You are on page 1of 515

.

‫دليل الكلمات المختصرة‬

: ‫باللغـة العربيـة‬
.‫ جريدة رسمية‬: ‫ر‬.‫ج‬
.‫ صفحة‬: ‫ص‬
.‫ مرجع سابق‬: ‫س‬.‫م‬
.‫ المسطرة المدنية‬: ‫م‬.‫م‬
.‫ المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‬: ‫ت‬.‫م‬.‫إ‬.‫م‬.‫م‬
‫ قانون االلتزامات و العقود‬: ‫ع‬.‫ل‬.‫ق‬
.‫ المحاكم المالية‬: ‫م‬.‫مح‬
.‫ نفس المرجع‬: ‫م‬.‫ن‬

: ‫باللغـة الفرنسيـة‬
B.O : Bulletin officiel.
C. E.D : Contrôle des engagements de dépenses.
C.C : Cours des comptes.
C.R.C : Cours Régionales des Comptes.
D.E.S : Diplôme d’études supérieures.
Ed : Edition.
I.G.F : Inspection Générale des Finances.
Ibid : même référence.
Op.cit : Ouvrage précité.
P : Page.
R.F.A.P : Revue Française d’Administration Publique.
R.F.F.P : Revue Française de Finances Publiques.
R.J.P.E.M : Revue Juridique, Politique et Economique Marocaine.
REMAD : Revue marocaine d’audit et de développement.
REMALD : Revue marocaine d’administration locale et de développement
LOLF : Loi Organique de Loi de Finances.
GOV : Gouvernement.
CDBF : Cour de Discipline Budgétaire et Financière.
LGDJ : Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence.
ART : Article.
TGR : Trésorerie Générale du Royaume.

1
‫‪.‬‬‫مـقـدم ـة‬
‫خالل العشر سنوات األخيرة ‪ ،‬عرف المغرب عدة إصالحات جوهرية تروم تدعيم الشفافية و تحسين‬
‫تدبير المالية العمومية؛ و ذلك من خالل توطيد األسس التشريعية‪ ،‬الهيكلية والمؤسساتية بهدف الرفع من‬
‫مستوى األداء اإلداري‪ ،‬وترسيخ ثقافة المرفق العام‪ ،‬ومحاربة مظاهر الفساد المالي واإلداري؛ وتكريس‬
‫الحكامة الجيدة ‪ ،‬من خالل ربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن العام سواء على الصعيد‬
‫المركزي أو الترابي‪.‬‬

‫و نظ ار لالنعكاسات السلبية لمظاهر الفساد على المستوى االقتصادي واالجتماعي والسياسي‪ ،‬بادر المشرع‬
‫المغربي في ظل هذه التحوالت الجديدة والضغوط السياسية واالقتصادية واالجتماعية والمالية التي يعرفها‬
‫المحيط اإلقليمي و الدولي إلى نهج سياسة اإلصالح‪ ،‬وقد مست هذه اإلصالحات على العموم اإلدارة‬
‫والفاعلين فيها‪ ،‬باعتبارها قاطرة التنمية ومنطلقا ومرجعا للعمل في مجال التدبير‪ .‬و لقد ترسخ االهتمام‬
‫بهذا الموضوع بشكل أكثر منذ ‪ ،2002‬من خالل مجموعة من اإلصالحات الميزانياتية التي ترتكز على‬
‫النتائج و الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة من خالل إرساء األسس التشريعية و المؤسساتية للدولة‬
‫لمحاربة مظاهر االختالالت و ترسيخ قيم النزاهة و الشفافية في تدبير الشأن العام‪.‬‬

‫و قد شكلت التوجيهات الملكية بهذا الخصوص المنطلق و المرجع لمختلف اإلصالحات و‬


‫على ضوئها سارت الحكومة بعد اعتماد اطار مرجعي للعمل تمثل في "ميثاق حسن التدبير" الذي‬
‫استهدف باألساس توفير مرجعية مشتركة للمصالح العمومية في مجال التدبير‪ ،‬و نشر ثقافة المرفق العام‬
‫من خالل إرساء مقاربة حديثة لتخليق اإلدارة و تحسين أداء الفاعلين فيها‪.‬‬

‫و في هذا اإلطار‪ ،‬جاء البرنامج الحكومي لسنة ‪ 2002‬لتحقيق أهداف أساسية للمشروع‬
‫اإلصالحي‪ ،‬من خالل التأكيد على اتخاذ إجراءات عملية صارمة من خالل تفعيل اآلليات القانونية و‬
‫اإلدارية و ذلك بتعزيز اإلطار المؤسساتي للوقاية من الرشوة و دعم المنظومة الوطنية للنزاهة و‬
‫األخالقيات‪ ،‬و وضع اآلليات القانونية المتعلقة بالتشريع الجديد حول التصريح االجباري بالممتلكات‪ ،‬و‬
‫إقرار المقتضيات القانونية الخاصة بضمانات الشفافية و النزاهة و التنافسية في ابرام و تفويت صفقات‬
‫الدولة ‪ ،‬و التدبير المفوض من خالل خلق مجلس للمنافسة‪ ،‬ديوان المظالم قبل تحوله إلى مؤسسة‬
‫الوسيط ؛ كما تم تحديد المسؤوليات في تدبير النفقات العمومية من خالل القانون رقم ‪ 61-99‬و قانون‬
‫‪ 99-62‬المتعلق بالمحاكم المالية لتقوية وسائل الرقابة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫و على الصعيد المحلي تم إصدار قانون المالية المحلية الجديد سنة ‪ 2010‬تضمن مجموعة من‬
‫المقتضيات تروم محاسبة المجالس المحلية‪ ،‬و مساءلة أجهزتها التنفيذية عن األعمال المتعلقة بتنفيذ‬
‫الميزانية المحلية بصور و طرق أكثر شفافية‪.‬‬

‫وقد شكلت قوانين المالية العمومية جزءا مهما من كل هذه اإلصالحات‪ ،‬حيث كان يطرح موضوع‬
‫تنفيذ العمليات المالية والمحاسبية من صرف وتحصيل إشكاالت عديدة بين المتدخلين في هذه العمليات‪،‬‬
‫ومن هنا جاء تدخل السلطات العمومية المختصة لحل اإلشكال المتعلق بعجز الميزانية و عدم توازنها‬
‫خصوصا في ظل نذرة الموارد وتزايد ضغط النفقات العمومية‪ .‬فقد قامت الحكومة باعتماد مجموعة من‬
‫اآلليات المالية الجديدة ‪ ،‬و التي طالت تحديدا إصالح الرقابة على تنفيذ الميزانية و شمولية اإلعتمادات و‬
‫تقييم النتائج و اعتماد إطار للنفقات على المدى المتوسط ؛ وفي هذا اإلطار جاء اإلصالح المتعلق‬
‫بالميزانية المرتكز على النتائج الذي شرع في تطبيقه منذ ‪ 2001‬و قد تعزز اليوم بإصدار دستور جديد‬
‫سنة ‪ 2011‬و قد شكلت البنود المتعلقة بالمالية العمومية لبنة أساسية في مسار بناء الديمقراطية و دولة‬
‫المؤسسات و الحكامة الجيدة‪ ،‬و التي تم تكريسها كمبادئ ملزمة لباقي قواعد التدبير المالي العمومي من‬
‫إعداد و تنفيذ و مراقبة قوانين المالية‪ .‬و ما ميز دستور ‪ 2011‬على مستوى مقومات الحكامة الجيدة هو‬
‫تكريسه لقيم الشفافية و المسؤولية و المحاسبة‪ ،‬وإلزام أعوان المرافق العمومية باحترام القانون ‪ ،‬الحياد ‪،‬‬
‫النزاهة و المسؤولية‪ .‬كما أصبحت المرافق العمومية ملزمة بتقديم الحساب عن تدبيرها لألموال‬ ‫الشفافية‬
‫العمومية‪.‬‬

‫ومن بوادر هذا اإلصالح أيضا تخويل العديد من القطاعات مرونة أكبر للتصرف في اإلعتمادات‬
‫الموضوعة رهن إشارتها‪ ،‬وبالمقابل تم تحميل المتصرفين في هذه اإلعتمادات مسؤوليات مباشرة في‬
‫تحقيق النتائج و هو صلب موضوع هذه األطروحة‪.‬‬

‫و قد هم هذا اإلصالح في هذه الفترة جل المتدخلين في تنفيذ الميزانية ضم ‪ 12‬و ازرة‪1‬منهم حوالي ‪1500‬‬
‫آم ار بالصرف وآم ار مساعدا بالصرف و‪ 61‬مراقبا لإللتزام بالنفقات و‪ 56‬محاسبا عموميا مكلفا‪ .‬و كان‬
‫الهدف من وراء هذا اإلصالح منح هؤالء هامشا أوسع من أجل القيام باإلختيارات الصائبة في مجال‬
‫تدبير الميزانية ‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق النتائج المثلى في مجال السياسات العمومية المتعلقة بالقطاعات‬
‫التي يتحملون مسؤولية تدبيرها ‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬مديرية الميزانية –الملحق العربي لمجلة المالية‪ -‬العدد األول‪ ،‬مارس ‪ ،2005‬ص ‪.2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Voir aussi : Al Khazina, Revue de la trésorerie générale du Royaume, n°2, Avril 2004, p : 19.‬‬

‫‪3‬‬
‫و في إطار إقرار الشفافية في الولوج إلى المعلومات المالية وفقا للمعايير الدولية المعمول بها من لدن‬
‫منظمة توحيد المعايير المحاسبية للقطاع العام ‪ ،‬تمت مراجعة نظام المحاسبة العمومية المعمول به منذ‬
‫‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬من خالل تبني المخطط المحاسبي العام للدولة الذي يعد ترجمة للمعايير المحاسبية‬
‫الدولية التي تتوخى ترجمة الوضعية المحاسبية الحقيقية للدولة باالنتقال إلى محاسبة الممارسة ‪.‬‬

‫وتندرج كل هذه اإلصالحات في إطار الوعي الكامل بجسامة وخطورة التحديات التي تطرحها العولمة‪،‬‬
‫والرهانات التي يتعين كسبها لتحسين المحيط العام االقتصادي والسياسي والمالي‪ .‬لهذا شرعت الحكومة‬
‫وباقي المؤسسات الدستورية في تطبيق و تنزيل اإلصالحات على أرض الواقع‪ ،‬و البداية كانت في إطار‬
‫قانون المالية لسنة ‪ ،2013‬حيث عملت الحكومة على مواصلة عملية التحديث المؤسساتي ‪ ،‬و توطيد‬
‫دعائم دولة الحق و المؤسسات من خالل تسطير مخطط تشريعي ‪.‬‬

‫و قد أولت الحكومة اهتماما خاصا بتسريع وثيرة اإلصالحات و تنزيل القوانين التنظيمية المتعلقة‬
‫بإحداث المؤسسات الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد؛ و يأتي على رأس هذه اإلصالحات‬
‫و القانون التنظيمي للمالية و مدونة‬ ‫الهيكلية و المؤسساتية الجهوية المتقدمة و الالتركيز اإلداري‬
‫الصفقات العمومية ‪ ،‬و التعيين في المناصب العليا‪....‬الخ‬

‫و ما يهمنا بالدرجة األولى كباحثين في مجال اإلدارة المالية و التنمية و خصوصا موضوع األطروحة‬
‫الذي يدور حول مجال تنفيذ و مراقبة الميزانية تشريعا و قضاء هو القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬و الذي يأتي‬
‫استجابة لتوجه الحكومة الرامي إلى عصرنة التدبير المالي العمومي ومالءمة طرق تنفيذ الميزانية مع‬
‫مقتضيات الدستور الجديد لسنة ‪2011‬؛ وكذلك لمواكبة الدينامية الجديدة المرتبطة بالجهوية المتقدمة‬
‫المعتمدة على الحكامة الترابية و الالتركيز اإلداري و المساهمة في تقارب و انسجام السياسات العمومية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أهمية دور القضاء في السهر على تطبيق هذه القوانين‪.‬‬

‫فهذا اإلصالح يرمي إلى تحقيق غايات و أهداف ثالثة أساسية سنأتي على التفصيل فيها أثناء تحليل‬
‫الموضوع وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تعزيز شفافية تدبير المالية العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين الدور الرقابي للبرلمان في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -‬ربط المسؤولية بالمحاسبة للقائمين على تدبير الشأن العام تحت أعين و مراقبة القضاء‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫فالحكومة المغربية قد فتحت عدة أوراش لإلصالح‪ ،‬و طرحتها للنقاش العمومي ‪ ،‬و في هذا اإلطار‬
‫‪ ،‬تم تنظيم ندوات و موائد مستديرة حول إصالح القانون التنظيمي للمالية ‪ ،‬ولعل أهمها اليوم الدراسي‬
‫الذي نظم بمقر البرلمان في أواخر سنة ‪ 2011‬والذي مكن من تكوين لجنة تقنية ضمت ممثلين عن‬
‫لجنة المالية و التنمية االقتصادية بمجلس النواب وممثلين عن و ازرة االقتصاد و المالية من أجل إغناء‬
‫هذا المشروع قبل إدراجه في مسلسل مسطرة التشريع‪.‬‬

‫و باإلضافة إلى ذلك كرس الدستور الجديد استقاللية المؤسسات المكلفة بالحكامة الجيدة منها مجلس‬
‫المنافسة و الهيئة الوطنية للنزاهة و محاربة الرشوة ‪ ،‬وهي مؤسسات وضعها المشرع لتساعد باقي‬
‫المؤسسات الدستورية لرسم خريطة اإلصالح الشامل و مواكبته‪.‬‬

‫وبعد هذا التقديم المقتضب‪ ،‬سوف نأتي على تعريف ماهية موضوع األطروحة و تحديد اإلشكالية الرئيسية‬
‫و اإلشكاليات الفرعية المرتبطة بها من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ما هية الموضوع ‪:‬‬


‫ينصب موضوع المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع و القضاء المغربي على‬
‫جانب هام وأساسي من تدبير الشأن العام في شقه المادي واإلداري و القضائي‪ ،‬وال يخفى على أحد الدور‬
‫الهام والمتميز الذي يلعبه المال في أنشطة اإلدارة والمؤسسات العامة وحتى الخاصة‪ ،‬فهو عصب الحياة‬
‫وتطورها‪ .‬فاالرتباط وثيق بين المالية العمومية والدور الهام الذي تقوم به الدولة في المجاالت االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وهذا التدخل يتطلب منها موارد جمة الستثمارها في المشاريع التنموية‪ .‬وفي حالة عدم توازن‬
‫الموارد والنفقات‪ ،‬ينتج اختالل في الموازنة مما يفرز على مستوى الممارسة ظواهر خطيرة كالعجز المالي‪،‬‬
‫االقتراض‪ ،‬اإلفالس والفساد اإلداري والمالي مما جعل الدولة تبادر إلى اإلسراع باإلصالحات الضرورية‬
‫لتفادي كل مظاهر االختالالت واالنزالقات التي يمكن أن تعصف بالتوازنات االقتصادية والمالية‪ ،‬وبالتالي‬
‫خلق القالقل االجتماعية والسياسية كما وقع مؤخ ار باليونان والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا‪ ،‬أو كما حدث في‬
‫بعض البلدان العربية التي انهارت أنظمتها بشكل سريع نتيجة لألزمات االقتصادية‪ ،‬االجتماعية و‬
‫السياسية‪.‬‬

‫لهذا انصرفت جهود الدولة إلى توطيد األسس التشريعية والمؤسساتية والعملية لمحاربة مظاهر اإلختالل و‬
‫الفساد وترسيخ قيم النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام‪ ،‬وقد توجت هذه الجهود بإصالح دستوري‬
‫شامل‪ ،‬فتح الباب أمام العديد من اإلصالحات الموازية ستشمل قوانين المالية العمومية ونظام الصفقات‬

‫‪5‬‬
‫العمومية والمالية المحلية والمسؤولية في تدبير النفقات العمومية باإلضافة إلى المقتضيات القانونية‬
‫الحديثة التي جاء بها القانون الجنائي في مجال محاربة الرشوة واالختالس والغدر واستغالل النفوذ‬
‫والشطط‪ ،‬واإلخالل بإلزامية و إجبارية التصريح بالممتلكات‪ ،‬وقانون غسل األموال وقوانين أخرى في نفس‬
‫المجال كقانون المحاكم المالية وقانون تحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‬
‫و التي سيعاد فيها النظر لتواكب المستجدات التي جاء بها دستور ‪.2011‬‬

‫فال يخفى على أحد التأثير الذي تمارسه عمليات تنفيذ الميزانية العامة على الواقع االقتصادي‬
‫واالجتماعي من انعكاسات إيجابية أو سلبية على حياة األفراد والجماعات‪ .‬و تتعدد خصائص الميزانية‬
‫العامة بتعدد األنظمة السياسية‪ ،‬وتختلف في التشريعات الوضعية باختالف نظام الدولة ونظرتها إلى‬
‫السياس ة المالية ووضع الميزانية‪ ،‬إال أن هذه الخصائص تتقارب وتتشابه فيما بينها‪ ،‬ألنها تحاول إيضاح‬
‫مدلول السياسة االقتصادية واالجتماعية المتبعة من خالل هذه الوثيقة عبر التقابل بين النفقات واإليرادات‬
‫العمومية‪ ،‬وقد نستشف الخصائص المهمة من خالل التعاريف التي أعطيت للميزانية‪ ،‬فقد عرفها القانون‬
‫الفرنسي بأنها" الصيغة التشريعية التي تقدر بموجبها أعباء الدولة ووارداتها‪ ،‬ويؤذن بها بعد أن يقررها‬
‫البرلمان في قانون مالي سنوي‪ ،‬لتحقيق األهداف المرسومة من طرف الدولة في المجال االقتصادي‬
‫والمالي واالجتماعي والسياسي"‪.‬‬

‫وجل فقهاء‪ 2‬القانون العام يعرفون الميزانية العامة بأنها "بيان تقديري مفصل بالنفقات واإليرادات‪ ،‬غير‬
‫الواردة بالميزانيات الملحقة أو ميزانيات قطاع الدولة المسيرة بصورة مستقلة أو بالحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة‪ ،‬التي يأذن البرلمان للحكومة بصرفها وتحصيلها برسم سنة مالية مقبلة تنفيذا للسياسة العامة‬
‫للدولة"‪ ،‬فمن خالل هذا التعريف يمكن استنباط خصائص وأهمية الميزانية العامة‪ .‬فالميزانية العامة‬
‫تخضع لقواعد محددة وضوابط قانونية في مجال تدبيرها‪ ،‬فهي قد تنطوي في حالة التنفيذ السيء في جل‬
‫مراحلها المتعددة على نتائج عكسية تؤدي إلى أزمات وسخط على السياسات المالية الحكومية وعلى‬
‫القائمين على إعدادها وتنفيذها ومراقبتها‪ ،‬وهذا الواقع نلمسه من خالل التقارير السنوية المنشورة من‬
‫طرف المحاكم المالية ومنها تقرير المجلس األعلى للحسابات و مجالسه الجهوية ‪ ،‬وردود األفعال المنددة‬
‫بالسياسة المتبعة في المجال المالي والتدبيري والرقابي المتبع في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها‪ ،‬سواء‬
‫من طرف المؤسسات الدستورية كالبرلمان أو من طرف مؤسسات المجتمع المدني كهيآت حماية المال‬

‫د‪.‬عسو منصور ‪" :‬قانون الميزانية العامة"‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2005 ،‬ص‪.14:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫العام و غيرها‪.‬‬

‫وللعلم فقانون الميزانية السنوي و الذي يعتبر مفتاح الميزانية يقترن في جذوره التاريخية بتطور‬
‫ركائز الديمقراطية‪ ،‬إذ يعتبر االختصاص المالي الدعامة األساسية والركيزة الصلبة لنشأة السلطة‬
‫التشريعية وتطور دورها في مراقبة السلطة التنفيذية‪ .‬و يرجع ظهور الميزانية بالمفهوم الحديث في المغرب‬
‫إلى فترة الحماية‪ ،‬حيث كانت ترتبط بالنظام السياسي السائد بالمغرب‪ ،‬ويمكن التمييز هنا بين حقبتين‪:‬‬
‫عهد الحماية وغداة االستقالل إلى غاية سنة ‪ 1962‬وتأسيس أول دستور ثم الفترة التي تلت المرحلة‬
‫الدستورية إلى اآلن و آخرها دستور ‪.2011‬‬

‫هذا وقد عرفت المالية العمومية في العصر الحديث تطو ار جذريا ومتسارعا بعد األزمات التي‬
‫أصابت توازن ميزانياتها‪ ،‬وبالتالي ظهرت أفكار ونظريات وآراء تطالب بمفهوم جديد للميزانية العامة‬
‫يضمن التوازن والرفاهية للمجتمع في الميادين االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫فالسياق التاريخي الذي نشأت في ظله الميزانية العامة عرف عدة مراحل و تطورات؛ فالميزانية العامة‬
‫بمفهومها الحديث وليدة النظام اإلنجليزي‪ 3،‬ثم جاءت فرنسا واقتبستها وبنتها على أسس علمية واضحة‪،‬‬
‫وانتقلت الفكرة من بعد إلى دول أخرى حتى عمت بلدانا كثيرة و منها المغرب‪.‬‬

‫وقد شهدت العصور القديمة صراعا تاريخيا طويال بين األنظمة المتحكمة وخصوصا االنظمة‬
‫"الملكية" التي كانت تستفرد بممارسة سلطة الجباية واإلنفاق دون قيد أو شرط وبين الشعوب التي كانت‬
‫تتطلع عبر ممثليها إلى تقييد سلطة هذه األنظمة عن طريق إخضاع كل جباية أو صرف إلى إذنها‬
‫المسبق وبصفة دورية‪ ،‬واستمر هذا الصراع إلى أن خرجت الميزانية بمفهومها العصري إلى حيز الوجود‪،‬‬
‫ولم تظهر تطبيقات هذه اآلليات إال مع مطلع القرن ‪ 19‬وبداية القرن العشرين بالنسبة للمغرب‪ ،‬على‬
‫عكس البلدان الغربية كانجلت ار وفرنسا التي ظهرت فيها الميزانية في عصور قديمة‪.‬‬

‫فقد نشأت و تبلورت الميزانية العامة في شكلها الحديث بصورة تدريجية في انجلت ار نتيجة نجاح‬
‫مج لس العموم في تقييد سلطات الملك في اإلنفاق والجباية‪ ،‬بحيث ال يمكن تجاوز سلطة المجلس إال‬

‫"يقول المؤرخون اإليطاليون أمثال سالرنو ‪ "Salerno‬وكليناريون "‪ " Glinarion‬أن الجمهوريات اإليطالية في جنوة والبندقية وفلورنسا هي أول من‬ ‫‪3‬‬

‫استخدم طريقة جمع الموارد والنفقات في قائمتين متقابلتين‪ ،‬بحيث يشكل ذلك نوعا من الميزانية‪ .‬كما أن مبدأ السيادة الشعبية إلقرار الميزانية في‬
‫مفهومها الحديث ال يمكن أن تنشأ وتتوطد إال في الب الد التي قامت فيها دولة موحدة مثل انجلت ار التي تحقق فيها قبل غيرها فصل السلط‪ ،‬كما‬
‫سبقت غيرها إلى تحقيق الوحدة السياسية"‪.‬‬
‫عن د‪.‬حسن عواضة ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1981 ،‬ص ‪.28 :‬‬

‫‪7‬‬
‫بموافقته وإذن مسبق منه كل سنة إلجازة الميزانية‪ ،‬وكان الملك في القرون الوسطى يغطي نفقات مملكته‬
‫بما تذره عليه أمالك التاج الخاصة‪ ،‬كما كانت سلطاته جد محدودة في فرض الضرائب‪ ،‬حيث كانت‬
‫تقتصر على بعض الضرائب االستثنائية التي تستلزمها بعض الظروف الخاصة كالحرب واألزمات‬
‫والكوارث‪ ،‬وذلك بعد أخذ موافقة ممثلي الشعب حسب ما ينص عليه "الميثاق الكبير ‪"Magna Carta‬‬
‫الذي صدر في عام ‪.1215‬‬

‫لكن مع تزايد نفقات الدولة وعدم كفاية أموال التاج لتغطية هذه النفقات اضطر الملك إلى‬
‫فرض الضرائب على نطاق واسع دون الحصول على موافقة ممثلي الشعب‪ ،‬األمر الذي حمل البرلمانات‬
‫المتعاقبة على تكثيف ضغوطاتها من أجل تقييد سلطة الملك في الجباية واإلنفاق‪ ،‬وهو ما تحقق فعال في‬
‫سنة ‪ 1628‬بتقريره عدم قانونية كل ضريبة تجبى بدون موافقة ممثلي الشعب‪ .‬فاضطر الملك "شارل‬
‫األول" إلى إصدار عام ‪" 1628‬وثيقة إعالن الحقوق" التي أقرت مبدأ موافقة البرلمان المسبقة على فرض‬
‫الضرائب‪ 4،‬غير أن هذا المبدأ لم يجد طريقه إلى التطبيق بفعل محاوالت الملك المتكررة لالستئثار بسلطة‬
‫فرض الضرائب وعقد القروض دون الرجوع إلى ممثلي الشعب‪ ،‬مما قاد إلى قيام حرب أهلية بين أنصار‬
‫البرلمان وأنصار الملك انتهت باستسالم هذا األخير ومحاكمته في سنة ‪ ،1649‬وقد توج هذا الصراع‬
‫بإصدار وليام الثالث بما سمي "بدستور الحقوق" عام ‪ 1688‬الذي يأذن للبرلمان بكافة أنواع اإليرادات‬
‫والمصروفات‪ ،‬كما اتخذ هذا اإلذن صفة دورية ومتجددة تتكرر كل سنة‪ ،‬إال أن مبدأ اعتماد النفقات‬
‫العامة من طرف البرلمان لم يطبق كامال إال منذ ‪ 1837‬في عهد الملكة "فكتوريا"‪ ،‬حيث أصبح البرلـمان‬
‫يناقش ويتداول في كل النفقـات باستثناء مخصصـات التـاج‪ ،‬وبذلك تم تعميم مبدأ اإلذن البرلماني‪ ،‬إال أنه‬
‫لم يطبق في واقع األمر إال في القرن الثامن عشر عندما أخذ هذا األخير يناقش أعمال الحكومة قبل بداية‬
‫‪5‬‬
‫كل سنة مالية من خالل اإليرادات والمصاريف قبل أن يأذن بها أو يرفضها‪.‬‬

‫وبذلك استقر مفهوم اإلذن البرلماني وبدت ضرورة تنظيم الميزانية العامة في انجلت ار تحت تأثير‬
‫المطالب الشعبية‪.‬‬

‫أما نشأة الميزانية العامة في فرنسا و التي هي مصدر الميزانية في المغرب‪ ،‬فقد مرت بمراحل‬

‫عبد النبي أضريف ‪" :‬المالية العامة ‪ :‬أسس وقواعد تد بير الميزانية العامة ومراقبتها‪ ،:‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار القرويين الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪،2007‬‬ ‫‪4‬‬

‫ص ‪.31 :‬‬
‫زين العابدين ناصر ‪" :‬االتجاهات الحديثة في دراسة الميزانية"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد األول‪ ،1967 ،‬ص ‪.245 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪8‬‬
‫متميزة‪ ،‬فمن المبادئ المتعارف عليها في فرنسا في القرن الرابع عشر‪ ،‬أنه ال يجوز فرض‬
‫أية ضريبة إال برضى ممثلي الشعب‪ ،‬لكن الملك لم يكن آنذاك يتقيد كثي ار بهذا المبدأ إلى أن‬
‫انتهى به األمر إلى تجاهله تماما في أوائل القرن السابع عشر‪ ،‬بالرغم من االحتجاجات التي‬
‫كانت تصدر من حين آلخر من بعض طبقات الشعب‪ ،‬وبقي التاج يستفرد بفرض الضرائب‬
‫إلى أن اجتمعت الجمعية الوطنية سنة ‪ 1789‬أثناء الثورة الفرنسية لتقرر عدم قانونية فرض‬
‫أية ضريبة لم تأذن الجمعية الوطنية بجبايتها‪ ،‬وقد تكرس هذا المبدأ بشكل واضح في وثيقة‬
‫حقوق اإلنسان والمواطن التي أكدت على أن ‪" :‬من حق الشعب مباشرة أو بواسطة ممثليه‬
‫أن يتأكد من ضرورة فرض الضرائب‪ ،‬وأن يوافق عليها بكل حرية ويراقب استعمالها‪ ،‬ويقرر‬
‫أساسها ونسبتها وطريقة جبايتها‪ ،‬ومدتها"‪ 6.‬كما تأكد هذا المبدأ وتكرس في دستور عام‬
‫‪ 1793‬الذي جاء فيه أنه ‪" :‬ال يمكن فرض أية ضريبة إال في سبيل المصلحة العامة‬
‫ولجميع المواطنين الحق في أن يسهموا بفرض الضرائب ويراقبوا استعمالها ويطلبوا بيانات‬
‫عنها"‪.‬‬

‫فمختلف اإلعالنات والحقوق التي صدرت في عهد الثورة الفرنسية وبعدها أكدت على مبدأ عدم‬
‫شرعية فرض الضرائب دون موافقة ممثلي األمة‪ ،‬إال أنها أغفلت المبادئ األخرى التي أقرها دستور‬
‫الحقوق اإلنجليزي‪ 7،‬ولذلك وحتى حدود سنة ‪ 1814‬لم تعرف الميزانية بالمعنى الدقيق في فرنسا‪ ،‬ولم يتم‬
‫األخذ بها إال بعد سقوط "نابليون بونابرت" وعودة الملكية عام ‪ ،1814‬حيث كانت تمر الميزانية بدون‬
‫مناقشة أو مداوالت؛ وبعد ذلك بدأت الميزانية تأخذ شكلها الحالي بعد الثورة‪ ،‬فأصبحت السلطة التشريعية‬
‫تأذن للحكومة بفرض الضرائب أوال‪ ،‬ثم صرف النفقات العامة ثانيا‪ ،‬حيث وجد البرلمان نفسه مضط ار إلى‬
‫أن يستعمل سلطاته في إجازة الضرائب بمقتضى القانون من جهة‪ ،‬ومراقبة الكيفية ودواعي اإلنفاق‬
‫المحصلة من هذه الضرائب من جهة أخرى؛ وبذلك تم تأسيس قواعد الميزانية عن طريق تقديم اإليرادات‬
‫العامة والنفقات العامة في تقدير واحد ووثيقة واحدة تتضمنهما معا‪ ،‬بصفة دورية ومتجددة‪ .‬وبذلك نشأت‬

‫المادة ‪ 14‬من شرعة حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي الصادرة سنة ‪.1789‬‬ ‫‪6‬‬

‫صباح نعوش ‪" :‬المالية العامة ومالية الدول النامية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،1983 ،‬ص ‪.298 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪9‬‬
‫‪8‬‬
‫الميزانية وأصبحت تستوجب إجازة البرلمان لما تتضمنه من إيرادات ونفقات‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس يشكل قانون المالية السنوي أثناء تقديم الميزانية العامة نقطة االلتقاء بين الجوانب‬
‫السياسية والجوانب الفنية في إعداد وتنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬حيث تصفى الحسابات والصراعات السياسية‬
‫والحزبية بين الحكومة والمعارضة‪ .‬وقد ارتبطت المبادئ العامة إلعداد واعتماد العمليات المالية بقانون‬
‫الميزانية العامة وبالنصوص القانونية المتصلة به‪ ،‬والتي تساهم في خلق قواعد وضوابط تحكم تنفيذ‬
‫ومراقبة العمليات المالية والمحاسبية والتي تتحدد من خاللها االلتزامات والحقوق والمسؤوليات المنوطة بكل‬
‫فاعل متدخل في تنفيذها‪.‬‬

‫ويحتل قانون المحاسبة العمومية في مجال تنفيذ و مراقبة الميزانية مرآة التدبير العمومي‪ ،‬فهو يتبوأ مكانة‬
‫وأهمية بالغة على المستوى الوطني والعالمي‪ ،‬حيث أصبح خبراء األمم المتحدة يؤكدون على اعتماد نظام‬
‫فعال للمحاسبة العمومية‪ ،‬بالشكل الذي يجعل منه أداة لتطبيق مخططات التنمية‪ ،‬وينتقدون األنظمة التي‬
‫تعتمدها بعض دول العالم الثالث‪ ،‬حيث تتبنى أنظمة محاسبية قديمة تعرقل تنفيذ العمليات المالية‪ ،‬وتشل‬
‫روح المبادرة في اتخاذ القرار المالي واإلداري لدى الفاعلين في األجهزة العمومية للدولة من آمرين‬
‫بالصرف و مراقبين و محاسبين عموميين‪ .‬لذلك اقترح خبراء وفاعلون في المالية العمومية ومنهم خبراء‬
‫صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ضرورة إصالح أنظمة المالية العمومية والمحاسبة التي لم تعد تواكب‬
‫‪9‬‬
‫مقتضيات التطور السريع والنمو االقتصادي واالجتماعي لهذه الدول‪.‬‬

‫وفي المغرب ومنذ السنوات األولى لالستقالل اتجه المشرع إلى االهتمام بنظم المحاسبة العمومية وتطوير‬
‫أساليب المساءلة والمراقبة المختلفة‪ ،‬وكيفية استعمال وتنفيذ وصرف المال العام في شتى المجاالت‬
‫الحيوية‪ ،‬باعتبارها أهم أسس ومكونات نظم المحاسبة العمومية‪ .‬فقد تم إصدار أول نظام للمحاسبة‬
‫‪10‬‬
‫مباشرة بعد استقالله عن فرنسا‪ ،‬ومن خالله حاول المشرع المغربي‬ ‫العمومية بالمغرب في غشت ‪1958‬‬
‫إحداث نوع من فك االرتباط مع بعض األساليب القديمة في مجال المحاسبة العمومية والتي كانت تستند‬
‫على أعمال المراقبة والتفتيش مبالغ فيها والتي كان يكرسها المخزن على المتصرفين والفاعلين فيما يخص‬
‫األموال المستخلصة والمصاريف المدفوعة من بيت المال‪ ،‬إال أن القانون الجديد اكتفى فقط بنسخ قواعد‬
‫المحاسبة العمومية الفرنسي ما بين ‪ 1930‬و‪ ،1935‬مما استدعى مراجعة وتحيين القواعد التي تضمنها‬

‫‪ 8‬محمد سعيد فرهود ‪" :‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ ،‬جامعة حلب‪ ،1990 ،‬ص ‪.349 :‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Comptabilité publique et exécution budgétaire, Brochure O.N.U, 1952, N.° VXI, p:3.‬‬
‫‪ 10‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.041‬صادر في ‪ 6‬غشت ‪ 1958‬بسن نظام المحاسبة العموميةج‪.‬ر عدد‪ 2393‬بتاريخ ‪ 5‬شتنبر‪. 1958‬‬

‫‪10‬‬
‫هذا الظهير‪ ،‬واستجابة لتطور الدولة ومسايرتها للظروف االقتصادية واالجتماعية تم إصدار نظام جديد‬
‫ما زال ساري المفعول إلى حد اآلن‪ .‬وبالرغم من أن نظام المحاسبة العمومية‬ ‫‪11‬‬
‫للمحاسبة العمومية‬
‫‪12‬‬
‫لسنة ‪ ،1962‬إال‬ ‫المغربي الجديد قد استقى العديد من مقتضياته من نظام المحاسبة العمومية الفرنسي‬
‫أنه تمكن من إرساء بعض القواعد الحديثة واألساليب المتطورة في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬والتي‬
‫تتعلق باألساس بالمبدأ العام الذي يحث على مبدأ الفصل بين العمليات اإلدارية التي يمثلها اآلمرون‬
‫بالصرف أو من ينوب عنهم‪ ،‬والعمليات المالية والمحاسبية التي يمثلها المراقبون الماليون والمحاسبون‬
‫العموميون أو من في حكمهم‪ .‬وتعتبر المسؤولية المالية النتيجة الحتمية والمنطقية لمبدأ الفصل بين‬
‫اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ .‬وقد نص نظام المحاسبة العمومية المغربي لسنة ‪ 1967‬وألول‬
‫مرة صراحة على مسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين معا أثناء تنفيذ الميزانية‪ ،‬حيث نص‬
‫الفصل السابع والفصل الخامس عشر على هذه المسؤولية‪.‬‬

‫وقبل هذا التاريخ كان ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬ينص فقط على مسؤولية المحاسبين العموميين دون اإلشارة‬
‫إلى مسؤولية اآلمرين بالصرف‪ ،‬مما جعل المسؤولية تقتصر على طرف واحد‪ ،‬مما خلق نوعا من انعدام‬
‫التوازن بين الطرفين المتدخلين في تنفيذ الميزانية في التشريع المغربي‪ ،‬فعمق بالتالي مسؤولية المحاسبين‬
‫العموميين سواء الشخصية منها أو المالية وسواء كان مسؤوال عن تنفيذ الميزانية مباشرة أو بواسطة‬
‫تابعيه‪.‬‬

‫فأمام هذا اإلشكال المطروح‪ ،‬اختار المشرع المغربي تحديث مؤسساته من خالل اعتماد نظام للمسؤولية‬
‫والمراقبة حيث شهدت السنوات األولى لالستقالل صدور مجموعة من القوانين التي تنص على المسؤولية‪،‬‬
‫االلتزامات والعقود دور في تحديد المسؤولية المدنية والشخصية‬ ‫‪13‬‬
‫وحتى قبل هذا التاريخ كان لقانون‬
‫لموظفي الدولة والبلديات خصوصا في الفصل ‪ 79‬و‪.80‬‬
‫‪14‬‬
‫وجود سلطة أو مهام وإن كانت ترتبط في‬ ‫وتقتضي المسؤولية من خالل تحديد معناها ومغزاها العام‪،‬‬

‫‪ 11‬مرسوم ملكي رقم ‪ 330.66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2843‬بتاريخ ‪ 26‬أبريل ‪.1967‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Décret n°62-1587 du 29 Décembre 1962 portant règlement général de la comptabilité publique en France, J.O.‬‬
‫‪30 Déc. 1962, tel qu'il a été modifié par le décret n°74-246 du 11 mars 1974, J.O. 17 mars 1974.‬‬
‫‪ 13‬ظهير شريف صادر في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود المغربي صادر بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪ ،1913‬ص ‪:‬‬
‫‪.78‬‬
‫‪ 14‬تعني المسؤولية لغويا بالمعاجم الفرنسية ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Responsabilité : Fait d'être responsable, la responsabilité supose la possibilité d'agir en connaissance de cause la‬‬
‫‪responsabilité civile : l'obligation de réparer les dommages que l'on a causés à autrui de son propre fait ou de‬‬
‫‪celui des personnes, d'animaux, de choses dont on est responsable.‬‬

‫‪11‬‬
‫بعض األحيان بوقائع معينة‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمسؤولية المدنية والمسؤولية اإلدارية والمسؤولية‬
‫المالية التي توجد في منزلة بين المنزلتين في منطقة وسطى تعتبر ذات طابع خاص‪ .‬كما أشار النظام‬
‫‪15‬‬
‫إلى المسؤولية التأديبية التي يمكن أن تنطبق أحكامها على اآلمرين بالصرف‬ ‫العام للوظيفة العمومية‬
‫الجنائي المغربي وقانون‬ ‫‪16‬‬
‫والمراقبين والمحاسبين العموميين بصفتهم موظفين عموميين‪ ،‬كما أكد القانون‬
‫‪17‬‬
‫قبل إلغائها على المسؤولية الجنائية للموظفين المتورطين في جرائم الغدر‬ ‫إحداث محكمة العدل الخاصة‬
‫والرشوة واالختالس واستغالل النفوذ وعدم التصريح بالممتلكات‪.‬لذا فالعمل القضائي حاضر بقوة في مجال‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫كما نصت الدساتير المغربية السابقة منذ ‪ 1962‬على المسؤولية الجنائية للوزراء أمام المحكمة العليا‬
‫للعدل‪ ،‬وعلى المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان‪ ،‬كما نص ظهير التنظيم الجماعي لسنة ‪1976‬‬
‫على مسؤولية رؤساء المجالس الجماعية‬ ‫‪18‬‬
‫كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 78.00‬ثم قانون ‪17.08‬‬
‫أمام المجلس التداولي أو سلطات الوصاية أو المحاكم المالية الجهوية‪ .‬وبالموازاة مع تضمين قواعد‬
‫المسؤولية في المجاالت المدنية والجنائية والتأديبية والسياسية‪ ،‬تم خلق القوانين واألنظمة التي تضبط‬
‫تسيير المالية العمومية‪ ،‬ومن هذه القوانين قانون نظام المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1958‬و‪ 1967‬وبينهما‬
‫قانون اللجنة الوطنية للحسابات سنة ‪ .1960‬وفي نفس السنة تم إحداث المفتشية العامة للمالية‪ ،‬ثم‬
‫إحداث مراقبة االلتزام بنفقات الدولة سنة ‪ 1964‬ثم سنة ‪ ،1975‬فإنشاء المجلس األعلى للحسابات‪ 19‬سنة‬
‫‪20‬‬
‫‪ ،1979‬ثم إحداث المراقبة المالية على المؤسسات العمومية بالقانون رقم ‪.69.00‬‬

‫‪Responsabilité pénale : Obligation de subire la peine prévue pour l'infraction dont on est l'auteur ou le complice.‬‬
‫‪Responsabilité ministérielle : Dans un régime parlementaire, obligation faite à l'ensemble des ministres, ou‬‬
‫‪gouvernement de démissionner quant le parlement lui retire sa confiance".‬‬
‫‪Voir : Dictionnaire Encyclopédique Illustré, édition Hachette, Paris, 1996, p:1916.‬‬
‫‪ 15‬ظهير شريف رقم ‪ 1.58.008‬صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،2372‬بتاريخ ‪11‬‬
‫أبريل ‪.1958‬‬
‫خصوصا القانون رقم ‪ 79-03‬المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5248‬بتاريخ ‪16‬‬ ‫‪16‬‬

‫شتنبر ‪.2004‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.72.157‬صادر بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1972‬يتعلق بإحداث المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3128‬بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر‬ ‫‪17‬‬

‫‪ ،1972‬وقد تم حذفها بالقانون رقم ‪ 79.03‬وإسناد اختصاصاتها إلى أقسام بمحاكم االستئناف بالمملكة‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.08.153‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.08‬المغير والمتمم بموجبه القانون رقم ‪ 78.00‬ج‪.‬ر عدد‬ ‫‪18‬‬

‫‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬


‫ظهير شريف رقم ‪ 1.79.175‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 12.79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3490‬مكرر‬ ‫‪19‬‬

‫بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.1979‬‬


‫ظهير شريف رقم ‪ 1.03.195‬صادر في ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة‬ ‫‪20‬‬

‫وهيئات أخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪.2003‬‬

‫‪12‬‬
‫فكل هذه اإلصالحات همت مجال التدبير المالي واإلداري داخل مرافق الدولة مستمدة من‬
‫األنظمة الفرنسية التي تركت بصماتها على القوانين واألنظمة القضائية المغربية بعد خروجها من المغرب‪،‬‬
‫و منها مرسوم ‪ 29‬دجنبر ‪ 1962‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية الفرنسي والذي ينص في المادة ‪20‬‬
‫منه على مبدأ الفصل بين العمليات المالية اإلدارية والعمليات المحاسبية‪ ،‬وكذا قانون ‪ 23‬فبراير ‪1963‬‬
‫‪21‬‬
‫الذي ينص على مسؤولية المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي قد نهل واستقى من المشرع الفرنسي قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪1967‬‬
‫لما ربط فيه بين مسؤولية المدبرين وهم اآلمرون بالصرف من جهة والمحاسبون العموميون المسؤولين‬
‫عن التنفيذ المالي من جهة أخرى‪ ،‬وجعلهم شركاء في مجال تنفيذ الميزانية العامة لتحقيق الغايات التي‬
‫خصصت ألجله و عدم انحراف أي طرف عن قواعد و أسس استعمال األموال العامة‪.‬‬

‫كما أن إحداث المجلس األعلى للحسابات في سنة ‪ 1979‬كان بمثابة الحقل التطبيقي والعملي للمسؤولية‪،‬‬
‫وأصبح بإمكان القاضي المالي طرح مسؤولية منفذي العمليات المالية والمحاسبية‪ .‬وقد شكل نظام‬
‫المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬وقانون المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 1979‬وظهير ‪ 1955‬المتعلق‬
‫بمسؤولية المحاسبين العموميين االنطالقة األولى لتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‬
‫في مجال تنفيذ الميزانية‪ .‬لكن الواقع العملي والتطبيقي ظل محدودا وعاج از في ظل الظروف التي رافقت‬
‫المرحلة نظ ار لعدة عوامل منها قصور قانون المحاسبة العمومية الذي كان يحيل على القوانين واألنظمة‬
‫في مجال مسؤولية اآلمرين بالصرف‪ ،‬مما كان يحول دون تحديد نوع المقتضيات الواجبة التطبيق‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أن ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬أصبح متجاو از في العديد من مقتضياته خصوصا بعد صدور‬
‫قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪ ،1967‬ونظام مراقبة االلتزام بنفقات الدولة لسنة ‪ 1975‬حيث أصبحت‬
‫مقتضيات هذه القوانين تطبق في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬وبالتالي أصبح فاعلون جدد في العملية‪ ،‬مما جعل‬
‫المشرع المغربي يتخلى عن مجموعة من المقتضيات التي كان منصوصا عليها في ظهير ‪ 2‬أبريل ‪1955‬‬
‫واستبدلها بنصوص من نظام المحاسبة العمومية‪ ،‬مما أثر على عمل المراقبة المالية التي جسدتها‬
‫المفتشية العامة للمالية والمجلس األعلى للحسابات المسلطة على اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬نظ ار لقلة اإلمكانيات البشرية والمادية المرصودة لهذه المؤسسات الرقابية‪.‬‬

‫وقد حاول المشرع المغربي تدارك النقص والعجز الذي أبانت عنه الجوانب التطبيقية لعمل القضاء المالي‪،‬‬

‫‪21‬‬
‫‪L'article 60 de la loi n°63-156 du 23 février 1963 portant loi de finance pour l'année 1963 fixant la‬‬
‫‪responsabilité des comptables publics en France.‬‬

‫‪13‬‬
‫وقواعد المسؤولية المالية والمحاسبية فألغى العمل بمقتضيات ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬واستبدله بظهير‪322‬‬
‫أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬كما عوض‬
‫‪13‬‬ ‫‪23‬‬
‫قانون ‪ 12.79‬المحدث للمجلس األعلى للحسابات بمدونة المحاكم المالية الصادر بموجب ظهير‬
‫يونيو ‪ ،2002‬فمن خالل هذين القانونين تدارك المشرع المغربي عدم التوازن في أحكام المسؤولية الذي‬
‫طبع الفترة التي سبقت هذا التاريخ‪ ،‬وطيلة مرحلة تنفيذ الميزانيات السابقة لهذه القوانين‪ ،‬حيث تم إخراج‬
‫هذه القوانين إلى حيز التطبيق بعد فشل القوانين السابقة‪ ،‬وبالتالي أنصف كل المتدخلين في إنجاز‬
‫العمليات المالية والمحاسبية‪ ،‬وخاصة اآلمرون بالصرف والمحاسبون حيث تم تحديد المخالفات المالية‬
‫لكل طرف وكذلك العقوبات والجزاءات بشكل دقيق خاصة في مجال التأديب المالي‪ ،‬كما مكن هؤالء من‬
‫طرق دفع المسؤولية والجزاءات المترتبة عن ثبوتها في حاالت معينة؛ فالمسألة شائكة خصوصا في ظل‬
‫تعدد القوانين و األنظمة و المتدخلين ‪ ،‬و بالتالي يصعب معها ضبط مجال المسؤولية ومحدداتها‪.‬‬

‫هذا بالنسبة للتعريف الموجز بالموضوع و تحديد بعض المفاهيم المرتبطة به‪ ،‬فأين تكمن أهميته و أسباب‬
‫اختياره إذن ؟‬

‫‪ -2‬أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪:‬‬


‫يندرج موضوع المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية في التشريع و القضاء المغربي ضمن المواضيع‬
‫المتجددة التي تدخل في إطار النقاش الواسع الذي تعرفه قوانين الميزانية التي تناقش كل سنة‪ ،‬وما تطرحه‬
‫من إشكاالت عند إقرارها و أثناء و بعد تنفيذها سواء على المستوى الدستوري أوالسياسي أوالمالي أوالرقابي‬
‫أو القضائي‪ .‬فموضوع المسؤولية يرتبط في منحاه العام بترسيخ مبادئ الديمقراطية والشفافية والحكامة‬
‫والمساءلة في إطار الهدف الرامي إلى حسن تدبير الموارد العمومية وعقلنة صرفها بهدف تحقيق التنمية‬
‫الشاملة التي تهدف إليها كل دولة كما صدر في افتتاحية إحدى أعداد "مجلة المالية" التي تصدرها و ازرة‬
‫االقتصاد و المالية‪.‬‬
‫‪"L'importance des dépenses publiques pour le développement du pays, fait que leur‬‬
‫‪exécution est soumise à un ensemble de règles juridiques et de procédures budgétaires en vue‬‬
‫‪d'une utilisation régulière et rationnelle des deniers publics")*).‬‬

‫‪ 22‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.25‬صادر في ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 61.99‬بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4999‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2002‬‬
‫‪ 23‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.124‬صادر في ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5030‬بتاريخ‬
‫‪ 15‬غشت ‪.2002‬‬
‫المصدر‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫وقد نتج عن هذا النقاش تزايد الوعي بعدم فاعلية النصوص القانونية القديمة‪ ،‬وانعدام جدواها في تحصين‬
‫وحماية المال العام في ظل التطورات العلمية والتكنولوجيا الحديثة والتي بفضلها استفحلت مظاهر الفساد‬
‫اإلداري والمالي‪.‬‬

‫فأهمية هذا الموضوع تبرز حسب تصوري الخاص من خالل محاولة الوصول إلى نتائج وخالصات بعد‬
‫تحليل الموضوع‪ ،‬و مالمسة واقع المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة و إبراز دور الفاعلين‬
‫األساسيين وغير األساسيين فيها‪ ،‬وكذا تثمين دور المؤسسات الرقابية بشتى أنواعها من خالل تحديد‬
‫المسؤوليات ومدى جدواها وفاعليتها في مجال صيانة وحماية المال العام‪ ،‬وكذا المعوقات و الصعوبات‬
‫التي تقف أمامها و الحلول الممكنة لتدارك األمر‪.‬‬

‫فالغاية و الهدف من وراء إنجاز هذا العمل األكاديمي بعد كشف مستوره و خباياه و الوصول الى نتائج و‬
‫خالصات من خالل محاولة اإلجابة عن اإلشكاالت التي يطرحها الموضوع‪ ،‬والجوانب والمظاهر الخفية‬
‫فيه‪ .‬و انطالقا من هذه المعطيات والمنطلقات القانونية و الواقعية التي تحيط بالموضوع‪ ،‬يمكن القول أن‬
‫للموضوع أهمية علمية وأخرى عملية يمكن إثارتها كالتالي‪:‬‬

‫أ‪-‬األهمية العلمية ‪ :‬يعتبر موضوع هذه األطروحة و المتعلق "بالمسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية‬
‫العامة في التشريع المغربي" من المواضيع التي لها ارتباط بمواضيع أخرى كاالقتصاد والسياسية والمالية‬
‫العامة والقانون اإلداري والمحاسبة العمومية والقانون المدني والقانون الجنائي و قانون الوظيفة العمومية‪،‬‬
‫فالبحث في مثل هذه المواضيع ليس باألمر البسيط وال الهين‪ ،‬بحيث أن الكشف عن تشعبات هذا‬
‫الموضوع وأبعاده العلمية والفقهية والقضائية متعددة ومتداخلة ومتشابكة‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فإن محاولة‬
‫الخوض في هذا الموضوع يعتبر مغامرة علمية كبيرة‪ ،‬ونوع من االجتهاد المؤدي إلى الحصول على نتائج‬
‫و خالصات‪ ،‬ويعتبر بحق إضافة علمية نوعية في الحقل المعرفي القانوني في مجال المسؤولية‪ ،‬و ذلك‬
‫من أجل إغناء و تأثيث رفوف الخزانة القانونية المغربية عموما وخزانة كلية الحقوق بطنجة خصوصا‪،‬‬
‫لينهل منه كل طالب علم و معرفة‪.‬‬

‫فموضوع المسؤولية المالية في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪،‬موضوع سنحاول من خالله اإلحاطة‬
‫بمختلف جوانبه من متدخلين مباشرين وغير مباشرين في إطار شمولي وعام من جهة من خالل تنوع‬

‫‪) * ( Portail internet Ministère de l'économie et des finances, Vie publique, contrôle, p:1.‬‬
‫‪www.finances.gov.ma‬‬

‫‪15‬‬
‫المسؤولية‪ ،‬و في إطار خاص من جهة ثانية من خالل التركيز على المسؤولية المالية‪ ،‬بحيث أن‬
‫الموضوع يمتاز باختالف اختصاصات و مهام المتدخلين فيه‪ ،‬وبالوحدة في األهداف في ظل تنوع‬
‫المنظومة القانونية الضابطة له‪ .‬ويبقى القضاء بمثابة البوصلة التي تحدد نوع هذه المسؤوليات‬

‫فالميزانية تمتاز بالطابع الفني والتقني المعقد وبالمساطر واإلجراءات الشكلية الطويلة انطالقا من‬
‫اإلعداد إلى المصادقة فالتنفيذ فالتصفية ثم المراقبة بشتى أنواعها‪ .‬وفي كل هذه المراحل نجد متدخلين‬
‫كثر بمساطر قانونية مختلفة‪ ،‬فنحن كباحثين نحاول فك الرموز و الخيوط المتشابكة التي تطرحها‬
‫اإلشكالية وذلك من خالل تحليل اإلختصاصات وضبط اإلختالالت و الوقوف على الثغرات والخروج‬
‫بخالصات من خالل بسط وتحليل اإلشكالية الرئيسية والفرعية التي يطرحها الموضوع من خالل‬
‫تفاعالت المتدخلين في تنفيذ الميزانية في مراحلها المختلفة‪.‬‬

‫ب‪-‬األهمية العملية‪ :‬إن كل بحث علمي إال وله أهمية عملية وهي النتيجة والخالصة التي‬
‫يتوصل إليها الباحث من أجل استثمارها علميا وتطبيقها عمليا‪ ،‬والعودة إليها من أجل توظيفها‬
‫كلما دعت الضرورة لذلك‪.‬‬

‫فالهدف الذي نتوخاه م ن هذا العمل هو إخراج منتوج علمي أكاديمي إلى حيز الوجود لينهال منه كل‬
‫متعطش للبحث العلمي من طلبة ورجال قانون وممارسين في الميدان كاآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين وغيرهم‪...‬‬

‫ففي هذه األطروحة سنحاول فك رموز وتداخل خيوط المسؤولية ومجاالتها المتعددة‪ ،‬و سلطات و التزامات‬
‫وحقوق وواجبات المتصرفين في المال العام‪ ،‬و وسائل وطرق حمايته من المتربصين به‪ ،‬من خالل إبراز‬
‫دور الرقابة المالية في الحفاظ على طرق صرف المال العام‪ ،‬فالمسؤولية التي سنحاول دراستها وتحليلها‬
‫في هذه األطروحة تتأسس على أربع درجات مختلفة و متداخلة لعل أهمها حسب الترتيب‪:‬‬

‫‪-‬المسؤولية المالية و تتأسس على ضبط المخالفات و المساءلة المالية ‪ :‬من خالل تقديم الحساب‬
‫وتحمل التبعات عن االستعمال الحالي والمتوقع للموارد والنفقات من خالل دورالمفتشيات العامة بمختلف‬
‫اإلدارات‪ ،‬و محاسبة و معاقبة الفاعلين من طرف المحاكم المالية و الزجرية‪.‬‬

‫‪-‬المسؤولية السياسية ‪ :‬و تتأسس على المساءلة السياسية التي تمارسها السلطة التشريعية على السلطة‬
‫التنفيذية عبر عدة آليات دستورية وقانونية لها عالقة بالميزانية و صرف المال العام ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬المسؤولية اإلدارية و تتأسس على المساءلة اإلدارية ‪ :‬من خالل الرقابة الداخلية فيما يخص استعمال‬
‫الموارد والنفقات المتاحة‪ ،‬عن طريق تبادل أدوار الرقابة بين اآلمرين بالصرف المراقبين والمحاسبين‬
‫والعموميين و السلطة الرئاسية التابع لها كل متدخل في مجال التدبير المالي‪.‬‬

‫‪ -‬المسؤولية الجنائية وتتأسس على المساءلة الجنائية من خالل القاعدة الفقهية التي تقضي بأن" المال‬
‫العام يحرق األيدي التي تمتد إليه" عبر ارتكاب الجرائم و الجنح المالية من طرف القائمين على‬
‫تحصيل و صرف المال العام ‪.‬‬

‫فكل هذه األنواع من المسؤوليات قد تترتب عنها تبعات تأديبية ما دام هؤالء الفاعلون موظفين عموميين‬
‫‪ ،‬أو تبعات مدنية أثناء ارتكابهم ألفعال تقصيرية أثناء قيامهم بالواجب المهني فينتج عن ذلك أضرار‬
‫للغير لما ترتكب هذه األفعال داخل المرفق ‪la faute dans le service‬‬

‫فمعرفة حدود وسلطات كل متدخل في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬وأبعاد المسؤولية التي يتحملها كل‬
‫طرف‪ ،‬يعتبر وقاية وضمانة لحفظ حقوق كل طرف سواء أثناء تصفية الميزانية أو أثناء طرح مسؤولية‬
‫أحد أطراف الفاعلين في الميزانية العامة سواء من طرف المفتشيات العامة أو من طرف المحاكم المالية‪.‬‬

‫فأهمية هذا البحث تكمن في كونه يؤسس لدراسة تقل فيها األبحاث باللغة العربية‪ ،‬لذا أتمنى أن يكون هذا‬
‫المجهود بعد مناقشته من طرف لجنة علمية و تنقيحه و إغنائه باألفكار حاف از ومحف از لباقي الطلبة‬
‫والباحثين لالستفادة منه ومتابعة البحث فيه ألنه مجال واسع و متشعب و متطور؛ لنشر األفكار و‬
‫الخالصات العلمية الجديدة حول الموضوع‪ ،‬خصوصا بعدما أصبح البحث العلمي يلعب دو ار تنمويا‬
‫يساهم في تقدم البلدان إذا ما أحسن استغالله‪.‬‬

‫بقي أن أشير إلى أن سبب اختياري لهذا الموضوع جاء نتيجة حدث خطير مر به الحي الجامعي بطنجة‬
‫تجلى في اختالس ميزانيته‪ ،‬بحيث ترك هذا الحدث أث ار واستغرابا لدى العاملين بهذه المؤسسة و اكتوى‬
‫بناره البعض‪ ،‬وهو ما عرف آنذاك "بقضية الحي الجامعي" بحيث تورط في هذه القضية محاسب عمومي‬
‫عبر اختالس أموال عمومية من ميزانية المؤسسة‪ ،‬و السبب ضعف أجهزة الرقابة الداخلية و الخارجية‬
‫انطالقا من المقولة التي مفادها ‪" :‬المال السايب يعلم السرقة"‪.‬‬

‫و السبب اآلخر الذي جعلني أختار هذا الموضوع هو عملي اإلداري بالقرب من المجال المالي‬
‫والمحاسبي بالمكتب الوطني لألعمال الجامعية‪ ،‬االجتماعية والثقافية التابع لو ازرة التعليم العالي و البحث‬
‫العلمي وتكوين األطر‪ ،‬و ميوالتي إلى مواضيع المالية العمومية و الرقابة تكميال لموضوع الرسالة الذي‬

‫‪17‬‬
‫بدأناه في سنوات الدراسات العليا المعمقة حول " الرقابة العليا على المال العام بالمغرب بين النظرية و‬
‫الممارسة"‪.‬‬

‫‪ -3‬صعوبة الموضوع‪:‬‬

‫يعتبر البحث العلمي في المغرب من أصعب األمور التي تواجه الطالب الباحث نظ ار لغياب‬
‫الدعم و االهتمام والمساندة من طرف الدولة ‪ ،‬أو عن طريق مؤسساتها المهتمة و كذا عدم االهتمام‬
‫بالنتائج العلمية المتوصل إليها في البحوث ‪ ،‬بحيث تبقى رهينة الرفوف بالخزانات فيصبح مآلها اإلهمال‬
‫و النسيان‪ ،‬وهذا يتمظهر جليا من خالل الميزانية التي ترصد للبحث العلمي و التي كانت تمثل فقط‬
‫‪ ℅ 0,73‬خالل ‪. 2011-2010‬‬
‫إال أنه اليوم بدأنا نلمس بعض التحول في هذا المجال من خالل اإلستراتيجية الوطنية لتطوير‬
‫البحث العلمي في أفق ‪ 2025‬من أجل جعل البحث العلمي رافعة للتنمية االقتصادية و االجتماعية‬
‫للبالد‪ ،‬فقد حاولت الحكومة الحالية الرفع من النسبة المخصصة للبحث العلمي لتصل ‪ %0,8‬من الناتج‬
‫الداخلي الخام حسب المعطيات الواردة في قانون المالية لسنة ‪ ،2013‬بينما تصل في الدول المتقدمة من‬
‫‪ 2‬إلى ‪ %3‬مما يشكل عائقا أمام الباحث و البحث العلمي عامة‪ ،‬فالنتيجة غالبا ما تكون مجهودا فرديا‬
‫يحسب للباحث والمؤطرين والمشرفين على البحث‪ ،‬نظ ار للصعوبات التي يالقيها هؤالء ماديا ومعنويا‪.‬‬

‫أما فيما يخص صعوبة البحث التي واجهتنا في موضوع هذه األطروحة فتجلت في صعوبات‬
‫ذاتية وأخرى موضوعية‪:‬‬

‫إ‪-‬الصعوبات الذاتية ‪ :‬تتجلى هذه الصعوبات في الحيز الزمني الذي أصبح مخصصا إلنجاز‬
‫األطروحات‪ ،‬وهذا يزيد من الضغط على الباحث نظ ار لضيق الوقت‪ .‬كما أن عدم التفرغ للبحث يعد‬
‫عامال إضافيا‪ ،‬يجعل الباحث المثقل بالمسؤولية اإلدارية مشتت التفكير بين العمل اإلداري الروتيني و‬
‫البحث العلمي ‪ ،‬فمجال البحث يكون حيزه الزمني ضيقا‪ ،‬أضف إلى ذلك المسؤولية األسرية التي تنضاف‬
‫إلى مسؤولية البحث في مجال المسؤولية مما يؤثر على جودة البحث نظ ار لغياب التركيز والتفكير العميق‬
‫و الحديثة و المتجددة بالمكتبات والخزانات أو‬ ‫وتوفير الوقت الكافي للتنقيب عن المراجع المهمة‬
‫باإلدارات والمؤسسات ومراكز البحوث ‪.‬‬

‫لكن بفضل العزيمة القوية و رفع التحدي في وجه الصعاب منذ مراحل الدراسات العليا المعمقة‬
‫‪ ،‬وكذا التشجيع الذي لقيته من طرف أسرتي و على رأسها زوجتي و بناتي حاولت تدليل كل هذه‬

‫‪18‬‬
‫الصعاب و تحدي كل من راهن على فشلي‪.‬‬

‫كل هذه العوامل و غيرها ساهمت في إثارة الرغبة من أجل المضي قدما نحو مواصلة البحث العلمي و‬
‫نشر الفائدة و المعرفة العلمية مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران اآلية ‪ : 159‬ف إذا عزمت فتوكل‬
‫على هللا إن هللا يحب المتوكلين‪.‬‬

‫ب‪-‬الصعوبات الموضوعية ‪ :‬و تجلت في صعوبة الموضوع واإلشكاالت التي يطرحها "فالمسؤولية في‬
‫مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع و القضاء المغربي" ليس بالموضوع السهل أو البسيط نظ ار‬
‫لتداخل وتشعب مدخالته ومخرجاته‪ ،‬وتعدد األنظمة القانونية والتشريعية الضابطة لقواعده‪ ،‬و التي تعتبر‬
‫المجال الخصب الذي يشتغل فيه الفاعلون المتعددون‪ ،‬مما صعب علينا إيجاد الخيوط الرابطة بين كل‬
‫جوانب الموضوع وجزئياته في إطار وحدة الهدف واختالف األنظمة القانونية‪.‬‬

‫أضف إلى هذا وذاك قلة المراجع المتخصصة في الموضوع‪ ،‬باستثناء ما كتب باللغات األجنبية أو ما‬
‫كتب في جزء من الموضوع ‪ ،‬وقد كان بودنا التطرق إلى األحكام القضائية في مجال المسؤولية المالية‬
‫لالستدالل على ما هو نظري بالعمل القضائي التطبيقي‪ ،‬من خالل أحكام وق اررات المحاكم المالية‪،‬إال أننا‬
‫اكتفينا بما ينشر من تقارير سنوية من خالل عمل هذه المؤسسة الدستورية؛ وباألحكام القضائية التي‬
‫يصدرها المجلس األعلى و األحكام القضائية المالية األجنبية وخصوصا القضاء المالي الفرنسي الذي‬
‫يزخر باألحكام والق اررات في شتى المجاالت‪ ،‬في انتظار القيام بتسريع اإلصالحات التشريعية والمؤسساتية‬
‫التي جاء بها الدستور الجديد لسنة ‪ ،2011‬والذي من خاللها فتح الباب أمام كل الفعاليات للمشاركة في‬
‫تحسين تدبير الشأن العام وكشف المستور ‪ ،‬ومن بين هذه الخطوات و التدابير الرفع من فعالية تقييم‬
‫وتتبع تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬وتطوير اآلليات المؤسساتية في هذا المجال‪ ،‬من أجل تطوير الممارسة‬
‫الرقابية للمجلس األعلى للحسابات التي تهدف إلى تقييم مدى فعالية النتائج وتشخيص و تقريب الفجوة‬
‫بين التوقع واإلنجاز من خالل تقديم التوصيات الضرورية لتطوير النتائج وتقدير اآلثار على مستوى‬
‫التنمية‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي جعل من مواكبة القانون المالي السنوي للبرمجة المتعددة السنوات للميزانية لكي تتحدد‬
‫األهداف على المدى المتوسط وتبعاته المالية‪ ،‬ليتمكن البرلمان من بسط رقابته على عقود البرامج وعلى‬
‫مختلف التعهدات المالية للدولة‪.‬‬

‫كما أشار المشرع إلى ضرورة التنسيق الوظيفي بين المجلس األعلى للحسابات والبرلمان في مجال تتبع‬

‫‪19‬‬
‫تنفيذ قوانين المالية وتقييم السياسات العمومية تطبيقا لمقتضيات الدستور الجديد في فصله ‪.148‬‬

‫و من الصعوبات التي واجهتنا أيضا محاولة أقلمة القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬ليتماشى مع‬
‫مقتضيات الدستور الجديد‪ ،‬و بالتالي وجب على المشرع اإلسراع بتعديل هذا القانون وضرورة تنصيصه‬
‫على إحالة مشروع قانون التصفية في اآلجال المالئمة ليتمكن المجلس األعلى للحسابات من ممارسة‬
‫مهامه الرقابية في ضبط صدقية وصحة الحساب الختامي للدولة‪ ،‬من خالل الرؤية القضائية لتنفيذ‬
‫الميزانية‪.‬‬

‫و مادام تنفيذ الميزانية مرتبط بالعمل البشري ‪ ،‬فاألمر قد تتخلله ظواهر سلبية قد تنتج ظاهرة اإلختالل و‬
‫الفساد ‪ ،‬الشيء الذي جعلنا نحاول إثارة هذه الظواهر من خالل مختلف المقاربات القانونية و السلوكية‬
‫كتفعيل مقتضيات القانون رقم ‪ 06-54‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬المتعلق بالتصريح اإلجباري‬
‫بممتلكات منتخبي المجالس الترابية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين واألعوان العموميين للحفاظ‬
‫على نظافة الذمة المالية للمسؤولين عن تدبير الشأن المحلي وكذلك الشأن العام ؛ أو من خالل تعزيز‬
‫فعالية المجالس الجهوية للحسابات وسبل تحسين المعلومات المالية المدلى بها‪ ،‬وتطوير آليات االشتغال‬
‫باعتماد المراقبة المندمجة التي تشمل مراقبة المشروعية‪ ،‬وفعالية أساليب التدبير‪ .‬باإلضافة إلى تقوية دور‬
‫مؤسسات الحكامة الجيدة و اإلعالم والتواصل التي يجب أن تنهض بتعزيز منظومة النزاهة وفضح الفساد‬
‫والمفسدين‪ ،‬وتشجيع التبليغ عنها‪ ،‬ثم تقوية هيئات المجتمع المدني التي يتعين دعم مجهوداتها الهادفة إلى‬
‫إذكاء الوعي العام بظاهرة الفساد ومخاطره ‪ ،‬وسنأتي على تفصيل كل هذه المحاور و النقط في صلب‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫‪ -4‬إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫نظ ار للصعوبات والتشعبات التي ذكرناها سابقا حول صعوبة الموضوع‪ ،‬يبقى موضوع بحثنا في هذه‬
‫األطروحة حول "المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع و القضاء المغربي" من‬
‫المواضيع المتجددة والمتطورة نظ ار لتطور دور الدولة ومؤسساتها والفاعلين فيها‪.‬و مسايرة القضاء المالي‬
‫و اإلداري لهذه التطورات‪.‬‬

‫ونظ ار لتعدد جوانب الموضوع‪ ،‬وكثرة النصوص القانونية الضابطة له‪ ،‬واختالف أدوار الفاعلين‬
‫فيه‪ ،‬وتعدد مسؤولياتهم واختالف درجاتهم‪ ،‬و تفاعل القضاء مع هذه الجوانب‪ .‬كلها أمور تجعل من مجال‬
‫تنفيذ الميزانية و مراقبتها أمو ار صعبة الضبط من خالل تدخل إدارتين أو أكثر بسلطات مختلفة ومتباينة‬

‫‪20‬‬
‫لتحقيق غاية و نتيجة واحدة وهي التدبير الجيد و صيانة المال العمومي‪ .‬وهذه اإلجراءات قد نص عليها‬
‫المشرع المغربي في "قانون تحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين"و هو‬
‫بمثابة القاعدة الذهبية و اإلطار العام لموضوع األطروحة ‪ .‬وقد شكلت المسؤولية التأديبية والمدنية‬
‫والجنائية المجال المشترك الذي تتقاطع فيه المسؤولية بين كل المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪ ،‬في حين‬
‫تراوحت قواعد وأحكام المسؤولية المالية بين التفعيل والتعطيل حسب الحاالت ومنها اإلعفاء من المسؤولية‬
‫وإبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ ،‬خصوصا اآلمرون بالصرف الرئيسيين كالوزراء‪ ،‬فتبقى المساءلة‬
‫السياسية هي األكثر ترجيحا إذا ما استطاع البرلمان مساءلة الحكومة بواسطة اآلليات الرقابية التي يتمتع‬
‫بها رغم صعوبة تفعيلها‪ .‬كما أن المشرع قد استثنى أعضاء الحكومة من المساءلة أمام القضاء المالي‪ ،‬إذ‬
‫ال يخضع هؤالء الختصاص المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ .‬أما‬
‫باقي اآلمرين بالصرف كرؤساء الجماعات الترابية ومدراء المؤسسات العمومية فيخضعون لمسؤولية فعلية‬
‫في المجال المالي‪ .‬إال أنه وفيما يخص اآلمرين بالصرف الجماعيين فهؤالء يخضعون من جهة إلى‬
‫المساءلة المالية عن تنفيذ ميزانياتهم المحلية‪ ،‬ويخضعون من جهة أخرى إلى مساءلة سياسية أمام‬
‫مجالسهم التداولية‪ ،‬وأمام الناخبين وأمام سلطات الوصاية‪ .‬فالميزانية الجماعية تخضع لتصويت ومصادقة‬
‫الهيئة التداولية وفي حاالت أخرى لسلطة الوصاية ‪ .‬كما أصبح اليوم في ظل الدستور الحالي‪ ،‬من حق‬
‫الرأي العام و المجتمع المدني المشاركة في تسيير الشأن العام عبر تقديم العرائض و الملتمسات إلى‬
‫الجهات المسؤولة‪ ،‬فلم يبق سوى صدور قانون تنظيمي يحدد هذه الكيفية‪.‬‬

‫ويخضع اآلمرون بالصرف أيضا من الناحية النظرية والتراتبية في ظل قانون الوظيفة العمومية‬
‫لمسؤولية فعلية‪ ،‬حيث نظم المشرع قواعد المسؤولية التأديبية عن إخالل كل موظف أو مسؤول بالتزاماته‬
‫وواجباته الوظيفية كيفما كانت درجته في السلم اإلداري وقد حدد العقوبات التأديبية المطابقة لها‪.‬‬

‫كما نص الفصل ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود على المسؤولية الشخصية لموظفي الدولة‬
‫والجماعات المحلية عن األخطاء الجسيمة الواقعة منهم أثناء أدائهم لوظائفهم‪ ،‬كما نص القانون الجنائي‬
‫أيضا وقانون محكمة العدل الخاصة قبل إلغائها على جرائم الغدر والرشوة واالختالس واستغالل النفوذ‬
‫وجعلها وقائع منشئة لتحريك المسؤولية الجنائية لمرتكبيها‪ ،‬وحدد العقوبات المناسبة لها‪ ،‬لكن رغم كل هذه‬
‫النصوص والقوانين‪ ،‬يبقى الواقع غير ذلك فيما يخص العقوبات حيث غالبا ما يتستر الرؤساء على‬
‫مرؤوسيهم تجنبا للفضائح و البلبلة ‪ ،‬فلما يرتكب أحد اآلمرين بالصرف الثانويين لخطأ ما أو مخالفة مالية‬

‫‪21‬‬
‫تستوجب طرح مسؤوليته‪ ،‬سواء التأديبية أو المدنية أو الجنائية‪ ،‬فغالبا ما يفضل الرئيس المباشر وهو في‬
‫الغالب الوزير عدم تحريك الدعوى ومعاقبة اآلمر بالصرف الخاضع له‪ ،‬فطرح مسؤولية هذا األخير قد‬
‫تنطوي على إدانة الوزير بصفة غير مباشرة فهو من قام بتعيين هذا األخير‪.‬‬

‫واإلشكال الثاني هو أن القاضي المالي أو الجنائي ال يتدخل من تلقاء نفسه لطرح مسؤولية أي آمر‬
‫بالصرف‪ ،‬وإنما يتوقف األمر على طلب الوزير الذي قد يفضل معاقبة التابعين له تأديبيا كاإلنذار أو‬
‫التوبيخ أو التستر على المخالفات إذا كانت بسيطة عوض مقاضاته‪.‬‬

‫ويشكل ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الموضوع الخصب للمسؤولية أمام‬
‫القضاء المالي و جانبها التطبيقي‪ ،‬وتعززت أحكام هذه المسؤولية مع صدور مدونة المحاكم المالية سنة‬
‫‪ 2002‬والتي تتميز فيما يخص التأديب المالي بالطابع الشخصي‪ .‬كما يعتبر قانون ‪ 61-99‬المتعلق‬
‫بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين هو جوهر المسؤولية المالية و قاعدتها‬
‫الذهبية في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬حيث أعاد التوازن لقواعد المسؤولية المالية بين األطراف المتدخلة في‬
‫تنفيذها ‪ .‬فلم يعد يقتصر زجر اآلمرين بالصرف عن المخالفات المالية على مجرد فرض غرامة مالية‬
‫بسيطة كما كان في ظل قانون ‪ 12-79‬بل أصبح كل من يخالف القواعد واألنظمة المالية على دفع‬
‫غرامات مالية يتجاوز مبلغها أربع مرات راتبه السنوي‪ ،‬ورد مبلغ الخسارة التي تسبب في إلحاقها بالجهاز‬
‫العمومي‪.‬‬

‫وقد عكست التطبيقات القضائية في المجال المالي موقف المشرع في العديد من الجوانب‬
‫الزجرية باستثناء الوزراء وأعضاء البرلمان‪ ،‬حيث تدخل في العديد من المناسبات لتعديل بعض المواد فيما‬
‫يخص طرح مسؤولية اآلمرين بالصرف بالجماعات الترابية أو غيرهم‪ ،‬خاصة في ميدان التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬على خالف ما ذهب إليه العديد من الفقهاء الفرنسيين أمثال ميشال بوفيي‬
‫وشوفيل ومارتينز من أن مسؤولية اآلمرين بالصرف في ميدان التسيير هي مجرد مسؤولية أدبية تفضي‬
‫فقط إلى إصدار بعض التقارير التي يؤكد القضاء المالي على طرح مسؤولية هؤالء اآلمرين بالصرف عن‬
‫األخطاء في التسيير بعد اكتشافها وتحديد العقوبات واألفعال المكونة لها‪.‬‬

‫أما فيما يخص المحاسبين العموميين فيتحملون سواء في قانون المحاسبة العمومية لسنة‬
‫‪ 1967‬أو في قانون ‪ 62-99‬أو في قانون ‪ 61-99‬نفس المسؤوليات التأديبية والمدنية والجنائية التي‬
‫يخضع لها اآلمرون بالصرف‪ ،‬إضافة إلى ذلك يتحملون أيضا مسؤولية شخصية ومالية في مجال تنفيذ‬

‫‪22‬‬
‫الميزانية العامة‪ ،‬وهذا ما يؤكده وجود ضمان شخصي للمحاسب وأداء القسم الذي فرضه عليه المشرع‪،‬‬
‫وقد تمتد مسؤولية المحاسب لتشمل حتى العمليات التي ينجزها غيره كالمحاسبين التابعين له أو مرؤوسيه‬
‫أو نوابه أو وكالء المداخيل والنفقات والقباض سواء الخاضعين له مباشرة أو المرتبطين به‪ .‬وفي هذه‬
‫الحالة فسواء كان مصدر اإلدانة والعقوبة المسلطة على المحاسب هي اإلدارة التابع لها المحاسب أو‬
‫المحاكم المالية‪ ،‬فإن التنفيذ ينصب على األموال الخاصة للمحاسب العمومي وهذا ما يبرز وجود ضمان‬
‫"‪ "caution‬وتسجيل امتياز على أمواله الخاصة لفائدة خزينة الدولة‪ ،‬في حين أن طرق دفع هذه‬
‫المسؤولية تبقى مرتبطة باإلثبات على قيام حالة من حاالت القوة القاهرة أو التسخير أو اإلعسار التي قد‬
‫تعفيه من المسؤولية واألداء‪.‬‬

‫فالقضاء المالي تشدد في طرحه لمسؤولية المحاسبين العموميين على عكس اآلمرين بالصرف‬
‫حيث قد تتعدى عمليات المحاسب المالية لتشمل حتى التي ينجزها اآلخرون أو قد يكون مصدر الخطأ‬
‫هو اآلمر بالصرف‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لصرف نفقة بأوراق مثبتة مزورة‪ ،‬كما تثار مسؤولية المحاسب‬
‫عن العمليات التي ينجزها المحاسبون بحكم الواقع‪ ،‬حيث يقف قاضي الحسابات في تعامله مع مسؤولية‬
‫المحاسب عند المعطيات الموضوعية والعناصر المادية التي يتضمنها حساب التسيير دون أن يتدخل‬
‫لتقييم تصرفات أو سلوكيات المحاسب‪.‬‬

‫فقد انعكس هذا األمر على واقع المسؤولية المالية لهؤالء المحاسبين‪ ،‬مما عجل بتعديل وتغيير وتنقيح عدة‬
‫مواد من نظام المسؤولية المالية المقررة في قانون ‪ 1967‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية أو قانون‬
‫‪ 1976‬الخاص بنظام محاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها أو قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين أو قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬وذلك ألجل‬
‫إعادة نوع من التوازن بين المحاسبين العموميين واآلمرين بالصرف فيما يخص المسؤولية المالية‪ ،‬إال أن‬
‫هذه التعديالت من خالل ترتيبها الزمني طرحت إشكاال حيث تم اعتمادها عن طريق قوانين المالية‬
‫السنوية‪ ،‬على خالف المسطرة المتبعة عند إعداد القوانين الخاصة بنظام مسؤولية مختلف المتدخلين في‬
‫التدبير المالي العمومي‪ ،‬خاصة قانون ‪ 61-99‬وقانون ‪ ،62-99‬فالكل يعرف أن تغيير أو تعديل‬
‫مقتضيات قانون خاص يستحسن أن يتم في إطار قانون خاص آخر وبنفس المسطرة وليس بواسطة‬
‫قوانين المالية التي تخضع لمسطرة قانونية مضبوطة بآجال محددة وصارمة‪.‬‬

‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬وبالموازاة مع التعديالت التي خضع لها قانون ‪ 61-99‬خالل الفترة الفاصلة‬

‫‪23‬‬
‫بين فاتح يناير ‪ 2005‬و‪ 31‬دجنبر ‪ ،2007‬تم اإلبقاء على ما يقابلها من مقتضيات في قانون ‪62-99‬‬
‫على صيغتها األصلية مما نتج عنه تنازع القوانين من حيث الزمن والنص الواجب التطبيق‪ ،‬األمر الذي‬
‫قد يطرح إشكاليات قانونية بشأن تقدير مسؤولية مختلف المتدخلين في العمليات المالية والمحاسبية عند‬
‫إجراء المهام الرقابية من طرف المحاكم المالية الموكول لها هذا األمر‪ ،‬وسوف نشرح هذه األمور بتفصيل‬
‫فيما سيأتي‪.‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬يالحظ أن كل التعديالت التي تم إجراؤها كانت تهم فقط المراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬في حين لم يط أر أي تغيير على نظام مسؤولية اآلمرين بالصرف‪ ،‬إذ لم تشمل‬
‫هذه التعديالت إحدى المواد المتعلقة بتحديد المخالفات التي يمكن أن تثيرها مسؤولية اآلمرين بالصرف في‬
‫مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬علما بأن التقليص من نطاق مسؤولية المحاسبين‬
‫العموميين يترتب عنه منطقيا توسع دائرة مساءلة اآلمرين بالصرف‪ ،‬األمر الذي قد يخل عمليا بمبدأ‬
‫المساواة والتوازن في تحديد المسؤوليات‪ ،‬خصوصا بعد توسع السلطات التدبيرية لآلمرين بالصرف‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن إجراء هذه التعديالت تم بناء على تأويل المادة ‪ 3‬من القانون التنظيمي‬
‫للمالية رقم ‪ .7-98‬وبالتالي يطرح السؤال عما إذا كانت التعديالت التي طرأت على نظام المسؤولية‬
‫المالية سيساهم فعال في تحسين مراقبة استعمال األموال العمومية ؟‬

‫أما في مجال البت في الحسابات وهي مراقبة خاصة بالمحاسبين‪ ،‬فقد تم التخلي في هذه التعديالت عن‬
‫تحديد مدلول ومكونات صحة النفقة كأساس للمسؤولية المالية والشخصية للمحاسبين العموميين في المادة‬
‫‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬التي أحالت لتحديد عناصر هذه المسؤولية على القوانين واألنظمة الجاري‬
‫بها العمل بالمرسوم الملكي بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بالنسبة لمحاسبي الدولة ومرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪1976‬‬
‫كما وقع تتميمه وتغييره بالنسبة لمحاسبي الجماعات المحلية وهيئاتها‪ .‬فكان من شأن حذف عدة عناصر‬
‫مكونة لصحة النفقة العمومية من مجال مراقبة هؤالء هو تحول دور المحاسبين من المراقبة الفعالة‬
‫لسالمة العمليات المالية والمحاسبية إلى مجرد دور شكلي ينحصر في تسجيل العمليات وأدائها‪ ،‬دون‬
‫التأكد من توفر كافة العناصر القانونية لصحة تلك النفقة المدرجة بالميزانية‪ .‬فهذا األمر يطرح إشكاال‬
‫آخر على عكس تشريعات الدول التي لها نظام مالي ومحاسبي مشابه لما هو معمول به في التشريع‬
‫المغربي‪ ،‬فبعض التشريعات تكرس مسؤولية المحاسب العمومي فيما يخص إثبات العمل المنجز واحترام‬
‫قواعد التقادم وسقوط الحق واالنتساب المالي للنفقة التي حذفت في نظام المحاسبة العمومية المغربي‪ .‬ففي‬

‫‪24‬‬
‫فرنسا مثال تم االحتفاظ بهذه العناصر ضمن النقاط التي يتوجب على المحاسب العمومي مراقبتها قبل‬
‫التأشير على األوامر باألداء بموجب المادتين ‪ 12‬و‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ 1.62.1587‬لسنة ‪1962‬‬
‫المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية الفرنسي بالرغم من اإلصالحات الجارية في فرنسا في ميدان‬
‫المالية العمومية وإعادة توزيع المسؤوليات في مجال المراقبة المالية‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق يتضح أن التعديالت التي طرأت على نظام المسؤولية المالية المتعلق‬
‫بمختلف المتدخلين في مسلسل تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬تمت بشكل متناثر ومتالحق ولم يتم وفق نظرة‬
‫شمولية كفيلة بتحقيق انسجام وتكامل النصوص القانونية الجاري بها العمل في مجال المسؤولية المالية‬
‫والمراقبة المطبقة‪ ،‬مما خلق إشكاال لدى المجلس األعلى للحسابات عند إعداد تقاريره السنوية‪.‬‬

‫هذه اإلشكاالت الفرعية وغيرها من الجزئيات المرتبطة بالموضوع تحلينا على طرح اإلشكالية‬
‫الرئيسية الشاملة والجامعة لكل هذه الجزئيات أال وهي إلى أي حد استطاع المشرع المغربي تأهيل التشريع‬
‫المالي و مالءمة نصوصه القانونية الكثيرة‪ ،‬ومساطره اإلجرائية المتعددة واختصاصات ومسؤوليات‬
‫المتدخلين في مجال تنفيذ ومراقبة الميزانية العامة‪ ،‬خصوصا بعد صدور دستور ‪ 2011‬؟ وهل استطاع‬
‫القضاء المالي تفعيل هذه المقتضيات القانونية في مجال المسؤولية المالية؟ أم أن األمر يحتاج إلى‬
‫إصالحات عميقة ومواكبة من أجل إعادة تأسيس نظام المسؤولية المالية بعد موجة "الربيع العربي"‪ ،‬وما‬
‫واكبها من حركات اجتماعية مطالبة باإلصالح و إسقاط األنظمة الفاسدة و بالتالي إعادة النظر في كل‬
‫شيء؟ وهل سيتدارك المشرع المغربي أخطاء الماضي وسد ثغرات المسؤولية بعد اإلصالحات الدستورية‬
‫والتشريعية التي جاء بها دستور ‪ 2011‬؟" "وهل سيستطيع المشرع إخراج المسؤولية من الطابع النظري‬
‫إلى المجال التطبيقي و ذلك بتسطير قوانين لمحاربة الفساد و محاسبة المفسدين من خالل ربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة المنصوص عليها دستوريا عبر تفعيل دور القضاء؟"‬

‫كل هذه األسئلة و غيرها سنحاول اإلجابة عنها من خالل تحليل ومناقشة اإلشكالية الرئيسية‬
‫واإلشكاالت الفرعية‪ ،‬و تقديم االقتراحات المناسبة و الحلول الممكنة بعد تدقيق النصوص القانونية‬
‫المتعلقة بالميزانية و النصوص الضابطة للفاعلين فيها و النتائج المترتبة عن هذه التفاعالت من خالل‬
‫دور القضاء المالي في ضبط و تحديد المسؤولية‪ ،‬أوالبحث عن مخارج أخرى عبر تحديث التشريع‪.‬‬

‫فطبيعة النظام القانوني الذي يخضع له المتدخلون في تنفيذ الميزانية يختلف بين األطراف‬
‫المسؤولة عن تنفيذها وطبيعة الصالحيات التي يتوفر عليها كل طرف‪ ،‬ثم تنوع و اختالف طبيعة تنفيذ‬

‫‪25‬‬
‫الميزانية على المستوى المركزي و الترابي؛ مما تختلف معه طبيعة تحديد المسؤولية‪ ،‬سواء قبل أو أثناء‬
‫إجراء المراقبة أو بعدها‪ ،‬ويبقى للقضاء المالي سواء على مستوى المجلس األعلى للحسابات أو على‬
‫مستوى المجالس الجهوية‪ ،‬الدور األساسي في الجمع بين كل هذه المتناقضات من أجل تأمين حسن‬
‫استعمال الموارد العمومية‪ ،‬وسالمة تطبيق اإلجراءات اإلدارية والمالية و معاقبة كل مخل بالقواعد المالية‬
‫والمحاسبية‪ .‬وهذا يتطلب منا بذل جهد مضاعف في اختيار المنهج والمقتربات المناسبة لتدليل صعوبة‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫‪ -5‬المنهج المعتمد‪:‬‬
‫لعل طبيعة الموضوع التي تطرحها المسؤولية المالية ستفرض علينا إتباع منهج محدد للتمكن‬
‫من معالجة محاور هذه األطروحة في إطار وحدة الموضوع من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى تدليل صعوبته‬
‫ومقاربة إشكاالته القانونية والعملية التي يطرحها من جهة أخرى‪ .‬فالمنهج الوظيفي نراه هو األنسب‬
‫لتحليل أغلب جوانب الموضوع من خالل دور و وظيفة كل متدخل داخل منظومة قانونية مشتتة ومتغيرة‬
‫تهم تدبير و مراقبة الميزانية‪ ،‬للوصول إلى النتيجة و الهدف األساسي عبر محاولة التوفيق بين الوظائف‬
‫المتناقضة بين اآلمرين بالصرف و المراقبين والمحاسبين العموميين داخل بنية الميزانية ومكوناتها‪ .‬وهذه‬
‫البنية بدورها تفرض علينا اتباع المنهج البنيوي لدراسة و تحليل بنية الميزانية و مختلف مكوناتها‪.‬‬

‫فالعالقة التبادلية بين المتدخلين في تنفيذ و مراقبة الميزانية في تفاعل مستمر من أجل تحقيق‬
‫التوازن بين المسؤوليات والصالحيات التي يمنحها القانون لكل طرف لمقاربة مختلف اإلشكاالت التي‬
‫يطرحها معطى المسؤولية عن طريق تحليل اآلليات القانونية وميكانيزمات األجهزة التدبيرية‪ ،‬والذي يتراوح‬
‫بين المعطيات التقنية واإلجرائية‪ ،‬بين اإلطار النظري والواقع العملي‪ .‬كما أن للمقتربات دور في تحليل‬
‫الموضوع كالمقترب االستقرائي الذي سنعتمده ألجل معالجة مختلف النصوص القانونية وتحليل مضمونها‬
‫بواسطة الكشف عن معانيها ومدلوالتها‪ ،‬وإعطائها الرؤية النقدية للكشف عن ثغراتها‪ ،‬وأثناء التحليل البد‬
‫من أن نصادف حاالت تفرض علينا االستئناس بمقتربات أخرى والتي تفرض نفسها كوسائل وأدوات‬
‫مساعدة لمقاربة صعوبة الموضوع والخروج بخالصات ونتائج علمية وعملية ستسد الثغرات في إطار‬
‫مسلسل اإلصالحات التي تعرفها المنظومة القانونية المغربية وعلى رأسها منظومة قانون الميزانية واإلنفاق‬
‫العمومي‪ ،‬وإخضاعها لمنطق النجاعة والحكامة في التدبير مع تحميل المسؤوليات مقابل تحقيق النتائج‬
‫التي تكون مشمولة برقابة القضاء سواء اإلداري أو المالي أو الزجري‪.‬‬

‫‪ -6‬خطة البحث و تقسيماته ‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫يعتبر األستاذ جون ريفولي "‪ "Jean Rivolli‬أن تناول أو دراسة أي نظام للمسؤولية كيفما كان نوعه‬
‫وكيفما كانت طبيعته يستلزم توافر عدة مقومات أو عناصر يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬قاعدة مرجعية ‪ :‬تشكل هذه القاعدة وحدة للقياس وعلى أساسها يتم التحقق من مدى صحة‬
‫وقانونية العمليات المنجزة‪ ،‬وتتكون هذه القاعدة المرجعية في المجال المالي من التشريعات‬
‫المالية ومن قواعد ونظم المحاسبة العمومية‪ ،‬واجتهادات الفقه والقضاء المالي‪ ،‬وهذا ما سوف‬
‫نبينه في القسم األول والذي سوف نتطرق فيه إلى اإلطار القانوني للمسؤولية المالية هادفين من‬
‫وراء ذلك التطرق إلى األساس القانوني و صالحيات المتدخلين في مجال تنفيذ و مراقبة الميزانية‬
‫لتسهيل مهمة الباحث أو القارئ حول هذا الموضوع للدخول بسالسة في صلبه و المتعلق‬
‫"بالمسؤولية" في المجال المالي بالدرجة األولى‪ ،‬و باقي المسؤوليات األخرى بدرجة أقل‪.‬‬

‫‪ -2‬جهاز إداري أو مالي أو قضائي ‪ :‬مؤهل لتنفيذ ومراقبة العمليات اإلدارية والمالية المنجزة لضمان‬
‫احترام القواعد المرجعية‪ ،‬فهذه األجهزة هي المؤهلة قانونا لتنفيذ ومراقبة واكتشاف المخالفات‬
‫وإبراز وتحديد الفوارق بين القواعد المرجعية والعمليات التنفيذية ليتم تحديد الجزاء العقابي من‬
‫خاللها‪.‬‬

‫‪ -3‬التدخل وفق مساطر وقواعد قانونية ‪ :‬فهذا المقوم أو العنصر القصد منه توقيع الجزاءات‬
‫والعقوبات على المخالفين من طرف أجهزة رقابية أو قضائية من أجل وضع حد للتجاوزات‬
‫المالية والمحاسبية غير القانونية‪.‬‬

‫فمن خالل هذه العناصر والمقومات ارتأينا تقسيم الموضوع إلى قسمين سنتناول في القسم‬
‫األول المرجعية القانونية لمسؤولية الفاعلين في مجال تنفيذ الميزانية العامة من خالل تنظيم وتحديد‬
‫الصالحيات القانونية لألطراف المتدخلة في المجال المالي من آمرين بالصرف و مراقبين ومحاسبين‬
‫عموميين في فصل أول ثم مجاالت المسؤولية المالية ونطاقها المشترك بين المتدخلين في فصل ثاني‪.‬‬

‫أما القسم الثاني فخصصناه لدور القضاء المالي في تحديد المسؤولية المالية‪ ،‬و آفاقها في ظل‬
‫اإلصالحات المؤسساتية و التشريعية؛ من خالل دور و وظائف القضاء المالي في تحديد طبيعة‬
‫المخالفات المحددة للمسؤولية المالية في فصل أول‪ ،‬ثم دور التشريع و تحديث المؤسسات في إعادة‬
‫تأسيس نظام المسؤولية المالية بعد اإلصالحات التي جاء بها المشرع الدستوري في سنة‪ 2011‬في فصل‬
‫ثاني‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ثم خاتمة عامة نبرز فيها النتائج والخالصات التي توصلنا إليها أثناء تحليلنا لعناصر‬
‫الموضوع بعد مناقشة معمقة لكل هذه التقسيمات‪ ،‬ولذلك جاء التصميم على الشكل التالي ‪:‬‬

‫مـقـدمـة‬

‫القسم األول ‪ :‬اإلطار القانوني للمسؤولية المالية في مجال تنفيذ الميزانية العامة‬

‫الفصل األول‪ :‬النظام القانوني وصالحيات المتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مجاالت تحديد المسؤولية و نطاقها المشترك بين المتدخلين في‬
‫مجال تنفيذ الميزانية‬

‫القسم الثاني ‪ :‬دور القضاء المالي في تحديد المسؤولية المالية‪ ،‬وآفاقها في ظل‬
‫اإلصالحات المؤسساتية و التشريعية ‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬دور القضاء المالي في تحديد طبيعة المخالفات المرتبة للمسؤولية‬
‫المالية‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬دور التشريع وتحديث المؤسسات في إعادة تأسيس نظام المسؤولية في‬
‫مجال تنفيذ الميزانية‪.‬‬
‫خاتـمـة عامة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫القــــســم األول‪:‬‬
‫اإلطـار القـانوني للمسؤولية المـالية‬
‫فـي مجـال تنفيـذ الميزانيـة العـامــة‬

‫‪29‬‬
‫في مستهل هذا القسم البد من اإلشارة أوال إلى أن الطبيعة القانونية للميزانية العامة في التشريع المغربي و‬
‫التي تؤطر هيكل قانون المالية السنوي في مرجعيته تعتمد على القانون التنظيمي للمالية الحالي رقم ‪-98‬‬
‫‪ 7‬كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫ونظ ار إلقحام مجموعة من المعطيات التي تحتاج إلى تشريع خاص بكل معطى و إقحامه بالقانون المالي‬
‫السنوي‪ ،‬يجعل الطبيعة القانونية للميزانية متميزة وتختلف عن المقصود والغرض منها‪ .‬فالطبيعة القانونية‬
‫للميزانية العامة في التشريع المغربي تتميز بالغموض وعدم الدقة في تحديد المفهوم‪ ،‬نظ ار النعدام وجود‬
‫تعريف دقيق وموحد على الصعيد الدولي لها‪ ،‬بحيث غالبا ما تعطى لها تعاريف يهيمن عليها إما الجانب‬
‫القانوني أو االقتصادي أو االجتماعي‪ ،‬وبذلك تعد الميزانية بما تحتويه من نفقات وإيرادات والمبالغ‬
‫المرصودة لكل بند أو فصل من فصولها بمثابة عمل يعبر عن برنامج ومخطط ينفذ خالل سنة مالية‪ .‬وما‬
‫يزيد في عدم ضبط الطبيعة القانونية للميزانية هو أن لكل شخص عمومي ميزانيته الخاصة به‪ ،‬فالدولة‬
‫لها ميزانيتها‪ ،‬والجماعات المحلية وهيئاتها لها ميزانيتها الخاصة بها‪ ،‬كما أن للمؤسسات العمومية ميزانيتها‬
‫الخاصة‪ .‬ويوجد مفهوم واسع وشمولي يحتوي مفهوم الميزانية ويتعلق األمر بقانون مالية السنة‪ ،‬وقد عرفه‬
‫ظهير ‪ 26‬نونبر ‪ 1998‬المتعلق بتنفيذ القانون التنظيمي لقوانين المالية في مادته األولى كما يلي ‪" :‬يتوقع‬
‫قانون المالية لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة ويقيمها وينص عليها ويأذن بها ضمن توازن‬
‫اقتصادي ومالي يحدده القانون المذكور"‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫فيما يخص‬ ‫كما أن الطبيعة القانونية للميزانية ترتكز على معيار شكلي ومعيار موضوعي‬
‫مضمون قوانين المالية‪ ،‬فهي ال تتضمن سوى المقتضيات التي ترتبط بالمالية العامة‪ ،‬وبالتالي ال يسمح‬
‫القانون بإدراج مقتضيات غريبة عن ميدان المالية العمومية‪.‬‬

‫وإذا كان ظهير ‪ 26‬نونبر ‪ 1998‬المتعلق بتنفيذ القانون التنظيمي لقانون المالية يقدم تعريفا شكليا لقانون‬
‫مالية السنة‪ ،‬فإنه على خالف ذلك ال يوجد في القوانين الجاري بها العمل في التشريع المغربي أي تعريف‬
‫شكلي لميزانية الدولة‪ ،‬ورغم غياب هذا التعريف فإنه يمكن استنباط تعريف مادي لميزانية الدولة من خالل‬
‫القانون التنظيمي ومن خالل مرسوم ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬والمتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬حيث تشكل‬
‫الميزانية الجزء الحسابي في قانون المالية الذي يتضمن حسابات متعلقة بالميزانية العامة وبميزانيات مرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة والميزانية الملحقة‪.‬‬

‫فالطبيعة القانونية للميزانية تعتبر جزءا من قانون مالية السنة مادام أن هذا األخير يضم بجانب الميزانية‬
‫معطيات إضافية‪ ،‬فإذا كانت الميزانية عبارة عن مجموعة من الحسابات المتعلقة بالموارد والنفقات‬
‫العمومية‪ ،‬فإن قانون المالية يحتوي كل هذه األرقام باإلضافة إلى قوانين إضافية ذات صبغة أدبية‪.‬‬

‫عبد الفتاح بلخال ‪" :‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي"‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬فبراير ‪ ،2005‬ص ‪.192 :‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪30‬‬
‫فمفهوم قانون المالية أوسع من الميزانية‪ ،‬لذا نجد السلطة التشريعية وهي تخوض في قانون‬
‫مالية السنة أمام العديد من األمور المقحمة بشكل تعسفي‪ ،‬يصعب على السلطة التشريعية ضبطها في‬
‫المدة المحددة بصريح النص الدستوري‪.‬‬

‫فالميزانية تصدر في صيغة قانون يسمى القانون المالي السنوي رغم أنه ال يحمل مواصفات‬
‫القانون بكل معنى الكلمة‪ ،‬فجل فقهاء المالية لم يطلقوا عليه لفظ قانون‪ ،‬إذ أنه ال يتضمن جميع‬
‫خصائص القانون‪ ،‬بل قالوا عنه أنه سند أو صك أو وثيقة أو برنامج أو عمل إداري بحث‪.25‬‬

‫ف الطبيعة القانونية للميزانية تختلف من بلد آلخر حسب النظام القانوني والسياسي المتبع‪ ،‬فجل الميزانيات‬
‫في العالم تتألف من قانون الميزانية ومن جداول إجمالية وتفصيلية ملحقة به‪ ،‬ويغلف هذا كله بقانون مالي‬
‫سنوي‪ ،‬وال يمكن إدراج مقتضيات تخرج عن مضمون القوانين المالية وهو ما يصطلح عليه في القضاء‬
‫الدستوري المالي الفرنسي بمرافقي أو مصطحبي الميزانية أو "الفرسان الموازنية ‪Les Cavaliers‬‬
‫‪26‬‬
‫وهي كل المقتضيات التي تدرج في القوانين المالية وال ترتبط بموضوع المالية والتي‬ ‫‪"Budgetaires‬‬
‫‪27‬‬
‫من خاللها تحاول الحكومة استغالل ضيق الوقت التي ترافق عادة عملية إقرار الميزانية في البرلمان‪،‬‬
‫لتمرير هذه القوانين‪ .‬وقد يخلق هذا االستغالل الصراع بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بخصوص‬
‫القانون المالي‪ ،‬مما سيؤثر على العمل الحكومي‪.‬‬
‫فبعد معرفة الطبيعة القانونية للميزانية‪ ،‬سوف يسهل معرفة دور الفاعلين فيها و اإلطار القانوني الذي‬
‫يعملون في ظله و طبيعة المسؤولية التي يمكن أن يتحملونها في هذا اإلطار‪.‬‬
‫فالميزانية تنفذ على أساس قواعد محاسبية وضوابط قانونية يحددها حاليا المرسوم الملكي رقم ‪-66‬‬
‫‪ 330‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،1967‬وقد حدد هذا المرسوم في فصله األول المحاسبة العمومية التي يرتكز‬
‫عليها نظام المسؤولية بكونها مجموع القواعد التي تجري– ما عدا في حالة سن مقتضيات مخالفة‪ -‬على‬
‫العم ليات المالية والحسابية للدولة والجماعات المحلية ومؤسساتها وهيئاتها والتي تحدد االلتزامات‬
‫والمسؤوليات المنوطة باألعوان المكلفين بها‪ .‬فمرحلة تنفيذ الميزانية من أصعب المراحل التي تمر بها هذه‬
‫األخيرة من إعداد ودراسة وتصويت ومصادقة‪ ،‬نظ ار لما تنطوي عليه من آثار سواء على المكلفين بتنفيذها‬
‫أو المراقبين لها أو المنتفعين بها أو الواقعة على كاهلهم من ملزمين ومدينين وغيرهم‪ .‬ولضمان فعالية‬
‫ونجاح هذه العملية يحتاج األمر إلى جهاز إداري ومالي ومحاسبي متخصص في تدبير وتنفيذ األوامر‬
‫المالية والمحاسبية‪.‬‬

‫وهذا األمر يخضع لمبدأ الفصل بين الوظائف اإلدارية والوظائف الرقابية والمحاسبية تحددها‬

‫‪ 25‬عبد النبي أضريف ‪" :‬المالية العامة‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.41 :‬‬
‫‪ 26‬وزارة المالية والخوصصة‪ ،‬ميزانية الدولة يوليوز‪ ،2003 ،‬ص ‪.16 :‬‬
‫‪ 27‬عبد القادر تع التي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬قانون الميزانية‪ ،‬منشورات المعهد العالي للدراسات القانونية والجبائية التطبيقية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،1995 ،‬ص ‪.46 :‬‬

‫‪31‬‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬والغاية منها هي ضمان رقابة شفافة على صرف األموال العمومية‬
‫لتفادي استخدامها في غير األوجه المخصصة لها قانونا في مجال صرف النفقات‪ ،‬أو جباية أموال أو‬
‫تحصيلها بغير حق من الملزمين‪ .‬فنظام المحاسبة العمومية المغربي يستند إلى مبدأين رئيسيين ‪ :‬األول‬
‫يتجلى في الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ .‬فرغم أنهما يتقاسمان حقال واحدا‬
‫للعمل يكمل الواحد منهما اآلخر‪ ،‬إال أن طبيعة النظام القانوني الذي يخضع له كل واحد منهما ليس من‬
‫صنف واحد أو طبيعة واحدة‪ .‬وسوف يكون هذا اإلشكال موضوع (الفصل األول) من بحثنا‪ ،‬أما المبدأ‬
‫الثاني فيتجلى في وضع العمليات المالية تحت مسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين لتوضع‬
‫موضع التنفيذ‪ ،‬وبالتالي يتقاسم هؤالء نطاق المسؤولية التي تختلف باختالف طبيعة النظام القانوني الذي‬
‫يخضع له كل طرف من أطراف المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪ ،‬وبالتالي تختلف طبيعة المسؤولية والجزاء‬
‫المترتب عنها‪.‬‬

‫فاقتسام مجال تنفيذ الميزانية العامة قد يوحي بأن األمر يتعلق بمؤسستين متوازيتين ومتساويتين‬
‫في الصالحيات والمركز القانوني والسلطات التي تتوفر عليها كل مؤسسة‪ ،‬إال أنهما في الواقع مختلفتين‬
‫سواء على مستوى النظام القانوني أو على مستوى السلطات المخولة لكل واحدة منهما‪ .‬وهذا سوف يكون‬
‫موضوع (الفصل الثاني) من األطروحة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفـــصـــــل األول‪:‬‬
‫النـظـام القـانـوني وصـالحيـات المـسؤولـيـن‬
‫عــن تـنـفـيـذ المـيـزانـيـة العـامـــــــة‪.‬‬
‫لما كانت طبيعة عمليات تنفيذ الميزانية العامة مزدوجة التدخل بالرغم من عدم أهميتها اليوم كان لزاما‬
‫التمييز بين العمليات اإلدارية التي تسري على ميزانية الدولة والجماعات المحلية ومؤسساتها وهيئاتها‬
‫والتي يسهر عليها اآلمرون بالصرف أو من في حكمهم‪ ،‬والعمليات المحاسبية للمداخيل والنفقات التي‬
‫يسهرعلى تنفيذها المراقبون المحاسبون العموميون أو من في حكمهم‪.‬‬

‫وحسب نظام المحاسبة العمومية المغربي ال يمكن لشخص واحد أن يجمع بين المهمة اإلدارية‬
‫كآمر بالصرف والمهمة المحاسبية كمحاسب عمومي‪ .‬وبالرغم من أن المحاسبين ينفذون األوامر الصادرة‬
‫عن اآلمرين بالصرف إال أنه ال يوجد مبدئيا عالقة تسلسلية أو تبعية بين هؤالء في مجال تنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫إال أن هذا الفصل قد ترد عليه بعض االستثناءات في مجالي النفقات واإليرادات العمومية‪ ،‬فهو ليس‬
‫فصل مطلق‪ .‬ومن هذه االستثناءات والتي نص عليها المرسوم الملكي المتعلق بنظام المحاسبة العمومية؛‬
‫أو النفقات المؤداة عن طريق الشساعة "‪ ،"La Régie‬بناء على‬ ‫‪28‬‬
‫النفقات المؤداة دون أمر سابق بصرفها‬
‫حق دائم للمستفيد كالمعاشات المدنية والعسكرية للموظفين العموميين‪ ،‬ومنح الطلبة المغاربة بالخارج‪،‬‬
‫‪29‬‬
‫ونفقات الدين العمومي‪.‬‬

‫أما فيما يخص االستثناءات الواردة في مجال اإليرادات العمومية فيطبق في مجال الضرائب‬

‫المباشرة كالضرائب الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر التي تقوم بتحديدها وتحصيلها اإلدارة نفسها‪.‬‬

‫لذلك كان من الالزم تحديد مجال عمل كل فئة على حدة ‪ ،‬وتحديد الضوابط القانونية لكل متدخل من‬
‫خالل طبيعة االختصاصات الممنوحة لكل واحد منهما‪ ،‬و بالفعل نص المشرع المغربي على تحديد‬

‫‪28‬‬
‫‪Décret Royale n°330-66 du 21 avril 1967 portant règlement général de comptabilité publique : Article 35.‬‬
‫‪"Le Ministre des finances dresse, par voie d'arrêté, la liste des dépenses qui peuvent être payées sans‬‬
‫‪ordonnancement préalable".‬‬
‫أنظر أيضا قرار وزير المالية والخوصصة رقم ‪ 07-1272‬الصادر في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2007‬في فصله األول الذي ينص على ‪" :‬تحدد كما يلي قائمة‬
‫النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪."...‬‬
‫‪ -‬النفقات التي تتعلق بالمخصصات االجتماعية المدرجة بميزانيات الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة برسم النفقات الموضوعة‬
‫على ذمتها بمقتضى التشريع والتنظيم الجاري به العمل والمدرجة في الحساب المرصود ألمور خصوصية رقم ‪ 3-1-08-04-1‬المسمى "حصة‬
‫الجماعات المحلية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة"‪ ،‬المصدر الجريدة الرسمية عدد ‪ 5550‬بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪.2007‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Loze (M) : "Les finances de l'Etat", Edition la porte, Rabat, 1972, p : 5.‬‬

‫‪33‬‬
‫مجال تدخل كل طرف من هؤالء الفاعلين في تنفيذ الميزانية من خالل قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد‬

‫مسؤولية اآلمرين بالصرف و المراقبين و المحاسبين العموميين و قبله القانون العام للمحاسبة العمومية‬
‫الصادر سنة ‪ 1967‬ثم قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية و التي حدد فيها المشرع‬
‫األشخاص و األجهزة و المخالفات و العقوبات التي تترتب عن هذه المخالفات في حالة القيام بخرق قواعد‬
‫و أنظمة تدبير المالية العمومية‪ ،‬فالمشرع المغربي قد وسع من صالحيات اآلمرين بالصرف و منحهم‬
‫امتيازات مهمة في مجال تنفيذ الميزانية حتى و لو خالفت القواعد القانونية و المحاسبية كالتسخير وغيره‪،‬‬
‫فالنظام القانوني لآلمرين بالصرف بكل أصنافهم و فئاتهم نظام متميز‪ ،‬بينما نجد النظام القانوني‬

‫للمحاسبين جد صارم وال حرية لهم في التصرف الحر في قبض المداخيل و صرف النفقات ‪ ،‬بل شدد‬
‫على ذلك وجعل من كل تهاون أو عدم بذل عناية كاملة في حسن التصرف في المال العام ‪،‬عقوبات و‬
‫جزاءات زجرية شخصية و مالية‪ .‬وعلى هذا األساس سوف نتطرق إلى النظام القانوني لكل من اآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين في (مبحث أول)‪ ،‬وسلطات وصالحيات كل واحد من هؤالء في (مبحث‬
‫ثاني) ومن خالل ذلك يتبين دور كل متدخل من هؤالء في تنفيذ الميزانية ‪ ،‬و مدى تكامل األدوار ‪ ،‬و‬
‫مدى حرص كل طرف على الحفاظ على المال العام من عدمه‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬النظام القانوني لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‬

‫يشكل اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون الجهازان األساسيان في مجال التنفيذ اإلداري‬

‫والمالي للميزانية العامة‪ ،‬وتختلف مهام كل جهاز اعتبا ار للنصوص القانونية المنظمة‪ ،‬فإذا كان دور‬

‫اآلمرين بالصرف يتجلى في القيام باإلجراءات الضرورية لتهييء النفقة‪ ،‬فإن دور المحاسبين العموميين‬
‫هو التنفيذ المادي لها‪ .‬وال يجب أن ننسى دور المراقبين العمومين في مجال السهر على حسن تنفيذ‬
‫العمليات المالية‪ ،‬إال إن اإلصالحات التي شملت هذه الفئة سنة ‪ 2006‬جعلتنا ال نهتم كثي ار بدورهم على‬

‫مدار هذه األطروحة‪.‬‬

‫فما هي إذن أهم النصوص القانونية المنظمة لعمل اآلمرين بالصرف من جهة؛ والنصوص‬
‫القانونية المنظمة للمحاسبين العموميين من جهة أخرى ؟‬

‫و هو ما سنحاول دراسته من خالل (المطلب األول) و الذي سوف نعالج فيه النظام القانوني‬
‫لآلمرين بالصرف‪ ،‬أما (المطلب الثاني) فسوف نتطرق فيه إلى النظام القانوني للمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النظام القانوني لآلمرين بالصرف‪.‬‬

‫يتحدد دور اآلمرين بالصرف انطالقا من النصوص القانونية التي تجيز لهم التدخل في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬ومن هذا المنطلق فقد عرف الفصل الثالث من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬
‫العمومية الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬اآلمر بالصرف بما يلي‪" :30‬تناط العمليات المالية العمومية‬
‫باآلمرين بالصرف‪ ...‬ويعتبر آم ار عموميا بالصرف للمداخيل والنفقات كل شخص مؤهل باسم منظمة‬
‫عمومية لرصد أو إثبات أو تصفية أو أمر باستخالص دين أو أدائه‪."...‬‬

‫وقد وسع قانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين الصادر بتاريخ ‪ 03‬أبريل ‪ 2002‬من دائرة تعريف اآلمرين بالصرف حيث نصت المادة الثانية‬
‫منه على ما يلي ‪" :‬فالمراد باآلمر بالصرف إلحدى الهيئات هو اآلمر بالصرف بحكم القانون واآلمر‬
‫بالصرف المعين واآلمر بالصرف المنتدب واآلمر المساعد بالصرف ونوابهم"‪ .‬فكل هذه الصفات القانونية‬
‫تخول لآلمرين بالصرف اتخاذ األوامر والق اررات الضرورية من أجل تحصيل الموارد العمومية وصرف‬
‫النفقات الضرورية‪ .‬فمصطلح اآلمر بالصرف ينطوي على كلمة األمر التي تحمل معنى إعطاء األوامر‬

‫والتعليمات إلى فاعلين آخرين من أجل اكتمال تنفيذ مراحل الميزانية العامة‪ ،‬وله الصالحية أيضا إلصدار‬
‫األوامر إلى جميع المصالح التي تعمل تحت إمرته فهو الرئيس التسلسلي لإلدارة التي يعمل بها أو‬
‫يترأسها‪.‬‬

‫فاآلمر بالصرف يتمتع بصالحيات إدارية مهمة يستمدها من النظام القانوني العام والصالحيات‬
‫المالية التي يعترف له بها النظام القانوني المتميز الذي يحظى به‪ .‬فاآلمر بالصرف كصفة ليس إطا ار‬
‫‪31‬‬
‫إلى جانب‬ ‫إداريا معينا في ترتيب السلم اإلداري‪ ،‬وإنما يكتسب هذه الصفة المالية "‪"ordonnateur‬‬

‫صفته األصلية واإلدارية كإطار إداري في جهاز الدولة أو مكتسب عن طريق االنتخاب كرؤساء‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬أو معين كما هو الحال بالمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬أو بحكم القانون كالوالة‬

‫الفقرة األولى والثانية من الفصل الثالث من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪31‬‬
‫‪(M) Prada : "Les finances de l'Etat : Budget-comptabilité", Economica, 1981, p:438.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪32‬‬
‫وهنا البد أن نشير إلى ظاهرة ومفارقة غريبة في النظام القانوني‬ ‫والعمال بالجهات والعماالت واألقاليم‪.‬‬

‫المغربي‪ ،‬تتجلى في هيمنة الوالة والعمال على اختصاصات رؤساء الجهات واألقاليم في المجال المالي‪،‬‬
‫حيث يوقع هؤالء وفق القانون الحالي بالعطف مع الوالة على الوثائق المالية التي تخص الجهات‪ ،‬أما‬
‫رؤساء مجالس األقاليم والعماالت فيكتفون فقط بمباركة وتزكية كل الق اررات التي يتخذها العامل الذي يعد‬
‫وحده المؤهل لتهييء ميزانية مجلس العمالة أو اإلقليم وهو الذي يوقع وينفذ جميع االلتزامات المالية‬
‫بصفته آم ار بالصرف‪ .‬فهذه الحالة لم ترق بعض األحزاب السياسية مما جعلها تحاول القيام بصياغة‬
‫مشروع مقترح قانون لتقديمه إلى البرلمان يقضي في عمقه وفلسفته إلى الحد من اختصاصات الوالة‬

‫والعمال‪ ،‬ومنح رؤساء الجهات ومجالس األقاليم والعماالت صفة اآلمرين بالصرف بدال من أن تظل بيد‬
‫الوالة والعمال‪ ،‬لكن كانت هذه المقترحات تصطدم بالنص الدستوري الذي كان يستمد منه الوالة والعمال‬
‫شرعيتهم اإلدارية والمالية في تدبير شؤون الواليات والعماالت واألقاليم‪ .‬إال أنه اآلن حان األوان ليتحمل‬
‫رؤساء الجهات واألقاليم والعماالت المسؤولية المالية والتدبير العمومي بعد صدور دستور ‪ 2011‬والذي‬
‫نص في الباب التاسع على الجهات والجماعات الترابية األخرى من الفصل ‪ 135‬إلى الفصل ‪ 146‬حيث‬
‫الديمقراطي الحر واالنتخاب باالقتراع العام المباشر‪ 34‬أما الفصل ‪138‬‬ ‫‪33‬‬
‫تنص هذه الفصول على التسيير‬
‫فقد نص على قيام رؤساء مجالس الجهات‪ ،‬ورؤساء مجالس الجماعات الترابية األخرى بتنفيذ مداوالت‬
‫هذه المجالس ومقرراتها مما يعني أن رؤساء الجهات والجماعات الترابية األخرى أصبحوا آمرين بالصرف‬
‫بقوة القانون‪ .‬وفي إطار مسايرة القوانين واألنظمة لمقتضيات الدستور الجديد سوف يحتاج األمر إلى‬

‫والقانون المنظم للجهات رقم‬ ‫‪35‬‬


‫تغيير القانون التنظيمي المتعلق بمجالس العماالت واألقاليم رقم ‪79.00‬‬
‫بإحداث جهوية موسعة‬ ‫‪37‬‬
‫وهذا القانون سوف يعرف التعديل ال محالة بعد الخطاب الملكي‬ ‫‪36‬‬
‫‪،96-47‬‬
‫بمناسبة عيد العرش األخير لسنة ‪ ،2010‬الذي تمخض عنه صدور تقرير حول "الجهوية المتقدمة" من‬

‫المادة الثانية من قانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر بظهير شريف رقم ‪ 1.09.02‬في ‪ 18‬فبراير‬ ‫‪32‬‬

‫‪ ،2009‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬


‫الفصل ‪ 135‬من دستور ‪، 2011‬الفقرة الثانية‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫نفس المرجع ‪،‬الفصل ‪ 135‬الفقرة الثالثة‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.269‬الصادر بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪.2002‬‬ ‫‪35‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.84‬الصادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.96‬المتعلق بتنظيم الجهات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4470‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل‬ ‫‪36‬‬

‫‪.1997‬‬
‫الخطاب الملكي بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‬ ‫‪37‬‬

‫عدد ‪.2011/241‬‬

‫‪36‬‬
‫طرف اللجنة االستشارة للجهوية‪.‬‬

‫وكان من نتائج وجود والة وعمال على رأس تنفيذ ميزانية الجهات والعماالت واألقاليم عدم‬
‫إخضاعهم للمساءلة والمحاسبة‪ ،‬فلم يسبق بالمناسبة للمفتشية العامة لو ازرة الداخلية‪ ،‬أو المجالس الجهوية‬
‫للحسابات أن كشفت عن خروقات أو تجاوزات مالية في مجلس هذه العمالة أو ذاك اإلقليم‪ ،‬باستثناء والى‬
‫مراكش الذي عزل من منصبه العتبارات أخرى غير المسؤولية عن تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫إال أن رؤساء المجالس الجماعية سواء الحضرية أو القروية تتخذ في حقهم اإلجراءات القانونية‬
‫والزجرية في حالة إخاللهم بالمسؤوليات اإلدارية والمالية المنوطة بهم‪ ،‬وهنا البد من التذكير بحالتين في‬

‫هذا المجال ‪ :‬األولى ‪ :‬تتعلق بالرئيس السابق "لجماعة ولماس" بإقليم الخميسات الذي تم توقيفه رفقة‬
‫مستشارين جماعيين عن تدبير الشأن المحلي‪ ،‬والحالة الثانية تتعلق بالرئيس السابق للجماعة الحضرية‬
‫لمكناس الذي تم عزله بقرار من وزير الداخلية نتيجة الخروقات والتجاوزات التي ضبطت في حقه‪.‬‬

