية الكافية‬
‫للمحافظة على قيمتها وثقة املتعاملني فيها ؛ ولكي تقوم بالدور الذي أنيط هبا وأُوج َدت من‬
‫أجله على أكمل وجه ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫التمييز بين جريمة تزوير األوراق التجارية ومايشتبه بها‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫تشتبه جرمية تزوير األوراق التجارية بعدد من اجلرائم األخرى اليت تشرتك معها يف بعض‬
‫العناصر واألركان ‪ ,‬والشك أن إسباغ الوصف النظامي والقانوين الصحيح على اجلرمية يعد‬

‫‪ 1‬األوراق التجارية واإلفالس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 7‬‬


‫‪32‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫مبثابة تشخيص املرض بالنسبة للطبيب ‪ ,‬واخلطأ فيهما ترتتب عليه نتائج وخيمة ‪ ,‬وحَّت يتم‬
‫متييز جرمية تزوير األوراق التجارية عن غريها من اجلرائم اليت تشتبه هبا مت إيراد هذا املطلب ‪,‬‬
‫وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التمييز بين جريمة تزوير األوراق التجارية وجريمة تزوير األوراق الخاصة‬
‫بالمصارف ‪:‬‬

‫جرمية تزوير األوراق التجارية تشتبه جبرمية تزوير األوراق اخلاصة باملصارف عند كثري من‬
‫املختصني والعاملني يف مرافق العدالة يف اململكة ؛ ويرجع سبب ذلك إىل أن نظام مكافحة‬
‫نص بشكل‬
‫التزوير القدمي مل يكن ينص صراحة على جرمية تزوير األوراق التجارية بينما َّ‬
‫صريح على جرمية تزوير اخلاصة باملصارف وذلك بالتحديد يف املاد الرابعة منه‪. 1‬‬

‫وقد تسبب ذلك يف اشتباه اجلرميتني ببعضهما عند كثري من املختصني ‪ ,‬فأحلق بعضهم‬
‫جرمية تزوير األوراق التجارية جبرمية تزوير األوراق اخلاصة باملصارف وأوقع عليها أحكامها ‪,‬‬
‫بينما أحلقها البعض األخر جبرمية تزوير احملررات العرفية وأوقع عليها أحكامها ‪.‬‬

‫االختالف املنظِّ َم السعودي إىل أن ِّيعرف األوراق اخلاصة باملصارف وذلك‬


‫ُ‬ ‫وقد دعى ذلك‬
‫يف املاد األوىل من النظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد حَّت اليشتبه األمر مر أخرى ‪ ,‬حيث‬
‫عرفها بأهنا " احملررات اليت تستعملها املصارف لإليداع أوالسحب أوالتحويل من خزينتها أو‬
‫ًّ‬
‫حساباهتا أو من حساب أحد العمالء ‪ ,‬ويدخل يف ذلك االعتمادات املستندية ‪ ,‬وخطابات‬
‫يعرف األوراق التجارية لكوهنا‬
‫الضمان ‪ ,‬وبطاقات االئتمان ‪ ,‬وبطاقات احلسم " ‪ ,‬بينما مل ِّ‬
‫مبيَّنة يف نظام األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪ 1‬نظام مكافحة التزوير الصادر باملرسوم امللكي رقم م‪ 114 /‬وتاريخ ‪1380/11/26‬هـ ‪ ,‬املاد الرابعة منه املعدلة‬
‫مبوجب املرسوم امللكي رقم م‪ 53 /‬وتاريخ ‪1382/11/5‬هـ ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ولقد جاء ذكر األوراق اخلاصة باملصارف يف املاد الثالثة عشر من النظام اجلزائي جلرائم‬
‫التزوير معطوفاً على األوراق التجارية ‪ ,‬والعطف يقتضي املغاير كما عند أهل اللغة ‪ ,‬فيكون‬
‫لكل منهما معناها كماسبق بيانه ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التمييز بين جريمة تزوير األوراق التجارية وجريمة النصب ‪:‬‬

‫تشتبه جرمية تزوير األوراق التجارية وجرمية النصب يف أن جوهرمها هو تغيري احلقيقة ؛ ولذلك‬
‫كثرياً ماختتلط جرمية التزوير بشكل عام جبرمية النصب ؛ وذلك بسبب وجود هذا العنصر‬
‫املشرتك بينهما ‪ ,‬وليس يف األمر صعوبة إذا كانت األكاذيب اليت توسل هبا اجلاين إىل‬
‫االستيالء على مال الغري مل تدون يف ورقة جتارية ‪ ,‬ففي هذه احلالة تعد اجلرمية نصباً والتعد‬
‫تزويراً ‪ ,‬كمن ينتحل امساً كاذباً أو صفة غري صحيحة بطريق املشافهة فقط ‪ ,‬وذلك ألن‬
‫التزوير اليكون إال بتغيري احلقيقة يف حمرر ‪ .‬وحَّت إذا كانت هذه األكاذيب وارد يف حمررات‬
‫فإهنا قد تكون كافية العتبار الفعل نصباً واليعد تزويراً إذا مل تتوافر األركان والشروط الالزمة‬
‫‪1‬‬
‫لوجود التزوير املعاقب عليه ‪ ,‬كما لو فقد ركن الضرر مثالً ‪.‬‬

‫ومن أمثلة اجلرائم اليت تكون يف ظاهرها جرمية نصب ويف حقيقتها تزويراً ‪ ,‬ما لوخدع إنسان‬
‫إنساناً آخر يف التوقيع على ورقة جتارية غري اليت اتفق معه على التوقيع عليها ‪ ,‬وهو مايسمى‬
‫بتضمني احملرر توقيعاً صحيحاً أو بصمة صحيحة حصل على أي منهما بطريق اخلداع ‪,‬‬
‫فهل يعد هذا الفعل تزويراً أم يتم تكييفه جرمية نصب واحتيال موضوعها الورقة التجارية اليت‬
‫حصل التوقيع عليها ؟‬

‫آراء الشراح يف هذه الصور تذهب إىل اعتبارها من صور التزوير ‪ ,‬وذلك يف حالة أخذ ذلك‬
‫اإلمضاء أو اخلتم أو البصمة مباغتة أو بدون علم صاحبها ورضاه ‪ ,‬كما لو دست الورقة‬

‫‪ 1‬التزوير والتزييف مدنياً وجنائياً ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة رقم (‪. )220‬‬
‫‪34‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫التجارية بني ورقات أخرى فقام بالتوقيع أو اخلتم دون انتباه ملا فيها ‪ ,‬دون أن تتجه لذلك‬
‫‪1‬‬
‫إرادته إىل االلتزام به ‪.‬‬

‫و النظام اجلزائي جلرائم التزوير جاء بنص صريح على اعتبار هذه الصور تزويراً ‪ ,‬حيث‬
‫نصت الفقر ( ج ) من املاد الثانية من ذلك النظام على أن من طرق التزوير " تضمني‬
‫َّ‬
‫احملرر توقيعاً صحيحاً أو بصمة صحيحة حصل على أي منهما بطريق اخلداع " وبالتايل‬
‫فتصبح هذه الصور من صور التزوير بال خالف ‪.‬‬

‫‪ 1‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة رقم ( ‪. ) 178‬‬


‫‪35‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفصل األول‬

‫أركان جريمة التزوير في األوراق التجارية‬


‫وفيه أربعة مباحث ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬الركن المعنوي لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬أركان جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث األول‬

‫الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫األصل الذي يبىن عليه احلديث عن الركن الشرعي ألي جرمية هو ( مبدأ الشرعية ) ‪ ,‬وينص‬
‫هذا املبدأ على " أن الجرمية والعقوبة إال بنص " ‪ ,‬ويقتضي هذا املبدأ أنه اليعد ارتكاب أي‬
‫فعل من األفعال جرمية إال إذا َّ‬
‫عده النظام كذلك ‪ ,‬كما اليتم إيقاع أي عقوبة على أي من‬
‫‪1‬‬
‫أفراد اجملتمع إال إن كانت تلك العقوبة مما ورد هبا نص نظامي ‪.‬‬

‫وبالتايل فإن اعتبار تزوير األوراق التجارية جرمية البد أن يقوم على بيان الركن الشرعي هلذه‬
‫اجلرمية ‪ ,‬وهذا ماسيتم تناوله يف هذا املبحث وذلك من خالل املطلبني التاليني‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام ‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في النظام‬


‫حَّت صدور النظام اجلزائي جلرائم التزوير باملرسوم امللكي رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ‬
‫جيرم تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬و كان االجتهاد القضائي‬
‫مل يكن هناك نص نظامي صريح ِّ‬
‫يقضي بإحلاق هذه اجلرمية بالسندات املالية اليت نصت على جترمي تزويرها املاد السابعة من‬

‫‪ 1‬أصل هذ املبدأ جاءت به الشريعة اإلسالمية ومل تعرف القوانني الوضعية هذا املبدأ إال يف أعقاب القرن الثامن عشر‬
‫امليالدي‪ ,‬حيث أدخل يف التشريع الفرنسي كنتيجة من نتائج الثور الفرنسية‪ ,‬وقرر ألول مر يف إعالن حقوق اإلنسان‬
‫الصادر يف سنة ‪ ,1789‬مث انتقلت هذه القاعد من التشريع الفرنسي إىل غريه من التشريعات الوضعية ‪ ,‬انظر‬
‫‪:‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 73‬‬
‫‪37‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫نظام مكافحة التزوير امللغي والصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )114/‬وتاريخ‬
‫‪1380/11/26‬هـ واملعدل باملرسوم امللكي رقم (م‪ )3/‬وتاريخ ‪1412/2/18‬هـ ورقم‬
‫(م‪ )16/‬وتاريخ ‪1426/7/8‬هـ حيث نصت املاد السابعة على أن " األوراق املالية املنظمة‬
‫حلاملها أو ملصلحة شخص آخر أو السندات املالية أو األسهم اليت أجيز إصدارها يف‬
‫اململكة العربية السعودية أو اليت صدرت يف البالد األجنبية ومل مينع تداوهلا يف اململكة ‪,‬‬
‫وبصور عامة كافة السندات املالية سواء كانت حلاملها أو حتول بواسطة التظهري تعترب مبثابة‬
‫األوراق واملستندات الرمسية يف مجيع األعمال املنصوص عليها يف املاد اخلامسة من هذا‬
‫النظام " ‪ ,‬وكانت املاد اخلامسة نصت على أن " كل موظف ارتكب أثناء وظيفته تزوير‬

‫بصنع صك أو أي خمطوط ال أصل له أو حمرف عن األصل عن قصد أو بتوقيعه إمضاءً‬


‫وخامتاً أو بصمة أصبح مزوراً أو أتلف صكاً رمسياً أو أوراقاً هلا قو الثبوت سواء كان اإلتالف‬
‫كلياً أو جزئياً أو ّزور شهاد دراسية أو شهاد خدمة حكومية أو أهلية أو أساء التوقيع على‬
‫بياض أؤمتن عليه ‪ ,‬أو بإثباته وقائع وأقوال كاذبة على أهنا وقائع صحيحة وأقوال معرتف هبا ‪,‬‬
‫أو بتدوينه بيانات وأقوال غري اليت صدرت عن أصحاهبا ‪ ,‬أو بتغيري أو حتريف األوراق الرمسية‬
‫والسجالت واملستندات باحلك أو الشطب أو بزياد كلمات أو حذفها وإمهاهلا قصداً ‪ ,‬أو‬
‫بتغيري األمساء املدونة يف األوراق الرمسية والسجالت ووضع أمساء غري صحيحة أو غري حقيقية‬
‫بدالً عنها ‪ ,‬أو بتغيري األرقام يف األوراق والسجالت الرمسية باإلضافة أو احلذف أو التحريف‬
‫عوقب بالسجن من سنة إىل مخس سنوات " ‪ ,‬كمانصت املاد السادسة من ذات النظام‬
‫على أن " يعاقب األشخاص العاديون الذين يرتكبون اجلرائم املنصوص عليها يف املاد‬
‫السابقة أو الذين يستعملون الوثائق واألوراق املزور واألوراق املنصوص عليها يف املاد‬
‫السابقة على علم من حقيقتها بالعقوبات املنصوص عليها يف املاد املذكور وبغرامة مالية من‬
‫ألف إىل عشر آالف لاير "‪. 1‬‬

‫‪ 1‬راجع احلكم االبتدائي الصادر عن الدائر اجلزائية بديوان املظامل برقم (‪/373‬د‪/‬ج‪ 7/‬لعام ‪1429‬هـ ) واملصادق عليه‬
‫‪38‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫إال أن هذا االجتهاد قد ُحس َم بصدور النظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد املشار إليه ‪,‬‬
‫وذلك بتضمينه نصاً صرحياً يتعلق بتجرميها وعقاب مرتكبها ‪ ,‬حيث نصت املاد الثالثة عشر‬
‫من هذا النظام على أن " من َّزور أوراقاً جتارية أو مالية أو األوراق اخلاصة باملصارف ‪ ,‬أو‬
‫وثائق التأمني ‪ ,‬يعاقب بالسجن من سنة إىل مخس سنوات وبغرامة التزيد على أربعمائة ألف‬
‫لاير " ‪.‬‬

‫وبالتايل فإن هذه املاد تُـ َع ُّد الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام السعودي ‪.‬‬

‫وبالنظر إىل السياق الذي وردت فيه هذه املاد من النظام دجد أهنا وردت يف سياق "‬
‫الصور املشدد " من جرائم تزوير احملررات ‪ ,‬وقد َّ‬
‫ضمت هذه الصور أيضاً جرائم أخرى منها‬
‫جرائم تزوير احملررات املنسوبة إىل امللك أو ويل العهد أو رئيس حملس الوزراء أو أحد نوابه ‪,‬‬
‫وكذلك جرائم تزوير السندات أو األوراق ذات القيمة مما تصدره اخلزينة العامة للدولة ‪ ,‬أو‬
‫‪1‬‬
‫احملررات اليت يقوم بتزويرها موظف عام هو خمتص بتحريرها ‪.‬‬

‫ويظهر يل أن وجه إيراد املنظِّم جرميةَ تزوير األوراق التجارية ضمن الصور املشدد جلرائم‬
‫التزوير هو خطور هذه اجلرمية وعظَ ُم آثارها على الفرد واجملتمع واقتصاد الدولة بشكل عام ‪,‬‬
‫ذلك أن انتشار جرمية تزوير األوراق التجارية سيؤدي يف النهاية وبشكل حتمي إىل فقدان‬
‫الثقة يف التعامل هبا بني أفراد اجملتمع بشكل عام وفئة التجار بشكل خاص ‪ ,‬مما حيرمهم‬
‫مجيعاً من االستفاد من خصائص تلك األوراق وميزاهتا اليت تساهم يف النمو االقتصادي‬
‫للبلد و قضاء حوائج كثري من الناس ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف األنظمة املقارنة ‪ ,‬فنجد مثالً يف‬
‫القانون املصري أنه مت االستناد يف جترميها والعقاب عليها على املاد (‪ )215‬من نظام‬

‫حبكم حمكمة االستئناف اإلدارية رقم ( ‪ /483‬إس ‪ 2 /‬للعام ‪1430‬هـ ) ‪.‬‬


‫‪ 1‬انظر املواد ( ‪ ) 13 , 12 , 11 , 10‬من النظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد املشار إليه ‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫العقوبات الصادر بالقانون رقم (‪ )58‬لعام ‪1937‬م واملعدل يالقانون رقم (‪ )95‬لعام‬
‫‪2003‬م حيث نصت تلك املاد على أن " كل شخص ارتكب تزويراً يف حمررات أحد الناس‬
‫بواسطة إحدى الطرق السابق بياهنا أو استعمل ورقة مزور وهو عامل بتزويرها يعاقب باحلبس‬
‫مع الشغل " ‪ ,‬حيث يتم اعتبار األوراق التجارية من احملررات العرفية اليت ميتد إليها سلطان‬
‫هذا النص التجرميي ‪.‬‬

‫ويدل على اعتبار األوراق التجارية حمررات عرفية يف القانون والقضاء املصري األحكام‬
‫الصاد عن حمكمة النقض املصرية واليت جاء يف أحدها النص على أن " والشيكات الَّت‬
‫نسب احلكم اىل الطاعنة تزويرها هى بطبعيتها حمررات عرفية الن بياناهتا منسوبة اىل احد‬
‫الناس واذا فتزويرها الينتج سوى جنحة التزوير املنصوص عليها باملاد ‪ 215‬من قانون‬
‫العقوبات " ‪ ,1‬كما جاء يف طعن آخر النص على أنه " ملا كانت واقعة التزوير املسند إىل‬
‫املطعون ضده االشرتاك يف ارتكاهبا حبسب تكييفها الصحيح جنحة على اعتبار أنه وإن كان‬
‫الشيك حمل الدعوى قد صدر من جهة حكومية لصاحل الطاعن إال أن تغيري احلقيقة مل‬
‫يشمل أياً من بيانات الشيك اجلوهرية الَّت حررها املوظف العام وإمنا اقتصر التغيري على‬
‫بيانات التظهري املنسوب صدورها إىل الطاعن وهى مل تكسب الصفة الرمسية بتدخل املوظف‬
‫العام يف حتريرها ومن مث يعترب التزوير يف هذا البيان واقعا يف ورقة عرفية " ‪. 2‬‬

‫تفرد هبا النظام‬


‫ويعد متييز جرمية تزوير األوراق التجارية عن جرمية تزوير احملررات العرفية ميز َّ‬
‫‪3‬‬
‫إسباغ‬
‫السعودي عما سواه من أنظمة العقوبات املقارنة األخرى ‪ ,‬وما ذلك إال مزيد من ٍ‬
‫احلماية اجلنائية على األوراق التجارية والصيانة هلا ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬الطعن رقم (‪ )7061‬لسنة ‪ 55‬ق جلسة ‪1986/4/27‬م ‪.‬‬


‫‪ 2‬انظر ‪ :‬الطعن رقم (‪ )5745‬لسنة ‪ 59‬ق جلسة ‪1996/4/10‬م ‪.‬‬
‫‪ 3‬انظر ‪ :‬املاد ( ‪ )215‬ومابعدها من نظام العقوبات الصادر بالقانون رقم (‪ )58‬لعام ‪1937‬م واملعدل يالقانون رقم‬
‫(‪ )95‬لعام ‪2003‬م و قانون العقوبات اجلزائري املواد ‪. 253- 193‬‬
‫‪40‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫األساس يف اعتبار الفعل جرمية يف الشريعة اإلسالمية هو خمالفة أوامر الدين ؛ حيث نص‬
‫القرآن الكرمي على العقوبات احلدية والقصاص ‪ ,‬وجرائم احلدود هي ‪ ( :‬البغي ‪ ,‬وقطع‬
‫الطريق ‪ ,‬والسرقة ‪ ,‬والزىن ‪ ,‬وقذف احملصنات ‪ ,‬والقصاص بكل شعبه ) ‪ ,‬قال تعاىل يف‬
‫امهَا‬
‫ت إ جح َد ُ‬‫َصل ُحوا بَـجيـنَـ ُه َما فَإ جن بـَغَ ج‬
‫ني اقجـتَتَـلُوا فَأ ج‬
‫عقوبة جرمية البغي ﴿ َوإ جن طَائ َفتَان م َن الج ُم جؤمن َ‬
‫َصل ُحوا بـَجيـنَـ ُه َما بالج َع جدل‬
‫ت فَأ ج‬ ‫ُخَرى فَـ َقاتلُوا الَّيت تَـجبغي َح ََّّت تَفيءَ إ َىل أ جَمر اللَّه فَإ جن فَاءَ ج‬
‫َعلَى جاأل ج‬
‫ني ﴾ ‪ , 1‬وقال تعاىل يف عقوبة جرمية قطع الطريق ﴿ إَّمنَا َجَز ُاء‬ ‫ب الج ُم جقسط َ‬ ‫َوأَقجسطُوا إ َّن اللَّهَ ُحي ُّ‬
‫صلَّبُوا أ جَو تـُ َقطَّ َع أَيجديه جم‬
‫ين ُحيَاربُو َن اللَّهَ َوَر ُسولَهُ َويَ جس َع جو َن يف جاأل جَرض فَ َس ًادا أَ جن يـُ َقتَّـلُوا أ جَو يُ َ‬ ‫َّ‬
‫الذ َ‬
‫اب‬ ‫ي يف ُّ‬ ‫ٍ‬
‫الدنجـيَا َوَهلُ جم يف جاآلَخَر َع َذ ٌ‬ ‫ك َهلُ جم خ جز ٌ‬ ‫َوأ جَر ُجلُ ُه جم م جن خ َالف أ جَو يـُجنـ َف جوا م َن جاأل جَرض ذَل َ‬
‫‪2‬‬
‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَز ًاء‬‫السار ُق َو َّ‬ ‫يم ﴾ ‪ ,‬وقال تعاىل يف عقوبة جرمية السرقة ﴿ َو َّ‬ ‫َعظ ٌ‬
‫مبَا َك َسبَا نَ َك ًاال م َن اللَّه َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪3‬‬
‫الزانيَةُ‬
‫يم ﴾ ‪ ,‬وقال تعاىل يف عقوبة جرمية الزىن ﴿ َّ‬
‫اجل ُدوا ُك َّل َواح ٍد مجنـ ُه َما ماجئَةَ َج جل َد ٍ َوَال تَأج ُخ جذ ُك جم هب َما َرأجفَةٌ يف دين اللَّه إ جن ُكجنتُ جم‬ ‫الزاين فَ ج‬
‫َو َّ‬
‫ني ﴾‪ , 4‬وقال تعاىل يف عقوبة‬ ‫تُـ جؤمنُو َن باللَّه َوالجيَـ جوم جاآلَخر َولجيَ جش َه جد َع َذابَـ ُه َما طَائ َفةٌ م َن الج ُم جؤمن َ‬
‫وه جم‬ ‫صنَات ُمثَّ َملج يَأجتُوا بأ جَربَـ َعة ُش َه َداءَ فَ ج‬
‫اجل ُد ُ‬ ‫ين يَـ جرُمو َن الج ُم جح َ‬ ‫َّ‬
‫﴿ َوالذ َ‬ ‫جرمية قذف احملصنات‬
‫ك ُه ُم الج َفاس ُقو َن ﴾ ‪ , 5‬وقال تعاىل يف عقوبة‬ ‫َهلُ جم َش َه َاد ً أَبَ ًدا َوأُولَئ َ‬ ‫ني َج جل َد ً َوَال تَـ جقبَـلُوا‬
‫َمثَان َ‬

‫‪ 1‬احلجرات ‪ ,‬اآلية ‪. 9‬‬


‫‪ 2‬املائد ‪ ,‬اآلية ‪. 33‬‬
‫‪ 3‬املائد ‪ ,‬اآلية ‪. 38‬‬
‫‪ 4‬النور ‪ ,‬األية ‪. 2‬‬
‫‪ 5‬النور ‪ ,‬األية ‪. 4‬‬
‫‪41‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫َّ‬
‫احلُِّر َوالج َعجب ُد‬
‫احلُُّر ب ج‬
‫اص يف الج َقجتـلَى ج‬
‫ص ُ‬ ‫ب َعلَجي ُك ُم الجق َ‬ ‫جرمية القتل العمد ﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين آَ َمنُوا ُكت َ‬
‫بالجعبد و جاألُنجـثَى ب جاألُنجـثَى فَمن عفي لَه من أَخيه َشيء فَاتـِّباعٌ بالجمعروف وأَداء إلَيه بإحس ٍ‬
‫ان‬ ‫َ جُ َ َ ٌ ج ج َ‬ ‫جٌ َ‬ ‫َج ُ َ ُ ج‬ ‫َج َ‬
‫يم﴾‪ , 1‬وقال تعاىل يف‬ ‫اب أَل ٌ‬ ‫ك فَـلَهُ َع َذ ٌ‬
‫يف م جن َربِّ ُك جم َوَر جمحَةٌ فَ َمن جاعتَ َدى بَـ جع َد َذل َ‬
‫ك َختجف ٌ‬
‫َذل َ‬
‫ني‬
‫س بالنَّـ جفس َوالج َع ج َ‬ ‫عقوبة جرمية االعتداء على مادون النفس ﴿ َوَكتَجبـنَا َعلَجيه جم ف َيها أ َّ‬
‫َن النَّـ جف َ‬
‫َّق به فَـ ُه َو‬
‫صد َ‬ ‫اص فَ َم جن تَ َ‬‫ص ٌ‬ ‫وح ق َ‬ ‫اجلُُر َ‬
‫الس ِّن َو ج‬
‫الس َّن ب ِّ‬
‫ف ب جاألَنجف َو جاألُذُ َن ب جاألُذُن َو ِّ‬ ‫بالج َع جني َو جاألَنج َ‬
‫ك ُه ُم الظَّال ُمو َن ﴾ ‪. 2‬‬ ‫َّارٌ لَهُ َوَم جن َملج َجحي ُك جم مبَا أَنجـَزَل اللَّهُ فَأُولَئ َ‬
‫َكف َ‬
‫وزادت السنة عقوبة شرب اخلمر والرد وغريمها ‪ ,‬حيث روى أنس بن مالك رضي اهلل عنه‬
‫أن " النيب صلى اهلل عليه و سلم أُيتَ برجل قد شرب اخلمر فجلدته جبريدتني حنو أربعني ‪,‬‬
‫قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرمحن أخف احلدود مثانني فأمر‬
‫به عمر" ‪ , 3‬أما الرد فقد روى ابن عباس رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال "‬
‫َّل دينَهُ فَاقجـتُـلُوهُ " ‪.4‬‬
‫َم جن بَد َ‬

‫أما العقوبات التعزيرية فقد تُرَك لويل أمر املسلمني أن يقدر عقوباهتا مبا يتناسب مع اجلرمية ‪,‬‬
‫ومبا يكون به إصالح العامة ‪ ,‬وسياد األمن بني الكافة ‪.‬‬

‫و البد من التنويه أن هناك أصالً جامعاً تنتهي إليه العقوبات اإلسالمية ‪ ,‬ومعىن كونه جامعاً‬
‫أنه يرجع إليه يف كل عقوبة تقرر حبكم التعزير ‪ ,‬وذلك ألن التعزير تنفيذ ألمر ديين هو العمل‬
‫على إصالح اجلماعة زمنع العبث والفساد ‪ ,‬فالبد أن يكون مثة أساس ضابط ‪ ,‬ملا يعترب‬

‫‪ 1‬البقر ‪ ,‬اآلية ‪. 178‬‬


‫‪ 2‬املائد ‪,‬اآلية ‪. 45‬‬
‫‪ 3‬أخرجه مسلم ‪ ,‬كتاب احلدود ‪ ,‬باب حد اخلمر ‪ ,‬احلديث رقم (‪. )1706‬‬
‫‪ 4‬رواه البخاري ‪ ,‬باب إمث من أشرك باهلل وعقوبته يف الدنيا واآلخر ‪ ,‬احلديث رقم (‪. )6922‬‬
‫‪42‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫جرمية وما اليعترب ‪ ,‬وذلك األساس البد أن يكون مشتقاً من مصادر الشريعة ومواردها‬
‫‪1‬‬
‫وغاياهتا ومراميها واجتاهاهتا ‪.‬‬

‫ولإلمام الغزايل‪ 2‬رمحه اهلل كالم نفيس يف تقرير ذلك األصل حيث قال " فإن جلب املنفعة‬
‫ودفع املضر مقاصد اخللق وصالح اخللق يف حتصيل مقاصدهم لكنا نعين باملصلحة احملافظة‬
‫على مقصود الشرع ومقصود الشرع من اخللق مخسة وهو أن حيفظ عليهم دينهم ونفسهم‬
‫وعقلهم ونسلهم وماهلم فكل ما يتضمن حفظ هذه األصول اخلمسة فهو مصلحة وكل ما‬
‫يفوت هذه األصول فهو مفسد ودفعها مصلحة وإذا أطلقنا املعىن املخيل واملناسب يف‬
‫كتاب القياس أردنا به هذا اجلنس وهذه األصول اخلمسة حفظها واقع يف رتبة الضرورات‬
‫فهي أقوى املراتب يف املصاحل ومثاله قضاء الشرع بقتل الكافر املضل وعقوبة املبتدع الداعي‬
‫إىل بدعته فإن هذا يفوت على اخللق دينهم وقضاؤه بإجياب القصاص أدبه حفظ النفوس‬
‫وإجياب حد الشرب إذ به حفظ العقول اليت هي مالك التكليف وإجياب حد الزنا إذ به‬
‫حفظ النسل واألنساب وإجياب زجر الغصاب والسراق إذ به حيصل حفظ األموال اليت هي‬
‫معاش اخللق وهم مضطرون إليها وحترمي تفويت هذه األصول اخلمسة والزجر عنها يستحيل‬
‫أن ال تشتمل عليه ملة من امللل وشريعة من الشرائع اليت أريد هبا إصالح اخللق ولذلك مل‬
‫ختتلف الشرائع يف حترمي الكفر والقتال والزنا والسرقة وشرب املسكر " ‪. 3‬‬

‫‪ 1‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 25‬‬


‫‪ 2‬هو حممد بن حممد بن حممد الغزايل الطوسي‪ ,‬أبو حامد‪ ,‬فيلسوف‪ ,‬متصوف‪ ,‬له حنو مئيت مصنف‪ .‬ولد عام ‪450‬هـ‬
‫يف الطابران (قصبة طوس‪ ,‬خبراسان) ‪ ,‬نسبته إىل صناعة الغزل (عند من يقوله بتشديد الزاي) أو إىل غزالة (من قرى‬
‫طوس) ملن قال بالتخفيف ‪ ,‬من كتبه إحياء علوم الدين و هتافت الفالسفة و االقتصاد يف االعتقاد وحمك النظر وغريها‬
‫‪ ,‬تويف عام ‪505‬هـ يف الطابران ‪ .‬انظر ‪ :‬األعالم للزركلي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬اجلزء ‪ 7‬الصفحة ‪. 22‬‬
‫‪ 3‬حممد بن حممد الغزايل أبو حامد ‪ ,‬املستصفى يف علم األصول ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الكتب العلمية يف بريوت ‪ ,‬الطبعة‬
‫األوىل ‪1413‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 174‬‬
‫‪43‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ملا تقدم فإنه حيسن بيان الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي‬
‫وذلك من خالل الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬األدلة على تجريم التزوير ‪:‬‬

‫التزوير يف الشريعة اإلسالمية من اجلرائم التعزيرية واملعاصي اليت مل تقدر هلا عقوبة ‪ ,‬و التزوير‬
‫مر معنا يف تعريفه لغة هو الكذب ‪ ,‬ويف االصطالح تغيري احلقيقة ‪ ,‬ولقد تواترت األدلة‬
‫كما َّ‬
‫من الكتاب والسنة واإلمجاع على حترمي قول الزور الذي منه التزوير ومن ذلك ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬من القرآن الكرمي ‪:‬‬

‫الزور ﴾‪ , 1‬حيث قرهنا‬ ‫اجتَنبُوا قَـ جوَل ُّ‬


‫س م َن جاأل جَوثَان َو ج‬
‫الر جج َ‬
‫اجتَنبُوا ِّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ فَ ج‬ ‫‪-1‬‬
‫سبحانه بعباد األوثان بياناً لعظَمها وخطورهتا ‪ ,‬والخالف بني الفقهاء يف أهنا من‬
‫‪2‬‬
‫أكرب الكبائر ‪ ,‬وأن مرتكبها يستحق التأديب ‪.‬‬
‫الز َور َوإ َذا َمُّروا باللَّ جغو َمُّروا كَر ًاما ﴾‪ 3‬وذلك يف‬
‫ين َال يَ جش َه ُدو َن ُّ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوالذ َ‬ ‫‪-2‬‬
‫سياق ثناءه تعاىل على املؤمنني ‪ ,‬مما يدل على أن ارتكاهبا ٍ‬
‫مناف لإلميان ‪.‬‬
‫ور ﴾ ‪, 4‬‬‫َّه جم لَيَـ ُقولُو َن ُمجن َكًرا م َن الج َق جول َوُز ًورا َوإ َّن اللَّهَ لَ َع ُفو َغ ُف ٌ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوإنـ ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫وذلك يف سياق وصفه تعاىل للظهار الذي هو خالف احلقيقة ‪ ,‬حيث جيعل الرجل‬

‫‪ 1‬سور احلج ‪ ,‬اآلية ‪. 30‬‬


‫‪ 2‬عبد اهلل بن أمحد بن قدامة املقدسي أبو حممد ‪ ,‬املغين يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين ‪ ,‬دار الفكر – بريوت ‪,‬‬
‫الطبعة األوىل ‪ 1405‬هـ ‪. 154/12 ,‬‬
‫‪ 3‬سور الفرقان ‪ ,‬اآلية ‪. 72‬‬
‫‪ 4‬سور اجملادلة ‪ ,‬اآلية ‪. 2‬‬
‫‪44‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وحيرم على نفسه إتياهنا وهي ليست عليه حبرام ‪ ,‬قال الرازي ‪" :‬‬
‫زوجته يف مقام أمه ِّ‬
‫وزور ‪ :‬كذب باطل منحرف عن احلق "‪. 1‬‬

‫ثانياً ‪ :‬من السنة النبوية ‪:‬‬

‫مارواه البخاري عن أيب عبد الرمحن بن أيب بكر عن أبيه قال‪ :‬كنا عند رسول اهلل‬ ‫‪-1‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ,‬فقال ‪ " :‬أال أنبئكم بأكرب الكبائر‪ :‬اإلشراك باهلل وعقوق‬
‫الوالدين ‪ -‬وجلس وكان متكئاً فقال‪ :‬أال وقول الزور ‪ ,‬قال فما زال يكررها حَّت‬
‫قلنا‪ :‬ليته سكت "‪. 2‬‬
‫قول الزور يناقض حقيقة اإلميان فقد َّ‬
‫عده رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من آية‬ ‫‪-2‬‬
‫املنافق حيث روى أبو هرير رضي اهلل عنه أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال " آية‬
‫املنافق ثالث ‪ :‬إذا حدَّث كذب ‪ ,‬وإذا وعد أخلف ‪ ,‬وإذا اؤمتن خان "‪. 3‬‬
‫خلطر قول الزور على املرء املسلم ولكونه يقضي على األعمال الصاحلة فقد حذر‬ ‫‪-3‬‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم الصائم من الوقوع يف الزور فقد روى أبوهرير عن‬
‫الرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه قال " من مل يدع قول الزور والعمل به فليس هلل‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬‬ ‫حاجة يف أن يدع طعامه وشرابه "‬
‫س منَّا " ‪ ,5‬والخيفى ماينطوي عليه التزوير‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم " َم جن َغشَّنَا فَـلَجي َ‬ ‫‪-4‬‬
‫من ٍ‬
‫غش وخداع ِّبني ؛ مما جيعله داخال دخوالً صرحياً يف مشمول هذا احلديث‬

