You are on page 1of 8

‫اإلصالح اإلداري بالمغرب‬

‫السبت ‪ 5‬فبراير ‪14:29 - 2022‬‬

‫هسبريس‬ ‫‪.1‬‬
‫منبر هسبريس‬ ‫‪.2‬‬

‫اإلصالح اإلداري بالمغرب‬

‫عرامالسبت ‪ 5‬فبراير ‪14:29 - 2022‬‬


‫سمية‬
‫تعد اإلدارة آلية أساسية لتنفيذ برامج الدولة وسياساتها العمومية‪ ،‬في المجال‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪ .‬كما تجسد وسيلة لخدمة حاجيات المواطنين‬
‫بشتى أصنافها‪ ،‬وفق مبادئ ومعايير تدبيرية معينة يحددها الدستور‪ .‬وقد حرص‬
‫المغرب منذ استقالله على بناء وإرساء دعائم اإلدارة‪ ،‬وتماشيا مع تيارات التحديث‬
‫عمد المغرب إلى القيام بإصالحات مهمة‪ ،‬تهدف إلى تأمين النمو االقتصادي‬
‫واالستقرار السياسي مع ضرورة االنفتاح على العالم‪.‬‬
‫وقد كان ميدان اإلدارة من أبرز الميادين المستهدفة من قبل اإلصالح الذي جاء‬
‫نتيجة دوافع عالمية خارجية وأخرى داخلية‪ ،‬كذلك أعلنت عن ضرورة ملحة‬
‫لتحسين وعصرنة التسيير اإلداري وتحديث المؤسسات العمومية‪ ،‬التي تعتبر حلقة‬
‫مكملة لباقي اإلصالحات في مجاالت أخرى‪ .‬فاإلدارة السليمة لالقتصاد ال تقتصر‬
‫على السياسات التي تتبعها وإنما تعتمد على المؤسسات التي تترجمها على أرض‬
‫الواقع وتسهم في نجاعتها‪ .‬فما هي دوافع هذا اإلصالح ومراحله؟ ما هي األسس‬
‫التي قام عليها وما هي أهدافه؟ كيف لعبت تكنولوجيا المعلومات دورها في تحديث‬
‫اإلدارة؟‬
‫ولإلجابة عن هذه األسئلة سنتطرق للمحاور التالية‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬دوافع ومراحل اإلصالح اإلداري في المغرب‬
‫المحور الثاني‪ :‬أسس وأهداف اإلصالح‬
‫المحور الثالث‪ :‬تحديث اإلدارة عبر تكنولوجيا االتصال‬
‫المحور األول‪ :‬دوافع ومراحل اإلصالح‬

‫دوافع اإلصالح اإلداري‪:‬‬


‫إن سياسة اإلصالح اإلداري هي نتاج لعدة عوامل‪ ،‬فدوافع اإلصالح سواء كانت‬
‫داخلية أو خارجية ال يمكنها أن تتأثر إال من خالل محرك عالمي‪ ،‬متمثل في‬
‫ظاهرة العولمة وما خلفته من قضايا تهم العالم كالشفافية؛ الديمقراطية وضمان‬
‫حقوق اإلنسان… ومجموعة من المبادئ يستحيل العمل بها دون إصالحات‬
‫جذرية‪ .‬حيث تعتبر هذه العناصر من المحركات الخارجية‪ ،‬إلى جانب ارتفاع‬
‫وتيرة التبادل بين الدول‪ ،‬الشيء الذي فتح التنافس أمام اقتصاد المغرب‪ ،‬مما‬
‫يستدعي ذلك تطوير كل المقومات الذاتية بما فيها اإلدارة العمومية سعيا وراء‬
‫التكيف مع الواقع الدولي‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة كذلك إلى استجابة المغرب للمؤسسات المالية الدولية‪ ،‬كالبنك الدولي‬
‫وصندوق النقد الدولي من خالل توجيهاتهما بضرورة إعادة هيكلة النظام اإلداري‬
‫وذلك إثر التقرير الذي أصدره البنك الدولي سنة ‪ 1989‬مفاده أن أزمة إفريقيا هي‬
‫أزمة تسيير باألساس‪ ،‬لذلك بدأت هذه المنظمة في تقديم قروضها من لتطبيق‬
‫برامج اإلصالح‪.‬‬
‫أما الدوافع الداخلية فتتمظهر في التطورات التي عرفها المغرب في مختلف‬
‫الميادين‪ ،‬والتي أبانت عن تيارات سياسية واجتماعية تنادي بمشروع إصالحي‬
‫شامل‪ ،‬خاصة وأن اإلدارة ظلت تراكم اختالالت جوهرية متعددة‪ .‬إضافة إلى‬
‫اإلرادة الملكية التي ال تخلو خطبها من المناداة بالتحديث وجعل خدمة الصالح العام‬
‫من أولى أولوياته‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك تعددت صيغ األسباب الداخلية سواء من الناحية السياسية وما‬
‫صاحبها من إجراءات قانونية وتنظيمية‪ ،‬لعل أبرزها ميثاق الالمركزية‪ ،‬أو من‬
‫الناحية االقتصادية وتبني مبدأ الخوصصة وإنعاش االستثمار‪ ،‬كل ذلك نتج عنه‬
‫التصويت على دستور جديد سنة ‪ 2011‬وما نتج عنه من تطورات نوعية‪.‬‬