‫فالنظام القانوني المتميز الذي يحظى به العمال والوالة‪ ،‬هو الذي يعكس طبيعة المسؤولية التي‬
‫يخضع لها هؤالء‪ ،‬عندما يتجاوزون الحدود التي ترسمها القوانين المالية والمساطر التنظيمية حيث يصبح‬
‫نظ ار لطبيعة االلتزامات التي يتحملونها‪ ،‬والحماية التي يحضون بها‬ ‫‪38‬‬
‫من الصعب ضبط هذه المسؤولية‬

‫من قبل رؤسائهم خصوصا في عز قوة و ازرة الداخلية‪.‬‬

‫فاآلمرون بالصرف أصناف وفئات حسب درجة ترتيبهم في السلم اإلداري للدولة أو من خالل‬
‫وضعهم االعتباري‪ ،‬وهذا سيكون محور (الفرع األول)‪ ،‬وبالتالي فهم يمتازون بمميزات وخصائص أو‬

‫وظائف معينة على إثرها يمكن تحديد المسؤوليات‪ ،‬وهذا سيكون موضوع (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬فئات اآلمرين بالصرف‬

‫لقد تعددت القوانين المنظمة لفئة اآلمرين بالصرف مما تعددت معه أصناف هذه الفئة‪،‬‬

‫وبالرجوع إلى التعريف الذي أعطاه المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬بخصوص‬
‫اآلمر بالصرف حيث اعتبره "كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية لرصد أو إثبات أو تصفية أو أمر‬
‫باستخالص دين أو أدائه"‪ ،‬كما حددت المادة الثانية من القانون المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف‬

‫‪38‬‬
‫‪GAUDEMET (P.M) : "Finances publiques ; politique financière, "budget et trésor", Edition Montchrestien,‬‬
‫‪1977, p : 387.‬‬

‫‪37‬‬
‫والمراقبين والمحاسبين العموميين أن المراد باآلمر بالصرف إلحدى الهيئات‪" :39‬اآلمرون بالصرف بحكم‬

‫القانون‪ ،‬اآلمرون بالصرف المعينون‪ ،‬اآلمرون بالصرف المنتدبون‪ ،‬واآلمرون المساعدون بالصرف‬
‫ونوابهم"‪ ،‬أما المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية‬
‫‪40‬‬
‫فقد عرف في مادته الخامسة بأن اآلمر بالصرف لمداخيل ونفقات‬ ‫للجماعات المحلية ومجموعاتها‬
‫جماعة محلية أو مجموعة‪ ،‬كل شخص له الصفة ألجل ‪:‬‬

‫‪ -‬إثبات الديون المستحقة للجماعة أوالمجموعة المذكورتين وتصفيتها واألمر بتحصيلها‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزام بديون الجماعة أو المجموعة المذكورتين وتصفيتها واألمر بدفعها‪.‬‬

‫المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬فقد‬ ‫‪41‬‬


‫وفيما يخص قانون رقم ‪45-08‬‬
‫سرد في مادته الثانية اآلمرين بالصرف على سبيل الحصر ولم يعط تعريفا لهم وجاءوا على الشكل التالي‬
‫‪" :‬الوالي عامل العمالة أو اإلقليم مقر الجهة فيما يخص الجهات‪ ،‬والعامل فيما يخص العماالت واألقاليم‪،‬‬
‫ورئيس المجلس الجماعي فيما يخص الجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬والوالي عامل عمالة الرباط فيما‬
‫يخص الجماعة الحضرية للرباط‪ ،‬وباشوات المشاور فيما يخص جماعات المشاور‪ ،‬ورئيس مجلس‬
‫المجموعة فيما يخص مجموعة الجماعات المحلية ورئيس لجنة التعاون المشتركة بين الجهات فيما يخص‬

‫لجان التعاون المشتركة بين الجهات ورئيس مجلس المقاطعة فيما يخص المقاطعات‪.‬‬

‫ومن خالل هذه القوانين يمكن تصنيف فئات اآلمرين بالصرف إلى ثالثة أصناف ‪ :‬اآلمرون‬
‫بالصرف الرئيسيون (الفقرة األولى)‪ ،‬واآلمرون بالصرف الثانويون (الفقرة الثانية)‪ ،‬واآلمرون المساعدون‬

‫بالصرف (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اآلمرون بالصرف الرئيسيون‪.‬‬

‫حسب الفقرات الثالث األولى من الفصل ‪ 64‬من المرسوم الملكي بسن نظام عام للمحاسبة‬

‫العمومية السابق الذكر كما تم تعديله بمقتضى المرسوم الصادر بتاريخ فاتح نونبر ‪" : 2000‬يعتبر‬

‫يراد بإحدى الهيئات حسب المادة األولى من قانون ‪ 61-99‬الدولة‪ ،‬الجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة‬ ‫‪39‬‬

‫للمراقبة المالية للدولة‪.‬‬


‫المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪8‬‬ ‫‪40‬‬

‫فبراير ‪.2010‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.02‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45.08‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪38‬‬
‫الوزراء بحكم القانون آمرين بالصرف فيما يتعلق بمداخيل ونفقات و ازرتهم‪ ،‬وكذا مرافق الدولة المسيرة‬

‫بصورة مستقلة‪ ،‬الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية الراجعة لهذه الو ازرات‪ .42‬فالوزير هو اآلمر‬
‫بالصرف الرئيسي والمؤهل قانونا للتقرير بشأن موارد ونفقات و ازرته‪ ،‬ومن خالل ذلك فهو وحده الذي‬
‫يكسب الدولة حقوقا ويحملها التزامات في إطار الصفقات وعقود البرامج وترخيصات الميزانية‪.‬‬

‫غير أنه يمكن إصدار مراسيم بتعيين مديرين عامين أو مديرين بصفة آمرين بالصرف إذا‬
‫اقتضت حاجيات المصلحة ذلك‪ ،‬نظ ار النشغال الوزراء باألمور العامة الكبرى أو القضايا السياسية التي‬
‫تهم الدولة‪.‬‬

‫ويجوز لآلمرين بالصرف بحكم القانون أن يفوضوا إمضائهم بقرار يعرض على تأشيرة وزير‬
‫المالية طبق الشروط المحددة في الظهير الشريف رقم ‪ 1.56.068‬الصادر في ‪ 10‬أبريل ‪1957‬‬
‫بالتفويض في إمضاء الوز ارء وكتاب الدولة ووكالء الو ازرات"‪ .‬ويمكن أن نجد عدة آمرين بالصرف داخل‬
‫الو ازرة الواحدة إلى جانب اآلمر بالصرف الرئيسي كو ازرة الداخلية مثال أو و ازرة المالية التي تضم‬
‫ثماني‪43‬مديريات باإلضافة إلى إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة‪.‬‬

‫ويتغير عدد اآلمرين بالصرف بحسب عدد الحقائب الو ازرية‪ ،‬وتوزع مختلف الصالحيات بين مختلف‬

‫القطاعات الحكومية‪ ،‬ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه حول الوزراء بدون حقيبة‪ ،‬فهل يعتبرون آمرين‬
‫بالصرف أم ال ؟ ولإلجابة عن هذا السؤال يمكن البحث عن طبيعة هذه المهام‪ ،‬فمن خالل النصوص‬
‫الدستورية والتشريعية يتضح أن الوزير بدون حقيبة يعني بدون و ازرة أو قطاع‪ ،‬مما يعني من الناحية‬

‫القانونية عدم وجود أو تخصيص ميزانية لو ازرته فهذه الصفة تشريف أكثر منها تكليف‪.‬‬

‫وهكذا يمكن لآلمرين بالصرف الرئيسيين واآلمرين بالصرف المفوضين المستفيدين من التفويض‬
‫في اإلمضاء التصرف في نفس االعتمادات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اآلمرون بالصرف الثانويون‬

‫‪42‬‬
‫‪L'article 64 du Décret Royal n°330-66 du 21 avril 1967, 1er paragraphe : "De droit, les ministres sont‬‬
‫‪ordonnateurs des recettes et des dépenses de leur département, des budgets des services de l'Etat gérés de‬‬
‫‪manière autonome et des comptes spéciaux qui leur sont rattachés ainsi que des budgets annexes".‬‬
‫‪ 43‬يمكن الرجوع إلى المرسوم رقم ‪ 2.78.539‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 1978‬بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة المالية‪ ،‬وخصوصا الفصل الثالث منه كما‬
‫وقع تتميمه وتغييره‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3450‬بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪.1978‬‬

‫‪39‬‬
‫تنص الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 64‬من قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬السابق الذكر‬

‫على ما يلي ‪" :‬ويجوز لآلمرين بالصرف تحت مسؤوليتهم ومراقبتهم أن يعينوا طبق نفس الكيفية آمرين‬
‫بالصرف ثانويين يفوضون إليهم في سلطاتهم ضمن الحدود المالية والترابية التي يبينونها"‪ ،‬ووفق إجراءات‬
‫‪44‬‬
‫ومساطر قانونية محددة‪.‬‬

‫وخالفا لآلمرين بالصرف المفوضين‪ ،‬يستفيد اآلمرون بالصرف الثانويون من تحويل اعتمادات‬
‫من طرف اآلمرين بالصرف الرئيسيين‪ ،‬مقتطعة من الميزانية العامة‪ ،‬وتكون لهم وحدهم صالحية‬ ‫‪45‬‬
‫محددة‬
‫في هذه االعتمادات في حدود ترابية معينة‪ ،‬فهم يمارسون مهامهم في المجال المالي بتفويض‬ ‫‪46‬‬
‫التصرف‬

‫من اآلمرين بالصرف الرئيسيين الذين يعينونهم بموجب قرار وزاري بناء على مجموعة من المراسيم‬
‫والق اررات حسب حاالت التفويض منها تفويض اإلمضاء والمصادقة على الصفقات‪ ،‬والتأشير نيابة عن‬
‫اآلمر بالصرف الرئيسي على األوامر الصادرة للموظفين واألعوان للقيام بمأموريات داخل وخارج المملكة‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫التي تبقى بيد اآلمر بالصرف الرئيسي‪،‬‬ ‫وقد يستثنى من هذه الق اررات المراسيم والق اررات التنظيمية‬
‫ويشكل العمال ورؤساء المصالح الخارجية للو ازرات آمرين بالصرف ثانويين فيما يتعلق باالعتمادات‬
‫المفوضة لهم من طرف الو ازرات المعنية‪.‬‬

‫وخالل فترة "صالحية قرار التفويض‪ ،‬ال يملك اآلمر بالصرف الرئيسي إمكانية التصرف في‬
‫االعتمادات المفوضة لآلمر بالصرف الثانوي‪ ،‬حيث يصبح هذا األخير وحده المختص في التصرف في‬
‫االعتمادات مع ضرورة التقيد بالمبلغ والتخصيص المحدد لالعتمادات موضوع التفويض‪ ،‬فكلما كان‬

‫التفويض عاما كلما كان اختصاص اآلمر بالصرف الثانوي واسعا‪ ،‬بينما كلما ورد التفويض مخصصا‬
‫كلما كانت صالحية اآلمر بالصرف الثانوي سواء اإلدارية أو المالية ضيقة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪Voir l'article 2 du Dahir n°1-57-068 du 10 Avril 1957 relatif aux délégations de signature des ministres,‬‬
‫‪secrétaires d'Etat et sous-secrétaires d’état délégués, leur signature par voie d'arrêter établi en trois originaux‬‬
‫‪dont deux sont destinés à l'information du Ministre des Finances. Ces originaux doivent comporter le spécimen‬‬
‫‪de la signature du délégataire.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪Décret 2-79-512 du 12 Mai 1980 déclare que : "Sous leur responsabilité et leur contrôle, les ordonnateurs‬‬
‫‪peuvent, par voie d'arrêté soumis au visa du Ministre des Finances, instituer des sous-ordonnateurs auxquels ils‬‬
‫‪délèguent leur pouvoir dans les limites qu'ils fixent par ordonnances de délégation de crédits.‬‬
‫‪Ces décrets et arrêtés sont publiés au Bulletin Officiel.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪LUDWIG (R) : "Nature juridique et étendue des attributions de l'ordonnateur secondaire", R.S.F, 1965, p :‬‬
‫‪673.‬‬
‫‪ 47‬على سبيل المثال يمكن الرجوع إلى قراري وزير العدل رقم ‪ 55-10‬و‪ 56-10‬صادر في ‪ 6‬يناير ‪ 2010‬بتفويض اإلمضاء والمصادقة على‬
‫الصفقات‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪.2010‬‬

‫‪40‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬اآلمرون المساعدون بالصرف‬

‫يمكن اعتبار اآلمرين بالصرف المساعدين ثالث فئة من حيث الترتيب‪ ،‬ففي إطار الغياب أو‬
‫المانع القانوني أو المادي الذي قد يحول دون قيام اآلمرين بالصرف الرئيسيين أو اآلمرين بالصرف‬
‫الثانويين بمهامهم اإلدارية والمالية يمكن تفويض إمضاءاتهم لفائدة موظفين إداريين سامين أو لكتابهم‬
‫العامين أو أعضاء دواوينهم بموجب ق اررات و ازرية بناء على نص يجيز هذا التفويض‪ ،‬ويجب من الناحية‬
‫وال يمكن تفويض ما سبق‬ ‫‪48‬‬
‫القانونية أن يكون من نفس مستوى النص الذي أسند االختصاص للمفوض‪،‬‬
‫التفويض فيه‪ ،‬إال إذا أجيز بنص قانوني صريح‪ ،‬ويتعين نشره بالجريدة الرسمية‪.‬‬

‫والتفويض بالنسبة لآلمرين المساعدين بالصرف ال ينصب إال على عمل مادي يتعلق بوضع‬
‫التوقيع أو اإلمضاء على التصرف القانوني المفوض فيه‪ ،‬حيث يأخذ نفس الدرجة القانونية بالنظر إلى‬
‫درجة المفوضين وكأنه صادر عن اآلمرين بالصرف الرئيسيين أو الثانويين حسب الحالة‪ ،‬ويمكن لهؤالء‬
‫أن يستردوا هذا االختصاص وقت ما شاءوا ما دام التفويض ينصب فقط على التوقيع أو اإلمضاء‪ ،‬على‬
‫عكس اآلمرين بالصرف الثانويين الذين يمارسون صالحيات مالية وإدارية بخصوص االعتمادات المالية‬
‫التي منحت لهم بقوة القانون من طرف اآلمرين بالصرف الرئيسيين‪ .‬وهناك حالة أخرى من اآلمرين‬
‫بالصرف المساعدين بالنيابة يأخذون هذه الصفة في حالة غياب اآلمرين بالصرف الرئيسيين أو الثانويين‪،‬‬
‫‪49‬‬
‫أو قيام مانع قانوني أو مادي حيث يحل محلهم هؤالء الذين يكتسبون صفة آمرين بالصرف بالنيابة‪.‬‬
‫وهؤالء ال يعينون بموجب ق اررات تفويض وإنما بموجب نصوص تنظيمية أو محاسبية أو بنصوص ترتبط‬

‫بمصالح ميزانيات ملحقة أو حسابات خصوصية‪ .‬فالحلول هنا محل اآلمرين بالصرف الرئيسيين أو‬

‫أنظر على سبيل المثال قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 1412-10‬صادر في ‪ 28‬أبريل‪ 2010‬بتفويض اإلمضاء إلى الكاتب العام إلقليم بوجدور نيابة‬ ‫‪48‬‬

‫عن وزير الداخلية بحق اإلمضاء على األوامر الصادرة إلى الموظفين والمأمورين التابعين لسلطته للقيام بمأموريات داخل المملكة؛ منشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5842‬بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪.2010‬‬
‫يؤكد "ميشال الكوست ‪ "Michel La Coste‬و"كسافيي فاندر دريش ‪ "Xavier Vander Driessche‬أن علم المالية يميز بين ثالثة أنواع من‬ ‫‪49‬‬

‫اآلمرين بالصرف ‪ -1 :‬اآلمرون بالصرف الرئيسيون أو القانونيون وهم تلك السلطة ‪ autorité‬التي تمنحها وثائق الميزانية ‪Documents‬‬
‫‪ budgétaires‬حق التصرف في االعتمادات وترخص لها في المداخيل‪ ،‬ويعطيان كمثال الوزراء‪.‬‬
‫‪ -2‬اآلمرون بالصرف الثانويون بحيث أن اآلمرين بالصرف الرئيسيي ن يمكنهم أن يفوضوا جزء من اختصاصاتهم‪ ،‬ويضربان مثاال بالممونين‬
‫العسكريين "‪ "Les Intendants militaires‬أو المحافظين أو عمدة المدينة "‪."Le Préfet‬‬
‫‪ -3‬أما النوع الثالث فهم اآلمرون بالصرف بالتفويض في اإلمضاء فيكون ذلك في حالة ‪ :‬إما غياب اآلمر بالصرف الرئيسي أو الثانوي أو تعذر‬
‫حضوره‪ ،‬ويعطيان مثاال عن اآلمر بالصرف مفوض مساعد "‪."Ordonnateur délégué supléant‬‬
‫‪Voir : LASCOMBE (M), VANDENDRIESSCHE (X) : "Les finances publiques ; connaissance du droit", Dalloz,‬‬
‫‪2003, p : 280.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪50‬‬
‫الثانويين ال يحتاج إلى تدخل صاحب االختصاص وإنما يقوم مباشرة بموجب نص قانوني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة النظام القانوني لآلمرين بالصرف‬

‫يتميز النظام القانوني لآلمرين بالصرف بتنوع وتعدد األنظمة والقوانين التي تضبط نظام‬
‫تسييرهم‪ ،‬نظ ار لتعدد أصنافهم وتدخالتهم اإلدارية والمالية والتي تترتب عنها بالضرورة المسؤولية المالية‬
‫واإلدارية‪ ،‬ومن هذه المهام ما يتميز بخصائص ذات طابع سياسي كالوزير األول سابقا ورئيس الحكومة‬
‫حاليا والوزراء‪ ،‬ورئيسي غرفتي البرلمان ورؤساء الجماعات الترابية الذين يعتبرون آمرين بالصرف رئيسيين‬
‫يتميزون عن باقي اآلمرين بالصرف بحماية سياسية ودستورية‪ ،‬مما يصعب مساءلتهم من أية جهة كانت‪،‬‬

‫وحتى لو تحققت هذه المساءلة‪ ،‬فاألمر يتطلب مساطر وإجراءات معقدة (الفقرة األولى)‪ ،‬فبقدر تنوع فئات‬
‫وأصناف اآلمرين بالصرف‪ ،‬تتنوع أنظمتهم القانونية التي يخضع لها كل صنف‪ ،‬حيث يمكن التمييز بين‬
‫نظامين قانونيين من حيث الطبيعة القانونية‪ ،‬حيث تخضع فئة من اآلمرين بالصرف لنظام ذو طبيعة‬
‫سياسية كما سنرى في الفقرة األولى‪ ،‬وفئة ثانية تخضع لنظام قانوني ذو طبيعة إدارية (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫ويترتب عن هذه الخصائص والطبيعة القانونية التزامات كل فئة أثناء ممارسة وظائفهم المالية واإلدارية‬
‫(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الطبيعة السياسية للنظام القانوني لآلمرين بالصرف‬

‫يعتبر رئيس الحكومة والوزراء فيما يخص تنفيذ الميزانية العامة آمرين بالصرف رئيسيين‪ ،‬كما‬
‫يعتبر رؤساء الجماعات الترابية وهيئاتها بالنسبة لميزانيات الجماعات الترابية أيضا آمرين بالصرف‬

‫رئيسيين فيما يخص المجال الترابي الذي انتخبوا داخله‪ .‬فهؤالء جميعا يشغلون قمة الهرم واإلدارة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى المهام السياسية التي أناطهم بها الدستور‪ ،‬فمهمة هؤالء لصيقة بهم بمجرد تعيينهم في‬
‫المناصب الو ازرية‪ ،‬أو انتخابهم كرؤساء بالمجالس الترابية‪ ،‬فهؤالء يكتسبون منصبا سياسيا ودستوريا‪ ،‬قبل‬

‫أن يكتسبوا المهمة اإلدارية‪ .‬فمهمة آمر بالصرف هي صفة تكميلية للمهام السياسية التي تم تنصيب أو‬
‫اعتبار‬ ‫في‬ ‫انتخاب هؤالء من أجلها‪ .‬فال يهم المؤهل الفني أو التقني أو المستوى الدراسي أو الثقافي‬
‫الطبيعة السياسية للنظام القانوني لهؤالء اآلمرين بالصرف‪.‬‬

‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬قانون الميزانية‪ ،‬منشورات المعهد العالي للدراسات القانونية والجبائية التطبيقية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪50‬‬

‫األولى‪ ،1995 ،‬ص ‪.20 :‬‬

‫‪42‬‬
‫فبالنسبة للوزراء يتجسد الطابع السياسي للنظام الذي ينتمون إليه أثناء تعيينهم في المناصب‬

‫العليا للدولة كوزراء نتيجة الدوافع السياسية وتوجهات الدولة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬خصوصا لما تنبثق‬
‫الحكومة عن كتل سياسية حزبية‪ .‬وهكذا يتم اختيار هؤالء لشغل المناصب اإلدارية والمالية إما لوالئهم‬
‫السياسي‪ 51،‬أو لحيادهم أو لحنكتهم كالتقنوقراط‪ 52‬مثال‪.‬‬

‫وبخصوص المجالس المحلية‪ ،‬فإن اختيار اآلمرين بالصرف يكون نتيجة حصولهم على‬
‫األغلبية في االنتخابات الجماعية‪ ،‬بعد تزكيتهم من طرف أحزابهم وحصولهم على ثقة أعضاء المجلس‪،‬‬
‫وهنا البد من توفر بعض األمور التقنية والفنية والمستوى التعليمي المؤهل لاللتزام باستخالص الديون‬

‫والرسوم ودفع األوامر بالصرف‪ ،‬وهذا أكد عليه الميثاق الجماعي الجديد بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر‪ 200253‬حيث‬
‫نص على مقتضيات خاصة بالمستوى التعليمي الواجب توفره في رئيس المجلس الجماعي لتحسين نوعية‬
‫بحيث نصت‬ ‫‪54‬‬
‫األداء اإلداري داخل الجماعة‪ ،‬والرفع من مستوى الرؤساء في تدبير شؤون جماعاتهم‪،‬‬
‫المادة ‪ 28‬من قانون ‪ 78.00‬على أنه ‪" :‬ال يجوز ألعضاء المجلس الجماعي الذين ال يثبتون توفرهم‬
‫على مستوى تعليمي يعادل على األقل مستوى نهاية الدروس االبتدائية أن ينتخبوا رؤساء وال أن يزاولوا‬
‫هذه المهام بصفة مؤقتة"‪.‬‬

‫وقد أثارت هذه المادة على خالف باقي المواد أكبر عدد من الطعون المعروضة أمام مختلف‬
‫المحاكم إذ بلغ عددها أكثر من ‪55155‬طعنا تهم العديد من جماعات المملكة‪.‬‬

‫إن هذه الفئة من اآلمرين بالصرف تكتسب صفتها بمقتضيات دستورية فعندما يتم تعيين الوزراء‬

‫بعد اقتراحهم من طرف رئيس الحكومة من طرف الملك بموجب الفصل ‪5647‬من دستور ‪ .2011‬وعندما‬

‫حالة التركيبة السياسية لحكومة السيد ابن كيران الحالية لسنة ‪.2012‬‬ ‫‪51‬‬

‫حالة الحكومات السابقة‪ ،‬كحكومة السيد إدريس جطو مثال أو حكومة ‪ 3‬يناير ‪ 2012‬الحالية التي تضم وزراء غير متحزبين‪ ،‬كوزير األوقاف‬ ‫‪52‬‬

‫والشؤون اإلسالمية السيد أحمد التوفيق أو وزير الفالحة والصيد البحري السيد عزيز أخنوش‪.‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.297‬بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5058‬بتاريخ‬ ‫‪53‬‬

‫‪ 21‬نونبر ‪.2002‬‬
‫د‪.‬عبد هللا اإلدريسي ‪" :‬إصالح التنظيم الجماعي بالمغرب"‪ ،‬التاريخ‪ ،‬التشخيص والحصيلة‪ ،‬مطبعة وجدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2003‬ص ‪.99 :‬‬ ‫‪54‬‬

‫عبد الحكيم موساة ‪" :‬الحكامة المالية للجماعات المحلية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬طنجة ‪ ،2007-2006‬ص ‪:‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪.100‬‬
‫ينص الفصل ‪ 47‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي ‪" :‬يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس‬ ‫‪56‬‬

‫النواب وعلى أساس نتائجها‪ ،‬ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ينتخب رئيس المجلس الجماعي فهو يتم وفق مقتضيات الفصل ‪57135‬من الدستور الحالي‪ ،‬فجميع هذه‬

‫المقتضيات تشكل أبعادا ودوافع واعتبارات سياسية‪.‬‬

‫فاآلمرون بالصرف في هذه الحاالت يتبوؤون منصبا سياسيا أكثر منه منصبا إداريا‪ ،‬وهذه‬
‫المرتبة تجعلهم يتمتعون بنظام قانوني متميز‪ ،‬وانتماؤهم إلى هذا النظام قد يكون أحيانا وباال عليهم أو‬
‫سببا في مساءلتهم في حالة ارتكابهم لتجاوزات مالية أو محاسبية عندما يتجردون من صفتهم السياسية‬
‫والدستورية‪ ،‬خصوصا وأن أعضاء الحكومة وأعضاء البرلمان ال يخضعون الختصاص المجلس األعلى‬
‫للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية حسب المادة ‪ 52‬من قانون ‪ 62-99‬والتي‬
‫‪58‬‬
‫فقد كان يستغل بعض رؤساء الجماعات‬ ‫في نظرنا تحتاج إلى تعديل بعد صدور دستور ‪.2011‬‬
‫منصب عضوية في البرلمان أو الحكومة باإلضافة إلى رئيس المجلس الجماعي من أجل التمادي في‬
‫ارتكاب المخالفات المالية تحت غطاء الحصانة النيابية نظ ار الستبعادها من اختصاص رقابة‪59‬المجلس‬
‫األعلى أو المجالس الجهوية للحسابات‪ .‬إال أن المقتضيات الدستورية والتشريعية الجديدة سوف تضع حدا‬
‫‪60‬‬
‫لهذه الممارسات وذلك بالنص على حاالت التنافي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطبيعة اإلدارية للنظام القانوني لآلمرين بالصرف‬

‫من خالل فئات اآلمرين بالصرف التي سبق أن تطرقنا لها قبل‪ ،‬ومن بينها ذات الطبيعة‬
‫السياسية‪ ،‬نجد هناك فئة ذات نظام قانوني يمتاز بالطابع اإلداري بعد التعيين أو تفويض السلطة من‬
‫طرف اآلمرين بالصرف الرئيسيين وتحت مسؤوليتهم ومراقبتهم ضمن الحدود المالية والترابية‪.‬‬

‫فهؤالء اآلمرون بالصرف يمتازون بالطابع اإلداري المحض لنظامهم القانوني‪ ،‬فهم يشكلون‬

‫سلطة إدارية يكتسبون صفة آمرين بالصرف بموجب ق اررات التعيين التي يشترك فيها غالبا الوزير المعني‬
‫بالقطاع ووزير المالية‪ ،‬ويمارسون اختصاصاتهم في رقعة جغرافية محددة‪ ،‬ويتمتعون بصالحيات إدارية‬

‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 135‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي ‪" :‬تنتخب مجالس الجهات والجماعات باالقتراع العام المباشر"‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫المادة ‪ 52‬من قانون ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫أنظر قرار عدد ‪ 886‬المؤرخ في ‪ 11‬دجنبر ‪ ،2003‬ملف إداري عدد ‪ ،2001/1/4-1380‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬اإلصدار‬ ‫‪59‬‬

‫الرقمي دجنبر ‪ ،2004‬العدد ‪ ،61‬مركز النشر والتوثيق القضائي‪ ،‬ص ‪.177-173 :‬‬
‫أنظر الق اررات المنشورة بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6014‬بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 2012‬حول ق اررات عن حاالت التنافي ‪ :‬قرار رقم ‪ 826-12‬صادر في‬ ‫‪60‬‬

‫‪ 17‬يناير ‪ ،2012‬وقرار رقم ‪ 827-12‬الصادر في ‪ 19‬يناير ‪.2012‬‬

‫‪44‬‬
‫‪61‬‬
‫أو التفويض‪ ،‬وفيما يخص المؤسسات العمومية‪ ،‬فممارس مهام اآلمر‬ ‫ومالية محددة بقرار التعيين‬

‫بالصرف هو مدير المؤسسة أو المكتب الوطني أو رئيس المجلس اإلداري‪ ،‬فهؤالء يخضعون لنظام‬
‫قانوني يغلب عليه الطابع اإلداري أيضا‪ ،‬وقد أكد القضاء اإلداري المغربي في عدة أحكام على الطابع‬
‫اإلداري للنظام القانوني لهذه المؤسسات‪ ،‬حيث اعتبر في عدة أحكام أن المدراء موظفون عموميون‬

‫النشاط الذي تمارسه هذه المؤسسات‪،‬‬ ‫‪62‬‬


‫يخضعون ألحكام القانون اإلداري‪ ،‬وذلك بغض النظر عن طبيعة‬
‫فهم يخضعون أثناء تصرفاتهم اإلدارية لمقتضيات القانون العام بصفة عامة وقانون الوظيفة العمومية‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬ويملكون بقوة القانون الذي يحدد اختصاصاتهم الصالحية من أجل تنفيذ الميزانيات‬

‫المرصودة لهم‪ ،‬واتخاذ ما يلزم من اإلجراءات التنظيمية والتأديبية في حق الموظفين واألعوان التابعين لهم‬
‫في إطار الوظيفة العمومية والقوانين الموازية‪.‬‬

‫فإذا كانت هذه هي طبيعة نظام اآلمرين بالصرف‪ ،‬فما هي إذن التزاماتهم القانونية ؟‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬االلتزامات القانونية لآلمرين بالصرف‬

‫على عكس التزامات المحاسبين العموميين الذي سنراه فيما بعد‪ ،‬ال يخضع اآلمرون بالصرف‬
‫اللتزامات محددة أثناء ممارسة وظائفهم‪ ،‬على الرغم من أهمية ق ارراتهم اإلدارية والمالية بشأن تسيير‬

‫وتدبير الميزانية العامة‪ ،‬إذ ال يخضعون اللتزامات مادية أو معنوية على غرار ما يخضع له المحاسبون‪،‬‬
‫فهم غير مطالبين بأداء القسم‪ ،‬وال بتشكيل ضمان مالي أو تسجيل امتياز على أموالهم الخاصة لفائدة‬
‫الخزينة العامة‪ ،‬أثناء ارتكابهم لمخالفات أو تجاوزات مالية في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬باستثناء التصريح‬

‫فبمجرد التحاق اآلمر بالصرف بمنصبه بعد‬ ‫‪63‬‬


‫اإلجباري بالممتلكات الذي أصبح اليوم منظم بقانون‪.‬‬

‫على سبيل المثال أنظر قرار الوزير األول رقم ‪ 3.19.10‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 2010‬بتعيين آمر بالصرف مساعد ونائبا عنه وتفويض السلطة‬ ‫‪61‬‬

‫فيما يتعلق بإدارة الدفاع الوطني‪ ،‬بعد موافقة وزير االقتصاد والمالية‪.‬‬
‫وكذلك تعيين المدير الجهوي للتجهيز والنقل بطنجة تطوان آم ار مساعدا بالصرف لقبض الموارد وصرف االعتمادات المفوضة إليه من لدن الوزير‬
‫األول وفي حالة تغيب هذا األخير أو عاقه عائق ناب عنه رئيس مصلحة التدبير والبرمجة بالمديرية الجهوية للتجهيز والنقل بطنجة‪-‬تطوان‪ ،‬وقد تم‬
‫تحديد االعتمادات ال مفوضة إلى اآلمر المساعد بالصرف وفقرات الميزانية التي يقوم بصرف النفقات منها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪5840‬‬
‫بتاريخ ‪ 20‬ماي ‪.2010‬‬
‫قرار المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية عدد ‪ 518‬بتاريخ ‪ 2008/06/25‬المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ضد الناصري محمد ومن معه‪،‬‬ ‫‪62‬‬

‫منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 85-84‬يناير أبريل ‪ ،2009‬ص ‪.201 :‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬صادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬يتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري بالممتلكات ووصل التسلم وبالحد األدنى لقيمة‬ ‫‪63‬‬

‫األموال المنقولة الواجب التصريح بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5813‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪.2010‬‬

‫‪45‬‬
‫التعيين أو التفويض يقوم فقط بإشعار المحاسب العمومي المكلف بتنفيذ األوامر المالية الصادرة إليه في‬
‫‪64‬‬
‫والتعيين‪ ،‬وكذا الئحة‬ ‫إطار تبادل األدوار واالختصاصات ويتضمن هذا اإلشعار نموذج اإلمضاء‬
‫األشخاص الذين يؤهلهم للحلول محله في إطار اإلنابة أو التفويض‪ ،‬في حالة اإلعاقة أو الغياب أو ما‬
‫شابه ذلك‪.‬‬

‫إال أن هذا ال يمنع من التزام هؤالء أثناء ممارستهم لمهامهم من التقيد ببعض االلتزامات‬
‫والقواعد الموضوعية من بينها عدم ربط مصالح خاصة مع اإلدارة أو الجماعة التي يعمل بها‪ ،‬أو إبرام‬
‫‪65‬‬
‫أو بصفة غير شخصية كالمساهمة في رأس المال‬ ‫عقود أو توريدات أو صفقات سواء بصفة شخصية‬
‫‪66‬‬
‫كما يتعين على اآلمرين‬ ‫أو الوكالة عن الغير أو لفائدة الزوجات أو األصول أو الفروع المباشرين‪.‬‬
‫بالصرف خصوصا رؤساء الجماعات الترابية والمجالس اإلدارية لبعض المؤسسات العمومية االنسحاب‬
‫من المداوالت أثناء التصويت على الحساب اإلداري‪ ،‬فكل هذه االلتزامات رغم أنها تبدو مقيدة لحرية‬
‫تصرف اآلمرين بالصرف أثناء القيام بمهامهم‪ ،‬إال أنها ال ترقى إلى درجة التأثير على نظامهم المتميز‬
‫نظ ار لطبيعة وظائفهم اإلدارية والسياسية والمالية‪ ،‬وسلطة التقرير والتصرف التي يمنحها لهم القانون‪.‬‬

‫هذه هي معظم مميزات وخصائص طبيعة النظام القانوني لآلمرين بالصرف في مجال‬
‫التصرف المالي‪ ،‬فما هي إذن طبيعة وخصائص النظام القانوني للمحاسبين العموميين بصفتهم الحلقة‬
‫الثانية في مجال تنفيذ الميزانية ؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النظام القانوني للمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫قبل أن نخوض في هذه النقطة‪ ،‬البد أن نشير إلى قرار المشرع المغربي بإلحاق المراقبة العامة‬

‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة ‪ ،".......................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.20 :‬‬ ‫‪64‬‬

‫قرار المجلس األعلى عدد ‪ 597‬ب‪/‬ل بتاريخ ‪ 09‬يونيو ‪ 2004‬حيث اعتبر المجلس أن إبرام الطاعن وهو رئيس للجماعة المحلية صفقات مع‬ ‫‪65‬‬

‫شركة في ملكه يعتبر إخالال بقاعدة المنافسة الجاري بها العمل في إبرام الصفقات العمومية كما يشكل مساسا بمبدأ المساواة بين الموردين والمقاولين‬
‫المشاركين في الصفقات العمومية‪ ،‬وبمبدأ الشفافية في اختيار الشخص الذي سترسو عليه الصفقة فهذه مخالفة صريحة للفصل ‪ 36‬من ظهير‬
‫‪ 1.76.538‬بتاريخ ‪ 1976/09/30‬المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي يحظر على رئيس المجـلس الجـماعي –بسبب مسؤولياته في التسيير‪ -‬عقد‬
‫صفقة مع شركات في ملكيته‪ -‬حيث حصل الطاعن على منفعة غير مبررة تلحق ضر ار بجهاز عام وخرقا لقواعد االلتزام بالنفقات‪.‬‬
‫قرار منشور في كتاب األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي المالي بالمغرب لألستاذ محمد براو‪ ،‬منشورات المركزالمغربي للدراسات و األبحاث حول‬
‫المهن القضائية و القانونية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬مطبعة دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬يناير ‪ 2009‬ص‪.136:‬‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 78.00‬المتعلق بالتنظيم الجماعي الصادر في ‪ 21‬نونبر ‪.2002‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪46‬‬
‫لاللتزام بنفقات الدولة بالخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وبتحويل اختصاصات المراقب العام لإللتزام بنفقات الدولة‬

‫رقم ‪ 2.06.52‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬وبذلك‬ ‫‪67‬‬


‫إلى الخازن العام للمملكة بناء على المرسوم‬
‫يكون المشرع قد خفف من جهة من ضغط المراقبة القبلية ومن جهة أخرى قد حمل المحاسب العمومي‬
‫مسؤولية إضافية في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪ .‬وبالتالي سوف لن نتطرق للنظام القانوني للمراقب‬
‫بااللتزام بنفقات الدولة دون إغفال دورهم المهم في مجال المساهمة في تقويم تنفيذ الميزانية‪ .‬وإذا كان‬
‫الهدف من إقرار المسؤولية المالية للمحاسب العمومي يتمثل في حماية المال العام‪ ،‬فإن هذا الهدف أدى‬
‫إلى وجود هذه المؤسسة اإلدارية‪ ،‬مهمتها األساسية تحقيق هذه الغاية‪ .‬وقد حاول المشرع المغربي إعطاء‬

‫تعريف للمحاسبين العموميين من خالل نصوص عديدة وخاصة في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 3‬من‬
‫المرسوم الملكي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬حيث نص على أنه ‪" :‬يعتبر محاسبا عموميا كل‬
‫موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات المداخيل أو النفقات أو تداول السندات‪ ،‬إما‬
‫بواسطة أموال وقيم معهود إليه بها‪ ،‬وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين‬
‫أو حسابات خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها أو مراقبتها"‪.‬‬

‫وقد ورد تعريف آخر في المادة الثانية من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المنظم لمسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬والتي نصت أيضا على أنه ‪ :‬يراد حسب مدلول هذا القانون‬

‫بالمحاسب العمومي ‪" :‬كل موظف أو عون مؤهل ألن ينفذ باسم إحدى الهيئات السالفة الذكر عمليات‬
‫المداخيل أو النفقات أو التصرف في السندات إما بواسطة أموال وقيم يتولى حراستها‪ ،‬وإما بتحويالت‬

‫داخلية للحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية لألموال المتوفرة التي يراقب‬
‫حركتها أو يأمر بها"‪ ،‬فمن خالل هذين التعريفين للمحاسب العمومي يتضح تقريبا التطابق بينهما‪ ،‬وإن‬
‫كان التعريف الثاني أكثر شمولية لما جعل مهام المحاسب العمومي تشمل بعض الهيئات العمومية‪ 68‬التي‬

‫لم تذكر في الفصل الثالث من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية‪ .‬إال أن هذا‬
‫التعريف جاء قاص ار ألنه لم يعرف بالشكل المناسب المحاسب العمومي واكتفى فقط بتحديد اختصاصاته‬
‫ووظائفه التي يمارسها في مجال تدبير المال العام‪ ،‬فهناك بعض التشريعات التي توسعت في تعريف‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.06.52‬بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ ،2006‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬ ‫‪67‬‬

‫يراد بالهيئات العمومية حسب المادة األولى من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين ‪:‬‬ ‫‪68‬‬

‫"الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬وكذا المؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة"‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪70‬‬
‫المحاسب العمومي كالمشرع التونسي‪ 69‬والمشرع الفرنسي‪.‬‬

‫وأمام هذا القصور في تعريف المحاسب العمومي‪ ،‬حاول بعض الفقهاء تعريفه من خالل تقسيم‬
‫‪71‬‬
‫‪ :‬األول يخص عبارة المحاسب والتي قد تأخذ معاني عديدة‬ ‫كلمتي محاسب عمومي إلى جزءين‬
‫كإمساك الحسابات وإخبار المسيرين وقد تعبر أيضا عن ضرورة احترام قواعد المحاسبة‪ ،‬أما الجزء الثاني‬
‫فيهم كلمة عمومي وتعني أن المكلف بهذه المهمة هو موظف عمومي معين بقرار من وزير المالية‬
‫ويخضع لجملة من اإلجراءات والتدابير قبل ممارسة مهامه‪ .‬كما برر بعض الباحثين مسألة صعوبة‬
‫‪72‬‬
‫وشامل للمحاسب العمومي نظ ار لتعدد‬ ‫تعريف المحاسب العمومي نظ ار ما يطرحه إيجاد تعريف كامل‬

‫فئاتهم‪.‬‬

‫وبتجميع المعطيات حول تعريف المحاسب العمومي يمكن القول على أنه موظف عمومي‬
‫خاضع للقانون العام‪ ،‬ولهيئة عمومية بالمعنى الواسع سواء تعلق األمر بالدولة أو الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها أو المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬فاكتساب صفة موظف عمومي حسب ما هو مقرر في‬
‫النظام األساسي العام‪ 73‬لقانون الوظيفة العمومية الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬سابق لصفة محاسب التي‬
‫ال يكتسبها إال بعد قرار تعيينه من قبل وزير المالية وفق شروط معينة تفرضها قوانين المالية والمحاسبة‬
‫العمومية‪ .‬فالمحاسب العمومي ملزم باحترام القوانين واألنظمة المنصوص عليها في النظام األساسي‬
‫للوظيفة العمومية بالدرجة األولى‪ ،‬باإلضافة إلى احترام القواعد المنصوص عليها في نظام المحاسبة‬
‫العمومية واألنظمة األخرى الجاري بها العمل في تدبير المالية العمومية‪.‬‬

‫عرفت المادة ‪ 108‬من المجلة التونسية للمحاسبة في ظل قانون عدد ‪ 81‬لسنة ‪ 1973‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪" : 1973‬أن المحاسبين العموميين‬ ‫‪69‬‬

‫مكلفون بجباية اإليرادات وتأدية المصاري ف وصيانة األموال وحفظها والقيم والمنتوجات التي تملكها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات العمومية‬
‫المحلية‪ ،‬والتي عهد إليها بحفظها‪ ،‬كما أنهم مكلفون أيضا بمراقبة صحة التصرف في أمالكها‪.‬‬
‫‪ 70‬لقد نص الفصل ‪ 11‬من مرسوم المحاسبة العمومية الفرنسي بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 1962‬على ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Les comptables publics, sont seuls chargés de la conservation des pièces justificatives des opérations et‬‬
‫‪documents de comptabilités", Journal officiel de la République Française, Edition de Juillet 1962.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪BENNANI (A) : "L'agent comptable au Maroc", Publication REMALD, 1998, p:9.‬‬
‫كما عرفه بعض الفقهاء الفرنسيين بالتعريف التالي ‪:‬‬
‫‪"Le comptable est l'agent qui assure sous l'autorité du Ministre des Finances la direction d'un poste comptable ou‬‬
‫‪s'effectue les opérations du Trésor", Louis TROTABAS, Jean Marie COTTERET : "Droit budgétaire et‬‬
‫‪comptabilité publique", Edition Dalloz, Paris, 1997, p : 162.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪Michel LAS COMBRE, Xavier VANDER DREISSCH : "Les finances…", op.cit, p : 113.‬‬
‫‪ 73‬ظهير شريف رقم ‪ 1.58.008‬صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية كما وقع تتميمه وتغييره‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 2372‬بتاريخ ‪ 11‬أبريل ‪.1958‬‬

‫‪48‬‬
‫فالمحاسبون العموميون ينقسمون إلى فئتين حسب النظام المحاسبي المغربي (الفرع األول)‪،‬‬

‫ويتميزون بخصائص معينة (الفرع الثاني)‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي من خالل الفصل ‪ 14‬من مرسوم‬
‫‪ 29‬دجنبر ‪ 1962‬المنظم للمحاسبة العمومية الفرنسي الذي قسم فئة المحاسبين إلى رئيسيين وثانويين‪،‬‬
‫وقد عمل الفصل ‪ 67‬من نفس المرسوم على تصنيفهم إلى عدة أصناف وهم ‪ :‬محاسبو الخزينة‪-‬محاسبو‬
‫اإلدارات المالية‪-‬محاسبو الحسابات الخصوصية‪-‬محاسبو الميزانيات الخصوصية‪-‬محاسبو الميزانيات‬
‫الملحقة‪ .‬وما يالحظ على التشريع الفرنسي هو تعداد تصنيف المحاسبين على سبيل الحصر‪ ،‬وهو‬
‫تصنيف إجرائي وتبسيطي‪ .‬أما المشرع الجزائري‪ ،‬ومن خالل المادة الثالثة‪/‬م‪.‬ت ‪ 41-03‬من المرسوم‬

‫التنفيذي رقم ‪ 311-91‬المؤرخ في ‪ 7‬شتنبر ‪ 1991‬المتعلق بالمحاسبين العموميين‪ ،‬فقد عدد محاسبي‬
‫الدولة على سبيل الحصر أيضا كالمشرع الفرنسي‪ ،‬بعد تعيينهم من قبل وزير المالية بعد توفر الشروط‬
‫القانونية الخاصة بكل صنف من أصناف المحاسبين وهم حسب الترتيب التالي ‪ :‬العون المحاسب‬
‫المركزي للخزينة ثم أمين الخزينة المركزي فأمين الخزينة الرئيسي فأمناء الخزينة في الواليات‪ ،‬ثم أمناء‬
‫الخزينة في البلديات‪ ،‬فأمناء خزائن القطاعات الصحية والمراكز االستشفائية الجامعية ثم العون المحاسب‬
‫الجامع للموازنات الملحقة‪ ،‬قابضي الضرائب‪ ،‬قابضي أمالك الدولة‪ ،‬قابضي الجمارك‪ ،‬فمحافظي الرهون‪.‬‬
‫فماذا عن فئات المحاسبين العموميين في التشريع المغربي؟‬

‫الفرع األول‪ :‬فئات المحاسبين العموميين‬

‫بغض النظر عن التوزيع الوظيفي الذي يمكن بمقتضاه التمييز بين المحاسبين المكلفين بمناولة‬

‫األموال فعليا والذين يشكلون الفئة األهم‪ ،‬وبين المحاسبين اآلخرين المكلفين بتدبير المواد أو بمسك‬
‫الحسابات فقط‪ ،‬حيث ينقسم المحاسبون إلى قسمين بحسب طبيعة االختصاص‪ ،‬فمنهم من يتمتع‬
‫باختصاص عام في مجال التحصيل واإلنفاق كما هو الحال بالنسبة لمحاسبي الخزينة العامة أو ما يسمى‬

‫بمحاسبي الميزانية العامة (الفقرة األولى)‪ ،‬ومنهم من يتوفر على اختصاص خاص يقومون من خالله‬
‫بعمليات التحصيل أو اإلنفاق فقط كقباض التسجيل والتمبر أو وكالء المداخيل أو النفقات (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫وهناك عينة من نوع خاص يصبع عليهم المشرع صبغة المحاسبين الفعليين أو المحاسبين بحكم الواقع‬

‫"‪ "Les Comptables de fait‬لعدم إفالتهم من تقديم حساباتهم و مساءلتهم عن هذا األمر فهؤالء ليسوا‬
‫بمحاسبين عموميين بالمفهوم الدقيق للكلمة‪ ،‬و ال تتوفر فيهم الشروط المطلوبة قانونا لمزاولة مهمة‬

‫‪49‬‬
‫محاسب ‪ ،‬إال أنه و من أجل حماية المال العام و تحصينه من العبث و التسيب قد أسقط عليه المشرع‬

‫جملة من االلتزامات‪ ،‬حيث يسري عليهم ما يسري على باقي المحاسبين العموميين كما يتحملون نفس‬
‫المسؤوليات (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محاسبو الخزينة العامة‬

‫يتكون هرم محاسبي الخزينة من الفئات التالية‪ ،‬وينتصب على رأسها الخازن العام للمملكة‪.‬‬

‫أ‪ -‬الخازن العام للمملكة ‪Le Trésorier général du Royaume :‬‬

‫يعتبر الخازن العام للمملكة المحاسب السامي للمملكة بموجب الفصل ‪ 66‬من المرسوم الملكي‬

‫بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ويتولى بهذه الصفة تجميع التنفيذ الحسابي لميزانية الدولة وميزانيات‬
‫مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬والميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية وعمليات الخزينة‪ ،‬وهو‬
‫المحاسب الذي تعتمد لديه عمليات اآلمرين بالصرف بالنسبة للدولة‪ ،‬كما أنه مكلف بتقديم حساب التدبير‬
‫"‪ "compte de gestion‬المتعلق بحساباته كل سنة إلى قاضي الحسابات "‪ "Juge de comptes‬وهو‬
‫المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬فصفة الخازن العام تشكل وظيفة محاسبية وليست منصبا أو درجة إدارية‬
‫ويعين الخازن العام بظهير شريف من طرف الملك حسب الفصل‪ 4974‬من دستور ‪ 2011‬باقتراح من‬

‫رئيس الحكومة حسب مقتضيات الدستور الجديد‪.‬‬

‫ويشكل الخازن العام الرئيس التسلسلي لجميع موظفي وأعوان الخزينة العامة بما فيهم محاسبو‬
‫الخزينة المرتبطين به‪ ،‬وهو بذلك يتولى تسيير وتنظيم مختلف المصالح الموجودة تحت سلطته‪ .‬ويعتبر‬

‫المحاسب األساسي أو الرئيسي بالنسبة لميزانية الدولة‪ ،‬مما يمنحه اختصاصا عاما بالنسبة لمجموع‬
‫‪75‬‬
‫والتنفيذ المحاسبي‬ ‫محاسبي الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية‪ ،‬ويتولى بهذه الصفة المركزة‬
‫لجميع العمليات المالية المنجزة من طرف باقي المحاسبين العموميين‪ ،‬وال تشمل سلطته الرئاسية‬

‫المحاسبين اآلخرين كالملحقين أو المحاسبين الثانويين‪ ،‬فهؤالء يتحملون المسؤولية عن عملياتهم المالية‬

‫ينص الفصل ‪ 49‬من دستور ‪ 2011‬في فقرته ما قبل األخيرة على ما يلي ‪" :‬التعيين باقتراح من رئيس الحكومة‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعني‪ ،‬في‬ ‫‪74‬‬

‫الوظائف المدنية التالية ‪ :‬والي بنك المغرب‪ ،‬والسفراء والوالة والعمال‪ ،‬والمسؤولين في اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي‪ ،‬والمسؤولين عن المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية اإلستراتيجية"‪.‬و سوف تحدد بقانون تنظيمي الئحة هذه المؤسسات و المقاوالت االستراتيجية‪.‬‬
‫ابتداء من سنة ‪ 2002‬تم تقسيم المركز المحاسبي للخزينة العامة للمملكة إلى ثالثة مراكز ‪ :‬الخزينة الرئيسية والمكتب الرئيسي ألداء األجور‬ ‫‪75‬‬

‫وخزينة الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‪ ،‬أنظر هامش الجريدة الرسمية عدد ‪ 5454‬بتاريخ ‪ 7‬شتنبر ‪.2002‬‬

‫‪50‬‬
‫والمحاسبية في إطار اختصاصاتهم‪ ،‬والعالقة التي تربط هؤالء بالخازن العام هي مركزة حساباتهم المنجزة‬

‫لدى هذا األخير‪ .‬ومن مهام الخازن العام استخالص المداخيل وتنفيذ النفقات المتعلقة بميزانية الدولة‬
‫ومراقبتها عن طريق المحاسبين الجهويين واإلقليميين للخزينة والوكاالت المحاسبية لدى الهيئات‬
‫الدبلوماسية والقنصلية عن طريق المناشير والمذكرات المصلحية‪ ،‬وحتى يتمكن من التأكد من التزام‬
‫المحاسبين بتلك المقتضيات والتوجيهات والحرص على احترامها يملك الخازن العام صالحية المراقبة‬
‫والمتابعة واإلشراف بواسطة الوثائق المحاسبية التي ترسل بشكل دوري أو يطلع عليها في عين المكان من‬
‫‪76‬‬
‫كما‬ ‫خالل عمليات التفتيش والمراقبة للمراكز المحاسبية التابعة له‪ ،‬أو عن طريق اللجان المتخصصة‪.‬‬

‫للخازن العام أن يقوم بعمليات التسوية المتعلقة‬ ‫‪77‬‬


‫منح مرسوم رقم ‪ 2.00.292‬بتاريخ ‪ 20‬نونبر ‪2000‬‬
‫بالمحاسبة اإلدارية إلى جانب اآلمرين بالصرف ووزير المالية‪ ،‬ويخول للخازن العام أجل ينتهي في ‪31‬‬
‫‪78‬‬
‫والعمليات المحاسبية‬ ‫مارس ليدرج في حساباته عمليات التسوية المقررة من لدن اآلمرين بالصرف‬
‫الداخلية‪ ،‬وتحصر في ‪ 31‬دجنبر من كل سنة مالية حساباته وسجالته‪.‬‬

‫ب‪ -‬الخزنة الجهويون وخزنة العماالت والخزنة اإلقليميون ‪:‬‬

‫يتبع الخزنة الجهويون وخزنة العماالت والخزنة اإلقليميون مباشرة للخازن العام ويعملون تحت‬
‫مسؤوليته ومراقبته‪ 79‬المباشرة‪.‬‬

‫وقد كان هؤالء يسمون في السابق بمحصلي المالية "‪"Les Receveurs des finances‬‬
‫وتكمن الوظيفة األساسية للخزنة بمختلف أنواعهم في أداء مختلف نفقات ميزانية الدولة وملحقاتها‪ ،‬كما‬

‫يتوفرون على سلطة مراقبة المحاسبين المتواجدين بالدائرة المالية أو المركز المحاسبي التابع لهم‪ ،‬خاصة‬
‫القباض ‪ Les percepteurs‬والقباض الجماعيون‪ ،‬حيث يعتبرون رؤساء مباشرين لهم‪ ،‬ولهم أيضا‬

‫‪76‬‬
‫‪LMIMOUNI (M) : "Les pouvoirs du Trésorier Général au Maroc", Mémoire de D.E.S, Faculté de droit, Rabat,‬‬
‫‪1986, p : 123.‬‬
‫‪ 77‬مرسوم رقم ‪ 2.00.292‬صادر بتاريخ ‪ 20‬نونبر ‪ ،2000‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4808‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪.2000‬‬
‫الفصل ‪ 111‬من المرسوم رقم ‪ 2.00.292‬صادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2000‬بتغيير وتتميم المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪1967‬‬ ‫‪78‬‬

‫المتعلق بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪.‬‬


‫‪79‬‬
‫‪Dans ce domaine, le Trésorier Général, agit en sa qualité de comptable supérieur du Royaume", et donc chargé‬‬
‫‪de centraliser l'exécution comptable du Budget de l'Etat, des budgets annexes, des comptes spéciaux et des‬‬
‫‪opérations de Trésorerie".‬‬
‫‪D'après Mimoun LMIMOUNI : "Les pouvoirs du Trésorier…", op.cit, p : 123.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪80‬‬
‫كما يقوم الخزنة بالتنسيق بين هؤالء القباض‬ ‫صالحية التدخل لمراقبة عملياتهم المالية والمحاسبية‪،‬‬

‫جميعا وبين مختلف اإلدارات المعنية كالسلطات اإلقليمية والجماعات المحلية والمصالح الخارجية لبعض‬
‫الو ازرات المعنية بالتحصيل كمديرية األمالك المخزنية‪ .‬كما يلعبون حلقة الوصل بين الخازن العام وهؤالء‬
‫القباض‪ ،‬كما يعقدون اجتماعات دورية تخصص لدراسة المشاكل المعرقلة للسير العادي للعمل داخل‬
‫المراكز المحاسبية‪ ،‬كما تعتمد لديهم العمليات الموازنية لآلمرين بالصرف الثانويين‪ ،‬وهم كذلك مكلفون‬

‫بوصفهم محاسبين رئيسيين‪ ،‬بتقديم حساب التدبير المتعلق بعملياتهم كل سنة إلى المجلس األعلى‬
‫للحسابات‪.‬‬

‫ج‪ -‬القباض ‪Les percepteurs :‬‬


‫‪81‬‬
‫تابعين للخزينة‬ ‫بعد أن كانوا تابعين لمديرية الضرائب أصبح القباض أو القبضة منذ ‪1964‬‬
‫ومنضوين تحت مسؤولية الخازن الجهوي أو خازن العمالة أو الخازن اإلقليمي للدائرة التي تقع تحت‬
‫نفوذهم‪ ،‬والقباض ثالثة أصناف‪ ،‬هناك القباض الذين يكون مجال عملهم في القباضة وتتحدد مهمتهم‬
‫األساسية في استخالص الضرائب المباشرة والرسوم المشابهة لها إما لحساب الدولة أو لحساب الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وتتجلى مهمتهم في مجال صرف النفقات العمومية في أداء بعض النفقات المعينة التي توكل‬
‫إليهم‪ .‬وترجع سلطة تعيين هؤالء إلى الخازن العام للمملكة من بين أطر وموظفي و ازرة المالية واالقتصاد‪.‬‬

‫والصنف الثاني من القباض أو محاسبو الجهات‪ ،‬ويتركز مكانهم بالعمالة مركز الجهة فلما‬
‫أصبحت الجهة وحدة ترابية وإدارية بموجب دستور ‪ 1996‬وبعده دستور ‪ 2011‬أصبح لزاما على الدولة‬
‫‪82‬‬
‫قاطرة التنمية الجهوية بعد تنزيل مقتضياتها‬ ‫تزويد الجهات بميزانيات تليق بمقام الجهة التي ستصبح‬
‫موضع التطبيق‪ .‬وأمام هذا التحول أصبح لزاما أيضا تعيين محاسبين من درجة قباض ليسهروا على تنفيذ‬
‫الميزانية الجهوية‪.‬‬

‫نعيمة امويني ‪" :‬القابض الجماعي وإشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام –‬ ‫‪80‬‬

‫تخصص المالية العامة‪ -‬كلية الحقوق عين الشق جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2004-2003 ،‬ص ‪.84 :‬‬
‫‪ 81‬مرسوم رقم ‪ 2.64.167‬بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪ ،1964‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2704‬بتاريخ ‪.1964/08/26‬‬
‫‪Voir aussi : Mohamed HARAKAT : "Les finances publiques et les impératifs de la performance, le cas du‬‬
‫‪Maroc", L'harmattan, Mai 2011, p : 152.‬‬
‫‪ 82‬ينص الفصل ‪ 143‬من دستور ‪ 2011‬في فقرته الثانية على أنه ‪" :‬تتبوأ الجهة‪ ،‬تحت إشراف رئيس مجلسها‪ ،‬مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات‬
‫الترابية األخرى‪ ،‬في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪."...‬‬

‫‪52‬‬
‫والصنف الثالث يتجلى في القباض الجماعيين وهم أمناء صندوق الجماعة والمسؤولين على‬
‫‪83‬‬
‫المخصصة للجماعات‬ ‫تسيير القباضة الجماعية‪ ،‬وتتحدد وظيفتهم في تنفيذ عمليات المداخيل والنفقات‬
‫الترابية ومجموعاتها‪ .‬ويخضع القباض الجماعيون إلى عدة نصوص قانونية وتنظيمية صدرت منذ الحماية‬
‫‪84‬‬
‫المصلحية التي‬ ‫إلى اآلن‪ ،‬وهي تحدد واجباتهم ومسؤولياتهم‪ ،‬إضافة إلى العديد من الدوريات والمذكرات‬
‫تصدرها و ازرة المالية‪ 85‬أو و ازرة الداخلية فيما يخص التغي ارت التي تط أر على الميزانية‪.‬‬

‫ونظ ار لصالحيات هؤالء القباض ومسؤولياتهم الجسيمة‪ ،‬يبقى القباض ملزمون بتوخي الحيطة‬
‫والحذر أثناء تنفيذ عمليات التحصيل أو اإلنفاق‪ ،‬ألنهم ملزمون عند اختتام كل سنة مالية بتحضير‬

‫حسابات التسيير "‪ "Les comptes de gestion‬وإرسالها إلى المجالس الجهوية للحسابات بعد االطالع‬
‫‪86‬‬
‫عليها وتصحيحها إن تطلب األمر ذلك من طرف الخزينة العامة‪.‬‬

‫د‪ -‬محاسبو الخزينة بالخارج ‪Les Trésoriers des chanceliers diplomatiques :‬‬

‫ويسمون أيضا باألعوان المحاسبين المركزيين للتمثيليات الدبلوماسية والقنصلية‪ ،‬وقد تم إحداثها‬
‫‪87‬‬
‫بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪ 1966‬وهو سابق إلحداث المرسوم الملكي المتعلق بالنظام‬ ‫بمقتضى المرسوم الملكي‬
‫العام للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬مما طرح إشكاال قانونيا حول أداء النفقات واستخالص الموارد التي‬

‫تكون من اختصاص الخازن العام نظ ار لسلطته العامة على كل المحاسبين التابعين له والوالية العامة في‬
‫تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬لكن األمر سرعان ما تم تداركه في الفصل ‪ 94‬من المرسوم الملكي لسنة ‪1967‬‬

‫ينص الفصل ‪ 8‬من مرسوم تنظيم مالية الجماعات المحلية وهيئاتها الصادر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬كما وقع تعديله وتتميمه بالمرسوم الصادر‬ ‫‪83‬‬

‫في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬المذكور أعاله على أن ‪" :‬يعهد إلى القباض وحدهم بما يلي‪ :‬التكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها لهم اآلمرون بالصرف‪...‬‬
‫والقيام باستيفائها‪ ،‬وكذا استخالص الحقوق نقدا أو أداء النفقات‪."...‬‬
‫وتنص المادة ‪ 148‬من مرسوم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬على ما يلي ‪" :‬يعهد إلى القباض الجماعيين تحصيل الواجبات والرسوم‬
‫واألتاوى‪ ،‬التي تكون الجماعات المحلية ومجموعاتها مؤهلة القتطاعها عمال بالقوانين واألنظمة المعمول بها‪ ،‬وكذا تنفيذ ومراقبة‪."...‬‬
‫‪ 84‬أنظر على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪• Note de service n°1459/DC GAC du 21/05/1993 concernant la nomenclature des pièces justificatives des‬‬
‫‪recettes et des dépenses des collectivités locales et de leur groupement.‬‬
‫‪• Note du Trésorier Général du Royaume n°2190/DCGAC du 09/11/1990 concernant la reddition des comptes‬‬
‫‪de Gestion.‬‬
‫‪ 85‬تنص المادة ‪ 14‬من قانون ‪ 45.08‬من التنظيم المالي ونظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها ‪" :‬يتم إعداد الميزانية على‬
‫أساس برمجة تمتد على ثالث سنوات لمجموع موارد وتحمالت الجماعة المحلية أو المجموعة وتحدد كيفية إعداد هذه البرمجة بقرار مشترك لوزير‬
‫الداخلية والوزير المكلف بالمالية"‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫‪EL MAHI ZOHRA : "La responsabilité des comptables publics, cas des comptables du Trésor", Mémoire de‬‬
‫‪D.E.S Droit public, Faculté de droit, Université Hassan II, Casablanca, 2000-2001, p : 16.‬‬
‫‪ 87‬مرسوم ملكي بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪ 1966‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2777‬بتاريخ ‪ 6‬أبريل ‪.1966‬‬

‫‪53‬‬
‫لما خفف العبء على الخازن العام وذلك بتفويض عون محاسب مؤهل لهذا الغرض يقوم مقامه‪ ،‬ويحدد‬

‫وزير المالية الشروط التي تطبق بموجبها نظام المسؤولية على تنفيذ العمليات الحسابية‪ .‬كما يوضع رهن‬
‫إشارة المحاسب المركزي محاسبون تابعون يوجدون بالسفارات والقنصليات المغربية‪ ،‬يعينون بقرار مشترك‬
‫لوزير المالية ووزير الشؤون الخارجية والتعاون‪ ،‬وابتداء من فاتح يناير ‪ 1983‬أصبح المحاسبون التابعون‬

‫للعون المحاسبي المركزي لل تمثيليات الدبلوماسية والقنصلية محاسبين رئيسيين‪ ،‬وبالتالي خاضعين مباشرة‬
‫لمراقبة المحاكم المالية ومطالبون بتقديم حساب تصرفهم الخاص‪ ،‬دون أن يتم إدماج عملياتهم المحاسبية‬
‫‪88‬‬
‫ضمن حساب العون المحاسبي المركزي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬محاسبون آخرون‬

‫يتعلق األمر بمحاسبين يتمتعون بصالحيات خاصة بمناولة األموال العمومية كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للقبضة المحاسبين التابعين لبعض اإلدارات المالية والذين يرتبطون بإدارات تابعة لو ازرة المالية‬
‫كمحاسبو إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة (أ)‪ ،‬ومحاسبو إدارة التسجيل والتمبر (ب)‪ ،‬أو إلدارات‬
‫غير تابعة لو ازرة المالية ككتاب الضبط بالمحاكم‪ ،‬وقباض البريد والمحافظين العقاريين والمحاسبين‬
‫المعتمدين لدى الو ازرات (ج)‪.‬‬

‫أ‪ -‬محاسبو إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ‪:‬‬

‫بعد التعيين الذي يحصلون عليه هؤالء المحاسبين الذي يسمح لهم بتحصيل الرسوم الجمركية‬
‫وبعض الض ارئب غير المباشرة من الملزمين‪ ،‬حيث تتوفر إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة على‬

‫محاسبين عموميين في جل التراب الوطني وبأهم المدن‪ ،‬ونظ ار للطابع المالي األساسي لعمليات هؤالء فإن‬
‫تعيينهم يتم مباشرة من طرف وزير المالية أو مفوضه‪.‬‬

‫ب‪ -‬محاسبو إدارة التسجيل والتمبر ‪:‬‬

‫يخضع محاسبو التسجيل والتمبر لاللتزامات واإلجراءات التي تطبق على باقي المحاسبين‬
‫‪89‬‬
‫وتشكيل الضمان المالي قبل الشروع في ممارسة مهامهم كأساس لتأمين‬ ‫العموميين كأداء اليمين‬

‫‪88‬‬
‫‪Décision du Ministre des Finances n°126/DCP du 4 octobre 1982.‬‬
‫‪89‬‬
‫‪Note de service du Trésorier Général du Royaume N°603 DCG. AC du 04/06/1990 concernant la prestation de‬‬
‫‪serment des comptables publics.‬‬

‫‪54‬‬
‫المسؤولية على دفع نفقات غير مبررة أو ترك دخل دون تحصيل‪ .‬وتشكل مصالح التسجيل والتمبر أحد‬

‫أق سام مديرية الضرائب التي تنتمي إلى و ازرة االقتصاد والمالية وتنتشر عبر التراب الوطني‪ ،‬وتضم في‬
‫مقراتها اآلمرين بالصرف الذين يتولون عمليات تحديد الوعاء ‪ L'assiette‬وإصدار أوامر المداخيل‪،‬‬
‫والمحاسبين الذين يتكلفون بتحصيل هذه المداخيل الجبائية المتأتية من حقوق تسجيل العقود اإلدارية‬
‫والقضائية المحررة من طرف الموثقين‪ ،‬ومن بيع الطوابع واألوراق المتمبرة‪ ،‬والصويرات الخاصة بالسيارات‬
‫‪.Les vignettes :‬‬

‫وابتداء من سنة ‪ 1970‬تم تغيير نظام محاسبة إدارة التسجيل والتمبر حيث أصبحت المحاسبة‬
‫‪90‬‬
‫وهو ما يعبر عنه باإلدارة ذات "قاعدة وحدة الشخص وازدواجية المهام" حيث يحصر‬ ‫مزدوجة اإلجراء‬
‫هؤالء المحاسبين العمليات المنجزة ثم يقدمون الحسابات إلى الخازن الجهوي أو اإلقليمي المرتبطين به‬
‫"‪ "Le comptable de Rattachement‬كل شهر‪ ،‬ويقوم هذا األخير بإدماج هذه العمليات المحاسبية‬
‫ضمن حساباته بعد تصحيحها‪ ،‬كما يقومون بحصر مدخرات القيم المختلفة وإحصائها كل شهر أيضا‪،‬‬
‫ويخضع هؤالء لعمليات التفتيش التي تقوم بها المفتشيات المركزية التابعة إلدارة التسجيل والتمبر‪.‬‬

‫ج‪ -‬محاسبو اإلدارات غير التابعة لوزارة المالية‪:‬‬

‫يدخل ضمن هذه الفئة من المحاسبين‪ ،‬محاسبو المؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة‬
‫للمراقبة المالية للدولة‪ ،‬حيث يعتبرون مسؤولين شخصيا وماليا عن أعمال المراقبة المقررة في النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وهم ملزمون أيضا بتقديم حسابات تسييرهم السنوي إلى المجلس األعلى للحسابات‪،‬‬

‫ونجد أيضا كتاب الضبط بالمحاكم المغربية‪ ،‬وقباض البريد والمحافظة العقارية‪ ،‬والمحاسبين المعتمدين‬
‫لدى الو ازرات المنفذين لميزانياتها كالتعليم والصحة وغيرها‪ .‬حيث يتم تعيين وكيل محاسب ينتمي إلى‬
‫القطاع المعني باألمر بقرار مشترك‪ "Arrêté conjointe" 91‬لوزير القطاع ووزير المالية أو مفوضه‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحاسبون بحكم الواقع "‪"Les comptables de fait‬‬

‫هذا النوع من األشخاص المتدخلة في مجال تنفيذ العمليات المالية العمومية ال تتوفر فيها‬

‫‪90‬‬
‫‪Instruction du Ministre des Finances du 15/12/1970 sur l'application du principe de la séparation entre‬‬
‫‪ordonnateurs et comptables et de la comptabilité à partie double aux recettes de l'enregistrement et de timbres.‬‬
‫‪ 91‬على سبيل المثال أنظر القرار المشترك لوزير التعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي ووزير االقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة حول‬
‫اقتراح تعييننا محاسبا للحي الجامعي بطنجة خلفا للمحاسب السابق بالملحق رقم ‪.01‬‬

‫‪55‬‬
‫الشروط القانونية‪ ،‬ورغم ذلك اعتبر المشرع هؤالء محاسبين بحكم الواقع أو محاسبين فعليين لحماية المال‬

‫العام بالدرجة األولى‪ ،‬و لتحديد هذا المفهوم ال بد من الرجوع إلى التعريف‪92‬الذي أعطاه المشرع المغربي‬
‫لهذا النوع من األشخاص‪ ،‬فالمحاسب الفعلي أو المحاسب بحكم الواقع هو كل شخص يتدخل في إنجاز‬
‫عمليات المداخيل أو النفقات أو مناولة قيم وسندات ولم تكن له صفة محاسب عمومي من الناحية‬
‫القانونية أو لم يعمل بهذه الصفة‪ ،‬حيث يعتبر محاسبا بمجرد قيام هذه األفعال وحدها ويخضع لنفس‬
‫االلتزامات ويتحمل نفس المسؤوليات الملقاة على عاتق المحاسبين العموميين‪ .‬ويعتبر محاسبا فعليا أيضا‬
‫الممونون الذين يوافقون إما على المبالغة في قدر قوائم الفاتورات أو تغيير محتوياتها فيعمدون إلى إقامة‬
‫‪93‬‬
‫حواالت صورية أو إثباتات مزيفة‪.‬‬

‫فهؤالء المحاسبين يباشرون من غير أن يؤهلوا لذلك من لدن السلطة المختصة عمليات قبض‬
‫الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك أحد األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة‬
‫المجلس األعلى للحسابات‪94‬أو المجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬

‫فالمحاسب بحكم الواقع وإن كان يثير إشكاالت بخصوص واقعه وتطبيقاته فإن مضمونه ال يثير إشكاالت‬
‫مفاهيمية‪ ،‬حيث تكون العمليات المالية من تنفيذ من ال يمتلك الصفة القانونية للقيام بممارسة هذا‬
‫هذه الحالة تطرح إشكاال قانونيا ويتمثل في أن القانون يعتبر هذه الحالة في األصل غير‬ ‫‪95‬‬
‫االختصاص‬
‫شرعية‪ ،‬وتتجلى في تصرف شخص غير مؤهل وال يحمل صفة محاسب عمومي‪ ،‬ولم يخوله القانون‬

‫صالحية القيام بهذه التصرفات‪ ،‬مما أثار جدال بين من يعتبر تضمين النص القانوني لهذه المقتضيات‬

‫بمثابة شرعنة عمل يعاقب عليه القانون‪ ،‬وهو انتحال صفة محاسب عمومي وكأنه يضع حماية قانونية‬
‫‪96‬‬
‫وهناك من يعتبرها حالة استثنائية جدا في حدود ضيقة قد تحدث عن حسن نية‪،‬‬ ‫لعمل غير مشروع‪.‬‬
‫وفي ظروف خاصة جدا ضمانا الستمرار المرفق العام‪ ،‬وإن كانت الظروف الحالية تستبعد حدوث مثل‬

‫حسب الفصل ‪ 16‬من النظام العام للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬التي اعتبرت أن" المحاسب بحكم الواقع كل شخص يقوم دون موجب قانوني‬ ‫‪92‬‬

‫بعمليات المداخيل و النفقات أو يتناول ‪"....‬‬


‫المادة ‪ 81‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.425‬صادر بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬المنظم للمراقبة المالية للدولة على المؤسسات العمومية‪ ،‬كما وقع‬ ‫‪93‬‬

‫تتميمه وتغييره بالقانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪.2003‬‬
‫المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 62.99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪95‬‬
‫‪BOUVIER (M) : "La gestion de fait", Revue française de finances publiques n°66, 1999, p : 2.‬‬
‫أنظر تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان بمجلس النواب حول مشروع قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية‬ ‫‪96‬‬

‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،62‬سلسلة نصوص ووثائق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪ 62 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪97‬‬
‫هذه الحاالت‪.‬‬

‫بعدما تطرقنا إلى فئة المحاسبين العموميين وأنواعهم‪ ،‬سوف نحاول معرفة خصائص وشروط‬
‫نظام تعيينهم في الفرع الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص نظام تعيين المحاسبين العموميين‬


‫‪98‬‬
‫إضافة إلى ما أقره‬ ‫إن ممارسة مهمة المحاسب العمومي تقتضي توفر مجموعة من الشروط‪،‬‬
‫الفصل ‪ 21‬من قانون الوظيفة العمومية‪ ،‬وهذه الشروط هي التي تبرر أهمية المنصب والمهام التي يقوم‬
‫بها هذا الموظف‪ ،‬وما يتطلبه ذلك من حرص ودقة في تدبير وصيانة المال العام‪ ،‬ويمكن تحديد هذه‬

‫الشروط من خالل الشروط الشكلية (الفقرة األولى)‪ ،‬وتتجلى في قرار التعيين‪ ،‬وأداء القسم أو اليمين‬
‫القانونية‪ ،‬ثم الشروط الموضوعية (الفقرة الثانية)‪ ،‬والتي تتجلى في ضرورة عقد تأمين المسؤولية عند‬
‫استالم المهمة وأولوية االمتياز القانوني على أموال المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط الشكلية لتولي مهمة المحاسب العمومي‬

‫تتمثل الشروط الشكلية لممارسة مهام المحاسبين العموميين في ضرورة التوفر على قرار‬
‫التعيين لشغل المهمة‪ ،‬إضافة إلى التزام معنوي يتمثل في أداء القسم أو اليمين القانونية قبل البدء في‬

‫ممارسة المهام‪.‬‬

‫أ‪ -‬قرار التعيين‪:‬‬

‫يعتبر قرار التعيين بالنسبة للمحاسبين العموميين بمثابة السند القانوني لممارسة المهام بصورة‬
‫‪99‬‬
‫مشروعة‪ ،‬ويجب أن يكون هذا القرار صاد ار إما عن وزير المالية أو مفوضه‪ ،‬أو بواسطة قرار مشترك‬
‫بين هذا األخير والوزير المعني بالقطاع الوزاري المعين به المحاسب العمومي‪ .‬ويشتمل قرار التعيين على‬
‫العديد من المعطيات والمعلومات الشخصية للمحاسب المعين بإطاره مثال وتاريخ سريان مفعول‬

‫‪97‬‬
‫‪BOUVIER (M) : "La gestion de fait …", op.cit, p : 2.‬‬
‫من بين هذه الشروط األخالقية والمهنية نذكر عدم الجمع بين مهام محاسب عمومي وأية وظيفة أو نشاط آخر يذر عليه ربحا أو عائدا ماليا‪ ،‬أو‬ ‫‪98‬‬

‫الجمع بين مهام أمر بالصرف ومحاس ب عمومي استنادا إلى قاعدة الفصل بين العمليات اإلدارية والعمليات المحاسبية‪ ،‬وكذا حفظ السر المهني‬
‫والحرص على سير المرفق العام بانتظام واضطراد‪ ،‬واحترام التسلسل اإلداري واالنضباط للسلطة اإلدارية والرئاسية‪.‬‬
‫أنظر نموذج تعيين المحاسب العمومي بالحي الجامعي بطنجة بالملحق رقم ‪.02‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪57‬‬
‫القرار‪100‬حيث يعتبر البداية الحقيقية لمسؤوليته عن تنفيذ األوامر الصادرة إليه من اآلمر بالصرف في‬

‫مجال تنفيذ الميزانية الموضوعة تحت تصرفه‪.‬‬

‫ويعتبر تاريخ التعيين ذا أهمية إدارية تتحدد من خالله المراحل التنفيذية‪ ،‬إذ من خالل هذا‬
‫التاريخ يبدأ مرحلة تسيير وتنفيذ المهام المنوطة بالمحاسب الجديد وتنتهي مرحلة المحاسب الذي غادر أو‬
‫أقيل أو تقاعد أو مات‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وبين المرحلة األولى والمرحلة الثانية تتم إجراءات تسليم المهام من مراجعة قيمة األموال والقيم‬
‫ومقارنتها مع العمليات المحاسبية ‪ L'écriture comptable‬قبل البدء في ممارسة العمل‪ ،‬حيث إذا ما‬

‫وجد المحاسب الجديد نقصا أو خطأ حسابيا عليه إعالم وزير المالية أو السلطة اإلدارية المختصة من‬
‫أجل القيام بالالزم وتسجيل التحفظ بشأن ذلك‪ .‬ففي التشريع المقارن نجد المشرع الفرنسي من خالل‬
‫الفصل ‪ 17‬من مرسوم ‪ 29‬شتنبر ‪ 1964‬المتعلق بتحديد آجال التحفظات قد حصر المدة في ‪ 6‬أشهر‬
‫إلبداء التحفظ‪ ،‬وبعد مرور هذه الفترة سيصبح المحاسب الجديد مسؤوال عن جميع عمليات المحاسبين‬
‫‪101‬‬
‫على عكس المشرع المغربي الذي لم يعمد إلى تحديد أجل التحفظات‪ ،‬إال أنه على‬ ‫الذين سبقوه‪،‬‬
‫عن الخازن العام‬ ‫‪102‬‬
‫المستوى العملي قد حدد هذه المدة في ثالثة أشهر قابلة للتمديد بقرار صادر‬
‫للمملكة‪ .‬ويرى األستاذ جورج بيكافي "‪ "Georges Picavet‬أن مسألة التحفظات التي قد يقدمها‬
‫‪103‬‬
‫منها ضياع الوقت الذي قد يستغل في تحصيل النفقات التي قد‬ ‫المحاسب الجديد لها سلبيات عديدة‬
‫تكون قريبة من السقوط بالتقادم‪ ،‬وضبط الحسابات‪.‬‬

‫ب‪ -‬أداء اليمين القانونية ‪:‬‬

‫يعد أداء اليمين إجراء أخالقيا الغاية منه خضوع المحاسبين للوازع األخالقي والديني ولسلطة‬
‫الضمير‪ 104،‬وذلك لتحريك أحد عناصر المسؤولية األخالقية لديهم وهو عنصر اإليمان‪ ،‬ويعتبر أداء‬

‫حسب المادة ‪ 3‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين ‪" :‬يعتبر كل‪ ...‬محاسب‬ ‫‪100‬‬

‫عمومي مسؤوال عن الق اررات التي اتخذها أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استالمه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها"‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫‪Jacques MAGNET : "Elément de la comptabilité publique", Edition L.G.D.J, Paris, 2001, p : 38.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪Note de service du Ministère des finances n°312 I.S.C du 4 mars 1982.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪D'après Georges PICAVET : "Ce dispositif est lourd à supporter… il y consacrera du temps négligeant peut‬‬
‫‪être des rôles proches de la prescription". La comptabilité publique, continuité et modernité, colloque de Bercy,‬‬
‫‪Edition Dalloz, 1995, p : 191.‬‬
‫‪ 104‬محمد خيري ‪" :‬األبعاد األخالقية للقسم في بعض المهن"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬ماي يونيو ‪ ،2000‬عدد ‪ ،82‬هيئة المحامين الدار البيضاء‪،‬‬
‫مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬ص ‪.19 :‬‬

‫‪58‬‬
‫اليمين االلتزام األخالقي األول الذي يتعين على المحاسبين العموميين القيام به قبل ممارسة المهام‪،‬‬

‫ويعتبر ضمانة معنوية الهدف منها الحرص وتفادي كل نزعة غير أخالقية للتالعب بالمال العام‪ .‬وقد‬
‫جاء تأكيد شرط أداء اليمين القانونية في ظهير ‪ 9‬نونبر ‪ 1942‬المتعلق بأداء قسم المحاسبين العموميين‪،‬‬
‫وكذلك الفصل ‪ 13‬من المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬والذي ينص على ما يلي ‪" :‬يجب‬
‫على المحاسبين العموميين أن يؤدوا قبل تنصيبهم في مركزهم المحاسبي األول‪ ،‬اليمين المنصوص عليها‬
‫في الظهير الشريف المؤرخ في فاتح ذي القعدة ‪( 1361‬الموافق لـ‪ 9‬نونبر ‪ )1942‬كما يتحتم عليهم أن‬
‫يقدموا بيانات عن تصرفهم"‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة لمرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬المنظم لمحاسبة الجماعات‬

‫المحلية وهيئاتها كما تم تتميمه وتغييره بالمرسوم الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬في مادته الخامسة عشرة‪.‬‬

‫ومنذ ‪ 1942‬وظهير ‪ 9‬نونبر ال يفي بالغرض فقد اعتراه بعض النقص خاصة فيما يتعلق‬
‫بتحديد محتوى ومضمون اليمين‪ ،‬وكذا الجهة المختصة بتلقي هذا اليمين‪ ،‬وأمام هذا الفراغ القانوني وما‬
‫‪ 1990‬لسد النقص والفراغ الذي اعترى ظهير ‪9‬‬ ‫‪105‬‬
‫خلفه من صعوبات تطبيقية صدر مرسوم ‪ 8‬فبراير‬
‫نونبر ‪ ،1942‬وقد أقر المشرع الفرنسي بدوره هذا االلتزام طبقا للفصل ‪ 17‬من مرسوم ‪ 29‬دجنبر ‪1962‬‬
‫‪106‬‬
‫المنظم للمحاسبة العمومية الفرنسي‪.‬‬

‫كما أن مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬قد وحد صيغة اليمين القانونية لمختلف المحاسبين العموميين‬
‫وأصبحت على الصيغة التالية‪" :107‬أقسم باهلل العظيم أن أدير بصدق وأمانة األموال والقيم المودعة لدي‪،‬‬
‫وأن أتقيد بالقوانين واألنظمة التي تستهدف السهر على حصانة هذه األموال والقيم واستعمالها بصورة‬

‫مشروعة"‪.‬‬

‫فهذه الصيغة تبرز الغاية من أداء اليمين أو القسم وتتجلى في الغاية الدينية والتي تربط االلتزام‬
‫بالقسم باهلل وتحري الصدق واألمانة‪ ،‬والغاية األخالقية يترجمها الحرص على التقيد بالمشروعية القانونية‬

‫في حفظ وصيانة المال العام والقيم والسندات المودعة لدى المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.88.485‬صادر في ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بتطبيق ظهير ‪ 9‬نونبر ‪ 1942‬الخاص بأداء اليمين من طرف المحاسبين‬ ‫‪105‬‬

‫العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4036‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪.1990‬‬


‫‪106‬‬
‫‪L'article 17 du Décret du 29 décembre 1962 stipule que : "Les comptables publics sont avant d'être installer‬‬
‫‪dans leurs postes comptables astreints à la constitution de la garantie et à la prestation d'un serment".‬‬
‫‪ 107‬المادة ‪ 2‬من مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بتطبيق ظهير ‪ 9‬نونبر ‪.1942‬‬

‫‪59‬‬
‫وقد فرض المشرع المغربي على المحاسبين أداء اليمين في ظل ظهير ‪ ،1942‬أمام عامل‬

‫العمالة أو اإلقليم حيث يحرر محض ار بهذا األداء‪ ،‬وكان الخازن العام يؤدي اليمين بين يدي جاللة الملك‬
‫مباشرة عندما يتسلم ظهير تعيينه‪ .‬وكل هذه اإلجراءات باءت بالفشل ووجهت لها انتقادات شتى‪ ،‬حيث ال‬
‫يعقل لمحاسب عمومي الذي يشترط فيه الحفاظ على المال العام والمراقب لآلمر بالصرف قبل أداء النفقة‬
‫العمومية‪ ،‬وفي الحالة التي يكون الوالي أو العامل هو اآلمر بالصرف بأداء اليمين بين يدي هذا األخير‪.‬‬
‫وهذا ما كان يكرس عدم التوازن في مجال مراقبة المال العام ما بين المحاسب العمومي واآلمر بالصرف‬
‫مما‬ ‫‪108‬‬
‫المؤدى أمامه القسم‪ ،‬مادام منفذ الميزانية هو العامل أو الوالي في ظل عدم توازن العالقة بينهما‪،‬‬

‫ينعكس بصورة عكسية على مستوى الممارسة خصوصا في ظل غياب نظام أساسي لوظيفة المحاسب‬
‫العمومي في التشريع المغربي‪.‬‬

‫وبصدور مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬تبدد هذا التناقض وأصبح المحاسبون العموميون غير‬
‫المعينين بظهير شريف يؤدون اليمين أمام الرئيس األول لمحكمة االستئناف إن كانت موجودة بالمدينة‬
‫التي يزاول بها المحاسب مهامه‪ ،‬وإال أمام رئيس المحكمة االبتدائية التي يزاول بدائرة نفوذها اختصاصه‪.‬‬
‫كما يجب على المحاسبين العموميين الممارسين لمهامهم بالقنصليات والسفارات بالخارج أن يقوموا بهذا‬
‫اإلجراء أمام الرئيس األول لمحكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬وتظل اليمين بعد أدائها صالحة طوال مدة مزاولة‬
‫المحاسب لمهامه‪.‬‬

‫وبعد أداء اليمين يقوم القاضي بتثبيت أداء اليمين في مقرر يحرر في محضر يدرج في‬

‫محفوظات كتابة الضبط التابعة للمحكمة التي وقع فيها أداء اليمين‪ ،‬وتوجه نسخة من محضر أداء اليمين‬
‫بدون مصاريف إلى كل من المحاسب المحلف ورئيسه‪.‬‬

‫ويعتبر تغيير الجهة التي كانت تؤدى أمامها اليمين القانونية أو القسم من الجهة اإلدارية‬

‫الممثلة في العامل إلى الجهة القضائية الممثلة في المحاكم تطور مهم وجوهري من أجل دعم الضمانات‬
‫المزدوجة الممنوحة للمحاسبين ولل دولة لتأكيد الحرص على حماية المال العام وعدم التأثير عن موضوعية‬

‫أنظر حول هذه النقطة مقال منشور بعدد خاص لنشرة جمعية المحاسبين العموميين للخزينة العامة للمملكة حول موضوع‪" :‬مسؤولية المحاسب‬ ‫‪108‬‬

‫العمومي ‪ :‬اإلكراهات والرهانات" بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪ ،2000‬ص ‪ ، 17-10 :‬حيث جسد الحالة قابض محلي بالقول ‪..." :‬فعالقة القوة بين المحاسب‬
‫العمومي والعا مل غير متوازنة‪ ،‬وكل معارضة من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة انتحارية‪ ...‬بل إن أي تفريط من جانب المحاسب العمومي غالبا ما‬
‫يكون على حساب مستقبله المهني‪ ،‬ومسؤوليته الشخصية والمالية"‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫المحاسب العمومي‪ .‬وفي القانون المقارن نجد في فرنسا وحسب مقتضيات قانون ‪ 2‬مارس ‪ 1982‬الخاص‬

‫بحريات وحقوق الجماعات المحلية‪ ،‬حيث يقوم المحاسبون العموميون بأداء القسم أمام الغرف الجهوية‬
‫للحسابات على المستوى المحلي‪ ،‬أما باقي المحاسبين العاملين بالميزانيات الملحقة فيكون أداء القسم أمام‬
‫مح كمة الحسابات وهذا التوجه هو توجه موضوعي خاصة في ظل االختصاصات المسندة لهذا النوع من‬
‫‪109‬‬
‫المالية‪.‬‬ ‫المحاكم‬

‫إال أن التساؤل الذي يمكن أن يطرح في هذا الصدد هو في حالة تأخر المحاسب العمومي في أداء القسم‬
‫‪110‬‬
‫هذه المسؤولية ؟‬ ‫خالل ‪ 6‬أشهر‪ ،‬هل تترتب عنه المسؤولية ؟ وإذا كان الجواب بنعم ما هي حدود‬

‫فلإلجابة عن هذا التساؤل يمكن التذكير بالمالحظات التالية‪ ،‬وهي أن المشرع المغربي قد‬
‫أحدث جزاءات عقابية نص عليها في الفصل ‪ 261‬من القانون الجنائي المغربي‪ ،‬في حالة عدم القيام بهذا‬
‫االلتزام‪ ،‬وهو التزام عام وهو كما يلي ‪" :‬كل قاض أو موظف عمومي يلزمه القانون بأداء يمين مهنية بدأ‬
‫في مزاولة مهامه قبل أداء تلك اليمين‪ ،‬في غير حالة الضرورة‪ ،‬يعاقب بالغرامة من مائتين إلى خمسمائة‬
‫درهم"‪.‬‬

‫والمالحظة الثانية فإنها تتسم بالواقعية‪ ،‬وتتمثل في أن كثرة اإلجراءات التي يتعين على‬

‫المحاسبين العموميين القيام بها عند التحاقهم بمهامهم‪ ،‬قد تؤخر القيام بهذا اإلجراء الذي يظل في كل‬
‫األحوال إجراء شكليا وجوهريا في نفس الوقت‪ ،‬أما اإلشكال اآلخر الذي يطرح بالنسبة للمحاسبين الفعليين‬
‫أو المحاسبين بحكم الواقع الذين يتدخلون في تدبير المال العام دون سند قانوني ولم يصدر بشأنهم أي‬
‫‪111‬‬
‫وقد‬ ‫قرار تعيين‪ ،‬ومع ذلك فالتزاماتهم تعتبر أعماال مشروعة وفق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي‪.‬‬
‫كان مجلس الدولة الفرنسي سباقا إلى هذه الحالة سواء في الظروف العادية أو الظروف االستثنائية‪ ،‬أما‬
‫المشرع المغربي فلم يشر ال من قريب وال من بعيد إلى مسألة الموظف الفعلي في نظام الوظيفة العمومية‪،‬‬

‫بل أشار إلى ذلك فقط في الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬الذي منح صفة‬

‫إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي في التشريع المغربي"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن‬ ‫‪109‬‬

‫الثاني ‪ ،2003-2002‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.87 :‬‬


‫حول هذه النقطة يراجع القرار رقم ‪ 40‬الصادر عن الغرفة األولى بالمجلس األعلى للحسابات بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ 1993‬ملف رقم ‪ ،93/40‬قرار‬ ‫‪110‬‬

‫غير منشور‪.‬‬
‫يراجع في هذا الشأن د‪.‬مليكة الصروخ ‪" :‬النظام القانوني للموظف العمومي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1994 ،‬ص ‪-110 :‬‬ ‫‪111‬‬

‫‪ ،111‬وكذلك عبد القادر باينة ‪" :‬الموظفون العموميون في المغرب"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2002 ،‬ص ‪.21 :‬‬

‫‪61‬‬
‫محاسبين فعليين لألشخاص أو الموظفين العموميين الذين يتدخلون في تسيير المال العام بدون سند‬

‫قانوني حيث نص على أنه ‪" :‬يعتبر محاسبا بحكم الواقع كل شخص يقوم دون موجب قانوني بعمليات‬
‫المداخيل والنفقات‪ ،‬أو يتعامل بقيم تهم هيئة عمومية‪ ،‬بصرف النظر عن المقتضيات المعمول بها‪،‬‬
‫وتجري على الشخص المعتبر محاسبا بحكم الواقع نفس االلتزامات والمراقبات الجارية على محاسب‬
‫عمومي‪ ،‬ويتحمل نفس المسؤوليات"‪ .‬فهذا الفصل أكد على شرعية األعمال الحسابية والمالية المنجزة من‬
‫طرف الموظفين الفعليين كما أكد على قواعد مساءلتهم كباقي المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الموضوعية لتولي مهمة المحاسب العمومي‬

‫باإلضافة إلى قرار التعيين وأداء اليمين الواجب توفرهما في الشروط الشكلية لتولي مهمة‬
‫"محاسب عمومي"‪ ،‬البد من توفر شروط أخرى موضوعية نص عليها المشرع المغربي‪ ،‬وكذا المشرع‬
‫الفرنسي في قانون ‪ 1908‬حيث أنه ال يمكن ألي شخص مرسم في وظيفة محاسب لألموال العامة مباشرة‬
‫مهامه‪ ،‬إال بعد أن يثبت أنه قدم الضمان المالي الذي هو ملزم به ويتمثل في ضرورة عقد تأمين على‬
‫المسؤولية المالية (أ)‪ ،‬كما أن للدولة أحقية االمتياز على األموال المنقولة للمحاسب العمومي ووضع رهن‬
‫رسمي على ممتلكاته العقارية من أجل ضمان حماية أكبر للمال العام (ب)‪.‬‬

‫‪ 1117‬من قانون االلتزامات‬ ‫‪112‬‬


‫فالضمان المالي على عكس الضمان القانوني نظمته المادة‬
‫والعقود‪ ،‬والمقصود بهذا المفهوم هو إيداع جزء من األموال كي تستخدم كضمان لجبر بعض األخطاء‬
‫والتجاوزات واالختالسات المحتملة‪ ،‬وذلك باكتتاب المحاسب العمومي لدى شركة للضمان المتبادل أو‬

‫شركة للتأمين مقبولة من طرف وزير المالية‪ ،‬فتحل الشركة محل المحاسب فيما يخص تكوين الضمان‬
‫المالي‪ ،‬وبذلك تكون هي المسؤولة في دفع المبالغ الالزمة في حالة وقوع ما من شأنه اإلضرار بالمال‬
‫العام الذي قد يتسبب فيه المحاسب العمومي‪.‬‬

‫أ‪ -‬الضمان المالي ‪la caution financière :‬‬

‫يتعين على المحاسبين العموميين بمجرد استالم مهامهم إبرام عقد تأمين بصفة فردية أو‬

‫‪112‬‬
‫‪L'article 1117 déclare que :" Le cautionnement est un contrat par lequel une personne s'oblige envers le‬‬
‫‪créancier à satisfaire à l'obligation du débiteur, si celui-ci n'y satisfait pas lui-même".‬‬
‫المادة ‪ 1117‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي لسنة ‪ ،1913‬منشورة بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪( 1913‬النسخة الفرنسية)‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫جماعية لدى شركات أو مقاوالت للتأمين المعتمدة لدى وزير المالية‪ ،‬ليضمنوا من خالل مدة مزاولتهم‬

‫لمهام المسؤولية الشخصية والمالية‪ ،‬وقد فرض المشرع المغربي في إطار الحماية المالية هذا الشرط‬
‫لوضع حد ألي خطر قد ينتج عن ضياع أو إتالف أو سرقة األموال العمومية أو القيم المعهود إليهم‬
‫بحراستها أو ثبوت عجز في حساباتهم‪ ،‬والتصريح بمديونيتهم مقابل تحمل المحاسبين العموميين ألقساط‬
‫التأمين السنوية‪ ،‬ويرجع خضوع المحاسبين لشكلية تكوين الضمان المالي إلى فترة الحماية من خالل‬
‫ظهير ‪ 4‬يونيو ‪ 1915‬المنظم لمصالح المحافظة على الملكية العقارية‪ ،‬وظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1916‬المحدد‬
‫لراتب وكفالة الخازن العام للمملكة‪ ،‬ثم جاء بعد ذلك ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1925‬المتعلق بكفالة المحاسبين‬

‫العموميين‪.‬‬

‫ونجد في القانون المقارن‪ ،‬وعلى سبيل المثال في فرنسا يقوم المحاسبون العموميون قبل ولوج‬
‫‪113‬‬
‫فمن خالل‬ ‫المهمة بدفع مبلغ مالي إلى إحدى صناديق الدولة أو تقديم كفالة كيفما كانت طبيعتها‪،‬‬
‫قانون ‪ 26‬دجنبر ‪ 1908‬أصبح مرخصا للمحاسبين العموميين المشاركة في جمعيات تعاضدية مرخص‬
‫لها من قبل وزير المالية‪ ،‬حيث يحدد مبلغ الكفالة بقرار من هذا األخير‪ ،‬وال يتم إرجاع مبلغ الكفالة أو‬
‫‪114‬‬
‫حيث يتم تقسيم الكفالة على دفعتين يسترد في‬ ‫تبديله إال بعد الحصول على شهادة اإلبراء النهائية‪،‬‬
‫األولى الثلثين (‪ )3/2‬من الضمان بعد أن يقدم شهادة إبراء الذمة مسلمة من المحاكم المالية أو من‬
‫الخازن العام حسب الحاالت‪ ،‬أما الثلث (‪ )3/1‬المتبقي فال يستطيع المحاسب استرداده إال بعد تصفية‬
‫آخر حساب له دون أن يثبت عجز أو نقصان في حسابه أو يصرح بمديونيته‪ .‬فالمؤاخذة التي يمكن‬

‫تسجيلها على الضمان المالي‪ ،‬هي أنه إجراء عسير يصعب تطبيقه في كل األحوال‪ ،‬لكونه ال يترك‬
‫الفرصة في وجه الموظفين غير الميسورين لتحمل مسؤولية المحاسب العمومي مادام أن ولوج هذا‬
‫المنصب مشروط بدفع كفالة مالية أو ضمان بمبالغ تتجاوز في غالب األحيان اإلمكانيات المالية‬

‫للمحاسبين المؤهلين لتولي هذه المهمة‪.‬‬

‫وأمام هذه الصعوبة‪ ،‬جاء مرسوم ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬لحل هذه اإلشكالية الصعبة وذلك بالتخفيف‬
‫من حدة هذا االلتزام‪ ،‬حيث أصبح بإمكان المحاسبين تشكيل ضمان مالي لدى شركات للضمان المتبادل‪،‬‬

‫لكن سرعان ما تخلى المشرع عن هذا الضمان المتبادل بعد صدور قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية‬

‫‪113‬‬
‫‪Lino DIQUAL : "Droit de la comptabilité publique", Edition Armand Colin, paris, 1971, p : 24.‬‬
‫‪114‬‬
‫‪Jean Claude MARTINEZ, Pierre DIMALTA : "Droit budgétaire", Edition Litec, 1988, p : 710.‬‬

‫‪63‬‬
‫اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬حيث نص على ضرورة إبرام عقد تأمين بصفة فردية‬
‫‪115‬‬
‫ويخصص هذا الضمان لتغطية أخطاء المحاسبين‬ ‫أو جماعية لدى شركات أو مقاوالت تأمين معتمدة‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫كما‬ ‫الناتجة عن التسيير في الزمان والمكان‪ ،‬ويمثل هذا اإلجراء رادعا حقيقيا لكل تدبير غير سليم‪،‬‬
‫يخصص أيضا لتسديد الديون المستحقة للغير بعد تصفية ديون الخزينة العامة والجماعات الترابية‬
‫‪117‬‬
‫والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫هذا على مستوى النص القانوني‪ ،‬أما على مستوى الممارسة العملية‪ ،‬فلم يثبت أن قام أي‬
‫محاسب عمومي بتشكيل الضمان المنصوص عليه في ظهير ‪ 1925‬أو غيره‪ ،‬وحتى ق اررات التعيين‬
‫‪118‬‬
‫أصبحت تكتفي بالتنصيص على تكوين الضمان دون تحديد مبلغه وال صيغة تشكيله‪.‬‬

‫ولتجاوز هذه العقبات لجأ الخازن العام إلى توقيع عقد تأمين مع الشركة الملكية للتأمين بتاريخ‬
‫‪ 14‬يناير ‪ 1965‬كما تم تعديله بموجب عقدة إضافية سنة ‪ 1974‬ومن تم أصبح الخازن العام مؤمنا ليس‬
‫فلم يعد يشمل عقد التأمين الخازن العام في شخصه أو في‬ ‫‪119‬‬
‫بصفة شخصية‪ ،‬ولكن بصفة موضوعية‪،‬‬
‫منصبه‪ ،‬وإنما في وظيفته‪ ،‬ويشمل أيضا جميع األشخاص الذين يمارسون مهامهم تحت مسؤولية الخازن‬
‫‪120‬‬
‫العام للمملكة بصفته المحاسب السامي مهما اختلفت درجة هؤالء المحاسبين‪.‬‬

‫وبحلول سنة ‪ 1990‬تم إبرام عقد تأمين مماثل لفائدة جميع محاسبي الخزينة العامة للمملكة‬
‫ويتعلق األمر بعقد نموذجي تلتزم بمقتضاه الشركة الملكية للتأمين بتشكيل ضمان يخصص لتعويض‬
‫األجهزة العمومية عن الخسائر التي قد تنتج عن تسيير المحاسبين العموميين أو عن العجز الحاصل‬

‫بالصندوق المسؤولين عن تدبير أمواله مقابل أقساط تدفع للشركة المعنية يتم اقتطاعها من عالواتهم‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪115‬‬

‫إبراهيم الحرثي ويوسف كنترة ‪" :‬التدبير المالي الجماعي ‪ -‬دور القابض واآلمر بالصرف‪ ،" -‬تقرير نهاية التدريب‪ ،‬سلك الكتاب العامين‬ ‫‪116‬‬

‫للجماعات المحلية‪ ،‬فوج ‪ ،98-97‬مركز التكوين اإلداري‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.44 :‬‬
‫‪117‬‬
‫‪L'article 5 du Dahir du 20 Avril 1925 sur le cautionnement des comptables publics.‬‬
‫‪118‬‬
‫‪Meddah Mustapha : "Le comptable public, son statut et sa responsabilité", Mémoire du cycle supérieur de‬‬
‫‪l'ENAP, Rabat, 1981, p : 158.‬‬
‫‪ 119‬الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي في مجال تنفيذ الميزانية‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق بوجدة‪ ،‬جامعة محمد األول ‪ 2004-2003‬ص ‪.61 :‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ADAOUI Zineb : "Le contrôle de la régularité du finance publique exercé par la cour des comptes‬‬
‫‪marocaine", Mémoire de D.E.S, Faculté de droit, Université Mohamed V, Rabat, 1991, p : 94.‬‬
‫‪121‬‬
‫‪Police d'assurance n°90-200-075 du 1er janvier 1990 souscrite entre T.G.R et la compagnie royale marocaine‬‬
‫‪d'assurance, pour le compte des comptables du Trésor.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪122‬‬
‫رقم ‪ 2.03.602‬الصادر في ‪24‬‬ ‫ويمكن إجمال المخاطر المؤمن ضدها حسب المرسوم‬

‫يونيو ‪ 2004‬بتطبيق المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 61.99‬السابق الذكر‪ ،‬وخصوصا الفقرة الثانية المتعلقة‬
‫بضياع أو إتالف أو سرقة أو إحراق األموال والقيم الموجودة داخل الصندوق الحديدي أو خارجه‪ ،‬وكذا‬
‫االختالس أو خيانة األمانة أو األخطاء المادية أو التزوير في الحسابات أو النصب‪ ،‬وكل األفعال‬
‫اإلجرامية األخرى التي قد يكون المحاسب ضحية لها‪ .‬باإلضافة إلى مديونية المحاسب ومسؤوليته المدنية‬
‫‪123‬‬
‫عن نقل األموال والقيم في حالة عدم لجوء اإلدارة إلى مقاولة متخصصة في ذلك‪.‬‬

‫إال أنه تستثنى من دائرة التأمين السرقات التي يقوم بها أو يشارك فيها األعوان المكلفون بنقل‬

‫األموال أو يكون مصدرها أشخاص اقترحهم المحاسب وكان على علم بسوابقهم في القيام بسرقات أو بأي‬
‫عمل إجرامي آخر‪ ،‬وكذا المخاطر الناجمة عن الحروب أو الكوارث الطبيعية أو البيئية أو األعمال‬
‫‪124‬‬
‫اإلرهابية أو التخريبية‪.‬‬

‫ويخضع تحديد مبلغ التعويض الممنوح عن كل ضرر أو خطر خالل كل سنة في مبالغ‬
‫تتفاوت قيمتها بحسب أهمية المركز والمنصب المحاسبي‪ .‬والجدول التالي يفصل كل فئات المحاسبين‬
‫‪125‬‬
‫والحدود الدنيا للمبالغ المؤمن عنها حسب طبيعة المخاطر‪.‬‬
‫الحدود الدنيا للمبالغ المؤمن عنها حسب طبيعة المخاطر‬
‫االختالس أو خيانة األمانة أو‬
‫والقيم*‬ ‫المحاسبين‬ ‫السرقة والحريق خارج األخطاء المادية أو التزوير في مديونية‬ ‫السرقة والحريق داخل‬ ‫فئات المحاسبين‬
‫نقل األموال‬
‫الحسابات أو النصب واألفعال والمسؤولية المدنية‬ ‫الصندوق الحديدي‬ ‫الصندوق الحديدي‬
‫اإلجرامية األخرى‬
‫‪-‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الخازن العام للمملكة‬
‫‪-‬‬ ‫‪2.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪500.000,00‬‬ ‫‪2.000.000,00‬‬ ‫الخازن الرئيسي‬
‫‪-‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫مؤدي األجور الرئيسي‬
‫األعوان المحاسبون لدى المؤسسات**‬
‫‪-‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1.000.000.00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫خازن الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‬
‫المؤدون واألعوان المحاسبون لدى‬
‫‪100.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪50.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬
‫الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‪.‬‬
‫الخزنة الجهويون وخزنة العماالت‬
‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪2.000.000.00‬‬ ‫والخزنة اإلقليميون‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.03.602‬صادر في ‪ 24‬يونيو ‪ 2004‬المتعلق بتطبيق المادة ‪ 9‬من قانون ‪ 61-99‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5230‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪.2004‬‬ ‫‪122‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.09.97‬صادر في ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2010‬بتطبيق القانون رقم ‪ 27.06‬المتعلق بأعمال الحراسة ونقل األموال‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪5888‬‬ ‫‪123‬‬

‫بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪.2010‬‬


‫البند الخامس من اتفاقية فاتح يناير ‪ 1990‬المتعلق بتأمين محاسبي الخزينة العامة ضد مخاطر التسيير‪.‬‬ ‫‪124‬‬

‫اانظر ملحق المرسوم رقم ‪ 2.03.602‬الصادر في ‪ 24‬يونيو ‪ ، 2004‬م‪.‬س‬ ‫‪125‬‬

‫*‬
‫باستثناء المراكز المحاسبية التابعة للدوائر المالية التي أسندت فيها اإلدارة مهمة نقل األموال لمقدم خدمات خارجي‪.‬‬
‫األعوان المحاسبون لدى المجلس األعلى للحسابات والمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية حاليا) ومن هم في حكمهما‪.‬‬ ‫**‬

‫‪65‬‬
‫الصنف األول‬ ‫•‬
‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪150.000,00‬‬ ‫‪1.500.000,00‬‬
‫الصنف الثاني‬ ‫•‬
‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪180.000,00‬‬ ‫‪1.800.000,00‬‬ ‫المراكز األخرى‬ ‫•‬
‫القباض والقباض الجماعيون وقباض‬
‫الجهة‬
‫‪500.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪1.000.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫‪500.000,00‬‬ ‫• الصنف األول‬
‫‪500.000,00‬‬ ‫‪750.000,00‬‬ ‫‪750.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫• الصنف الثاني‬
‫‪500.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫‪500.000,00‬‬ ‫قباض التسجيل والتمبر‬
‫قباض الجمارك والضرائب غير‬
‫‪600.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫‪600.000,00‬‬
‫المباشرة‬
‫‪50.000,00‬‬ ‫‪50.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪50.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫كتاب الضبط لدى محاكم المملكة‬
‫‪20.000,00‬‬ ‫‪20.000,00‬‬ ‫‪200.000,00‬‬ ‫‪20.000,00‬‬ ‫‪50.000,00‬‬ ‫شسيعو النفقات‬
‫‪10.000,00‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫شسيعو المداخيل‬
‫‪20.000,00‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪10.000,00‬‬ ‫‪20.000,00‬‬ ‫المؤدون المنتدبون‬
‫‪50.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫‪30.000,00‬‬ ‫‪100.000,00‬‬ ‫الشسيعون الدبلوماسيون والقنصليون‬
‫األعوان المحاسبون لدى المؤسسات‬
‫‪-‬‬ ‫‪500.000,00‬‬ ‫‪500.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬ ‫‪250.000,00‬‬
‫والمقاوالت العمومية‬

‫المصدر ‪ :‬ملحق المرسوم رقم ‪ 2.03.602‬الصادر في ‪ 24‬يونيو ‪ 2004‬حول التأمين ضد المخاطر‪.‬‬

‫إال أن المحاسبين العموميين الذين أبرموا عقد التأمين قبل دخول هذا المرسوم حيز التطبيق‪،‬‬
‫يمكن لهم خالل ثالثة أشهر تصحيح عقد تأمينهم ومطابقته مع المقتضيات القانونية الجاري بها العمل‪،‬‬
‫كما يعطي أيضا للمحاسبين الذين لم يبرموا بعد عقد تأمين أجل ستة (‪ )6‬أشهر للتقيد بمقتضيات نفس‬
‫المرسوم المشار إليه أعاله‪.‬‬

‫ب‪ -‬حق االمتياز القانوني ‪:‬‬

‫لقد نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 1243‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن االمتياز ‪" :‬حق أولوية‬
‫يمنحها القانون على أموال المدين لسبب في الدين"‪ ،‬فحق االمتياز يعتبر حقا عينيا يقرره القانون لضمان‬
‫الوفاء بدين معين‪ ،‬وذلك لصفة في الدين وهذا الحق يخول الدائن استيفاء دينه من قدر األموال المستقلة‬
‫له باألفضلية على غيره من الدائنين حتى على أصحاب التأمينات أنفسهم‪ ،‬فاالمتياز مقرر بنص قانوني‪،‬‬
‫‪126‬‬
‫إنشاء امتياز قانوني على أموال المحاسبين وذلك كضمانة على‬ ‫حيث أقر ظهير ‪ 26‬فبراير ‪1915‬‬
‫إمكانية تحصيل باقي الحساب الذي يبقى في ذمة المحاسبين‪ ،‬كما ينص الفصل ‪ 14‬من المرسوم الملكي‬
‫الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬يجري على المحاسبين العموميين االمتياز المحدث بمقتضى‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 26‬فبراير ‪ 1915‬باستخالص الباقي في ذمة المحاسبين"‪ .‬ويشمل االمتياز‬
‫القانوني كافة أموال المحاسبين والمنقوالت المتواجدة بالسكنى حتى وإن كانت في ملكية زوجته‪ ،‬وال تستثنى‬

‫‪126‬‬
‫‪Dahir du 28 février 1915 concernant le recouvrement des débets des comptables. B.O. du 29 mars 1915, p :‬‬
‫‪150.‬‬

‫‪66‬‬
‫األموال التي هي في ملكية الزوجة من هذا االمتياز الموقع على المحاسب إال إذا أثبتت هذه األخيرة أنها‬

‫قد تمكنت من الحصول عليها من أموالها الخاصة من إرث أو منافع أخرى قبل زواجها من المحاسب‬
‫الذي وقع االمتياز على أمواله‪.‬‬

‫ويهدف امتداد هذا الحق إلى أموال الزوجات إلى توسيع وعاء الضمان المعترف به لفائدة‬
‫الدولة ومجموعاتها حتى ال يتم إبعاد هذه األموال من دائرة األشياء التي يقع عليها امتياز الدولة‪ .‬ورغم‬
‫خطورة هذا االمتياز على المحاسبين وذويهم‪ ،‬فالبعض ما زال يؤكد على عدم كفاية الضمان المالي‪،‬‬
‫مقترحين توسعه ليشمل حتى األمالك العقارية التي تعتبر الضمانة الحقيقية الستخالص مبالغ األخطار‬

‫المضمونة تفاديا لتجاوز الديون ألموال المحاسبين المنقولة‪ ،‬أو نتيجة ألخطائهم المالية ذات القيمة الكبيرة‪.‬‬
‫على أموال هؤالء‪ .‬وبذلك يكون المشرع المغربي قد حذا حذو‬ ‫‪127‬‬
‫ولهذا فرض المشرع المغربي الرهن‬
‫المشرع الفرنسي الذي اعتبر الرهن الرسمي الواقع على األموال العقارية للمحاسبين العموميين رهنا قانونيا‬
‫‪128‬‬
‫وال‬ ‫يتم تقييده لمجرد التعيين في المهمة‪ ،‬وهي مسألة ذات أهمية كبيرة في مجال حماية المال العام‪،‬‬
‫تتوقف على ضرورة صدور قرار من المجلس األعلى للحسابات يدين المحاسب العمومي كما هو الشأن‬
‫‪129‬‬
‫في التشريع المغربي‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يمكن اعتبار التصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬الذي حدد فئات الموظفين‬
‫واألعوان العموميين الخاضعين له بمثابة ضمانة واضحة حول حماية المال العام ومرآة تعكس أموال‬
‫وعقارات ومنقوالت سواء المحاسبين أو غيرهم‪ .‬فهذا القانون لو فعل بشكل عام‪ ،‬فسوف يضمن حقوق‬

‫الدائنين ومنها ديون الخزينة‪ ،‬وسوف لن يكون لدى المحاسبين العموميين أي مبرر للتملص من المسؤولية‬
‫أو االدعاء بالعسر واإلعفاء من األداء في حاالت ارتكاب أخطاء توجب المسؤولية‪.‬هذا فيما يخص‬
‫االنظمة القانونية لآلمرين بالصرف و المحاسبين فيما يتعلق بتولي المهمة في مجال تنفيذ الميزانية ‪،‬‬

‫فماذا عن صالحيات وسلطات هؤالء؟ و هو ما سيكون محور المبحث الموالي‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫‪Circulaire conjointe du Ministère de l'agriculture du développement rural et des eaux et forêts, Ministère de‬‬
‫‪l'économie, des finances, de la privatisation et du tourisme relative à l'hypothèque du Trésor n°25 (25 mars‬‬
‫‪2002).‬‬
‫‪128‬‬
‫‪DIQUAL (L) : "Droit de la comptabilité…", op.cit, p : 224.‬‬
‫‪ 129‬إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب"‪ ................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.99 :‬‬

‫‪67‬‬
‫الـمبحث الثاني‪ :‬سلطات وصالحيات اآلمرين بالصرف والـمحاسبين العموميين‬

‫لقد أكد المشرع المغربي من خالل الفصل الثالث من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم‬
‫للمحاسبة العمومية على مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬وحدد‬
‫اختصاصات كل طرف على حدة فيما يخص التدخالت في العمليات المالية والمحاسبية على مستوى‬

‫المداخيل أو على مستوى النفقات‪ ،‬كما حدد أيضا من خالل مرسوم ‪ 30‬دجنبر ‪ 1975‬المتعلق بمراقبة‬
‫االلتزام بالنفقات كما وقع تتميمه وتغييره اختصاصات مراقبي االلتزام بالنفقات العامة الطرف الثالث في‬
‫العمليات المالية والمحاسبية‪ ،‬إال أنه بحلول سنة ‪ 2006‬تم إلحاق هذه المؤسسة بالخزينة العامة للمملكة‬
‫‪130‬‬
‫وتحويل اختصاصات المراقب العام لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة‪.‬‬

‫فالميزانية العامة فيما يخص التنفيذ تتميز بطبيعة مزدوجة‪ ،‬األولى ذات طبيعة إدارية تكون من‬
‫اختصاص اآلمرين بالصرف‪ ،‬والثانية ذات طبيعة فنية محاسبية تكون من اختصاص المحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬وقد جعلت هذه االزدواجية في مجال تنفيذ الميزانية سواء على مستوى المداخيل أو على‬
‫مستوى النفقات تخضع لمبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف من جهة ومهام المحاسبين العموميين من‬
‫فال يجوز قانونا لموظف واحد أن يجمع بين‬ ‫‪131‬‬
‫جهة ثانية باستثناء ما نص عليه القانون بصريح العبارة‪.‬‬
‫الوظيفة اإلدارية التي تختص بتحديد وحصر النفقة أو المدخول ثم تصفيته فاألمر بأدائه وبين الوظيفة‬
‫المحاسبية التي تختص بتدقيق المراقبة قبل التحصيل أو أداء الديون‪ .‬ويعتبر هذا المبدأ قديم جدا ظهر‬
‫في فرنسا منذ سنة ‪ 1822‬وكان يؤكد على أن قرار تنفيذ أي نفقة يمر عبر سلطة تختلف عن السلطة‬
‫‪132‬‬
‫التي أمرت بها‪.‬‬

‫فمن خالل المطلبين التاليين سوف نقف على نطاق مبدأ الفصل بين مهام اآلمر بالصرف‬

‫تم بمرسوم رقم ‪ 2.06.52‬صادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬الذي يقضي بإلحاق المرافق العامة لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة‪،‬‬ ‫‪130‬‬

‫وبتحويل اختصاصات المراقب العام لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬
‫ينص الفصل الرابع من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬ال يجمع بين مهام آمر بالصرف ومهام محاسب ما عدا إذا كانت هناك‬ ‫‪131‬‬

‫مقتضيات مخالفة لذلك"‪.‬‬


‫‪132‬‬
‫‪Evelyne Williame : "Préparation et exécution du budget de la cour constitutionnelle, atelier : Le budget de la‬‬
‫‪cour constitutionnelle, contrôle et gestion", Kiew UKRAINE, 19-21 Janvier 1998, p : 7.‬‬
‫‪D'après L. TROTABAS qui expose que : "L'organisation des services d'exécution du budget est dominée par la‬‬
‫‪séparation des fonctions d'administrateurs, chargés de provoquer les opérations budgétaires, et des comptables,‬‬
‫‪chargés de les exécuter. Cette séparation interdit qu'un même agent possède les pouvoirs de décision et‬‬
‫‪d'exécution".‬‬
‫‪In L'ordonnateur en droit public financier, Stéphane THEBAULT, L.G.D.J, Tome 47, Paris 2007, p : 76.‬‬

‫‪68‬‬
‫كطرف أول في العملية المالية والمحاسب العمومي كطرف ثاني في تنفيذها (المطلب األول)‪ ،‬ثم نتطرق‬

‫إلى صالحيات كل طرف أو جهة متدخلة في تنفيذ الميزانية من خالل (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬نطاق مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‬

‫يستند مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين إلى مبدأ عام وهو الفصل‬

‫بين السلطات التي تفرعت عنه في مجال تنفيذ الميزانية من خالل الفصل بين العمل اإلداري والعمل‬
‫المحاسبي واحترام مبدأ التخصص‪ ،‬فيتولى اآلمرون بالصرف تدبير الجانب اإلداري من الميزانية كق اررات‬
‫وأوامر التحصيل أو اإلنفاق والتصفية واألمر باألداء‪ ،‬بينما يتدخل المحاسبون العموميون لتنفيذ هذه‬
‫األوامر بعد التأكد من شرعيتها ومشروعيتها القانونية‪ .‬كما يمكن مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف‬
‫‪133‬‬
‫مما يؤدي إلى تفادي‬ ‫والمحاسبين العموميين من تبادل المراقبة والتدقيق‪ ،‬وتسهيل الرقابة الخارجية‪،‬‬
‫‪134‬‬
‫كما يمكن مبدأ الفصل هذا و ازرة المالية‬ ‫االنحرافات أو األخطاء أو االختالسات أثناء تنفيذ الميزانية‪،‬‬

‫من مراقبة العمليات المالية التي تنجزها جميع القطاعات الحكومية‪ ،‬كما يسهل هذا المبدأ على المحاكم‬
‫المالية مسألة مراقبة كل من عمليات اآلمرين بالصرف وعمليات المحاسبين العموميين وبالتالي تحديد‬
‫المسؤوليات عن كل مخالفة مرتكبة‪ ،‬وكذا الجهة المسؤولة‪ ،‬فمن خالل الحساب اإلداري " ‪Le compte‬‬

‫‪ "Administratif‬الذي يعده اآلمر بالصرف وحساب التصرف "‪ "Le compte de gestion‬الذي هو‬
‫من اختصاص المحاسب العمومي يمكن للجان التفتيش والمراقبة أو قضاة المحاكم المالية من اكتشاف‬
‫المخالفات المالية خالل مقارنة الحسابين‪ .‬إال أن ما يعاب على مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف‬

‫والمحاسبين العموميين أنه يتسبب في قيام صراعات وخالفات بين الطرفين‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك إلى‬
‫انشغال كل طرف بالجانب الخاص به دون مراعاة للطرف اآلخر‪ ،‬وبالتالي ال تؤخذ بعين االعتبار‬