‫‪ 1‬حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ,‬تفسري البحر احمليط ‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪ -‬لبنان‪ /‬بريوت ‪1422 -‬‬
‫هـ ‪ 2001 -‬م ‪. 231/8 ,‬‬
‫‪ 2‬رواه البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬ما قيل يف شهاد الزور ‪ ,‬احلديث (‪. )2654‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬عالمة املنافق ‪ ,‬احلديث (‪. )33‬‬
‫‪ 4‬رواه البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬من مل يدع قول الزور والعمل به يف الصوم ‪ ,‬احلديث (‪. )1903‬‬
‫‪ 5‬رواه مسلم ‪ ,‬احلديث ( ‪ ) 45‬وعنون به الباب الذي أورده فيه ‪ ,‬ورواه ابن حبان يف صحيحه بلفظ " ( من غشنا‬
‫فليس منا واملكر واخلداع يف النار ) ‪ ,‬قال شعيب األرناؤوط عنه ‪ :‬إسناده حسن ‪ ,‬اجلزء ‪ 2‬الصفحة ‪.326‬‬
‫‪45‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫املتضمن هلذا التحذير العظيم من غش وخداع املسلمني ‪ ,‬قال النووي ‪ " :‬فأما تأويل‬
‫احلديث فقيل هو حممول على املستحل بغري تأويل فيكفر وخيرج من امللة وقيل معناه‬
‫ليس على سريتنا الكاملة وهدينا "‪. 1‬‬

‫والشك أن هذه النصوص العظيمة شاملة لكل معاين التزوير شهاد وقوالً وفعالً ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العلة من تجريم التزوير في الفقه اإلسالمي ‪:‬‬

‫كذب فحسب ‪ ,‬بل لكوهنا يف‬


‫زور و ٌ‬
‫اليقتصر حترمي جرمية تزوير األوراق التجارية على كوهنا ٌ‬
‫حرم اهلل عزوجل احلصول عليه إال باحلق ‪ ,‬والريب أن ضرور‬
‫غالبها اعتداء على املال الذي َّ‬
‫املال هي إحدى الضرورات اخلمس اليت جاءت الشريعة اإلسالمية حبمايتها وحفظها من أي‬
‫يد عابث تطوله ‪.‬‬

‫واألدلة على محاية الشريعة اإلسالمية للمال من االعتداء عليه بالباطل أكثر من أن حتصى ‪,‬‬

‫فقد قال تعاىل يف ذم اليهود ﴿ وأَ جكله جم أ جَم َو َال النَّاس بالجبَاطل َوأ جَعتَ جدنَا ل جل َكافر َ‬
‫ين مجنـ ُه جم َع َذابًا‬
‫‪2‬‬
‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَزاءً مبَا‬‫السار ُق َو َّ‬
‫يما ﴾ ‪ ,‬وقال تعاىل يف عقوبة جرمية السرقة ﴿ َو َّ‬ ‫أَل ً‬
‫َك َسبَا نَ َك ًاال م َن اللَّه َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪3‬‬
‫حرم سبحانه ماهو مظنة‬ ‫ّ‬ ‫فقد‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫أكثر‬
‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫يم ﴾‬
‫الس َف َهاءَ أ جَم َوالَ ُك ُم‬
‫إتالف للمال وذلك بتحرمي إيتاء السفهاء األموال حيث قال ﴿ َوَال تُـ جؤتُوا ُّ‬
‫الَّيت َج َع َل اللَّهُ لَ ُك جم قيَ ًاما ﴾‪. 4‬‬

‫‪ 1‬أبو زكريا حيىي بن شرف بن مري النووي ‪ ,‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪ ,‬دار إحياء الرتاث العريب –‬
‫بريوت ‪ ,‬الطبعة الطبعة الثانية ‪ 1392 ,‬هـ ‪ ,‬اجلزء ‪ 2‬الصفحة ‪. 108‬‬
‫‪ 2‬سور النساء ‪ ,‬اآلية (‪. )161‬‬
‫‪ 3‬سور املائد ‪ ,‬اآلية (‪. )39‬‬
‫‪ 4‬سور النساء ‪ ,‬اآلية (‪. ) 5‬‬
‫‪46‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫والسنة املطهر زاخر أيضاً بالنصوص اليت ت ِّبني للمسلم ُسبُل اكتسابه للمال و ُسبُل إنفاقه ‪,‬‬
‫والنصوص احلاثة أيضاً على صيانته ومحايته من أي عبث أو اعتداء ‪ ,‬فقد قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فيمارواه ابن عباس رضي اهلل عنه " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام‬
‫كحرمة يومكم هذا يف بلدكم هذا يف شهركم هذا "‪ 1‬فجعل حرمة األموال كحرمة الدماء‬
‫واألعراض وذلك مما يدل على عظَم شأن جرمية االعتداء على املال يف اإلسالم ‪ ,‬كما قال‬
‫عليه الصال والسالم " واهلل اليأخذ أح ٌد منكم شيئاً بغري حقه إال لقي اهلل حيمله يوم القيامة‬
‫" ‪ , 2‬والشك أن أخذ أموال الناس بالباطل عن طريق تزوير األوراق التجارية مشمول فاعلها‬
‫هبذا الوعيد الشديد الوارد يف النصوص السابقة ‪.‬‬

‫‪ 1‬صحيح البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬اخلطبة أيام مىن ‪.) 795 /1( ,‬‬
‫‪ 2‬متفق عليه ‪ ,‬رواه البخاري يف باب ‪ :‬احتيال العامل ليهدى له (‪ , )3480/4‬ومسلم يف باب ‪ :‬حترمي هدايا العمال‬
‫(‪. )1463/3‬‬
‫‪47‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫يشكل الركن املادي ألي جرمية جوهرها امللموس ‪ ,‬ويتكون من ثالثة عناصر رئيسية جيب‬
‫توافرها وهي ‪ :‬النشاط أو السلوك اإلجرامي ‪ ,‬وعنصر النتيجة اإلجرامية ‪ ,‬وعنصر العالقة‬
‫السببية اليت تربط بينهما ‪.‬‬

‫وعليه فإن بيان الركن املادي جلرمية تزوير األوراق التجارية سيتم تناوله من خالل املطالب‬
‫التالية ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النشاط اإلجرامي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النتيجة الضارة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬العالقة السببية بين النشاط اإلجرامي والنتيجة الضارة ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫النشاط اإلجرامي‬
‫النشاط اإلجرامي – كعنصر من عناصر أي جرمية – هو مايتخذه اجلاين من نشاط إرادي ‪,‬‬
‫يتمثل يف مواقف معينة ‪ ,‬إجيابية أو سلبية يعاقب عليها القانون ‪ ,‬ملساسها مبصاحل اجملتمع‬
‫‪1‬‬
‫احملمية بنصوص التجرمي ‪.‬‬

‫والنشاط اإلجرامي يف جرمية تزوير األوراق التجارية وفقاً ملا هو متقرر يف جرمية تزوير احملررات‬
‫نص عليها النظام أو‬
‫عموماً يتوافر بالقيام بتغيري احلقيقة يف الورقة التجارية بإحدى الطرق اليت َّ‬
‫‪2‬‬
‫القانون ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن عنصر النشاط اإلجرامي جلرمية تزوير األوراق التجارية يتوافر من خالل قيام‬
‫املزور بتغيري احلقيقة يف ورقة جتارية بإحدى الطرق احملدد نظامها ‪ ,‬وبياهنا على النحو التايل‪:‬‬
‫ِّ‬

‫الفرع األول ‪ :‬تغيير الحقيقة ‪:‬‬

‫احلقيقة مشتقة من احلق وهو نقيض الباطل ‪ ,‬غري أن احلقيقة يف باب التزوير التطابق هذا‬
‫يتع َّني قانوناً إثباته يف احملرر أو‬
‫املعىن متاما بل تنصرف إىل غريه ‪ ,‬إذ يراد هبا األمر الذي كان َ‬
‫األمر الذي أثبته صاحب الشأن فيه فعالً ‪ ,‬أو الذي قصد إىل إثباته فيه بغض النظر عما إذا‬
‫‪3‬‬
‫كان هذا األمر يف ذاته حقاً أو غري حق ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬عبدالفتاح خضر‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬من منشورات مكتب صالح احلجيالن‬
‫للمحاما ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1410‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 29‬‬
‫‪ 2‬فرج علواين ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ,‬طبعة عام ‪1993‬م ‪ ,‬الصفحة ‪. 140‬‬
‫‪ 3‬معوض عبدالتواب ‪ ,‬الوسيط يف شرح جرائم التزوير والتزييف وتقليد األختام ‪ ,‬نشر منشأ الكعاف باالسكندرية لعام‬
‫‪1988‬م ‪ ,‬الصفحة ‪. 22‬‬
‫‪49‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وتغيري احلقيقة يكون بتبديل الواقع حَّت يعد الفعل جرمية يعاقب عليها القانون ‪ ,‬فإذا كان ما‬

‫أُثب َ‬
‫ت مطابقاً للواقع فال تزوير حَّت ولو كان الفاعل سيء القصد ‪ ,‬كذا ال يعد تزويراً إذا‬
‫حصل التغيري من صاحب احلق يف إنشاء الورقة التجارية إذا حرر وسحب ورقة جتارية مث غري‬
‫حمتوياهتا قبل تسليمها إىل املستفيد‪ , 1‬ومثال ذلك أن يسحب ( أ ) سنداً ألمر للمستفيد (‬
‫ب ) يتضمن بأن يدفع له مبلغاً حمدداً من النقود يف تاريخ حمدد ‪ ,‬مث يع ُّن له أن يعيد النظر‬
‫يف موعد الوفاء أو يف ذلك املبلغ فيحدث تغيرياً يف احملرر بعد كتابته وتوقيعه منه وقبل تسليمه‬
‫إىل املستفيد فإن ذلك اليعد تزويراً ‪.‬‬

‫والعرب يف توافر عنصر( تغيري احلقيقة ) املطلوب لقيام جرمية التزوير ‪ ,‬إمنا يكون باملساس‬
‫حبقوق الغري اليت يتعلق هبا ذلك احملرر ‪ ,‬فكل تغيري للحقيقة الميس إال املركز القانوين للقائم‬
‫به اليعد تزويراً ‪. 2‬‬

‫وهناك تغيري للحقيقة اليعده البعض تزويراً ‪ ,‬وهو إمجاالً يتلخص يف صورتني‪: 3‬‬

‫‪ -1‬الصورية في التصرفات ‪ :‬وهي اليت يتفق فيها شخصان أو أكثر على أمر حقيقته‬
‫ختالف ظاهر ما اتفقا عليه ‪ ,‬لغرض يرميان إليه ويظل سراً بينهما ‪ ,‬إذا حصل ذلك مسي‬
‫احملرر الظاهر عقداً صورياً ‪ ,‬وهذه االتفاقات الصورية اليعرب املتفقان فيها إال عن أمر أرادا‬
‫تدوينه وكتابته ‪ ,‬فليس أحدمها جيهل ماكتب ‪ ,‬ولكن رغم هذا فالعقد الصوري يتضمن‬
‫يتضمن نوعاً من تغيري احلقيقة ‪ ,‬تغيرياً متفقاً عليه بني أطراف هذا العقد الصوري ‪ ,‬حلمل‬
‫الناس على االعتقاد بوجود أمر مل يوجد فعالً ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬حممد علي سكيكر ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 67‬‬
‫‪ 2‬انظر ‪ :‬د‪.‬عبدالفتاح خضر ‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير يف أنظمة اململكة ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 31‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 31‬‬
‫‪50‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وميكن التمثيل هلذه العقود الصورية مبا إذا حرر شخص عقد بيع آلخر ‪ ,‬وذكر أنه‬
‫استوىف الثمن ‪ ,‬وذلك لسرت هبة ‪ ,‬فعقد البيع قصد به سرت طبيعة التعاقد ‪ ,‬ويف هذه‬
‫الصور وأشباهها تغريت احلقيقة باتفاق املتعاقدين ‪.‬‬
‫وقد استقر الرأي عند أغلب الشراح ‪ ,‬على أن تغيري احلقيقة يف احملررات الصورية العقاب‬
‫عليه ‪ ,‬واستند أصحاب هذا االجتاه على أن الصورية يف العقود ليست طريقة من طرق‬
‫التزوير اليت نص القانون عليها ‪ ,‬كما أن حمتويات هذه العقود واالتفاقات هي بذاهتا‬
‫مااتفق عليه املتعاقدان ووقعا عليه ‪ ,‬كما أنه اليعد تزويراً ألنه متعلق بشؤون الطرفني‬
‫اخلاصة ‪ ,‬والكذب يف العقود الصورية الميس أحداً غري أطرافه ‪ ,‬فإذا كان العقد الصوري‬
‫ينشأ عنه ضرر للغري ‪ ,‬كما إذا كانت الصورية تسيء إىل مركز وارث أو تضر حبقوقه ‪,‬‬
‫‪1‬‬
‫فاجلزاء على ذلك ليس موضعه القانون اجلنائي ولكنه يقتصر على إبطال العقد مدنياً ‪.‬‬
‫يتعرض ألثر‬
‫السعودي مل َّ‬
‫أما أثر الصورية يف األورا ق التجارية فإن نظام األوراق التجارية ّ‬
‫الصورية يف بيانات الكمبيالة أو ماسواها من األوراق التجارية إذ ال يوجد فيها ما يعيب‬
‫صحة الكمبيالة والشيك والسند‬
‫شكل الورقة مكتملة البيانات ؛ لذا ال تؤثّر الصورية يف ّ‬
‫ألمر كأوراق جتارية مادامت مكتملة البيانات ‪ ,‬وباليت ينشأ عنها االلتزام الصريف‪.‬‬
‫أما املسؤلية اجلنائية فإهنا التنعقد مادامت األركان الشكلية واملوضوعية مكتملة يف الورقة‬
‫التجارية بشرط أال تنطوي هذه الصورية على مساس حبقوق الغري؛ وذلك لكون الصورية‬
‫وإن كانت التدخل يف نطاق التزوير املادي إال أهنا تدخل يف نطاق التزوير املعنوي وذلك‬
‫عن طريق جعل واقعة مزور يف صور واقعة صحيحة ‪ ,‬وهذا يتماشى مع عموم نصوص‬
‫التزوير اليت تتناول كافة صور تغيري احلقيقة مادياً أومعنوياً مامل يوجد النص االستثنائي ‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫أما إذا مل يتناول التصرف الصوري مركز الغري أوحقوقه أو صفاته فال تزوير ‪.‬‬

‫‪ 1‬راجع ‪ :‬د‪.‬عبداحلميد الشواريب ‪ ,‬التزييف والتزوير مدنياً وجنائياُ ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة (‪)25 , 24‬‬
‫‪ 2‬راجع ‪ :‬د‪.‬عبدالفتاح خضر‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 29‬‬
‫‪51‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -2‬اإلقرارات الفردية ‪ :‬وهي اإلقرارات اليت تصدر من جانب واحد ‪ ,‬كإقرارات‬


‫الضرائب واإلقرارت الصادر من املتعاقدين بقيمة عقودهم للشهر العقاري متهيداً لتقدير‬
‫رسوم التسجيل وحنوها ‪.‬‬
‫والقاعد أن الكذب يف اإلقرارات الفردية اليدخل يف مدلول التزوير ‪ ,‬وبالتايل فإن تغيري‬
‫احلقيقة يف هذه اإلقرارات اليعد تزويراً معاقباً عليه ‪ ,‬ألن اإلقرار يتعلق بأمر خاص باملقر‬
‫الميس سوى مركزه الشخصي والميس مبركز الغري ‪ ,‬هذا فضالً عن أنه ميكن التحري عن‬
‫قصر يف هذا التحري فعليه‬
‫صحة ماورد يف هذه اإلقرارت من صاحب الشأن ‪ ,‬الذي إذا َّ‬
‫وحده تقع مغبة هذا التقصري ‪ ,‬وأخرياً فإن الكذب يف هذه اإلقرارات الينشئ يف الغالب‬
‫ضرراً ‪ ,‬ألنه ليست هلا قو يف اإلثبات حيث الميلك الشخص أن ينشئ لنفسه سنداً‬
‫بإقراره ‪ ,‬ولذلك قلما تكون اإلقرارات الفردية حمل ثقة من تقدم إليه ‪ ,‬بل هي ختضع‬
‫‪1‬‬
‫للتمحيص والتدقيق واملراجعة ‪.‬‬
‫والذي يظهر أن هذين االستثنائني اليردان على األوراق التجارية مَّت ما اكتملت‬
‫شروطها املوضوعية والشكلية ومت سحبها وتداوهلا مث وقعت عليها جرمية التزوير ؛ وذلك‬
‫ألن املاد الثالثة عشر من النظام اجلزائي جلرائم التزوير واليت تعد كما سبق هي الركن‬
‫الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية أتت عامة بتجرمي مجيع صور تزوير األوراق التجارية‬
‫ومل تستثين شيئاً منها ‪ ,‬والقواعد األصولية تنص على أن العام يبقى على عمومه حَّت‬
‫والخمصص هنا ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫يطَّلع له على خمصص ‪,‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬محل جريمة تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫جيب لقيام جرمية تزوير األوراق التجارية أن يكون هذا التغيري واقعاً يف ورقة جتارية وهو‬
‫مايطلق عليه حملها ‪ ,‬ويلزم يف الورقة التجارية اليت تصلح أن تكون حمالً جلرمية تزوير األوراق‬

‫‪ 1‬فتوح الشاذيل ‪ ,‬جرائم التعزير املنظمة يف اململكة ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪. 274‬‬
‫‪52‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫التجارية أن تتوافر فيها مجيع الشروط املوضوعية والشكلية إلنشائها واليت نص عليها نظام‬
‫األوراق التجارية الصادر باملرسوم امللكي رقم م ‪ 37 /‬وتاريخ ‪1383/10/11‬هـ ‪ ,‬ولبيان‬
‫أنواع األوراق التجارية وشروطها املوضوعية والشكلية على النحو الكايف ملوضوع هذه الدراسة‬
‫فإنه ميكن بيان ذلك من خالل ذكر تعريف كل ورقة جتارية وذكر شروطها الشكلية‬
‫واملوضوعية وذلك على النحو التايل ‪:‬‬
‫الكمبيالة ‪ " :‬وهي صك مكتوب طبقاً لألوضاع اليت حددها النظام ‪ ,‬يتضمن أمراً‬ ‫‪-1‬‬
‫من شخص يسمى الساحب موجه إىل شخص آخر يسمى املسحوب عليه طالباً‬
‫منه أن يدفع مبلغاً معيناً من النقود إلذن أو ألمر شخص آخر يسمى املستفيد " ‪.1‬‬
‫وحَّت تكتسب الكمبيالة الصفة القانونية والشكل النظامي هلا فإنه يشرتط لذلك توفر‬
‫عدد من الشروط املوضوعية والشكلية هبا ‪ ,‬ونبدأ بذكر الشروط املوضوعية العامة وهي‬
‫كمايلي ‪: 2‬‬
‫الرضا ‪ :‬جيب أن يكون التزام الساحب صادراً عن رضاء صحيح وخالياً من العيوب‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ ,‬فإذا َّزور إمضاء أحد املوقعني على الكمبيالة انعدم الرضا وأصبح التزامه باطالً ‪ ,‬أما‬
‫إذا كان رضاؤه موجوداً وإمنا حلق به عيب من عيوب اإلراد ( اإلكراه أو الغلط أو‬
‫التدليس ) فإن التزامه يكون قابالً لإلبطال ‪.‬‬
‫ب‪ -‬احملل ‪ :‬ويقصد به حمل االلتزام الصريف يف هذه الكمبيالة ‪ ,‬وهو دائماً مبلغ من النقود‬
‫‪ ,‬فإذا كان شيئاً غري النقود – كتسليم بضاعة‪ -‬فقدت الكمبيالة صفتها كورقة جتارية‬
‫وأصبحت ورقة عادية تسري عليها القواعد العامة ‪ ,‬وملا كان حمل االلتزام مبلغاً من‬
‫َّ‬
‫النقود لذلك يكون دائماً ممكناً ومشروعاً ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبدالرمحن السيد قرمان ‪ ,‬األوراق التجارية واإلفالس ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 2‬انظر ‪ :‬د‪.‬سعيد حيىي ‪ ,‬األوراق التجارية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 27‬‬
‫‪53‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ت‪ -‬السبب ‪ :‬ويقصد به سبب التزام ساحب الكمبيالة ‪ ,‬فهو العالقة القانونية بينه وبني‬
‫وبني املستفيد أي العالقة اليت من أجلها أنشئت الكمبيالة ‪ ,‬فيجب أن تكون‬
‫موجود ومشروعة غري خمالفة للنظام العام واآلداب ‪ ,‬فإذا ختلف سبب االلتزام الصريف‬
‫أو كان غري مشروع كما لو سحبت الكمبيالة سداداً لدين يتعلق مبخدرات أو دين‬
‫قمار مثالً ‪ ,‬فإن التزام الساحب يكون باطالً ‪.‬‬
‫ث‪ -‬األهلية ‪ :‬ويقصد هبا أهلية امللتزم بالكمبيالة ‪ ,‬وقد حددت املاد السابعة من نظام‬
‫األوراق التجارية أهلية هذا امللتزم ‪ ,‬حيث نصت على أهنا تتحدد وفقاً لقانون موطنه‬
‫ومع ذلك ال يعترب السعودي أهالً لاللتزام بالكمبيالة إال إذا بلغ من العمر مثاين عشر‬
‫نصت هذه املاد على أن الشخص ناقص األهلية وفقاً لنظامه الوطين‬ ‫سنة ‪ ,‬كما ّ‬
‫فإن التزامه يظل مع ذلك صحيحاً إذا وضع توقيعه يف إقليم دولة يعتربه نظامها كامل‬
‫األهلية ‪.‬‬
‫فالقانون الواجب التطبيق على أهلية امللتزم هو قانون املوطن ‪ ,‬ويتحدد املوطن‬
‫باملكان الذي يقيم فيه الشخص عاد ويتخذ مقراً ألعماله الرئيسية ‪ ,‬وذلك بصرف‬
‫النظر عن قانون جنسية هذا الشخص ‪ ,‬فإذا كنا بصدد شخص يتخذ موطنه يف بلد‬
‫وحيمل وحيمل جنسية بلد آخر ‪ ,‬فالعرب يف حتديد أهليته تكون بأعمال قانون موطنه‬
‫‪ ,‬وتتضح هذه األمهية يف احلالة اليت يكون يكون فيها الشخص كامل األهلية وفقاً‬
‫للنظام املطبق يف بلد املوطن ‪ ,‬وناقصها وفقاً لقانون جنسيته ‪ ,‬مثال ذلك املصري‬
‫الذي يسحب كمبيالة يف اململكة ‪ ,‬فهو يكون أهالً لاللتزام مبقتضى هذه الكمبيالة‬
‫مادام قد بلغ من العمر (‪ )18‬عاماً ‪ ,‬على الرغم من أنه اليكون كذلك وفقاً لنظام‬
‫جنسيته ‪ ,‬أي وفقاً للنظام املصري إال إذا بلغ من العمر (‪ )21‬عاماً ‪.‬‬
‫وبالنسبة للسعودي فإنه يعد أهالً لاللتزام مبقتضى الكمبيالة مَّت بلغ من العمر (‪)18‬‬
‫عاماً ‪ ,‬أما غري السعودي فتتحدد أهليته لاللتزام بالكمبيالة تبعاً لنظام موطنه ‪ ,‬ومع‬

‫‪54‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ذلك غذا بلغ من العمر (‪ )18‬عاماً فإن التزامه مبقتضى الكمبيالة يعد التزاماً‬
‫صحيحاً مَّت ماوقَّع الكمبيالة يف اململكة ‪ ,‬ولو كان يعترب قاصراً يف نظام موطنه ‪.‬‬
‫أما القاصر الذي مل يبلغ من العمر (‪ )18‬عاماً وكان مأذوناً له مبزاولة التجار فإن‬
‫التزامه الصريف الناشيء عن توقيعه على الكمبيالة يسري صحيحاً وذلك مبوجب‬
‫مفهوم املخالفة لنص املاد (‪ )8‬من نظام األوراق التجارية واليت نصت على أن "‬
‫التزامات القصر الذين ليسوا جتاراً والتزامات عدميي األهلية الناشئة من توقيعاهتم على‬
‫الكمبيالة ‪ ,‬تكون باطلة بالنسبة إليهم فقط وجيوز هلم التمسك هبذا البطالن يف‬
‫مواجهة كل حامل للكمبيالة ولو كان حسن النية " ‪.‬‬
‫ولعل احلكمة من ذلك كله واضحة ‪ ,‬إذ أهنا هتدف إىل استقرار املعامالت ومحاية‬
‫املتعاملني يف اململكة وجتنيبهم مشقة البحث يف القانون الذي حيكم أهلية األجنيب يف‬
‫كل حالة على حد إذا ما اشرتط تطبيق نظام اجلنسية ‪.‬‬
‫أما الشروط الشكلية للكمبيالة فهي كما حددهتا املاد األوىل من نظام األوراق التجارية‬
‫كما يلي‪: 1‬‬
‫احملرر ‪ :‬تنص املاد األوىل من نظام األوراق التجارية على أن الكمبيالة البد وأن‬ ‫أ‪-‬‬
‫تشتمل على عد بيانات إلزامية ‪ ,‬وهو مايؤكد أن الكمبيالة تصرف قانوين شكلي ‪,‬‬
‫ووفقاً هلذه املاد فإن الكمبيالة جيب أن تفرغ يف حمرر ‪ ,‬أي أن تكون خطية ‪ ,‬فإن مل‬
‫يتحقق هذا الشرط امتنع نشوء االلتزام الصريف ‪ ,‬وال ميكن أن يستعاض عن هذا‬
‫احملرر بأي وسيلة أخرى كاعرتاف األطراف ‪ ,‬فالشكلية مطلوبة لذاهتا كشرط انعقاد‬
‫وليست كوسيلة إثبات ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪.‬عبداهلل بن حممد العمران ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام السعودي ‪ ,‬من مطبوعات معهد اإلدار العامة ‪,‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1416‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 45‬‬
‫‪55‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫نصت املاد األوىل من نظام األوراق التجارية على أن‬


‫ب‪ -‬كلمة " كمبيالة " ‪ :‬حيث َّ‬
‫من البيانات اليت جيب أن تشتمل عليها الكمبيالة هي " كلمة ( كمبيالة ) مكتوبة يف‬
‫منت الصك وباللغة اليت كتب هبا " ‪ ,‬وهذا يعين أن تكتب يف صلب النص ‪ ,‬أي أن‬
‫تأيت وسط العبارات اليت تتكون منها الورقة ‪ ,‬فال يكفي أن تكتب يف أعلى الورقة أو‬
‫يف أسفلها ‪ ,‬وجيب أن تكتب بنفس لغة الكمبيالة ‪ ,‬وبناءاً على ذلك غذا مل تأت‬
‫كلمة كمبيالة يف وسط النص ‪ ,‬أو مل تكتب بنفس اللغة اليت كتبت هبا الكمبيالة ‪,‬‬
‫فإن الورقة تكون باطلة باعتبارها كمبيالة ‪.‬‬
‫ت‪ -‬األمر بدفع مبلغ معني ‪ :‬وذلك بأن تتضمن الورقة أمراً موجهاً إىل املسحوب عليه‬
‫بأن يدفع مبلغاً معيناً ‪ ,‬واليشرتط أن يكون ذلك إال بعبار ( ادفعوا ) بل يكفي أي‬
‫عبار يستفاد منها تلك الرغبة ‪ .‬أما إذا خلت الورقة من األمر بالدفع فإهنا الميكن‬
‫أن تكتسب صفة الكمبيالة ‪ ,‬أي أهنا قد تكون صحيحة كورقة عادية ولكنها‬
‫منعدمة ككمبيالة ‪ .‬واألمر بالدفع جيب أن يكون قاطعاً يف معناه ‪ ,‬اي ليس غامضاً‬
‫أو معلقاً على شروط ‪ ,‬كأن يأيت بصيغة ادفعوا إىل أمحد بعد بيع احملصول أو فور‬
‫وصول البضاعة أو حنوها من الشروط ؛ ألن مثل هذه الشروط يرتتب عليها صعوبة‬
‫حتديد ميعاد االستحقاق وتعويق الورقة عن لعب الدور املناط هبا كأدا وفاء وائتمان‬
‫‪ ,‬ومن مث فإنه تنخلع عنها صفتها كورقة جتارية ‪.‬‬
‫ويلزم باإلضافة إىل ذلك أن يكون موضوع الكمبيالة مبلغاً من املال ‪ ,‬فالجيوز مثالً‬
‫أن يكون حملها ‪ ,‬بضائع حَّت لو كان ممكناً معرفة مثنها ‪ ,‬أو حمصوالً معيناً أو أوراقاً‬
‫مالية ‪ ,‬وجيب أن يكون ذلك املبلغ حمدداً حتديداً دقيقاً حبيث اليلزم ملعرفة مقداره‬
‫االستعانة مبعلومات من خارج الورقة ‪ ,‬وال بإجراء عملية حسابية ‪ ,‬فالجيوز مثالً أن‬
‫يقول " ادفعوا نصيبنا من صايف الشركة " أو " ادفعوا معاشنا التقاعدي" ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ث‪ -‬اسم من يلزمه الوفاء ( املسحوب عليه ) ‪ :‬وهو الشخص الذي جيب التوجه إليه من‬
‫أجل استحصال قيمة الكمبيالة ‪ ,‬ولذا فإن من الطبيعي أن يكون امسه حمدداً بشكل‬
‫ميكن من االهتداء إليه ‪ ,‬ومن املعلوم أن التحديد أم نسيب خيتلف حسب اتساع‬
‫املدينة وحسب مركز الشخص ‪ ,‬فإن كان مثالً تاجراً مشهوراً أمكن االهتداء إليه‬
‫مبجرد اسم عائلته أو امسه التجاري ‪ ,‬ولذا فإن معيار التحديد هو أن يكون كافياً‬
‫ملعرفة املسحوب عليه واالستدالل عليه ‪.‬‬
‫ميعاد االستحقاق ‪ :‬وهو امليعاد الذي تكون فيه الورقة التجارية مستحقة األداء ‪,‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫ولتاريخ االستحقاق أمهية خاصة ‪ ,‬إذ أنه على أساسه يقوم التجار برتتيب أوضاعهم‬
‫املالية وجدولة مواعيد سداد ديوهنم ‪ ,‬كما أنه على ضوئه أيضاً تتحدد حقوق‬
‫والتزامات املوقعني على الورقة ‪ ,‬وحتديده ضروري بوجه خاص ملعرفة بدء سريان‬
‫مواعيد حترير االحتجاج وتقادم الدعوى الصرفية ‪.‬‬
‫وقد بينت املاد (‪ )38‬من نظام األوراق التجارية طرق حتديد ميعاد االستحقاق‬
‫حيث نصت على أنه " جيوز أن تسحب الكمبيالة مستحقة الوفاء لدى االطالع أو‬
‫بعد مد معينة من االطالع أو بعد مد معينة من تاريخ إنشاء الكمبيالة ‪ ,‬أو يف يوم‬
‫معني‪ .‬وال جيوز أن تشتمل الكمبيالة على مواعيد استحقاق أخرى أو على مواعيد‬
‫استحقاق متعاقبة وإال كانت باطلة " ‪ .‬تلك الطرق هي اليت جيوز أن حيدد ميعاد‬
‫استحقاق الكمبيالة وفقاً ألحدها ‪ ,‬أي أنه الجيوز حتديده بغريها ‪.‬‬
‫ح‪ -‬مكان الوفاء ‪ :‬جيب أن تشتمل الكمبيالة على املكان الذي سيتم الوفاء بقيمتها فيه‬
‫‪ ,‬فالكمبيالة كما هو معلوم مهيأ للتداول ‪ ,‬أي االنتقال من يد إىل أخرى ‪,‬‬
‫واليعرف من سيكون احلامل األخري الذي تستقر يف يده ويتقدم الستيفاء قيمتها ؛‬
‫ولذا فإن مكان الوفاء البد أن يكون واضح ميكن احلامل من االهتداء إليه ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫واألصل أن يكون مكان الوفاء هو موطن املسحوب عليه ‪ ,‬سواء كان موطنه العام‬
‫أو اخلاص مبهنته ‪ ,‬ومع ذلك أجازت املاد الرابعة من نظام األوراق التجارية‬
‫للساحب أن يشرتط وفاء الكمبيالة يف موطن شخص آخر غري املسحوب عليه ‪,‬‬
‫سواء كان هذا املوطن يف اجلهة اليت فيها موطن املسحوب عليه أو يف جهة أخرى ‪,‬‬
‫ويعرف هذا الشرط بشرط توطن الكمبيالة ‪.‬‬
‫وإذا خلت الكمبيالة من حتديد مكان الوفاء فال يؤثر ذلك على صحتها حيث يعترب‬
‫املبني جبانب اسم املسحوب عليه مكان وفائها وموطناً للمسحوب عليه‬
‫املكان َّ‬
‫وذلك مبوجب الفقر (ب) من نظام األوراق التجارية واليت نصت على أن الكمبيالة‬
‫" إذا خلت من بيان مكان الوفاء أو من بيان موطن املسحوب عليه أعترب املكان‬
‫املبني جبانب اسم املسحوب عليه مكان وفائها وموطناً للمسحوب عليه " ‪.‬‬
‫اسم من جيب الوفاء له أو ألمره ‪ :‬وهو املستفيد الذي حترر الكمبيالة ملصلحته ‪,‬‬ ‫خ‪-‬‬
‫ومن مث فإنه يكون احلامل األول للكمبيالة ‪ ,‬وجيب أن يكون امسه حمدداً حتديداً دقيقاً‬
‫‪ ,‬أي أال يكون حمدد بشكل غامض أو غري دقيق مما قد يؤدي إىل اخللط أو االلتباس‬
‫يف حتديد شخصه ‪ ,‬ويتم حتديد املستفيد عاد بكتابة امسه ‪ ,‬ويقصد بذلك االسم‬
‫الذي يعرف به عاد ‪ ,‬سواء كان ذلك امسه احلقيقي أو اسم الشهر أو االسم‬
‫التجاري ‪ ,‬ولكن الجيوز أن حيدد املستفيد مبهنته أو صفته كأن يقال ورثة فالن ‪ ,‬ألن‬
‫ذلك يتناىف مع مبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجارية ‪.‬‬
‫تاريخ ومكان إنشاء الكمبيالة ‪ :‬جيب أن تشتمل الكمبيالة على التاريخ الذي مت فيه‬ ‫د‪-‬‬
‫حتريرها ‪ ,‬وللتاريخ أمهية كبري ملعرفة ما إذا كان الساحب قد توافرت له حينذاك‬
‫األهلية الالزمة ملزاولة ذلك التصرف ‪ ,‬وكذلك يف حالة إفالس الساحب ميكن‬
‫االستدالل بتاريخ الكمبيالة ملعرفة ما إذا كان إصدار الكمبيالة قم مت خالل فرت الريبة‬
‫‪ ,‬وهي الفرت اليت تسبق شهر حكم اإلفالس واليت كثرياً ماتضطرب فيها أحوال‬