‫مراحل اإلصالح اإلداري‬


‫سنة ‪ 1981‬بدأت بوادر إصالح اإلدارة العمومية بتشكيل المغرب لجنة وطنية‬
‫لإلصالح‪ ،‬فبعد تشخيصها للمشاكل التي تواجهها اإلدارة أصدرت توصيات‬
‫لمعالجتها‪ ،‬إال أن هذه المعالجة تمحورت حول المشاكل القانونية المتمثلة في‬
‫مراجعة القانون األساسي للوظيفة العمومية وإصالح الهياكل اإلدارية‪.‬‬
‫سنة ‪ 1995‬أصدر البنك الدولي تقريره بهذا الخصوص يرصد فيه مجموعة من‬
‫االختالالت البنيوية أهمها‪ :‬عدم فعالية المساطر‪ ،‬والتسيير الروتيني المتميز‬
‫بالتماطل في اتخاذ القرارات‪ ،‬إضافة إلى التمركز المفرط في العاصمة وضعف‬
‫إنتاجية الموارد البشرية‪.‬‬
‫سنة ‪ 1996‬صدور تقرير األمم المتحدة للتنمية ‪ ،PNUD‬الذي قام بتحديد الخطوات‬
‫الالزمة إلحداث برنامج تحديث اإلدارة المغربية‪ ،‬حيث أطلق عليه اسم البرنامج‬
‫الوطني لتحديث وتطوير القدرات التسييرية‪ ،‬إذ ضّم ثالثة محاور‪:‬‬
‫‪-‬دعم الالتركيز اإلداري؛‬
‫‪-‬تسيير الموارد البشرية؛‬
‫– تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية‪.‬‬
‫سنة ‪ 1999‬ميثاق حسن التدبير الذي أصدرته حكومة التناوب السياسي‪ ،‬ارتكز‬
‫على األهداف التالية‪ :‬تخليق المرفق العمومي؛ عقلنة التدبير؛ نهج سياسة فعالة‬
‫للتواصل اإلداري مع المواطنين‪.‬‬
‫سنة ‪ 2003‬انعقدت المناظرة الوطنية األولى حول اإلصالح اإلداري بالمغرب‪،‬‬
‫والتي رصدت مجموعة من مظاهر القصور في أداء اإلدارة من بينها‪ :‬تضخم‬
‫أعداد البنايات اإلدارية (من حيث عدد الوزارات(؛ غياب المحاسبة والمساءلة‬
‫وضعف أداء التفتيش؛ هزالة الخدمات اإلدارية وتفشي الزبونية والرشوة وإهدار‬
‫المال العام‪.‬‬
‫سنة ‪ 2010‬ظهرت محاوالت جادة إلصالح اإلدارة على غرار التدابير التالية‪:‬‬
‫إعادة تنظيم الهياكل اإلدارية؛ محاربة كل األفعال المنافية ألخالقيات المرفق العام؛‬
‫تأهيل الموارد البشرية وترشيد التدبير العمومي‪.‬‬
‫سنة ‪ 2011‬تم تكريس التوجه اإلصالحي دستوريا وتأكيده على الحكامة الجيدة‬
‫لتغيير النمط البيروقراطي‪ ،‬األمر الذي تمت بلورته عبر برنامج تحديثي )‪-2014‬‬
‫‪ ،(2016‬أما في سنة ‪ 2018‬فتم إقرار مرسوم بمثابة ميثاق وطني لالتمركز‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫وهنا يمكن القول إن كل مرحلة تعمقت فيها رغبة اإلصالح نتج عنها الطموح في‬
‫أسلوب إداري يرقى إلى معايير الدولة الحديثة‪ ،‬وأي خطوة بإمكانها أن تكشف عن‬
‫اختالالت إال ومكنت من تحديد غايات وسبل أكثر فاعلية‪ ،‬وقد نتج عن ذلك إطالق‬
‫الخطة الوطنية إلصالح اإلدارة تمتد من سنة ‪ 2018‬إلى ‪.2021‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬مظاهر وأهداف اإلصالح اإلداري‬