‫‪ 133‬الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.24 :‬‬
‫‪134‬‬
‫‪D'après L. SAIDJ : "De sorte que le premier élément essentiel est spécifique, du principe de séparation se‬‬
‫‪réduit, semble-t-il, à l'incompatibilité entre les fonctions de payeur et de donneur d'ordre de dépenses, ou de‬‬
‫‪manière peut-être encore plus irréductible, à l'existence d'un contrôle spécifique et contraignant exercé par un‬‬
‫‪comptable sur la régularité des opérations de dépense". L. SAIDJ : "Réflexions sur le principe de séparation des‬‬
‫‪ordonnateurs et des comptables", RFFP, n°41, 1993, p: 66.‬‬
‫‪Voir aussi : Stephane THEBAUT : "L'ordonnateur en droit public financier", L.G.D.J, 2007, Tome 47, p : 93 et‬‬
‫‪suite.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪135‬‬
‫إال أن هذه الخالفات بين الطرفين تعتبر منتهية منذ البداية نظ ار إلمكانية حلها‬ ‫إكراهات كل طرف‪.‬‬

‫بالطرق القانونية المتاحة كاالحتكام إلى السلطات العليا أو التسلسلية أو الرئاسية‪ ،‬أو اللجوء إلى بعض‬
‫الحقوق القانونية كالتسخير وصرف النظر "‪ "La Réquisition‬بالنسبة لآلمرين بالصرف‪ .‬وهذه الطرق‬

‫تمكن دائني األجهزة العمومية الحصول على تعويض األضرار والخسائر التي يتكبدونها جراء التأخير أو‬
‫عدم صرف مستحقاتهم في حالة الخالف بين الطرفين‪ ،‬مما يحتم على كل طرف اإلسراع بتنفيذ التزاماته‪،‬‬
‫وبالتالي إذا لم يعاين المحاسب العمومي أية مخالفة ألحكام قانون المحاسبة العمومية فإنه يقوم بالتأشير‬
‫‪136‬‬
‫غير أنه‪ ،‬إذا ما عاين هذا األخير‪ ،‬وقت قيامه بالمراقبة مخالفة للمقتضيات‬ ‫وتسديد أوامر األداء‪،‬‬
‫‪137‬‬
‫وإرجاع أوامر األداء غير المؤشر عليها مرفقة بمذكرة معللة بشكل‬ ‫القانونية‪ ،‬فعليه إيقاف التأشيرة‬
‫قانوني تضم مجموع المالحظات التي أثارها إلى اآلمر بالصرف بغرض تسويتها‪.‬‬

‫لكن بعد إحداث تغييرات على مستوى تدبير الميزانية وظهور مفاهيم ومقاربات جديدة كالتدبير‬
‫المندمج للنفقات‪ ،‬وتقوية القدرات التدبيرية للمصالح اآلمرة بالصرف‪ ،‬أصبح دور المحاسبين العموميين‬
‫‪138‬‬
‫ماليين لآلمرين بالصرف‪ ،‬كما أصبح عليه اليوم مراقبو االلتزام بنفقات الدولة في‬ ‫يتحول إلى مستشارين‬
‫عالقتهم بالخزينة العامة‪ .‬ولمعرفة نطاق مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف ومهام المحاسبين‬
‫العموميين ودور كل طرف في ميدان تنفيذ العمليات المالية يتوجب علينا التطرق إلى مجال تطبيق هذا‬
‫المبدأ في (الفرع األول)‪ ،‬وآثاره في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مجال تطبيق مبدأ الفصل بين المهام‬

‫يعتبر مبدأ الفصل بين المهام هو المبدأ العام بين العمليات اإلدارية التي يقوم بها اآلمرون‬

‫بالصرف والعمليات الرقابية والمحاسبية التي يقوم بها المحاسبون العموميون‪ .‬وقد ظهر هذا المبدأ منذ‬

‫‪135‬‬
‫‪Waline Paul-Henry : "La comptabilité publique : Quelques réflexions", in "Comptabilité publique, Modernité‬‬
‫‪et continuité", CHEFF, 1995, p : 504.‬‬
‫‪ 136‬المادة ‪ 8‬من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نوفمبر ‪.2008‬‬
‫لقد حددت المادة الثامنة من هذا المرسوم آجال وضع التأشيرة أو رفضها من لدن المحاسب العمومي في خمسة (‪ )5‬أيام بالنسبة للنفقات‬ ‫‪137‬‬

‫الخاصة بالموظفين‪ ،‬وفي خمسة عشر (‪ )15‬يوما بالنسبة للنفقات األخرى تحسب من تاريخ توصله بورقات اإلصدار وأوامر األداء وذلك تغيي ار‬
‫للفصل ‪ 86‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330.66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪.1967‬‬
‫‪138‬‬
‫‪L'Horty Claude : "Pour une nouvelle approche des rapports entre ordonnateurs et comptables", Revue du‬‬
‫‪Trésor n°2, Février 1996, p : 75.‬‬

‫‪70‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 17‬وبعدها المادة ‪67‬‬ ‫‪139‬‬
‫‪ 1822‬بفرنسا في القانون الصادر بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪1822‬‬

‫على أن مهام اآلمرين بالصرف والمتصرفين ال تتماشى مع مهام‬ ‫‪140‬‬


‫من قانون ‪ 31‬ماي ‪1838‬‬
‫المحاسبين‪ ،‬وأن مهام اآلمر بالصرف ليست السبب الوحيد الذي من خالله نفرق بين مهام اآلمر بالصرف‬
‫ومهام المحاسب العمومي‪ .‬وبعد هذا التاريخ جاء ظهير ‪ 31‬ماي ‪ 1862‬الذي ينظم بشكل موازي فصل‬
‫‪142‬‬ ‫‪141‬‬
‫الذي خفف من وطأة هذا المبدأ وجعل هذا‬ ‫‪ 17‬ثم جاء ظهير ‪ 29‬دجنبر ‪1962‬‬ ‫المهام في مادته‬
‫‪144‬‬
‫دائما‪ ،‬بل وردت عليه حاالت استثنائية نص عليها القانون ومنها التشريع‬ ‫‪143‬‬
‫الفصل الجامد ال يطبق‬
‫المغربي والتشريعات المقارنة كفرنسا‪ .‬والهدف من الفصل هو إدخال المرونة في مجال تحصيل الموارد‬

‫وصرف النفقات العمومية سواء على المستوى المركزي أو المحلي‪ ،‬وكذا تخفيف الرقابة وتسهيل المساطر‬
‫اإلدارية والمالية فيما يخص إجراءات التحصيل واإلنفاق‪ ،‬ففي مجال التحصيل يرجع االختصاص في هذا‬
‫المجال إلى و ازرة المالية ومصالحها المتعددة كمديرية الضرائب والخزينة العامة وفي مجال الضريبة يبرز‬
‫مبدأ الفصل بشكل صريح وواضح‪ ،‬إذ يعود االختصاص اإلداري كتحديد الوعاء الضريبي وإعداد الجداول‬
‫وأسماء الملزمين وتصفية األرقام والنسب إلى مديرية الضرائب‪ ،‬في حين يعهد باالختصاص المحاسبي‬
‫والتحصيلي إلى محاسبي الخزينة العامة‪.‬‬

‫أما في مجال الضرائب غير المباشرة كحقوق التسجيل والتمبر والرسوم الجمركية فال يطبق مبدأ‬
‫‪145‬‬
‫الفصل ألن نفس اإلدارة التي تقوم بتحديد الوعاء تقوم بالتصفية والتحصيل‪.‬‬

‫وقد وردت بعض االستثناءات على مبدأ الفصل تسهيال للعمليات المالية والسرعة في األداء‬

‫ومنها على سبيل المثال ممارسة بعض مهام المحاسبين من طرف أعوان تابعين لآلمرين بالصرف‪،‬‬
‫وسوف نتطرق إليها بالتفصيل في النقط التالية ‪:‬‬

‫‪139‬‬
‫‪Ordonnance du Roi concernant la comptabilité et la justification des dépenses publiques, du 14 septembre‬‬
‫‪1822.‬‬
‫‪140‬‬
‫‪Ordonnance du Roi portant règlement général sur la comptabilité publique du 31 Mai 1838,.‬‬
‫‪141‬‬
‫‪Les fonctions d'administrateur et d'ordonnateur sont incompatibles avec celle de comptable. Décret impérial‬‬
‫‪portant règlement général sur la comptabilité publique du 31 Mai 1862.‬‬
‫‪142‬‬
‫‪Décret n°62-1587 du 29 décembre 1962 modifié portant règlement général sur la comptabilité publique, J.O.‬‬
‫‪du 30 décembre 1962.‬‬
‫‪143‬‬
‫‪G. Montagnier : "Principes de comptabilité publique", Dalloz, 2ème éd., 1981, p:74.‬‬
‫‪ 144‬الفصل الرابع من النظام العام للمحاسبة العمومية المغربي لسنة ‪.1967‬‬
‫تيعالتي عبد القادر ‪" :‬المالية العامة ‪ ،...............‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.15 :‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪71‬‬
‫أ‪ -‬ممارسة بعض مهام اآلمرين بالصرف من طرف المحاسبين العموميين ‪:‬‬

‫يتعلق األمر فيما يخص الموارد ببعض المداخيل التي يصرح بها الملزمون بأنفسهم ويؤدونها‬
‫إلى المحاسب مباشرة دون تدخل من طرف اآلمرين بالصرف‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لبعض الضرائب‬
‫المباشرة وغير المباشرة كالضريبة العامة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة‬
‫المضافة‪.‬‬

‫أما فيما يخص التحمالت‪ ،‬فيتعلق األمر بإمكانية أداء بعض النفقات من طرف المحاسبين‬
‫دون إصدار أمر سابق بالصرف )‪ (paiement sans ordonnancement préalable‬من طرف‬

‫اآلمرين بالصرف كما يسمح بذلك الفصل ‪ 35‬من المرسوم الملكي بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‬
‫بالنسبة للنفقات المحددة في الئحة توضع بموجب قرار لوزير المالية‪ ،‬وذلك لتفادي طول مسطرة األداء‬
‫‪146‬‬
‫غير ثابتة قد تتغير باإلضافة أو الحذف حسب الحاالت والظروف‪ .‬ويمكن أن‬ ‫وثقلها‪ ،‬وهذه الالئحة‬
‫نذكر من بين هذه النفقات تلك ذات الطابع المتكرر والمتجدد كالمعاشات المدنية والعسكرية ورواتب‬
‫وأجور الموظفين العموميين‪ ،‬ومنح الطلبة المغاربة بالخارج‪ ،‬ونفقات الدين العمومي‪ ،‬والمخصصات المالية‬
‫المدرجة لالنخراط في المنظمات الدولية‪ ...‬وهذه االستثناءات مستمدة من القانون الفرنسي وخصوصا‬
‫من ظهير ‪ 29‬دجنبر ‪ .1962‬فالمحاسبون يباشرون أداء هذه األصناف من النفقات بدون‬ ‫‪147‬‬
‫المادة ‪31‬‬
‫أوامر األداء من اآلمرين بالصرف‪ ،‬بل فقط بموجب شهادة األداء مدعمة باألوراق الالزمة والمثبتة‬
‫للمستفيد‪ .‬وبعد التنفيذ يتم إخبار اآلمرين بالصرف على رأس كل شهر بمبالغ النفقات المؤداة دون أمر‬

‫سابق بصرفها ليضع اآلمرون بالصرف في حساباتهم اإلدارية وضعية الحساب الذي هم ملزمون باإلدالء‬
‫به لدى الجهات المعنية‪.‬‬

‫ب‪ -‬ممارسة بعض مهام المحاسبين من طرف أعوان تابعين لآلمرين بالصرف‪:‬‬

‫يتعلق األمر أساسا بالمداخيل والنفقات ذات الطابع االستعجالي أو ذات المبالغ المتواضعة‬

‫نذكر على سبيل المثال قرار وزير المالية والخوصصة رقم ‪ 12-72-07‬صادر في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2007‬بتتميم القرار رقم ‪ 681-37‬صادر في ‪12‬‬ ‫‪146‬‬

‫دجنبر ‪ 1967‬بتحديد قائمة النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5550‬بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪ ،2007‬وكذلك‬
‫القرار رقم ‪ 1568.09‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪ 2009‬الذي غير في الالئحة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5754‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪.2009‬‬
‫‪147‬‬
‫‪En vertu de l'article 31 du décret du 29 décembre 1962, le Ministre des finances dresse la liste des dépenses‬‬
‫‪qui peuvent être payées sans ordonnancement. Il s'agit des dépenses relatives à la dette publique, des pensions et‬‬
‫‪de la rémunération des fonctionnaires.‬‬

‫‪72‬‬
‫والتي ينص بشأنها الفصل ‪ 19‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية المغربي‪ ،‬حيث يمكن أن‬

‫تسند إلى القباض والمكلفين باألداء المفوضين القيام لحساب المحاسبين العموميين بعمليات القبض أو‬
‫سنة ‪ .1969‬ويعين هؤالء القباض والمكلفون‬ ‫‪148‬‬
‫األداء طبق الشروط المحددة في تعليمات لوزير المالية‬
‫‪149‬‬
‫مشترك لوزير المالية والوزير المعني باألمر‪.‬‬ ‫باألداء بموجب قرار‬

‫ويقتصر دور القباض والمكلفين باألداء المفوضين على عمليات الصندوق أي تسلم األموال‬
‫وأدائها تحت اإلشراف المباشر للمحاسبين المعتمدين‪ .‬وتندرج ضمن نفس السياق مهمة المؤدين المفوضين‬
‫‪ Les payeurs délégués‬أو ‪ Les billetteurs‬الذين ينحصر دورهم في تسلم تسبيقات يمنحها إياهم‬

‫المحاسبون العموميون قصد أداء أجور بعض األعوان التابعين لنفس المصلحة‪.‬‬

‫ج‪ -‬ممارسة مهمة المحاسب بحكم الواقع ‪:‬‬

‫تعتبر نظرية المحاسب بحكم الواقع من اختراع القضاء الفرنسي منذ ‪ 23‬غشت ‪ 1834‬في‬
‫قضية مدينة روبكس‪ ،‬وقد تبناها المشرع الفرنسي في قانون ‪ 23‬فبراير ‪ 1963‬وخصوصا المادة ‪XI-60‬‬
‫البند ‪ 11‬والتي تحدد مفهوم نظرية المحاسب بحكم الواقع‪.‬‬

‫وقد نقل المشرع المغربي هذه النظرية عن نظيره الفرنسي ونص على المحاسب بحكم الواقع في‬

‫الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬والذي ينص على أنه ‪" :‬يعتبر محاسبا بحكم‬
‫الواقع كل شخص يقوم دون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات أو يتناول قيما تهم منظمة عمومية‬
‫بصرف النظر عن المقتضيات الجنائية المعمول بها‪ .‬وتجري على الشخص المعتبر محاسبا بحكم الواقع‬

‫نفس االلتزامات والمراقبات الجارية على محاسب عمومي ويتحمل نفس المسؤوليات"‪.‬‬

‫ويتعين في هذا المجال على المعنيين باألمر تقديم حساباتهم للمجلس األعلى للحسابات مهما‬
‫كانت األسباب التي أدت بهم إلى التواجد في وضع المحاسب بحكم الواقع سواء كان هذا التواجد ناتجا‬

‫عن نية مبيتة أو عن جهل بالقوانين الجارية‪ ،‬هذا فضال عن المتابعة التأديبية أو الجنائية التي يمكن أن‬
‫يتعرض لها المحاسب بحكم الواقع في حالة ثبوت نية الغش أو التدليس لديه‪.‬‬

‫تعليمة وزير المالية لسنة ‪ 1969‬المتعلقة بتسيير وكالة المصاريف ووكالة المداخيل العمومية للدولة‪.‬‬ ‫‪148‬‬

‫لإلشارة فقد تم تعيين الباحث مؤد يا منتدبا للحي الجامعي بطنجة إلى حدود ‪.2006‬‬ ‫‪149‬‬

‫‪73‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار مبدأ الفصل بين المهام‬

‫يمكن أن تنتج عن عمليات الفصل بين العمليات اإلدارية والعمليات المالية المحاسبية نتائج‬
‫وآثار على كل من اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬حيث يفرض المبدأ أن يختص اآلمرون‬

‫بالصرف باإلجراءات اإلدارية المتعلقة بإصدار األوامر وتحديد الوعاء الضريبي والئحة الملزمين والجداول‬
‫الضريبية وتصفية هذه األمور واألمر بتحصيلها وتوجيه هذه األوامر إلى المحاسبين من أجل أدائها أو‬
‫استخالصها‪ ،‬وإذا ما باشر اآلمرون بالصرف من غير أن يؤهلوا لهذه العمليات من لدن السلطات‬
‫المختصة وطبق القوانين والمساطر القانونية واإلدارية بالتصرف في الموارد والنفقات وحيازة واستعمال‬

‫األموال أو القيم التي تكون في ملك األجهزة العمومية يعتبرون في هذه الحالة في حكم الموظفين الفعليين‪،‬‬
‫وهذا يعني كما سبقت اإلشارة بالنسبة للمحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬أنهم مسؤولين عن أفعالهم المادية‬
‫والمعنوية‪ ،‬ورغبة من المشرع المغربي في حماية المال العام فقد توسع في اعتبار الموظف الفعلي‬
‫‪150‬‬
‫حيث توسع بشكل كبير في تعريفه للموظف وقد اعتمد توافر شرطين‬ ‫وخصوصا في التشريع الجنائي‬
‫أو أمرين ليتم اعتبار الموظف وبالتالي ترتيب آثار قانونية عن أفعاله وأعماله‪.‬‬

‫‪ -‬األمر األول ‪ :‬التكليف بأداء وظيفة أو مهمة محددة ‪ :‬كتكليف شخص من قبل السلطة أو‬
‫الجهة المختصة‪ ،‬فيكون الموظف الفعلي أو المتطوع غير معترف له بصفة الموظف العمومي النعدام‬
‫‪151‬‬
‫العمومية ينص‬ ‫صفة التكليف القانونية للقيام بالمهمة‪ ،‬فالفصل الثاني من النظام األساسي للوظيفة‬
‫على أنه ‪" :‬يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسالك‬

‫اإلدارة التابعة للدولة"‪ .‬إال أن الفصل ‪ 224‬من القانون الجنائي المغربي تجاهل تماما التعريف الذي أورده‬
‫ظهير ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬حيث أعطى الفصل ‪ 224‬من‬
‫القانون الجنائي مفهوما جد واسع يستطيع القاضي الزجري بواسطته أن يلبس صفة موظف ألغلبية أو كل‬

‫من يمارسون عمال تابعا للمؤسسات العمومية التي يمكن تكييف نشاطها بأنه نشاط ذو منفعة عامة أو‬
‫‪152‬‬
‫خاصة‪ ،‬سواء من حيث النشاط أو العالقة بالمستخدمين‪.‬‬

‫أحمد أجوييد ‪" :‬جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي"‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪ ،1983 ،‬ص‪.71:‬‬ ‫‪150‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية والمتمم بظهير شريف رقم‬ ‫‪151‬‬

‫‪ 1.11.10‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ ،2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 05.05‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪.2011‬‬
‫محمد الكشبور ‪" :‬المركز القانوني للموظف في القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مجلة الشؤون اإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.25 :‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬األمر الثاني ‪ :‬خدمة الدولة أو هيئاتها أو مصلحة ذات نفع عام ‪ :‬فخدمة الدولة التي يؤديها‬

‫الموظفون أو المهمة المعينين من أجلها تساهم في خدمة الدولة أو الهيئات التابعة لها من جماعات ترابية‬
‫ومؤسسات عمومية‪...‬‬
‫‪153‬‬
‫صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪1998‬‬ ‫وفي هذا اإلطار يمكن التذكير بقرار‬
‫والذي من خالله تم اعتبار المستخدمين في البنك الشعبي موظفين عموميين وفق مقتضيات الفصل ‪224‬‬
‫من ق‪.‬ج السابق الذكر انطالقا من أن هذه المؤسسة تقوم بخدمات ذات نفع عام‪ ،‬وقد زكى هذا الطرح‬
‫الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي المؤرخ في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية عندما أكد على‬

‫شرعية األعمال اإلدارية والحسابية التي ينجزها الموظفون من غير صفة التكليف واالختصاص‪ .‬وقد‬
‫أشارت مدونة المحاكم المالية في قانون ‪ 62-99‬في المادة ‪ 41‬الفقرة األخيرة والتي تعتبر مشاركا ومسؤوال‬
‫عن التسيير بحكم الواقع كل موظف أو عون‪ ،‬وكذا كل من هو حاصل على طلبات عمومية‪ ،‬والذي يكون‬

‫بموافقته أو تشجيعه‪ ،‬إما على المبالغة في بيانات األثمان أو الفاتورات أو على تحريف البيانات الواردة‬
‫بهذه الوثائق‪ ،‬فعمد عن علم إلى تحرير أوامر باألداء أو حواالت أو تبريرات أو أصول صورية‪ .‬وبالتالي‬
‫تم تحميل الموظف بحكم الواقع تبعات ومسؤوليات شتى كالمحاسبين العموميين عن عمليات التسيير‬
‫الفعلي أو التسيير بحكم الواقع‪.‬‬

‫وعلى مستوى اآلثار المترتبة على مبدأ الفصل بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‬
‫يمكن إبداء مالحظتين على مستوى النفقات وعلى مستوى اإلي اردات‪.‬‬

‫أ‪ -‬على مستوى النفقات ‪ :‬إذا ما استثنينا الحاالت التي ينص عليها القانون وهي النفقات التي تؤدى‬
‫دون أمر سابق بصرفها كما سبق‪ ،‬يبقى للمحاسبين العموميين إذا ما قاموا بأداء نفقات عمومية‬
‫من دون صدور أمر بصرفها من طرف اآلمرين بالصرف المختصين‪ ،‬تعتبر هذه الحالة غير‬

‫قانونية‪ ،‬وتترتب عنها المسؤولية‪ ،‬حيث يعلن عن عجز في صندوق المحاسب‪ ،‬وبالتالي يلزم‬
‫بإرجاع مبلغ النفقة التي صرفت بدون أمر باألداء‪154.‬صادر عن الآلمر بالصرف المسؤول‪.‬‬

‫قرار المجلس األعلى صادر في ‪ 23‬يوليوز ‪ 1998‬ملف جنحي عدد ‪ 14168‬منشور بكتاب خالد بنيس ومحمد عباس السقاط ‪" :‬قانون‬ ‫‪153‬‬

‫المحكمة الخاصة للعدل"‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،1999 ،‬ص‪.159:‬‬
‫عبد القادر اتيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،............‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.17 :‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪75‬‬
‫ب‪ -‬على مستوى اإليرادات ‪ :‬إذا ما قام المحاسبون العموميون باستيفاء موارد أو ديون عمومية بدون‬

‫أوامر قانونية تصدر بشأنها عن اآلمرين بالصرف وتجيزها القوانين واألنظمة المعمول بها‪ ،‬فإنهم‬
‫يعتبرون مرتكبين لجريمة الغدر "‪ "La concussion‬والتي يعاقب عليها قانون المحاكم المالية‬
‫باإلضافة إلى الفصل ‪ 224‬من القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب على هذا الفعل من خمسة‬
‫إلى عشر سنوات كل من له سلطة عامة أمر بتحصيل جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها‬
‫القانون‪.‬‬

‫ومن شأن هذه الجريمة أن تخل بمبدأ المساواة في تحمل األعباء المالية العامة لذلك شدد‬
‫‪155‬‬
‫العقوبة في هذه الحالة بدافع الحرص على مصالح األفراد ومصالح الدولة والرغبة في صيانة مواردها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصالحيات المالية لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين في مجال‬


‫تنفيذ الميزانية العامة‬

‫يعتبر اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون أهم العناصر أو األطراف المتدخلة في تنفيذ‬
‫العمليات المالية سواء على المستوى المركزي أو المحلي‪ ،‬فكل واحد من هؤالء يقوم بأعمال واختصاصات‬
‫وصالحيات تختلف عن صالحيات اآلخر وقد تبدو متناقضة من الناحية النظرية‪ ،‬ويرجع أساس هذا‬

‫التناقض في المهام والصالحيات إلى دوافع عديدة منها ما هو تنظيمي‪ ،‬ومنها ما هو رقابي؛ فإقرار‬
‫المشرع ازدواجية العمليات المقتسمة بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين وفصل مهامهما قائم على أساس‬
‫تنظيمي‪ ،‬الهدف منه الحفاظ على المال العام وحسن تدبيره من خالل توزيع األدوار والمهام‪ ،‬وعدم جمعها‬

‫في يد شخص واحد‪ .‬فاآلمرون بالصرف يمارسون الصالحيات الخاصة بااللتزام بالنفقة والتصفية وإصدار‬
‫أوامر األداء أو االستخالص‪ ،‬في حين يعمل المحاسبون العموميون على تنفيذ هذه األوامر في إطار‬

‫يمكن الرجوع أيضا إلى قرار المجلس األعلى عدد ‪ 969‬بتاريخ ‪ 2002/10/10‬منشور بكتاب محمد براو‪" :‬األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي‬
‫المالي"‪ .........،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.73 :‬‬
‫قرار مجلس الدولة الفرنسي في قضية "‪ "M.Cousterian‬منشور على شبكة االنترنت على الموقع التالي ‪:‬‬ ‫كذلك‬
‫‪www.premierministre.gov.fr.‬‬
‫‪C.E 08 juillet 1998 ;Ministre du budget .‬‬

‫محمد صالح ا لعادلي ‪" :‬الوجيز في شرح جرائم االعتداء على المصلحة العامة ‪ :‬الرشوة‪ ،‬والتزوير واختالس المال العام"‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪155‬‬

‫القاهرة‪ ،1999 ،‬ص ‪.192 :‬‬

‫‪76‬‬
‫‪156‬‬
‫فاستقالل كل طرف أمر مهم‪ ،‬وضروري‪ ،‬حتى في إطار إنجاز‬ ‫قانوني رقابي متبادل وليس رئاسي‪.‬‬

‫العمليات المالية فدور اآلمر بالصرف يتحدد في االهتمام بعنصر المالءمة‪ ،‬ويقتصر دور المحاسب‬
‫العمومي على تحقيق مبدأ الشرعية والمشروعية‪ ،‬واحترام القواعد والمساطر اإلجرائية الخاصة بالتصرفات‬
‫المالية‪ .‬ورغم ما جاء به المشرع المغربي من تنظيم قانوني لكل طرف ورغم محاولته توزيع الصالحيات‬
‫والسلطات على أساس متوازن‪ ،‬فإنه في نفس الوقت جاء بجوانب متناقضة نظ ار الختالف هذه السلطات‬
‫والصالحيات المخولة لكل طرف‪ ،‬فهي متباينة من حيث الطبيعة ومجال االختصاص‪ ،‬بين مهمتي التقرير‬
‫والتنفيذ‪ ،‬فالمحاسب ال يستطيع القيام بعمليات تحصيل المداخيل وتنفيذ أوامر النفقات إال بعد حصوله‬
‫‪157‬‬
‫وهذه القاعدة وإن كانت غالبا ما تتميز بالدقة وأن إصدارها يتم‬ ‫على أوامر صادرة عن اآلمر بالصرف‪.‬‬
‫من طرف مصالح مختصة في مجال المداخيل فإنه على مستوى النفقات فاألمر يختلف‪ ،‬حيث تظهر‬
‫أهميته من خالل الرقابة التي يمارسها المحاسبون العموميون‪ ،‬مما يؤدي إلى بطء تنفيذ العديد من‬
‫‪158‬‬
‫المشاريع والبرامج‪ ،‬وبالتالي يختل التوازن على مستوى المساءلة في مجال صرف المال العام‪.‬‬

‫فانطالقا من هذه القواعد واألسس يمكن التساؤل عن الصالحيات الخاصة بكل متدخل في تنفيذ‬
‫الميزانية العامة من خالل صالحيات اآلمرين بالصرف في (الفرع األول)‪ ،‬وصالحيات المحاسبين‬
‫العموميين في (الفرع الثاني) ؟‬

‫الفرع األول‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف في المجال المالي‬

‫لقد أعطى المشرع المغربي لآلمرين بالصرف صالحيات مهمة في المجال المالي من خالل‬

‫الفصل الثالث من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية من خالل إعداد وتصفية‬
‫واألمر بالصرف في مجال تنفيذ الميزانية سواء كانت عامة أو محلية‪ .‬وتبقى هذه الصالحيات ذات طبيعة‬
‫إدارية وتقريرية‪ ،‬حيث يتوفر اآلمرون بالصرف على سلطات شتى تجعل منهم المقررين في شأن الموارد‬

‫‪ 156‬إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي"‪ ،.........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.100 :‬‬


‫‪157‬‬
‫‪D'après Jean Claude MARTINEZ et Pierre DIMALTA : "Depuis près de cent cinquante ans, l'organisation‬‬
‫‪des finances publiques repose sur un principe essentiel : L'intervention dans la plupart des opérations de recettes‬‬
‫‪et de dépenses, de deux catégories distinctes d'agents, les ordonnateurs et les comptables. Cette dualité demeure‬‬
‫‪la pièce maîtresse de l'organisation des finances publiques :‬‬
‫‪Le principe de séparation des ordonnateurs et des comptables repose sur une double justification. L'une est‬‬
‫‪d'ordre matériel, l'autre d'ordre juridique : La séparation permet un meilleur contrôle de l'exécution des‬‬
‫‪opérations budgétaires". Droit budgétaire…, op.cit, p : 735.‬‬
‫‪158‬‬
‫‪Driss KHOUDRY : "Gouvernance, Finances publiques et management intégré", Edition Maghrébines,‬‬
‫‪Casablanca, 2000, p : 58.‬‬

‫‪77‬‬
‫العمومية وصرف النفقات وإبرام العقود والصفقات‪ ،‬فهم السلطة التي يرجع إليها القرار المالي األول‬

‫واألخير في تقرير مصير الميزانية وتوجهاتها قبل إحالتها على المحاسبين العموميين لتنفيذها وإبراء ذمة‬
‫المنظمة العمومية التي يوجد على رأسها اآلمر بالصرف‪ ،‬فهؤالء يقومون بإعداد الميزانية وملحقاتها‪ ،‬حيث‬
‫يتصرفون بحرية في توزيع االعتمادات التي يتم الترخيص فيها من طرف و ازرة المالية بعد احترام‬
‫المقتضيات القانونية والمناشير التنظيمية التي يوجهها الوزير األول سابقا ورئيس الحكومة حاليا بصفة‬
‫‪159‬‬
‫المالية بالنسبة للجماعات‬ ‫عامة بالنسبة للميزانية العامة والدوريات المشتركة بين وزير الداخلية ووزير‬
‫المحلية‪.‬‬

‫فالنظام القانوني لآلمرين بالصرف يعطيهم صالحيات شتى في اتخاذ القرار وحرية المبادرة في‬
‫اختيار المشاريع واألشخاص سواء الذاتيين أو المعنويين‪ ،‬التي تنوي اإلدارة التعاقد معهم‪ .‬فالمهمة‬
‫األساسية لآلمرين بالصرف هي تحقيق مدى مالءمة ونجاعة الق اررات المالية المتخذة والنتائج المحققة‪،‬‬
‫وهذا ما تتوخاه السلطات العمومية والمالية من خالل إصالح الميزانية العامة التي تعتمد على المقاربة‬
‫الجديدة المرتكزة على النتائج‪ ،‬وتوسيع الصالحيات والسلطات التدبيرية لآلمرين بالصرف‪ .‬وقد تم الشروع‬
‫‪160‬‬
‫شمولية االعتمادات‪ .‬وقد خول هذا اإلصالح‬ ‫في هذا اإلصالح سنة ‪ ،2001‬وهم على الخصوص‬
‫للعديد من اآلمرين بالصرف مرونة أكبر للتصرف في االعتمادات الموضوعة رهن إشارتهم‪ ،‬وبالمقابل تم‬
‫‪161‬‬
‫ومن المتوقع أن يصبح التدبير المندمج للنفقات العمومية‬ ‫تحميلهم مسؤوليات مباشرة في تحقيق النتائج‪.‬‬
‫قاعدة أساسية وأداة ال يستغنى عنها إلنجاز اإلصالحات‪ ،‬مما سيسمح بضمان نجاعة أكبر لمجموعة من‬

‫األنظمة المالية والمحاسبية الكفيلة بالتدبير العصري التي وضعت رهن إشارة اآلمرين بالصرف وأجهزة‬
‫المراقبة‪ .‬فال يمكن في هذا اإلطار استخالص موارد عمومية دون اتخاذ قرار قانوني من طرف اآلمرين‬
‫بالصرف يجيزها ويعطيها القوة التنفيذية‪ ،‬وهذا ما سنراه في (الفقرة األولى)‪ ،‬كما ال يمكن صرف أية نفقة‬

‫عمومية دون التدخل من طرف اآلمرين بالصرف من أجل االلتزام بها وتصفيتها واألمر بأدائها في إطار‬

‫‪ 159‬أنظ ر على سبيل المثال دورية وزير الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات المحلية لسنة ‪ 2007‬عدد ‪/94‬م‪.‬ع‪.‬ج‪.‬م بتاريخ ‪.2006/09/20‬‬
‫‪Voir aussi Note du trésorier général, relative au visa et exécution des budgets des collectivités locales pour‬‬
‫‪l'année 2002, n°27 du 04/01/2002.‬‬
‫‪ 160‬دورية وزير المالية واالقتصاد والخوصصة والسياحة رقم ‪ 483E‬بتاريخ ‪ ،2002/02/28‬حول تطبيق المادة ‪ 17‬المكررة من مرسوم رقم‬
‫‪ 2.98.401‬الصادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪.‬‬
‫حسب دراسة تقييم تدبير أنظمة المالية العمومية من إعداد فريق العمل لو ازرة المالية والخوصصة بالمغرب والبنك الدولي في مارس ‪2007‬‬ ‫‪161‬‬

‫منشور بكتاب تدبير المالية العمومية بالمغرب للدكتور سعيد جفري ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 249 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫القوانين واألنظمة الجاري بها العمل وسيكون موضوع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف على مستوى المداخيل‬


‫‪162‬‬
‫تتحدد صالحيات واختصاصات اآلمرين بالصرف على مستوى المداخيل في تحديد الوعاء‬
‫الخاضع للضريبة أو المدخول الذي تكون الهيئة العمومية دائنة به للغير‪ ،‬وقد أشار الفصل الثالث من‬
‫المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية إلى ذلك حينما نص على أنه‬
‫‪" :‬يعتبر آم ار عموميا بالصرف‪ ...‬للمداخيل كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية لرصد أو إثبات أو‬
‫تصفية دين"‪.‬‬

‫وتأخذ المداخيل صورة جداول وقوائم وفق شروط قانونية معمول بها لتصبح قابلة للتنفيذ عند‬
‫التوقيع عليها من طرف اآلمرين بالصرف‪ ،‬ومن بين الشروط القانونية التي يجب مراعاتها على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬القواعد المحددة في قوانين المالية السنوية بالنسبة للميزانية العامة‪ ،‬أو ما يقره المجلس التداولي‬
‫القانونية األخرى كالمرسوم المنظم‬ ‫‪163‬‬
‫بالنسبة للجماعات المحلية‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات النصوص‬
‫للمحاسبة العمومية أو نظام محاسبة الجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬

‫فالموارد العمومية ال تنشأ إال بما تخلقه أو تسمح به القوانين واألنظمة المالية واإلدارية الجاري‬

‫بها العمل‪ ،‬أو يتم الترخيص بها في قوانين المالية السنوية كالضرائب والرسوم والغرامات المالية وعائدات‬
‫الدولة من أمالكها العامة والخاصة‪ ،‬وقد نص الفصل ‪ 20‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬
‫العمومية لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬تشتمل مداخيل المنظمات العمومية على المتحصل من الضرائب‬

‫واألداءات والحقوق المأذون فيها بموجب القوانين واألنظمة المعمول بها‪ ."...‬وقد تختلف الصيغ القانونية‬
‫للتراخيص المأذون بها من طرف اآلمرين بالصرف الستخالص الموارد العمومية باختالف أنواعها فالموارد‬
‫التي تأخذ طابعا جبائيا أو ضريبيا يشملها اإلطار التشريعي أي القانون الذي يصدر عن السلطة‬

‫‪162‬‬
‫‪D'après Raymond MUSELEC : "L'ordonnateur est le seul compétant pour émettre un titre de recette, il doit le‬‬
‫‪faire chaque fois qu'une recette est constaté, le formalisme est étroit, numéro d'ordre identité du débiteur et objet‬‬
‫‪de la créance".‬‬
‫‪MUSELEC (R) : "Finances locales", Edition Dalloz, 1995, p : 92.‬‬
‫‪ 163‬ينص الفصل ‪ 26‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية على أن ‪" :‬كل المداخيل غير المرخصة طبقا للقوانين واألنظمة‬
‫وميزانيات المداخيل‪ ...‬تعتبر ممنوعة‪ ،‬ويمكن متابعة كل من عمل على إعداد القوائم وحدد التعريفات‪."...‬‬
‫كما ينص الفصل ‪ 244‬من القانون الجنائي المغربي في فقرته األولى على أنه ‪" :‬يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصل السابق‪ ،‬كل ذي سلطة عامة‬
‫أمر بتحصيل جبايات مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون وكذلك كل موظف عمومي أعد قوائم التحصيل أو باشر استخالص تلك الجبايات"‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫التشريعية (البرلمان) باعتبارها الجهة التي يؤهلها المشرع لفرض الضرائب والرسوم الجبائية‪ ،‬وبهذا الصدد‬

‫ينص الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬على أنه ‪" :‬على الجميع أن يتحمل‪ ،‬كل على قدر استطاعته‬
‫التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق اإلجراءات المنصوص عليها في هذا‬
‫ومن ناحية أخرى يؤكد القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬أن قانون المالية هو وحده‬ ‫‪164‬‬
‫الدستور"‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫أما فيما يخص الموارد غير الجبائية التي تشتمل على أنواع‬ ‫الذي يحدد ويرخص للموارد الجبائية‪.‬‬
‫مختلفة من المداخيل والتي ال يتم الترخيص بها إال بموجب نصوص تنظيمية‪166،‬حيث يصدر هذا‬
‫‪167‬‬
‫الترخيص في شكل مرسوم يتخذه وزير المالية أو الوزير المعني باألمر أو السلطة المفوض لها قانونا‪.‬‬

‫إال أنه توجد موارد عمومية ال دخل لآلمرين بالصرف في خلقها‪ ،‬بل مصدرها األحكام القضائية كالغرامات‬
‫الصادرة عن مختلف المحاكم المدنية أو الجنائية أو اإلدارية أو المالية‪ .‬فهذه الغرامات واإلدانات سندها‬
‫قانوني ومصدرها قضائي‪.‬‬

‫وبعد هذه المراحل يقوم اآلمرون بالصرف بتصفية الديون المستحقة لفائدة الدولة والمؤسسات‬
‫التابعة لها‪ ،‬ولعل أهم الموارد التي يتولون تصفيتها‪ ،‬وأكثرها مساهمة في مداخيل الدولة الضرائب وهي‬
‫نوعان ‪:‬‬

‫‪ -‬ضرائب غير مباشرة يتم تحصيلها عن طريق تصريحات الملزمين‪.‬‬

‫‪ -‬ضرائب مباشرة تحصل بواسطة الجداول اإلسمية التي يتم إعدادها لهذا الغرض من طرف اآلمرين‬
‫بالصرف باإلدارة الضريبية‪ ،‬حيث يتوفرون على كل الصالحيات والسلطات في مجال مراجعة‬
‫‪168‬‬
‫عن طريق‬ ‫ومراقبة التصريحات المدلى بها من طرف الملزمين وإخضاعها لدوريات التفتيش‪،‬‬
‫التأكد من صحة المعلومات التي تتضمنها السجالت والوثائق‪ ،‬أو مطالبة المكلفين بإمدادها‬
‫‪169‬‬
‫ويتم مراجعة هذه السجالت واللوائح بصفة دورية‬ ‫بمستندات حسابية تدل على صحة اإلقرار‪.‬‬

‫الفصل ‪ 39‬من الدستور المغربي لسنة ‪.2011‬‬ ‫‪164‬‬

‫حسب المادة األولى من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7.98‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.98.138‬الصادر في ‪ 26‬نونبر ‪،1998‬‬ ‫‪165‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 4644‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪.1998‬‬


‫‪166‬‬
‫‪Loze Marie : "Les finances de l'état",........... op.cit, p : 547.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.98.401‬الصادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4688‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪.1999‬‬ ‫‪167‬‬

‫عبد القادر التيعالتي ‪" :‬المالية العامة" ‪ ،...........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.38 :‬‬ ‫‪168‬‬

‫طارق العالم ‪" :‬تنفيذ المداخيل على المستوى المحلي بين التطبيق والمعوقات‪ ،‬حالة جماعة سيدي بليوط"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪169‬‬

‫المعمقة وحدة المالية العامة كلية الحقوق‪ ،‬عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،1999-1998‬ص ‪.24 :‬‬

‫‪80‬‬
‫‪170‬‬
‫العتبارات قد تط أر على وضعية الملزمين أو على طبيعة المادة أو الوعاء الخاضع للضريبة‪،‬‬

‫وتتسم عملية التصفية بتحديد الوعاء من طرف واحد‪ ،‬خاصة عندما يتعلق األمر بالتحديد الجزافي‬
‫الذي ال يعتمد على معايير ومقاييس أو مؤشرات مضبوطة في تحديدها‪.‬‬

‫فإذا ما ارتكبت أخطاء في تقديرها‪ ،‬يحق للملزم طلب مراجعة أساس الضريبة إن على مستوى‬

‫اإلدارة الضريبية‪ ،‬أو على مستوى القضاء‪ ،‬حتى وإن سبق للملزم أن دفع ضرائب صدر قانون إما بإلغائها‬
‫أو تخفيض سعرها استنادا للمادة ‪17168‬من ق‪.‬ل‪.‬ع المغربي‪ .‬وفي هذه الحالة على اآلمرين بالصرف أن‬
‫يقوموا بإصدار األمر باالسترداد لفائدة الملزمين الذين شملهم اإلعفاء أو التخفيض من سعر الضريبة أو‬

‫غيرها‪.‬‬

‫هذا بالنسبة للضرائب المباشرة‪ ،‬أما بالنسبة للضرائب غير المباشرة‪ ،‬فدور اآلمرين بالصرف‬
‫يظل محدودا مقارنة بعملهم وصالحياتهم في الضرائب المباشرة‪ ،‬حيث أن األسلوب المتبع في تقدير المادة‬
‫الضريبية وتصفية مقدارها يأتي عن طريق الملزمين‪ ،‬بينما ينحصر دور اآلمرين بالصرف في مراقبة‬
‫‪172‬‬
‫وتتبع مدى احترام هؤالء للمعايير المرتبطة بعمليات التصفية والقواعد المحاسبية التي بنيت عليها‪.‬‬

‫وإذا ما الحظ اآلمرون بالصرف عيبا أو خطأ في تقدير الضريبة‪ ،‬يتم اللجوء إلى مسطرة‬

‫التصحيح أو التقويم حسب الحاالت‪ ،‬وذلك بإبالغ الملزمين قانونا عن طريق وسائل التبليغ القانونية‬
‫باألساس الجديد الذي تراه اإلدارة الضريبية مع التعليل وأسباب التصحيح‪ ،‬وللملزمين إبداء الرأي‬
‫والمالحظات في أجل قانوني‪ ،‬فإذا لم يبدوا أي رأي داخل األجل القانونية‪ ،‬يجوز لآلمرين بالصرف فرض‬
‫‪173‬‬
‫للنظر‬ ‫السعر واألساس المقترحين‪ ،‬وفي حالة رفض الملزمين‪ ،‬يتم اللجوء إلى لجنة التحكيم المختصة‬
‫في الطعون الضريبية‪ .‬ولآلمرين بالصرف في هذه الحاالت دور مهم في التقييم وإخطار الملزمين بذلك‬
‫وفق مسطرة معتمدة لهذا الغرض‪ ،‬ويجب تطبيق القانون في ذلك لكي ال يتم الطعن في المسطرة غير‬

‫‪170‬‬
‫‪PICARD (J.F) : "Finances publiques....................", op.cit, p : 140.‬‬
‫‪ 171‬حسب المادة ‪ 68‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي التي تنص على ‪:‬‬
‫‪"Celui qui, se croyant débiteur, par une erreur de droit ou de fait, a payé ce qu'il ne devait pas, a le droit de‬‬
‫‪répétition contre ce lui auquel il a payé".‬‬
‫‪ 172‬مرزاق محمد‪ ،‬أبليال عبد الرحمان ‪" :‬المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،1998 ،‬ص ‪.34 :‬‬
‫قرار الوزير األول رقم ‪ 311.10‬صادر في ‪ 6‬أبريل ‪ 2010‬بتعيين قاضي لرئاسة إحدى اللجنتين الفرعيتين المضافتين في حظيرة اللجنة الوطنية‬ ‫‪173‬‬

‫للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة‪ ،‬ويتعلق األمر برئيس غرفة بالمجلس األعلى وقد صدر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5835‬بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪.2010‬‬

‫‪81‬‬
‫‪175‬‬ ‫‪174‬‬
‫من طرف الملزمين‪ ،‬وااللتجاء إلى القضاء إللغائها‪.‬‬ ‫القانونية‬

‫وبعد تحديد الوعاء وتقدير وتصفية الموارد العمومية من طرف اآلمرين بالصرف تأتي مرحلة‬
‫إصدار األوامر والسندات من أجل التحصيل بعد اكتسابها القوة التنفيذية في شكل سندات أو جداول‬
‫التي تسري‬ ‫‪176‬‬
‫إسمية‪ ،‬فهي بمثابة ق اررات إدارية قابلة للطعن أمام القضاء إن هي خالفت القواعد القانونية‬
‫حيز هاما‬
‫ا‬ ‫‪177‬‬
‫عليها‪.‬وقد خصص المشرع من خالل المادة الرابعة من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫ألنواع المستندات المعتمدة في التحصيل حيث تنص في فقرتها الرابعة على أنه ‪" :‬يتم إصدار أوامر‬
‫المداخيل الجماعية على شكل ‪ :‬جداول أو قوائم اإليرادات بالنسبة إلى الضرائب والرسوم‪ ،‬سجالت‬

‫الحراسة بالنسبة إلى المداخيل وعائدات أمالك الدولة"‪.‬‬

‫ويتم إصدار أوامر المداخيل الفردية على شكل ‪" :‬جداول وقوائم اإليرادات الفردية أو سندات‬
‫المداخيل أو التصريح للجمرك…"‪.‬‬

‫وتتخذ األوامر بالمداخيل في الغالب عدة أشكال تختلف بحسب طبيعة الموارد لكن ال تخرج‬
‫عن ثالثة أنواع من األوامر بالمداخيل وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬األوامر بالمداخيل العادية ‪:‬‬

‫فحسب الفصل ‪ 23‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل‬
‫‪ 1967‬الذي ينص على أنه ‪" :‬يتضمن كل أمر بالدفع أسس التصفية والعناصر التي يتأتى بها التعريف‬
‫بالمدين‪ ،‬وكذا جمع المعلومات التي من شأنها ضمان المراقبة المنصوص عليها في الفصل العاشر"‪.‬‬

‫فأغلب الموارد العمومية يتم تحصيلها بواسطة أوامر بالمداخيل العادية‪ ،‬وقد تكون فردية أو جماعية‪،‬‬
‫وتصدر األوامر بالدخل الجماعية على شكل جداول أو قوائم لإليرادات بالنسبة للضرائب والرسوم‪ ،‬بينما‬
‫تصدر األوامر بالمداخيل الفردية على شكل جداول اإليرادات أو سندات المداخيل أو تصاريح للجمرك أو‬

‫حكم المحكمة اإلدارية بمكناس عدد ‪ 2000/113‬بتاريخ ‪ 2000/11/30‬حميد جري ضد وزير المالية‪ ،‬حكم منشور بالمجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد‬ ‫‪174‬‬

‫‪ 2004/16‬سلسلة دالئل التسيير‪ ،‬ص ‪.168 :‬‬


‫حكم المحكمة اإلدارية بمكناس عدد ‪ 5/2001/83‬ش بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ ،2001‬السنتيسي ضد وزير المالية‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.165:‬‬ ‫‪175‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية بمراكش‪ ،‬عدد ‪ 101‬بتاريخ ‪ 2002/04/24‬المصباحي ضد وزير المالية‪ ،‬منشور بالمجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد ‪ ،16‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬ ‫‪176‬‬

‫‪.119 :‬‬
‫الباب الثالث‪ ،‬طرق التحصيل‪ ،‬مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬م‪.‬س‪.‬‬ ‫‪177‬‬

‫‪82‬‬
‫على شكل مستخرجات ألحكام أو ق اررات العجز أو مستخرجات سجالت الحقوق الثابتة بالنسبة لحقوق‬
‫‪178‬‬
‫التسجيل والتمبر‪.‬‬

‫فاآلمرون بالصرف مطالبون بتضمين كل العناصر الضرورية بهذه الجداول والقوائم االسمية‬
‫من أرقام وأسماء الملزمين‪ ،‬وكل العناصر الالزمة للتعريف بهوية الملزمين باألوامر بالمداخيل‪ ،‬وكذا‬
‫العناوين ومحالت مراسالتهم وكذا األسس التي يتم اعتمادها في مجال التصفية‪.‬‬

‫‪ -2‬األوامر بالمداخيل ألجل التسوية‪Les ordres de recettes de régularisation :‬‬

‫يتوفر اآلمرون بالصرف على سلطة إصدار األوامر بالمداخيل ألجل التسوية رغم أن هذه‬

‫األوامر بالمداخيل تتم بواسطة التصريح الذي يتقدم به الملزمون أنفسهم‪ ،‬وعن طريق دفع أقساط مقسمة‬
‫على أشطر شهرية أو نصف سنوية أو ربع سنوية حسب الحاالت‪ ،‬فإذا لم يقم الملزمون بأداء ما بذمتهم‬
‫من حقوق وواجبات في المكان واآلجال المحددة له قانونا‪ ،‬أو أنه حاول التملص ولم يستجب للتبليغات‬
‫والمراسالت الموجهة له عبر طرق التبليغ القانونية‪ ،‬عندئذ يتدخل اآلمرون بالصرف بقوة القانون إلجبار‬
‫الملزم على االستجابة‪ ،‬حيث يتم إصدار أوامر بالمداخيل حائزة للقوة التنفيذية والتي تعرف بالمداخيل‬
‫ألجل التسوية‪ ،‬وغالبا ما تتم هذه األوامر في حقوق التسجيل والتمبر أو الضريبة على الشركات أو غيرها‪،‬‬

‫ويحق للملزم أو الطرف المعني التعرض لدى المحاكم المختصة وفق المسطرة واإلجراءات القانونية‬
‫‪179‬‬
‫المنصوص عليها‪ ،‬وال يقبل أي تعرض إن لم يقدم في اآلجال القانونية‪.‬‬

‫‪ -3‬األوامر بإعادة الدفع ‪:‬‬

‫هذا النوع من األوامر بالدخل يتميز عن غيره من األوامر األخرى التي سبق اإلشارة إليها‪ ،‬بأنه غير ملزم‬
‫التنفيذ في البداية‪ ،‬وال يرخص لإلدارة الفارضة له أي إجراء بالمتابعة ضد المدين فغالبا ما تكون الطريقة‬
‫المثلى الستيفاء حقوق اإلدارة هو الحوار واالتفاق المرضي للطرفين‪ ،‬فهذه المبالغ التي صرفت أو تحولت‬

‫بكيفية خاطئة‪ ،‬يتم تحصيلها أيضا‪ ،‬ويتم اللجوء في تحصيلها عن طريق األوامر بالدفع توجه للمدين‬
‫السترداد ما تلقاه من أموال بدون وجه حق أو عن طريق الخطأ كاستمرار أحد المتقاعدين في االستفادة‬
‫من الراتب الشهري إلى جانب معاشه‪ ،‬أو االستم ارر في تلقي التعويضات العائلية عن أطفال تعدوا السن‬

‫الباب الثالث‪ ،‬طرق التحصيل‪ ،‬المادة الرابعة‪ ،‬مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬م‪.‬س‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫المادة ‪ 30‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪.1967‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪83‬‬
‫القانونية التي تخولهم االستفادة من التعويض‪ ،‬أو تلقي أحد الموظفين لراتب شهري أو منحة ترقية تفوق‬

‫بكثير ما يستحقه فإذا استحال تحقيق هذه المبالغ بواسطة األوامر بالدفع‪ ،‬يقوم المحاسبون المكلفون‬

‫بالتحصيل بإرجاع األوامر بالدفع‪ ،‬الذي يحرر بشأنه سندا ملزما للتنفيذ الذي يصدره اآلمرون بالصرف‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف على مستوى المصاريف‬

‫لقد حدد المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية صالحيات‬
‫اآلمرين بالصرف في ثالثة أمور أساسية وتعد أهم مراحل النفقة العمومية‪ ،‬وتتمثل في االلتزام بالنفقة‪،‬‬
‫والتصفية‪ ،‬وإصدار األمر باألداء وتتجلى هذه الصالحيات في وضع إطار عام وشمولي من االعتمادات‬

‫لتسيير المرافق العمومية بانتظام واطراد طيلة السنة محترمين قواعد إعداد وتنفيذ الميزانية العامة أو‬
‫المحلية‪ ،‬فاآلمرون بالصرف في هذا المجال يتمتعون بسلطات وصالحيات تقريرية واسعة في اإلنفاق‬
‫العمومي فب استثناء النفقات اإلجبارية التي تكتسي طابعا إلزاميا كنفقات الموظفين ومصاريف الماء‬
‫والكهرباء وااللتزامات األخرى الضرورية‪ ،‬يبقى لألمرين بالصرف صالحيات واسعة في اإلنفاق من عدمه‪،‬‬
‫وخصوصا بعد تعزيز القدرة التدبيرية للمصالح اآلمرة بالصرف عن طريق قرار لوزير االقتصاد والمالية‬
‫‪180‬‬
‫وتتجلى هذه الصالحيات في ثالثة أمور أساسية تمر منها النفقة العمومية وهي‬ ‫الصادر سنة ‪،2008‬‬
‫‪:‬‬

‫‪ -1‬االلتزام بالنفقة ‪L'engagement de dépense :‬‬

‫فالتعريف االصطالحي لاللتزام بالنفقة هو كل تصرف تعمل من خالله المنظمة العمومية على‬
‫‪181‬‬
‫من‬ ‫خلق أو إقرار التزام من شأنه أن ينتج عنه تحمل‪ ،‬وااللتزام بالنفقة كما جاء تعريفه في الفصل ‪33‬‬
‫المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬يتفرع إلى التزام قانوني والتزام محاسبي‪ ،‬فااللتزام‬
‫المحاسبي يقوم به اآلمرون بالصرف من خالل إصدار سندات أو طلبيات أو عقود يقترح فيها التزاما بنفقة‬

‫معززة بالوثائق الضرورية‪ ،‬ورصد المبالغ المقترحة‪ ،‬وفي المرحلة الثانية‪ ،‬يقرر اآلمرون بالصرف بإرادة‬
‫صادقة وملتزمة بتحقيق وإنجاز النفقة أو إعطائها الطابع القانوني‪ ،‬أي إحداث تحمل أو الكشف عنه‬

‫قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2292.08‬صادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ ، 2008‬بتحديد النظام المرجعي الفتحاص الكفاءة التدبيرية للمصالح اآلمرة‬ ‫‪180‬‬

‫بالصرف‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 5705‬بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪.2009‬‬


‫لقد حدد الفصل ‪ 33‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية لاللتزام كما يلي ‪" :‬االلتزام هو العمل الذي تحدث أو تثبت‬ ‫‪181‬‬

‫بموجبه المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل‪ ،‬وال يمكن التعهد به إال من طرف اآلمر بالصرف الذي يعمل وفقا لسلطاته"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫كأداء الديون‪ ،‬أو االلتزام الدوري اتجاه منظمات أو مؤسسات أو أفراد‪.‬‬ ‫‪182‬‬
‫بشكل إرادي أو غير إرادي‪،‬‬

‫وعلى العموم يمكن أن يتجلى االلتزام بالنفقة من طرف اآلمرين بالصرف في نوعين من‬
‫االلتزام‪:‬‬

‫‪ -‬االلتزام االنفرادي ‪ :‬الذي يقضي بأن ينفرد اآلمرون بالصرف باتخاذ قرار أحادي الجانب ينشأ من‬
‫خالله تحمل للمنظمة العمومية‪ ،‬فيلتزمون بإرادتهم المنفردة إلحداث أو تحقيق الغاية من النفقة‬
‫الملتزم بها في إطار بنود الميزانية‪ ،‬والترخيصات المسموح بها في البرامج االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬فمتخذي القرار المالي يترجمون اختيا ارتهم الحرة إلى تحقيق غاية نفعية للمنظمة‬

‫العمومية بشكل منفرد وحر‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزام التعاقدي ‪ :‬وهو مجال التعاقدات االتفاقية وعقود الصفقات العمومية يلتزم فيه الطرف‬
‫المتعهد والطرف المتعهد له من أجل تحقيق أو تحمل دين على المنظمة العمومية من أجل توريد‬
‫‪183‬‬
‫ومنها الصفقات‬ ‫أو تقديم خدمات أو إنجاز أشغال‪ ،‬وهذا ما يدخل في إطار العقود اإلدارية‬
‫العمومية‪ ،‬فكل هذه العقود وااللتزامات يتم التوقيع عليها من طرف اآلمرون بالصرف أو مندوبيهم‬
‫المفوضين‪ ،‬فهؤالء يتمتعون بسلطات وصالحيات تسمح لهم بأن يفرضوا على المتعاقدين اآلخرين‬

‫مع اإلدارة شروطا استثنائية غير مألوفة في العقود الخاصة‪.‬‬

‫ففي هذه العقود يملك اآلمرون بالصرف صالحيات واسعة في اختيار أو استبعاد المتعاقد مع‬
‫‪184‬‬
‫اإلدارة من خالل فرض شروط خاصة أو حتى حد فسخ العقد‪.‬‬

‫فااللتزام بالنفقة قد يكون أيضا عمال غير إرادي "‪ "Involontaire‬عندما ينشأ نتيجة حدوث‬
‫‪185‬‬
‫كأن تتسبب سيارة تابعة للدولة أو إحدى هيئاتها في إصابة شخص‬ ‫وقائع غير مقصودة أو عارضة‬
‫بحادثة‪ ،‬م ما تضطر الدولة إلى دفع مبلغ تعويض معين‪ ،‬فالواقعة هنا مادية وغير إرادية‪ ،‬حيث يكتفي‬

‫اآلمرون بالصرف بتسجيل وتثبيت الواقعة بعد التأكد من وقوعها من أجل أداء الدين أو النفقة المترتبة عن‬

‫‪182‬‬
‫‪LOZE (M) : "Les finances de l'état…....................", op.cit, p : 455.‬‬
‫للتوسع في هذا المجال يمكن الرجوع إلى محمد األعرج ‪" :‬العقود اإلدارية" في جزأين‪ ،‬إصدار م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬لسنة ‪.2011‬‬ ‫‪183‬‬

‫في هذا اإلطار يمكن الرجوع إلى قرار المحكمة اإلدارية بمراكش عدد ‪ 89‬بتاريخ ‪ 2005/03/14‬مقاولة آيت با موحى ضد المؤسسة الجهوية‬ ‫‪184‬‬

‫للتجهيز والبناء لتانسيفت‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 63-62‬ماي‪-‬غشت ‪ ،2005‬ص‪.266:‬‬
‫عبد الفتاح بلخال ‪" :‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي"‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬فبراير ‪ ،2005‬المحمدية‪ ،‬ص‪.320:‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪85‬‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬تصفية النفقة ‪Liquidation de dépense :‬‬


‫‪186‬‬
‫النفقة وحصرها‪،‬‬ ‫بعد أن يتم االلتزام بالنفقة‪ ،‬تأتي المرحلة الثانية المتعلقة بتصفية أو تحديد‬
‫وفي هذه المرحلة تراقب اإلدارة نفسها بنفسها‪ ،‬وتهدف من خاللها إلى إثبات الدين المترتب على المنظمة‬
‫‪187‬‬
‫فقد حدد مرسوم ‪ 21‬أبريل‬ ‫العمومية وضبط مقداره وتحديد مبلغ النفقة الواجبة‪ ،‬وعدم سقوطها بالتقادم‪،‬‬
‫‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية بتنصيصه على أنه ‪" :‬تسقط بصفة نهائية كل الديون المترتبة على‬
‫الدولة والتي لم تتم تصفيتها أو األمر بصرفها أو تأديتها في أجل أربع سنوات من تاريخ افتتاح السنة‬
‫‪188‬‬
‫مع ضرورة التأكد من األشخاص والمنظمات الدائنة والمدينة للدولة من أجل إجراء مقاصة‬ ‫المالية"‪،‬‬
‫‪ Compensation‬بين الدينين‪ ،‬وعلى دائني المنظمة العمومية أن يقيموا الدليل على دائنيتهم لها بتقديم‬
‫اإلثباتات الضرورية واألوراق الرسمية التي تثبت ذلك كإنجاز الخدمة أو توريد سلعة أو القيام بأشغال‬
‫‪189‬‬
‫بالمعاينة الميدانية والملموسة كالقيام باألشغال والتحقق من‬ ‫لفائدة الدولة أو هيئاتها‪ ،‬وتتم هذه اإلثباتات‬
‫السلع الموردة بالفواتير ومطابقتها لسندات الطلب الرسمية‪ .‬أما بعض النفقات االستثنائية فال تحتاج لتدخل‬
‫اآلمرين بالصرف أو الدائنين من أجل إثباتها بل يتحقق اإلثبات تلقائيا وبحكم القانون كنفقات الدين‬
‫العمومي التي تسدد بحلول أجلها‪ ،‬وهناك أيضا بعض النفقات التي تدفع قبل حلول أجلها استثناء من‬
‫القاعدة التي تؤكد على إنجاز الخدمة قبل االلتزام باألداء وتطبق هذه الحالة في عقود الصفقات العمومية‬

‫ينص الفصل ‪ 34‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬تهدف التصفية إلى التأكد من حقيقة الدين وحصر مبلغ النفقة"‪.‬‬ ‫‪186‬‬

‫ويباشر هذه التصفية رئيس المصلحة المختص تحت مسؤوليته بعد االطالع على السندات التي تثبت الحقوق المكتسبة‪.‬‬
‫ومن األحكام اإلدارية التي حكمت بسقوط النفقة بالتقادم‪ ،‬حكم إدارية الرباط رقم ‪ 2449‬بتاريخ ‪ ،2007/12/04‬مصطفى المعموري ضد مدير‬ ‫‪187‬‬

‫الضرائب‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 85-84‬يناير‪-‬فبراير ‪ ،2009‬ص ‪.245 :‬‬
‫تختلف آجال التقادم حسب نوعية الديون المعنية ‪:‬‬ ‫‪188‬‬

‫‪ 4‬سنوات بالنسبة للضرائب والرسوم المشابهة لها‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ 5‬سنوات بالنسبة لمداخيل وعائدات أمالك الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 20‬سنة بالنسبة للغرامات الناتجة عن الجرائم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 5‬سنوات بالنسبة للغرامات الناتجة عن الجنح‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنتان بالنسبة للغرامات الناتجة عن المخالفات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إال أن التقادم ينقطع كلما بادر المحاسب باتخاذ إجراء من إجراءات التحصيل الجبري‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 81‬من المرسوم الملكي المتعلق بنظام المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬تبين إثباتات نفقات األدوات في قوائم‪ ،‬أما‬ ‫‪189‬‬

‫إثباتات نفقات األدوات غير المبينة في هذه القوائم‪ ،‬فتشتمل وجوبا على اإلدالء برسم االلتزام أو إثبات الخدمة المنجزة‪ ،‬أو بيان الحساب‪ ،‬وعند‬
‫االقتضاء االستناد إلى رقم التقييد في اإلحصاء"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫التي تسدد كأقساط تدفع على شكل تسبيقات تخصم في األخير من المبلغ اإلجمالي للصفقة مراعاة‬

‫لظروف المتعاقدين مع اإلدارة والخوف من سقوطهم في صعوبات مالية‪ ،‬مما يضطرهم إلى فسخ العقد أو‬
‫مطالبة اإلدارة بمراجعة بنود الصفقة أو مطالبتها بالتعويض‪.‬‬

‫ومن صالحيات اآلمرين بالصرف فسخ العقد دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي باستثناء‬
‫عقد التزام المرافق العامة‪ ،‬الذي البد من أجل فسخه من تدخل القضاء نظ ار للظروف الخاصة التي تؤطر‬
‫‪190‬‬
‫هذا النوع من العقود وأهمية العناصر المستخدمة في تنفيذه‪.‬‬

‫وفي حالة رفض اآلمرين بالصرف ألمر األداء اتجاه دائنيهم‪ ،‬فيمكن أن يواجهوا بفرض‬

‫غرامات تهديدية من طرف القضاء‪ ،‬وهذا األمر لم يكن ممكنا في السابق‪ ،‬أما اليوم فاألمر عادي نظ ار‬
‫‪191‬‬
‫فقضية امتناع اآلمرين بالصرف (اإلدارة) عن تنفيذ‬ ‫لتطور األحكام اإلدارية واالجتهادات القضائية‪.‬‬
‫األحكام القضائية ظاهرة غير صحية وغير سليمة‪ ،‬إال أن الغرامات التهديدية قد حلت جزء من الظاهرة‪،‬‬
‫‪192‬‬
‫وقد شغلت هذه الظاهرة اهتمام الباحثين والمهتمين بقضايا اإلدارة وقد شكلت مواضيع للبحث والدراسة‬
‫‪193‬‬
‫الحائزة لقوة الشيء‬ ‫لتسليط الضوء على اآلمرين بالصرف الممتنعين عن تنفيذ األحكام القضائية‬
‫المقضي به‪ ،‬مما جعل هذه األحكام موضع تحقير للعدالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقانون المقارن فقد اتجه المشرع الفرنسي إلى إقرار وسائل إكراه معنوية إلرغام‬
‫الممتنعين عن تنفيذ األحكام‪ ،‬فإذا ما صدر حكم قضائي‪ ،‬يتعلق بصرف نفقة عمومية مشروعة وامتناع‬
‫اآلمرين بالصرف عن تنفيذها يحق للدائنين أن يلجأوا إلى مجلس الدولة أو إلى الوسيط " ‪Le‬‬
‫‪194‬‬
‫وبعد ذلك اتجه المشرع الفرنسي إلى‬ ‫‪ "Médiateur‬قصد إشهار رفضهم حتى يعلم العموم بسوء نيتهم‪،‬‬
‫إمكانية رفع‬ ‫‪195‬‬
‫ابتكار وسائل جديدة أكثر نجاعة وفاعلية ومن هذه الوسائل التي سنها القانون الفرنسي‪.‬‬

‫ملكية الصروخ ‪" :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1996 ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.318 :‬‬ ‫‪190‬‬

‫على سبيل المثال أنظر حكم عدد ‪ 105‬المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء شركة البناء واإلنعاش العقاري ضد قائد المجاطية أوالد الطالب حكم‬ ‫‪191‬‬

‫منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 85-84‬يناير أبريل ‪ ،2009‬ص ‪.251 :‬‬
‫عبد هللا حداد ‪" :‬ظ اهرة عدم امتثال اإلدارة ألحكام القضاء"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪،1995 ،1‬‬ ‫‪192‬‬

‫ص ‪.69 :‬‬
‫‪Voir aussi : EL YAAGOUBI (M) : "L'inexécution des décisions de justice administrative une atteinte intolérable‬‬
‫‪aux droits de l'homme", REMALD, n°28, Juillet et Septembre 1999, p : 66 et suite.‬‬
‫‪ 193‬منشور الوزير األول عدد ‪ 37/98‬بتاريخ ‪ 31‬غشت ‪ 1998‬بشأن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫‪MARTINEZ (J.C) et DIMALTA (P) : "Le droit budgétaire",.................. op.cit, p : 564.‬‬
‫‪195‬‬
‫‪Loi n°80-539 du 16 juillet 1980 relative aux astreintes prononcés en matière administrative et à l'exécution‬‬
‫‪des jugements par les personnes morales de droit public.‬‬

‫‪87‬‬
‫من طرف الدائن إلى مجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ضد اآلمرين بالصرف‬ ‫‪196‬‬
‫القضية‬

‫الذين يرفضون تنفيذ األحكام القضائية حسب قانون ‪.1980‬‬

‫لقد أصبح بإمكان مجلس الدولة الفرنسي أن يحكم بالغرامة التهديدية على الجهاز العمومي‬
‫الذي لم يمتثل للق اررات واألحكام القضائية الصادرة عن المحاكم‪.‬‬

‫ولقد أصبح أيضا بإمكان الحائز على حكم قضائي نهائي يدين الدولة وهيئاتها في مدة أربعة‬
‫أشهر ابتداء من تاريخ تبليغها بذلك بالوسائل القانونية المتاحة‪ ،‬ويمكن أن يمتد األجل إلى ستة أشهر في‬
‫حالة عدم كفاية االعتمادات المالية‪ ،‬أن يقوم المحاسب من دون صدور أمر باألداء بتنفيذ الحكم فورا‪ ،‬أما‬

‫بالنسبة للجماعات المحلية والمؤسسات العمومية إذا انصرم أجل أربعة أشهر ولم يصدر أمر باألداء من‬
‫قبل اآلمرين بالصرف يمكن لسلطة الوصاية أن تأمر بصرف النفقة بقوة القانون‪ ،‬وفي حالة عدم كفاية‬
‫االعتماد يتعين عليها أن تفتح اعتمادات إضافية الزمة لصرف النفقة المدين بها لدى الدائن‪.‬‬

‫‪ -3‬األمر بالصرف‪ :‬حسب الفصل ‪ 35‬من المرسوم الملكي الخاص بسن نظام عام للمحاسبة‬
‫العمومية فإن األمر بالصرف هو العمل اإلداري الذي يحتوي طبقا لنتائج التصفية على األمر بأداء دين‬
‫المنظمة العمومية ويقوم بهذا العمل اآلمرون بالصرف‪ .‬ويترتب عن األمر بالصرف إصدار سند لآلمرين‬

‫بالصرف أو لتحرير حوالة وسند لألداء‪ ،‬إذا بوشر األمر بالصرف أو تحرير الحوالة لفائدة منظمة عمومية‬
‫وجب إصدار سند األداء لصالح المحاسب المكلف بمداخيل المنظمة المعنية باألمر‪.‬‬

‫يقوم اآلمرون بالصرف تحت مسؤوليتهم بتسليم األوامر بالصرف أو حواالت األداء للمستفيدين‪،‬‬

‫ويباشر هذا التسليم مقابل إبراء بعد التعرف على هويتهم أو صحة سلطات ممثليهم‪.‬‬

‫فاألمر باألداء يجب أن يتخذ في حدود االعتمادات المفتوحة بالميزانية والملتزم بها قانونا أو في حدود‬
‫االعتمادات المتوفرة بعد صرف النفقات التي سبقت اتخاذه‪ .‬كما يجب أن يتخذ األمر باألداء احتراما للمدة‬

‫المحددة إلصداره برسم السنة المالية‪ ،‬ذلك أن التاريخ األقصى لألمر بالدفع أو األداء برسم شهر معين هو‬
‫‪ 22‬من نفس الشهر‪ ،‬أما التاريخ األقصى إلصدار األوامر باألداء برسم السنة المالية فيحدد في ‪20‬‬

‫لقد تم رفع حوالي ‪ 35‬قضية إلى مجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية في الفترة ما بين ‪ 1981‬و‪ ،1982‬وتمت تسوية كل القضايا‬ ‫‪196‬‬

‫قبل البت فيها من قبل المجلس من طرف النيابة العامة‪ ،‬مما يدل على فعالية وفاعلية هذا اإلجراء‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪197‬‬
‫دجنبر بخصوص النفقات المتعلقة باألدوات وفي ‪ 25‬دجنبر بخصوص نفقات الموظفين‪.‬‬

‫وهناك بعض الحاالت التي يرفض فيها الدائن تسلم سند األداء أو عند االقتضاء األداء نفسه‪،‬‬
‫فهنا يجوز لآلمر بالصرف تكليف المحاسب العمومي بإيداع مبلغ األداء بصندوق اإليداع والتدبير بشرط‬
‫أن يطلع على ذلك الدائن بواسطة رسالة مضمونة مع اإلعالم بالتوصل‪ ،‬وال يمكن أداء األوامر بالصرف‬
‫أو الحواالت إال بعد التأشير عليها من طرف المحاسب المكلف بالنفقة‪ .‬وهو من اختصاص وصالحية‬
‫األمرين بالصرف أو اآلمرين بالصرف المساعدين الذين يأمرون المحاسبين بدفع النفقة‪.‬‬

‫فإذا كانت هذه هي صالحيات اآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ الميزانية فما هي إذن‬

‫صالحيات الطرف اآلخر المكلف بالتنفيذ المادي للنفقة العمومية أال وهم المحاسبون العموميون ؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬صالحيات المحاسبين العموميين في المجال المالي‬

‫من أهم الصالحيات التي يضطلع بها المحاسبون العموميون في مجال تنفيذ الميزانية العامة‬
‫هي اإلشراف الفعلي على عملية تحصيل المداخيل‪ ،‬وتنفيذ أوامر النفقات الصادرة عن اآلمرين بالصرف‬
‫أو مفوضيهم‪ ،‬وتتحدد اختصاصاتهم حسب الفصل ‪ 9‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية‬
‫بالتكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها اآلمرون بالصرف وكذا تحصيل الديون المثبتة بعقد أو رسم ملكية‬

‫أو أي سند آخر يكون محفوظا لديهم‪ ،‬والقيام باستيفائها واستخالص الحقوق نقدا؛ وفي مجال النفقات‬
‫القيام بأداء األوامر الصادرة عن اآلمرين بالصرف المعتمدين‪ ،‬وإما بعد االطالع على السندات التي‬
‫يقدمها الدائنون‪ ،‬أو من تلقاء أنفسهم‪ ،‬وكذا اإلجابة على التعرضات والتبليغات األخرى‪.‬‬

‫فالمحاسبون العموميون يتولون التنفيذ المادي للميزانية في مرحلتها المحاسبية‪ ،‬وذلك بعدما‬
‫يقرر اآلمرون بالصرف بشأن العمليات اإلدارية الخاصة بالنفقة أو التحصيل‪ .‬واستنادا إلى النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية ينحصر دور المحاسبين في تنفيذ أوامر المداخيل (الفقرة األولى)‪ ،‬وصرف‬

‫االعتمادات فيما يخص عمليات النفقات (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬صالحيات المحاسبين العموميين على مستوى التحصيل‬

‫لقد أكد المشرع المغربي على صالحيات المحاسبين العموميين في مجال تحصيل المداخيل في كل من‬

‫الفصل ‪ 90‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪.1967‬‬ ‫‪197‬‬

‫‪89‬‬
‫ وأيضا في‬،‫ المنظم للمحاسبة العمومية‬1967 ‫ أبريل‬21 ‫الفصل التاسع من المرسوم الملكي الصادر في‬

‫المتعلق‬ 198
45-08 ‫ المعدل والمتمم عدة مرات آخرها قانون‬1976 ‫ شتنبر‬30 ‫الفصل الثاني من مرسوم‬
،‫ وأفرد لهم دو ار تنفيذيا‬،‫ لذا يناط بالمحاسبين العموميين مهمة صالحية التحصيل‬،‫بالتنظيم المالي المحلي‬
‫ باستثناء‬،‫إذ ال يملكون خيا ار آخر غير تنفيذ األوامر الصادرة عن اآلمرين بالصرف مادامت مشروعة‬
‫ كاحترام المدة واآلجال‬،‫قيامهم ببعض المراقبات الشكلية واإلجراءات المسطرية التي ينظمها القانون‬
‫ فعلى المحاسبين العموميين توخي الحيطة والحذر أثناء تحصيل الموارد‬،‫الالزمين للقيام بالتحصيل‬
‫كالتقادم أو اإلغفال أو عدم أخذ المبادرة الالزمة في مجال اتخاذ اإلجراءات الضرورية في مجال‬

،‫ فهم مجبرون ومسؤولون عن تلك المبالغ واالستخالصات‬،‫االستخالص في حق الممتنعين عن األداء‬


199
.‫وكذا اإلجراءات الضرورية اتجاه الهيئات العمومية المعنية‬

‫فالمحاسبون العموميون مطالبون في إطار اختصاصاتهم بتتبع العديد من المساطر التي تتعلق‬
‫ المتعلق‬2000 ‫ ماي‬3 ‫ ثم ممارسة إجراءات التحصيل في إطار ما جاء به ظهير‬،‫بمراقبة أوامر التحصيل‬
‫ المتعلق بالمتابعات في ميدان‬1935 ‫ غشت‬21 ‫بتحصيل الديون العمومية الذي نسخ مقتضيات ظهير‬
‫في مجال تحصيل الديون العمومية بين االلتزام‬ 200
‫ وقد ميز الفقه‬.‫تحصيل الضرائب والرسوم المماثلة‬

08 ‫ بتاريخ‬5811 ‫ر عدد‬.‫ ج‬،‫ بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‬2010 ‫ يناير‬3 ‫ صادر في‬2.09.441 ‫مرسوم رقم‬ 198

.2010 ‫فبراير‬
‫ بتاريخ فاتح‬4800 ‫ر عدد‬.‫ ج‬،2000 ‫ ماي‬3 ‫ بتاريخ‬15-97 ‫ من مدونة تحصيل الديون العمومية الصادرة بموجب القانون رقم‬125 ‫الفصل‬ 199

.2000 ‫يونيو‬
: ‫ لقد اعتبر جاك مانيي أن‬200
"La loi suivant laquelle la responsabilité est engagée dès lors que les recettes n'ont pas été recouvrées nécessite
en premier lieu pour être applicable que soit, précise le terme "lors", à l'échéance duquel existe cette
responsabilité, il y a été pourvu par les règlements particuliers aux différents services qui intiment des délais
divers suivants les genres et espèces des recettes, à l'expiration duquel des recettes doivent avoir été recouvrées.
Les délais ainsi fixés expirés sans que les recettes aient été recouvrées. La responsabilité des comptables se
trouve alors engagées.
L'interprétation de cette expression pose la question de savoir quelles est au juste la conséquence de l'échéance
de ce terme sur la situation des comptables. La réglementation et la jurisprudence y répondre de deux façons :
- Dans un premier système, les comptables deviennent débiteurs par la seule échéance du terme, et ne
peuvent être dispensé de verser de leurs deniers personnels les droits non recouvrées qu'en vertu de
décision expresses.
- Dans un autre système, les comptables ne deviennent pas débiteur par la seule échéance du terme : Ils
sont seulement tenu de justifier de leur action en recouvrement et ne deviennent débiteurs qu'en vertu de
décision expresses qui les déclarent tels. Leur obligation n'est donc pas dans les termes de la doctrine
civiliste une obligation de résultat, donc la seule constatation de l'inexécution aurait pour conséquence
immédiate leur responsabilité effective, mais une simple obligation de moyen, cette responsabilité
virtuelle ne devenant effective qu'autant que l'administration ou le juge des comptes auront estimé
insuffisants les moyens employés pour reprendre le terme habituel en jurisprudence les déligences
faites".

90
‫ببذل العناية وااللتزام بتحقيق الغاية كاألستاذ جاك مانييي "‪ ."Jacques Magnet‬ومن بين هذه األمور‬

‫التي يجب مراعاتها هي مراقبة أوامر التحصيل وإجراءاتها‪.‬‬

‫أ‪ -‬مراقبة أوامر تحصيل المداخيل ‪:‬‬

‫قبل الشروع في تحصيل الموارد والديون العمومية‪ ،‬وبعد تسلمها بشكل رسمي من اآلمرين‬
‫بالصرف‪ ،‬يتعين على المحاسبين العموميين التأكد من صحة وقانونية هذه األوامر وذلك بمراقبة صحة‬
‫االستخالص وإدراجه في األبواب والفصول المخصصة له‪ ،‬وكذلك التحقق من الوثائق المثبتة‬
‫لالستخالص كما ينص عليها القانون خصوصا في الفصل ‪ 26‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬

‫العمومية المغربي لسنة ‪ ،1967‬فالمداخيل التي ال يؤذن فيها بموجب القوانين واألنظمة‪ ،‬وميزانيات‬
‫المداخيل يمنع استخالصها كيفما كانت الصفة أو االسم الذي سوف تستخلص به‪ ،‬ويتابع من استخلصها‬
‫من طرف السلطات المخولة لها ذلك‪ ،‬باإلضافة إلى دعوى االسترداد التي يمكن‬ ‫‪201‬‬
‫من أجل العذر‬
‫إقامتها خالل ثالث سنوات على من قام باالستخالص بدون وجه حق‪.‬‬

‫وتقتضي صالحيات المحاسبين العموميين الحرص قبل القيام بإج ارءات التحصيل‪ ،‬التأكد من‬
‫صحة الدين وتصفيته‪ ،‬ومراقبة التراخيص بالتحصيل الموضوعة من طرف اآلمرين بالصرف أو القوانين‬

‫واألنظمة كقوانين المالية فيما يخص المداخيل العمومية‪ ،‬أو من خالل الق اررات الضريبية والرسوم الخاصة‬
‫بالجماعات المحلية‪ ،‬والمؤشر عليها من طرف و ازرة الداخلية وو ازرة المالية‪ ،‬وفي حالة العكس تكون‬

‫مسؤولية هؤالء قائمة رغم إرجاع المبالغ المحصلة‪ ،‬بل وقد تمتد األمور حتى إلى المساءلة الجنائية‪.‬‬

‫وبهذا الصدد أسندت المادة الرابعة من قانون ‪ 15-97‬اختصاص إصدار أوامر المداخيل إلى‬
‫‪202‬‬
‫اآلمرين بالصرف على اختالف أنواعهم ودرجاتهم‪ ،‬كل في مجال عمله وفي نطاق اختصاصاته‪،‬‬
‫وتذيل هذه األوامر التحصيلية بصيغة القوة التنفيذية بمجرد التوقيع عليها من طرف اآلمرين بالصرف‬

‫‪Voir : MAGNET (J) : "Le recouvrement…", revue française des finances publiques, 1984, Edition L.G.D.J,‬‬
‫‪Paris, p : 71 et suite.‬‬
‫‪ 201‬الفصل ‪ 241‬من القانون الجنائي المغربي الصادر بموجبه ظهير ‪ 26‬نونبر ‪ 1962‬كما عدل وتمم بالقانون رقم ‪ 79.03‬المتعلق بتغيير وتتميم‬
‫مجموعة القانون الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5248‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪.2004‬‬
‫تنص المادة ‪ 4‬من قانون ‪ 15.97‬على ما يلي ‪" :‬تستوفى الديون العمومية ‪:‬‬ ‫‪202‬‬

‫عن طريق األداء التلقائي‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫أو بواسطة تصريح الملزمين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أو بموجب أوامر بالمداخيل فردية أو جماعية يصدرها وفقا للقانون اآلمرون بالصرف المختصون‪."...‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪91‬‬
‫بالنسبة لمختلف الديون العمومية‪ ،‬وبعدها تصبح قابلة للتنفيذ من طرف المحاسبين العموميين‪ .‬وبالنسبة‬

‫لمستخرجات األحكام وق اررات العجز الصادرة عن المحاكم المالية‪ ،‬وكذا اإلدانات النقدية في ميدان‬
‫الجمارك والغرامات والصوائر والمصاريف القضائية‪ ،‬فال يمكن الشروع في تحصيلها إال بعد أن تصبح‬
‫نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به‪.‬‬

‫ولتسهيل عملية المراقبة على المحاسبين العموميين عليهم التأكد من أسس تصفية العناصر‬
‫التي يتأتى بها التعرف على المدين وصفته‪ ،‬وكذا جميع المعلومات التي من شأنها ضمان المراقبة‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 10‬من نظام المحاسبة العمومية لسنة ‪.1967‬‬

‫ب‪ -‬ممارسة إجراءات التحصيل ‪:‬‬

‫لقد عرفت المادة األولى من مدونة تحصيل الديون العمومية رقم ‪ 15.97‬التحصيل بأنه ‪:‬‬
‫"مجموع العمليات واإلجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات‬
‫العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬أو ناتجة عن‬
‫أحكام وق اررات القضاء أو عن االتفاقات"‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكد بأن المحاسبين العموميين ملزمين بالقيام في ظل آجال محددة بإجراءات مختلفة‬
‫‪203‬‬
‫تبتدئ من ما يسمى بالتحصيل الحبي وفي حالة فشل هذا اإلجراء يتم اللجوء إلى التحصيل‬ ‫ومرتبة‪،‬‬
‫من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ .‬لذلك ينطوي التحصيل كيفما‬ ‫‪204‬‬
‫الجبري المقننة مراحله بالمادة ‪39‬‬
‫كان ن وعه على قيام المحاسبين العموميين بمجموعة من اإلجراءات والمتابعات القانونية ضد الملزمين‬

‫المتقاعسين أو الممتنعين قصد إجبارهم على تسديد ما بذمتهم من ضرائب ورسوم وغرامات وغيرها‪،‬‬
‫وتكتسي هذه العمليات أهمية خاصة وكبرى بالنسبة للمحاسبين نظ ار ألهميتها وتأثيرها على مداخيل‬
‫الخزينة العامة للدولة من أجل تغطية النفقات الملحة‪ ،‬رغم تعارض تخصيص مدخول معين من أجل تنفيذ‬

‫ل لتوسع في هذه النقطة يمكن الرجوع إلى إسماعيل ناصر ‪" :‬المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي"‪ ،‬حالة قباض الجماعات المحلية‪،‬‬ ‫‪203‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ ،2004-2003‬ص ‪ 28 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 39‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المنظم لمدونة تحصيل الديون العمومية التي حددت هذه اإلجراءات والمراحل في ‪:‬‬ ‫‪204‬‬

‫‪" -1‬اإلنذار القانوني‪.‬‬


‫‪ -2‬الحجز‪.‬‬
‫‪ -3‬البيع‪.‬‬
‫ويمكن اللجوء أيضا إلى اإلكراه البدني لتحصيل الضرائب والرسوم والديون العمومية األخرى"‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫نفقة معينة‪ ،‬وقد أصبحت المتأخرات من الديون والضرائب تشكل عائقا أمام بوادر التنمية سواء منها‬

‫الوطنية أو التنمية المحلية‪ ،‬نظ ار لتفاقم ظاهرة التملص والتهرب الضريبي‪ ،‬وكذا التحايل على القوانين‬
‫الجاري بها العمل كاإلفالس واإلعسار المفتعل‪ ،‬فناد ار ما تصل مداخيل الضرائب وغيرها إلى الخزينة‬
‫بطرق سهلة وتحقق المبتغى‪ ،‬حيث صرح بذلك وزير المالية واالقتصاد أمام لجنة المالية بمجلس‬
‫على عكس ما يجري بالبلدان‬ ‫‪205‬‬
‫المستشارين أثناء مناقشة مشروع مدونة تحصيل الديون العمومية‪،‬‬
‫‪ %96‬لذا فعلى‬ ‫‪206‬‬
‫المتقدمة ومنها فرنسا والتي قد يصل معدل تحصيل الديون العمومية فيها إلى حوالي‬
‫المحاسبين العموميين بذل العناية الالزمة لتتبع كل مراحل التحصيل‪ ،‬لكي ال تسقط بالتقادم الذي يعتبر‬

‫من النظام العام‪ ،‬وبالتالي ال يمكن إثارته من طرف المدين أو من طرف القاضي أو كل من له مصلحة‬
‫في ذلك وخالل جميع مراحل المنازعة وقد نص القانون المغربي على التقادم في عدة نصوص‪ ،‬ففي‬
‫قانون الضريبة العامة على الدخل تنص المادة ‪ 113‬على مدة التقادم‪ ،‬وفي الضريبة على القيمة المضافة‬
‫نصت عليها المادة ‪ ،54‬وقد حددت المادة ‪ 51‬مدة التقادم في أربع سنوات وهو ما يسمى "بالتقادم‬
‫واعتبرها من النظام العام‪.‬‬ ‫‪207‬‬
‫الرباعي"‪ .‬وقد أثار القضاء اإلداري المغربي قضية التقادم في عدة أحكام‬
‫وعلى هذا األساس يحق للمحاسبين العموميين بعد إصدار األمر بتحصيل الضرائب والرسوم المماثلة لها‬
‫من طرف اآلمرين بالصرف مدة أربع سنوات قصد الشروع في تحصيلها‪ ،‬وإلى غاية آخر يوم من السنة‬
‫الرابعة الموالية للسنة الحق في التحصيل‪ ،‬ونشير هنا إلى أن أغلب الضرائب تتقادم بأربع سنوات باستثناء‬
‫الضريبة على األرباح العقارية التي تتقادم بثالث سنوات‪ ،‬أما فيما يخص التسجيل والرسوم المستحقة عنه‪،‬‬

‫فقد حددت ب شأنها المدونة ثالثة أنواع من مدد التقادم فهناك التقادم الثالثي كضريبة األرباح العقارية فيما‬
‫يخص تكملة رسوم التسجيل بشأن مراجعة األثمنة التي تقوم بها إدارة التسجيل أو األخطاء التي قد تكون‬

‫قد ارتكبت من طرف هذه األخيرة‪ .‬والمدة الثانية حددت في ‪ 15‬سنة حسب المادة ‪ 16‬من مدونة التسجيل‬

‫فيما يخص التعريفة المخفضة فيما يخص البيوعات العقارية المختلفة‪ ،‬والمدة الثالثة واألخيرة حددت في‬
‫‪ 30‬سنة كما نصت على ذلك المادة ‪ 49‬من نفس القانون وهي مدة ليست بالقصيرة بالنسبة لعمليات‬
‫التفويتات غير المسجلة والبيوعات الخفية والمستترة بالنسبة للعقارات‪ .‬وقد تعمد المشرع المغربي في إطالة‬

‫عبد الرحمان أبليال ورحيم الطور ‪" :‬تحصيل الضرائب والديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،2000 ،‬ص‪.7:‬‬ ‫‪205‬‬

‫‪206‬‬
‫‪MARTINEZ (J.C) et DIMALTA (P) : "Droit fiscal contemporain",éd. Litec, 1988, p : 298.‬‬
‫حكم إدارية وجدة عدد ‪ 86/95‬بتاريخ ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1995‬ملف عدد ‪ 79/94‬عمراني رحمة ضد الخازن العام للمملكة‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪207‬‬

‫‪93‬‬
‫مدة التقادم في هذا األمر من أجل حماية حقوق الدولة وحماية المال العام‪ ،‬وصد ومتابعة المتملصين من‬
‫‪208‬‬
‫أداء هذه الحقوق‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته على اختالف مدد التقادم هو طرح إشكاليات قانونية معقدة حاول‬
‫القضاء معالجتها ولم يفلح حيث تباينت مواقفه وأحكامه حسب نوع القضايا المعروضة عليه‪ ،‬فتارة يؤسس‬
‫‪209‬‬
‫وتارة‬ ‫أحكامه على التقادم الطويل األمد كما في قضية "فوقلة فتيحة" ومن معها ضد الدولة المغربية‪.‬‬
‫وذلك حسب األحوال ومنها إصدار أو تقاعس إدارة التسجيل‬ ‫‪210‬‬
‫أخرى يبني أحكامه على التقادم الثالثي‪،‬‬
‫في تنفيذ األمر باالستخالص‪.‬‬

‫ولتفادي سقوط التقادم يمكن لإلدارة الضريبية أو لآلمرين بالصرف بصفة عامة إلحياء األجل‬
‫هو القيام باإلجراءات القانونية عن طريق تبليغ الملزمين بكل وسائل التبليغ القانونية‪ ،‬حيث تترتب عن هذا‬
‫‪211‬‬
‫كما تقطع مدة احتساب التقادم عن‬ ‫اإلجراء انقطاع أجل التقادم وبداية حساب أجال التقادم من جديد‪.‬‬
‫طريق تعليق هذه المدة لما يتم الطعن في الضريبة من طرف الملزمين إما أمام اللجن المحلية لتقدير‬
‫الضريبة أو اللجن الوطنية للنظر في الطعون الضريبية‪ ،‬وبزوال سبب التعليق يبدأ االستمرار في احتساب‬
‫‪212‬‬
‫مدة التقادم‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار وبعد إحداث المحاكم اإلدارية بقانون ‪ 90-41‬تبين بشكل جلي االختالالت‬
‫المتعددة والمتنوعة المتعلقة بإجراءات التحصيل‪ ،‬وذلك من خالل الدعاوى المرفوعة من طرف المدينين أو‬
‫الملزمين اتجاه خزينة الدولة‪ ،‬والتي قضت في كثير من األحيان بسقوط حق المحاسبين العموميين في‬

‫نظ ار لسقوطها بالتقادم‪ ،‬مما جعل هذه األخيرة تحرك مسطرة إثارة المسؤولية‬ ‫‪213‬‬
‫المطالبة بديون الخزينة‬

‫محمد النجاري ‪" :‬نظرة حول التقادم الضريبي"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 19‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.83 :‬‬ ‫‪208‬‬

‫حكم إدارية وجدة رقم ‪ 17/96‬بتاريخ ‪ 24‬يناير ‪ 1996‬ملف عدد ‪ ،113/95‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪209‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬حكم عدد ‪ 44/96‬بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪ 1996‬قضية محمد الخالدي ضد الدولة المغربية‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪210‬‬

‫محمد النجاري ‪" :‬نظرة حول التقادم‪ ،"........‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 83 :‬وفي نفس اإلطار يمكن الرجوع إلى حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالدار‬ ‫‪211‬‬

‫البيضاء بتاريخ ‪ 1995/11/25‬حيث "اعتبرت المحك مة بأن القابض المكلف بالتحصيل لم يقم بأي إجراء قاطع للتقادم من تاريخ صدور جداول‬
‫الضرائب‪ ،‬حيث لم تدل إدارة الضرائب بما يفيد أنها قطعت التقادم‪ ،‬الشيء الذي يظل معه دفعها بغير أساس ويتعين بالتالي رده"‪.‬‬
‫حكم عدد ‪ 157‬صادر بتاريخ ‪ 1995/09/25‬ملف عدد ‪ 95/51‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 77‬و‪ 78‬يناير‪-‬فبراير‪-‬مارس وأبريل ‪،1997‬‬
‫مكتبة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.111 :‬‬
‫مرزاق محمد وأبليال عبد الرحمان ‪" :‬النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.249:‬‬ ‫‪212‬‬

‫مذكرة الخزينة العامة للمملكة رقم ‪ 116‬خ‪.‬ع‪.‬م بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 1999‬جاء فيها أنه ‪" :‬لوحظ تزايد متصاعد في عدد األحكام التي تقضي‬ ‫‪213‬‬

‫بسقوط حق المحاسبين في التحصيل الجبري‪ ...‬فإن المحاسبين العموميين المكلفين باستخالصها يتحملون مسؤولية أدائها"‪ ،‬كذلك يمكن الرجوع في‬

‫‪94‬‬
.‫لهؤالء المحاسبين بإحالة قرار عجزهم على وزير المالية من أجل اتخاذ اإلجراءات الضرورية في حقهم‬

،‫ فهما ال يختلفان عن موقف التشريع المغربي‬،‫وبالنسبة لموقف المشرع وكذا القضاء اإلداري الفرنسيين‬
214
‫من مدونة اإلجراءات الضريبية الفرنسي ينص على مسؤولية المحاسبين في المطالبة‬ 274 ‫فالفصل‬
،‫بالمتابعة القانونية للمتقاعسين خالل أربع سنوات لكي ال يفقدوا حقهم في استرداد حقوق الخزينة العامة‬
215
‫ واستنادا إلى كل ما قيل يجب‬.‫فقد كان له موقف مساير للنص القانوني المذكور أعاله‬ ‫أما القضاء‬
‫على المحاسبين العموميين أن يرفضوا أي أمر باالستخالص يوجه إليهم من قبل اآلمرين بالصرف إذا‬
‫ وبالتالي‬،‫ حيث إذا قبلوا به سيتحملون بشأنه مسؤولية شخصية ومالية‬،‫تبين لهم أنه قد سقط بالتقادم‬

‫سيعلن عن عجزهم ويعفى اآلمرون بالصرف من ذلك نظ ار إلغفالهم مراقبة قواعد التقادم المتعلقة‬
.‫بالتحصيل‬

: ‫ إجراءات التحصيل التنفيذية‬-‫ج‬

‫يتم استخالص الموارد العمومية عبر مجموعة من اآلليات التي تختلف بحسب طبيعة هذه‬
‫الموارد وتتراوح بين اآلليات ذات الطبيعة اإلجرائية أو اإلعدادية وهي التي تعتمد على إتباع مسطرتين‬
‫ أو مسطرة استثنائية يكون فيها التحصيل‬،‫ فهي إما مسطرة عادية يكون التحصيل فيها رضائيا‬،‫أساسيتين‬
‫ ويقصد بالمسطرة العادية لتحصيل الموارد مجموع اإلجراءات اإلدارية والقانونية والمحاسبية التي‬.‫جبريا‬

‫ في مسطرة منازعات تحصيل الضرائب على‬،‫ "تساؤالت حول اختصاص المحاكم اإلدارية‬: ‫هذا الموضوع للمزيد من اإلضافة إلى محمد النجاري‬
.20 ‫ إلى‬11 : ‫ ص‬،2001 ‫ مارس أبريل‬37 ‫ عدد‬،‫ت‬.‫م‬.‫إ‬.‫ المجلة م‬،"‫ضوء المدونة الجديدة‬
214
L'art. 274 déclare que : "Les comptables du trésor qui n'ont fait aucune poursuite contre un contribuable
retardataire pendant quatre années consécutive à partir du jour de la mise en recouvrement du rôle perdent leur
recours et son déchus de tous droits et tout action contre ce redevable.
Le délai de quatre ans mentionné au premier alinéa, par lequel se prescrit l'action en vue de recouvrement est
interrompue par tout actes comportant reconnaissance de la part des contribuables et par tous autres actes
interruptifs de la prescription".
: ‫ وقد جاء في حكم للمجالس الجهوية للحسابات الفرنسية حول تقادم الديون العمومية ما يلي‬215
"Il n'était justifié, pour le recouvrement d'impôt direct à la charge d'un contribuable que de commandement
interruptif de prescription et de l'inscription de l'hypothèque légale du trésor.
Ces diligences était insuffisantes, la cour a enjoint au trésorier payeur général de justifier des versements des
côtes non recouvrées en ce qui concerne les exercices de 1983-1986, statuant provisoirement :
- Attendu que les seules diligences dont le comptable a fait état consistent dans un commandement en
date du 31 Août 1983 renouvelé quatre ans plus tard en vue d'interrompre la prescription, dans
l'inscription de l'hypothèque légale du trésor en avril 1988, et dans les avis à tiers détenteur sur compte
bancaire restés sans effet ;
- Attendu que le redevable notaire n'a pas respecté un échéancier de paiement qui lui a été consenti ;
attendu qu'en vertu de l'article 60 de la loi du 23 février 1963, la responsabilité pécuniaire des
comptables publics se trouve engagées dès lors qu'une recette n'a pas été recouvrée, preuve de
versement de la somme de 123319 F, ou toute autre justification à décharge".
Arrêts, jugements et communications des juridictions financières, Cour des comptes, chambres régionales des
comptes, Edition Berger, Levrault, Paris, 1992, p : 98.

95
‫تلجأ إليها اإلدارة الجبائية من أجل استخالص الديون العمومية‪ ،‬وفي حالة فشل اإلدارة الجبائية في‬
‫‪216‬‬
‫يمكن أن تلجأ إلى مسطرة التحصيل الجبري‪.‬‬ ‫التحصيل الحبي‬

‫أوال ‪ :‬التحصيل الحبـي ‪Le Recouvrement à L'amiable :‬‬

‫تبدأ مرحلة التحصيل الحبي أو الودي في تاريخ الشروع في استيفاء الديون المدرجة في أوامر المداخيل‬
‫‪217‬‬
‫من تاريخ اإلصدار (‪ )date de mise en recouvrement‬إلى غاية تاريخ االستحقاق ‪:‬‬ ‫رضائيا‬
‫‪ ،date d'exigibilité‬ويتميز التحصيل الحبي بمجموعة من القواعد والشروط‪ ،‬يجب على المحاسبين‬
‫مراعاتها‪ ،‬وقد نصت عليها مدونة تحصيل الديون العمومية لسنة ‪.2000‬‬

‫أ‪ -‬شروط التحصيل الحبي‪:‬‬

‫وتسري هذه الشروط على جميع الديون العمومية بما فيها ديون الجماعات المحلية ومنها ‪:‬‬

‫‪ -‬إخبار الملزمين بمبادرة من اإلدارة بتواريخ الشروط في التحصيل واالستحقاق بكل وسائل اإلخبار‬
‫بما فيها وسائل اإلعالم بجميع أنواعها والملصقات وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬إرسال األوامر بالمداخيل إلى المحاسبين المكلفين بالتحصيل قبل ‪ 15‬يوما على األقل من تاريخ‬
‫‪218‬‬
‫الشروع في التحصيل‪.‬‬

‫‪ -‬إرسال اإلعالم بالضريبة‪ ،‬بمبادرة من اإلدارة إلى الملزم عن طريق البريد في ظرف مغلق وعلى‬
‫أبعد تقدير عند تاريخ الشروع في التحصيل‪ ،‬ويجب أن يتضمن هذا اإلعالم المبلغ المستحق‬
‫وتاريخ اإلصدار وتاريخ االستحقاق‪ ،‬ويكتسي تاريخ الشروع في التحصيل أهمية بالغة في مجال‬

‫تحصيل الديون العمومية بما فيها ديون الجماعات المحلية من طرف المحاسبين العموميين‪ ،‬فهو‬
‫يشكل نقطة بداية المدة المرخص بها للملزم من أجل أداء الدين وديا أو رضائيا قبل حلول تاريخ‬
‫االستحقاق ودون اللجوء إلى التحصيل الجبري‪ ،‬وتطبيق الزيادات والفوائد الناجمة عن التأخير في‬
‫‪219‬‬
‫كما يشكل أيضا نقطة االنطالق والبداية من أجل احتساب أجل التقادم المسقط‬ ‫األداء‪،‬‬

‫كريم لحرش ‪" :‬تدبير مالية الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون رقم ‪ ،"45-08‬طوب بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص‪.150:‬‬ ‫‪216‬‬

‫المادة ‪ 7‬من مدونة تحصيل الديون العمومية قانون رقم ‪.15.97‬‬ ‫‪217‬‬

‫المادة ‪ 5‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪218‬‬

‫لقد نصت المواد من ‪ 21‬إلى ‪ 26‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على جزاءات تأخير األداء‪.‬‬ ‫‪219‬‬

‫‪96‬‬
‫للتحصيل‪.‬‬

‫فبالنسبة لتاريخ االستحقاق‪ ،‬نصت المدونة على نوعين من االستحقاق ‪:‬‬


‫‪220‬‬
‫"‪ "L'exigibilité à terme‬وهو القاعدة العامة‪.‬‬ ‫‪ -‬االستحقاق بأجل‬

‫"‪ "L'exigibilité Immédiate‬وهو االستثناء‪.‬‬ ‫‪221‬‬


‫‪ -‬االستحقاق الفوري‬

‫وكل هذه اإلجراءات والشروط ال يمكن أن يقوم بها إال المحاسبون العموميون المكلفون‬

‫بالتحصيل والمعنيين خصيصا لهذا الغرض‪ ،‬حيث حددت المادة ‪ 3‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫الئحة المحاسبين المؤهلين للقيام بمهمة التحصيل على سبيل الحصر‪ ،‬حيث استعمل المشرع عبارة ‪:‬‬

‫وبهذا التحديد يكون المشرع المغربي قد‬ ‫‪222‬‬


‫يكلف بتحصيل الديون العمومية المحاسبون اآلتي ذكرهم‪،‬‬
‫أغلق الباب أمام كل محاولة للقياس أو التأويل‪ ،‬وأمام الصفة العرضية التي نعت بها ظهير ‪ 21‬غشت‬
‫‪ 1935‬المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫وقد تشدد القضاء في تطبيق قواعد االختصاص‪ ،‬إذ اشترط أن توقع عمليات التحصيل‬
‫والمتابعة من طرف المحاسبين العموميين المؤهلين لهذه العمليات‪ ،‬وإال كان مآلها الطعن والبطالن‪ ،‬حيث‬
‫أكد القضاء في حكم صادر عن المجلس األعلى سنة ‪ 1985‬بأنه ‪" :‬ال صفة لمحصل الضرائب لتوجيه‬

‫إنذار الستيفاء دين مؤسسة عمومية ينص القانون المنشئ لها على أن لها قابضا يعتبر هو صاحب‬
‫‪223‬‬
‫السلطة في إصدار األمر باألداء وتوجيه اإلنذار الستيفاء ديونها"‪.‬‬

‫وفي القانون المقارن قد سبق لمجلس الدولة الفرنسي أن حكم في قضية االختصاص في حكم‬

‫بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ 1962‬في ملف عدد ‪ 512-62‬بشأن إنذار متخذ من طرف قابض في الوقت الذي‬
‫يعود فيه االختصاص إلى الوكيل القضائي للخزينة‪ .‬فباإلضافة إلى احترام قواعد االختصاص‪ ،‬هناك‬
‫إجراءات الحصول على ترخيص من رئيس اإلدارة أو اآلمر بالصرف حسب المادة ‪ 37‬من مدونة تحصيل‬

‫تقنن االستحقاق بأجل المواد من ‪ 13‬إلى ‪ 17‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪220‬‬

‫المادتان ‪ 18‬و‪ 19‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪221‬‬

‫المادة ‪ 3‬من مدونة تحصيل الديون العمومية كما تم تعديلها بقانون المالية رقم ‪ 48-03‬للسنة المالية ‪ 2004‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪222‬‬

‫رقم ‪ 1.03.308‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ ،2003‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5174‬بتاريخ فاتح يناير ‪ ،2004‬وكذا قانون المالية رقم ‪ 26-04‬للسنة المالية ‪2005‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.225‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4278‬بتاريخ ‪ 30‬دجنبر ‪.2004‬‬
‫حكم المجلس األعلى الغرفة اإلدارية بتاريخ ‪ 1985/11/14‬قضية الوكيل القضائي للمملكة ضد مساعد بناصر‪ ،‬ملف عدد ‪ 96512‬ورد ذكره‬ ‫‪223‬‬

‫في كتاب ألمينة جبران ‪" :‬القضاء اإلداري‪ ،‬دعوى القضاء الشامل"‪ ،‬المنشورات الجامعية المغاربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1994 ،‬ص ‪.226 :‬‬

‫‪97‬‬
‫الديون العمومية التي ينتمي إليها المحاسب لتكون متابعاته قانونية‪ ،‬ويسري هذا الترخيص على جميع‬

‫درجات المتابعة باستثناء اإلنذار‪.‬‬

‫ومن المسائل التي يشدد على أهميتها المشرع في مجال تحصيل الديون العمومية هي قيام‬
‫المحاسب العمومي بإرسال آخر إشعار بدون صائر إلى الملزمين‪ ،‬وذلك في ظرف ‪ 10‬أيام على األكثر‬
‫ابتداء من تاريخ االستحقاق حسب المادة ‪ 39‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬على عكس بعض‬
‫‪224‬‬
‫القوانين المقارنة كالقانون الجزائري الذي حدد المدة في ‪ 20‬يوما بعد اإلنذار بدون مصاريف‪.‬‬

‫فأول خطوة تمهد للمتابعة هي اإلشعار والغاية منها تذكير الملزم بدينه الضريبي ودعوته إلى‬

‫من طرف اإلدارة‪ ،‬ويترتب على‬ ‫‪225‬‬


‫التسديد في أماكن معينة أو بطرق ما حتى ال يصير موضوع متابعة‬
‫هذا اإلجراء من عدمه بطالن أو صحة كل أعمال المتابعة الالحقة‪ ،‬وقد تشدد القضاء اإلداري المغربي‬
‫في هذا اإلجراء في عدة أحكام‪ ،‬وأصر على إلزامية إرسال اإلشعار بدون صائر إلى الملزمين‪ ،‬وعليه‬
‫تتوقف صحة أعمال المتابعة الالحقة وتطبيق هذا الشرط الشكلي اإللزامي‪ ،‬حيث قضى بأن "عدم سلوك‬
‫الخازن العام لمسطرة التنبيه بدون صائر قبل إصداره لإلنذار القانوني يجعل هذا األخير (اإلنذار)‬
‫‪226‬‬
‫باطال"‪.‬‬

‫وقضى كذلك بأنه ‪" :‬ال يجوز للقابض إجراء المتابعات بصوائر إال بعد أن يوجه للملزم المتأخر‬
‫‪227‬‬
‫إنذار بدون صائر أو إعالنا جماعيا"‪.‬‬
‫ا‬ ‫عن األداء‬

‫لقد شدد المشرع المغربي على أهمية اإلشعار وضرورة إرساله إلى الملزمين قبل القيام بإجراءات‬

‫التحصيل بصوائر‪ ،‬حيث أوجب ضرورة تسجيل تاريخ اإلرسال في جداول وقوائم الضرائب أو في السندات‬
‫التنفيذية‪ ،‬ويبقى هذا النص التشريعي غير كاف لحل اإلشكال الذي يطرح حول تبليغ اإلشعار بدون‬

‫صائر والتنبيهات حيث قد يدعي الملزمون بعدم توصلهم باإلشعار‪ ،‬الشيء الذي قد يطرح تساؤال حول‬

‫جدوى التقييدات التي يتحدث عنها المشرع وجدواها‪ ،‬خاصة وأن القضاء المغربي اشترك لصحة تلك‬

‫المادة ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 46-93‬المؤرخ في ‪ 6‬فبراير ‪.1993‬‬ ‫‪224‬‬

‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف‪ ،"......................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.102 :‬‬ ‫‪225‬‬

‫المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬حكم عدد ‪ 96/96‬بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪ ،1996‬السهول سعيد ضد الدولة المغربية ومن معها‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪226‬‬

‫كذلك يمكن الرجوع إلى حكم المحكمة اإلدارية بمراكش‪ ،‬عدد ‪ 31‬بتاريخ ‪ 1999/03/24‬ورثة النعيمي الهاشمي ضد وزير المالية‪ ،‬حكم منشور‬
‫بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،16‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.56 :‬‬
‫المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬حكم عدد ‪ 96/05‬بتاريخ ‪ 1996/01/09‬محمد النجاري ضد الوزير األول‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪227‬‬

‫‪98‬‬
‫اإلشعارات التبليغ وإثباته بالملموس أي "اإلشعار بالتوصل"‪ ،‬حيث اعتبر العبرة بعلم الملزم بأداء ضريبته‪،‬‬

‫وقد جاء موقف القضاء اإلداري المغربي صريحا لما اعتبر أنه ‪" :‬يتوجب لكي يحدث اإلنذار بدون صائر‬
‫‪228‬‬
‫أثره الالحق‪ ،‬أن يصل إلى علم الملزم‪."...‬‬

‫هذا فيما يخص شروط التحصيل الودي الرضائي‪ ،‬فما هي إذن شروط ومحددات األداء‬
‫التلقائي من طرف الملزمين المترتب في ذمتهم ديون ؟‬

‫ب‪ -‬األداء التلقائي من طرف الملزمين ‪:‬‬

‫يعتبر األداء التلقائي القاعدة العامة في قيام الملزمين من تلقاء أنفسهم باألداء الكلي للدين‬

‫العمومي الملقى على عاتقهم من طرف المنظمة العمومية سواء كانت الدولة أو الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها أو المؤسسات العمومية‪ ،‬وقد تكون هذه األداءات التلقائية إما قبل نفاذ أجل استحقاقها أو فورا‪،‬‬
‫وقد نصت مدونة تحصيل الديون العمومية في مادتها ‪ 124‬على أنه ال يحق ألي سلطة إدارية أو‬
‫عمومية توقيف أو تأجيل أو عرقلة السير العادي لهذا التحصيل‪ ،‬تحت طائلة إثارة مسؤوليتها الشخصية‬
‫‪229‬‬
‫والمالية وفق الشروط المحددة في الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 2‬أبريل ‪.1955‬‬

‫إال أنه من بين اإلمكانيات والوسائل التي ترك المشرع اللجوء إليها من طرف المحاسبين‬

‫العموميين هي منح تسهيالت في األداء بصورة استثنائية‪ .‬وقد نصت العديد من التشريعات على منح‬
‫التسهيالت في األداء‪ ،‬ألنها طريقة تحافظ على االستقرار المالي والمادي للملزمين‪ ،‬دون إغفال في الوقت‬
‫ويلجأ الملزمون إلى طلب تسهيالت في األداء‪ ،‬عندما ال يكون هناك أي‬ ‫‪230‬‬
‫نفسه الحقوق المالية للخزينة‪،‬‬

‫نزاع أو تنازع في الدين الذي في ذمتهم‪ ،‬وعليهم تقديم ما يبرر وضعيتهم المالية أو االجتماعية الصعبة‬
‫التي تحول دون أداء ما عليهم من ديون عمومية‪ ،‬وعلى القابض أو المحاسب العمومي قبول ذلك إن رأى‬
‫ذلك منطقيا‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتأجيل الودي "‪ "le sursis amiable‬الذي يفتح ويسهل على المدين أداء‬

‫أقساط الدين بشكل مريح "‪."Le paiement par acomptes‬‬

‫وقد نص المشرع المغربي على مسطرة محددة أثناء اللجوء إلى التسهيالت في األداء في إطار‬

‫المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬ملف عدد ‪ 95/68‬حكم عدد ‪ 96/65‬بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ،1996‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪228‬‬

‫ظهير شريف بشأن مسؤولية المحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2219‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪.1955‬‬ ‫‪229‬‬

‫نعيمة امويني ‪" :‬القابض الجماعي‪ ،"........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.96 :‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪99‬‬
‫مدونة التحصيل التي يجب توافرها في طلب الملزم بالدين‪ ،‬منها ما يتعلق بشكل الطلب والموافقة عليه‪،‬‬

‫ومنها ما يتعلق بالملزم نفسه‪ ،‬ومنها ما يرتبط بتقديم الضمانات األساسية للدين‪ ،‬وقد جاءت مذكرة‬
‫ومن بين هذه الشروط تقديم الملزم‬ ‫‪231‬‬
‫مصلحية للخازن العام للمملكة لتشرح هذه اإلمكانية بكل شروطها‪.‬‬
‫للضمانات الضرورية التي نصت عليها المادة ‪ 118‬من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تحث على‬
‫إيداع كفالة مالية أو بنكية في حساب مفتوح بالخزينة‪ ،‬أو تقديم رهن عقاري‪ ،‬واألهم من ذلك هو تكوين‬
‫وبناء على هذه الضمانات يمكن أن يقبل المحاسبون العموميون‬ ‫‪232‬‬
‫ضمان لتغطية القيمة الحقيقية للدين‪.‬‬
‫طريقة أداء األقساط‪ ،‬ويتم هذا اإلجراء حسب أهمية المبلغ الواجب واآلجال المحددة من طرف هؤالء‬

‫المحاسبين للملزمين‪ ،‬وفي حالة عدم احترام هذه اآلجال‪ ،‬أو االمتناع أو توقيف تقديم األقساط‪ ،‬يكون من‬
‫حق المحاسبين العموميين اللجوء إلى طريقة أخرى أكثر تشددا وهي التحصيل الجبري‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التحصيل الجبري ‪Le Recouvrement Forcé :‬‬

‫لقد حددت مدونة تحصيل الديون العمومية بعد فشل طرق التحصيل الودي‪ ،‬مجموعة من‬
‫الوسائل القانونية التي على المحاسبين القيام بها ضد الملزمين المتوانين عن أداء ديونهم الضريبية‪ ،‬وقد‬
‫حددت طرق المتابعة في اإلنذار (أ)‪ ،‬الحجز (ب)‪ ،‬البيع (ج)‪ ،‬ثم اإلكراه البدني (د)‪ ،‬اإلعالن للغير‬
‫الحائز (هـ)‪ ،‬وحق االطالع (و)‪ ،‬وفق شروط قانونية محددة في المادة ‪ 76‬إلى المادة ‪ 83‬من مدونة‬
‫المتعلق بسن‬ ‫‪233‬‬
‫تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وقبلها كان الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 21‬غشت ‪1935‬‬
‫في ميدان الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة والديون األخرى التي يحررها مأمورو‬ ‫‪234‬‬
‫نظام للمتابعات‬

‫الخزينة‪ ،‬يضع اإلكراه البدني في المرتبة الثانية بعد اإلنذار‪ ،‬إال أن مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫وضعته في المرتبة األخيرة‪ ،‬حيث اعتبرته إجراء استثنائيا يمس بحرية الملزمين‪ ،‬وال يمكن اللجوء إليه إال‬
‫بالنسبة للملزمين الموسرين‪ ،‬وبعد استنفاذ جميع إجراءات التنفيذ األخرى على األموال التي في حوزتهم‬

‫المذكرة المصلحية رقم ‪ 17‬بتاريخ فاتح مارس ‪ 2000‬الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة في موضوع التسهيالت في األداء‪.‬‬ ‫‪231‬‬

‫على سبيل المثال يمكن الرجوع إلى األمر االستعجالي عدد ‪ 694‬بتاريخ ‪ 2002/10/08‬المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬شركة البستان ضد‬ ‫‪232‬‬

‫وزير المالية‪ ،‬حكم منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ ،2004/16‬ص ‪.58 :‬‬
‫كذلك األمر االستعجالي عدد ‪ 29‬بتاريخ ‪ ، 2002/10/23‬المحكمة اإلدارية بمراكش‪ ،‬امحمد رشادي ضد مدير الضرائب‪ ،‬نفس عدد المجلة‪ ،‬ص ‪:‬‬
‫‪.79‬‬
‫ظهير شريف مؤرخ في ‪ 21‬غشت ‪ ،1935‬ج‪.‬ر عدد ‪ 1195‬بتاريخ ‪.1935/09/20‬‬ ‫‪233‬‬

‫لقد تم استبدال عبارة "المتابعات ‪ "Les Poursuites‬الواردة في ظهير ‪ 1935‬بعبارة "التحصيل الجبري ‪ "Le recouvrement forcé‬في‬ ‫‪234‬‬

‫مدونة تحصيل الديون العمومية لسنة ‪.2000‬‬

‫‪100‬‬
‫دون نتيجة‪ .‬كما أن هذا اإلجراء لم يعد من اختصاص السلطة المكلفة بالتنفيذ الجبري‪ ،‬بل أصبح من‬
‫‪235‬‬
‫اختصاص القضاء بعد تقديم طلب من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل‪.‬‬

‫وقد جاء هذا التعديل الهام من أجل مالءمة القوانين الوطنية ومنها مدونة التحصيل مع المستجدات‬
‫القانونية واالجتماعية واالقتصادية التي عرفها المغرب لتتالءم مع القوانين الدولية‪ ،‬والتزامات المغرب في‬
‫واالتفاقات الدولية‪.‬‬ ‫‪236‬‬
‫مجال الحريات وحقوق اإلنسان‬

‫وقبل اإلقدام على إجراءات التحصيل الجبري‪ ،‬البد للمحاسبين العموميين من سلوك إجراءات مسبقة‪،‬‬
‫بحيث أن عدم تطبيق هذه اإلجراءات المسطرية المسبقة يترتب عنه بطالن اإلجراءات الالحقة‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه اإلجراءات المسبقة في إرسال إشعار بدون صائر "‪ "sommation sans frais‬ويستند المحاسبون‬

‫في إجراءات التحصيل الجبري على المراحل التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يمكن اللجوء إلى التحصيل الجبري‪ ،‬إال بموجب استصدار إذن من الخازن العام للمملكة أو من‬
‫حيث يقوم بالتأشير على القوائم االسمية‬ ‫‪237‬‬
‫طرف الجهة المفوض لها كالخازن الجهوي أو اإلقليمي‪،‬‬
‫الخاصة بالملزمين المتأخرين عن األداء‪ ،‬ويستثنى من هذا اإلجراء اإلنذار فقط‪.‬‬

‫‪ -2‬يتم تنفيذ إجراءات التحصيل الجبري من طرف مأموري التبليغ التابعين للقباضات المنتدبين‬

‫خصيصا لهذه الغاية ولحساب المحاسبين المكلفين بالتحصيل وتحت إمرتهم‪ ،‬ويمكن اللجوء كلما‬
‫دعت الضرورة إلى ذلك إلى أعوان مكاتب التبليغات والتنفيذ القضائي للقيام بإجراءات التحصيل‪.‬‬
‫ويمكن كذلك اللجوء إلى أعوان القوة العمومية للقيام بأي تبليغ أو معاينة عن بعد وذلك بطلب يوجه‬
‫‪238‬‬
‫إلى السلطات المختصة‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلنذار‪ :‬حسب المادة ‪ 38‬من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تشمل مجموع المبالغ المستحقة‬
‫على نفس المدين‪ ،‬إضافة إلى الزيادات الناتجة عن فوائد التأخير ومصاريف التحصيل الجبري التي‬

‫إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي‪ ،"........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.129 :‬‬ ‫‪235‬‬

‫محمد شكيري ‪" :‬قراءة أولية في قانون ‪ 15-97‬المتعلق بتحصيل الضرائب والديون العمومية"‪ ،‬المجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬عدد ‪ 37‬مارس‪-‬أبريل ‪،2000‬‬ ‫‪236‬‬

‫ص ‪.23 :‬‬
‫العمراني عبد اللطيف والخروبي محمد ‪" :‬اإلصالح الجديد في ميدان تحصيل الضرائب والديون العمومية"‪ ،‬منشورات المجلة م‪.‬أ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬عدد‬ ‫‪237‬‬

