You are on page 1of 6

‫إصلاح الإدارة المغربية‬

‫إعداد ‪ :‬حسن حزبان‬

‫الســـؤال ‪ :‬ورد في خطاب صاحب الجاللة خالل افتتاح الدورة التشريعية البرلمانية يوم ‪ 14‬أكتوبر‬
‫‪ " :2016‬المرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها‪ ،‬فهي تقتضي اإلنكباب الجاد على‬
‫القضايا واإلنشغاالت الحقيقية للمواطنين‪ ،‬والدفع قدما بعمل المرافق اإلدارية وتحسين الخدمات التي‬
‫تقدمها "‪.‬‬

‫تحدث بتفصيل عن المحاور الرئيسية لتحديث اإلدارة المغربية‪ ،‬وتبسيط المساطر اإلدارية‪.‬‬

‫***************************‬

‫الجــــواب‪:‬‬

‫جاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لسنة ‪ ،2016‬ليشخص الوضعية الراهنة لإلدارة‬
‫العمومية المغربية‪ ،‬ويضع األصبع على مكامن الخلل في عالقة اإلدارة بالمرتفقين‪ ،‬فخدمة المرتفق هي‬
‫معيار نجاح العمل اإلداري‪ ،‬كما تجدر اإلشارة إلى أن موضوع اإلصالح اإلداري بالمغرب ليس وليد‬
‫اللحظة‪ ،‬بل هو سيرورة تاريخية ‪.‬‬

‫وقبل الحديث عن اإلصالح اإلداري‪ ،‬ال بد من التطرق إلى واقع اإلدارة المغربية مع ذكر الحلول لمعالجة‬
‫اختالالتها‪.‬‬

‫لذلك سأتطرق في موضوعي هذا إلى المحاور التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مراحل إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب ‪.‬‬ ‫‪I‬‬

‫‪ -‬تشخيص الوضعية الراهنة ‪.‬‬ ‫‪II‬‬

‫‪ - III‬المحاور الرئيسية لتحديث اإلدارة وتبسيط المساطر اإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫******************‬

‫‪ -I‬مراحل إصالح اإلدارة العمومية بالمغرب ‪:‬‬


‫لقد مرت اإلدارة العمومية المغربية من عدة محطات لإلصالح‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫سنة ‪ :1981‬تشكيل لجنة وطنية إلصالح اإلدارة العمومية‪ ،‬إذ فحصت المشاكل التي تواجه اإلدارة‬ ‫*‬
‫‪،‬وأصدرت مجموعة من التوصيات‪ ،‬تمحورت حول المشاكل القانونية ‪.‬‬

‫سنة ‪ :1995‬أصدر البنك الدولي تقريرا حول اإلدارة المغربية‪ ،‬رصد فيه مجموعة من اإلختالالت‬ ‫*‬
‫البنيوية التي عرفتها اإلدارة‪ ،‬منها ‪ ( :‬عدم فعالية المساطر واإلجراءات اإلدارية‪ ،‬التسيير الروتيني‪ ،‬تمركز‬
‫الخدمات وسلطة القرار بالعاصمة‪ ،‬ضعف اإلنتاجية‪ ،‬إضافة إلى إشكاليات أخرى مرتبطة بنظام عدم‬
‫التمركز اإلداري وتحديث نظام الوظيفة العمومية وعقلنة الموارد البشرية ) ‪.‬‬

‫سنة ‪ :1999‬جاءت الحكومة بفكرة " ميثاق حسن التدبير"‪ ،‬أهم أهدافه‪ :‬تخليق المرافق العمومية‬ ‫*‬
‫وعقلنة التدبير ‪.‬‬

‫سنة ‪ :2003‬المناظرة الوطنية األولى حول اإلصالح اإلداري بالمغرب‪ ،‬التي رصدت مجموعة‬ ‫*‬
‫من مظاهر القصور في أداء اإلدارة المغربية ‪.‬‬

‫إبتداء من سنة ‪ :2010‬ظهرت محاوالت أخرى إلصالح اإلدارة‪ ،‬حيث أصبح خطاب إصالح‬ ‫*‬
‫اإلدارة وتحديثها أكثر جدية ‪.‬‬

‫سنة ‪ :2018‬صدور المرسوم رقم ‪ 618.17.2‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‪.‬‬ ‫*‬

‫سنة ‪ :2018‬الخطة الوطنية إلصالح اإلدارة ‪.2021-2018‬‬ ‫*‬

‫ورغم هذه الرزنامة من اإلصالحات‪ ،‬إال أنها لم تؤدي إلى النتائج المرجوة‪ ،‬مما يدفعنا للحديث عن‬
‫الوضعية الراهنة لإلدارة المغربية ‪.‬‬