‫من أجل تحسين المردودية وترشيد الجهود‪ ،‬وترجمة مساعي اإلصالح على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬حضي المرفق العام بتغيرات جذرية تراهن على التقدم والتطور‪ ،‬وهي‬
‫عبارة عن مشاريع طبعت مرحلة جديدة من حياة اإلدارة المغربية‪ ،‬سنتطرق لها‬
‫في هذا المحور‪.‬‬

‫‪ -1‬أهداف اإلصالح اإلداري‬


‫– تحقيق إدارة القرب‪ :‬وذلك بجعل خدمة المواطن المحور الرئيسي الذي تقاس به‬
‫نجاعة الخدمات بإشراكه في التعبير عن وجهة نظره في أداء اإلدارة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تعزيز جودة التواصل مع المرتفقين واالستجابة لرغباتهم وهي مقاربة مهمة‬
‫لرعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية‪.‬‬
‫– المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة‪ ،‬إذ أن كفاءة هذا الجهاز من عدمها هي‬
‫معيار في الحكم على قدرة النظام على االستجابة للمطالب الحيوية للمجتمع‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن اإلدارة مدخل أساسي للمساهمة في التنمية وذلك عبر سرعة استجابتها‬
‫للخدمات‪ ،‬الشيء الذي يشجع وتيرة المبادرات المجتمعية لهذا تم إطالق شعار “من‬
‫أجل إدارة مواطنة”‪.‬‬
‫– تحسين المردودية‪ :‬بعد اكتشاف ضعف األداء مقارنة مع الميزانية التي تستنفذ‬
‫هذا القطاع‪ ،‬وفائض العمالة اإلدارية‪ ،‬وكذا تجمع سلطة القرار في القطب‬
‫المركزي‪ ،‬لهذا كان ال بد من مراجعة طرق العمل وأساليب التسيير‪ ،‬فتوجهت‬
‫غايات اإلصالح نحو ثالثة منطلقات‪ :‬أولها أخالقي وهو مطلب أساسي داخل‬
‫المرفق العمومي يؤدي إلى ترجمة اإلصالحات عمليا والقضاء على الفساد؛‬
‫منطلق ثان ترشيدي يهدف إلى عقلنة التسيير والتحكم في تكلفته و تطبيق‬
‫المحاسبة؛ منطلق تواصلي متمثل في تبني مبدأ الشفافية وتعزيز روابط الثقة‬
‫بإرساء عالقتها مع المحيط‪.‬‬

‫‪ -2‬مظاهر اإلصالح‬
‫– تفعيل دعم الالتمركز اإلداري والالمركزية وإعادة تنظيم مهام اإلدارة‪ ،‬وفق‬
‫الميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‪ ،‬وهو التنظيم الذي يواكب الالمركزية القائمة‬
‫على الجهوية المتقدمة‪ ،‬قوامها نقل بعض السلط إلى الوحدات المحلية لتفعيل‬
‫السياسة العمومية على المستوى الترابي‪.‬‬
‫– دعم األخالقيات في المرفق العمومي‪ ،‬من خاللها تم إقرار مجموعة من‬
‫اإلجراءات استهدفت‪:‬‬
‫‪+‬ربط المسؤولية بالمحاسبة‬
‫‪+‬قانون التصريح بالممتلكات‬
‫‪ +‬تعزيز دور المفتشيات العامة‬
‫‪ +‬الرقم األخضر للتبليغ عن الرشوة وحماية الشهود والمبلغين‬
‫– تحسين عالقة اإلدارة بمتعاقدين معها من خالل‪:‬‬
‫‪ +‬االستقبال الجيد ومعالجة الشكايات إضافة إلى تقليص آجال الرد على طلبات‬
‫المرتفقين‬
‫‪ +‬إلزام اإلدارة بتعليل قراراتها‬
‫– تدبير وتأهيل الموارد البشرية من خالل جلب األطر المؤهلة عبر مباريات‬
‫التوظيف كوسيلة وحيدة‪ ،‬إضافة إلى تحسين النظام األساسي في التوظيف والتنقيط‬
‫والتكوين المستمر والترقية‪.‬‬
‫– إصالح منظومة األجور وذلك بالحد من الفوارق الشاسعة بين األجور العليا‬
‫والدنيا؛‬
‫– تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية‪ :‬التقليص من الوثائق اإلجرائية للمرتفقين؛‬
‫– تنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات وتطوير اإلدارة الرقمية‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬تحديث اإلدارة عبر تكنولوجيا المعلومات‬


