You are on page 1of 36

‫"التخليق والشفافية ضرورة ملحة‬

‫إلصالح اإلدارة‪ ،‬و خيارا استراتيجيا في‬


‫إرساء الركائز األساسية للنموذج‬
‫التنموي "‬

‫الدكتورة اسماء مقاس‬

‫جامعة الحسن االول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسطات‬


‫تقديم‬

‫يعتبر التحديث اإلداري أحد الوسائل األساسية لجعل اإلدارة العمومية تساير‬
‫التطورات التي يعرفها المجتمع من جهة ومن جهة ثانية هو أداة لتنفيذ السياسة‬
‫العامة للدولة في المجال اإلداري ‪.‬‬
‫وينصب عمل التحديث اإلداري على اإلدارة العمومية وذلك بتقويم االختالالت‬
‫التي قد تعتري سيرها وتدعيم اآلليات العميقة لجعلها أداة لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية واإلدارية ألي بلد ‪.‬‬
‫وإذا كانت أغلب الدول عمدت إلى منهج أساليب مختلفة لتطوير وتحسين عالقة‬
‫اإلدارة كأداة لتطوير اإلدارة العمومية‪ ،‬فإن المغرب لم يشذ عن هذه القاعدة‪ .‬ذلك‬
‫أنه منذ االستقالل وحتى وقتنا الحاضر‪ ،‬عرفت عدة برامج إصالحية واستهدفت‬
‫هيكلتها البشرية والقانونية والمؤسساتية‪ .‬وبالرغم من ذلك فإن السياق الحالي لهذه‬
‫اإلدارة‪ ،‬يفرض إعادة النظر فيها ]‪[1‬كجهاز وكنظام‪ ،‬فهي كجهاز ينبغي تقويم‬
‫جوانب الخلل في سيره وتنظيمه ومراقبته وتوجيهه‪ ،‬أما كنظام فيتعين مراجعة‬
‫المبادئ التي يقوم عليها ويستمد منها شرعيته ومنطق سيره ونمط العالقات‬
‫داخله‪ .‬كونه سيساهم ال محالة في إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي وفي‬
‫جعل اإلدارة أداة فاعلة في تطوير السياسات العمومية في مختلف المجاالت ‪.‬‬
‫إن اإلدارة المغربية تواجه اآلن تحديات كبرى كالترشيد والفعالية والعولمة وتغير‬
‫حجم ودور الدولة وضغط الثورة المعلوماتية وتضخم الهياكل‪ ،‬وهي ملزمة‬
‫بمجابهتها عبر القيام بإجراءات إصالحية شمولية ‪.‬‬
‫ولإلنصاف‪ ،‬فاإلدارة في خدماتها اإلدارية سواء بالنسبة للمرتفق أو المستثمر لم‬
‫تكن حصيلة عملها كلها قاتمة وسلبية على امتداد أكثر من أربعين سنة‪ ،‬بل نجد‬
‫بعض الجوانب المضيئة على مستوى الدور التنموي الذي لعبته عقب االستقالل‬
‫كما أنها ضمنت استمرار الخدمة اإلدارية بغض النظر عن مستواها وجودتها ‪.‬‬
‫لكن الجهاز اإلداري الراهن يوجد في وضعية غير مريحة بفعل تنوع وتشعب‬
‫التحديات الملزم اآلن برفعها‪ :‬تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية‬
‫]‪[2‬‬
‫وتكنولوجية ‪.‬‬
‫وإذا كانت اإلدارة في ظل حقب زمنية وأنظمة سياسية‪ ،‬حبيسة أنشطة قليلة العدد‪،‬‬
‫بفعل اإلديولوجيات الليبرالية المسيطرة آنذاك‪ ،‬وتتمثل في وظائف الدولة الدركية‪،‬‬
‫كمهام السيادة المتمثلة في الدفاع والمالية والعدل ‪[3].‬فإنها اليوم وبفعل األفكار‬
‫االشتراكية وضغط األزمات االقتصادية الدولية وجدت الدولة نفسها‪ ،‬مضطرة‬
‫للسهر على توجيه اقتصادها أو بهدف توجيه التطور االقتصادي واالجتماعي‬
‫الشيء الذي أسهم بشكل كبير في تغيير محتوى الوظائف اإلدارية ‪.‬‬
‫وموازاة لذلك‪ ،‬أصبح يطلب من اإلدارة أن تؤدي وظائف كثيرة لكونها إحدى‬
‫المنظمات النشيطة داخل النسيج االجتماعي‪ ،‬فهي إذن بمثابة أداة الدولة‪ .‬مما‬
‫يطرح فكرة استقاللية اإلدارة عن األجهزة السياسية واحترام القوانين في التسلسل‬
‫اإلداري‪ ،‬كما تعتبر آلية للديمقراطية والمشاركة وللتنمية وأيضا أداة للتسيير‬
‫والتدبير العقالني ‪.‬‬
‫واعتبارا للدور الذي أصبحت تضطلع به اإلدارة‪ ،‬فإنها لم تعد تقتصر على وظيفة‬
‫التنفيذ‪ ،‬وأن تقوم السلطة التشريعية برسم السياسة العامة‪ ،‬بل أصبحت األجهزة‬
‫اإلدارية في مختلف الدول‪ ،‬هي المكلفة برسم السياسة العامة بناء على المعلومات‬
‫المتوفرة لديها وكذا الوسائل الفنية األخرى]‪ ،[4‬حيث أن اإلدارة العمومية باتت‬
‫أداة أساسية لتنفيذ قرارات السلطة السياسية‪ .‬فهي بمفهومها الواسع كما‬
‫يعرفها" "‪ "B.Gourny‬مجموعة األشخاص واألفراد والمجموعات المكلفين‬
‫]‪[5‬‬
‫بإعداد وتنفيذ‪ ،‬أو اإلشراف على تنفيذ قرارات السلطة السياسية ‪.‬‬
‫إن التطورات النوعية المدركة على أصعدة مختلفة في السنوات األخيرة‪ :‬ثقافية‪،‬‬
‫اجتماعية واقتصادية‪ ،‬كان لها تأثيرا مباشرا على اإلدارة وعالقتها بالمجتمع‪،‬‬
‫حيث أصبحت مطالبة أن تكون وسيلة فعالة وإستراتيجية للتغيير االجتماعي‪ ،‬لعدة‬
‫]‪[6‬‬
‫عوامل أهمها ‪:‬‬
‫ظهور بيئة سياسية في تحول مستمر وضعت قيما ونظريات جديدة]‪،[7‬‬ ‫‪‬‬
‫ظهور ضغط ديمقراطي ال يهم النظام السياسي فحسب ولكن الجهاز‬ ‫‪‬‬

‫اإلداري الذي يشكل أداته الفعالة‪،‬‬


‫بروز تقنيات جديدة في التسيير‪ ،‬ساهمت في بلورة فكر تدبيري جديد‬ ‫‪‬‬

‫يهدف إلى تعميم اآلليات التقنية في مختلف المنظمات واألجهزة‪.‬‬


‫هذه التحوالت النوعية في المحيط الدولي‪ ،‬أثرت بشكل مباشر على اإلدارات‬
‫العمومية في مختلف الدول‪ ،‬سواء كانت متقدمة أو سائرة في طريق النمو‪ ،‬لذا‬
‫بات إصالحها‪ ،‬يشكل رهانا مشتركا وخيارا استراتيجيا للدول‪ ،‬لمواجهة التحديات‬
‫التي تفرضها العولمة ‪ ،‬واالستجابة لمتطلبات وتطلعات مواطنيها ‪.‬‬
‫فاإلدارة لم تعد أداة للتسيير في خدمة الحكومة فقط‪ ،‬بل أصبحت تشترك في‬
‫دواليب "النظام –العالم )‪" (systéme-monde‬والتعاون الدولي‪ ،‬وتلعب‬
‫]‪[8‬‬
‫دورا رئيسيا في مسلسل العولمة ‪.‬‬
‫فالعولمة تؤثر على مهام اإلدارة في المجتمع – باعتبارها فاعل في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ -‬وتساهم في إحداث تغييرات اقتصادية على المستوى‬
‫الدولي (تحرير التجارة الخارجية واألسواق المالية‪ ،‬تدويل اإلنتاج إستراتيجية‬
‫توزيع الشركات‪ )...‬هذه التحوالت كان لها انعكاسات كبيرة على دور الدولة من‬
‫]‪[9‬‬
‫جهة وعلى المنظمات وتسيير اإلدارات العمومية من جهة أخرى ‪.‬‬
‫هذا ما جعل تحسين عالقة اإلدارة مع محيطها عملية حتمية ومصيرية ال تقل‬
‫أهمية عن ضرورة التوجه إلى إصالح النظام التعليمي أو االقتصادي أو‬
‫الدستوري ‪.‬‬
‫وإيمانا من السلطات العمومية بالمغرب‪ ،‬بحتمية تطوير اإلدارة لجعلها منصة‬
‫ومنفتحة وخدومة العمومية‪ ،‬عملت الدولة على نهج سياسة إصالحية منذ‬
‫االستقالل للرفع من أداء الجهاز اإلداري‪ ،‬حيث تم رسم استراتيجيات وإعداد‬
‫برامج متعددة‪ ،‬لهذا الغرض ‪.‬‬
‫وهذا ما اكده صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪ ،‬نصره الله‪ ،‬رسالة سامية إلى‬
‫المشاركين في المنتدى الوطني للوظيفة العمومية العليا‪ ،‬الذي تنظمه يوم الثالثاء‬
‫‪72‬فبراير ‪ 7102‬بالصخيرات‪ ،‬وزارة إصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪ ،‬تحت‬
‫الرعاية السامية لجاللة الملك ‪.‬‬
‫حيث دعى الى انخراط جميع الفعاليات والمسؤؤولين في تفعيل توجيهاتهه‬
‫الرامية إلى إصالح اإلدارة العمومية وتثمين مواردها البشرية‪ ،‬عبر االنخراط‬
‫الحازم في عملية التحول االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ومواكبة السياسات العمومية‬
‫واألوراش التنموية كما دعا لبلورة وإرساء نموذج تنموي جديد‪ ،‬لمواجهة‬
‫التحديات الراهنة والمستقبلية‪ ،‬وايضا لوضع مفهوم الخدمة العمومية في صلب‬
‫هذا النموذج‪ ،‬من خالل إصالح شامل وعميق لإلدارة العمومية ‪.‬وذلك من خالل‬
‫العمل على ضرورة إصالح اإلدارة‪ ،‬وتأهيل مواردها البشرية‪ ،‬باعتباره خيارا‬
‫استراتيجيا لبالدنا‪ ،‬سيساهم ال محالة في إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي‬
‫الذي نطمح إليه‪ ،‬وفي جعل اإلدارة أداة فاعلة في تطوير السياسات العمومية في‬
‫مختلف المجاالت ‪.‬‬
‫اما الواقع المغربي فهو يستنكر بشدة أزمة اإلدارة المغربية ومختلف أشكال‬
‫السلوكيات المشينة التي طبعت عالقتها مع المواطنين والمستثمرين‪ ،‬فالمواطن ال‬
‫يزال يعاني البطء والتماطل والالمباالة في أداء اإلدارة المكبلة بالتعقيدات والرتابة‬
‫الفاسدة والرشوة والمحسوبية واستغالل النفوذ ‪.‬‬
‫والمستثمر يضيق ويختنق من جهاز إداري يضيع على االقتصاد الوطني وعلى‬
‫سوق التشغيل الكثير من فرص التنمية التي يراهن عليها االستثمار الخاص‬
‫الوطني واألجنبي ‪.‬‬
‫ومن الناحية العملية ترتبط اإلدارة دوما بنوعية النظام السياسي الذي يوجد في‬
‫كل بلد‪ ،‬ألن مصلحة الدولة تقتضي التوفر على جهاز إداري بقصد تنفيذ قراراتها‬
‫واستراتيجياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬لهذا فإن أي أسلوب إداري‬
‫حقق نتائج إيجابية في أي بلد معين في ظل ظروف مالئمة ساعدت على نجاحه‪،‬‬
‫ال يعتبر بالضرورة مفيدا ومجديا لمجتمع آخر‪ .‬فباإلضافة إلى مسألة ارتباط‬
‫وظائف اإلدارة بفلسفة السلطة العليا في كيفية ضبط أمور الدولة‪ ،‬هناك اختالفات‬
‫جوهرية في نوعية األنظمة السياسية‪ ،‬واإليديولوجيات العقائدية‪ ،‬والقيم‬
‫االجتماعية‪ ،‬والعقليات المجتمعية‪ ،‬والهيئات الحكومية التي تنفرد باتخاذ القرارات‬
‫النهائية‪ ،‬ومصادر القوة الشرعية التي تكون الدعامة األساسية للحكم القائم في كل‬
‫‪[10].‬‬
‫بلد‬
‫وترتكز عملية تأهيل وتحديث اإلدارة على إعادة النظر في تدبير المنظومة‬
‫البشرية وتحيين النصوص القانونية وتبسيط المساطر االدارية وتدعيم االخالقيات‬
‫المهنية‪ ،‬وذلك بغية جعلها في مستوى تطلعات المواطنين والمرتفقين‪ ،‬ولكي‬
‫تضطلع بالدور المنوط بها في عملية تحسين األداء اإلداري ‪.‬‬
‫من هذا المنطلق سعت السلطات العمومية على إدخال العديد من اإلصالحات‬
‫مست مختلف الجوانب التي تتعلق بتسيير اإلدارة العمومية‪ ،‬وهي إصالحات تروم‬
‫باالساس تطوير االداء االداري لخدمة المواطن وتحسين مناخ االستثمار وخلق‬
‫فرص الشغل ‪.‬‬
‫غير أن عملية اإلصالح هاته اليمكن أن يكتب لها النجاح إذا لم يتم العمل على‬
‫تخليق الحياة اإلدارية وجعلها أكتر شفافية سواء فيما يتعلق بأطراف العالقة‬
‫اإلدارية الداخلية‪ ،‬وفيما يتعلق بعالقة اإلدارة بمرتفقيها‪ ،‬وذلك انه في ظل جو‬
‫المقاومة الذي تلقاه أية مبادرة إصالحية‪ ،‬فإن من الضروري تخليق اإلدارة لخلق‬
‫اإلطار المالئم لعملية اإلصالح هذه ‪.‬‬
‫ولعل من مداخل الجوهرية لتحسين عالقة االدارة مع المرتفق تحسين‬
‫االخالقيات المهنية وتدعيم الشفافية اإلدارية عبر الية تدعيم تكنولوجية‬
‫الحديثة في الممارسة االدارية ‪.‬‬
‫وتسهيال للبحث في هذه الورقة البحثية سوف نقارب دور كل من التخليق‬
‫والشفافية االداريين ؟ من خالل مطلبين على النحو التالي ‪ :‬كونه سيساهم ال‬
‫محالة في إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي وفي جعل اإلدارة أداة فاعلة‬
‫في تطوير السياسات العمومية في مختلف المجاالت ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تخليق الحياة اإلدارية كرافعة الرساء الركائز األساسية للنموذج‬
‫التنموي‬
‫ترتكز عملية اإلصالح اإلداري على عدة آليات أساسية تتداخل فيما بينها لتجعل‬
‫منها عملية شمولية‪.‬و من جهة أخرى فإن تطور العمل اإلداري وتشعب مجاالته‬
‫حتم على السلطات العمومية االهتمام بمختلف جوانب العملية اإلصالحية حتى‬
‫تستجيب للتطورات المجتمعية من جهة وكذا تطور اإلدارة العمومية من جهة‬
‫ثانية‪ .‬حيث سيساهم ال محالة في إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي وفي‬
‫جعل اإلدارة أداة فاعلة في تطوير السياسات العمومية في مختلف المجاالت ‪.‬‬
‫وهكذا فإن تخليق الحياة اإلدارية يعتبر أحد ركائز اإلصالح اإلداري باعتباره‬
‫البوابة الحقيقية لتحقيق التنمية اإلدارية ونقطة رئيسية لكل المشاريع اإلصالحية‬
‫واإلرادات التحديثية لكون معظم تجليات االختالالت التي تميز اإلدارة تعزى‬
‫في غالبيتها إلى انحطاط األخالق أو غيابها وقد ساعد على هذا الوضع غياب‬
‫الشفافية اإلدارية وسيادة ظاهرة التعتيم اإلداري واالنغماس في بيروقراطية إدارية‬
‫جعلت اإلدارة بعيدة عن جمهورها‪ ،‬لذا بات من الضروري العمل على تحقيق‬
‫الشفافية اإلدارية داخل اإلدارة بغية جعلها أكثر استجابة للمتطلبات‬
‫المجتمعية المتجددة وكذلك جعلها في مستوى التحوالت الدولية التي تفرض على‬
‫اإلدارة أن تكون إدارة خدمات وليست إدارة للسلطة ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور التخليق في تأهيل اإلدارة وتحسين عالقتها مع المرتفق‬