‫‪ ،2000 ،22‬ص ‪.59 :‬‬


‫نعيمة أمويني ‪" :‬القابض الجماعي ‪ ،"..................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.99 :‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪101‬‬
‫تترتب على المدين‪ ،‬حيث يباشر التحصيل بناء على سندات تنفيذية طبقا للشروط المنصوص عليها‬

‫في المدونة وداخل اآلجال المحددة‪ ،‬كما يشمل األشخاص المشار إليهم في المواد من ‪ 93‬إلى ‪99‬‬
‫من قانون ‪ ،15.97‬ويتعلق األمر ‪:‬‬

‫‪ -‬باألغيار المسؤولين أو المتضامنين من ذوي حقوق المدينين "‪ "Les ayants droits‬المسجلين في‬
‫جداول الضرائب وقوائم اإليرادات وسندات التحصيل‪ ،‬وكل األشخاص اآلخرين الذين جعل المدينون‬

‫موطنهم الجبائي لديهم وبموافقتهم‪.‬‬

‫‪ -‬المالك الجدد لل عقارات المثقلة بالضرائب والرسوم‪ ،‬برسم سنة التفويت والسنوات السابقة‪ ،‬وعلى كل‬

‫شخص يمارس مهام توثيقية أن يطالب هؤالء المالك الجدد بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت‬
‫أداء حصص الضرائب والرسوم المثقل بها العقار ما لم تسقط بالتقادم‪.‬‬

‫بعوض أو بالمجان على المفوت إليه أن يتأكد من أداء الضرائب‬ ‫‪239‬‬


‫‪ -‬في حالة تفويت أصل تجاري‬

‫والرسوم الواجبة على المفوت في تاريخ التفويت برسم النشاط المزاول‪ ،‬استنادا إلى شهادة يسلمها‬
‫المحاسبون المكلفون بالتحصيل‪ ،‬وكذلك في حالة تفويت مجموع األموال أو العناصر المدرجة في أصول‬
‫الشركات أو المستعملة لمزاولة مهنة خاضعة للضريبة المهنية "‪ ."La Patente‬فإذا لم يتدخل المحاسبون‬

‫في هذه الحالة‪ ،‬يمكن أن يعتبروا مسؤولين على وجه التضامن عن أداء تلك الجبايات الضرورية لذلك‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة قد يتدخل القضاء المالي إذا ما ثبتت المسؤولية‪ ،‬فيعمل على إثارتها خصوصا في حالة‬
‫اإلهمال أو التقصير‪ ،‬فالقضاء المالي الفرنسي متشدد في هذا األمر منذ عهد بعيد‪ ،‬حيث صدر في هذا‬
‫‪240‬‬
‫حيث‬ ‫اإلطار عن محكمة الحسابات الفرنسية بتاريخ ‪ 25‬يونيو ‪ 1936‬في قضية جماعة "بوردو"‬

‫لقد عرف المشرع المغربي األصل التجاري في المادة ‪ 79‬من قانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة على أنه ‪" :‬مال منقول معنوي يشمل جميع‬ ‫‪239‬‬

‫األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط مهني أو عدة أنشطة تجارية"‪.‬‬


‫ولإلشارة فقد نص المشرع المغربي على إمكانية حجز األصل التجاري وفق مقتضيات المادة ‪ 68‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وطبقا ألحكام‬
‫الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 445‬من قانون المسطرة المدنية من لدن مأموري التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة‪ ،‬بناء على طلب المحاسب المكلف بالتحصيل‪،‬‬
‫فدور هذا األخير يتمثل في تعرضه لدى المحكمة على ثمن بيع األصل التجاري في الوقت المناسب أي عند انتهاء األجل الذي يحدده القانون‪ ،‬وأي‬
‫تقصير أو إهمال في هذا الصدد يترتب عنه مسؤولية المحاسب العمومي المكلف‪.‬‬
‫‪ 240‬ففي هذه القضية استنتجت المحكمة ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Attendu que, si les services administratifs de la mairie ont eux aussi, complètement perdu du vue la créance de‬‬
‫‪la ville, le sieur David-chaussé n'en droit pas moins, en raison des fautes caractérisées commises par lui dans‬‬
‫‪cette affaire, être tenu pour pécuniairement responsable de la perte intérêts subie par la ville de Bordeaux par‬‬
‫‪application de l'article 153 de la loi du 05 Avril 1884 et les articles 512 et 518 du décrêt du 31 Mai 1862…".‬‬
‫‪Francis Jean Fabre : "Les grands arrêts de la juridiction financière", Edition Dalloz 1996, p : 206.‬‬

‫‪102‬‬
‫اعتبرت المحاسب العمومي مسؤوال عن بعض المداخيل التي لم تصدر جداولها بعد‪ ،‬واعتمد في إقرار هذه‬

‫المسؤولية على عنصر اإلهمال وعدم المطالبة باستصدار أمر بالدفع خاص ببعض الفوائد التأخيرية التي‬
‫التزمت بها الدولة إزاء الجماعة المذكورة‪.‬‬

‫لذلك وبعد تعثر هذه الوسائل و فشلها‪ ،‬يلجأ المحاسبون إلى طرق التنفيذ الجبري و تبدأ بالتدرج‬
‫ومنها ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلنذار ‪ :‬فاإلنذار الموجه إلى الملزم يشكل أول مرحلة من مراحل التنفيذ الجبري‪ ،‬وهي مرحلة تسبق‬
‫الحجز والبيع‪ ،‬لهذا يتعين على المكلف بالتحصيل احترام اإلجراءات والمدة القانونية الالزمة لهذه المرحلة‪،‬‬
‫لهذا يتضمن اإلنذار مجموعة من البيانات كمبلغ الضريبة والجزاءات المترتبة عن التأخير‪ ،‬كما يحتوي‬

‫على ما يفيد إخبار المدين على الوفاء بأداء ديونه اتجاه الخزينة‪ ،‬وال يمكن للمحاسب إرسال اإلنذار إال‬
‫‪241‬‬
‫االستحقاق "‪ "La date d'exigibilité‬و‪ 20‬يوما من تاريخ إرسال‬ ‫بعد مرور أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ‬
‫آخر إشعار‪ .‬وإذا لم تحترم اآلجال والمدة المذكورة يمكن أن يتعرض قرار المحاسب إلى رقابة القضاء‬
‫الذي يمكن أن يحكم بإلغاء اإلنذار‪ .‬وتطرح مسألة تبليغ اإلنذار عدة صعوبات‪ ،‬ففي السابق وفي ظل‬
‫الفصل ‪ 30‬من ظهير ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬الذي كان يشترط لصحة اإلنذار القانوني تبليغه إلى الملزم‬
‫وإثبات ذلك بقائمة اإلنذارات‪ ،‬وفي حالة تعذر تسليم اإلنذار إلى المدين شخصيا‪ ،‬يمكن أن يسلم في ظرف‬
‫مختوم في بلده إلى الشخص الذي تسلم اإلنذار‪ ،‬ويشهد على نفسه بالتوصل بتوقيعه على القائمة األصلية‬
‫لإلنذار‪ ،‬وإذا كان المدين أو متسلم اإلنذار عاج از يشار إلى ذلك بالقائمة األصلية بعبارة "عجز عن‬

‫التوقيع"‪ ،‬أما إ ذا رفض التوقيع بتسلم اإلنذار يشار إلى ذلك بعبارة "رفض التوقيع"‪ .‬إال أنه يمكن القول أن‬
‫هذه المقتضيات القانونية طرحت عدة صعوبات عملية ومنازعات قضائية‪ ،‬وذلك إما بسبب دفع الملزم‬
‫بعدم التوصل أو بسبب عدم إنذاره بالشكل الصحيح والقانوني‪ ،‬وفي هذا اإلطار قد قضت المحكمة‬
‫‪242‬‬
‫بأن ‪" :‬عدم احترام القابض للشكليات الخاصة بتبليغ اإلنذارات القانونية يجعل المسطرة‬ ‫االبتدائية بآسفي‬
‫غير سليمة"‪.‬‬

‫ولسد هذه الثغرات تدخل المشرع في ظل قانون ‪ 15-97‬لحل هذه اإلشكاالت التي كانت تتسبب في‬

‫المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪241‬‬

‫األمر االستعجالي عدد ‪ 91/131‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بآسفي بتاريخ ‪ 1991/10/28‬منشور بالدورية القانونية عدد ‪ 3‬و‪ 4‬أكتوبر‬ ‫‪242‬‬

‫نونبر ‪ ،1992‬ص ‪.47 :‬‬

‫‪103‬‬
‫سقوط حقوق الخزينة في المطالبة بديونها بسبب هذه التحايالت أو بسبب مخالفة المحاسبين المكلفين بهذه‬

‫اإلجراءات‪ ،‬فأقر مقتضيات عملية جديدة حاولت تقديم الحلول لهذه اإلشكاالت‪ ،‬ففي حالة عدم التسلم أو‬
‫التسليم الفعلي لإلنذار وعدم أو رفض تسلمه تدون بالقائمة األصلية لإلنذار عبارة "رفض التوقيع" أو‬
‫"عجز عن التوقيع" أو "رفض التسلم"‪ ،‬وكل هذه العبارات تعتبر بمثابة إشعار بالتوصل‪ .‬وإذا ما نازع‬
‫الملزم أمام القضاء والدفع بعدم التوصل‪ ،‬على المحاسب اإلدالء بحصول التوصل بالقائمة األصلية‬
‫‪243‬‬
‫أما‬ ‫لإلنذار المدونة بها العبارات السالفة الذكر‪ ،‬حين اعتبرها المشرع المغربي بمثابة شهادة تسليم‪.‬‬
‫اإلنذار الذي يتم توجيهه عن طريق البريد العادي فال يعتد به‪ ،‬كما يمكن أيضا تبليغ اإلنذار من طرف‬

‫مأموري الخزينة أو بالطرق اإلدارية‪244‬المعروفة‪ .‬أما إذا رفض المدين أو الشخص الذي يقوم مقامه استالم‬
‫اإلنذار‪ ،‬يشار إلى ذلك على األصل‪ ،‬ويعتبر اإلنذار حينئذ مبلغا تبليغا صحيحا في اليوم الثامن الموالي‬
‫للتاريخ الذي تم فيه رفض استالم اإلنذار‪ ،‬أما في الحالة التي يتعذر فيها تسلم اإلنذار نظ ار لعدم العثور‬
‫على المدين أو على أي شخص آخر في موطنه أو محل إقامته‪ ،‬يعتبر اإلنذار مبلغا تبليغا صحيحا في‬
‫‪245‬‬
‫واإلشكال الذي يمكن طرحه هنا هو أنه رغم‬ ‫اليوم العاشر الموالي لتاريخ تعليقه في آخر موطن له‪.‬‬
‫تدخل المشرع يبقى اإلثبات على اإلدارة الضريبية‪ ،‬مما يشكل عبئا ثقيال وإثباتها أنها قامت بكل اإلجراءات‬
‫كما أنه يمكن طرح‬ ‫‪246‬‬
‫التي سبق ذكرها‪ ،‬وأنه لم يكن أمامها خيار آخر سوى اللجوء إلى هذه الوسيلة‬
‫التساؤل حول مدى كفاية ونجاعة اإلجراءات المذكورة في حصول التبليغ ؟ ولإلجابة يمكن القول بأن كل‬
‫هذه اإلجراءات وما يتعلق بالحرص على تطبيق مقتضياتها تعد مرحلة مهمة لها ما يبررها مادامت تعتبر‬

‫قاطعة للتقادم أو العكس‪.‬‬

‫وبعد القيام بكل هذه اإلجراءات والمراحل‪ ،‬تأتي المرحلة العملية أال وهي الحجز‪.‬‬

‫ب الحجز‪ :‬تدخل مرحلة الحجز بعد مرور ‪ 30‬يوما من بعد تبليغ اإلنذار حيث يعتبر هذا اإلجراء إجراء‬

‫الماد‪ 43‬من قانون ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية (الفقرة الثالثة)‪.‬‬ ‫‪243‬‬

‫كاإلشعار بالتوصل‪ ،‬وعن طريق األعوان القضائيين‪ ...‬وللمزيد من اإليضاح يمكن الرجوع إلى أطروحة ‪ :‬محمد شكيري ‪" :‬الملزم واإلدارة‬ ‫‪244‬‬

‫الضريبية‪ ،‬تقديم األطراف وتحليل أطوار المواجهة"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء‪-2002 ،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪ 12 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫المادة ‪ 43‬الفقرة األخيرة من قانون ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪245‬‬

‫عبد الحميد الحمداني ‪" :‬قراءة في بعض مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية"‪ ،‬منشور بمجلة المنازعات القضائية في ميدان تحصيل‬ ‫‪246‬‬

‫الديون العمومية‪ ،‬الخزينة العامة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.25 :‬‬

‫‪104‬‬
‫عمليا وفعليا في المتابعة الجبرية لتحصيل الديون العمومية من طرف المكلفين بتحصيلها‪ ،‬حيث يحق‬

‫للمحاسبين الحجز على ممتلكات الملزمين الذين تقاعسوا عن أداء ديونهم للخزينة‪ ،‬إال أن المشرع أحاط‬
‫أموال المدين بمجموعة من الضمانات القانونية‪ ،‬لكي ال يقع شطط أو تجاوز في استعمال هذا الحق‪ ،‬لذا‬
‫يتعين على المحاسبين االلتزام بمجموعة من القواعد واإلجراءات‪ ،‬حيث يلزم بالحصول على إذن أو‬
‫‪247‬‬
‫التي ينتمي إليها‪ ،‬وذلك بموجب قائمة إسمية‪ .‬لكن إذا خشي المحاسب على‬ ‫ترخيص من رئيس اإلدارة‬
‫ضياع حق الخزينة في استيفاء ديونها نظ ار لعلم الملزم بإجراءات الحجز فيبادر إلى إخفاء األثاث‬
‫والمعدات وغيرها‪ ،‬فإنه ال ينتظر استصدار ترخيص بالحجز أو انصرام أجل ‪ 30‬يوما على تبليغ اإلنذار‪،‬‬

‫وإنما يتعين على المحاسب بعد تبليغ اإلنذار قانونا أن يجري مباشرة الحجز التنفيذي‪ ،‬حيث يعتبر اإلنذار‬
‫في هذه الحالة بمثابة حجز تحفظي حسب المادة ‪ 53‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫استثنى من الحجز أشياء ضرورية لحياة المحجوز عليه‪ ،‬يمكن أن تمس بكرامته وعيشه وهي حسب المادة‬
‫‪ 46‬من المدونة المشار إليها أعاله ‪ :‬فراش النوم والمالبس وأواني الطبخ الالزمة للمحجوز عليه ولعائلته‪،‬‬
‫والسكنى الرئيسية التي ال تتعدى قيمتها مائتي ألف درهم (‪ 200.000,00‬درهم) والكتب واألدوات الالزمة‬
‫لمهنة المحجوز عليه والمواد الغذائية المخصصة لتغذية المحجوز عليه ولعائلته لمدة شهر واحد‪،‬‬
‫والحيوانات مصدر قوته والبذور الكافية لزرع مساحة تعادل ‪ 5‬هكتارات وأخي ار األشياء الضرورية‬
‫لألشخاص المعاقين أو التي تخصص لعالج المرضى‪ .‬فهذه األشياء الغير قابلة للحجز مذكورة على‬
‫سبيل الحصر‪ ،‬وما عداها فهو قابل للحجز من طرف مأموري الخزينة‪ ،‬إال أن اإلشكال الذي يطرح هنا‬

‫هو وجود أشياء لدى المحجوز عليه وليست في ملكيته‪ ،‬فهل هي قابلة للحجز أم ال ؟ فكيف سيتم معالجة‬
‫هذا اإلشكال ؟ علما أن هذه المسألة غالبا ما تشكل مصدر منازعات بالنسبة للمحاسبين‪ ،‬خاصة وأن‬
‫‪248‬‬
‫المادة ‪ 105‬من مدونة تحصيل الديون العمومية تعطي الحق للمحاسبين في التنفيذ على المعدات‬

‫واألشياء الموجودة بالمؤسسة المفروضة عليها التنفيذ الجبري‪ ،‬وتكون في غير ملكية الملزم أو المحجوز‬
‫عليه‪ .‬البيع‪ :‬بل الضمانات التي منحها المشرع لفائدة الملزمين بالضريبة والذين وقع عليهم الحجز قد نص‬
‫على ضمانات أساسية لتسريع إجراءات استخالص الديون العمومية‪ ،‬حيث أكد في المادة ‪ 48‬من مدونة‬

‫التحصيل على مواصلة المحاسب مسطرة الحجز في حالة تقاعس المحجوز عليه في أداء ديونه‬

‫المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪247‬‬

‫أبليال عبد الرحمان و الطور رحيم ‪" :‬تحصيل الضرائب‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.42 :‬‬ ‫‪248‬‬

‫‪105‬‬
‫وللمتعرض حق الطعن في ذلك أمام القضاء‪ ،‬بعد أن يوجه طعنا إداريا إلى رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها‬

‫المحاسب العمومي داخل أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ تبليغ الحجز‪ ،‬وذلك وفق مسطرة المنازعة الضريبية‬
‫والحجز المنصوص عليها في المواد ‪ 119‬إلى ‪ 121‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬بعد أن يرفع‬
‫مطالبه داخل اآلجال المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‪ ،‬وإثبات تكوين ضمان على المحجوز‬
‫‪249‬‬
‫المشار إليه في المواد ‪ 117‬و‪ 118‬من المدونة‪.‬‬

‫ويتم تنفيذ الحجز عن طريق محضر يتضمن وصف األمتعة المحجوزة‪ ،‬ويتم تحديد تاريخ البيع‬
‫والحارس المكلف بالحراسة‪ ،‬وفي حالة االمتناع من طرف المدين يلجأ المأمور المكلف بالبيع إلى ترخيص‬

‫بواسطة أمر يصدر بناء على طلب وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 148‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬ويجوز لمأموري التنفيذ االستعانة بالسلطات اإلدارية المحلية‪ ،‬وما على المدين إال األداء الكلي‬
‫للدين بما في ذلك صوائر الحجز حسب المادتين ‪ 90‬و‪ 91‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬أو إثبات‬
‫‪250‬‬
‫وبعد كل هذه اإلجراءات‬ ‫العسر عن طريق شهادة العوز التي تسلمها السلطة اإلدارية المحلية‪،‬‬
‫والمراحل تأتي مرحلة أخرى وهي البيع‪.‬‬

‫ج‪ -‬البيع ‪ :‬ال يمكن القيام بأي بيع إال بموجب الترخيص المنصوص عليه في المادة ‪ 37‬من مدونة‬
‫تحصيل الديون العمومية‪ ،‬والذي يعطى للمحاسب المكلف بالتحصيل من طرف رئيسه المباشر وذلك‬
‫حسب منطوق المادة ‪ 58‬من نفس المدونة‪ .‬وال يتم الشروع في البيع الذي يعتبر آخر إجراءات المتابعة إال‬
‫بعد انصرام أجل ‪ 8‬أيام ابتداء من تاريخ الحجز المرفوض من طرف المدين‪ ،‬ولصحة عملية البيع‪،‬‬

‫وإلضفاء نوع من المصداقية عليه‪ ،‬يتعين على المحاسب أن يستدعي السلطة اإلدارية أو من يمثلها حسب‬

‫تتلخص الضمانات المشار إليها في المادة ‪ 118‬من مدونة تحصيل الديون العمومية في ‪:‬‬ ‫‪249‬‬

‫إيداع في حساب للخزينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫سندات ممثلة لحقوق دين المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 35-94‬المتعلق ببعض سندات الدين القابلة للتداول‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سندات عمومية وغيرها من القيم المنقولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كفالة بنكية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ديون على الخزينة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سند التخزين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رهن أصل تجاري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تخصيص عقار للرهن الرسمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كما أعطى المشرع فرصة للمدين ألن يعرض أشكاال أخرى من الضمانات إذا قبلها المحاسب المكلف بالتحصيل‪.‬‬
‫المادة ‪ 57‬من مدونة تحصيل الديون العمومية رقم ‪.15.97‬‬ ‫‪250‬‬

‫‪106‬‬
‫ما تنص عليه المادة ‪ 60‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ويجوز للمدين المحجوز عليه بطلب منه‬

‫وبترخيص من رئيس اإلدارة التابع لها المحاسب المكلف بالتحصيل أن يبيع األمتعة المحجوزة بنفسه‬
‫‪251‬‬
‫يوما من تاريخ الترخيص له بذلك‪ .‬وقد اشترط المشرع أن يتم البيع بالمزاد العلني في‬ ‫خالل أجل ‪30‬‬
‫أقرب سوق أو مكان يتوقع الحصول فيه على نتائج مهمة وذات مردودية‪ ،‬ويتم إبالغ العموم بتاريخ‬
‫ومكان البيع بكل الوسائل الدعائية كاإلشهار والنشر وغيرها‪ .‬ويتم البيع غالبا باتفاق الطرفين أي المدين‬
‫والطرف الدائن على الترتيبات وأيضا بإجراء خبرة بعد موافقة الملزم‪ ،‬وإذا لم يتوافقا على ذلك يتم اقتراح‬
‫شخص ثالث يتم تعيينه من طرف القاضي بعد قبول الطرفين‪.‬‬

‫وتفاديا لكل تحايل أو خداع قانوني‪ ،‬فقد منع المشرع على المكلفين بالبيع والحجز اقتناء األشياء‬
‫المبيعة حتى ولو كان ذلك باقتراح من المدين المحجوز عليه‪ ،‬سواء ألنفسهم أو ألقرب الناس إليهم‪.‬‬

‫وبعد القيام بهذه اإلجراءات وإذا ما تعذرت المسطرة أو امتنع المدين عن األداء وهو موسر يتم‬
‫اللجوء إلى الحل األخير وهو اإلكراه البدني إلجبار المدين على األداء‪.‬‬

‫د‪-‬اإلكراه البدني ‪ :‬يعتبر اإلكراه البدني وسيلة استثنائية تختلف عن طرق التنفيذ العادية‪ ،‬ألنها تتعلق‬
‫‪252‬‬
‫وإرغامه على ذلك‪ ،‬حيث نصت الفقرة‬ ‫بشخص المدين‪ ،‬فهو وسيلة إلجبار المدين على أداء دينه‬

‫األولى من المادة ‪ 76‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على أنه ‪" :‬إذا لم تؤد طرق التنفيذ على أموال‬
‫المدين إلى نتيجة‪ ،‬يمكن أن يتابع التحصيل الجبري للضرائب والرسوم والديون العمومية األخرى بواسطة‬
‫اإلكراه البدني"‪.‬‬

‫فاإلكراه البدني عن طريق حبس المدين أو سجنه يشكل وسيلة ضغط من طرف اإلدارة الدائنة‪،‬‬
‫والتي تدفع بالمدين من خالل هذه الوسيلة إلى الكشف عن أمواله من أجل سداد ديونه‪ ،‬وقد أحاط المشرع‬
‫اإلكراه البدني بمجموعة من اإلجراءات والضوابط التي يتعين على المحاسبين أن يتقيدوا بها‪ ،‬نظ ار لما لهذا‬

‫اإلجراء من تقييد لحرية األشخاص‪ ،‬ومساس بالسالمة الجسدية لهؤالء المدينين‪ ،‬فالمغرب قد ساير في‬

‫المادة ‪ 61‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪251‬‬

‫يتم اللجوء إلى اإلك اره البدني في الحاالت التالية ‪ :‬إذا كان مجموع المبالغ المستحقة يفوق ‪ 8‬آالف درهم‪.‬‬ ‫‪252‬‬

‫إذا لم يثبت عسر المدين‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫إذا كان سن المدين يتجاوز ‪ 20‬سنة ويقل عن ‪ 60‬سنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫افتعال العسر‪ ،‬وذلك بتبديد األموال التي تكون ضمانا للخزينة بهدف عدم إخضاعها إلجراءات التحصيل أو الحيلولة دون القيام بهذه‬ ‫‪-‬‬
‫اإلجراءات‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مجال حقوق اإلنسان هذه التطورات وقد راعى هذا المعطى الخطير في قوانينه الوطنية والتي قد تمس‬

‫بالحقوق األساسية لألفراد حيث نصت المادة ‪ 11‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر في‬
‫‪ 16‬دجنبر ‪ 1966‬والمصادق عليه من طرف المغرب بتاريخ ‪ 3‬غشت ‪ 1979‬على أنه ‪" :‬يمنع سجن أي‬
‫إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعقادي"‪.‬‬

‫‪ 8‬آالف درهم‪ ،‬والمدين الذي‬ ‫ومن بين هذه اإلجراءات استثنى المشرع الديون التي تقل عن‬
‫‪253‬‬

‫يقل عمره عن ‪ 20‬سنة أو يفوق ‪ 60‬سنة‪ ،‬والمرأة الحامل والمرضعة في حدود سنتين من تاريخ الوالدة‪،‬‬
‫نظ ار لألضرار التي سوف يخلفها هذا‬ ‫‪254‬‬
‫والزوج والزوجة أيضا حتى ولو كان من أجل ديون مختلفة‬

‫اإلجراء على األسرة والبيت‪.‬‬

‫وإذا كان من حق المحاسب أن ينفذ اإلكراه البدني في حق المدينين‪ ،‬بعد حصوله على اإلذن‬
‫من رئيس اإلدارة التي ينتمي إليها‪ ،‬وتوجيه طلب عن طريق السلطة الرئاسية إلى المحكمة االبتدائية للبت‬
‫فيه من طرف قاضي المستعجالت داخل أجل ال يتعدى ‪ 30‬يوما‪ ،‬وبعد موافقة وكيل الملك لدى المحكمة‬
‫المختصة‪ ،‬إال أنه حدد الفئة التي يشملها اإلكراه البدني وحصرها في فئتين ‪:‬‬

‫الفئة األولى ‪ :‬وتشمل المدينين الذين لم يثبت عسرهم‪ ،‬ويتم إثبات عسر المدين حسب المادة‬

‫‪ 57‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬إما بمحضر عدم وجود ما يحجز من طرف المحاسب المكلف‬
‫بالتحصيل أو من يمثله بحضور السلطة اإلدارية المحلية عند االقتضاء‪ ،‬وإما بشهادة العوز المسلمة من‬
‫طرف السلطة اإلدارية المحلية بالنسبة للمدينين المعروفين بعسرهم‪.‬‬

‫الفئة الثانية ‪ :‬وتشمل مفتعلي العسر أو معرقلي تحصيل الديون العمومية وكذا المدينين الذين‬
‫علموا بالضريبة وقاموا بأعمال ترتب عنها تبديد األموال التي كانت تكون ضمان الخزينة العامة‪ ،‬والهدف‬
‫من هذا العمل هو عدم إخضاعهم إلجراءات التحصيل أو الحيلولة دون القيام بهذه اإلجراءات‪ .‬وقد حدد‬

‫القانون شروطا لمباشرة اإلكراه البدني في حق األشخاص مفتعلي العسر‪ ،‬ومنها القيام بإرسال إعالم‬
‫ضريبي مؤكد التبليغ‪ ،‬وعلى المحاسب المكلف أن يثبت وجود نية‪255‬سيئة لدى مفتعلي العسر‪ ،‬وفي هذه‬

‫المادة ‪ 77‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪253‬‬

‫المادة ‪ 78‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪254‬‬

‫أبليال عبد الرحمان والطور رحيم ‪" :‬تحصيل الضرائب‪ ،"..................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.49 :‬‬ ‫‪255‬‬

‫‪108‬‬
‫الحالة يطرح إشكال إثبات هذه الحالة‪ ،‬مادامت الصعوبة تطرح في مجال إثبات ممتلكات سيء النية‬

‫المتظاهر بالعسر أو التاجر الذي يعلن إفالسه فجأة للحيلولة دون القيام بالحجز أو البيع أو اإلكراه‬
‫البدني‪ ،‬إال أن المشرع تحدث هنا فقط عن مفتعلي العسر ولم يتحدث عن مفتعلي اإلفالس‪ ،‬علما أن‬
‫الفرق واضح بين العسر واإلفالس حيث يتعلق األول باألعمال المدنية بينما الثاني يتعلق باألعمال‬
‫‪256‬‬
‫التجارية‪ ،‬فالعسر تقرر حسب بعض الباحثين لحماية المدين في حين تقرر اإلفالس لحماية الدائن‪.‬‬

‫ويعتبر تدخل القضاء للبث في طلبات اإلكراه البدني وتحديد مدته إجراء له ما يبرره في مدونة‬
‫تحصيل الديون العمومية‪ ،‬الهدف منه تكريس دولة الحق والقانون وحماية الحريات الفردية والجماعية‪ ،‬وقد‬

‫تم توزيع اختصاص النظر في إجراء اإلكراه البدني بين المحاكم االبتدائية والمحاكم اإلدارية‪ ،‬حيث أن‬
‫طلب األمر باالعتقال وتحديد مدة الحبس تندرج ضمن اختصاص رؤساء المحاكم االبتدائية‪ ،‬باعتبارهم‬
‫قضاة للمستعجالت فيقررون بشأن سالمة مسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات االحت ارزية حتى يصدر‬
‫ق ضاء الموضوع حكمه بشأن النزاع المعروض عليه‪ ،‬في حين أن البث في المنازعة التي تلي صدور‬
‫األمر القضائي بتحديد مدة اإلكراه البدني فتختص بالنظر فيها المحاكم اإلدارية أثناء تقديم الطعون‪،‬‬
‫واإلشكال الذي يبقى مطروحا هنا ولم تجب عنه مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وهو االختصاص‬
‫المكاني لرفع الدعوى هل ترفع أمام المحكمة التي يقيم فيها المدين المتابع من طرف الخزينة‪ ،‬أم أمام‬
‫المحكمة التي يستحق فيها أداء الدين ؟ أي مكان فرض الضريبة أو الرسم الضريبي أو غيره ؟ أم أمام‬
‫المحكمة التي يتواجد بها المركز المحاسبي للمحاسب المكلف بالمتابعة ؟‬

‫فالمسألة أجاب عنها المشرع المغربي في المادة ‪ 141‬من مدونة تحصيل الديون العمومية لكن‬
‫بشكل غير واضح‪ ،‬فالمحكمة المختصة بالدعوى حسب هذه المادة هي المحاكم اإلدارية الموجودة بالمكان‬
‫الذي تستحق فيه الديون العمومية‪ .‬أما المشرع الفرنسي فقد أسند االختصاص صراحة إلى محكمة تواجد‬
‫‪257‬‬
‫الشيء الذي لم يفعله المشرع المغربي‪ .‬وتبقى‬ ‫المحاسب الذي يباشر إجراءات المتابعة ضد المدين‬
‫العقوبات الحبسية التي يقضي بها القضاء غير معفية من اإلكراه البدني ومن أداء الديون الضريبية‬
‫المتوجبة على المدين‪ ،‬ويبقى ملزما بها إلى أن يقوم بأدائها خصوصا بالنسبة لمفتعلي العسر أو الذين‬

‫معالل فؤاد ‪" :‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد"‪ ،‬مطبعة اآلفاق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1999 ،‬ص ‪.15 :‬‬ ‫‪256‬‬

‫أبليال عبد الرحمان ‪" :‬القانون رقم ‪ ....................،"15.97‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.25 :‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪109‬‬
‫يعرقلون تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وقد نصت المدونة على معاقبة هؤالء بغرامات مالية تتراوح ما بين‬

‫‪ 5.000,00‬درهم و‪ 10.000,00‬درهم وبالحائز‪:‬بسية موقوفة التنفيذ من سنة إلى سنتين أو بإحدى هاتين‬
‫كما أنه في حالة العود تضاعف الغرامة ومدة الحبس وتكون العقوبة الحبسية في هذه الحالة‬ ‫‪258‬‬
‫العقوبتين‪،‬‬
‫‪259‬‬
‫بالرغم من تصاعد ردود األفعال العديدة من طرف المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المنددة‬ ‫نافذة‪،‬‬
‫بالمس بالحرية الفردية للمواطن وسلب حريته التي تعتبر كأحد الركائز األساسية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ه‪-‬اإلعالن للغير الحائز‪ :‬لقد نصت مدونة تحصيل الديون العمومية في بابها الخامس على التزامات‬
‫المودع لديهم واألغيار الحائزين‪ ،‬وقد شملتهم المواد من ‪ 100‬إلى ‪ ،104‬والهدف من اإلعالن للغير‬

‫الحائز هو إج بار هذا الغير على دفع األموال التي يتوفر عليها والتي تعود ملكيتها للملزم المدين من أجل‬
‫أداء الضرائب والرسوم وغيرها من الديون المترتبة عليه‪ ،‬ومن بين هؤالء األغيار الحائزين المحاسبون‬

‫المكترون‪ ،‬المشغلون‪ ،‬المؤسسات البنكية الموثقون‪ ،‬كتاب الضبط‬ ‫‪260‬‬


‫العموميون‪ ،‬القباض الجماعيون‪،‬‬
‫والمقتصدون‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ويمكن للمحاسب المكلف أن يسلك مسطرة اإلعالن للغير الحائز اتجاه طرف آخر إذا تبين له‬
‫أن هذا األخير سيؤدي لفائدة الملزم بالضريبة أو الدين حوالة أو راتبا أو غيره‪ ،‬كما أنه يمكن أن يسلك‬
‫نفس المسطرة اتجاه إحدى األبناك المودعة لديها ودائع أو أموال تعود للمدين بهذه الضرائب أو‬
‫وتعتبر هذه المسطرة من أهم مساطر التحصيل الجبري نظ ار لفاعليتها وفعاليتها والسهولة التي‬ ‫‪261‬‬
‫الديون‪.‬‬
‫تتيحها في مجال تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ويترتب على اإلشعار أو اإلعالن للغير الحائز‪ ،‬التسليم‬

‫الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة األغيار في حدود مبلغ الضرائب والرسوم والديون األخرى المطلوب‬
‫أداؤها‪ ،‬ويمتد مفعول هذا التسلم إلى الديون بأجل أو الديون المشروطة التي للمدين على األغيار الحائزين‬
‫‪262‬‬
‫المتابعين‪.‬‬

‫المادة ‪ 85‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪258‬‬

‫المادة ‪ 86‬من نفس الظهير‪.‬‬ ‫‪259‬‬

‫أحمد جواهري ‪" :‬حجز ما للمدين لدى القباض الجماعيين ‪ :‬الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬المنازعات القضائية في ميدان تحصيل الديون العمومية"‪،‬‬ ‫‪260‬‬

‫أعمال الدورات التكوينية المنظمة لفائدة قباض وأطر الخزينة العامة إصدارات و ازرة االقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة‪ ،2002 ،‬ص ‪.179 :‬‬
‫المجلس األعلى‪ ،‬حكم عدد ‪ 1069‬بتاريخ ‪ 1998/11/26‬ملف إداري عدد ‪ ،97/77‬حكم منشور بمجلة الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬المنازعات‬ ‫‪261‬‬

‫القضائية نفس المرجع أعاله‪ ،‬ص ‪.3 :‬‬


‫المادة ‪ 102‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪.15.97‬‬ ‫‪262‬‬

‫‪110‬‬
‫وأمام صعوبة تطبيق اإلعالن للغير الحائز من طرف المحاسب المكلف قد أعطى المشرع لهذا‬

‫األخير طرقا أخرى لإلطالع على أموال المدين وهي حق االطالع‪.‬‬

‫و‪ -‬حق االطالع ‪ :‬لقد نص المشرع المغربي على حق االطالع في الباب الحادي عشر من مدونة‬
‫المتعلق بالجبايات المحلية‪ ،‬حيث يحق‬ ‫‪263‬‬
‫تحصيل الديون العمومية‪ ،‬كما نص عليها قانون رقم ‪30-89‬‬
‫للمحاسبين المكلفين بالتحصيل االطالع على جميع الوثائق والمعلومات المتعلقة بالمدينين‪ ،‬والتي يمكن‬
‫أن تساعد في تحصيل الديون المستحقة على الملزمين‪ ،‬كالذمة المالية واألصول العقارية والرصيد المالي‬
‫باألبناك وغيرها‪ .‬ويمكن أن يمارس حق االطالع اتجاه إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‬

‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬وكل هيئة أخرى خاضعة لمراقبة السلطة العمومية دون إمكانية إثارة السر المهني‪،‬‬
‫وأيضا اتجاه األشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين تسمح لهم مهنتهم بالتدخل في المعامالت وتقديم‬
‫الخدمات ذات الصبغة المالية أو القانونية أو المحاسبية‪ ،‬أو بحيازة ممتلكات أو أموال لحساب أغيار‬
‫‪264‬‬
‫مدينين‪.‬‬

‫فهؤالء األشخاص ملزمون بتقديم المعلومات المطلوبة من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل‬
‫داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ الطلب الموجه إليهم‪ ،‬وفي حالة عدم استجابتهم يتم فرض غرامة تهديدية‬
‫‪265‬‬
‫درهم بواسطة أمر بالمداخيل‬ ‫قدرها ‪ 500,00‬درهم عن كل يوم تأخير‪ ،‬وفي حدود ‪50.000,00‬‬
‫‪ ordre de recettes‬يصدره الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬كما يعتبر رفض اإلدالء بالمعلومات المطلوبة أو‬
‫اإلدالء ببيانات خاطئة بمثابة عرقلة للتحصيل‪ ،‬قد تعرض المخالف للجزاءات المنصوص عليها في حالة‬

‫افتعال العسر أو عرقلة مسطرة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وال تطبق هذه الجزاءات على اإلدارات العمومية‬
‫‪266‬‬
‫والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬صالحيات المحاسبين العموميين في مجال صرف النفقات العمومية‬

‫إذا كان دور المحاسبين العموميين على مستوى المداخيل ال يتطلب الكثير من التدقيق‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.89.187‬صادر بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ 1989‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 30-89‬يحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات‬ ‫‪263‬‬

‫المحلية وهيئاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4023‬بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪.1989‬‬


‫المادة ‪ 129‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪.15.97‬‬ ‫‪264‬‬

‫المادة ‪( 130‬الفقرة الثانية) من نفس الظهير‪.‬‬ ‫‪265‬‬

‫المادة ‪ 130‬الفقرة األخيرة من نفس الظهير‪.‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪111‬‬
‫والتمحيص‪ ،‬فاألمر غير ذلك فيما يخص صرف النفقات العمومية بحيث يتعين على هؤالء القيام بجملة‬

‫من إجراءات المراقبة قبل تسديد المبالغ المستحقة على ذمة الجهاز العمومي‪ ،‬إذ أن عدم احترام القواعد‬
‫المقررة في مجال المحاسبة العمومية‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى ترتيب مسؤوليتهم وقد حدد المشرع عناصر‬
‫المراقبة في ثالثة مراحل ‪ :‬المرحلة األولى تخص مراقبة شرعية النفقة‪ ،‬المرحلة الثانية تخص مراقبة صحة‬
‫النفقة‪ ،‬والمرحلة الثالثة واألخيرة تخص مراقبة صحة األداء‪.‬‬

‫‪ -1‬مرحلة مراقبة شرعية النفقة ‪:‬‬

‫إذا كان اآلمر بالصرف يقوم بمهام إدارية على المستوى المالي‪ ،‬والمحاسب العمومي يقوم‬

‫بمهام حسابية تصحيحية‪ ،‬فإن هناك طرفا ثالثا يتجلى دوره في فحص شرعية النفقة أو الدين الملتزم به‬
‫من طرف اآلمرين بالصرف قبل صرفها‪ ،‬وإذا كانت هذه المهمة كانت تمارس في السابق على المستوى‬

‫العام والمركزي من قبل المراقب العام لاللتزامات بالنفقة‪ ،‬وعلى المستوى المحلي من طرف القابض‬
‫‪267‬‬
‫فاليوم قد أنيطت هذه المهمة بالمحاسبين العموميين بعد اإلصالحات التي عرفتها مراقبة االلتزام‬ ‫البلدي‬
‫‪268‬‬
‫رقم ‪ 2.06.52‬والذي قضى بإلحاق المراقبة العامة لاللتزام بنفقات‬ ‫بنفقات الدولة سنة ‪ 2006‬بالمرسوم‬
‫‪269‬‬
‫طبقا‬ ‫الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة‪ .‬وكذلك تعزيز الكفاءة التدبيرية للمصالح اآلمرة بالصرف‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 27‬من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات‬
‫الدولة‪ .‬فيقوم المحاسبون بمراقبة مشروعية النفقة من خالل التأكد من أن مقترحات االلتزام بالنفقة مشروعة‬
‫بالنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي‪ ،‬كما يتأكدون من توفر االعتمادات والمناصب‬

‫المالية‪ ،‬اإلدراج المالي للنفقة بالميزانية‪ ،‬صحة العمليات الحسابية لمبلغ االلتزام‪ ،‬مجموع النفقة التي تلتزم‬
‫بها اإلدارة المعنية طيلة السنة التي أدرجت خاللها‪ ،‬وأخي ار االنعكاس المالي الذي قد يكون االلتزام المقترح‬
‫قد أثاره على استعمال مجموع اعتمادات السنة الجارية والسنوات الالحقة‪.‬‬

‫وتتم مراقبة شرعية االلتزام بالنفقة المقدمة من طرف اآلمرين بالصرف عن طريق إرفاق‬

‫سعيد جفري ‪" :‬الرقابة على المالية المحلية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عين الشق‬ ‫‪267‬‬

‫الدار البيضاء‪ ،2000-1999 ،‬ص ‪.332 :‬‬


‫المرسوم رقم ‪ 2.06.52‬صادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬ ‫‪268‬‬

‫قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2292-08‬صادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ 2008‬بتحديد النظام المرجعي الفتحاص الكفاءة التدبيرية للمصالح اآلمرة‬ ‫‪269‬‬

‫بالصرف ج‪.‬ر عدد ‪ 5705‬بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪.2009‬‬

‫‪112‬‬
‫اقتراحات االلتزام ببطاقة تتضمن التنزيل وباب الميزانية الموافق لقانون المالية السنوي أو ميزانية المصالح‬

‫المسيرة بصورة مستقلة أو في برامج االستعمال للحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬وعند االقتضاء مبلغ‬
‫أو على الحسابات‬ ‫‪270‬‬
‫االلتزامات وجدوى النفقة التي سيتم صرفها في هذه التنزيالت الميزانياتية‬
‫الخصوصية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة مراقبة صحة النفقة ‪:‬‬

‫في البداية يجب توضيح االختالف الجوهري بين مفهوم االلتزام بالنفقة‪ ،‬ومفهوم صحة النفقة‪ ،‬فالمفهوم‬
‫ا لثاني يتحدد في مرحلة الحقة لصحة االلتزام بالنفقة‪ ،‬ويجعل موضوع المراقبة مختلفا عما هو الحال عليه‬

‫في صحة االلتزام بالنفقة‪ .‬وتعتمد مراقبة صحة النفقة على عناصر يمكن من خاللها إما قبول وضع‬
‫التأشيرة على مقترح االلتزام بالنفقة‪ ،‬وإما بإيقاف التأشيرة على االقتراح وإعادة ملف االلتزام غير المؤشر‬
‫عليه إلى المصلحة اآلمرة بالصرف من أجل التصحيح وإعادة النظر‪ ،‬أو رفض التأشير بصفة نهائية بعد‬
‫تعليل ذلك بالمالحظات والتوضيحات‪ .‬وقد حدد المشرع آجال وضع التأشيرة من طرف المحاسب العمومي‬
‫‪271‬‬
‫أيام عمل كاملة بالنسبة لصفقات الدولة‬ ‫على االلتزام بالنفقة إما بالتأشير أو اإليقاف أو الرفض في ‪10‬‬
‫وفي ‪ 5‬أيام عمل كاملة بالنسبة للنفقات األخرى‪ .‬وتحتسب هذه اآلجال ابتداء من تاريخ إيداع ملف مقترح‬
‫االلتزام بالنفقة‪ ،‬غير أنه بالنسبة لصفقات الدولة التي لم يبد المحاسب العمومي أي جواب بشأنها خالل‬
‫األجل المنصوص عليه‪ ،‬على المحاسب وضع التأشيرة على مقترح االلتزام بمجرد انصرام األجل المذكور‬
‫وإرجاع الملف إلى المصلحة اآلمرة بالصرف المعنية‪ ،‬ويجب على هذه األخيرة قبل الشروع في تنفيذ‬

‫األشغال أو الخدمات أو تسلم التوريدات‪ ،‬أن تبلغ المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين بمراجع التأشيرة‬
‫"‪ "Références de visa‬على النفقات الموضوعة على الصفقات بما في ذلك سندات الطلب أيضا‬
‫‪272‬‬
‫وقد حدد الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي المتعلق‬ ‫واالتفاقيات أو العقود وملحقاتها إن كانت مطلوبة‪،‬‬

‫بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬عناصر المراقبة على الشكل التالي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مراقبة صفة اآلمر بالصرف ‪:‬‬

‫‪270‬‬
‫‪CATHENEAU (J) : "Finances publiques",Edition L.G.D.J, 1987, p : 182.‬‬
‫المادة ‪ 13‬الفقرة األخيرة من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪.‬‬ ‫‪271‬‬

‫المادة ‪ 7‬من نفس المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪...‬م‪.‬س‪.‬‬ ‫‪272‬‬

‫‪113‬‬
‫في هذه الحالة يتعين على المحاسبين العموميين التأكد من صفة اآلمر بالصرف مصدر األمر‬

‫باألداء‪ ،‬فجميع التصرفات الخاصة سواء بالمداخيل أو النفقات ينبغي أن تتم من طرف اآلمر بالصرف‬
‫صاحب قانونية االعتماد أو مفوضه لهذا الغرض‪ ،‬والذي يعتبر الشخص المؤهل الوحيد الذي يحق له‬
‫االلتزام باسم هيئة عمومية‪ ،‬والمسؤول إزاء سلطات المراقبة‪ .‬وحتى يعلم المحاسب بالجهة التي تختص‬
‫بالتقرير في النفقات أو المداخيل العمومية‪ ،‬ينبغي أن تبلغ ق اررات تعيين اآلمرين بالصرف إلى المحاسبين‪،‬‬
‫أو محاضر انتخابهم بالنسبة لآلمرين بالصرف الجماعيين‪ ،‬وكذا ق اررات نوابهم المعتمدين لدى المحاسب‬
‫ويرفق بهذه الق اررات نماذج إمضاءاتهم ‪."Spécimens de signature" :‬‬

‫ب‪ -‬التأكد من توفر االعتمادات ‪:‬‬

‫تعتبر االعتمادات المالية عنص ار جوهريا ومهما في جميع مراحل العمليات المالية العامة‬
‫والمحلية‪ ،‬فاالعتمادات هي التي تحدد قيمة النفقة العمومية‪ ،‬وال يمكن لآلمر بالصرف تجاوزها إال‬
‫بترخيص من قبل السلطات المفوض لها ذلك‪ ،‬وعلى المحاسبين العموميين التحقق من توفر االعتمادات‬
‫المالية ومن صحة التنزيل المالي بالميزانية‪ ،‬فالمحاسبون مطالبون بالمراقبة والتأكد من مدى توفر المنظمة‬
‫العمومية على االعتمادات وعلى السيولة الالزمة لتغطية النفقة التي يأمر بها اآلمرون بالصرف في حدود‬
‫االعتمادات المفتوحة والمتوفرة والقانونية‪.‬‬

‫وقد يحصل اآلمرون بالصرف على اعتمادات إضافية في غضون السنة المالية المفتوح بها‬
‫الميزانية بموجب مراسيم تدابير بعد حصول الحكومة على إذن من البرلمان يرخص لها باالعتمادات‬

‫إال أن النفقات المؤداة بدون أمر سابق بصرفها ال تعرض للتأشيرة عند المراقبة إال إذا كانت‬ ‫‪273‬‬
‫اإلضافية‪،‬‬
‫تلك النفقات المؤداة تهم أجور موظفي وأعوان الدولة المدنيين والعسكريين‪ .‬كما ال تخضع لمراقبة االلتزام‬
‫ومراقبة األداء صفقات الدولة بما في ذلك سندات الطلب واالتفاقيات والعقود المبرمة في إطار البرامج‬

‫والمشاريع المستفيدة من أموال المساهمة الخارجية المقدمة في شكل هبات تطبيقا التفاقيات أو معاهدات‬
‫ثنائية‪.‬‬

‫إال أنه في هذه الحاالت‪ ،‬على المصالح اآلمرة بالصرف أن توجه في نهاية كل شهر‪ ،‬إلى‬

‫الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬والفصل ‪( 45‬الفقرة الثانية) من دستور ‪ 13‬شتنبر ‪ 1996‬الملغي‪.‬‬ ‫‪273‬‬

‫‪114‬‬
‫المحاسبين العموميين‪ ،‬قصد التحمل المحاسبي في محاسبتهم لاللتزامات‪ ،‬بيانا معدا تحت مسؤولية‬

‫اآلمرين بالصرف‪ ،‬تتضمن بالنسبة لكل قرار التزام من الق اررات المضمنة بالمراجع المطابقة لها‪ ،‬وأصحاب‬
‫الصفقات وموضوع ومبلغ النفقة المدرج في اعتمادات األداء الخاصة بالسنة الجارية وكذا اإلدراج المالي‬
‫فالتأكد من توفر االعتمادات بالنسبة للمراقبة التي يجريها المحاسبون العموميون ال تشمل‬ ‫‪274‬‬
‫لهذه النفقات‪.‬‬
‫فقط هذه الجوانب المحاسبية من توفر الرصيد والسيولة واإلدراج في األبواب والفصول والفقرات‬
‫المخصصة للنفقة الملتزم بها‪ ،‬بل تشمل حتى الجوانب القانونية من ترخيص وتفويض قانوني وكل‬
‫الجوانب التنظيمية والتشريعية التي تجيز صرف النفقة‪ .‬فاآلمرون بالصرف ملزمون باحترام التنزيل‬
‫‪275‬‬
‫في مجال صرف النفقات فالفصل ‪ 31‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬ ‫القانوني للميزانية‬
‫العمومية نص على أنه "يجب أن تقرر نفقات المنظمات العمومية في ميزانياتها وأن تكون مطابقة للقوانين‬
‫واألنظمة"‪ .‬فالنفقات التي لم يرخص لها في إطار قوانين المالية السنوية‪ ،‬أو بموجب مراسيم قوانين‪،‬‬
‫ترفض من طرف المحاسبين العموميين أثناء مراقبة األداء‪.‬‬

‫ج‪ -‬التأكد من إثبات إنجاز الخدمة ‪:‬‬

‫يشكل التأكد من إثبات إنجاز الخدمة أحد العناصر التي يتعين على المحاسبين العموميين‬
‫‪276‬‬
‫مراقبتها من خالل التأكد من وجود الوثائق التي تثبت إنجاز الخدمة‪.‬‬

‫لذلك يجب أن يلحق األمر باألداء "‪ "Ordre de paiement‬بكافة الوثائق والمستندات الثبوتية‬
‫الالزمة للتحقق من صحة عمليات التصفية "‪ "Liquidation‬تطبيقا للقاعدة القائلة ‪" :‬األداء بعد إثبات‬

‫الخدمة"‪ ،‬وغالبا ما يكتفي المحاسبون العموميون بفحص الوثائق المرفقة والمقدمة لهم‪ ،‬والتي تستلزمها‬
‫‪277‬‬
‫وقد يختلف اإلثبات بالنسبة لكل نفقة على حدة وما على المحاسبين إال‬ ‫القوانين واألنظمة المحاسبية‪،‬‬

‫‪ 274‬المادة ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪.2008‬‬
‫‪275‬‬
‫‪L'article 14 de la décision du Directeur Trésorier Général en date du 11 octobre 1979 valant instruction‬‬
‫‪général sur la dépense.‬‬
‫‪276‬‬
‫‪MARTINEZ (J.C), DIMALTA (P) : "Droit budgétaire…...............", op.cit, p : 278.‬‬
‫‪277‬‬
‫‪Décision du Ministre des Finances et de la Privatisation et du Tourisme n°01/1973 du 28 Septembre 2001 sur‬‬
‫‪la Nomenclature de pièces justificatives de dépenses et de recettes de l'Etat.‬‬
‫‪- Note de service n°1451 du 21 Mai 1993 établie conjointement entre la Trésorerie Générale du Royaume et la‬‬
‫‪Cour des comptes sur la Nomenclature de pièces justificatives des dépenses et des recettes des collectivités‬‬
‫‪locales et de leur groupements.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪278‬‬
‫من عدمها‪ ،‬وال يمكن أن تتجاوز صالحيات‬ ‫التأكد من الوثائق الالزمة والتبريرية إلنجاز هذه الخدمة‬

‫المحاسبين هذا الدور وال يمكن أن تمتد إلى المراقبة المادية للنفقة‪ ،‬لذا يتعين عليهم مراجعة تصفية هذه‬
‫النفقة لتفادي األخطاء المادية فقط‪ ،‬وإذا ما رفض المحاسبون األداء لسبب من األسباب‪ ،‬يمكن لآلمرين‬
‫بالصرف بناء على مقتضيات الفصل ‪ 92‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية أن‬
‫‪279‬‬
‫يمارسوا "حق التسخير" أو "صرف النظر‬

‫‪ "le droit de Réquisition‬والذي من خالله يحق لهؤالء تجاوز رفض المحاسب العمومي‬
‫التأشير على األداء‪ ،‬ويتحملون في ذلك كامل المسؤولية‪ .‬ويبقى حق التسخير الذي منحه المشرع لآلمرين‬

‫بالصرف كحل استثنائي لتجاوز بعض الصعوبات والعقبات المالية ولحاالت الضرورة‪ ،‬إال أنه قيد هذا‬
‫الحق في الفصل ‪ 93‬من المرسوم الملكي السابق الذكر في الحاالت التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬إما انعدام أو قلة االعتمادات‪ ،‬أو عدم تقديم الوثائق المثبتة للنفقة‪ ،‬أو عدم إبرائية النفقة‪ ،‬أو انعدام‬
‫تأشيرة مراقب االلتزام بالنفقة أو عدم إثبات الخدمة المنجزة‪ ،‬وبالتالي من حق المحاسب العمومي أن‬
‫يرفض امتثال الطلبات بالتسخير المقدم له من طرف اآلمر بالصرف في الحاالت التي سبق ذكرها وعليه‬
‫إخبار وزير المالية الذي يبث في األمر‪ ،‬غير أنه في حالة عمليات تقتضيها حاجيات الدفاع عن حوزة‬
‫البالد‪ ،‬ال يمكن للمحاسبين المكلفين بالتسديد االستناد إلى عدم توفر االعتمادات لرفض أداء األجور‬
‫وغيرها من الرواتب المستحقة للعسكريين‪ .‬إال أنه بعد اإلصالح الذي عرفته المراقبة العامة لاللتزام بنفقات‬
‫الدولة الذي قضى بإلحاق هذه األخيرة بالخزينة العامة للمملكة وبتحويل اختصاصات المراقب العام‬

‫لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة سنة ‪ 2006‬فقد أصبحت مسطرة صرف النظر أو‬
‫التسخير على مستوى مرحلة االلتزام كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -‬إذا رفض المحاسبون العموميون التأشيرة‪ ،‬وتمسك اآلمرون بالصرف بمقترح االلتزام الذي تقدموا به‪،‬‬

‫يحال اآلمر إلى الخازن العام للمملكة من طرف الوزير المعني باألمر بعد إخبار من طرف اآلمرين‬

‫‪278‬‬
‫‪"Le contrôle du comptable est limité à l'existence et à la régularité extrinsèque de ces pièces dont le‬‬
‫‪comptable ne saurait apprécié la régularité du Fond". (J. F) FABRE : "Les grands arrêts de la jurisprudence‬‬
‫‪financière", Edition Sirey, Paris, 1995, p : 118.‬‬
‫‪ 279‬ينص الفصل ‪ 92‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية على ما يلي ‪" :‬إذا الحظ المحاسب العمومي المكلف بالتسديد‬
‫أثناء إجراء مراقبته إغفاال أو خطأ ماديا في األوراق المدلى بها أو كانت هذه األوراق غير صحيحة بالنسبة لمقتضيات الفصل ‪ 11‬من هذا المرسوم‬
‫الملكي أوقف األداء وأخبر بذلك اآلمر بالصرف‪ ،‬وإذا طلب اآلمر بالصرف كتابة وتحت مسؤوليته صرف النظر على ذلك‪ ،‬باشر المحاسب الذي لم‬
‫يعد مسؤوال عن ذلك التأشير ألجل األداء"‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫بالصرف‪ ،‬لنفي أو تأكيد هذا الرفض‪ ،‬وإذا نفى الخازن العام للمملكة رفض التأشيرة‪ ،‬أمر المحاسب‬

‫بالتأشير على مقترح االلتزام بالنفقات‪ ،‬وإذا أكده‪ ،‬جاز للوزير المعني باألمر أن يلتمس تدخل الوزير‬
‫األول‪ ،‬وفي هذه الحالة يجوز للوزير األول تجاوز رفض التأشيرة المذكورة بمقرر‪ ،‬ما عدا إذا كان هذا‬
‫الرفض معلال بعدم توفر االعتمادات أو المناصب المالية‪ ،‬أو بعدم التقيد بنص تشريعي‪ ،‬غير أنه على‬
‫‪280‬‬
‫التالية ‪:‬‬ ‫الوزير األول أن يستشير مسبقا اللجن‬

‫• لجنة الصفقات‪ ،‬إذا كان مقترح االلتزام بالنفقات ناتجا عن صفقة أو اتفاقية أو عقد مبرم لحساب‬
‫الدولة‪.‬‬

‫• لجنة يترأسها األمين العام للحكومة أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض باإلضافة إلى ممثلي‬
‫الوزير المعني باألمر والوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالوظيفة العمومية‪ ،‬والخازن العام‬
‫للمملكة إذا كان مقترح االلتزام بالنفقات ناتجا عن قرار يتعلق بموظفي وأعوان الدولة‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحلة مراقبة صحة األداء ‪:‬‬

‫بعد االنتهاء من عمليات المراقبة المادية والمحاسبية للنفقة‪ ،‬والتي تتجلى في احترام الشروط‬
‫الواردة في الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية‪،‬‬

‫يمارس المحاسبون أيضا ما يسمى بالرقابة على صحة األداء والتي تتعلق أساسا بأداء ديون الدولة‬
‫‪281‬‬
‫والمؤسسات التابعة لها‪ ،‬وذلك بصرف النفقة وإعطائها أو دفعها إلى الدائن الحقيقي أو ممثله القانوني‬
‫بالنسبة لألشخاص المعنوية‪.‬‬

‫وقبل كل إبراء للذمة المالية للجهاز العمومي ينبغي على المحاسبين العموميين التأكد من‬
‫غياب التعرضات على األداء‪ ،‬فاألداء عادة ما يتم نقدا وفي هذه الحالة يلتزم الدائن بالتوقيع على حوالة‬
‫األداء‪ ،‬وقد يكون األداء قائما على التحويالت البنكية لحساب الدائنين‪ ،‬فعلى المحاسبين التأكد من هذه‬

‫المادة ‪ 288‬من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر‬ ‫‪280‬‬

‫‪.2008‬‬
‫‪281‬‬
‫‪"Au vu du titre d'ordonnancement, le comptable a pour mission d'effectuer le paiement de la dépense, il ne‬‬
‫‪peut toutefois procéder au décaissement des deniers qu'après avoir procéder à un double contrôle :‬‬
‫‪- Le premier porte sur la régularité de l'ordre de paiement : Le comptable s'assure notamment de la‬‬
‫‪qualité de l'ordonnateur, de la disponibilité des crédits, de l'exactitude de l'imputation, de la justification‬‬
‫‪du service fait, ainsi que l'exactitude des calculs de liquidation.‬‬
‫‪- Le second contrôle porte sur l'identité et la capacité juridique du créancier, ainsi que sur le caractère‬‬
‫‪libératoire du paiement". MARTINEZ (J.C), DIMALTA (P) : "Droit budgétaire…", op.cit, p : 766.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪282‬‬
‫الذي تحدده القوانين‬ ‫الحسابات واالحتفاظ بالسندات التحويلية‪ ،‬كما عليهم احترام سقف األداء النقدي‬

‫واألنظمة‪ ،‬ومراعاة قواعد التقادم‪ ،‬وأسباب انقضاء الديون كما جاء في النصوص القانونية المنصوص‬
‫ما يليه من قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ .‬فعلى المحاسبين العموميين‬ ‫‪283‬‬
‫عليها في الفصل ‪319‬‬
‫بالدرجة األولى مراعاة الفصل ‪ 42‬و‪ 43‬من المرسوم الملكي المنظم للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬الذي‬
‫ينص على قواعد التعرض على األداء حسب مقتضيات ظهير ‪ 28‬غشت ‪ 1948‬المتعلق بالتعرضات‪،‬‬
‫ولكي تكتسب التعرضات قيمتها الحقيقية يجب أن تبلغ إلى المحاسبين قبل أن يضع على الحوالة أو على‬
‫ورقة اإلصدار الطابع المؤرخ الحامل لعبارة "أطلع عليه في التعرضات" أما بعد ذلك أو بعد أن يؤشر‬

‫على السند بعبارة "أطلع عليه‪ ،‬صالح لألداء ‪ "Vu Bon à Payer‬فإن المحاسب يمتنع عن االستجابة‬
‫‪284‬‬
‫وفي الحالة التي يستجيب فيها المحاسب العمومي للتعرضات‪ ،‬ال يمكنه دفع المبالغ‬ ‫لتلك التعرضات‪،‬‬
‫المقتطعة مباشرة إلى المتعرضين‪ ،‬وإنما يودعه في حساب الخزينة‪ ،‬وال يمكن للمتعرضين أن يستردوا‬
‫المبالغ المقتطعة إال بعد حصولهم على موافقة القاضي داخل أجل ‪ 5‬سنوات ابتداء من تاريخ تبليغ‬
‫‪285‬‬
‫وإذا انتهى األجل قبل أن يحظى التعرض بالحكم قضائيا‪ ،‬يبقى‬ ‫المتعرضين إلى المحاسب العمومي‪.‬‬
‫‪286‬‬
‫لوزير المالية يسمح فيه‬ ‫المبلغ مودعا لدى المحاسب العمومي‪ ،‬إال أنه منذ سنة ‪ 1981‬صدر قرار‬
‫للمستفيدين باسترجاع المبالغ المقتطعة بموجب تعرضات قانونية‪ ،‬والتي مسها التقادم الخماسي‪ ،‬وذلك بعد‬
‫تقديمهم لطلبات في الموضوع إلى الخازن العام للمملكة‪ ،‬أما إذا لم يقدم المتعرضون أي طلب السترداد‬
‫المبالغ المقتطعة والمودعة بالخزينة العامة‪ ،‬فإنها تسقط بالتقادم بعد مرور ‪ 15‬سنة ابتداء من تاريخ تقديم‬

‫قانونية التعرض‪ ،‬ويكون مصير تلك المبالغ المودعة هو اإلدراج بالميزانية العامة للدولة بعد تقادمها‬
‫‪287‬‬
‫قانونيا‪.‬‬

‫‪ 282‬المذكرة المصلحية رقم ‪/127‬س‪ .‬ب الصادرة بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ 1988‬والمحددة لسقف األداء النقدي في حدود ‪ 5‬آالف درهم‪ ،‬وهو استثناء‬
‫من مقتضيات الفصل ‪ 45‬من المرسوم الملكي المنظم للمحاسبة العمومية‪ ،‬والذي يحدد سقف األداء النقدي في ‪ 1.500‬درهم‪.‬‬
‫‪ 283‬لقد حدد الفصل ‪ 319‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي انقضاء الديون وااللتزامات بما يلي ‪ -1 :‬الوفاء‪ -2 ،‬استحالة التنفيذ‪ -3 ،‬اإلبراء‬
‫االختياري‪ -4 ،‬التجديد‪ -5 ،‬اتحاد الذمة‪ -6 ،‬المقاصة‪ -7 ،‬اإلقالة االختيارية‪ -8 ،‬التقادم‪.‬‬
‫‪ 284‬ينص الفصل ‪ 43‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬إذا كان الدين موضوع تعرض أو حجز أو تخل أو‬
‫تفويض أو رهن أو نقل تحتم على المحاسب المكلف بالتسديد أن يسلم لألطراف المعنية باألمر بطلب منهم نسخة موجزة أو قائمة من هذه‬
‫التعرضات أو التبليغات"‪.‬‬
‫‪285‬‬
‫‪Dahir du 14/06/1941 relatif à la saisie-arrêt et à la cession des traitements appointements, soldes et salaires‬‬
‫‪des fonctionnaires de l'état, des municipalités, des offices et établissements publics tel qu'il a été modifié et‬‬
‫‪complété. B.O. du 22 Août 1941.‬‬
‫‪286‬‬
‫‪Note n°03/0821 du Ministre des finances en Juin 1981 et Note de service du Trésorier Général du Royaume‬‬
‫‪n°252/D.C.P. du 09/12/1981 relative à l'apurement par les comptables des retenues d'oppositions juridiques.‬‬
‫‪287‬‬
‫‪LMIMOUNI (M) : "Les pouvoirs du Trésorier Général au Maroc", ........op.cit, p:77.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -4‬مرحلة مراقبة عملية األداء ‪:‬‬

‫في هذه المرحلة والتي تعد آخر مراحل النفقة العمومية‪ ،‬حيث على المحاسبين العموميين القيام‬
‫بعملية األداء الفعلي للنفقة وفق الطرق القانونية‪ ،‬بحيث يتعين عليهم احترام العديد من المقتضيات الكفيلة‬
‫بتحقيق غاية النفقة‪ ،‬وتكتسي مرحلة األداء القوة والصفة اإلبرائية للجهاز العمومي المدين‪ ،‬وذلك بتسليم‬
‫الدين لصاحبه الحقيقي أو إلى ممثله القانوني إما نقدا في حالة تقديمه شخصيا أو عن طريق التحويل‬
‫البنكي من خالل استعمال الحسابات البنكية أو البريدية‪ .‬وقبل تحويل هذه األموال والسندات على‬
‫المحاسبين العموميين التأكد من جميع الوثائق الالزمة إلثبات صحة الدين وهوية المستفيد وكذا صحة‬

‫اإلبراء الصادر عن اآلمرين بالصرف كما ينص على ذلك الفصل ‪ 46‬من مرسوم ‪ 1967‬المتعلق‬
‫بالمحاسبة العمومية‪ .‬وغالبا ما يتم األداء إلى المستفيدين الذين صدر األمر باألداء لفائدتهم من طرف‬
‫اآلمرين بالصرف‪ ،‬ويمكن لهؤالء أن يفوضوا لمن يقوم مقامهم قانونا الستالم مبالغ الدين أو النفقة الملتزم‬
‫بها من طرف المنظمة العمومية‪ ،‬أما في حالة ما إذا أعاق المستفيد األصلي عائق‪ ،‬تحل الوكالة الرسمية‬
‫محل المستفيد إلثبات اإلنابة‪ ،‬أما إذا كان المستفيد شخصا معنويا‪ ،‬ينبغي أن يطلب المحاسبون العقد‬
‫والتصرف باسمه‪ .‬ويشكل األداء‬ ‫التأسيسي والصفة التي تخول الطرف أو الشخص المؤهل للتعاقد‬
‫المراحل النهائية للنفقة والذي يشكل القوة اإلبرائية للمنظمة العمومية اتجاه دائنيها بعدما يتحقق الدائنون‬

‫من قيمة أموالهم وتوصلهم بها كاملة دون تعرضات أو طعون‪.‬‬

‫وقد تؤدى النفقة عن طريق مساعدي المحاسب العمومي وهم المؤدون المنتدبون ‪Les Payeurs‬‬

‫‪ délégués‬وهي طريقة في األداء تستثنى من القاعدة بترخيص من وزير المالية أو ممثله‪ ،‬وباقتراح من‬
‫الوزير المعني بالقطاع‪ ،‬حيث يمكن اقتراح مؤدين منتدبين للقيام بأداء بعض النفقات الدورية والطارئة‬
‫بحيث يمكن للمحاسبين العموميين أن يباشروا هذه العملية عن طريق هؤالء المؤدين المنتدبين حيث‬

‫يتلقون تسبيقات من المحاسبين لكي يقوموا باألداءات الالزمة والقانونية إلى المستفيدين مقابل الحصول‬
‫على إبراء منهم باإلمضاء أو التوقيع بعد تسلم مبالغ الدين‪ ،‬وبعد االنتهاء من عملية األداء يقدم المؤدون‬

‫المنتدبون األوراق التبريرية لألداء إلى المحاسبين‪ ،‬باإلضافة إلى وصل إبراء الذمة في حالة إرجاع مبالغ‬

‫نقدية لم يتم صرفها لسبب من األسباب داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ استيالم التسبيقات‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه في إطار عملية مراقبة األداء تثار ثالثة مالحظات أساسية وهي‪:‬‬

‫‪119‬‬
‫المالحظة األولى‪ :‬فيما يخص صرف النظر أو التسخير إذا أوقف المحاسب العمومي أداء‬

‫النفقة تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 8‬أو المادة ‪ 18‬من المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬المتعلق بمراقبة نفقات‬
‫الدولة الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬وطلب اآلمر بالصرف كتابة وتحت مسؤوليته صرف النظر على ذلك‪،‬‬
‫فعلى المحاسب العمومي مباشرة علمية األداء والتي لم يعد مسؤوال عنها فيما يخص التأشير ألجل األداء‬
‫وعليه إرفاق األمر باألداء "‪ "L’ordre de Paiement‬أو الحوالة بنسخة من مذكرة مالحظاته وكذا األمر‬
‫بالتسخير‪ ،‬واستثناءا من ذلك يجب على المحاسب العمومي أن يرفض االمتثال لألمر بالتسخير إذا لم‬
‫يكن هناك اعتمادات أو عدم توفرها أو عدم كفايتها أو عدم توفر الصفة اإلبرائية للتسديد أو عدم وجود‬

‫التأشيرة القبلية لاللتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة‪.‬‬

‫فامتالك اآلمرين بالصرف لحق التسخير أو صرف النظر في مواجهة المحاسبين العموميين أثناء أداء‬
‫النفقة‪ ،‬يشكل انتقاصا من صالحيات وسلطات المحاسبين العموميين في ميدان المراقبة المالية‪ ،‬على‬
‫‪288‬‬
‫عكس المشرع الفرنسي وكذا قضاؤه المالي‪.‬‬

‫المالحظة الثانية ‪ :‬على مستوى مراقبة صرف النفقات‪ ،‬فالمحاسبون العموميون وبصريح عبارة‬
‫الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬التي تشدد التأكيد على مراقبة صحة‬
‫النفقة أو الدين‪ ،‬فهم مطالبون بإجراء مراقبة شديدة على صرف النفقة العمومية وإال تعرضوا للمساءلة‬
‫والمحاسبة القانونية فأي تقصير أو إهمال أو نسيان في إعمال المراقبة التي هم ملزمون بها سيشكل عمال‬
‫‪289‬‬
‫واالستثناء الوحيد الذي ورد في‬ ‫تقصيريا يستوجب طرح مسؤوليتهم الشخصية والمالية وحتى الجنائية‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪L'article 71 des lois coordonnées sur la comptabilité de l'Etat du 17 Juillet 1991 prévoit que : "Les‬‬
‫‪ordonnateurs délégués par le Ministre pour l'exécution du budget sont justiciables de la cour des comptes, du‬‬
‫‪chef des engagements de crédits qu'ils ont contractés en violation d'une disposition légale quelconque et qui ont‬‬
‫‪causé un dommage au Trésor.‬‬
‫‪L'ordonnateur ne sera exonéré de cette responsabilité que s'il peut produire, pour sa justification, un ordre spécial‬‬
‫‪écrit du Ministre qui a autorisé la dépense et préalable à l'ordonnancement".‬‬
‫أما القضاء المالي الفرنسي‪ ،‬فقد اعتبر أنه وفي مجال المسؤولية ‪:‬‬
‫‪"L'ordonnateur délégué est responsable, devant la cour des comptes, de la légalité des dépenses qu'il décide‬‬
‫‪d'engager au nom de la communauté française.‬‬
‫‪Il est exonéré de sa responsabilité uniquement lorsqu'il peut prouver par un écrit que le Ministre de tutelle a‬‬
‫‪préalablement autorisé la dépense.‬‬
‫‪Cette responsabilité de l'ordonnateur découle de l'article 71 des lois coordonnées sur la comptabilité de l'Etat.‬‬
‫‪Cette responsabilité devant la cour des comptes était également prévue dans la loi organique de la cour des‬‬
‫‪comptes du 29 octobre 1846.‬‬
‫‪Lise-Anne HAUSE : "Rôles et responsabilités du chef d'établissement et du comptable en matière de gestion‬‬
‫‪comptable", Circulaire n°2202 du 19/02/2008, p:3.‬‬
‫‪ 289‬في القانون المقارن وخصوصا المشرع الفرنسي هو اآلخر شدد على مسؤولية المحاسبين فقد صدر في دورية رقم ‪ 02..22‬بتاريخ ‪ 19‬فبراير‬
‫‪ 2008‬حول دور ومسؤولية رؤساء المؤسسات والمحاسبين في مادة التدبير الحسابي ما يلي ‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫القانون الذي يعفيهم من هذه المسؤولية هو القوة القاهرة‪ ،‬واألمر بصرف النظر أو التسخير‪ .‬وفي الحقيقة‬

‫فالمراقبة التي يقوم بها المحاسبون العموميون هي مجرد مراقبة خارجية وسطحية وال تمارس إال على‬
‫الوثائق فقط‪ ،‬فإثبات الخدمة المنجزة على سبيل المثال يرجع التأكد منه من الناحية القانونية والواقعية إلى‬
‫األمر بالصرف الذي يكشف عن الطابع الشكلي للمراقبة التي ينجزها المراقبون والمحاسبون العموميون‪،‬‬
‫فهؤالء ال يملكون من الناحية القانونية والواقعية صالحية التأكد من صحة أو خطأ التصريحات أو‬
‫اإلشهادات التي تتضمنها األوراق والوثائق الثبوتية المرفقة باألمر باألداء خصوصا في ظل تواجد‬
‫المحاسب بعيدا عن اآلمر بالصرف‪.‬‬

‫المالحظة الثالثة ‪ :‬على مستوى التأشير على النفقة العمومية‪ ،‬وإذا قام المحاسبون العموميون بكل‬
‫المراقبات التي ينص عليها الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ ،1967‬فما‬
‫عليهم إال التأشير على النفقة من أجل األداء‪ ،‬إال أن المشرع قد أورد قيدين على اختصاصاتهم في هذا‬
‫المجال فيما يخص التأشير على وجه التحديد أحدهما زمني يتمثل في التأشير على النفقة أو رفضها‬
‫داخل أجل ‪ 5‬أيام بالنسبة للنفقات الخاصة بالموظفين وفي ‪ 15‬يوما بالنسبة للنفقات األخرى تحتسب من‬
‫تاريخ توصلهم بورقات اإلصدار وأوامر األداء حسب المادة ‪ 8‬من المرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪.‬‬
‫فالحيز الزمني محدد قانونا‪ ،‬وال ينفع المحاسبين أي مبرر من المبررات في التأخر في وضع التأشيرة‪ .‬أما‬
‫القيد الثاني فيتعلق بتقييد حرية المحاسبين العموميين في التصرف وحرية التقرير أو استعمال السلطة‬
‫التقديرية لوضع التأشيرة‪ ،‬فالمحاسبون ملزمون بتنفيذ أوامر األداء الصادرة عن اآلمرين بالصرف ويتحملون‬
‫‪290‬‬
‫وإذا ما قاموا برفض التأشيرة‪ ،‬فال يمكن لهم‬ ‫في حالة اإلخالل بالتزاماتهم مسؤولية شخصية ومالية‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫وال يؤدي أيضاألول‪:‬لتأشيرة على النفقة إلى إلغائها بل يترتب‬ ‫التعسف في استعمال حقهم في الرفض‪.‬‬
‫عنه تأجيل وتعليق األداء ريثما يقوم المحاسبون بإخبار اآلمرين بالصرف بتصحيح األخطاء المالية أو‬
‫المادية أو تقديم الوثائق واإلثباتات التبريرية الستكمال ملف النفقة وإعادته إلى المحاسبين من جديد‬
‫للتأشير عليه‪ ،‬وإذا لم يقم اآلمرون بالصرف بتصحيح أخطائهم وتقديم الوثائق الالزمة للنفقة للمرة الثانية‬
‫يصبح قرار رفض التأشير على النفقة نهائيا وباتا وال يتحمل المحاسبون فيه أية مسؤولية في هذه الحالة‪.‬‬

‫‪"En conclusion, il semble donc que le législateur tend à ne pas organiser la responsabilité des ordonnateurs‬‬
‫‪délégués de manière particulière, contrairement à celle des comptables publics. Ils restent néanmoins soumis à la‬‬
‫‪responsabilité ordinaire des fonctionnaires (administrative et, le cas échéant, pénale et civile)".‬‬
‫‪ 290‬المادة ‪ 6‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬
‫وفي القانون المقارن نجد نفس الشيء حيث ينص الفصل ‪ 1-60‬من قانون ‪ 1962‬الفرنسي على ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Les comptables publics sont personnellement et pécuniairement responsable des contrôles qu'ils sont tenus d'assurer en‬‬
‫‪matière de dépenses".‬‬
‫‪291 George VEDEL : "Institution financière", cours de droit public en licence, Paris, 1971, p : 365.‬‬

‫‪121‬‬
‫إال أن رفض التأشيرة على أداء النفقة في الحاالت العادية يستوجب تعليل القرار وتسبيبه بشكل واضح‬
‫وكافي‪ ،‬فإذا لم يعلل بصفة قانونية وكافية تطرح مسؤولية المحاسب عن ما سيخلفه هذا القرار من‬
‫األضرار التي سوف يلحقها بالدائنين والجهاز العمومي المتحمل لتلك النفقات باإلضافة إلى المصاريف‬
‫الزائدة عن التأخير‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن للجهاز العمومي في شخص اآلمر بالصرف حق الرجوع على‬
‫‪293‬‬ ‫‪292‬‬
‫في‬ ‫عن الخسائر‪ .‬وقد صدرت عدة دوريات ومذكرات‬ ‫المحاسب العمومي في دفع التعويض‬
‫الموضوع تؤكد على ضرورة إجراء مراقبة واحدة ألوامر األداء‪ ،‬إذ يتعين على المحاسب أن يسهر شخصيا‬
‫على مراقبة إجراءات التأشير وإذا صدر قرار الرفض عليه أن يضمنه المالحظات واألخطاء المادية‬
‫والمالية التي كشفها أثناء إجراء مراقبته قبل التأشير‪ .‬فباستثناء حاالت أوامر صرف النظر أو حق‬
‫التسخير يمكن للمحاسب أن يمتنع عن التأشير على النفقة المشوبة بعيب مادي أو قانوني‪.294‬‬

‫‪292‬‬ ‫‪Jacques MAGNET : "Comptabilité…", op.cit, p : 328.‬‬


‫‪293‬‬ ‫‪Note n°34/DCP du Trésorier Général du Royaume en date de 20 février1987 relatif au contrôle de validité des dépenses‬‬
‫‪publiques par les comptables : Rejet des ordres de paiement.‬‬
‫‪294 Driss KHOUDRY : "Le contrôle des finances de l'état au Maroc", Edition Ediprim, 1992, p : 112.‬‬

‫‪122‬‬
‫خـاتـمـة الفـصـل األول ‪:‬‬
‫من خالل هذا الفصل استنتجت أن طبيعة تنفيذ الميزانية العامة أو المحلية من حيث الشكل‬
‫والمضمون هي ذات طبيعة مزدوجة بين مؤسستين مختلفتين ومستقلتين‪ ،‬األولى ذات طبيعة إدارية تقريرية‬
‫والثانية ذات طبيعة محاسباتية تنفيذية‪ ،‬وكل عملية مالية تقوم بها فئة معينة من الموظفين بهدف إخراج‬
‫نفقة عمومية سليمة من الناحية الواقعية والقانونية‪ .‬فالطبيعة اإلدارية يقوم بها اآلمرون بالصرف بمختلف‬
‫أصنافهم الرئيسيون والثانويون والمساعدون ونوابهم‪ .‬أما الطبيعة المحاسباتية والتنفيذية فيقوم بها‬
‫المحاسبون العموميون بمختلف فئاتهم وأصنافهم إال أن النظام القانوني لآلمرين بالصرف يختلف تماما‬
‫عن النظام القانوني الذي يتميز به المحاسبون العموميون‪ ،‬فاألول نظام متعدد ومتميز نظ ار للطابع‬
‫السياسي والرمزي الذي يتميز به اآلمرون بالصرف كالوزراء ورؤساء الوحدات الترابية المنتخبون‬
‫والمعينون‪ ،‬فالمشرع المغربي يعترف بسلطات واسعة لآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ الميزانية سواء في‬
‫مجال الموارد أو النفقات فاآلمرون بالصرف هم مصدر كل الق اررات والمبادرات فيما يخص اإلنفاق‬
‫العمومي بقوة القانون والمستنبط من الفصل الثالث من المرسوم الملكي المتعلق بالنظام العام للمحاسبة‬
‫العمومية الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪.1967‬‬

‫إال أن هذه الق اررات والمبادرات قد طوقت بمسؤولية نصت عليها القوانين واألنظمة ومنها قانون‬
‫المحاسبة العمومية وقانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين الصادر في ‪ 03‬أبريل ‪ .2002‬وقانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية التي تنظر في‬
‫مسؤولية كل آمر بالصرف أو نائبه من خالل التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬

‫فاآلمرون بالصرف أصناف وفئات كاآلمرين بالصرف بحكم القانون واآلمرون بالصرف‬
‫المعينون والمنتدبون والمساعدون ونوابهم‪.‬‬

‫فهؤالء يقومون بأدوار مهمة وذات خطورة في مجال تنفيذ الميزانية سواء فيما يخص إصدار‬
‫األوامر التأسيسية للمداخيل العمومية أو إصدار أوامر األداء فيما يخص النفقات‪ ،‬إال أنهم ال يخضعون‬
‫اللتزامات قانونية كالمحاسبين العموميين‪ ،‬فهؤالء اآلمرين بالصرف رغم الق اررات المالية التي يتخذونها‪،‬‬
‫فهم غير ملزمين بأداء اليمين القانونية‪ ،‬وال تقديم الضمان المالي أو تسجيل امتياز للخزينة عن أموالهم‪،‬‬
‫إال أنه بصدور دستور ‪ 2011‬أصبح هؤالء ملزمين بالتصريح بممتلكاتهم بمجرد تحمل المسؤولية في إطار‬
‫ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ .‬أما فيما يخص النظام القانوني للمحاسبين العموميين فهو نظام صارم نظ ار‬
‫الرتباط مهامهم بتدبير المال العام بصفة مباشرة وبصفتهم أمناء الصندوق‪ .‬وهم كذلك فئات وأصناف يأتي‬
‫على رأسهم الخازن العام ثم الخزنة الجهويون وخزنة العماالت واألقاليم والقباض ومحاسبو الخزينة بالخارج‬
‫وفئات أخرى تابعة كمحاسبو إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪ ،‬ومحاسبو اإلدارات العمومية غير‬

‫‪123‬‬
‫التابعة لو ازرة المالية‪ ،‬ثم المحاسبون بحكم الواقع الذين يخضعون بدورهم لاللتزامات والمسؤوليات التي‬
‫يخضع لها المحاسبون العموميون‪ .‬فما يميز شروط تولي مهمة محاسب عمومي عن مهمة اآلمر‬
‫بالصرف هو أداء القسم أو اليمين القانونية‪ ،‬ثم تقديم الضمان المالي من خالل عقد تأمين أو االكتتاب‬
‫لدى شركات أو مؤسسات تأمين قانونية ومرخص لها من طرف وزير المالية‪ ،‬وأمام صعوبة هذا الشرط تم‬
‫سنة ‪ 1990‬إبرام عقد تأمين لفائدة جميع المحاسبين العموميين داخل المملكة وخارجها‪ .‬ثم شرط اجراء‬
‫حق امتياز الخزينة على أموال المحاسب العمومي من خالل قانون ‪ 1915‬و‪ 1955‬حول مسؤولية‬
‫المحاسبين العموميين‪ ،‬إال أنه بصدور المرسوم رقم ‪ 2.03.602‬بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪ 2004‬بتطبيق المادة ‪9‬‬
‫من القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد المسؤولية قد وضع شروطا معينة ليتم تقديم ضمان المحاسب‬
‫العمومي من خالل المادة الثانية من المرسوم‪.‬‬

‫فالمشرع قد حدد الصالحيات المالية لكل طرف متدخل في تنفيذ الميزانية سواء فيما يخص‬
‫المداخيل أو النفقات‪ ،‬من خالل االلتزام ثم التصفية فاألمر باألداء بالنسبة لآلمرين بالصرف‪ ،‬ثم التنفيذ‬
‫المادي بالنسبة للمحاسبين العموميين بعد التحقق من مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في النفقة أو‬
‫المدخول العمومي‪ .‬إال أن الحالة التي يتم فيها تجاوز سلطات المحاسبين العموميين من طرف اآلمرين‬
‫بالصرف هي حالة التسخير أو ما يسمى بصرف النظر‪ ،‬وهي حالة استثنائية منحها المشرع إلى اآلمر‬
‫بالصرف للتغلب على بعض النفقات المستعجلة والطارئة‪ ،‬وماعدا ذلك يبقى مجال الفصل في المسؤولية‬
‫واسعا وهو ما سوف نتطرق اليه بالتفصيل في الفصل الموالي من بحثنا‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫الفــصـل الثــانـــي‪:‬‬
‫مجـاالت تحـديد المـسؤولـيـة ونـطـاقـها المـشتـرك بـيـن المـتـدخـلين‬
‫فـي مـجـال تـنـفـيـذ المــيــزانــيــة ‪.‬‬
‫في مقابل اعتراف المشرع المغربي بسلطات وصالحيات اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين كما‬
‫تطرقنا اليها في الفصل األول من هذا البحث‪ ،‬فقد أكد هذا االخير بالمقابل على مسؤولية هؤالء في مجال‬
‫والهدف من وراء ذلك هو الحيلولة دون‬ ‫تنفيذ ومراقبة الميزانية العامة سواء كانت عامة أو محلية‪،‬‬
‫استئثار طرف من هؤالء المتدخلين في تنفيذ الميزانية بسلطات مالية واسعة على حساب الطرف اآلخر‪،‬‬
‫مما يؤثر على تدبير المال العام في مجال تنفيذ الميزانيات السنوية‪ ،‬لذلك فقد أسند المشرع إلى كل فئة‬
‫صالحيات ومهام منفصلة ومكملة للفئة األخرى‪ ،‬تفاديا ألي انزالق أو انحراف مالي قد يرتكبه إما اآلمرون‬
‫بالصرف أو المحاسبون العموميون‪ .‬وفي هذا اإلطار فقد وضع المشرع المغربي قواعد تشريعية ومالية‬
‫وتنظيمية‪ ،‬تؤطرها قوانين المحاسبة العمومية و المحلية وقانون تحديد المسؤولية المالية والمحاسبة عن‬
‫المخالفات واالختالالت التي قد يتسبب فيها المتدخلون في تنفيذ الميزانية‪ ،‬و بالتالي فقد افرد لها تدابير‬
‫احت ارزية من زجر وعقوبات في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ .‬ومن أجل سد الثغرات‬
‫القانونية التي كانت تشوب وضعية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬تم إصدار القوانين‬
‫الخاصة بتحديد دور كل متدخل في مسلسل إنجاز العمليات المالية العمومية من خالل تحديد المسؤوليات‬
‫الملقاة على عاتق كل متدخل والضمانات التي يتمتع بها لدى مزاولته لمهامه‪.‬‬

‫فهذه القوانين جاءت لتحديد الصالحيات وتحمل المسؤوليات في إطار مبدأ أساسي في‬
‫المحاسبة العمومية وهو الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف ومهام المحاسبين العموميين ‪ ،‬فالمسؤولية‬
‫المترتبة عن خرق قواعد المحاسبة العمومية ليست من طبيعة واحدة‪ ،‬بحيث يخضع اآلمرون بالصرف‬
‫وخصوصا اآلمرون بالصرف الرئيسيون كالوزراء ورؤساء الجماعات الترابية وهيئاتها للمسؤولية السياسية ‪،‬‬
‫بينما يخضع المحاسبون العموميون في إطار تحديد المسؤوليات إلى مسؤولية شخصية ومالية إذا ما‬
‫خالفوا قواعد المحاسبة العمومية والقوانين المالية الموازية (المبحث االول)‪ ،‬إال أن كل من اآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين او من في حكمهم يخضعون إلى مسؤولية عامة ومشتركة يخضع لها كل‬
‫موظف او عون كيفما كانت رتبته أو نوعيته له عالقة بتدبير المال العام بحيث يمكن أن يخضع للمساءلة‬
‫التأديبية والمدنية والجنائية‪ ،‬فهي مسؤوليات مشتركة بين كل هؤالء الموظفين العموميين بصفة عامة‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫والمهتمين بالشأن المالي العمومي والمالية العمومية عامة أن فرض مبدأ‬ ‫‪295‬‬
‫و يرى جل الفقهاء‬
‫الفصل بين وظائف اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين هو أساسي وجوهري‪ ،‬ظهر أول مرة في‬
‫ويتعلق‬ ‫‪297‬‬
‫عشر من أجل توسيع وتطبيق مبدأ معروف في المجال السياسي‪،‬‬ ‫‪296‬‬
‫فرنسا في القرن التاسع‬
‫‪298‬‬
‫األمر بالفصل بين السلطات الثالث‪ ،‬التشريعية‪ ،‬التنفيذية والقضائية‪ ،‬ألسباب ديمقراطية مقنعة‪.‬‬
‫فالغرض والمبرر األساسي من فصل المهام هو تكليف فئات مختلفة من األعوان العموميين بمهام محددة‬
‫في مجال تنفيذ الميزانية وبالضبط في المرحلتين اإلدارية والمحاسبية‪ ،‬والقصد من ذلك بلوغ أهداف سطرها‬
‫المشرع من خالل المادة الرابعة من قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬والتي تنص على عدم الجمع‬
‫بين مهام اآلمرين بالصرف من جهة ومهام المحاسبين العموميين من جهة ثانية‪ ،‬إال في حاالت قليلة‬
‫فغاية المشرع وأهدافه من الفصل بين المهام هي تحقيق الغايات و االهداف من‬ ‫‪299‬‬
‫نص عليها القانون‪.‬‬
‫اجل جودة و حكامة تدبير االموال العمومية ‪.‬‬

‫المبحث األ ول ‪ :‬مجاالت الفصل في تطبيق المسؤولية المالية للمتدخلين في تنفيذ‬


‫المي ازنية‪.‬‬
‫يشكل مبدأ فصل المهام بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين ضمانة أساسية في‬
‫مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬حيث تحدد القوانين والقواعد المحاسبية الواجبات والصالحيات الضرورية لكل‬
‫متدخل والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل طرف مكلف بالتدبير والتصرف‪ ،‬فيهتم اآلمرون بالصرف‬
‫بالجانب اإلداري الذي يسمح لهم باتخاذ ق اررات مالية وتوجيهها إلى المحاسبين العموميين ألجل إما‬
‫تحصيل المداخيل المحددة بالجداول واللوائح أو صرف النفقات العمومية لتخليص المنظمة العمومية‬
‫من ديونها‪ .‬وفي هذا المبدأ حكمة يمكن من خاللها تالفي قدر المستطاع التجاوزات واالنحرافات التي‬
‫قد تستعمل في مجال تنفيذ الق اررات المالية‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر بتداول أموال عمومية‬
‫ضخمة‪ .‬لهذا فرض المشرع قيودا وحاول خلق توازن بين سلطتين مختلفتين سلطة اآلمرين بالصرف‬

‫‪ 295‬يقول األستاذ جورج دوفو ‪ G. Devaux :‬في كتابه "المحاسبة العمومية"‪ ،‬الجزء األول المعنون بالمبادئ ‪Les Principes‬‬
‫‪PUF, 1957, p : 68.‬‬
‫‪"La séparation de la catégorie des ordonnateurs et la catégorie des comptables est une règle fondamentale. De‬‬
‫‪telle sorte qu'on peut soutenir que s'il existe bien quatre types de fonctions financières, il n'existe que deux types‬‬
‫‪de fonctionnaires financiers dont les psychologies distinctes doivent se balancer".‬‬
‫‪296‬‬
‫‪L'ordonnance du 14 Septembre 1822.‬‬
‫‪297‬‬
‫‪D'après Stéphane THEBAULT :‬‬
‫‪"L'organisation de cette séparation repose en réalité sur une construction qui a pour fonction l'indépendance des‬‬
‫‪autorités. La garantie de l'autonomie des fonctions semble cependant, essentiellement réservée aux agents‬‬
‫‪agissant dans le cadre d'un mandat de comptable public". Stéphane THEBAULT :"L'ordonnateur en droit public‬‬
‫‪financier", L.G.D.J, Novembre 2007, p : 104.‬‬
‫‪ 298‬أحمد الحارثي الوردي ‪" :‬مشروع إصالح المحاسبة العمومية"‪ ،‬مجلة ديوان المظالم‪ ،‬العدد ‪ 4‬و‪ ،5‬دجنبر ‪ ،2006‬ص ‪.60 :‬‬
‫تنص المادة الرابعة من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬ال يجمع بين مهام آمر بالصرف ومهام محاسب‬ ‫‪299‬‬

‫ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات مخالفة لذلك"‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وسلطة المحاسبين العموميين نظ ار لخصوصية العمليات المالية‪ ،‬فمجاالت الفصل بين مهام‬
‫المتدخلين في تنفيذ الميزانية تترتب عنها غايات و أبعاد أثناء التطبيق بالرغم من محدودية هذا‬
‫المبدأ و االستثناءات التي ترد عليه (المطلب االول) ثم هناك مهام وصفات سياسية لبعض االمرين‬
‫بالصرف كالوزراء و رؤساء الجماعات الترابية تؤثر في مسار تنفيذ الميزانية بالنظر لعالقة هؤالء‬
‫بمؤسسات و سلطات اخرى متدخلة في تنفيذ و مراقبة الميزانية و بالتالي ينعكس ذلك على المسؤولية‬
‫المالية(المطلب الثاني)اما دور المحاسبين العموميين فيبقى ثابتا و محايدا ‪ ،‬و بالتالي تبقى المسؤولية‬
‫الشخصية و المالية لصيقة بهم و بمن في حكمهم و ال يخضعون في شيء للتأثير السياسي‬
‫(المطلب الثالث) ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬غاية و محدودية الفصل بين مهام المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪.‬‬
‫يقضي مبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين إلى تحقيق أبعاد وغايات‬
‫عامة وخاصة للحد من سلطات كل طرف من األطراف المتدخلة في تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬والتي تتميز‬
‫بطبيعة مزدوجة في مجال التنفيذ‪ .‬فالجزء األول يتميز بالطابع اإلداري التقريري يقوم به اآلمرون بالصرف‬
‫بشتى أنواعهم‪ ،‬والجزء الثاني يتميز بالطابع المحاسبي التنفيذي (الفرع األول) إال ان هذا المبدأ ترد عليه‬
‫بعض اإلستثناءات نص عليها المشرع المغربي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬غاية الفصل بين المهام‬


‫يعتبر مبدأ ازدواجية مهام المتدخلين في تنفيذ الميزانية من المبادئ الهامة و الضرورية جعلها المشرع‬
‫صمام األمان لحماية المال العام‪ .‬وقد جعلت هذه االزدواجية من مبدأ الفصل بين الوظائف اإلدارية‬
‫والوظائف المحاسبية الحرص والمراقبة وتحقيق غاية المحافظة على المال العام‪ ،‬وجودة تدبيره‪ ،‬وتقسيم‬
‫األدوار والعمل بين المتدخلين‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من نظام المحاسبة العمومية الصادر‬
‫في ‪ 21‬أبريل ‪ ،1967‬وأيضا المادة الرابعة من نظام محاسبة الجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر في‬
‫‪ 2010‬المتمم والمغير لقانون ‪ 30‬شتنبر ‪.1976‬‬ ‫‪300‬‬
‫‪ 3‬يناير‬

‫إصالح الميزانية والقوانين المرتبطة بها حيز التنفيذ بقي التنافس بين اآلمرين‬ ‫وبدخول‬
‫العموميون قد يتضايق‬ ‫‪301‬‬
‫بالصرف والمحاسبين حول تنفيذ الميزانية‪ ،‬فالمراقبة التي يجريها المحاسبون‬
‫منها اآلمرون بالصرف‪ ،‬حيث يعتقد هؤالء أن دور المحاسبين ينحصر فقط في تنفيذ األوامر المالية‬
‫الصادرة إليهم من أجل األداء‪ ،‬وتجميع ومركزة المعطيات المالية والمحاسبية من خالل حسابات التصرف‬
‫لتسهيل عمليات المراقبة وتدقيق المعطيات المالية وتقديمها للهيئات الرقابية العليا‪ .‬في حين يعتقد‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪ 08‬فبراير ‪ 2010‬المتمم والمعدل للمرسوم رقم ‪ 2.76.576‬الصادر‬ ‫‪300‬‬

‫بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بشأن سن نظام محاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬


‫‪301‬‬
‫‪PRADA Michel et BARGERYE Michel : "La comptabilité publique", 3ème édition, Berger Levrault, Mai‬‬
‫‪1988, p : 80.‬‬

‫‪127‬‬
‫المحاسبون العموميون أن مهمتهم األساسية هي مراقبة تنفيذ جميع العمليات المالية التي يقوم بها اآلمرون‬
‫بالصرف‪ .‬فكل تصرف يندرج خارج نطاق المشروعية القانونية بالنسبة للمحاسبين العموميين ال يهمهم في‬
‫شيء‪ ،‬وبالتالي فهم ال يأخذون إكراهات ومسؤوليات اآلمرين بالصرف بعين االعتبار حول تحقيق الفعالية‬
‫وهذا ما يجعل اآلمرين بالصرف يلتجؤون إلى الحاالت االستثنائية‬ ‫‪302‬‬
‫والسرعة في تنفيذ العمليات المالية‪.‬‬
‫التي منحها لهم القانون كحق صرف النظر لتجاوز تعرضات المحاسبين العموميين‪ .‬إال أنه اليوم لم يعد‬
‫منطق الخالفات والصراع ينفع في مجال العالقة بين اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬نظ ار لتوجه‬
‫الدولة نحو المقاربة الجديدة في تنفيذ الميزانية‪ ،‬واعتماد شمولية االعتمادات‪ ،‬حيث استبدل منطق الخالف‬
‫والصراع بمقترب التشاور والتعاون وتبادل المعلومات واالستشارات قبل اإلقدام على أية خطوة في مجال‬
‫صرف النفقات أو تحصيل اإليرادات؛ حيث ظهر مفهوم جديد في مجال المحاسبة العمومية‪ ،‬حيث تحول‬
‫‪303‬‬
‫والهدف هو تحقيق الفعالية والفاعلية‬ ‫دور المحاسب العمومي إلى مستشار مالي لآلمر بالصرف‪،‬‬
‫والمردودية والسرعة في مجال التنفيذ‪ .‬وبالتالي تم التخلي عن الصراعات واإلنتماءات على اعتبار أن‬
‫اآلمرين بالصرف ينتمون إلى قطاعات مختلفة بينما ينتمي المحاسبون العموميون إلى و ازرة المالية‪.‬‬

‫فطبيعة النفقة العمومية تمر عبر مراحل منها اإللتزام ‪ ، L’engagement‬فقبل القيام بأي‬
‫التزام تعاقدي‪ ،‬يقوم اآلمرون بالصرف أو مفوضيهم بالتأكد من صحة الدين‪304،‬و توفر االعتماد ثم‬
‫التنزيل الصحيح بأبواب الميزانية‪ ،‬وفي المرحلة الثانية تأتي التصفية التي من خاللها يقوم اآلمرون‬
‫بالصرف بإثبات الحقوق وااللتزامات ومن تم تحديد مبالغ الحوالة أو األمر بالصرف ‪ordre de‬‬
‫‪ paiement‬الذي يوجه إلى المحاسبين العموميين من أجل األداء أو رفضه حسب الحاالت‪ .‬فالمحاسبون‬
‫العموميون يقومون تقريبا بتكرار نفس عناصر المراقبة التي يقوم بها اآلمرون بالصرف عند تصفية الموارد‬
‫أو صرف النفقات‪ .‬فهذه االزدواجية في المراقبة قد تساهم في تعطيل وثقل مسطرة تنفيذ العمليات المالية‬
‫سواء في مجال الموارد أو النفقات‪ ،‬مما يؤثر على مصالح الدائنين وشركاء الدولة والمؤسسات التابعة لها‬
‫من مزودين وموردين ومتعاقدين في إطار الصفقات العمومية والعقود اإلدارية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫إال أن من محاسن هذه االزدواجية في المراقبة المالية رغم ثقل مسطرتها تبقى صمام أمان‬
‫لحماية المال العام من اإلسراف والتبذير وسوء التدبير‪ ،‬إما بسبب تهور أحد األطراف المتدخلة في تنفيذ‬
‫‪305‬‬
‫والتبذير‬ ‫الميزانية سواء بقصد أو بغير قصد كاألخطاء المادية في مجال التصفية أو كاالختالس‬

‫‪302‬‬
‫‪WALINE Paul-Henry : "La comptabilité publique, quelques réflexions", …….op cit ,p : 504.‬‬
‫‪303‬‬
‫‪LHORTY Claude : "Pour une nouvelle approche des rapports entre ordonnateurs …….op cit p : 75.‬‬
‫عبد الرحيم ترباوي ‪" :‬العالقة بين اآلمر بالصرف"‪ ......................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.32 :‬‬ ‫‪304‬‬

‫كما في قض ية اختالس أموال عمومية بالحي الجامعي بطنجة نظ ار لغياب المراقبة والتفتيش‪ ،‬ملحق رقم‪05:‬‬ ‫‪305‬‬

‫‪128‬‬
‫الصارمة على المال العام‪.‬‬ ‫‪307‬‬
‫مهول في غياب الرقابة‬ ‫‪306‬‬
‫وغيره‪ ،‬والذي استشرى بشكل‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته اليوم هو أن المراقبة المزدوجة بدأت تفقد بريقها وأهميتها خاصة مع‬
‫إدراج نظام المعلوميات في المجال المالي والمحاسباتي‪ ،‬وخير دليل على ذلك هو إدماج المراقبة العامة‬
‫لاللتزام بالنفقات مع الخزينة العامة للمملكة سنة ‪ ،2006‬وإسناد مهام المراقب العام لاللتزام بالنفقات إلى‬
‫الخازن العام للمملكة‪ ،‬والهدف من هذه اإلصالحات الجذرية هو ترسيخ دور المصالح اآلمرة بالصرف من‬
‫‪308‬‬
‫فالهدف من إصالح الميزانية وتقليص دور المراقبة المزدوجة‬ ‫أجل تحسين األداء وتبسيط اإلجراءات‪،‬‬
‫هو مالءمة مسلسل تدبير المالية العمومية مع أنظمة سياسة الالتركيز اإلداري والمالي عبر تبسيط‬
‫مساطر الميزانية‪ ،‬وتخفيف عبء الرقابة القبلية‪ ،‬بهدف جعل اإلدارة أكثر قربا من المواطنين سواء على‬
‫من خالل اعتماد مفهوم مراقبة الجوهر وعقلنة‬ ‫‪309‬‬
‫الصعيد المركزي أو على صعيد المصالح الالممركزة‪،‬‬
‫‪310‬‬
‫التنفيذ من أجل ربح رهانات النفقات العمومية‪.‬‬

‫فهذا الرهان لم يتحقق بسهولة‪ ،‬بل عرف صراعا مري ار بين المصالح اآلمرة بالصرف‬
‫والمحاسبين العموميين من خالل مبدأ الفصل بين المهام‪.‬‬
‫‪311‬‬
‫وحتى القوانين‬ ‫إال أنه قد أورد على هذا المبدأ استثناءات نص عليها المشرع المغربي‬
‫المقارنة كما هو الحال في فرنسا وبلدان أخرى‪ .‬فمبدأ الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين‬
‫العموميين ال تطبق بصفة حصرية‪ ،‬وإنما ترد عليها استثناءات قليلة ومبررة لتجاوز بعض الحاالت‬
‫الخاصة‪ ،‬لذلك سوف نتطرق الى هذه االستثناءات تباعا في الفرع الموالي‪:‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلستثناءات الواردة على مبدأ الفصل‪.‬‬


‫لقد نص المشرع المغربي عبر قوانين خاصة على بعض اإلستثناءات في مجال تنفيذ الميزانية‬
‫لتفادي بعض الصعوبات اإلجرائية ‪ ،‬وتسريعا لإلجراءات المالية و المحاسبية‪ .‬فمبدأ الفصل بين مهام‬
‫اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين ال تطبق بصفة حصرية‪ ،‬وإنما ترد عليها استثناءات قليلة ومبررة‬

‫أنظر تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ 2012‬والذي أشار إلى‬ ‫‪306‬‬

‫أن من بين االختالالت التي تواجه تدبير المالية ا لعمومية ضعف منظومة الرقابة الداخلية وعدم كفاية ثقافة النتائج ونقص حاد في التنسيق بين‬
‫مختلف الفاعلين في مجال التدبير العمومي‪.‬‬
‫أنظر تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة‪ 2011‬ص‪ 396:‬حول األنشطة المتعلقة بالرقابة القضائية للمجلس و عدد القضايا المتابع فيها‬ ‫‪307‬‬

‫المتدخلون في تنفيذ الميزانية‪.‬‬


‫‪308‬‬
‫‪Abdellatif BENNANI : "La réforme budgétaire et la responsabilisation des ordonnateurs", Revue Al Malya‬‬
‫‪n°3, numéro spécial, Février 2007, p : 36.‬‬
‫‪ 309‬منشور الوزير األول رقم ‪ 12-01‬بتاريخ ‪ 25‬دجنبر ‪ 2001‬حول مالءمة برمجة ميزانية الدولة وتنفيذها مع الالتركيز‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫‪Abdellatif LOUDIYI : "La réforme du contrôle de la dépense publique", Revue al MALYA numero : 3‬‬
‫‪N°special,février 2007, p :8.‬‬
‫‪311‬‬
‫‪Instruction du Ministre des finances du 15/12/1970 sur l'application du principe de la séparation entre‬‬
‫‪ordonnateur et comptable et de la comptabilité à partie double aux recettes de l'enregistrement et timbres.‬‬
‫بالنسبة لفرنسا ‪Le décret 97-1259 du 29 décembre 1997.‬‬

‫‪129‬‬
‫لتجاوز بعض الحاالت الخاصة‪ ،‬كقيام اآلمرين بالصرف بأداء نفقات بواسطة أعوان أو موظفين تابعين‬
‫‪312‬‬
‫من أجل تنفيذ بعض المداخيل أو النفقات عن طريق الوكالة أو‬ ‫لهم‪ ،‬ومعينين بق اررات مشتركة‪،‬‬
‫الشساعة ‪ La Régie‬ونفس األمر بالنسبة للمحاسبين العموميين في مجال تحصيل الموارد وصرف‬
‫بعض أنواع النفقات ‪.‬و سوف نتطرق لهذه اإلستثناءات في الفقرات التالية‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوكاالت‪Les Régies :‬‬

‫تلعب الوكالة "‪ "La Régie‬دو ار هاما في تسريع تنفيذ النفقة العمومية أو تحصيل المداخيل‪،‬‬
‫نظ ار لبساطة وسهولة اإلجراءات المسطرية فالتالية‪:‬جال‪ .‬ويتم إحداث الوكالة أو الشساعة أو الدمانة‬
‫بالنسبة للنفقات أو المداخيل بقرار مشترك بين القطاع المعني باألمر وو ازرة المالية أو من يمثلها‪،‬‬
‫ويتضمن القرار المعلومات الكاملة عن المؤسسة المحدثة للوكالة والقدر األقصى للتسبيقات الممنوحة‬
‫للوكيل‪ ،‬حيث ال يمكن أن يتجاوز ‪ 5‬آالف درهم‪ ،‬ولو تعدد الوكالء‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة لوكالة‬
‫‪313‬‬
‫كما يتحدد في قرار إحداث وكالة النفقات طبيعة هذه النفقات القابلة لألداء وهذا التحديد يتم‬ ‫المداخيل‪.‬‬
‫بطريقة دقيقة وواضحة من حيث الخصائص التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬طبيعة النفقات التي يرخص فيها القرار بأنواع األداءات‪ ،‬والتنزيل المالي بالميزانية‪.‬‬

‫‪ -‬المبلغ األقصى لصندوق الشسيع أو الوكيل‪.Le Plafond :314‬‬

‫‪ -‬المحاسب المكلف باإلمضاء ‪.Le comptable assignataire :‬‬

‫‪ -‬محاسب اإلرتباط أو الملحق به‪.Le comptable de rattachement :315‬‬

‫ويمكن أن يخضع قرار إحداث الوكاالت إلى التعديل إما برفع سقف التسبيق‪ ،‬ومبلغ المصاريف‬
‫أو تخفيضها أو إضافة بنود أخرى‪ ،‬ويخضع تنظيم وتسيير الوكاالت سواء فيما يتعلق بالمداخيل أو‬
‫النفقات لمقتضيات تعليمة وزير المالية الصادر بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ .1969‬وفيما يخص الجماعات المحلية‬
‫التي يعين بها الوكالء‪ ،‬فيقتضي األمر من اآلمرين بالصرف الجماعيين اقتراح وكالء للمداخيل أو‬
‫‪316‬‬
‫يتم‬ ‫النفقات‪ ،‬وبعد ذلك يتم التأشير من طرف و ازرة المالية أو ممثلها ووزير الداخلية في سبع نسخ‪،‬‬
‫إرسال واحدة منها إلى المحاسب المكلف باألداء‪ ،‬إال أنه لم يحدد المدة التي يجب أن يتوصل بها‪ ،‬بينما‬

‫أنظر ‪ :‬نموذج قرار تعيين شسيع المداخيل بالحي الجامعي بطنجة المضمن بالملحق رقم‪.04 :‬‬ ‫‪312‬‬

‫أنظر قرار تحديد سقف المبلغ األقصى الممكن االحتفاظ به بالصندوق بوكالة الحي الجامعي بطنجة بالملحق رقم‪.05‬‬ ‫‪313‬‬

‫‪ 314‬الملحق رقم ‪، 05:‬نفس الملحق أعاله‪.‬‬


‫‪315‬‬
‫‪Voir l'article 2 de l'instruction du Ministère des finances relative au fonctionnement des Régies de dépenses et‬‬
‫‪de recettes de l'Etat de 1969.‬‬
‫‪316‬‬
‫‪Hoummad HAMIDI :"L'exécution des dépenses publiques par voie de régie", REMALD, n°17, Octobre-‬‬
‫‪Décembre 1996, p : 110.‬‬

‫‪130‬‬
‫‪317‬‬
‫أيام‪ .‬أما بالجماعات القروية وهيئاتها فيتم إحداث‬ ‫المشرع الجزائري‪ ،‬قد حدد هذه المدة في ثمانية‬
‫بناء على اقتراح اآلمر بالصرف الجماعي بعد تأشيرة الخازن الجهوي‬ ‫‪318‬‬
‫الوكاالت بقرار للوالي أو العامل‬
‫أو اإلقليمي‪ .‬وتنص ق اررات التعيين على مجموعة من الصالحيات والمسؤوليات التي على الوكالء‬
‫االمتثال لها‪ ،‬ويخضعون لنفس الق اررات والمقتضيات القانونية التي يخضع لها المحاسبون العموميون من‬
‫مراقبة وتفتيش ومحاسبة المنصوص عليها في نظام المحاسبة العمومية والقوانين األخرى ذات الصلة‪.‬‬

‫وإلى جانب الوكالء‪ ،‬هناك فئة أخرى تقوم بدور مساعد للمحاسب العمومي وهي فئة المؤدين‬
‫"‪ "Les Payeurs délégués‬الذين يقومون بعد تعينهم بأداء بعض المهام البسيطة كأداء‬ ‫‪319‬‬
‫المنتدبين‬
‫‪320‬‬
‫الصفة واإلطار الذي‬ ‫أجور الموظفين غير المرسمين والمياومين وغيرهم ويحدد ضمن ق اررات تعيينهم‬
‫ينتمون إليه باإلضافة إلى الحد األقصى للمبالغ التي يمكن أن يتصرفوا فيها‪ ،‬بعد تسلمها من المحاسبين‬
‫مقابل األداءات التي سيقومون بها مقابل الحصول على إمضاءات أو توقيعات المعنيين باألمر تؤكد تسلم‬
‫المقابل المادي كي يبرئ به المؤد المنتدب ذمته‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األوامر اإلستثنائية الخاصة‬

‫قد ترد أيضا بعض االستثناءات في مجال الفصل بين مهام اآلمرين بالصرف والمحاسبين‪ ،‬رغم‬
‫أن المبدأ هو الفصل بين الوظائف اإلدارية التي يقوم بها اآلمرون بالصرف والوظائف الفنية المحاسبية‬
‫التي يقوم بها المحاسبون العموميون في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬سواء فيما يخص النفقات أو الموارد إال أنه‬
‫‪321‬‬
‫إما لتبسيط المساطر واإلجراءات لتتالءم‬ ‫في بعض الحاالت يتم التخلي عن هذا المبدأ بشكل استثنائي‪،‬‬
‫مع طبيعة بعض العمليات المالية أو من خالل تسريع العمليات المالية في حالة االستعجال‪ ،‬أو من أجل‬
‫تجاوز مراحل المراقبة والتأشير التي تمر منها النفقة أو اإليراد‪ .‬وفي هذه الحاالت يقوم المحاسبون‬
‫العموميون بتنفيذ بعض العمليات المالية بدون تدخل من اآلمرين بالصرف ويتعلق األمر بالنفقات المؤداة‬
‫دون أمر سباق بدفعها‪ ،‬وكذا المداخيل المؤداة نقدا وبصفة دورية ومتكررة يؤديها الملزمون كالضرائب غير‬
‫المباشرة وغيرها‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 108-93‬من قانون المحاسبة الجزائري المؤرخ في ‪ 5‬ماي ‪ 1990‬والذي يحدد كيفية إحداث وكاالت‬ ‫‪317‬‬

‫اإليرادات والنفقات وتنظيمها وسيرها ‪" :‬تحدد مدة تبليغ القرار المتعلق بالتعيين إلى المحاسب في مدة ‪ 8‬أيام‪."...‬‬
‫الفصالن ‪ 34‬و‪ 76‬من المرسوم رقم ‪ 2.76.576‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بسن نظام محاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬كما وقع‬ ‫‪318‬‬

‫تتميمه وتغييره‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3335‬بتاريخ فاتح أكتوبر ‪.1976‬‬


‫تنص الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 41‬من قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬وإذا كانت مصلحة تابعة لمنظمة عمومية تضم عدة‬ ‫‪319‬‬

‫أعوان تؤدى أجورهم نقدا أمكن للمحاسب دفع مبالغ هذا األداء إلى محاسب مؤد منتدب مقابل إبراء منه‪ ،‬وتحدد بموجب قرار لوزير المالية الشروط‬
‫التي تسلم بموجبها هذه األموال ألصحابها وأوراق إثبات االستعمال أو الدفع المدلى بها للمحاسب"‪.‬‬
‫أنظر قرار تعيين المؤد المنتدب للحي الجامعي بطنجة المضمن بالملحق رقم ‪.03:‬‬ ‫‪320‬‬

‫عبد الرحيم ترباوي ‪" :‬العالقة بين اآلمر بال صرف والمحاسب العمومي من خالل نفقات التسيير وتأثيرها على تدبير المال العام"‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪321‬‬

‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة المالية العامة‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء ‪ ، 1999-1998‬ص ‪.48 :‬‬

‫‪131‬‬
‫أ‪ -‬أداء بعض النفقات دون أمر سابق بدفعها ‪:‬‬

‫تحدد قائمة النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بدفعها من طرف وزير المالية‪ ،‬وهذه‬
‫‪322‬‬
‫أو تحذف أنواع من النفقات من هذه القائمة‪،‬‬ ‫القائمة تتغير حسب الظروف‪ ،‬حيث يمكن أن تضاف‬
‫ويتم العلم بهذه القائمة بعد صدورها بالجريدة الرسمية‪ ،‬فهذه النفقات تصبح قابلة لألداء مباشرة ودون‬
‫‪323‬‬
‫باإلنفاق أو الصرف من طرف اآلمر بالصرف‪ ،‬استنادا إما لطبيعة هذه‬ ‫ضرورة توافر شرط اإلذن‬
‫النفقات أو لسبب االستعجال أو الرتباطها بمصالح اجتماعية‪ ،‬وقد حدد وزير المالية سنة ‪ 1967‬الئحة‬
‫النفقات التي ال تخضع لألمر باألداء ومنها الصوائر العدلية‪ ،‬صوائر تسيير الحسابات البريدية الجارية‬
‫للمحاسبين العموميين‪ ،‬صوائر تسديد النفقات العمومية بالخارج والنفقات المدفوعة ألجل الدين العمومي‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫وفيما يخص الجماعات المحلية وهيئاتها هي أيضا تخضع لهذه المقتضيات تنفيذا للقرار المشترك‬
‫لوزير الدولة في الداخلية ووزير المالية الصادر في ‪ 20‬فبراير ‪ 1977‬المحدد لقائمة النفقات الممكن أداؤها‬
‫دون سابق أمر بصرفها أو وضع حوالة لها وجاءت على سبيل الحصر‪.‬‬

‫وفي كل هذه الحاالت يباشر المحاسبون العموميون أداء هذه القائمة من النفقات بموجب شهادة‬
‫األداء مدعمة باألوراق الثبوتية الالزمة ويدرجون مبالغها ضمن الفصول المحددة بالميزانية‪ .‬ويتم إخبار‬
‫اآلمرين بالصرف في آخر المراحل بما قام به المحاسبون من أداءات‪ ،‬فاآلمرون بالصرف يتمتعون‬
‫بصالحية التقرير بشأن بعض النفقات كالقروض التي تبرمها الجماعة مثال مع المؤسسات المانحة أو‬
‫‪325‬‬
‫كأقساط الدين وأجله وغير ذلك من األمور‪.‬‬ ‫المقترضة‬

‫ب‪ -‬تحصيل بعض الديون العمومية دون صدور أمر سابق بتحصيلها ‪:‬‬

‫القاعدة العامة هي أنه إذا قام المحاسبون العموميون باستيفاء أو تحصيل أي مورد أو دين‬
‫عمومي دون صدور أمر باستخالصه من طرف اآلمرين بالصرف المؤهلين‪ ،‬يعتبر المحاسبون العموميون‬
‫أو االرتشاء‪ ،‬والتي يعاقب عليها القانون الجنائي وقانون المحاكم‬ ‫‪326‬‬
‫في هذه الحالة مرتكبين لجريمة الغدر‬
‫المالية ‪ ،‬إال أن المشرع استثنى تحصيل بعض الديون العمومية وهي الديون المستخلصة نقدا وخاصة‬
‫الضرائب غير المباشرة كالضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وحقوق التسجيل والتمبر‪ ،‬والرسوم الجمركية التي‬

‫أنظر قرار لوزير االقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة رقم ‪ 758-01‬الصادر في ‪ 10‬أبريل ‪ 2001‬بتغيير القرار رقم ‪ 681-67‬الصادر في‬ ‫‪322‬‬

‫‪ 12‬دجنبر ‪ 1967‬المتعلق بتحديد قائمة النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4898‬بتاريخ ‪ 10‬ماي‬
‫‪.2001‬‬
‫قرار وزير المالية رقم ‪ 681-67‬بتاريخ ‪ 12‬دجنبر ‪ 1967‬المتعلق بتحديد الئحة النفقات الممكن أداؤها دون صدور أمر سابق بصرفها‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪323‬‬

‫عدد ‪ 2883‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.1968‬‬


‫القرار المشترك لوزير الدولة في الداخلية ووزير المالية رقم ‪ 340-77‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 1977‬المتعلق بتحديد قائمة نفقات الجماعات المحلية‬ ‫‪324‬‬

‫وهيئاتها الممكن أداؤها دون وضع حوالة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3368‬بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪.1977‬‬
‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.29 :‬‬ ‫‪325‬‬

‫الفصل ‪ 243‬من القانون الجنائي المغربي كما وقع تتميمه وتغييره بالظهير الشريف رقم ‪ ،1.59.413‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2640‬مكرر‪.‬‬ ‫‪326‬‬

‫‪132‬‬
‫يبادر بأدائها الملزمون مباشرة‪ ،‬وبصفة دورية عن طريق تصريحات يتقدمون بها إلى المحاسب العمومي‬
‫الذي يتولى تصفية وتحصيل هذه المبالغ من دون تدخل اآلمر بالصرف أو غيره الستصدار أوامر األداء‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أبعاد المسؤولية السياسية لآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ‬


‫الميزانية العامة و المحلية‪.‬‬
‫تشكل المسؤولية السياسية النتيجة الحتمية لممارسة مهام الوزير أو مهام رئيس وحدة ترابية ما‪ ،‬فهؤالء‬
‫مسؤولون عن تصرفات إما سياسية أو إدارية أو مالية نتيجة تقريرهم في مجال العمليات المالية لما‬
‫يأمرون بتنفيذها لتلبية وتصريف السياسية الحكومية في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وبالتالي‬
‫فالوزير اآلمر بالصرف أو رئيس الجماعة الترابية يعتبرون مسؤولين مسؤولية سياسية بالدرجة األولى على‬
‫مستوى طريقة تدبيرهم وتسييرهم للقطاع أو الجماعة الترابية التي هم مسؤولون عنها‪ ،‬كما يعتبرون أيضا‬
‫والمحددة قانونا‪ .‬فالمسؤولية‬ ‫‪327‬‬
‫مسؤولين عن بعض األفعال التي يتجاوزون فيها اختصاصاتهم األصلية‬
‫السياسية تترتب عن ممارسة مهام ذات طبيعة سياسية ويتعلق األمر بالمهام الحكومية المنبثقة عن سياسة‬
‫الدولة في المجال االقتصادي واالجتماعي‪ .‬أما على المستوى الجهوي والمحلي فتترتب عن تدبير الشأن‬
‫المحلي عن طريق االنتخابات وبرامج التنمية المحلية‪.‬‬