‫‪58‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫املفلس املالية ‪ ,‬وللتاريخ أمهية كبري يف حتديد ميعاد االستحقاق حينما تكون الورقة‬
‫مستحقة الدفع مستحقة الدفع خالل مد معينة من تاريخ إنشائها ‪.‬‬
‫توقيع الساحب ‪ :‬الساحب مو منشئ الكمبيالة وهو أول امللتزمني هبا ‪ ,‬إذ أنه مبجرد‬ ‫ذ‪-‬‬
‫إنشاء الورقة يضمن القبول والوفاء ‪ ,‬ومن مث فإنه البد من وجود ماينبئ عن أنه أراد‬
‫اإلقدام على ذلك االلتزام ‪ ,‬والتوقيع هو املظهر املادي الجتاه إرادته حنو ذلك‪.‬‬

‫ووفقاً هلذه الشروط املوضوعية والشكلية السابق ذكرها فإن الكمبيالة اليت تصلح أن تكون‬
‫حمالً جلرمية تزوير األوراق األوراق التجارية هي اليت استوفت مجيع تلك الشروط ‪ ,‬فإن مل‬
‫تتوافر هذه الشروط أو إحداها فإن هذه الكمبيالة تتحول إىل سند مديونية عادي وبالتايل‬
‫تصبح حمرراً عرفياً ومايقع عليها من تزوير الخيضع لألحكام اخلاصة جبرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية ‪.‬‬

‫السند ألمر‪ : 1‬هو ورقة جتارية يتعهد حمررها مبقتضاها بأن يدفع مبلغاً من النقود ألمر‬ ‫‪-2‬‬
‫شخص آخر هو املستفيد مبجرد االطالع أو بعد أجل معني أو قابل للتعيني ‪.‬‬
‫ويتميز السند ألمر بأنه ورقة ثنائية تنشأ بني شخصني مها احملرر واملستفيد فال وجود‬
‫فيه للمسحوب عليه ‪.‬‬
‫واليكون السند ألمر ورقة جتارية إال إذا تضمن الشروط املوضوعية السابق ذكرها يف‬
‫شأن الكمبيالة باإلضافة إىل الشروط الشكلية اليت نصت عليها املاد (‪ )87‬من‬
‫نظام األوراق التجارية وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬شرط األمر أو عبار ( سند ألمر ) مكتوبة يف منت السند وباللغة اليت كتب هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬تعهد غري معلق على شرط بوفاء مبلغ معني من النقود ‪.‬‬
‫‪ -‬ميعاد االستحقاق ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪.‬سعيد حيىي ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام التجاري السعودي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 132‬‬
‫‪59‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -‬مكان الوفاء ‪.‬‬


‫‪ -‬اسم من جيب الوفاء له أو ألمره ‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ إنشاء السند ومكان إنشائه ‪.‬‬
‫‪ -‬توقيع من أنشأ السند ( احملرر ) ‪.‬‬
‫وقد سبق بيان هذه الشروط عند احلديث عن الورقة التجارية األوىل وهي ( الكمبيالة ) ‪.‬‬
‫وإذا ختلفت بعض البيانات اإللزامية فإن احملرر اليكون سنداً ألمر إال يف حاالت ثالث‬
‫نصت عليها املاد (‪ )88‬من نظام األوراق التجارية وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا خالل السند من ميعاد االستحقاق اعترب واجب الوفاء لدى االطالع عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا خال من بيان مكان الوفاء أو موطن احملرر اعترب مكان إنشاء السند مكاناً للوفاء‬
‫ومكاناً للمحرر ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا خال من بيان مكان اإلنشاء اعترب منشأ يف املكان املبني جبانب اسم احملرر ‪.‬‬
‫وفيما عدا احلاالت الثالث السابقة تطبق أحكام الكمبيالة على نقص البيانات األخرى ‪,‬‬
‫فيبطل مثالً السند ألمر كلية إذا نقص توقيع احملرر أو املبلغ ‪ ,‬وبالتايل اليعد ورقة جتارية‬
‫ويتحول إىل سند مديونية عادي ويصبح بالتايل حمرراً عرفياً التنطبق عليه أحكام جرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية ‪.‬‬
‫الشيك‪ : 1‬ورقة جتارية تتضمن أمراً صادراً من شخص يسمى الساحب إىل أحد‬ ‫‪-3‬‬
‫البنوك بأن يدفع إلذن شخص ثالث وهو املستفيد مبلغاً معيناً من النقود مبجرد‬
‫االطالع ‪.‬‬
‫وحَّت يكتسب الشيك الصفة القانونية له كورقة جتارية فالبد أن يستويف الشروط‬
‫املوضوعية السابق ذكرها يف الكمبيالة باإلضافة إىل الشروط الشكلية اليت نصت‬
‫عليها املاد ( ‪ )91‬من نظام األوراق التجارية وهي كمايلي‪:‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪.‬سعيد حيىي ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام التجاري السعودي ‪ ,‬ص ‪. 138‬‬
‫‪60‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -‬كلمة ( شيك ) مكتوبة يف منت الصك باللغة اليت كتب هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬أمر غري معلق على شرط بوفاء مبلغ معني من النقود ‪.‬‬
‫‪ -‬اسم من يلزمه الوفاء ( املسحوب عليه ) ‪.‬‬
‫‪ -‬مكان الوفاء ‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ ومكان إنشاء الشيك ‪.‬‬
‫‪ -‬توقيع من أنشأ الشيك ( الساحب )‬
‫وقد نصت املاد (‪ )92‬على أن الصك اخلايل من أحد هذه البيانات فإنه ال يعترب شيكاً إال‬
‫يف احلالتني اآلتيتني ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا خال الشيك من بيان مكان وفائه ‪ ,‬اعترب مستحق الوفاء يف املكان املبني‬
‫جبانب اسم املسحوب عليه ‪ ,‬فإذا تعددت األماكن املبينة جبانب اسم املسحوب عليه ‪,‬‬
‫اعترب الشيك مستحق الوفاء يف أول مكان منها ‪ .‬وإذا خال الشيك من هذه البيانات أو من‬
‫أي بيان آخر اعترب مستحق الوفاء يف املكان الذي يقع فيه احملل الرئيسي للمسحوب عليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا خال الشيك من بيان مكان اإلنشاء ‪ ,‬اعترب منشأ يف املكان املبني جبانب اسم‬
‫الساحب ‪.‬‬

‫وقد سبق بيان هذه الشروط عند احلديث عن الورقة التجارية األوىل وهي ( الكمبيالة ) ‪,‬‬
‫ووفقاً هلذه الشروط املوضوعية والشكلية السابق ذكرها فإن الشيك الذي يصلح أن يكون‬
‫حمالً جلرمية تزوير األوراق التجارية هو الصك الذي استوىف مجيع هذه الشروط ‪ ,‬فإن مل تتوافر‬
‫هذه الشروط أو أحدها فإنه اليعد ورقة جتارية واليعد مايقع عليه من تزوير خاضعاً‬
‫لألحكام اخلاصة جبرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬طرق تزوير األوراق التجارية ‪:1‬‬

‫نصت املاد الثانية من النظام اجلزائي جلرائم التزوير على الطرق اليت تقع هبا جرمية التزوير‬
‫َّ‬
‫قسمت هذه املاد طرق التزوير إىل نوعني ‪:‬‬
‫وذلك على سبيل احلصر ‪ ,‬وقد َّ‬

‫طرق التزوير املادي ‪ :‬أي التزوير بطرق مادية وهي الطرق احملسوسة امللموسة اليت‬ ‫‪-1‬‬
‫ترتك أثراً على احملرر ‪.‬‬
‫طرق التزوير املعنوي ‪ :‬وهي اليت الترتك أثراً حمسوساً على ماديات احملرر ولكنها تتثمل‬ ‫‪-2‬‬
‫يف تغيري معىن ومضمون احملرر ‪.‬‬

‫نصت عليها هذه املاد هي ‪:‬‬


‫وهذه الطرق كما ّ‬
‫الطريق األول ‪ :‬وهو من الطرق املادية للتزوير وهو " صنع حمرر أو خامت أو عالمة أو‬ ‫‪-1‬‬
‫طابع ‪ ,‬ال أصل له أو مقلد من األصل أو حمرف عنه " ‪.‬‬
‫وحيث أنه سبق بيان أن من الشروط الشكلية لألوراق التجارية أهنا البد وأن تكون على‬
‫صفة حمررات ‪ ,‬وبالتايل فإن هذا الطريق من طرق التزوير ميكن أن يكون مسلكاً يف جرمية‬
‫تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬وذلك من خالل صنع ورقة جتارية ال أصل هلا أو مقلد عن األصل‬
‫أو حمرفة عنها ‪ ,‬ويف احلقيقة فإن هذا الطريق اشتمل على ثالث طرق ميكن بياهنا على النحو‬
‫التايل ‪:‬‬
‫صنع ورقة جتارية ال أصل هلا ‪ :‬ويقصد بالصنع أو االصطناع هنا إنشاء ورقة جتارية ال‬ ‫أ‪-‬‬
‫أصل هلا عن طريق صنع كافة بياناهتا ‪ ,‬أما إذا كان هذا الصنع جزئياً ‪ ,‬أي متعلقاً‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪.‬عبدالفتاح خضر‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪48‬‬
‫ومابعدها ‪.‬‬
‫وانظر ‪ :‬د‪ .‬فتوح الشاذيل ‪ ,‬جرائم التعزير املنظمة يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪ 283‬ومابعدها‬
‫‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ببيانات معينة يف احملرر فإنه يدخل حتت مفهوم الطريق الرابع من طرق التزوير وهو‬
‫التغيري أو التحريف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬صنع ورقة جتارية مقلد من األصل ‪ :‬ويقصد هبذا الطريق أن يتم صنع ورقة جتارية هلا‬
‫أصل ‪ ,‬وهو مايسمى بالتقليد أو االصطناع املوصوف ‪ ,‬وذلك بأن يقوم املزور‬
‫بإنشاء حمرر على صفة ورقة جتارية هلا أصل كأن يصطنع كمبيالة مماثلة لكمبيالة‬
‫حقيقية من حيث الشكل والبيانات والتواقيع ‪ ,‬واليلزم يف التقليد أن يكون متقناً بل‬
‫يكفي أن حيمل من ينظر إليه على االعتقاد بأن الورقة التجارية صادر ممن نسبت‬
‫إليه كتابتها ‪.‬‬
‫ت‪ -‬صنع ورقة جتارية حمرفة عن األصل ‪ :‬ويقصد به إنشاء ورقة جتارية مماثلة لورقة جتارية‬
‫هلا أصل مع حتريف بعض البيانات الوارد يف األصل ‪ ,‬كأن يقوم املزور مثالً بإنشاء‬
‫شيك ليس له أصل مماثل لشيك له أصل مع التحريف يف املبلغ املتسحق يف األصل‬
‫فيضيف رقماً أو ينقص أو حيرف يف الكتابة احلرفية لذلك املبلغ ‪.‬‬
‫الطريق الثاين من طرق التزوير ويعد أيضاً من طرق التزوير املادي وهو " تضمني احملرر‬ ‫‪-2‬‬
‫توقيعاً أو خامتاً أو بصمة أو عالمة أو طابع ‪ ,‬ال أصل له أو مقلد من األصل أو‬
‫حمرف عنه " ‪:‬‬
‫وميكن أن يرد هذا الطريق على جرمية تزوير األوراق التجارية بأن يتم تضمني الورقة‬
‫التجارية توقيعاً أو خامتاً أو بصمة أو عالمة أو طابع ليتم نسبة تلك الورقة التجارية‬
‫إىل شخص مل تصدر منه ‪ ,‬لذلك يتحقق التزوير هبذه الطريقة ولو كان مضمون‬
‫احملرر مطابقاً للحقيقة متام املطابقة ‪ ,‬فتغيري احلقيقة هنا يقتصر على نسبة احملرر إىل‬
‫غري من وضع التوقيع أو اخلامت أو الطابع أو البصمة أو العالمة ‪ ,‬سواء كان هذا‬
‫املنسوب إليه شخص موجود فعالً أو شخص خيايل ال وجود له ‪ ,‬وسواء كان هذا‬

‫‪63‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫التوقيع أو اخلامت أو الطابع أو البصمة أو العالمة مماثالً ألصل موجود أو حمرف عنه‬
‫أو حَّت إن مل يكن له أصل ‪.‬‬
‫الطريق الثالث من طرق التزوير ويعد أيضاً من الطرق املادية وهو " تضمني احملرر‬ ‫‪-3‬‬
‫توقيعاً صحيحاً أو بصمة صحيحة ‪ ,‬حصل على أي منهما بطريق اخلداع " ‪:‬‬
‫وميكن أن يسلك هذا الطريق يف جرمية تزوير األوراق التجارية بأن يؤخذ توقيع‬
‫صحيح أو بصمة صحيحية على ورقة جتارية خلسة أو عن طريق التدليس ‪ ,‬كأن‬
‫تدس ورقة التجارية بني حمررات يقوم بتوقيعها شخص أو أن يؤخذ توقيعه خلسة‬
‫وبشكل سريع على ورقة جتارية مع إيهامه بأهنا حمرراً آخر وحنوها ‪.‬‬
‫الطريق الرابع من طرق التزوير ويعترب من الطرق املادية وهو " التغيري أو التحريف يف‬ ‫‪-4‬‬
‫حمرر أو خامت أو عالمة أوطابع ‪ ,‬سواءاً وقع ذلك بطريق احلذف أو اإلضافة أو‬
‫اإلبدال أو اإلتالف اجلزئي للمحرر الذي غري مضمونه " ‪:‬‬
‫ويقصد هبذا الطريق يف جرمية تزوير األوراق التجارية كل التغيريات املادية اليت ميكن‬
‫إحداثها يف ورقة جتارية بعد إنشائها والتوقيع عليها من ذوي الشأن ‪ ,‬بشرط أن‬
‫تتضمن تشويهاً ملضموهنا يتمثل يف إدخال تعديل على الورقة التجارية يف وقت الحق‬
‫لتدوينها ‪.‬‬
‫وكما يتضح من نص الفقر فإنه ميكن أن حيدث التزوير هبذا الطريق بوسيلة من أربع‬
‫هي ‪ :‬احلذف أو اإلضافة أو اإلبدال أو اإلتالف اجلزئي للمحرر الذي غري مضمونه‬
‫‪ .‬والتغيري باإلبدال يتحقق عن طريق احلك أو الشطب حلذف بيان وإحالل آخر‬
‫حمله ‪ ,‬ومثاله تغيري املبلغ املثبت على ورقة جتارية عن طريق حكه وكتابة مبلغ آخر‬
‫حمله ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫أما التغيري باإلضافة فيتحقق بزياد األرقام مثالً يف الورقة التجارية سواءاً كانت هذه‬
‫األرقام يف املبلغ املستحق مبوجب هذه الورقة أو يف تاريخ إنشائها أو ميعاد‬
‫استحقاقها أوحنوها ‪.‬‬
‫أما التغيري باحلذف فيكون مبحو كلمة أو فقر أو رقم أو حرف بالشطب أو الطمس‬
‫أو اإلزالة مباد كيميائية أو آلة أو حنو ذلك ‪.‬‬
‫أما التغيري باإلتالف اجلزئي للمحرر الذي يغري مضمونه ‪ ,‬فيقصد به أن يتم إتالف‬
‫جزء من الورقة التجارية يغري مضموهنا ‪ ,‬كأن يتم مثالً إتالف اجلزء املبني فيه الضامن‬
‫االحتياطي يف السند ألمر ‪.‬‬
‫الطريق اخلامس من طرق التزوير ويعترب من الطرق املادية وهو " التغيري يف صور‬ ‫‪-5‬‬
‫شخصية يف حمرر أو استبدال صور شخص آخر هبا " ‪:‬‬
‫وبالنظر إىل الشروط الشكلية لألوراق التجاري يتبني أن ليس منها أي شرط يتعلق‬
‫بوضع صور شخصية فيها ‪ ,‬وبالتايل فإن هذا الطريق من طرق التزوير الميكن سلوكه‬
‫يف جرمية تزوير األوراق التجارية لعدم تضمن األوراق التجارية أي صور شخصية‪.‬‬
‫الطريق السادس من طرق التزوير ويعترب من طرق التزوير املعنوي وهو " تضمني احملرر‬ ‫‪-6‬‬
‫واقعة غري صحيحة جبعلها تبدو واقعة صحيحة ‪ ,‬أو ترك تضمني احملرر واقعة كان‬
‫الفاعل عاملاً بوجوب تضمينها فيه " ‪:‬‬
‫وهذا الطريق من أوسع طرق التزوير املعنوي وأعمها وأكثرها وقوعاً ‪ ,‬بل إن هذه‬
‫الطريقة هي جوهر التزوير ذاته ‪ ,‬مادياً كان أو معنوياً ‪ ,‬فالتزوير أياً كانت طريقته‬
‫ليس سوى جعل واقعة كاذبة يف صور واقعة صحيحة أو معرتف هبا ‪ ,‬ويقع التزوير‬
‫هبذه الطريقة عندما يتم إثبات واقعة على غري حقيقتها مبعرفة كاتب احملرر أثناء تدوينه‬
‫إياه ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ووقوع التزوير يف األوراق التجارية هبذا الطريق ممكن ومتصور ‪ ,‬كما لو مت مثالً إثبات‬
‫تاريخ إنشاء الورقة التجارية خبالف التاريخ احلقيقي إلنشائها ‪ ,‬أو مت إثبات مكان‬
‫إلنشائها غري املكان احلقيقي الذي مت إنشاؤها فيه وحنو ذلك ‪.‬‬
‫الطريق السابع من طرق التزوير ويعترب من طرق التزوير املعنوي وهو " تغيري إقرار أويل‬ ‫‪-7‬‬
‫الشأن الذي كان الغرض من حترير احملرر إدارجه فيه " ‪:‬‬
‫ويقع التزوير هبذه الطريقة يف حالة ما إذا عهد إىل شخص بتدوين بيانات وأقوال‬
‫يطلب أصحاب الشأن إثباهتا ‪ ,‬فيغري احلقيقة فيها بأن يدون غري ماأدىل به أولو‬
‫الشأن من بيانات وأقوال ‪ ,‬يصعب اكتشاف تغيريها إال بالرجوع إىل صاحب الشأن‬
‫ملعرفة البيانات احلقيقية اليت كان يريد إثباهتا ومقارنتها بتلك البيانات اليت أثبتها‬
‫كاتب احملرر فعالً ‪.‬‬
‫ويقع التزوير يف األوراق التجارية هبذا الطريق فيما إذا طلب مثالً شخص أمي من‬
‫آخر أن يكتب له ورقة جتارية ميلي عليه مضموهنا ‪ ,‬فيحرر الكاتب يف هذه الورقة‬
‫بيانات غري تلك اليت أمالها عليه الشخص األمي كأن يكتب مبلغاً أو مكان‬
‫استحقاق أو ميعاد وفاء غري تلك اليت أمالها عليه ذلك األمي ‪ ,‬وحنو هذه الصور ‪.‬‬
‫الطريق الثامن من طريق التزوير ويعترب من طرق التزوير املعنوي وهو " إساء استخدام‬ ‫‪-8‬‬
‫توقيع أو بصمة على بياض اؤمتن عليه " ‪:‬‬
‫ويقع التزوير هبذه الطريقة عندما يعمد حائز لورقة ممضا على بياض إىل إثبات‬
‫بيانات هبا منسوبة ملن وقعها ‪ ,‬دون أن تتجه إرادته إىل ذلك صراحة أو ضمناً ‪,‬‬
‫لذلك هذا الطريق يشمله فيما يبدو الطريق السابق ألهنا تتثمل يف إثبات واقعة كاذبة‬
‫يف صور واقعة صحيحة ‪ ,‬وهذا بالفعل يعد يف ذاته تغيرياً للحقيقة مما يربر النص‬
‫عليه كطريق من طرق التزوير ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وتتحقق هذه الصور يف جرمية تزوير األوراق التجارية فيما إذا وقع شخص على‬
‫بياض ورقة كسند أمر أو كمبيالة أو شيك ويسلمها إىل آخر حَّت يكمل حمتواها‬
‫وفقاً ملا اتفق عليه الطرفان ‪ ,‬فيعمد هذا األخري إىل وضع أمور وبيانات هبا خالفاً ملا‬
‫مت االتفاق عليه ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫النتيجة الضارة‬
‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫يتمثل عنصر النتيجة اإلجرامية يف األثر املرتتب على السلوك اإلجرامي ‪ ,‬ذلك األثر الذي‬
‫يتوافر بتحقق الضرر أو اخلطر املرتتب على السلوك املقرتف ‪ ,‬والذي ميس أو يهدد املصلحة‬
‫احملمية بنص التجرمي ‪ ,‬وهي يف التزوير ( الثقة يف احملررات ) ‪ ,‬فإذا ترتب على تغيري احلقيقة يف‬
‫حمرر املساس بتلك الثقة ‪ ,‬فإن الضرر يتوافر ويكفي لذلك أن يصبح احملرر بعد تغيري احلقيقة‬
‫‪1‬‬
‫فيه صاحلاً ألن يستعمل فيما زور من أجله ‪ ,‬ولو كان الضرر حمتمالً ‪.‬‬

‫ويذهب البعض إىل اعتبار الضرر ركناً مستقالً يف جرمية التزوير وذلك ألمهيته فيها السيما‬
‫وأنه أحد العناصر املشروطة لقيامها ‪ ,‬ولكن ذلك االجتاه حمل نظر لكون الركن املادي ألي‬
‫جرمية اليستكمل كيانه القانوين إال بتوافر عنصر الضرر ‪ ,‬املمثل لعنصر النتيجة اإلجرامية إىل‬
‫جانب عنصري السلوك وعالقة السببية ‪ ,‬فالبد من معاجلة الضرر يف التزوير ضمن وضعه‬
‫‪2‬‬
‫القانوين املألوف بني عناصر الركن املادي دون حاجة إلة وضعه يف موضع شاذ ‪.‬‬

‫ولبيان عنصر الضرر املكون للنتيجة فسيكون احلديث عنه من خالل الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬عبالفتاح خضر ‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 68‬‬
‫‪ 2‬املرجع السابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 69‬‬
‫‪67‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬ماهية الضرر وأنواعه ‪:‬‬

‫ميكن تعريف الضرر بأنه " اإلخالل حبق أو مبصلحة حيميها القانون " ‪ ,‬وهو على صور‬
‫متعدد فمنه املادي ومنه األديب ‪ ,‬واحملقَّق واحملتمل ‪ ,‬والفردي واالجتماعي ‪ ,‬وأية صور منه‬
‫تكفي لقيام اجلرمية ‪.1‬‬

‫وأنواع الضرر ختتلف باختالف ضابط التقسيم ‪ ,‬فهو ينقسم من حيث طبيعته إىل مادي‬
‫ومعنوي ‪ ,‬ومن حيث شخص املضرور إىل خاص وعام ‪ ,‬ولبيان هذه األنواع فإنه حيسن‬
‫عرضها بشيء من التفصيل على النحو التايل ‪:2‬‬

‫أوالً ‪ :‬الضرر المادي ‪:‬‬

‫هو مايصيب الغري يف ماله ‪ ,‬ويتمثل إما يف خسار حتل به أو يف كسب يفوته ‪ ,‬وهذا الضرر‬
‫أبرز أنواع الضرر وأكثرها شيوعاً ‪ ,‬ومن أمثلته مايصيب الغري من جراء تزوير ورقة جتارية‬
‫كسحب شيك باسم شخص و يتم خصمه من حسابه املصريف ‪ ,‬واليشرتط أن يبلغ هذا‬
‫الضرر حداً معيناً من اجلسامة بل تقع اجلرمية ولو كان الضرر املادي ضئيال ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬الضرر المعنوي ‪:‬‬

‫هو مايصيب الشخص يف شرفه واعتباره أو يف حق آخر من حقوقه غري املالية ‪ ,‬وقد يقرتن‬
‫هذا الضرر بضرر مادي وقد يتمخض التزوير عنه وحده ‪ ,‬ومن أمثلة الضرر الذي يلحق‬
‫بسمعة من ينسب إليه إنشاء الورقة التجارية املزور السيما إن كان تاجراً ‪ ,‬حيث يتسبب‬
‫ذلك التزوير يف اهتزاز ثقة اجملتمع التجاري فيه ؛ وذلك لكون من أهم مميزات األوراق‬
‫التجارية اليت دفعت التجار الستخدامها هو أهنا حتقق هلم الثقة واالئتمان الذي حيتاج إليه‬

‫‪ 1‬راجع ‪ :‬فرج علواين ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 192‬‬
‫‪ 2‬معوض عبدالتواب ‪ ,‬الوسيط يف شرح جرائم التزوير والتزييف ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 62‬‬
‫‪68‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫التاجر دائماً ‪ ,‬فإذا ماتبني تزوير إحدى هذه األوراق وعدم صحة نسبتها إىل ساحبها أو‬
‫مظهرها أو ضماهنا االحتياطي فإن الثقة فيها وفيمن نسبت هتتز وبالشك ‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ثالثاً ‪ :‬الضرر الخاص ‪:‬‬

‫هو الذي يصيب شخصاً بعينه أو أشخاصاً معينني من أشخاص القانون اخلاص ‪ ,‬سواء‬
‫كانوا أشخاصاً طبيعيني أو معنويني ‪ ,‬وساء كان الضرر مادياً أو أدبياً ‪ ,‬ومن أمثلته يف جرمية‬
‫تزوير األوراق التجارية املبلغ النقدي الذي خيصم من احلساب الشخصي ألحد األفراد والذي‬
‫نُسب إليه سحب ورقة جتارية تتمثل يف شيك فتم اخلصم من حسابه بناءاً على هذه الورقة‬
‫التجارية املزور ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬الضرر العام ‪:‬‬

‫وهو الذي يصيب الدولة ذاهتا أو شخصاً آخر من أشخاص القانون العام ‪ ,‬سواء كان هذا‬
‫الضرر مادياً أو أدبياً ‪ ,‬ومن أمثلته اليت تتعلق جبرمية تزوير األوراق التجارية ماقد يلحق مسعة‬
‫االقتصاد الوطين ألي دولة إذا ماتفشت هذه اجلرمية فيه ومن مث فقدت الثقة يف هذه األدوات‬
‫االقتصادية املهمة اليت تساهم يف سرعة انتقال األموال داخل هذا االقتصاد بالسرعة املطلوبة‬
‫لتحقيق النمو فيه ‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬الضرر المحقق والضرر المحتمل‪: 1‬‬

‫يعترب الضرر مبعناه الذي سبق إيضاحه متوافراً ولو كان حمتمالً غري حمقق وال حال الوقوع ‪ ,‬إذ‬
‫اليشرتط يف التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه ‪ ,‬والبحث يف وجود الضرر‬
‫واحتماله إمنا يرجع فيه إىل الوقت الذي وقع فيه تغيري احلقيقة بغري التفات إىل مايطرأ بعد ‪.‬‬

‫‪ 1‬فرج علواين ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 193‬‬


‫‪69‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ويتحقق الضرر على وجه يقيين باستعمال السند املزو فعالً ‪ ,‬وإن كانت هنا تنشأ جرمية‬
‫أخرى مستقلة هي جرمية استعمال السند املزور مستقبالً ( وهو هنا الورقة التجارية )‬
‫واحتمال تضرر اجملين عليه من هذ االستعمال ؛ ألن الضرر وثيق الصلة بفعل االستعمال‬
‫دون التزوير ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬ضابط الضرر ‪:‬‬

‫تبدو احلاجة ماسة إىل صياغة ضابط يهتدي به القضاء يف حتديد توافر أو عدم توافر عنصر‬
‫الضرر يف التزوير ‪ ,‬ذلك أن للضرر مدلوالً واسعاً وصوراً متعدد ‪ ,‬ومن مث مل يكن ممكناً ترك‬
‫مسألة تقدير قاضي املوضوع بالنسبة لكل صور التزوير يف احملررات ‪ ,‬بل البد من االحتكام‬
‫إىل ضابط معروف يسمح بتحديد األحوال اليت يصح فيها العقاب على التزوير لتحقق أو‬
‫احتمال حتقق الضرر منه ‪.‬‬

‫وقد تعددت النظريات القانونية يف حتديد ضابط توافر عنصر الضرر يف جرمية التزوير ‪,‬‬
‫فذهب بعض شراح القانون إىل أن هذا الضابط هو " التشويه أو التغيري يف مكتوب أعد‬
‫لكي يستخدم كسند الكتساب أو نقل أو إثبات حق أو حالة أو صفة " ‪ , 1‬فما حيميه‬
‫القانون بتجرمي تغيري احلقيقة أو تشويهها ليس هو احملرر الذي يتضمن عالمات ورموز القيمة‬
‫هلا يف ذاهتا ‪ ,‬وليس هو شكل التصرف ذاته ‪ ,‬وإمنا حيمي القانون الثقة يف احملرر أو التصرف‬
‫‪.‬‬

‫وذهب اجتاه آخر إىل أن الضرر يكون متوافراً إذا كان من شأن تغيري احلقيقة يف حمرر ما أن‬
‫يصبح هذا احملرر صاحلاً كدليل إثبات يف املعامالت القانوينة ‪ ,‬وبذلك يكون الغرض الذي‬

‫‪ 1‬تنسب هذه النظرية إىل الفقيه الفرنسي رينيه جارو ‪ ,‬ومؤداها أن ضابط الضرر املعترب لقيام جرمية التزوير هو اإلخالل‬
‫بالثقة العامة يف احملرر ‪ ,‬فمَّت ما اختلت هذه الثقة نتيجة لتغيري احلقيقة فيه عد تزويراً وإال فال ‪ ,‬انظر فتوح الشاديل ‪,‬‬
‫مرجع سابق الصفحة ‪. 314‬‬
‫‪70‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫يستهدفه اجلاين هو الغش يف املعامالت القانونية ‪ ,‬باستغالل مايصبح للمحرر من قيمة يف‬
‫اإلثبات ‪ ,‬نتيجة مايصبح له من داللة ‪ ,‬بالنسبة لنشوء أو تعديل أو إهناء عالقة حيكمها‬
‫‪1‬‬
‫القانون ‪.‬‬

‫وذهب اجتاه آخر ‪ 2‬إىل أن الضرر اليتوافر إال إذا انصب التغيري على بيان من البيانات اليت‬
‫أعد احملرر من أجل إثباهتا ‪ ,‬أي أن الضرر اليتوافر إال عند املساس ببيان جوهري ‪ ,‬وعرف‬
‫أصحاب هذا االجتاه البيان اجلوهري بأنه ( كل بيان ذي ُح َّجة ) ‪ ,‬أي يتعني أن يتضمنه‬
‫‪3‬‬
‫احملرر حَّت يستويف كيانه القانوين ‪.‬‬

‫وهناك عدد من النظريات األخرى يف حتديد ضابط الضرر وميكن الرجوع إليها يف مظاهنا ‪.‬‬

‫ومايهمنا هنا هو ماذهب إليه القضاء يف اململكة يف اعتبار معيار الضرر ‪ ,‬حيث ذهب إىل‬
‫التفرقة بني البيانات اجلوهرية وغري اجلوهرية وعاقب على املساس بالبيانات اجلوهرية ‪ ,‬ومن‬
‫أمثلة ذلك ماجاء يف احلكم الصادر عن الدوائر اجلزائية بديوان املظامل واملنشور ضمن جمموعة‬
‫القرارات اجلزائية الصادر عن املكتب الفين بديوان املظامل حيث جاء يف ذلك احلكم " أن‬
‫ضابط الضرر يتمثل يف قيمة احملرر يف اإلثبات وهو يدور مع فكر البيانات اجلوهرية لتحديد‬
‫البيان الذي يصلح موضوعاً للتزوير‪ ..‬بل جيب أن يكون الكذب قد وقع يف جزء من أجزاء‬
‫احملرر اجلوهرية اليت من أجلها أعد احملرر إلثباته وغذا وقع تغيري احلقيقة يف بيان غري جوهري‬
‫من بيانات احملرر فال تزوير "‪. 4‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق ‪.‬‬