‫التخليق مفهوم فلسفي يحمل معاني عدة في االستقامة والنزاهة والسلوك القويم‬
‫وحسن التدبير للشأن العام والمال العام ‪. [11].‬‬
‫وقد أصبح متداوال مفهوم الشأن األخالقي والتخليقي الذي يرمز إلى‬
‫ظاهرة مجتمعية عامة‪ ،‬أكثر من مجرد سلوك فردي‪ -‬أو جماعة مصالح‬
‫ومجموعة ضغط‪ -‬تتمثل في توفير وتأمين أجواء وفضاءات تخليق الحياة العامة‬
‫وتهذيبها ‪.‬‬
‫والواقع أن تخليق الحياة العامة يظل مبتغى ومطمحا في المجتمعات التي تتشبع‬
‫بمنظومة القيم الدينية والعقائدية والفكرية السائدة فيها عبر تاريخها وفي‬
‫صيرورتها وإفرازاتها‪ ،‬كحقيقة وليست شعارا أو طالسم ومساحيق يراد التلويح‬
‫بها ‪.‬‬
‫وإذا كان تخليق الحياة العامة قيمة غير مطلقة بقدر ما هي نسبية تتفاوت من‬
‫مجتمع إلى آخر حسب خصوصيته وتنشئته الفكرية واالجتماعية‪ ،‬فالمالحظ أن‬
‫أي مجتمع يتوق إلى التخليق ويتطلع إليه سيما عندما تشيع وتتفشى فيه األمراض‬
‫واالنحرافات من قبيل آفة الرشوة والمحسوبية والزبونية واستغالل النفوذ والشطط‬
‫في استعمال السلطة وما إليها من أوجه الفساد وإفساد الحياة العامة في كل‬
‫جوانبها وتجلياتها السياسية واالقتصادية والمالية واالجتماعية والفكرية واألخالقية‬
‫والسلوكية ‪.‬‬
‫لذا يكتسي موضوع التخليق أهميته البالغة ومقاصده النبيلة في سياق التحوالت‬
‫الجارية في بالدنا في ظل العهد الجديد وتجربة التداول على السلطة واالنتقال‬
‫الديمقراطي ‪.‬‬
‫ويندرج تخليق الحياة العامة– في اإلدارة العامة والقطاع العام وكل امتداداتهما‬
‫والجماعات العمومية‪ ،‬وفي القطاع الخاص وعموما في كل مكونات المجتمع‬
‫كإحدى اهتمامات وانشغاالت كل الفئات الواعية والقوى الحية للرأي العام‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫و تخليق السلوك اإلداري رهين ببناء علم إداري أخالقي‪ ،‬ولن نصل إلى ذلك‬
‫إال باعتماد علم األخالق كأساس للتأثير في السلوك البشري‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫تغيير للعقليات وتوجيه للنفوس وخلق جو أخالقي مؤطر للسلوك‪ .‬إال أنه من‬
‫الموضوعي أن ننتبه إلى أن هناك كثيرا من العوامل والضغوط التي تحول دون‬
‫توجه السلوك اإلداري نحو وجهة سليمة‪ ،‬أي أن تخليق السلوك اإلداري مرتبط‬
‫أساسا بتفحص مواطن السلبيات‪ ،‬فال نفع لعملية التخليق داخل جو غير أخالقي ‪.‬‬
‫‪[12].‬‬

‫إن تجاوز الوضعية الراهنة في اإلدارة‪ ،‬واستشراف مستقبل إداري مشرق‪،‬‬


‫سيقتضي ضرورة تحسين العالقة بين القيادة والقاعدة‪ ،‬وذلك عبر تخليق تعامل‬
‫القيادة مع المرؤوسين من جهة‪ ،‬وتخليق تعامل المرؤوسين من جهة أخرى ‪.‬‬

‫‪1 -‬مهارات القيادة في توجيه العاملين نحو السلوك األمثل وتخليق‬


‫األجواء اإلدارية ‪:‬‬
‫ال شك أن القيادة هي روح اإلدارة العمومية‪ ،‬ومن خاللها يتجلى نجاح أو‬
‫فشل المنظمة ككل إال أن القيادة ال بد لها أن ترتبط بهدف مشترك مع القاعدة أي‬
‫مع المرؤوسين‪ ،‬هدف يؤمنون به ويبذلون جهودا في سبيل تحقيقه‪ ،‬وإال فإن جل‬
‫المعوقات اإلدارية تصدر عن الهوة بين القيادة والقاعدة‪ .‬فالمدرسة السلوكية في‬
‫علم اإلدارة تعتبر أن القيادة تستهدف سلطتها الفعلية من القدرة على التأثير في‬
‫سلوك اآلخرين لجعلهم يقبلون النفوذ والسلطة عن رضى واختيار وليس عن‬
‫قهر ‪.‬‬
‫فالقيادة هي النشاط اإليجابي الذي يباشره الرئيس في مجال اإلشراف اإلداري‬
‫على المرؤوسين‪ ،‬وذلك لتحقيق هدف معين بوسيلة التأثير واالستمالة‪ ،‬أو‬
‫]‪[13‬‬
‫باستعمال السلطة الرسمية بالقدر المناسب وعند االقتضاء والضرورة ‪.‬‬
‫وألجل تجاوز التوجه السلطوي في القيادة‪ ،‬فيجب أن ينصب االهتمام على‬
‫تقريب وجهات النظر وتفهم سلوك العاملين‪ ،‬ويظل ذلك رهينا بفعالية التوجيه‬
‫القيادي ‪.‬‬
‫هذا الطرح صحيح إلى حد بعيد‪ ،‬سيما عندما ندرك أن سلبيات العمل داخل‬
‫الوحدات اإلنتاجية إنما هي ناتجة عن التصور الخاطئ الذي يتصوره القائد عن‬
‫مرؤوسه‪ ،‬فهو قد يعتقد أنهم غير معنيين بالمشاركة النشيطة‪ ،‬وال يحركهم سوى‬
‫حصولهم على أجور وحوافز عليا‪ ،‬ومن تم فإن تخصيص نصيب من األرباح‬
‫لتوزيعه عليهم يصبح هو العامل الوحيد للحصول على إنتاجية عليا‪ ،‬وهو خطأ‬
‫يجعل الرؤساء يغفلون عن حقيقة أن الدعوة للمشاركة النشيطة أجدى من كل‬
‫ذلك‪ ،‬فالتجارب قد أثبتت أنه إذا أمكن جعل المرؤوسين مشاركين نشيطين‬
‫ومسؤولين واعين بدورهم في العملية اإلنتاجية‪ ،‬فإن هؤالء العناصر السلبية يمكن‬
‫أن تصبح على درجة عالية من الحيوية والقدرة على االبتكار‪ ،‬في حين يكون من‬
‫الصعب التزام درجة معينة من الوعي األخالقي اإلداري في جو تسود فيه الرتابة‬
‫]‪[14‬‬
‫والالمباالة ‪.‬‬
‫وهكذا فإن قاعدة المرؤوسين تكون أكثر سعادة ورضى في ظل أساليب معينة من‬
‫التأطير واإلشراف‪ ،‬خاصة تلك التي تتميز بالتقدير من جانب الرؤساء والتشجيع‬
‫على المشاركة في القرارات ‪.‬‬
‫إن مهارات القيادة في توجيه العاملين نحو السلوك األمثل وتخليق‬
‫األجواء اإلدارية تتجلى في مجموعة من المعطيات التي يكون االلتزام بها أحسن‬
‫من تفعيل السلطة وإصدار األوامر‪ ،‬ذلك أن السلطوية المطلقة ال يمكن أن يكون‬
‫لها وقع إيجابي مع واقع عدم الرضى ورتابة أجواء العمل‪ .‬فالقائد المحنك يراعي‬
‫سلوك مرؤوسيه ويدفعهم إلى األمام بتحفيزهم وإقناعهم‪ .‬وقد يتمكن الرئيس في‬
‫ذلك عن طريق التزامه بمجموعة من السبل كمحاولة فهم سلوك العاملين وتشجيع‬
‫إيجابيتهم‪ ،‬فضال عن ضرورة إعطاء القدوة الحسنة من طرفه شخصيا ‪.‬‬
‫‪2 -‬تعامل المرؤوسين مع الرئيس ‪:‬‬
‫من بين أسباب نجاح القيادة في تعاملها مع القاعدة‪ ،‬كون المرؤوسين يعملون على‬
‫دعم القيادة في تحقيق أهداف القاعدة‪ ،‬ولن يكون ذلك‪ ،‬ممكنا إال بتفعيل األنماط‬
‫السلوكية المناسبة خالل التعامل مع المرؤوسين والرئيس‪ .‬ذلك أن القيادة نفسها‬
‫تحتاج لمن يتفهمها ويجيد التعامل معها بحسب نوعية الطبع الذي يناسبها ‪.‬‬
‫وهذا أمر طبيعي بالنسبة لكل منظمة إنتاجية أيا كان نوعها وحجمها وطبيعة‬
‫تحملها‪ ،‬إذ أن نجاحها في تحقيق مقاصدها رهين بمدى فاعلية وكفاءة عمليات‬
‫التفاعل والتواصل التي تتم ما بين الرئيس والمرؤوس ‪.‬‬
‫وألجل ذلك يتعين على المرؤوسين حسن استيعاب النمط السلوكي لرئيسيهم‪،‬‬
‫والتعامل معه حسب محدداته ومواصفاته‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه في علم األخالق‬
‫بالمجاراة‪ ،‬وهي تكييف الفرد ألسلوبه التعاملي تماشيا مع نمط السلوك المقابل ‪.‬‬
‫وإذا كان من المنتظم دائما أن يؤثر القائد في سلوك مرؤوسيه ويقدم لهم القدوة‬
‫الحسنة‪ ،‬فإن المرؤوسين عليهم مقابل ذلك أن يتوفروا على روح المبادرة‬
‫واالستعداد للتطوع واإلبداع‪ ،‬كما أنهم ملزمون بتقييم ذاتي لنجاحهم‬
‫ومدى تموقعهم داخل المنظمة‪ ،‬إذ أن النظريات الحديثة في اإلدارة تذهب إلى أن‬
‫كل مستخدم أو موظف‪ ،‬هو في نفس الوقت رئيس ومروؤس‪ ،‬الشيء الذي يتطلب‬
‫أساسا تحقيق اإليجابية بين كل المستخدمين والموظفين ‪.‬‬
‫]‪[15‬‬
‫أ‪ -‬أخالقيات التعامل مع الرئيس ‪:‬‬
‫قد تختلف األنواع السلوكية للرؤساء‪ ،‬مع اختالف العوامل والمحددات التي‬
‫صاغت شخصيتهم‪ ،‬وجل الدراسات في علم اإلدارة تركز على تلك العوامل‬
‫والمحددات التي تخص المرؤوسين دون الرؤساء‪ ،‬مع أن أساليب التواصل‬
‫والتعامل مع الطرفين مازالت تفتقر إلى الوضوح‪ ،‬سيما وأن المرؤوسين ال تتاح‬
‫لهم فرصة التعرف على قادتهم ألجل التعامل معهم‪ ،‬ولو أتيحت لهم الفرصة‬
‫لكانت لهم اإلمكانية المالئمة العتماد السلوك األخالقي الالزم الذي يمكنهم من‬
‫التعامل الجيد والفعال مع رؤسائهم ‪.‬‬
‫فهناك سلوكات معينة قد يكون المرؤوس مجبرا على مباشرتها مع الرئيس‬
‫المستبد (القسوة‪ -‬التسلط‪ -‬السيطرة االستحواذ على المبادرة) وذلك عن طريق‬
‫تفعيل الصبر والتحمل‪ ،‬عدم االنفعال‪ ،‬والمهارة في طرح األسئلة واالنتقاد ‪.‬‬
‫وعلى المرؤوس كذلك أن يحسن التعامل مع الرئيس المتعالى والرئيس غير‬
‫المبالي والمسوف والعنيف إلى غير ذلك من أنماط الرؤساء ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إيجابيات المرؤوسين ‪:‬‬
‫قد يحتاج المرؤوس لنجاح تواصله مع الرئيس‪ ،‬إلى اإليجابية أو القدوة على أخذ‬
‫المبادرة‪ ،‬وذلك عن طريق تحديد تموقعه داخل المنظمة‪ ،‬ومعرفة دوره الحقيقي‬
‫في مسلسل اإلنتاج‪ ،‬وكذا تحديد الهدف من العمل الذي يقوم به والطريقة األنجع‬
‫التي تمكنه من أداء عمله‪ ،‬وهذا أمر يتطلب من المرؤوس الكشف عن الكيفية التي‬
‫توفق بين التوجيهات الشخصية وأهداف المنظمة ‪.‬‬
‫للوصول إلى ذلك يستقصى المرؤوس عن الهدف من وظيفته ويكيف قدراته‬
‫ومهاراته مع ذلك الهدف‪ ،‬وربما بعض األسئلة على نفسه‪ ،‬كيف تؤثر وظيفته‬
‫على مهمة المؤسسة‪ ،‬وكيف تستفيد الفئات المستهدفة من وظيفته‪ ،‬وكيف تتصل‬
‫وظيفته بالوظائف األخرى داخل المؤسسة ‪.‬‬
‫وبمجرد التعرف على دوره داخل المؤسسة‪ ،‬يصبح الموظف أو المرؤوس قادرا‬
‫على أخذ المبادرة بكل ما يمكن أن يضيف شيئا إلى العمل بشكل أفضل وأسلوب‬
‫أنسب ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اثر عملية التخليق على الحياة االدارية‬