‫أصبحت وسائط التكنولوجيا من اآلليات األساسية في الحياة العامة‪ ،‬األمر الذي‬
‫كان له انعكاس على األسلوب الجديد في تسيير المرافق العمومية وشبه العمومية‬
‫التي تعتبر قاطرة في تحريك عجلة التنمية بالمغرب‪ ،‬فاستعمال وسائط التكنولوجيا‬
‫باإلدارة أصبح أمرا ضروريا إن لم نقل إلزاميا في ظل موجة التقدم العلمي الذي‬
‫يشهده العالم‪ ،‬إذ بات يفرض نفسه بقوة متخذا شعاره عصر السرعة‪ ،‬لذلك بدأ‬
‫البحث عن ضرورة اتساق اإلدارة مع التطور التكنولوجي وجعلها أكثر فاعلية في‬
‫سرعة خدماتها لتكون بذلك متطابقة مع العصر وتطوراته المستمرة‪ ،‬وهذا يتطلب‬
‫اعتماد رؤية استراتيجية لتطوير اإلدارة من خالل العمل على تأهيل الموظف‬
‫والمرتفق على حد سواء ‪.‬‬

‫‪ -1‬تحسين وظائف اإلدارة عبر الرقمنة‬


‫أصبحت وسائل التكنولوجيا الحديثة في الخدمات اإلدارية أمرا مؤكدا لجميع‬
‫العاملين مع هذا الجهاز‪ ،‬إذ تعتبر آلية مهمة تمكن من تحسين وإرساء عالقات‬
‫متميزة بين اإلدارة والمنتفعين من منطلق الحق في المعلومة الذي ينص عليه‬
‫الفصل ‪ 27‬من الدستور‪ ،‬مما فرض بث جميع الوثائق عبر شبكة األنترنيت‬
‫لالستفادة منها بسالسة‪ ،‬وذلك يتطلب أساسا متينا لتطبيق مبادئ الحكامة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬مما يؤدي إلى خلق مناخ إيجابي في معامالت إلكترونية سليمة في ما‬
‫بينها وبين المواطنين بغرض تقليص النفقات وتحسين جودة الخدمات المقدمة‪ ،‬كما‬
‫تعمل هذه الضرورة على تحقيق عدة مميزات أهمها‪:‬‬
‫* الرفع من كفاءة الجهاز اإلداري‪ :‬فاستثمار التكنولوجيا داخل اإلدارة يتأتى معه‬
‫تحسين هياكل اإلدارة من جهة‪ ،‬والتطوير من أسلوب تنظيم المرافق وتنمية قدرات‬
‫الموظف وتكيفه مع تقنيات المعلوميات‪.‬‬
‫* فتح قنوات اتصال جديدة بين اإلدارة والمواطنين‪ ،‬فاعتماد اإلدارة اإللكترونية‬
‫تقاس نجاعتها بمدى تحقيق التفوق في خدماتها وذلك من خالل اإللمام باحتياجات‬
‫المتعاملين معها‪ ،‬وقياس مدى درجة رضاهم كجزء أساسي من خطوات تطوير‬
‫الخدمات بتطبيق مشروع الرقمنة اإلدارية ليجعل منها أكثر قربا من المواطنين‪.‬‬
‫* تعزيز آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص وذلك عن طريق االستفادة من‬
‫اآلليات التي تعتمدها مؤسسة القطاع الخاص التي تحظى بتقدم في مجال تكنولوجيا‬
‫المعلومات‪ ،‬إلى جانب تفعيل دور المؤسسات الوطنية ذات االرتباط بتتبع وتقييم‬
‫ورصد مدى اندماج اإلدارة العمومية في التوظيف األمثل للتكنولوجيا‪ ،‬لذلك يتطلب‬
‫إعداد الدراسات بهذا الشأن الختيار األساليب المالئمة لطبيعة عمل اإلدارة‪.‬‬