‫‪ 2‬ينسب هذا االجتاه إىل الفقيه الفرنسي ( دونديه دي ثابر ) ‪ ,‬وأخذ به القضاء املصري ‪ ,‬انظر املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬د‪.‬عبالفتاح خضر ‪ ,‬مرجع سابق ص‪. 77‬‬
‫‪ 4‬قرار هيئة احلكم رقم ( هـ ‪ ) 35/1/‬يف القضية رقم ( ‪/1/78‬ق لعام ‪1400‬هـ ) املنشور يف جمموعة القرارات اجلزائية‬
‫‪ ,‬الصادر عن املكتب الفين بديوان املظامل ‪ 1983 ,‬م ‪. 60/1 ,‬‬
‫‪71‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫كما جاء يف أحد أحكامها أنه " لقيام جرمية التزوير ‪ ,‬جيب أن يقع تغيري احلقيقة يف بيان‬
‫جوهري من احملرر املعد أصالً إلثباته ‪ ,‬وأن كل تغيري للحقيقة يف بيان ثانوي الميس صلب‬
‫احملرر فالتزوير والعقوبة "‪. 1‬‬

‫ومن مث فإن البيانات اجلوهرية اليت ميكن أن تقع عليها جرمية التزوير يف األوراق التجارية هي‬
‫البيانات اإللزامية اليت اشرتط توفرها النظام فيها حَّت تكتسب الصفة النظامية هلا ‪ ,‬وهذه‬
‫‪2‬‬
‫البيانات هي ماسبق بيانه يف املطلب األول من هذا املبحث ‪.‬‬

‫‪ 1‬قرار هيئة احلكم رقم يف القضية رقم ( ‪ 92/354‬يف ‪1392/11/6‬هـ ) ‪ ,‬املرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ 2‬للمزيد حول عنصر الضرر يف جرمية التزوير ميكن الرجوع إىل رسالة مقدمة إىل جامعة نايف العربية الستكمال‬
‫متطلبات مرحلة املاجستري يف قسم العدالة اجلنائية من الباحث ‪ /‬عبداهلل بن جلوي بن عبداهلل األبريقي ‪ ,‬بعنوان (‬
‫الضرر يف جرمية تزوير احملررات ) يف عام ‪1428/1427‬هـ ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫العالقة السببية بين النشاط اإلجرامي والنتيجة الضارة‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫عالقة السببية هي حلقة االتصال بني " الفعل " و " النتيجة اإلجرامية " ‪ ,‬ودور عالقة‬
‫السببية هو بيان ماكان للفعل من نصيب يف إحداث النتيجة ‪ ,‬أو يف تعبري آخر إثبات أن‬
‫‪1‬‬
‫الفعل كان "سبب" حدوث النتيجة ‪.‬‬

‫وميكن بيان عالقة السببية يف جرمية تزوير األوراق التجارية من خالل الفروع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬طبيعة عالقة السببية ‪:‬‬

‫عالقة السببية ذات طبيعة مادية ‪ ,‬ذلك أهنا صلة بني ظاهرتني ماديتني مها ‪ :‬الفعل والنتيجة‬
‫‪ ,‬وبذلك تتضح أمهيتها ‪ ,‬فهي اليت تربط بني عنصري الركن املادي للجرمية فتقيم بذلك‬
‫وحدته وكيانه وجتعل منه فكر وظاهر قانونية متماسكة العناصر والبيان ‪ ,‬وإذا انتفت عالقة‬
‫السببية فإن مسؤولية مرتكب الفعل تقتصر على الشروع إذا كانت اجلرمية عمدية ‪ ,‬أما إن‬
‫كانت غري عمدية فال مسؤولية عنها ‪ ,‬إذ الشروع يف اجلرائم غري العمدية ‪ ,‬وينبين على‬
‫الطبيعة املادية لعالقة السببية وجوب الفصل بينها وبني أركان اجلرمية غري ذات الكيان املادي‬
‫‪ ,‬فليست عالقة السببية عنصراً يف الركن الشرعي أو الركن املعنوي للجرمية ‪ ,‬فاالختالف‬
‫‪2‬‬
‫واضح بني طبيعتها وطبيعة كل من هذين الركنني ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة عالقة السببية في جريمة تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬حممود دجيب حسين ‪ ,‬عالقة السببية يف قانون العقوبات ‪ ,‬مكتبة امللك عبدالعزيز العامة ‪ ,‬الرقم العام (‪)285555‬‬
‫‪ ,‬رقم التصنيف ( ح م ع ‪ , ) 345,62‬ص ‪. 3‬‬
‫‪ .2‬عالقة السببية يف قانون العقوبات ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 5‬‬
‫‪73‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وبتطبيق ماسبق على جرمية تزوير األوراق التجارية ميكن القول أن عالقة السببية يف هذه‬
‫اجلرمية تكون بني السلوك اإلجرامي وهو فعل التزوير وبني األثر الناتج عن هذا السلوك وهو‬
‫الضرر أو اخلطر املرتتب على هذا السلوك املقرتف سواءاً كان هذا الضرر مادياً أو معنوياً أو‬
‫اجتماعياً ‪.‬‬

‫وقد نص املنظِّم السعودي على عالقة السببية يف جرائم التزوير بقوله يف تعريف التزوير "‬
‫وكان من شأن هذا التغيري أن يتسبب يف ضرر ‪ 1" ...‬حيث جعلها الرابطة بني السلوك‬
‫اإلجرامي يف جرائم التزوير وهو " تغيري احلقيقة " وبني النتيجة وهي " الضرر " املادي أو‬
‫املعنوي أو االجتماعي ‪ ,‬حَّت ولو كان ذلك الضرر حمتمل الوقوع ‪.‬‬

‫‪ 1‬النظام اجلزائي جلرائم التزوير ‪ ,‬الفقر (‪ )1‬من املاد األوىل ‪.‬‬


‫‪74‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫الركن المعنوي‬
‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫جرمية التزوير هي من اجلرائم العمدية ‪ ,‬فال تقع بسهو أو نسيان أو بغري قصد ‪ ,‬ومن هنا‬
‫كان القصد اجلنائي ركناً من أركان جرمية التزوير عموماً وجرمية تزوير األوراق التجارية‬
‫خصوصاً ‪.‬‬

‫ولبيان الركن املعنوي جلرمية تزوير األوراق التجارية فإنه حيسن ذلك من خالل املطلبني‬
‫التاليني‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬القصد الجنائي العام لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القصد الجنائي الخاص لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫القصد الجنائي العام لجريمة تزوير األوراق التجارية‬


‫القصد اجلنائي العام هو العلم جبانب الواقع ‪ ,‬وجانب الواقع يف التزوير يتكون من ذات‬
‫الفعل املادي وهو تغيري احلقيقة يف حمرر ‪ ,‬ومن األثر الضار الذي ينجم عنه أو حيتمل أن‬
‫‪1‬‬
‫يرتتب عليه ‪.‬‬

‫فيجب أن يكون الشخص عاملاً على وجه اليقني بأنه يغري احلقيقة ‪ ,‬فإذا ثبت أنه كان جيهل‬
‫حتريره ملا خيالف الواقع فإن قصده يف ارتكاب التزوير ينتفي ‪ ,‬فاملوثِّق الذي يثبت ما ميليه‬
‫صاحب الشأن من وقائع مكذوبة وهو جيهل حقيقتها اليعد مزوراً ‪ ,‬وينتفي القصد ولو كان‬
‫جهل الشخص باحلقيقة راجعاً إىل إمهاله يف حتريها ‪ ,‬حَّت ولو كان هذا اإلمهال جسيماً ‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫ألنه اليقوم حبال مقام العلم ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬عناصر القصد الجنائي العام ‪:‬‬

‫يقوم القصد اجلنائي العام على عنصرين عما العلم واإلراد ‪ ,‬فهو يتطلب علم اجلاين بتوافر‬
‫مجيع أركان جرمية التزوير ‪ ,‬وإرادته حتقيق النشاط اإلجرامي والنتيجة املرتتبة عليه ‪ ,‬ويعين ذلك‬
‫ضرور انصراف علم اجلاين إىل أنه يغري احلقيقة يف حمرر بطريقة من الطرق اليت حددها‬
‫القانون ‪ ,‬كما جيب أن ينصرف علمه إىل أثر هذا التغيري وهو إحداث الضرر للغري أو‬
‫‪3‬‬
‫احتمال حدوثه ‪ ,‬وأخرياً جيب أن تنصرف إراد اجلاين إىل حتقيق هذه األركان ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬عبداملهيمن بكر ‪ ,‬القسم اخلاص يف قانون العقوبات ‪ ,‬ص ‪. 495‬‬


‫‪ 2‬القسم اخلاص يف قانون العقوبات ‪ ,‬املرجع السابق ‪ ,‬ص ‪. 495‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬فتوح الشاذيل ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 322‬‬
‫‪76‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التطبيق القضائي على اشتراط توافر القصد الجنائي العام في قضايا‬
‫التزوير ‪:‬‬

‫جاءت أحكام الدوائر اجلزائية بديوان املظامل متسقة يف نفي إثبات جرمية التزوير حال عدم‬
‫قيام القصد اجلنائي العام يف حق مرتكبها ‪ ,‬ومن أمثلة ذلك حكم صدر عن الدوائر اجلزائية‬
‫بديوان املظامل انتهى إىل عدم إدانة من نسب إليه تزوير حمرر رمسي هو التجديد امللصق على‬
‫رخصة إقامة ؛ وذلك بسبب عدم توافر القصد اجلنائي يف مرتكب تلك اجلرمية لكون الالصق‬
‫املوضوع على ذلك احملرر صحيح وكذلك البيانات الوارد فيه وقد مت تسجيله لدى اجلهة‬
‫املختصة واحنصر التزوير يف اخلتم الذي وضع على ذلك احملرر مما جعل الدائر تطمئن إىل أنه‬
‫داع لتزوير اخلتم وبالتايل انتفاء القصد اجلنائي عن املتهم واحلكم بعد إدانته‬
‫مل يكن هناك ٍ‬
‫‪1‬‬
‫مبانسب إليه ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫القصد الجنائي الخاص لجريمة تزوير األوراق التجارية‬


‫يتطلب قيام جرمية تزوير األوراق التجارية باإلضافة إىل القصد العام توافر قصد جنائي خاص‬
‫‪ ,‬أي نية حمدد عربت عنها الفقر األوىل من املاد من النظام اجلزائي جلرائم التزوير واليت‬
‫عرفت التزوير وذكرت يف تعريفه قيد ( قصداً لالستعمال ) ‪.‬‬
‫َّ‬

‫وميكن إيضاح القصد اجلنائي اخلاص جلرمية تزوير األوراق التجارية وذلك من خالل الفرعني‬
‫التاليني ‪:‬‬

‫‪ 1‬جمموعة املبادئ واألحكام اجلزائية ‪1428‬هـ ‪ ,‬احلكم رقم (‪ / 2/5634‬ق لعام‪1427‬هـ ) الصادر عن ديوان املظامل‬
‫بالعاصمة املقدسة واملصادق عليه بقرار هيئة التدقيق رقم ‪ /121‬ت‪ 2/‬لعام ‪1428‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪ , 314‬اجملموعة‬
‫منشور على املوقع الرمسي لديوان املظامل على شبكة املعلومات ‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المقصود بالقصد الجنائي الخاص ‪:‬‬

‫كان االختالف سابقاً بني الشراح يف حتديد القصد اجلنائي اخلاص يف جرائم التزوير هل هو‬
‫" اإلضرار بالغري" أو " نية الغش " أو " نية احلصول على ميز من الغري " ‪.1‬‬

‫ونص‬
‫ويف تقديري أن النظام اجلزائي جلرائم التزوير الصادر حديثاً قطع النزاع يف هذا املوضوع َّ‬
‫يف تعريفه للتزوير كماسبق بيانه أن القصد اجلنائي اخلاص فيه هو " قصد االستعمال " وجعله‬
‫عنصراً من العناصر املكونة جلرمية التزوير ‪.‬‬

‫وهذا القصد هو الذي حيدد النية اخلاصة بأن تكون " غاية " اجلاين من التزوير استعمال‬
‫املزور فيما ِّزور من أجله ‪ ,‬فهو يقف عند غاية اجلاين القريبة أو غرضه من تغيري احلقيقة‬
‫احملرر َّ‬
‫يف احملرر ‪ ,‬فإذا كانت هذه الغاية استعمال احملرر فيما غريت احلقيقة من أجله توافر القصد ‪,‬‬
‫ولو مل حيصل االستعمال ‪ ,‬والعرب بالبواعث على التزوير فقد تكون طيبة أو شرير ‪ ,‬ولكنها‬
‫‪2‬‬
‫التؤثر يف وجود قصد التزوير ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التطبيق قضائي للقصد الجنائي الخاص في قضايا التزوير‪:‬‬

‫وتطبيقاً لذلك فقد قررت هيئة احلكم يف قضايا التزوير بديوان املظامل أن التفات اهليئة عن‬
‫دفاع املتهم القائم على أن الباعث على ارتكاب اجلرمية هو مساعد املواطنني ‪ ,‬هو التفات‬
‫ال أثر له على القصد اجلنائي ‪ ,‬إذا الباعث ال شأن له ‪ ,‬كما أن سبيل املساعد اليكون‬
‫‪3‬‬
‫بارتكاب جرائم يعاقب عليها النظام ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬عبالفتاح خضر ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 91‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬عبداملهيمن بكر ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪. 498‬‬
‫‪ 3‬القرار رقم ( هـ‪ )27/1/‬يف القضية رقم (‪/1/430‬ق) لعام ‪1400‬هـ ‪ ,‬جمموعة القرارت اجلزائية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‬
‫‪. 38‬‬
‫‪78‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الرابع‬

‫أركان جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫سبق تعريف اجلرمية يف الشريعة اإلسالمية بأهنا " حمظورات شرعية زجر اهلل عنها حبد أو تعزير‬
‫" ‪ ,‬كما سبق بيان أن مقتضى وصف هذه احملظورات بأهنا شرعية أن تكون حمظور بنصوص‬
‫الشريعة ‪ ,‬وأن الفعل أو الرتك اليعترب بذاته جرمية إال إذا كان معاقباً عليه وفقاً لتلك‬
‫النصوص الشرعية ‪.‬‬

‫يتبني مما سبق أن اجلرمية يف الفقه اإلسالمي بصفة عامة هلا أركان البد من توفرها وهذه‬
‫األركان هي الركن شرعي والركن املادي والركن املعنوي ‪ , 1‬وهي األركان العامة اليت جيب‬
‫توافرها يف مجيع اجلرائم ومنها جرمية تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬ولكن توفر هذه األركان العامة‬
‫اليغين عن اشرتاط توفر أركان خاصة لبعض اجلرائم ومنها جرمية تزوير األوراق التجارية حَّت‬
‫ميكن العقاب عليها ‪.‬‬

‫و بيان هذه األركان العامة جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي سيكون من‬
‫خالل املطالب التالية ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬الركن المعنوي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر عود ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص‪. 69‬‬


‫‪79‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬


‫سبق حبث الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي عند بيان الركن‬
‫الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية بشكل عام‪ ، 1‬ويف هذا املطلب سيتم تناول موقف‬
‫الفقه اإلسالمي من مبدأ الشرعية وتطبيقه يف جترمي تزوير األوراق التجارية والعقاب عليه ‪,‬‬
‫وذلك من خالل الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من مبدأ الشرعية ‪:‬‬

‫تقوم التشريعات اجلنائية املعاصر على مبدأ أساسي ميسى ( مبدأ الشرعية ) ‪ ,‬وينص هذا‬
‫املبدأ على " أن الجرمية والعقوبة إال بنص " ‪ ,‬ويقتضي هذا املبدأ أنه اليعد ارتكاب أي‬
‫فعل من األفعال جرمية إال إذا عدَّه النظام كذلك ‪ ,‬كما اليتم إيقاع أي عقوبة على أي من‬
‫‪2‬‬
‫أفراد اجملتمع إال إن كانت تلك العقوبة مما ورد هبا نص نظامي ‪.‬‬

‫وعلى هذا املبدأ سار املنظِّم السعودي ‪ ,‬فقد جاء يف املاد الثامنة والثالثني من النظام‬
‫األساسي للحكم النص على أن " العقوبة شخصية ‪ ,‬وال جرمية وال عقوبة إال بناءً على نص‬
‫شرعي أو نص نظامي ‪ ,‬وال عقاب إال على األعمال الالحقة للعمل بالنص النظامي " ‪.3‬‬

‫أما الفقه اإلسالمي فإن موقفه من هذا املبدأ هو أن الشريعة اإلسالمية سبقت إىل تقرير ذلك‬
‫ث َر ُس ًوال ﴾‪ 1‬قال ابن كثري ‪:‬‬ ‫املبدأ منذ نزوهلا ‪ ,‬حيث قال تعاىل ﴿ َوَما ُكنَّا ُم َع ِّذب َ‬
‫ني َح ََّّت نـَجبـ َع َ‬

‫‪ 1‬راجع ‪ :‬املطلب الثاين من املبحث األول من الفصل التمهيدي من هذه الدراسة ‪.‬‬
‫‪ 2‬أصل هذ املبدأ جاءت به الشريعة اإلسالمية ومل تعرف القوانني الوضعية هذا املبدأ إال يف أعقاب القرن الثامن عشر‬
‫امليالدي‪ ,‬حيث أدخل يف التشريع الفرنسي كنتيجة من نتائج الثور الفرنسية‪ ,‬وقرر ألول مر يف إعالن حقوق اإلنسان‬
‫الصادر يف سنة ‪ ,1789‬مث انتقلت هذه القاعد من التشريع الفرنسي إىل غريه من التشريعات الوضعية ‪ ,‬انظر‬
‫‪:‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 73‬‬
‫‪ 3‬النظام األساسي للحكم يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬الصادر باملرسوم امللكي رقم م‪ 90 /‬وتاريخ ‪1412/8/27‬هـ‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫إخبار عن عدله تعاىل‪ ,‬وأنه ال ِّ‬


‫يعذب أحداً إال بعد قيام احلجة عليه بإرسال الرسول إليه‬ ‫" ٌ‬
‫‪2‬‬
‫ث يف أ ُِّم َها َر ُس ًوال يَـجتـلُو َعلَجيه جم آَيَاتنَا‬
‫ك الج ُقَرى َح ََّّت يَـجبـ َع َ‬
‫ك ُم جهل َ‬
‫" ‪ ,‬وقال تعاىل ﴿ َوَما َكا َن َربُّ َ‬
‫َوَما ُكنَّا ُم جهلكي الج ُقَرى إَّال َوأ جَهلُ َها ظَال ُمو َن ﴾‪ " , 3‬فهذه النصوص قاطعة يف أن الجرمية إال‬
‫يبني هلم‬
‫بعد بيان ‪ ,‬والعقوبة إال بعد إنذار ‪ ,‬وأن اهلل ال يأخذ الناس بعقاب إال بعد أن ِّ‬
‫وينذرهم على لسان رسله ‪ ,‬وأنه ماكان ليكلف نفساً إال مبا تطيقه " ‪.4‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تطبيق مبدأ الشرعية في جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها في الفقه‬
‫اإلسالمي ‪:‬‬

‫سبق يف املطلب الثاين من املبحث األول من هذا الفصل املتعلق بالركن الشرعي جلرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي بيان النصوص الشرعية اليت جاءت بتجرمي التزوير عموماً‬
‫وتزوير األوراق التجارية على وجه خاص ‪ ,‬حيث دجد تلك النصوص حتقق لنا الشق األول‬
‫من مبدأ الشرعية املتعلق باعتبار هذا الفعل جرمية يف الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫أما مايتعلق بالشق األخر املتعلق بالعقاب املقرر هلذه اجلرمية فإن الشريعة اإلسالمية مل تأيت‬
‫بعقوبة مقدر هلذه اجلرمية وإمنا تُرك أمر تقديرها لويل أمر املسلمني ‪ ,‬حيث أن للشارع احلكيم‬
‫يف بيان اجلرائم وعقوباهتا مسكلني ‪ ,‬أحدمها هو ‪ :‬بيان اجلرمية مقرتنة بعقوبتها ‪ ,‬بياناً بعد‬
‫عرف‬
‫إحصاء للجرائم والعقوبة فيها ‪ ,‬وذلك احلدود والقصاص ‪ ,‬واملسلك الثاين هو ‪ :‬أن تُ َّ‬
‫اجلرمية تعريفاً عاماً ‪ ,‬ويرتك لويل األمر تقدير العقوبات على حسب األحوال واملناسبات ‪,‬‬

‫‪ 1‬اآلية (‪ , )15‬سور اإلسراء ‪.‬‬


‫‪ 2‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري ‪ ,‬تفسري القرآن العظيم ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬احلزء ‪ 3‬الصفحة ‪. 38‬‬
‫‪ 3‬اآلية (‪ , )59‬سور القصص ‪.‬‬
‫‪ 4‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 73‬‬
‫‪81‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ويقدر ويل األمر العقوبة أيضاً تقديراً عاماً ليكون لدى القاضي فرصة حتقيق العدالة يف كل‬
‫‪1‬‬
‫قضية مبا يالبسها من أحوال تشدد العقاب أو ختففه ‪.‬‬

‫وهذا املسلك الثاين هو مايسميه الفقهاء بالتعزير وهو ‪ :‬تأديب على ذنوب مل تشرع فيها‬
‫احلدود‪ ,‬وخيتلف حكمه باختالف حاله وحال فاعله ‪ ,‬فيوافق احلدود من وجه أنه تأديب‬
‫‪2‬‬
‫استصالح وزجر‪ ,‬خيتلف حبسب اختالف الذنب ‪.‬‬

‫ومما سبق دجد أن الفقه اإلسالمي طبق تطبيقاً كامالً مبدأ الشرعية يف جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية بشقيه ومها التجرمي والعقاب ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬


‫الركن املادي للجرمية عموماً يف الفقه اإلسالمي هو ‪ :‬ارتكاب ماقرر الشارع له عقاباً‪. 3‬‬

‫يعرض النفس أو العضو للتلف ‪ ,‬ويف الزىن‬


‫فركن اجلرمية يف الدماء مثالً هو ذلك الفعل الذي ِّ‬
‫‪4‬‬
‫هو الفعل املفسد للنسل ‪ ,‬ويف القذف هو القول الذي يكون فيه افرتاء رمي الزىن ‪ ,‬وقياساً‬
‫على ذلك فإن ركن جرمية تزوير األوراق التجارية هو فعل تغيري احلقيقة يف ورقة جتارية بإحدى‬
‫الطرق املنصوص عليها‪.‬‬

‫وجرمية تزوير األوراق التجارية كما سواها من اجلرائم األخرى قد يُت ُّم اجلاين ارتكاهبا فتعترب‬
‫جرمية تامة ‪ ,‬كمن َّزور ورقة جتارية مستوفياً مجيع أركاهنا وشروطها ‪ ,‬وقد ال يتم اجلاين ارتكاهبا‬

‫‪ 1‬حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪.136‬‬
‫‪ 2‬أبو احلسن علي بن حممد املاوردي ‪ ,‬األحكام السلطانية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬الصفحة ‪. 344‬‬
‫‪3‬حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 272‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق ‪ ,‬ص‪. 272‬‬
‫‪82‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫كمن ِّزور بعضاً من بيانات تلك الورقة ومت ضبطه قبل إمتامها فتصبح اجلرمية يف حقه غري‬
‫تامة ‪ ,‬وهذا ما اصطلح على تسميته بالشروع يف اجلرمية ‪.‬‬

‫ولبيان هاتني احلالتني من الركن املادي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي ؛ فإنه‬
‫حيسن عقد الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪:‬الشروع في جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪:‬‬

‫مل يهتم فقهاء الشريعة بوضع نظرية خاصة للشروع يف اجلرائم ومل يعرفوا لفظ الشروع مبعناه‬
‫الفين كما نعرفه اليوم ‪ ,‬ولكنهم اهتموا بالتفريق بني اجلرائم التامة واجلرائم غري التامة ؛ وميكن‬
‫أن يرجع سبب ذلك ألمرين مها‪:‬‬

‫أولهما ‪ :‬أن الشروع يف اجلرائم ال يعاقب عليه بقصاص وال حد وإمنا يعاقب عليه بالتعزير أياً‬
‫كان نوع اجلرمية ‪ ,‬وقد جرى الفقهاء على أن يهتموا فقط جبرائم احلدود والقصاص؛ ألهنا‬
‫جرائم ثابتة ال يدخل على أركاهنا وشروطها التغيري أو التعديل‪ ,‬كما أن عقوبتها مقدر ليس‬
‫للقاضي أن يغلظها أو خيففها‪ ,‬أما جرائم التعزير فإذا استثنينا العدد القليل الذي نصت عليه‬
‫الشريعة كتحرمي امليتة وخيانة األمانة‪ ,‬فإن معظم اجلرائم التعزيرية مرتوك أمرها للسلطة‬
‫التشريعية أي ألويل األمر‪ ,‬حيرمون من األفعال ما يرونه ماساً باملصلحة العامة أو النظام العام‬
‫‪ ,‬ويعاقبون عليه ‪ ,‬ويرتكون ما ال يرون ضرور للعقاب عليه ‪.‬‬

‫ثانيهما ‪ :‬أن قواعد الشريعة املوضوعة للعقاب على التعازير منعت من وضع قواعد خاصة‬
‫للشروع يف اجلرائم ‪ ,‬ألن قواعد التعازير كافية حلكم جرائم الشروع ‪ .‬فالقاعد يف الشريعة أن‬
‫التعزير يكون يف كل معصية ليس فيها حد مقدر وال كفار ‪ ,‬أي أن كل فعل تعتربه الشريعة‬
‫معصية هو جرمية يعاقب عليها بالتعزير ما مل يكن معاقباً عليها حبد أو كفار ‪ ,‬وملا كان احلد‬

‫‪83‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫والكفار ال يعاقب هبا إال على جرائم معينة أمتها اجلاين فعالً‪ ,‬فإن كل شروع يف فعل حمرم ال‬
‫‪1‬‬
‫يعاقب عليه إال بالتعزير ‪.‬‬

‫وباستقراء أحكام الشريعة االسالمية للمراحل اليت متر هبا اجلرمية عموماً ومنها جرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية يتبني أن لكل من هذه املراحل حكم خيصها ‪ ,‬وهذه املراحل هي ‪: 2‬‬

‫المرحلة األولى ‪ :‬مرحلة التفكير والتصميم ‪:‬‬

‫اليعترب التفكري يف اجلرمية والتصميم على ارتكاهبا معصية تستحق التعزير وبالتايل جرمية يعاقب‬
‫عليها ؛ ألن القاعد يف الشريعة اإلسالمية أن اإلنسان اليؤاخذ على ماتوسوس له نفسه أو‬
‫حتدثه به من قول أو عمل مامل يعمل هبذا الوسواس أو حديث النفس ؛ ودليل ذلك مارواه‬
‫أبوهرير أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال " إن اهلل جتاوز يل عن أميت ما وسوست به‬
‫صدورها‪ ,‬ما مل تعمل أو تكلم" ‪. 3‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة التحضير ‪:‬‬

‫التعترب مرحلة التحضري أيضاً معصية ‪ ,‬والتعاقب الشريعة على إعداد الوسائل الرتكاب‬
‫جرمية إال إذا كانت حياز الوسيلة أو إعدادها مما يعترب معصية يف ذاته ‪ ,‬كمسلم أراد سرقة‬
‫إنسان بواسطة إسكاره فإن شراء املسكر أو حيازته يعترب بذاته معصية يعاقب عليها دون‬
‫حاجة لتنفيذ الغرض األصلي وهو السرقة ‪ ,‬ويف التزوير فإن حياز أدوات التزوير إن كان‬
‫حمرماً وجمرماً حيازهتا فإن حائزها يستحق التعزير باعتباره أتى معصية تستوجب التعزير ‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬مرحلة التنفيذ ‪:‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 202‬‬


‫‪ 2‬املرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 204‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬اخلطأ والنسيان يف العتاق والطالق ‪ ,‬احلديث رقم (‪. ) 2528‬‬
‫‪84‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫هذه املرحلة الوحيد اليت تعترب فيها أفعال اجلاين جرمية ‪ ,‬ويعترب الفعل جرمية كلما كان معصية‬
‫‪ ,‬أي اعتداء على حق اجلماعة أو حق الفرد ‪ .‬وليس من الضروري أن يكون الفعل بدءاً يف‬
‫تنفيذ ركن اجلرمية املادي‪ ,‬بل يكفي أن يكون الفعل معصية ‪ ,‬وأن يكون مقصوداً به تنفيذ‬
‫الركن املادي ‪ ,‬ولو كان اليزال بني الفعل وبني الركن املادي أكثر من خطو ‪ ,‬فمثالً يف النقب‬
‫والتسلق وكسر الباب وفتحه مبفتاح مصطنع كل ذلك يعترب معصية تستحق التعزير‪ ,‬وبالتايل‬
‫شروعاً يف سرقة ‪.‬‬
‫وهو يف جرمية تزوير األوراق التجارية كمن يشرع يف تزوير حمرر فيكتب بعض بياناته ويكشف‬
‫أمره قبل إمتامها ويصبح احملرر مزوراً بالكامل ‪ ,‬فإن فعله هذا معصية يستحق عليها التعزير‬
‫الذي يرتك أمر تقديره لويل األمر ‪.‬‬
‫و قاعد الشريعة اإلسالمية يف جرائم احلدود والقصاص أن ال يتساوى عقاب اجلرمية التامة‬
‫باجلرمية اليت مل تتم‪ ,‬وأصل هذه القاعد حديث الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬من بلغ‬
‫حداً يف غري حد فهو من املعتدين" ‪ 1‬وهذه القاعد ال ميكن اخلروج عليها يف جرائم احلدود‬
‫وجرائم القصاص‪ ,‬فال ميكن العقاب على الشروع يف الزنا التام وهي اجللد والرجم‪ ,‬وال ميكن‬
‫العقاب على الشروع يف السرقة بعقوبة القطع ؛ ألن القطع جعل جزاء اجلرمية التامة ‪ ,‬وال‬
‫شك أن البون شاسع بني الشروع والفعل التام ‪ ,‬فيجب أن يؤخذ املتهم بقدر ما فعل ‪,‬‬
‫وجيزي بقدر ما اكتسب ‪ ,‬فضالً عن أن التسوية يف العقاب بني الشروع واجلرمية التامة حتمل‬
‫َمن شرع يف جرمية على إمتامها؛ ألنه يرى نفسه قد استحق عقوبة اجلرمية التامة بالبدء يف‬
‫تنفيذ اجلرمية‪ ,‬فليس مثة ما يغريه بالعدول عنها‪.‬‬
‫ونستطيع أن نقيس الشروع يف جرائم التعازير بالشروع يف جرائم احلدود والقصاص‪ ,‬فنقول‪:‬‬
‫إن القواعد العامة اليت تسري على جرائم احلدود والقصاص تسري على جرائم التعازير‪ ,‬ولو‬

‫‪ 1‬رواه البيهقي يف السنن الكربى ‪ ,‬باب ‪ :‬ماجاء يف التعزير وأنه اليبلغ به احلد ‪ ,‬احلديث رقم (‪. ) 17585‬‬
‫‪85‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وردت هذه القواعد خاصة جبرائم احلدود والقصاص فقط؛ ألن هذين النوعني من اجلرائم مها‬
‫أهم اجلرائم وما يسري على اجلرائم اهلامة يسري على غريمها‪.‬‬
‫وقد سار املنظِّم السعودي على هذا األصل الشرعي يف عدم املساوا يف العقاب بني من أمت‬
‫جرميته ومل يتمها كما سيأيت بيانه يف عقوبة جرمية التزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تمام جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪:‬‬

‫تنفيذ اجلرمية هو بالفعل الذي يتم به اجلاين جرميته ‪ ,‬وهو نتيجة لألعمال اليت ابتدأها ‪ ,‬سواء‬
‫أكانت أعمال اجلوارح أم كانت فعل اللسان ‪ ,‬فالقتل تنفيذ بإزهاق الروح ‪ ,‬والسرقة بأخذ‬
‫املال من حرز مثله‪ , 1‬والتزوير بإمتام تغيري احلقيقة يف امل َّزور بإحدى الطرق املنصوص عليها‬
‫ُ‬
‫نظاماً‪.‬‬

‫وعليه فإن الركن املادي جلرمية تزوير األوراق التجارية يكون بإتيان األفعال املادية املكونة هلا‬
‫وتكون متممة هلا ‪.‬‬

‫‪ 1‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 276‬‬


‫‪86‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫الركن المعنوي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬


‫يعرب فقهاء الشريعة اإلسالمية عن القصد يف اجلرائم العمدية مبصطلح ( العمد ) ‪ ,‬وهذا‬
‫ِّ‬
‫كي مييزوا بينه وبني اخلطأ ‪ ,‬الذي تقوم على أساسه اجلرائم غري العمدية ‪ .‬كما استعمل‬
‫الفقهاء مصطلحات أخرى للداللة على العمد ‪ ,‬منها ‪ :‬النية واإلراد واالختيار والعلم ‪,‬‬
‫ومل يرد مصطلح القصد اجلنائي يف كتب الفقه اإلسالمي إال حديثاً يف الدراسات املقارنة‬
‫بني الشريعة والقانون ‪.‬‬
‫وفقهاء الشريعة املتقدمني مل يضعوا نظرية عامة متكاملة للقصد اجلنائي ( العمد ) تنطبق‬
‫على كل اجلرائم ( احلدود والقصاص والتعزير ) وإمنا اكتفوا بذكر مايدل على لزوم توافر‬
‫العمد يف جرائم احلدود والقصاص بصفة خاصة عند حبثهم لكل جرمية على حد مع‬
‫‪1‬‬
‫بعض اإلشارات البسيطة لتعريف العمد ‪.‬‬

‫و فقهاء الشريعة وضعوا قاعد فقهية عامة تنطبق على كل التصرفات اليت يقوم هبا‬
‫اإلنسان وهي قاعد ( األمور مبقاصدها )‪ , 2‬وأصل هذه القاعد هو مارواه أمري املؤمنني‬
‫عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ ":‬إمنا األعمال‬
‫بالنيات وإمنا لكل امرئ مانوى ‪ ,‬فمن كانت هجرته إىل اهلل ورسوله فهجرته إىل اهلل‬
‫ورسوله ‪ ,‬ومن كانت هجرته إىل دنيا يضيبها أو امرأ ينكحها فهجرته إىل ماهاجر إليه‬