‫إذا كانت عملية التخليق عملية شاملة تهم مختلف ميادين المجتمع فإن تخليق‬
‫اإلدارة يشكل إحدى األولويات التي يؤدي تحقيقها إلى بعث روح الطمأنينة‬
‫واإلستقرار داخل المجتمع‪ ،‬وذلك لما تخلقه من روح الثقة بين المواطن واإلدارة‬
‫وكذلك من آجل العمل على تقريبهما ‪.‬‬
‫اهتمت جل الحكومات المتعاقبة‪ ،‬على االهتمام بتخليق المرفق العام‬
‫بهدف إصالح اإلدارة وجعلها في مستوى التحديات التي تفرضها التحوالت‬
‫الجديدة على الصعيدين الوطني والدولي ‪.‬‬
‫وقد أذكت هذه التوجهات السامية إرادة الحكومة بمقاربة هذا الورش من‬
‫جوانبه األساسية‪ :‬التخليقية والترشيدية والتواصلية من خالل إطار مرجعي لهذه‬
‫اإلصالحات يتمثل في ميثاق حسن التدبير الذي يجسد اإلرادة الثابتة للحكومة في‬
‫ترجمة سياسة التغيير من خالل مبادرات قطاعية عملية ومتواصلة‪ .‬و في اآلونة‬
‫األخيرة عمل المشرع المغربي على إصدار العديد من المراسيم والقوانين تهدف‬
‫إلى ترسيخ المبادئ والقيم األخالقية‪ ،‬ودعم الشفافية والمسؤولية في التدبير‬
‫‪:‬‬
‫العمومي‪ ،‬ومن أهم هذه المنجزات نذكر ما يلي‬
‫‪1-‬دعم الشفافية والمسؤولية في التدبير العمومي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحديد مسؤوليات اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫ب‪ -‬تعليل القرارات اإلدارية ‪:‬‬
‫مراقبة عمل اإلدارة من طرف المتعاملين معها ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تأسيس عالقة جديدة بين اإلدارة والمتعاملين معها قوامها التوازن‬ ‫‪‬‬

‫والشفافية وضمان الحقوق وتعزيز الثقة‪.‬‬


‫تكريس المفهوم الجديد للسلطة القائم على المواطنة وصيانة الحقوق وحفظ‬ ‫‪‬‬

‫المصالح واحترام الحريات والقوانين ‪.‬‬


‫الحفاظ على حقوق المواطن بضمان حقه في اإلخبار فيما يتعلق بتدبير‬ ‫‪‬‬

‫حقوقه والطعن أمام الجهاز القضائي‪.‬‬


‫ت‪ -‬إصدار القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة ]‪[16‬ويهدف إلى ‪:‬‬
‫دعم حرية المنافسة والشفافية في تدبير الخدمات العمومية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫تحسين جودة الخدمات وتقليص كلفتها ثم تقديمها في أحسن شروط السالمة‬ ‫‪‬‬

‫والبيئة‪،‬‬
‫تقنين مجال عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫نهج مقاربة تشاركية بين القطاعين العام والخاص تقوم على أساس توازن‬ ‫‪‬‬

‫العالقة بين المفوض والمفوض إليه‪.‬‬


‫]‪[17‬‬
‫ج‪ -‬إصدار المرسوم المحدث للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ‪:‬‬
‫‪-‬مهام الهيئة ‪:‬‬
‫تنسيق الجهود على المستوى الوطني والمحلي في مجال الوقاية من‬ ‫‪‬‬

‫الرشوة‪،‬‬
‫تعزيز الشراكة بين اإلدارات والفعاليات األخرى حول الوقاية من الرشوة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جمع ونشر المعلومات المتعلقة بالفساد وتدبير قاعدة معطيات تتعلق‬ ‫‪‬‬

‫بالمعلومات ذات الصلة بالظاهرة‪،‬‬


‫اقتراح التدابير الرامية إلى إقامة تعاون بين اإلدارات والقطاع‬ ‫‪‬‬

‫الخاص وتحسيس الرأي العام‪،‬‬


‫تقديم مساعدات إلى السلطات القضائية المرفوع إليها أمر أفعال الرشوة‬ ‫‪‬‬

‫ورفع األمر إليها عندما تكون األفعال المبلغة لديها يعاقب عليها القانون‪.‬‬
‫ح‪ -‬إصدار القانون المتعلق بغسل األموال ]‪:[18‬‬
‫تجريم فعل غسل األموال وكذا تقديم المساعدة أو إعطاء االستشارة في‬ ‫‪‬‬

‫هذا الباب‪،‬‬
‫إدراج أفعال الفساد والرشوة ضمن عمليات غسل األموال‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫تحديد األشخاص الخاضعين الذين يجب عليهم التزام اليقظة وتقديم‬ ‫‪‬‬

‫التصريح باالشتباه‪،‬‬
‫إحداث وحدة مركزية مكلفة بمراقبة ومعالجة المعلومات‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫حماية األشخاص الخاضعين وعدم متابعتهم حتى في حالة التصريح‬ ‫‪‬‬

‫باالشتباه الخاطئ‪.‬‬
‫]‪[19‬‬
‫غ‪ -‬إصالح نظام تدبير الصفقات العمومية ‪:‬‬
‫دعم الشفافية والمنافسة في الولوج إلى الصفقات العمومية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫تعزيز المساعدة في تفويت الصفقات العمومية‪ :‬عقود نموذجية‪ ،‬وثائق‬ ‫‪‬‬

‫إدارية‪ ،،‬بنك المعطيات حول المزودين‪،...‬‬


‫تبسيط مسطرة تقديم طلبات العروض‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫توضيح في صلب المحاضر أسباب الرفض أو اإلقصاء من بعض‬ ‫‪‬‬

‫العروض‪،‬‬
‫إقرار اإلعالن عن طلبات العروض ونتائجها عبر االنترنيت‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫إحداث البوابة المغربية للصفقات‬ ‫‪‬‬

‫العمومية ‪www.marchespublics.gov.ma‬‬
‫ي‪ -‬تبسيط المساطر اإلدارية ‪:‬‬
‫إعفاء المواطنين من اإلدالء بشواهد االزدياد‪ ،‬السكنى‪ ،‬الحياة والجنسية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وقيام البطاقة الوطنية الجديدة مقامها‪:‬‬


‫القانون المحدث للبطاقة الوطنية للتعريف اإللكترونية]‪:[20‬‬ ‫‪‬‬

‫المرسوم التطبيقي للقانون المحدث للبطاقة الوطنية للتعريف اإللكترونية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 9950‬مكرر بتاريخ ‪10‬دجنبر‪. 7112‬‬


‫تقليص االحتكاك المادي للمواطنين باإلدارة ‪:‬‬
‫تقليص اإلحتكاك المادي للمواطنين باإلدارة المتعلق بالتبادل اإللكتروني‬ ‫‪‬‬

‫وللمعطيات القانونية‪ :‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9925‬بتاريخ ‪6‬دجنبر‬


‫‪،7112‬‬
‫الوضع اإللكتروني على الخط لما يناهز ‪ 051‬خدمة إدارية‬ ‫‪‬‬

‫فبعد أن استعرضنا أهم المبادرات والمنجزات الحكومية في مجال‬


‫تخليق الحياة اإلدارية‪ ،‬فما هي يا ترى أهم اإلجراءات المتخذة للحد من الفساد‬
‫اإلداري؟‬
‫فلإلجابة عن هذا السؤال يجب التطرق إلى اإلجراءات المتخذة في هذا‬
‫اإلطار ‪:‬‬
‫‪2-‬اإلجراءات المتخذة للتخليق ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلجراء التحسيسي ]‪:[21‬‬
‫إن للجانب التحسيسي دورا فعاال في تقويض الكثير من مظاهر االنحراف‬
‫والسلوكات المشينة‪ ،‬ذلك أن من شأن إشاعة الثقافة األخالقية على أوسع نطاق أن‬
‫تساهم في تدعيم وترسيخ قيم ومبادئ السلوك األخالقي في المجتمع ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أضحى من الضروري دعم وتثبيت األخالقيات في الحياة العامة‬
‫اعتمادا على اآلليات التالية ‪:‬‬
‫‪-‬توجيه النظام التربوي العام للمجتمع لتعزيز شعور الناشئة بالمسؤولية المدنية‬
‫وبحقوق المواطنة لتدعيم الوعي لديهم بما لهم وما عليهم ‪.‬‬
‫‪ -‬إدراج التربية على تخليق الحياة العامة ضمن المناهج التعليمية وتنظيم حمالت‬
‫تحسيسية في هذا المجال على المستوى المركزي والجهوي ‪.‬‬
‫‪-‬االنفتاح على الفعاليات المجتمعية الناشطة في مجال تخليق الحياة العامة‬
‫وإشراكهم في بلورة البرامج التي يمكن إنجازها في هذا الشأن من خالل‬
‫تخصيص مجال عمل محدد لها يساير األهداف المقترحة لمكافحة مختلف‬
‫السلوكات المشينة ‪.‬‬
‫‪-‬إعداد مواثيق أخالقية قطاعية في اإلدارات العمومية تحدد القيم األخالقية‬
‫والقواعد السلوكية التي توضح مسؤوليات وواجبات اإلدارة والموظف إزاء‬
‫]‪[22‬‬
‫العموم ‪.‬‬
‫‪-‬إرساء ميثاق أخالقي بين المواطن وإدارة الدولة يحدد باألساس طبيعة الخدمات‬
‫والحقوق التي للمواطن الحق في الولوج إليها ‪.‬‬
‫‪-‬تمكين المشهد اإلعالمي من ضمانات قانونية توفر إمكانيات اإلخبار والتنديد‬
‫بملفات الفساد الموثقة بإثباتات موضوعية‪ ،‬لكسب انخراط الفعاليات اإلعالمية في‬
‫الكشف عن بؤر الفساد‪ ،‬وتيسير مسطرة المتابعة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلجراء الوقائي ‪:‬‬
‫يحتل المستوى الوقائي في تخليق المرفق العام جانبا هاما في استئصال‬
‫ومحاصرة مظاهر الفساد اإلداري والحد من السلوكات المشينة في الوظيفة‬
‫العمومية ‪.‬‬
‫ويجب أن يرتكز العمل في هذا الصدد على بلورة رؤية قانونية تتوخى‬
‫ترسيخ الشفافية ودمقرطة اإلدارة من خالل ‪:‬‬
‫‪1-‬إعادة بناء العالقات بين اإلدارة والمتعاملين معها على أسس متوازنة تضمن‬
‫حقوق كل طرف وتتجاوز مظاهر غلو السلطة التقديرية لإلدارة والمتجلية على‬
‫الخصوص في تفشي مفهوم السر المهني‪ ،‬وغياب التعليل والتوظيف السلبي‬
‫لمفهوم السكوت الضمني لإلدارة وغيرها ‪.‬‬
‫وفي هذا المجال‪ ،‬يعتبر قانون تعليل القرارات اإلدارية خطوة مهمة في ترسيخ‬
‫هذه العالقات المتوازنة بين اإلدارة والمتعاملين معها ‪.‬‬
‫‪2-‬ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة في تدبير المال العام‬
‫‪3-‬ترسيخ مبدأ إقرار المساءلة وتقييم األداء على جميع أعمال وأنشطة المرافق‬
‫العمومية واألشخاص العاملين بها‪ ،‬وتوطين هذه المهام ضمن اختصاصات أجهزة‬
‫الرقابة الموجودة ‪.‬‬
‫‪4-‬تفعيل دور المفتشيات العامة للوزارات من خالل تأهيلها للقيام بالمراقبة‬
‫الميدانية الفعالة‪ ،‬واالضطالع بمهام التدقيق والتقييم واالستشارة والتنسيق‬
‫]‪[23‬‬
‫والتأطير‪ ،‬فضال عن المراقبة المعتادة ‪.‬‬
‫‪5-‬إحداث جهاز لتنسيق التفتيش العام بهدف ضمان تقييم البرامج والسياسات‬
‫القطاعية وتمكين الحكومة من تتبع نتائج عمل الوزارات والهيئات العمومية‪،‬‬
‫والتفكير في ربح رهانات ‪ 7101‬بالشروع في خلق اآللية القانونية إلحداث‬
‫مفتشية عامة للدولة لدى الوزير األول‪ ،‬تسند إليها اختصاصات هامة تتمثل في‬
‫تقييم ومراقبة سير المصالح العمومية والتنسيق بين مختلف المفتشيات العامة‬
‫للوزارات والمفتشية العامة للتراب الوطني والمفتشية العامة للمالية بغية توحيد‬
‫عمل اإلدارات العمومية في هذا المجال‪ ،‬كما يعهد إليها بالقيام بمهام التفتيش‬
‫العام بالنسبة للوزارات التي ال تتوفر على مفتشية عامة خاصة بها باإلضافة إلى‬
‫]‪[24‬‬
‫إعداد تقارير تركيبية دورية حول التفتيش العام لإلدارات العمومية ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ومن أجل وضع مبدأ تخليق الحياة العامة على المستوى المالي‬
‫موضع التنفيذ تم إصدار قانون يتعلق بالتصريح اإلجباري للممتلكات يخص جميع‬
‫األطر التي تتحمل مسؤولية مالية‪ ،‬وكذا جميع األشخاص المعينين بظهير ظبقا‬
‫]‪[25‬‬
‫للفصل ‪ 11‬من الدستور‬
‫ج‪ -‬اإلجراء الزجري ‪:‬‬
‫يعتبر الزجر آلية فعالة إلدانة السلوك المشين وتقويم االنحرافات التي يسببها‪،‬‬
‫والنهوض به يمر بالضرورة عبر تثمين وصيانة القاعدة القانونية باعتبارها‬
‫المرجع األساسي لتطويق جيوب الفساد ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يبدو ضروريا التنصيص قانونيا على ما يلي ‪:‬‬
‫إرساء أسس قانونية للحث على نشر نتائج التحقيقات والتدقيقات التي تقوم‬ ‫‪o‬‬

‫بها الهيئات المختصة وتوسيع دائرة اإلعالم بها‪ ،‬ألجل تقوية الحواجز‬
‫المانعة من جهة‪ ،‬والتعريف بممارسات التدبير الجيد من جهة ثانية‪ ،‬ثم من‬
‫أجل إفساح المجال إلدانة السلوك المشين وتوفير إمكانيات عملية الشتغال‬
‫النصوص وتفعيلها‪.‬‬
‫بحث إمكانية التنصيص القانوني على مبدأ فتح مسطرة التحقيق القضائي‬ ‫‪o‬‬

‫والمتابعة عندما يتعلق األمر بوقائع قد توصف بسلوكات مشينة يعاقب‬


‫عليها‪ ،‬كلما يتم اإلعالن عنها بإثبات موضوعي في تصريحات عمومية أو‬
‫مقاالت في الصحف‪.‬‬
‫بحث إمكانية تثمين مبدأ العقوبة في جانبها المتعلق بالغرامة من خالل‬ ‫‪o‬‬