‫والمسؤولية السياسية بالنسبة للحكومة تتجلى في سحب الثقة من طرف البرلمان بشأن التصريح‬
‫الذي يتقدم به رئيسها بشأن السياسة العامة التي يريد تطبيقها في برامجه الحكومية‪ ،‬وهو ما أشار إليه‬
‫من دستور فاتح يوليوز‬ ‫‪328‬‬
‫المشرع الدستوري في الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 1996‬الملغى والفصل ‪103‬‬
‫‪ 2011‬الحالي‪.‬‬

‫التي‬ ‫‪329‬‬
‫فالمشرع الدستوري يعرف المسؤولية السياسية للحكومة بأنها تلك األعمال أو التبعات‬
‫تنعقد أمام البرلمان بمناسبة مخالفة أعضاء الحكومة للقوانين الدستورية كاألخطاء القانونية والجرائم المالية‬
‫التي يتورط فيها الوزراء‪ ،‬وكذا الق اررات السياسية التي يتخذها أعضاء الحكومة ويتبين فيما بعد أنها ال‬
‫‪330‬‬
‫ومجال المسؤولية السياسية جد واسع وغير محدود‪ ،‬إذ يمكن تحريك هذه‬ ‫تتفق مع مصالح الدولة‪.‬‬
‫المسؤولية إزاء كل عمل أو فعل يقوم به وزير أثناء مزاولته لمهامه‪ ،‬أو موقف تتخذه الحكومة أو وزير‬
‫‪331‬‬
‫وال يتعلق األمر بالضرورة بمدى شرعية أو قانونية هذا العمل أو الموقف‪ ،‬وإنما يتم تقييمها من‬ ‫ما‪،‬‬

‫إبراهيم عقاش ‪" :‬الطبيعة القانونية لمسؤولية اآلمرين بالصرف"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد ‪ ، 2007/7‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪:‬‬ ‫‪327‬‬

‫‪.68‬‬
‫تنص الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 103‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي ‪" :‬يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية"‪.‬‬ ‫‪328‬‬

‫هذه العبارة مذكورة في "المعجم الدستوري" ألوليفيه دوهاميل "‪ "Olivier de Hamel‬وإيف ميني "‪ ،"Heve Mini‬ترجمة منصور القاضي‬ ‫‪329‬‬

‫مراجعة العميد زهير شكر‪ ،‬ص ‪.246 :‬‬


‫عبد هللا إبراهيم ناصيف ‪" :‬مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪330‬‬

‫جامعة القاهرة‪ ،1981 ،‬ص ‪.11 :‬‬


‫عبد هللا إبراهيم ناصيف ‪" :‬مدى توازن‪ ،"...........................‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.10 :‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪133‬‬
‫‪332‬‬
‫وبالتالي توجهات إرادة األمة فالمسؤولية‬ ‫حيث مدى مالءمتها السياسية مع التوجهات البرلمانية‪،‬‬
‫السياسية للحكومة تتميز أوال بكونها نتاج لخالف سياسي مع الجهاز الذي له الصالحية لمحاسبتها‪ ،‬وهذه‬
‫المحاسبة ال تأخذ طابعا قضائيا أمام المحاكم أثناء تحريك المسؤولية‪ ،‬وبالتالي فالعقاب الناتج عن هذه‬
‫‪333‬‬
‫المسؤولية يقتصر فقط على توقف مهامها‪.‬‬

‫ولكي يستطيع اآلمرون بالصرف الوزراء ممارسة مهامهم بصفة قانونية‪ ،‬عليهم طلب الحصول على‬
‫الموافقة المبدئية من قبل الجهاز التشريعي الذي يكتسي طابعا سياسيا‪ ،‬وذلك بالمصادقة على مشاريع‬
‫‪334‬‬
‫قوانين المالية التي تتقدم بها الحكومة وأثناء التنفيذ يسألون عن التصرفات المالية أمام جهاز سياسي‬
‫إذا ما ترتب عن تلك المسؤولية جزاء أو عقوبة سياسية‪.‬‬

‫فالمسؤولية السياسية في المجال المالي يتقاسمها الوزراء‪335‬بصفتهم آمرين بالصرف رئيسيين‪ ،‬حيث‬
‫يسألون سياسيا عن مقتضيات القانون المالي السنوي أمام البرلمان ونتائجه (الفرع األول)‪ ،‬ورؤساء‬
‫المجالس الترابية بصفتهم آمرين بالصرف منتخبين ومسؤوليتهم تكون أمام ناخبيهم عن سياسة تنفيذ‬
‫الميزانية الترابية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء في المجال المالي‬


‫يمكن أن ينتج عن ارتكاب أخطاء أو تجاوزات في المجال السياسي أو المالي إثارة المسؤولية‬
‫السياسية للوزراء‪ ،‬وتعتبر الجزاء المناسب في هذا الشأن‪ ،‬كما أن إعمال قواعد المسؤولية السياسية في‬
‫المجال المالي تكون نتيجة مخالفة التشريعات والقوانين واألنظمة المالية والمحاسباتية‪ .‬وفي هذه الحالة‬
‫يتعين على المؤسسة التشريعية استدعاء الوزير المعني باألمر لمساءلته عن األفعال المنسوبة إليه‬
‫وبالتالي توقيفه وفق شروط ومساطر قانونية‪ ،‬أو أن الوزير يبادر إلى تقديم استقالته من الحكومة كما يقع‬
‫‪336‬‬
‫في الدول الديمقراطية‪.‬‬

‫فأول امتحان تواجهه الحكومة هو تقديم البرنامج الحكومي أمام البرلمان للتصويت عليه ومنحها‬

‫‪332‬‬
‫‪MELLER Michella : "Parlements : Une étude comparative sur la structure et le fonctionnement des‬‬
‫‪constitutions représentatives dans cinquante cinq pays", P.U.F, Paris, 1966, p : 318.‬‬
‫‪333‬‬
‫‪VEDEL George : "Le conseil constitutionnel français et les droits de l'homme", In ouvrage collectif sous le‬‬
‫‪thème : Le Maroc et les droits de l'homme : Positions, réalisation et perspectives", L'Harmattan, 1994, p : 459.‬‬
‫‪334‬‬
‫‪HERTZOG Robert : "La responsabilité politique de l'ordonnateur comptabilité publique continuité et‬‬
‫‪modernité", Colloque tenu à Bercy 25 et 26 Novembre 1993, Cheff 1995, p : 302.‬‬
‫‪335‬‬
‫‪POUJADE Bernard : "Etat des lieux de la responsabilité des ordonnateurs en droit public financier‬‬
‫‪aujourd'hui", R.F.F.P, n°92, Novembre 2005, p : 101.‬‬
‫‪ 336‬فاالستقالة من المنصب قبل اإلقالة أمر شائع وسلوك حضاري‪ ،‬ولطالما سمعنا وعايشنا الكثير من االستقاالت لمسؤولين ووزراء وبشكل مفاجئ‬
‫نتيجة تقصير أو فضيحة أو فساد في كثير من الدول المتقدمة‪ ،‬أمثلة على ذلك ‪:‬‬
‫تقديم رئيس الوزراء الياباني "نويوزو تاكيشيتا" وثالثة وزراء هم وزراء المالية والعدل والتخطيط االقتصادي استقالتهم نتيجة فضيحة شركة‬ ‫‪-‬‬
‫"‪ "Ricott cosmos‬للنشر واالتصاالت سنة ‪.1988‬‬
‫استقالة وزير الطاقة والتغيير المناخي البريطاني "كريس هون" نتيجة مخالفته لقانون السير نتيجة السرعة سنة ‪.2003‬‬ ‫‪-‬‬
‫استقالة رئيس الوزراء األيرلندي "بيرتي أهيرن" نتيجة فضيحة فساد مالي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪134‬‬
‫‪337‬‬
‫أو‬ ‫الثقة‪ ،‬وإذا فشلت في سياستها يترتب عن ذلك إما سحب الثقة منها وفق شروط قانونية دستورية‬
‫‪338‬‬
‫تقديم االستقالة الجماعية لها‪.‬‬
‫فنطاق المسؤولية السياسية جد واسع‪ ،‬حيث يشمل جميع األعمال التي يقوم بها اآلمرون‬
‫بالصرف الوزراء أثناء ممارسة مهامهم‪ ،‬وإذا استثنينا اإلختصاص في المجال المالي الذي يكتسي‬
‫خصوصية من حيث الجهة المسؤولة عن تنفيذه‪ ،‬وكذا تقنيات ممارسته‪ .‬ففي مجال االختصاص المالي‬
‫يخضع الوزراء لمسؤولية سياسية أمام البرلمان (الفقرة األولى)‪ ،‬من خالل المراحل الثالث التي تمر منها‬
‫الميزانية العامة‪ ،‬وهي مرحلة التصويت على مشروع قانون المالية السنوي‪ ،‬وخالل مرحلة التنفيذ وأخي ار‬
‫مرحلة التصويت على قوانين التصفية‪ ،‬وخالل هذه المراحل تبرز أهمية المسؤولية السياسية أمام البرلمان‬
‫من عدمها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء أمام البرلمان في المجال المالي‬

‫تعتبر المسؤولية السياسية للوزراء في نظرنا أهم أساس للمسؤولية فعليها تبنى باقي المسؤوليات‪،‬‬
‫فأعضاء الحكومة بما فيهم رئيسها يتحملون المسؤولية السياسية بصفة جماعية في إطار التضامن‬
‫الحكومي‪ ،‬أو بصفة فردية كوزراء مسؤولين مباشرين عن تدبير الشأن العام بقطاعاتهم فجميع الوزراء‬
‫يشكلون وحدة يمثلها سياسيا رئيس الحكومة في مجال السياسة العامة‪ ،‬وما دامت هذه السياسة العامة‬
‫‪339‬‬
‫عمل مشترك بين جميع الوزراء‪ ،‬فإنه يتعين أن تكون المسؤولية عن هذا العمل جماعية وتضامنية‪.‬‬

‫وإذا كان الوزير مسؤوال بالتضامن مع باقي أعضاء الحكومة‪ ،‬فإنه إلى جانب ذلك يكون مسؤوال‬
‫سياسيا بمفرده عن كافة التصرفات التي يتخذها‪ ،‬وتنعقد المسؤولية الفردية للوزير عن األعمال والق اررات‬
‫التي يتخذها في إطار السياسة العامة للحكومة‪ ،‬وفي إطار السلطة الرئاسية باعتباره رئيسا إداريا تسلسليا‬
‫وآم ار بالصرف داخل و ازرته‪ ،‬ومن ثم فإن طرح مسؤوليته عن التصرفات الفردية تعنيه وحده في هذه‬
‫‪340‬‬
‫كما قد‬ ‫الحال ة‪ ،‬وإذا ما سحبت منه الثقة‪ ،‬أو طالبه البرلمان بتقديم استقالته‪ ،‬عليه أن يستقيل بمفرده‪.‬‬
‫تطرح مسؤوليته الفردية نتيجة تصرفات شخصية تهم حياته أو عالقاته الشخصية منعزلة عن صفته‬
‫كوزير أو كآمر بالصرف فهذه األعمال يتحمل تبعاتها السياسية وحده‪ ،‬وقد تتخلى عنه الحكومة في مثل‬
‫‪341‬‬
‫وتحريك مسؤوليته السياسية‬ ‫هذه المواقف‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن للبرلمان المطالبة بإقالة هذا الوزير‪،‬‬
‫‪342‬‬
‫وقد تحقق في العديد من‬ ‫عن أفعاله الشخصية‪ ،‬أو عن عمل يتعلق بحياته الخاصة وهذا ممكن‬
‫األنظمة‪ .‬أما المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان فغالبا ما تطرح في مجال تنفيذ السياسية العامة‬

‫الفقرتان الثانية والثالثة من المادة ‪ 103‬من دستور ‪ 2011‬المغربي‪.‬‬ ‫‪337‬‬

‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 103‬من دستور ‪ 2011‬المغربي‪.‬‬ ‫‪338‬‬

‫‪339‬‬
‫‪DUVERGET Maurice : "Institutions politiques et droit constitutionnel", P.U.F, Paris, 1970, p : 184.‬‬
‫‪340‬‬
‫‪CADART Jacques : "Institutions politiques et droit constitutionnel", L.G.D.J, Paris, 1973, p : 570.‬‬
‫عبد هللا إبراهيم ناصيف ‪" :‬مدى توازن‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.114 :‬‬ ‫‪341‬‬

‫‪342‬‬
‫‪CADART (J) : "Institutions politiques…….....................", op.cit, p : 570.‬‬

‫‪135‬‬
‫للدولة برئاسة رئيس الحكومة من خالل محتوى قوانين المالية (أ)‪ ،‬أو بعد تنفيذ هذه القوانين (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء عن محتوى قوانين المالية‬

‫من خالل التشريع المالي المغربي وخصوصا المادة الثالثة من القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬والتي‬
‫تنص على أنه ال يمكن أن يتضمن قانون المالية إال أحكاما تتعلق بالموارد و التكاليف ‪ ،‬أو تهدف إلى‬
‫تحسين الشروط المتعلقة بتحصيل المداخيل‪ ،‬وكذا مراقبة استعمال األموال العمومية‪ .‬وبالتالي يتبين بأن‬
‫‪343‬‬
‫البرلمان عندما يصادق على مشروع قانون المالية السنوي‪ ،‬فإنه يصادق على مشروع متعدد األهداف‬
‫والمرامي‪ ،‬والذي من خالله تكرس الحكومة كل مجهوداتها واختياراتها من خالل البرامج االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية خالل سنة أو أكثر‪ ،‬ألجل تحقيق األهداف التنموية المسطرة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تقدم هذه البرامج إلى اللجن البرلمانية المختصة من أجل دراستها وبعد انتهاء‬
‫هذه اللجن من مناقشة مضامين وجداول الميزانيات الفرعية والملحقة لكل و ازرة‪ ،‬تصدر تقري ار عاما‪،‬‬
‫ليعرض مشروع الميزانية العامة للمناقشة داخل غرفتي البرلمان بالصيغة التي صدر بها عن لجنة المالية‪،‬‬
‫على عكس المشرع الفرنسي الذي يطرح للمناقشة مشروع الحكومة أوال قبل المشروع المعدل من قبل لجنة‬
‫‪344‬‬
‫المالية‪.‬‬

‫وبعد طرح مضامين القانون المالي للمناقشة أمام أعضاء البرلمان‪ ،‬يبقى من حق هؤالء اقتراح‬
‫الوز ارء‬ ‫التعديالت التي يسمح بها القانون‪ ،‬وبالتالي تكون الفرصة سانحة لهم إلعمال حقهم في مساءلة‬
‫‪345‬‬

‫عن مضامين ومحتوى القانون المالي المطروح للمناقشة والتصويت‪.‬‬

‫وفي هذه الحاالت تكون الحكومة مضطرة إلى استمالة وترضية أعضاء البرلمان من أجل‬
‫المصادقة على ميزانيتها السنوية‪ ،‬حتى تتمكن من الشروع في تنفيذها بشكل صحيح وقانوني‪.‬‬

‫فمناقشة الميزانية السنوية تعتبر أوضح مظاهر المسؤولية السياسية للوزراء أمام البرلمان‪ ،‬بحيث‬
‫في حالة رفض المصادقة على مشروع الميزانية‪ ،‬سوف تطرح المشاكل ويزداد األمر تعقيدا بالنسبة‬
‫‪346‬‬
‫وهذا هو الجزاء السياسي الذي يمكن أن يستعمله البرلمان في‬ ‫للحكومة وقد يطيح بها أو تثار استقالتها‬
‫مواجهة الحكومة‪ ،‬إال أن هذه اإلمكانية ال تثار في المغرب‪ ،‬نظ ار لكون الحكومة تكون مآزرة بأغلبية‬
‫‪347‬‬
‫برلمانية موالية لها‪ ،‬خصوصا بعد اإلصالحات الدستورية التي عرفها المغرب حاليا‪.‬‬

‫فهذا الحق قديم جدا في األنظمة المقارنة‪ ،‬حيث يعتبر حق ممثلي األمة في ممارسة‬

‫عبد النبي اضريف ‪" :‬قانون المالية أم قانون الميزانية ؟ جدلية‪ ،"........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.56 :‬‬ ‫‪343‬‬

‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة‪ ،".............................................. .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.206 :‬‬ ‫‪344‬‬

‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف ‪ ،"....................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.160 :‬‬ ‫‪345‬‬

‫صباح نعوش ‪" :‬المالية العامة ‪.....................................‬م‪.‬س ص ‪.166 :‬‬ ‫‪346‬‬

‫ينص الفصل ‪ 47‬في فقرته األولى من دستور ‪ 2011‬على ما يلي ‪" :‬يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات‬ ‫‪347‬‬

‫أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها"‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫االختصاص المالي‪ ،‬ففي كل من انجلت ار وفرنسا يعتبر هذا الحق من الحقوق الرئيسية التي اكتسبها‬
‫البرلمان عبر التاريخ‪ ،‬وقد اكتسبت هذه الحقوق تدريجيا‪ ،‬إذ بدأت بالموافقة الضرورية والالزمة لفرض‬
‫‪348‬‬
‫ثم انتقل إلى‬ ‫الضرائب والتي اعتبرت آنذاك من االختصاصات المالية التقليدية للمؤسسة البرلمانية‪،‬‬
‫والحيلولة دون انحراف الوزراء واستبدادهم‬ ‫‪349‬‬
‫ضرورة مراقبته لإلنفاق والتحصيل‪ ،‬وبالتالي اعتماد الميزانية‪،‬‬
‫بالسلطة المالية‪.‬‬

‫وفي مجال المراقبة في بعض الدول قد تدمج مسطرة المراقبة بمسطرة التنفيذ كما في بلجيكا‪،‬‬
‫حيث يلزم اآلمرون بالصرف بتأشيرة محكمة الحسابات قبل أداء األوامر بالدفع من طرف الخزينة‪ ،‬وفي‬
‫إيطاليا تمارس محكمة الحسابات مراقبة سابقة للتحقق من مشروعية المصروفات المالية للحكومة‪.‬‬

‫أما في المغرب فللبرلمان بمجلسيه حق مساءلة الوزراء بصفتهم آمرين بالصرف أثناء وبعد‬
‫تنفيذ القانون المالي‪ ،‬إال أن القيام بهذه المراقبة والمساءلة من طرف البرلمان يبقى أم ار صعب المنال‪،‬‬
‫نظ ار لثقل مسطرة تنفيذ القوانين المالية وبطء العمل اإلداري المثقل أصال باإلجراءات‪ .‬وتبقى اآللية التي‬
‫بيد البرلمان لطرح مسؤولية الوزراء السياسية هي األسئلة الشفاهية والكتابية‪ ،‬ولجن التقصي‪ ،‬وملتمس‬
‫فكل هذه الوسائل واآلليات لن تكون لها الفعالية والفاعلية إال إذا توفرت فيها‬ ‫‪350‬‬
‫الرقابة وسحب الثقة‪.‬‬
‫الشروط المادية والموضوعية‪ ،‬ومنها تحمل النواب لمسؤوليتهم في التمثيل والمراقبة والتشريع كالحضور‬
‫والمتابعة عن قرب للشأن العام لألمة‪ ،‬سواء أثناء الجلسات العامة األسبوعية أو من خالل عمل اللجن‬
‫‪351‬‬
‫البرلمانية‪.‬‬

‫فطرح المسؤولية السياسية للحكومة‪ ،‬قد يتم بمبادرة منها لكي تطلب مواصلة تحمل مسؤوليتها‬
‫بتصويت البرلمان على قوانينها وبرامجها المضمن بالتصريح الحكومي إال أن هذه اآللية صعبة التحقق‬
‫في حالة التصويت بالرفض‪ ،‬نظ ار لإلجراءات الدستورية المعقدة والطويلة‪ ،‬لذلك يبقى ملتمس الرقابة أهم‬
‫‪352‬‬
‫من‬ ‫وسيلة إلثارة مسؤولية الوزراء السياسية خالل مرحلة تنفيذ الميزانية‪ ،‬انطالقا من الفصل ‪105‬‬
‫‪353‬‬
‫من دستور ‪ 2011‬بالنسبة لمجلس المستشارين‬ ‫دستور ‪ 2011‬بالنسبة لمجلس النواب والفصل ‪106‬‬

‫‪348‬‬
‫‪MEHL Lucien et BELTRAM Pierre : "Sciences et techniques fiscal", P.U.F, Paris, 1984, p : 62.‬‬
‫‪349‬‬
‫‪TROTABAS (L) : "Finances publiques", Dalloz, Paris 1964, p : 130.‬‬
‫محمد معتصم ‪" :‬النظم السياسية المعاصرة"‪ ،‬منشورات إيزيس الدار البيضاء‪ ،1993 ،‬ص ‪.154 :‬‬ ‫‪350‬‬

‫تنص المادة ‪ 69‬من دستور ‪ 2011‬في الفقرة ما قبل األخيرة على ما يلي ‪" :‬واجبات األعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات‬ ‫‪351‬‬

‫العامة والجزاءات المطبقة في حالة الغياب"‪.‬‬


‫كما أعطت المادة ‪ 10‬من دستور ‪ 2011‬للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا في الحياة السياسية ومنها ‪ :‬المشاركة الفعلية في مراقبة العمل‬
‫الحكومي‪ ،‬والسيما عن طريق ملتمس الرقابة‪ ،‬ومساءلة الحكومة‪ ،‬واألسئلة الشفوية الموجهة للحكومة‪ ،‬واللجان النيابية لتقصي الحقائق‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 105‬من دستور ‪ 2011‬على أن ‪" :‬لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بالتصويت على ملتمس‬ ‫‪352‬‬

‫الرقابة‪ ،‬وال يقبل هذا الملتمس إال إذا وقعه على األقل ‪ 5/1‬األعضاء الذين يتألف منهم المجلس‪."...‬‬
‫وبالتالي انتقل المشرع الدستوري من نسبة ¼ في دستور ‪ 1996‬إلى نسبة ‪ 5/1‬في دستور ‪ 2011‬في مجال طرح ملتمس الرقابة‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 106‬من دستور ‪ 2011‬على أن ‪" :‬لمجلس المستشارين أن يساءل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على األقل ‪ 5/1‬أعضائه‪ ،‬وال‬ ‫‪353‬‬

‫يقع التصويت عليه‪ ،‬بعد مضي ثالثة أيام كاملة على إيداعه‪ ،‬إال باألغلبية المطلقة ألعضاء هذا المجلس‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫فيما يخص توجيه ملتمس المساءلة‪ .‬وقد استعمل البرلمان المغربي في حياته السياسية ملتمسين للرقابة‬
‫فقط األول في ظل حكومة أحمد باحنيني سنة ‪ ،1964‬والثاني ضد حكومة عز الدين العراقي سنة‬
‫‪354‬‬
‫من هذه‬ ‫‪ ،1990‬إال أن أيا من هذين الملتمسين لم يؤديا إلى استقالة الحكومة أو إقالة وزير معين‬
‫التشكيلة الحكومية‪.‬‬

‫فمنذ تقديم القانون المالي إلى البرلمان إلق ارره والتصويت عليه‪ ،‬والمسؤولية السياسية للحكومة‬
‫حاضرة تطرح كل وقت وحين‪ ،‬من خالل المحتوى والهيكل والبرامج وغيرها‪ .‬وهذه المسؤولية لن تتوقف‬
‫عند هذا الحد‪ ،‬بل تستمر إلى ما بعد تنفيذ الميزانية العامة وهذا محتوى الفقرة الموالية ‪:‬‬

‫ب ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء بعد تنفيذ الميزانية‬

‫الصادر بتاريخ ‪26‬‬ ‫‪355‬‬


‫من خالل مقتضيات المادة ‪ 47‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪7.98‬‬
‫نونبر ‪ 1998‬الذي يلزم إرفاق مشروع قانون التصفية بتقرير حول تنفيذ قانون المالية السنوي‪ ،‬وبتصريح‬
‫عام بمطابقة حسابات المحاسبين العموميين الفردية للحساب العام للمملكة‪ ،‬ويتضمن التقرير وجوبا‬
‫‪356‬‬
‫العناصر التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬نتائج تنفيذ القوانين المالية‪.‬‬

‫‪ -2‬المالحظات المنبثقة عن المقارنة بين التوقعات واإلنجازات‪.‬‬

‫‪ -3‬تأثيرات عمليات الميزانية وعمليات الصندوق على الوضعية المالية للدولة‪.‬‬

‫‪ -4‬الق اررات المتعلقة بتغيير مخصصات الميزانية‪ ،‬ومدى مطابقتها لمقتضيات القانون التنظيمي‬
‫لقانون المالية‪.‬‬

‫‪ -5‬المقارنة بين االعتمادات النهائية بعد تعديلها والعمليات المنجزة فعال‪.‬‬

‫وطبقا لهذه المادة فعلى الحكومة أن تودع مشروع قانون التصفية السنوي بمكتب أحد مجلسي‬
‫البرلمان قبل نهاية السنة المالية الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية‪ ،‬إال أن هذا األجل ال يحترم رغم‬

‫كم ا يبعث رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬على الفور بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة ولهذا األخير أجل ستة أيام ليعرض أمام هذا المجلس‬
‫جواب الحكومة‪ ،‬يتلوه نقاش وال يعقبه تصويت"‪.‬‬
‫نفس الشيء بالنسبة لمجلس المستشارين فيما يخص مساءلة الحكومة‪ ،‬انتقل المشرع في مجال التوقيع من ‪ 3/1‬في دستور ‪ 1996‬إلى ‪ 5/1‬في‬
‫دستور ‪ ، 2011‬كما اشترط للموافقة على ملتمس توجيه التنبيه للحكومة في دستور ‪ 1996‬موافقة األغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم‬
‫المجلس‪ ،‬على عكس دستور ‪ 2011‬الذي ألغى هذا الشرط‪.‬‬
‫عبد العزيز لوزي ‪" :‬المسألة الدستورية والمسار السياسي بالمغرب"‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1996‬ص ‪.142 :‬‬ ‫‪354‬‬

‫قد تم تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬بالقانون رقم ‪ 14.00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.196‬الصادر في ‪ 19‬أبريل‬ ‫‪355‬‬

‫‪ ،2000‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4788‬بتاريخ ‪ 20‬أبريل ‪.2000‬‬


‫على سبيل المثال يمكن الرجوع إلى هذه العناصر المضمنة بقانون تصفية ميزانية سنة ‪ 2006‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪22‬‬ ‫‪356‬‬

‫مارس ‪.2010‬‬

‫‪138‬‬
‫وتظهر أهمية هذا القانون من خالل المناقشة والتصويت عليه في قانون التصفية‬ ‫‪357‬‬
‫إلزاميته بنص القانون‬
‫ويمكن أن تطرح مسؤولية الوزراء كما في المناقشة والتصويت على القانون المالي السنوي‪ ،‬حيث يعد‬
‫الوزير المكلف بالمالية تقري ار يتضمن المعلومات والوثائق الكفيلة بتحليل شروط تنفيذ الميزانية السنوية‬
‫المقررة بالقانون المالي ويتضمن هذا التقرير على الخصوص ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬وضعية االعتمادات النهائية المنبثقة عن قانون المالية للسنة المعنية والقوانين التعديلية مفصلة‬
‫حسب األبواب والفصول والمواد والفقرات‪.‬‬

‫‪ -2‬وضعية االقتطاعات من االعتمادات المخصصة لفصل النفقات الطارئة‪.‬‬

‫‪ -3‬وضعية تحويالت االعتمادات‪.‬‬

‫‪ -4‬وضعية االلتزام بالنفقات‪.‬‬

‫‪ -5‬وضعية األوامر بالترحيل‪.‬‬

‫‪ -6‬بيان تفصيلي لموارد الميزانية العامة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬والحسابات‬
‫الخصوصية للخزينة والميزانيات المحلقة‪.‬‬

‫‪ -7‬الوضعية المتعلقة بتسيير الدين العمومي‪.‬‬

‫‪ -8‬القوائم التركيبية‪ ،‬ووضعيات التسيير الوارد بيانها في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫فهذا التقرير الذي يتضمن هذه البيانات يعطي صورة واضحة عن تنفيذ الميزانية السنوية‪ ،‬إال‬
‫أنه أثناء التنفيذ‪ ،‬قد تواجه الحكومة بعض الظروف الطارئة‪ ،‬قد تؤدي إلى اختالل أو خطأ في تقدير‬
‫الموارد وتحصيلها أو حصول فوارق بين االعتمادات المفتوحة واألرقام النهائية المقدمة‪ ،‬بعد التعديالت‬
‫التي قد تط أر على تقديرات الميزانية من حين آلخر إثر إجراءات تشريعية أو تنظيمية‪ ،‬تتخذها الحكومة‬
‫لمواجهة ظروف معينة‪.‬‬

‫ففي موضوع اإليرادات يقوم قانون التصفية بتصحيح التقديرات الواردة في قانون الميزانية‬
‫السنوي‪ ،‬ويعوضها بإثبات المبالغ الحقيقية التي تم تحصيلها والفرق بين التقديرات والمداخيل الفعلية‬
‫المحصلة‪ ،‬حيث يتم اللجوء إلى تبرير ذلك بالباقي استخالصه ‪."Le Reste à Recouvrer" :‬‬

‫أما فيما يخص النفقات‪ ،‬فيتم إثبات المبالغ الحقيقية من خالل إلغاء االعتمادات المفتوحة التي‬
‫‪358‬‬
‫أما االعتمادات المفتوحة التي يتبين عدم كفايتها‪ ،‬فيتم إثباتها من خالل اإلجراءات‬ ‫لم يتم استعمالها‪،‬‬

‫خير مثال على هذا هو إيداع مشروع قانون التصفية للسنة المالية ‪ 2006‬بتاريخ ‪ 13‬يونيو ‪ ،2008‬بينما القانون ينص على إيداعه لدى أحد‬ ‫‪357‬‬

‫مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية‪ ،‬وفي هذه الحالة قبل متم سنة ‪.2008‬‬
‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الجزء األول‪................................ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.193 :‬‬ ‫‪358‬‬

‫‪139‬‬
‫فقانون التصفية يشكل اإلطار المرجعي لمراقبة نتائج‬ ‫‪359‬‬
‫التي يرفع مبالغها إما باإلعانات أو بالتحويل‬
‫تصويت البرلمان على البرنامج الحكومي المترجم في قانون المالية السنوي‪ ،‬الذي ناقشه وصادق عليه في‬
‫بداية السنة‪ ،‬فهو يبين مدى التزام الوزراء بالترخيص البرلماني والخيارات المالية للدولة‪ ،‬خاصة أنه يتعلق‬
‫ليس إال نظ ار لعدم اهتمام البرلمانيين‬ ‫‪360‬‬
‫بنتائج‪ ،‬إال أن البعض يعتبر قانون التصفية مجرد إجراء شكلي‬
‫به كثي ار لقلة إثارته من الناحية السياسية‪ ،‬ألنه يأتي متأخ ار جدا عن موعد تقديمه مما يفقده اإلثارة‬
‫السياسية والمساءلة المالية‪ ،‬فالسؤال الذي يطرح هنا هو ما الفائدة إذن من مناقشة البرلمان لقانون‬
‫التصفية لميزانية مرت على المصادقة عليها وإقرارها أزيد من ثالث سنوات أو أكثر ؟ وما الفائدة أيضا‬
‫من مساءلة وزراء لم يكونوا وقت الترخيص البرلماني ولم يساهموا في تنفيذ الميزانية مرت عليها سنوات ؟‬

‫فمساءلة الوزراء من الناحية السياسية عبر جميع مراحل تنفيذ الميزانية تبقى غير ممكنة عمليا‪،‬‬
‫نظ ار للقيود واإلجراءات والظروف التي ال تساعد على ذلك‪ ،‬فخالل مرحلة تنفيذ الميزانية تنطوي المساءلة‬
‫السياسية على عمليات لم تكتمل بعد ولم تتبلور نتائجها‪ ،‬فقد تأتي ظروف سياسية أو اقتصادية أو‬
‫اجتماعية قد تعصف بتلك التصورات والبرامج‪ .‬أما فيما يخص المساءلة بعد تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬ففي‬
‫هذه الحالة‪ ،‬قد تبرز النتائج النهائية المضمنة بقانون التصفية نتائج عكسية‪ ،‬قد تتحكم فيها اعتبارات‬
‫سياسية قد تخفي أساس إثارة المسؤولية ومساءلة الوزراء عنها‪ ،‬نظ ار للفرق الشاسع بين وقت تنفيذ الميزانية‬
‫‪361‬‬
‫ومن هنا يتجلى قصور ومحدودية هذه اإلجراءات حول إثارة المسؤولية السياسية‬ ‫ونتائج تصفيتها‪،‬‬
‫للوزراء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدى محدودية المسؤولية السياسية في مجال تنفيذ الميزانية‬

‫تعتبر إثارة المسؤولية السياسية للوزراء أهم سالح بيد السلطة التشريعية في مواجهة السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬حيث تعلق عليها كل اآلمال في إقرار الديمقراطية والحكامة في صرف األموال العمومية‪ .‬وهذا‬
‫مرتبط بقوة البرلمان واستعمال سلطاته من تشريع وتمثيل ومراقبة‪ .‬فعندما يكون البرلمان قويا وواثقا من‬
‫‪362‬‬
‫فهو ال يخشى أحدا أو جهة ما ألنه منبثق عن صناديق االقتراع ويمثل إرادة‬ ‫نفسه وذا مصداقية‪،‬‬
‫األمة‪ ،‬أما إذا كان ال يتمتع بالمصداقية والشرعية‪ ،‬وال يتوفر على الكفاءة التي تخوله استعمال صالحياته‬

‫دورية وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 483/E‬بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ 2002‬حول تطبيق المادة ‪ 17‬المكررة من مرسوم رقم ‪ 2.98.401‬الصادر في ‪26‬‬ ‫‪359‬‬

‫أبريل ‪ 1999‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية لمالءمة برمجة ميزانية الدولة وتنفيذها مع الالتركيز‪ ،‬حيث تهدف هذه الدورية إلى تدقيق كيفية‬
‫إنجاز التحويالت ما بين السطور داخل نفس الفقرة برسم فصل المعدات والنفقات المختلفة‪ ،‬وفصل نفقات االستثمار بالميزانية العامة‪ ،‬وتتوخى هذه‬
‫المقتضيات إلى تبسيط مساطر تدبير الميزانية وتوفير مرونة أكبر في استعمال االعتمادات‪ ،‬وذلك بتمكين المصالح المعنية عند االقتضاء من القيام‬
‫بإعادة توزيع اعتماداتها ما بين السطور داخل الفقرة‪ ،‬دون اللجوء للو ازرة المكلفة بالمالية‪.‬‬
‫‪360‬‬
‫‪KHOUDRY Driss : "Le contrôle des finances…..................…o p.cit , p : 79.‬‬
‫أنظر نتائج تصفية ميزانية ‪ 2006‬الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم ‪ 1.10.06‬بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 2010‬بتنفيذ قانون رقم ‪ 18.08‬المتعلق‬ ‫‪361‬‬

‫بتصفية ميزانية ‪ 2006‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬


‫منار المصطفى ‪" :‬واقع األموال العمومية‪ ،‬بين ضعف البرلمان وهيمنة الحكومة"‪ ،‬المجلة المغربية لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪ ،7‬سنة‬ ‫‪362‬‬

‫‪ ،2006‬ص ‪.36 :‬‬

‫‪140‬‬
‫وال الشجاعة التي تسعفه لمساءلة كل وزير تورط في قضية من قضايا المال العام أو غيرها فال جدوى‬
‫منه‪ .‬ومن خالل التجربة المغربية نالحظ أن هناك إهمال على مستوى مساءلة الحكومة حول قوانين‬
‫لجن‬ ‫‪364‬‬
‫والشفوية إال ما نذر‪ ،‬وعدم تفعيل تقارير‬ ‫‪363‬‬
‫التصفية‪ ،‬وتقاعس على مستوى طرح األسئلة الكتابية‬
‫تقصي الحقائق‪ ،‬حيث يصطدم التقرير بكوابح وشروط دستورية تعجيزية‪ ،‬وخصوصا إذا كان األمر يتعلق‬
‫بالوزراء أو قطاع تحت وصايتهم‪ .‬كما أن بروز دور السلطة التنفيذية عبر و ازرة المالية التي تتمتع‬
‫بصالحيات واسعة‪ ،‬بفضل انتشار مؤسساتها وممثليها بالو ازرات من مراقبين ومحاسبين وخزنة‪ ،‬فوزير‬
‫المالية يحظى بمكانة هامة داخل الحكومة نظ ار لإلمكانيات المادية والمالية والبشرية التي تتمتع بها هذه‬
‫الو ازرة وقد ظهرت قوة هذه الو ازرة وأهميتها في تشكيل الحكومة الحالية في شخص رئيسها السيد عبد اإلله‬
‫ابن كيران‪ ،‬حيث كان الصراع محموما حول تقلد هذه الحقيبة الحيوية بين األحزاب المكونة للتحالف‬
‫‪365‬‬
‫وزرة االقتصاد والمالية والو ازرة المنتدبة‬
‫هما ‪ :‬ا‬ ‫الحكومي‪ .‬وقد أدى هذا التهافت إلى تقسيمها إلى قسمين‬
‫لدى وزير االقتصاد والمالية المكلفة بالميزانية‪.‬‬

‫ومن هنا يتبين قوة السلطة التنفيذية نظ ار لما تملكه من وسائل وإمكانيات في مواجهة السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬مما يظهر قصور ومحدودية تحريك المسؤولية السياسية للوزراء نظ ار لعوامل وأسباب قانونية‬
‫تتجلى في االختصاصات المالية المحدودة (أ)‪ ،‬وأسباب أخرى موضوعية تتجلى في الدور الباهت‬
‫للبرلمان وامتيازات الحكومة في مجال االختصاص المالي (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬مدى محدودية اختصاصات البرلمان في المجال المالي‬

‫يعد االختصاص المالي الدعامة األساسية لنشوء المؤسسة البرلمانية منذ القدم وحتى اليوم‪،‬‬
‫حيث يمتلك ممثلو األمة سلطة الموافقة على فرض الضرائب ومراقبة الجباية واإلنفاق‪ .‬ففي فرنسا مثال قد‬
‫عرف البرلمان قفزة نوعية منذ الثورة الفرنسية سنة ‪ 1789‬في المجال المالي‪ ،‬بعدما كان الملوك يعيثون‬
‫فسادا وظلما وإسرافا وبذخا في الحفالت والسهرات‪366.‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬والبرلمان يلعب دو ار أساسيا في‬

‫بلغ مجموع األسئلة الشفهية ا لتي طرحت على الحكومة من طرف البرلمان بغرفتيه برسم السنة التشريعية الرابعة ‪ 2011-2010‬ما مجموعه‬ ‫‪363‬‬

‫‪ 690‬سؤاال بمجلس النواب و‪ 420‬سؤاال بمجلس المستشارين‪ ،‬إال أن األسئلة التي تلتها مناقشته فقد بلغ فقط ‪ 49‬سؤاال بمجلس النواب‪ ،‬أما األسئلة‬
‫الكتابية التي طرحت على الحكومة برسم السنة التشريعية ‪ 2011-2010‬فقد بلغ ‪ 2525‬سؤاال‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬الو ازرة المكلفة بالعالقات مع البرلمان‪ ،‬حصيلة النشاط الحكومي بالبرلمان‪ ،‬الوالية التشريعية الثامنة‪ ،‬السنة التشريعية الرابعة ‪-2010‬‬
‫‪.2011‬‬
‫لجان التقصي لجان مؤقتة لها أجل إلعداد تقريرها ال يتعدى ستة أشهر‪ ،‬وتكون محاطة بمجموعة من القيود‪ ،‬فمن خالل الفصل ‪ 42‬من دستور‬ ‫‪364‬‬

‫‪ 1996‬الفصل ‪ 67‬من دستور ‪ 2011‬يتجلى أن لجان التقصي لجان ذات اختصاصات عامة‪ ،‬وال يمكن تكوينها من طرف األقلية‪ ،‬وما دامت‬
‫األغلبية متفقة مع الحكومة فما الغاية من هذه اللجان ؟ وحسب القانون التنظيمي رقم ‪ 54.00‬الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 5.95‬المتعلق بطريقة تسيير لجان تقصي الحقائق يصعب تحقيقها وتكوينها وحتى وإن تم تكوينها فال يتم تفعيل نتائجها لعدة أسباب كما ذكرنا مثال‬
‫ذلك قضية القرض العقاري والسياحي ملف الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪...‬إلخ‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.12.127‬صادر في ‪ 7‬مارس ‪ 2012‬يتعلق باختصاصات وزير االقتصاد والمالية والوزير المنتدب لدى وزير االقتصاد والمالية‬ ‫‪365‬‬

‫المكلف بالميزانية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6029‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪.2012‬‬


‫فهمي محمود شكري ‪" :‬الموازنة العامة‪ ،‬ماضيها وحاضرها ‪..................‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.15 :‬‬ ‫‪366‬‬

‫‪141‬‬
‫المجال المالي‪ ،‬وينفرد بسن القوانين ويصادق على الميزانيات‪ ،‬إال أنه بعد صدور دستور الجمهورية‬
‫الخامسة سنة ‪ 1958‬وعدم االستقرار السياسي في ظل الجمهورية الرابعة‪ 1946-1958367،‬قد انقلب‬
‫الوضع‪ ،‬حيث قلص دستور ‪ 1958‬من دور البرلمان في المجال المالي‪ ،‬ورجح كفة وهيمنة الحكومة على‬
‫وهو ما يطلق عليه في الفقه الدستوري "بالعقلنة البرلمانية"‪369.‬فبالرغم من تنصيص‬ ‫‪368‬‬
‫حساب البرلمان‪،‬‬
‫دستور الجمهورية الخامسة لسنة ‪ 1958‬على المسؤولية الحكومية أمام البرلمان ‪ ،‬إال أنه أرفق ذلك‬
‫بمجموعة من الشروط و اإلجراءات التي يصعب على البرلمان تفعيلها‪ ،‬مما يجعل من إسقاط الحكومة‬
‫أم ار صعب المنال‪.‬‬

‫وفي المغرب يعتبر البرلمان ثاني مؤسسة دستورية بعد الملكية‪ ،‬جاء ترتيبه في الباب الرابع من‬
‫دستور ‪ ،2011‬أما في الدساتير التي سبقت فقد كان يتميز فيها البرلمان بتقييد حرية اختصاصاته‬
‫خصوصا المالية منها‪ ،‬والتي كانت محاطة بمجموعة من القيود سواء فيما يخص مسطرة المناقشة بحيث‬
‫ال يتوفر البرلمان على المعطيات الكافية لتوجيه السياسة العمومية فيما يخص الميزانية السنوية‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪370‬‬
‫فهو فقط يصوت على القوانين المالية بما‬ ‫فالبرلمان يملك ويمارس سلطة شكلية في المجال المالي‪،‬‬
‫فيها القانون المالي السنوي‪ ،‬والقوانين المالية التعديلية وقوانين التصفية‪ ،‬ويوافق على المخططات والبرامج‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويصادق على االتفاقيات الدولية التي لها أثر مالي‪ .‬ولهذا السبب اعتبر رئيس‬
‫‪371‬‬
‫‪" :‬أن البرلمان ليست لديه في الواقع أية رقابة‬ ‫الفريق االشتراكي بمجلس النواب المغربي أحمد الزايدي‬
‫حقيقية على طرق صرف المالية العمومية‪ ،‬حيث تنتهي وظيفته مباشرة بعد التصويت على القانون‬
‫المالي‪ ،‬دون إشراكه في المراحل التنفيذية لهذا القانون‪ ،‬وبالتالي يبقى عمل الحكومة خارج رقابة البرلمان‬
‫ابتداء من لحظة التصويت"‪.‬‬

‫وبالفعل يبقى هذا الكالم صحيحا نظ ار للقيود التي تحد من سلطة البرلمان فيما يخص الحيز‬
‫الزمني لمناقشة مشروع القانون المالي الذي تتقدم به الحكومة كل سنة للتصويت عليه‪ ،‬فقد حدد الفصالن‬
‫‪ 33‬و‪ 34‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7-98‬والفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬مدة زمنية محددة‬
‫لمناقشة قوانين المالية من طرف السلطة التشريعية‪ ،‬وضرورة التصويت على هذه القوانين قبل متم ‪31‬‬
‫دجنبر من سنة عرض مشروع القانون المالي العتماده في فاتح يناير من السنة المالية المعنية‪ .‬وإذا لم‬

‫في ظل الجمهورية الرابعة لسنة ‪ 1946‬كان لنواب األمة إمكانية تقديم مشاريع مضادة‪ ،‬وكان بإمكان اللجنة المالية المكلفة بالتقرير حول مشاريع‬ ‫‪367‬‬

‫الحكومة أن تقدم مشروعا مخالفا‪ ،‬وتعديالت إجمالية على المشروع الحكومي‪.‬‬


‫‪ème‬‬
‫‪AMSELEK (P) : "Le budget de l'Etat sous la V république", L.G.D.J, 1967, pp. : 195-196.‬‬
‫‪ 368‬عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة المغربية والمقارنة"‪ ،‬قانون الميزانية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النشر الجسور‪ ،‬وجدة ‪ ،2002‬ص ‪:‬‬
‫‪.208‬‬
‫أمحمد مالكي ‪" :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬النظ م السياسية المعاصرة"‪ ،‬دار وليلي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مراكش‪2001،‬‬ ‫‪369‬‬

‫ص ‪.190 :‬‬
‫منار المصطفى ‪" :‬واقع األموال العمومية‪ ،"................................ .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.22 :‬‬ ‫‪370‬‬

‫‪371‬المصدر‪ :‬الموقع االلكتروني ‪ ،http://www.alittihad.press.ma :‬بتاريخ ‪" ،2008/11/26‬تقوية الرقابة البرلمانية على المالية العمومية"‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫‪372‬‬
‫في فتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق‬ ‫يتم ذلك في الوقت المحدد تشرع الحكومة بواسطة مرسوم‬
‫‪373‬‬
‫المعروضة للمصادقة والتصويت برسم السنة المالية المراد‬ ‫العمومية على أساس ما هو مقرر بالميزانية‬
‫إقرار قانونها المالي‪ ،‬وليس بما هو مقرر بالميزانية التي انتهت‪ ،‬وهذا األمر يكرس هيمنة الحكومة وعدم‬
‫الغربية‬ ‫‪374‬‬
‫االعت ارف للبرلمان بسلطاته في المجال المالي‪ .‬على عكس القانون المقارن‪ ،‬ففي بعض الدول‬
‫كإسبانيا مثال ينص الفصل ‪ 134‬من دستورها لسنة ‪ 1978‬على أنه يتم اعتماد مشروع الميزانية قبل بداية‬
‫السنة المالية الجديدة‪ ،‬ويتم تمديد العمل تلقائيا بالميزانية السابقة حتى تعتمد الميزانية الجديدة‪ .‬وفي بلجيكا‬
‫تستمر مناقشات الميزانية حتى أواخر شهر مارس مع أن تاريخ بداية السنة المالية بهذا البلد هو فاتح‬
‫يناير‪.‬‬

‫وبالعودة إلى الفصل ‪ 33‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7-98‬والذي يلزم بإيداع مشروع‬
‫قانون المالية للسنة بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أبعد‬
‫تقدير‪ ،‬فيبث المجلس المعروض عليه األمر أوال في مشروع قانون المالية داخل أجل الثالثين يوما الموالية‬
‫إليداعه وبما أن المغرب يأخذ بنظام الثنائية البرلمانية‪ ،‬النواب والمستشارون وبذلك يخصص لكل مجلس‬
‫أجل ‪ 30‬يوما الموالية إليداع مشروع القانون المالي وبالتالي تبقى هذه المدة غير كافية‪ ،‬وجد قصيرة‬
‫خصوصا عندما يتعلق األمر بالقانون المالي الذي‬ ‫‪375‬‬
‫مقارنة مع بعض القوانين والتشريعات المقارنة‪،‬‬
‫يكون مثقال باألرقام والجداول والمخططات والبيانات اإلحصائية‪ ،‬والتي ال يقدر على فك طالسمها –‬
‫حسب تعبير أحد البرلمانيين‪ -‬سوى الخبراء المحاسباتيون‪ .‬وما يزيد في تعطيل وتقليص فرص البرلمان‬
‫في االطالع بدوره في مناقشة القوانين المالية هو تجاوز الحكومة السقف الزمني ألجل إيداع مشروع قانون‬
‫المالية السنوي لدى أحد المجلسين‪ ،‬وقد أكدت الممارسة هذا األمر في عدة مناسبات‪ ،‬ففي سنة ‪ 1983‬تم‬
‫تقديم مشروع قانون المالية السنوي في ‪ 10‬دجنبر‪ ،‬وسنة ‪ 1994‬تم تقديم المشروع في ‪ 4‬يناير‪ ،‬دون أن‬
‫ننسى مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2012‬والتي تعتبر سنة استثنائية نظ ار لالنتخابات التشريعية المبكرة‬
‫والتأخر في تشكيل الحكومة‪ ،‬والتي لم يقدم فيها مشروع القانون المالي إال في ‪ 15‬مارس ‪ 2012‬عبر دورة‬
‫بناء على الفصل ‪ 66‬من الدستور لدراسة مشروع قانون المالية رقم ‪ 22.12‬برسم‬ ‫‪376‬‬
‫استثنائية للبرلمان‪،‬‬
‫سنة ‪ 2012‬وهذا التأخير في إيداع مشروع قوانين المالية السنوية من طرف الحكومة ال يقابله أية عقوبة‬

‫على سبيل المثال أنظر مرسوم رقم ‪ 2.11.745‬صادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬متعلق بفتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق والقيام بالمهام‬ ‫‪372‬‬

‫المنوطة بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6008‬مكرر بتاريخ فاتح يناير ‪.2012‬‬


‫‪373‬‬
‫‪FIKRI El Kbir : "Le Parlement marocain et les finances publiques : Recherche sur le pouvoir financier",‬‬
‫‪Thèse d'Etat en droit public, Faculté de droit, Casablanca, 1984-1985, p : 150.‬‬
‫‪ 374‬عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.199 :‬‬
‫كإيطاليا مثال التي ينص قانونها على إيداع مشاريع قوانين المالية ‪ 5‬أشهر قبل بداية السنة‪ ،‬وفي إسبانيا يودع مشروع الميزانية ‪ 3‬أشهر على‬ ‫‪375‬‬

‫األقل قبل بداية السنة انطالقا من المادة ‪ 134‬من الدستور اإلسباني لسنة ‪.1978‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.12.124‬صادر في ‪ 9‬مارس ‪ 2012‬بدعوة مجلس النواب ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6029‬بتاريخ ‪12‬‬ ‫‪376‬‬

‫مارس ‪.2012‬‬

‫‪143‬‬
‫‪377‬‬
‫وإذا كانت هذه القيود تحد من سلطة البرلمان في المجال‬ ‫أو مساءلة سواء السياسية منها أو القانونية‪.‬‬
‫المالي‪ ،‬فبماذا تمتاز الحكومة عن البرلمان في هذا المجال ؟‬

‫ب ‪ :‬امتيازات الحكومة في مجال االختصاص المالي‬

‫في ظل ضعف سلطات البرلمان في المجال المالي‪ ،‬نظ ار لألسباب التي ذكرنا سابقا وبروز قوة‬
‫سلطات الحكومة في هذا المجال من خالل الترسانة التشريعية المضمنة في الدستور والقوانين‬
‫‪379‬‬ ‫‪378‬‬
‫لميزانية الدولة راجحا ومتميزا‪ ،‬فإعداد‬ ‫جعل دور السلطة التنفيذية في تدبير المادة المالية‬ ‫الموازية‪،‬‬
‫وتحضير مشروع القانون المالي يعتبر من األهمية بمكان بالنسبة لمختلف مرافق الدولة‪ ،‬حيث تكون له‬
‫‪380‬‬
‫الدولة السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ .‬وخالل هذه‬ ‫انعكاسات مباشرة على مختلف وظائف‬
‫‪381‬‬
‫نظ ار لما تتوفر عليه‬ ‫المراحل تلعب الحكومة دو ار أساسيا في إعداد وتحضير الميزانية بكل دقة وعناية‪،‬‬
‫من معطيات فنية وإحصائية نظ ار لوجود مستشارين وخبراء لها في كل القطاعات‪ .‬وتحظى و ازرة المالية‬
‫بأهمية كبرى نظ ار لما تتمتع به من دور مهيمن في إعداد مشروع القانون المالي السنوي‪ ،‬وبالتالي تبرز‬
‫أهمية وزير المالية خالل التشكيلة الحكومية بحكم إطالعه على الوضعية العامة لميزانية الدولة وكذا وجود‬
‫‪383‬‬ ‫‪382‬‬
‫بنفقات الدولة‬ ‫ومصالح كثيرة تحت سلطته وتصرفه كالمراقبين العامين لاللتزامات‬ ‫مديريات‬
‫والمحاسبين العموميين والخازن العام للمملكة‪ .‬فوزير المالية مسؤول عن التوازن العام للميزانية‪ ،‬فهو بمثابة‬
‫‪384‬‬
‫فوزير المالية غالبا ما يصبح رئيسا للدولة في التجارب الغربية ففي فرنسا مثال أصبح‬ ‫أمين بنك الدولة‪،‬‬
‫وزير المالية فاليري جيسكار ديستان "‪ "V.G. D’esting‬رئيسا للدولة عام ‪.1974‬‬

‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الجزء األول‪ ............................... ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.201 :‬‬ ‫‪377‬‬

‫ينص الفصل ‪ 92‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي ‪" :‬يتداول مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬في القضايا والنصوص التالية ‪:‬‬ ‫‪378‬‬

‫السياسة العامة للدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫السياسات العمومية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السياسات القطاعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مشاريع القوانين‪ ،‬ومن بينها مشروع قانون المالية‪ ،‬قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب‪."...‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن بين القوانين الموازية القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7-98‬والمرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬وغيرهما‪.‬‬
‫محمد حركات ‪" :‬القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬المعطيات واآلفاق"‪ ،‬المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 8‬و‪ 9‬دار النشر بابل الرباط‪،‬‬ ‫‪379‬‬

‫‪ ،1998‬ص ‪.57 :‬‬


‫حماد حميدي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة بني يزناسن‪ ،‬سال‪ ،2000 ،‬ص ‪.53 :‬‬ ‫‪380‬‬

‫محمد عباس محرزي ‪" :‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬النفقات العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬الميزانية العامة للدولة"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪ ،2005‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.422 :‬‬


‫حسب المرسوم رقم ‪ 2.07.995‬الصادر في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية تضم هذه الو ازرة ‪ 18‬مديرية‬ ‫‪382‬‬

‫باالضافة الى الوكالة القضائية للمملكة‪.‬‬


‫وتبقى أهم مديرية هي مديرية الميزانية والتي تضم ‪ 14‬قسما و‪ 45‬مصلحة و بعد تقسيم و ازرة االقتصاد و المالية الى و ازرتين سوف يعاد النظر في‬
‫هذا االمر ال محالة‪.‬‬
‫عسو منصور ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1995 ،‬ص‪.75:‬‬ ‫‪383‬‬

‫منار المصطفى ‪" :‬واقع األموال العمومية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.30 :‬‬ ‫‪384‬‬

‫‪144‬‬
‫‪385‬‬
‫المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية لسنة ‪ 1999‬في فصله األول يتولى‬ ‫وحسب المرسوم‬
‫الوزير المكلف بالمالية حسب المادة ‪ 32‬من القانون التنظيمي للمالية بتحضير مشروع قانون المالية تحت‬
‫سلطة الوزير األول (رئيس الحكومة في الدستور الحالي) ولهذه الغاية‪ ،‬يعرض على الحكومة كل سنة قبل‬
‫فاتح نونبر الشروط المتعلقة بتنفيذ قانون المالية الجاري ويقدم عرضا إجماليا عن مشروع قانون المالية‬
‫للسنة المالية التالية‪ ،‬ويدعو اآلمرين بالصرف وفق توجيهات الحكومة إلعداد مقترحاتهم بالمداخيل‬
‫والنفقات عن السنة المالية التالية‪ ،‬وعلى اآلمرين بالصرف أن يرسلوا مقترحاتهم المتعلقة بالمداخيل‬
‫والنفقات قبل فاتح يناير‪ .‬كما يتخذ الوزير المكلف بالمالية حسب المادة ‪ 6‬من المرسوم المتعلق بإعداد‬
‫وتنفيذ قوانين المالية جميع ا ألحكام التي من شأنها ضمان حسن تدبير المالية العامة‪ ،‬والسيما األنظمة‬
‫المتعلقة بالمحاسبة العمومية وبإبرام صفقات الدولة وبمراقبة االلتزام بالنفقات ‪ .‬كما عززت ذلك المادة ‪45‬‬
‫من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7.98‬عندما نصت على أنه يجوز للحكومة أثناء السنة المالية وقف‬
‫تنفيذ بعض نفقات االستثمار إذا استلزمت ذلك الظروف االقتصادية والمالية وإخبار اللجنة المختصة في‬
‫‪386‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 2.11.745‬الصادر في‪ 31‬دجنبر ‪2011‬‬ ‫البرلمان‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة‬
‫المتعلق بفتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها‪ .‬أما في حالة مبادرة‬
‫البرلمان لتعديل القوانين وبالخصوص الضريبية منها في اتجاه تخفيضها أو مالءمتها مع القدرة التكليفية‬
‫‪387‬‬
‫تصطدم دائما بعرقلة هذه المبادرة من طرف الحكومة وذلك باستعمال الفصل ‪ 51‬من دستور‬ ‫للملزمين‪،‬‬
‫‪ 1996‬سابقا والفصل ‪ 77‬من دستور‪ 2011‬حاليا رغم أنه لم يستخدم بعد في ظل الدستور الجديد‪ .‬فهيمنة‬
‫الحكومة في مجال االختصاص المالي واضح من خالل تجاوز مبدأ سنوية الميزانية‪ ،‬وفتح االعتمادات‬
‫الالزمة لتدبير شؤون الدولة واتخاذ ق اررات في مجال القوانين المالية التعديلية " ‪Les lois de finances‬‬
‫نظ ار للتأخير الذي تعرفه هذه القوانين‬ ‫‪388‬‬
‫‪ "Rectificatives‬واستعمال قوانين التصفية بشكل صوري‬
‫بالرغم من أهميتها كأداة لإلخبار وإطالع ممثلي األمة على طرق صرف االعتمادات واستخالص الموارد‪.‬‬
‫فقانون التصفية يستعمل للرقابة البعدية على أعمال الحكومة ومن خالله يمكن محاسبتها ومساءلتها إن تم‬
‫تقديمه في التوقيت القانوني لكن المشرع المغربي قد أغفل هذا األمر‪.‬‬

‫وفي ظل غياب جزاء أو محاسبة للحكومة عن مدى االلتزام بهذه القوانين‪ ،‬تبقى المسؤولية‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.98.401‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4688‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪.1999‬‬ ‫‪385‬‬

‫لقد نصت المادة الثالثة من مرسوم ‪ 2.11.745‬الصادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬المتعلق بفتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية الصادر‬ ‫‪386‬‬

‫بالجريدة الرسمية عدد ‪6008‬بتاريخ فاتح يناير ‪ 2012‬على مايلي‪:‬‬


‫"تلغى اعتمادات األداء المفتوحة بموجب قانون المالية عن السنة المالية ‪ 2011‬فيما يتعلق بنفقات االستثمار من الميزانية العامة التي لم تكن إلى‬
‫تاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬محل التزامات بالنفقات مؤشر عليها من قبل مصالح الخزينة العامة للمملكة"‪.‬‬
‫محمد شكيري ‪" :‬القانون الضريبي المغربي"‪ ،‬دراسة تحليلية ونقدية منشورات م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬العدد ‪ 49‬سنة ‪،2003‬‬ ‫‪387‬‬

‫ص ‪.70 :‬‬
‫لقانون التصفية أهمية كبرى كقانون مالية السنة‪ ،‬ويختلف عنه بصفة عامة في األرقام المسجلة‪ ،‬إذ تكون تقديرية في القانون المالي‪ ،‬وحقيقية‬ ‫‪388‬‬

‫في قانون التصفية‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪389‬‬
‫السياسية للوزراء محدودة وضعيفة نظ ار للعقلنة البرلمانية المبالغ فيها وخصوصا في المجال المالي‪،‬‬
‫أضف إلى ذلك ضعف البرلمان في مجال المراقبة والمساءلة وغيابه عن الساحة السياسية بفعل انعقاد‬
‫وحتى أثناء هذه الدورات التشريعية يكون حضور‬ ‫‪391‬‬
‫أو في حاالت استثنائية‪.‬‬ ‫‪390‬‬
‫دوراته في مدة محددة‪،‬‬
‫النواب البرلمانيين باهتا وقليال‪ ،‬حتى وإن تعلق األمر بالتصويت على الميزانية العامة‪ ،‬فمناقشة بعض‬
‫‪392‬‬
‫‪ 20‬عضوا كما أن جل البرلمانيين ال‬ ‫الميزانيات تمت بحضور قلة من النواب ال يتجاوز عددهم‬
‫يهتمون بالحضور بالرغم من سن قوانين تأديبية كتالوة أسماء البرلمانيين المتغيبين في الجلسة العامة و‬
‫التهديد باالقتطاع من أجورهم إال أن هؤالء أثاروا ضجة سياسية و فتحت نقاشات قانونية حول األمر ‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك ضعف تكوين النواب البرلمانيين في المجال المالي‪ ،‬وجهلهم بقواعد المحاسبة‬
‫العمومية وبآليات وتقنيات العمل الرقابي إال ما نذر‪ ،‬وكذا صعوبة تتبع مسار الميزانية‪ ،‬مما يجعل‬
‫الحكومة في منأى عن المساءلة البرلمانية‪ ،‬باستثناء األسئلة الشفوية والكتابية والتي ال جدوى منها في‬
‫غياب المحاسبة‪.‬‬

‫بعد المسؤولية السياسية للوزراء سوف نعالج جانبا آخر من هذه المسؤولية وهي مسؤولية اآلمر‬
‫بالصرف على المستوى الترابي‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الترابي عن تنفيذ الميزانية المحلية‬
‫يعتبر أمر إعداد وتنفيذ الميزانية المحلية مختلفا تماما عن إعداد وتنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬فإعداد‬
‫الميزانية المحلية هو من اختصاص رؤساء المجالس التداولية‪ ،‬ويتطلب األمر تدخل أطراف عدة لتهيئ‬
‫وثيقة الميزانية‪ ،‬إال أن األولوية يعترف بها للجهاز التنفيذي المحلي‪ ،‬سواء كان منتخبا أو معينا وبالرجوع‬
‫نجد أن تحضير‬ ‫‪393‬‬
‫إلى أحكام الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من قانون التنظيم المالي المحلي بالمغرب‪،‬‬
‫مشروع الميزانية المحلية يتم من لدن رئيس المجلس بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية ومجموعاتها‪،‬‬
‫‪394‬‬
‫بالنسبة للجهات والعماالت واألقاليم‪ .‬وباعتباره الرئيس األول للجهاز‬ ‫ومن طرف اآلمر بالصرف‬

‫فقد نص الفصل ‪ 71‬من دستور ‪ 2011‬على اختصاصات البرلمان على سبيل الحصر على عكس الفصل ‪ 72‬الذي ترك المجال مفتوحا‬ ‫‪389‬‬

‫للحكومة بحيث يختص المجال التنظيمي بالمواد التي ال يشملها اختصاص القانون‪.‬‬
‫حسب الفصل ‪ 65‬من دستور ‪" : 2011‬يعقد البرلمان جلساته أثناء دورتين في السنة‪ ،‬ويرأس الملك افتتاح الدورة األولى‪ ،‬التي تبتدئ يوم‬ ‫‪390‬‬

‫الجمعة الثانية من شهر أكتوبر‪ ،‬وتفتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل‪."...‬‬
‫حسب الفصل ‪ 66‬من دستور ‪ 2011‬في فقرته األولى ‪" :‬يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية إما بمرسوم‪ ،‬أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس‬ ‫‪391‬‬

‫النواب‪ ،‬أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين"‪.‬‬


‫عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ............،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.218 :‬‬ ‫‪392‬‬

‫قانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.02‬بتاريخ ‪ 18‬فبراير‬ ‫‪393‬‬

‫‪ 2009‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬


‫يراد باآلمر بالصرف حسب مدلول المادة الثانية من قانون التنظيم المالي المحلي رقم ‪ 45/08‬هم ‪" :‬والي العمالة أو اإلقليم مقر الجهة فيما‬ ‫‪394‬‬

‫يخص الجهات والعامل فيما يخص العماالت واألقاليم‪ ،‬ورئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬والوالي عامل عمالة الرباط‬
‫فيما يخص الجماعة الحضرية للرباط‪ ،‬وباشوات المشاور فيما يخص جماعات المشاور‪ ،‬ورئيس مجلس المجموعة فيما يخص مجموعة الجماعات‬

‫‪146‬‬
‫التنفيذي للجماعة الترابية‪ ،‬واآلمر بصرفها الرئيسي‪ ،‬فهو الذي يتولى تنفيذ مقررات المجلس التداولي فيما‬
‫يخص التصرفات المادية والمالية‪ ،‬ويسهر على مراقبة تنفيذها‪ ،‬ويحدد سعر الضرائب والرسوم وتعرفة‬
‫الوجيبات ومختلف الحقوق المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وإبرام الصفقات‬
‫العمومية الجماعية والعقود اإلدارية والقروض‪ ،‬وقبول الهبات والوصايا‪ ،‬وتدبير الملك الجماعي الخاص‬
‫والعام‪ ،‬وتحويل االعتمادات‪ ،‬وإعداد الحساب اإلداري فيما يخص تصفية الميزانية الجماعية ليتم التداول‬
‫فيه من طرف المجلس التداولي وقبوله أو رفضه (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم بعد ذلك يعرض على سلطات‬
‫الوصاية من أجل المصادقة عليه (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الترابي أمام المجلس التداولي‬

‫إذا كانت الميزانية المحلية تعتبر ترجمة رقمية وحسابية لتنفيذ المخططات التنموية بالنسبة‬
‫‪395‬‬
‫سواء على‬ ‫للجماعة الترابية‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن يمنح حق االطالع والرقابة للمعنيين مباشرة بتنفيذها‪،‬‬
‫مستوى المسؤولين عن إعدادها أو من يفترض فيهم أن يكونوا موضوعا لها أو المستفيدين منها‪.‬‬
‫قبل أن تكون‬ ‫‪396‬‬
‫فمسؤولية اآلمر بالصرف الجماعي تعتبر ذات أساس سياسي بالدرجة األولى‪،‬‬
‫مسؤولية مالية‪ ،‬إدارية وقضائية‪ .‬فالمنتخب المحلي يتموقع في مركز المسؤولية من وجهة نظر الناخب‪،‬‬
‫سواء كان مستشا ار جماعيا أو مواطنا عاديا أو ناخبا بالدرجة األولى بجماعته ومعنيا بالتدبير المالي‬
‫المحلي‪.‬‬

‫فالمسؤولية هنا تكون ذات طابع ذاتي شخصي وسياسي محض‪ ،‬يمارسها أعضاء الجماعات المحلية‬
‫على الهيئة التنفيذية مجسدة في شخص الرئيس أو العامل أو الوالي حسب الحاالت‪ ،‬بصفتهم آمرين‬
‫بالصرف المسؤولين‪ ،‬وفي هذا اإلطار يقول روبرت هيرتزوك "‪ "R. Hertzog‬بأن المنتخبين بالمجالس‬
‫الجماعية يتحملون مسؤوليات متعددة وعلى رأسها المسؤولية السياسية أمام المجلس التداولي وأمام الرأي‬
‫‪397‬‬
‫العام وأمام القاضي اإلداري والمالي‪.‬‬

‫فالمجلس المنتخب والممثل للسكان والممارس لالختصاصات التقريرية للجماعة ال يمكن أن يؤدي مهامه‬
‫في مجال تدبير الشؤون المحلية‪ ،‬وتحقيق التنمية وهو بعيد عن المراقبة والمحاسبة من طرف الجهات‬
‫المعنية أو من طرف السكان والمجتمع المدني فالمواطن المحلي هو هدف وموضوع هذه التنمية‪ ،‬لهذا‬
‫فالق اررات التي يتخذها اآلمر بالصرف الجماعي يجب أن تكون في صلب اهتماماته االجتماعية‬

‫المحلية‪ ،‬ورئيس لجنة التعاون المشتركة بين الجهات فيما يخص لجان التعاون المشتركة بين الجهات‪ ،‬ورئيس مجلس المقاطعة بالنسبة لمجالس‬
‫المقاطعات"‪.‬‬
‫‪395‬‬
‫‪MAGNET (J) : "Cours des comptes et les institutions associées : Traité de la juridiction financière et ses‬‬
‫‪fonctions", Edition Berger Levrault, 2ème édition, Paris, 1971, p : 38.‬‬
‫‪396‬‬
‫‪PAYSANT (A) : "Finances locales", P.U.F, 1993, p : 248.‬‬
‫‪397‬‬
‫‪HERTZOG (R) : "Définir les obligations de l'administrateur moderne pour rénover la responsabilité des‬‬
‫‪ordonnateurs", in R.F.F.P n°92, Novembre 2005, p:133 et suite.‬‬

‫‪147‬‬
‫‪398‬‬
‫واالقتصادية‪ .‬وهذا ما يفرض على المواطنين داخل الوحدات الترابية االطالع بمهام المراقبة والمشاركة‬
‫‪399‬‬
‫كما جاء في دستور سنة ‪ ،2011‬مما يفرض على الجماعة‬ ‫عن طريق تقديم المالحظات والعرائض‬
‫‪400‬‬
‫رصد تطلعات المواطنين والعمل على بلورة هذه التطلعات في برامجها التنموية‪.‬‬

‫فتفاعل الجماعات الترابية مع محيطها ومع المعنيين مباشرة بعملها وبنشاطها ومشاريعها‬
‫االقتصادية واالجتماعية والتنموية هو جوهر العمل الجماعي‪ .‬فإبداء الرضى بالتصويت على بنود‬
‫الميزانية المحلية ومخططاتها هو بمثابة منح الثقة لرئيس الجماعة من أجل اتخاذ التدابير واإلجراءات‬
‫الالزمة لتنفيذ مقررات المجلس‪ .‬أما في حالة رفض وامتناع المجلس عن التصويت على هذه البرامج‬
‫والمشاريع والمخططات المحلية‪ ،‬فهذا يعتبر جزاء سياسيا لمعاقبة اآلمر بالصرف الجماعي عن مخالفته‬
‫لتوجهات ورؤية سكان الوحدة الترابية عن طريق ممثليهم بالمجلس‪.‬‬

‫وقد أوردت النصوص القانونية المنظمة للجماعات المحلية وهيئاتها وكذا النصوص المتعلقة‬
‫بالتنظيم المالي المحلي اختصاصات المجالس المنتخبة بعبارات فضفاضة وغامضة‪ ،‬مما جعلها أقرب إلى‬
‫المساهمة الشكلية في إعداد الميزانية‪ ،‬ومراقبة هذا اإلعداد من طرف ممثلي السكان‪ ،‬فقد أحال المشرع في‬
‫الجماعي‪.‬‬ ‫‪401‬‬
‫هذا اإلطار على الضوابط القانونية التي نص عليها القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق‬
‫فهذه الضوابط التي أحال عليها المشرع لم تعط أي دور واضح للمجالس المنتخبة في إعداد مشروع‬
‫الميزانية أو فيما يخص مراقبة اإلعداد‪ ،‬واكتفى فقط بتحديد الدور في دراسة المشروع والتصويت عليه بعد‬
‫‪402‬‬
‫إعداده‪.‬‬

‫وفي ظل غ ياب نص تنظيمي متعلق بإعداد وتنفيذ الميزانية المحلية على غرار الميزانية العامة‬
‫‪404‬‬ ‫‪403‬‬
‫مما يجعل دور المجالس في اإلعداد والمراقبة‬ ‫رغم ما يشوب هذا األخير من نقائص وثغرات‬ ‫للدولة‬

‫ينص الفصل ‪ 139‬من دستور ‪ 2011‬في فقرته األولى على أنه ‪" :‬تضع مجالس الجهات‪ ،‬والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬آليات تشاركية للحوار‬ ‫‪398‬‬

‫والتشاور‪ ،‬لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها"‪.‬‬
‫أما الفقرة الثانية من نفس المادة ‪ 139‬فتنص على أنه ‪" :‬يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض‪ ،‬الهدف منها مطالبة المجلس‬ ‫‪399‬‬

‫بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله"‪.‬‬


‫ديالوي لحسن ‪" :‬الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب ومسألة التواصل"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد‬ ‫‪400‬‬

‫هللا‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ ،2007-2006 ،‬ص ‪.46 :‬‬


‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.297‬الصادر بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬كما وقع تتميمه وتغييره‬ ‫‪401‬‬

‫بالظهير الشريف رقم ‪ 1.08.153‬الصادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ ،17.08‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬
‫‪402‬‬
‫‪ZONON (A) : "L'étendue du pouvoir de décision de l'ordonnateur dans l'autonomie financière du Budget des‬‬
‫‪collectivités locales", Mémoire de fin de formation, E.N.A, France, 1998-1999, p : 3.‬‬
‫‪ 403‬القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7.98‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.98.138‬بتاريخ ‪ 26‬نونبر ‪ ،1998‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4644‬بتاريخ ‪3‬‬
‫دجنبر ‪.1998‬‬
‫من بين هذه الثغرات والنقائص الجدولة الزمنية التي يقدم بها القانون المالي وشكل تقديم قانون التصفية أمام البرلمان خصوصا بعدما ألزم‬ ‫‪404‬‬

‫الفصل ‪ 76‬من دستور ‪ 2011‬الحكومة يعرض قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية‪ ،‬خالل السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ القانون المالي‪.‬‬
‫االعتماد على "منطق النتائج" عوض "المنطق التدبيري البيروقراطي" المبني على تدبير االعتمادات عبر صرفها وفق جداول زمنية واستهالكية‪،‬‬
‫على عكس "منطق النتائج" الذي يضع في صلب اهتمامه تحقيق نتائج وأهداف وبرامج ذات أبعاد تنموية متكاملة‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫شكليا وال يشمل األمور الجوهرية‪ ،‬ويبقى دور الرئيس مهيمنا على مسطرة إعداد المشاريع المحلية وتنفيذها‬
‫‪405‬‬
‫وما يزيد في غموض األدوار هو أن النصوص‬ ‫مما يطرح الصراع المرير بين مكونات المجلس‪.‬‬
‫القانونية لم تعط لآلمرين بالصرف اختصاص اإلعداد‪ ،‬وإنما التنفيذ ومنها "تنفيذ الميزانية ووضع الحساب‬
‫‪406‬‬
‫فهي لم تمنح أي دور واضح لرؤساء المجالس المحلية في مسار إعداد الميزانية ومراقبتها‬ ‫اإلداري"‪.‬‬
‫وحصرت بشكل جلي اختصاص الجهاز التنفيذي في تنفيذ الميزانية‪ ،‬ولم تشر إلى مسألة اإلعداد‬
‫ومساطرها‪ ،‬وهو ما يؤكد مسألة الفراغ القانوني في هذا المجال الذي أحدثه غياب نص تنظيمي ينصب‬
‫رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي‬ ‫‪407‬‬
‫على إعداد وتنفيذ الميزانيات المحلية‪ ،‬إال أنه بعد صدور القانون‬
‫للجماعات المحلية ومجموعاتها سنة ‪ ،2009‬والمرسوم المتعلق بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات‬
‫يكون بذلك قد استجاب المشرع لسد هذه الثغرات التي سبقت هذا‬ ‫‪408‬‬
‫المحلية ومجموعاتها سنة ‪2010‬‬
‫التاريخ‪ .‬فهو قد منح السلطة الكاملة اآلن لألجهزة التنفيذية –اآلمرون بالصرف‪ -‬إلعداد الميزانية المحلية‬
‫‪409‬‬
‫المجالس المحلية بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية‬ ‫وتنفيذها‪ ،‬وبالتالي أعطى االختصاص لرؤساء‬
‫ومجموعاتها‪ ،‬والوالة والعمال فيما يخص باقي الجماعات الترابية األخرى المتمثلة في الجهات والعماالت‬
‫واألقاليم‪ .‬وإذا كان لرؤساء الجماعات الترابية كامل السلطة والصالحية في إعداد وتنفيذ الميزانية المحلية‪،‬‬
‫وهيمنتهم قانونيا وعمليا في ظل القانون الحالي على هذه المسطرة‪ ،‬فإنه بالمقابل سمح للمجلس المنتخب‬
‫بالتدخل عبر الرقابة السياسية ذات المضمون القانوني في إقرار أو رفض الميزانية (أ)‪ ،‬أو عبر العمل‬
‫الفعلي وسلطة الرقابة والجزاء من خالل التصويت على الحساب اإلداري رفضا أو قبوال (ب)‪.‬‬

‫إال أن اإلشكال الذي يطرح هو أن المجالس المحلية ليست من فئة واحدة ومجالسها التنفيذية كذلك ليست‬
‫من نفس الفئة أيضا‪ ،‬فهناك رؤساء المجالس المنتخبة ورؤساء المجالس المعينة وهم ما سماهم المشرع في‬
‫قانون ‪ 45.08‬باآلمرين بالصرف‪ ،‬فكيف إذن يمكن تطبيق الجزاء عبر إقرار الميزانية من عدمه ورفض‬
‫الحساب اإلداري من قبوله ؟‬

‫فإصالح القانون التنظيمي للمالية أصبح ضرورة ملحة لمالءمة مقتضياته مع فصول الدستور الجديد‪ ،‬وقد نص صراحة في الفصل ‪ 77‬على الحفاظ‬
‫على توازن مالية الدولة وذلك عبر ترجمة روح هذا الفصل ليتالءم مع مقتضيات القانون التنظيمي الذي لم يعد يواكب المقتضيات الجديدة التي جاء‬
‫بها دستور‪.2011‬‬
‫على سبيل المثال ال الحصر نذكر المجلس الجماعي لمدينة طنجة والصراع المرير بين األغلبية المسيرة والمعارضة حول الحساب اإلداري لسنة‬ ‫‪405‬‬

‫‪.2011‬‬
‫المادة ‪ 47‬من الميثاق الجماعي لسنة ‪( 2002‬قانون ‪ )78.00‬والمادة ‪ 46‬من قانون ‪ 79.00‬المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم والمادة ‪ 55‬من‬ ‫‪406‬‬

‫قانون ‪ 96-47‬المتعلق بتنظيم الجهات‪.‬‬


‫ظهير شريف رقم ‪ 1.09.02‬الصادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪،‬‬ ‫‪407‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬


‫مرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪08‬‬ ‫‪408‬‬

‫فبراير ‪.2010‬‬
‫تنص المادة ‪ 16‬في الفقرة األولى من قانون ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها على أنه ‪" :‬تحضر الميزانية من‬ ‫‪409‬‬

‫لدن رئيس المجلس بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية ومجموعاتها‪ ،‬ومن طرف اآلمر بالصرف بالنسبة للجهات والعماالت واألقاليم"‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫هذا اإلشكال على المشرع اإلجابة عنه في القريب العاجل‪ ،‬وقد جاءت نصف اإلجابة في تقرير‬
‫‪410‬‬
‫ومن بين الخطوط العريضة لهذا التقرير التدبير الديمقراطي‬ ‫اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫لشؤون الجهات المدعم بالديمقراطية التمثيلية وتقوية االختصاصات التقريرية والتنفيذية للمجالس المنتخبة‬
‫بشكل منفتح ومتدرج‪ ،‬مع احترام المساواة القانونية بين الجماعات واالختصاصات المخولة لكل جماعة مع‬
‫تكريس مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫أما النصف اآلخر من اإلجابة جاء به دستور ‪ 2011‬في بابه التاسع حول الجهات والجماعات‬
‫الترابية األخرى‪ ،‬ومن بين الخطوط العريضة التي جاء بها هذا الباب هو انتخاب مجالس الجهات‬
‫والجماعات باالقتراع العام المباشر والقيام بتنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها‪ ،‬ولم يبق فقط سوى‬
‫‪411‬‬
‫المتعلقة بكل هذه المساطر واإلجراءات‪.‬‬ ‫صدور القوانين التنظيمية‬

‫أ ‪ :‬الرقابة السياسية ذات المضمون القانوني في إقرار أو رفض الميزانية‬

‫يعتبر تحضير مشروع الميزانية من اختصاص رئيس المجلس الجماعي بحكم القانون‪ ،‬وبعد‬
‫االنتهاء من التحضير‪ ،‬يحال المشروع على المجلس التداولي للحسم فيه إما بالقبول أو الرفض‪.‬‬
‫فالنصوص القانونية المنظمة للجماعات المحلية وهيئتها تنص على دور المجالس في دراسة مشاريع‬
‫الميزانية والتصويت عليها وترك مسألة اإلعداد والتنفيذ لآلمر بالصرف‪ ،‬وبالتالي فإن هذا االختصاص‬
‫يعتبر مجاال مناسبا إلجراء مراقبة سياسية على المشروع الذي يعرضه الرئيس على المجلس بهذا الصدد‪.‬‬
‫ومن الناحية القانونية والنظرية يفترض أن يشكل التصويت على الميزانية المحلية الموضوع األكثر إثارة‬
‫وحساسية داخل الحياة السياسية للجماعة الترابية‪ ،‬فهذه اللحظة تعتبر مناسبة سانحة أمام المجلس عامة‬
‫وأمام المعارضة خاصة إلثارة وتحريك المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الجماعي عن طريق رفض أو‬
‫معارضة مشروع الميزانية‪ ،‬فمن خالل المناقشة والتداول بخصوص بنود الميزانية ومختلف المعطيات‬
‫المتعلقة بالتقديرات والبرامج التنموية والمخططات الجماعية تطرح وجهات النظر المختلفة بين األغلبية‬
‫والمعارضة حول هذه البرامج ومدى قابليتها للتحقيق‪ ،‬ومدى انسجامها مع وجهات النظر األغلبية‬
‫والمعارضة‪ .‬وإذا كان المشرع المغربي قد أغفل التنصيص صراحة على دور المجالس المنتخبة في مراقبة‬
‫والقوانين األخرى‪ ،‬فإنه بالمقابل وضع آليات‬ ‫‪412‬‬
‫برمجة مشاريع الميزانية‪ ،‬إال ما جاء عاما في الدستور‬
‫يمكن استعمالها للتأكيد على أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به أعضاء المجالس المحلية في إقرار أو‬
‫رفض المشاريع المدرجة بالميزانية‪.‬‬

‫فحسب المادتين ‪ 36‬و‪ 37‬من الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬والتي تنصان على أن المجلس‬

‫هذا التقرير منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ ،241‬الطبعة األولى‪ ،2011 ،‬سلسلة نصوص ووثائق‪.‬‬ ‫‪410‬‬

‫ينص الفصل ‪ 146‬من دستور ‪ 2011‬على حوالي ‪ 10‬نصوص تنظيمية سوف تتعلق الجهات و الجماعات الترابية األخرى‪.‬‬ ‫‪411‬‬

‫من خالل الفصل ‪ 139‬الفقرة األولى من دستور ‪" : 2011‬تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬آليات تشاركية للحوار والتشاور‪،‬‬ ‫‪412‬‬

‫لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها‪."...‬‬

‫‪150‬‬
‫يفصل بمداوالته في قضايا الجماعة‪ ،‬ويتخذ جميع التدابير الالزمة لضمان تنميتها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬وعلى هذا األساس يدرس مخطط التنمية االقتصادية واالجتماعية للجماعة‪ ،‬ومن خالله يمكن‬
‫أن يفرض سلطاته في مراقبة مدى تطابق هذه المخططات مع التوجهات الكبرى التي وضعت كإطار عام‬
‫خالل مدة والية المجلس‪ .‬فالجهاز التنفيذي في هذه الحاالت يتعين عليه مراعاة هذه التوجهات أثناء‬
‫تحضير الميزانية‪ .‬ويكون هذا المشروع مذيال وجوبا بتقرير رئيس أو مندوب لجنة المالية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫التقرير الذي يعده مقرر الميزانية حول التوجهات األساسية للمشروع‪ ،‬مما يسهل على المجلس إعطاء‬
‫صورة شاملة وواضحة على مشروع هذه الميزانية‪ ،‬وبالتالي يكون رئيس المجلس قد حرس على احترام‬
‫‪413‬‬
‫ووضعيتها االقتصادية‬ ‫وجهات نظر المجلس من خالل مالءمة المشروع لحاجيات الجماعة‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫وفي واقع األمر تبقى المقتضيات القانونية والتنظيمية مطبوعة بنوع من الغموض الذي يكتنف‬
‫مدى الصالحيات المخولة للمجالس المحلية لمراقبة إعداد وتنفيذ الميزانية المحلية على عكس بعض‬
‫األنظمة القانونية المقارنة التي تعطي صالحيات أوسع وأكبر للمنتخبين بهذا الخصوص‪ ،‬فالنظام‬
‫الجماعي الفرنسي على سبيل المثال قد طور منظومته القانونية في اتجاه تقوية صالحيات المنتخبين‬
‫الجماعيين‪ ،‬وأكد على مشاركتهم في إعداد الميزانية والمشاريع المحلية‪ ،‬واألكثر من ذلك هو أن التعديالت‬
‫الفرنسي سنة ‪ 2002‬قد همت تقوية المشاركة الديمقراطية على‬ ‫‪414‬‬
‫األخيرة التي شهدها القانون الجماعي‬
‫مستوى إعداد البرامج والمشاريع وتقييمها بالنظر للمصلحة العامة المحلية من خالل مراقبة ترشيد النفقات‬
‫‪415‬‬
‫وتبسيط المساطر واإلجراءات‪.‬‬

‫أما في بلجيكا فاالتجاه العام للمشرع هو منح االختصاص العام للمجالس المحلية في برمجة‬
‫وهذه المخططات تضعها مجالس الجماعات‪ ،‬تحدد فيه المحاور الكبرى للسياسة‬ ‫‪416‬‬
‫مخططات التدبير‪،‬‬
‫المالية للجماعة المحلية التي تمتد على مدى خمس سنوات مالية ومجمل القول بأن التصويت على‬
‫الميزانية الجماعية من طرف أعضاء المجلس الجماعي يحظى بأهمية بالغة يكون لها انعكاسات مباشرة‬
‫وغير مباشرة على المسؤولية السياسية التي يتحملها اآلمر بالصرف الجماعي‪ ،‬فهذا التصويت يمنح له‬
‫القوة والمشروعية لتنفيذ المخططات الجماعية‪ ،‬وبالتالي تحقيق إرادة الناخبين‪ ،‬أما في حالة رفض‬
‫التصويت‪ ،‬فهذا األمر ينعكس على اآلمر بالصرف وسوف يحرج أمام ناخبيه لعدم تمكنه من تمرير‬
‫مشروعه الجماعي‪ ،‬وبالتالي يطرح إشكال تعطيل العمل بالميزانية لعدم التصويت‪ ،‬مما يترتب عنه آثار‬
‫وعواقب سياسية وقانونية‪.‬‬

‫‪ 413‬المهدي بنمير ‪" :‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب"‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش ‪ ،1994‬ص ‪.144 :‬‬
‫‪414‬‬
‫‪Loi n°2002-276 du 27 février 2002 paru au J.O. n°50 du 28 février 2002 concernant la loi sur la démocratie‬‬
‫‪du proximité du 27 février 2002.‬‬
‫‪415‬‬
‫‪Voir le rapport de l'assemblée nationale sur le projet de loi n°3089 relatif à la démocratie de proximité".‬‬
‫‪Rapport n°3113 du 12 juin 2001.‬‬
‫‪416‬‬
‫‪Voir le "Code de la démocratie locale et de la décentralisation" de la Belgique, dans le décret du Parlement‬‬
‫‪Wallon, M.B. du 12 Août 2004, p : 59699, et M.B. du 22 mars 2005, p : 12262.‬‬

‫‪151‬‬
‫اآلثار السياسية‪ :‬تتمثل اآلثار السياسية المترتبة عن عدم التصويت على الميزانية المحلية وإقرارها‪ ،‬في‬
‫عدم استقرار الوضع التدبيري للشأن المحلي‪ ،‬فالمجلس التداولي يعتبر جها از سياسيا يمارس حق الرقابة‬
‫على المالية المحلية‪ ،‬من خالل التصويت أو رفضه‪ ،‬فهذا الجهاز نابع من قلب الجماعة المحلية‪ ،‬ويمثل‬
‫توجها سياسيا معينا‪ ،‬فمن حق هذا الجهاز أن يقوم بتحديد وتقييم ما تم تجميعه من معطيات إحصائية‬
‫ومشاريع تنموية للجماعة‪.‬‬

‫فالمجلس التداولي يمارس رقابة سياسية على الميزانية المحلية‪ ،‬من خالل حقه في التصويت‬
‫عليها وفقا لتوجهاته السياسية‪ ،‬فهذا التصويت يعد بمثابة ترخيص قانوني لتنفيذ الميزانية من خالل اإلنفاق‬
‫والتحصيل‪ .‬وهذه العمليات كلها لها تأثير سياسي مباشر أو غير مباشر على الساكنة أو ما يسمى "بالكتلة‬
‫الناخبة"‪.‬‬

‫وإذا كان األمر يتسم بالوضوح في مجال اآلثار السياسية للمجلس التداولي على اآلمر بالصرف‬
‫الجماعي وعلى ميزانية الجماعة التي يوجد على رأسها آمر بالصرف منتخبا وهي الجماعات الحضرية‬
‫والقروية‪ ،‬فإن الوضع ليس كذلك أثناء الحديث عن التأثير السياسي بالنسبة لميزانية الجهات والعماالت‬
‫واألقاليم ‪ ،‬فاألمر يثير بعض اإلشكاالت المتعلقة بدور الوالة و العمال في إعداد وتنفيذ ميزانيات الجهات‬
‫و العماالت واألقاليم ‪ ،‬وهم سلطة معنية وليست منتخبة‪ .‬وحتى وإن كانت باقي الهياكل المكونة للمجلس‬
‫هيئات منتخبة‪ ،‬إال أن اختصاصاتها محصورة واستشارية‪ .‬فالنص الدستوري لسنة ‪ 1996‬ومن خالل‬
‫الفصل ‪ 101‬منه الذي جعل من العمال سلطة يتولون إعداد وتنفيذ ق اررات مجالس العماالت واألقاليم‬
‫والجهات‪ .‬إال أن ما جاء به دستور ‪ 2011‬فيما يخص هذه اإلشكالية قد يحل المسألة بعد خروج قانون‬
‫الجهوية الموسعة إلى حيز الوجود باإلضافة إلى الجماعات الترابية االخرى‪.‬‬

‫اآلثار القانونية ‪ :‬بعد إعداد مشروع الميزانية المحلية‪ ،‬يتم تقديمه من أجل المصادقة‪ ،‬والتي تحيل في‬
‫التعبير المالي إلى الموافقة وعدم االعتراض من قبل السلطة التي أوكل لها القانون هذا الحق‪ ،‬بحيث‬
‫يصوت المجلس المنتخب في البداية على المشروع إما إيجابا أو سلبا‪ ،‬ونتيجة التصويت تستتبعها آثار‬
‫‪417‬‬
‫ففي حالة عدم التصويت على الميزانية المحلية في التاريخ المحدد المنصوص عليه في المادة‬ ‫قانونية‪.‬‬
‫‪ 16‬من قانون التنظيم المالي الجماعي الجديد رقم ‪،45.08‬و هو ‪ 15‬نونبر فإن المجلس يستدعي داخل‬
‫أجل ‪ 15‬يوما ابتداء من تاريخ االجتماع الذي تم خالله رفض الميزانية‪ .‬فهذه المرحلة تعتبر أساس‬
‫وجوهر اختصاص المجالس المنتخبة في هذا المجال‪ ،‬وإذا كان التصويت السلبي على مشروع الميزانية‬
‫يعد في الواقع العملي نوعا من العقاب السياسي للجهاز التنفيذي‪ ،‬فإنه في المقابل يفترض أن يشكل نوعا‬
‫من الرقابة السياسية واإلدارية التي يجريها المجلس التداولي في هذا السياق‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار فالمشرع المغربي لم يعالج قضية رفض الميزانية أو التصويت السلبي من‬

‫كريم لحرش ‪" :‬تدبير مالية الجماعات المحلية ‪.........................................‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.136 :‬‬ ‫‪417‬‬

‫‪152‬‬
‫زاوية قانونية محضة‪ ،‬وإنما اقتصر فقط على المقتضيات المتعلقة باألساس بحاالت عدم جاهزية الميزانية‬
‫وحاالت عدم‬ ‫‪418‬‬
‫قبل فاتح يناير من السنة المالية المعتمدة‪ .‬فهو لم يفرق بين حاالت التصويت السلبي‬
‫‪419‬‬
‫فهذه األخيرة تعتبر أن إصدار الترخيص المتعلق باالستمرار في‬ ‫المصادقة من قبل سلطات الوصاية‪.‬‬
‫تحصيل المداخيل وصرف النفقات على قاعدة الجزء الثاني عشر ‪ 12/1‬إنما الهدف منه هو الحفاظ على‬
‫استم اررية المرفق العمومي الجماعي‪ ،‬وهذا يطرح إشكاال وفراغا قانونيا‪ ،‬فسلطات الوصاية لما حددت‬
‫مجال تطبيق الترخيص الخاص بحاالت التصويت اإليجابي للمجالس التداولية على مشاريع الميزانيات‬
‫المحلية دون المصادقة عليها قبل فاتح يناير من السنة المالية المعنية‪ ،‬فهي بالتالي لم تأت بحل لإلشكال‬
‫الناتج أصال عن التصويت برفض مشروع الميزانية المحلية‪ ،‬والتي اعتبرت أن إصدار هذا الترخيص بهذه‬
‫‪420‬‬
‫وبالتالي سيؤدي ال محالة إلى وقف النشاط المالي للجماعة الحلية لعدم‬ ‫المناسبة يعد غير قانوني‪،‬‬
‫تحصيل المداخيل وصرف النفقات إلى حين التصويت على الميزانية المحلية من قبل المجلس‪ .‬أما في‬
‫حالة تعرض سلطات الوصاية على مقررات المجالس المحلية المنتخبة‪ ،‬وإذا كانت النصوص القانونية قد‬
‫نصت على إمكانية إعادة سلطات الوصاية لهذه المقررات التي تم التصويت عليها إلى المجلس من أجل‬
‫‪421‬‬
‫فالنص القانوني لم يحدد مآل هذا المشروع‪ ،‬وما يتعين عمله في حالة تمسك المجلس‬ ‫إعادة قراءتها‪،‬‬
‫التداولي بموقفه الرافض بعد القراءة الثانية‪ .‬فالنص القانوني لم ينص على ما يتوجب فعله في هذه الحالة‪،‬‬
‫وإنما نص فقط على إصدار ترخيص خاص بقرار لسلطات الوصاية يتضمن استمرار تنفيذ العمليات‬
‫المالية من مداخيل ومصاريف وفق شكليات معينة‪ ،‬وقد تنتهي السنة المالية دون اعتماد الميزانية المحلية‬
‫والمصادقة عليها‪ .‬ففي بعض األنظمة المقارنة حاولت ضبط اآلثار القانونية لهذا الرفض وهذا الفراغ‪،‬‬
‫ومنحت سلطات الوصاية سلطة الحلول محل المجالس المنتخبة‪ ،‬من أجل إقرار الميزانية المتنازع بشأنها‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الموريتاني في المادة ‪ 65‬من قانون البلديات لسنة ‪.1987‬‬

‫وإذا كان إشكال الفراغ القانوني يطرح على مستوى دور المجالس المنتخبة في إعداد الميزانية‪،‬‬
‫فإن حدود التداول في مشروع الميزانية يطرح بدوره بعض الفراغات القانونية‪ ،‬فإمكانية إدخال تعديالت‬
‫على مشروع الميزانية أثناء التداول لم يأت به أي من المقتضيات القانونية المنظمة للمالية المحلية وهو ما‬
‫‪422‬‬
‫يثير في بعض األحيان جدال بين المجالس المنتخبة والهيئات التنفيذية‪.‬‬

‫وفي هذا السياق ال نجد في النصوص القانونية ما يفيد السماح للمجالس الجماعية باقتراح أو‬
‫اعتماد تعديالت على مشاريع الميزانية المقترحة‪ ،‬وهو ما فسح المجال أمام سلطات الوصاية لتتدخل على‬

‫مذكرة وزير الداخلية عدد ‪ 137‬حول رفض الموافقة على ميزانيات الجماعات القروية‪ ،‬مديرية الميزانية المحلية بتاريخ ‪ 1999/10/28‬ص ‪.1 :‬‬ ‫‪418‬‬

‫المادتان ‪ 20‬و‪ 21‬من قانون ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬ ‫‪419‬‬

‫مذكرة وزير الداخلية عدد ‪......................،137‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2 :‬‬ ‫‪420‬‬

‫المادة ‪ 70‬من الميثاق الجماعي رقم ‪ 78.00‬لسنة ‪ 2002‬كما تم تغييره وتتميمه‪.‬‬ ‫‪421‬‬

‫عبد اللطيف بروحو ‪" :‬ميزانية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام اإلدارة والتنمية‪،‬‬ ‫‪422‬‬

‫كلية الحقوق بطنجة جامعة عبد المالك السعدي‪ ،2009-2008 ،‬ص ‪.129 :‬‬

‫‪153‬‬
‫مستوى مجالس الجهات لتضع ترتيبات تتعلق بهذا المقتضى‪ ،‬بحيث ربطت اقتراح هذه التعديالت باحترام‬
‫التوازن المالي للميزانية المحلية‪ ،‬وجعلت الموافقة على التعديالت تتم بمعزل عن المشروع المقترح‪ ،‬وبالتالي‬
‫يتم التصويت عليها قبل التصويت على مشروع الميزانية برمته‪ .‬وقد تكيف سلطات الوصاية التصويت‬
‫بالرفض على الميزانية من قبل أعضاء المجلس على أنه تهديد‪423‬لمصالح الجماعة وتعطيل السير العادي‬
‫‪424‬‬
‫إال أن بعض أساتذة‬ ‫للمرافق الجماعية‪ ،‬وبالتالي يستوجب توقيف المجلس برمته بما فيه الرئيس‪.‬‬
‫القانون العام و المهتمين بالشأن المالي المحلي‪425‬يرون أن الشروط القانونية لمباشرة سلطة الحلول تتجلى‬
‫في أمرين أساسيين هما‪:‬‬

‫أن تكون الهيئة الالمركزية قد رفضت القيام بالعمل الذي تلتزم به قانونا أو تكون قد أهملت‬
‫القيام به على األقل‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 47‬من قانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالتنظيم الجماعي‪ .‬ثم‬
‫التماس سلطات الوصاية القيام بالمهام من طرف الرئيس أي إصدار إنذار للهيئة الالمركزية لتنفيذ‬
‫التزاماتها القانونية‪.‬‬

‫ومجال سلطة الحلول نوعان هما المجال اإلداري الذي يجيزه القانون استثناء للجهة الوصائية‬
‫ألن يقوم مقام الهيئة الالمركزية في حالة عدم قيامها بتنفيذ األعمال اإلدارية المكلفة بها قانونا‪ ،‬وذلك من‬
‫‪426‬‬
‫والمجال المالي والذي تشكل المالية المحلية مجاله الخصب عبر‬ ‫أجل حماية المصلحة العامة المحلية‪.‬‬
‫من القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها‬ ‫‪427‬‬
‫سلطة القيد التلقائي حسب المادة ‪42‬‬
‫رقم ‪ 45.08‬الصادر سنة ‪.2002‬‬

‫هذا فيما يخص إقرار الميزانية المحلية أو رفضها‪ ،‬فماذا عن الحساب اإلداري الذي تختتم به‬
‫الميزانية المحلية ؟‬

‫ب ‪ :‬المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الجماعي عن الحساب اإلداري‬

‫يبدو أن دور المجالس الجماعية أثناء عملية تنفيذ الميزانية المحلية محدود األثر والتأثير‪ ،‬إال أن لهذه‬
‫المجالس بصفتها هيئات للرقابة السياسية دو ار ال يمكن إنكاره‪ ،‬يسلط على تصرفات وأعمال اآلمرين‬

‫محمد اليعقوبي ‪" :‬المسؤولية عن األضرار الناتجة عن ممارسة سلطة الوصاية في حالة الحلول"‪ ،‬أشغال ندوة مستقبل الجماعة المحلية على‬ ‫‪423‬‬

‫ضوء مشروع إصالح الميثاق الجماعي‪ 4 ،‬دجنبر ‪ ،1999‬مطبعة أنفو برينت‪ ،‬ص ‪.133 :‬‬
‫قرار وزير الداخلية رقم ‪ 1173-02‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ 2002‬الذي يقضي بتوقيف رئيس جماعة آيت عيسى أمحان بإقليم الصويرة‬ ‫‪424‬‬

‫بسبب رفض التصويت على ميزانية ‪ ،2002‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5031‬بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪.2002‬‬
‫محمد األعرج ‪" :‬حلول السلطة المحلية محل رؤساء الجماعات المحلية في مجال الصرف المالي"‪ ،‬تعاليق على أحكام‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬ ‫‪425‬‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬يوليوز‪ -‬غشت عدد ‪ ،2007-75‬ص ‪ 143 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫حكم إدارية الرباط عدد ‪ 549‬بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 2004‬منشور مقتضب بالمجلة م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد ‪ ،2007 ،75‬ص ‪.147 :‬‬ ‫‪426‬‬

‫تنص المادة ‪ 42‬في فقرتها الثانية من قانون ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها على ما يلي ‪" :‬تقوم سلطة‬ ‫‪427‬‬

‫الوصاية تلقائيا بتسجيل كل نفقة إجبارية لم يتم إدراجها بميزانية الجماعة المحلية ومجموعاتها‪ ،‬وتتخذ لهذا الغرض كل تدبير ضروري بما في ذلك‬
‫حذف نفقة غير إجبارية"‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫بالصرف‪ .‬ويعتبر الحساب اإلداري في واقع األمر آلية من آليات الرقابة‪ ،‬ووسيلة إلثارة المسؤولية‬
‫السياسية لآلمرين بالصرف بالجماعات الترابية‪ ،‬إال أن تطبيق واستعمال هذه اآللية يتطلب نوعا من‬
‫الشروط والجرأة السياسية‪ ،‬ومعرفة تامة بشروط تنفيذ الميزانية الجماعية‪ .‬وللوقوف على آثار وإشكاالت‬
‫الحساب اإلداري سوف نتطرق إلى التصويت والمصادقة باإليجاب أو الرفض على الحساب اإلداري‬
‫(أوال)‪ ،‬ثم آثار هذا التصويت واإلشكاالت التي يطرحها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ -‬المصادقة على الحساب اإلداري باإليجاب أو الرفض‪:‬‬

‫ينص القانون المتعلق بالتنظيم المالي المحلي رقم ‪ 45.08‬على أن اآلمر بالصرف يعد عند‬
‫نهاية كل سنة مالية الحساب اإلداري للنفقات والمداخيل‪ ،‬ويعرضه للدرس على اللجنة الدائمة المختصة‬
‫للمجلس (‪)10‬عشرة أيام على األقل قبل عرضه على المجلس التداولي للتصويت عليه خالل الدورة‬
‫العادية األولى الموالية‪.‬‬

‫فاآلمر بالصرف الجماعي بصفته السلطة التنفيذية للجماعة الترابية يقوم بموجب المقتضيات‬
‫القانونية بتحضير الوثيقة المالية والمحاسبية التي تتجلى في الحساب اإلداري باعتباره قاعدة المسؤولية‬
‫‪428‬‬
‫المالية عن التصرفات المتعلقة بتنفيذ الميزانية المحلية‪.‬‬

‫وبعد حصر الحسابات المادية والمحاسباتية في وثيقة واحدة‪ ،‬تحال على اللجنة الدائمة لدى‬
‫‪429‬‬
‫المجلس والمكلفة بالمالية والميزانية قصد الدراسة التمهيدية وقبل إحالتها على المجلس التداولي‪،‬‬
‫ويتوجب على اآلمر بالصرف الجماعي خالل هذه المرحلة وضع كافة السجالت والبيانات والمعطيات‬
‫المتعلقة بالصفقات والمخططات رهن إشارة هذه اللجنة‪ ،‬وفي هذه المرحلة يتبين الدور الرقابي المهم الذي‬
‫في بداية السنة المالية والتي تتجسد‬ ‫‪430‬‬
‫يلعبه المستشارون المنتخبون في تتبع تنفيذ الميزانية التي أقروها‬
‫في الحساب اإلداري‪.‬‬

‫وإذا كان رئيس المجلس الجماعي باعتباره آم ار بالصرف يقوم بشكل تلقائي بعرض مشروع‬
‫فاألمر يختلف مسطريا‬ ‫‪431‬‬
‫الحساب اإلداري على المجلس التداولي من أجل دراسته والمصادقة عليه‪،‬‬
‫بالنسبة للجماعات المحلية التي يعتبر الوالي أو العامل جهازها التنفيذي وآمرها بالصرف‪ .‬فالوالي أو‬
‫العامل في هذه الحاالت يقوم بعد حصر البيانات وضبط الحسابات المالية‪ ،‬بإيداع حسابه اإلداري لدى‬
‫رئاسة الجماعة الترابية حسب الحاالت –جهة‪ -‬عمالة أو إقليم‪ -‬على األقل شه ار قبل موعد دورة المجلس‬

‫‪428‬‬
‫‪OUTERHZOUT (H) : "Budget communal", Mémoire de D.E.S, ENA, 1980-81, p : 77.‬‬
‫بالنسبة للجهات وحسب المادة ‪ 63‬من نموذج النظام الداخلي للمجالس الجهوية على أنه يتم إيداع الحساب اإلداري المعد من قبل والي الجهة‬ ‫‪429‬‬

‫لدى رئاسة المجلس الجهوي من أجل إحالته على اللجنة المختصة قصد دراسته وإبداء الرأي فيه‪.‬‬
‫المهدي بنمير ‪" :‬الجماعات المحلية والممارسة المالية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.162 :‬‬ ‫‪430‬‬

‫تنص المادة ‪ 71‬من قانون ‪ 17.08‬المغير والمتمم لقانون ‪ 78.00‬على ‪" :‬أنه يدرس المجلس الجماعي ويصوت باالقتراع العلني على الحساب‬ ‫‪431‬‬

‫اإلداري المعروض عليه من طرف الرئيس"‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫التي تتم خاللها دراسته والتصويت عليه‪ .‬إال أن هذا األمر وهذه الحالة سوف تزول تماما بتنزيل القوانين‬
‫التنظيمية المفسرة للدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬المنصوص عليها في الفصل ‪ 146‬والتي سوف تحدد‬
‫شروط تدبير شؤون الجهات والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية‪ .‬وكيفية تنفيذ مداوالت ومقررات‬
‫رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية األخرى المنصوص عليها في الفصل ‪.138‬‬
‫وتعتبر جلسة التصويت على الحساب اإلداري أهم مرحلة في مجال الرقابة السياسية للمجلس‪ ،‬فعند دراسة‬
‫الحساب اإلداري‪ ،‬ال يحق لآلمر بالصرف أو ألحد أعضاء المكتب ترأس االجتماع‪ ،‬بل يجب انتداب‬
‫عضو خارج المكتب لرئاسة الجلسة‪ .‬وبعد الدراسة والمناقشة يتم اللجوء إلى التصويت‪ ،‬حيث ينسحب‬
‫اآلمر بالصرف من الجلسة‪432‬لفسح المجال أمام المجلس التداولي لحسم نتيجة التصويت وتكون النتيجة‬
‫إما إيجابية إذا كان الرئيس يتوفر على أغلبية مريحة ومساندة‪ ،‬أو سلبية إذا كان األمر عكس ذلك‪.‬‬

‫ففي حالة التصويت اإليجابي ال يطرح األمر أي إشكال قانوني أو عملي‪ ،‬فالنتيجة تدل على‬
‫سالمة وصحة تصرفات اآلمر بالصرف‪ ،‬وبالتالي يقر المجلس التداولي بأن التدبير المالي واإلداري‬
‫للجهاز التنفيذي كان سليما ومشروعا وقانونيا‪ ،‬أي أنه تم تنفيذ بنود الميزانية وفق التوجهات العامة‬
‫‪433‬‬
‫التي رسموها أثناء التصويت على الميزانية في بداية السنة‪.‬‬ ‫للمجلس ووفق المخططات التنموية‬

‫وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة المصادقة على الحساب اإلداري من طرف سلطات الوصاية‪،‬‬
‫حيث يخضع لمصادقة العامل الحساب اإلداري للجماعات القروية ولمصادقة وزير الداخلية بالنسبة لباقي‬
‫الجماعات‪ ،‬باستثناء حالة التصويت اإليجابي في مجالس الجهات‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫‪ 71‬من الميثاق الجماعي‬ ‫أما في حالة التصويت السلبي‪ ،‬وحسب ما تنص عليه المادة‬
‫والتي تحيل على المادتين ‪ 143‬و‪ 144‬من القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬من كون‬
‫عدم المصادقة على الحساب اإلداري لجماعة محلية يؤدي إلى عرضه على المجلس الجهوي للحسابات‬
‫بصفة تلقائية من طرف وزير الداخلية أو الوالي أو العامل أو بناء على طلب من اآلمر بالصرف المعني‬
‫أو من الطرف الرافض للحساب اإلداري‪ ،‬وبالتالي يتبادر إلى الذهن بأن الحسابات اإلدارية المصادق‬
‫عليها ال تخضع لرقابة المحاكم المالية‪ ،‬حيث أن اآلمرين بالصرف الجماعيين يعتبرون تلك المصادقة‬
‫بمثابة تبرئة لذمتهم‪ ،‬ودليل على مطابقة تنفيذهم لمقررات الميزانية المحلية للقوانين واألنظمة الجاري بها‬

‫حسب المادة ‪ 46‬من الميثاق الجماعي رقم ‪ ،78.00‬والمادة ‪ 52‬من القانون المنظم للعماالت واألقاليم‪ ،‬ثم المادة ‪ 26‬من القانون المنظم‬ ‫‪432‬‬

‫للجهات‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 36‬في البند األول من قانون ‪ 17.08‬المغير والمتمم للقانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير‬ ‫‪433‬‬

‫الشريف رقم ‪ 1.08.153‬بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪" : 2009‬يدرس المجلس الجماعي ويصوت على مشروع مخطط جماعي للتنمية يعده رئيس المجلس‬
‫الجماعي"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 71‬على أنه ‪" :‬يدرس المجلس الجماعي ويصوت باالقتراع العلني على الحساب اإلداري المعروض عليه من طرف الرئيس‪.‬‬ ‫‪434‬‬

‫وفي حالة التصويت بالرفض على الحساب اإلداري‪ ،‬تطبق مقتضيات المادتين ‪ 143‬و‪ 144‬من القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.124‬بتاريخ فاتح ربيع اآلخر ‪ 13( 1423‬يونيو ‪.)2002‬‬

‫‪156‬‬
‫العمل و لهذا يجب إعادة النظر في طريقة المصادقة على الحساب اإلداري للجماعات الترابية‪.‬‬

‫إال أنه وفي إطار المبادئ الدستورية التي جاء بها دستور ‪ 2011‬والذي ربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة‪ ،‬فاألمر يتوجب مستقبال إخضاع حتى الحسابات اإلدارية المصادق عليها لرقابة المجالس‬
‫‪435‬‬
‫وال هيئة تفتيش‪ ،‬بل هو‬ ‫الجهوية للحسابات‪ ،‬مادام تصويت المجلس التداولي ال يعتبر ال محكمة مالية‬
‫تصويت سياسي محض‪ ،‬فالجهة المصوتة لفائدة الحساب اإلداري عليها أن تثبت على أن تسيير اآلمر‬
‫بالصرف الجماعي كان سليما بإقامة الدليل أمام الناخبين‪ ،‬في إطار حق المساءلة السياسية التي يتمتع‬
‫بها هؤالء الناخبون و حق الولوج إلى المعلومة‪ ،‬وتتبع مسار تنفيذ الميزانية الجماعية‪ .‬أما فيما يخص‬
‫الجهة المصوتة ضد الحساب اإلداري فعليها إقامة الدليل القانوني والمادي على هذا الرفض على غرار ما‬
‫المتعلق بإلزامية تعليل الق اررات اإلدارية السلبية إال أن المشرع المغربي لم‬ ‫‪436‬‬
‫ينص عليه قانون ‪01-03‬‬
‫يتعرض في قوانين التنظيم المالي الجماعي ألي جزاء سياسي في مجال رفض الحساب اإلداري‪ ،‬حيث‬
‫جاءت نصوصه القانونية عامة وشاملة‪ ،‬لم تحدد فيها المسطرة الواجبة اإلتباع‪ ،‬خاصة على مستوى اآلثار‬
‫القانونية الناجمة عن الرفض من طرف أعضاء المعارضة‪ ،‬الشيء الذي فتح باب النقاش والتأويل حول‬
‫هذه القضية‪.‬‬

‫فجانب من الفقه المغربي‪437‬يرى أنه إذا كانت األسباب الداعية إلى رفض الحساب اإلداري من‬
‫طرف أعضاء المجلس التداولي أسباب منطقية وواقعية‪ ،‬كالتالعب بالمال العام وتقديم االمتيازات غير‬
‫القانونية إما لآلمر بالصرف أو لغيره‪ ،‬أو تزوير المستندات والوثائق المحاسباتية‪ ،‬فضال عن سوء التدبير‬
‫الجماعي‪ ،‬فإن النتيجة الحتمية هي رفض الحساب اإلداري واستقالة الرئيس الجماعي‪.‬‬

‫في حين تبنت الدوائر الرسمية التي تمثلها و ازرة الداخلية عكس هذا التوجه خصوصا فيما‬
‫يتعلق بعزل الرئيس‪ ،‬وقد أكد هذا التيار على تعزيز الموقف الذي اتخذته السلطات الوصائية‪ ،‬على اعتبار‬
‫أن العمليات التي ينجزها اآلمرون بالصرف الجماعيون يفترض أن تكون قد خضعت لمراقبة قانونية‬
‫مارسها ال قابض الجماعي بصفته مراقبا لصحة االلتزام بالنفقات الجماعية ومراقبا لصحة الدين في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬وبالتالي فإن تلك العمليات تتطابق مع القوانين واألنظمة في مجال تنفيذ النفقات وتحصيل الموارد‪،‬‬
‫‪438‬‬
‫على الجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬ ‫وهو ما يتوخاه المشرع من وراء الوصاية المالية‬

‫فهذه التوجهات والمواقف قد تخلف آثا ار حول رفض الحساب اإلداري وهو ما سوف نبرزه في‬

‫كمدونة المحاكم المالية الصادر بتنفيذها الظهير الشريف المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪435‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.02.202‬صادر بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 03.01‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات‬ ‫‪436‬‬

‫المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5029‬بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪.2002‬‬
‫من رواد هذا االتجاه والمؤيدين لهذا الموقف كل من األستاذ عبد القادر باينة‪ ،‬وقد عبر عنه في مقال بجريدة االتحاد االشتراكي عدد ‪1005‬‬ ‫‪437‬‬

‫بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ 1986‬واألستاذ المهدي بنمير ‪" :‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.164 :‬‬
‫أنظر تقرير و ازرة الداخلية ‪،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬الموارد المالية والبشرية للجماعات المحلية‪ ،‬حصيلة وآفاق‪ ،1991-1977 ،‬ص‬ ‫‪438‬‬

‫‪.18 :‬‬

‫‪157‬‬
‫النقطة الموالية عبر طرح إشكاالته وبسطها‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬آثار رفض الحساب اإلداري‪ :‬إذا كان التصويت اإليجابي أو السلبي على الحساب اإلداري ال يخلو‬
‫من االعتبارات السياسية أو االنتخابية أو الحزبية أو المصلحية فإن اآلثار تنعكس على التسيير الجماعي‬
‫من خالل التدبير المالي والمحاسبي‪ .‬فالرقابة السياسية وإثارة المسؤولية لدى رؤساء الجماعات بمناسبة‬
‫إثارة التصويت على الحساب اإلداري يكتسي أهمية بالغة على اعتبار أن أعضاء المجلس يؤكدون من‬
‫خالل هذه اآللية على دورهم الرقابي على ميزانية جماعتهم‪ ،‬حتى وإن اعتبر البعض أن هذه اآللية قد‬
‫‪439‬‬
‫بين المسيرين‬ ‫تحكمها في العديد من الحاالت "العالقات القائمة على التصادم واستحكام العداء"‬
‫المحليين وباقي المنتخبين أو على األقل المعارضين منهم‪.‬‬

‫وعلى العموم فالتصويت برفض الحساب اإلداري من قبل المجلس التداولي يثير العديد من‬
‫اإلشكاالت القانونية‪ ،‬التي لم تفلح النصوص التشريعية والتنظيمية في إيجاد حل لها‪ ،‬كما لم تسعف هذه‬
‫النصوص في تحديد دقيق وواضح لمآل الحساب اإلداري بعد رفضه‪ ،‬وال اآلثار القانونية والعملية المترتبة‬
‫عن هذا القرار‪.‬‬

‫‪ -‬اآلثار القانونية ‪ :‬يفيد عدم التصويت على الحساب اإلداري باإليجاب عمليا وواقعيا رفض المجلس‬
‫المنتخب لهذه الوثيقة المتضمنة لحساب التسيير لمدة سنة كاملة‪ ،‬والتي تلخص التدبير المالي لآلمر‬
‫بالصرف والمتضمنة للنتائج الصافية للعمليات المالية المتعلقة بتنفيذ بنود الميزانية المحلية‪ ،‬وإذا كانت‬
‫النصوص القانونية والتنظيمية المتضمنة بالميثاق الجماعي قد أسهبت في استعراض االختصاصات‬
‫فإنها بالمقابل لم تتطرق إلى نتائج‬ ‫‪440‬‬
‫والمساطر المتعلقة بتقديم الحساب اإلداري والتصويت عليه‪.‬‬
‫التصويت برفض الحساب اإلداري للجماعة كما لم تعط أي دليل قانوني يرتب آثا ار واضحة للتصويت‬
‫على هذا الحساب سواء بالقبول أو بالرفض‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فرفض الحساب اإلداري‪ ،‬وبغض النظر‬
‫عن االختصاص المخول لسلطات الوصاية في هذا الباب بإعادة المقرر للمجلس فال يؤدي األمر عمليا‬
‫إلى نتيجة تذكر وال يرتب مبدئيا أية آثار قانونية فعلية باستثناء تجميد الفائض الناتج عن تنفيذ مداخيل‬
‫ومصاريف ميزانية التسيير والذي يخصص كموارد لميزانية التجهيز‪.‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬يثير االختصاص المخول لسلطات الوصاية مجموعة من اإلشكاالت التي‬
‫تتجاوز في جانب كبير منها ما يثيره التصويت السلبي نفسه‪ ،‬فوزير الداخلية أو العامل يمكنه أن يعيد‬

‫مصطفى دليل ‪ " :‬المجالس الجماعية بالمغرب وعالقاتها العامة"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪،‬‬ ‫‪439‬‬

‫عدد ‪ ،1995 ،3‬ص ‪.27 :‬‬


‫المادتان ‪ 37‬و‪ 71‬من الميثاق الجماعي لسنة ‪ ،2002‬والمادتان ‪ 36‬و‪ 63‬من القانون المنظم للعماالت واألقاليم‪ ،‬ثم المادة ‪ 47‬من القانون‬ ‫‪440‬‬

‫المنظم للجهات‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫‪441‬‬
‫مما يؤدي إلى طول مسطرة‬ ‫المقرر المتخذ إلى المجلس التداولي من أجل إعادة قراءته قراءة جديدة‪،‬‬
‫الحسم في الحساب اإلداري المرفوض‪.‬‬

‫وإذا كانت سلطات الوصاية تختص بدراسة المقرر المتخذ من قبل المجلس التداولي والبت فيه‬
‫إما بالمصادقة أو إعادته إلى المجلس من جديد من أجل قراءة ثانية أو رفض المصادقة على المقرر‬
‫جملة وتفصيال‪ ،‬مما يعني أن سلطات الوصاية تمارس رقابة إدارية سابقة ومواكبة والحقة‪ ،‬وتتدخل حتى‬
‫‪442‬‬
‫في العالقة السياسية بين المجالس المنتخبة وهيئاتها التنفيذية‪.‬‬

‫وبالتالي كان على المشرع المغربي إبطال هذه المساطر القانونية واستبدالها بحلول واقعية‪ ،‬من‬
‫خالل تقليص صالحيات سلطات الوصاية وتعزيز القدرة التدبيرية للمصالح اآلمرة بالصرف بالجماعة على‬
‫غرار اآلمرين بالصرف بالميزانية العامة‪.‬‬