‫‪ 1‬للمزيد انظر ‪ :‬عبداجلبار الطيب ‪ ,‬القصد اجلنائي يف الفقه اإلسالمي مقارنة بالقانون الوضعي ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار النوادر‬
‫‪ ,‬طبعة عام ‪1433‬هـ ‪ ,‬ص ‪. 88‬‬
‫‪ 2‬جالل الدين عبدالرمحن بن أيب بكر السيوطي ‪ ,‬األشباه والنظائر ‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪ ,‬عام‬
‫‪1986‬م ‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫"‪ , 1‬واملعىن املقصود هبذه القاعد " بيان أن األعمال من قول وفعل تنبين ‪ -‬من حيث‬
‫آثارها املرتتبة عليها ‪ -‬على املقصود من ذلك العمل ونيّة العامل "‪.2‬‬

‫والقصد والنية مها مناط العمل ‪ ,‬كما قال ابن القيم‪ 3‬رمحه اهلل " النية روح العمل ولبه‬
‫وقوامه وهو تابع هلا يصح بصحتها ويفسد بفسادها والنيب صلى اهلل عليه وسلم قد قال‬
‫كلمتني كفتا وشفتا وحتتهما كنوز العلم ومها قوله إمنا األعمال بالنيات وإمنا لكل امرئ ما‬
‫نوى فبني يف اجلملة األوىل أن العمل ال يقع إال بالنية وهلذا ال يكون عمل إال بنية مث بني‬
‫يف اجلملة الثانية أن العامل ليس له من عمله إال ما نواه وهذا يعم العبادات واملعامالت‬
‫واألميان والنذور وسائر العقود واألفعال "‪.4‬‬

‫والشريعة التؤاخذ امل جكَره ‪ ,‬والفاقد اإلراك لقوله تعاىل ﴿ إَّال َم جن أُ جكرَه َوقَـ جلبُهُ ُمطج َمئن‬
‫ُ‬
‫ب جاإلميَان ﴾‪ , 5‬ولغريه من األدلة ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري ‪ ,‬كتاب ‪ :‬كتاب بدء الوحي ‪ ,‬باب ‪ :‬كيف كان بدء الوحي إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪,‬‬
‫احلديث رقم (‪ , )1‬ورواه مسلم يف باب قوله صلى اهلل عليه و سلم ( إمنا األعمال بالنية ) ‪ ,‬احلديث رقم ( ‪.)1907‬‬
‫‪ 2‬عبد الرمحن بن صاحل العبد اللطيف ‪ ,‬القواعد والضوابط الفقهية املتضمنة للتيسري ‪ ,‬الناشر ‪ :‬عماد البحث العلمي‬
‫باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنور ‪ ,‬الطبعة ‪ :‬األوىل ‪1423‬هـ‪2003/‬م ‪ ,‬ص ( ‪. )198‬‬
‫‪ 3‬هو حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي‪ ,‬أبو عبد اهلل مشس الدين ‪ ,‬أحد كبار العلماء ‪ ,‬ولد‬
‫بدمشق سنة ‪691‬هـ ‪ ,‬تتلمذ لشيخ اإلسالم ابن تيمية حَّت كان ال خيرج عن شئ من أقواله‪ ,‬وهو الذي هذب كتبه‬
‫ونشر علمه‪ ,‬وسجن معه يف قلعة دمشق ‪ ,‬وأطلق بعد موت ابن تيمية ‪ ,‬وكان حسن اخللق حمبوبا عند الناس‪ ,‬أغري‬
‫حبب الكتب‪ ,‬فجمع منها عددا عظيما‪ ,‬وكتب خبطه احلسن شيئا كثريا‪ .‬وألف تصانيف كثري منها إعالم املوقعني و‬
‫الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية و شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل و غريها ‪ ,‬تويف بدمشق‬
‫سنة ‪751‬هـ ‪ ,‬انظر ‪ :‬األعالم للزركلي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬اجلزء ‪ 6‬الصفحة ‪. 56‬‬
‫‪ 4‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية ‪ ,‬إعالم املوقعني عن رب العاملني ‪ ,‬الناشر‪ :‬مكتبة الكليات األزهرية ‪ ,‬مصر‪,‬‬
‫القاهر ‪1388‬هـ‪1968/‬م ‪ ,‬ج ‪ 3‬ص ‪. 137‬‬
‫‪ 5‬سور النحل ‪ ,‬اآلية (‪. )106‬‬
‫‪ 6‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 224‬‬
‫‪88‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وعليه فإنه ميكن تعريف القصد اجلنائي يف الفقه اإلسالمي بأنه ‪ :‬انصراف اإلراد إىل‬
‫حيرمه‪ 1‬؛ ووفقاً هلذا‬
‫احملرمني مع العلم بأن الشارع يوجب الفعل أو ِّ‬
‫الفعل أو الرتك َّ‬
‫التعريف فيكون الركن املعنوي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي هو‬
‫انصراف إراد اجلاين إىل فعل هذه اجلرمية مع علمه حبرمتها ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبداجلبار الطيب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 114‬‬


‫‪89‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية‬

‫‪90‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫العقوبة هي ‪ " :‬اجلزاء الذي يقرره القانون ويوقعه القاضي من أجل اجلرمية ويتناسب‬
‫معها"‪ , 1‬والغرض منها إصالح األفراد ومحاية اجلماعة وصيانة نظامها ‪ ,‬وجرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية هي إحدى اجلرائم املاسة مبصاحل األفراد واجملتمع بشكل عام ‪ ,‬وأضرارها‬
‫التقتصر على املضرور منها فقط بل تتعداه إىل اجملتمع بأسره ؛ ولذلك جاءت الشريعة‬
‫ورتَّبت ملرتكبها العقوبات الرادعة له والزاجر‬
‫وكذلك النظام بتحرمي هذه اجلرمية وجترميها ‪ُ ,‬‬
‫لغريه عن راتكاهبا ‪.‬‬

‫ويف هذا الفصل سيتم بيان عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية وذلك من خالل‬
‫املبحثني التاليني ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪ 1‬شرح قانون العقوبات ‪ ,‬القسم العام ‪ ,‬حممود دجيب حسين‪ ( ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهر ‪ ,‬ط‪1982 ,5‬م) ‪ ,‬ص‬
‫‪.667‬‬
‫‪91‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث األول‬

‫عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫سبق بيان الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف املبحث األول من الفصل األول‬
‫من هذا البحث ‪ ,‬ومت التوصل فيه إىل أن جرمية تزوير األوراق التجارية من اجلرائم التعزيرية‬
‫اليت جاءت الشريعة اإلسالمية بتحرميها وتركت تقدير عقوبتها لويل أمر املسلمني ؛‬
‫وبالتايل فإنه البد عند احلديث عن عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية أن يتم بيان هذه‬
‫العقوبة من الناحية النظامية مث مقارنتها مبا جاءت به الشريعة اإلسالمية ؛ ولذا مت عقد‬
‫هذا املبحث الذي سيكون مقسماً إىل املطلبني التاليني ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في النظام ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في النظام‬


‫عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام على أنواع منها عقوبات أصلية وعقوبات تبعية‬
‫وعقوبات تكميلية ‪ ,‬ويف هذا املطلب سيتم بيان هذه العقوبات وفقاً للنظام اجلزائي جلرائم‬
‫التزوير السعودي ومقارنته بعدد من األنظمة العربية األخرى ‪ ,‬وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العقوبات األصلية ‪:‬‬

‫املقصود بالعقوبة األصلية هي " العقوبة اليت قررها نص القانون للجرمية فور وصفه لنموذجها‬
‫كاإلعدام واألشغال الشاقة والسجن واحلبس والغرامة " ‪. 1‬‬

‫وفيما يتعلق جبرمية تزوير األوراق التجارية فإن العقوبات األصلية املقرر بشأهنا تتمثل يف‬
‫السجن والغرامة ‪ ,‬كما نصت على ذلك املاد الثالثة عشر من النظام اجلزائي جلرائم التزوير‬
‫واليت نصت على أن ‪ " :‬من َّزور أوراقاً جتارية أو مالية أو األوراق اخلاصة باملصارف ‪ ,‬أو‬
‫وثائق التأمني ‪ ,‬يعاقب بالسجن من سنة إىل مخس سنوات وبغرامة التزيد على أربعمائة ألف‬
‫لاير "‪.‬‬

‫ويالحظ أن هذه املاد مل متنح قاضي املوضوع يف جرمية تزوير األوراق التجارية سلطة‬
‫االختيار بني عقوبيت السجن والغرامة كما يف العديد من أنظمة العقوبات األخرى املعمول هبا‬
‫يف اململكة ‪ ,‬وإمنا ألزمته احلُ جك َم بإيقاع كلتا العقوبتني يف حال ثبوت اإلدانة لديه هبذه اجلرمية ‪,‬‬
‫وهذا ممايدل على التشديد يف هذه العقوبة حيث حصرت السلطة اليت يتمتع هبا القاضي جتاه‬
‫هاتني العقوبتني يف النزول عن احلد األعلى الذي حدده النظام إىل احلد الذي تراه جهة‬

‫‪ 1‬شرح قانون العقوبات حملمود حسين ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 780 – 690‬‬
‫‪93‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫احلكم مالئماً للظروف اليت ارتكبت فيها اجلرمية ‪ ,‬سواء كانت هذه الظروف ممايستدعي‬
‫تشديد العقوبة أو ختفيفها‪.‬‬

‫وميكن مقارنة هذه العقوبات األصلية املقرر جلرمية تزوير األوراق التجارية مباعليه احلال يف‬
‫بعض األنظمة املقارنة األخرى ‪ ,‬وسأكتفي مبقارنة النظام السعودي يف جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية بالقانونني املصري والكوييت ‪ ,‬وذلك من خالل املسألتني التاليتني ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في نظام العقوبات المصري ‪:‬‬

‫العقوبة املقرر جلرمية تزوير احملررات العرفية يف قانون العقوبات املصري واليت من مشموهلا جرمية‬
‫تزوير األوراق التجارية هي العقوبة املقرر يف املاد (‪ )215‬واليت نصت على أن ‪ " :‬كل‬
‫شخص ارتكب تزويرا ىف حمررات أحد الناس بواسطة إحدى الطرق السابق بياهنا أو استعمل‬
‫ورقة مزور وهو عامل بتزويرها يعاقب باحلبس مع الشغل " ‪.‬‬

‫و عقوبة احلبس يف قانون العقوبات املصري هى وضع احملكوم عليه ىف أحد السجون املركزية‬
‫أو العمومية املد احملكوم هبا عليه والجيوز أن تنقص هذ املد عن أربع وعشرين ساعة وال‬
‫أن تزيد على ثالث سنني إال ىف االحوال اخلصوصية املنصوص عليها قانونا ( املاد ‪, )18‬‬
‫واحلبس يف نظام العقوبات املصري نوعان‪ :‬احلبس البسيط واحلبس مع الشغل ‪ ,‬واحملكوم‬
‫عليهم باحلبس مع الشغل يشتغلون داخل السجون أو خارجها ىف األعمال الَّت تعينها‬
‫احلكومة ( املاد ‪. )19‬‬

‫ومبقارنة هذه العقوبة بالعقوبة املقرر يف النظام السعودي دجد أهنما ختتلفان من األوجه‬
‫التالية‪:‬‬

‫َّ‬
‫احلدين األعلى واألدىن للعقوبة يف النظام السعودي يعدان أشد مما مها عليه يف‬ ‫‌أ‪-‬‬
‫القانون املصري حيث أن احلد األدىن للعقوبة يف القانون املصري أربعاً وعشرين ساعة‬

‫‪94‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫بينما يف النظام السعودي سنة واحد ‪ ,‬و احلد األعلى هلا القانون املصري ثالث‬
‫سنوات بينما دجده يف النظام السعودي مخس سنوات ‪.‬‬
‫ب‪ -‬قانون العقوبات املصري قرن مع عقوبة احلبس عقوبة الشغل ىف األعمال الَّت تعينها‬
‫‌‬
‫احلكومة داخل السجون أو خارجها ‪ ,‬بينما النظام السعودي قرن مع عقوبة السجن‬
‫عقوبة الغرامة مباالتزيد على أربعمائة ألف لاير ؛ ويظهر يل أن من أهم أسباب اجتاه‬
‫النظام السعودي إىل عقوبة الغرامة وتغليظها خبالف النظام املصري هو النظر إىل‬
‫احلالة املادية إىل اجملتمع احملكوم بذلك النظام ‪ ,‬فعقوبة الغرامة املقرر يف النظام‬
‫السعودي كما أن هلا أثرها الواضح يف زجر اجلاين وردع غريه فإهنا ممكنة التطبيق على‬
‫اجملتمع احملكوم وذلك بالنظر إىل احلالة املادية العامة له‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في نظام العقوبات الكويتي‪:‬‬
‫نصت املاد (‪ )258‬من قانون اجلزاء الكوييت رقم ‪ 16‬لسنة ‪ 1960‬م على أن ‪ " :‬كل من‬
‫ارتكب تزويرا يعاقب باحلبس مد ال تتجاوز ثالث سنوات وبغرامة ال جتاوز ثالثة آالف‬
‫دينار أو بإحدى هاتني العقوبتني "‪ , 1‬وميتد مشمول هذه املاد إىل جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية ‪.‬‬
‫ومبقارنة هذه العقوبة مباجاء يف النظام السعودي دجدمها ختتلفان من حيث كون عقوبة احلبس‬
‫يف قانون اجلزاء الكوييت أخف منها يف النظام السعودي ؛ إذ أهنا يف القانون الكوييت ليس هلا‬
‫حد أدىن وحدها األعلى ثالث سنوات ‪ ,‬بينما يف النظام السعودي حدها األدىن سنة واحد‬
‫وحدها األعلى مخس سنوات ‪.‬‬

‫‪ 1‬تعد جرمية التزوير يف قانون اجلزاء الكوييت بشكل عام – ماعدا بعض صورها – من اجلنح وهي اجلرائم اليت يعاقب‬
‫عليها باحلبس مد ال تتجاوز ثالث سنوات وبالغرامة اليت ال يتجاوز مقدارها ثالثة آالف روبية‪ ,‬أو بإحدى هاتني‬
‫العقوبتني ‪ ,‬كما نصت على ذلك املاد اخلامسة من ذات النظام ‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫أما فيما تيعلق بعقوبة الغرامة فنجد أن النظامني يتشاهبان يف تقريرها كعقوبة مع اختالف‬
‫مقدراها بينهما ‪.‬‬
‫ولكن هناك وجه بارز ختتلف فيه عقوبة جرمية التزوير بني هذين النظامني وهو أن النظام‬
‫السعودي مل مينح قاضي املوضوع سلطة االختيار بني عقوبيت السجن والغرامة بل أوجب‬
‫اجلمع بينهما ‪ ,‬بينما يف قانون اجلزاء الكوييت دجد أنه قد منح قاضي املوضوع سلطة تقديرية‬
‫يف اجلمع بني العقوبتني أو االكتفاء بإحدامها ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬العقوبات التكميلية ‪:‬‬

‫ويُقصد هبا العقوبات اليت تصيب اجلاين بناءاً على احلكم بالعقوبة األصلية بشرط أن حيكم‬
‫‪1‬‬
‫بالعقوبة التكميلية ‪.‬‬

‫نص عليها النظام اجلزائي‬


‫والعقوبات التكميلية املتعلقة جبرمية تزوير األوراق التجارية واليت َّ‬
‫جلرائم التزوير هي ‪:‬‬

‫عقوبة مصادر مجيع األشياء املضبوطة اليت استعملت يف جرمية تزوير األوراق التجارية‬ ‫‪-1‬‬
‫مانصت عليه املاد الثانية والعشرون من النظام‬
‫دون إخالل حبق حسن النية ‪ ,‬وهذا َّ‬
‫اجلزائي جلرائم التزوير واليت جاء فيها ‪ " :‬على احملكمة املختصة عند – اإلدانة بأي‬
‫من اجلرائم املنصوص عليها يف هذا النظام – احلكم مبصادر مجيع األشياء املضبوطة‬
‫اليت استعملت يف تلك اجلرمية واملتحصلة منها دون اإلخالل حبق الغري حسن النية "‬
‫‪ ,‬فعقوبة املصادر إذاً عقوبة تكميلية وتقصي مبصادر مجيع األشياء املضبوطة اليت‬
‫استعملت يف جرمية التزوير كاآلالت واملواد وذلك دون اإلخالل حبق الغري حسن النية‬
‫كشخص باع آلة لشخص ال يعلم أنه يستخدمها يف التزوير ومل يسدد له قيمة هذه‬
‫املزور وتعاد لصاحبها حسن النية ‪.‬‬
‫اآللة فتصادر من ِّ‬

‫‪ 1‬عبدالقادر عود ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪. 369‬‬


‫‪96‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وميكن التمييز بني املصادر والغرامة من عد أوجه ‪: 1‬‬


‫من حيث النوع ‪ :‬الغرامة عقوبة أصلية أساسية ‪ ,‬واملصادر عقوبة تكميلية ُحيكم هبا‬ ‫أ‪-‬‬
‫إضافة إىل العقوبة األصلية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث الغرض ‪ :‬أن املصادر تكون من مال َّ‬
‫معني ‪ ,‬ينقل من ملكية صاحبه‬
‫األصلي إىل ذمة وملكية الدولة بدون عوض‪ ,‬بينما الغرامة أن تفرض الدولة مبلغاً من‬
‫املال مقدراً فيكون يف ذمة الشخص جيب عليه الوفاء به‪ ,‬فال تكون الغرامة على مال‬
‫بذاته نقدا ‪ ,‬فاملصادر تكون يف املال الذي استوجب العقوبة بسببه‪ ,‬بينما الغرامة‬
‫تكون يف مال غري الشيء الذي استوجب العقوبة به ‪.‬‬
‫ت‪ -‬من حيث املآل ‪ :‬مآل األموال املصادر يكون خزينة الدولة تتصرف فيها حسب‬
‫املصلحة واحلال نفسه بالنسبة للغرامة ‪ ,‬غري أن املصادر قد ال يكون فيها املال‬
‫متقوما‪ ,‬فتضطر الدولة إىل إهداره بعكس الغرامة ال تقع إال على مال مقوم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نشر العقوبة املقضي هبا يف جرمية تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬وهي عقوبة معنوية ‪ ,‬حيث‬
‫نصت على ذلك املاد الثامنة والعشرين من النظام اجلزائي جلرائم التزوير على أنه جيوز احلكم‬
‫بنشر العقوبة املقضي هبا يف اجلرائم الوارد يف هذا النظام ماعدا املواد (‪, ) 16, 15 , 14‬‬
‫وهذه املواد املستثنا هي املتضمنة للصور املخففة جلرمية التزوير واليت ليست منها جرمية تزوير‬
‫األوراق التجارية احملكومة بنص املاد الثالثة عشر ‪.‬‬
‫وال خيفى ما للتشهري باجلاين من أثر بالغ يف نفسه ملا يعرضه التشهري للجاين من انتقاد‬
‫اجملتمع له وبسخطه عليه وفقدان الثقة فيه ‪ ,‬وقد يكون التشهري بالعقوبة أشد وقعاً على نفس‬
‫اجلاين من العقوبات األصلية أو التكميلية أو التبعية األخرى ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬شرح قانون العقوبات حملمود دجيب ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪.761 -753‬‬
‫‪97‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬العقوبات التبعية ‪:‬‬

‫العقوبات التبعية هي اليت ترتتب بقو النظام نتيجة لإلدانة وتوقيع عقوبات أصلية ‪ ,‬دون‬
‫‪1‬‬
‫حاجة إىل اإلشار إليها يف احلكم ‪.‬‬
‫املزور موظفاً عاماً ؛ وذلك مبوجب‬
‫ومن هذه العقوبات التبعية ‪ ,‬الفصل من الوظيفة إن كان ِّ‬
‫مانصت عليه الفقر ( أ‪ )3/‬من املاد الثانية عشر من الئحة الئحة انتهاء اخلدمة الصادر‬
‫َّ‬
‫مبوجب قرار جملس اخلدمة املدنية رقم ‪ 813/1‬وتاريخ ‪1423/8/20‬هـ واليت نصت على أن‬
‫( يفصل املوظف بقو النظام ويعترب الفصل ألسباب تأديبية يف حاالت منها ‪ :‬إذا صدر عليه‬
‫حكم من جهة قضائية خمتصة مكتسب للصفة القطعية مصرح فيه باإلدانة واحلكم بالعقوبة‬
‫يف جرائم الرشو و التزوير واالختالس والتهريب أو الرتويج أو املتاجر باملخدرات أو‬
‫املسكرات ) ‪0‬‬
‫أما غري املوظف العام احملكوم بإدانته يف إحدى اجلرائم املخلة بالشرف واألمانة ومنها جرمية‬
‫التزوير فإن العقوبة التبيعة حبقه هي حرمانه من شغل الوظيفة العامة حَّت ميضى على انتهاء‬
‫عقوبة السجن الصادر حبقه ثالث سنوات على األقل ‪ ,‬وهذا ماجاءات به الفقر ( و ) من‬
‫املاد الرابعة من نظام اخلدمة املدنية الصادر باملرسوم امللكي رقم م‪ 49/‬وتاريخ‬
‫‪1397/7/10‬هـ واملعمول به اعتباراً من ‪1397/8/1‬هـ واليت نصت على أنه مع مراعا ما‬
‫تقضي به األنظمة األخرى يشرتط فيمن يعني يف إحدى الوظائف أن يكون " غري حمكوم‬
‫عليه حبد شرعي أو بالسجن يف جرمية خملة بالشرف أو االمانة حَّت ميضى على انتهاء احلد‬
‫أو السجن ثالث سنوات على األقل " ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪.‬عبالفتاح خضر ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 99‬‬


‫‪98‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬عقوبة الشخص المعنوي ‪:‬‬


‫املقصود بالشخص املعنوي هو مجاعة من األشخاص أو جمموعة من األموال هتدف إىل‬
‫حتقيق غرض معني ‪ ,‬ويعرتف هلا القانون بالشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق غرضها ‪,‬‬
‫ويكون هلا وجود مستقل ومتميز عن األشخاص الذين يسامهون يف نشاطها أو يستفيدون‬
‫‪1‬‬
‫منها ‪.‬‬
‫وعليه فإن املستفيد من جرمية تزوير األوراق التجارية ليس يف مجيع األحوال شخصاً طبيعياً ‪,‬‬
‫بل إنه يف أحوال كثري يتم ارتكاهبا ملصلحة شخصية معنوية ؛ وبالتايل فإن النظام اجلزائي‬
‫جلرائم التزوير مل يفلت ذلك الشخص املعنوي من العقاب بل قرر له عقوبة الغرامة مبا ال تزيد‬
‫على عشر ماليني لاير ‪ ,‬وباحلرمان من التعاقد من سنتني إىل مخس سنوات مع أي جهة‬
‫عامة حبق املنشأ اخلاصة اليت ثبت أن مديرها أو أحد منسوبيها ارتكب جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية ملصلحتها وبعلم منها ‪.‬‬
‫وهذه العقوبة هي ماجاءت به املاد الثانية والعشرين من النظام اجلزائي جلرائم التزوير واليت‬
‫نصت على أن ‪ " :‬كل منشأ خاصة تعمل يف اململكة ثبت أن مديرها أو أحد منسوبيها‬
‫َّ‬
‫ارتكب جرمية من اجلرائم املنصوص عليها يف هذا النظام ملصلحتها وبعلم منها‪ ,‬تعاقب بغرامة‬
‫ال تزيد على عشر ماليني لاير‪ ,‬وباحلرمان من التعاقد من سنتني إىل مخس سنوات مع أي‬
‫جهة عامة‪ ,‬وذلك دون اإلخالل بأي عقوبة نص عليها هذا النظام يف حق الشخص ذي‬
‫الصفة الطبيعية مرتكب اجلرمية " ‪.‬‬

‫‪ 1‬مبادىء علم القانون ‪ ,‬د‪ .‬علي الزهراين و د‪.‬خالد عبدالتواب ود‪.‬عدنان العمر ‪ ,‬الناشر ‪ :‬مطبعة جرير ‪ ,‬الطبعة ‪:‬‬
‫الثانية ‪1434‬هـ ‪ ,‬الصفحة ‪. 268‬‬
‫‪99‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الخامس ‪ :‬عقوبة جريمة استعمال وحيازة الورقة التجارية المزورة ‪:‬‬

‫ساوى املنظِّم السعودي يف العقوبة بني املستعمل واحلائز للورقة التجارية املزور وكذلك اجلالب‬
‫نصت املاد التاسعة عشر من‬ ‫املزور ذاته ‪ ,‬حيث ً‬ ‫هلا إىل اململكة مع علمه بتزويرها وبني ِّ‬
‫ذات النظام على أنه ‪ " :‬يعاقب بالعقوبة نفسها املقرر جلرمية التزوير يف هذا النظام كل من‬
‫ص على جترميه يف هذا النظام مع علمه بتزويره ‪ ,‬وكل من جلب إىل اململكة أو‬
‫استعمل مانُ َّ‬
‫حاز فيها أياً مما نص على جترميه يف املواد ( الثالثة ) و ( الرابعة ) و ( السادسة ) و ( الثامنة‬
‫) و ( العاشر ) و ( احلادية عشر ) و ( الثالثة عشر ) مع علمه بتزويره " ‪ ,‬فاشرتط لقيام‬
‫جرائم هؤالء جمرد توافر القصد اجلنائي العام وهو علمهم بأن هذا احملرر الذي مت استعماله أو‬
‫مزور ‪.‬‬
‫حيازته أو جلبه َّ‬

‫مزوراً من‬
‫ص على جترمي حيازته يف املواد اليت أشارت إليها هذه املاد هي ماكان َّ‬
‫والذي نُ َّ‬
‫أختام الدول أوخامت امللك أو خامت ويل العهد أو رئيس جملس الوزراء أو أحد نوابه أو خامت‬
‫الديوان امللكي أو ديوان ويل العهد ‪ ,‬أو خامتاً أو عالمة منسوية إىل جهة عامة إو إىل أحد‬
‫موظفيها بصفته الوظيفية ‪ ,‬أو خامت أو عالمة هلا حجية يف اململكة عائد ألحد أشخاص‬
‫القانون العام أو ألحد موظفيه بصفتهم الوظيفية ‪ ,‬أو طابع أو حمرر منسوب إىل جهة عامة‬
‫أو أحد منسوبيها بصفتهم الوظيفية أو إىل أحد أشخاص القانون العام أو أحد موظفيه إذا‬
‫كان له حجية يف اململكة ‪ ,‬أو حمرراً منسوباً إىل امللك أو ويل العهد أو رئيس جملس الوزارء أو‬
‫أحد نوابه ‪ ,‬أو سندات أو أوراق مماتصدره اخلزينة العامة للدولة ‪ ,‬أو أوراقاً جتارية أو مالية أو‬
‫األوراق اخلاصة باملصارف ‪.‬‬

‫املزور ُوضعت من حيث التجرمي يف‬ ‫و نلمس من هذه املاد أن حياز األوراق التجارية َّ‬
‫موضع أخطر ماميكن تزويره على مستوى الدولة وهي أختام امللك وويل العهد والديوان‬

‫‪100‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫امللكي ورئيس جملس الوزارء أو أحد نوابه ؛ وماذلك إال إلدارك املنظِّم اخلطور القصوى هلذه‬
‫األوراق التجارية املزور على البلد واقتصاده ‪.‬‬

‫الفرع السادس ‪ :‬عقوبة االشتراك في جريمة تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫جرمية تزوير األوراق التجارية كسائر اجلرائم قد تصدر عن شخص واحد فتقع عليه املسؤولية‬
‫اجلنائية لوحده ‪ ,‬وقد يتضامن مع هذا الشخص آخرون يف ارتكاب هذه اجلرمية فتقع عليهم‬
‫املسؤولية مجيعا ؛ ويف هذه احلالة تظهر احلاجة إىل مايسمى بنظرية املسامهة اجلنائية يف‬
‫القانون أو أحكام االشرتاك يف اجلرمية يف الفقه اإلسالمي ؛ وذلك لتحديد مسؤولية كل من‬
‫ساهم أو اشرتك يف ارتكاب هذه اجلرمية ‪.‬‬

‫وقد عرفت املسامهة اجلنائية أو االشرتاك يف اجلرمية يف القانون بأنه ‪ " :‬حالة تعدد األشخاص‬
‫الذين يرتكبون ذات اجلرمية "‪. 1‬‬

‫ومل يغفل النظام اجلزائي جلرائم التزوير بطبيعة احلال حكم االشرتاك يف إي من اجلرائم‬
‫املشمولة بنصوصه ‪ ,‬بل نص صراحة على أن املشرتك يف ارتكاب أي جرمية من تلك اجلرائم‬
‫بأي صور من صور املشاركة وهي االتفاق أو التحريض أو املساعد يعاقب بذات العقوبة‬
‫املقرر للفاعل األصلي املرتكب لتلك اجلرمية ‪ ,‬حيث قررت ذلك املاد احلادية والعشرين من‬
‫النظام اجلزائي جلرائم التزوير اليت نصت على أن " من اشرتك – بطريق االتفاق أو التحريض‬
‫أو املساعد – يف ارتكاب أي من اجلرائم املنصوص عليها يف هذا النظام يعاقب بالعقوبة‬
‫نفسها املقرر لتلك اجلرمية " ‪ ،‬وبطبيعة احلال فإن من اجلرائم املنصوص عليها يف هذا النظام‬
‫هي جرمية تزوير األوراق التجارية فيأخذ املشرتك يف ارتكاهبا حكم هذه املاد ‪.‬‬

‫‪ 1‬مسري عالية ‪ ,‬شرح قانون العقوبات ‪ ,‬القسم العام ‪ ,‬بريوت ‪ ,‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر ‪1422‬هـ – ‪2002‬‬
‫م ‪ ,‬ص ‪310‬‬
‫‪101‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ويفهم من هذه املاد أن عقاب املشرتك يف جرمية تزوير األوراق التجارية يكون بكافة‬
‫العقوبات املقرر نظاماً هلذه اجلرمية سواء كانت هذه العقوبات أصلية أو تبعية أو تكميلية ‪.‬‬

‫ومبقارنة عقوبة االشرتاك يف جرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام السعودي مباجاء يف الفقه‬
‫اإلسالمي ‪ ,‬دجد أن الفقهاء رمحهم اهلل مل يفردوا ألحكام االشرتاك باباً مستقالً لبيان أحكامه‬
‫‪ ,‬بل تعرضوا لبحث أحكامه يف كتبهم عند حديثهم عن جرائم احلدود والقصاص والتعازير ‪,‬‬
‫وبالنظر إىل جممل أقوال الفقهاء يف أحكام االشرتاك يف اجلرمية تنتهي إىل أنه قد يكون‬
‫اشرتاكاً باملباشر بأن يكون اجلميع مباشرين ‪ ,‬وقد يكون اشرتاكاً بالتسبب ‪ ,‬وقد يكون‬
‫اشرتاكاً باملباشر من وجه وبالتسبب من وجه آخر ‪.‬‬

‫ومقصودهم من االشرتاك باملباشر أي أن ينفذ اجلاين جرميته بنفسه وبإرادته من غري توسط‬
‫إراد أخرى ‪ ,‬أما االشرتاك يف اجلرمية بالتسبب فمقصودهم منه هو أن تتوسط بني إراد‬
‫‪1‬‬
‫اجلاين والنتيجة إراد أخرى ‪.‬‬

‫مث اختلف الفقهاء رمحهم اهلل يف موجب هذا االشرتاك من العقوبة إذا كانت حداً أو قصاصاً‬
‫يف كل صور من صور االشرتاك سواء كان اشرتاكاً باملباشر أو اشرتاكاً بالتسبب ومايندرج‬
‫‪2‬‬
‫حتت هذين القسمني من صور عديد ‪.‬‬

‫أما االشرتاك فيما موجبه التعزير فإن املرجع يف عقوبتها هو اإلمام ‪ ,‬وهو يقدرها مباهو أصلح‬
‫للجماعة وأردع للمجرمني فيها فإذا اشرتك مجاعة يف ارتكاب جرمية فإن اجلميع جمرمون ‪,‬‬
‫‪3‬‬
‫وويل األمر يقدر لكل واحد عقوبة رادعة ملثله ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 291‬‬
‫‪ 2‬املغين البن قدامة ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ج ‪ 1‬ص ‪. 663‬‬
‫‪ 3‬انظر ‪ :‬حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 301‬‬
‫‪102‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ومبقارنة ذلك مباجاء يف األنظمة السعودية وبالتحديد يف النظام اجلزائي جلرائم التزوير دجدها‬
‫تقتصر يف أحكامها على بيان حكم االشرتاك بالتسبب بإحدى صوره الثالث وهي االتفاق‬
‫أو التحريض أو املساعد دون تطرقها لصور االشرتاك املباشر ؛ ويظهر يل أن سبب ذلك‬
‫هو كون املشرتك املباشر يعترب يف احلقيقة فاعالً أصلياً وبالتايل ينحسر عنه وصف الشريك‬
‫ويوقع عليه مايوقع على الفاعل األصلي ‪.‬‬

‫الفرع السابع ‪ :‬عقوبة الشروع في جريمة تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫الشروع هو أن يبدأ يف التنفيذ مع ختلف النتيجة الضار ‪ , 1‬كأن يقوم مثالً بإعداد املواد‬
‫ضبط فهذه اجلرمية ناقصة ؛ ألنه مل يصل إىل‬
‫املستعملة ألجل التزوير وقبل أن يقوم بالتغيري ُ‬
‫متام جرميته ‪.‬‬

‫والعقوبة اليت قررها املنظِّم للشروع يف كافة جرائم التزوير ومنها جرمية تزوير األوراق التجارية‬
‫هي مبا اليتجاوز نصف احلد األقصى لعقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬كما قررت ذلك‬
‫املاد العشرين من النظام اجلزائي جلرائم التزوير واليت نصت على أن " يعاقب على الشروع يف‬
‫أي من اجلرائم املنصوص عليها يف هذا النظام مبا اليتجاوز نصف احلد األقصى للعقوبة‬
‫املقرر لتك اجلرمية " ‪.‬‬