‫التنصيص على مبدأ الضعف‪ ،‬أي الحكم بالغرامة بضعف المنافع المحصلة‬
‫بدل تحديد المبلغ الذي يظل هزيال جدا مقارنة مع األموال والمنافع‬
‫المحصلة عن ممارسات الفساد‪.‬‬
‫بحث إمكانية التنصيص القانوني على مبدأ التشهير (بعد اإلدانة بطبيعة‬ ‫‪o‬‬

‫الحال) واستشراف إمكانيات ترجمته عمليا باستثمار مختلف القنوات‬


‫التواصلية‪ ،‬خاصة بعد أن بات مؤكدا كل عقاب ال يراه الناس هو عقاب‬
‫ضائع ال فائدة منه‪.‬‬
‫ضرورة تفعيل وإعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بمنع وجود مصالح‬ ‫‪o‬‬

‫للموظفين في المعامالت المالية إلدارتهم بوضع مقتضيات تطبيق الفصل‬


‫‪ 06‬من النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬حيث يتعين التنصيص‬
‫كتابيا في المقتضيات التطبيقية لهذا الفصل على مختلف السلوكات‬
‫المقصودة مع إقرار مبدأ الحق في إجراء التحقيق والتحري على إثر شكاية‬
‫أو تظلم بوجود مصالح غير مشروعة‪ ،‬وكذا الحق في تحريك مسطرة‬
‫المتابعة سواء جنائيا أو بمقتضى العقوبات المنصوص عليها في قانون‬
‫المنافسة‪ ،‬أو إداريا عبر تحريك مسطرة التأديب ‪.‬‬
‫وفي نفس السياق ومن اجل كسب رهان تحسين عالقة االدارة من المرتفق البد‬
‫من اشراك المجتمع المدني لتلقين أفراده قيم األخالق والشعور بالمسؤولية وفي‬
‫رصد لالنحرافات القانونية ومقاومتها بردود الفعل المناسبة‪ .‬ولكي يتمكن المجتمع‬
‫المدني من الوفاء بهذا االلتزام‪ ،‬يجب نشر الوعي بين أفراده عن طريق تعميم‬
‫التعليم والتوعية العامة‪ ،‬وسلوك سياسة االنفتاح بمختلف أنواعه من طرف‬
‫األجهزة اإلدارية حتى يتمكن من أداء دوره على الوجه المطلوب ‪.‬‬
‫ومراعاة للحجم المتواضع للجمعيات غير السياسية‪ ،‬البد من مراجعة قانون‬
‫الحريات العامة لتمكين المجتمع من إبراز إمكانياته عن طريق الجمعيات التي‬
‫تشكل الوسيلة المباشرة لمساهمته في تطوير مسيرته السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية‪ .‬وفي انتظار تحقيق ذلك‪ ،‬توجه الورشة نداء إلى‬
‫الجمعيات لتضاعف من جهودها في ترسيخ القيم والمثل العليا في سلوك‬
‫المجتمع من خالل تكوين وتوجيه األعضاء المنتسبين إليها ‪.‬‬
‫وفي نفس السياق البد من اشراك النقابات واألحزاب السياسية لدورهما‬
‫االساسي في تأطير المجتمع وتوجيه سلوك أفراده لما تملكه من وسائل دستورية‬
‫وقانونية في توجيه مسيرة المجتمع وتطوره‪ ،‬عن طريق البرامج التي تنشرها بين‬
‫أعضائها‪ ،‬وعن طريق المرشحين الذين تزكيهم لممارسة الشأن العام المحلي‬
‫والوطني‪ ،‬إضافة إلى ما تملكه من صحف ووسائل إعالم من أجل ذلك تطالب‬
‫الورشة‪ ،‬وبإلحاح كبير النقابات واألحزاب السياسية‪ ،‬بااللتزام علنيا بالمساهمة في‬
‫تخليق الحياة العامة عن طريق إخضاع الترشيح لالنتخابات المحلية والوطنية‬
‫لمقاييس الشفافية في األداء‪ ،‬ومساءلة مرشحيها وتتبعهم في أداء مهامهم ‪.‬‬
‫ونظرا لألهمية القصوى التي تكتسيها وسائل اإلعالم في توجيه الرأي العام‬
‫وتخليقه‪ ،‬البد من تخصيص حيز مالئم لنشر ثقافة التخليق والتصدي‬
‫لالنحرافات عن طريق التشهير بها ونشرها‪ ،‬شريطة أن تكون موثقة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الشفافية اإلدارية كخيار استراتيجي لترسيخ ركائز النموذج‬


‫التنموي‬

‫لم تعد اإلدارة الحديثة تستمد مشروعيتها من مؤسستها فحسب وإنما أيضا من‬
‫مدى قدرتها على تحسين عالقتها بجمهورها‪ ،‬وهو ما يقتضي بالدرجة األولى‬
‫بذل مجهودات دائمة لتلميع صورتها لديه وإعطاء القيمة لنشاطها عن طريق‬
‫القيام بحمالت إعالمية تهدف منها إقناع الفئات العريضة من هذا الجمهور‬
‫بمالءمة وجودة أعمالها‪ ،‬ومحاولة تحسيسه بأهمية ما تقوم به من أنشطة في كافة‬
‫الميادين بغية تحفيزه على التعاون معها في تدبيرها وذلك عن طريق إستراتيجية‬
‫موجهة لخلق التواصل بين المواطن ومؤسساته اإلدارية وكذلك العمل على‬
‫خلق ظروف استقبال مالئمة تجعل المرتفق الذي يلج إلى اإلدارة في موقع‬
‫المشارك وبالتالي تحفيزه على المشاركة في القراراتاإلدارية لتحقيق دمقرطة‬
‫العمل اإلداري و إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي وفي جعل اإلدارة أداة‬
‫فاعلة في تطوير السياسات العمومية في مختلف المجاالت ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ -‬دور التواصل في تحقيق الشفافية اإلدارية ‪:‬‬