‫‪ -‬النتائج العملية ‪ :‬يطرح التصويت السلبي على الحساب اإلداري إشكاال مرتبطا بالفراغ القانوني الذي لم‬
‫يحسم في النتيجة القانونية لهذا التصويت سواء فيما يتعلق بتطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بإثارة‬
‫المسؤولية السياسية في مجال تنفيذ الميزانية المحلية لدى اآلمر بالصرف الجماعي‪ ،‬أو فيما يخص تدخل‬
‫‪443‬‬
‫كما يطرح أيضا إشكال‬ ‫سلطات الوصاية في هذه العالقة بين المجالس التداولية والهيئات التنفيذية‪.‬‬
‫عملي بهذا الخصوص وهو لما يمر الحساب اإلداري المرفوض بجميع المراحل القانونية‪ ،‬ويرفض الرئيس‬
‫الجماعي المسير االستقالة‪ ،‬فهل يملك أعضاء المجلس إقالته ؟ في هذه الحالة هناك مرحلتان األولى من‬
‫خالل ظهير ‪ ،1976‬الذي مكن ثلث أعضاء المجلس من إقالة الرئيس بعد انتهاء السنة الثانية الموالية‬
‫‪444‬‬
‫فهذا االمتياز المخول للمجلس التداولي يعتبر آلية لتحريك مسؤولية رئيس المجلس تماثل‬ ‫النتخابه‪.‬‬
‫تقريبا المسطرة المتبعة في العالقة بين البرلمان والحكومة في اإلقالة‪ .‬فهذا الحل القانوني كان يستعمل‬
‫إليجاد حل للخالفات المستمرة والعويصة بين الرئيس واألغلبية التي كانت تشل سير المجلس‪ ،‬غير أن‬
‫هذه القاعدة القانونية التي هدف من ورائها المشرع خلق توازن بين سلطات الرئيس والمجلس التداولي كثي ار‬
‫ما كانت تستعمل في غير محلها‪ ،‬فغالبا ما كانت تستغل كإجراء لتصفية الحسابات السياسية والحزبية‬
‫والشخصية‪ .‬وهذا ما أدى ببعض الباحثين‪445‬إلى التساؤل عن جدوى وجود هذا المقتضى القانوني في‬
‫التنظيم الجماعي لسنة ‪ 1976‬؟‬

‫إال أن المشرع تدارك هذا األمر في إطار قانون ‪ 00-78‬لسنة ‪ 2002‬بتخليه عن هذا‬

‫تنص المادة ‪ 70‬من قانون ‪ 78.00‬كما وقع تغييره وتتميمه على أنه يمكن لسلطة المصادقة أن تطلب من المجلس الجماعي إجراء قراءة جديدة‬ ‫‪441‬‬

‫لمسألة ثم التداول بشأنها‪ ،‬إذا ظهر أن مصادقة سلطة الوصاية عليها غير ممكنة‪ ،‬وفي حالة تمسك المجلس بمضمون مداوالته أمكن للوزير األول‬
‫أن يبت في المسألة بمرسوم معلل داخل أجل ثالثة أشهر وباقتراح من وزير الداخلية‪.‬‬
‫عبد اللطيف بروحو ‪" :‬ميزانية الجماعات المحلية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.152 :‬‬ ‫‪442‬‬

‫‪443‬‬
‫‪REOULES (J) : "La gestion budgétaire des collectivités locales", R.F.F.P, n°38, 1992, p : 125.‬‬
‫الفصل ‪ 7‬من ظهير التنظيم الجماعي لسنة ‪.1976‬‬ ‫‪444‬‬

‫ميشال روسي ومن معه ‪" :‬القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪ ،1988 ،‬ص ‪.159 :‬‬ ‫‪445‬‬

‫‪159‬‬
‫المقتضى القانوني‪ ،‬رغبة منه في تجنب ظاهرة عدم استقرار المجالس الجماعية‪ ،‬إال أن التخلي عن هذا‬
‫المقتضى في التشريع الجديد في نظرنا يكون المشرع بذلك قد جرد أعضاء المجلس التداولي من امتيازاتهم‬
‫في إثارة المسؤولية‪ ،‬وبالتالي تعطيل العمل بإحدى اآلليات المهمة لمحاسبة الرئيس اآلمر بالصرف ومن‬
‫ثم إمكانية إقالته‪.‬‬

‫إال أن اإلشكال األساسي الذي يطرح هو في حالة رفض مجالس الجهات أو مجالس العماالت‬
‫واألقاليم للحساب اإلداري‪ ،‬والمعدة أصال من طرف الوالة والعمال باعتبارهم آمرين بالصرف‪ ،‬هل يمكن‬
‫الحديث عن استقالة أو إقالة هؤالء ؟ فهم أصال معينين وغير منتخبين ؟ هذه اإلشكالية سوف يجيب عنها‬
‫المشرع في األيام القادمة أثناء إخراج الجهوية المتقدمة إلى حيز التطبيق‪ ،‬وتنزيل مقتضيات دستور‬
‫إلى‬ ‫‪446‬‬
‫‪ 2011‬المتعلق بالجهات والجماعات الترابية األخرى المنصوص عليها في الفصول من ‪135‬‬
‫‪.146‬‬

‫وختام القول في هذه النقطة‪ ،‬ومن أجل تخليق الحياة العامة‪ ،‬وتفعيل مقتضيات الدستور الجديد‪،‬‬
‫الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬يقتضي األمر إعادة النظر في المبادئ المنظمة للحساب‬
‫اإلداري‪ ،‬ورفع اليد على تدبير الجهات والعماالت واألقاليم من طرف سلطات الوصاية والتي ما زالت‬
‫متشبثة بوضع اليد على الجماعات الترابية و الحنين و التشبث بالمركزية في التدبير المحلي للجماعات‬
‫الترابية عن طريق سلطة الوصاية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية اآلمر بالصرف الترابي أمام سلطات الوصاية‬

‫على الرغم من أن المشرع قد نظم شكليات المصادقة على الميزانية المحلية بنص تنظيمي‪ ،‬إال‬
‫أنه يحدد الجهة المخول لها هذا الحق‪ ،‬بل أورد ذلك بشكل عام باستعمال مصطلح سلطة الوصاية‪.‬‬
‫واستنادا إلى المادة الثانية من القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية‬
‫ومجموعاتها‪ ،‬فقد أسندت سلطة الوصاية إلى وزير الداخلية أو من ينوب عنه بالنسبة للجهات والعماالت‬
‫واألقاليم والجماعات الحضرية والمجموعات والوالي أو عامل العمالة أو اإلقليم بالنسبة للجماعات القروية‪.‬‬

‫فاآلمر بالصرف الجماعي يتعين عليه في حالة رفض الميزانية من قبل المجلس أن يوجه إلى‬
‫هذه السلطات في تاريخ أقصاه ‪ 15‬دجنبر من كل سنة مالية‪ ،‬الميزانية المعتمدة "أو غير المعتمدة" مرفقة‬
‫‪447‬‬
‫أما في الحاالت العادية فتعرض على مصادقة سلطة الوصاية في تاريخ‬ ‫بمحاضر مداوالت المجلس‪،‬‬
‫‪448‬‬
‫نونبر من كل سنة‪.‬‬ ‫أقصاه ‪20‬‬

‫تنص الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 135‬من دستور ‪ 2011‬على أنه ‪" :‬تنتخب مجالس الجهات والجماعات باالقتراع العام المباشر‪.‬‬ ‫‪446‬‬

‫كما تنص المادة ‪ 138‬على أنه ‪" :‬يقوم رؤساء مجالس الجهات‪ ،‬ورؤساء مجالس الجماعات الترابية األخرى بتنفيذ مداوالت هذه المجالس ومقرراتها"‪.‬‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي الجماعي لسنة ‪.2009‬‬ ‫‪447‬‬

‫المادة ‪ 18‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪448‬‬

‫‪160‬‬
‫وإذا لم يتم عرض الميزانية على المصادقة في اآلجال المحددة‪ ،‬يمكن لسلطة الوصاية بعد‬
‫طلب استفسارات من اآلمر بالصرف‪ ،‬أن تقوم قبل فاتح يناير بوضع ميزانية التسيير للجماعة المحلية أو‬
‫المجموعة على أساس آخر ميزانية مصادق عليها مع مراعاة تطور تحمالت وموارد الجماعة المحلية أو‬
‫المجموعة‪ ،‬وهذا أول طرح للمسؤولية الذي يفرض على اآلمرين بالصرف الجماعيين بعد تجريدهم من‬
‫اختصاصاتهم المؤقتة‪ .‬فالممارسة المالية المحلية قد أثبتت أن دراسة مشروع الميزانية من طرف المجلس‬
‫الجماعي ال يكون إال شكليا‪ ،‬لكون هذه الدراسة ال تؤدي في أغلب األحيان إلى إدخال تعديالت جوهرية‬
‫على مشروع الميزانية وذلك راجع إلى غياب التأهيل والتجربة الالزمة‪ ،‬وعدم تمكن العديد من رؤساء‬
‫الجماعات المحلية من دراسة الميزانية بكيفية دقيقة بالنظر إلى طابعها التقني والمحاسبي‪ .‬وغالبا ما يكون‬
‫الرئيس مآز ار بأغلبية تسانده على تمرير الميزانية السنوية‪ ،‬وقلما يتم قبول اقتراحات وتعديالت األقلية‬
‫المعارضة‪ ،‬وما يضفي طابع الشرعية على الميزانية المحلية وإلباسها رداء القانون هو مصادقة سلطة‬
‫الوصاية عليها‪ ،‬إال أن هذه المصادقة أصبحت بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬مرتكزة على‬
‫‪449‬‬
‫وتقليص أجل المصادقة أو التأشيرة وكذا قائمة المواد الخاضعة للرقابة‬ ‫قاعدة تعليل الق اررات الوصائية‬
‫القبلية‪ ،‬وإحالل الرقابة المقربة محل الرقابة المركزية‪ .‬وتتم المصادقة على الميزانية وفق الشروط‬
‫‪ 24‬من القانون ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية‬ ‫‪450‬‬
‫المنصوص عليها في المادة‬
‫ومجموعاتها‪.‬‬

‫وبعد التأشير والمصادقة على الميزانية الجماعية من طرف سلطات الوصاية‪ ،‬تصبح سارية‬
‫المفعول‪ ،‬ويصبح اآلمر بالصرف الجماعي يتمتع بنوع من االستقاللية في تنفيذ بنود الميزانية‪ ،‬إال أنه‬
‫يظل خاضعا لمراقبة سلطات الوصاية وتوجيهاتها‪ ،‬فهو يتحمل أمامها مسؤولية عن جميع أعماله‬
‫وتصرفاته المالية والمادية التي ينجزها (أ)‪ ،‬أو قد تنصب هذه الوصاية على شخص اآلمر بالصرف‬
‫الجماعي (ب) وهذا ما سوف نعالجه على التوالي ‪:‬‬

‫أ ‪ :‬الوصاية على األعمال‪.‬‬

‫فيما يخص الوصاية على أعمال المجلس الجماعي‪ ،‬فقد حصل تطور مهم بعد صدور الميثاق‬
‫الجماعي لسنة ‪ 2002‬بواسطة القانون ‪ 78.00‬وهم هذا التطور باألساس أعمال المجلس التداولي من‬
‫جهة وأعمال الرئيس أو اآلمر بالصرف من جهة ثانية‪ ،‬كما همت آجال المصادقة وتعليل الق اررات وعدم‬
‫تركيز الوصاية واستهداف الشرعية‪.‬‬

‫للم زيد من التوسع يراجع الميثاق الجماعي الجديد والتنظيم الجديد للعماالت واألقاليم‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪449‬‬

‫نصوص ووثائق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003 ،‬ص ‪ 23 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫تتم المصادقة على الميزانية حسب المادة ‪ 24‬من قانون ‪ 45.08‬وفق الشروط التالية ‪:‬‬ ‫‪450‬‬

‫احترام القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫التوازن الحقيقي بين تقديرات المداخيل وتقديرات النفقات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تسجيل النفقات اإلجبارية المنصوص عليها في المادة ‪ 41‬من قانون ‪.45.08‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ -‬بالنسبة ألعمال المجلس التداولي ‪:‬‬

‫في ظل قانون ‪ 78.00‬قد تم حذف بعض المواد من قائمة المواد الخاضعة للمصادقة المسبقة‬
‫لسلطة الوصاية مقارنة مع ظهير التنظيم الجماعي لسنة ‪ ،1976‬إال أن المواد التي لم تشملها القائمة فهي‬
‫تكتسي أهمية بالغة وأغلبها يتعلق بالتصرفات المالية والعقارية‪ ،‬وهو ما يعطي ثقال ومسؤولية أكبر لآلمر‬
‫بالصرف الجماعي أمام سلطات الوصاية الممارسة على أعمال المجلس التداولي الذي يرأسه‪ .‬ولعل أهم‬
‫التي شملتها المصادقة القبلية في الميثاق الجماعي لسنة ‪، 2002‬الميزانية و الحسابات‬ ‫المواد‬
‫الخصوصية و الحساب اإلداري‪.‬‬
‫‪451‬‬
‫المشرع من دائرة المصادقة بعد المداوالت فهي غير ذات أهمية تذكر‪.‬‬ ‫أما المواد التي استبعدها‬

‫وبالتالي يكون الميثاق الجماعي الجديد لسنة ‪ 2002‬قد قلص من قائمة المواد الخاضعة للوصاية القبلية‬
‫مقارنة مع الميثاق الجماعي لسنة ‪ ،1976‬إال أنه أضاف مواد وقضايا أخرى لم تكن خاضعة للمصادقة‬
‫في ميثاق أو ظهير ‪.1976‬‬

‫ب‪ -‬بالنسبة ألعمال رئيس المجلس التداولي ‪:‬‬

‫استبعد فيما‬ ‫‪452‬‬


‫بصدور الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬والمغير والمتمم بالقانون رقم ‪17.08‬‬
‫يخص التأشيرة أو المصادقة المسبقة من دائرة الوصاية الق اررات الفردية التي يتخذها رئيس المجلس في‬
‫مجال الشرطة اإلدارية‪ .‬وهذا االستبعاد والتخفيف يرجع طبعا إلى استحالة إخضاع هذه الق اررات للوصاية‬
‫من الناحية العملية نظ ار لحجمها الكبير‪ ،‬وخاصة لما يتعلق األمر بالجماعات الحضرية الكبرى‪ .‬وفي‬
‫ا لمقابل قد أخضع المشرع في الميثاق الحالي المداوالت والق اررات المنصبة على شغل الملك العام مؤقتا‬
‫بدون أبنية والتي أدخلها ضمن أعمال الشرطة اإلدارية حسب ما تنص عليه المادة ‪ 50‬من الميثاق‬
‫الجماعي لسنة ‪.2002‬‬

‫وعلى هذا األساس دأب القضاء اإلداري حيث قضت المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪23‬‬
‫أبريل ‪ 2004‬في حكم عدد ‪" : 549‬بأنه ال يوجد في قانون التعمير وفي الظهير المتعلق بالتنظيم‬
‫الجماعي أي نص قانوني يعطي الحق لعامل العمالة أو اإلقليم أو الوالي في سحب أو إيقاف ترخيص‬
‫‪453‬‬
‫بالبناء مسلم من طرف رئيس المجلس الجماعي‪ ،‬غير أنه يمكن للعامل أو الوالي أن يلجأ في ذلك إلى‬
‫مسطرة الحلول والتي تخول للعامل الحلول محل رئيس المجلس الجماعي في مهامه بعد عدم امتثاله"‪.‬‬

‫لالطالع على المستجدات التي جاء بها الميثاق الجماعي الجديد لسنة ‪ 2002‬كما وقع تتميمه وتغييره‪ ،‬واالنتقادات الموجهة له يراجع مقال‬ ‫‪451‬‬

‫لمحمد بوجيدة حول قراءة نقدية للقانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بتنقيح الميثاق الجماعي لسنة ‪ ، 1976‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،44‬سنة ‪ ،2003‬ص من ‪ 22‬إلى ‪.73‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.08.153‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.08‬المغير والمتمم للقانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق‬ ‫‪452‬‬

‫الجماعي ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬


‫المرسوم رقم ‪ 2.04.161‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ 2004‬بتحديد كيفيات ممارسة سلطة الحلول‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5230‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪.2004‬‬ ‫‪453‬‬

‫‪162‬‬
‫‪454‬‬
‫من المرسوم الصادر بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ 2004‬المتعلق بكيفية ممارسة‬ ‫فانطالقا من المادة ‪2‬‬
‫سلطة الحلول محل رؤساء الجماعات المحلية الذي تفرضه سلطات الوصاية إنما يقتصر على‬
‫اختصاصات محددة دون أن تتعدى مجاالت من اختصاص اآلمرين بالصرف الجماعيين المنتخبين‪ ،‬فال‬
‫يجب التوسع في تفسير النصوص المتعلقة بسلطة الحلول للقول أن حق السلطة المحلية أو سلطات‬
‫الوصاية في الحلول يشمل جميع األعمال التي‬
‫‪455‬‬
‫فهو يفرغ‬ ‫تدخل في اختصاصات رؤساء المجالس الجماعية المنتخبة‪ .‬فهذا التفسير غير صائب‪،‬‬
‫قانون التنظيم الجماعي واالستقالل المالي والحق في تدبير الشأن المحلي ومسؤولية مسيري المجلس من‬
‫محتواه من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية يجعل يد رؤساء المجالس الجماعية المنتخبة مغلولة مع ممارسة‬
‫الوصاية والحلول‪ ،‬مع أن المشرع حملهم مسؤولية سواء في المجال اإلداري أو المالي إال أن هذا ال يمنع‬
‫من فرض وصاية على شخص الرئيس و مساعديه بالمجلس‪.‬‬

‫ب ‪ :‬الوصاية على األشخاص‪:‬‬

‫في إطار تطور الوصاية على األشخاص أو األعمال في ظل الميثاق الجماعي الحالي لسنة‬
‫‪ 2002‬كما تم تعديله وتغييره بقانون ‪ ،17.08‬أصبحت سلطة الوصاية تملك حق حل المجلس الجماعي‬
‫بمرسوم معلل ينشر في الجريدة الرسمية‪ ،‬وفي حالة االستعجال يمكن توقيف المجلس بقرار معلل لوزير‬
‫‪456‬‬
‫فكل حل أو توقيف يطال المجلس الجماعي يؤدي‬ ‫الداخلية على أال تتجاوز مدة التوقيف ‪ 3‬أشهر‪.‬‬
‫حتما إلى عزل أو توقيف اآلمر بالصرف المسير للجماعة‪ .‬فرغم التطور اإليجابي للوصاية وتوسيع‬
‫صالحيات المجالس المحلية المنتخبة من خالل الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬بقي الحال كما هو عليه‬
‫تقريبا خصوصا في ظل الوسائل التقليدية للوصاية (أ)‪ ،‬ثم في ظل السلطة التقديرية الواسعة لسلطات‬
‫الوصاية (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬الوسائل التقليدية للوصاية ‪:‬‬


‫‪457‬‬
‫فما زالت مثال االستقالة‬ ‫فالوصاية على األشخاص ما تزال تمارس بالوسائل التقليدية‪،‬‬
‫االختيارية مقيدة بتوجيه الطلب بشأنها إلى ممثل السلطة المركزية بدل المجلس الجماعي المنتخب‪ .‬وما‬

‫تنص المادة ‪ 2‬من المرسوم المذكور أعاله على ما يلي ‪:‬‬ ‫‪454‬‬

‫"يمارس العامل سلطة الحلول بطلب من الوالي أو عندما يعاين‪ ،‬بمبادرة منه أو بناء على التماس مبرر قانونا من أحد األغيار أو على طلب من‬
‫مدير المركز الجهوي لالستثمار إذا تعلق األمر بعمل مرتبط بمشروع استثمار‪ ،‬تأخر رئيس المجلس الجماعي أو امتناعه أو رفضه القيام بأحد‬
‫األعمال الواجبة عليه بمقتضى القانون داخل اآلجال المحددة أو عند االقتضاء داخل آجال معقولة‪ ،‬بحكم السلط التي يمارسها‪ ،‬طبقا ألحكام‬
‫النصوص التشريعية أو التنظيمية المطبقة‪."...‬‬
‫محمد األعرج ‪" :‬حلول السلطة المحلية ‪.................................‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.149 :‬‬ ‫‪455‬‬

‫المادة ‪ 25‬من ظهير ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬المتعلق بالميثاق الجماعي لسنة ‪.2002‬‬ ‫‪456‬‬

‫محمد بوجيدة ‪" :‬تطور الوصاية التقليدية على الجماعات الحضرية والقروية على ضوء الميثاق الجماعي الجديد"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬ ‫‪457‬‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 63-62‬ماي غشت ‪ ،2005‬ص‪.34:‬‬

‫‪163‬‬
‫زالت اإلقالة بسبب التغيب عن حضور ثالث دو ارت متتالية دون تقديم سبب يقبله المجلس أو االمتناع‬
‫دون عذر مقبول عن القيام بإحدى المهام الواجبة قانونا تتم من قبل وزير الداخلية بالنسبة للجماعات‬
‫الحضرية والوالي أو العامل فيما يخص إقالة أعضاء المجالس القروية‪ ،‬خالفا لما كان مقر ار في الميثاق‬
‫الجماعي لسنة ‪ ،1976‬في الوقت الذي كان يجب أن يبث فيها المجلس الجماعي نفسه عوض سلطات‬
‫الوصاية‪ ،‬خصوصا وأنه المسؤول عن تدبير الجماعة‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك‪ ،‬وفي الحاالت التي يعاقب فيها العضو الجماعي أثناء توقيفه لمدة شهر واحد بقرار‬
‫‪458‬‬
‫معلل ينشر بالجريدة الرسمية وذلك بسبب ثبوت مسؤوليته في‬ ‫معلل لوزير الداخلية أو عزله بمرسوم‬
‫ارتكاب أعمال أو أفعال مخالفة للقانون أو ألخالقيات المرفق العام المحلي‪ ،‬بعد استدعائه لإلدالء‬
‫بإيضاحات كتابية للدفاع عن نفسه ضد ما ينسب إليه‪ .‬إال أن المشرع لم يوضح المقصود بأعمال أو‬
‫فبدت غامضة وفضفاضة ويمكن أن تنطوي على أكثر‬ ‫‪459‬‬
‫أفعال مخالفة للقانون وألخالقيات المرفق العام‪،‬‬
‫من تأويل‪ ،‬أما بخصوص الحالة التي توجب العزل أو قد تؤدي إلى متابعة العضو الجماعي أمام القضاء‪،‬‬
‫‪460‬‬
‫مجحفة في حق أعضاء‬ ‫والتي تتمثل في ربط مصالح خاصة مع الجماعة فيمكن القول أن هذه المادة‬
‫المجلس الجماعي‪ ،‬ذلك أن هذه الحالة نظمت بشكل مطلق وأغلقت الباب أمام أعضاء المجلس بعدم‬
‫القيام بأية مبادرة لصالح الجماعة‪ ،‬كالقيام بالتصرفات المالية أو العقارية أو غيرها مع الجماعة التي هو‬
‫عضو فيها رغم ما يمكن أن يتنازل عنه من مصالح لفائدة جماعته‪ .‬وهذا غير منطقي‪ ،‬فالمستشار‬
‫الجماعي هو كذلك مواطن ينتمي إلى الجماعة ويحق له البيع والشراء وفق المساطر القانونية والشفافية‬
‫وتكافؤ الفرص‪ ،‬بعيدا عن استعمال صفته كعضو أو كمسؤول؛ فهذا الجزاء الذي يحرم العضو الجماعي‬
‫من أي تصرف مالي أو عقاري أو غيره غير موجود في التشريعات المقارنة‪ ،‬فأغلب الدول تجيز مثل هذه‬

‫أنظر قرار وزير الداخلية رقم ‪ 91-89‬بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 1986‬يقضي بتوقيف السيد محمد الوسيني رئيس مجلس بلدية القنيطرة عن مزاولة‬ ‫‪458‬‬

‫مهامه لمدة شهر‪ ،‬منشور ج‪.‬ر عدد ‪ 3822‬بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪.1986‬‬


‫كذلك قرار عزل رئي س مجلس جماعة قلعة السراغنة السيد أحمد رحافي البوهالي بالمرسوم رقم ‪ 2.02.580‬صادر في ‪ 26‬غشت ‪ ،2002‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5031‬بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪.2002‬‬
‫كذلك مرسوم رقم ‪ 2.10.293‬صادر في ‪ 29‬يونيو ‪ 2010‬يقضي بعزل السيد أحمد البوزيدي رئيس مجلس جماعة سيدي حجاج واد حصار بإقليم‬
‫مديونة‪ ،‬حيث تم العزل بناء على القانون رقم ‪ 78.00‬والسيما المادتان ‪ 21‬و‪ 33‬منه‪ ،‬وبعد االطالع على تقرير المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬وكذا‬
‫التحريات التي قامت بها اإلدارة بخصوص المخالفات التي ارتكبها رئيس مجلس جماعة سيدي حجاج واد حصار خالل الواليتين االنتدابيتين‬
‫‪ ، 2003-2009‬وبناء على محاضر معاينة مخالفة القوانين واألنظمة المتعلقة بالتعمير‪ ،‬والمساهمة في تفشي ظاهرة البناء العشوائي‪ ،‬وذلك بتزويد‬
‫مخالفي قانون التعمير بتجهيزات الربط بالكهرباء بواسطة شركة يمتلكها لتحقيق ربح مالي على حساب مصالح اإلدارة الجماعية‪...‬‬
‫هذه الق اررات وحيثياتها منشورة بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5856‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪.2010‬‬
‫للمزيد من االطالع على الموضوع يمكن الرجوع إلى مقال لألستاذ إدريس جردان حول "موقع األخالقيات في تدبير الشأن العام المحلي"‪،‬‬ ‫‪459‬‬

‫منشور بمجلة طنجيس للقانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،2009/8‬كلية الحقوق طنجة‪ ،‬ص ‪ 11 :‬وما بعدها‪ ،‬وباللغة الفرنسية يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬
‫‪BENABDELLAH Mohamed Amine : "Ethique et administration", REMALD, n°48-49, 2003, p : 10 et suite.‬‬
‫‪ 460‬تنص المادة ‪ 22‬من الميثاق الجماعي رقم ‪ 78.00‬على أنه ‪" :‬يمنع على كل عضو في المجلس الجماعي تحت طائلة العزل الذي يتم وفق‬
‫الشكليات المنصوص عليها بالمادة السابقة‪ ،‬ودون اإلخالل بالمتابعة القضائية‪ ،‬أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة التي هو عضو فيها‪ ،‬أو أن‬
‫يبرم معها أعماال أو عقودا للكراء أو االقتناء أو التبادل‪."...‬‬

‫‪164‬‬
‫المعامالت في إطار الضوابط والقيود التي تضفي نوعا من الشفافية والوضوح على عالقة العضو‬
‫‪461‬‬
‫ومن هذه الدول مصر‪ ،‬تونس وفرنسا على سبيل المثال‪.‬‬ ‫الجماعي بجماعته‬

‫ب‪ -‬السلطة التقديرية لسلطات الوصاية ‪:‬‬

‫لقد سبق وأن تطرقنا إلى المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 78.00‬التي تحيل على المادة ‪ 21‬من نفس‬
‫القانون والتي تنص على أن كل عضو من المجلس ثبتت مسؤوليته في ارتكاب أعمال أو أفعال مخالفة‬
‫للقانون وألخالقيات المرفق العام‪ ،‬يمكن بعد استدعائه لإلدالء بإيضاحات كتابية حول األعمال المنسوبة‬
‫إليه‪ ،‬توقيفه لمدة ال تتجاوز شه ار واحدا بقرار معلل لوزير الداخلية‪ ،‬أو عزله بمرسوم معلل يتم نشره‬
‫بالجريدة الرسمية‪ ،‬فمن خالل هذه المادة يتبين السلطة التقديرية الواسعة لسلطات الوصاية وإمكانية تدخلها‬
‫في شؤون الجماعة في كل وقت وحين إما بالتوقيف أو العزل‪ .‬ففي غياب أي تحديد ألنواع األخطاء‬
‫وعددها التي يمكن المعاقبة عليها‪ ،‬وتمييز األخطاء الجسيمة عن البسيطة‪ ،‬تبقي سلطة الوصاية مرجحة‬
‫في أي وقت للتدخل سواء لتوقيف المجلس برمته أو عزل رئيسه إذا كانت مصالح الجماعة في نظر‬
‫‪462‬‬
‫فالعبارات التي جاءت بها بعض‬ ‫سلطات الوصاية مهددة ألسباب تمس بحسن سير المجلس الجماعي‪.‬‬
‫الفقرات من مواد الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬مطاطة وفضفاضة تقبل عدة تأويالت‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫‪463‬‬
‫تترأسها السلطة اإلدارية المحلية االختصاصات المخولة للمجلس الجماعي في‬ ‫إسناد المشرع إلى لجنة‬
‫حالة توقيفه أو عزل رئيسه‪ ،‬ويتحكم في تعيين أعضاءها وزير الداخلية بالنسبة للجماعات الحضرية‬
‫والوالي أو العامل بالنسبة للجماعات القروية لمدة ‪ 90‬يوما‪.‬‬

‫ويمكن توقيف أو عزل رؤساء الجماعات في حالة ثبوت مسؤوليتهم عن ارتكاب أخطاء‬
‫جسيمة‪ ،‬وال ينبغي أن تتجاوز مدة التوقيف شه ار واحدا‪ ،‬أما العزل فيترتب عنه عدم أهلية االنتخاب لمزاولة‬
‫مهام الرئيس والنائب لمدة االنتداب المتبقية في الوالية التي عزل فيها‪.‬‬

‫فالمواد من ‪ 20‬إلى ‪ 23‬وكذا المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي قد‬
‫أثارت نقاشات وردود فعل متعددة بين مؤيد لها ومعارض بعد تطبيق بعض الق اررات الناتجة عن هذه‬
‫المواد والمتعلقة بمعاقبة بعض أعضاء المجالس الجماعية‪.‬‬

‫فالسلطة التقديرية الممنوحة لسلطات الوصاية وعلى الخصوص وزير الداخلية والوزير األول يجب أن تتم‬
‫وفق مقاربة قانونية تعتمد على النظرة المحايدة والمتجردة من االعتبارات الشخصية والحسابات السياسية‪،‬‬
‫بما يتطلبه بناء دولة الحق والقانون‪ ،‬خاصة وأن هذه المقتضيات تعتريها العديد من العيوب المتمثلة أساسا‬
‫في الصياغة العامة للنصوص والحرية في تحديد وتأويل وتوقيع العقوبات‪ ،‬مما يجعل سلطة الوصاية‬

‫محمد بوجيدة ‪" :‬تطور الوصاية التقليدية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.34 :‬‬ ‫‪461‬‬

‫المادة ‪ 25‬من الميثاق الجماعي رقم‪ 78- 00‬لسنة ‪.2002‬‬ ‫‪462‬‬

‫المادة ‪ 26‬من نفس القانون ‪.‬‬ ‫‪463‬‬

‫‪165‬‬
‫والتي مهمتها هي المراقبة وتنظيم أعمال الجماعات الترابية لتتناسق مع السياسة العمومية الوطنية‪ ،‬والسهر‬
‫على احترام الشرعية‪ ،‬إلى أداة قابلة لالنحراف عن أهدافها في أي وقت‪.‬‬

‫فإذا كان المشرع قد حدد بشكل صريح أنواع المخالفات التي تجيز توقيع عقوبتي اإلقالة‬
‫فإنه في المقابل لم يحدد بشكل دقيق وواضح أنواع األفعال المخالفة للقانون وتلك المخالفة‬ ‫‪464‬‬
‫والعزل‪،‬‬
‫‪465‬‬
‫والتي يترتب عنها إما توقيف أو عزل المعني‬ ‫ألخالقيات المرفق العام‪ ،‬وكذا المقصود بالخطأ الجسيم‬
‫باألمر‪.‬‬

‫فالمقتضيات الواردة في الباب الثالث من الميثاق الجماعي رقم ‪ 78.00‬تتسم بالعمومية‪ ،‬بحيث‬
‫تقبل أكثر من تأويل‪ ،‬وتتسع لجميع أنواع المخالفات القانونية دون استثناء‪ .‬ذلك أن األفعال المخالفة‬
‫للقانون كثيرة ومتعددة‪ ،‬ويرتكبها جميع أعضاء المجالس المحلية‪ ،‬خاصة الرؤساء منهم‪ ،‬عالوة على ذلك‬
‫لم تحدد مقتضيات المادة ‪ 21‬من الميثاق المقصود باألفعال المخالفة ألخالقيات المرفق العام مما يفتح‬
‫الباب على مصراعيه إلعمال السلطة التقديرية الواسعة لسلطات الوصاية بشكل ال يخلو من المخاطر‬
‫على حرية األشخاص ومسؤولياتهم التدبيرية‪ ،‬كما لم يقم المشرع في المادة ‪ 33‬من قانون ‪ 78.00‬في‬
‫إطار توقيف أو عزل رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم في حالة ارتكابهم أخطاء جسيمة‪ ،‬بتحديد درجة‬
‫الخطورة‪ ،‬تاركا بذلك األمر لسلطة الوصاية حرية واسعة في تحديد نوع المخالفة ودرجة الجسامة في‬
‫الخطأ‪ ،‬وكذا أوجه االختالف بينها وبين األفعال المخالفة للقانون وألخالقيات المرفق العام‪.‬‬

‫كما لم يشر المشرع إلى مكان وزمان ارتكاب الخطأ الجسيم‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يثير مسؤولية‬
‫‪466‬‬
‫عضو المجلس الجماعي في حالة ارتكاب خطأ ال عالقة له بمزاولة مهامه النيابية‪.‬‬

‫وقد تترتب عن عدم تنصيص المشرع على توقيع هذه العقوبات بحكم القانون‪ ،‬تمتيع سلطة‬
‫الوصاية بحرية واسعة في تنزيل العقوبة التي تراها مناسبة على األشخاص الذين تثبت مسؤوليتهم في‬
‫ارتكاب بعض المخالفات أو إعفائهم إن أرادت ومن شأن هذا األمر أن يفتح المجال أمام تعسف سلطات‬
‫الوصاية في تطبيق الق اررات قد تغلب عليها مجموعة من االعتبارات السياسية والحزبية والمصالح الذاتية‬
‫بعيدا عن معايير الموضوعية والمصلحة العامة سواء المحلية أو الوطنية‪.‬‬
‫‪467‬‬
‫على أن هذه العقوبات لم تطبق إال ناذ ار وبشكل انتقائي بناء على تقارير‬ ‫وقد كشفت الممارسة الميدانية‬

‫المادتان ‪ 20‬و‪ 22‬من القانون رقم ‪.78.00‬‬ ‫‪464‬‬

‫المادتان ‪ 21‬و‪ 33‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪465‬‬

‫أنظر القرار رقم ‪ 882.08‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ 2008‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5633‬بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪ ،2008‬الذي يقضي بتوقيف السيد عمر‬ ‫‪466‬‬

‫عمراوي النائب السادس لرئيس مجلس جماعة سوق السبت أوالد النمة بإقليم بني مالل نتيجة اعتراض سيارة الجماعة التي تقل أعضاء اللجنة‬
‫اإلقليمية المكلفة بمعاينة ودراسة تسليم رخص السكن واالعتداء على السائق بالضرب والجرح"‪.‬‬
‫قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 1643.08‬صادر في ‪ 29‬غشت ‪ 2008‬القاضي بتوقيف السيد أحمد هاللي رئيس مجلس جماعة الشالالت بعمالة‬ ‫‪467‬‬

‫المحمدية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5685‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪.2008‬‬

‫‪166‬‬
‫السلطات اإلقليمية وتقارير المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬رغم محدودية الرقابة التي تمارسها هذه األجهزة‬
‫‪468‬‬
‫باعتبارها جها از إداريا يعاني من عدم االستقاللية والخضوع لتأثير السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وهكذا يتبين بأن المشرع المغربي قد ترك سلطة تقديرية واسعة لتنزيل العقاب على الجماعات‬
‫المحلية سواء فيما يخص األعمال أو األشخاص من طرف سلطات الوصاية وهي القاعدة العامة‪،‬‬
‫واالستثناء هو تقييد يد اإلدارة بفرض أنواع محددة من العقوبات وفرض عليها كيفية القيام بذلك بشكل‬
‫واضح‪ .‬وبالتالي قد تخرج اإلدارة عن سلطتها التقديرية وعن دورها التنفيذي إلى دور آخر تقوم فيه بتفسير‬
‫القانون حسب هواها لتصبح بذلك مشرعا وقاضيا ومنفذا للحكم في آن واحد‪ ،‬وهذا يتنافى ويتعارض مع‬
‫دولة الحق والقانون‪.‬‬

‫لذلك فاحترام مبدأ سمو القانون وقيم العدالة وسيادتها يقتضيان من المشرع تقييد سلطة اإلدارة‬
‫الوصية على الجماعات الترابية‪ ،‬وأن يلزمها بسلوك المسار المحددة بموجب القوانين واألنظمة‪ ،‬وعلى‬
‫اإلدارة أن تلتزم الحياد تجاه الجميع‪ ،‬وتكتفي بعرض هذه القضايا المخالفة للقانون على المحاكم‪ ،‬ضمانا‬
‫لحماية حقوق وحريات األشخاص الموكول لهم تدبير الشأن العام المحلي‪.‬‬

‫كما على اإلدارة الوصية على الجماعات الترابية لضمان فعالية رقابتها الشرعية والمشروعة‬
‫والتي تمارس طبقا للمبدأ القانوني ‪" :‬ال وصاية دون نص وال وصاية خارج النص" " ‪Pas de tutelle‬‬
‫‪ ،"sans texte, pas de tutelle au delà des textes‬ولكي ال تتعرض سلطاتها التقديرية لإللغاء‬
‫بسبب تجاوز السلطة‪ ،‬عليها إعمال منطق القانون وتحكيم القضاء في الخالفات وضرورة تبليغ التقارير‬
‫التي تتضمن المخالفات التي يرتكبها أعضاء المجالس الجماعية إلى المحاكم المالية المختصة للنظر فيها‬
‫‪469‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية خصوصا إذا كانت تندرج في إطار‬ ‫انسجاما مع مقتضيات المادة ‪109‬‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬

‫هذا فيما يخص المسؤولية السياسية الخاصة باآلمرين بالصرف ‪،‬فماذا عن المسؤولية المتعلقة‬
‫بالمحاسبين العموميين المشاركين لهم في تنفيذ الميزانية؟ و هو ما سوف نناقشه في المطلب الموالي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين العموميين في مجال تنفيذ الميزانية‬


‫تمتد المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين العموميين المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‬
‫إلى كل األعمال والعمليات المتعلقة بالمراكز المحاسبية التي يديرونها‪ ،‬وطيلة فترة مزاولتهم لوظائفهم‬

‫تنص المادة األولى من مرسوم ‪ 2.11.112‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬في شأن المفتشيات العامة للو ازرات على أنه ‪" :‬تخضع المفتشية‬ ‫‪468‬‬

‫العامة للو ازرة مباشرة لسلطة الوزير‪ ،‬ويسيرها مفتش عام وفق مقتضيات هذا المرسوم"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 109‬من مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ 2002‬على أنه ‪" :‬يبلغ الوزير المعني إلى المجلس أو إلى المجلس الجهوي المختص حسب‬ ‫‪469‬‬

‫الحالة‪ ،‬التقاري ر المنجزة من طرف هيئات التفتيش والمراقبة التي تشير إلى عمليات قد تشكل تسيي ار بحكم الواقع أو إلى مخالفات تدخل في مجال‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪."...‬‬

‫‪167‬‬
‫اعتبا ار من تاريخ تنصيبهم إلى تاريخ انتهاء مهامهم‪ .‬فمسؤولية المحاسبين العموميين متعددة الجوانب‬
‫واألسباب‪ ،‬فمنها ما هو مرتبط باألخطاء الشخصية‪ ،‬ومنها ما هو مرتبط بأخطاء الغير الذي قد تربطه‬
‫بهم عالقة تبعية أو رئاسية كالنواب والوكالء والمنتدبين‪ ...‬وفي حاالت أخرى تطرح مسؤولية المحاسبين‬
‫حتى في حالة عدم توفر العالقة والصفة القانونية التي تربط هؤالء المحاسبين باألتباع كالمحاسبين‬
‫الفعليين أو المحاسبين بحكم الواقع الذين يتدخلون لممارسة العمليات المالية في مجال التدبير والتصرف‬
‫في المال العام بدون أن يكونوا معينين في هذه المهام‪.‬‬

‫وقد تم تد المسؤولية إلى أخطاء المحاسبين السابقين بعد تسليم مهامهم للمحاسبين الذين حلوا مكانهم‪،‬‬
‫بحيث يتعين على المحاسبين الجدد‪ ،‬ممارسة تحفظاتهم خالل أجل قانوني معين‪ ،‬وإال اعتبروا مسؤولين‬
‫عن تصرفات وتركات هؤالء المحاسبين‪ ،‬وهذه المسألة تثير العديد من اإلشكاالت القانونية والعملية‪.‬‬

‫فأسباب إثارة المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين العموميين‪ ،‬كما حددتها المادة السادسة‬
‫‪470‬‬
‫‪ 03‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬ال‬ ‫من ظهير‬
‫تنحصر في األخطاء اإلدارية فقط‪ ،‬وإنما في االلتزامات ذات الطبيعة القانونية والمالية التي يتعين على‬
‫المحاسبين العموميين احترامها‪ .‬فالمحاسبون العموميون ملزمون باحترام األنظمة والقوانين المعمول بها في‬
‫ميدان التدبير المالي العام أو المحلي؛ منها المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم‬
‫‪471‬‬
‫ومجموعاتها‬ ‫للمحاسبة العمومية بالنسبة للميزانية العامة‪ ،‬ونظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية‬
‫بالنسبة لميزانية الجماعات الترابية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت‬
‫ومدونة‬ ‫‪473‬‬
‫باإلضافة إلى مرسوم الصفقات العمومية‪،‬‬ ‫‪472‬‬
‫العامة وهيئات أخرى بالنسبة للمؤسسات العمومية‬
‫والقوانين المالية السنوية المعدلة أو الملغية لمواد قانونية قد تؤثر في مجال‬ ‫‪474‬‬
‫تحصيل الديون العمومية‪،‬‬

‫تنص المادة السادسة من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين على أنه ‪" :‬يعتبر‬ ‫‪470‬‬

‫المحاسبون العموميون للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬ما عدا في حالة إصدار أمر بالتسخير بكيفية مشروعة عن اآلمر بالصرف‪ ،‬مسؤولين‬
‫شخصيا وماليا في حدود االختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪."...‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ومن خالل المادة ‪18‬‬ ‫‪471‬‬

‫يتضح مجال مسؤولية المحاسب العمومي حيث ‪" :‬يتحمل المحاسب العمومي أثناء مزاولة مهامه‪ ،‬المسؤوليات المنصوص عليها في النصوص‬
‫التشريعية الجاري بها العمل"‪.‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.195‬الصادر في ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة‬ ‫‪472‬‬

‫وهيئات أخرى وتنص المادة ‪ 10‬من هذا الظهير على ما يلي‪" :‬يعتبر الخازن المكلف باألداء كمحاسب عمومي مسؤوال عن صحة عمليات النفقات‬
‫سواء بالنظر إلى أحكام النصوص القانونية والتنظيمية أو إلى أحكام األنظمة األساسية والمالية للهيئة‪."...‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬الصادر في ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها‬ ‫‪473‬‬

‫ومراقبتها المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5518‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2007‬‬


‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.175‬الصادر في ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬ ‫‪474‬‬

‫‪ 4800‬بتاريخ فاتح يونيو ‪.2000‬‬

‫‪168‬‬
‫‪475‬‬
‫صرف المال العام أو تحصيله‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فالمحاسبون العموميون يخضعون للنظام العام للمسؤولية المقررة في‬
‫القوانين والتشريع الجاري به العمل باإلضافة إلى نظام المسؤولية الخاص بالمحاسبين العموميين الصادر‬
‫في ‪ 3‬أبريل ‪.2002‬‬

‫وما دامت صفة المحاسب العمومي يكتسبها من صفة الموظف العمومي‪ ،‬فهم يتحملون شأنهم شأن باقي‬
‫‪476‬‬
‫ومدنية وجنائية بمناسبة مزاولة مهامهم أو بسبب وظائفهم‪ ،‬أضف‬ ‫الموظفين واألعوان مسؤوليات تأديبية‬
‫‪477‬‬
‫بحكم‬ ‫إلى ذلك المسؤولية الشخصية والمالية التي ال نجد نظي ار لها في باقي مجاالت الوظيفة العمومية‬
‫تصرفهم في أموال عمومية والمحافظة على سندات ووثائق محاسبية‪ ،‬لذا فالمسؤولية الشخصية والمالية‬
‫ألنها تنصب على حماية المال‬ ‫‪478‬‬
‫لدى المحاسبين العموميين تكون جد ثقيلة‪ ،‬وعقوباتها جد مشددة‪،‬‬
‫العام‪ ،‬فالمسألة تمتد من الحراسة العادية إلى الحراسة اليقظة والقانونية المقررة بالقوانين سواء على مستوى‬
‫التحصيل من ديون وضرائب ورسوم‪ ،‬من إعمال اإلجراءات التحفظية واالحت ارزية والزجرية‪ .‬وعلى مستوى‬
‫تنفيذ النفقات العمومية‪ ،‬فالمحاسبون العموميون ملزمون باحترام مقتضيات الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي‬
‫الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية والمتعلق بمراقبة صحة النفقة‪ ،‬والتي تقتضي‬
‫التأكد من احترام العديد من الشروط قبل التأشير على النفقة العمومية من أجل األداء وإبراء ذمة المنظمة‬
‫العمومية‪.‬‬

‫وإذا كان المحاسبون العموميون في إطار المسؤولية المالية يسألون عن تصرفاتهم بصفة‬
‫شخصية ويحاسبون وفق مسطرة محددة عن المركز المحاسبي الذي يشرفون عليه‪ ،‬وقد تمتد مسؤوليتهم‬
‫إلى أعمال وأفعال أشخاص آخرين‪ ،‬إما عبر رابطة العالقة التبعية والرئاسية كاألعوان التابعين لهم‪ ،‬أو‬
‫تكون لهم سلطة اإلشراف والمراقبة كالوكالء والمؤدون المنتدبون‪ ،‬أو قد ال تربطهم بهم أية عالقة‬
‫كالمحاسبين الفعليين "‪ "Les comptables de fait‬أو المحاسبين بحكم الواقع لما يمارس هؤالء مهام‬
‫محاسب عمومي دون سند قانوني‪.‬‬

‫فالصالحيات والمهام الموكولة للمحاسبين العموميين متنوعة ومتعددة‪ ،‬واألفعال والتصرفات‬


‫الناتجة عن هذه الصالحيات والمهام كذلك كثيرة توجب المسؤولية ومنها المسؤولية الشخصية والمالية‬
‫الناتجة عن أفعالهم وعملياتهم المالية (الفرع األول)‪ ،‬كما قد تمتد هذه المسؤولية إلى العمليات المالية التي‬

‫أنظر على سبيل المثال القانون المالي لسنة ‪ 2009‬وخصوصا المادة ‪ 47‬منه التي تنص على أنه ‪" :‬تعفى من الضريبة على الدخل إلى غاية‬ ‫‪475‬‬

‫‪ 31‬دجنبر ‪ 2013‬الدخول الزراعية كما تم تحديدها في المادة ‪ 46‬أعاله‪ ...‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5695‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2008‬‬
‫للتوسع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب ‪" :‬الموظفون العموميون في المغرب"‪ ،‬لعبد القادر باينة‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪476‬‬

‫‪ ،2002‬الدار البيضاء‪ ،‬وكذا أطروحة فريد السموني حول "مفهوم الموظف في القانون الجنائي المقارن"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪،‬‬
‫الرباط‪.2002-2001 ،‬‬
‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.192 :‬‬ ‫‪477‬‬

‫‪478‬‬
‫‪MEDDAH Mostapha : "Le comptable public.......................…", op.cit, p : 162.‬‬

‫‪169‬‬
‫يقوم بها الغير (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعالهم الشخصية‬


‫إذا كان ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬قد قرر المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي‬
‫األول الذي أشار إلى أن "كل محاسب عمومي يكون مسؤوال شخصيا وماليا عن‬ ‫‪479‬‬
‫خصوصا في فصله‬
‫المحافظة على األموال والقيم المكلف برعايتها"‪ .‬فإن ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المنظم لمسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين قد سار هو أيضا في نفس المنحى من خالل تحديد عناصر‬
‫المساءلة المالية‪ ،‬والمقتضيات القانونية الواجب احترامها في مجال تحصيل الديون العمومية وصرف‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬وقد نصت المادة السادسة في فقرتها األولى من هذا الظهير على أنه يعتبر المحاسبون‬
‫العموميون للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬ما عدا في حالة إصدار أمر بالتسخير بكيفية مشروعة من‬
‫اآلمر بالصرف‪ ،‬مسؤولين شخصيا وماليا في حدود االختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬وقد سبق التأكيد على هذه المسؤولية في مرسوم المحاسبة‬
‫‪480‬‬
‫وذلك قبل تطبيق مقتضيات ظهير ‪ 3‬أبريل ‪.2002‬‬ ‫العمومية لسنة ‪ 1967‬في الفصل ‪125‬‬

‫وفي القانون المقارن نجد نفس المسؤوليات تقريبا تطبق على المحاسبين العموميين ففي فرنسا‬
‫مثال تنص المادة ‪ 12‬و‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ 1587-62‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 1962‬على مسؤولية هؤالء‬
‫‪481‬‬
‫على مستوى المداخيل وعلى مستوى المصاريف‪.‬‬

‫وفي القانون الجزائري رقم ‪ 21-90‬بتاريخ ‪ 15‬غشت ‪ 1990‬المتعلق بالمحاسبة العمومية تنص‬
‫المادة ‪" : 38‬على أن المحاسبين العموميين مسؤولين شخصيا وماليا على العمليات الموكلة إليهم‪ ،‬وعلى‬
‫جميع عمليات القسم الذي يديرونه منذ تاريخ تنصيبهم فيه إلى تاريخ انتهاء مهامهم"‪.‬‬

‫إال أن ما يميز ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بالمسؤولية المالية وخصوصا المادة السادسة منه‬
‫‪482‬‬
‫‪ 100‬من ظهير ‪14‬‬ ‫هو تحديده لمجاالت المسؤولية على سبيل الحصر‪ ،‬وقد سبق للمشرع في الفصل‬
‫شتنبر ‪ 1979‬أن حدد مسؤولية المحاسبين العموميين عن عملياتهم الخاصة‪ .‬فقد بين المشرع في هذه‬

‫لقد وقع تغيير مضمون الفصل األول من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬بموجب الفصل ‪ 100‬من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى‬ ‫‪479‬‬

‫للحسابات‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3490‬مكر بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.1979‬‬


‫ينص الفصل ‪ 125‬من المرسوم الملكي للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬على أنه ‪" :‬يكون كل محاسب مسؤوال عن عملياته الخاصة‪ ،‬ويقيد‬ ‫‪480‬‬

‫الخازن العام من جديد في سجالته جميع عمليات المحاسبين المتعلقة بمداخيل ونفقات الدولة‪."...‬‬
‫المادتان ‪ 12‬و‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ 1.62.1587‬لسنة ‪ 1962‬المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية الفرنسي كما تم تعديله وتتميمه‪.‬‬ ‫‪481‬‬

‫ينص الفصل ‪ 100‬من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬على أنه ‪" :‬يعتبر كل محاسب عمومي مسؤوال شخصيا وماليا عن المحافظة على األموال‬ ‫‪482‬‬

‫والقيم المكلف برعايتها ‪ ،‬وعن حالة حسابات األموال المتوفرة التي ليست تحت يده والتي يسهر عليها أو يأمر برواجها‪ ،‬ما عدا في حالة أسباب‬
‫قاهرة‪ ...‬وعن مباشرته بصفة قانونية تحصيل الموارد المعهود إليه بقبضها وعن مراقبة صحة النفقات التي يسجلها وإنجاز النفقات الملزم بدفعها‬
‫وتبرير عملياته"‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫المادة على أن مساءلة المحاسبين العموميين على أفعالهم وعملياتهم الشخصية في مجال المال العام‬
‫تخص كل األعمال المرتبطة بتحصيل وإنفاق األموال العمومية في جانبها المحاسبي‪ .‬ومن خالل ظهير‬
‫‪483‬‬
‫للمال العام والقيم الموضوعة رهن إشارته‪،‬‬ ‫‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬فالمحاسب العمومي يعتبر الحارس األمين‬
‫‪484‬‬
‫اآلمرة بالصرف (الفقرة األولى)‪ ،‬كما أن‬ ‫رغم أن المشرع بدأ يقزم دوره شيئا فشيئا وتقوية دور المصالح‬
‫المحاسب ملزم بممارسة عملية التحصيل القانوني للمداخيل ومراقبة صحة النفقة العمومية وصحة أدائها‬
‫عبر احترام القواعد والمساطر القانونية المتعلقة بالمحاسبة العمومية والقوانين األخرى الموازية (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين كأمناء للصندوق ومحافظين على األموال والقيم‬

‫يشكل إسناد مهمة تدبير األموال العمومية والمحافظة عليها باإلضافة إلى القيم والسندات‬
‫الموضوعة لدى المحاسبين العموميين مسألة ليست بالسهلة والهينة‪ ،‬فهي ضرورية والزمة لمواجهة أداء‬
‫النفقات العمومية الواجبة على الدولة أو المؤسسات التابعة لها ‪ ،‬فهذه األموال والقيم "شر البد منه" رغم‬
‫‪485‬‬
‫وااللتزامات المحيطة بهذه األموال والقيم‪ .‬فتدبير وتسيير األمور اليومية للمؤسسات والمرافق‬ ‫الشروط‬
‫العمومية تستلزم توفر أرصدة مالية وسيولة وحسابات جارية يديرها المحاسبون العموميون إلى جانب‬
‫اآلمرين بالصرف‪.‬‬

‫فالقيم والسندات المودعة لدى المحاسبين يتطلبها تنفيذ بعض العمليات المالية التي يقوم بها‬
‫فالمحاسب العمومي مادام هو الحارس‬ ‫‪486‬‬
‫الوكالء والمؤدون المنتدبون‪ ،‬في إطار تسييرهم لهذه الوكاالت‬
‫األمين لهذه األموال والقيم يرجع له الفضل في ربط العالقة اإلدارية بين هؤالء الوكالء من خالل دفع‬
‫األموال أو تسلمها أو مراقبتها حسب الحاالت وحسب نوع المحاسبين العموميين‪ ،‬وقد حدد قرار وزير‬
‫االقتصاد والمالية قيمة السيولة األقصى واألدنى التي يمكن للمحاسبين العموميين االحتفاظ بها داخل‬

‫تنص المادة ‪ 2‬من مرسوم ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بتطبيق ظهير ‪ 9‬نونبر ‪ 1942‬الخاص بأداء اليمين القانونية للمحاسب العمومي على ما‬ ‫‪483‬‬

‫يلي ‪" :‬أقسم باهلل العلي العظيم أن أدير بصدق وأمانة األموال والقيم المودعة لدي‪ ،‬وأن أتقيد بالقوانين واألنظمة التي تستهدف السهر على حصانة‬
‫هذه األموال والقيم واستعمالها بصورة مشروعة"‪.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة والسيما المادة‪ 27‬منه فيما يخص تطبيق المراقبة التراتبية‪،‬‬ ‫‪484‬‬

‫وفي هذا المجال جاءت مالحظات المجلس األعلى للحسابات المضمنة في تقريره السنوي لسنة ‪ 2007‬على إثرها وجه مالحظاته إلى السلطات‬
‫المختصة حول نظام مسؤولية المتدخلين في مسلسل تدبير المال العام‪ .‬ومن بين المالحظات التي وقف عندها هو تحويل دور المحاسبين العموميين‬
‫من مراقبين فعاليين لسالمة العمليات المالية والمحاسباتية إلى مجرد دور شكلي ينحصر في تسجيل العمليات وأدائها دون التأكد من توافر كافة‬
‫العناصر القانونية لصحة النفقات‪ .‬أنظر تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،2007‬ص ‪ ،289 :‬منشور على موقعه اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪www.coursdescomptes.ma.‬‬
‫قرار وزير االقتصاد والمالية والسياحة رقم ‪ 205‬الصادر في ‪ 10‬دجنبر ‪ 2001‬المتعلق بتحديد مبلغ السيولة التي يمكن االحتفاظ بها من طرف‬ ‫‪485‬‬

‫المحاسبين العموميين بخزائنهم‪.‬‬


‫يقصد بالوكاالت ‪ Les Régies‬حسب منشور وزير المالية الصادر في ‪ 29‬دجنبر ‪" 1969‬وكاالت المداخيل" و"وكالة المصاريف" وهي عبارة‬ ‫‪486‬‬

‫عن مؤسسة "‪ ،"Institution‬يتم إحداثها بقرار مشترك لوزير المالية من جهة والوزير المعني باألمر بالقطاع المقصود من جهة أخرى بقصد القيام‬
‫بتحصيل بعض المداخيل وتنفيذ بعض النفقات المستعجلة والبسيطة‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫خزائنهم أو صناديقهم لتمويل وتأدية النفقات العمومية الالزمة لسير المرافق العمومية أو صناديق‬
‫الوكاالت‪ ،‬كما يمكنهم تسلم المداخيل المختلفة المحصلة من طرف الملزمين و وكالء المداخيل‪487‬فالجدول‬
‫‪:‬‬ ‫‪488‬‬
‫التالي قد حدد قيمة السيولة الدنيا و القصوى الممكن االحتفاظ بها بالخزينة العامة و الجهوية‬

‫السيولة االستثنائية بالدرهم‬ ‫السيولة األقصى بالدرهم‬ ‫السيولة األدنى بالدرهم‬ ‫نوع الخزينة‬

‫‪-‬‬ ‫‪ 5.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 3.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة العامة للمملكة‬

‫‪ 3.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية بالرباط‬

‫‪ 3.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية للدار البيضاء‬

‫‪ 2.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية ألكادير‬

‫‪ 2.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية لفاس‬

‫‪ 2.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية لمراكش‬

‫‪ 2.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية لوجدة‬

‫‪ 2.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫الخزينة الجهوية لمكناس‬

‫‪ 1.500.000,00‬درهم‬ ‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 500.000,00‬درهم‬ ‫خزائن جهوية أخرى‬

‫قباضات مكلفة بالتحصيل‬


‫‪ 1.000.000,00‬درهم‬ ‫‪ 250.000,00‬درهم‬ ‫‪ 100.000,00‬درهم‬
‫وأداء النفقات‬

‫‪-‬‬ ‫‪ 150.000,00‬درهم‬ ‫‪ 50.000,00‬درهم‬ ‫قباضات مكلفة بالتحصيل‬

‫‪ 400.000,00‬درهم‬ ‫‪ 150.000,00‬درهم‬ ‫‪ 50.000,00‬درهم‬ ‫القباضات البلدية والجهوية‬

‫المصدر ‪ :‬قرار وزير االقتصاد والمالية والسياحة رقم ‪ 205‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬دجنبر ‪2001‬‬

‫فمن خالل هذا الجدول يتبين الحرص الشديد الذي تبناه المشرع من أجل الحفاظ على المال‬
‫العام وتحديد السيولة األدنى واألقصى التي على الخزنة والمحاسبين العموميين االحتفاظ بها داخل‬
‫صناديقهم‪ ،‬وما زاد عن هذه المبالغ يتم دفعها إلى الحساب المفتوح ببنك المغرب‪ .‬فمهمة المحاسب‬
‫العمومي ليست سهلة‪ ،‬فهو ملزم بمسك محاسبة عمومية سليمة وشفافة (أ)‪ ،‬وعليه القيام باإلجراءات‬
‫االحت ارزية لحماية المال العام من قيم وسندات وأموال وإال طرحت مسؤوليته المالية والشخصية عن‬
‫التقصير في هذا المجال (ب)‪.‬‬

‫‪ 487‬تنص المادة ‪ 36‬من منشور وزير المالية بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1969‬على ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Le Régisseur de Recettes doit verser au comptable public de rattachement désigné par l'arrêté de création le‬‬
‫‪montant total des recettes encaissées".‬‬
‫‪ 488‬قرار وزير االقتصاد والمالية والسياحة رقم ‪ 205‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬دجنبر ‪.2001‬‬

‫‪172‬‬
‫أ ‪ :‬مسك محاسبة عمومية سليمة ‪.‬‬

‫يترتب عن مسؤولية المحاسب في مجال اختصاصاته مسك محاسبة عمومية‪ ،‬حسب ما ينص‬
‫عليه قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬والقوانين الموازية لها‪ ،‬ويتعلق األمر بالعمليات المنجزة سواء‬
‫فيما يخص المداخيل أو النفقات‪ ،‬والمرتبطة بوظيفته ودوره كمحاسب عمومي من أجل تصفيتها وإبراء ذمة‬
‫الهيئة التي يشتغل بها‪ ،‬أو اتجاه األغيار المدينين لهذه الهيئة‪ .‬فالمحاسبون العموميون بكل أصنافهم‬
‫مطالبون في نهاية كل سنة مالية بإبالغ الخازن العام بهذه العمليات لمركزة الحسابات من أجل تسهيل‬
‫‪489‬‬
‫وإخبار السلطات المعنية بالوضعية المالية والمحاسبية للجهاز المعني بهذه العملية‪.‬‬ ‫عملية المراقبة‬
‫وتتكون هذه العملية من خالل اعتماد الحسابات المودعة من طرف المحاسبين فيما يخص حسابات‬
‫‪490‬‬
‫التسيير‪ ،‬وتشمل الخازن الرئيسي والمؤدي الرئيسي لألجور وخازن الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‬
‫والخزنة الجهويون وخزنة العماالت واألقاليم‪ ،‬واألعوان المحاسبون لدى السفارات والقنصليات ومحصلي‬
‫الجمارك ومحصلي إدارة الضرائب والقباض بصفتهم أهم مصادر حسابات الدولة‪ ،‬ومراكزها المحاسبية‪.‬‬

‫وتشتمل محاسبة المحاسبين العموميين على مسك محاسبة نقدية للسيولة ومحاسبة للقيم‬
‫والسندات‪ ،‬ويقتضي األمر في هذا الشأن فتح العديد من السجالت المحاسبية حسب نوع كل عملية أو‬
‫حساب‪ .‬وتكمن هذه المهمة في أن نتائجها هي التي تمكن المحاسب العمومي من مراقبة صحة وسالمة‬
‫األموال والقيم المودعة لديه أو الحسابات الجارية التي يأمر برواجها‪.‬‬

‫ونظ ار ألهمية هذا الدور الذي يقوم به المحاسب العمومي‪ ،‬فإنه مسؤول عن قانونية وصحة‬

‫استنادا إلى الفصل ‪ 127‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية والمادة ‪ 94‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة‬ ‫‪489‬‬

‫المحاكم المالية تتم هذه المراقبة من طرف الخازن العام للمملكة عن طريق التصريح العام بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام‬
‫للممل كة‪ ،‬وبمقارنة نتائج الحسابات الفردية المقدمة إلى المجلس األعلى للحسابات من طرف المحاسبين العموميين‪ ،‬مع نتائج الحساب العام للمملكة‬
‫الذي يقدم في قوانين التصفية السنوي‪.‬‬
‫لقد طرحت إشكالية إحداث وكالة مركزية لمحاسبة المصالح الدبلوماسية والقنصلية من خالل المرسوم الملكي رقم ‪ 799-65‬المؤرخ في ‪18‬‬ ‫‪490‬‬

‫مارس ‪ ،1966‬حيث عرض األمر على أنظار المجلس الدستوري من طرف الوزير األول بواسطة الرسالة المسجلة بأمانة المجلس في‬
‫‪ 2000/11/24‬من أجل التصريح بشأن أحكام هذا المرسوم انطالقا من الفصل ‪ 47‬من الدستور المغربي لسنة ‪.1992‬‬
‫وقد جاء قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 425‬م‪.‬د‪ 2000/‬في الملف رقم ‪ 2000/528‬المتعلق بهذا الشأن على الشكل التالي ‪" :‬وبعد االستماع إلى‬
‫تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون‪ ،‬حيث إن المرسوم الملكي رقم ‪ 799-65‬المؤرخ في ‪ 18‬مارس ‪ 1966‬المعروض على أنظار المجلس‬
‫الدستوري يتعلق بإحداث وكالة مركزية لمحاسبة المصالح الدبلوماسية والقنصلية التابعة لو ازرة الشؤون الخارجية‪ ،‬وتشمل أحكامه طريقة تسيير هذه‬
‫الوكالة والدور المنوط باألعوان المشرفين عليها والقواعد التي يمارسون في نطاقها المهام الموكولة إليهم‪ ،‬وحيث إن الفقرة األولى من الفصل ‪ 7‬من‬
‫المرسوم الملكي المذكور تنص على المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين العموميين‪ ،‬مما يجعل أحكامها تدخل في مجال القانون طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 46‬من الدستور‪.‬‬
‫وحيث إنه باستثناء الفقرة األولى من الفصل ‪ 7‬المومأ إليها فإن أحكام المرسوم الملكي المستفتى في شأنه ال يتناول أي مادة من المواد التي تختص‬
‫بها السلطة التشريعية بمقتضى الفصل ‪ 46‬من الدستور‪ ،‬وحيث إنه تأسيسا على ما سلف بيانه وبناء على مقتضيات الفصل ‪ 47‬من الدستور‪ ،‬فإن‬
‫األحكام المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم ‪ 799-65‬السالف الذكر تدخل في اختصاص السلطة التنظيمية باستثناء ما ورد في الفقرة األولى‬
‫من الفصل ‪ ، 7‬وقد تم نسخ هذه الفقرة بواسطة المادة ‪ 19‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪،‬‬
‫هذا القرار منشور على الموقع اإللكتروني للمجلس الدستوري ‪.http://www.conseil-constitutionnel.ma :‬‬

‫‪173‬‬
‫عملياته الخاصة المضمنة في هذه المحاسبة والنتائج المترتبة عنها وهي إما إبراء الذمة وإخالء مسؤوليته‬
‫وسالمة حساباته‪ ،‬أو ترتيب مسؤوليته في حالة العكس وتوقيع العقوبة المناسبة التي ينص عليها القانون‬
‫‪491‬‬
‫باإلضافة إلى الغرامة المالية التي قد يصل مقدارها إلى ‪1.000‬‬ ‫وهي إما تأديبية‪ ،‬أو مالية أو جنائية‪.‬‬
‫درهم في حالة تأخر المحاسبين العموميين في حصر العمليات المحاسبية وتقديم حساب التصرف إلى‬
‫المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬أو غرامة تهديدية أقصاها ‪ 500‬درهم عن كل‬
‫‪492‬‬
‫شهر تأخير‪.‬‬

‫ويستند المحاسبون العموميون في تنفيذ عملياتهم المالية في مجال تحصيل الموارد أو صرف‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬إلى أوراق وسندات ثبوتية وحجج دامغة تكون حقوقا أو التزامات لدى دائني أو مديني‬
‫األجهزة العمومية ‪ ،La Régularité de la dette ou de paiement‬ودليلهم في ذلك هو تبرير‬
‫تحصيل الموارد أو صرف النفقات مقابل اإلدالء بالحجج والمستندات الضرورية التي يشملها ملف النفقة‬
‫أو اإليراد الذي يتلقاه المحاسب من طرف اآلمرين بالصرف أو من يقوم مقامهم‪ ،‬وتبقى المسؤولية المالية‬
‫للمحاسبين العموميين حاضرة عندما يتعلق األمر بوثائق إثبات خاطئة أو غير صحيحة أو مزورة‪ .‬فترك‬
‫هذه األمور دون إثبات أو عدم تقديم الدليل على عدم صحتها نتيجة إهمال أو تقصير من جانب‬
‫المحاسب‪ ،‬أو عدم مطالبته لآلمر بالصرف بتقديم هذه الوثائق يشكل سببا إلثارة وتحريك مسؤولية‬
‫‪493‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية التي تحتم على المحاسب‬ ‫المحاسب الشخصية والمالية‪ ،‬فحسب المادة ‪37‬‬
‫العمومي اتخاذ اإلجراءات واالحتياطات الواجب القيام بها في مجال تحصيل الموارد وصرف النفقات‪.‬‬
‫فالقيام باإلثباتات والحجج والمستندات مسألة ضرورية لدى المحاسب العمومي حيث تشكل الدليل على‬
‫‪494‬‬
‫وفي حالة العكس يلتزم المحاسب قانونيا بدفع قيمة كل نفقة غير‬ ‫صحة وقانونية العمليات المالية‪،‬‬
‫مبررة أو تحصيل غير قانوني أو مبرر بشكل غير كافي‪ ،‬فالمحاسب في نظر المشرع هو األمين‬
‫والحاضن لألموال العمومية لذا طوقه بمسؤوليات جسيمة‪.‬‬

‫فحسب المادة ‪ 111‬الفقرة األولى من مدونة المحاكم المالية التي تنص على أنه ‪" :‬ال تحول المتابعات أمام المجلس دون ممارسة الدعوى‬ ‫‪491‬‬

‫التأديبية والدعوى الجنائية"‪.‬‬


‫المادة ‪ 29‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪492‬‬

‫تنص المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 62-99‬في فقرتها الثانية على ما يلي ‪" :‬وإذا ثبت للمجلس وجود مخالفات ناتجة عن عدم تبرير إنجاز العمل أو‬ ‫‪493‬‬

‫عدم صحة حسابات التصفية أو غياب التأشيرة المسبقة أو عدم احترام قواعد التقادم وسقوط الحق أو عدم مراعاة قواعد إبراء التسديد أو عدم اتخاذ‬
‫اإلجراءات التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام ب ها في مجال تحصيل الموارد‪ ،‬أمر المجلس المحاسب بواسطة قرار تمهيدي بتقديم تبريراته‬
‫كتابة‪ ،‬أو عند عدم تقديمها بإرجاع المبالغ التي يصرح بها المجلس كمستحقات للجهاز العمومي المعني‪."...‬‬
‫لإلشارة فقد عرفت المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 62-99‬عدة تغييرات كان آخرها بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2008‬رقم ‪ 38-07‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬دجنبر‬
‫‪ 2007‬الذي تم بموجبه تغيير وتتميم أحكام المادة ‪ ، 37‬حيث تم التخلي عن تحديد مدلول ومكونات صحة النفقة كأساس للمسؤولية المالية‬
‫والشخصية للمحاسبين العموميين في مجال البت في الحسابات‪ .‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2007‬‬
‫قرار المجلس األعلى عدد ‪ 389‬بتاريخ ‪" 1998/05/07‬حيث اعتبر األمر بالقيام بمهمة "‪ "Ordre de Mission‬وثيقة مثبتة للتعويضات‬ ‫‪494‬‬

‫المستحقة عن مصاريف التنقل"‪ ،‬قرار منشور بكتاب األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي المالي بالمغرب لمحمد براو ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.58 :‬‬

‫‪174‬‬
‫ب ‪ :‬المحافظة على األموال والقيم والسندات‬

‫حسب الفصل ‪ 120‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية فإن محاسبة‬
‫الخزينة المتعلقة بالنقود يمسكها الخازن العام الذي يجمع العمليات المنجزة من طرف محاسبي الدولة‬
‫اآلخرين‪ ،‬أما المحاسبات المتعلقة بالمواد والقيم والسندات فيمسكها الخازن العام وكل محاسب يعينه وزير‬
‫المالية لهذا الغرض‪ .‬فكان لزاما على كل محاسب التوفر على خزينة فوالذية "صندوق مالي حديدي" لحفظ‬
‫هذه األموال والقيم والسندات التي يحتاجها بشكل يومي تقريبا للقيام بعملياته المالية‪ .‬فالمحاسب العمومي‬
‫بما فيه الخازن العام يتسلم أمواال عبر تحصيل المداخيل واستقبال التحويالت المالية من الصناديق التابعة‬
‫للمراكز المحاسبية كما يصرفون أمواال وسندات أو قيم أو شيكات أو طوابع أو سيمات ‪ Vignettes‬أو‬
‫غيرها‪ ،‬فهذه الصناديق تلعب دورين أساسيين ‪ :‬األول لحفظ هذه األموال والقيم والسندات من الضياع أو‬
‫السرقة في أيام العطل وخارج أوقات العمل‪ ،‬والثاني لجمع األموال وترتيبها وإجراء موازنة بين المداخيل‬
‫والمصاريف‪.‬‬

‫فالمادة السادسة‪495‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬قد حملت المسؤولية للمحاسبين في حالة الخصاص أو الضياع أو السرقة‪ ،‬إال في حالة القوة‬
‫القاهرة والظروف الطارئة والحوادث الفجائية كالحرائق و الفيضانات والسرقة بالعنف عن طريق حمل‬
‫السالح‪ .‬فكل خصاص أو نقص في صندوق المحاسب العمومي سواء كان عن قصد أو غير قصد يسأل‬
‫عنه ويؤديه من ماله الخاص‪ ،‬فالمشرع المغربي ال يسمح بهذه األخطاء المادية سواء بالزيادة أو النقصان‪،‬‬
‫فكل مركز محاسبي يتوفر على صندوق واحد تجمع فيه العمليات المالية اليومية والشهرية والسنوية‬
‫بطريقة الموازنة عن طريق توحيد العمليات المحاسبية‪ ،‬لذلك يتحتم على المحاسبين العموميين إجراء‬
‫مراقبة ذاتية مستمرة ومنتظمة على محتويات صناديقهم أو خزائنهم الفوالذية من حين آلخر‪ ،‬وذلك بحصر‬
‫المبالغ النهائية للصندوق عند نهاية كل أسبوع وكل شهر من أجل حصر الحسابات والتحقق من‬
‫مصداقيتها وصدقها وتجنب كل خطأ قد يط أر على هذه الحسابات‪ .‬فكل إهمال من جانب المحاسب قد‬
‫يعرضه للمساءلة في حالة اكتشاف أو وقوع ما من شأنه أن يخلق عدم توازن حسابات المحاسب إما‬
‫أو الفائض"‪.‬‬ ‫‪496‬‬
‫بالزيادة أو النقصان بالصندوق أو ما يسمى "بالعجز‬

‫ويعتبر من قبيل المحافظة على األموال والقيم المودعة لدى المحاسبين العموميين االحتفاظ‬
‫بالمبالغ المرخص بها قانونا في قرارات تعيينهم‪ ،‬فال يسمح بتجاوز السقف المسموح به‪ ،‬ومن تم عليهم دفع‬
‫الزائد على القدر المسموح به إلى الحساب الجاري المفتوح بالخزينة لدى بنك المغرب‪ ،‬أو إلى أقرب شباك‬

‫تنص المادة السادسة من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬في فقرتها األولى على أنه ‪" :‬يعتبر المحاسبون العموميون للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‪،‬‬ ‫‪495‬‬

‫مسؤولين شخصيا وماليا في حدود االختصاصات المسندة إليهم‪ ...‬عما يلي ‪ :‬المحافظة على األموال والقيم المعهود إليهم بحراستها‪ ،‬وضعية‬
‫الحسابات الخارجية لألموال المتوفرة التي يراقبونها أو يأمرون بحركاتها‪ ،‬القبض القانوني للمداخيل المعهود إليهم بتحصيلها‪."...‬‬
‫‪496‬‬
‫‪Voir Note de service du Trésorier Général du Royaume n°7/1987 relative au couverture des déficites de‬‬
‫‪caisse.‬‬

‫‪175‬‬
‫من شبابيك مركز الشيكات البريدية في حالة عدم وجود وكاالت بنك المغرب بالمناطق التي يتواجد بها‬
‫المحاسب المعني‪ ،‬وفي إطار إجراءات السالمة في نقل األموال إلى هذه األماكن والشبابيك‪ ،‬فقد حثت‬
‫‪497‬‬
‫على اتخاذ‬ ‫المصالح المركزية بالخزينة العامة للمملكة عن طريق التعليمات والمذكرات المصلحية‪،‬‬
‫االحتياطات واإلجراءات الوقائية من طرف المحاسبين العموميين ومنها ‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة تواجد الحراسة بالمراكز المحاسبية داخل أوقات العمل‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون األشخاص المكلفون بنقل األموال من جنس الذكور وفي صحة جيدة وأن يتراوح سنهم‬
‫بين ‪ 18‬و‪ 60‬سنة‪.‬‬

‫وإذا تم نقل األموال مشيا يجب أال يتعدى المبلغ المنقول ‪ 150.000‬درهم موزعة بين‬
‫شخصين‪ ،‬وإذا تم نقلها بالسيارة يجب أن يتراوح المبلغ ما بين ‪ 150.000‬درهم و‪ 1.000.000,00‬درهم‬
‫مقسمة بين شخصين مصحوبين بالسائق‪ .‬كما يجب تغيير الطريق بين الفينة واألخرى‪ ،‬وتغيير أوقات نقل‬
‫األموال وعدم إفشاء العملية للغير‪ ،‬وكذا تغيير األعوان المرافقين بشكل مستمر‪ ،‬كما على المحاسبين‬
‫االحتفاظ بالمفاتيح بصفة شخصية وعدم إعطائها ألي كان‪.‬‬

‫فكل هذه اإلجراءات واالحتياطات مهمة‪ ،‬إال أنه يصعب تطبيقها نظ ار لعدم توفر اإلمكانيات‬
‫المادية واللوجيستيكية لتطبيقها كعدم وجود وسائل النقل الكافية لنقل األموال أو بعد مكان هذه األموال عن‬
‫المركز المحاسبي أو عدم وجود مرافقين من األعوان‪ ،‬لذلك يبقى التعاقد مع شركات نقل األموال وأعمال‬
‫الحراسة السبيل األنجع لتطبيق هذه اإلجراءات وتخفيف العبء عن المحاسبين العموميين‪ ،‬خصوصا بعد‬
‫المتعلق بأعمال الحراسة ونقل األموال‪.‬‬ ‫‪498‬‬
‫صدور القانون رقم ‪27-06‬‬

‫فالمحاسبون العموميون هم وحدهم المؤهلين الستعمال الحسابات الجارية سواء كانت بريدية أو‬
‫حسابات جارية للخزينة ببنك المغرب‪ ،‬وبالتالي هم من يتحمل المسؤولية الشخصية والمالية عن تلك‬
‫األموال المودعة بهذه الحسابات من خالل العمليات المالية التي يجرونها‪ .‬فالديون المستخلصة قد تؤدى‬
‫نقدا أو عن طريق التحويل بواسطة شيكات بنكية أو بريدية إلى الخزينة الموجود بها الحساب المفتوح‬
‫للمركز المحاسبي المتواجد به المحاسب المسؤول‪ .‬كما أن بعض النفقات تؤدى نقدا في الحدود التي‬
‫وفي بعض الحاالت االستثنائية‪ .‬والباقي تؤدى إما عن طريق األمر بالتحويل من‬ ‫‪499‬‬
‫يسمح بها القانون‬
‫الحساب البريدي أو الحساب الجاري للخزينة لدى بنك المغرب إلى الحسابات البريدية أو الشخصية‬

‫‪497‬‬
‫‪Note de service du Trésorier Général du Royaume de 1 er juin 1999 relative aux consignes de sécurités des‬‬
‫‪postes comptables.‬‬
‫‪ 498‬المرسوم رقم ‪ 2.09.97‬صادر في ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2010‬بتطبيق القانون رقم ‪ 27-06‬المتعلق بأعمال الحراسة ونقل األموال الصادر بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5888‬بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪ 2010‬كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫يتعلق األمر بالحواالت المدفوعة للمؤدين المنتدبين ‪ Les payeurs délégués‬أو الحواالت المدفوعة برسم المعاشات‪ ،‬أو الحواالت المدفوعة‬ ‫‪499‬‬

‫لورثة الدائن أو األداءات المدفوعة خارج المغرب من طرف الوكاالت الدبلوماسية والقنصلية‪ ...‬وتكون في حدود ‪ 1500,00‬درهم بقرار لوزير المالية‬
‫والوزير المعني باألمر‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫‪500‬‬
‫المفتوحة لدى األبناك‪ ،‬أو عن طريق التحويل من حساب إلى آخر حسب ما ينص عليه الفصل ‪18‬‬
‫من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ .‬فهذا األداء عن طريق التحويالت ينطوي‬
‫على مزايا كثيرة تجنب المحاسب العمومي األخطار المحيطة بتداول العمليات الحسابية نقدا‪ ،‬وبالتالي‬
‫تساهم عملية التحويل في تجنب المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب التي قد تنتج عن مخاطر‬
‫أو الضياع أو السرقة‪ ،‬كما تخفف العبء على الصندوق‪.‬‬ ‫‪501‬‬
‫االختالس‬

‫وبهذه الطريقة يسهل ضبط حسابات المحاسبين العموميين وكذا مراقبتها فهم يتلقون إشعا ار عن‬
‫كل عملية مالية تتم أثناء التحويالت‪ ،‬وبالتالي يتم ضبط الحسابات بمقارنة بسيطة بين الدائنية والمديونية‬
‫بحساب المحاسب العمومي‪ ،‬من خالل الكشف الشهري المفصل الذي يبين وضعية الحساب وبالتالي‬
‫‪502‬‬
‫يسهل على اآلمرين بالصرف أو لجن المراقبة والتتبع من معرفة الوضعية المالية والحسابية للمؤسسة‪،‬‬
‫عن طريق مقارنة بين السجالت المحاسبية والكشف الحسابي للحساب الجاري بالخزينة الموجود على رأسه‬
‫المحاسب العمومي‪.‬‬

‫فأي خصاص أو نقص أو عجز غير مبرر أو عدم توازن حسابات المحاسب بين المداخيل‬
‫والنفقات قد يعرضه للمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬وبالتالي يتولى تسديده من ماله الخاص‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫األخرى التي قد تطاله حسب الحاالت والتي سوف نتطرق إليها فيما يأتي بالتفصيل‪.‬‬ ‫‪503‬‬
‫العقوبات‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين في مجال تحصيل المداخيل وصرف النفقات‬

‫لقد حمل المشرع المغربي في نظام المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬المحاسبين العموميين‬
‫مسؤوليات وذلك بالتكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها اآلمرون بالصرف والديون األخرى والقيام باستيفائها‬
‫واستخالصها (أ )‪ ،‬أما في مجال النفقات فيتحتم على المحاسبين العموميين المكلفين بالتسديد القيام بالعديد‬
‫من اإلجراءات سواء على مستوى التأشير أو على مستوى األداء (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬المسؤولية في مجال تحصيل المداخيل العمومية‬

‫لقد أكد المشرع المغربي على اختصاص المحاسبين العموميين في مجال تحصيل الموارد‬
‫‪504‬‬
‫من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬الخاص‬ ‫العمومية في كل من الفصل ‪9‬‬

‫ينص الفصل ‪ 18‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية في فقرته الثانية على أنه ‪" :‬تنجز جميع التسديدات بين‬ ‫‪500‬‬

‫المحاسبين العموميين بواسطة التحويل من حساب آلخر ما عدا فيما يخص رواج النقود الذي يستوجبه تمويل صناديق المحاسبين أو األخذ منها"‪.‬‬
‫‪501‬‬
‫‪LOZE Marie : "Les finances de l'état............................…", op.cit, p :479.‬‬
‫على سبيل المثال مذكرة وزير التعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي بتاريخ ‪ 25‬شتنبر ‪ 2000‬حول مراقبة تدبير االعتمادات الموجهة إلى‬ ‫‪502‬‬

‫مديري األحياء الجامعية نتيجة االختالس الذي طال الحي الجامعي بطنجة‪.‬‬
‫أنظر رسالة إعفاء وتوقيف محاسب الحي الجامعي من مهامه تحت رقم ‪ 2100/11807‬بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪ 2000‬نتيجة تقصيره وتالعبه‬ ‫‪503‬‬

‫بالسجالت والوثائق المالية والمحاسبية بالملحق رقم‪.06:‬‬


‫ينص الفصل ‪ 9‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يعهد إلى المحاسبين العموميين وحدهم بما يلي ‪:‬‬ ‫‪504‬‬

‫التكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها اآلمرون بالصرف والديون المثبتة بعقدة أو رسم ملكية أو سند آخر‪."...‬‬

‫‪177‬‬
‫بالمحاسبة العمومية فيما يخص مداخيل الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬والفصل ‪ 2‬من مرسوم ‪ 30‬شتنبر‬
‫‪505‬‬
‫بالمرسوم الصادر في ‪3‬‬ ‫‪ 1976‬المنظم لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها كما وقع تغييره وتتميمه‬
‫من هذا القانون المتمم والمغير لمرسوم ‪.1976‬‬ ‫‪506‬‬
‫يناير ‪ ،2010‬والذي تقابله المادة ‪12‬‬

‫فالمحاسبون العموميون في مجال المداخيل وفي إطار اختصاصاتهم يخضعون إلى العديد من‬
‫المسؤوليات إذا لم يقوموا بمراقبة أوامر التحصيل (أ)‪ ،‬أو لم يبادروا إلى ممارسة إجراءات التحصيل في‬
‫مجال المداخيل اإللزامية (ب)‪ ،‬وهو ما قرره المشرع المغربي في ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المنظم لتحصيل‬
‫الديون العمومية الذي نسخ مقتضيات ظهير ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬المتعلق بالمتابعات في ميدان تحصيل‬
‫الضرائب والرسوم المماثلة‪.‬‬

‫أ‪ -‬مراقبة أوامر المداخيل ‪:‬‬

‫لقد نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 10‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة‬
‫العمومية‪ ،‬على أنه يتعين على المكلفين بالتحصيل وهم في الغالب المحاسبون العموميون والقباض‬
‫ومحصلي الضرائب وشسيعي المداخيل؛ أن يقوموا بمراقبة صحة االستخالص وإدراجه في الباب‬
‫المخصص له في الميزانية‪ ،‬وكذا مراقبة صحة ق اررات التخفيضات واإللغاءات المتعلقة بالموارد التي سبق‬
‫إصدارها بموجب أوامر بالمداخيل من طرف اآلمرين بالصرف‪ ،‬حيث أن جميع الضرائب التي ال يؤذن‬
‫فيها بموجب القوانين واألنظمة بميزانيات المداخيل‪ ،‬يمنع منعا كليا كيفما كانت الصفة أو االسم الذي‬
‫باإلضافة إلى دعوى االسترداد التي‬ ‫‪507‬‬
‫ستستخلص به وإال فيتابعون في إطار المسؤولية من أجل الغدر‪،‬‬
‫يمكن إقامتها خالل ‪ 3‬سنوات على من قاموا أو أمروا بتحصيلها فأي تحصيل يباشره المحاسبون من غير‬
‫أن يكون مرخصا به في القوانين والتشريعات واألنظمة‪ ،‬أو التحصيل بما يتجاوز المستحق المفروض‬
‫يؤدي إلى إثارة مسؤولية المحاسب المدنية في حالة ما إذا قام المتضررون برفع دعوى االسترداد خالل ‪3‬‬
‫سنوات من تاريخ مباشرة التحصيل‪ ،‬أما إذا أقاموها ضد الدولة أو الجماعة الترابية أو إحدى المؤسسات‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪8‬‬ ‫‪505‬‬

‫فبراير ‪.2010‬‬
‫تنص المادة ‪12‬من المرسوم المتعلق بنظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها في إحدى فقراتها المتعلقة بالمداخيل بـ‪:‬‬ ‫‪506‬‬

‫"استيفاء الواجبات نقدا والرسوم المصرح بها‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫التكفل بأوامر المداخيل الفردية أو الجماعية الصادرة عن اآلمرين بالصرف المختصين وتحصيلها وفق الشروط المنصوص عليها بهذا‬ ‫‪-‬‬
‫المرسوم‪ ،‬كما يتولى القيام بجميع المساعي الضرورية لتحصيل المداخيل‪."...‬‬
‫الفصالن ‪ 243‬و‪ 244‬من ظهير ‪ 26‬نونبر ‪ 1962‬المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 78.03‬حيث ينص الفصل ‪ 243‬على أنه ‪" :‬يعد مرتكبا للغدر‪،‬‬ ‫‪507‬‬

‫ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم‪ ،‬كل قاض أو موظف عمومي طلب أو تلقى أو فرض أو أمر‬
‫بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق سواء "لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة"‪.‬‬
‫أما الفصل ‪ 244‬فينص على أنه ‪" :‬يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصل السابق (أي الفصل ‪ )243‬كل ذي سلطة عامة أمر بتحصيل جبايات‬
‫مباشرة أو غير مباشرة لم يقررها القانون وكذلك كل موظف عمومي أعد قوائم التحصيل أو باشر استخالص تلك الجبايات وتطبق نفس العقوبات‬
‫على ذوي السلطة العمومية أو الموظفين العموميين الذين يمنحون بدون إذن من القانون بأي شكل وألي سبب كان‪ ،‬إعفاء أو تجاو از عن وجيبة أو‬
‫ضريبة أو رسم عام أو يسلمون مجانا محصوالت مؤسسات الدولة‪."...‬‬

‫‪178‬‬
‫التابعة لهما‪ ،‬وحكمت لهم المحاكم بالتعويض عن الضرر من جراء هذا التحصيل أو االستخالص غير‬
‫القانوني‪ ،‬يكون من حق الدولة أو المؤسسات التابعة لها الرجوع على المحاسب الستيفاء حقوقها ومطالبته‬
‫‪508‬‬
‫عن المبالغ التي حكمت بها المحكمة للمتضررين نتيجة تقصير المحاسب ما لم يثبت‬ ‫بالتعويض‬
‫‪509‬‬
‫واليقظة قبل القيام‬ ‫عسره‪ .‬فمهمة المحاسب العمومي في مجال مراقبة أوامر المداخيل يقتضي الحرص‬
‫بإجراءات التحصيل كالتأكد من صحة الدين وتصفيته‪ ،‬ومراقبة تراخيص التحصيل‪ ،‬إما من خالل قوانين‬
‫المالية السنوية متى تعلق األمر بتحصيل مداخيل عمومية أو من خالل الق اررات الضريبية الخاصة‬
‫بالجماعات الترابية ومجموعاتها‪.‬‬

‫إال أن المشرع لم يحمل المحاسب العمومي المسؤولية فيما يخص صحة وواقعية محتويات‬
‫وأسس أوامر المداخيل‪ ،‬وإنما ألزمه فقط بالجوانب الشكلية المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‪ ،‬فهؤالء‬
‫المأمور بجبايتها‬ ‫‪510‬‬
‫ال يملكون اإلمكانيات المادية والوسائل الضرورية للتأكد من واقعية وصحة الديون‬
‫واستخالصها فهم في هذه الحالة غير مسؤولين عن أساس ووعاء وقيمة هذه االستخالصات التي تكون‬
‫‪511‬‬
‫أو ناتجة عن أخطاء في تقدير الوعاء وتصفيته والمقدرة من طرف اآلمرين بالصرف‪،‬‬ ‫غير قانونية‬
‫وخصوصا تلك التي ال يتدخل فيها المحاسب‪ ،‬فهذا األخير عليه التأكد فقط من شكليات ومسطرة هذا‬
‫االستخالص‪.‬‬

‫أما في القانون المقارن فيرى المشرع الفرنسي أن المسؤولية تكون ثابتة في حق المحاسبين‬
‫العموميين عن االستخالصات غير القانونية المترتبة عن أخطاء في عملية تقدير الوعاء والتصفية إذا‬
‫كان المحاسب على علم بتلك األخطاء‪ ،‬إذ يعتبر في هذه الحالة مسؤوال عن التحصيل غير القانوني بسوء‬
‫على عكس المشرع المغربي الذي لم يتطرق إلى هذه القضية‪ ،‬بينما تطرق القضاء المالي المغربي‬ ‫‪512‬‬
‫نية‪.‬‬
‫إلى هذه النقطة بطريقة غير واضحة حيث أثبت المجلس األعلى للحسابات في حق اآلمر بالصرف وليس‬
‫المحاسب مجموعة من المخالفات تدخل في مجال تحصيل أو استيفاء المداخيل العمومية وكيفها بمخالفة‬
‫المتعلق بالمجلس‬ ‫‪513‬‬
‫عدم احترام قواعد تنفيذ الموارد المنصوص عليها في الفصل ‪ 56‬من قانون ‪12-79‬‬

‫‪508‬‬
‫‪Note de service n°192 du 6 mars 1992 relative à la responsabilité et attributions des percepteurs en matière de‬‬
‫‪recouvrement.‬‬
‫‪ 509‬لقد ميز بعض الفقهاء في مجال مراقبة أوامر المداخيل وخصوصا في مجال تحصيل الديون العمومية بين االلتزام ببذل عناية و االلتزام بتحقيق‬
‫الغاية ومن هؤالء الفقهاء األستاذ جاك مانيي‪ ،‬للمزيد من التوسع يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬
‫‪MAGNET (J) : "Le recouvrement", R.F.F.P, Année 1984, Edition L.G.D.J, p : 71 et suite.‬‬
‫‪510‬‬
‫‪MEDDAH (M) : "Le comptable public…............", op.cit, p : 166.‬‬
‫‪511‬‬
‫‪MAGNET (J) : "Comptabilité publique..............…", op.cit, p : 325.‬‬
‫‪512‬‬
‫‪L'article 60 alinéa I modifié de la loi de finances n°63-156 du 23 février 1963 : "Les comptables publics sont‬‬
‫‪personnellement et pécuniairement responsables des contrôles qu'ils sont tenus d'assurer en matière de recettes,‬‬
‫‪de dépenses et de patrimoine dans les conditions prévues par le règlement général sur la comptabilité publique.‬‬
‫‪Hors le cas de mauvaise foi, les comptables publics ne sont pas personnellement et pécuniairement responsables‬‬
‫‪des erreurs commises dans l'assiette et la liquidation des droits qu'ils recouvrent".‬‬
‫‪ 513‬ظهير شريف رقم ‪ 1.79.12‬الصادر تاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬بشأن تنظيم المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3490‬بتاريخ ‪ 20‬شتنبر‬
‫‪.1979‬‬

‫‪179‬‬
‫األعلى للحسابات قبل إلغائه بالقانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪ .‬ففي قرار صادر عن‬
‫‪514‬‬
‫ب‪/‬ل في القرار الصادر عن المجلس األعلى للحسابات بتاريخ‬ ‫المجلس األعلى عدد ‪597‬‬
‫‪ 2000/02/11‬في الملف عدد ‪118/96‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م فكان موقف المجلس األعلى هو أن ما ثبت في حق‬
‫الطاعن وهو "اآلمر بالصرف الجماعي" ليس عدم استيفاء أو تحصيل الرسوم والمداخيل الجماعية التي‬
‫تدخل في صميم مهمة المحاسب العمومي (القابض الجماعي) وإنما عدم قيام اآلمر بالصرف الجماعي‬
‫بإصدار األمر أو األوامر التأسيسية لتلك المداخيل "‪ "Les ordres de recettes‬ليقوم المحاسب‬
‫العمومي بتحصيلها وجبايتها من الملزمين‪.‬‬

‫ويرى األستاذ محمد براو في تعليقه على هذا القرار أن التحصيل (االستخالص االستيفاء)‬
‫مفهوم مختلف عن الشروع في التحصيل‪ ،‬والقاعدة أن مسؤولية إجراءات الشروع في التحصيل " ‪La mise‬‬
‫‪ "en recouvrement‬تعود لآلمر بالصرف فيما مسؤولية القيام بإجراءات التحصيل " ‪La diligences‬‬
‫‪515‬‬
‫‪ "de recouvrement‬فتعود للمحاسب العمومي‪.‬‬

‫وفي القانون المقارن يمكن أن تثار مسؤولية المحاسب العمومي عن إجراءات الشروع في‬
‫التحصيل في حالة فريدة‪ ،‬ففي القانون والقضاء المالي الفرنسي قد تثار هذه المسألة في حالة عدم إثبات‬
‫للديون العمومية في الحاالت التي‬ ‫‪516‬‬
‫المحاسب القيام بتنبيه اآلمر بالصرف باستصدار األوامر التأسيسية‬
‫يتقاعس فيها الملزمون بالضريبة أو غيرها من الديون العمومية‪.‬‬

‫ب‪ -‬ممارسة إجراءات التحصيل ‪:‬‬

‫إذا كان المحاسبون العموميون مسؤولين عن مراقبة صحة الدين قبل مباشرة عمليات التحصيل‪،‬‬
‫فإن هذه األخيرة بدورها تعد عنص ار مهما في مجال إقرار المسؤولية المالية‪ ،‬وأهم مجال تثار فيه مسألة‬
‫التحصيل هو مجال تقادم الديون العمومية نتيجة إهمال أو نسيان أو تقاعس المحاسبين العموميين في‬
‫ممارسة إجراءات التحصيل المقررة في ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫يمر‬ ‫‪518‬‬
‫على أن المحاسبين المكلفين بالتحصيل الذين يتركون أجل التقادم‬ ‫‪517‬‬
‫والتي تنص في إحدى المواد‬
‫دون القيام بإجراءات التحصيل‪ ،‬أو الذين يشرعون في التحصيل ثم يتخلون عنه إلى أن تتقادم الديون‬

‫القرار عدد ‪597‬ب‪/‬ل الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2004/06/09‬ملف إداري عدد ‪ 2001/1/4/690‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م ضد المجلس األعلى‬ ‫‪514‬‬

‫للحسابات‪.‬‬
‫‪ 515‬محمد براو ‪" :‬األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي"‪ ................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.132 :‬‬
‫‪516‬‬
‫‪C. Comptes, 13 février 2003, TPG des Alpes-de-Haute-Provence, arrêt n°35600, p : 706. Michel‬‬
‫‪LASCOMBE et Xavier VANDENDRIESCHE : Chronique Novembre 2003, RDT p : 27.‬‬
‫‪ 517‬المادة ‪ 125‬من قانون ‪ 15-97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫حسب المادة ‪ 123‬من مدونة تحصيل الديون العمومية الصادرة تاريخ ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬التي تنص على أنه ‪" :‬تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب‬ ‫‪518‬‬

‫والرسوم والحقوق الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر بمضي أربع سنوات من تاريخ الشروع في تحصيلها"‪ ،‬تتقادم الديون األخرى المعهود‬
‫باستخالصها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل‪ ،‬وفق القواعد المقررة في النصوص المتعلقة بها‪ ،‬وعند انعدامها‪ ،‬وفق القواعد المنصوص عليها في‬
‫الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ )1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‪."...‬‬

‫‪180‬‬
‫العمومية المعهود إليهم بتحصيلها‪ ،‬وبالتالي تسقط حقوقهم اتجاه المدينين‪ ،‬ومن هنا تثار مسؤولية هؤالء‬
‫‪519‬‬
‫فهذا اإلهمال قد يجعل المحاسب ملزما باسترداد‬ ‫اتجاه الهيئات المكلفة بالرقابة وإلثارة المسؤولية‪.‬‬
‫‪520‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 25‬نونبر‬ ‫المبالغ غير المستخلصة والتي سقطت بالتقادم من ماله الخاص‪ .‬ففي حكم‬
‫‪ ،1995‬اعتبرت المحكمة اإلدارية‪ ،‬بأن القابض المكلف بالتحصيل لم يقم بأي إجراء قاطع للتقادم من‬
‫تاريخ صدور جداول الضرائب حيث لم تدل إدارة الضرائب عن طريق قباضها بما يفيد أنها قطعت‬
‫التقادم‪ ،‬الشيء الذي يظل معه دفعها بغير أساس ويتعين بالتالي رده‪.‬‬
‫‪521‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ 2001‬أن‬ ‫كما اعتبرت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في حكم‬
‫مسألة سقوط الحق في استخالص المداخيل العمومية لمرور مدة أربع سنوات وفق مقتضيات الفصل ‪66‬‬
‫من ظهير ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬المنظم للمتابعات في ميدان تحصيل الضرائب والذي نسخ بالمادة ‪ 123‬من‬
‫قانون ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية سنة ‪ ،2000‬أنه بالنسبة لديون تتعلق بسنتي‬
‫‪ 1983‬و‪ 1984‬والذي طبق فيها المكلف بالتحصيل ظهير ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬بعد دخول القانون الجديد‬
‫حيز التطبيق‪ ،‬حيث لم يباشر استخالص هذه الديون إال بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2000‬األمر الذي يكون معه‬
‫مطالبة هذا المكلف بالتحصيل قد سقطت بالتقادم‪.‬‬

‫وبالنسبة لموقف التشريع والقضاء الفرنسيين في مجال إجراءات التحصيل فهما ال يختلفان عن‬
‫موقف التشريع المغربي‪ ،‬مادام هذا األخير يستقي أغلب قوانينه من المصادر الفرنسية بحكم التبعية‬
‫من مدونة اإلجراءات الضريبية الفرنسية توازي في معناها العام المادة ‪125‬‬ ‫‪522‬‬
‫االستعمارية‪ ،‬فالمادة ‪274‬‬
‫من قانون ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬أما القضاء المالي الفرنسي فهو غزير‬
‫والق اررات في مجال إجراءات التحصيل‪ *،‬على عكس القضاء المالي المغربي الذي يفتقر إلى‬ ‫‪523‬‬
‫باألحكام‬

‫المادة ‪ 7-6‬و‪ 8‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪519‬‬

‫حكم إدارية الدار البيضاء عدد ‪ 157‬صادر بتاريخ ‪ ،1995/09/25‬ملف عدد ‪ 95/51‬منشور بمجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ 78-77‬يناير‬ ‫‪520‬‬

‫فبراير مارس أبريل ‪ ،1997‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.111:‬‬


‫قرار رقم ‪ 293‬ملف رقم ‪20/341‬غ صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ ،2001‬قرار غير منشور‪.‬‬ ‫‪521‬‬

‫‪ 522‬تنص المادة ‪ 275‬من مدونة اإلجراءات الضريبية الفرنسية على ما يلي ‪:‬‬
‫‪"Les comptables du trésor qui n'ont fait aucune poursuite contre un contribuable retardataire pendant quatre‬‬
‫‪années consécutives à partir du jour de la mise en recouvrement du rôle, perdent leur recours et son déchus de‬‬
‫‪tous droits et tout action contre ce redevable.‬‬
‫‪Le délai de quatre ans mentionné au premier alinéa, par lequel se prescrit l'action en vue de recouvrement est‬‬
‫‪interrompue par tout actes comportant reconnaissance de la part des contribuables et par tous autres actes‬‬
‫‪interruptifs de la prescription".‬‬
‫‪523‬‬
‫‪Arrêts, jugements et communications des juridictions financières, cour. Des comptes, chambres régionales‬‬
‫‪des comptes, Edition Berger-Levrault, Paris, 1992.‬‬
‫‪- Arrêts, jugements et communications des juridictions financières 2003, n°4496, Edition Journaux‬‬
‫‪officiels, 2005.‬‬
‫‪- La cour des comptes, Michel LASCOMBE et Xavier VANDENDRIESSCHE, 5 ème chronique,‬‬
‫‪Novembre 2003, R.D.T, p : 1 et suite.‬‬
‫وفي هذا المجال نورد مثاال على مسؤولية المحاسب العمومي‪ ،‬ففي مقتطف صادر عن الغرفة األولى بمحكمة الحسابات الفرنسية بتاريخ ‪ 24‬نونبر‬
‫‪ 2009‬حول عجز ‪ Débit‬محاسبي الضرائب بمنطقة "المارن ‪."La Marne‬‬

‫‪181‬‬
‫األحكام والق اررات نظ ار للحضر المضروب عليه من طرف المشرع في مجال النشر وعدم جرأة وشجاعة‬
.‫الساهرين على تدبير المحاكم المالية‬

‫ منه على نشر المجلس األعلى‬148 ‫ فقد نص في الفصل‬2011 ‫إال أنه بصدور دستور‬
.‫ بما فيها التقارير الخاصة والمقررات القضائية‬،‫للحسابات جميع أعماله‬

‫إال أنه في حالة امتناع الملزمين عن أداء الديون المستحقة عليهم للخزينة فال يمكن محاسبة‬
‫ إال بعد أن تقوم مصالح تحديد الوعاء الضريبي بتحديد قيمة‬،‫المحاسب وال يتحمل المسؤولية في ذلك‬
‫ ففي مجال الضرائب غير المباشرة يتولى الملزمون‬،‫الديون المستحقة التي رفض الملزمون دفعها تلقائيا‬
Les " ‫ ويتولون دفعها تلقائيا بواسطة التصاريح‬،‫بأنفسهم بتقديم تقديراتهم للمادة الخاضعة للضريبة‬
‫ فيقتصر دور المحاسب على تلقي المبالغ المالية المدفوعة‬،‫" دون إصدار سند بالتحصيل‬Déclarations
‫ وتبقى الحالة التي يسألون عنها هي الفرق الحاصل بين المبالغ‬،‫من قبل الملزمين مقابل وصل األداء فقط‬
524
.‫المصرح بها والمبالغ المقبوضة‬

: ‫وسوف نورده كما جاء في قرار الغرفة األولى‬


Extraits :
"Attendu que la société à responsabilité limitée "LE TOP TOO" était redevable d'un montant de 98.335,56 euros
de taxe sur la valeur ajouté, mis en recouvrement par avis notifié le 28 mars 1996 ; qu'elle a contesté le bien
fondé de cette imposition par une réclamation qui a été rejetée par le directeur des services fiscaux le 7 janvier
1997 ; que ce rejet a été confirmé par jugement du 25 juin 2002 du tribunal administratif, qu'une demande de
constitution de garantie formulée par le comptable le 21 octobre 1996 pour l'octroi du sursis de paiement de
l'imposition est restée sans réponse ; qu'aucun acte interruptif de la prescription de l'action en recouvrement n'a
été effectué depuis une saisie conservatoire en date du 29 mai 1997 ; que la créance est prescrite depuis le 29 mai
2001 à minuit, pendant la gestion de M.X, comptable en poste du 19 juillet 1999 au 29 août 2003 ; qu'en
conséquence il a été enjoint, par l'arrêt susvisé du 19 février 2008, à M.X, d'apporter la preuve du versement de
ses deniers personnels au titre de sa gestion pendant l'année 2001, de la somme de 98.335,56€ ou toute
justification à décharge; (…)
Considérant que la déclaration d'une créance au passif d'une procédure collective équivaut à une demande en
justice et constitue donc un acte interruptif de la prescription de l'action en recouvrement mais qu'il ne peut en
aller ainsi que si la créance n'est pas déjà prescrite au moment où elle est déclarée ; qu'en l'espèce la créance a été
prescrite le 29 mai 2001 et déclarée au passif de la procédure le 23 juillet 2003.
La cour a constitué le comptable en débet.
Cf. Recueil 2008, p : 25 : ‫ يمكن الرجوع إلى‬،‫حول نفس الموضوع‬
*
"Si le comptable ne peut exercer de poursuites contre les débiteurs publics du fait de l'insaisissabilité de leurs
biens, il n'est pas dispensé d'agir en l'espèce, l'insuffisance des difigences exercées par le comptable a compromis
les chances de recouvrement de la créance. Aussi la cour l'a-t-elle constitué débiteur". 14 octobre 2008, 1 ère
chambre, Trésorier payeur général (TPG), des Alpes maritimes.
Extraits : La cour (…)
Attendu qu'un titre d'un montant de 3.179,02€ a été émis au nom du syndicat intercommunal des cinq communes
pour l'eau et l'assainissement par le ministère de la poste et des télécommunications le 12 novembre 1996, pour
recouvrement des taxes sur les liaisons radios ;
Attendu que des lettres de rappel ont été adressées par le comptable les 19 octobre 2001 et 8 avril 2004, soit près
de cinq ans après l'émission du titre de recette ;
Considérant que l'article premier de la loi n°68.1250 du 31 décembre 1968 dispose: "Ce sont prescrites au profit
des établissements publics… toutes créances qui n'ont pas été payées dans un délai de quatre ans à partir du
premier jour de l'année suivant celle au cours de laquelle les droits ont été acquis".
524
Arrêts de la cour des comptes et jugements des CRC. Cf. Recueil 2008 p : 25.
"Le non recouvrement de la taxe sur la valeur ajoutée, finalement prescrite, due par une société civile
immobilière avait conduit la cour à prononcer à l'égard du comptable une injonction. Les redevables ayant

182
‫وبالنسبة للضرائب والرسوم المدرجة في الجداول‪ ،‬فهي سندات قابلة للتحصيل ومكتسبة للقوة‬
‫التنفيذية‪ ،‬وبالتالي يتعين على المحاسبين ابتداء من تاريخ االستحقاق المطالبة بتحصيلها‪ ،‬وفق‬
‫الواردة في النصوص واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬ووفق الطرق واإلمكانيات‬ ‫‪525‬‬
‫المقتضيات القانونية‬
‫المتاحة قانونا‪ ،‬ففي المرحلة األولى يتولى المحاسبون العموميون إخبار الملزمين بديونهم خالل مرحلة‬
‫التحصيل الودي‪ ،‬وفي حالة عدم توصلهم إلى حلول مرضية في تاريخ االستحقاق‪ ،‬يتم إنذار هؤالء‬
‫وإذا لم يستجيبوا‪ ،‬يلجأ المحاسبون إلى طرق التحصيل‬ ‫‪526‬‬
‫الملزمين عن طريق اإلشعار األول والثاني‬
‫الجبري‪ ،‬وقد حددت مدونة تحصيل الديون العمومية طرقا للمتابعة تتجلى في اإلنذار‪ ،‬الحجز ثم البيع‪،‬‬
‫وفي حاالت قصوى إلى اإلكراه البدني‪.‬‬

‫ففي التحصيل الجبري‪ ،‬ال يكتفي المحاسبون العموميون بما يوجد لدى الملزم من أموال إذا لم‬
‫تكن تكفي لسداد الدين‪ ،‬بل يلجأون إلى مالحقة أموال وممتلكات المدين سواء كانت عقارية أو عينية‬
‫وإذا بالغ المحاسبون في اإلجراءات الخاصة‬ ‫‪527‬‬
‫وأينما وجدت وهو ما يسمى بحجز ما للمدين لدى الغير‪.‬‬
‫بالتحصيل كالتعسف واألخطاء المقصودة‪ ،‬وعدم إتباع المسطرة القانونية سوف يؤدي إلى إثارة المسؤولية‬
‫المدنية لهؤالء كجزاء على ما سيسببونه من أضرار للملزمين بفعل تلك األخطاء وفق ما ينص عليه‬
‫القانون المدني في هذا اإلطار‪ ،‬وخصوصا المادتان ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي اللذان‬
‫ينصان على مسؤولية الدولة عن األضرار وعن األخطاء المصلحية لمستخدميها وعن المسؤولية‬
‫الشخصية لهؤالء المستخدمين –ومنهم المحاسبون‪ -‬عن األضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن األخطاء‬
‫‪528‬‬
‫من مدونة الجمارك والضرائب غير‬ ‫الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم‪ .‬كما أن الفصل ‪232‬‬
‫المباشرة ينص أيضا على أن الخطأ الجسيم واألضرار الناتجة بالنسبة للمالكين والذين لم يقوموا بأي‬
‫تدليس لهم الحق في التعويض الناتج عن هذه األخطاء الجسيمة الناتجة عن سير اإلدارة أو أفعال‬
‫الموظفين أثناء أدائهم لمهامهم‪.‬‬
‫فأي عمل أو قرار مبالغ فيه يتخذه المحاسبون في مجال ممارسة إجراءات التحصيل يسألون‬
‫ار للغير أو مس حقوقا من حقوق الملزمين‪ ،‬فالمشرع‬
‫عنه إما شخصيا أو ماليا أو مدنيا إذا ما سبب أضر ا‬
‫المغربي قد شمل وخص هذا المجال وأحاطه بالقوانين الضرورية‪ .‬أما القضاء الفرنسي‪ ،‬وخصوصا مجلس‬

‫‪obtenu la compensation de l'essentiel de cette dette par un crédit de TVA et ayant payé ou s'étant engagé à payer‬‬
‫‪le reliquat des sommes dues, la cour a levé l'injonction de versement". 1 ère chambre comptables des impôts des‬‬
‫‪Hauts-de-Seine-Sud.‬‬
‫‪ 525‬من بين هذه القوانين نذكر ‪ :‬قانون رقم ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية ‪:‬‬
‫قانون ‪ 30-89‬المتعلق بنظام الضرائب والرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون المحاسبة العمومية لسنة ‪.1967‬‬ ‫‪-‬‬
‫للمزيد من التوسع يمكن الرجوع إلى مرزاق محمد‪ ،‬أبليال عبد الرحمان ‪" :‬النظام القانوني للمنازعات الجبائية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 53 :‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪526‬‬

‫المواد من ‪ 88‬إلى ‪ 92‬من نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬ ‫‪527‬‬

‫الفصل ‪ 232‬من الظهير بمثابة قانون المتعلق بمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة بتاريخ ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1977‬كما وقع تتميمه وتغييره‪.‬‬ ‫‪528‬‬

‫‪183‬‬
‫أو توقيع الحجز بالرغم من‬ ‫‪529‬‬
‫الدولة فقد اعتبر توقيع الحجز على أموال أحد الملزمين دون وجه حق‪،‬‬
‫‪530‬‬
‫المستحقة بالخطأ الجسيم يستوجب انعقاد مسؤولية الدولة‪ .‬وفي قرار‬ ‫حق الملزم في تقسيط المبالغ‬
‫صادر عن محكمة الحسابات الفرنسية بتاريخ ‪ 25‬يونيو ‪ 1976‬ويتعلق بجماعة "بوردو"‪ ،‬بحيث اعتبر‬
‫القرار بأن المحاسب العمومي مسؤول عن بعض المداخيل التي لم تصدر أوامرها بعد‪ ،‬واعتمد في تقرير‬
‫هذه المسؤولية على عدم قيام المحاسب بالمطالبة باستصدار أوامر بالدفع خاصة بعض الفوائد التأخيرية‬
‫التي التزمت بها الدولة إزاء الجماعة المذكورة‪531.‬على عكس المحاكم المغربية التي حملت المحاسب‬
‫مسؤولية تنفيذ أمر التحصيل استنادا إلى مسطرة تبت قضائيا فيما بعد عدم مشروعيتها‪،‬وبذلك شكل هذا‬
‫األمر خطأ مرفقيا تتحمل اإلدارة نتائجه‪،‬وهو قضت به محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 847‬بتاريخ‬
‫‪ 211/11/17‬في ملف إداري عدد‪ 2011/1//4/606‬هذا الحكم منشور بالملحق رقم ‪.07:‬‬

‫هذا كل ما يتعلق بالمسؤولية في مجال المداخيل‪ ،‬فماذا عن المسؤولية في مجال صرف النفقات ؟‬

‫ب ‪ :‬المسؤولية في مجال صرف النفقات العمومية‬

‫يعتبر مجال صرف النفقات العمومية‪ ،‬من أجل إبراء ذمة الدولة اتجاه المدينين‪ ،‬وذلك بتنفيذ‬
‫األوامر بالصرف هي أكثر مجاالت إقرار مسؤولية المحاسبين العموميين شيوعا‪ ،‬فهذا المجال يقتضي‬
‫الحرص والقيام بالعديد من اإلجراءات الرقابية والحسابية‪ ،‬سواء على مستوى التأشير على األداء (أ)‪ ،‬أو‬
‫على مستوى األداء الفعلي (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬مسؤولية التأشير على األداء ‪:‬‬

‫تقتضي مسؤولية المحاسبين العموميين في مجال صرف النفقات‪ ،‬القيام بجميع عناصر المراقبة والتتبع‬
‫المقررة في الفصل ‪ 11‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية‪ ،‬وما تضمنه الفصل‬
‫‪ 66‬من مرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬المنظم للمحاسبة بالجماعات المحلية وهيئاتها كما وقع تتميمه وتغييره‬
‫‪533‬‬ ‫‪532‬‬
‫المتعلق‬ ‫باإلضافة إلى المادة ‪ 6‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪2002‬‬ ‫بالمرسوم الصادر في ‪ 3‬يناير ‪،2010‬‬
‫بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫وتتجلى عناصر هذه المراقبة في العناصر التالية ‪:‬‬

‫صفة اآلمر بالصرف أو المفوض له‪ ،‬توفر االعتمادات ‪ ،‬صحة إدراج النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة‬

‫حكم مجلس الدولة الفرنسي –قضية ديموراي "‪ "Demoreil‬بتاريخ ‪ 01‬يوليوز ‪ -1978‬مذكور بكتاب القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬قضاء‬ ‫‪529‬‬

‫التعويض وطرق الطعن في األحكام‪ ،‬سليمان الطماوي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1986 ،‬ص ‪.185 :‬‬
‫حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية "بارنيرات ‪ ،"Barneyrat‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.185 :‬‬ ‫‪530‬‬

‫‪531‬‬
‫‪FABRE (F.J) : "Les grands arrêts de la juridiction financière", Edition Dalloz, année 1996, p : 206.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ‬ ‫‪532‬‬

‫‪.2010/02/08‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.25‬الصادر في ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪.61-99‬‬ ‫‪533‬‬

‫‪184‬‬
‫بها‪ ،‬إثبات العمل المنجز ويتم عبر الوثائق والمستندات‪ ،‬صحة حسابات التصفية‪ ،‬وجود التأشيرة المسبقة‬
‫لاللتزام إذا كانت مطلوبة واإلدالء باألوراق المثبتة‪ ،‬احترام قواعد التقادم وسقوط الحق و الطابع اإلبرائي‬
‫للتسديد‪.‬‬

‫فهذه العناصر مجتمعة هي أساس عمل المحاسبين العموميين في مجال أداء النفقات العمومية‪ ،‬فالبد من‬
‫االعتداد بها قبل اإلقدام على وضع تأشيرة األداء‪ ،‬فهي تعتبر عناصر تمهيدية لعمل األداء‬
‫الفعلي‪534‬للنفقة‪ .‬فالمحاسب العمومي ملزم باحترام عناصر المراقبة القانونية‪ ،‬إذ يعتبر المسؤول األول عن‬
‫تلك النفقة‪ ،‬سواء صرفت من طرفه شخصيا أو من طرف تابعيه‪ ،‬فإذا لم تكشف عمليات المراقبة والتدقيق‬
‫التي يقوم بها المحاسب عن وجود أخطاء مادية أو عفوية أو خروقات للقواعد المالية والمحاسبية المنظمة‬
‫لصرف النفقات العمومية‪ ،‬جاز له التأشير على هذه النفقات بوضع عبارة "نظر قابل لألداء" ‪Vu bon à‬‬
‫‪ "payer‬لتحال على المصلحة الخاصة بالتسديد‪ ،‬أما إذا عثر أو الحظ المحاسب خطأ أو إغفاال ماديا في‬
‫األوراق المدلى بها‪ ،‬فإن هذا األخير يشعر فو ار اآلمر بالصرف أو مفوضه عن طريق تصريح كتابي‬
‫‪535‬‬
‫وفي هذه الحالة تعاد األوامر باألداء مرفقة بالوثائق الالزمة إلى اآلمر بالصرف من أجل‬ ‫معلل‪.‬‬
‫تصحيح األخطاء موضوع الرفض أو المالحظة‪.‬‬

‫فالتأشير على النفقة يعتبر المرحلة األخيرة التي تخضع لها عمليات المراقبة المنصوص عليها‬
‫في القوانين واألنظمة‪ ،‬وبالتالي التأشير يعبر عن سالمة وصحة الدين من الناحية القانونية‪ .‬أما في حالة‬
‫‪536‬‬
‫العكس وهي مخالفة القوانين كعدم احترام قواعد إبرام الصفقات العمومية وتنفيذها أو تجاوز السقف‬
‫المسموح به في مجال سندات الطلب وأجازه المحاسب العمومي فهنا تطرح مسؤوليته‪ ،‬ففي بعض‬
‫‪537‬‬
‫المجلس األعلى للحسابات اعتبر تجاوز السقف المسموح به في سندات الطلب‪ ،‬وعدم إبرام‬ ‫ق اررات‬

‫‪534‬‬
‫‪"Au vu du titre d'ordonnancement, le comptable a pour mission d'effectuer le paiement de la dépense, il ne‬‬
‫‪peut toutefois procéder au décaissement des deniers qu'après avoir procéder à un double contrôle :‬‬
‫‪• Le premier porte sur la régularité de l'ordre de paiement : Le comptable s'assure notamment de la‬‬
‫‪qualité de l'ordonnateur, de la disponibilité des crédits, de l'exactitude de l'imputation, de la justification‬‬
‫‪du service fait, ainsi que l'exactitude des calculs de liquidation.‬‬
‫‪• Le second contrôle porte sur l'identité et la capacité juridique du créancier, ainsi que sur le caractère‬‬
‫‪libératoire du paiement.‬‬
‫‪MARTINEZ (J.C), DI MALTA (P) : "Droit budgétaire",......................................op.cit, p : 766.‬‬
‫عبد الرحيم ترباوي ‪" :‬العالقة بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي"‪ ............................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.43 :‬‬ ‫‪535‬‬

‫حسب المادة ‪ 75‬من المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬الصادر في ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض‬ ‫‪536‬‬

‫القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها والتي نصت على أنه ‪:‬‬


‫"يمكن القيام بناء على سندات طلب‪ ،‬باقتناء توريدات وبإنجاز أشغال أو خدمات وذلك في حدود مائتي ألف درهم (‪ 200‬ألف درهم)"‪.‬‬
‫ففي إحدى ق اررات الغرفة األولى بالمجلس األعلى للحسابات بتاريخ ‪ 14‬ماي ‪ 1994‬في ملف رقم ‪( 1218/94‬قرار غير منشور) اعتبرت أنه ‪:‬‬ ‫‪537‬‬

‫"‪...‬حيث يتضح أن مجموع النفقتين يتجاوز ‪ 30.000,00‬درهم (في ظل مرسوم ‪ 30‬دجنبر ‪ )1998‬مما يستوجب معه إبرام صفقة كتابية القتناء‬
‫المواد موضوع سندي الطلب المرفقين بأمري األداء المشار إليهما‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 51‬من المرسوم ‪ 2.70.479‬الصادر في ‪14‬‬
‫أكتوبر ‪ 1976‬بشأن صفقات األشغال أو األدوات أو الخدمات المبرمة لحساب الدولة‪ .‬ونظ ار لجواب المحاسب الذي اكتفى بإرسال شهادة إدارية‬
‫لآلمر بالصرف المساعد يوضح من خاللها أن السبب في اقتناء المواد عن طريق سند الطلب يرجع باألساس إلى الحالة االستعجالية القتناء هذه‬
‫ا لمواد الخاصة بتسيير المدرسة المهنية‪ ،‬والتي ال تسمح باقتنائها عن طريق صفقة‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫صفقة عمومية مسألة موجبة لمسؤولية المحاسب العمومي في إطار مخالفة الفصل ‪ 51‬من مرسوم‬
‫‪538‬‬
‫إلى سندات طلب‪.‬‬ ‫الصفقات آنذاك حول تجزيء الصفقة‬