‫‪ -II‬تشخيص الوضعية الراهنة ‪:‬‬

‫إهتمام اإلدارة في غالب األحيان بالتدبير اليومي وتجاهل البعد العالئقي لإلدارة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫تعدد المساطر وكثرة الوثائق المطلوبة من المرتفقين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ضعف اللجوء إلى تكنولوجيا المعلومات في اإلدارة المغربية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عدم احترام أوقات العمل من طرف بعض الموظفين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تغيب المرتفق في إعداد السياسات والبرامج المعدة أصال لتلبية رغباته واإلستجابة‬ ‫‪-‬‬
‫لحاجياته ‪.‬‬

‫عدم التقيد الفوري لإلدارة بتنفيذ بعض األحكام القضائية النهائية الصادرة في مواجهتها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مما يولد لدى المرتفق عدم الثقة في اإلدارة ‪.‬‬

‫عدم تعليل بعض اإلدارات لقراراتها في حق المرتفقين‪ ،‬مما يولد لديهم الشك في‬ ‫‪-‬‬
‫مصداقية اإلدارة ‪.‬‬

‫البطء في معالجة قضايا وملفات المرتفقين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫غياب رؤية شمولية لإلستقبال واإلرشاد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عدم توفر معظم اإلدارات على ملصقات تسهل اإلهتداء إلى المرافق والمكاتب داخل‬ ‫‪-‬‬
‫بناية اإلدارة ‪.‬‬

‫غياب الوعي بأهمية الشكايات والتظلمات كرافد من روافد إصالح اإلدارة وتنظيمها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هذه الوضعية فرضت القيام بعدة إجراءات من أجل معالجة هذه اإلختالالت‪ ،‬وتتمثل في منطلقات أساسية‬
‫لعملية اإلصالح والتحديث ‪.‬‬

‫وهذا ما سأتطرق إليه في المحور التالي ‪.‬‬

‫‪ -III‬المحاور الرئيسية لتحديث اإلدارة وتبسيط المساطر اإلدارية‪.‬‬

‫دعم الالتمركز اإلداري وإعادة تحديد مهام اإلدارة‪:‬‬ ‫*‬

‫حيث صدر المرسوم رقم ‪ 618.17.2‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري سنة ‪.2018‬‬

‫وحسب المادة ‪ 3‬من المرسوم المذكور أعاله‪ ،‬يعتبر الالتمركز اإلداري لمصالح الدولة تنظيما إداريا‬
‫مواكبا للتنظيم الترابي الالمركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة‪ ،‬وأداة رئيسية لتفعيل السياسة العامة‬

‫‪3‬‬
‫للدولة على المستوى الترابي‪ ،‬قوامه نقل السلط والوسائل وتخويل اإلعتمادات لفائدة المصالح الالممركزة‬
‫على المستوى الترابي‪ ،‬من أجل تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬واتخاذ المبادرة تحقيقا للفعالية‬
‫والنجاعة‪.‬‬

‫الخطة الوطنية إلصالح اإلدارة ‪.2021-2018‬‬ ‫*‬

‫إن إصالح اإلدارة يكتسي طابعا تحويليا‪ ،‬شامال ومندمجا‪ ،‬يتمحور حول إحداث أربعة تحوالت‬
‫هيكلية متفاعلة في ما بينها‪ ،‬ويشتمل كل تحول من هذه التحوالت على مجموعة من المشاريع‬
‫األساسية التي يبلغ عددها أربعة وعشرين وهي كما يلي ‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬التحول التنظيمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬التحول التدبيري‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬التحول الرقمي‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬التحول التخليقي‪.‬‬

‫دعم األخالقيات بالمرفق العام‪:‬‬ ‫*‬

‫كمقاربة شمولية تتوخى تعزيز مبدأ سيادة األخالق كجسر أساسي إلنجاز مختلف المبادرات والبرامج‬
‫اإلصالحية‪ ،‬مما ينعكس إيجابا على انعاش اإلستثمار ودعم التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬حيث أن‬
‫انعدام األخالقيات يكون سببا لفقدان المستثمر والمواطن الثقة في اإلدارة وبالتالي صعوبة جلب اإلستثمار ‪.‬‬

‫ضرورة االنفتاح على فعاليات المجتمع المدني الناشطة في مجال تخليق الحياة‬ ‫من هنا تظهر ‪- :‬‬
‫العامة‪.‬‬