‫يعتبر التواصل كعملية إرسال المعلومات واستقبالها من العناصر األساسية‪ ،‬ليس‬
‫فقط للحياة االجتماعية واالندماج في الجسم االجتماعي‪ ،‬وإنما أيضا لممارسة‬
‫اإلدارة كعملية بدونها ال يمكن تصور وجود أية منظمة أو حياة جماعية مشتركة ‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن اإلدارة في غياب التواصل لن تستطع بأية حال أن تحقق‬
‫ديناميكية الجماعة وممارسة وظائف اإلشراف والقيادة ‪.‬‬
‫فاإلدارة تتعامل مع األفراد المنتمين إليها ليس فقط على مستوى فردي ولكن‬
‫بشكل أساسي على مستوى جماعي وبالتالي فإن توجيه وتحريك المجموعات‬
‫]‪[26‬‬
‫والتأثير فيها أصبح موضوعا له أهيمته في اإلدارة والعملية اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ .0‬التواصل‪:‬‬
‫والتواصل هو عملية اجتماعية لكونه عملية إدارية عن طريقه تتفاعل الجماعة‬
‫وتستطيع اإلدارة إقامة عالقات تحقق التأثير المطلوب لإلدارة سواءا على األفراد‬
‫المكونين لإلدارة‪ ،‬أو على زبنائها‪ ،‬فالعملية التواصلية إذن تساعد على نقل وتبادل‬
‫المعلومات التي على أساسها يتوحد الفكر وتتفق المفاهيم وتتخذ القرارات‪ ،‬كما‬
‫أنها عملية أساسية لتصريف شؤون الحكم واإلدارة وتحقيق الشفافية في‬
‫عالقة اإلدارة بالمجتمع ‪.‬‬
‫واالتصال هو وظيفة نقل واستقبال المعلومات وبدونه ال يمكن أن تسير األمور‬
‫في األجهزة اإلدارية على أحسن ما يرام‪ ،‬فلالتصال دور هام في تنسيق الجهود‪،‬‬
‫ولكي يتم هذا التنسيق بين أعضاء الفريق بجدية يجب أن تتاح للمرء معلومات‬
‫كافية‪ ،‬فاالتصاالت إذن بين الرئيس والمرؤوسين تعد تلك الوسيلة التي يوجه‬
‫بواسطتها جهودهم ‪.‬‬
‫وعملية االتصاالت ما هي إال عملية تدفق المعلومات من أحد أطراف العالقة إلى‬
‫األطراف األخرى‪ ،‬فالرئيس يستطيع باستعمال سبل االتصاالت المتاحة له أن‬
‫يحدد للموظفين أهداف التنظيم بصفة عامة‪ .‬ويساعد على تحديد أهداف الجماعات‬
‫المختلفة داخل اإلدارة‪ ،‬فالرئيس يشرح للعامل الواجبات‬
‫واألعمال التي تتوقع اإلدارة منه أن يؤديها‪ ،‬مع اإلمكانيات الموضوعة رهن‬
‫]‪[27‬‬
‫إشارته لتعاونه على تحقيق هذه األهداف ‪.‬‬
‫فاالتصاالت من اإلدارة إلى العاملين هي الطريق أمام الموظف ليعين لنفسه‬
‫ميادين العمل المتاحة أمامه‪ ،‬وبواسطتها أيضا يمكن للرئيس أن يستخدم نظم‬
‫المكافآت والعقوبات بتبيان أنواع السلوك التي ينبغي على الموظف اتباعها ‪.‬‬
‫فبدون سيل المعلومات ال يمكن لهذا األخير أن يحدد اتجاه العمل الذي ينبغي‬
‫عليه أن ينهجه‪ ،‬وال يمكنه معرفة رأي اإلدارة في مستوى أدائه وإنتاجيته‪ ،‬وهكذا‬
‫فالعامل أو الموظف يصبح في وضعية غير مريحة بدون تلك المعلومات‬
‫المهمة ‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن تدفق المعلومات من الموظفين إلى الرؤساء ضرورة ال غنى‬
‫عنها للمدير الناجح‪ ،‬فبواسطة هذه المعلومات يعرف الرئيس مساعديه ويفهم‬
‫احتياجاتهم‪ ،‬كما أنه بواسطة االتصاالت هذه يمكن للرئيس أن يصحح األفكار‬
‫الخاطئة لدى الموظفين عن أهداف وسياسات اإلدارة‪ ،‬فتدفق المعلومات من أسفل‬
‫إلى أعلى يضمن اكتشاف المشاكل والمتاعب قبل حدوثها‪ ،‬سواء بالنسبة للمرء أو‬
‫المجموعة‪ ،‬وتتاح الفرصة لإلدارة للعمل على تفادي تلك المشاكل وتجنب‬
‫آثارها الضارة في اإلنتاجية ‪.‬‬
‫إن من أهم فوائد تدفق المعلومات من فئة العاملين إلى اإلدارة‪ ،‬أن تعي هذه‬
‫األخيرة رد فعل مخططاتها وسياستها واألوامر التي تصدرها للموظفين ووجهة‬
‫نظر الموظف في سياسة المشرف وأسلوبه في العمل ‪.‬‬
‫غير أن اإلشكال الرئيسي في عملية االتصاالت هي ضمان الفهم المشترك‬
‫للمعلومات بين طرفي االتصال‪ ،‬فإذا كان المرسل يتبين أنه قد بلغ المعلومات‬
‫بمجرد توصيلها للمرسل إليه‪ ،‬فإنه يتطلب من مرسل المعلومات أن يهتم‬
‫بتوضيح معلوماته والتأكد من أن الطرف اآلخر قد فهم تماما ذلك المعنى ‪.‬‬
‫وتتبين لنا أن المشكلة في موضوع االتصاالت شأنها شأن جميع‬
‫الجوانب المرتبطة بالعالقات اإلنسانية‪ ،‬هو كون اإلنسان له احتياجات وتطلعات‬
‫تؤثر كلها في نوعية تصوره لألمور وأسلوب فهمه للحقائق واستجابته‬
‫لالتصاالت‪ ،‬فالمرء في محاولته لفهم البيئة المحيطة به يكون لنفسه مجموعة من‬
‫المعتقدات ال يحاول تغييرها مهما تغيرت العوامل‪ ،‬وأن المرء في مواجهة تدفقات‬
‫المعلومات اآلتية إليه من أفراد آخرين يحاول دائما تحقيق التوافق بين هذه‬
‫]‪[28‬‬
‫المعلومات وبين األفكار والمفاهيم التي كونها لنفسه ‪.‬‬
‫وهذا التوافق يتحقق بفعل أربع طرق يلجأ إليها المرء ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلنتقاء االختياري‬
‫ب‪ -‬التصور االختياري للمعلومات‬
‫ج‪ -‬التذكر االختياري للمعلومات‬
‫د‪ -‬القرار االختياري ‪:‬‬
‫فالبد من اإلحاطة علما أن لإلتصال معوقات وعقبات عدة‪ ،‬وهي تعد‬
‫أكبر المشاكل أهمية في اإلدارات العمومية‪ ،‬هذه المعوقات يمكنها أن تظهر‬
‫وتتضح في كل عمليات االتصال والمتمثلة في بداية االتصال‪ ،‬اإلرسال‬
‫واالستقبال‪.‬بيد أن االستقبال تقف في وجهه عدة معوقات ‪.‬‬
‫إذا من الضروري أن تقوم اإلدارة بين الفينة واألخرى بدراسة اإلجراءات التي‬
‫تستعمل من أجل تسهيل عملية االتصال‪ .‬والتأكد من أن القرارات التي توصل‬
‫إليها التنظيم هي قرارات متصلة بالمعلومات المستقاة‪ ،‬ولقد زاد االهتمام بهذا‬
‫الموضوع في الوقت الحالي‪ ،‬ويتوقع الكثير من التطور في ميدان االتصال في‬
‫السنوات القادمة ‪.‬‬
‫بالمقابل ينبغي إشراك الموظف في االتصال وفي اتخاذ القرارات قصد تشجيعه‬
‫وإحساسه بقيمته داخل التنظيم‪ ،‬إن االتصاالت مهمة للرئيس لذا ينبغي عليه أن‬
‫]‪[29‬‬
‫يعمل على توجيه مرؤوسيه إلى تحقيق أهداف المرفق ‪.‬‬
‫كما ينبغي تطوير نظام االتصاالت بالمرافق العمومية لتطوير سلوك العاملين بها‬
‫بما يتوافق وسياسات المنظمات‪ ،‬وبالتالي السيطرة على تصرفات هؤالء الناس‬
‫وتوجيهها حسب مخططات المدير أو المرفق ‪.‬‬
‫ولهذا الغرض‪ ،‬فإن أغلب اإلدارات بدأت حديثا تنشأ بعض الوحدات تتخصص‬
‫في أعمال تتعلق باالتصال وتقوم هذه الوحدات بتقديم المساعدات وبتسجيل‬
‫المعلومات وتجميعها من المصادر الداخلية والخارجية‪ ،‬ولعل مثل هذه اإلجراءات‬
‫ستحقق الوصول إلى إيجاد نظام اتصال فعال يضمن تنقل المعلومات بكل يسر‬
‫وحرية والتأثير في سلوك الموظف بما يتوافق والمصلحة العامة والوصول في‬
‫األخير إلى أفول ظاهرتي مقاومة التغيير وحركية الجماعة السلبية التي تؤثر سلبا‬
‫على العمل اإلداري ‪.‬‬
‫وأي إستراتيجية للشفافية اإلدارية يجب أن تهدف بالدرجة األولى إلى تأسيس‬
‫انفتاح حقيقي لإلدارة العمومية على محيطها االجتماعي‪ ،‬ويقتضي إعمال هذا‬
‫االنفتاح إعادة النظر في مبادئ التباعد ‪ /‬السلطة التي تشكل ركائز النموذج‬
‫التقليدي للتواصل بين الطرفين‪ ،‬وتترجم إعادة النظر هاته عبر حركتين مختلفتين‪،‬‬
‫فمن جهة تتوجه اإلدارة نحو الجمهور بتوضيحها لمغزى أنشطتها حتى تصبح‬
‫مفهومة أكثر وتتقرب منه أحسن‪ ،‬من جهة أخرى فإنها تنفتح على الجمهور آخذة‬
‫بعين االعتبار طموحاته ومتطلباته لتصبح سهلة اإلطالع وأكثر قابلية‬
‫للتأثر بالمحيط ‪.‬‬
‫وتعتبر هاتان الحركتان بمثابة مرحلتين ضروريتين لسيرورة االنفتاح‪ ،‬إذ انطالقا‬
‫من اللحظة التي تشعر فيها اإلدارة بأهمية ردود فعل الجمهور لنجاح نشاطها‬
‫فإنها تكون مضطرة إلى إدماجهم مسبقا في حساباتها بإشراك المرتفقين ضمن‬
‫]‪[30‬‬
‫أشكال متعددة ومختلفة التخاذ القرار ‪.‬‬
‫وبإدراك السكان ألهمية عمل اإلدارة سيتم ضمان االتصال بين الطرفين بحيث‬
‫تعتبر اإلدارة العمومية أكثر األطر التنظيمية حاجة إلى نظام لالتصال فعال‬
‫وشامل للربط والتنسيق بين عناصرها الداخلية وبينها وبين بيئتها الوطنية‬
‫]‪[31‬‬
‫والدولية ‪.‬‬
‫من جهة أخرى يلعب التواصل دورا أساسيا في بلورة المفاهيم حول التنمية وأبرز‬
‫عناصرها األساسية وأدوات إنجازها‪ ،‬واكتشاف عالقة اإلنسان بالتنمية‪ ،‬وهذا‬
‫يعتبر منعطفا هاما في الدور التنموي للتواصل‪ ،‬فاإلنسان ال يعد هدفا فقط للتنمية‬
‫وإنما األداة الرئيسية لها]‪ ،[32‬كما أن إنجاز المطالب المجتمعية بمفهومها الواسع‬
‫تفترض بناء مؤسسات تضمن تمرير المطالب عبر بنيات تضمن التعبير الحر‬
‫عن إرادة المجتمع وتوجهاته السياسية واالقتصادية وبعبارة أخرى‪ ،‬تعتبر درجة‬
‫التواصل بين البنى المكونة للكل االجتماعي مؤشرا جيدا على دمقرطة النظام‬
‫وعقالنيته‪ ،‬ولعل االنحرافات الوظيفية للبنى االجتماعية ترجع بالضرورة إلى‬
‫انغالق المجتمع على نفسه وانكماش القوى الفاعلة على نفسها‪ ،‬مما يفقد المجتمع‬
‫القدرة على التعرف على مطالبه الحقيقية ‪[33].‬لهذا الغرض أوجدت الحكومات‬
‫الحديثة في عدة دول‪ ،‬مؤسسات وتنظيمات بنت عليها توقعات وقيم عالية‪ ،‬على‬
‫افتراض أن هذه المؤسسات والتنظيمات تشكل وسائل فعالة وناجعة لتحقيق‬
‫األهداف الهامة‪ ،‬فالمؤسسات والتنظيمات هي بمثابة وسائل لتحقيق حياة أفضل‬
‫للمواطنين والمرتفقين‪ ،‬أي أن هذه األجهزة والوحدات اإلدارية تكون أكثر قربا‬
‫من الجمهور وأكثر تجاوبا مع متطلباته وحاجته ‪.‬‬
‫وهذه المؤسسات شملت جميع الميادين اإلدارية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬ففيما‬
‫يخص هذا األخير فإن التواصل يلعب دورا مهما باعتبار أنه يشكل وسيلة لمعرفة‬
‫حاجيات ومتطلبات المجتمع اقتصاديا ويحاول تكييفها مع رغبة المستثمر وإدارتها‬
‫من جهة والمستثمر من جهة أخرى‪ ،‬وهذا يعني أن اإلدارة البد أن تكون مفتوحة‬
‫في وجه المواطنين ويتطلب احتكاكا مباشرا ومالمسة ميدانية لمشاكلهم في عين‬
‫المكان وإشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة والمالئمة كما أوصى بذلك جاللة‬
‫الملك في خطاب المفهوم الجديد للسلطة ]‪[34‬بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪. 0555‬‬
‫وهكذا تكون ضرورة تنويع أنماط التواصل بين اإلدارة والمواطنين من بين السبل‬
‫الحقيقية ألنسنة السلطة والجهاز اإلداري وجعلها أقرب للمواطنين نظرا ألهمية‬
‫التواصل بهدف خدمة المصلحة العامة وتلبية حاجات المواطنين‪ ،‬ونجد أن ميثاق‬
‫حسن التدبير يجعل من التزام اإلدارة بالتواصل مع محيطها والتشاور مع‬
‫المتعاملين معها وانفتاحها عليهم ]‪[35‬أحد منطلقاته األساسية وربما أهمها على‬
‫اإلطالق وذلك بإقراره مبدأ التشارك واالنفتاح على مشاكل وتطلعات الفرقاء‬
‫االقتصاديين والحرص على التجاوب مع الحاجيات المتجددة للمقاولة في مجال‬
‫التواصل ‪.‬‬
‫فالتواصل في هذا اإلطار يعد أحد األدوات األكثر تأثيرا في تدبير مختلف جوانب‬
‫العملية التنموية واألكثر فعالية في ضبط ميكانيزماتها وذلك بمواكبة إدخال النظم‬
‫الجديدة لتلبية الحاجات والعالقات االجتماعية الجديدة والبنيات االقتصادية‬
‫والسياسية التي تتطلبها‪ ،‬كما يقوم بخلق مناخ مالئم يمكن مختلف مكونات المجتمع‬
‫]‪[36‬‬
‫المدني من إدماج واقعها داخل واقع عام ‪.‬‬
‫‪2-‬االستقبال ‪:‬‬
‫ويشكل االستقبال أول اتصال بين اإلدارة والمرتفق بموجبه يكون هذا األخير‬
‫أحكامه األولية عن اإلدارة‪ ،‬و فكرته عنها التي تبقى مسجلة في ذاكرته طيلة فترة‬
‫تعامله معها ‪.‬‬
‫فاالستقبال كما أكدت على ذلك (كاترين روبرت) ال يمكن أن يقتصر على تلك‬
‫االبتسامة النمطية )‪ (sourire stéréotype‬على الطريقة األمريكية‪ ،‬بل يعد‬
‫االستقبال وعدا باالتصال الحسن‪ ،‬وبقابلية التفاهم‪ .‬إنه االستقبال البسيط واإلنساني‬
‫والذي يتحتم فيه على المسؤول اإلداري أن يأخذ وقته الكافي لالستماع ولفهم‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬وأن ال يقاطعه وأن ال يدعي أنه يعلم كل شيء وأن من أمامه ال‬
‫]‪[37‬‬
‫يفقه شيئا ‪.‬‬
‫وهكذا فإن دور االستقبال ال يقتصر فقط في مساعدة المرتفق على قضاء مآربه‬
‫اإلدارية في جو من الثقة وبعيدا عن جو الخوف والفزع الذي كانا يميز اإلدارة‬
‫المغربية حتى وقت قريب‪ ،‬بل يتعداه إلى خلق جو الثقة المتبادلة بين اإلدارة‬
‫والمرتفق والتي تسمح للمرتفق من اعتبار اإلدارة مجرد هياكل وبنيات تم إنشائها‬
‫لخدمته‪ ،‬في حين اإلدارة تنأى بنفسها عن موقع المتعالي وتغير النظرة السائدة‬
‫باعتبار اإلدارة المغربية إدارة منغلقة وبيروقراطية‪ ،‬وتجعلها إدارة في خدمة‬
‫التنمية على أن هذا يتطلب من اإلدارة تطوير بنيات االستقبال وكيفيته وذلك‬
‫بالعمل على إسناد مكاتب لالستقبال واإلرشادات اإلدارية ‪.‬‬
‫إن أهمية االستقبال تكمن في كونه المرحلة األساسية التي يكون فيها المواطن‬
‫االنطباع األول حول الجهاز اإلداري‪ ،‬إنه انطالقا من هذا االتصال األول سيحكم‬
‫على اإلدارة بانفتاحها أو انكماشها‪ ،‬بتنظيمها المحكم أو فوضويتها العارمة‪،‬‬
‫بإنسانيتها أو جهالتها‪ ،‬وكما عبر عن ذلك (شنيدر كريستيان) يعتبر االستقبال‬
‫بطاقة تعريف لإلدارة‪ ،‬أي أنه انطالقا من االتصال المباشر األول‪ ،‬سيعمل‬
‫المواطن على ترويج انطباعاته اإليجابية منها والسلبية حول سلوكات اإلدارة‪،‬‬
‫]‪[38‬‬
‫وذلك بين أقاربه وزمالئه‪ ،‬مما يكرس صورة معينة لإلدارة لدى الرأي العام ‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن االستقبال يمكن المرفق العمومي من اإلطالع عن قرب على‬
‫تطور وضعيات ورغبات المرتفقين بهدف إيجاد إجابات منسجمة مع كل حالة‪،‬‬
‫وهو بهذا يمثل عامال لالندماج االجتماعي ولنجاح السياسات العامة‪ ،‬لذا يجب أن‬
‫تتكون لدى كل اإلدارات هذه الرغبة في تخصيص استقبال إنساني وحار‬
‫لمرتفقيها وذلك من خالل حوار جاد وشفاف بواسطة خاليا مكلفة بإرشاد‬
‫ومساعدة المواطنين تتوفر في عناصرها شروط الكفاءة والديناميكية المهنية‬
‫وسعة الصدر‪ ،‬وذلك لجعلها أكثر فعالية واستجابة للرغبات االجتماعية وهي‬
‫شروط من شأنها المساهمة في التأسيس لبنيات سياسية انفتاحية في عالقة اإلدارة‬
‫بمحيطها ‪.‬‬
‫وترتبط عملية االستقبال في أساسها بأربعة عناصر مهمة وهي ‪:‬‬
‫توجيه الجمهور عبر مختلف المصالح التابعة لنفس الهيئة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نقل معلومات بسيطة إلى المرتفقين وكذا المطبوعات والوثائق الواجب‬ ‫‪‬‬

‫ملئها‪.‬‬
‫إعداد معلومات شخصية‪ ،‬أي تكييف المعلومات العامة مع الحاالت‬ ‫‪‬‬

‫الخاصة‪.‬‬
‫المعالجة السريعة لكل طلب شخصي وتقديم النصح والمساعدة للمرتفق‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وبهذا فإن االستقبال داخل اإلدارة سوف لن يساهم فقط في تحسين جودة العمل‬
‫اإلداري ولكن أيضا في جعل االتصال بين اإلدارة والمرتفق يتم في جو من الثقة‬
‫والتفاهم بين الطرفين وأداء الخدمة في إطار شفافية حقيقية يعتبر فيها المرتفق‬
‫كشريك وليس فقط مجرد خاضع لسلطان اإلدارة‪ ،‬فاالستقبال اإلنساني للمرتفق‬
‫سيخفف من ذلك الشعور بالحذر الذي يحس به بمناسبة كل اتصال له باإلدارة مما‬
‫يشجعه على تجديد االتصال بها مستقبال قصد المطالبة بتحقيق رغباته وممارسة‬
‫]‪[39‬‬
‫حقوقه المشروعة ‪.‬‬
‫فعملية االستقبال تعد عامال حاسما في تقريب أو إبعاد العالم اإلداري من الجمهور‬
‫ومن ثم وجب تنظيم هذه العملية في الزمان والمكان عبر تقريب المرافق العامة‬
‫من المستفيدين من خدماتها لتفادي أي ضياع لوقتهم من جراء قيامهم بتنقالت‬
‫مكلفة وما يستتبع ذلك من انتظار طويل بالنظر إلى انعدام االنضباط والدقة فيما‬
‫يخص تحديد ساعات افتتاح المكاتب اإلدارية واأليام المخصصة الستقبال‬
‫الجمهور مما يجعلها ال تصل إلى درجة إرضاء تطلعات ومتطلبات المرتفقين لذا‬
‫يجب مراجعتها وتنظيمها انطالقا من ضرورتين ‪:‬‬
‫يجب أن ال تتم عملية االستقبال على حساب حسن سير اإلدارة وفعاليتها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يجب أال يترك المرتفقون ينتظرون لفترات طويلة قد تؤدي إلى ضياع‬ ‫‪‬‬