‫فالمحاسب العمومي ملزم قبل التأشير على األداء أن يتأكد من الوثائق المثبتة المرفقة باألمر‬
‫باألداء‪ ،‬وينبغي أن تكون صحيحة على مستوى الشكل‪ ،‬وإال اعتبرت نفقة غير قانونية وقيام مسؤولية‬
‫المحاسب‪ ،‬ففي هذا اإلطار يجدر بنا اإلشارة إلى قرار له أهمية كبيرة على مستوى القضاء المالي‬
‫الفرنسي‪ ،‬ويتعلق األمر بقرار صادر عن محكمة الحسابات الفرنسية بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪ ،1973‬اعتبرت‬
‫فيه عمل محاسب مصلحة الوقاية المدنية لمنطقة مورث موزيل "‪ "Morth Mozil‬على أداء تعويضات‬
‫السكنى لموظف بالوقاية المدنية الذي يستفيد من سكن وظيفي‪ ،‬كان فيه اآلمر بالصرف يكتفي فقط‬
‫بإرسال األمر باألداء ‪ Ordre de paiement‬دون تقديم أية وثيقة مثبتة في هذا الشأن‪ .‬وبررت المحكمة‬
‫قرارها في هذا اإلطار بكون المحاسب العمومي لم يقم بالمراقبة المنصوص عليها في مرسوم ‪1962‬‬
‫المنظم للمحاسبة العمومية الفرنسي‪ ،‬وبحيث كان على المحاسب رغم عدم تنصيص الئحة الوثائق المثبتة‬
‫على الوثيقة التي ينبغي تقديمها‪ ،‬أن يطلب على األقل شهادة إدارية من اآلمر بالصرف وأن منحة السكنى‬
‫هي مقررة أصال للموظفين الذين ال يتوفرون على سكن وظيفي‪ ،‬ولذلك اعتبر هذا األداء قائما على وثائق‬
‫‪539‬‬
‫مثبتة ناقصة‪.‬‬

‫وحسب الفصل ‪ 37‬من ظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬المنظم للمحاكم المالية كما وقع تتميمه‬
‫‪540‬‬
‫الذي حدد قيام مسؤولية المحاسب العمومي‪ ،‬إما بناء على قرار قضائي حائز لقوة الشيء‬ ‫وتغييره‬
‫المقضي به وهو قرار نهائي قد يصدره المجلس األعلى للحسابات وفق طرق المتابعة والطعن‪ ،‬أو بناء‬
‫على قرار إداري ناتج عن عمليات التفتيش التي تقوم بها السلطات اإلدارية المعنية‪.‬‬

‫إال أن عمل المحاسبين العموميين أثناء المراقبات التي يجرونها على النفقة وقانونيتها ينصب‬
‫فقط على الجوانب الشكلية للنفقة دون مراقبة صحة واقعيتها‪ ،‬فهم يقومون فقط بمراقبة المشروعية وال‬
‫يقومون بمراقبة المالءمة فالمحاسب ال يمكن له التنقل في غالب األحيان إلى عين المكان ليتأكد من‬
‫واقعية العمل المنجز‪ ،‬بل يكتفي فقط بما هو مثبت بالوثائق المرفقة باألمر باألداء‪ ،‬وهذه الطريقة ال تسمح‬
‫فمراقبة الجوانب الموضوعية في النفقة‬ ‫‪541‬‬
‫له باكتشاف األخطاء واالنحرافات والغش على مستوى الواقع‪،‬‬

‫وحيث يجب أن تكون نفقات الدولة مطابقة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 31‬من المرسوم الملكي رقم‬
‫‪ 66-330‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية فإن المجلس يصدر أم ار نافذا إلى المحاسب لإلدالء بمبرراته أو إرجاع مبلغ ‪ 94.531,00‬درهما وذلك‬
‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 38‬من القانون ‪ 12.79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات"‪.‬‬
‫لالطالع على بعض الق اررات للمجلس األعلى للحسابات في مجال تجزيء الصفقة إلى سندات طلب يمكن الرجوع إلى كتاب األحكام الكبرى في‬ ‫‪538‬‬

‫االجتهاد القضائي بالمغرب للدكتور محمد براو ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.112:‬‬


‫‪539‬‬
‫‪Francis J. FABRE : "Les grands arrêts de juridiction financière", op.cit, p : 138.‬‬
‫‪ 540‬حيث تم تغيير وتتميم أحكام المادة ‪ 55-37‬و‪ 56‬التي تهم مسؤولية المحاسبين العموميين‪ ،‬بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2008‬رقم ‪38.07‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.07.211‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ ،2007‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪.2007/12/31‬‬
‫عبد الحميد القاضي ‪" :‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪ ،1980 ،‬ص ‪.216 :‬‬ ‫‪541‬‬

‫‪186‬‬
‫هي من اختصاص اآلمر بالصرف‪ ،‬خصوصا بعد تعزيز الكفاءة التدبيرية لآلمرين بالصرف‪ .‬فما على‬
‫المحاسب سوى التأكد فقط من مدى تطابق النفقة مع التنزيل المالي بالميزانية واحترام قواعد التقادم‪،‬‬
‫الحاصلة بين يدي المحاسب العمومي والوثائق األخرى المرفقة‪ .‬ففي مجال‬ ‫‪542‬‬
‫وسقوط الحق‪ ،‬والتعرضات‬
‫التعرضات والحجز بين يدي المحاسبين كان للقضاء اإلداري المغربي رأي جديد وتوجه نحو تكريس‬
‫المسؤولية المالية‪.‬‬

‫عدد ‪ 08-807‬بتاريخ ‪ 11‬دجنبر ‪ 2008‬أصدر رئيس المحكمة االبتدائية‬ ‫‪543‬‬


‫ففي ملف إداري‬
‫اإلدارية بالرباط بصفته قاضيا للمستعجالت األمر رقم ‪ 787‬يقضي بتحديد الغرامة التهديدية في مواجهة‬
‫الخزينة العامة للمملكة في شخص الخازن الرئيسي بو ازرة التجهيز والنقل في مبلغ ‪ 2.000,00‬درهما عن‬
‫كل يوم تأخير عن التنفيذ وتتلخص وقائع هذه النازلة في إطار دعوى استخالص مستحقات مالية تقدم بها‬
‫مدعون بطلب تنفيذ الحكم القاضي بالمصادفة على الحجز المضروب بين يدي الخازن الرئيسي لدى و ازرة‬
‫التجهيز والنقل بصفته محاسبا عموميا على حساب هذه األخيرة –الخزينة‪ -‬في حدود مبلغ ‪125.040,10‬‬
‫درهما وتسليمه إلى كتابة الضبط لدى المحكمة قصد تسليمه للمطالبين بحقوقهم طبقا لإلجراءات القانونية‬
‫مع النفاذ المعجل‪ ،‬غير أن الخازن الرئيسي امتنع عن التنفيذ‪.‬‬

‫وفي معرض جواب الوكيل القضائي للمملكة بالمحكمة التمس التصريح بعدم اختصاص قاضي‬
‫المستعجالت للبت في طلب الغرامة التهديدية‪ ،‬ناهيك عن أن طلب الحكم بغرامة تهديدية في مواجهة‬
‫الخازن الرئيسي بصفته الشخصية ينافي الفصل ‪ 448‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫وبعد التأمل أصدر رئيس المحكمة اإلدارية األمر المذكور بناءا على التعليل التالي‪:‬‬

‫قاضيا للتنفيذ‪.‬‬ ‫‪-1‬أن االختصاص يعود إلى رئيس المحكمة ليس بصفته قاضيا للمستعجالت وإنما‬

‫‪-2‬أن المرجع القانوني في تحديد الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة ورجاالتها على التنفيذ هو‬

‫وفي القانون المقارن يمكن الرجوع في مجال حقيقة العمل المنجز إلى ‪:‬‬
‫‪Cour des comptes, 25 Mai 2000, SIVU de la cote ouest, Revue du trésor 2001, p :37.‬‬
‫‪ 542‬تشكل مسألة التعرضات بين يدي المحاسبين العموميين إحدى اإلشكاليات التي اختلف القضاء اإلداري المغربي بشأنها‪ ،‬كما أن إجراءات‬
‫الحجز بين يدي الغير جعل المحاسبين العموميين في وضعية قانونية وواقعية يصعب معها تنفيذ بعض األحكام القضائية الصادرة عن المحاكم‬
‫المغربية‪ ،‬إال أن منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/1‬المتعلق بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية النهائية قد رخص للمحاسبين العموميين في العمل‬
‫على تنفيذ األوامر القضائية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير التي توجد بين أيديهم أو التي سيتم تبليغهم بها إثر عدم تنفيذ األحكام والق اررات‬
‫القضائية النهائية من طرف المصالح اآلمرة بالصرف من مبلغ االعتمادات المرصودة لإلدارة المعنية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع يراجع بهذا الخصوص مقال لألستاذ إبراهيم عقاش حول ‪" :‬حجز األموال العمومية بين يدي المحاسب العمومي"‪ ،‬مجلة مسالك‪،‬‬
‫العدد الرابع‪ ،2005 ،‬ص ‪ 62 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫حكم منشور بجريدة العلم ليوم ‪ 2010/06/15‬عدد ‪ . 21658‬ومنشور مع تعليق لألستاذ العربي مياد بعنوان ‪" :‬مدى قانونية الحكم على موظف‬ ‫‪543‬‬

‫عمومي بغرامة تهديدية يؤديها من ماله الخاص ؟" على الموقع اإللكتروني ‪ .http://www.marocdroit.com‬كما أن األستاذ محمد براو قد‬
‫أسهب في تفصيل وتفكيك هذا الحكم من الناحية القانونية والواقعية على نفس الموقع اإللكتروني‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية بناء على اإلحالة الواردة في الفصل السابع من‬ ‫‪544‬‬
‫مضمون الفصل ‪448‬‬
‫قانون المحاكم اإلدارية رقم ‪ 41-90‬على قواعد المسطرة المدنية‪ ،‬وما دام أن الصيغة جاءت عامة فهي‬
‫تخص الشخص العام والخاص‪.‬‬

‫‪-3‬أن التنفيذ ال يجري ضد اإلدارة كشخص معنوي وآلية إدارية بقدر ما يجري ضد المسؤولين في اإلدارة‬
‫المعنية بالتنفيذ‪.‬‬

‫‪-4‬أن االمتناع عن التنفيذ من طرف الخازن الرئيسي باعتباره محجوز بين يديه عن تنفيذ حكم حائز قوة‬
‫الشيء المقضي به بدون مبرر يرتب مسؤولية المطلوب ضده على اعتبار أن األحكام القضائية القابلة‬
‫للتنفيذ تسمو على القاعدة القانونية المتمثلة في قانون المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫فالنقط المثارة في هذا الحكم تتجلى في ‪ :‬مدى مسؤولية المحاسب العمومي عن عدم تنفيذ األحكام‬
‫القضائية المتمثلة في تمكين المدعين من األموال المودعة لديه‪ ،‬وكذا مدى مشروعية تنفيذ األحكام‬
‫القضائية في مواجهة المحاسب العمومي أو الموظف بصفة عامة‪ ،‬إذا كان موضوعها ق اررات إدارية‪ ،‬وكذا‬
‫مدى سمو الحكم القضائي على القاعدة القانونية ؟‬

‫فقد ورد في الحكم موضوع القضية أن األحكام القضائية القابلة للتنفيذ تعتبر بمثابة وثيقة محاسبة تلزم‬
‫المحاسب العمومي بالتنفيذ باعتبارها تسمو على القاعدة القانونية فالفصل السادس من دستور ‪ 2011‬قد‬
‫حسم المسألة حيث اعتبر أن ‪" :‬القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين‬
‫واعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه‪ ،‬وملزمون باالمتثال له"‪ .‬فالقاضي اإلداري في هذه‬
‫القضية قد تجاوز اختصاصه عندما ألزم المحاسب العمومي وهو الخازن الرئيسي برفع يده عن المبلغ‬
‫المحجوز لديه‪ ،‬وبالتالي كان عليه إلزام اآلمر بالصرف بأداء مستحقات المدعين المطالبين بحقوقهم‪.‬‬

‫وهذا االتجاه كرسه الفصل ‪ 75‬من التنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬لما نص على أنه ‪" :‬إذا قام الخازن المكلف باألداء بتعليق أداء نفقة وطلب‬

‫ينص الفصل ‪ 448‬من قانون المسطرة المدنية على أنه ‪" :‬إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل أو خالف التزاما باالمتناع عن عمل أثبت ذلك‬ ‫‪544‬‬

‫عون التنفيذ في محضره وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ما لم يكن سبق الحكم بها"‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن المشرع المغربي قد عالج الغرامة التهديدية في الباب الثالث من القسم السادس من قانون المسطرة المدنية القديم الذي تضمن أن‬
‫المنفذ يطالب المحكوم عليه لتنفيذ اختياريا‪ ،‬لكنه إذا لم يستجب استعمل معه كل الوسائل الممكنة‪ ،‬في نطاق ما يسمح به القانون بتنفيذ الحكم‪ ،‬كما‬
‫عالجه أيضا في الباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية الجديد‪ .‬أما عن الغرامة التهديدية في العمل القضائي‪ ،‬فنجد أن مأمور‬
‫التنفيذ كان عندما يحرر محض ار باالمتناع عن عمل أو القيام بعمل يحيله على رئيس المحكمة الذي يأمر بفرض غرامة تهديدية على الممتنع عن‬
‫التنفيذ لما تكون قابلة للتصفية أمام قاضي الموضوع‪.‬‬
‫أنظر قرار محكمة االستئناف بالرباط الصادر بتاريخ ‪ 1955/12/26‬المنشور بمجلة المحامي العدد األول‪ ،‬وأيضا األمر عدد ‪ ،566‬ملف استعجالي‬
‫عدد ‪ 05/526‬س المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2005/07/27‬السيدة عائشة أزواع ضد السيد رئيس المجلس البلدي للعرائش حكم منشور على‬
‫موقع عدالة ‪:‬‬
‫‪.‬تم تصفحه بتاريخ ‪http://adala.justice.gov.ma/ar/document2012 /2/20‬‬

‫‪188‬‬
‫اآلمر بالصرف كتابة وتحت مسؤوليته‪ ،‬تجاوز هذا الرفض‪ ،"...‬وقبله كان الفصل ‪ 67‬من قانون التنظيم‬
‫المالي الجماعي لسنة ‪ 1976‬ينص على أنه ‪" :‬إذا لم يكن هناك شك في حقيقة الخدمة المنجزة وكانت‬
‫االعتمادات واألموال متوفرة جاز لآلمر بالصرف بعد رفض القابض أن يطلب األداء كتابة تحت‬
‫مسؤوليته الشخصية"‪ ،‬ويكون القابض حينئذ غير مسؤول‪ ،‬والشك أن الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة‬
‫إلى أن يثبت العكس عن طريق النقض أو اإللغاء وبالتالي كان على المدعين إلزام اآلمر بالصرف باألداء‬
‫تحت مسؤوليته الشخصية وبالتالي يكون المحاسب العمومي ملزما باألداء ألنه ليس مالكا لألموال المتوفرة‬
‫لديه وإنما مودعة لديه فقط بصفته الحارس األمين لها‪.‬‬

‫أما فيما يخص مدى مشروعية الحكم بأداء غرامة تهديدية تستخلص من المال الخاص‬
‫‪545‬‬
‫على الموظف بصفته الشخصية‬ ‫للموظف العمومي‪ ،‬فقد درجت بعض المحاكم اإلدارية على الحكم‬
‫بأداء تعويضه أو غرامة تهديدية من ماله الخاص عوضا عن الميزانية العامة أو المحلية‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫المغربي قد حسم هذا األمر من خالل المادة ‪ 77‬من مرسوم ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام المحاسبة العمومية‬
‫للجماعات المحلية وهيئاتها لما أكد أنه‪" :‬ال يجوز للدائنين الحاملين لسندات أو أحكام مشمولة بالتنفيذ ضد‬
‫جماعة محلية أو مجموعة‪ ،‬أن يقوموا بطلب األداء بكيفية صحيحة إال أمام اآلمر بالصرف لهذه الجماعة‬
‫أو لهذه المجموعة‪ .‬وال يتم أداء السندات أو األحكام المذكورة إال بموجب أمر باألداء صادر سلفا عن‬
‫اآلمر بالصرف"‪.‬‬

‫وإذا لم يقم اآلمر بالصرف المعني بتطبيق األحكام السابقة‪ ،‬يمكن اللجوء إلى حق الحلول‬
‫المقرر في المادة ‪ 43‬من القانون ‪ 45-08‬السالف الذكر المتعلق "بالتنظيم المالي للجماعات المحلية‬
‫ومجموعاتها‪ "...‬وذلك بتدخل سلطات الوصاية‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد فقد أصدر الوزير األول بتاريخ ‪ 4‬فبراير ‪ 2008‬المنشور رقم ‪2008/01‬‬
‫يتضمن توجيهات وتدابير تتعلق بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية بموجبه رخص للمحاسبين العموميين‬
‫العمل على تنفيذ األوامر القضائية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير التي توجد بين أيديهم أو سيتم‬
‫تبليغهم بها إثر عدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية النهائية من طرف المصالح اآلمرة بالصرف‪ ،‬وذلك‬
‫مباشرة من مبلغ االعتمادات المرصودة لإلدارة المعنية في هذا المجال‪.‬‬

‫أما في القانون المقارن‪ ،‬فيجب التذكير في هذا الشأن بقرار اختلفت فيه كل من الغرفة الجهوية‬
‫‪546‬‬
‫بتاريخ ‪ 4‬فبراير ‪ 1988‬ويخص جماعة‬ ‫للحسابات ومحكمة الحسابات الفرنسية‪ ،‬وهو القرار الصادر‬

‫حكم إدارية الدار البيضاء عدد ‪ 105‬بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ ،2008‬شركة البناء واإلنعاش العقاري ضد قائد المجاطية أوالد الطالب‪" ،‬حيث حكمت‬ ‫‪545‬‬

‫على المسمى المهدي عبد النبي قائد قيادة المجاطية أوالد الطالب بغرامة تهديدية قدرها ‪ 200,00‬درهما عن كل يوم تأخير عن تنفيذ األمر الصادر‬
‫عن المحكمة عدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ 2008/02/14‬مع النفاذ المعجل وتحميله الصائر"‪ ،‬حكم منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ 84-85‬يناير أبريل ‪ ،2009‬ص ‪.251 :‬‬
‫‪546‬‬
‫‪FABRE (F.J) : "Les grands arrêts…........................", op.cit, p : 189.‬‬
‫‪Arrêt BAS de Matour du 04 février 1988 (Cf. Recueil 1988, p : 135).‬‬

‫‪189‬‬
‫"ماتور ‪ "Matour‬حيث عمل محاسب هذه الجماعة على أداء بعض الضرائب العقارية يصل مبلغها إلى‬
‫‪ 1663‬فرنك فرنسي دون وجود اعتماد يغطي ذلك‪ ،‬وبالتالي ذهبت المحكمة الجهوية للحسابات إلى‬
‫استبعاد مسؤولية المحاسب العمومي لكون االعتمادات الخاصة بالنفقة التي تم تنفيذها قد وقع تصحيحها‬
‫من خالل فتحها الحقا‪ ،‬في حين اعتبرت محكمة الحسابات مسؤولية المحاسب قائمة لكونه لم يراقب وجود‬
‫‪547‬‬
‫‪ 12‬من مرسوم ‪ 1962‬المنظم للمحاسبة‬ ‫االعتمادات وقت تنفيذ النفقة وفق ما هو مقرر في الفصل‬
‫العمومية الفرنسي‪.‬‬

‫غير أنه في حالة عمليات تقتضيها حاجيات الدفاع عن البالد‪ ،‬ال يمكن للمحاسبين المكلفين‬
‫‪548‬‬
‫وهذا هو‬ ‫بالتسديد االستناد إلى عدم توفر االعتمادات لرفض أداء األجور وغيرها المتعلقة بالعسكريين‪،‬‬
‫االستثناء الذي يرد على القاعدة‪ .‬ففي الحاالت األخرى تثار مسؤوليته وخصوصا لما يتعلق األمر بمراقبة‬
‫عمليات األداء‪.‬‬

‫ب‪ -‬مسؤولية مراقبة عملية األداء ‪:‬‬

‫إلى جانب عناصر المراقبة التي يتعين على المحاسبين العموميين القيام بها قبل وضع تأشيرة‬
‫األداء‪ ،‬فهم مسؤولون أيضا عن عملية األداء الفعلي للنفقة‪ ،‬والتنفيذ المالي والمادي لها وللدائن الحقيقي‪.‬‬
‫بحيث يتعين عليهم احترام العديد من المقتضيات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية‪ ،‬فمن العناصر الجوهرية التي‬
‫المنظمة العمومية سواء كانت الدولة أو‬ ‫‪549‬‬
‫يتم التركيز عليها أثناء هذه المراقبة‪ ،‬هو األداء المبرئ لذمة‬
‫الهيئات التابعة لها كالجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وغيرها‪ .‬بحيث ينبغي أن يتم األداء إلى‬
‫الدائن الحقيقي‪ ،‬إما نقدا‪ ،‬أو عن طريق التحويل إلى الحساب البنكي المفتوح لدى الدائن بالبريد أو‬
‫الوكاالت البنكية‪ ،‬فإذا ما أدى المحاسب مبلغ الدين لجهة غير الدائن الحقيقي يعتبر مسؤوال مسؤولية‬
‫شخصية ومالية عن استرداد المبالغ المدفوعة خطأ‪ .‬وبالتالي يطرح إشكال بشأن قيام هذه المسؤولية بالرغم‬
‫‪550‬‬
‫من إرجاع الحالة إلى طبيعتها واسترداد المبالغ المدفوعة‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫‪L'art. 12 du Décret n°62-1587 du 29/12/1962 déclare que :‬‬
‫…… ‪- Les comptables sont tenus d'exercer :‬‬
‫‪B- En matière de dépenses, le contrôle :‬‬
‫; ‪De la qualité de l'ordonnateur ou de son délégué‬‬
‫… ; ‪De la disponibilité des crédits‬‬
‫الفصل ‪ 93‬من قانون المحاسبة العمومية المغربي لسنة ‪ ،1967‬الفقرة األخيرة‪.‬‬ ‫‪548‬‬

‫وفي القانون المقارن حول الدفاع والسر المهني بفرنسا يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬
‫‪C.F. Recueil 2007, p : 201.‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 41‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية على أن ‪" :‬األداء هو العمل الذي تبرئ به المنظمة‬ ‫‪549‬‬

‫العمومية ذمتها من الدين‪."...‬‬


‫‪550‬‬
‫‪"… Les comptables sont ainsi responsable des paiements faits à d'autres personnes que les véritables‬‬
‫‪créanciers ou leur représentants la circonstance que le reversement des dépenses payées à tort ne pourrait en droit‬‬
‫‪ou en fait, être obtenu des parties prenantes est sans conséquence sur la responsabilité des comptables qui‬‬
‫‪demeure engagée par l'irrégularité originelle du paiement et non par le défaut de reversement.‬‬
‫‪Voir MAGNET (J) : "La comptabilité publique…", op.cit, p : 328.‬‬

‫‪190‬‬
‫وحتى يتمكن المحاسب العمومي من إبعاد مسؤوليته الشخصية والمالية‪ ،‬فإنه مطالب قبل دفع‬
‫‪551‬‬
‫وسقوط‬ ‫أي مبلغ للمستفيد الحقيقي‪ ،‬التحقق من أن الدين ال زال قائما وجاه از ولم يسقط بعد بالتقادم‬
‫‪552‬‬
‫‪ Compensation‬من دين آخر مستحق‪ ،‬أو بموجب تعرض‬ ‫الحق أو االنتقاص منه بالمقاصة‬
‫قانوني عن األداء قبل وضع التأشيرة‪ ،‬وهذا التعرض قد يكون ناتجا عن تعرض ضريبي صادر عن‬
‫محاسبين آخرين كما هو مقرر في المادة ‪ 101‬إلى المادة ‪ 104‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق‬
‫بتحصيل الديون العمومية‪ ،‬والتي يتعين على المحاسبين وكل الحائزين أو المدينين اآلخرين بمبالغ يملكها‬
‫أو ينبغي أن تعود لفائدة الملزمين بالضرائب والرسوم والديون األخرى المتمتعة بامتياز الخزينة أن يدفعوا‬
‫وفاء عن الملزمين‪ ،‬بناء على طلب المحاسب المكلف بالتحصيل على شكل إشعار للغير الحائز‪ ،‬األموال‬
‫التي يحوزونها أو التي يدينون بها وذلك في حدود المبالغ الواجبة على هؤالء الملزمين‪ .‬ويترتب على‬
‫اإلشعار للغير الحائز‪ ،‬التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة األغيار في حدود مبلغ الضرائب والرسوم‬
‫والديون األخرى المطلوب أداؤها‪ .‬وتخصم هذه المبالغ المسلمة من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل‬
‫للمودع لديهم ولألغيار الحائزين برسم أداء الضرائب والرسوم‪ ،‬من األموال والديون العائدة للملزمين‪.‬‬

‫فكل إغفال أو عدم تبصر لم يقم به المحاسب قبل أداء النفقة للدائن وذلك بعدم قيامه بالمقاصة‬
‫فيما يخص الضرائب والرسوم والديون األخرى طبقا للشروط المحددة في القوانين واألنظمة‪ ،‬تتم إثارة‬
‫‪553‬‬
‫مسؤوليته الشخصية والمالية وفق الشروط المحددة في الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 2‬أبريل ‪1955‬‬
‫بشأن مسؤولية المحاسبين العموميين كما وقع نسخه بالقانون‪554‬رقم ‪ 61-99‬الصادر في ‪ 3‬أبريل ‪.2002‬‬
‫كما يتعين على المحاسب إرجاع قيمة تلك المبالغ المؤداة بغير وجه حق‪ .‬ونجد نفس األمر في القوانين‬

‫أنظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.10‬الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 56-03‬المتعلق بتقادم الديون المستحقة على الدولة‬ ‫‪551‬‬

‫والجماعات المحلية والذي ينص في مادته األولى على أنه ‪" :‬تتقادم وتنقضي بصفة نهائية لفائدة الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬جميع الديون التي لم‬
‫تتم تصفيتها واألمر بدفعها وتسديدها داخل أجل أربع سنوات تبتدئ من اليوم األول للسنة المالية التي أصبحت خاللها الحقوق مكتسبة بالنسبة‬
‫للدائنين المعينين موطنهم بالمغرب‪ ،‬وداخل أجل خمس سنوات بالنسبة للدائنين المقيمين خارج التراب الوطني‪ ،‬على أن يراعى في ذلك التقادم‬
‫وسقوط الحق المنصوص عليهما في قوانين خاصة وفي أحكام هذا القانون"‪.‬‬
‫تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 100‬من قانون ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية على أنه ‪" :‬يتعين على المودع لديهم‪ ...‬رغم كل‬ ‫‪552‬‬

‫التعرضات غير التي قد يقوم بها الدائنون أصحاب أحد االمتيازات المنصوص عليها في المادة ‪ 107‬أدناه‪ ،‬أن يؤدوا مباشرة الضرائب والرسوم‬
‫والديون األخرى التي قد يدين بها األشخاص المؤتمن على أموالهم قبل تسلميها لهم‪ ،‬ولو لم يتقدم المحاسب المكلف بالتحصيل بأي طلب"‪.‬‬
‫لقد كان الفصل األول من هذا الظهير ينص على ‪" :‬أن كل محاسب عمومي يكون مسؤوال شخصيا وماليا عن المحافظة على القيم واألموال‬ ‫‪553‬‬

‫المكلف برعايتها‪ ،‬وكذا عن حالة حسابات األموال المتوفرة خارج يده والتي يسهر عليها ويأمر برواجها ما عدا في حالة سبب من األسباب القاهرة أو‬
‫ظروف استثنائية صريحة ينص عليها في ق اررات يصدرها وزيرنا الصدر األعظم أو قرار يصدره مدير المالية كما يكون مسؤوال طبق نفس الشروط‬
‫عن مباشرته بصفة قانونية استخالص المداخيل المعهود إليه بقبضها وإخراج المصاريف التي يسجلها وإنجاز الصوائر الملزم بإنفاقها وكذا اإلدالء‬
‫بحجج عملياته"‪.‬‬
‫فالمسؤولية المالية والشخصية كانت وما زالت لصيقة بالمحاسب العمومي منذ الحماية إلى اآلن‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 6‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين قد حددت حصريا مجال المسؤولية من‬ ‫‪554‬‬

‫خالل االختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫من قانون ‪ 23‬فبراير ‪ 1963‬المتمم‬ ‫‪555‬‬
‫المقارنة وخصوصا‪ ،‬التشريع الفرنسي والذي ينص في الفصل ‪60‬‬
‫من قانون ‪ 2006 -1771‬بتاريخ ‪ 30‬دجنبر ‪ 2006‬والتي تحمل المحاسب‬ ‫‪556‬‬
‫والمغير بالفصل ‪146‬‬
‫‪557‬‬
‫العمومي المسؤولية الشخصية والمالية وإرجاع الخصاص من ماله الخاص‪ .‬فالقضاء المالي الفرنسي‬
‫غزير باألحكام والق اررات في هذا المجال‪.‬‬

‫فإذا كانت هذه مجمل مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعالهم الشخصية أثناء قيامهم‬
‫بواجبهم في مجال تنفيذ الميزانية سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات فماذا عن المسؤولية التي‬
‫يتحملونها عن أفعال الغير ؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعال الغير‬


‫إذا كانت المسؤولية المالية والشخصية للمحاسبين العموميين كما حددها كل من المرسوم‬
‫الملكي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية‪ ،‬وظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المحدد‬
‫لمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين وقانون المحاكم المالية الصادر بتاريخ ‪13‬‬
‫يونيو ‪ ،2002‬ال تثير إشكاالت قانونية من حيث طبيعتها‪ ،‬وكذا األسس التي تقوم عليها واألشخاص‬
‫المطبقة عليهم هذه المسؤولية فإن األمر يختلف لما تثار هذه المسؤولية خارج أفعال وعمليات المحاسبين‬
‫إذا ما ترتب عن هذه األفعال واألعمال ضرر يمس‬ ‫‪558‬‬
‫العموميين‪ ،‬ويقوم بها أشخاص آخرون أو الغير‬
‫مداخيل أو نفقات مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية أو الغير‪ .‬وتتحدد مسؤولية‬
‫المحاسبين العموميين عن عمليات وأفعال الغير في مجال تدبير الميزانية العامة أو المحلية‪ ،‬في كون‬
‫هؤالء األغيار ينفذون العمليات المالية التي تكون وتشكل الواقعة المنشئة للمسؤولية‪ ،‬إما باعتبار هؤالء‬
‫األغيار أعوان موضوعين تحت إمرة المحاسب العمومي في إطار العالقة الرئاسية المباشرة (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬أو من خالل عالقة تنسيقية غير رئاسية كما هو الشأن بالنسبة لوكالء المداخيل أو وكالء‬
‫المصاريف أو المؤدين المنتدبين‪ ،‬وقد يدخل في كلمة أو مصطلح "الغير" أفعال وعمليات المحاسبين‬
‫‪555‬‬
‫‪L'article 60 alinéa VI déclare que : "Le comptable public dont la responsabilité pécuniaire est engagé ou mise‬‬
‫‪en jeu à l'obligation de verser immédiatement de ses deniers personnels une somme égale, soit au montant de la‬‬
‫‪perte de recette subie, de la dépense payée à tort, de l'indemnité mise, de son fait, à la charge de l'organisme‬‬
‫‪public intéressé, soit, dans le cas où il en tient la comptabilité matière, à la valeur du bien manquant".‬‬
‫‪556‬‬
‫‪La loi n°1771-2006 du 30 décembre 2006 qui a modifié l'article 60 de la loi du 23 février 1963 et surtout son‬‬
‫‪article 146 qui dispose que :‬‬
‫‪I- "Les comptables publics sont personnellement et pécuniairement responsables du paiement des dépenses ; la‬‬
‫‪responsabilité personnelle et pécuniaire prévue ci-dessus se trouve engagé dès lors qu'une dépense a été‬‬
‫‪irrégulièrement payée".‬‬
‫‪557‬‬
‫‪Voir la cour des comptes : LASCOMBE Michel et VANDENDRIESSCHE Xavier: Revue de trésor, 5 ème‬‬
‫‪chronique, Novembre 2003, p : 1 à 27.‬‬
‫‪C. des comptes, 19 décembre 2002, commune de Hillion, arrêt n°34919, C. Comptes, 19 décembre 2002, CCAS‬‬
‫‪de Hillion, arrêt n°34921, p : 706.‬‬
‫‪ 558‬لقد سبق للمشرع المغربي أن نظم المسؤولية المالية عن أفعال التابعين في الفصل الرابع من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ ،1955‬والذي نص على أن ‪" :‬كل‬
‫موظف أو عون يكون تحت أوامر محاسب ممتاز‪ ،‬يمكن أن يعتبر مسؤوال بتصريح من مدير المالية وطبق نفس الشروط المطبقة على أحد‬
‫المحاسبين العموميين عن الجزء الذي يترتب بذمته للدولة أو عن مجموعه إن كان ذلك ناتجا عن هفوة ارتكبها‪ ،‬على أن المحاسب الممتاز تبقى‬
‫عليه المسؤولية الرئيسية أو الثانوية"‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫الفعليين‪ ،‬والذين يتدخلون في بعض الحاالت لتسيير وتدبير المال العام والتصرف فيه بدون سند قانوني‬
‫يؤهلهم لذلك‪.‬‬

‫وفي مجال استم اررية المرفق العمومي بانتظام و اطراد يمكن أن يتحمل المحاسب العمومي‬
‫المسؤولية عن أفعال سابقيه إذا لم يثر تحفظاته القانونية عند التحاقه بمنصبه ألول مرة خلفا لسابقيه أثناء‬
‫تسليم المهام (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعال تابعيهم‬

‫لقد أناط المشرع المغربي المحاسبين العموميين بمجموعة من الصالحيات والسلطات في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬فالمحاسب قد يكلف بأكثر من مركز محاسبي‪ ،‬لذا أجاز المشرع االستعانة بمجموعة من‬
‫الموظفين المساعدين للمحاسب والخاضعين لسلطته وتوجيهاته‪ ،‬وكان هدف المشرع من إقرار هذه‬
‫المسؤولية سواء كانت أصلية أو فرعية هو جعل المحاسبين أكثر يقظة ومراقبة في مجال حماية المال‬
‫الع ام‪ ،‬وجعل هذه الحماية محصورة في عمل اآلمرين بالصرف من جهة والمحاسبين العموميين من جهة‬
‫أخرى‪ .‬فحسب الفصل الرابع من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬المتعلق بمسؤولية المحاسبين العموميين والذي‬
‫نسخ بقانون ‪ 61-99‬فإن مسؤولية المحاسبين العموميين تعتبر مسؤولية أصلية وتبعية‪ ،‬الشيء الذي يعني‬
‫الرجوع على هؤالء في إثارة المسؤولية‪ ،‬ثم الرجوع إلى األعوان أو الموظفين المتسببين في الضرر أو‬
‫العجز المالي ثانيا وهو منطوق المادة السابعة من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين حيث جاء في هذه المادة أن كل موظف أو عون يوجد تحت‬
‫إمرة آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي أو يعمل لحساب أحدهم يمكن أن يعتبر مسؤوال بصفة‬
‫شخصية محل اآلمر بالصرف أو المراقب أو المحاسب العمومي إذا ثبت أن الخطأ المرتكب منسوب إلى‬
‫الموظف أو العون المذكور‪.‬‬

‫فهذه المسؤولية مبنية على أساس مسؤولية التابع‪559‬عن أعمال المتبوع المنصوص عليها في‬
‫القانون المدني (ق‪.‬ل‪.‬ع) وإن كانت في عمقها تبقى خاضعة لبعض الشروط ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة وجود عالقة تبعية بين كل من العون والمحاسب العمومي‪ ،‬وأن تكون هذه العالقة رئاسية‬
‫تفرض على العون الخضوع ألوامر‪560‬الرئيس‪.‬‬

‫كما في قانون االلتزامات والعقود لسنة ‪ 1913‬في الفصل ‪ 85‬أو قانون الشغل أو قانون ‪ 99-17‬بمثابة مدونة التأمينات لسنة ‪ 2002‬في‬ ‫‪559‬‬

‫الفصل ‪.47‬‬
‫تعتبر عالقة األعوان المكلفين بالعمليات المالية بالمحاسب العمومي عالقة رئاسية خاضعة للنظام األساسي للوظيفة العمومية‪ ،‬فهي عالقة قائمة‬ ‫‪560‬‬

‫على طاعة المرؤوس لرئيسه في إطار القوانين واأل نظمة التي تحدد هذه الطاعة‪ ،‬وتنفيذ التعليمات في الحدود المقررة قانونا‪ ،‬حيث نص الفصل ‪17‬‬
‫من ظهير ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي للوظيفة العمومية كما وقع تتميمه وتغييره كان آخرها القانون رقم ‪ 50-05‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.10‬الصادر في ‪ 18‬فبراير ‪.2011‬‬

‫‪193‬‬
‫‪ -‬ارتكاب أخطاء من طرف العون التابع‪ ،‬كاختالس أو تبديد أموال عمومية نتيجة لوظيفته‪ ،‬أو لكون‬
‫الظروف كانت مالئمة لتنفيذ تلك األعمال‪.‬‬

‫إال أنه في هذا الجانب‪ ،‬قد عدل المشرع المغربي من مجال المسؤولية التي تلقى على‬
‫المحاسب العمومي التابع له العون المتسبب في الخطأ‪ ،‬من خالل ما نصت عليه المادة ‪ 7‬من ظهير ‪3‬‬
‫أبريل ‪ 2002‬وبالتالي تحميل المسؤولية للمتسببين في األفعال والتصرفات المنافية لقواعد المحاسبة‬
‫العمومية ونزعها عن المحاسب العمومي‪ ،‬إذا قام بما يلزم من احتياطات ومراقبة من جانبه‪ .‬إال أنه في‬
‫بعض الحاالت قد ال يعفى من المسؤولية في حاالت معينة ‪ :‬األولى في مجال مسؤوليته عن أفعال‬
‫مرؤوسيه (أ)‪ ،‬والثانية قد تكون عن عمليات المحاسبين التابعين في غير مجال السلطة الرئاسية (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعال المرؤوسين‬

‫قبل أن تستقر مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات وأفعال مرؤوسيهم في شكلها الحالي‪،‬‬
‫فقد مرت عبر مرحلتين ‪ :‬األولى تقررت في ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬وكانت تكتسي نوعا من الخصوصية‬
‫بالمقارنة مع مسؤولية المحاسبين عن أفعال باقي الموظفين‪ ،‬على اعتبار أن النواب هم من يخلف‬
‫المحاسبين العموميين في حالة غيابهم‪ .‬فالمحاسب هو الرئيس التسلسلي لجميع الموظفين واألعوان‬
‫العاملين بالمركز المحاسبي‪ ،‬وكان الخازن العام آنذاك هو المحاسب السامي والتسلسلي لجميع المحاسبين‬
‫العموميين والموظفين واألعوان‪ ،‬لذلك فهو الوحيد من يتولى مركزة كل العمليات المالية المنجزة من قبل‬
‫باقي المحاسبين‪ ،‬وبالتالي هو المسؤول األول واألخير عن العمليات واألفعال التي يقوم بها التابعون له‪،‬‬
‫فهو يملك صالحية توجيه التعليمات واألوامر المصلحية‪ ،‬ويتولى تنظيم العمل وتسيير المصالح المحاسبية‬
‫التابعة له‪ .‬فقد جاءت أحكام ونطاق المسؤولية في هذا الظهير الناتجة عن أعمال الموظفين المرؤوسين‬
‫موحدة بالنسبة لجميع األعوان العاملين بالمركز المحاسبي والخاضعين لسلطة الرئيس التسلسلي‪ ،‬فهو‬
‫المسؤول األول عن هذه العمليات حتى وإن قام بتنفيذها أحد النواب فهي تعتبر وكأنها صادرة عن‬
‫المحاسب الرئيس من الناحية القانونية ومن ثم فالمسؤولية التقصيرية الصادرة عن هؤالء النواب يتحملها‬
‫الرئيس حسب الفصل الرابع من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬المتعلق بمسؤولية المحاسبين العموميين‪ ،‬فالنواب‬
‫للمحاسب الرئيس‪.‬‬ ‫‪561‬‬
‫ينفذون تلك العمليات تحت المسؤولية الكاملة‬

‫وهذا أمر غير منطقي في نظرنا‪ ،‬فالمحاسب العمومي في ظل هذا الظهير ال يمكن أن يتحمل‬
‫المسؤولية عن أخطاء اآلخرين‪ ،‬ويعاقب بذنبهم عن عمليات لم يقم بتنفيذها أو ارتكابها‪ ،‬فالمسؤولية يجب‬

‫"كل موظف كيفما كانت رتبته في السلك اإلداري مسؤول عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه‪ ،‬كما أن الموظف المكلف بتسيير مصلحة من‬
‫المصالح مسؤول أمام رؤسائه عن السلطة المخولة له لهذا الغرض‪ ،‬وعن تنفيذ األوامر الصادرة إليه‪ ،‬وال يب أر في شيء من المسؤوليات الملقاة على‬
‫عاتقه بسبب المسؤولية المناطة بمرؤوسيه‪ ،‬وكل هفوة يرتكبها الموظف في تأدية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية زيادة إن اقتضى‬
‫الحال عن العقوبات التي ينص عليها القانون الجنائي"‪.‬‬
‫‪561‬‬
‫‪Abdellatif BENNANI : "L'agent comptable…............................", op.cit, p : 196.‬‬

‫‪194‬‬
‫أن تكون محدودة بالزمان أي خالل فترة تحمل المسؤولية بالمركز المحاسبي‪ ،‬وخصوصا في فترة الغياب‬
‫إال أن ما يشفع لهؤالء المحاسبين هو أنهم‬ ‫‪562‬‬
‫بالعذر المبرر كالعطل السنوية أو المرض الطارئ أو غيره‪،‬‬
‫ال يتحملون المسؤولية المطلقة‪ ،‬بل يتم إما اقتسام المسؤولية حسب درجة التقصير‪ ،‬أو دفع المسؤولية‬
‫بصورة كاملة أو ثانوية في حالة ارتكاب الهفوات واألخطاء الجسيمة من طرف النواب والتابعين وبالتالي‬
‫يتحملون مسؤولية مالية وشخصية‪ ،‬في حين يمكن أن تبقى مسؤولية المحاسب الرئيسي قائمة لكن بصفة‬
‫أما في حالة اكتشاف مخالفات مالية دون أن يصدر أي خطأ من جانب الموظفين التابعين‬ ‫‪563‬‬
‫ثانوية‪.‬‬
‫للمحاسب‪ ،‬فتتقرر مسؤولية المحاسب الشخصية والمالية" بصفة أصلية ورئيسية‪.‬‬

‫أما المرحلة الثانية فقد تقررت في ظل ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬لتصحيح النقائص التي أتى بها‬
‫ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬حول المسؤولية األحادية للمحاسب الرئيسي في جميع الحاالت‪ ،‬واستثناءا بالنسبة‬
‫لباقي الموظفين التابعين أو المرؤوسين المتدخلين في تنفيذ الميزانية وتدبير المال العام‪ .‬فقد جاء ظهير ‪3‬‬
‫أبريل ‪ 2002‬لخلق نوع من التوازن في مجال تحمل المسؤولية بين المحاسبين العموميين ومرؤوسيهم عن‬
‫العمليات المالية المنجزة داخل أو خارج المراكز المحاسبية‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس تم توزيع األدوار وتحديد المسؤوليات بين جميع األطراف بمقدار المساهمة‬
‫في الخطأ أو الهفوات‪ ،‬فالمشرع المغربي في ظل هذا الظهير قد أقر مسؤولية شخصية للموظفين‬
‫الخاضعين للمحاسبة بصفة أصلية ورئيسية‪ ،‬إذا ما توفرت ظروفها‪ ،‬عوض تحميلها للمحاسب الرئيس‬
‫التي كانت في ظل ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ ،1955‬فإذا ما ارتكب أحد الموظفين التابعين للمحاسب خطأ‬
‫‪564‬‬
‫محل المحاسب العمومي الرئيس التسلسلي له‪،‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬يمكن أن يعتبر مسؤوال عنه بصفة شخصية‬
‫وبذلك يكون المشرع قد أدخل تعديال مهما على مفهوم مسؤولية المحاسبين العموميين عن أخطاء النواب‬
‫والتابعين‪ ،‬وذلك بإق ارره للمسؤولية الشخصية لهؤالء الموظفين كيفما كانت وضعيتهم وصفتهم‪ ،‬فبعدما كان‬
‫المحاسبون مسؤولين عن العمليات المالية كيفما كان نوعها وطريقة تنفيذها من يوم استالم مهامهم إلى‬

‫لقد جاء في القانون المالي لسنة ‪ 2010‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5800‬بتاريخ ‪ 2009/12/31‬تتميما للمادة ‪ 8‬من قانون ‪61-99‬‬ ‫‪562‬‬

‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين لتحديد مجال المسؤولية الخاصة بالمحاسبين حيث جاء في هذا التعديل‬
‫مايلي ‪" :‬يجوز لوزير المالية‪."...‬‬
‫"بصرف النظر عن كل األحكام المخالفة‪ ،‬تعتبر غير قابلة للتنفيذ ضد ورثة وذوي حقوق المحاسب العمومي أو الموظف أو العون الذي يوجد تحت‬
‫إمرته أو يعمل لحسابه‪ ،‬ق اررات العجز الصادرة عن المحاكم المالية ضد المحاسب العمومي أو الموظف أو العون المتوفى والمقررات التي تم‬
‫بموجبها التصريح بمديونيتهم إذا لم يتم تحصيل مبلغها عند تاريخ وفاة المحاسب العمومي أو الموظف أو العون وكذا قرار العجز أو مقرر التصريح‬
‫بالمديونية المتخذ بعد الوفاة إال إذا كان هذا القرار أو المقرر تم اتخاذه بناء على أفعال مرتكبه من قبل المحاسب العمومي تدخل في دائرة االختالس‬
‫أو خيانة األمانة أو تزوير في الحسابات أو نصب‪ ،‬يتم األمر بدفع أو بصرف مبلغ قرار العجز أو مقرر التصريح بالمديونية الذي أصبح غير قابل‬
‫للتنفيذ طبقا للشروط المشار إليها أعاله ضد ورثة وذوي حقوق المحاسب العمومي أو الموظف أو العون المتوفى من ميزانية الهيئة المعنية"‪.‬‬
‫حسب الفصل الرابع من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬في جزءه األخير ‪" :‬على أن المحاسب الممتاز تبقى عليه المسؤولية الرئيسية أو الثانوية"‪.‬‬ ‫‪563‬‬

‫تنص المادة ‪ 7‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين على أن ‪" :‬كل موظف أو عون‬ ‫‪564‬‬

‫يوجد تحت إمرة آمر بالصرف‪ ....‬أو محاسب عمومي أو يعمل لحساب أحدهم يمكن أن يعتبر مسؤوال بصفة شخصية محل اآلمر بالصرف أو‪...‬‬
‫أو المحاسب العمومي‪ ،‬إذا ثبت أن الخطأ المرتكب منسوب إلى الموظف أو العون المذكور"‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫‪565‬‬
‫من ظهير ‪ 14‬شتنبر‬ ‫تاريخ انقطاعهم عنها حسب ما كانت تنص عليه الفقرة الثالثة من الفصل ‪30‬‬
‫‪ 1979‬المتعلق بإحداث المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬فقد أصبحوا اليوم وفي ظل ظهير ‪ 3‬أبريل ‪2002‬‬
‫مسؤولين فقط عن تلك العمليات التي نفذوها في ظل فترة مزاولتهم للمسؤولية‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة‬
‫الثالثة من هذا الظهير التي اعتبرت أن كل آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي مسؤول عن‬
‫الق اررات التي اتخذها أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استالمه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها‪ .‬وبالتالي‬
‫يكون المشرع المغربي قد تخلى في إطار هذا الظهير عن مفهوم المسؤولية التبعية والتضامنية للمحاسبين‬
‫العموميين التي كانت في ظل ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ .1955‬والنتيجة كانت هي قيام المسؤولية الشخصية لنواب‬
‫وأتباع ومرؤوسي المحاسبين العموميين‪ ،‬كما أن المسؤولية الثانوية لهؤالء لم تعد قائمة إلى جانب‬
‫المسؤولية الرئيسية للمرؤوسين في حالة ارتكابهم ألخطاء مالية‪ .‬إال أن هذا الظهير افترض شرطا أساسيا‬
‫لقيام مسؤولية هؤالء عن أخطائهم‪ ،‬وهو أن يكون الخطأ شخصيا‪ ،‬أما إذا كان الخطأ مرفقيا‪ ،‬فيمكن‬
‫لهؤالء التشبث بنظرية مسؤولية اإلدارة عن األخطاء المرفقية لموظفيها كما ينص عليها الفصالن ‪79‬‬
‫و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود‪ .‬ففي هذه الحالة تتقرر مسؤولية الجهاز العمومي أو اإلدارة بصفة‬
‫عامة عوض مسؤولية الموظفين العاملين بالمرفق‪ .‬وقد اختلف الفقه في تمييز الخطأ الشخصي للموظف‬
‫عن الخطأ المرفقي من خالل االعتماد على عدة معايير‪ ،‬منها معيار الخطأ العمدي الذي يقوم على‬
‫أساس القصد الس يء أو سوء النية لدى الموظف أثناء تأدية واجباته المهنية‪ .‬فكلما كان قصد الموظف‬
‫اإلضرار بالمرفق أو الحصول على فائدة شخصية‪ ،‬يكون هنا الخطأ عمديا وشخصيا يتحمل الموظف‬
‫‪566‬‬
‫وتبعاته‪.‬‬ ‫نتائجه‬

‫وإلى جانب هذا المعيار‪ ،‬نجد معيار الخطأ الجسيم الذي يكون الخطأ فيه من قبيل األخطاء‬
‫الخطيرة والجسيمة التي يعاقب عليها القانون الجنائي أو يكون من قبيل الجسامة‪ ،‬بحيث ال يمكن اعتباره‬
‫‪567‬‬
‫من األخطاء العادية التي يتعرض لها الموظف في أداء عمله اليومي‪.‬‬

‫والغاية من إقرار المسؤولية الشخصية للموظف هو إثارة انتباه الموظفين إلى توخي الحيطة‬
‫والحذر ومراعاة االلتزامات المهنية والوظيفية‪ ،‬لكي ال تصير المسؤولية المرفقية مطية من أجل اإلهمال‬
‫والالمباالة واإلخالل بالواجبات‪ ،‬ففي غياب حاالت ارتكاب أخطاء وهفوات من جانب الموظفين التابعين‬
‫يبقى المحاسبون مسؤولين مسؤولية شخصية ومالية‪ ،‬وال يمكن أن يعفوا منها لمجرد أنهم لم يرتكبوا أي‬
‫خطأ‪ ،‬فمسؤولية هؤالء في هذه الحالة تطرح من طرف أجهزة المراقبة اإلدارية وأمام المجلس األعلى‬

‫تنص الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 30‬من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬على أنه ‪" :‬ويكون كل محاسب مسؤوال عن عملياته كيفما كان نوعها المنجزة‬ ‫‪565‬‬

‫من يوم استالمه مهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها"‪.‬‬


‫‪ 566‬مليكة الصروخ ‪" :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،1998 ،‬ص ‪.552 :‬‬
‫‪567‬‬
‫‪VEDEL Georges, DELVOLVE Pierre : "Droit administratif", Edition Presse Universitaires de France,‬‬
‫‪Themis, année 1991, p : 474.‬‬

‫‪196‬‬
‫‪568‬‬
‫أو المجالس الجهوية للحسابات حسب الحاالت‪ .‬فعلى المحاسب بصفته مسؤوال عن المركز‬ ‫للحسابات‬
‫المحاسبي‪ ،‬فيفترض فيه اتخاذ جميع التدابير واالحتياطات الالزمة للحيلولة دون وقوع الموظفين التابعين‬
‫له أو المرؤوسين في األخطاء والمخالفات المالية‪ .‬والغاية األخرى هو حماية المتضررين من هذه األخطاء‬
‫المرتكبة من طرف المرؤوسين والتابعين‪ ،‬في حالة إعسار هؤالء وعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية وأداء‬
‫ثمن أخطائهم‪ ،‬وبالتالي أعطى المشرع حماية لهؤالء المتضررين بإبقاء المسؤولية لصيقة بالمحاسبين‬
‫اإلدارية‪.‬‬ ‫الذين يعتبرون بمثابة الضمان لمصالح المتضررين في إطار المسؤولية‬
‫‪570‬‬ ‫‪569‬‬
‫الرؤساء‬

‫بعد بسط مسؤولية المحاسبين عن أعمال وأفعال المرؤوسين‪ ،‬فماذا عن مسؤولية هؤالء عن‬
‫عمليات المحاسبين التابعين ؟‬

‫ب ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات المحاسبين التابعين‬

‫في إطار مسؤولية التابع عن أعمال المتبوع المنظمة بموجب نصوص ق‪.‬ل‪.‬ع يمكن اعتبار‬
‫الخازن العام بصفته المحاسب السامي والرئيس التسلسلي لجميع موظفي وأعوان الخزينة العامة‪ ،‬بما فيهم‬
‫محاسبي الخزينة المرتبطين به كالخزنة والقباض والقباض الجماعيون‪ ،‬مسؤوال مسؤولية شخصية ومالية‬
‫الخاص إلى حد ما في ظل التشريع العام‪.‬‬ ‫‪571‬‬
‫عن عمليات هؤالء‪ ،‬وبالتالي يتم استحضار قواعد القانون‬
‫فالخازن العام يتولى تسيير وتنظيم مختلف المصالح الموضوعة تحت إمرته وسلطته‪ ،‬فهو يملك‬
‫اختصاصا عاما بالنسبة لجميع محاسبي الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬وبالتالي يتحمل مسؤولية عامة كذلك‬
‫عن العمليات التي يقوم بها المحاسبون الخاضعون له‪ ،‬كما يقوم بمراقبة وتتبع عمليات المحاسبين‬
‫‪572‬‬
‫أو بعين المكان من خالل تنظيم دوريات تفتيش‬ ‫المرتبطين به‪ ،‬سواء من خالل الوثائق التي يقدمونها‪،‬‬
‫ومراقبة‪ ،‬أو من خالل مطالبتهم بالعمليات المالية التي ينجزونها لكي يتم إدماجها بالحساب العام للخزينة‬
‫أثناء مركزة النتائج المحاسبية السنوية‪ .‬وعلى هذا األساس يملك المحاسبون السامون وكذا المحاسبون‬
‫الممتازون من الناحية اإلدارية والوظيفية كل الصالحيات واالمتيازات التي تجعل الرئيس يمارس سلطاته‬
‫على مرؤوسيه من إصدار التعليمات واألوامر المصلحية‪ ،‬وتنظيم العمل‪ ،‬وترقية وتنقيط المحاسبين‬
‫الخاضعين له في إطار الوظيفة العمومية‪.‬‬

‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف"‪ .................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.211 :‬‬ ‫‪568‬‬

‫‪569‬‬
‫‪BENNANI Abdelfattah : "L'agent comptable…........................", op.cit, p : 202.‬‬
‫في إطار المسؤولية اإلدارية يمكن الرجوع إلى أطروحة الدكتور عبد هللا الحارسي ‪:‬‬ ‫‪570‬‬

‫‪HARSI Abdellah : "La responsabilité administrative", Thèse de doctorat d'Etat en droit public, 1993-1994‬‬
‫‪université sidi Med ben Abdelleh fac de droit -Fés‬‬
‫‪Voir aussi : HMIDI (H) : "La responsabilité administrative", Thèse pour le Doctorat d'Etat en droit public,‬‬
‫‪Université Mohamed V, Faculté de droit, Rabat, 1988-89.‬‬
‫‪ 571‬المادتان ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود الصادر سنة ‪.1913‬‬
‫يقدم المحاسبون التابعون إلى المحاسب األساسي الذي يرتبطون به محاسبيا تبريرات حسابية كل شهر أو كل ثالثة أشهر أو ستة عن جميع‬ ‫‪572‬‬

‫العمليات التي ينجزونها من أجل مركزة الحسابات ومطابقة حسابات هؤالء الفردية مع الحساب العام للمملكة‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫واعتبا ار لعالقة الخضوع والتبعية اإلدارية والمحاسبية‪ ،‬يكون المحاسبون الممتازون مسؤولين عن‬
‫العمليات التي يقوم بها المحاسبون الذين يوجدون تحت سلطتهم أو تابعين لهم‪ .‬وفي هذا اإلطار فقد أكد‬
‫‪573‬‬
‫‪ 79‬من ظهير ‪ 6‬غشت ‪ 1958‬الخاص بنظام المحاسبة العمومية قبل إلغائه على‬ ‫المشرع في الفصل‬
‫المسؤولية التضامنية بين الخازن العام والمحاسبين الخاضعين له‪ ،‬بحيث كان يتحمل الخازن العام‬
‫مسؤولية األخطاء والمخالفات التي يرتكبها المحاسبون الثانويون المرتبطون به محاسبيا ومن ماله الخاص‪.‬‬
‫إال أن الفصل ‪ 41‬من المرسوم الملكي بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 1965‬بمثابة القانون المالي لسنة ‪ 1966‬قد‬
‫خفف من مسؤولية الخازن العام وسمح له بالرجوع على المحاسبين الخاضعين له من أجل استرجاع‬
‫المبالغ التي دفعها عنهم نتيجة ما تسببوا فيه من عجز أو خصاص وما تحمله من ماله الخاص في هذا‬
‫اإلطار ‪،‬عن طريق دعوى االسترداد من ضمان المدين وأمواله الخاصة بسبب خطئه‪ .‬إال أنه بصدور‬
‫مرسوم ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬ستتحول المسؤولية التضامنية للمحاسبين الممتازين عن عمليات المحاسبين‬
‫الخاضعين لهم إلى مسؤولية فردية لكل محاسب عن عملياته الخاصة‪ ،‬وتكرست القاعدة بصدور ظهير ‪3‬‬
‫أبريل ‪ 2002‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين من خالل تحمل كل‬
‫محاسب المسؤولية عن عملياته الخاصة من خالل ما نص عليه الفصل ‪ 125‬من المرسوم الملكي لسنة‬
‫‪ 1967‬المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية‪ .‬وقد زاد في تأكيد ذلك المشرع لما نص في المادة الثالثة‬
‫من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتحديد المسؤولية‪ ،‬على تحمل كل محاسب المسؤولية عن أعماله التي‬
‫نفذها من تاريخ استالمه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها‪.‬‬

‫إال أن المشرع الفرنسي ما زال ينص ويؤكد على المسؤولية التضامنية للمحاسبين انطالقا من‬
‫من قانون ‪ 23‬فبراير ‪ 1963‬بالنسبة للمحاسب الرئيسي الذي يتحمل المسؤولية عن‬ ‫‪574‬‬
‫الفصل ‪60‬‬
‫عمليات المحاسبين التابعين له على غ ارر ما أقره ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬المغربي‪.‬‬

‫بعد هذا اإليضاح حول المسؤولية عن عمليات المحاسبين التابعين‪ ،‬فماذا عن المسؤولية عن عمليات‬
‫اآلخرين ؟‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات اآلخرين‬

‫إذا كانت مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات التابعين والمرؤوسين تبدو منطقية‬
‫مادامت سلطات هؤالء المحاسبين تمتد إلى هؤالء التابعين على عكس المسؤولية التي تمتد إلى عمليات‬
‫وأفعال أشخاص غير تابعين مباشرة للمحاسبين العموميين الرؤساء واألساسيين‪ ،‬بل يخضعون إلى جهات‬

‫ينص الفصل ‪ 79‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.041‬الصادر في ‪ 6‬غشت‪ 1958‬بسن نظام للمحاسبة العمومية الملغى على أنه ‪" :‬ينقل‬ ‫‪573‬‬

‫الخازن العام في حساباته جميع العمليات التي يباشرها المحاسبون والمتعلقة بميزانية الدولة‪ ،‬إال أنه ال يكون مسؤوال إال عن عملياته الخاصة وعن‬
‫عمليات قباض المالية الجاري عليهم نفوذه"‪.‬‬
‫‪574‬‬
‫‪Loi n°63-156 du 23 février 1963 dispose que : "La responsabilité pécuniaire des comptables publiques s'étend‬‬
‫‪à toutes les opérations du poste comptable qu'ils dirigent depuis la date de leur installation jusqu'à la date de‬‬
‫‪cessation des fonctions.‬‬
‫‪Cette responsabilité s'étend aux opérations des comptables publics placés sous leur autorité…".‬‬

‫‪198‬‬
‫وسلطات أخرى كاآلمرين بالصرف‪ .‬ومن هؤالء األشخاص نذكر وكالء المداخيل ووكالء النفقات‬
‫والمؤدون المنتدبون‪ ،‬وكذلك األشخاص المرتبطين دون أن يكونوا تابعين لهم وهم المحاسبون بقوة القانون‪،‬‬
‫كما يمكن أن تشمل هذه الفئة المحاسبون السابقون والمحاسبون بحكم الواقع " ‪Les comptables de‬‬
‫‪ ."fait‬فتحديد طبيعة المسؤولية التي يتحملها المحاسبون العموميون قد تطرح أكثر من سؤال‪ ،‬وقد تتوقف‬
‫على طبيعة العالقة التي تربط المحاسب العمومي مع كل فئة من هؤالء المحاسبين على حدة‪ ،‬من خالل‬
‫مسؤولية المحاسبين عن عمليات محاسبين آخرين مرتبطين بهم فقط وبدون سلطة تبعية (أ)‪ ،‬ثم مسؤولية‬
‫المحاسبين العموميين عن عمليات المحاسب الفعلي (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات المحاسبين المرتبطين بهم‬

‫قد تنشأ مسؤولية المحاسبين عن عمليات محاسبين آخرين مرتبطين بهم محاسبيا وتنقسم هذه‬
‫الفئة من المحاسبين إلى قسمين ‪:‬‬

‫الفئة األولى ‪ :‬تمارس صالحيات مالية ومحاسبية في مجال تنفيذ بعض العمليات المالية‬
‫والميزانيات البسيطة‪ ،‬فهؤالء مرتبطون محاسبيا بالمحاسب الرئيسي أو األساسي المسؤول عن المركز‬
‫المحاسبي التابع له هذه الفئة‪ ،‬فهو من يتولى مراقبة وتدقيق العمليات المالية والمحاسبية‪ ،‬وتجميع النتائج‪،‬‬
‫إال أن هؤالء الفئة من المحاسبين يكونون خاضعين على المستوى اإلداري للرؤساء التسلسليين لإلدارات‬
‫التابعين لها‪.‬‬

‫فالمحاسب العمومي الرئيسي الذي ترتبط به هذه الفئة من المحاسبين هو من يتحمل مسؤولية‬
‫العمليات التي ينجزونها بدرجة معينة ومحدودة‪ ،‬فهذه المسؤولية تختلف بحسب طبيعة العالقة التي تربط‬
‫المحاسب المركزي بالمحاسبين التابعين للهيئات التابعة لها هذه الفئة كمحاسبي اإلدارات المالية‬
‫بالقباضات وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪ ،‬ومحاسبي كتابة الضبط بالمحاكم ومحاسبي إدارة‬
‫األمالك المخزنية والتحفيظ العقاري‪...‬‬

‫فاإلدارات المالية قد تتوفر على مراكز جهوية محاسبية‪ ،‬بحيث يتم تحصيل الرسوم والضرائب‬
‫والغرامات بواسطة قباض ومحاسبين عموميين‪ ،‬والذين يتلقون األوامر بالصرف بعد تقديم تصريحات‬
‫الملزمين‪ ،‬وتصفية مبالغها من طرف اآلمرين بالصرف‪ ،‬وبالتالي تنحصر مهمة هؤالء المحاسبين في‬
‫تحصيل وجمع هذه المبالغ وكذا صرف بعض النفقات البسيطة كمصاريف اإليداع بالصناديق وصوائر‬
‫المرافعات بالمحاكم‪...575‬الخ‪ ،‬وبالنسبة إلدارة التسجيل والتمبر فقد عرفت هذه اإلدارة ابتداء من ‪ 15‬دجنبر‬
‫‪576‬‬
‫مبدأ فصل عمليات اآلمرين بالصرف عن عمليات المحاسبين العموميين بعدما كانت موحدة‬ ‫‪1970‬‬
‫بيد شخص واحد الذي يقوم بتحديد الوعاء وقبض المبالغ في آن واحد‪ ،‬إال أنه بعد هذا التاريخ‪ ،‬فقد تم‬

‫‪575‬‬
‫‪MEDDAH (M) : "Le comptable public…", op.cit, p : 77.‬‬
‫‪576‬‬
‫‪Instruction du ministre des finances du 15 décembre 1970 relative à la comptabilité des receveurs comptables‬‬
‫‪de l'enregistrement et timbre.‬‬

‫‪199‬‬
‫تعيين قابض للتسجيل إلى جانب اآلمر بالصرف‪ ،‬فيتولى القابض تنفيذ العمليات المالية تحت مراقبة‬
‫الخازن العام الذي يرتبط به محاسبيا على المستوى المركزي وبمحصلي المالية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪577‬‬
‫وابتداء من فاتح يناير ‪ 1983‬منح المشرع صفة محاسب أساسي لكل من قباض الجمارك‬
‫وبهذه الصفة أصبح هؤالء خاضعون لنفس الشروط وااللتزامات التي يخضع‬ ‫‪578‬‬
‫وقباض التسجيل والتمبر‪،‬‬
‫لها باقي المحاسبون العموميون‪ ،‬وبذلك أصبحوا ملزمين بتقديم حسابات تسييرهم " ‪Les comptes de‬‬
‫‪ "gestion‬السنوي وفق الشروط المحددة بموجب تعليمة‪579‬الخازن العام للمملكة الصادرة في سنة ‪.1982‬‬

‫وابتداء من هذا التاريخ لم يعد المحاسب األساسي مسؤوال عن عمليات هذه الفئة من المحاسبين‬
‫المرتبطين به إال في حدود سلطة المراقبة التي هو مطالب بإجرائها على عملياتهم المالية والمحاسبية‪ .‬فقد‬
‫أ صبحوا ملزمين باالحتفاظ باألوراق الثبوتية لعملياتهم المالية التي يدرجونها ضمن حساب تصرفهم‪ ،‬والذين‬
‫يسألون عنه أمام قاضي الحسابات‪ ،‬ويتحملون فيه المسؤولية المالية والشخصية‪ .‬فالمحاسب األساسي‬
‫كالخازن العام أو محصل المالية حسب الحاالت يقوم فقط بعملية المركزة دون الحصول على األوراق‬
‫المثبتة التي يحصلون عليها أثناء تنفيذ عملياتهم المحاسبية‪ ،‬ويبقى فقط دورهم ومسؤوليتهم تتجلى في‬
‫تجميع النتائج والمعطيات وتقديمها إلى الجهات المعنية والمسؤولة‪.‬‬

‫الفئة الثانية ‪ :‬تتجلى في فئة من الموظفين يمكن أن تسند لهم مهمة تنفيذ العمليات المالية‪،‬‬
‫وقد يتعلق األمر بشسيعي المداخيل "‪ "Les Régisseurs de recettes‬وشسيعي النفقات " ‪Les‬‬
‫‪580‬‬
‫المنتدبين "‪ ."Les Payeurs délégués‬فبالنسبة لشسيعي‬ ‫‪ "Régisseurs de dépenses‬والمؤدين‬
‫المداخيل يتولون فقط تحصيل بعض المداخيل العمومية المحددة في ق اررات إحداث الوكالة ‪La Régie‬‬
‫وال يسمح لهم بإجراء أية متابعة في حق الملزمين المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫الصادرة سنة ‪ 2000‬بالقانون رقم ‪ .15-97‬فعملية المتابعة واإلجراءات المصاحبة تعود إلى المحاسب‬
‫العمومي بعد أن يقوم اآلمر بالصرف بإصدار األوامر بالمداخيل بشأن هذه الديون المترتبة عن الملزمين‪.‬‬
‫‪581‬‬
‫من تعليمة وزير المالية الصادرة بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1969‬المتعلقة بتنظيم وتسيير‬ ‫وحسب المادة ‪36‬‬

‫‪577‬‬
‫‪Décision du ministre des finances n°127 DCP du 04/10/1982.‬‬
‫‪578‬‬
‫‪Décision du ministre des finances n°128/DCP du 04/10/1982.‬‬
‫‪579‬‬
‫‪Instruction n°161/DCP du 20 Novembre 1982 relative à la production des comptes de gestion des Receveurs‬‬
‫‪comptables des douanes et impôts indirectes et instruction n°162/DCP du 20 Novembre 1982 relative à la‬‬
‫‪production des comptes de gestion des receveurs comptables de l'enregistrement et timbre.‬‬
‫‪ 580‬ينص الفصل ‪ 19‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يمكن أن تسند إلى القباض والمكلفين باألداء‬
‫المفوضين مهمة القيام لحساب المحاسبين العموميين بعمليات القبض أو األداء طبق الشروط المحددة في تعليمات لوزير المالية‪ ،‬ويعين هؤالء‬
‫القباض والمكلفين باألداء بموجب قرار مشترك لوزير المالية والوزير المعني باألمر"‪.‬‬
‫‪581‬‬
‫‪L'article 36 de l'instruction du Ministre de Finances de 1969 dispose que : "Le régisseur de recettes doit‬‬
‫‪verser au comptable public de rattachement désigné par l'arrêté de création le montant total des recettes‬‬
‫‪encaissées :‬‬
‫‪a) Au moins une fois par mois.‬‬
‫‪b) Chaque fois que son encaisse atteint le chiffre plafond fixé par l'arrêté de création. Ces versements peuvent‬‬
‫‪être effectués soit directement à la caisse du comptable de rattachement, soit au compte courant postal de ce‬‬
‫‪comptable…"..‬‬

‫‪200‬‬
‫وكاالت المداخيل والنفقات‪ ،‬والتي تنص على أنه يتعين على وكالء المداخيل أن يدفعوا المبالغ المحصلة‬
‫إلى صندوق المحاسب المرتبطين به حسابيا‪ ،‬أو أن يدفعوها مقابل وصل إلى الحساب الجاري المفتوح‬
‫باسم المؤسسة أو اإلدارة التي يعملون بها‪ ،‬إما شهريا‪ ،‬أو كلما وصلت مبالغ التحصيل للحد األقصى‬
‫‪582‬‬
‫المحدد في قرار تعيين الوكالء‪ .‬فأهمية هؤالء في مجال التحصيل تبقى بارزة حيث ال يخفى دورهم‬
‫نظ ار للمجهود الذي يبذلونه واألخطار المحدقة بهم نظ ار لألموال العمومية التي يتصرفون فيها ويحرصون‬
‫على الحفاظ عليها بصناديقهم الحديدية في انتظار دفعها إلى الخزينة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه يتعين على‬
‫المحاسبين العموميين إجراء مراقبة وتتبع لعمليات الوكالء المرتبطين بهم من خالل الوثائق التي يتم‬
‫تقديمها بعد دفع المداخيل‪ ،‬وجرد المبالغ المحصلة وك ذا القيم والسندات والتذاكر الموجودة بحوزة الوكالء‪.‬‬
‫فهؤالء المحاسبين مسؤولين مسؤولية مالية وشخصية عن العمليات التحصيلية التي يجريها الوكالء حسب‬
‫المادة ‪ 41‬من تعليمة وزير المالية بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1969‬المتعلقة بتنظيم وتسيير وكاالت المداخيل‬
‫والنفقات‪ .‬كما أن الفصل ‪ 10‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية يحتم على‬
‫المحاسب العمومي بأن يقوم بمراقبة صحة االستخالص‪ ،‬والتحقق من األوراق المثبتة‪ ،‬كما يعتبر مسؤوال‬
‫عن أعمال االختالس أو الخيانة أو العجز بالصندوق التابع له شخصيا أو العجز بصندوق المأمورين‬
‫الذين هم تحت إمرته ومرتبطين به‪.‬‬

‫أما في حالة ارتكاب خطأ جسيم من طرف شسيع المداخيل‪ ،‬يجوز للمحاسب أن يطلب من‬
‫السلطة أو اإلدارة التابع لها الشسيع باتخاذ التدابير الكفيلة بوضع حد للمخالفات واألخطاء التي تم‬
‫‪584‬‬ ‫‪583‬‬
‫فإن‬ ‫أما إذا قصر المحاسب المكلف بالمراقبة واإلجراءات ولم يقم بدوره القانوني المطلوب‪،‬‬ ‫ضبطها‪.‬‬
‫مسؤوليته قد تثار‪ ،‬وسوف تحل مسؤولية الوكالء أو الشسيعين المرتبطين به محاسبيا محل هذا األخير‪،‬‬
‫أو يمكن أن يتقاسموا المسؤولية بحسب درجة التقصير‪ ،‬كما يمكن أن يقيم المحاسب المصرح بمسؤوليته‬
‫المالية دعواه على الضمان وأموال شسيع المداخيل وذلك بحلوله محل الجماعة المحلية أو اإلدارة في‬
‫‪585‬‬
‫حقوقها‪.‬‬

‫كما يمكن أن يحصل الشسيع على إعفاء من المسؤولية‪ ،‬إذا كان الخصاص ناتجا عن قوة‬
‫في فرنسا في‬ ‫‪587‬‬
‫رقم ‪ 61-99‬وكذا القانون المقارن كما هو الحال‬ ‫‪586‬‬
‫قاهرة كما ينص على ذلك القانون‬

‫‪582‬‬
‫‪HADDAD Abderrahman : "Le régisseur et son rôle en matière de gestion des recettes", REMALD, n° double‬‬
‫‪84-85, Janvier-Avril 2009, p : 115.‬‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 47‬من المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية‬ ‫‪583‬‬

‫ومجموعاتها‪.‬‬
‫‪584‬‬
‫‪LOZE Marie : "Les finances de l'Etat…", op.cit, p : 444.‬‬
‫‪ 585‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 47‬من المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬السابق الذكر‪.‬‬
‫المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬كذلك المادة ‪ 46‬ف‪ 3‬من نظام‬ ‫‪586‬‬

‫المحاسبة العمومية للجماعات المحلية‪ ،‬ومجموعاتها الصادرة بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬


‫‪587‬‬
‫‪L'art. 11 du décret n°66-850 du 15 novembre 1966.‬‬

‫‪201‬‬
‫‪588‬‬
‫مجال اإلعفاء من المسؤولية نتيجة القوة القاهرة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لشسيعي النفقات والمؤدين المنتدبين‪ ،‬وخالفا لمسطرة صرف النفقات العمومية‬
‫المحددة في الفصل ‪ 31‬إلى الفصل ‪ 39‬من نظام المحاسبة العمومية المغربي فإن المشرع قد فتح الباب‬
‫‪589‬‬
‫البسيطة‬ ‫أمام هؤالء من أجل إسناد مهمة القيام لحساب المحاسبين العموميين بأداء بعض النفقات‬
‫والمستعجلة‪ ،‬التي تتطلبها ضرورة المصلحة‪.‬‬

‫فمهام شسيع النفقات قد تتوسع أو تضيق حسب ضرورة المصلحة وحاجيات المؤسسة وحجمها‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للمؤدين المنتدبين‪ ،‬فمهامهم تنحصر فقط في أداء أجور بعض األعوان الذين ال يتوفرون على‬
‫أرقام تأجير كاألعوان المؤقتين والمياومين والموسميين الذين يعملون بالمؤسسات التي تحتاج إلى خدماتهم‬
‫وهو ما نصت عليه المادة ‪ 85‬من التنظيم المالي المحلي لسنة ‪ ،2010‬وقبل الشروع في قيام الشسيع أو‬
‫المؤد المنتدب بأعماله‪ ،‬يتلقى تسبيقات أو دفعات من طرف المحاسب المرتبط به من أجل القيام‬
‫باألداءات والمصاريف المحددة في قرار التعيين‪ ،‬وبعد قيام اآلمرين بالصرف بالتوقيع على الحواالت أو‬
‫األوامر باألداء‪ ،‬والتأشير من طرف المحاسب العمومي‪ .‬وبعد األداء وإبراء الذمة عن طريق تسليم‬
‫الحواالت والمصاريف الالزمة إلى مستحقيها‪ ،‬يقوم الشسيعون المكلفون باألداء أو المؤدون المنتدبون‬
‫بتقديم هذه الوثائق التبريرية واإلثباتات القانونية إلى المحاسب المرتبطين به " ‪Le comptable de‬‬
‫‪590‬‬
‫وقد‬ ‫‪ "rattachement‬داخل آجال قانونية من أجل القيام بضبط حساباته وتسجيل العمليات المالية‪.‬‬
‫حددت المادة ‪ 14‬من تعليمة وزير المالية بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1969‬المتعلقة بتنظيم وتسيير وكاالت‬
‫المداخيل والنفقات مدة تقديم األوراق المثبتة لمصاريف الشسيعين في ‪ 45‬يوما من تاريخ استالم‬
‫‪591‬‬
‫من طرف المحاسب التابع له شسيع المصاريف بالنسبة لمصالح الدولة والمؤسسات‬ ‫التسبيقات‬
‫‪592‬‬
‫ويتم التسليم مقابل إبراء‬ ‫العمومية‪ ،‬بينما يصل األجل بالنسبة للجماعات المحلية وهيئاتها إلى ‪ 3‬أشهر‪.‬‬
‫الذمة‪ ،‬أما في حالة تعذر تسليم األوامر باألداء إلى المستفيدين‪ ،‬فيتم إرجاع هذه األوامر إلى الخازن‬
‫‪593‬‬
‫الثالث من السنة الموالية لسنة إصداره‪ ،‬وإذا رفض الدائن تسلم‬ ‫المكلف باألداء بعد انصرام الشهر‬

‫‪588‬‬
‫‪La décharge de la responsabilité ne peut être fondée que sur les circonstances de force majeure, qui est définie‬‬
‫‪par l'article 1148 du code civil français comme un événement qui réunit trois caractères : Extériorité,‬‬
‫‪imprévisibilité et irrésistibilité.‬‬
‫‪ 589‬حسب المادة األولى من تعليمة وزير المالية بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1969‬المتعلقة بالئحة النفقات التي يمكن أداؤها من طرف شساعة النفقات‪.‬‬
‫‪"Elle offre également la possibilité de faire simplement et rapidement des dépenses qu'imposent les nécessités de‬‬
‫‪service et dont l'urgence est incontestable…".‬‬
‫‪ 590‬تنص المادة ‪ 56‬من نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها الصادر بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬على أنه ‪" :‬يتم تبليغ كل مقترح‬
‫التزام أو إلغاء أو تخفيض التزام‪ ،‬دون تأخير‪ ،‬إلى الخازن المكلف باألداء المعني‪ ،‬من أجل اإلشهاد عليه وإدراجه في محاسبته"‪.‬‬
‫‪591‬‬
‫‪Voir Note de service n°02/TP/ONOUSC du 16 février 2004 adressée aux régisseurs de dépenses de‬‬
‫‪L'O.N.O.U.S.C par le Trésorier payeur. Annexe n°:10‬‬
‫الفصل ‪ 76‬من مرسوم محاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها رقم ‪ 2.76.576‬بتاريخ ‪ 1976/09/30‬الذي تم نسخه بالمرسوم رقم ‪2.09.441‬‬ ‫‪592‬‬

‫بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ ،2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪.2010/02/08‬‬


‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 71‬من نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬ ‫‪593‬‬

‫‪202‬‬
‫األمر باألداء‪ ،‬يقوم المحاسب بإيداع مبلغ األداء المرجع إليه من طرف الشسيع لدى صندوق اإليداع‬
‫والتدبير وإبالغ الدائن بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪.‬‬
‫أما في حالة عدم تبرير استعمال األموال المتلقاة من طرف المحاسب العمومي أو الخازن‬
‫المكلف باألداء‪ ،‬أو في حالة عدم إرجاع الوثائق التبريرية داخل اآلجال المحددة يمكن أن يعتبر شسيع‬
‫النفقات مدينا‪ ،‬طبقا ألحكام القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬بمقرر للوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض يتخذ‬
‫بمبادرة من وزير الداخلية بالنسبة للجماعات المحلية أو من اآلمر بالصرف بالنسبة للمؤسسات العمومية‬
‫األخرى إما مباشرة وإما بطلب من الخازن المكلف باألداء‪.‬‬

‫وفي حالة االختالسات أو التالعبات أو الخصاص المرتكب أو المثبت في صناديق الشسيعين‬


‫أو المؤدين المنتدبين أو في حساباتهم فيتم إدانتهم بالعجز وإثارة مسؤوليتهم الشخصية والمالية كباقي‬
‫‪594‬‬
‫الخلل أو اإلعالن‬ ‫المحاسبين العموميين‪ ،‬ويجب على المحاسبين المرتبطين به مطالبة هؤالء بتصحيح‬
‫عن العجز في حساباتهم وإخبار الجهاز العمومي المعني بذلك وكذلك المحاسب الرئيسي أو وزير المالية‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة ال يتحمل المحاسب أية مسؤولية عن هذه المخالفات والتجاوزات بل يمكن أن يتحمل‬
‫المسؤولية في حالة ما إذا لم يقم بأعمال المراقبة الموكولة إليه أو لم يطالب فو ار باألوراق الثبوتية للعمليات‬
‫المالية لشسيع النفقات‪ ،‬أو المؤد المنتدب‪ .‬فالمشرع قد حمل هؤالء مسؤولية مالية وشخصية أثناء التصرف‬
‫في النفقات الموضوعة تحت تصرفهم‪ ،‬كباقي األشخاص المتدخلين في تنفيذ الميزانية والتصرف في‬
‫األموال العمومية "كما جاء في المادة السابعة‪595‬من قانون ‪."61-99‬‬

‫لذا فمن حق المحاسبين العموميين المطالبة بإجراء مراقبة على جميع العمليات المالية التي‬
‫يقوم بها أو ينجزها شسيعو المصاريف أو نوابهم وكذا المؤدون المنتدبون في كل وقت وحين وفي عين‬
‫‪596‬‬
‫أية دفعة جديدة من‬ ‫المكان أو عن طريق األوراق الثبوتية‪ ،‬قبل قبولها أو التأشير عليها‪ ،‬وقبل تسليم‬
‫التسبيقات التي يطلبها هؤالء‪ .‬أما إ ذا انتهت مهمة الشسيع أو في حالة انتقاله‪ ،‬فالبد من إبراء ذمته بناء‬
‫على شهادة المحاسب المكلف والتابع له الشسيع تثبت بأنه غير مدين للجهاز العمومي التابع له وهو ما‬

‫‪594‬‬
‫‪LOZE (M) : "Les finances de l'Etat….................................", op.cit, p : 445.‬‬
‫تنص المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين على أن ‪" :‬كل موظف أو عون‬ ‫‪595‬‬

‫يوجد تحت إمرة آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي أو يعمل لحساب أحدهم‪ ،‬يمكن أن يعتبر مسؤوال بصفة شخصية محل اآلمر بالصرف‬
‫أو المراقب أو المحاسب العمومي إذا ثبت أن الخطأ المرتكب منسوب إلى الموظف أو العون المذكور"‪.‬‬
‫‪596‬‬
‫‪Les sommes allouées en décharge aux régisseurs ou dont ceux-ci ont été déclaré responsables, mais qui ne‬‬
‫‪pourraient pas être justifiées sont mise à la charge du comptable public assignataire si le débet est lié à l'une des‬‬
‫‪fautes ci-après commise par le comptable :‬‬
‫‪- Des avances ont été consenties sans que la justification régulière de la constitution des garanties ait été‬‬
‫; ‪fournis‬‬
‫‪- Des opérations irrégulières faites par le régisseur ont été acceptées sans réserve par le comptable.‬‬
‫‪- Une faute ou une négligence caractérisée sont relevé à la charge du comptable public à l'occasion de‬‬
‫‪l'exercice de son contrôle sur pièces et sur place…".‬‬
‫‪BENNANI Abdelfettah : "L'agent comptable au Maroc…", op.cit, p : 205.‬‬

‫‪203‬‬
‫نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ‪ 87‬من التنظيم المالي ونظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬

‫ونفس االتجاه نجده لدى المشرع الفرنسي فيما يخص تنصيصه على مسؤولية شسيعي المداخيل‬
‫‪597‬‬
‫سواء فيما يتعلق بالمسؤولية اإلدارية‬ ‫أو النفقات ‪"Les Régisseurs de recettes et d’avances‬‬
‫اتجاه الرؤساء أو المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في القانون الجنائي الفرنسي وخصوصا الفصل‬
‫‪ 432‬الفقرة ‪ 10‬المتعلق بالغدر والفصل ‪ 433‬الفقرة ‪ 2‬المتعلق باالختالس والفصل ‪ 433‬والفصل ‪441‬‬
‫الفقرتان الثانية والرابعة المتعلقان بالرشوة واستغالل النفوذ‪ .‬أما فيما يخص المسؤولية المالية والشخصية‬
‫الفقرة ال اربعة من قانون المالية رقم ‪ 156-63‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪1963‬‬ ‫‪598‬‬
‫فقد نصت عليه المادة ‪60‬‬
‫والذي عدل بالمرسوم رقم ‪ 850-66‬بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 1966‬المتعلق بالمسؤولية الشخصية والمالية‬
‫للشسيعين وخصوصا بالملحق رقم ‪ .2‬وهذا األخير تم تعديله أيضا بالمرسوم رقم ‪ 70-76‬بتاريخ ‪15‬‬
‫‪599‬‬
‫بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪2004‬‬ ‫يناير ‪ 1976‬وخصوصا الملحق رقم ‪ 03‬ثم بالمرسوم رقم ‪2004-737‬‬
‫بالملحق رقم ‪.4‬‬

‫إال أن المادة ‪ 12‬من المرسوم رقم ‪ 850-66‬بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 1966‬والمعدل بالمرسوم رقم ‪-737‬‬
‫‪ 2004‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ 2004‬قد حددت أن المبالغ المرصودة والمترتبة عن المسؤولية أو التي تم إعفاء‬
‫الشسيعين منها بعد إثارة مسؤوليتهم بعد عدم تحصيلها يمكن أن يتحملها المحاسب العمومي المرتبطين به‬
‫بعد إثارتها من طرف قاضي الحسابات أو وزير المالية‪ ،‬إذا كان العجز مرتبط بخطأ أو إهمال واضح من‬
‫جانب المحاسب العمومي بمناسبة مزاولته للرقابة على الوثائق وفي عين المكان‪.‬‬

‫فهذا المرسوم قد وضح وضعية المحاسب العمومي اتجاه قاضي الحسابات فيما يخص‬
‫المسؤولية المالية والشخصية لهذا األخير إثر حصول العجز المترتب على الشسيع إثر اإلعفاء من‬
‫المسؤولية أو إثر تحملها‪.‬‬

‫فكل عجز في حسابات الشسيع ال يكون محل إعفاء وال يتم تسديده ال من طرف الشسيع وال‬
‫يكون محل إثارة من طرف المحاسب الذي ضبط العجز‪ ،‬بل يتم ترتيب المسؤولية الشخصية والمالية لهذا‬
‫‪600‬‬
‫األخير من طرف قاضي الحسابات‪ .‬وفي هذا اإلطار اعتبرت محكمة الحسابات الفرنسية في قرار‬
‫صادر بتاريخ ‪ 30‬أكتوبر ‪ 1952‬أن مسؤولية المحاسب العمومي قائمة عن االختالسات الحاصلة من قبل‬

‫‪ 597‬للمزيد من التوسع يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬


‫‪Instruction codificatrice n°06-031-A.B-M du 21 avril 2006, Bulletin officiel de la comptabilité publique,‬‬
‫‪Direction générale de la comptabilité publique, 5ème sous-direction, Bureau 5B, p : 23 et suite.‬‬
‫‪598‬‬
‫‪L'article 60 (X) déclare que : "Les régisseurs, chargés pour le compte des comptables publics d'opération‬‬
‫‪d'encaissement et de paiement, sont soumis aux règles, obligations et responsabilités des comptables publics‬‬
‫‪dans les conditions et limites fixées par l'un des décrets prévus au paragraphe XII".‬‬
‫‪599‬‬
‫‪Comptabilité publique : Instruction codificatrice n°06-031A-B-M du 21 avril 2006, p : 100.‬‬
‫‪600‬‬
‫‪FABRE (J.F) : "Les grands arrêts…....................................", op.cit, p : 243.‬‬

‫‪204‬‬
‫الحيسوبي "‪ "Le Régisseur‬وأن صندوق هذا األخير ما هو إال امتداد لصندوق القابض البلدي‪ ،‬وأن كل‬
‫اختالس أو عجز حاصل بالصندوق من شأنه قيام مسؤولية القابض في هذا الشأن‪ ،‬رغم كونه قام‬
‫باإلجراءات التي من شأنها توضيح الخلل فيما يخص تسيير الوكالة‪.‬‬

‫وفي حكم آخر اعتبرت الغرفة الثالثة من محكمة الحسابات بتاريخ ‪ 27‬يناير ‪ 2009‬بأن مبلغ‬
‫‪ 1.141,54‬أورو يعتبر عج از بحساب المحاسب رغم أنه غير ناتج عن خطأ أو إهمال المحاسب العمومي‬
‫في مجال ممارسته لمهام المراقبة على الوكالة التي وقع بها الخصاص المالي عن طريق السرقة‬
‫والمحصل من حقوق النسخ تطبيقا للمادة ‪ 12‬من مرسوم ‪ 15‬نونبر ‪ 1966‬والمعدل بالمرسوم ‪-737‬‬
‫‪ 2004‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ 2004‬وبالتالي تم رفض التعرض من طرف المحاسب العمومي من طرف‬
‫‪601‬‬
‫قاضي الحسابات‪.‬‬

‫وعلى العموم فالحيسوبي أو الشسيع ليس له صفة المحاسب العمومي‪ ،‬رغم أن له الصالحية‬
‫لتنفيذ بعض العمليات المسندة للمحاسب العمومي‪ ،‬وهذه العمليات المالية قد تترتب عنها مسؤوليات مالية‬
‫وشخصية كالتي تترتب على المحاسب وال تعفيه من هذه المسؤولية سوى اإلعفاء من المسؤولية نتيجة‬
‫القوة القاهرة أو التماس اإلعفاء بطلب من السلطات اإلدارية التابع لها‪ ،‬أو إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪.‬‬

‫إال أن السؤال العريض الذي يمكن طرحه في هذا المجال هو السرقة اإللكترونية التي بدأت‬
‫تغزو بلدان العالم ومنها المغرب‪ ،‬فهل يتحمل الخازن المكلف باألداء المسؤولية المالية والشخصية عن‬
‫تعرض الخزينة الختالس أموال عمومية عبر اختراق منظومة التدبير المندمج للنفقات العمومية (‪ )GID‬؟‬
‫فقد قام شخص بعملية اختالس مليار سنتيم من الخزينة اإلقليمية ألزيالل انطالقا من منزله باستعمال‬
‫اإلنترنيت‪ ،‬نظ ار للحماية الضعيفة التي يتمتع بها نظام التدبير المندمج للنفقات "‪ ،"GID‬ولما أشعر‬
‫يونيو ‪ 2010‬تفيد بتعرض‬ ‫‪602‬‬
‫الخازن اإلقليمي بذلك‪ ،‬تقدم بشكاية إلى الشرطة القضائية بتاريخ ‪11‬‬
‫الخزينة الختالس أموال طائلة عبر اختراق منظومة التدبير المندمج للنفقات العمومية‪.‬‬

‫ومن خالل التحقيق الذي أجرته الضابطة القضائية تبين أن المختلس قام بهذه العملية انطالقا‬
‫من منزله باستعمال اإلنترنت‪.‬‬

‫ب ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات المحاسب الفعلي‬

‫إذا كان المحاسبون العموميون بمختلف أصنافهم مسؤولين شخصيا وماليا عن عملياتهم المالية‬
‫وأعمالهم التنفيذية في مجال صرف الميزانية‪ ،‬فهم كذلك مسؤولين عن أعمال تابعيهم حسب الحاالت‪ .‬وهم‬
‫بذلك مسؤولين عن عمليات المحاسبين الفعليين "‪ "Les comptables de fait‬في إطار امتداد هذه‬

‫‪601‬‬
‫‪Arrêts de la cour des comptes et jugements des CRC, 3ème chambre, école d'architecture de Marseille,‬‬
‫‪Luminy, p : 6.‬‬
‫‪ 602‬تفاصيل هذه العملية منشورة بجريدة العلم ليوم ‪ 2010/06/15‬بالعدد ‪ 21658‬وعلى الموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫?‪.http://www.alam.ma/déf.asp‬‬

‫‪205‬‬
‫المسؤولية‪ ،‬وحرصا من جانب المشرع على حماية المال العام والحكامة المالية‪ .‬فالمحاسب الفعلي هو كل‬
‫‪603‬‬
‫لذلك من لدن السلطات المختصة عمليات قبض الموارد وصرف‬ ‫شخص يباشر من غير أن يؤهل‬
‫النفقات وحيازة واستعمال األموال أو القيم التي في ملك أحد األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المحاكم‬
‫المالية‪.‬‬

‫المحاسب العمومي بعمليات تتعلق‬ ‫‪604‬‬


‫ويمكن للمحاسب الفعلي أن يقوم دون أن تكون له صفة‬
‫بتدبير األموال أو القيم التي في ملك األجهزة العمومية‪ ،‬فيكلفون وحدهم بإنجاز العمليات المالية وفقا‬
‫للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وقد تطرق المشرع إلى هذا النوع من المحاسبين للحيلولة دون إفالت‬
‫هذه الفئة من المحاسبة وتحمل المسؤولية‪ .‬فتأسيسا على قاعدة أصولية فقهية تستهدف حماية المال العام‬
‫مفادها ‪" :‬إن األموال العامة تحرق األيدي التي تمتد إليها" في إشارة إلى أن المسؤولية المعروفة بثقلها‬
‫وبصرامتها التي تقع على كاهل المحاسبين العموميين‪ ،‬مثلها تقع على كاهل المحاسبين الفعليين أو‬
‫‪605‬‬
‫الواقع‪ ،‬البد من توافر بعض‬ ‫المحاسبين بحكم الواقع‪ .‬إال أنه لقيام التسيير الفعلي أو التسيير بحكم‬
‫الشروط‪ ،‬فحسب الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم‬
‫للمحاسبة العمومية الذي نص على أنه يكفي تحصيل مداخيل أو صرف النفقات دون وجود عنصر عدم‬
‫الترخيص من قبل القوانين واألنظمة أو السلطة المخولة قانونا إلصدار هذا الحق‪ ،‬فلقيام التسيير الفعلي‬
‫البد من توافر شرطين اثنين ‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم وجود ترخيص في ميدان التسيير المالي من حيث تحصيل اإليرادات وصرف النفقات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يتعلق األمر بأموال عمومية أو خاصة منظمة ‪ Réglementé‬قانونا‪ ،‬فكل تسيير ال يخص‬
‫هذه األموال‪ ،‬ال يمكن وصف الشخص المسير بالمحاسب الفعلي‪.‬‬

‫إال أنه قد تثار بعض اإلشكاليات على مستوى التصرف وحيازة األموال العامة يوصف‬
‫الشخص الحائز لها بالمحاسب الفعلي‪ ،‬فقد كان القضاء المالي الفرنسي ال يعتبر حيازة الشخص ألموال‬
‫عمومية محاسبا فعليا‪ ،‬إال أنه بعد تدخل المشرع إثر صدور قانون ‪ 23‬فبراير ‪ 1963‬المتعلق بالنظام‬
‫العام للمحاسبة العمومية الفرنسي بالقانون رقم ‪ 156-63‬أصبحت الحيازة والتصرف في هذه األموال من‬

‫‪ 603‬فقد عرف الفقيه الفرنسي "فانصون كاطوري جون فيل ‪ Vincent CATTORI JONVILLE‬التسيير بحكم الواقع كاآلتي ‪:‬‬
‫‪"La gestion de fait des deniers publics peut être définie comme le maniement de ces deniers par les ordonnateurs‬‬
‫‪ou plus généralement par des manutateurs qui ne sont pas des comptables publics ou qui n'agissent pas sous le‬‬
‫‪contrôle et pour le compte du comptable public…".‬‬
‫‪Vincent CATTORI-JONVILLE : "Aux origine de la gestion de fait gestion occulte", Revue française de finances‬‬
‫‪publiques, n°66, Juin 1999, p : 11.‬‬
‫‪ 604‬لقد تعرضت المادة ‪ 15‬من مرسوم رقم ‪ 330.66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬إلى تعريف المحاسب بحكم الواقع‪ ،‬وكذلك المادة ‪20‬‬
‫من مرسوم رقم ‪ 2.09.441‬المتعلق بالمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬
‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.140 :‬‬ ‫‪605‬‬

‫‪206‬‬
‫‪606‬‬
‫الفعلي "‪."Le comptable de fait‬‬ ‫العناصر التي تضفي على المتصرف فيها صفة المحاسب‬

‫كما أنه قد يصبح اآلمرون بالصرف محاسبين فعلين عندما يتصرفون بهذه الصفة في حالة‬
‫تدخلهم لممارسة بعض اختصاصات المحاسبين العموميين إما في مجال التحصيل كقيام اآلمر بالصرف‬
‫بصفته رئيس مصلحة باإلدارة المركزية ببيع أدوات ولوازم مستعملة لتغذية الصندوق األسود " ‪La caisse‬‬
‫‪ "noire‬أو عندما يقوم عون أو مستشار جماعي لصالح اآلمر بالصرف باستخالص رسوم أو وجيبات‬
‫تتعلق باستغالل منتزه أو مسبح بلدي بدون أن تكون لهم صفة محصلي أو وكالء مداخيل‪ .‬أما في مجال‬
‫النفقات والذي يحاول فيه اآلمر بالصرف استخراج المال العام بطريقة غير قانونية من الصندوق العمومي‬
‫كاستعمال "الحوالة الصورية" أو المبالغة في بيانات األثمان أو الفاتورات أو تحريفها أو تحرير أوامر‬
‫باألداء أو حواالت كقيام موظف عمومي يوضع حوالة ألداء توريدات الوقود أو إصالحات لفائدة‬
‫المصلحة أو الجماعة ظاهريا ولكن في الحقيقة تحول إلى المصلحة الشخصية‪ .‬ففي أحكام القضاء المالي‬
‫الفرنسي قد صدرت ق اررات في هذا الشأن لما اعتبرت بعض المنتخبين محاسبين فعليين وطبقت بشأنهم‬
‫"حيث اعتبر العمدة الذي استخرج مبالغ بطريقة غير قانونية من الصندوق‬ ‫‪607‬‬
‫مسطرة التسيير الفعلي‪.‬‬
‫العمومي‪ ،‬وهذه األموال قد حصلت من طرف جمعية البلديات تعود إلى الرسوم العقارية المتوجبة على‬
‫الملزمين اتجاه الجماعة‪ .‬وبالتالي اعتبر العمدة سلطة غير مؤهلة الستعمال تلك األموال‪ ،‬وبالتالي اعتبرته‬
‫محكمة الحسابات مسي ار بحكم الواقع"‪.‬‬

‫فالمبدأ العام الذي ينبثق منه مسؤولية المحاسب الفعلي ينطلق من مقولة فقهية شهيرة التي‬
‫تتلخص في أن ‪" :‬المال العام يحرق األيدي التي تمتد إليه"‪ .‬وخصوصا إذا كانت النية سيئة‪ ،‬فالمحاسب‬
‫الفعلي يخضع لنفس المسؤوليات وااللتزامات والمراقبات التي يتحملها المحاسب العمومي‪ ،‬وهذا هو ما‬
‫ذهب إليه المشرع المغربي في القانون المنظم للمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬بواسطة المرسوم الملكي‬
‫رقم ‪ 330-66‬في المادة ‪ 16‬التي نصت على أنه "تجري على الشخص المعتبر محاسبا بحكم الواقع نفس‬
‫االلتزامات والمراقبات الجارية على المحاسب العمومي‪ ،‬ويتحمل نفس المسؤوليات"‪.‬‬

‫‪606‬‬
‫‪SAILLARD Jacques : "Les règles de la comptabilité publique", cours de l'école nationale du Trésor à Paris,‬‬
‫‪1995, p : 83.‬‬
‫‪607‬‬
‫‪Arrêts, jugements et communications des juridictions financières, Edition Berger Levrault, année 1989, p :‬‬
‫‪109.‬‬
‫‪Voir aussi : Arrêts de la cour des comptes et jugements des CRC 30 avril 2009, 4ème chambre-département de‬‬
‫‪l'Isère p : 33 :‬‬
‫‪Extrait : "Une personne déclaré comptable de fait des deniers d'un département par une chambre régionale des‬‬
‫‪comptes avait invoqué en appel la violation de la procédure contradictoire par la chambre régionale qui ne lui‬‬
‫‪avait pas transmis la délibération du conseil général refusant de reconnaître l'utilité publique des dépenses de la‬‬
‫‪gestion de fait la cour a reçu le moyen et annulé le jugement. Compte tenu de l'importance de la pièce sur la‬‬
‫‪procédure et nonobstant son caractère communicable, évoquant l'affaire au fond, elle a examiné, à la demande de‬‬
‫‪l'appelant, la légalité de la délibération, en exerçant sur cet acte un contrôle restreint et en considérant que‬‬
‫‪l'intérêt public de la dépense relevait de l'appréciation de l'assemblée délibérante. En conséquence, elle a constaté‬‬
‫‪le débet et condamné à l'amende le comptable de fait".‬‬

‫‪207‬‬
‫المؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪1963‬‬ ‫‪608‬‬
‫وهذا المبدأ نجده في القانون المقارن ومنه القانون الفرنسي‬
‫المتعلق بالمحاسبة العمومية والذي نقله المشرع المغربي بنفس الصيغة تقريبا‪ ،‬فإذا كان المحاسب الفعلي‬
‫مسؤول ع ن أفعاله‪ ،‬مادام يدبر المال العام‪ ،‬فما هو أساس محاسبة وإثارة مسؤولية المحاسب العمومي عن‬
‫أفعال المحاسب الفعلي ؟‬

‫لإلجابة عن هذا السؤال‪ ،‬البد من توفر عناصر أساسية وموضوعية إلمكانية إثارة هذه‬
‫‪609‬‬
‫والتي تسمح للغير بممارسة مهمة المحاسب‬ ‫المسؤولية‪ ،‬وتتجلى في توفر عنصر العلم بالتسيير الفعلي‬
‫الفعلي من خالل استخالص المداخيل العمومية أو من خالل صرف نفقات من قبل الشخص غير المؤهل‬
‫قانونا لفعل ذلك‪ ،‬والذي دعته الضرورة للقيام بذلك‪ ،‬وتم قبولها من طرف المحاسب العمومي‪ ،‬فعنصر‬
‫العلم واإلدراك لدى المحاسب العمومي أساس تبعية المحاسب الفعلي لهذا األخير‪ ،‬وعدم قيامه بالمراقبة‬
‫الالزمة يجعله مسؤوال بالتضامن مع المحاسب الفعلي الذي يكون أيضا مسؤوال مسؤولية مالية وشخصية‬
‫عن تصرفاته المخالفة لألنظمة والقوانين الضابطة للمالية العمومية‪.‬‬

‫لذا فإدخال المحاسب العمومي كطرف في إثارة المسؤولية‪ ،‬يبقى الهدف األساسي منه هو‬
‫‪610‬‬
‫ضمان الحماية المستمرة للمال العام وحكامة استعماله‪ ،‬وجعل المحاسب العمومي الحارس األول له‪.‬‬
‫وقد أفرد المشرع للمحاسب الفعلي عقوبتين هما ‪:‬‬

‫أ‪-‬عقوبة الغرامة ‪ :‬وتعتبر سلطة تقديرية تعطى لقاضي الحسابات‪ ،‬بحيث يقدر خطورة الخطأ المرتكب‪،‬‬
‫وطبيعة القصد والنية لدى الفاعل‪ ،‬وكذا المجهودات المبذولة للحيلولة دون وقوع الخطأ الذي تترتب عنه‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬جنحة ممارسة وظيفة بدون ترخيص قانوني‪ :‬يعتبر ممارسة عمل المحاسب الفعلي جنحة عقوبتها‬
‫ذات طبيعة جنائية‪ ،‬وهي التدخل في ممارسة وظيفة بدون موجب قانوني بعيدا عن قواعد التسيير الفعلي‬
‫إذا كانت النية اإلضرار بالمال العام‪ .‬ونظرة القاضي الجنائي هي قيام شخص بالتدخل عن طريق مزاولة‬
‫عن طريق ممارسة بعض األعمال المخصصة‬ ‫‪611‬‬
‫مهمة عمومية بدون أهلية أو ما يسمى انتحال الصفة‬

‫‪608‬‬
‫‪L'article 60-XI modifié par l'art. 22 de loi du 10 juillet 1982 déclare que :‬‬
‫‪"Les gestions de fait sont soumises aux mêmes juridictions, et entraînent les mêmes obligations et responsabilités‬‬
‫‪que les gestions régulières".‬‬
‫‪609‬‬
‫‪D'après Jacques MAGNET : "Les comptables de droit sont responsables de la gestion des comptables de fait‬‬
‫‪qui se sont immiscés dans leur service lorsque ayant connaissance de cette gestion irrégulière, ils ne l'ont pas‬‬
‫‪dénoncé.‬‬
‫‪MAGNET (J) : "Elément de la comptabilité publique", Edition L.G.D.J, Paris, 2001, p : 163.‬‬
‫‪ 610‬إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي‪ ،"........................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.151 :‬‬
‫ينص الفصل ‪ 380‬من القانون الجنائي المغربي في مجال انتحال الوظائف أو األلقاب أو األسماء أو استعمالها بدون حق على أنه ‪" :‬من‬ ‫‪611‬‬

‫تدخل بغير صفة في وظيفة عامة‪ ،‬مدنية كانت أو عسكرية‪ ،‬أو قام بعمل من أعمال تلك الوظيفة‪ ،‬يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات ما لم‬
‫يكن فعله جريمة أشد"‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪612‬‬
‫للمسؤول األساسي بموجب القوانين واألنظمة عن هذه الوظيفة‪.‬‬

‫فممارسة المحاسب الفعلي لعمله هذا قد تنتج عنه عواقب زجرية تتجلى في وجود مسطرتين‬
‫لمعالجة هذا التدخل‪ ،‬فاألولى ذات طبيعة مالية تتجلى في تغريم المحاسب الفعلي عن العجز أو الفائض‬
‫حسب الحاالت من طرف القضاء المالي بحيث تتم المتابعة بصفة انفرادية أو تبعية‪ ،‬وقد جاء في حكم‬
‫بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 2006‬بالغرف المجتمعة في قضية جمعية تنمية المقاوالت األوروبية حول االتصاالت‬
‫(‪ )ADEEL‬وحسب الفصل ‪ 11-131‬من مدونة المحاكم المالية الفرنسية "أن المحاسبين الفعليين يمكن‬
‫أن يدانوا بغرامة من طرف المحاكم المالية وأن مبالغ هذه الغرامات تقرر وتأخذ بعين االعتبار أهمية ومدة‬
‫‪613‬‬
‫محاسبين فعليين مؤقتا بغرامة‬ ‫التصرف في األموال العمومية"‪ .‬وبالتالي ارتأت الغرفة متابعة ثالثة‬
‫‪ 2.000‬فرنك فرنسي أي ما يعادل ‪ 304,90‬أورو لكل واحد‪.‬‬

‫فإذا كانت مسطرة تصفية التسيير الفعلي غير معنية بالمتابعة الجنائية وإذا كان موضوعها‬
‫مختلف عن الدعوى الجنائية‪ ،‬فالغرامة ال تصدر إال في هذه الحاالت التي ال يتم فها تحريك الدعوى‬
‫الجنائية‪ .‬ويبقى السؤال المطروح حول الحاالت التي يتابع فيها شخص ما بتهمة انتحال صفة محاسب‬
‫عمومي أمام المحاكم الزجرية‪ ،‬وفي غياب تصريح قضاء مالي رسمي في النازلة بالتسيير الفعلي أو‬
‫االعتراض على حسابات هذا الشخص أثناء تقديم حسابه التسييري ؟ ففي رأي األستاذ محمد براو‪ ،‬هذه‬
‫الحالة يتقاسمها رأيان فقهيان ‪ :‬األول ‪ :‬يرى بضرورة تصدي القضاء الزجري للنازلة بقطع النظر عن‬
‫التصريح بالتسيير الفعلي أو التسيير بحكم الواقع‪ .‬والثاني ‪ :‬يتشبث بحق وكفاءة القضاء المالي في إدانة‬
‫معاقبة األفعال‬ ‫‪614‬‬
‫تسير المحاسب المعني باألمر أي المحاسب الفعلي قبل أن يتولى القاضي الزجري‬
‫الجرمية لهذا األخير‪.‬‬

‫لقد نصت المدونة الجنائية الفرنسية في الفصل ‪ 433‬ف‪ 12‬على "إدانة كل شخص غير مؤهل لممارسة وظيفة عمومية بثالث سنوات سجنا‬ ‫‪612‬‬

‫و‪ 300‬ألف فرنك فرنسي كغرامة تدخل لممارسة عمل مخصص قانونا لشخص مؤهل لهذه الوظيفة"‪.‬‬
‫‪"Le code pénal français (art. 433-12), punit de 3 ans d'emprisonnement et de 300.000 francs d'amende, le fait‬‬
‫‪pour toute personne agissant sans titre de s'immiscer dans l'exercice d'une fonction publique, en accomplissant‬‬
‫‪l'un des actes réservés au titulaire de cette fonction des peines complémentaires sont en outre, prévues pour‬‬
‫‪l'article 433-22, notamment l'interdiction des droits civiques, civiles et de famille et celle d'exercer une fonction‬‬
‫‪publique pour une durée de cinq ans au plus".‬‬
‫‪D'après Robert HERTZOG : "Le nécessaire réforme de la procédure de gestion de fait", R.F.F.P, n°66, Juin‬‬
‫‪1999, p : 94.‬‬
‫‪613‬‬
‫‪"… Après avoir déclaré définitivement trois personnes gestionnaires de fait des deniers de l'Etat, la cour les‬‬
‫‪avait condamnées à l'amende. Après cassation, la procédure avait repris, mais un des gestionnaires de fait était‬‬
‫‪décédé avant la fin de la procédure. La cour a donc constaté l'extinction de l'action publique à son égard.‬‬
‫‪Considérant que le montant des sommes maniées irrégulièrement est de 5,50 millions de Francs (0,84 M€) ; que‬‬
‫; ‪la gestion de fait a porté sur une période de près de deux ans‬‬
‫‪Considérant qu'en raison de leur niveau hiérarchique et de leur fonction au sein de l'association, MM. X et Z ne‬‬
‫‪pouvaient ignorer que le fonctionnement de l'ADEEC était constitutif de gestion de fait". 29 Avril 2009.‬‬
‫‪Chambres réunies – Association pour le développement des entreprises européennes par la communication‬‬
‫‪(ADEEC), p : 31 et 32.‬‬
‫‪614‬‬
‫‪MBOUHOU (M) : "Les gestions de fait à coloration pénale", La revue de Trésor n°8-9, Août-Septembre‬‬
‫‪2003, pp. : 518-524.‬‬

‫‪209‬‬
‫لقد سبق أن تطرقنا فيما تقدم من المطالب السابقة إلى دراسة وتحليل المسؤولية سواء السياسية‬
‫بالنسبة للوزراء بصفتهم آمرين بالصرف رئيسيين في مجال تنفيذ ميزانية و ازرتهم‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من‬
‫صالحيات والتزامات ومسؤوليات‪ ،‬والمسؤولية السياسية لرؤساء الجماعات الترابية وهيئاتها بصفتهم آمرين‬
‫بالصرف ومسؤولين عن تنفيذ الميزانية الجماعية وما يترتب عن ذلك من مسؤولية وأبعاد قانونية وجزائية‪.‬‬

‫أما فيما يخص مسؤولية المحاسبين العموميين‪ ،‬فقد تطرقنا إلى مسؤوليتهم الشخصية والمالية‬
‫في مجال تنفيذ الميزانية وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات والتزامات‪ ،‬وأيضا ما يخص مسؤولية تابعيهم‬
‫أو المرتبطين بهم فيما يخص المداخيل أو النفقات‪ ،‬وتناسب المسؤولية والخطأ بخصوص هؤالء في‬
‫عالقتهم بالمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫أما المبحث الموالي فسنخصصه للمجاالت المشتركة التي يتقاسم فيها اآلمرون بالصرف‬
‫والمحاسبون العموميون المسؤولية‪ ،‬ونتائج الجزاءات المترتبة عن ذلك في المبحث الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬النطاق المشترك للمسؤولية المالية للمتدخلين في مجال تنفيذ الميزانية‬
‫العامة‪.‬‬
‫إن هذا النطاق أو المجال المشترك للمسؤولية لم يكن واضحا فيما قبل‪ ،‬إال أنه بصدور القانون رقم ‪-99‬‬
‫‪ 61‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين بتاريخ ‪ 13‬أبريل‬
‫يكون المشرع المغربي قد حدد بشكل جلي مجال المسؤولية وبالتالي عمل على جمع‬ ‫‪615‬‬
‫‪،2002‬‬
‫النصوص القانونية المشتتة بين عدة قوانين متناثرة والتي ليست من طبيعة واحدة‪ ،‬والتي كانت ال تشمل‬
‫نطاقا أو مجاال محددا‪ ،‬بل كانت تخص عدة مجاالت وعدة متدخلين في مجال تنفيذ بنود الميزانية‪ .‬فهذه‬
‫المجاالت المتعلقة بالمسؤولية كانت مشتتة بين المسؤولية المدنية التي نص عليها قانون االلتزامات‬
‫والمسؤولية الجنائية التي نص عليها القانون الجنائي الصادر سنة‬ ‫‪616‬‬
‫والعقود الصادر سنة ‪1913‬‬
‫‪617‬‬
‫فهذين القانونين كانا سباقين إلى تحديد قواعد المسؤولية سواء المدنية بالنسبة لألول أو‬ ‫‪،1962‬‬
‫الجنائية بالنسبة للثاني‪ .‬إال أن أساس هذه المسؤوليات كان عاما وشامال‪ ،‬إال أنه بعد صدور المرسوم‬
‫الملكي رقم ‪ 330-66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية‪ ،‬قد أكد خصوصية مسؤولية المتدخلين في تنفيذ‬
‫‪619‬‬ ‫‪618‬‬
‫الصادر سنة‬ ‫كما كان للنظام العام للوظيفة العمومية‬ ‫الميزانية في فصليه السابع والخامس عشر‪.‬‬

‫لقد نصت الفقرة الثانية من المادة األولى من الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.25‬الصادر بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪61-99‬‬ ‫‪615‬‬

‫على أنه ‪" :‬يتعرض اآلمرون بالصرف والمراقبون والمحاسبون العموميون للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية‪."...‬‬
‫من خالل الفصالن ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي لسنة ‪.1913‬‬ ‫‪616‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.59.413‬صادر بتاريخ ‪ 26‬نونبر ‪ 1962‬المتعلق بتنفيذ مجموعة القانون الجنائي كما تم تغييره وتتميمهج‪.‬ر عدد ‪2640‬‬ ‫‪617‬‬

‫مكرر بتاريخ ‪ 5‬يونيو ‪1963‬‬


‫ينص الفصل السابع من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يتحمل‬ ‫‪618‬‬

‫اآلمرون بالصرف بمناسبة مزاولة مهامهم المسؤوليات المقررة في القوانين واألنظمة المعمول بها"‪ ،‬أما الفصل ‪ 15‬فينص في فقرته الثانية على أنه ‪:‬‬
‫"وتجري على الشخص المعتبر محاسبا بحكم الواقع نفس االلتزامات والمراقبات الجارية على محاسب عمومي ويتحمل نفس المسؤوليات"‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ 1958‬نصيب في تحديد مجال المسؤولية التأديبية التي لها ارتباط وثيق بالمسؤولية المالية‪.‬‬

‫وما يميز المسؤولية المالية التي جاء بها قانون ‪ 61-99‬هو تجميع المسؤوليات التي تترتب‬
‫عن تنفيذ الميزانية العامة من طرف المتدخلين فيها سواء فيما يخص تحصيل أو صرف المال العام‪،‬‬
‫وبذلك أصبح المتدخلون في مجال تنفيذ الميزانية يحتكمون إلى نص واحد في مجال المسؤولية‪ ،‬ومنه‬
‫تتفرع باقي المسؤوليات‪ ،‬كما حدد هذا القانون بشكل واضح القواعد التي تتأسس عليها كل أنواع‬
‫المسؤوليات والنتائج المترتبة عنها‪ .‬فقد حددت كل من المادتين الرابعة والسادسة من قانون ‪61-99‬‬
‫الوقائع المنشئة لمسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬وما يترتب عنها من توابع تأديبية وهو‬
‫ما يخص المسؤولية التأديبية بكون هؤالء موظفين عموميين خاضعين لقانون الوظيفة العمومية (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬أو المسؤولية المدنية نظ ار لألضرار المادية التي يحدثونها أثناء ممارسة مهامهم (المطلب الثاني)‬
‫أو المسؤولية الجنائية لما يتعلق األمر بارتكاب أفعال جرمية يعاقب عليها القانون الجنائي (المطلب‬
‫الثالث)‪.‬‬

‫فباستثناء النظام القانوني الذي يخضع له اآلمرون بالصرف الرئيسيون الذين يتحملون مسؤولية سياسية‪،‬‬
‫بحسب مقتضى المادة ‪ 52‬من مدونة المحاكم المالية التي ال تخضعهم الختصاصها القضائي في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬باعتبارهم يمارسون مهامهم بصفة "عضو في الحكومة"‪،‬‬
‫ويدخل في هذه الخانة الوزير األول حسب القانون المنظم –رئيس الحكومة‪ -‬حسب الدستور الحالي‪-620‬‬
‫والوزراء والوزراء المنتدبون وكتاب الدولة ونوابهم‪ .‬فإن باقي اآلمرين بالصرف الثانويين بصفتهم مدبرين‬
‫وتبقى مسؤولية الوزراء في مجال‬ ‫‪621‬‬
‫إداريين فهم خاضعون لمقتضيات هذه المدونة بمنطوق المادة ‪.51‬‬
‫التدبير اإلداري والمالي خاضعة في الواقع لرقابة الضمير والرأي العام وبالتالي تبقى مسؤولية سياسية أمام‬
‫الملك والبرلمان تطرح بوسائل منحها المشرع لكل طرف‪ .‬فإذا ما أقدم الوزير على ارتكاب مخالفات أو‬
‫جرائم يعاقب عليها القانون فإنها تثار من طرف البرلمان‪ ،‬وإذا كانت ترقى إلى جريمة جنائية فإن المتابعة‬
‫تتم أمام المحكمة المختصة حسب المساطر الدستورية المنظمة بعد إلغاء المحكمة العليا‪ ،‬وهذه المسألة‬
‫ضرورية لحماية الحقوق وفرض هيبة الدولة‪ ،‬باإلضافة إلى خضوع الوزراء في مجال المسؤولية المالية‬
‫إلى المحاسبة أمام المحاكم المالية ماداموا يتصرفون في المال العام تحقيقا لهدف الحكامة المالية‪ .‬فبعض‬
‫‪622‬‬
‫ومن خالل تشريعاتها ال تعفي الوزراء من المسؤولية المالية والمتابعة في حالة ارتكابهم‬ ‫الدول‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية والمنشور بالجريدة الرسمية عدد‬ ‫‪619‬‬

‫‪ 237‬بتاريخ ‪ 11‬أبريل ‪.1958‬‬


‫بدخول الدستور الجديد لسنة ‪ ، 2011‬بقي على المشرع المغربي مالءمة النصوص القانونية القديمة مع المستجدات والمصطلحات الجديدة التي‬ ‫‪620‬‬

‫جاء بها من خالل التعديالت والقوانين التنظيمية الموازية‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 51‬من مدونة المحاكم المالية في فقرتها األولى على أنه ‪" :‬يمارس المجلس مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬ ‫‪621‬‬

‫والشؤون المالية بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو عون بأحد األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس‪ ،‬كل في حدود االختصاصات المخولة له‪."...‬‬
‫على سبيل المثال التشريع البرتغالي‪.‬‬ ‫‪622‬‬

‫‪211‬‬
‫لمخالفات مالية أمام المحاكم المالية المختصة‪.‬‬

‫أما فيما يخص أعضاء البرلمان الذين يستمدون شرعيتهم من مبدأ سيادة األمة بمنطوق الفصل‬
‫‪ 2‬من دستور ‪ .2011‬فهؤالء استثنتهم المادة ‪ 52‬من مدونة المحاكم المالية من اختصاصها في ميدان‬
‫التأديب المالي‪ ،‬وهذه المسألة طرحت إشكاال قانونيا لما يتعلق األمر بممارسة أعضاء البرلمان تدبير‬
‫جماعات ترابية بصفتهم رؤساء جماعات فهل ستدفع المحاكم المالية بعدم االختصاص في حالة ارتكابهم‬
‫لمخالفات مالية ؟ هذا ما سوف نعالجه في المطالب الموالية‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية التأديبية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‬