‫‪ -2‬انفتاح اإلدارة المغربية على المجال الرقمي‪:‬‬


‫لتحقيق أهداف التحديث ومسايرتها لتكنولوجيا المعلومات بصورة أوسع أطلقت‬
‫استراتيجية المغرب الرقمي ‪ 2009-2013‬بإرادة ملكية‪ ،‬والهدف منها تسريع‬
‫وتيرة مشروع اإلدارة اإللكترونية لتقريب المرفق العمومي من المواطنين وتبسيط‬
‫المساطر‪ ،‬وتحسين الخدمات من حيث الجودة والفعالية والشفافية وسرعة األداء‪.‬‬
‫في هذا اإلطار عملت مجموعة من القطاعات الوزارية على االنفتاح على تقنيات‬
‫وطرق جديدة لالتصال‪ ،‬كما أحدثت تغييرا على طبيعة مجموعة من الخدمات على‬
‫الخط‪ ،‬كخدمات استخالص الضرائب وطلب الوثائق الرسمية وكذا مختلف الوثائق‬
‫اإلدارية‪ .‬كذلك تجدر اإلشارة إلى ما تم تحقيقه أثناء جائحة كوفيد‪ 19-‬من تقدم على‬
‫مستوى رقمنة جميع الخدمات بكافة القطاعات‪ .‬كما أن اإلرادة في تسريع ورش‬
‫التحول الرقمي لم تتوقف عند هذه المرحلة بل اعتمدت الحكومة حاليا خطة بعنوان‬
‫“مذكرة التوجهات العامة للتنمية الرقمية بالمغرب في أفق سنة ‪ ،“ 2025‬وتتمثل‬
‫األهداف المتوقعة لهذه الرؤية‪ ،‬إرساء إدارة رقمية تتسم بالكفاءة والفعالية من خالل‬
‫تقديم خدمات آمنة ذات قيمة مضافة‪ ،‬كما تطمح إلى وضع معالم التنمية الرقمية في‬
‫جميع القطاعات على مدى الخمس السنوات المقبلة‪ ،‬من خالل‪:‬‬
‫‪ +‬تنزيل نظام تشغيل بيني وتجديد ورقمنة اإلجراءات اإلدارية؛‬
‫‪ +‬تحسين جودة الخدمات وسد الخصاص في الولوج إلى المجال الرقمي بتحقيق‬
‫المساواة وتكافؤ الفرص في سهولة الولوج إلى الخدمات اإلدارية؛‬
‫‪+‬تعزيز مكانة المغرب إفريقيا كقائد في مجال التكنولوجيا واإلدارة الرقمية…‬
‫وقد أدى هذا التوجه إلى العمل نحو تأسيس وكالة مختصة في التنمية الرقمية‬
‫وإطالقها من طرف الحكومة إلضفاء الطابع الرسمي على هذه الرؤية وتأطيرها‬
‫مؤسساتيا وقانونيا لضمان تحقيق األهداف المنشودة‪.‬‬
‫لقد أثرت مجموعة من العوامل في بناء ترسانة إصالحية على مدى سنين طويلة‪،‬‬
‫مكنت من الرفع من جودة وأداء اإلدارة المغربية وتعزيز مكانتها في المجتمع‪،‬‬
‫ولما كان الحرص على تحقيق إدارة مواطنة مواكبة لتطورات العصر هدفا يتوخى‬
‫االستمرارية‪ ،‬بات مشروع اإلدارة اإللكترونية واقعا أساسيا في خطوات إصالح‬
‫اإلدارة المغربية‪ ،‬حيث يعتبر تحديا تنمويا في المقام األول‪ ،‬ومبدأ ضروريا إلدارة‬
‫حديثة متطورة قريبة من المرتفق ومستجيبة لبيئتها‪ .‬مما فرض وضع خطط‬
‫استراتيجية تطابق مواصفات االستعداد لولوج العالم الرقمي عبر الخدمات‬
‫اإلدارية‪ ،‬مما يستدعي تشييد أسس متينة تمكن المغرب من دخول غمار الدول‬
‫المساهمة في التكنولوجيا‪ .‬وعلى إثره ما زال يحرص هذا القطاع على تنمية هذا‬
‫المشروع من خالل خطط طويلة األمد تتسم بطابع رسمي ينبني على أسس قانونية‬
‫ومؤسساتية‪.‬‬

You might also like