‫وقتهم ومصالحهم]‪.[40‬‬
‫وتبدو أهمية االستقبال أكثر في ظل التوجهات الجديدة للدولة والرامية إلى خلق‬
‫الجو المالئم إلنعاش المبادرات الفردية وتشجيعها من أجل المساهمة في‬
‫االضطالع بجهود التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ‪.‬‬
‫إن إلقاء نظرة على واقع االستقبال باإلدارة المغربية يبين اهتماما متزايدا بعمليتي‬
‫االستقبال والتواصل سواء من خالل الخطابات الرسمية]‪ ،[41‬أو من خالل الواقع‬
‫العملي إال أن هذا االهتمام لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب بسبب غياب‬
‫إستراتيجية واضحة في هذا الميدان‪ ،‬طالما أن األمر يقتصر على قطاعات دون‬
‫األخرى حسب طبيعة المهام الموكولة إليها وخصوصية المرتفقين الذين تتعامل‬
‫معهم ]‪[42‬مما يحد من فعالية هذه الوظيفة ويفتح المجال لخلق أزمة تواصل بين‬
‫الحالتين سينجم عنها تفشي بعض األمراض االجتماعية كالرشوة‪ ،‬المحسوبية ‪..‬‬
‫وبالتالي اإلخالل بأحد المبادئ التي يقوم عليها المرفق العمومي وهي مبدأ مساواة‬
‫المرتفقين‪ ،‬فكيفما كان نوع اإلدارة وطبيعة الخدمات المقدمة فما يطلبه المرتفق‬
‫هو أن يحظى باحترام وتقدير من طرف اإلدارة عند تعامله معها وهذا لن يتأتى‬
‫إال بخلق بنيات تحتية لالستقبال مجهزة بوسائل الراحة الضرورية‪ ،‬وتكوين‬
‫أشخاص متخصصين في عمليات االستقبال واإلرشاد‪ ،‬مع توظيف التقنيات‬
‫التكنولوجية الحديثة‪ ،‬خصوصا وأن النتائج التي حققها استعمال هذه الوسائل‬
‫الحديثة لتحسين عالقة اإلدارة بالمرفق وتوفير نوع من االرتياح النفسي وخلق‬
‫جو من الثقة المتبادلة كانت مهمة للغاية في الدول المتقدمة ‪.‬‬
‫إن اإلدارة المغربية من جهتها مطالبة في الوقت الحالي بالتأقلم مع ما تفرضه‬
‫ضرورات تحسين جودة المرفق العمومي وتيسير ظروف اندماجه في محيطه‬
‫االجتماعي وذلك من خالل إعادة هيكلة مصالحها حتى تتالءم ووظيفة االستقبال‬
‫بحيث أن إنشاء مكاتب للعالقات العامة داخل كل إدارة عمومية يجب أال يقتصر‬
‫دوره على مجرد توجيه المرتفق بكل دقة وعناية نحو المصلحة المختصة بتقديم‬
‫الخدمة المطلوبة ولكن عليها أيضا أن تجتهد لكي تحول نشاطها الى تحقيق الهدف‬
‫الخاص بإعالم ومعاونة الجمهور بواسطة المعالجة الواعية لمطالبه واحتياجاته‪،‬‬
‫وكذا إخبار اإلدارة بردود أفعاله‪ ،‬ألن االستقبال من خالل أثر التغذية‬
‫االسترجاعية الذي يحققه يجب أن يكون حافزا لتحسيس اإلدارة لكافة المشاكل‬
‫]‪[43‬‬
‫التي يعاني منها المرتفقون والى المجاالت التي ال تزال في حاجة إلى إشباع ‪.‬‬
‫إن إنشاء مثل هذه المكاتب سيسمح إذن بحسن إرشاد الجمهور وتفهم عميق‬
‫لمشاكله‪ ،‬ومساعدته على القيام بإجراءاته اإلدارية في ظروف مالءمة ‪.‬‬
‫وبالتالي فتحسين وظيفة االستقبال ]‪[44‬من خالل تحديث البنيات اعتمادا على‬
‫التكنولوجيا الحديثة كالمعلوميات‪ ،‬وأشخاص متخصصين في هذا الميدان سيساهم‬
‫بشكل كبير في الرفع من جودة الخدمات ويخلق جوا من الثقة والتواصل والشفافية‬
‫]‪[45‬‬
‫بين اإلدراة ومرتفقيها ‪.‬‬
‫لذا يجب إبداء اهتمام أكبر لوظيفة االستقبال عبر مختلف شبابيك االدارات‬
‫العمومية بشكل يسهل عملية التواصل بين المسؤولين اإلداريين والمرتفقين‪ ،‬ألن‬
‫تنظيم هذه الوسيلة في االتصال بين الطرفين يعتبر مسألة حيوية لتجنيب المرتفقين‬
‫ضياع الوقت وتمكينهم من تجاوز الحاجز النفسي الذي يمثله بالنسبة إليهم الشباك‬
‫اإلداري‪ ،‬وذلك باالكثار من الشبابيك واالعتناء بعملية توزيعها داخل اإلدرات‬
‫وكذا تضمينها البيانات الالزمة على نحو يجنب المرتفقين كل التباس أو فوضى‬
‫ممكنة ألن جهلهم لهوية المسؤولين اإلداريين وطبيعة المهام الموكولة إليهم نتيجة‬
‫عدم تحديدها بدقة في الواجهة األمامية ألغلب الشبابيك اإلدارية‪ ،‬يضاعف من‬
‫مشاكل الجمهور في معرفة الموظف والشباك المرغوب فيه للحصول على خدمة‬
‫ما خصوصا عند أول اتصال لهم باإلدارة ‪.‬‬
‫لذلك فإن االعتراف بأهمية وجدوى االستقبال على صعيد مختلف المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬يقتضي إلى جانب إشراك مختلف مستويات المصالح اإلدارية في هذه‬
‫العملية‪ ،‬إعطاء اهتمام خاص لتكوين الموظفين القائمين بوظائف االستقبال‬
‫باعتبارها وظائف صعبة تتطلب كفاءات ومؤهالت خاصة‪ ،‬وتحسيسا لموظفي‬
‫اإلدارة إلى القيم الجديدة للتواصل المبنية على االحترام والتسامح والمساعدة‬
‫والتواضع في معاملة الجمهور‪ ،‬ومن ثم فإن تكوين األعوان العموميين في ميدان‬
‫العالقات العامة أصبح يشكل حاليا أحد الشروط الضرورية لقيام حوار إنساني مع‬
‫المرتفقين ]‪[46‬كفيل بتسهيل وتحسين االتصال المباشر والشخصي بينهم وبين‬
‫المسؤولين اإلداريين بغية تعديل انطباعاتهم السلبية عن اإلدارة‪ ،‬ألن الموظفين‬
‫يساهمون بشكل مباشر في تكوين االنطباع االيجابي أو السلبي الذي يترسخ في‬
‫أذهان المرتفقين حول اإلدارة العمومية ‪.‬‬
‫على أن تطوير مهمة االستقبال ال تتوقف فقط على اإلدارة بل تلقى كذلك على‬
‫عاتق المرتفقين حيث يجب خلق جمعيات للمرتفقين لتعديل وتغيير العالقات‬
‫التقليدية مع اإلدارة ومن جهة أخرى للعب دور الضاغط على اإلدارة رغم ما‬
‫تطرحه هذه اإلمكانية من مشكلة التواصل ما بين المرتفقين من جهة‪ ،‬وبينهم وبين‬
‫اإلدارة من جهة أخرى خاصة وأن اإلدارة المغربية ال ترغب في تغيير سلوكاتها‬
‫]‪[47‬‬
‫تحت واقع الضغط المباشر من المرتفقين ‪.‬‬
‫إذا كان مفهوم المشاركة قد قدم في أول األمر على أنه خطاب تقني يهدف باسم‬
‫الفعالية إلى إحداث قطيعة مع مبادئ مثل المركزية اإلدارية والتراتبية الوظيفية‪،‬‬
‫فإن هذا المفهوم أصبحت له أبعاد عامة جديدة تتمثل في االنفتاح‪ ،‬الالمركزية‪،‬‬
‫التواصل وكل هذه المعاني تساعد اإلدارة على التكيف الجيد مع محيطها‪ ،‬كما‬
‫تساعد على تلطيف الجو الداخلي لإلدارة وتمكن من تفعيل العالقات بين العناصر‬
‫‪.‬‬
‫المكونة للعملية اإلدارية‬
‫وباإلضافة إلى ذلك يعتبر إشراك الموظفين في المجهود اإلداري على هذا النحو‬
‫في حد ذاته مؤشرا على دمقرطة السير الداخلي لإلدارة‪ ،‬باعتباره يرتبط بالتوجه‬
‫الديمقراطي الواسع الذي مافتئت معالمه تتضح منذ عدة سنوات على مستوى‬
‫مجموع المؤسسات االجتماعية‪ ،‬ولذلك يعتقد ‪M.CROZIER‬بأن "هناك رغبة‬
‫في إشراك المرؤوسين‪ ،‬ألن المشاركة هي مؤشر حقيقي على الديمقراطية داخل‬
‫المقاولة أو داخل اإلدارة‪ ،‬وألنه من غير الالئق أن ترفض اإلدارة لفرد معين‬
‫]‪[48‬‬
‫الحق في االهتمام بشؤون الجماعة التي ينتمي إليها ‪.‬‬
‫وهكذا وبالنظر إلى التغييرات التي سوف تحدثها على عقلية الموظفين‪ ،‬فإن‬
‫المشاركة تعتبر محاولة لتقريب اإلدارة من المرتفقين‪ ،‬وحيث أنها تسمح بتعويض‬
‫األساليب القانونية والممارسات الروتينية للتواصل السلطوي بميكانيزمات أخرى‬
‫أكثر انفتاحا‪ ،‬بسيطة وإنسانية‪ ،‬فإنها سوف تؤثر بالتبعية وبطريقة غير مباشرة‬
‫على وضعية العالقات بين االدارة ومرتفقيها]‪ ،[49‬لتجاوز اإلطار التقليدي لهذه‬
‫العالقات المبني على االنغالق والتسلط ‪.‬‬
‫ولعل هذه األهمية المزدوجة للمشاركة تبعث على التفكير في ضرورة توسيع‬
‫مجاالتها إلى مختلف القطاعات خصوصا تلك التي تهم المواطنين بشكل مباشر‪،‬‬
‫بحيث تشمل القطاع االقتصادي واالجتماعي بأكمله‪ ،‬قبل أن تسري بعد ذلك‬
‫تدريجيا إلى مجال اإلدارة الشاملة باعتباره المجال التقليدي للروابط بين اإلدارة‬
‫والمرتفقين‪ ،‬حيث تتجلى امتيازات السيادة بالنسبة لجهاز الدولة ‪.‬‬
‫وإذا كان من الضروري تنويع مجاالت المشاركة من أجل توسيع نطاقها‪ ،‬فإنه‬
‫البد أن يوازي هذا المجهود تنويع لفئات المرتفقين المعنيين بأمر هذه المشاركة‬
‫بغية تمكين الفئات العريضة من الجمهور من المساهمة الفعالة في جهود التطوير‬
‫االقتصادي واالجتماعي للبالد ‪.‬‬
‫بما أن اإلدارة العمومية المغربية باعتبارها الجهاز المسؤول عن إدارة التنمية‬
‫بجميع أشكالها‪ ،‬وباعتبارها أيضا العامل الحاسم في نجاح أو تعثر خطط ومشاريع‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فقد أصبح من الالزم تحديثها وعصرنتها عن‬
‫طريق تطوير متكامل ومتوازن لجميع مكوناتها‪ ،‬وقد رعى المسؤولون هذا‬
‫المعطى الهام وأنجزوا مشاريع (وإن كانت في أحيان عديدة خجولة) تصب كلها‬
‫في اتجاه تحديث وتطوير البنية اإلدارية بما ينسجم مع متطلبات التنمية الشاملة‬
‫للمجتمع‪ ،‬وما اقتناء تكنولوجيا المعلوميات واستعمالها بكثافة في الحقل اإلداري‬
‫وفي مجاالت عديدة إال مظهرا من مظاهر االهتمام بالتحديث اإلداري‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تدعيم استعمال تكنولوجية المعلومات الية لتدعيم الشفافية‬