‫ومبقارنة عقوبة الشروع يف جرمية تزوير األوراق التجارية باألنظمة املقارنة األخرى ‪ ,‬دجد أن‬
‫التشريعات املقارنة الجتري على وتري واحد بشأن جترمي الشروع ‪ ,‬فمنها مايعاقب على‬
‫الشروع يف كافة اجلرائم جسيمها ويسريها ومنها ماال يعاقب عليه إال يف حاالت حمدد‬
‫بنصوص خاصة ‪ ,‬وبوجه عام فإن التشريعات تستبعد اجلرائم البسيطة من نطاق العقاب وهي‬
‫ماتعد وفقاً للتقسيم الثالثي للجرمية من قبيل املخالفات ‪ ,‬أما فيما يتعلق بالشروع يف اجلنح‬

‫‪ 1‬تزخر كتب شروح القانون اجلنائي بتصد واسع لقواعد نظرية الشروع يف اجلرمية اجلنائية وبيان أحكامها ؛ ولو كان‬
‫البحث متعلقاً بأحكام الشروع لتم بسط القول يف بيان هذه النظرية وأحكامها ‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫دائما وبعضها ال يعاقب عليه إال بنص خاص ‪ ,‬وقد سلك‬ ‫فبعض التشريعات تعاقب عليه ً‬
‫املشرع املصري ذات املسلك يف حتديد نطاق الشروع املعاقب عليه مستعينًا يف ذلك بالتقسيم‬
‫الثالثي للجرائم ‪ ,‬والدعامة األساسية اليت يقوم عليها هذا االجتاه هي أن درجة التهديد اليت‬
‫تتعرض هلا املصلحة احملمية يف الشروع تزداد كلما ارتفعت جسامة اجلرمية على فرض وقوعها‬
‫تامة ؛ وانطالقًا من ذلك فقد أخذ املشرع املصري مببدأ العقاب على الشروع يف اجلنايات‬
‫مجيعها بدون حاجة إىل نص خاص بشأن كل جناية على حد إال أن يرد نص باستبعاد‬
‫الشروع يف جناية بعينها‪.‬‬

‫ويستفاد جترمي املشرع املصري للشروع يف كافة اجلنايات بغري حاجة إىل نص يف كل حالة‬
‫على حد من نص املاد (‪ )46‬من قانون العقوبات واليت حتدد كم العقاب على الشروع يف‬
‫اجلناية ‪ ,1‬حيث نصت هذه املاد على أن " يعاقب على الشروع ىف اجلناية بالعقوبات اآلتية‬
‫إال إذا نص قانون على خالف ذلك ‪:‬‬

‫* بالسجن املؤبد إذا كانت عقوبة اجلناية اإلعدام ‪.‬‬

‫* بالسجن املشدد إذا كانت عقوبة اجلناية السجن املؤبد ‪.‬‬

‫* بالسجن املشدد مد ال تزيد على نصف احلد األقصى املقرر قانوناً أو السجن إذا كانت‬
‫عقوبة اجلناية السجن املشدد‪.‬‬

‫* بالسجن مد ال تزيد على نصف احلد األقصى املقرر قانوناً أو احلبس إذا كان عقوبة‬
‫اجلناية السجن ‪" .‬‬

‫‪ 1‬دكتور ‪ /‬أمحد عوض بالل‪ ,‬مبادئ قانون العقوبات املصري‪ ,‬طبعة ‪ , 2012- 2011‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهر ‪,‬‬
‫ص ‪. 374‬‬
‫‪104‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وبالرجوع إىل العقوبة املقرر جلرمية التزوير يف قانون العقوبات املصري واليت من مشموهلا جرمية‬
‫تزوير األوراق التجارية دجد أن تلك العقوبة هي املقرر يف املاد (‪ )215‬واليت نصت على أن‬
‫" كل شخص ارتكب تزويرا ىف حمررات أحد الناس بواسطة إحدى الطرق السابق بياهنا أو‬
‫استعمل ورقة مزور وهو عامل بتزويرها يعاقب باحلبس مع الشغل " ‪.1‬‬

‫وعليه فإن عقوبة الشروع يف جرمية تزوير األوراق التجارية وفقاً لقانون العقوبات املصري‬
‫تكون بالسجن مد ال تزيد على نصف احلد األقصى املقرر قانوناً وهو ثالث سنوات وفقاً‬
‫للماد (‪ )18‬من قانون العقوبات املصري ‪.‬‬

‫ومبقارنة عقوبة الشروع يف جرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام السعودي مبا هي عليه يف‬
‫قانون العقوبات املصري دجد أهنما متشاهبتني من حيث املاد املقرر هلما وهو أن كليهما‬
‫حددتا هذه العقوبة مبا اليتجاوز نصف احلد األقصى املقرر لعقوبة اجلرمية التامة ‪ ,‬إال أهنما‬
‫خيتلفان يف هذا احلد تبعاً الختالف احلد األقصى للعقوبة املقرر للجرمية التامة ‪ ,‬ففي النظام‬
‫السعودي دجد أن احلد األعلى هو السجن ملد مخس سنوات وغرامة أربعمائة ألف لاير ‪,‬‬
‫بينما احلد األعلى هلا يف قانون العقوبات املصري هو احلبس ملد ثالث سنوات مع الشغل ‪.‬‬

‫وبالتايل فإنه يظهر أن العقوبة املقرر جلرمية الشروع يف تزوير األوراق التجارية يف النظام‬
‫السعودي أشد منها يف نظام العقوبات املصري ‪.‬‬

‫‪ 1‬عقوبة احلبس يف قانون العقوبات املصري هى وضع احملكوم عليه ىف أحد السجون املركزية أو العمومية املد احملكوم هبا‬
‫عليه والجيوز ان تنقص هذ املد عن اربع وعشرين ساعة والان تزيد على ثالث سنني اال ىف االحوال اخلصوصية‬
‫املنصوص عليها قانونا ( املاد ‪ , ) 18‬واحلبس نوعان‪ :‬احلبس البسيط‪.‬واحلبس مع الشغل ‪ ,‬واحملكوم عليهم باحلبس‬
‫مع الشغل يشتغلون داخل السجون او خارجها ىف االعمال الَّت تعينها احلكومة ( املاد ‪. )19‬‬
‫‪105‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‬


‫سبق البيان يف الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية أهنا من جرائم التعزير ‪ ,‬وبالتايل‬
‫فإنه العقوبة مقدر هلا يف الفقه اإلسالمي ‪ ,‬وإمنا تُرَك للقاضي ولويل أمر املسلمني تقرير‬
‫اختيار العقوبة املالئمة للجرمية وحلال اجملرم ونفسيته وسوابقه ‪ ,‬ويتضح هذا من خالل ماسبق‬
‫إيراده يف الركن الشرعي هلذه اجلرمية من النصوص اجملرمة لتزوير األوراق التجارية وغريها من‬
‫جرائم التزوير‪ ,‬ومع ذلك لن دجد يف الشريعة اإلسالمية عقوبة مقدر هلذه اجلرمية وإمنا ترك أمر‬
‫تقديرها للقاضي وإلمام املسلمني كما يف سائر جرائم التعازير ‪.‬‬

‫ولبيان هذه العقوبة يف الفقه اإلسالمي ؛ فإنه حيسن تناوهلا من خالل الفرعني التاليني ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مشروعية التعزير في الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬

‫ملشروعية التعزير يف الفقه اإلسالمي أدلة كثري ‪ ,‬منها على سبيل املثال ال احلصر ‪:‬‬

‫ت‬ ‫ض مبَا َر ُحبَ ج‬ ‫ت َعلَجيه ُم جاأل جَر ُ‬‫ضاقَ ج‬ ‫ين ُخلِّ ُفوا َح ََّّت إ َذا َ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َو َعلَى الث ََّالثَة الذ َ‬ ‫‪-1‬‬

‫ت َعلَجيه جم أَنجـ ُف ُس ُه جم َوظَنُّوا أَ جن َال َم جل َجأَ م َن اللَّه إَّال إلَجيه ُمثَّ تَ َ‬


‫اب َعلَجيه جم ليَتُوبُوا إ َّن‬ ‫ضاقَ ج‬
‫َو َ‬
‫يم﴾ ‪. 1‬‬
‫الرح ُ‬ ‫اللَّهَ ُه َو التـ ََّّو ُ‬
‫اب َّ‬
‫ووجه االستدالل هبذه اآلية أن ثالثة من صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ختلفوا عنه‬
‫يف غزو تبوك ومل يكونوا من أهل األعذار ‪ ,‬وهم كل من هالل بن أمية وكعب بن مالك‬
‫ومرار بن الربيع رضي اهلل عنهم مجيعاً ‪ ,‬فلما عاد صلى اهلل عليه وسلم من الغزو أمر‬

‫‪ 1‬سور التوبة ‪ ,‬اآلية (‪. )118‬‬


‫‪106‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫هبجرهم مجيعاً فامتثل الصحابة رضوان اهلل عليهم ألمره حَّت نزلت هذه اآلية يف توبتهم ‪,‬‬
‫‪1‬‬
‫وكان هذا العقاب منه صلى اهلل عليه وشلم مبثابة التعزير ‪.‬‬
‫السنة النبوية تزخر بالعقوبات التعزيرية واليت يصلح أي منها دليالً مستقالً على‬ ‫‪-2‬‬
‫مشروعية التعزير ‪ ,‬ومن ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم " الجيلد فوق عشر جلدات‬
‫إال يف حد من حدود اهلل " ‪.2‬‬

‫وجه االستدالل من هذا احلديث هو أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وضع حداً‬
‫أعلى جللد التعزير وهو عشر جلدات ‪ ,‬وهذا مما يدل على مشروعية التعزير يف‬
‫اإلسالم ؛ ويدل هلذا الوجه من االستدالل أن اإلمام البخاري رمحه اهلل عنون للباب‬
‫ب "‪.‬‬
‫اب َكم التـ جَّعز ُير َو جاأل ََد ُ‬
‫الذي أورد فيه هذا احلديث بقوله " بَ ٌ‬
‫فعل الصحابة رضوان اهلل عليه وأقواهلم مما يستدل به كذلك على مشروعية التعزير يف‬ ‫‪-3‬‬
‫الفقه اإلسالمي ‪ ,‬ومن ذلك فعل عمر رضي اهلل بصبيغ الذي كان يسأل عن‬
‫الذاريات ويأمر الناس بالتفقد عن املشكالت من القرآن فضربه ضرباً موجعاً ونفاه‬
‫إىل البصر أو الكوفة ‪ ,‬وكذلك فعله رضي اهلل عنه بنصر بن حجاج ملاحلق رأسه‬
‫‪3‬‬
‫ب النساء به يف األشعار ‪.‬‬
‫ونفاه من املدينة ملا شبَّ َ‬
‫من املعقول ‪ ,‬وهو أن العقل السليم يدرك أن احملافظة على صالح حال اجملتمع‬ ‫‪-4‬‬
‫املسلم اليتم إال برتتيب عقوبات زاجر للمذنب ورادعة لغريه عن اقرتاف اجلرائم اليت‬

‫‪ 1‬تفسري ابن كثري ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬اجلزء ‪ , 2‬ص ‪. 485‬‬


‫‪ 2‬متفق عليه ‪ ,‬رواه البخاري يف باب ‪ :‬كم التعزير واألدب ‪ ,‬احلديث رقم (‪ , ) 6848‬ورواه مسلم يف باب ‪ :‬باب‬
‫قدر أسواط التعزير ‪ ,‬احلديث رقم (‪. ) 1708‬‬
‫‪ 3‬برهان الدين أيب الوفاء حممد بن فرحون اليعمري املالكي ‪ ,‬تبصر احلكام يف أصول األقضية واألحكام ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار‬
‫عامل الكتب ‪1423 :‬هـ ‪ ,‬ج‪ 5‬ص ‪. 270‬‬
‫‪107‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫هتدد أمنه واستقراره ‪ ,‬إذ أنه بدون ترتيب مثل هذه العقوبات سيتجرأ أصحاب‬
‫األهواء واملطامع على حقوق اهلل عزوجل وحقوق خلقه ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع العقوبات التعزيرية في الفقه اإلسالمي ‪:‬‬

‫جاءت الشريعة اإلسالمية بعدد من العقوبات التعزيرية ‪ ,‬وليس معىن هذا أهنا التقبل غريها‬
‫من األنواع واألساليب ‪ ,‬بل إن الشريعة تتسع ألي عقوبة تُصل ُح املذنب وتؤدبه وحتمي‬
‫اجلماعة من شر املعاصي ‪ ,‬واليعين هذا أن احلاكم أو القاضي له مطلق احلرية يف تقدير‬
‫العقوبة التعزيرية ‪ ,‬بل عليه أن يتقيد بالعقوبات املباحة شرعاً واليت مل ينه الشارع عنها ‪ ,‬فال‬
‫يعاقب بالنار والميثل باجلاين ‪.‬‬

‫تتدرج من عقوبة التوبيخ واإلنذار وتنتهي إىل‬


‫والعقوبات التعزيرية يف الفقه اإلسالمي عموماً َّ‬
‫عقوبة القتل يف اجلرائم اخلطري ‪ ,‬مروراً بعقوبات اجللد والتغريب والنفي واإلبعاد واحلبس‬
‫والغرامة واإلتالف وغريها من العقوبات ‪ .‬ووتقدير العقوبة املناسبة من هذه العقوبات يكون‬
‫حبسب املكان والزمان واحملكوم عليه والواقعة اليت ُرتـِّبَت عليها هذه العقوبة التعزيرية وغريها‬
‫من الظروف اليت حتيط باجلرم املرتكب ‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من العقوبات التعزيرية المقررة لجريمة تزوير‬
‫األوراق التجارية ‪:‬‬

‫لكون النظام اجلزائي جلرائم التزوير قرر عدداً من العقوبات التعزيرية جلرمية تزوير األوراق‬
‫مر معنا يف املطلب السابق ‪ ,‬فإنه حيسن بيان هذه العقوبات من منظور الفقه‬
‫التجارية كما َّ‬
‫اإلسالمي وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫عقوبة السجن ‪ :‬تعاقب الشريعة اإلسالمية بعقوبة السجن احملدد املد على جرائم‬ ‫‪-1‬‬
‫التعازير ‪ ,‬ويدل ملشروعية احلبس يف الشريعة اإلسالمية فعل عمر رضي اهلل عنه ملا‬

‫‪108‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫انتشرت الرعية يف زمنه ابتاع مبكة دارا وجعلها سجنا وحبس فيها ‪ ,‬فلم يكن على‬
‫عهد النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬وأيب بكر حبسا معدا لسجن الناس ؛ وهلذا تنازع‬
‫العلماء من أصحاب أمحد وغريهم هل يتخذ اإلمام حبساً على قولني ‪ :‬فمن قال ال‬
‫يتخذ حبسا قال مل يكن لرسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم وال خلليفته بعده حبس‬
‫ولكن يعوقه مبكان من األمكنة أو يقام عليه حافظ وهو الذي يسمى الرتسيم أو‬
‫يأمر غرميه مبالزمته كما فعل النيب صلى اهلل عليه و سلم ‪.‬‬
‫ومن قال له أن يتخذ حبسا قال قد اشرتى عمر بن اخلطاب من صفوان بن أمية دارا‬
‫‪1‬‬
‫بأربعة آالف وجعلها حبسا ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫اجلَاين‬
‫س ج‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫ج‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫"‬ ‫منها‬ ‫وذكر‬ ‫أقسام‬ ‫عشر‬ ‫احلبس‬ ‫أن‬ ‫–‬ ‫اهلل‬ ‫رمحه‬ ‫–‬ ‫وقد ذكر القرايف‬
‫تَـ جعز ًيرا أ جَو َرجد ًعا َع جن َم َعاصي اللَّه تَـ َع َاىل "‪. 3‬‬
‫عقوبة الغرامة ‪ :‬من املسلَّم به أن الشريعة عاقبت على بعض اجلرائم التعزيرية بعقوبة‬ ‫‪-2‬‬
‫الغرامة ‪ ,‬ومن ذلك أهنا تعاقب على سرقة الثمر املعلَّق بغرامة تساوي مثن ماسرق‬
‫مرتني فوق العقوبة اليت تالئم السرقة وذلك لقول الرسول صلى اهلل عليه وسلَّم " من‬
‫خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة "‪ , 4‬وكذلك وردت العقوبة بالغرامة يف‬
‫الشريعة يف حديث هبز بن حكيم عن أبيه عن جده قال مسعت رسول اهلل صلى اهلل‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬ابن القيم اجلوزية ‪ ,‬الطرق احلكمية ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 149‬‬
‫‪ 2‬هو أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن‪ ,‬أبو العباس‪ ,‬شهاب الدين الصنهاجي القرايف ‪ ,‬ولد عام ‪626‬ه ‪ ,‬من علماء‬
‫الشافعي) بالقاهر ‪ .‬وهو‬
‫ّ‬ ‫املالكية نسبته إىل قبيلة صنهاجة (من برابر املغرب) وإىل القرافة (احمللة اجملاور لقرب اإلمام‬
‫مصري املولد واملنشأ والوفا ‪ .‬له مصنفات جليلة يف الفقه واألصول منها (أنوار الربوق يف أنواء الفروق) و (اإلحكام يف‬
‫متييز الفتاوي عن األحكام وتصرف القاضي واإلمام) و (الذخري ) يف فقه املالكية‪ ,‬تويف عام ‪684‬هـ ‪ .‬انظر ‪ :‬األعالم‬
‫للزركلي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬اجلزء ‪ 1‬الصفحة ‪. 94‬‬
‫‪ 3‬شهاب الدين أبو العباس أمحد بن إدريس القرايف (ت ‪684‬هـ) ‪ ,‬الفروق ‪ ,‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ناشرون ‪ ,‬الطبعة‪:‬‬
‫األوىل ‪1424 -‬هـ ‪2003 /‬م ‪ ,‬ج ‪ 4‬ص ‪. 150‬‬
‫‪ 4‬رواه أبوداود ‪ ,‬باب ما القطع فيه ‪ ,‬احلديث رقم ( ‪ , )1712‬والنسائي يف باب ‪ :‬لثمر يسرق بعد أن يؤية اجلرين ‪,‬‬
‫احلديث رقم (‪ , )4958‬قال عنه األلباين ‪ :‬حديث حسن ‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫عليه وسلم يقول ‪ " :‬يف كل إبل سائمة يف كل أربعني ابنة لبون ال تفرق إبل عن‬
‫حساهبا من أعطاها مؤجتراً فله أجرها‪ ,‬ومن منعها فأنا آخذوها وشطر إبله عزمة من‬
‫عزمات ربنا ال حيل آلل حممد منها شيء "‪. 1‬‬
‫‪ -3‬عقوبة المصادرة ‪ :‬مل أعثر فيما اطلعت عليه من كتب الفقهاء قدمياً على تعريف‬
‫للمصادر ‪ ،‬ولكن ميكن استنباط تعريف هلا من مجلة ماقاله الفقهاء يف التعزير‬
‫بإتالف املال ‪ ،‬وكذلك التعزير بأخذ املال ( املصادر ) ‪ ,‬وعليه ميكن القول أن‬
‫املصادر ميكن خترجيها يف الفقه اإلسالمي بأهنا " حكم اإلمام أو القاضي بأخذ املال‬
‫تعزيراً للجاين " ‪. 2‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء يف إقرار املصادر ومنعها ‪ ,‬فهناك من ألغاها مطلقا ومل ير فيها‬
‫سوى أخذ املال بالباطل‪ ,‬وهناك من ذهب إىل القول جبوازها‪ ,‬وقد تدرج أنصار هذا‬
‫املذهب يف نظرهتم إليها‪ ,‬فخفف البعض مكتفيا بتقرير املصادر املؤقتة مبد معينة‬
‫وأجازها البعض اآلخر يف صورهتا احلديثة واملألوفة ‪ ,‬ونسبوا لويل األمر االجتهاد يف‬
‫تقريرها ‪.‬‬
‫وممن قال جبواز املصادر مالك يف رواية مشهور نقلها ابن القاسم وأجازها اإلمام أمحد بن‬
‫حنبل يف إتالف احملل الذي قام به املنكر ألن فيه هنياً عن العود إىل املنكر الذي قام هبذا‬
‫‪3‬‬
‫احملل ‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه أبو داود يف كتاب الزكا ‪ ,‬باب يف زكا السائمة ‪ ,‬احلديث رقم (‪ ,)1575‬ورواه النسائي يف كتاب الزكا ‪ ,‬باب‬
‫عقوبة مانع الزكا ‪ ,‬احلديث رقم (‪. )2444‬‬
‫‪ 2‬انظر ‪ :‬عبدالرزاق البدر ‪ ,‬عقوبة املصادر يف الشريعة والنظام وتطبيقاهتا يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬رسالة ماجستري‬
‫مقدمة يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ‪ ,‬عام ‪1421‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 3‬شيخ اإلسالم أمحد بن عبداحلليم بن تيمية ‪ ,‬احلسبة يف اإلسالم ‪ ,‬مطبعة القاهر ‪1318‬هـ ‪ ,‬ص ‪ , 43‬ولالطالع‬
‫على اختالف الفقهاء يف حكم املصادر ميكن الرجوع إىل رسالة املاجستري املشار إليها يف احلاشية السابقة ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫عقوبة العزل من الوظيفة العامة‪ : 1‬وهي عند الفقهاء ‪ " :‬منع الشخص من تويل‬ ‫‪-4‬‬
‫الوظيفة العامة ابتداءاً أو حرمانه من االستمرار فيها إن كان موظف "‪. 2‬‬
‫ومل تعرف الشريعة لفظ املوظف العام ولكنها عرفت لفظ اخلليفة أو الوايل أو العامل‬
‫أو احملتسب ‪ ...‬إىل غري ذلك من األلفاظ اليت تدل يف وقتنا احلاضر على معىن‬
‫املوظف العام ‪.‬‬
‫وقد حرصت الشريعة على كل ما من شأنه تقومي سلوك القائم بالوظيفة العامة‬
‫وحسن مسعته وحفظه لشرف الوظيفة وكرامتها ‪ ,‬فحثت املوظف على االلتزام باألمانة‬
‫يف أداء وظيفته وجعلته شرطاً رئيساً لتوليه الوظيفة العامة وبقاءه فيها ‪ ,‬فإذا زال ذلك‬
‫الشرط زالت الرابطة الوظيفية بعزله عنها ‪ ,‬قال تعاىل ﴿ َوأ جَوفُوا بالج َع جهد إ َّن الج َع جه َد َكا َن‬
‫َم جسئُ ًوال ﴾‪ , 3‬ومبا أن الواليات العامة يف الشريعة اإلسالمية هي من اليت جتب‬
‫َّ‬
‫حرمت اخليانة يف أداء هذه األمانات كما قال تعايل ﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين‬ ‫صيانتها ؛ فقد َّ‬
‫ول َوَختُونُوا أ ََمانَات ُك جم َوأَنجـتُ جم تَـ جعلَ ُمو َن ﴾‪. 4‬‬ ‫آَ َمنُوا َال َختُونُوا اللَّهَ َو َّ‬
‫الر ُس َ‬
‫ولذلك فإنه الجيوز أن يقوم على تلك الوظائف مرتكبو اجلرائم واملنكرات وذلك‬
‫النتفاء صفة األمانة اليت تدور يف فلكها بقية شروط تويل الوظيفة العامة قال تعاىل ﴿‬
‫ني ﴾‪. 5‬‬
‫ي جاألَم ُ‬ ‫استَأج َج جر َ‬
‫ت الج َقو ُّ‬ ‫إ َّن َخجيـَر َمن ج‬

‫‪ 1‬لالستزاد حول موضوع عقوبة العزل من الوظيفة العامة ميكن الرجوع إىل رسالة ماحستري بعنوان ( العزل من الوظيفة‬
‫العامة كعقوبة جنائية وتطبياقتها يف املمالكة العربية السعودية ) مقدمة إىل جامعة نايف العربية من الباحث ‪ /‬نواف بن‬
‫خالد العتييب ‪ ,‬عام ‪1424‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 2‬عبدالعزيز عامر ‪ ,‬التعزير يف الشريعة اإلسالمية ‪ ,‬درا الفكر العريب ‪ ,‬طبعة ‪ 2007 :‬م ‪ ,‬ص ‪. 448‬‬
‫‪ 3‬سور اإلسراء ‪ ,‬اآلية ‪. 34‬‬
‫‪ 4‬سور األنفال ‪ ,‬اآلية ‪. 27‬‬
‫‪ 5‬سور القصص ‪ ,‬اآلية ‪. 26‬‬
‫‪111‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -5‬عقوبة التشهير ‪ :‬ويقصد بعقوبة التشهري يف الشريعة اإلسالمية ‪ :‬اإلعالن عن جرمية‬


‫احملكوم عليه ‪ ,‬ويكون التشهري يف اجلرائم اليت يعتمد فيها اجملرم على ثقة الناس‬
‫‪1‬‬
‫كشهاد الزور والغش ‪.‬‬
‫والتشهري مبرتكيب اجلرائم يف الشريعة من صفات تنفيذ بعض العقوبات لبعض اجلرائم‪,‬‬
‫ني ﴾‪, 2‬‬
‫كما يف عقوبة الزنا‪ ,‬قال اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬ولجيَ جش َه جد َع َذابَـ ُه َما طَائ َفةٌ م َن الج ُم جؤمن َ‬
‫وهذا يعين أنه يكون بعد ثبوت اجلرمية وصدور احلكم على اجملرم ‪ ,‬ال يف مرحلة‬
‫االهتام‪.‬‬
‫ومما جاء يف السنة مارواه البخاري عن أيب محيد الساعدي رضي اهلل عنه قال‪( :‬‬
‫استعمل رسول اهلل رجالً من األسد يقال له ابن اللتبية على الصدقة ـفلما قدم قال‪:‬‬
‫هذا لكم وهذا يل أهدي يل ‪ ,‬قال فقام رسول اهلل على املنرب فحمد اهلل وأثىن عليه‬
‫وقال‪ " :‬ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي يل أفال قعد يف بيت أبيه أو‬
‫يف بيت أمه حَّت ينظر أيهدى إليه أم ال‪ ,‬والذي نفس حممد بيده ال ينال أحد منكم‬
‫منها شيئاً إال جاء به يوم القيامة حيمله على عنقه‪ :‬بعري له رغاء أو بقر هلا خوار أو‬
‫شا تيعر" ‪ ,‬مث رفع يديه حَّت رأينا عفريت إبطيه مث قال‪ :‬اللهم هل بلغت مرتني ثالثاً‬
‫) ‪.3‬‬

‫‪ 1‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 410‬‬


‫‪ 2‬سور النور ‪ ,‬اآلية ‪. 2‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري ‪ ,‬باب ‪ :‬من اليقبل اهلدية لعلة ‪ ,‬احلديث (‪. )2597‬‬
‫‪112‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية‬


‫تمهيد وتقسيم ‪:‬‬

‫حَّت صدور نظامي القضاء وديوان املظامل وآلية عملهما التنفيذية باملرسوم امللكي رقم‬
‫(م‪ )78/‬وتاريخ ‪1428/9/19‬هـ كان االختصاص الوالئي لنظر الدعاوى اجلزائية يف جرائم‬
‫التزوير منعقد لديوان املظامل وذلك مبوجب الفقر ( و) من املاد الثامنة من نظام ديوان‬
‫املظامل الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )51/‬وتاريخ ‪1402/7/17‬هـ واليت نصت على أن‬
‫خيتص الديوان بنظر الدعاوى اجلزائية املوجهة ضد املتهمني بارتكاب جرائم التزوير املنصوص‬
‫عليها نظاماً ‪ ,‬واجلرائم املنصوص عليها يف نظام مكافحة الرشو ‪ ,‬واجلرائم املنصوص عليها‬
‫يف املرسوم امللكي رقم (‪ )43‬وتاريخ ‪1377/11/19‬هـ ‪ ,‬واجلرائم املنصوص عليها يف نظام‬
‫مباشر األموال العامة الصادر باملرسوم امللكي رقم (‪ )77‬وتاريخ ‪1395/10/23‬هـ ‪.‬‬

‫إال أنه بصدور نظامي القضاء وديوان املظامل وآلية عملهما التنفيذية يف عام ‪1428‬هـ مت‬
‫النص على إحالة اختصاص نظر مجيع الدعاوى اجلزائية من ديوان املظامل إىل احملاكم صاحبة‬
‫‪1‬‬
‫االختصاص األصيل يف الدعاوى اجلزائية وهي احملاكم اجلزائية التابعة للقضاء العام ‪.‬‬

‫ولبيان هذا االختصاص القضائي فإنه حيسن تناول هذا املبحث من خالل املطلبني التاليني ‪:‬‬

‫‪ 1‬نصت الفقر السادسة من البند سادساً من آلية العمل التنفيذية لنظامي القضاء ويوان املظامل الصادر معهما على‬
‫أن " تسلخ الدوائر اجلزائية التابعة لديوان املظامل بقضاهتا ومعاونيهم ووظائفهم إىل احملاكم اجلزائية‪ .‬وتسلخ كذلك دوائر‬
‫التدقيق اجلزائي بقضاهتا ومعاونيهم ووظائفهم من ديوان املظامل إىل حماكم االستئناف ‪ ,‬ويكون ذلك بعد هتيئة مقار‬
‫تلك احملاكم‪ ,‬ومباشرهتا اختصاصاهتا‪ ,‬على ان يستمروا بالعمل يف تلك احملاكم‪ ,‬ومباشرهتا اختصاصاهتا‪ ,‬على ان‬
‫يستمروا با لعمل يف تلك احملاكم مد ال تقل عن مخس سنوات وبالتخصص نفسه للمنقولني منه وال مينع ذلك من‬
‫تكليفهم إكمال النصاب يف دوائر أخرى " ‪ ,‬ولكن جتدر = =اإلشار إىل أن أنه حَّت كتابة هذه السطور بتاريخ‬
‫‪1436/7/3‬هـ مل يتم السلخ حقيقة والزالت الدوائر اجلزائية بديون املظامل تنظر دعاوى التزوير وغريها من الدعاوى‬
‫اجلزائية اليت كانت تنظرها سابقاً ‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق‬


‫التجارية في محاكم الدرجة األولى ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق‬
‫التجارية في محاكم االستئناف ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪115‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المطلب األول‬

‫االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية‬

‫في محاكم الدرجة األولى‬

‫لبيان اختصاص حماكم الدرجة األوىل يف قضايا تزوير األوراق التجارية فإن حيسن تناول ذلك‬
‫من خالل الفروع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬السند النظامي الذي أحدثت بموجبه محاكم الدرجة األولى ‪:‬‬

‫مت إحداث حماكم الدرجة األوىل يف التنظيم القضائي السعودي حديثاً وذلك بعد بصدور‬
‫نصت املاد التاسعة منه على أن تتكون احملاكم مما‬
‫نظام القضاء يف عام ‪1428‬هـ حيث َّ‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬احملكمة العليا ‪.‬‬

‫‪ - 2‬حماكم االستئناف ‪.‬‬

‫‪ - 3‬حماكم الدرجة األوىل ‪ ,‬وهي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬احملاكم العامة ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬احملاكم اجلزائية ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬حماكم األحوال الشخصية ‪.‬‬

‫د ‪ -‬احملاكم التجارية ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬احملاكم العمالية ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وختتص كل منها باملسائل اليت ترفع إليها طب ًقا هلذا النظام ونظام املرافعات الشرعية ونظام‬
‫اإلجراءات اجلزائية ‪ ,‬وجيوز للمجلس األعلى للقضاء إحداث حماكم متخصصة أخرى بعد‬
‫موافقة امللك ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬محكمة الدرجة األولى المختصة بنظر جرائم تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫بالرجوع إىل ما أشري إليه يف الفرع األول من هذا املبحث دجد أن املنظِّم أحال يف حتديد‬
‫اختصاصات احملاكم إىل ماحيدده نظام القضاء ونظامي املرافعات الشرعية واإلجراءات اجلزائية‬
‫‪ ,‬وبالرجوع إىل نظام اإلجراءات اجلزائية بوصفه النظام اإلجرائي للدعاوى اجلزائية دجده َّ‬
‫حدد‬
‫وبشكل صريح اختصاص احملكمة اجلزائية بالفصل يف مجيع القضايا اجلزائية ‪ ,‬وذلك دون‬
‫‪1‬‬
‫إخالل باختصاصات احملاكم األخرى ‪.‬‬

‫ويف تقديري أن حصر االختصاص بنظر مجيع القضايا اجلزائية يف حمكمة واحد هو أحد أهم‬
‫النقالت النوعية يف تاريخ القضاء اجلزائي السعودي ؛ حيث كان يف السابق هذا االختصاص‬
‫مشتتاً بني جهات عد ‪ ,‬بعض منها حماكم ليست بصاحبة اختصاص أصيل بالفصل يف‬
‫القضايا اجلزائية كما كان عليه احلال يف ديوان املظامل الذي أنيط به الفصل يف قضايا الرشو‬
‫والتزوير وغريها من اجلرائم اجلنائية اليت تتناىف مع اختصاصه األصيل بصفته هيئة قضاء إداري‬
‫ال اختصاص له بالفصل يف القضايا اجلزائية ‪.‬‬

‫وعليه ومبا أن جرمية تزوير األوراق التجارية هي إحدى القضايا اجلزائية فإن االختصاص‬
‫القضائي بنظرها يكون منعقداً بصفة عامة للمحاكم اجلزائية يف اململكة العربية السعودية‬
‫مبوجب ماأشري إليه ‪.‬‬

‫‪ 1‬املاد (‪ )128‬من نظام اإلجراءات اجلزائية ‪.‬‬


‫‪117‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬تشكيل المحاكم الجزائية وبيان الدائرة المختصة فيها بنظر جريمة‬
‫تزوير األوراق التجارية ‪:‬‬

‫حَّت تؤدي احملكمة اجلزائية وظيفتها القضائية على خري وجه ‪ ,‬فقد نصت املاد العشرون من‬
‫نظام القضاء اجلديد على تشكيل هذه احملكمة من دوائر متخصصة يف كل من‪:‬‬