‫ترسيخ مبدأ إقرار المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫قانون التصريح بالممتلكات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫دور المفتشيات العامة للوزارات في المراقبة الميدانية الفعالة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الرقم األخضر المتعلق بالتبليغ عن الرشوة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫القانون المتعلق بحماية الشهود والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة‬ ‫‪-‬‬
‫واإلختالس واستغالل النفوذ ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 272‬من القانون التنظيمي ‪ :14.113‬يجب‬ ‫‪-‬‬
‫على الجماعة تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬اعتماد التقييم ألدائها‬
‫والمراقبة الداخلية‪ ،‬كما تقوم بدراسة تقارير اإلفتحاص ونشرها‬
‫بجميع الوسائل الممكنة ليطلع عليها العموم ‪.‬‬

‫تحسين عالقة اإلدارة بالمتعاقدين معها‪:‬‬ ‫*‬

‫وجب اإلنتقال من إدارة إدارية إلى إدارة مواطنة‪ ،‬وذلك بجعل التواصل مع جميع المرتفقين من‬
‫اإلنشغاالت األساسية لإلدارات العمومية ‪.‬‬

‫ومن اإلجراءات المساعدة على تحسين العالقة بين اإلدارة والمرتفقين‪:‬‬

‫تحسين اإلستقبال ومعالجة الشكايات والتظلمات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تقليص آجال الرد على طلبات المرتفقين والبث في ملفاتهم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مأسسة استطالع الرأي لدى المرتفقين لمعرفة حاجياتهم ومدى رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إلزام اإلدارة بتعليل قراراتها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اعتماد الشباك الوحيد في تقديم أكثر ما يمكن من الخدمات للمرتفقين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫* تدبير وتأهيل الموارد البشرية‪:‬‬

‫إن رهان اإلصالح اإلداري ال يتحقق إال من خالل حسن استثمار الرأسمال البشري وتحفيزه‪ ،‬ومن‬
‫اإلجراءات المساعدة على ذلك‪:‬‬

‫اعتماد التدبير الالممركز للموارد البشرية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحيين النظام الساسي العام للوظيفة العمومية على مستوى ‪ :‬التوظيف‪ -‬التنقيط ‪ -‬التكوين المستمر‬ ‫‪-‬‬
‫والترقية ‪.‬‬

‫اعتماد المباراة كوسيلة وحيدة للتوظيف بغاية جلب األطر المؤهلة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫* إصالح منظومة األجور في الوظيفة العمومية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫واقع منظومة األجور في الوظيفة العمومية يستدعي إعادة النظر فيها‪ ،‬وذلك بإقرار مبدأ العدالة واإلنصاف‬
‫والحد من الفوارق الشاسعة بين األجور العليا والدنيا ‪.‬‬

‫* تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية‪:‬‬

‫التخفيف من الهياكل اإلدارية وتجميع الوحدات اإلدارية التي تتدخل في نفس المسطرة‪ ،‬والتقليص من‬
‫الوثائق اإلدارية ذات الصلة المباشرة بالمواطنين والمستثمرين ‪.‬‬

‫* تنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات واإلتصال‪:‬‬

‫لتحقيق أهداف مسايرة اإلدارة المغربية لتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬كان لزاما على الدولة المغربية البحث عن‬
‫استراتيجية جديدة تساعد اإلدارة على تحسين وتوسيع المجال أمام التقنيات الجديدة لإلعالم والتواصل‬
‫‪،‬وهو ما تأتى بإطالق جاللة الملك "إلستراتيجية المغرب الرقمي" والتي كان الهدف منها هو تقريب‬
‫اإلدارة من المرتفقين وتبسيط المساطر اإلدارية وتحسين الخدمات من حيث الفعالية والجودة والشفافية‬
‫وسرعة األداء وتخفيف العبء على الموظف والمواطن في نفس الوقت ‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تم إطالق عدة خدمات على الخط‪ ،‬منها‪:‬‬

‫بوابة إدارتي كدليل للمساطر اإلدارية‪ -‬البوابة اإللكترونية الوطنية – بوابة التشغيل العمومي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫بطاقة التعريف الوطنية اإللكترونية – جواز السفر البيومتري – التصريح بالضرائب على الخط‬ ‫‪-‬‬
‫– أداء الضريبة السنوية على السيارات – رخصة السياقة والبطاقة الرمادية اإللكترونيتين – تأدية الرسوم‬
‫المحلية على الخط ‪.‬‬

‫خاتمــــــة‪ :‬من أجل إنجاح عملية اإلصالح اإلداري ال بد من توفر إرادة سياسية حقيقية‪ ،‬وتظافر‬
‫جهود جميع المتدخلين‪ ،‬وتأهيل الموارد البشرية‪ ،‬وكما جاء في خطاب جاللة الملك في افتتاح الدورة‬
‫التشريعية‪ " :‬إن إصالح اإلدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات‪ ،‬وجودة التشريعات من أجل مرفق‬
‫إداري عمومي فعال في خدمة المواطن "‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like