‫تحت ضغط وزخم المطبوعات اإلدارية وتراكم المعلومات‪ ،‬وبطء اإلجراءات‬


‫وإلحاح المرتفق على تلبية حاجياته بسرعة‪ ،‬كان البد على المسؤولين اإلداريين‬
‫بأن يفكروا في إيجاد وسيلة فعالة لتجاوز مثل هذه المشاكل ‪.‬‬
‫ولعل المعلوميات الحديثة التقنية الوحيدة التي تسمح باختزال الكثير من‬
‫المراحل‪ ،‬وجمع أكبر عدد ممكن من المعلومات‪ ،‬وهي أيضا الطريقة الوحيدة‬
‫التي تجعل عملية الرجوع إلى هذه المعلومات سهلة وسريعة‪ ،‬وهذا كله سيخفف‬
‫على المسير اإلداري كثرة الوثائق اإلدارية‪ ،‬كما سيساعد على ربح الوقت للتفرغ‬
‫الى مهام أخرى أهم ‪.‬‬
‫كما أن المعلوميات تطرح نفسها كوسيلة أساسية لتبسيط اإلجراءات اإلدارية‬
‫وتحسين العالقات مع المرتفق‪ ،‬نظرا لما تقدمه لهذا األخير من معلومات دقيقة‬
‫وخدمات سريعة ‪.‬‬
‫وتسعى اإلدارة المغربية سعيا متواصال للحاق بركب التقدم التكنولوجي في جميع‬
‫نواحيه للنهوض بالمجتمع المغربي في جميع المجاالت والشك أن ما حققته حتى‬
‫اآلن في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات واالتصال يعد انجازا ال بأس به‬
‫بفضل خبرائها في تدبير بعض القطاعات الحكومية كالجمارك والمالية ‪.‬‬
‫ولالنصاف قطعت اإلدارة أشواطا مهمة في اقتناءها لتكنولوجيا المعلومات أما‬
‫من حيث امتالك األدوات والمعدات التكنولوجية ‪،‬نجد اإلدارة قطعت أشواطا مهمة‬
‫في اقتناءها لهذه لتكنولوجيا‪ ،‬إذ أصبحت تتوفر على حظيرة مهمة تختلف من‬
‫إدارة ألخرى من حيث الكم والكيف‪ ،‬فاإلدارات التي تقوم بمهام تقنية وحساسة في‬
‫تسيير دواليب الدولة‪ ،‬كالداخلية والخارجية والدفاع والبريد والمالية والتجهيز‪...‬‬
‫تتوفر على معدات متنوعة وكثيرة تضاهي إدارات أغلب الدول المتقدمة‪ ،‬أما‬
‫اإلدارات التي لها ميزانية متوسطة فهي تتوفر كذلك على حظيرة مهمة من‬
‫الحواسب لكنها ليست في نفس مستوى اإلدارات السابقة‪ ،‬كما أن التوزيع‬
‫الجغرافي لهذه التكنولوجيا يرتكز بشكل أساسي في محور الرباط الدار‬
‫البيضاء ‪[50].‬إذ بلغت هذه النسبة سنة ‪ 0529‬حوالي ‪ 29‬من مجموع الحواسيب‬
‫الموجودة بالبالد‪ ،‬وهذا التركيز تمخض عنه إتباع أسلوب المعالجة المركزية‬
‫للمعلومات‪ ،‬مما يقلص من فرص التواصل مع المرتفقين وبالتالي تحجيم‬
‫الالمركزية المعلوماتية‪ ،‬وهو ما يؤكد كون االندفاع نحو استخدام تكنولوجيا‬
‫المعلومات في اإلدارة لم يتم غالبا على ضوء األهداف التنموية واالحتياجات‬
‫الفعلية وإنما كان بدافع طموح ورغبة اإلدارة في استخدام آخر منجزات التقدم‬
‫التكنولوجي ]‪[51‬وليس ارتباطا باحتياجات اإلدارة والمجتمع فالتكنولوجيا التي‬
‫تطورت استجابة لحاجات مجتمع معين ال تصلح في أغلب األحيان لمجتمع آخر‬
‫له ظروف مغايرة ‪.‬‬
‫غير أن هذا يقود إلى استنتاج مهم وهو أن المطلوب ليس انتظار تالءم‬
‫التكنولوجية مع المجتمع وإنما البد من التدخل الواعي والهادف النضاجها وإيجاد‬
‫البيئة المناسبة لتحقيق االستخدام األمثل لتكنولوجيا المعلومات وتطبيقها بفعالية في‬
‫تطوير اإلدارة العمومية ‪.‬‬
‫إن ما يفسر عدم تالءم التكنولوجيا الحديثة في المغرب مع واقع اإلدارة المغربية‬
‫بصفة مثالية هو أنه بالرغم من المجهودات المتوخاة في عمليات المكننة‪ ،‬فإن‬
‫غالبية المساطر اإلدارية الزالت تعتمد على الورق‪ ،‬ويظهر ذلك غريبا إذا ما‬
‫الحظنا أن جل اإلدارات تتوفر اآلن على شبكة معلوماتية ذاتية وعملية ‪.‬‬
‫فالبرنامج المتبع حتى اآلن في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات واالتصال‬
‫باإلدارة المغربية يتميز باألساس بعدم التنسيق بين اإلدارات في شتى مكونات‬
‫المعلوميات من معدات وبرمجيات ودراسات الخ ‪ ....‬واتباع كل وزارة أو إدارة‬
‫منهجية وخطة عمل حرة غير مرتبطة باألهداف والتوجهات العامة للحكومة‪،‬‬
‫حيث أنه آن األوان لوضع أسس متينة لنهج سياسة موحدة وواضحة في هذا‬
‫المجال تقوم أساسا على عالقات شراكة تعاقدية والتي يجب أن تطورها اإلدارة‬
‫فيما بينها وبين الجماعات المحلية وكذا المؤسسات المهنية مع عدم إغفال اآلثار‬
‫]‪[52‬‬
‫االيجابية والسلبية المترتبة عن استعمال هذه التقنيات ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمواقع اإللكترونية للوزارات فقد تحقق عمل ال بأس به‪ ،‬حيث أحدثت‬
‫غالبية الوزارات الكبرى موقعا على االنترنيت‪ ،‬ونشرت بعض اإلدارات بنوك‬
‫معطيات قانونية أو معلومات تهم مساطر إدارية‪ ،‬غير أن غالبية هذه المواقع ال‬
‫توفر إال معلومات عامة عن المؤسسة وهياكلها وبعض أنشطتها‪ ،‬الشيء الذي ال‬
‫يرقى حتى اآلن إلى متطلبات المواطن والمقاولة من معلومات تساعد على تلبية‬
‫خدمات إدارية ‪.‬‬
‫إن تكنولوجيا المعلومات واالتصال غذت صناعة المستقبل االقتصادي‬
‫واالستثماري في دول أوروبا وأمريكا واليابان (خاصة وأن العالم يعرف حاليا‬
‫تكتالت اقتصادية لالستفادة من مزايا اقتصاد السوق والليبرالية والتكنولوجيا‬
‫المتطورة) ولالسراع بخطى المغرب لكي يتقدم في هذا المجال الحيوي يجب أوال‬
‫البعد عن كثرة الدراسات النظرية والخروج من الندوات والمؤتمرات بخطة عمل‬
‫واقعية وواضحة تعمل على تحديد المجاالت الواعدة في تكنولوجيا المعلوميات‬
‫واالتصال وتطبيقاتها والتي تناسب إمكانيات المغرب المادية والبشرية‪ ،‬كما يجب‬
‫أن نركز في الوقت الحالي على االستعانة بخبرات شركات تكنولوجيا المعلومات‬
‫واالتصال المتميزة وفتح قنوات اتصال معها على أعلى مستوى بالدولة كما‬
‫يحدث ذلك مع صناعات أخرى ‪.‬‬
‫بما أن اإلدارة العمومية المغربية باعتبارها الجهاز المسؤول عن إدارة التنمية‬
‫بجميع أشكالها‪ ،‬وباعتبارها أيضا العامل الحاسم في نجاح أو تعثر خطط ومشاريع‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فقد أصبح من الالزم تحديثها وعصرنتها عن‬
‫طريق تطوير متكامل ومتوازن لجميع مكوناتها‪ ،‬وقد رعى المسؤولون هذا‬
‫المعطى الهام وأنجزوا مشاريع (وإن كانت في أحيان عديدة خجولة) تصب كلها‬
‫في اتجاه تحديث وتطوير البنية اإلدارية بما ينسجم مع متطلبات التنمية الشاملة‬
‫للمجتمع‪ ،‬وما اقتناء تكنولوجيا المعلوميات واستعمالها بكثافة في الحقل اإلداري‬
‫]‪[53‬‬
‫وفي مجاالت عديدة إال مظهرا من مظاهر االهتمام بالتحديث اإلداري ‪.‬‬
‫إال أن الهدف األسمى الستخدام المعلوميات باإلدارة العمومية ال ينبغي أن يقتصر‬
‫على مكننة األعمال المكتبية وزيادة إنتاجية العمل في مجال المعالجة المالية‬
‫واالحصائية المختلفة‪ ،‬وإنما تزويد مراكز اتخاذ القرار في اإلدارات بالمعلومات‬
‫الالزمة لها لتوظيفها في مختلف المجاالت والمناحي التي من شأنها الرفع من‬
‫المردودية واإلنتاجية‪ ،‬وتحسين العالقة بين اإلدارة والمرتفق من جهة‪ ،‬وتحقيق‬
‫اإلقالع اإلداري عبر تحديث وعصرنة آليات اشتغال اإلدارة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫وتقوم السلطات الحكومية بتبني وتطوير مناهج التدبير اإللكتروني لتسهيل ولوج‬
‫]‪[54‬‬
‫المرتفقين للخدمات العمومية بأقل كلفة ممكنة وأسرع وقت ممكن ‪.‬‬
‫كما تعرف اإلدارة اإللكترونية استخدام اإلدارات العمومية لتكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال )‪ (TIC‬بهدف تسهيل الولوج إلى خدماتها من لدن المرتفقين وتحسين‬
‫مستوى أدائها الداخلي‪ ،‬فهي تروم إعادة تنظيم العالقات وتحسين التواصل بين‬
‫]‪[55‬‬
‫اإلدارة والمدارين‪ ،‬أو بين اإلدارات نفسها ‪.‬‬
‫ويتحدث األستاذ محمد حركات عن الحكامة اإللكترونية‬
‫)‪(e.gouvernance‬باعتبارها تستخدم الوسائل اإللكترونية وتكنولوجيا‬
‫اإلعالم واالتصال في العمل اإلداري لخلق إدارة تفاعلية أكثر شفافية‪ ،‬وتطوير‬
‫‪[56].‬‬
‫مظاهر الحكامة الجيدة‬
‫فاستخدام اإلدارة اإللكترونية في المنظمات اإلدارية يسـتهدف تحقيق األهداف‬
‫اآلتية ‪[57]:‬‬
‫‪-‬اختصار وقت تنفيذ المعامالت اإلدارية المختلفة؛‬
‫‪-‬تسهيل إجراء االتصال بين اإلدارات واألجهزة الحكومية؛‬
‫‪-‬تقليل استخدام األوراق لتجاوز إكراهات الحفظ والتخزين‪ ،‬وفي هذا السياق‬
‫أطلقت بعض الوزارات مشاريع إلنشاء أرشيف إلكتروني؛‬
‫‪-‬تجميع المعلومات والبيانات من مصادرها األصلية؛‬
‫‪-‬توظيف تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في دعم الثقافة التنظيمية لدى العاملين في‬
‫اإلدارة ودعم التنسيق بين اإلدارات العليا واإلدارات التابعة لها؛‬
‫‪-‬توفير المعلومات والبيانات للمرتفقين بسهولة؛‬
‫‪-‬دعم الشفافية؛‬
‫‪-‬تقليل معوقات اتخاذ القرار ‪. .‬‬
‫وعموما لكسب رهان تحسين عالقة االدارة مع المرتفق البد من ‪:‬‬
‫‪ -‬إرساء عالقات شفافة لإلدارة بالمرتفقين من خالل تحسين استقبال المواطنين‬
‫بمختلف اإلدارات العمومية والجماعات المحلية‪ ،‬والتعريف بهويات الموظفين‪،‬‬
‫وبالمساطر اإلدارية وشروط االستفادة منها‪ ،‬وتسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الوطني‬
‫المتعلق بتبسيط المساطر اإلدارية‪ ،‬وتسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الوطني لإلدارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وتدعيم وتطوير مركز االتصال والتوجيه اإلداري‪ ،‬وتعميم إحداث‬
‫رقم هاتفي أزرق بمختلف اإلدارات‪ ،‬وتعميم إحداث وحدات بكل اإلدارات‬
‫العمومية تختص بتلقي الشكايات‪ ،‬وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة‪،‬‬
‫وإحداث آلية لالستشعار بحاالت االرتشاء التي يتعرض لها المرتفقون‪ ،‬وإقرار‬
‫آلية لحث اإلدارات على اإلسراع بتنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها‬
‫‪ -‬تدعيم قيم النزاهة واالستحقاق باإلدارة من خالل اعتماد ضابطة لسلوك‬
‫الموظفين على مستوى إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‪،‬‬
‫وتعميم المباراة في التوظيف‪ ،‬وترسيخ قيم االستحقاق والشفافية في تولي مناصب‬
‫المسؤولية‪ ،‬وتشجيع الحركية والتناوب على المناصب العمومية‪ ،‬وترسيخ مبادئ‬
‫االستحقاق والشفافية في الترقية باإلدارات العمومية‪ ،‬وتدقيق المقتضيات‬
‫التشريعية المتعلقة بمنع الجمع بين الوظائف واألجـور‪ ،‬وتدعيم قاعدة منع‬
‫تضارب المصالح الشخصية مع المهام المزاولة باإلدارة العمومية‪ ،‬وتسهيل عملية‬
‫التصريح بالممتلكات‪ ،‬وإدماج محور الوقاية من الرشوة ومحاربتها ضمن برامج‬
‫التكوين والتكوين المستمر‪ ،‬باإلضافة إلى إحداث جائزة وطنية لتشجيع المبادرات‬
‫المتميزة في مجال الوقاية من الرشوة ومحاربتها ‪.‬‬

‫ختاما ‪:‬‬

‫إن الورقة البحثية المتواضعة بشان "التخليق والشفافية ضرورة ملحة إلصالح‬
‫اإلدارة‪ ،‬و خيارا استراتيجيا في إرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي" أدت‬
‫بنا إلى استخالص الخالصات التالية ‪.‬‬
‫‪-‬تحسين عالقة االدارة مع المرتفق على توجهات وأولويات تنموية‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫الفصل بين رهانات التنمية الشاملة والمستديمة ومتطلبات اإلصالح اإلداري الذي‬
‫هو بحق مربط الفرس وصمام األمان في إنجاز الرؤية اإلستراتيجية الكفيلة‬
‫بتحقيق التنمية وإرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي ‪.‬‬
‫‪-‬إشاعة منظومة جديدة للتعامل مع المرتفق قوامها االستقبال واالرشاد والتوجيه‬
‫المالئم والتسيير العقالني والبرغماتي للموارد البشرية والمالية واللوجستيكية‬
‫بمقاييس ربح الوقت وترشيد كلفة األداء ‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين عالقة االدارة مع المواطن رهين بتثمين الموارد البشرية الكفأة‬
‫والمؤهلة للعمل اإلداري والتواصل مع المواطنين‪ ،‬زبناء اإلدارة والفاعلين‬
‫االقتصاديين واالجتماعيين والمستثمرين مع تأمين شروط وظروف األداء‬
‫اإلداري الجيد والمسؤول والشفاف على قاعدة المهنية بما يخدم مقاصد وأهداف‬
‫إدارة التنمية الشاملة وإرساء الركائز األساسية للنموذج التنموي ‪.‬‬
‫‪-‬تحسين عالقة االدارة مع المواطن رهين بتدعيم االخالقيات المهنية والعالقات‬
‫االنسانية بالمحيط االداري ‪.‬‬
‫‪ -‬إن مشكلة اإلدارة المغربية ليس هي إشكالية التشريعات والقوانين واللوائح فال‬
‫يمكن منطقيا اختزال التعبير داخل اإلدارة العمومية في مجرد إعداد مشاريع‬
‫نصوص قانونية أو إجراء تعديالت عليها‪ ،‬بل أن المشكلة تكمن في الممارسة‬
‫اإلدارية والسلوكات البيروقراطية الهجينة والمعاكسة للتطور والتنمية اإلدارية لذا‬
‫فإن ما يتطلبه التغيير وتخليق الحياة العامة في اإلدارة المغربية يتمثل في اعتماد‬
‫إجراءات وتدابير أولية كمؤشرات قوية ووازنة من شأنها إشعار المواطنين بأن‬
‫أفعاال ومنجزات إيجابية وجديدة تتحقق وأن نموذج التدبير اإلداري يتغير‬
‫ويتحسن ويأخذ مساره الصحيح ‪.‬‬
‫‪ -‬إنه من أجل إنجاح عملية تحسين اإلدارة مع محيطها البد من عملية اإلشراك‬
‫والتوافق إذ البد من انخراط جميع الفاعلين في عملية اإلصالح هذه من مرتفقين‬
‫وموظفين وهيئات مدنية ومهنية‪ ،‬وعلى رجال السياسة وفق إرادة سياسية واضحة‬
‫بأن يقوموا بتوضيح وتحديد طبيعة اإلدارة التي يراد بناؤها‪ ،‬مع ضرورة خلق‬
‫الشروط المناسبة والمضمون المالئم من أجل إعداد العقليات وضمان استجابتها‬
‫لما يراد القيام به ‪.‬‬
‫– اعتماد معايير موحدة لتقنين عملية التبادل المعلوماتي بين اإلدارات وتوحيد‬
‫وترتيب المسميات والمحتويات والنماذج وكذا مساطر التواصل اإلداري ‪،‬‬
‫– إحداث منتديات الحوار واالقتراحات على الشبكة خاصة بعملية عصرنة‬
‫اإلدارة والتحسين من خدماتها لجمع األفكار واالقتراحات من طرف المواطنين‬
‫والمهتمين بهذا الميدان عموما‪،‬‬
‫– إعداد مشاريع قوانين حول التأشيرة اإللكترونية ‪،‬‬
‫– وضع نظام قانوني وتقني كفيل بحماية الحياة الخاصة للمواطنين في استعمال‬
‫أبناك المعطيات التي تتوفر عليها اإلدارات ‪،‬‬
‫– إعداد نص قانوني حول احترام استعمال اللغة الرسمية للبالد في التواصل‬
‫عبر االنترنيت مع مراعاة التمكن من اللغات األجنبية األكثر تداوال في العالم ‪،‬‬
‫– تحسيس المواطن وحثه على أهمية استعمال االنترنيت كوسيلة سهلة وسريعة‬
‫للمعامالت اإلدارية بتقديم تسهيالت وإغراءات في أثمان التجهيزات والخدمات‬
‫اإللكترونية ‪،‬‬
‫– إشراك المواطنين والمقاوالت في تطوير البوابة االلكترونية ‪،‬‬
‫– تشجيع اإلدارات إلحداث نقط لالتصال بالشبكة كمراكز االنترنيت أو غيرها‬
‫‪،‬‬
‫– تشجيع تعميم النظم المعلوماتية المحلية ‪ :‬شبكة االنترنيت واألنترانيت تهتم‬
‫بشؤون الجماعات المحلية واألقاليم والعماالت والمصالح الخارجية ‪،‬‬
‫– إعداد دراسة متعلقة بهذا المجال ينتج عنها إصدار وثيقة رسمية ملزمة‬
‫لإلدارات تحدد اإلطار المرجعي والمنهجي العام الهادف إلى تطوير تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصال باإلدارة بمشاركة جميع القطاعات الحكومية ‪،‬‬
‫– إنشاء صندوق أو ميزانية خاصة باسم "إدارتي" تمول من طرف الدولة‬
‫والقطاع الخاص وتتميز بمرونة التسيير‪،‬‬
‫– إعداد مخطط إعالمي للتعريف بدور وأهمية تكنولوجيا المعلومات واالتصال‬
‫في تأهيل اإلدارة ‪،‬‬
‫– وضع برنامج طموح لتأهيل موظفي اإلدارات العمومية في تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصال بتشارك مع الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين والدفع‬
‫بمساهمة الكفاءات واألدمغة الوطنية المتواجدة بالخارج لدعم المجهود الوطني في‬
‫هذا الميدان ‪،‬‬
‫– أرقمة اإلرث المعلوماتي اإلداري وإحداث بنوك معطيات ومعاجم‬
‫المصطلحات وبيانات أفقية وعامة ‪،‬‬
‫– االنتقال باإلدارة من المساطر على الورق إلى المساطر على الخط‬
‫)‪،(Dématerialisation-Téléprocèdures‬‬
‫– إنشاء الشبكات الداخلية ومد الربط االلكتروني بين اإلدارات العمومية ‪،‬‬
‫ترشيد وعقلنة طرق اقتناء وتدبير المعدات والمستهلكات المعلوماتية في إطار‬
‫تصور وحلول تأخذ بعين االعتبار الحاجيات الحقيقية للمرافق اإلدارية ‪،‬‬
‫‪ -‬إحداث مرصد وطني مكلف بتتبع جودة الخدمات اإلدارية اإللكترونية المقدمة‬
‫للمواطن والمقاولة يشــــارك فيه إلى جانب اإلدارة المواطن ممثال في المجتمع‬
‫المدني وكذا الشركات المهتمة ‪،‬‬
‫‪ -‬استثمار التجارب الرائدة لبعض اإلدارات والتعريف بها وجعلها أرضية‬
‫لالستئناس ‪،‬‬
‫‪ -‬فرض قواعد عامة على منتجي الخدمات المعلوماتية بهدف تحسين جودتها ‪،‬‬
‫‪ -‬حجز وتحفيظ حقول مواقع ويب من طرف اإلدارات لتفادي اقتنائها فيما بعد‬
‫بأثمان خيالية ‪،‬‬
‫‪ -‬إحداث أجهزة لمتابعة التطور التكنولوجي في مجال المعلوميات ‪،‬‬