‫‪ -1‬قضايا احلدود والقصاص‬


‫‪ -2‬القضايا التعزيزية ‪.‬‬
‫‪ -3‬قضايا االحداث ‪.‬‬

‫وبذلك تكون هناك أكثر من هيئه لنظر القضايا داخل احملكمة اجلزائية الواحد مما يتيح هلا‬
‫أن تنظر عد قضايا يف وقت واحد بواسطة هذه الدوائر ‪ ,‬مع مالحظة أنه حينما تنعقد‬
‫إحدى الدوائر املذكور لنظر القضية ‪ ,‬إمنا تنعقد باسم احملكمة اليت هي جزء منها ‪ ,‬ومتارس‬
‫االختصاص املنوط هبده احملكمة ‪.‬‬

‫و مايعنينا يف هذا البحث هو دوائر القضايا التعزيرية ‪ ,‬حيث هي صاحبة االختصاص الوالئي‬
‫يف نظر مجيع الدعاوى اجلزائية املتعلقة باجلرائم اليت الحد فيها أو قصاص ‪ ,‬وهذه اجلرائم هي‬
‫اليت ترك الشارع احلكيم أمر تقدير العقوبات املناسبة هلا لويل األمر والجتهاد القاضي املسلم‬
‫حتقيقاً للمصلحة العامه ‪ ,‬ومن هذه اجلرائم جرائم التزوير اليت منها جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية ‪.‬‬

‫وبذلك ميكن القول إن الدوائر التعزيرية مبحاكم الدرجة االوىل اجلزائية تنظر نوعني من اجلرائم‬
‫التعزيرية ‪:‬‬

‫النوع االول ‪ :‬الجرائم التعزيرية المقررة نظاماً ‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وهي اجلرائم اليت وضع هلا ويل األمر نظاماً معيناً حيدد فيه العقوبة التعزيرية الواجبة ‪ ,‬ومثال‬
‫ذلك النظام اجلزائي جلرائم التزوير يف اململكة العربية السعودية الصادر مبوجب املرسوم امللكي‬
‫رقم م ‪ 11/‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ والذي تضمن النص على جرائم حمدد وقرر عقوبات‬
‫هلا ومن ذلك جرمية تزوير األوراق التجارية كما يف املاد الثالثة عشر منه ‪ ,‬وكذلك نظام‬
‫مكافحة الرشو الصادر باملرسوم امللكي رقم ‪ 36‬وتاريخ ‪1412/12 /29‬هـ ‪ ,‬والذي حدد‬
‫يف مادته األوىل عقوبة السجن مد ال تتجاوز عشر سنوات وبغرامة ال تزيد عن مليون أو‬
‫بإحدى هاتني العقوبتني ملرتكب هذه اجلرمية‬

‫و ال جيوز للدائر التعزيرية أن خترج عن العقوبة املقرر نظاماً وجتتهد يف توقيع عقوبة أخرى ‪,‬‬
‫وإال تكون قد خالفت ما يصدره ويل األمر من أنظمة ‪ ,‬مما جيعل حكمها قابالً لالعرتاض‬
‫عليه أمام حمكمة االستئناف ‪ ,‬ومن بعد أمام احملكمة العليا ‪.‬‬

‫النوع الثاني ‪:‬الجرائم التعزيرية غير المقررة نظاماً ‪:‬‬

‫وهي تلك اجلرائم اليت مل يصدر بشأهنا نظام معني حيدد العقوبة التعزيرية الواجبة ‪,‬واألمثلة‬
‫على هذه اجلرائم كثري وال تقع حتت حصر نذكر منها جرائم الضرب واجلرح الذي ال قصاص‬
‫فيه ‪,‬والشروع يف زنا‪ ,‬والشروع يف سرقه ‪,‬وإتالف األموال والنصب واالحتيال واملناوشات اليت‬
‫تستعمل فيها اسلحة نارية أو بيضاء ‪,‬واملشاغبات اجلماعية او اليت تقع بني القبائل ‪,‬وقتل‬
‫حيوانات الغري عمداً ومقاومة رجال السلطة وهتك العرض والفعل الفاضح والتعرض لإلناث‬
‫بالطريق العام بالقول او اإلشار والبالغات الكاذبة إىل غري ذلك كثري من اجلرائم اليت مل‬
‫تقدر هلا عقوبة يف القرآن والسنة ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫وعلى خالف النوع األول تستطيع الدائر يف هذه اجلرائم ان تقرر العقوبة التعزيرية اليت تراها‬
‫‪1‬‬
‫مناسبة مبا يردع اجلاين وحيافظ على أمن وسالمة اجملتمع ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية‬

‫في محاكم االستئناف‬

‫بصدور نظام القضاء لعام ‪1428‬هـ حدثت نقلة نوعية يف مسري القضاء السعودي ‪ ,‬حيث‬
‫مت وألول مر زياد درجات التقاضي لتكون على درجتني بعد أن كانت درجة واحد ‪ ,‬حيث‬
‫أصبحت الدرجة األوىل ختتص هبا احملاكم االبتدائية والدرجة الثانية ختتص هبا حماكم‬
‫االستنئناف ‪ ,‬وإليضاح السند النظامي الذي أحدثت مبوجبه حماكم االستئناف ‪.‬‬

‫ويف هذا املطلب سيتم بعون اهلل بيان تشكيل هذه احملاكم ‪ ,‬واالختصاصات املنعقد هلا‬
‫ومنها اختصاصها بنظر دعاوى اجلرائم التعزيرية اليت منها جرمية تزوير األوراق التجارية ‪,‬‬
‫ومدى سلطاهتا يف نظر هذه اجلرمية وذلك من خالل الفروع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬السند النظامي الذي أحدثت بموجبه محاكم االستئناف ‪:‬‬

‫مت إحداث حماكم االستئناف يف التنظيم القضائي السعودي حديثاً وذلك بعد بصدور نظام‬
‫نصت املاد التاسعة منه على أن " تتكون احملاكم مما يلي ‪:‬‬
‫القضاء يف عام ‪1428‬هـ حيث َّ‬

‫‪ - 1‬احملكمة العليا ‪.‬‬

‫‪ - 2‬حماكم االستئناف ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬د‪ .‬أمحد صاحل خملوف ‪ ,‬الوسيط يف شرح التنظيم القضائي اجلديد ‪ ,‬مطبوعات معهد اإلدار العامة ‪,‬‬
‫‪1434‬هـ ‪ ,‬ص ‪ 131‬ومابعدها ‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ - 3‬حماكم الدرجة األوىل ‪ ,‬وهي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬احملاكم العامة ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬احملاكم اجلزائية ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬حماكم األحوال الشخصية ‪.‬‬

‫د ‪ -‬احملاكم التجارية ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬احملاكم العمالية ‪.‬‬

‫وختتص كل منها باملسائل اليت ترفع إليها طب ًقا هلذا النظام‪ ,‬ونظام املرافعات الشرعية‪ ,‬ونظام‬
‫اإلجراءات اجلزائية‪ .‬وجيوز للمجلس األعلى للقضاء إحداث حماكم متخصصة أخرى بعد‬
‫موافقة امللك "‪. 1‬‬

‫وبالتايل فإن نص هذه املاد صريح يف جعل درجات التقاضي يف اململكة على درجتني بعد‬
‫ان كان على درجة واحد ؛ حيث مسَّت هذه املاد حماكم الدرجة األوىل بعد أن ذكرت‬
‫احملكمة العليا وحماكم االستئناف ‪ ,‬وقد أسست هذه النقلة النوعية يف التنظيم القضائي‬
‫السعودي مبدأ نظامياً مهما وهو حق اخلصوم يف التقاضي على درجتني ‪.‬‬

‫ويقصد مببدأ التقاضي على درجتني أنه " إذا تعرضت احملكمة ملوضوع الدعوى وأصدرت فيه‬
‫حكماً حامساً للنزاع حول هذا املوضوع فإن سلطتها تنقضي بشأن ذلك النزاع‪ ,‬وال يعد هلا‬
‫أية والية يف إعاد حبثه أو تعديل قضائها ولو باتفاق اخلصوم ‪ ,‬فبمجرد النطق باحلكم خترج‬
‫الدعوى من حوز احملكمة ويصبح احلكم الصادر منها حقاً للخصوم فال جيوز للمحكمة‬

‫‪ 1‬نظام القضاء ‪ ,‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪121‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫العدول عنه أو تعديله وهذا ما تعرب عنه قاعد «مَّت أصدر القاضي حكمه فقد استنفذ‬
‫قضاءه»‪.‬‬

‫ويكون للمحكوم عليه أن يطعن يف هذا احلكم – إذا كان قد صدر من الدرجة األوىل –‬
‫أمام حمكمة أعلى درجة‪ ,‬إعماالً ملبدأ التقاضي على درجتني‪ .‬فقاضي أول درجة نظر النزاع‬
‫وأصدر فيه حكماً‪ ,‬فتحققت الدرجة األوىل للتقاضي‪ ,‬ويأيت الدور بعد ذلك على قاضي‬
‫الدرجة الثانية‪.‬‬

‫فللشخص احلق يف أن ينظر النزاع مرتني‪ ,‬مر أمام حمكمة أول درجة‪ ,‬وأخرى أمام حمكمة‬
‫ثاين درجة‪ .‬وهذا مبدأ أساسي من مبادئ النظام القضائي‪ ,‬فحني ترفع دعوى أمام حمكمة‬
‫الدرجة األوىل جيب على هذه احملكمة أن تنظر هذه الدعوى وتفصل يف موضوعها وحتسم‬
‫ادعاء الشخص إما بقبوله وتقرير حقه‪ ,‬وإما برفضه وإنكار هذا احلق عليه ‪.‬‬

‫وبعد ذلك يطرح النزاع من جديد أمام حمكمة أعلى درجة‪ ,‬كي تعيد هذه احملكمة الفصل‬
‫يف االدعاء مر أخرى‪ ,‬وجيب على هذه احملكمة ‪ -‬الدرجة الثانية ‪ -‬أن تنظر موضوع النزاع‬
‫مر أخرى لتتأكد مما إذا كان حكم أول درجة قد طبق حكم األنظمة تطبيقاً صحيحاً‬
‫فتؤيده‪ ,‬أو أنه مل يفصل يف النزاع بصور صحيحة ومل يعط صاحب احلق حقه فتلغيه وتصدر‬
‫حكماً آخراً بدله ‪.‬‬

‫هذا هو نظام التقاضي على درجتني‪ ,‬وهو يعترب من الضمانات الضرورية حلسن القضاء‬
‫وحتقيق العدالة " ‪.1‬‬

‫‪ 1‬مقال علمي بعنوان ( مبدأ التقاضي على درجتني ) للدكتور د‪ .‬ناصر الشمايلة‪ -‬عضو هيئة التدريب مبعهد اإلدار‬
‫العامة – منشور يف جملة التنمية اإلدارية ( العدد ‪ 126‬مجادى اآلخر ‪ 1436‬هـ ) واملنشور على موقع املعهد يف‬
‫شبكة املعلومات على الرابط ‪) http://www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa/Article.aspx?Id=352 (:‬‬
‫‪122‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تشكيل محاكم االستئناف ‪:‬‬

‫تتألف حماكم االستئناف من دوائر هي ‪ ( :‬الدوائر احلقوقية ‪ ,‬والدوائر اجلزائية ‪ ,‬ودوائر‬


‫األحوال الشخصية ‪ ,‬والدوائر التجارية ‪ ,‬والدوائر العمالية ) ‪ ,‬كما نصت على ذلك املاد‬
‫السادسة عشر من نظام القضاء ‪.‬‬

‫وتؤلف كل دائر منها من ثالثة قضا ‪ ,‬باستثناء الدائر اجلزائية اليت تنظر يف قضايا القتل‬
‫والقطع والرجم والقصاص يف النفس أو فيما دوهنا فتؤلف من مخسة قضا ‪.‬‬

‫وما يعنينا يف هذا البحث هي الدوائر اجلزائية لكوهنا الدوائر املختصة بنظر مجيع اجلرائم ومنا‬
‫جرائم التزوير اليت منها جرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫ووفقاً للماد السابقة فإن الدوائر اجلزائية املكلفة بنظر جرائم التعزير ومنها جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية يتم تشكيلها من ثالثة قضا ؛ لكوهنا ليست من قضايا القتل والقطع والرجم‬
‫والقصاص يف النفس أو فيما دوهنا ‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬اختصاص محاكم االستئناف بنظر دعاوى الجرائم التعزيرية‪:‬‬

‫لالعرتاض على األحكام اجلزائية ثالثة طرق نص عليها النظام هي االستئناف والنقض وإعاد‬
‫النظر ‪ ,‬وهذه الطرق نص عليها نظام اإلجراءات اجلزائية وهو النظام اإلجرائي جلميع مراحل‬
‫الدعاوى اجلزائية ومنها دعاوى تزوير األوراق التجارية ‪ ,‬حيث نصت املاد الثانية والتسعون‬
‫بعد املائة من هذا النظام على مايلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬للمحكوم عليه وللمدعي العام وللمدعي باحلق اخلاص؛ طلب استئناف أو تدقيق‬
‫نظاما‪ .‬وعلى احملكمة اليت‬
‫األحكام الصادر من حماكم الدرجة األوىل خالل املد املقرر ً‬
‫تصدر احلكم إعالمهم هبذا احلق حال النطق باحلكم‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -2‬حيدد اجمللس األعلى للقضاء األحكام اليت يكتفى بتدقيقها من حمكمة االستئناف‪.‬‬

‫‪-3‬يكون تدقيق احلكم من حمكمة االستئناف دون ترافع أمامها‪ ,‬ما مل تقرر نظر الدعوى‬
‫مرافعة‪.‬‬

‫وحَّت إعداد هذا البحث فإن اجمللس األعلى للقضاء مل حيدد بعد األحكام اليت يكتفى‬
‫بتدقيقها من حمكمة االستئناف دون ترافع أمامها ‪ ,‬والذي أراه مناسباً أن على اجمللس األعلى‬
‫للقضاء أال يدرج أحكام جرائم التزوير مع تلك األحكام اليت يكتفى بتدقيقها فقط من‬
‫حمكمة االستئناف دون ترافع أمامها – خصوصاً الصور املشدد جلرائم التزوير ‪ -‬؛ وذلك‬
‫لسببني أظنهما كافيني جلعل أحكام جرائم التزوير من األحكام اليت يتم استئنافها مرافعة ال‬
‫جمرد تدقيقا ‪ ,‬وهذين السببني مها‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬خطور جرائم التزوير ‪ ,‬السيما يف صورها املشدد واليت منها منها جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية ‪ ,‬حيث أهنا تصنف من اجلرائم الكبري املوجبة لإليقاف يف اململكة العربية السعودية‬
‫‪ ,‬حيث يصدر كل فرت بشأن حتديد هذه اجلرائم قرار من وزير الداخلية وذلك مبوجب‬
‫ماقررته املاد (‪ )112‬من نظام اإلجراءات اجلزائية واليت تنص على أن ُحيدِّد وزير الداخلية ‪-‬‬
‫بناءً على توصية رئيس هيئة التحقيق واالدعاء العام ‪ -‬ما يُع ّد من اجلرائم الكبري املوجبة‬
‫للتوقيف ‪.‬وآخر قرار صدر حمدداً هلذه اجلرائم الكبري هو القرار الوزاري رقم (‪ )2000‬بتاريخ‬
‫‪1435/6/10‬هـ والذي حدد عشرين جرمية اعتربها من اجلرائم الكبري املوجبة لإليقاف ‪,‬‬
‫ومن ضمن تلك اجلرائم ماقررته الفقر الرابعة من القرار واليت نصت على أن اجلرائم املعاقب‬
‫عليها بعقوبة يزيد حدها األعلى عن سنتني يف عدد من األنظمة تعد من اجلرائم الكبري‬
‫املوجبة لإليقاف ‪َّ ,‬‬
‫وعدت هذه الفقر النظام اجلزائي جلرائم التزوير من ضمن تلك األنظمة ‪,‬‬

‫والذي رتَّب على جرمية تزوير األوراق التجارية عقوبة يزيد حدها األعلى عن سنتني كما ً‬
‫مر‬
‫معنا عند احلديث عن عقوبة هذه اجلرمية ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ثانياً ‪ :‬لكون العقوبات املقرر ملرتكب جرمية تزوير األوراق التجارية تعد من العقوبات املغلظة‬
‫مر معنا ؛ وبالتايل فإن من الضمانات‬
‫واليت يرتتب على احلكم هبا آثاراً كبري وخطري كما َّ‬
‫القضائية اليت ستساهم يف أن هذه العقوبات التوقع إىل على مستحقها هو أن يتعرض احلكم‬
‫الصادر هبا لالسئناف بصورته العادية‪ ,‬حبث تنظر حمكمة االستئناف الدعوى مرافعة باعتبارها‬
‫درجة مستقلة من درجات التقاضي ال أن تكتفي بتدقيق احلكم ‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬سلطة محاكم االستئناف في نظر دعاوى الجرائم التعزيرية‪:‬‬

‫سبق بيان حق احملكوم عليه واملدعي العام واملدعي باحلق اخلاص يف طلب استئناف أو تدقيق‬
‫نظاما ‪ ,‬فإذا ماقُدِّم هذا الطلب‬
‫األحكام الصادر من حماكم الدرجة األوىل خالل املد املقرر ً‬
‫إىل حمكمة الدرجة األوىل مث رفع إىل حمكمة االستئناف فإن حمكمة االستئناف حتدد جلسة‬
‫للنظر يف طلب االستئناف أو طلب التدقيق إذا رأت النظر فيه مرافعة‪ ,‬ويبلغ اخلصوم‬
‫باحلضور يف اجللسة اليت حددت‪ .‬وإذا كان املتهم سجينًا أو موقوفًا‪ ,‬وجب على اجلهة‬
‫املسؤولة عنه إحضاره إىل حمكمة االستئناف‪ .‬وعلى احملكمة الفصل يف طلب االستئناف أو‬
‫طلب التدقيق على وجه السرعة ‪ ,‬فإن مل حيضر املستأنف أو من طلب التدقيق بعد إبالغه‬
‫يوما ومل يطلب السري يف‬
‫مبوعد اجللسة ‪ -‬إذا مل يكن سجينًا أو موقوفًا ‪ -‬ومضى مخسة عشر ً‬
‫الدعوى أو مل حيضر بعد السري فيها؛ فتحكم احملكمة من تلقاء نفسها بسقوط حقه يف‬
‫االستئناف أو التدقيق‪ ,‬وذلك دون اإلخالل حبكم املاد (التاسعة والتسعني بعد املائة) من‬
‫نظام اإلجراءات اجلزائية ‪.‬‬

‫استنادا إىل ما يف امللف من‬


‫ً‬ ‫و تنظر حمكمة االستئناف يف طلب االستئناف أو طلب التدقيق‬
‫األوراق وما يقدمه اخلصوم إليها من دفوع أو بينات جديد لتأييد أسباب اعرتاضهم املقدم‬

‫‪125‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫يف املذكر ‪ .‬وحتكم بعد مساع أقوال اخلصوم يف طلب االستئناف أو طلب التدقيق ‪ -‬إذا رأت‬
‫‪1‬‬
‫النظر فيه مرافعة ‪ -‬بتأييد احلكم أو نقضه كليًا أو جزئيًا وحتكم فيما نُقض ‪.‬‬

‫وبالتايل فإن سلطة حمكمة االستئناف تعد واسعة يف نظر احلكم املستأنف ‪ ,‬فلها أن تؤيد‬
‫ذلك احلكم كلياً وبالتايل يصبح حكماً هنائياً واجب النفاذ مامل يطعن فيه بطريق النقض ‪ ,‬أو‬
‫تنقضه كلياً وحتكم مباتراه مالئماً للدعوى ‪ ,‬أو تنقضه جزئياً وحتكم فيما نقضت ‪.‬‬

‫وهذه السلطة املقرر حملاكم االستئناف تشمل مجيع األحكام اليت تنظرها هذه احملاكم مبايف‬
‫ذلك األحكام الصادر يف اجلرائم التعزيرية ومنها جرمية تزوير األوراق التجارية ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬نظام اإلجراءات اجلزائية ‪ ,‬املاد ‪. 197 :‬‬


‫‪126‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الخاتمة‬

‫احلمدهلل الذي بنعمته تتم الصاحلات ‪ ,‬والصال والسالم على خريته من خلقه حممد وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم تسليماً كثرياً إىل يوم الدين مث أمابعد ‪:‬‬

‫يف ختام هذا البحث أسأله سبحانه أن يكون هذا العمل يف ميزان حسنات كاتبه واملشرف‬
‫عليه وكل من ساهم فيه ‪ ,‬وأن يعفو عما كان به من زلل أو قصور ‪.‬‬

‫ويف هذه اخلامتة يطيب يل أن أشري إىل أهم النتائج والتوصيات اليت ميكن استخالصها منه ‪,‬‬
‫وهي على النحو التايل ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬أهم النتائج ‪:‬‬

‫‪ .1‬العلة من محاية األوراق التجارية يف الفقه هو لكوهنا متثِّل حقاً نقدياً ‪ ,‬وبالتايل‬
‫فحماية الشريعة اإلسالمية هلا تأيت امتداداً حلماية الشريعة للمال ‪ ,‬وذلك بوصفه‬
‫إحدى الضرورات اخلمس اليت جاءت الشريعة حبفظها ومحياهتا ‪.‬‬
‫‪ .2‬العلة من محاية األوراق التجارية يف النظام هو ألهنا تعد من أهم الوسائل اليت تكفل‬
‫للنشاط التجاري حتقيق أهم ما خيتص به وهو السرعة واالئتمان ‪ ,‬فهي تقوم بدور‬
‫الوفاء بالديون بصور سريعة ‪ ,‬كما تقوم بدور االئتمان عند تأجيل الوفاء بتلك‬
‫الديون ‪.‬‬
‫‪ .3‬ميَّز النظام اجلزائي جلرائم التزوير اجلديد بني جرمييت تزوير األوراق التجارية وجرمية‬
‫وعرف األوراق اخلاصة‬
‫تزوير األوراق اخلاصة باملصارف بأن ذكر كل جرمية على حد َّ‬
‫يعرف األوراق التجارية لكوهنا مبينة يف نظام األوراق التجارية‪.‬‬
‫باملصارف ‪ ,‬ومل ِّ‬

‫‪127‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .4‬تشتبه جرمية تزوير األوراق التجارية جبرمية النصب يف أن جوهرمها هو تغيري احلقيقة ‪,‬‬
‫وختتلفان يف أن جرمية تزوير األوراق التجارية ال تكون إال بتغيري احلقيقة يف ورقة جتارية‬
‫مع توافر األركان والشروط الالزمة لوجود التزوير خبالف جرمية النصب ‪.‬‬
‫نصت عليه املاد الثالثة‬
‫‪ .5‬الركن الشرعي جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام هو ما َّ‬
‫عشر من النظام اجلزائي جلرائم التزوير وهو أن " من َّزور أوراقاً جتارية أو مالية أو‬
‫األوراق اخلاصة باملصارف ‪ ,‬أو وثائق التأمني ‪ ,‬يعاقب بالسجن من سنة إىل مخس‬
‫سنوات وبغرامة ال تزيد على أربعمائة ألف لاير " ‪.‬‬
‫‪ .6‬وردت جرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام اجلزائي جلرائم التزوير ضمن الصور‬
‫املشدد جلرائم التزوير ‪.‬‬
‫‪ .7‬جاءت الشريعة اإلسالمية بتحرمي جرمية تزوير األوراق التجارية ؛ لكوهنا كذب وزور‬
‫ولكوهنا اعتداء على مال الغري دون وجه حق ‪.‬‬
‫املزور‬
‫‪ .8‬عنصر النشاط اإلجرامي جلرمية تزوير األوراق التجارية يتوافر من خالل قيام ِّ‬
‫بتغيري احلقيقة يف ورقة جتارية بإحدى الطرق احملدد نظامها ‪.‬‬
‫‪ .9‬البيانات اجلوهرية اليت تقع عليها جرمية التزوير يف األوراق التجارية هي البيانات‬
‫اإللزامية اليت اشرتط املنظم توافرها حَّت تكتسب الورقة التجارية الصفة النظامية هلا‪.‬‬
‫جرمية تزوير األوراق التجارية من اجلرائم العمدية ‪ ,‬فال تقع بسهو أو نسيان‬ ‫‪.10‬‬
‫أو بغري قصد ‪ ,‬ومن هنا كان القصد اجلنائي ركناً من أركاهنا ‪.‬‬
‫القصد اجلنائي اخلاص جلرمية تزوير األوراق التجارية هو قصد استعماهلا ‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫حكم جرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي هو التحرمي الذي يعد‬ ‫‪.12‬‬
‫أحد أقسام األحكام التكليفية ‪.‬‬
‫العقوبة األصلية جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام هي السجن من سنة‬ ‫‪.13‬‬
‫إىل مخس سنوات وبغرامة التزيد على أربعمائة ألف لاير ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫عقوبة السجن املقرر جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام السعودي أشد‬ ‫‪.14‬‬
‫مما مها عليه يف القانون املصري ‪.‬‬
‫قانون العقوبات املصري قرن مع عقوبة احلبس عقوبة الشغل ىف األعمال الَّت‬ ‫‪.15‬‬
‫تعينها احلكومة داخل السجون أو خارجها ‪ ,‬بينما النظام السعودي قرن مع عقوبة‬
‫السجن عقوبة الغرامة‪.‬‬
‫عقوبة السجن املقرر جلرمية تزوير األوراق التجارية يف النظام السعودي أشد‬ ‫‪.16‬‬
‫مما هي عليه يف قانون اجلزاء الكوييت ؛ إذ أهنا يف القانون الكوييت ليس هلا حد أدىن‬
‫وحدها األعلى ثالث سنوات ‪ ,‬بينما يف النظام السعودي حدها األدىن سنة واحد‬
‫وحدها األعلى مخس سنوات ‪.‬‬
‫النظام السعودي مل مينح قاضي املوضوع سلطة االختيار بني عقوبيت السجن‬ ‫‪.17‬‬
‫والغرامة بل أوجب اجلمع بينهما ‪ ,‬بينما قانون اجلزاء الكوييت منح قاضي املوضوع‬
‫سلطة تقديرية يف اجلمع بني العقوبتني أو االكتفاء بإحدامها ‪.‬‬
‫العقوبات التكميلية جلرمية تزوير األوراق التجارية هي عقوبة املصادر وعقوبة‬ ‫‪.18‬‬
‫نشر العقوبة املقضي هبا ‪.‬‬
‫العقوبات التبعية جلرمية تزوير األوراق التجارية هي الفصل من الوظيفة إن كان‬ ‫‪.19‬‬
‫املزور موظفاً عاماً ‪ ,‬أما غري املوظف العام فهي حرمانه من شغل الوظيفة العامة حَّت‬
‫ِّ‬
‫ميضي على انتهاء عقوبة السجن الصادر حبقه ثالث سنوات على األقل ‪.‬‬
‫عقوبة الشخص املعنوي الذي ثبت أن مديرها أو أحد منسوبيها ارتكب‬ ‫‪.20‬‬
‫جرمية تزوير األوراق التجارية ملصلحتها وبعلم منها هي الغرامة مبا ال تزيد على عشر‬
‫ماليني لاير ‪ ,‬وباحلرمان من التعاقد من سنتني إىل مخس سنوات مع أي جهة عامة‬
‫حبق املنشأ اخلاصة ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫عقوبة جرمية تزوير األوراق التجارية يف الفقه اإلسالمي هي التعزير الذي‬ ‫‪.21‬‬
‫يقدره ويل األمر ‪.‬‬
‫ساوى املنظِّم السعودي يف العقوبة بني مزور الورقة التجارية وبني كل من‬ ‫‪.22‬‬
‫املستعمل أو احلائز أواجلالب هلا إىل اململكة مع علمهم بتزويرها ‪.‬‬
‫الشريك يف جرمية تزوير األوراق التجارية يعاقب بذات العقوبات املقرر‬ ‫‪.23‬‬
‫للفاعل األصلي‪.‬‬
‫العقوبة اليت قررها املنظِّم للشروع يف جرمية تزوير األوراق التجارية هي مبا ال‬ ‫‪.24‬‬
‫يتجاوز نصف احلد األقصى لعقوبة اجلرمية التامة ‪.‬‬
‫يتفق النظامني السعودي واملصري يف جعل عقوبة الشروع يف جرمية تزوير‬ ‫‪.25‬‬
‫األوراق التجارية على النصف من عقوبة اجلرمية التامة ‪.‬‬
‫حمكمة الدرجة األوىل املختصة بنظر قضايا تزوير األوراق التجارية هي احملاكم‬ ‫‪.26‬‬
‫اجلزائية ممثلة يف دوائر القضايا التعزيرية ‪.‬‬
‫ختتص الدوائر اجلزائية يف حماكم االستئناف بنظر قضايا تزوير األوراق‬ ‫‪.27‬‬
‫التجارية اليت مت استئنافها ‪.‬‬
‫تعد سلطة حمكمة االستئناف واسعة يف نظر احلكم املستأنف يف قضايا تزوير‬ ‫‪.28‬‬
‫األوراق التجارية ‪ ,‬فلها أن تؤيد ذلك احلكم كلياً وبالتايل يصبح حكماً هنائياً واجب‬
‫النفاذ مامل يطعن فيه بطريق النقض ‪ ,‬أو تنقضه كلياً وحتكم مبا تراه مالئماً للدعوى ‪,‬‬
‫أو تنقضه جزئياً وحتكم فيما نقضت ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬التوصيات ‪:‬‬
‫‪ .1‬مبا أن جرمية تزوير األوراق التجارية تعد من اجلرائم اليت بدأت باالنتشار الواسع يف‬
‫اآلونة األخري ‪ ,‬وذلك بسبب اجتاه أفراد اجملتمع إىل استخدام األوراق التجارية على‬
‫عزَزت‬
‫نطاق واسع وبسبب مايشهده اجملتمع السعودي من هنضة اقتصادية وتنموية َّ‬

‫‪130‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫من استخدام هذه األوراق ؛ فإن الباحث يوصي بأن يوازي هذا االنتشار هلذه اجلرمية‬
‫منو أيضاً على مستوى دراسة أبعاد هذه اجلرمية ووضع احللول واألطر املناسبة للحد‬
‫من تفشيها ومن ذلك تشديد العقوبات احملكوم هبا يف حق من يرتكبها ‪.‬‬
‫‪ .2‬حيث أن من العقوبات التكميلية الكفيلة باحلد من انتشار جرمية تزوير األوراق‬
‫التجارية هي نشر العقوبة املقضي هبا ؛ فإن الباحث يوصي بتفعيل هذه العقوبة‬
‫وذلك باحلكم هبا ‪ ,‬ويكون ذلك من خالل مطالبة املدعي العام هبا أومن خالل‬
‫حكم احملكمة هبا من تلقاءها ‪.‬‬
‫وآخر دعواي أن احلمد هلل رب العاملني ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫الفهارس‬

‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫‪11‬‬ ‫وح أ جَو‬
‫اب قَـ جوَم نُ ٍ‬‫َص َ‬‫قوله تعاىل ﴿ َويَا قَـ جوم َال َججيرَمنَّ ُك جم ش َقاقي أَ جن يُصيبَ ُك جم مثج ُل َما أ َ‬
‫يد ﴾ ‪.‬‬ ‫وط مجن ُكم ببع ٍ‬ ‫ود أَو قَـوم صال ٍح وما قَـوم لُ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ج َ‬ ‫قَـ جوَم ُه ج ج َ َ َ َ ج ُ‬
‫ين آَ َمنُوا َال تَأج ُكلُوا أ جَم َوالَ ُك جم بَـجيـنَ ُك جم بالجبَاطل إَّال أَ جن تَ ُكو َن‬ ‫َّ‬
‫‪28‬‬ ‫قوله تعاىل ﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫يما ﴾ ‪.‬‬ ‫اض مجن ُك جم َوَال تَـ جقتُـلُوا أَنجـ ُف َس ُك جم إ َّن اللَّهَ َكا َن ب ُك جم َرح ً‬‫جتَ َارً َع جن تَـَر ٍ‬
‫‪28‬‬ ‫احلُ َّكام لتَأج ُكلُوا‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوَال تَأج ُكلُوا أ جَم َوالَ ُك جم بَـجيـنَ ُك جم بالجبَاطل َوتُ جدلُوا هبَا إ َىل ج‬
‫فَري ًقا م جن أ جَم َوال النَّاس ب جاإل جمث َوأَنجـتُ جم تَـ جعلَ ُمو َن ﴾ ‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَزاءً مبَا َك َسبَا نَ َك ًاال م َن اللَّه‬ ‫السار ُق َو َّ‬ ‫قوله تعاىل ﴿ َو َّ‬
‫يم ﴾‬ ‫َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪36‬‬ ‫ث َر ُس ًوال ﴾ ‪.‬‬ ‫قوله تعاىل ﴿ َوَما ُكنَّا ُم َع ِّذب َ‬
‫ني َح ََّّت نَـجبـ َع َ‬
‫‪36‬‬ ‫ث يف أ ُِّم َها َر ُس ًوال يَـجتـلُو َعلَجيه جم‬ ‫ك الج ُقَرى َح ََّّت يَـجبـ َع َ‬‫ك ُم جهل َ‬‫قوله تعاىل ﴿ َوَما َكا َن َربُّ َ‬
‫آَيَاتنَا َوَما ُكنَّا ُم جهلكي الج ُقَرى إَّال َوأ جَهلُ َها ظَال ُمو َن ﴾ ‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫ت‬‫َصل ُحوا بَـجيـنَـ ُه َما فَإ جن بَـغَ ج‬
‫ني اقجـتَتَـلُوا فَأ ج‬‫قوله تعاىل ﴿ َوإ جن طَائ َفتَان م َن الج ُم جؤمن َ‬
‫ت‬‫ُخَرى فَـ َقاتلُوا الَّيت تَـجبغي َح ََّّت تَفيءَ إ َىل أ جَمر اللَّه فَإ جن فَاءَ ج‬ ‫امهَا َعلَى جاأل ج‬ ‫إ جح َد ُ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ب الج ُم جقسط َ‬ ‫َصل ُحوا بَـجيـنَـ ُه َما بالج َع جدل َوأَقجسطُوا إ َّن اللَّهَ ُحي ُّ‬
‫فَأ ج‬
‫‪41‬‬ ‫ين ُحيَاربُو َن اللَّهَ َوَر ُسولَهُ َويَ جس َع جو َن يف جاأل جَرض فَ َس ًادا أَ جن‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ إمنَا َجَزاءُ الذ َ‬
‫ٍ‬
‫ك‬‫صلَّبُوا أ جَو تُـ َقطَّ َع أَيجديه جم َوأ جَر ُجلُ ُه جم م جن خ َالف أ جَو يـُجنـ َف جوا م َن جاأل جَرض ذَل َ‬ ‫يـُ َقتَّـلُوا أ جَو يُ َ‬
‫يم ﴾‪.‬‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫الدنجـيَا َوَهلُ جم يف جاآلَخَر َع َذ ٌ‬ ‫ي يف ُّ‬ ‫َهلُ جم خ جز ٌ‬
‫‪41‬‬ ‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَزاءً مبَا َك َسبَا نَ َك ًاال م َن اللَّه‬ ‫السار ُق َو َّ‬ ‫قوله تعاىل ﴿ َو َّ‬
‫يم ﴾‪.‬‬ ‫َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪41‬‬ ‫اجل ُدوا ُك َّل َواح ٍد مجنـ ُه َما ماجئَةَ َج جل َد ٍ َوَال تَأج ُخ جذ ُك جم‬ ‫الزاين فَ ج‬ ‫الزانيَةُ َو َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َّ‬
‫هب َما َرأجفَةٌ يف دين اللَّه إ جن ُكنجتُ جم تُـ جؤمنُو َن باللَّه َوالجيَـ جوم جاآلَخر َولجيَ جش َه جد َع َذابَـ ُه َما طَائ َفةٌ‬
‫‪132‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫م َن الج ُم جؤمن َ‬


‫‪41‬‬ ‫وه جم‬‫اجل ُد ُ‬‫صنَات ُمثَّ َملج يَأجتُوا بأ جَربَـ َعة ُش َه َداءَ فَ ج‬ ‫ين يَـ جرُمو َن الج ُم جح َ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوالذ َ‬
‫ك ُه ُم الج َفاس ُقو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ني َج جل َد ً َوَال تَـ جقبَـلُوا َهلُ جم َش َه َاد ً أَبَ ًدا َوأُولَئ َ‬
‫َمثَان َ‬
‫َّ‬
‫‪41‬‬ ‫احلُِّر‬
‫احلُُّر ب ج‬
‫اص يف الج َقجتـلَى ج‬ ‫ص ُ‬ ‫ب َعلَجي ُك ُم الجق َ‬ ‫ين آَ َمنُوا ُكت َ‬‫قوله تعاىل ﴿ يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫َوالج َعجب ُد بالج َعجبد َو جاألُنجـثَى ب جاألُنجـثَى فَ َم جن عُف َي لَهُ م جن أَخيه َش جيءٌ فَاتـِّبَاعٌ بالج َم جع ُروف‬
‫وأَداء إلَيه بإحس ٍ‬
‫ك فَـلَهُ‬
‫يف م جن َربِّ ُك جم َوَر جمحَةٌ فَ َمن جاعتَ َدى بَـ جع َد َذل َ‬ ‫ك َختجف ٌ‬ ‫ان َذل َ‬ ‫ٌََ ج ج َ‬
‫يم﴾ ‪.‬‬‫اب أَل ٌ‬ ‫َع َذ ٌ‬
‫‪41‬‬ ‫ف ب جاألَنجف‬ ‫ني بالج َع جني َو جاألَنج َ‬
‫س بالنَّـ جفس َوالج َع ج َ‬ ‫قوله تعاىل ﴿ َوَكتَجبـنَا َعلَجيه جم ف َيها أ َّ‬
‫َن النَّـ جف َ‬
‫َّارٌ لَهُ َوَم جن‬
‫َّق به فَـ ُه َو َكف َ‬ ‫صد َ‬ ‫اص فَ َم جن تَ َ‬‫ص ٌ‬ ‫وح ق َ‬‫اجلُُر َ‬
‫الس ِّن َو ج‬
‫الس َّن ب ِّ‬ ‫َو جاألُذُ َن ب جاألُذُن َو ِّ‬
‫‪41‬‬ ‫ك ُه ُم الظَّال ُمو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫َملج َجحي ُك جم مبَا أَنجـَزَل اللَّهُ فَأُولَئ َ‬
‫‪43‬‬ ‫الزور ﴾ ‪.‬‬ ‫اجتَنبُوا قَـ جوَل ُّ‬ ‫س م َن جاأل جَوثَان َو ج‬ ‫الر جج َ‬
‫اجتَنبُوا ِّ‬ ‫قوله تعاىل ﴿ فَ ج‬
‫‪43‬‬ ‫الز َور َوإذَا َمُّروا باللَّ جغو َمُّروا كَر ًاما ﴾ ‪.‬‬ ‫ين َال يَ جش َه ُدو َن ُّ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوالذ َ‬
‫‪44‬‬ ‫ور ﴾ ‪.‬‬ ‫َّه جم لَيَـ ُقولُو َن ُمجن َكًرا م َن الج َق جول َوُز ًورا َوإ َّن اللَّهَ لَ َع ُفو َغ ُف ٌ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َوإنـ ُ‬
‫‪45‬‬ ‫يما‬ ‫قوله تعاىل ﴿ وأَ جكله جم أ جَم َو َال النَّاس بالجبَاطل َوأ جَعتَ جدنَا ل جل َكافر َ‬
‫ين مجنـ ُه جم َع َذابًا أَل ً‬
‫﴾‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫السارقَةُ فَاقجطَعُوا أَيجديَـ ُه َما َجَزاءً مبَا َك َسبَا نَ َك ًاال م َن اللَّه‬
‫السار ُق َو َّ‬‫قوله تعاىل ﴿ َو َّ‬
‫يم ﴾‬‫َواللَّهُ َعز ٌيز َحك ٌ‬
‫‪45‬‬ ‫الس َف َهاءَ أ جَم َوالَ ُك ُم الَّيت َج َع َل اللَّهُ لَ ُك جم قيَ ًاما ﴾ ‪.‬‬‫قوله تعاىل﴿ َوَال تـُ جؤتُوا ُّ‬
‫‪79‬‬ ‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫الراكع َ‬‫الزَكا َ َو جارَكعُوا َم َع َّ‬ ‫الص َال َ َوآَتُوا َّ‬
‫يموا َّ‬ ‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وأَق ُ‬
‫‪79‬‬ ‫وه جم إ جن َعل جمتُ جم‬
‫ت أجَميَانُ ُك جم فَ َكاتبُ ُ‬ ‫اب ممَّا َملَ َك ج‬ ‫ين يَـجبتَـغُو َن الجكتَ َ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬والذ َ‬
‫وه جم م جن َمال اللَّه الَّذي آَتَا ُك جم ﴾ ‪.‬‬ ‫فيه جم َخجيـًرا َوآَتُ ُ‬
‫‪79‬‬ ‫س الَّيت َحَّرَم اللَّهُ إَّال ب ج‬
‫احلَ ِّق ﴾ ‪.‬‬ ‫قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَال تَـ جقتُـلُوا النَّـ جف َ‬
‫‪79‬‬ ‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ب الج ُم جسرف َ‬ ‫قوله تعاىل‪ُ ﴿ :‬كلُوا َوا جشَربُوا َوَال تُ جسرفُوا إنَّهُ َال ُحي ُّ‬
‫‪79‬‬ ‫ص جمه ﴾ ‪.‬‬ ‫َّهَر فَـ جليَ ُ‬
‫قوله تعاىل ﴿ فَ َم جن َشه َد منج ُك ُم الش ج‬
‫‪79‬‬ ‫اع إلَجيه َسب ًيال َوَم جن َك َفَر فَإ َّن‬
‫استَطَ َ‬ ‫قوله تعاىل ﴿ َوللَّه َعلَى النَّاس ح ُّج الجبَـجيت َمن ج‬
‫‪133‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫اللَّهَ َغين َعن الج َعالَم َ‬


‫‪86‬‬ ‫قوله تعاىل ﴿ إَّال َم جن أُ جكرَه َوقَـ جلبُهُ ُمطج َمئن ب جاإلميَان ﴾ ‪.‬‬
‫‪98‬‬ ‫ض مبَا‬
‫ت َعلَجيه ُم جاأل جَر ُ‬ ‫ضاقَ ج‬‫ين ُخلِّ ُفوا َح ََّّت إذَا َ‬ ‫َّ‬
‫قوله تعاىل ﴿ َو َعلَى الث ََّالثَة الذ َ‬
‫ت َعلَجيه جم أَنجـ ُف ُس ُه جم َوظَنُّوا أَ جن َال َم جل َجأَ م َن اللَّه إَّال إلَجيه ُمثَّ تَ َ‬
‫اب َعلَجيه جم‬ ‫ضاقَ ج‬ ‫ت َو َ‬ ‫َر ُحبَ ج‬
‫يم ﴾ ‪.‬‬ ‫الرح ُ‬ ‫اب َّ‬ ‫ليَتُوبُوا إ َّن اللَّهَ ُه َو التـ ََّّو ُ‬
‫‪103‬‬ ‫ني ﴾‬ ‫ي جاألَم ُ‬ ‫استَأج َج جر َ‬
‫ت الج َقو ُّ‬ ‫قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬إ َّن َخجيـَر َمن ج‬
‫‪103‬‬ ‫ني ﴾‬ ‫﴿ولجيَ جش َه جد َع َذابَـ ُه َما طَائ َفةٌ م َن الج ُم جؤمن َ‬ ‫قوله تعاىل‪َ :‬‬

‫‪134‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فهرس أطراف األحاديث‬

‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪21‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (املتشبع مبا مل يعط كالبس ثويب زور ) ‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ‪) ...‬‬
‫‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫َّل دينَهُ فَاقجـتُـلُوهُ ) ‪.‬‬
‫(م جن بَد َ‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم َ‬
‫‪44‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (أال أنبئكم بأكرب الكبائر ‪. ) ...‬‬
‫‪44‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم ( آية املنافق ثالث ‪. ) ...‬‬
‫‪44‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم ( من مل يدع قول الزور والعمل به ‪. ) ...‬‬
‫‪44‬‬ ‫س منَّا ) ‪.‬‬
‫(م جن َغشَّنَا فَـلَجي َ‬
‫قوله صلى اهلل عليه وسلم َ‬
‫‪46‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (واهلل اليأخذ أح ٌد منكم شيئاً بغري حقه ‪. ) ....‬‬
‫‪79‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (إذا دخل أحدكم املسجد فال جيلس ‪. )...‬‬
‫‪80‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم ( ليس لقاتل مرياث ) ‪.‬‬
‫‪82‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (إن اهلل جتاوز يل عن أميت ما وسوست به‬
‫صدورها‪.)...‬‬
‫‪83‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (من بلغ حداً يف غري حد فهو من املعتدين ‪. ) ...‬‬
‫‪85‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (إمنا األعمال بالنيات وإمنا لكل امرئ ما نوى ‪. ) ...‬‬
‫‪99‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (الجيلد فوق عشر جلدات إال يف حد من حدود اهلل‬
‫‪) ...‬‬
‫‪101‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (من خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة ) ‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم (يف كل إبل سائمة يف كل أربعني ابنة لبون ‪. ) ...‬‬

‫‪135‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فهرس األعالم‬

‫الصفحة‬ ‫العلَم‬
‫َ‬
‫‪18‬‬ ‫أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب البصري املاوردي ‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫أبو إسحاق أمحد بن حممد بن إبراهيم النيسابوري الثعليب ‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫جالل الدين عبد الرمحن بن الكمال بن أيب بكر بن حممد السيوطي ‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫ابن األثري حممد بن حممد بن عبد الكرمي بن عبد الواحد الشيباين ‪.‬‬
‫‪34‬‬ ‫إمساعيل بن عمر بن كثري بن ضو بن درع القرشي البصروي مث الدمشقي ‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫حممد بن حممد بن حممد الغزايل الطوسي‪ ,‬أبو حامد ‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫مشس الدين حممد بن أيب بكر بن أيوب ‪ ,‬ابن قيم اجلوزية ‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن القرايف ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فهرس المصادر المراجع‬

‫أوالً ‪ :‬القرآن الكريم ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬كتب التفسير وشروحها ‪:‬‬

‫‪ .1‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي ‪ ,‬تفسري القرآن العظيم ‪,‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار الفكر ‪ ,‬الطبعة ‪1414 :‬هـ‪1994/‬م ‪.‬‬
‫‪ .2‬حممد األمني بن حممد املختار بن عبد القادر اجلكين الشنقيطي ‪ ,‬أضواء البيان يف‬
‫إيضاح القرآن بالقرآن ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بريوت –‬
‫لبنان ‪ ,‬عام النشر ‪ 1415 :‬هـ ‪ 1995 -‬مـ ‪.‬‬
‫‪ .3‬حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ,‬تفسري البحر احمليط ‪ ,‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ -‬لبنان‪ /‬بريوت ‪ 1422 -‬هـ ‪ 2001 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬أبو زكريا حيىي بن شرف بن مري النووي ‪ ,‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪,‬‬
‫دار إحياء الرتاث العريب – بريوت ‪ ,‬الطبعة الطبعة الثانية ‪ 1392 ,‬هـ ‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬كتب الحديث وشروحها ‪:‬‬

‫حممد بن إمساعيل البخاري ‪ ,‬اجلامع الصحيح ‪ ,‬الطبعة اهلندية ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫مسلم بن احلجاج أبو احلسني القشريي النيسابوري ‪ ,‬صحيح مسلم ‪ ,‬الناشر ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪ 1374 -‬هـ ‪ 1955 /‬م ‪ ,‬حتقيق ‪ :‬حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي ‪.‬‬
‫أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر العسقالين ( املتوىف ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪852‬هـ) ‪ ,‬فتح الباري ‪ ,‬حتقيق الشيخ عبد العزيز بن باز وحمب الدين اخلطيب‬
‫‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫حممد بن إمساعيل الصنعاين ‪ ,‬سبل السالم املوصلة إىل بلوغ املرام ‪ ,‬الناشر ‪ ,‬دار‬ ‫‪.4‬‬
‫ابن اجلوزي ‪ ,‬سنة النشر ‪ 1421:‬هـ ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫أبو زكريا حيىي بن شرف النووي ‪ ,‬املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج ‪,‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ 1392 :‬هـ ‪.‬‬
‫مسند اإلمام أمحد بن حنبل ‪ ,‬املؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن‬ ‫‪.6‬‬
‫هالل بن أسد الشيباين (املتوىف‪241 :‬هـ) ‪ ,‬احملقق‪ :‬أمحد حممد شاكر ‪ ,‬الناشر‪:‬‬
‫دار احلديث – القاهر ‪ ,‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1416 ,‬هـ ‪ 1995 -‬م ‪.‬‬
‫صحيح ابن حبان برتتيب ابن بلبان ‪ ,‬حممد بن حبان بن أمحد بن حبان بن‬ ‫‪.7‬‬
‫بد‪ ,‬التميمي (املتوىف‪354 :‬هـ) ‪ ,‬احملقق‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪ ,‬الناشر‪:‬‬
‫معاذ بن َم جع َ‬
‫مؤسسة الرسالة – بريوت ‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‪1993 – 1414 ,‬م ‪.‬‬
‫ابن ماجه أبو عبد اهلل حممد بن يزيد القزويين ‪ ,‬سنن ابن ماجه ‪ ,‬احملقق‪ :‬شعيب‬ ‫‪.8‬‬
‫حممد كامل قره بللي ‪َ -‬عبد اللّطيف حرز اهلل ‪,‬‬
‫األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشد ‪َّ -‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الرسالة العاملية ‪ ,‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1430 ,‬هـ ‪ 2009 -‬م ‪.‬‬
‫مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدين ‪ ,‬املوطأ ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬ ‫‪.9‬‬
‫الرتاث العريب‪ ,‬بريوت – لبنان ‪ 1406 ,‬هـ ‪ 1985 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .10‬أمحد بن احلسني بن علي بن موسى البيهقي أبو بكر ‪ ,‬السنن الكربى ‪ ,‬احملقق‪:‬‬
‫حممد عبد القادر عطا ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬سنة النشر‪1424 :‬هـ ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬كتب الفقه وأصوله ‪:‬‬

‫‪ .1‬عبداهلل بن أمحد بن قدامة املقدسي ‪ ,‬املغين يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين‬
‫‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر – بريوت ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪1405 :‬هـ ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .2‬جالل الدين عبدالرمحن السيوطي ‪ ,‬األشباه والنظائر يف قواعد وفروع فقه الشافعية‬
‫‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بريوت – لبنان ‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلمام حممد أبوزهر ‪ ,‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي – اجلرمية‪ , -‬دار‬
‫الفكرالعريب‪1998‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬عبدالقادر عود ‪ ,‬التشريع اجلنائي اإلسالمي ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار احلديث ‪ ,‬سنة النشر‬
‫‪1430 :‬هـ‪2009 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .5‬أبو احلسن علي بن حممد بن حممد بن حبيب البصري البغدادي‪ ,‬الشهري باملاوردي‬
‫(املتوىف‪450 :‬هـ) ‪ ,‬األحكام السلطانية ‪ ,‬الناشر‪ :‬دار احلديث – القاهر ‪ ,‬بدون‬
‫تاريخ نشر ‪.‬‬
‫‪ .6‬اإلحكام يف أصول األحكام ‪ ,‬اإلمام علي بن حممد اآلمدي ‪ ,‬دار الصميعي طبعة‬
‫عام ‪ 2003‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .7‬العالمة أبو احلسن املاوردى ‪ ,‬احلاوى الكبري ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر ـ بريوت ‪,‬‬
‫‪1414‬هـ ‪1994-‬م ‪.‬‬
‫‪ .8‬حممد بن حممد الغزايل أبو حامد ‪ ,‬املستصفى يف علم األصول ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية يف بريوت ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪1413‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .9‬أ‪.‬د ‪ /‬وهبة الزحيلي ‪,‬أصول الفقه اإلسالمي ‪ ,‬دار الفكر ‪ ,‬سنة النشر ‪1434 :‬هـ‬
‫‪.‬‬
‫‪ .10‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل ‪,‬‬
‫ابن قدامة املقدسي ‪ ,‬مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ,‬الطبعة الثانية‬
‫‪1423‬هـ‪2002-‬م ‪.‬‬
‫‪ .11‬عبداجلبار الطيب ‪ ,‬القصد اجلنائي يف الفقه اإلسالمي مقارنة بالقانون الوضعي ‪,‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار النوادر ‪ ,‬طبعة عام ‪1433‬هـ ‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .12‬جالل الدين عبدالرمحن بن أيب بكر السيوطي ‪ ,‬األشباه والنظائر ‪ ,‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪ ,‬عام ‪1986‬م ‪.‬‬
‫‪ .13‬عبد الرمحن بن صاحل العبد اللطيف ‪ ,‬القواعد والضوابط الفقهية املتضمنة للتيسري‬
‫‪ ,‬الناشر ‪ :‬عماد البحث العلمي باجلامعة اإلسالمية‪ ,‬املدينة املنور ‪ ,‬الطبعة ‪ :‬األوىل‪,‬‬
‫‪1423‬هـ‪2003/‬م ‪.‬‬
‫‪ .14‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية ‪ ,‬إعالم املوقعني عن رب العاملني ‪ ,‬الناشر‪:‬‬
‫مكتبة الكليات األزهرية ‪ ,‬سنة النشر ‪1388 :‬هـ‪1968/‬م ‪.‬‬
‫‪ .15‬برهان الدين أيب الوفاء حممد بن فرحون اليعمري املالكي ‪ ,‬تبصر احلكام يف‬
‫أصول األقضية واألحكام ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار عامل الكتب ‪1423 :‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .16‬شهاب الدين أبو العباس أمحد بن إدريس القرايف ‪ ,‬الفروق ‪ ,‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ,‬الطبعة‪ :‬األوىل ‪1424‬هـ ‪2003 /‬م ‪.‬‬
‫‪ .17‬شيخ اإلسالم أمحد بن عبداحلليم بن تيمية ‪ ,‬احلسبة يف اإلسالم ‪ ,‬مطبعة‬
‫القاهر ‪1318‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .18‬عبدالعزيز عامر ‪ ,‬التعزير يف الشريعة اإلسالمية ‪ ,‬درا الفكر العريب ‪ ,‬طبعة‬
‫‪ 2007 :‬م ‪.‬‬

‫سادساً ‪:‬كتب اللغة ‪:‬‬

‫‪ .1‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا ‪ ,‬معجم مقاييس اللغة ‪,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر‬
‫‪ ,‬الطبعة ‪1399 :‬هـ ‪1979 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .2‬حممد بن أيب بكر بن عبدالقادر الرازي ‪ ,‬خمتار الصحاح ‪,‬الناشر ‪ :‬مكتبة لبنان‬
‫ناشرون – بريوت ‪ ,‬طبعة ‪1995 – 1415 :‬م ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .3‬حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري ‪ ,‬لسان العرب ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار صادر‬
‫– بريوت ‪ ,‬بدون ذكر سنة النشر ‪.‬‬
‫الزبيدي ‪ ,‬تاج‬
‫الرزاق احلسيين أبو الفيض املل ّقب مبرتضى َّ‬
‫حممد بن عبد ّ‬
‫حممد بن ّ‬
‫‪ّ .4‬‬
‫العروس من جواهر القاموس ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار اهلداية ‪ ,‬بدون ذكر سنة النشر ‪.‬‬

‫سابعاً ‪ :‬كتب التراجم ‪:‬‬

‫سري أعالم النبالء لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن أمحد ال َذ َهيب ‪ ,‬الناشر ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مؤسسة الرسالة ‪ ,‬الطبعة الثاثة ‪ ,‬سنة النشر ‪1405‬هـ ‪.‬‬
‫جالل الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده يف الدرس اللغوي ‪ ,‬طاهر‬ ‫‪.2‬‬
‫‪,‬‬ ‫بريوت‬ ‫–‬ ‫االسالمى‬ ‫املكتب‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫‪,‬‬ ‫محود‬ ‫سليمان‬
‫الطبعة ‪ :‬األوىل‪ 1410‬هـ ‪.‬‬
‫وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ‪ ,‬أليب العباس مشس الدين أمحد بن حممد بن‬ ‫‪.3‬‬
‫أيب بكر بن خلكان ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار صادر – بريوت ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪1970‬م ‪.‬‬
‫األعالم خلري الدين بن حممود بن حممد بن علي بن فارس‪ ,‬الزركلي الدمشقي ‪,‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار العلم للماليني ‪ ,‬الطبعة ‪ :‬اخلامسة عشر ‪ 2002‬م ‪.‬‬

‫ثامناً ‪ :‬الرسائل علمية ‪:‬‬

‫‪ .1‬عبدالرزاق البدر ‪ ,‬عقوبة املصادر يف الشريعة والنظام وتطبيقاهتا يف اململكة العربية‬


‫السعودية ‪ ,‬رسالة ماجستري مقدمة يف جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ‪ ,‬عام‬
‫‪1421‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .2‬نواف بن خالد العتييب ‪ ,‬العزل من الوظيفة العامة كعقوبة جنائية وتطبياقتها يف‬
‫املمالكة العربية السعودية ‪ ,‬رسالة ماجستري مقدمة إىل جامعة نايف العربية ‪ ,‬عام‬
‫‪1424‬هـ ‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .3‬درع بن عبدالعزيز بن درع أل درع ‪ ,‬جرمية تزوير الشيك وعقوبتها ‪-‬دراسة‬


‫مقارنة‪ , -‬حبث تكميلي مقدم إىل قسم السياسة الشرعية باملعهد العايل للقضاء‬
‫يف عام ‪1428‬هـ ‪.‬‬

‫تاسعاً ‪ :‬كتب األنظمة ‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حممد دجيب حسين ‪ ,‬شرح قانون العقوبات القسم العام ‪ ,‬دار النهضة العربية‬
‫القاهر ـ الطبعة الرابعة ‪1977‬م ‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬مأمون حممد سالمة ‪ ,‬قانون العقوبات القسم العام‪ ,‬دار الفكر العريب‬
‫‪1979‬م ‪.‬‬
‫‪ -3‬عبداحلميد الشواريب ‪ ,‬التزوير والتزييف مدنياً وجنائياً ‪ ,‬الناشر ‪ :‬منشأ املعارف‬
‫‪1996‬م ‪.‬‬
‫‪ -4‬فتوح الشاذيل ‪ ,‬جرائم التعزير املنظمة يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬دار‬
‫املطبوعات اجلامعية ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1433‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -5‬حممد علي سكيكر ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير وتطبيقاهتا العملية ‪ ,‬دار الفكر‬
‫اجلامعي ‪ ,‬الطبعة األوىل لعام ‪2008‬م ‪.‬‬
‫‪ -6‬د‪.‬حممد بن صاحل املقبل ‪ ,‬االمتناع عن الوفاء باألوراق التجارية ‪ ,‬الناشر ‪ :‬القلم‬
‫العريب ‪1431 -‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -7‬أ‪.‬د عبدالرمحن السيد قرمان ‪ ,‬األوراق التجارية واإلفالس والتسوية الواقية منه ‪,‬‬
‫مكتبة الشقريي للنشر والتوزيع ‪ ,‬طبعة عام ‪1433‬هـ ‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -8‬د‪.‬سعيد حيىي ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام التجاري السعودي ‪ ,‬مكتبة امللك‬


‫عبدالعزيز العامة ‪ ,‬مقيد برقم (‪ , ) 346,53107‬طبعة عام ‪1405‬هـ ‪ ,‬بدون‬
‫ذكر دار النشر ‪.‬‬
‫‪ -9‬د‪.‬عبداهلل بن حممد العمران ‪ ,‬األوراق التجارية يف النظام السعودي ‪ ,‬من‬
‫مطبوعات معهد اإلدار العامة ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1416‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -10‬د‪.‬مصطفى طه ‪ ,‬القانون التجاري ( األوراق التجارية – العقود التجارية –‬
‫عمليات البنوك – اإلفالس ) ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار املطبوعات اجلامعية – ‪1986‬م ‪.‬‬
‫‪ -11‬أ‪.‬د ‪ .‬مصطفى كمال طه ووائل أنور ‪ ,‬األوراق التجارية ووسائل الدفع‬
‫االلكرتونية ‪ ,‬الناشر ‪ :‬دار الفكر العريب – ‪2013‬م‪. -‬‬
‫‪ -12‬فرج علواين ‪ ,‬جرائم التزييف والتزوير ‪ ,‬دار املطبوعات اجلامعية ‪ ,‬طبعة عام‬
‫‪1993‬م ‪.‬‬
‫‪ -13‬د‪.‬عبدالفتاح خضر‪ ,‬جرائم الرشو والتزوير يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬من‬
‫منشورات مكتب صالح احلجيالن للمحاما ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪1410‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -14‬معوض عبدالتواب ‪ ,‬الوسيط يف شرح جرائم التزوير والتزييف وتقليد األختام ‪,‬‬
‫نشر منشأ املعارف باالسكندرية لعام ‪1988‬م ‪.‬‬
‫‪ -15‬د‪.‬حممود دجيب حسين ‪ ,‬عالقة السببية يف قانون العقوبات ‪ ,‬مكتبة امللك‬
‫عبدالعزيز العامة ‪ ,‬الرقم العام (‪ , )285555‬رقم التصنيف ( ح م ع‬
‫‪ , ) 345,62‬بدون ذكر دار النشر وسنته ‪.‬‬
‫‪ -16‬الدكتور حممد أبو العال عقيده ‪ ,‬شرح قانون اإلجراءات اجلنائيه‪ ,‬دار النهضة‬
‫العربية ‪ ,‬طبعة ‪2001‬م ‪.‬‬
‫‪ -17‬الدكتور أمحد فتحى سرور ‪ ,‬الوسيط ىف شرح قانون اإلجراءات اجلنائيه دار‬
‫النهضه العربيه ‪ ,‬الطبعة السابعة ‪1969 ,‬م ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ -18‬مسري عالية ‪ ,‬شرح قانون العقوبات ‪ ,‬القسم العام ‪ ,‬بريوت ‪ ,‬املؤسسة اجلامعية‬
‫للدراسات والنشر ‪1422‬هـ – ‪ 2002‬م ‪.‬‬
‫‪ -19‬دكتور ‪ /‬أمحد عوض بالل‪ ,‬مبادئ قانون العقوبات املصري‪ ,‬طبعة ‪- 2011‬‬
‫‪ , 2012‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهر ‪.‬‬
‫‪ -20‬د‪ .‬أمحد صاحل خملوف ‪ ,‬الوسيط يف شرح التنظيم القضائي اجلديد ‪ ,‬مطبوعات‬
‫معهد اإلدار العامة ‪1434 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ -21‬مبادىء علم القانون ‪ ,‬د‪ .‬علي الزهراين و د‪.‬خالد عبدالتواب ود‪.‬عدنان العمر‬
‫‪ ,‬الناشر ‪ :‬مطبعة جرير ‪ ,‬الطبعة ‪ :‬الثانية ‪1434‬هـ ‪.‬‬

‫تاسعاً ‪:‬األنظمة والقوانين ‪:‬‬

‫‪ .1‬النظام األساسي للحكم يف اململكة العربية السعودية ‪ ,‬الصادر باملرسوم امللكي رقم‬
‫م‪ 90 /‬وتاريخ ‪1412/8/27‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .2‬النظام اجلزائي جلرائم التزوير الصادر يف اململكة العربية السعودية مبوجب املرسوم‬
‫امللكي رقم م‪ 11 /‬وتاريخ ‪1435/2/18‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .3‬نظام العقوبات املصري الصادر بالقانون رقم (‪ )58‬لعام ‪1937‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬نظام مكافحة التزوير الصادر باملرسوم امللكي رقم م‪ 114 /‬وتاريخ‬
‫‪1380/11/26‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .5‬قانون العقوبات اجلزائري لعام ‪ 1966‬م ‪.‬‬
‫‪ .6‬قانون اجلزاء الكوييت رقم ‪ 16‬لعام ‪ 1960‬م ‪.‬‬
‫‪ .7‬قانون اإلجراءات اجلنائية املصري وفقا ألحدث التعديالت لسنة ‪2003‬م على قانون‬
‫رقم ‪ 150‬لسنة ‪1950‬م ‪.‬‬
‫‪ .8‬نظام القضاء الصادر باملرسوم امللكي رقم ( م‪ )78/‬وتاريخ ‪1428/9/19‬هـ ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫‪ .9‬نظام اإلجراءات اجلزائية الصادر باملرسوم امللكي رقم ( م‪ ) 2/‬وتاريخ‬


‫‪1435/1/22‬هـ‪.‬‬

‫عاشراً ‪ :‬مدونات األحكام ‪:‬‬

‫‪ .1‬جمموعة القرارات اجلزائية ‪ ,‬الصادر عن املكتب الفين بديوان املظامل ‪ 1983 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .2‬جمموعة املبادئ واألحكام اجلزائية ‪1428‬هـ الصادر عن ديوان املظامل ‪ ,‬واملنشور‬
‫على موقع الديوان على شبكة املعلومات ‪.‬‬
‫‪ .3‬جمموعة أحكام حمكمة النقض املصرية املنشور على املوقع الرمسي للمحكمة على‬
‫شبكة املعلومات (‪. ) http://www.cc.gov.eg‬‬

‫‪145‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المحتويات‬
‫المقدمة ‪1 ...........................................................................‬‬

‫الفصل التمهيدي ‪12 .................................................................‬‬

‫المبحث األول‪13 ..........................................................................‬‬

‫تعريف الجريمة ‪13 ........................................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الجريمة لغة واصطالحا ‪13 ......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ : 15‬تعريف الجريمة في الفقه ‪15 .........................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تعريف التزوير ‪18 .......................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف التزوير لغة واصطالحا‪19 .......................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف التزوير في الفقه ‪23 ............................................‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تعريف األوراق التجارية ‪25 ...............................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف األوراق التجارية لغة واصطالحأ ‪26 ..............................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬العلة من حماية األوراق التجارية ‪30 ....................................‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التمييز بين جريمة تزوير األوراق التجارية ومايشتبه بها ‪32 ..............‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬أركان جريمة تزوير األوراق التجارية ‪36 ..............................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية‪37 ...........................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في النظام ‪37 ................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪41 .....‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية‪48 ............................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النشاط اإلجرامي‪49 .......................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النتيجة الضارة ‪67 ........................................................‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬العالقة السببية بين النشاط اإلجرامي والنتيجة الضارة ‪73 ...................‬‬

‫‪146‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬الركن المعنوي ‪75 ........................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬القصد الجنائي العام لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪76 .....................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القصد الجنائي الخاص لجريمة تزوير األوراق التجارية ‪77 ..................‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬أركان جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪79 ................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الركن الشرعي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪80 ........‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الركن المادي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي‪82 .........‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬الركن المعنوي لجريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪87 .......‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية ‪90 ..............................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية ‪92 ...................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في النظام ‪93 .........................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬عقوبة جريمة تزوير األوراق التجارية في الفقه اإلسالمي ‪106 ..............‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية ‪113 .......‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية في محاكم‬
‫الدرجة األولى ‪116.....................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬االختصاص القضائي للفصل في قضايا تزوير األوراق التجارية في محاكم‬
‫االستئناف ‪120 ........................................................................‬‬

‫الخاتمة ‪127 ........................................................................‬‬

‫الفهارس‪132 ........................................................................‬‬

‫فهرس اآليات القرآنية ‪132 ...........................................................‬‬

‫فهرس أطراف األحاديث‪135 .........................................................‬‬

‫فهرس األعالم ‪136 ..................................................................‬‬

‫‪147‬‬
‫جريمة تزوير األوراق التجارية وعقوبتها ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫فهرس المصادر المراجع‪137 ..............................................................‬‬

‫فهرس المحتويات ‪146......................................................................‬‬

‫‪148‬‬

You might also like