‫‪[1] -‬عبد الواحد أورزيق‪" :‬التحديات الكبرى لإلدارة العمومية"‪ ،‬مجلة اإلدارة‬
‫المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،7111/0‬ص ‪.5-1‬‬
[2] -Michel Rousset : « la construction d’une
administration nationale et les maladies infantiles du
système administratif », Remald 40 ans d’administration,
n°6 série, « thème actuels » 1996, p 75.
‫مطبعة النجاح الدار‬،‫ المؤسسات اإلدارية المغربية‬،‫ ميشل روسي‬:‫[أنظر‬3] -
.‫ وما بعدها‬02 ‫ ص‬،0551 ‫البيضاء‬
[4]-Faquir MOHAMED : « administration publique :
perception dominantes et priorités », revue international
des sciences administratives N°1 1988, p 9 et 10.
[5]-B.Gournay : «introduction à la science
administrative » Armand Colin. Cahier de la fondation
nationale des sciences politiques N° 139-2éme édition
1970, p 8.
[6] -Ali Sedjari : « la mise à niveau de l’administration
face à la mondialisation » Ed l’Harmattan, GRET
imprimerie El Maârif Al Jadida, Rabat 1999, p 7.
‫ التعديل في األولويات السياسية ومتابعة التوازنات المجالية‬:‫[نذكر منها‬7] -
‫ إضافة إلى التشديد أكثر فأكثر على‬،‫والترابية كالالمركزية والالتمركز والجهوية‬
.‫تحميل المسؤولية للمجتمع المدني‬
« la mise à niveau de l’administration :[8]-Sedjari (Ali)
face à la mondialisation » ED.l’HARMATTAN, 1999,
op.cit, page 7.
« la réforme de l’administration au :[9] - Sedjari (Ali)
Maroc entre le conservatisme d’hier et le changement
d’aujourd’hui » in la mise a niveau de l’administration
face à la mondialisation Ed.L’Harmattan, 1999, p 123-
124.
‫ منشورات المنظمة العربية للعلوم‬،‫ نظريات اإلدارة العامة‬:‫[عمار بوحوش‬10]-
. 3.‫ ص‬،0521 ،‫ األردن‬،‫ عمان‬،‫ جمعية عمال المطابع التعاونية‬،‫اإلدارية‬
‫ أطروحة لنيل دكتوراه‬،"‫"مساهمة في دراسة سلوك اإلدارة‬،‫[قهوي حميد‬11]-
‫ كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬،‫ جامعة الحسن الثاني‬،‫الدولة في القانون العام‬
.791 :‫ ص‬،7110-7111 ‫ السنة الجامعية‬،‫ الدار البيضاء‬،‫واالجتماعية‬
‫‪[12]-‬نجاة آيت باكو‪" :‬تحديات اإلدارة المغربية ورهانات التنمية"‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ :‬جامعة محمد الخامس‪،‬كلية‬
‫الحقوق أكدال – الرباط‪،‬السنة الجامعية ‪ ،7111 – 7117‬ص‪.15 :‬‬
‫‪[13] -‬عبد الحق عقلة‪" :‬دراسات في علم التدبير"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،7112-7116 ،‬ص ‪.711‬‬
‫‪[14] -‬عبد الحق عقلة‪" :‬دراسات في علم التدبير"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.715‬‬
‫‪[15] -‬عبد الحق عقلة‪" :‬دراسات في علم التدبير"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.719‬‬
‫‪[16] -‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 9515‬بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪.7116‬‬
‫‪[17] -‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9901‬بتاريخ ‪7‬أبريل ‪.7112‬‬
‫‪[18] -‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9977‬بتاريخ ‪1‬ماي‪.7112‬‬
‫‪[19] -‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9902‬بتاريخ ‪ 05‬أبريل ‪7112‬‬
‫‪[20]-‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9921‬بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪.7112‬‬
‫‪[21] -‬بتعاون مع اتحاد كتاب المغرب والوزارة المكلفة بتحديث القطاعات‬
‫العامة تم تنظيم ندوة بعنوان ثقافة اإلصالح بالمغرب بمدينة مراكش بتاريخ ‪-75‬‬
‫‪ 11‬يونيو ‪ 7117‬كان الهدف منها إشراك مثقفي المغرب (أدباء‪ ،‬شعراء‪ ،‬كتاب‪،‬‬
‫نقاد‪...‬إلخ) في حمالت تحسيسية إلعطاء تصور حداثي لتخليق المرفق العام‪،‬‬
‫وكحصيلة لهذه الندوة تم إصدار مجلد يحمل عنوان في ثقافة اإلصالح يضم ثالثة‬
‫كتب‪ :‬حصيلة العمل الحكومي‪ ،‬الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري في‬
‫البرلمان‪ ،‬وثالث كتاب يحمل عنوان ثقافة اإلصالح‪.‬‬
‫‪[22] -‬نشير في هذا المنحى لمشروع مدونة السلوك تقدمت بها المفتشية العامة‬
‫للوزارة لتحديث القطاعات العامة‪ ،‬الهدف منها تأسيس مدونة سلوكية ألعوان‬
‫وموظفي اإلدارات العمومية‪ ،‬كما هو الحال لمدونة السلوك المتعلقة بهيئة‬
‫األطباء‪ ،‬وهي تشير لما يجوز وما ال يجوز على الموظف القيام به في‬
‫عمله اتجاه زمالئه ورؤسائه ومرتفقي اإلدارة العامل بها‪.‬‬
‫‪[23] -‬هناك مشروع للمفتشيات العامة للوزارات هيأته وزارة تحديث القطاعات‬
‫العامة لتشكيل إطار قانوني مناسب لضبط وتوصيف اختصاصات المفتشيات‪.‬‬
‫‪[24] -‬إنه لربح رهانات ‪ 7101‬البد من التعجيل في الشروع بخلق آليات‬
‫قانونية إلحداث مفتشية عامة للدولة تابعة للوزارة األولى‪ ،‬تقوم باختصاصات‬
‫هامة تتمثل في تقييم ومراقبة سير المصالح العامة والتنسيق بين مختلف‬
‫المفتشيات العامة للوزارات والمفتشية العامة للتراب الوطني والمفتشية العامة‬
‫للمالية بغية توحيد عمل اإلدارات العمومية في هذا الميدان‪.‬‬
‫‪[25] -‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9625‬بتاريخ ‪ 1‬نونبر ‪ ، 7112‬المتعلقة‬
‫بالتصريح اإلجباري للملتلكات‬
‫‪[26] -‬طه أنماس‪" :‬دور النظام التواصلي"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪[27] -‬د‪.‬علي سامي‪" :‬السلوك اإلنساني في اإلدارة "‪ ،‬القاهرة السنة‪،0529‬‬
‫مكتبة غريب ‪ ،‬ص ‪.775‬‬
‫‪[28] -‬د‪.‬علي السلمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.717-710‬‬
‫‪[29] -‬محمد حسن النعيمي‪ ":‬السلوك البشري ودوره في اإلصالح اإلداري"‪،‬‬
‫م‪.‬س‪.706 ،‬‬
‫‪[30] -Chevalier J : « la communication entre‬‬
‫‪administration et administrés », Paris, PUF 1983, p44.‬‬
‫‪[31] -‬عزيز إدريس‪" :‬إشكالية الشفافية داخل اإلدارة العمومية المغربية"‪ ،‬بحث‬
‫لنيل د‪.‬د‪.‬ع‪ .‬في القانون‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية ع‪.‬ق‪.‬إق‪.‬إج‪ ،‬أكدال الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،0552-0556‬ص ‪.009‬‬
‫‪[32] -‬طه أنماس ‪" :‬دور النظام التواصلي في تحقيق إدارة فعالة ومنتجة"‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،55-52‬ص ‪.52‬‬
‫‪[33] -‬خالد الغازي‪" :‬التدبير الالمتمركز الستثمار"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪[34] -‬مع العلم هنا أن السلطة هنا ليس المقصود بها السلطة اإلدارية الترابية‪،‬‬
‫بل ينطبق على كل من أوكلت إليه سلطة معينة‪.‬‬
‫‪[35] -‬المبحث الثالث من ميثاق حسن التدبير‪ ،‬ضمن الوثائق المنشورة في‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية للتنمية سلسلة مواضيع الساعة‪ :‬المفهوم الجديد‬
‫للسلطة عدد ‪ ،79‬ص ‪.62‬‬
‫‪[36] -‬إدريس الكراوي‪ ":‬االقتصاد المغربي‪ ،‬التحوالت والرهانات"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬
‫‪.29‬‬
‫]‪Robert Catherine : « le fonctionnaire français » , -[37‬‬
‫‪Ed, Albin Michele 1961 p 391.‬‬
‫‪[38] -‬عبد الحق عقلة‪" :‬مدخل لدراسة القانون اإلداري وعلم اإلدارة"‪ ،‬ج‪ 0 .‬م‬
‫س ص ‪.29‬‬
‫‪p .[39] - A. Aklaa : «l’administration marocaine ». op cit‬‬
‫‪328.‬‬
‫]‪Idem. p 313. -[40‬‬
‫‪[41] -‬رسالة الملك الراحل الحسن الثاني الى السيد الوزير األول بخصوص‬
‫االستثمار‪ ،‬مناشير الوزير األول إلى السادة الوزراء ومنها على سبيل المثال ال‬
‫الحصر منشوري رقم‪ 59/71 :‬و ‪52/71‬‬
‫]‪R. Mouiot : « les problèmes des relations -[42‬‬
‫‪publiques », R.A.N° 117 / 1967, p 336.‬‬
‫‪[43] -‬عزيز إدريس‪ :‬م‪.‬س ‪ .‬ص ‪.792‬‬
‫‪[44] -‬لقد قام صاحب الجاللة الملك محمد السادس بافتتاح أول مركز جهوي‬
‫لالستثمار بالدار البيضاء يوم ‪ 71‬غشت ‪ ،7117‬إلعطاء دفعة قوية لالستثمار‬
‫األجنبي والمحلي‪.‬‬
‫‪« les rapports :[45]- Mohamed Amine Benabdellah‬‬
‫‪entre l’Administration et les citoyens », R.E.M.A.L.D. n°‬‬
‫‪double 4 et 5 juillet/ décembre 1993, p18.‬‬
‫‪[46] -‬عزيز إدريس ‪ :‬م‪.‬س ‪ .‬ص ‪.767‬‬
‫‪[47] - Ali Sedjari : « état et administration tradition au‬‬
‫‪modernité », ed, Guessous 1993, p 62‬‬
‫]‪M.Crozier : op.cit, p 107 -[48‬‬
‫]‪M.Crozier : op.cit, p 107 -[49‬‬
‫‪[50] -‬محمد نور برهان‪ ":‬استخدام الحاسبات االلكترونية في اإلدارة العامة‬
‫للدول العربية"‪ ،‬نظرة تحليلية مستقبلية المنظمة العربية للعلوم اإلدارية ‪،0529‬‬
‫ص ‪.50‬‬
‫‪[51] -‬محمد نور برهان‪ ":‬تكنولوجيا المعلومات في اإلدارة العامة العربية‬
‫تحديات الواقع وإستراتيجية المستقبل"‪ ،‬مقال في كتاب اإلدارة العامة واإلصالح‬
‫اإلداري في الوطن العربي تحرير الدكتور ناصر محمد الصائغ‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص‬
‫‪.0051‬‬
‫‪[52] -‬اإلدارة المغربية وتحديات ‪ 7101‬م ‪.‬س‪ .‬ص ‪.050‬‬
‫‪[53] -‬محمد البوفي‪" :‬تكنولوجيا المعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري"‪،‬‬
‫م ‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪[54] -‬عبد الغني اعبيزة ‪ :‬استراتيجية تحديث اإلدارة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية العدد ‪ ،7115- 22-22‬ص ‪.92‬‬
‫‪: les enjeux des T.I.C dans la société (y)[55]- Dhiba‬‬
‫‪l’information : cas du Maroc, Revue Massalik.numéro‬‬
‫‪double 13-14,2010,p 98.‬‬
‫‪[56]- Harakat(M): Gouvernance, gestion publique.‬‬
‫‪Corruption au Maroc, et maarif al jadida, rabat, p 141-‬‬
‫‪142.‬‬
‫‪[57] -‬هند أبراش‪ :‬اإلصالح اإلداري في المغرب‪ -‬اإلدارة اإللكترونية نموذجا‪-‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬أكدال‪-‬‬
‫الرباط ‪ 7112-7112‬ص ‪.025‬‬

You might also like