‫انطالقا من الفصل الثالث من ظهير ‪ 24‬أبريل ‪ 1958‬المتعلق بالوظيفة العمومية الذي يعتبر‬
‫العالقة بين الموظف العمومي واإلدارة العامة بأنها عالقة قانونية ونظامية‪ ،‬وكذلك انطالقا من تعريف‬
‫الموظف الوارد في الفصل ‪ 224‬من القانون الجنائي المغربي الذي شمل كل من يقوم بوظيفة أو مهمة‬
‫ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر‪ ،‬ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية‪ ،‬أو الهيئات البلدية‪،‬‬
‫أو المؤسسات العمومية‪ ،‬أو مصلحة ذات نفع عام‪ ،‬واستثناء من القاعدة التي جاءت بها المادة ‪ 52‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية والتي أعفت من اختصاصها أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس‬
‫المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة‪ ،‬يبقى تعبير المسؤول‪ ،‬الموظف والعون الوارد في المادة‬
‫‪ 51‬من مدونة المحاكم المالية ساريا على كل من يتحمل مسؤولية تدبير المالية العمومية‪ ،‬وبالتالي‬
‫الخضوع للمساءلة والتأديب‪ .‬فإلى جانب المسؤولية السياسية والجنائية التي يخضع لها اآلمرون بالصرف‬
‫والمسؤولية الشخصية والمالية وكذا الجنائية التي يخضع لها المحاسبون العموميون ومن في حكمهم‬
‫بصفتهم أطراف هامة في مجال تنفيذ الميزانية العامة ‪ ،‬نجد هناك المسؤولية التأديبية الناتجة عن صفة‬
‫"الموظف" كيفما كانت رتبته أو مسؤوليته أمام السلطة الرئاسية‪ ،‬أو السلطة المعهود إليها بقرار التعيين في‬
‫المنصب‪.‬‬

‫وحسب المادة األولى من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬


‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬والتي جعلت في أولى فقراتها تحقيق هدف تحديد المسؤولية الناتجة عن اتخاذ‬
‫الق اررات أو التأشير المالي أو التنفيذ المادي خالل ممارسة المهام وبالتالي تحمل المسؤولية التأديبية أمام‬
‫‪623‬‬
‫من‬ ‫الرؤساء عن األخطاء الوظيفية المقررة في القوانين واألنظمة المعمول بها كما جاء في الفصل ‪7‬‬
‫المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ .1967‬وقد أكد هذا األمر المادة الثالثة من قانون‬
‫‪ 99-61‬التي اعتبرت كل آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي مسؤوال عن الق اررات التي اتخذها‬
‫أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استالمه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها‪.‬أما المواد ‪ 4،5‬و‪ 6‬من قانون‬

‫ينص الفصل ‪ 7‬من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يتحمل اآلمرون بالصرف بمناسبة مزاولة مهامهم‬ ‫‪623‬‬

‫المسؤوليات المقررة في القوانين واألنظمة المعمول بها"‪ ،‬وما دام الفصل الثالث من نفس المرسوم قد أناط العمليات المالية العمومية بكل من اآلمرين‬
‫بالصرف وا لمحاسبين العموميين فاألمر ينطبق عليهما في المسؤولية التأديبية كل واحد فيما يخصه‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ 99-61‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين فقد حددت المخالفات التي‬
‫توجب المسؤولية طبقا للقوانين واألنظمة على سبيل الحصر وحسب كل متدخل تفاديا لكل تأويل‪ ،‬الشيء‬
‫‪624‬‬
‫من‬ ‫الذي من شأنه أن يساهم في خلق جو الشفافية في مجال التأديب والمتابعات وبعث روح المسؤولية‬
‫جهة‪ ،‬والثقة لدى األشخاص المتابعين من جهة أخرى‪.‬‬

‫كما أن قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪ ،‬ومن خالل المادة ‪ 37‬في فقرتها األخيرة والتي‬
‫نصت على أنه إذا تبين من خالل التحقيق في المخالفات وجود أفعال من شأنها أن تستوجب عقوبة‬
‫‪625‬‬
‫الثانية من المادة ‪ 111‬والتي أكدت في فقرتها األولى على أن‬ ‫تأديبية‪ ،‬وجب تطبيق مقتضيات الفقرة‬
‫المتابعة أمام المحاكم المالية ال تحول دون ممارسة الدعوى التأديبية والدعوى الجنائية‪.‬‬

‫فما هي إذن طبيعة المخالفات المالية التي تستوجب المسؤولية التأديبية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية ؟‬
‫(الفرع األول)‪ ،‬ثم ما طبيعة الجزاء التأديبي الذي يترتب عن هذه المخالفات ؟ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬طبيعة المخالفات المالية في مجال تنفيذ الميزانية‬

‫يعتبر اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون بصفتهم موظفين عموميين باستثناء اآلمرين‬
‫بالصرف الجماعيين الذين يكسبون هذه الصفة عن طريق االنتخاب فهم مسؤولين بصفة شخصية عن‬
‫تصرفاتهم المالية طبقا للقوانين واألنظمة الجارية عليهم في مجال تنفيذ الميزانية‪ .‬ففي حالة ارتكاب هؤالء‬
‫ألفعال أو ق اررات تتضمن إخالال بالتزاماتهم وواجباتهم الوظيفية‪ ،‬فيمكن أن تنعقد مسؤوليتهم التأديبية أمام‬
‫السلطة التي يرجع إليها حق التأديب من أجل تطبيق العقوبة المناسبة لخطئهم‪ ،‬وذلك من أجل تفادي‬
‫االنعكاسات السلبية التي تؤثر على السير العادي لمرافق الدولة‪ ،‬وبالتالي المس بسمعة المسؤول األول‬
‫عن القطاع وقد يكون الوزير‪.‬‬

‫فطبيعة المخالفات المالية التي نصت عليها المادة ‪ 51‬من مدونة المحاكم المالية تخضع‬
‫الختصاص قضاة المجلس األعلى أو المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬إال أن هذا ال يمنع من ممارسة‬
‫العقوبة التأديبية‪ ،‬التي تمارسها السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للفاعل‪ ،‬سواء عن األخطاء اإلدارية‬
‫الجسيمة أو عن المخالفات المالية والتي يمكن إجمالها في المخالفات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بقواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بالنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بالنصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بتدبير شؤون الموظفين واألعوان‪.‬‬

‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية‪ ،"............................. ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.216 :‬‬ ‫‪624‬‬

‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 111‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية على أنه ‪" :‬وإذا اكتشف المجلس أفعاال من شأنها أن تستوجب‬ ‫‪625‬‬

‫عقوبة تأديبية‪ ،‬أخبر الوكيل العام للملك بهذه األفعال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني باألمر‪ ،‬والتي تخبر المجلس خالل أجل ستة ‪6‬‬
‫أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذها"‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ -‬أوامر التسخير التي يستعملها اآلمرون بالصرف فيما يخص أداء النفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بالقواعد المتعلقة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تحصيل الديون العمومية التي قد يعهد بها إليهم عمال بالنصوص التشريعية المعمول بها في‬
‫مجال الضرائب والرسوم وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بقواعد تدبير شؤون ممتلكات الهيئات العمومية والمحلية بصفتهم آمرين بالصرف‬
‫للنفقات والموارد‪.‬‬

‫كما أضافت المادة ‪ 54‬من ظهير ‪ 15‬يونيو ‪ 2002‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية شروطا‬
‫إضافية منها‪:‬‬

‫‪ -‬التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز االعتمادات‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء المستندات أو اإلدالء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم الوفاء تجاهال أو خرقا لمقتضيات النصوص الضريبية الجاري بها العمل قصد تقديم امتياز‬
‫بصفة غير قانونية لبعض الملزمين بالضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية‪.‬‬

‫‪ -‬إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحملون داخله مسؤوليات‪ ،‬وذلك بسبب اإلخالل الخطير في مجال‬
‫المراقبة التي هم ملزمون بممارستها‪ ،‬أو من خالل اإلغفال أو التقصير المتكرر في القيام بمهامهم‬
‫اإلشرافية‪.‬‬

‫فكل هذه المقتضيات وااللتزامات القانونية وضحت طبيعة المخالفات المالية والتي تخص المجاالت التي‬
‫يتدخل فيها اآلمرون بالصرف‪ ،‬وتتمظهر هذه األخطاء والمخالفات على مستوى اإليرادات في مجال األمر‬
‫باألداء أو إصدار أوامر التسخير والتي من خاللها يتجاوز اآلمرون بالصرف رفض المحاسبين العموميين‬
‫أما فيما عدا هذه االلتزامات‪ ،‬فالمحاسبون العموميون مسؤولين أيضا إلى جانب‬ ‫‪626‬‬
‫وضع تأشيرة األداء‪.‬‬
‫اآلمرين بالصرف شخصيا وماليا في حدود االختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل وعلى الخصوص ‪:‬‬

‫‪ -‬المحافظة على األموال والقيم المعهود إليهم بحراستها‪.‬‬

‫‪ -‬وضعية الحسابات الخارجية لألموال المتوفرة التي يراقبونها أو يأمرون بحركاتها‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫‪Raymond MUZELLEC : "Finances locales ", édition Dalloz, 2002, p : 97.‬‬
‫‪Voir aussi : )M(. BRAHIMI : "La cour des comptes au Maroc", Revue juridique, politique, économique, N°13-‬‬
‫‪14/1993, Rabat, p : 120.‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ -‬القبض القانوني للمداخيل المعهود إليهم بتحصيلها‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة صحة النفقة فيما يتعلق بإثبات العمل المنجز وصحة حسابات التصفية‪ ،‬ووجود التأشيرة‬
‫‪627‬‬
‫والتقيد بقواعد التقادم وسقوط الحق والطابع اإلبرائي للتسديد‪.‬‬ ‫المسبقة لاللتزام قبل حذفها‪،‬‬

‫كما يجب عليهم التحقق من األمور التي سنأتي على ذكرها نظ ار لمسؤوليتهم عنها وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬صفة اآلمر بالصرف أو مفوضه‪.‬‬

‫‪ -‬توفر االعتمادات الالزمة بالميزانية‪.‬‬

‫‪ -‬صحة تقييد النفقات في الباب المخصص لها بالميزانية مع تقديم الوثائق التي يتعين عليهم طلبها‬
‫قبل أداء كل نفقة‪.‬‬

‫كما اعتبر المشرع األعوان المحاسبين للمؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة للمراقبة المالية‬
‫‪628‬‬
‫مسؤولين شخصيا وماليا عن أعمال المراقبة المقررة صراحة في النصوص التشريعية والتنظيمية‬ ‫للدولة‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬أو في التعليمات الخاصة الصادرة عن وزير المالية‪ ،‬والتي هم ملزمون بها فيما يخص‬
‫الق اررات التي يؤشرون عليها‪ ،‬وذلك قصد التأكد من األمور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تسديد النفقة إلى الدائن الحقيقي أو من يقوم مقامه‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من التأشيرة المسبقة للمراقب المالي إذا كانت ضرورية‪.‬‬

‫‪ -‬تحص يل المداخيل المعهود إليهم بها بمقتضى القوانين واألنظمة كالتأكد عند االقتضاء من اإلدالء‬
‫‪629‬‬
‫بأمر التسخير الصادر عن اآلمرين بالصرف بكيفية مشروعة عن اإلدارة أو الهيئة المعنية‪،‬‬
‫‪630‬‬
‫واإلخبار بذلك فو ار الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫فالتنظيم المالي والمحاسبي للمقاوالت والمؤسسات العمومية بعد اإلصالح الذي عرفته أصبح‬
‫يخضع لقرار وزير المالية حسب المادة ‪ 8‬من قانون ‪ ،69-00‬وبهذه المناسبة أصبح يحدد لهذه الغاية‬
‫إجراءات تحضير الميزانيات والبيانات التوقعية لمدة متعددة السنوات وإقرارها والتأشير عليها وطريقة مسك‬
‫محاسبة اآلمر بالصرف ومحاسبة الخازن المكلف باألداء وهو بمثابة المحاسب العمومي‪.‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.06.52‬صادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬القاضي بإلحاق المراقبة العامة لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وبتحويل‬ ‫‪627‬‬

‫اختصاصات المراقب العام لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ ،2006‬وكذلك المرسوم رقم‬
‫‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير ‪ 2009‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪5682‬‬
‫بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪ ،2008‬وكذلك منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/20‬المتعلق بإصالح نظام مراقبة نفقات الدولة‪.‬‬
‫قانون رقم ‪ 69-00‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.195‬الصادر في ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت‬ ‫‪628‬‬

‫العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪.2003‬‬


‫المادة ‪ 6‬من الظهير الشريف رقم ‪1.02.25‬ت الصادر في ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين‬ ‫‪629‬‬

‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬


‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 10‬من قانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬ ‫‪630‬‬

‫‪215‬‬
‫وقد جعل المشرع لقيام المسؤولية التأديبية عن المخالفات المالية للمتدخلين في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬توافر‬
‫شروط منها قيام عالقة نظامية بين الفاعل الموظف بمفهومه العام والمرفق العمومي أو الهيئة التي يعمل‬
‫بها‪ ،‬وقيام هذا األخير بارتكاب عمل يشكل خرقا لاللتزامات الوظيفية التي ينتج عنها خطأ مهني أو‬
‫جريمة تأديبية‪631‬تستدعي المساءلة‪ .‬ويرجع تقدير الخطأ إلى السلطة الرئاسية التي يخضع لها الموظف‬
‫المسؤول عن الخطأ‪ ،‬والمتمثلة في سلطة الوزير أو من يفوض له هذا األمر في تكييف الخطأ التأديبي‬
‫بعد القيام بإجراءات ومساطر قانونية الزمة‪ .‬وإذا كانت هذه طبيعة المخالفات المالية التي تثير مسؤولية‬
‫المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪ ،‬فماذا عن طبيعة الجزاء التأديبي المترتب عن هذه المخالفات ؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الجزاءات التأديبية المترتبة عن المخالفات المالية‬


‫لقد حدد كل من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المنظم لمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين وظهير ‪ 15‬يونيو ‪ 2002‬المنظم للمحاكم المالية‪ ،‬اختصاصات اآلمرين بالصرف‬
‫والمحاسبين العموميين في مجال تنفيذ الميزانية العامة وتحقيق الحكامة المالية في مجال التسيير من‬
‫خالل المحافظة على المال العام المسخر للتنمية وتحقيق المشاريع االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وبالمقابل‬
‫حدد المشرع من خالل هذين القانونين وغيرهما جزاءات وعقوبات على المخل بهذه االلتزامات‬
‫واالختصاصات التي قد تترتب عن ارتكاب المخالفات المالية‪ .‬فقد نص في المادة ‪ 66‬من قانون ‪62-99‬‬
‫المتعلق بالمحاكم المالية على الحكم بالعقوبات على األشخاص الذين يرتكبون مخالفة واحدة أو أكثر من‬
‫المخالفات المنصوص عليها في المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬من نفس القانون والتي تطرقنا إليها في الفرع األول‬
‫قبله بغرامات تحدد مبالغها حسب خطورة تكرار المخالفات على أال تقل عن ألف ‪ 1.000,00‬درهم عن‬
‫كل مخالفة ومن غير أن تتجاوز مجموع مبالغ الغرامات عن كل مخالفة أجرة المسؤول عنها السنوية‬
‫الصافية التي يتقاضاها عند ارتكابه المخالفة‪ .‬وإذا ثبت أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة ألحد‬
‫األجهزة الخاضعة للمراقبة‪ ،‬يمكن مساءلة المعني باألمر والحكم عليه بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة‬
‫‪632‬‬
‫وفوائد ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة وال تقف العقوبة التأديبية عند هذا الحد بل‬ ‫الجهاز من رأسمال‬
‫يمكن للقاضي المالي إذا اكتشف أفعاال تستوجب إجراء تأديبيا أو جنائيا إذاك يطبق مقتضيات المادة‬
‫‪ 111‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬والتي من خاللها يخبر الوكيل العام للملك بهذه األفعال السلطة التي لها‬
‫حق التأديب‪ ،‬وإذا تعلق األمر بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية‪ ،‬يرفع الوكيل العام األمر من‬
‫تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه‬
‫‪633‬‬
‫مناسبا؛ كما حدد المشرع أيضا من خالل الفصل ‪ 66‬من قانون الوظيفة العمومية لسنة ‪1958‬‬

‫‪631‬‬
‫‪"Définition de l’institut international des sciences administratives", Groupe Européen d’administration‬‬
‫‪publique : les responsabilités du fonctionnaires, Paris, 1973, p : 153.‬‬
‫‪ 632‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 66‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.58.008‬صادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬كما وقع تغييره وتتميمه بالظهير‬ ‫‪633‬‬

‫الشريف رقم ‪ 1.11.10‬الصادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ ،50.05‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪.2011‬‬

‫‪216‬‬
‫مقتضيات تأديبية عامة تسلط على الموظفين الخاضعين لهذا القانون‪ ،‬في حالة ارتكاب أخطاء وهفوات‬
‫إدارية أو مخالفات مالية يعاقب عليها القانون وخصوصا إذا كانت مقترنة باستغالل النفوذ أو اإلهمال في‬
‫الوظيفية فالموظف باعتباره ممثال للشخص المعنوي العام‪ ،‬فهو يتمتع بسلطات وعليه‬ ‫‪634‬‬
‫تنفيذ االلتزامات‬
‫أن يكون موضع الثقة واالستقامة‪ ،‬فكل إخالل بالواجب الملقى على الموظف قد يعرضه للعقوبات‬
‫التأديبية‪ .‬وتحدد العقوبة بالنظر إلى درجة خطورة وجسامة الخطأ المرتكب‪ ،‬حيث قسمها المشرع إلى ثالثة‬
‫أنواع من العقوبات ‪:‬‬

‫‪ -‬عقوبات تأديبية تنطوي على طابع وقائي كاإلنذار والتوبيخ‪.‬‬

‫‪ -‬عقوبات مالية كالحرمان المؤقت من األجر باستثناء التعويضات العائلية‪ ،‬أو الحذف من الئحة‬
‫الترقي واالنحدار من الطبقة والقهقرة من الرتبة‪.‬‬

‫‪ -‬عقوبات مؤدية إلى إنهاء العالقة النظامية التي تربط الموظف بالجهاز العمومي كالعزل من غير‬
‫توقيف حق التقاعد‪ ،‬أو العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد‪ ،‬أو اإلحالة الحتمية على التقاعد‬
‫قبل وصوله‪.‬‬
‫‪635‬‬
‫المترتبة عن المخالفات تعد بمثابة الضمانة الحترام الموظف لواجباته‬ ‫فالجزاءات التأديبية‬
‫والتزاماته والحفاظ على السير العادي والمنتظم لمرافق الدولة ومؤسساتها فهذه الجزاءات تشمل حتى‬
‫المنفذين للميزانية العامة من آمرين بالصرف ومراقبين ومحاسبين فهم بالدرجة األولى موظفين ولهم التزام‬
‫وظيفي يربطهم بالمرفق المسؤولين عن تدبيره‪.‬‬

‫فإذا كان من حق الموظف الحصول على الراتب والمكافآت والمنح تشجيعا له على مجهوداته‬
‫وكذا الترقية والتحفيز‪ ،‬فإنه بالمقابل قد يعاقب عن كل إهمال أو تهاون أو تقصير في أداء الواجب‬
‫المهني‪ .‬فالعقوبة وسيلة من الوسائل اإلدارية الرادعة والتأديبية والجزاء المترتب عنها محدد على سبيل‬
‫الحصر ومقرون بإجراءات موازية‪ ،‬وال يمكن للسلطة الموقعة له أن تختار ما تريد منه وترك الباقي‪ ،‬وإال‬
‫تعرض قرارها للطعن والبطالن لمخالفة مبدأ شرعية العقوبة‪ .‬إال أن المشرع المغربي قد وسع من السلطة‬
‫التقديرية لإلدارة أثناء توقيع الجزاء على الموظف المخطئ من خالل ربط الخطأ اإلداري بالعقوبة التأديبية‬
‫للغرفة‬ ‫‪636‬‬
‫المناسبة‪ ،‬وقد زكى القضاء اإلداري من خالل اجتهاداته هذا الطرح وهذه السلطة‪ ،‬ففي قرار‬
‫اإلدارية بالمجلس األعلى بتاريخ ‪ 27‬نونبر ‪ 1986‬جاءت حيثيات القرار على الشكل التالي ‪" :‬وحيث إن‬
‫مالءمة العقوبة للفعل المعاقب عليه يرجع أمر تقديرها لسلطة اإلدارة دون رقابة عليها في ذلك من طرف‬
‫المجلس األعلى‪ ،"...‬إال أن السلطات اإلدارية المختصة بإنزالها للعقوبة التأديبية مطالبة بعدم اإلفراط أو‬

‫الفصل ‪ 17‬من قانون الوظيفة العمومية المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪634‬‬

‫للتوسع في موضوع "تأديب الموظف" يمكن الرجوع إلى مؤلف محمد براو ‪" :‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء"‪ ،‬دراسة‬ ‫‪635‬‬

‫مقارنة‪ ،‬مطبعة الجبالوي‪ ،‬القاهرة‪.1984 ،‬‬


‫قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد ‪ 211‬بتاريخ ‪ 27‬نونبر ‪ ،1986‬ملف إداري عدد ‪ ،85/7079‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪636‬‬

‫‪217‬‬
‫الغلو أو التعسف في توقيع العقاب حتى في حالة إعمال سلطتها التقديرية في الربط بين الخطأ اإلداري‬
‫‪637‬‬
‫وقد عبر القضاء‬ ‫والعقوبة التأديبية وإال تم الطعن في قرارها بالتعسف والشطط في استعمال السلطة‪.‬‬
‫اإلداري المغربي في عدة أحكام عن هذه األمور من خالل إخضاع عناصر مالءمة الجزاء التأديبي‬
‫‪638‬‬
‫وقد جاء في‬ ‫لرقابته‪ ،‬حيث أصبحت هذه المالءمة عنص ار من عناصر مشروعية الجزاء التأديبي‪،‬‬
‫‪639‬‬
‫ما يلي ‪" :‬إن عقوبة العزل الموقعة تعتبر جد قاسية وال تتالءم عما صدر من المعنية‬ ‫إحدى أحكامه‬
‫باألمر من أفعال التي يمكن أن يكون محل عقوبة أقل خطورة منها‪."...‬‬

‫وارتباطا بالموضوع الذي يهمنا في مجال المسؤولية التأديبية في المجال المالي المتعلق‬
‫بالميزانية العامة‪ ،‬قد تطرح مسألة مدى إلزامية األوامر والتعليمات الصادرة من الرؤساء وغالبا ما تكون‬
‫أوامر الوزراء وغيرهم ومدى احترامها أو مخالفاتها ؟ وهل تعتبر أخطاء إدارية من جانب اآلمرين بالصرف‬
‫الثانويين أو المحاسبين العموميين وبالتالي يمكن إثارتها وتترتب بالتالي المسؤولية التأديبية ؟ فلإلجابة عن‬
‫هذا السؤال علينا الرجوع إلى الفصل ‪ 17‬من قانون الوظيفة العمومية الذي نص على أنه ‪" :‬كل موظف‬
‫كيفما كانت رتبته في السلك اإلداري مسؤول عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه‪ ،‬كما أن الموظف‬
‫المكلف بتسيير مصلحة من المصالح مسؤول أمام رؤسائه عن السلطة المخولة لهذا الغرض‪ ،‬وعن تنفيذ‬
‫األوامر الصادرة عنهم‪ ،‬وال يب أر في شيء من المسؤوليات الملقاة على عاتقه بسبب المسؤولية المنوطة‬
‫به‪ ،"...‬فمن خالل هذا الفصل فواجب الطاعة واالمتثال لألوامر والتعليمات الصادرة إلى المرؤوس واجبة‬
‫مادامت في إطار العمل الواجب‪ ،‬وتشمل النشاط الوظيفي والعمل اإلداري‪ ،‬ولم تتجاوزه إلى أعمال مخالفة‬
‫للقوانين واألنظمة‪ ،‬أما في حالة إدالء مرتكب المخالفة بأمر كتابي صادر عن الرئيس التسلسلي الخاضع‬
‫له أو صادر عن أي شخص آخر مؤهال إلصدار هذا األمر‪ ،‬تنتقل المسؤولية بالتبعية إلى هذا األخير‪،‬‬
‫أما إذا لم يستطع الموظف التابع إثبات ذلك‪ ،‬فالمسؤولية التأديبية قد تقع عليه إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫وعموما يعد إثارة المسؤولية التأديبية بالنسبة لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين عن‬
‫مخالفات وأخطاء إدارية أو مالية مسألة تخضع لعدة اعتبارات ألنها لصيقة بالقطاع المسؤول عنه الوزير‬
‫الذي يعد أعلى سلطة تأديبية في و ازرته‪ .‬فقد ذهب جانب من الفقه المالي إلى اعتبار أن المسؤولية‬
‫التأديبية ممكنة التطبيق من الناحية العملية على المحاسبين العموميين بالدرجة األولى‪ ،‬على اعتبار أنه‬
‫‪640‬‬
‫نظ ار إلمكانية طرح المسؤولية‬ ‫ناذ ار ما يلجأ وزير المالية إلى التستر على المخالفات المالية للمحاسب‪،‬‬
‫التأديبية لهذا األخير من طرف قاضي الحسابات‪ ،‬فهو يمارس رقابته على عمليات المحاسبين مباشرة‬
‫وبقوة القانون من خالل التدقيق والبث في حسابات التصرف‪ ،‬التي يلتزم بتقديمها المحاسبون العموميون‬

‫مليكة الصروخ ‪" :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،1996 ،‬ص ‪.449 :‬‬ ‫‪637‬‬

‫أمال المشرفي ‪" :‬رقابة مالءمة الجزاء التأديبي وسلطات قاضي اإللغاء"‪ ،‬م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬عدد ‪ ،40‬شتنبر أكتوبر‪ ،2001 ،‬ص ‪.146 :‬‬ ‫‪638‬‬

‫حكم إدارية وجدة عدد ‪ 256‬بتاريخ ‪ ،2000/10/31‬قضية إلهام بوتشيش ضد رئيس جماعة إعزازن‪ ،‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪639‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،40‬سنة ‪ ،2001‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.156 :‬‬


‫‪640‬‬
‫‪Michel. (P) : "Les finances de l’Etat…"..................................., op.cit, p : 645.‬‬

‫‪218‬‬
‫كل سنة مالي ة‪ ،‬وعن كل ميزانية حسب الحاالت‪ .‬ويمكن كذلك لقاضي الحسابات إخبار الوزير المكلف‬
‫بالمالية بأخطاء المحاسب‪ ،‬وعلى الوزير خالل مدة ‪ 6‬أشهر إخبار قاضي الحسابات بالتدابير التأديبية‬
‫‪641‬‬
‫المسؤول عن المخالفات‪.‬‬ ‫التي اتخذها في حق المحاسب‬

‫أما بالنسبة لآلمرين بالصرف الثانويين فإمكانية إفالتهم من العقاب التأديبي تبدو ممكنة‪،‬‬
‫خصوصا وأن الجهة المختصة بإثارة وتحريك مسؤوليتهم هي الو ازرة التابع لها المسؤول عن الخطأ‪ ،‬وغالبا‬
‫ما يكون وزير القطاع أو من يفوض له هذا األمر فإذا فضل الوزير التستر على مخالفات اآلمر بالصرف‬
‫التابع له ‪-‬وهي الحاالت الغالبة‪ -‬فال يستطيع قاضي الحسابات طرح مسؤوليته في ميدان التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬بحيث يقف اختصاص القاضي المالي في مجال التأديب على شرط رفع‬
‫‪642‬‬
‫ليمارس اختصاصه بعد ذلك‪ ،‬وهذه الحاالت ناذ ار ما تقع‪ ،‬ففي‬ ‫القضية بعد اكتشافها من طرف الوزير‬
‫الغالب يفضل الوزير التستر على أخطاء ومخالفات اآلمر بالصرف التابع له سواء كانت أخطاء إدارية أو‬
‫مالية في الحدود الممكنة‪ ،‬على أن يثير المسؤولية لدى المحاكم المالية المختصة‪ ،‬بحيث أن إدانة هؤالء‬
‫المتابعين أمام هذه المحاكم هو بمثابة إدانة للقطاع ككل‪ ،‬ألن الوزير هو من عين أو اقترح التعيين‬
‫بالمنصب المذكور‪.‬‬

‫وبهذه الطريقة يتمكن اآلمرون بالصرف في بعض الحاالت من اإلفالت من المسؤولية التأديبية‬
‫إما عن طريق تبرير أخطائهم اإلدارية والمالية عن طريق التصرف بحسن نية خدمة للصالح العام‪ ،‬وإما‬
‫عن طريق التذرع باألوامر والتعليمات الصادرة إليهم من رؤسائهم‪ ،‬وغالبا ما يكون الوزراء‪ ،‬مما يصعب‬
‫مسألة إثارة المسؤولية سواء كانت تأديبية أو مالية أو حتى سياسية‪ ،‬فهم مستثنون من اختصاص المحاكم‬
‫المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬الشيء الذي دفع بعض الباحثين إلى القول‬
‫بأن العقوبا ت التأديبية ال تطبق إال على الموظفين الصغار ومن الصعب عمليا تأديب ومعاقبة السلطات‬
‫‪643‬‬
‫اإلدارية العليا‪.‬‬

‫لكن هذا الرأي أصبح من الماضي‪ ،‬خصوصا بعد صدور دستور ‪ ،2011‬وتضمنه بالباب‬
‫العاشر للحكامة المالية ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬والقطع النظري والعملي مع عهد "الجزر‬

‫حسب المادة ‪ 111‬الفقرة الثانية من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية والتي تنص على أنه ‪" :‬وإذا اكتشف المجلس أفعاال من‬ ‫‪641‬‬

‫شأنها أن تستوجب عقوبة تأديبية‪ ،‬أخبر الوكيل العام للملك بهذه األفعال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني باألمر‪ ،‬والتي تخبر المجلس‬
‫خالل أجل ستة أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذها‪."...‬‬
‫تنص المادة ‪ 57‬من قانون ‪ 62-99‬في الفقرة الثانية على أنه ‪..." :‬ويؤهل كذلك ل رفع القضايا إلى المجلس‪ ،‬بواسطة الوكيل العام للملك‪ ،‬بناء‬ ‫‪642‬‬

‫على تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة ‪.... :‬‬


‫الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوزراء فيما يخص األفعال المنسوبة إلى الموظفين أو األعوان العاملين تحت سلطتهم‪ ،‬وفيما يخص األفعال المنسوبة إلى المسؤولين‬ ‫‪-‬‬
‫واألعوان باألجهزة المعهود إليهم بالوصاية عليها"‪.‬‬
‫‪643‬‬
‫‪M. DUVERGET : "Finances publiques...................................…", op.cit, p : 413.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪644‬‬
‫المحصنة" عن أعين حراس الشرعية المالية والمحاسبية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية للمتدخلين في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪.‬‬


‫لقد تطرق المشرع المغربي إلى المسؤولية المدنية بصيغة إدارية من خالل الفصلين ‪ 79‬و‪80‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود الصادر سنة ‪ .1913‬فقد حدد الفصل ‪ 79‬من هذا القانون على أن ‪" :‬الدولة‬
‫والبلديات مسؤولة عن األضرار الناتجة عن مباشرة عن تسيير إدارتها وعن األخطاء المصلحية‬
‫لمستخدميها"‪ ،‬فقيام المسؤولية المدنية يرتكز على أساسين هما ‪:‬‬
‫‪645‬‬
‫هذه األخيرة‪ ،‬ومن يرتكب هذه‬ ‫‪-‬قيام مسؤولية اإلدارة في حالة إثبات الضحية وجود خطأ من طرف‬
‫األخطاء هم موظفون عموميون‪.‬‬

‫‪-‬قيام مسؤولية اإلدارة في غياب أي خطأ إذا نشأ عن نشاط اإلدارة العادي والمشروع خطر بالنسبة‬
‫لألفراد‪ ،‬وفي حالة الخطأ يتم التعويض من ميزانية الدولة‪ ،‬وإذا كان عنصر الخطأ في إطار المسؤولية‬
‫المدنية قد عرف العديد من التطورات‪ ،‬فإن هذا العنصر في مجال المسؤولية المالية ال زال يحتاج إلى‬
‫‪646‬‬
‫فالمقصود بالمسؤولية المدنية في المجال المالي هو أن يتحمل الشخص‬ ‫التوضيح وتحديد عناصره‪.‬‬
‫سواء كان اآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي من ماله الخاص مسؤولية تعويض األضرار المادية التي‬
‫‪647‬‬
‫بحيث يمكن أن تتداخل أحكام المسؤولية المدنية بأحكام المسؤولية‬ ‫يتسبب بخطئه في إلحاقها بغيره‪،‬‬
‫اإلدارية‪ ،‬ويعتبر القضاء الفرنسي من خالل مجلس الدولة هو من وضع األسس العامة لنظرية المسؤولية‬
‫اإلدارية في عالقتها بالمسؤولية المدنية من خالل "حكم بالنكو" الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية سنة‬
‫‪648‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد صيغت المسؤولية اإلدارية في إطار قانوني‪.‬‬ ‫‪1873‬‬

‫ومن خالل الفصلين ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود تتبلور المسؤولية اإلدارية باعتبار‬
‫أن اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين الجهة المؤهلة للقيام باألعمال والتصرفات القانونية باسم‬
‫األجهزة العمومية للدولة‪ ،‬فهم قد يتسببون في إحداث أضرار للغير أو للمرفق العام‪ ،‬وبالتالي يتحملون‬
‫المسؤولية اإلدارية بصفتهم موظفين وألن أعمالهم وصفتهم يحكمها القانون العام‪ ،‬ويتحملون أيضا مسؤولية‬
‫مدنية عن األضرار التي قد تتسبب فيها أخطاؤهم الشخصية‪ ،‬وقد أكد على ذلك ظهير ‪ 13‬أبريل ‪2002‬‬
‫من خالل المادة األولى في فقرتها الثانية المتعلقة بالمسؤولية المالية لآلمرين بالصرف والمراقبين‬

‫محمد براو ‪" :‬المجلس األعلى للحسابات أمام امتحان االنخراط في العهد الدستوري الجديد"‪ ،‬جريدة المساء‪ ،‬العدد ‪ 1749‬بتاريخ ‪،2012/05/08‬‬ ‫‪644‬‬

‫ص ‪ ،8‬وعلى الموقع اإللكتروني ‪ ،htt://hespress.com :‬بتاريخ ‪.2012/05/09‬‬


‫‪645‬‬
‫‪Abdellah HARSI : "La responsabilité administrative", librairie Al Maarif Al Jadida, Fès, 2006, p : 26.‬‬
‫إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي في التشريع المغربي‪ ،"................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.45 :‬‬ ‫‪646‬‬

‫مأمون الكزبري ‪" :‬نظرية االلتزامات على ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الطبعة الثانية‪،1972 ،‬‬ ‫‪647‬‬

‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.367 :‬‬


‫لالطالع على هذه القضية يمكن الرجوع إلى كتاب الدكتور أحمد بوعشيق ‪" :‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة"‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪648‬‬

‫السابعة مزيدة ومنقحة‪ ،2002 ،‬ص ‪ 16 :‬و‪.17‬‬

‫‪220‬‬
‫والمحاسبين وقد جاء فيها ما يلي ‪" :‬يتعرض اآلمرون بالصرف والمراقبون والمحاسبون العموميون‬
‫للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية بصرف النظر عن العقوبات التي يمكن أن يصدرها المجلس‬
‫األعلى أو المجالس الجهوية للحسابات في حقهم‪ ،"...‬فهؤالء األشخاص يمثلون السلطات العامة للدولة‬
‫وبالتالي أحكام المسؤولية‬ ‫‪649‬‬
‫فهم يتحملون مسؤولية مدنية تستند في أحكامها لقواعد المسؤولية اإلدارية‬
‫المدنية يصعب إثارتها في المجال اإلداري عن طريق الموظفين والمستخدمين بنفس القواعد القانونية التي‬
‫تطبق على األفراد العاديين‪ .‬أو من خالل الغاية من المسؤولية المدنية والتعويض‪ ،‬فاألفراد العاديون‬
‫يستهدفون الربح وبالتالي يكون بتعويض األضرار على هذا األساس‪ ،‬بينما اإلدارة ومستخدموها تتوخى‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬إال أنها مسؤولية عن األضرار الناتجة عن تسيير مرافقهما وعن األخطاء المصلحية‬
‫لموظفيها‪ .‬وهنا تتداخل أحكام المسؤولية المدنية بأحكام المسؤولية اإلدارية وبالتالي على أي أساس يمكن‬
‫إثارة المسؤولية المدنية لدى المتدخلين في تنفيذ السياسات العمومية المالية من خالل اآلمر بالصرف‬
‫والمحاسب العمومي ؟ (الفرع األول)‪ ،‬ومتى يمكن الدفع بعدم المسؤولية في هذا المجال ؟ (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬أساس إثارة المسؤولية المدنية‪.‬‬


‫إن أساس إثارة المسؤولية المدنية هو الضرر المادي أو المعنوي الذي يحدثه الشخص المتسبب في‬
‫الضرر سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا‪ ،‬وقد حدد الفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع طبيعة الضرر من‬
‫خالل ما نص عليه في هذه المادة من أنه ‪" :‬كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيار‪ ...‬فأحدث ضر ار‬
‫ماديا أو معنويا للغير‪ ،"...‬وقد أضاف الفصل ‪ 78‬من نفس القانون على أن ‪" :‬كل شخص مسؤول عن‬
‫الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه"‪.‬‬

‫فإذا كان الضرر عنص ار الزما في مجال إثارة المسؤولية المدنية‪ ،‬فإنه البد من توافر العديد من الشروط‬
‫ولئن كان الخطأ هو أساس‬ ‫‪650‬‬
‫من بينها أن يكون الضرر محققا وواقعيا وغير قائم على فكرة االحتمال‪،‬‬
‫الضرر وعلى الضرر يتم تقرير المسؤولية المدنية‪ ،‬فإن طبيعة الخطأ المتركب هي التي تحدد نوعية‬
‫وطبيعة المسؤولية المدنية التي قد يتحملها المتدخلون في تنفيذ السياسة العمومية المالية في ميدان تنفيذ‬
‫الميزانيات العامة‪ ،‬وعلى رأس هؤالء اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون‪.‬‬

‫وإذا كان الفعل الضار ناتج عن خطأ شخصي من الموظف العمومي سواء كان بصفة آمر‬
‫بالصرف أو محاسب عمومي‪ ،‬فإن إثارة المسؤولية يقوم على هذا األساس وبالتالي تثار مسؤوليته‬
‫‪651‬‬
‫في‬ ‫الشخصية‪ ،‬وفي هذا اإلطار فقد أصدر رئيس المحكمة االبتدائية اإلدارية بالرباط األمر رقم ‪787‬‬
‫الملف اإلداري عدد ‪ 08.807‬بتاريخ ‪ 11‬دجنبر ‪ 2008‬يقضي بتحديد غرامة تهديدية في مواجهة الخزينة‬

‫الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف‪ ،".........................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.132 :‬‬ ‫‪649‬‬

‫‪650‬‬
‫‪(Ph) le Tourneau , (L) Cadiet : Droit de la responsabilité civile, Edition Dalloz, 1996, p : 141.‬‬
‫حكم منشور على موقع ‪ http://www.marocdroit.com‬كما أنه موضوع دراسة منشورة بجريدة العلم بتاريخ ‪ 2010/05/27‬للدكتور العربي‬ ‫‪651‬‬

‫مياد‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫العامة للمملكة في شخص الخازن الرئيسي لو ازرة التجهيز والنقل بصفته محاسبا عموميا في مبلغ‬
‫‪ 2000.00‬درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ‪ .‬غير أن هذا األخير امتنع عن التنفيذ‪ .‬وقد بنى القضاء‬
‫اإلداري تعليله لألمر القضائي المذكور على أن المرجع القانوني في تحديد الغرامة التهديدية كوسيلة‬
‫إلجبار اإلدارة وموظفيها على التنفيذ‪ ،‬وهو مضمون الفصل ‪ 448‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬بناء على‬
‫اإلحالة الواردة في الفصل ‪ 7‬من قانون رقم ‪ 41-90‬التي تحيل على قواعد المسطرة المدنية‪ ،‬وما دام أن‬
‫الصيغة جاءت عامة فهي تخص األشخاص العامة واألشخاص الخاصة‪.‬‬

‫فالتنفيذ ال يجري ضد اإلدارة كشخص معنوي وآلية إدارية بقدر ما يجري ضد المسؤولين في‬
‫اإلدارة المعنية بالتنفيذ‪.‬‬

‫وأن االمتناع عن التنفيذ من طرف المحاسب باعتباره محجوز بين يديه وامتناعه عن تنفيذ حكم‬
‫حائز لقوة الشيء المقضي به بدون مبرر يعتبر خطأ يرتب مسؤولية المطلوب ضده على اعتبار أن‬
‫األحكام القضائية القابلة للتنفيذ تسمو على القاعدة القانونية المتمثلة في قانون المحاسبة العمومية‪.‬‬
‫وبالتالي فقد طرح هذا الحكم جملة من اإلشكاالت القانونية وهي ما مدى مسؤولية المحاسب العمومي عن‬
‫عدم تنفيذ األحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به ؟ على اعتبار أنه ليس مالكا لهذه األموال‬
‫المتوفرة لديه بل فقط مودعة لديه ال يمكنه صرفها إال بعد توفر مجموعة من الشروط من بينها األوامر‬
‫الصادرة من اآلمر بالصرف وهذه اإلشكالية قد أجاب عنها منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/01‬بتاريخ ‪4‬‬
‫فبراير ‪ 2008‬الذي تضمن توجيهات وتدابير تتعلق بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية والترخيص‬
‫للمحاسبين العموميين بالعمل على تنفيذ األوامر القضائية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير التي توجد‬
‫بين أيديهم أو سيتم تبليغهم بها إثر عدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية النهائية من طرف المصالح‬
‫اآلمرة بالصرف‪.‬‬
‫من قانون‬ ‫‪653‬‬
‫والفصل ‪7‬‬ ‫‪652‬‬
‫واإلشكال اآلخر يتعلق بتداخل قواعد المسطرة المدنية من خالل الفصل ‪448‬‬
‫المحاكم اإلدارية رقم ‪ 41/90‬؟‬

‫ثم إشكالية مدى مشروعية تنفيذ األحكام القضائية في مواجهة الموظف العمومي إذا كان موضوعها‬
‫ق اررات إدارية ؟‬

‫وهذا اإلشكال أجابت عنه المادة ‪ 79‬من ق‪.‬ل‪.‬ع حيث يستخلص من هذه المادة أن هناك تميي از بين‬
‫الدولة ومستخدميها‪ ،‬وبالتالي فإن الخطأ الوظيفي ال ينسب إلى الموظف وإنما إلى اإلدارة إال في حالتين‬

‫تنص المادة ‪ 448‬من قانون المسطرة المدنية الجديد الصادر سنة ‪ 2002‬بواسطة القانون رقم ‪" : 48-01‬إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل‬ ‫‪652‬‬

‫أو خالف التزاما باالمتناع عن عمل‪ ،‬أثبت ذلك عون التنفيذ في محضره وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية‪ ،‬ما لم يكن سبق الحكم بها‪،‬‬
‫ويمكن للمستفيد من الحكم أن يطلب عالوة على ذلك التعويض من المحكمة التي أصدرته"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 7‬من قانون رقم ‪ 41.90‬المتعلق بالمحاكم اإلدارية على أنه ‪" :‬تطبق أمام المحاكم اإلدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة‬ ‫‪653‬‬

‫المدنية ما لم ينص قانون على خالف ذلك"‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود وهما‪:‬‬ ‫‪654‬‬
‫أوردهما الفصل ‪80‬‬

‫التدليس والخطأ الجسيم‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس ومن خالل هذا األمر القضائي يمكن أن تطرح المسؤولية المدنية سواء‬
‫بالنسبة لآلمرين بالصرف أو المحاسبين العموميين بصفتهم موظفين أوال إذا ما ارتكبوا خطأ شخصيا‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬أو اشتركوا في هذا الخطأ مع الجهاز العمومي –المرفق‪ -‬في إلحاق الضرر بالغير‬
‫وبالتالي تقاسم المسؤولية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية المدنية عن الخطأ الشخصي‬

‫إذا كان شرط العالقة السببية الزما بين الفعل الضار والضرر الحاصل في مجال المسؤولية‬
‫الم دنية‪ ،‬فإن األمر ليس كذلك في مجال المسؤولية المالية‪ ،‬فالمسؤولية المالية مسؤولية مفترضة‪ ،‬ال‬
‫تقتضي بالضرورة وجود خطأ من جانب اآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي‪ ،‬بل يمكن االعتماد على‬
‫سببية مفترضة ما بين تصرفات هؤالء الموظفين في المال العام للمرفق والتي يجب أن يحترم فيها‬
‫القانون‪ ،‬والضرر الحاصل بالمرفق نتيجة عدم االلتزام بالقوانين واألنظمة في مجال حماية المال العام‪.‬‬
‫فالبحث في العالقة السببية يثير العديد من اإلشكاالت والصعوبات‪ ،‬أوالها صعوبة إثبات المسؤولية‪،‬‬
‫وثانيها حدود الحرص على المال العام وحمايته‪ ،‬فعدم االلتزام بالحيطة والحذر والتبصر في التصرف في‬
‫المال العام‪ ،‬قد تثير مسؤولية كل من اآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي‪ ،‬وخصوصا أثناء حدوث‬
‫الضرر بالمرفق أو بماليته وبالتالي القاضي المدني سوف لن يبحث عن العالقة السببية بين الفعل الضار‬
‫والضرر الحاصل‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال قد ينجز اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون عددا من العمليات‬
‫المالية التي قد تلحق ضر ار ماديا أو معنويا بالمرفق‪ ،‬باعتبار هؤالء الجهة المؤهلة للقيام باألعمال‬
‫القانونية باسم األجهزة العمومية‪ ،‬وبالتالي يتحملون مسؤولية مدنية عن األضرار التي تسببوا فيها بأخطائهم‬
‫الشخصية‪ ،‬وبالتالي يتحملون المسؤولية الشخصية من أموالهم لتعويض الضرر الناتج عن تصرفهم‬
‫‪655‬‬
‫كما قد يخضع للمسؤولية المدنية كل المتدخلين في‬ ‫باألفعال الضارة والمنفصلة عن النشاط اإلداري‪.‬‬
‫تنفيذ ميزانية األجهزة العمومية –مرافق عامة‪ -‬بما فيهم اآلمرون بالصرف األساسيين كالوزراء ورؤساء‬
‫المجالس الجماعية باعتبارهم رغم ما يتبوؤون من مراكز ذات طابع سياسي فهم بالدرجة األولى سلطة‬
‫إدارية يتخذون ق اررات يمكن الطعن فيها باإللغاء أو باإللغاء والتعويض عن األضرار التي قد تلحق‬

‫ينص الفصل ‪ 80‬من ق‪.‬ل‪.‬ع المغربي على أن ‪" :‬مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن األضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن‬ ‫‪654‬‬

‫األخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم"‪.‬‬


‫ميشال روسي ومن معه ‪" :‬القانون اإلداري ‪...................‬م‪.‬س ‪.‬ص ‪.612 :‬‬ ‫‪655‬‬

‫‪223‬‬
‫‪656‬‬
‫باألفراد‪.‬‬

‫فالمسؤولية تعتبر من أهم النظم القانونية التي يستخدمها كل من المشرع والقضاء أثناء محاولتهم توفير‬
‫حماية ألحد أطراف العالقة‪ ،‬التي تتميز بغياب التكافؤ بين كل أطرافها‪ ،‬باعتبارها المقابل الضروري لمبدأ‬
‫الحرية الفردية والكابح األساسي لما يمكن أن يصدر عن األطراف من شطط‪.‬‬
‫‪657‬‬
‫من النظام األساسي العام للوظيفة العمومية الصادر‬ ‫فالمشرع المغربي من خالل الفصل ‪17‬‬
‫في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬قد أقر المسؤولية المدنية للموظف بصفة عامة عن تأدية وظيفته أو عند مباشرتها‪.‬‬
‫إال أن الموظف في السلك اإلداري وأثناء القيام بوظيفته قد تتم متابعته من طرف الغير بسبب هفوة أو‬
‫خطأ ارتكبه في عمله‪ ،‬وبالتالي يتعين على المجتمع العمومي أن يتحمل الغرامات المالية المحكوم بها‬
‫عليه مدنيا‪.‬‬

‫وقد أكد الفصل ‪ 80‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على اعتماد معيار الخطأ الجسيم في تحديد طبيعة الخطأ‬
‫الشخصي ودرجته‪ ،‬أما الهفوات البسيطة فال تثير مسؤولية الموظف وهي أساس المسؤولية المدنية التي‬
‫ينتج عنها تعويض مدني للمتضرر يتحمله الجهاز العمومي‪ ،‬وقد سار االجتهاد القضائي في هذا االتجاه‬
‫‪658‬‬
‫وهي تنظر في نازلة مغربية بتاريخ ‪ 3‬نونبر‬ ‫من خالل قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية‪،‬‬
‫‪ 1947‬حيث ‪" :‬اعتبرت المحكمة أن الدعوى المرفوعة ضد عون الدولة عن األضرار الناتجة عن خطئه‬
‫الجسيم المرتكب أثناء ممارسة وظيفته‪ ،‬هي دعوى مدنية تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 80‬من ق‪.‬ل‪.‬ع مما ال‬
‫تثار معه مسؤولية الدولة في هذه الحالة‪ ،‬إال بصفة استطرادية لضمان عسر ذلك الموظف‪ ،‬وبالتالي‬
‫يتعين إذا نقض القرار الذي أخذ بمسؤولية الدولة في دعوى التعويض والمؤسس على الخطأ الشخصي‬
‫المرفوع من طرف مريض ضد طبيب بصفته معالجا وليس بصفته طبيبا رئيسا للمستشفى‪ ،‬والذي تم‬
‫تعليله بأن الطبيب ال ينظر إليه كأحد أعضاء مرفق الصحة‪ ،‬ثم يحكم فيه على اإلدارة وهو يبث في‬
‫المادة اإلدارية بدفع تعويض للضحية‪ ،‬والحالة أن الدعوى كانت لها صبغة مدنية مما ال يمكن الحكم إال‬
‫بعد ثبوت خطأ الطبيب وعسره"‪.‬‬

‫محمد مرغني ‪" :‬المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي"‪ ،‬مطبعة دار الساحل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬الرباط‪ ،1982 ،‬ص ‪.486 :‬‬ ‫‪656‬‬

‫ينص الفصل ‪ 17‬من النظام األساسي العام للوظيفة العمومية المغربي لسنة ‪ 1958‬كما تم تتميمه وتعديله على أن ‪" :‬كل موظف كيفما كانت‬ ‫‪657‬‬

‫رتبته في السلك اإلداري مسؤول عن القيام بالمهام ا لتي عهد بها إليه‪ ،‬كما أن الموظف المكلف بتسيير مصلحة من المصالح مسؤول أمام رؤسائه‬
‫عن السلطة المخولة له لهذا الغرض وعن تنفيذ األوامر الصادرة عنه وال يب أر في شيء من المسؤوليات الملقاة على عاتقه بسبب المسؤولية المنوطة‬
‫بمرؤوسيه‪ ،‬وكل هفوة يرتكبها الموظف في تأدية وظيفته أو عند مباشرتها تعرضه لعقوبة تأديبية زيادة إن اقتضى الحال عن العقوبات التي ينص‬
‫عليها القانون الجنائي‪.‬‬
‫وعند تابعة أحد الموظفين من طرف الغير بسبب هفوة ارتكبها في عمله‪ ،‬يتعين على المجتمع العمومي أن يتحمل الغرامات المالية المحكوم بها عليه‬
‫مدنيا"‪.‬‬
‫ق ارر منشور بالمرجع العلمي في االجتهاد القضائي اإلداري‪ ،‬إلبراهيم زعيم الماسي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة ‪ ،1996‬ص ‪:‬‬ ‫‪658‬‬

‫‪.413‬‬

‫‪224‬‬
‫أما فقهاء القانون فقد اختلفوا في تحديد الخطأ الشخصي والمعيار المميز له لتمييزه عن الخطأ‬
‫المرفقي ومن تم تعددت المعايير الفقهية المحددة للخطأ الشخصي كالخطأ العمدي‪ ،‬الخطأ الجسيم الخطأ‬
‫المنفصل عن الوظيفة وطبيعة االلتزام الذي يتم اإلخالل به‪...‬‬

‫وبغض النظر عن االتجاهات الفقهية والمواقف القضائية‪ ،‬فالخطأ الشخصي هو الذي يرتكبه‬
‫الموظف خارج إطار الوظيفة في حياته الشخصية‪ ،‬وبالتالي تطبق في هذه الحالة قواعد القانون الخاص‬
‫‪659‬‬
‫إال أن اإلشكال الذي يمكن إثارته في هذا المجال يتجلى في ارتكاب‬ ‫ويخضع الجتهاد القضاء العادي‪.‬‬
‫الموظف للخطأ خارج إطار الوظيفة‪ ،‬لكن بوسيلة موضوعة رهن إشارته من طرف اإلدارة أو المرفق‬
‫كسيارة الخدمة أو سالح بالنسبة لرجال األمن أو غيرهم ؟‬

‫ومن هنا تتشابك المسؤولية الشخصية للموظف والمسؤولية اإلدارية للمرفق‪ ،‬وهو ما سنناقشه‬
‫في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية في الجمع بين الخطأين الشخصي والمرفقي‬

‫يتضح من قراءة الفصلين ‪ 79‬و‪ 80‬من قانون العقود وااللتزامات المغربي‪ ،‬أن وجود المسؤولية‬
‫الشخصية يستثني المسؤولية اإلدارية أو المرفقية‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬فإما أن اإلدارة هي المسؤولة‪ ،‬وإما‬
‫ال موظف هو المسؤول وليس هما معا في آن واحد‪ ،‬ففي حالة إثارة مسؤولية الموظف المسؤول عن الخطأ‬
‫ال يمكن متابعة اإلدارة إال في حالة إعساره بمعنى أن اإلدارة تحل محل موظفيها المعسرين فقط بالنسبة‬
‫ألداء التعويض‪ ،‬وسبب هذا االلتزام هو "الحلول" الذي يشكل ضمانا تشريعيا لفائدة الضحايا المتضررين‪،‬‬
‫‪660‬‬
‫وال يتعلق األمر بمسؤولية اإلدارة‪.‬‬

‫وهذه المسألة قد تطرح بعض اإلشكال فيما يخص إمكانية الجمع بين خطأين األول شخصي‬
‫والثاني مرفقي ؟ وبالتالي الجمع بين المسؤوليتين الشخصية واإلدارية ؟‬

‫هذه اإلشكالية قد أجاب عنها القضاء‪ ،‬وذلك بتقريره مبدأ الجمع بين المسؤوليتين اإلدارية أو المرفقية‬
‫ومسؤولية الموظف الشخصية‪ ،‬وبالتالي قيامها على أساس الخطأين معا‪ ،‬وقد وجد هذا المبدأ المشترك‬
‫‪661‬‬
‫بتاريخ‬ ‫للمسؤولية تطبيقاته القضائية في االجتهاد القضائي الفرنسي من خالل مجلس الدولة‬
‫‪ 1911/02/03‬في قضية قيام أحد موظفي البريد بإغالق أبواب اإلدارة قبل الوقت القانوني‪ ،‬وهذا يعد‬
‫بمثابة خطأ مرفقي ثم قام هذا الموظف بالهجوم على أحد المستعملين للمرفق والذي حاول الدخول إلى‬
‫إدارة البريد من باب خلفي خاص بالموظفين وهذا يعتبر خطأ شخصيا‪.‬‬

‫‪ 659‬عبد القادر باينة ‪" :‬تطبيقات القضاء اإلداري بالمغرب" دار توبقال للنشر الدار البيضاء ‪ ،1988‬ص ‪.162 :‬‬
‫‪Voir aussi : Georges VEDEL, pierre DELVOLVE : « Droit administratif », Edition presse universitaire de‬‬
‫‪France, Thémis, 1991, p : 474.‬‬
‫‪ 660‬عبد هللا حارسي ‪" :‬الوجيز في المسؤولية اإلدارية"‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ...........................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.147 :‬‬
‫‪661‬‬
‫‪CE, 3 Février 1911 arrêt Anguet GAJA.‬‬

‫‪225‬‬
‫‪662‬‬
‫فقد سلك طريقة توزيع أعباء التعويض بين‬ ‫أما بخصوص االجتهاد القضائي المغربي‪،‬‬
‫المرفق والموظف المسؤول عن الخطأ الشخصي‪ ،‬وقد يكون المسؤول عن الخطأ إما آم ار بالصرف بصفته‬
‫اآلمر بالصرف والمسؤول عن المرفق‪ ،‬أو محاسبا عموميا بصفته موظفا قبل أن يكتسب صفة المحاسب‬
‫أو أحد التابعين لهم من الموظفين العموميين‪ ،‬ويتم احتساب التعويض بحسب نسبة المساهمة في إلحاق‬
‫الضرر‪ .‬وإذا ما حصل المتضرر على مقدار التعويض من الدولة يحق لهذه األخيرة الرجوع على‬
‫‪663‬‬
‫في إحداث الضرر‬ ‫الموظف المسؤول بخطئه الستيفاء حقوقها حسب مقدار نصيبه بخطئه الشخصي‬
‫بالغير‪ .‬وبالتالي تتقرر المسؤولية المدنية لآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي بالتعويض عن الضرر‬
‫الذي تسببوا فيه ليس أمام المتضرر‪ ،‬وإنما أمام الجهاز العمومي أو الدولة بصفة عامة‪.‬‬

‫لكن متى يتم الدفع بعدم المسؤولية المدنية في المجال المالي ؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الدفع بعدم المسؤولية المدنية في المجال المالي‬


‫تعد إثارة المسؤولية سواء كانت شخصية أو مدنية أو جنائية في المجال المالي رادعا للمسؤولين‬
‫عن تنفيذ الق اررات اإلدارية والمالية للدولة ومؤسساتها‪ ،‬فالمشرع المغربي جاء بهذه التدابير لزجر كل‬
‫المخالفات التي تخرق القواعد المنظمة للمالية العمومية والتشريعات الموازية لها في مجال تدبير الشأن‬
‫العام المالي أو المحلي‪.‬‬

‫ففي مجال تدبير الميزانية قد ينتج عنه مخالفات وتجاوزات مالية نتيجة أخطاء شخصية يرتكبها‬
‫المسؤول‪ ،‬والتي قد تنتج ضر ار للغير يستحق عليه التعويض‪ ،‬بعد رفع دعاوى في الموضوع‪ .‬وأثناء تنفيذ‬
‫الحكم الذي يسلط على الشخص المعنوي العام دون الشخص المسؤول عن التنفيذ ولهذا األخير الرجوع‬
‫على الشخص المسؤول متى شاء‪ ،‬إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 448‬من ق‪.‬م المدنية المحال‬
‫عليه بموجب المادة ‪ 7‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬فقد أجاز المشرع اللجوء إلى التنفيذ الجبري‬
‫والغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ‪ ،‬ولم يستثن المشرع أي طرف‬
‫محكوم عليه سواء اإلدارة أو األشخاص‪ ،‬وقد يعمد القاضي اإلداري إلى اللجوء إلى تطبيق فكرة المسؤولية‬
‫الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ نتيجة خطئه‪ ،‬وقد نادى فقهاء القانون العام في فرنسا بهذا المبدأ‪،‬‬
‫وكا ن للعميد هوريو فضل كبير في صياغة نظرية الخطأ الشخصي للموظف المسؤول عن عدم تنفيذ‬
‫‪664‬‬
‫وحكم "‪"Delle Manrot‬‬ ‫الشيء المقضي به ضد اإلدارة بمناسبة تعليقه على حكم "‪"Fabregues‬‬
‫حيث قال ‪" :‬إننا انشغلنا أكثر من الالزم بالمسؤولين عن خطأ المرفق فقط دون أن نعطي االهتمام الكافي‬

‫أنظر حكم محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ ، 1951‬في قضية كراسو‪ ،‬مجموعة أحكام محكمة االستئناف بالرباط سنتي ‪ ،54-53‬ص‬ ‫‪662‬‬

‫‪.126 :‬‬
‫مليكة الصروخ ‪" :‬القانون اإلداري‪ ،"...................................... .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.427 :‬‬ ‫‪663‬‬

‫أنظر أيضا عبد القادر باينة ‪" :‬تطبيقات القضاء اإلداري‪ ،"........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.198 :‬‬
‫‪664‬‬
‫‪CE, 23 Juillet 1909 et 22 Juillet 1910.S.1911.3.121 note M. Hauriou aussi Traité de droit administratif des‬‬
‫‪Biens, Tome 2, CE 28 Juin 1912 Manrot.S.1913 L.G.D.J, p : 275.‬‬

‫‪226‬‬
‫للمسؤولية الشخصية للموظفين‪ ،‬وقد حان الوقت للنظر إلى هذا الجانب الذي له فائدته هو أيضا‪ ،‬والذي‬
‫يكم ن بصفة خاصة أن تقدم جزاء لكل األحكام الصادرة ضد اإلدارة ألنه بالنسبة لرجل اإلدارة المسؤول‬
‫عن عدم تنفيذ الشيء المقضي به ضد اإلدارة‪ ،‬فإن طرق التنفيذ العادية يمكن استخدامها"‪ .‬فالعميد هوريو‬
‫هدف من وراء هذه الفكرة في نظرنا هو مساءلة الموظف المسؤول عن المرفق عن تنفيذ كل االلتزامات‬
‫واألحكام وإذا رفض أو امتنع يرتكب خطأ شخصيا يلزمه التعويض من ماله الخاص‪ .‬وقد كانت آراء جل‬
‫فقهاء القانون تصب في هذا االتجاه ومنهم الفقيه جيز‪ Jèze‬الذي أكد ‪" :‬أن الموظفين الذين يقع على‬
‫عاتقهم تنفيذ الشيء المقضي به ويرفضون دون سبب مشروع القيام به يرتكبون خطأ شخصيا يرتب‬
‫مسؤوليتهم"‪ ،‬أما رأي األستاذ جورج فيدل ‪ G. Vedel‬فيرى ‪" :‬بأن الوسيلة الجدرية الوحيدة الجديرة بالدولة‬
‫القانونية هي بال شك االنعقاد التلقائي للمسؤولية المالية للموظف المسؤول عن عدم تنفيذ الحكم‬
‫القضائي"‪.‬‬

‫ومن خالل آراء وتوجهات هؤالء الفقهاء الذين يؤكدون على المسؤولية الشخصية للموظف‬
‫المتسبب في الخطأ أو الممتنع عن التنفيذ‪ ،‬وقد يدخل في هذه الخانة كل من اآلمرين بالصرف‬
‫والمحاسبين العموميين بصفتهم موظفين عموميين‪ .‬ولما تثار مسؤوليتهم ومطالبتهم بالتعويض عن الضرر‬
‫من طرف األغيار‪ ،‬قد يدفع هؤالء بعدم المسؤولية أو التظاهر باإلعسار لكي يؤدي المرفق لوحده هذه‬
‫الغرامات أو التعويضات‪ ،‬إال أنه في إطار تمييز المسؤولية اإلدارية عن المسؤولية المالية والمدنية كما‬
‫جاء بهما الفصالن ‪ 79‬و‪ 80‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فال مجال للتملص من المسؤولية والتعويض في حالتي التدليس‬
‫واألخطاء الجسيمة‪ ،‬ومع ذلك قد تحل مسؤولية اإلدارة محل مسؤولية الموظف (الفقرة األولى)‪ ،‬ومادام‬
‫باإلدارة تراتبية رئاسية وتابعين ومتبوعين‪ ،‬فقد تحل مسؤولية هؤالء األتباع محل مسؤولية رؤسائهم‬
‫المتبوعين وهم إما آمرون بالصرف أو محاسبون أو غيرهم‪ ،‬إذا ما ثبتت المخالفة أو الخطأ المنسوب إلى‬
‫الموظف التابع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حلول مسؤولية اإلدارة محل الموظف المسؤول‬

‫لقد نصت المادة الرابعة من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف وكذا‬
‫المادة السادسة من نفس القانون التي تعتبر أن المحاسبين العموميين للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‬
‫مسؤولين بصفة شخصية طبقا للقوانين واألنظمة على مجموعة من االلتزامات المالية واإلدارية‪ ،‬ما عدا‬
‫في حالة إصدار أمر بالتسخير بكيفية مشروعة‪.‬‬

‫فحسب هاتين المادتين‪ ،‬فإن المسؤولية تعتبر قائمة لمجرد مخالفة مجموعة من القواعد المالية‬
‫في مجال صرف األموال العمومية أو تحصيلها‪ ،‬وبمجرد صدور ق اررات أو أحكام تدين اآلمرين بالصرف‬
‫أو اإلعالن عن عجز أو مديونية المحاسبين العموميين‪ .‬وبعد استكمال إجراءات الطعن‪ ،‬يتم اللجوء إلى‬
‫السلطات اإلدارية لطلب إما اإلعفاء من المسؤولية أو إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ ،‬هذا في مجال‬

‫‪227‬‬
‫‪665‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع‬ ‫المسؤولية المالية‪ ،‬أما فيما يخص المسؤولية المدنية للموظف التي نص عليها الفصل ‪80‬‬
‫فقد أعطى إمكانية حلول الدولة أو اإلدارة محل الموظف في حالة المسؤولية الناتجة عن ضرر الغير‪ ،‬في‬
‫حالة إثبات هذا األخير إلعساره‪.‬‬

‫إال أن وضعية اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين بصفتهم هاته‪ ،‬ال يدخلون في هذا‬
‫اإلطار بالرغم من حمل بعضهم لصفة الموظف العمومي‪ ،‬بل ينطبق عليهم ظهير ‪ 03‬أبريل ‪2002‬‬
‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬فتنظيم مسؤولية هؤالء‬
‫يتقاسمها تنظيمان قانونيان‪ ،‬األول يتعلق بالنظام األساسي للوظيفة العمومية الذي يساءل في إطاره كل‬
‫موظف أخل بالتزاماته الوظيفية‪ ،‬والثاني ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المنظم للمسؤولية المالية وفي إطاره تتم‬
‫مساء لة هؤالء عن كل مخالفة مالية أو حسابية في مجال تنفيذ الميزانية سواء كانت عامة أو محلية‪ .‬إال‬
‫أن المادة ‪ 17‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬السابق الذكر قد أجازت إذا ما توفرت الشروط تخفيض مبالغ‬
‫التكفل "‪ ،"Les Prises en charge‬وقد نصت على أنه إذا تبين أن المبالغ المستحقة على األشخاص‬
‫‪666‬‬
‫غير قابلة للتحصيل‪ ،‬فإن قبول إلغائها يتم طبقا للقوانين واألنظمة‬ ‫المشار إليهم في المادتين ‪ 1‬و‪7‬‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬ويترتب على ذلك تخفيض مبلغ التكفل‪ .‬فهذه المادة تؤكد على حالة إعسار المكلفين‬
‫‪667‬‬
‫من ظهير ‪ 3‬ماي ‪2000‬‬ ‫بالتحصيل إذا ما تم إثبات الحالة بالوسائل المنصوص عليها في الفصل ‪57‬‬
‫المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ .‬كما أضافت المادة ‪ 17‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬في فقرتها‬
‫الثانية على أنه "إذا كان قبول اإللغاء –أي الديون‪ -‬متعلقا بمقرر يصرح بمديونية محاسب عمومي تطبيقا‬
‫‪668‬‬
‫أعاله صدر أمر بصرف المبلغ المقبول إلغاؤه من ميزانية الهيئة المعنية وتدرج المبالغ التي‬ ‫للمادة ‪16‬‬
‫تم تحصيلها الحقا ضمن مداخيل ميزانية الهيئة المعنية‪ .‬فبواسطة هذه المادة القانونية يمكن لإلدارة أن‬
‫تحل محل الموظف المسؤول في تحمل األعباء المالية التي تترتب على الموظف المعسر‪ ،‬ثم ترجع عليه‬
‫إذا ما ارتكب تدليسا أو أخطاء جسيمة عن طريق دعوى االسترداد‪.‬‬

‫لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 80‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي لسنة ‪ 1913‬على أنه ‪..." :‬وال يجوز مطالبة الدولة والبلديات‬ ‫‪665‬‬

‫بسبب هذه األضرار إال عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها"‪.‬‬


‫المقصود باألشخاص المشار إليهم في المادتين ‪ 1‬و‪ 7‬هم ‪ :‬اآلمرون بالصرف والمراقبون والمحاسبون العموميون للدولة والجماعات المحلية‬ ‫‪666‬‬

‫وهيئاتها‪ ،‬وكذا المؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة‪ ،‬هذا بالنسبة للمادة األولى‪.‬‬
‫أما المقصود في المادة ‪ 7‬فهم ‪ :‬كل موظف أو عون يوجد تحت إمرة هؤالء المذكورين أعاله أو يعمل لحساب أحدهم‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 57‬من ظهير ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي ‪" :‬يثبت عسر المدينين ‪:‬‬ ‫‪667‬‬

‫إما بمحضر عدم وجود ما يحجز كما نصت عليه المادة ‪ 56‬أعاله بالنسبة للمدينين المعروفين بقدرتهم على الوفاء‪ ،‬والذين لم يفض الحجز‬ ‫‪-‬‬
‫الذي أجرى عليهم إلى أية نتيجة‪.‬‬
‫وإما بشهادة ا لعوز المسلمة من طرف السلطة اإلدارية المحلية بالنسبة للمدينين المعروفين بعسرهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تنص المادة ‪ 16‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬على أنه ‪" :‬تتحمل ميزانية الهيئة المعنية المبالغ المخصصة لإلعفاء من المسؤولية أو إلبراء الذمة‬ ‫‪668‬‬

‫على وجه اإلحسان"‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حلول مسؤولية الموظف التابع محل المسؤول الرئيسي‬

‫لقد أقر المشرع المغربي صراحة مسألة حلول المسؤولية الشخصية والمالية للموظف التابع محل‬
‫مسؤولية رئيسه في المجال المالي حسب ما نصت عليه المادة ‪ 7‬من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬بتأكيدها على‬
‫أن كل موظف أو عون يوجد تحت إمرة آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي‪ ،‬أو يعمل لحساب‬
‫أحدهم يمكن أن يعتبر مسؤوال بصفة شخصية محل اآلمر بالصرف أو المراقب أو المحاسب العمومي إذا‬
‫ثبت أن الخطأ المرتكب منسوب إلى الموظف أو العون المذكور‪ ،‬وبالتالي يتم إعفاء الرؤساء من‬
‫المسؤولية وتحميلها للموظفين واألعوان التابعين‪ ،‬في حالة إثبات الخطأ من جانب هؤالء‪ ،‬وبالتالي يعفون‬
‫وبالتالي يكون المشرع‬ ‫‪669‬‬
‫من المسؤولية‪ ،‬وهذا المبدأ ال نظير له في مجال المسؤولية المدنية أو اإلدارية‪،‬‬
‫المغربي في المجال المالي قد خالف أحكام مسؤولية المتبوع عن فعل التابع المنصوص عليها في التشريع‬
‫‪670‬‬
‫المدني‪.‬‬

‫ففي المجال المالي‪ ،‬يعتبر اآلمرون بالصرف والمحاسبون العموميون الجهة المؤهلة قانونا‬
‫من‬ ‫‪672‬‬
‫وإدارات أخرى حسب ما نصت عليه المادة ‪515‬‬ ‫‪671‬‬
‫لتمثيل اإلدارة أمام الجهات الرسمية من قضاء‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وبصفتهم أيضا رؤساء تسلسليون لجميع الموظفين واألعوان العاملين بالمصالح‬
‫التابعة لهم‪ .‬فالدعاوى قد ترفع ضد الممثلين القانونيين للمصالح التابع لها الموظف المسؤول عن الضرر‬
‫أو الخطأ‪ ،‬وبعد ذلك يتم مطالبة المتسبب في الضرر بالرجوع عليه‪ ،‬وبذلك يتحمل المسؤولية الشخصية‬
‫فيما أخطأ فيه‪ ،‬ودفع مبالغ التعويض لإلدارة التي حلت محله في أداء التعويض عن الضرر عن طريق‬
‫الرؤساء التسلسليون‪ ،‬وهم في غالب األحيان ما أشارت إليه المادة ‪ 515‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫المشار إليه قبله‪ ،‬باإلضافة إلى تسليط وفرض العقوبات التأديبية المناسبة على هؤالء الموظفين أو‬
‫األعوان التابعين المخطئين والمتسببين في إحداث الضرر‪.‬‬

‫‪669‬‬
‫‪Pour plus d’information voir : René CHAPUS : Responsabilité publique et responsabilité privée, les‬‬
‫‪influences réciproques des jurisprudences administratifs et judiciaires, Paris, L.G.D.J, 1983, p : 202 et suite.‬‬
‫‪ 670‬تنص المادة ‪ 85‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪" :‬ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب‪ ،‬ولكن يكون مسؤوال أيضا عن الضر‬
‫الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته‪."...‬‬
‫عبد الوهاب رافع ‪" :‬مقاضاة الدولة والمؤسسات العمومية في التشريع المغربي دراسة تطبيقية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‬ ‫‪671‬‬

‫‪ ،1987‬ص ‪ 11 :‬و‪.48‬‬
‫تنص المادة ‪ 515‬من قانون المسطرة المدنية المتممة بالقانون رقم ‪ 48.01‬الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.12‬بتاريخ ‪ 29‬يناير‬ ‫‪672‬‬

‫‪ 2002‬على ما يلي ‪:‬‬


‫"ترفع الدعوى ضد ‪:‬‬
‫‪ -1‬الدولة في شخص الوزير األول وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ -2‬الخزينة في شخص الخازن العام‪.‬‬
‫‪ -3‬الجماعات المحلية في شخص العامل بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬وفي شخص رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات‪.‬‬
‫‪ -4‬المؤسسات العمومية في شخص ممثلها القانوني‪.‬‬
‫‪ -5‬مديرية الضرائب في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها‪.‬‬
‫"لقد أضيف البند ‪ 5‬بمقتضى ظهير ‪ 9‬يناير ‪ 2002‬بعدما كان غائبا في القانون السابق"‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫فالحلول في مجال المسؤولية المدنية أصبح واقعا بالنسبة للمتدخلين الرئيسيين في مجال تنفيذ الميزانية‬
‫بموجب النصوص القانونية واالجتهادات القضائية‪ ،‬في حالة ارتكاب أخطاء شخصية من طرف المرؤوس‬
‫نتيجة قيامه بعمل غير مشروع أو امتناعه عن القيام بعمل ينص عليه القانون‪ .‬فالقانون رقم ‪61-99‬‬
‫بالرغم من خصوصيته فقد أضاف إلى القانون المدني لبنة جديدة فيما يخص المسؤولية المدنية وتوابعها‬
‫وهو ما جاء في صلب الفصل ‪ 7‬المتعلق بمسألة الحلول والفصل ‪ 10‬المتعلق بطلب اإلعفاء من‬
‫‪673‬‬
‫األول من عدمها‪.‬‬ ‫المسؤولية نتيجة القوة القاهرة ثم الفصل ‪ 11‬حول تقرير المسؤولية من طرف الوزير‬

‫بصفة فردية‬ ‫‪674‬‬


‫أما المادة ‪ 9‬من نفس القانون المشار إليه أعاله فقد ألزمت المحاسبين بإبرام عقود تأمين‬
‫أو جماعية لدى مقاولة تأمين معتمدة لتأمين المخاطر التي قد تنتج عن ضياع أو إتالف أو سرقة األموال‬
‫والقيم‪ ،‬أو ارتكاب مخالفات مالية تلحق أض ار ار مالية بالغير أو باألجهزة العمومية‪ ،‬أما فيما يخص اآلمرين‬
‫‪675‬‬
‫على استحالة أو صعوبة طرح مسؤوليتهم المدنية‪ ،‬نظ ار لكثرة‬ ‫بالصرف‪ ،‬فقد أكد بعض الباحثين‬
‫النصوص القانونية المؤطرة لعملهم‪ ،‬ففي فرنسا نجد مجموعة من القوانين التي تنص على المسؤولية‬
‫المدنية لآلمرين بالصرف األساسيين كالوزراء ورؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬ويرجع أول هذه النصوص إلى‬
‫قانون ‪ 19‬شتنبر ‪ ،1791‬ثم قانون ‪ 25‬مارس ‪ ،1817‬فقانون ‪ 15‬ماي ‪ ،1850‬ثم جاء قانون ‪ 10‬غشت‬
‫‪ 1922‬وأخي ار قانون ‪ 24‬ماي ‪ ،1938‬مما يدل على فشل تطبيق هذه القوانين على اآلمرين بالصرف‬
‫األساسيين كالوزراء‪ ،‬فالواقع يكشف عن عدم مطالبة أي وزير بالتعويض من ماله الخاص عن الضرر‬
‫الناتج عن النفقات التي أمر بصرفها بتحصيلها بصفة غير قانونية حسب ما صرح به الفقيه واألستاذ‬
‫بول كودمي ‪ (P)Gaudmet‬في إحدى مقاالته‪.‬‬

‫وتأتي اإلستحالة أو الصعوبة في طرح المسؤولية المدنية لآلمرين بالصرف في عدم كفاية‬
‫أموالهم سواء الثابتة أو المنقولة المكونة لذمتهم المالية لتعويض األضرار التي قد تلحق بالجهاز العمومي‬
‫أو بالغير‪ .‬فهم يتصرفون في قيم ومنقوالت يصعب إحصاؤها أو تغطيتها باألموال الخاصة‪ ،‬حيث تفوق‬
‫بكثير الذمة المالية لآلمرين بالصرف‪ ،‬الشيء الذي يطرح مشكلة إعسار هؤالء‪ ،‬خصوصا وأن المشرع لم‬
‫يتناول بالتفصيل مسألة اإلعسار بنفس الطريقة التي تناول بها إعسار المحاسبين العموميين‪ ،‬فقد عالج‬
‫المشرع المغربي إمكانية إعفاء اآلمرين بالصرف من المسؤولية في المادة ‪ 10‬من قانون ‪ 61-99‬حيث‬
‫سمح بإمكانية إعفاء اآلمر بالصرف الذي حكم عليه بإرجاع األموال‪ ،‬وبالتالي التحلل من المسؤولية‪ ،‬بناء‬
‫على طلب موجه إلى الجهات الرسمية المسؤولة معز از طلبه بالظروف والمالبسات التي أحاطت بالواقعة‬
‫كالقوة القاهرة‪ ،‬بشرط أال يكون العمل الذي أدى إلى إحداث الضرر قد عاد بمنفعة شخصية على الفاعل‪.‬‬

‫منذ صدور الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بتنفيذ الدستور الجديد للمملكة المغربية تحول اسم الوزير األول إلى اسم‬ ‫‪673‬‬

‫رئيس الحكومة فجل القوانين والمراسيم سوف تعرف تعديال يتماشى والدستور الجديد‪.‬‬
‫‪674‬‬
‫‪Note de service du trésorier général du royaume, N°178/DER du 09/08/1990 relative aux nouvelles polices‬‬
‫‪d’Assurances des comptables du Trésor.‬‬
‫‪675‬‬
‫‪PRADA (M ): Les Finances de L’Etat…, op.cit, p : 639.‬‬

‫‪230‬‬
‫إال أنه حتى ولو تقررت المسؤولية المدنية لآلمرين بالصرف وخصوصا األساسيين أمام‬
‫الجهات المسؤولة عن المرفق الذي يدبرونه‪ ،‬وتم تحديد مبلغ التعويض والخسارة التي لحقت بالجهاز‬
‫العمومي‪ ،‬فإن في هذه المسؤولية سوف يتحول مبلغ التعويض إلى دين عمومي‪ ،‬وتصبح الوسيلة القانونية‬
‫الصحيحة للمطالبة به هي إصدار أوامر بالدفع أو أوامر حائزة للقوة التنفيذية‪ ،‬وهي أمور من اختصاص‬
‫اآلمر بالصرف نفسه‪ ،‬وبالتالي تبقى مسألة مستحيلة وغير قانونية حتى وإن أصدره وزير آخر أو رئيس‬
‫جماعي سابق‪ ،‬وبالتالي سوف لن يكون إال من باب تصفية الحسابات السياسية‪ .‬فهذه الحالة تبقى ناذرة‬
‫‪676‬‬
‫إن لم نقل منعدمة الوقوع حسب بعض الفقه‪.‬‬

‫أما فيما يخص اآلمرين بالصرف الثانويين‪ ،‬فالمسألة ممكنة على األقل من الناحية النظرية‬
‫مادام اآلمر بالصرف الرئيسي يمارس سلطة الوصاية والرقابة على الجهاز العمومي الذي يوجد على رأسه‬
‫اآلمر بالصرف الثانوي‪ ،‬حيث يمكن أن يصدر في حق هؤالء اآلمرين بالصرف الثانويين أم ار بالدفع‬
‫لمطالبتهم بالتعويض عن األضرار التي قد تلحق بالجهاز العمومي أو الغير‪ ،‬ويمكن أن يندرج منشور‬
‫‪677‬‬
‫الذي يحث على الترخيص للمحاسبين العموميين بتنفيذ االلتزامات‬ ‫الوزير األول رقم ‪2008/01‬‬
‫الصادرة لمصلحة الغير وتنفيذ الغرامات المالية المترتبة على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات‬
‫العامة‪ .‬ففي الواقع العملي ناذ ار ما نجد هذه الحاالت‪ ،‬حيث في الغالب يفضل الوزير تجنب معاقبة‬
‫مرؤوسيه بهذه الطريقة ألنها تعتبر إدانة بالنسبة له‪ ،‬ألنه هو من اختار المسؤول على أرس الجهاز‪،‬‬
‫فأغلب المسؤولين يستترون وراء حسن النية‪ ،‬والرغبة في تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬التي تحمل على‬
‫‪678‬‬
‫لهذه الغاية‪.‬‬ ‫االعتقاد أن األخطاء قد ارتكبت خدمة‬

‫إال أنه اليوم وبعد صدور الدستور الجديد لسنة ‪ ،2011‬فالمسألة لم تعد بهذه السهولة بعد خلق الدستور‬
‫لهيئات ومؤسسات تراقب وتعاين هذه األمور كالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها المحدثة‬
‫بموجب الفصل ‪ 36‬والتي من مهامها رصد المخالفات المتعلقة بحاالت تنازع المصالح واستغالل النفوذ‬
‫الذي يخل بالتنافس النزيه؛ كما أصبح المشرع يعاقب على كل مخالفة ذات طابع مالي‪ ،‬واستغالل األموال‬
‫الموجودة تحت تصرف اإلدارة‪ .‬فالهدف من خلق هذه الهيئات هو المساهمة في تخليق الحياة العامة‪،‬‬
‫وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة‪ ،‬أضف إلى هذا ربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة؛ فاليوم يجب إعادة النظر حسب رأينا في استبعاد المشرع المغربي لمساءلة أعضاء الحكومة‬
‫وأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين عند ممارستهم الختصاصهم بهذه الصفة من‬

‫‪676‬‬
‫‪PRADA(M) : Ibid.‬‬
‫منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/01‬صادر بتاريخ ‪ 4‬فبراير ‪ 2008‬يتضمن توجيهات وتدابير تتعلق بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية‪ ،‬ورصد‬ ‫‪677‬‬

‫االعتمادات الخاصة بذلك‪.‬‬


‫‪678‬‬
‫‪GAUDMET (P.M) : Finances publiques, ….................................... op.cit , p : 389.‬‬

‫‪231‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ .2002‬ومن هذا‬ ‫‪679‬‬
‫المساءلة وتقديم الحساب حسب منطوق المادة ‪52‬‬
‫المنطلق ومن خالل المبادئ التي جاء بها الدستور الجديد لم يعد اليوم مجال للتملص من المسؤولية كيفما‬
‫كان شخص المسؤول أو مركزه في سلم الوظيفة العمومية للدولة‪ ،‬وبالتالي تحريك الدعوى العمومية في‬
‫حق كل من ثبت تطوره في فساد مالي أو إداري‪.‬‬

‫وقد ينجر المسؤول حتى إلى المحاكم على ارتكاب أعمال أو أفعال جرمية وبالتالي تحميله المسؤولية‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬المسوؤلية الجنائية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‬


‫لقد كانت غاية المشرع المغربي في مجال المسؤولية المالية بصفة عامة‪ ،‬هو حماية المال العام‬
‫وتحصينه من كل عبث أو اختالس أو تبديد‪ ،‬وهو ما جاء به ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬وقبله ظهير ‪ 2‬أبريل‬
‫‪ .1955‬فكل خرق لقواعد المحاسبة العمومية‪ ،‬سواء على المستوى العام بالنسبة للمرسوم الملكي الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬أو على المستوى المحلي بالنسبة لنظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية‬
‫ومجموعاتها لسنة ‪ 1976‬كما عدل وتتم عدة مرات كان آخرها بمرسوم‪ 3680‬يناير ‪ ،2010‬قد يتعرض‬
‫المسؤول عن هذا الخرق للمساءلة والزجر بعقوبات تأديبية‪ ،‬مالية وجنائية تأسيسا على القاعدة الفقهية "أن‬
‫المال العام يحرق األيدي التي تمتد إليه"‪ .‬فالفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي المتعلق بنظام المحاسبة‬
‫العمومية لسنة ‪ 1967‬قد حدد عناصر قيام المسؤولية الجنائية سواء بالنسبة لآلمرين بالصرف‪ ،‬من خالل‬
‫‪681‬‬
‫من نفس المرسوم‪ ،‬أو بالنسبة‬ ‫المسؤوليات المقررة في القوانين واألنظمة المعمول بها حسب المادة ‪7‬‬
‫للمحاسبين العموميين من خالل الفقرة الثانية من الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة‬
‫العمومية لسنة ‪ ،1967‬والمادة ‪ 18‬من نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ونفس‬
‫من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪682‬‬
‫المسؤوليات يتحملها المحاسبون بحكم الواقع حسب المادة ‪20‬‬

‫ففي الواقع يتحمل سواء اآلمرون بالصرف أو المحاسبون العموميون أو من كان في حكمهم‬
‫كباقي األشخاص المسؤولية الجناية عن الجرائم والجنح والمخالفات التي يرتكبونها أثناء مزاولة عملهم أو‬

‫تنص المادة ‪ 52‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية على أنه ‪" :‬ال يخضع لالختصاص القضائي للمجلس في ميدان التأديب المتعلق‬ ‫‪679‬‬

‫بالميزانية والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة"‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪8‬‬ ‫‪680‬‬

‫فبراير ‪.2010‬‬
‫تنص المادة ‪ 7‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية بأنه ‪" :‬يتحمل اآلمرون بالصرف‬ ‫‪681‬‬

‫بمناسبة مزاولة مهامهم المسؤوليات المقررة في القوانين واألنظمة المعمول بها"‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 20‬الفقرة ‪ 2‬من نظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها لسنة ‪ 2010‬على أنه ‪" :‬دون اإلخالل باألحكام الجنائية‬ ‫‪682‬‬

‫المعمول بها‪ ،‬يخضع المحاسب بحكم الواقع والمشارك أو المشاركون في التسيير يحكم الواقع لنفس االلتزامات والمراقبة‪ ،‬ويتحملون نفس مسؤوليات‬
‫المحاسب العمومي"‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫‪683‬‬
‫أثناء ممارسة حياتهم اليومية‪ ،‬وبالتالي يخضعون للعقوبات والجزاءات المنصوص عليها في التشريع‬
‫الجنائي المغربي‪ .‬ونفس الشيء نجده في التشريع الجنائي المقارن ومنه التشريع الجنائي الفرنسي‬
‫وخصوصا ما يهم تدبير المالية العمومية والتي جاءت بها المدونة التي دخلت حيز التطبيق في فاتح‬
‫‪684‬‬
‫فيما يخص المالية العمومية كجرائم‬ ‫مارس ‪ 1994‬والتي جاءت بمجموعة من المقتضيات الزجرية‬
‫االختالس وتحويل األموال ‪ Le détournement de fonds publics‬أو الغدر ‪ La concussion‬أو‬
‫‪Le trafic‬‬ ‫الرشوة ‪ La corruption‬أو المحسوبية ‪ Le favoritisme‬أو استغالل النفوذ‬
‫‪685‬‬
‫‪ .d’influence‬فالمسؤولية الجنائية في المجال المالي نظمتها عدة نصوص قانونية منها ما هو عام‬
‫ومنها ما هو خاص‪ ،‬وعلى أرس القوانين العامة نجد الدستور المغربي الجديد‬

‫لسنة ‪ 2011‬وخصوصا الفصل ‪ 94‬الذي نص على المسؤولية الجنائية ألعضاء الحكومة أمام‬
‫محاكم المملكة عما يرتكبونه من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم‪.‬‬

‫إال أن االتهام والمتابعة والتحقيق بالنسبة للوزراء يصعب تحقيقه نظ ار للصعوبة التي تالزم إثارة‬
‫‪686‬‬
‫نظ ار للطابع السياسي الذي يحيط بهم‪ .‬هذا بالنسبة للوزراء كآمرين رئيسيين‬ ‫المسؤولية الجنائية للوزراء‬
‫للميزانية العامة‪ ،‬أما بالنسبة لآلمرين بالصرف الثانويين والمحاسبين العموميين التابعين باعتبارهم متدخلين‬
‫أيضا في تنفيذ ميزانيات مؤسساتهم أو جماعاتهم المحلية‪ ،‬وبالتالي يعملون تحت سلطة اآلمرين بالصرف‬
‫الرئيسيين بالنسبة لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين السامين بالنسبة للمحاسبين العموميين‬
‫التابعين‪ ،‬فهؤالء يسهل توجيه التهم الجنائية إليهم سواء من قبل رؤسائهم بعد اتخاذ اإلجراءات المسطرية‬
‫الالزمة أو من قبل سلطات الوصاية فيما يخص الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬أو من قبل الوكيل العام‬
‫للملك بمبادرة من أو بطلب من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات لرفعها إلى وزير العدل لتحريك‬
‫الدعوى الجنائية أو غيرها وإخبار السلطة التي ينتمي إليها المسؤول المعني بأمر الجناية أو الجنحة أو‬

‫‪ 683‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.413‬المتعلق بمجموعة القانون الجنائي الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬كما عدل وتمم عدة مرات‪.‬‬
‫‪684‬‬
‫‪Voir chapitre 2 du livre IV du titre III (atteintes à l’administration publique commises par des personnes‬‬
‫‪exercent une fonction publique), et pour plus de détail voir aussi jean Claude MORIN : "Gestion publique", droit‬‬
‫‪public financier et droit pénal", Finances publiques et droit pénal spécial R.f.F.P, N°92, novembre 2005, p :122.‬‬
‫من بين النصوص العامة" ما نص عليه الدستور المغربي لسنة ‪: 2011‬‬ ‫‪685‬‬

‫القانون الجنائي المغربي لسنة ‪ 1962‬كما تم تتميمه وتغييره‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫المحكمة الخاصة للعدل قبل إلغائها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما النصوص الخاصة فنجد ‪ :‬المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بنظام المحاسبة العمومية‪.‬‬
‫مرسوم المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها لسنة ‪.2010‬‬ ‫‪-‬‬
‫بالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪ 1998‬حول تأليف المحكمة العليا وطرق اإلحالة عليها الخاصة بمحاكمة الوزراء‬ ‫‪686‬‬

‫وخصوصا المادة ‪ 302‬إلى ‪ ،307‬والمادة ‪ 308‬إلى ‪ 313‬بالنسبة للنظام الداخلي لمجلس المستشارين‪ ،‬يمكن مالمسة الصعوبة في هذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫‪687‬‬
‫من المادة ‪ 66‬من مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ 2002‬التي‬ ‫المخالفة‪ ،‬وهو ما نصت عليه الفقرة الرابعة‬
‫‪688‬‬
‫من نفس المدونة‪.‬‬ ‫تحيل على المادة ‪111‬‬

‫كما نصت المادة األولى من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف‬
‫والمراقبين والمحاسبين العموميين على المسؤولية الجنائية‪ ،‬إلى جانب المسؤولية التأديبية أو المدنية وباقي‬
‫العقوبات األخرى‪ ،‬إال ما استثناه القانون في هذا المجال كحالة القوة القاهرة وغيرها‪.‬‬

‫فإذا كانت هذه مختلف المواد والنصوص القانونية التي تحيط بالمسؤولية الجنائية للمتدخلين في‬
‫تنفيذ الميزانية والمتصرفين في المال العام‪ ،‬فما هي إذن المساطر اإلجرائية إلثارة هذه المسؤولية (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬وما هي طبيعة الجزاءات المترتبة عن المسؤولية الجنائية في ظل تعدد المساطر والقوانين‬
‫المتدخلة في هذا المجال (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المساطر اإلجرائية إلثارة المسؤولية الجنائية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية‬
‫لقد أفرد المشرع المغربي حماية خاصة للمال العام في التشريع الجنائي‪ ،‬وجعل من كل اعتداء أو تعطيل‬
‫أو إضرار بمنافعه العامة عقوبات جنائية‪ ،‬ولكي تنعقد المسؤولية الجنائية للمتصرفين في المال العام عن‬
‫طريق تدبير الميزانية العامة‪ ،‬البد من توافر شروط وأركان إلثارة هذه المسؤولية (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم البد‬
‫من توفر أفعال تنتج عنها جرائم مالية يعاقب عليها القانون الجنائي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط الموجبة إلثارة المسؤولية الجنائية‬

‫لقد أثار المشرع المغربي في إطار المسؤولية الجنائية الناتجة عن الجرائم المالية التي يقوم بها‬
‫المنفذون لميزانية الدولة أو ميزانيات الجماعات الترابية وهيئاتها أو ميزانية المؤسسات العمومية وغيرها‪،‬‬
‫‪689‬‬
‫جرما في حق مؤسسة عمومية ما أو مال‬ ‫إذا ما توفرت شروط معينة في الفاعل‪ ،‬ولكي يعتبر الفعل‬
‫عمومي ما‪ ،‬البد من شروط وأركان في شخص الجاني وغالبا ما يكون موظفا عموميا‪ ،‬إال أن تحديد‬

‫لقد نصت المادة ‪ 66‬في فقرتها الرابعة من مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ 2002‬على أنه ‪" :‬إذا اكتشف المجلس أفعاال تستوجب إجراءا تأديبيا أو‬ ‫‪687‬‬

‫جنائيا تطبق مقتضيات المادة ‪ 111‬بعده"‪.‬‬


‫وتنص المادة ‪ 111‬في فقرتها األولى من نفس القانون على أنه ‪" :‬ال تحول المتابعات أمام المجلس دون ممارسة الدعوى التأديبية والدعوى‬ ‫‪688‬‬

‫الجنائية‪."...‬‬
‫‪ 689‬ففي القانون الفرنسي الذي سبق القانون الجنائي المغربي بسنوات عديدة قد تطرق للمسؤولية الجنائية كما جاء في الفصلين التاليين ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪l’article 121-1 du code pénal français de 1810 (Texte en vigueur lors de son abrogation en 1 er mars 1994),‬‬
‫‪dispose que : "Nul n’est responsable pénalement que de son propre fait".‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Par contre l’article 121-2 déclare que : "Les personnes morales, à l’exclusion de l’Etat, sont responsables‬‬
‫‪pénalement, selon les distincts, des infractions commises, pour leur compte, par leurs organes ou‬‬
‫‪représentants.‬‬
‫‪Tout fois, les collectivités territoriales et leurs groupements ne sont responsables pénalement dans l’exercice‬‬
‫‪d’activités susceptibles de faire l’objet de conventions des délégation de service.‬‬
‫‪la responsabilité pénale des personnes morales n’exclut pas celle des personnes physiques mêmes faits, sous‬‬
‫‪réserve des dispositions du quatrième alinea de l’article 121.3".‬‬

‫‪234‬‬
‫مدلول الموظف العمومي يستلزم استحضار مفهومين أساسيين ‪ :‬مفهوم ضيق وهو المفهوم الذي جاء به‬
‫‪690‬‬
‫من ظهير ‪ 24‬فبراير ‪.1958‬‬ ‫المشرع في إطار الوظيفة العمومية من خالل الفصل ‪2‬‬

‫و مفهوم واسع وهو المفهوم الذي جاء به المشرع الجنائي من خالل الفصل‪ 224691‬من القانون الجنائي‬
‫المغربي والمعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 48-07‬و الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪.1-08-68‬‬

‫فالمفهوم الضيق تتفرع عنه ثالثة أصناف رئيسية وهي‪:‬‬

‫‪-1‬الموظفون‪ :‬وهم األصناف الذين ينطبق عليهم تعريف الموظف العمومي بالمعنى الدقيق الذي جاء به‬
‫قانون الوظيفة العمومية لسنة ‪.1958‬‬

‫‪-2‬الموظفون الخاضعون للنظام الخاص للمؤسسات العمومية ‪ :‬وهؤالء يخضعون لظهير ‪ 19‬يوليوز‬
‫‪ 1962‬الذي وحد القانون األساسي المطبق على العاملين بالمؤسسات العمومية وقد وقع تتميمه بالظهير‬
‫‪692‬‬
‫‪ 14‬نونبر ‪ 1963‬وهما يتعلقان‬ ‫الصادر في ‪ 16‬نونبر ‪ ،1962‬وبعد ذلك بالمرسوم الصادر بتاريخ‬
‫بالمناصب العليا ومناصب المديرين بالمؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬

‫‪-3‬المتعاقدون‪ :‬وهم المرتبطون بالمؤسسات العمومية بمقتضى عقود أو التزامات إدارية في إطار قواعد‬
‫القانون اإلداري التي تتضمن شروطا غير مألوفة في القانون الخاص وهناك متعاقدون يبرمون عقودا مع‬
‫وهنا يمكن القول أن‬ ‫‪693‬‬
‫اإلدارة في ظل قانون الشغل وااللتزامات والعقود كالتي تربط العامل برب العمل‪.‬‬
‫القضاء إذا لم يستند إلى الفقه والتشريع في أحكامه‪ ،‬فإنه لن يجتهد من خالل محاولة تطوير المفاهيم‪،‬‬
‫‪694‬‬
‫تطو ار في ظل تضارب تعاريف العاملين‬ ‫وبالتالي تتميم وسد فراغ التشريع فقد عرف القضاء الفرنسي‬
‫بالمرافق العمومية الصناعية والتجارية عن طريق العقود‪ ،‬وبالتالي فقد ميز بين القائمين بمهام التوجيه‬
‫والرئاسة والمحاسبة فاعتبرهم موظفون عموميون‪ ،‬بينما باقي العاملين فيخضعون للقانون الخاص ويختص‬
‫بمتابعتهم القضاء المدني‪ ،‬وبالتالي فالقضاء الفرنسي قد أسس قواعد جديدة فيما يخص تعريف الموظف‪.‬‬

‫فالفصل ‪ 2‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬ينص على أنه ‪" :‬يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة‪،‬‬ ‫‪690‬‬

‫ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسالك اإلدارة التابعة للدولة"‪.‬‬


‫أما الفصل ‪ 224‬من القانون الجنائي المغربي فينص على أنه ‪" :‬يعد موظفا عموميا‪ ،‬في تطبيق أحكام التشريع الجنائي‪ ،‬كل شخص كيفما‬ ‫‪691‬‬

‫كانت صفته‪ ،‬يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر وساهم بذلك في خدمة الدولة‪ ،‬أو المصالح العمومية‬
‫أو الهيئات البلدية‪ ،‬أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام‪.‬‬
‫وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته‪ ،‬إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب‬
‫الجريمة أو مكنته من تنفيذها"‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.64.164‬صادر في ‪ 14‬نونبر ‪ 1963‬المتعلق بالمناصب العليا‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 87‬لسنة ‪ ،1963‬وفي هذا اإلطار وبعد صدور‬ ‫‪692‬‬

‫دستور ‪ 2011‬فقد صادق مجلس النواب على مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 02-12‬المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا ألحكام الفصلين‬
‫‪ 49‬و‪ 92‬من الدستور وبالتالي سوف تخضع التعيينات في ا لمناصب العليا لمسطرة قانونية مضبوطة ولن تبقى عشوائية‪.‬‬
‫عبد هللا حداد ‪" :‬المرافق العمومية الكبرى"‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬دار توبقال للنشر ‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ، ،2002 ،‬ص ‪.10 :‬‬ ‫‪693‬‬

‫قرار مجلس الدولة الفرنسي في حكم صادر بتاريخ ‪ ،1946/12/20‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪694‬‬

‫‪235‬‬
‫فالمسؤولية الجنائية تتحدد على أسس عامة‪ ،‬ويعتبر تحديد أساس هذه المسؤولية أم ار ضروريا من خالل‬
‫تحديد الشروط الالزمة لقيامها‪ .‬فالجريمة حسب النظرية العامة تتحقق بتوفر العنصر المادي والعنصر‬
‫المعنوي والعالقة السببية بين الفعل والنتيجة‪ .‬واستنادا إلى المبدأ التشريعي الجنائي القائل بـ "ال جريمة وال‬
‫عقوبة إال بنص"‪.‬‬

‫فعلى القاضي الجنائي أن يراعي في معاقبة المذنبين أو الجناة مسألة األفعال التي وصفها المشرع الجنائي‬
‫‪695‬‬
‫بالجرمية أو الجرائم‪ ،‬وال يمكنه إصدار العقوبات إال بالقدر الذي حدده المشرع من حيث النوع والمقدار‪.‬‬
‫وال مجال للتوسع في تفسير النص الجنائي لكي ال يضر القاضي الجنائي بمبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬وقد نبه‬
‫‪696‬‬
‫"أنه ال يسوغ مؤاخذة‬ ‫قضاء المجلس األعلى إلى ذلك من خالل أحكامه حيث جاء في إحدى األحكام‬
‫أحد على فعل ال يعد جريمة بصريح القانون ولهذا فإن محكمة الجنايات لم تجعل أساسا من القانون‬
‫لحكمها على المتهم بالسجن وتعويض مدني"‪.‬‬

‫كما أن القاضي الجنائي‪ ،‬وهو يبحث عن مفهوم الموظف العمومي‪ ،‬عليه أن يرجع إلى‬
‫اإلداري أو الوظيفة العمومية‬ ‫‪697‬‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 224‬من القانون الجنائي‪ ،‬وليس إلى نصوص القانون‬
‫أي األخذ بالمفهوم الواسع لتعريف الموظف‪ ،‬وهكذا سمح هذا التعريف للقاضي الجنائي بإدانة العديد من‬
‫الخاصة‬ ‫‪699‬‬
‫أمام المحكمة‬ ‫‪698‬‬
‫المتهمين الذين يمارسون عمال تابعا ومأجو ار تحكمه قواعد القانون الخاص‬
‫‪700‬‬
‫وحسب مقتضيات الظهير‬ ‫للعدل في سنوات السبعينات والثمانينات والتسعينات قبل إلغائها سنة ‪2004‬‬
‫‪701‬‬
‫الغدر والرشوة واستغالل النفوذ‬ ‫المتعلق بإحداث هذه المحكمة التي كان يعهد إليها بالزجر عن جنايات‬
‫واالختالس المقترفة من طرف الموظفين العموميين وخصوصا المتصرفين في المال العام كاآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين‪.702‬‬

‫باإلضافة إلى هذه األفعال الجرمية التي حددها القانون الجنائي‪ ،‬فالبد من تحقق الركن المادي‬
‫الخاص بكل فعل على حدى‪ ،‬وقد يكون إما إيجابيا كأن يطلب اآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي أو‬

‫عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬منشورات إيزيس‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1992 ،‬ص ‪.164 :‬‬ ‫‪695‬‬

‫حكم المجلس األعلى منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،10‬ص ‪ ،93 :‬مذكور أيضا في كتاب الوجيز في القانون الجنائي المغربي‬ ‫‪696‬‬

‫لألستاذ بنحدو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.89 :‬‬


‫عبد الحق ذهبي ‪" :‬تأمالت في جرائم األموال"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪ 2007‬ص ‪.56 :‬‬ ‫‪697‬‬

‫محمد الكشبور ‪" :‬المركز القانوني للموظف في القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬المجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عين الشق‬ ‫‪698‬‬

‫الدار البيضاء‪ ،‬عدد خاص رقم ‪ 21‬لسنة ‪ ،1989‬ص ‪.55 :‬‬


‫الملف الجنائي عدد ‪ ،1337‬حكم عدد ‪ 4508‬بتاريخ ‪ 4‬يونيو ‪ 2001‬صادر عن المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬حكم غير منشور‪.‬‬ ‫‪699‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.04.471‬صادر في ‪ 15‬شتنبر ‪ 2004‬المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل‪.‬‬ ‫‪700‬‬

‫بموجب التعديل الذي عرفته نصوص المحكمة الخاصة للعدل بتاريخ ‪ 25‬دجنبر ‪ 1980‬والذي تم فيه الرفع من المبلغ المالي من ‪ 5‬آالف درهم‬ ‫‪701‬‬

‫إلى ‪ 25‬ألف درهم ليتم االختصاص في الدعوى وخصوصا المواد من ‪ 31‬إلى ‪ 39‬المتعلقة بجرائم التبديد واالختالس والغدر والرشوة واستغالل‬
‫النفوذ‪.‬‬
‫انظر قضية اختالس أموال عمومية بالحي الجامعية بطنجة سنة ‪ 2000‬بالملحق رقم‪.03:‬‬ ‫‪702‬‬

‫‪236‬‬
‫غيرهما مقابال إلصدار أمر باألداء أو صرف نفقة لفائدة أحد دائني األجهزة العمومية التي يوجدون على‬
‫رأسها لكي تتحقق جريمة الرشوة وقد يكون سلبيا كأن يمتنع هؤالء عن إصدار أوامر بالمداخيل بشأن ديون‬
‫مستحقة لفائدة الجهاز العمومي‪ ،‬أو كأن يرفض المحاسبون تحصيل دين عمومي حائز للقوة القانونية في‬
‫التحصيل‪ ،‬لكي تتحقق جريمة الغدر من غير أن يسمح به القانون‪ .‬وفي هذه الحاالت على القاضي‬
‫‪703‬‬
‫فالجريمة‬ ‫الجنائي أن يبحث في العالقة السببية بين الفاعل والعمل الجرمي بتحقق النية اإلجرامية‪.‬‬
‫الجنائية في المال العام تتحقق حسب قانون المحكمة الخاصة للعدل الملغاة بأربعة أركان وهي صفة‬
‫‪704‬‬
‫صادر عنها أنه ‪" :‬يتعين على المحكمة لكي تصرح‬ ‫الموظف العمومي‪ ،‬حيث صرحت في حكم‬
‫باختصاصها‪ ،‬ولو ضمنيا التأكد من أن صفة الموظف العمومي قائمة بأحد المتهمين على األقل من‬
‫جملة المتهمين المحالين عليها ضمن قضية واحدة‪ "...‬والركن القانوني والركنين المادي والمعنوي‪.‬‬

‫فإذا كانت هذه هي الشروط واألركان التي يجب توفرها في الجريمة الجنائية المالية التي تنطبق‬
‫على المتصرفين في المال العام‪ ،‬فما هي أنواع هذه الجرائم التي تدخل في هذا اإلطار ؟ هذا ما سنحاول‬
‫اإلجابة والتطرق إليه في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الجرائم المالية الموجبة للمسؤولية الجنائية‬

‫لقد تطرق المشرع الجنائي إلى األنواع الموجبة للمسؤولية الجنائية في المجال المالي في المواد‬
‫من ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي‪ ،‬وهي على سبيل الحصر‪ ،‬ويتعلق األمر بجرائم االختالس والغدر‬
‫المنصوص عليها في الفصول من ‪ 241‬إلى ‪ 247‬ثم الرشوة واستغالل النفوذ المنصوص عليها في‬
‫وتعديله وكل هذه الجرائم‬ ‫‪705‬‬
‫الفصول من ‪ 248‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي المغربي كما تم تتميمه‬
‫يجب أن ترتبط بأفعال يرتكبها الموظف العمومي بمفهومه الواسع‪ ،‬وبالتالي تترتب عن هذه األفعال‬
‫المجرمة عقوبات وغرامات مالية‪ ،‬وسوف نتطرق إلى هذه الجرائم اتباعا‪.‬‬

‫‪ -I‬جريمتي االختالس والغدر ‪ :‬قد تختلط بعض المفاهيم وتتداخل فيما بينها خصوصا جرائم‬
‫‪Le‬‬ ‫المال العام كاالختالس والتبديد والغدر‪ ،‬وبالتالي سوف نقوم بتحديد مفهوم جريمة االختالس‬
‫‪ détournement de fonds‬ثم مفهوم جريمة الغدر ‪.La concussion‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم جريمة االختالس ‪ :‬فاالختالس لغة يفيد أخذ الشيء خلسة وخفية ويقصد به قانونا‬
‫أخذ األموال الموضوعة تحت يد الموظف –الجاني‪ -‬بنية تملكه؛ ويقصد بجريمة االختالس سرقة األموال‬
‫العمومية بدون وجه حق والتي تدخل في إطار جرائم اإلخالل بالثقة العامة التي يرتكبها الموظفون‬

‫عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون الجنائي ‪ ،".............................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.164 :‬‬ ‫‪703‬‬

‫حكم المحكمة الخاصة للعدل عدد ‪ 500‬في القضية ‪ 440‬بتاريخ ‪ ،1977/02/24‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ 127‬بتاريخ‬ ‫‪704‬‬

‫‪ ،1978/01/17‬ص ‪.228 :‬‬


‫القانون رقم ‪ 79.03‬المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬وبحذف المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5248‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر‬ ‫‪705‬‬

‫‪.2004‬‬

‫‪237‬‬
‫العموميون وغيرهم‪ .‬ويتحقق االختالس بكل عمل أو تصرف يؤشر أو ينبئ باتجاه نية الجاني إلى‬
‫االستيالء على الشيء بصفة نهائية‪،‬أو بقصد تملكه أو ألي سبب آخر كتمليكه للغير أو إتالفه أو‬
‫احتجازه بدون حق‪ ،‬كاإلبقاء عليه تحت تصرف الموظف عوض دفعه إلى أصحابه‪ .‬ويستوي أن تكون‬
‫هذه األموال أو غيرها كالسندات في ملكية الدولة أو الهيئات العامة التابعة لها‪ ،‬أو في ملكية الخواص‬
‫مادامت موضوعة رهن إشارة الموظف بحكم وظيفته أو بسببها‪ .‬فاآلمر بالصرف أو المحاسب العمومي قد‬
‫يقتطعان ألحد الدائنين للجهاز العمومي مبلغا من مستحقاته‪ ،‬أو جزءا منه‪ ،‬وبالتالي يكونان قد احتج از‬
‫شيئا غير مستحق لهما‪ ،‬الشيء الذي يعتبر في هذه الحالة اختالسا ولو تذرع أحدهم بأن االقتطاع يفرضه‬
‫القانون‪ ،‬ألنه ال يجب أن تتم المقاصة بين مستحقات الدائن والجزاءات والغرامات المستحقة عليه‪ ،‬فكل‬
‫عملية مالية لها قواعدها الخاصة بها‪.‬‬

‫إال أننا قد نصادف بعض اإلشكاليات الخاصة بحجز ما للمدين لدى المحاسبين العموميين‬
‫بحيث تطرح مهمة المحاسب العمومي بصفته محجو از لديه بعد صدور أمر بإيقاع الحجز‪ ،‬وحسب المادة‬
‫‪ 489‬من قانون المسطرة المدنية التي تؤكد على "أن الغير الذي تم الحجز بين يديه ملزم بالمحافظة على‬
‫الشيء المحجوز‪ ،‬وال يمكن له أن يتنازل عنه إلى غيره‪ ،‬أو يسلمه إياه‪ ،‬بحيث يكون كل وفاء يتم لفائدة‬
‫المدين المحجوز عليه الغيا وباطال"‪ .‬ففي هذه الحالة هل نكون أمام جريمة احتجاز شيء غير مستحق‬
‫وبالتالي اعتبار المحاسب العمومي مرتكبا لجريمة االختالس أو احتجاز مال الغير ؟‬

‫من قانون االلتزامات‬ ‫‪706‬‬


‫فلإلجابة عن هذه اإلشكالية البد من اإلشارة إلى أن المادة ‪275‬‬
‫والعقود تجيز للشخص الثالث المحجوز لديه‪ ،‬وهو المحاسب العمومي غالبا إذا ما اعترضته مشاكل من‬
‫جراء الحجز الموقع على األموال التي يحوزها‪ ،‬وتالفيا لهذه المشاكل يمكنه أن يتخلص من المبلغ‬
‫إذا ما تم االتفاق‬ ‫‪707‬‬
‫المحجوز عن طريق إيداعه بصندوق المحكمة‪ .‬كما قد يتم وضع حد لمفعول الحجز‬
‫‪708‬‬
‫حبيا بين طالب الحجز والمحجوز عليه‪ ،‬والمحجوز لديه‪ .‬إال أن القضاء المقارن وخصوصا المحاكم‬
‫المصرية‪ ،‬فقد قضت بأن تسليم األمين الشيء الذي كان في عهدته إلى الغير يعتبر بمثابة تصرف المالك‬
‫في ملكه‪ ،‬وبه تتحقق جريمة االختالس على اعتبار أن نية األمين يمكن أن تظهر بإضافة الشيء مباشرة‬
‫إلى ملكه أو بأن يحتفظ به لنفسه أو يستعمله في غير ما أعد له‪ ،‬فهذه الغاية والنية ال تتوفر في حالة‬
‫‪709‬‬
‫التي أشرنا إليها أعاله‪.‬‬ ‫حجز ما للمدين لدى المحاسب العمومي‬

‫ب‪ -‬مفهوم جريمة الغدر ‪ :‬لقد تطرق المشرع الجنائي المغربي إلى مفهوم جريمة الغدر من‬

‫تنص المادة ‪ 275‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن ‪" :‬للمدين أن يبرئ ذمته بإيداعه في مستودع األمانات التي تعينه محكمة مكان التنفيذ‪ ،‬وذلك عندما‬ ‫‪706‬‬

‫يكون الشيء صالحا لإليداع"‪.‬‬


‫أحمد جواهري ‪" :‬حجز ما للمدين لدى القباض الجماعيين ‪ .............................‬م‪.‬س‪ ،.‬ص ‪.194 :‬‬ ‫‪707‬‬

‫قضية عدد ‪ 1285‬بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪ ،1935‬منشورة بمجلة مسالك العدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.61 :‬‬ ‫‪708‬‬

‫للمزيد من التوسع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى مقال إبراهيم عقاش ‪" :‬حجز األموال العمومية ‪......‬م‪.‬س ص‪.62‬و ما بعدها‪.‬‬ ‫‪709‬‬

‫‪238‬‬
‫خالل الفصل ‪ 243‬من القانون الجنائي عندما اعتبر الشخص مرتكبا لجريمة الغدر كل قاض أو موظف‬
‫عمومي طلب أو تلقى أو فرض أو أمر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق‪ ،‬سواء‬
‫لإلدارة العامة أو لألفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه خاصة‪ .‬كما نجد نفس المعنى في المادة ‪ 33‬من‬
‫ظهير ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1972‬المتعلق بتعديل قانون المحكمة الخاصة للعدل الملغاة‪.‬‬

‫كما أن القاضي الجنائي في جرائم الغدر قد اعتبر لكي يتحقق هذا النوع من الجرائم توافر ثالثة‬
‫عناصر مجتمعة هي توفر صفة الموظف العمومي‪ ،‬ويمكن أن يكون آم ار بالصرف أو محاسبا عموميا أو‬
‫نائبا عنهما أو لحسابهما‪ ،‬وأن يكون الجرم أو ارتكاب الفعل المادي معاقبا عليه‪ ،‬ثم توفر القصد الجنائي‬
‫وهو النية اإلجرامية‪ ،‬فبدون هذه العناصر الثالثة مجتمعة تنتفي‪710‬جريمة الغدر‪.‬‬

‫فالغدر في مفهومه العام يعني الخيانة وعدم الوفاء فيما يخص أداء المهمة المكلف بها‬
‫الموظف العمومي أو غيره‪ ،‬أما مفهوم الغدر في التشريع المالي المغربي فيعني قيام الموظف العمومي‬
‫سواء كان آم ار بالصرف أو مراقبا أو محاسبا عموميا بفرض رسوم أو ضرائب أو أداءات أو تسليم‬
‫محصوالت مؤسسات الدولة بشكل مجاني لم يقررها القانون‪ ،‬كأن يطلب الموظف أو يتلقى من الملزم أو‬
‫المتعاقد مع اإلدارة أو المدين لها بدين مبلغا أكثر مما هو مدين به للجهاز العمومي‪ ،‬أو يفرض على‬
‫المدين أداء زيادا ت عن التأخير غير منصوص عليها قانونا‪ ،‬سواء كانت هذه الزيادات لفائدة اإلدارة التي‬
‫يعمل بها أو لألفراد الذين يحصل لحسابهم أو لنفسه وهو يعلم بعدم استحقاق هذه الزيادات‪.‬‬

‫فالغاية من تجريم الغدر وترتيب عقوبات عنه هو حماية حقوق األفراد والجماعات والحد من‬
‫إساءة استعمال السلطة والشطط فيها‪ ،‬وكذا زرع الثقة في نفوس المتعاملين مع اإلدارة‪ ،‬ورسم الحدود لدى‬
‫المسؤولين عن رعاية مصالح الدولة‪ .‬وال يفلح من يتصور أن الزيادة في فرض رسوم وضرائب أو غيرها‬
‫‪711‬‬
‫على الملزمين بدون أن يفرضها القانون بدافع الحرص على مصالح الدولة والرغبة في زيادة مواردها‪،‬‬
‫فمن شأن هذا العمل أن يخل بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وأمام تحمل األعباء العامة حسب ما‬
‫تنص عليه فصول دستور ‪ 2011‬وخصوصا الفصل ‪ 6‬المتعلق بالمساواة أمام القانون والفصل ‪36‬‬
‫المتعلق بحاالت تنازع المصالح والمخالفات ذات الطابع المالي وأشكال االنحراف واستعمال األموال‬
‫الموجودة تحت تصرف السلطات العمومية والزجر عن هذه المخالفات باإلضافة إلى الفصل ‪ 32‬الذي‬
‫ينص على تحمل التكاليف العمومية التي ينص عليها القانون كل على قدر استطاعته‪.‬‬

‫‪ -II‬جرائم الرشوة واستغالل النفوذ ‪ :‬لقد تطرقنا إلى مفهومي جريمة االختالس والغدر‪ ،‬أما في‬
‫هذه النقطة فسوف نتطرق إلى مفهوم جريمة الرشوة واستغالل النفوذ حيث تعتبر هذه الجرائم من الج ارئم‬
‫المخلة بالثقة العامة في مفهومها العام‪ ،‬وفي جوهرها تنطوي على استغالل الوظيفة من أجل تحقيق‬

‫أحمد أجوييد ‪" :‬جريمة رشوة الموظف في التشريع المغربي"‪................................... ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.37 :‬‬ ‫‪710‬‬

‫محمد صالح العادلي ‪" :‬الوجيز في شرح جرائم االعتداء ‪.......................... ................‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.192 :‬‬ ‫‪711‬‬

‫‪239‬‬
‫أغراض شخصية‪ ،‬ومن هنا جاءت فكرة منع الموظف العمومي من مزاولة نشاط حر يذر عليه مدخوال‬
‫إضافيا إال ما استثناه القانون‪ ،‬أما ما عدا ذلك فال يجوز بحال من األحوال للموظف أن يجمع بين وظيفته‬
‫وعمل آخر سواء أكان عمله هذا في القطاع العام أو في القطاع الخاص‪ ،‬والغاية من ذلك هي أن‬
‫الموظف ملزم بتكريس وقته لخدمة الصالح العام‪ ،‬ألن نشاطه األصلي قد يتضرر من مزاولة نشاط‬
‫‪712‬‬
‫ومن هنا جاء تجريم الرشوة والشطط والتزوير واستغالل النفوذ من خالل وظيفته‪.‬‬ ‫آخر‪.‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم جريمة الرشوة ‪ : La Corruption‬لقد اكتفى المشرع الجنائي المغربي‬


‫بالتنصيص على جريمة الرشوة ضمن المواد من ‪ 248‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي‪ ،‬ولم يتعمد إعطاء‬
‫تعريف أو مفهوم لجريمة الرشوة‪ ،‬وبالتالي فضل إعطاء مؤشرات يمكن اعتمادها العتبار جريمة الرشوة‬
‫قائمة كاالتجار والتعامل بواسطة الوظيفة التي يشغلها الموظف العمومي بمفهومه الواسع‪ ،‬بمعنى أنه يتخذ‬
‫من عمله الوظيفي وسيلة للحصول على كسب أو منفعة يمنعها ويجرمها القانون الجنائي‪ ،‬فهي في‬
‫جوهرها إثراء بال سبب على حساب أفراد المجتمع الذين يحتاجون إلى خدماته العمومية دون التزام بأداء‬
‫‪714‬‬ ‫‪713‬‬
‫جريمة الرشوة بأنها "اتجار الموظف العمومي بأعمال وظيفية واستغاللها‬ ‫وقد عرف الفقه‬ ‫المقابل‪.‬‬
‫للحصول على كسب غير مشروع على حساب أفراد يحتاجون إلى خدماته العمومية التي كلفه بها القانون‬
‫دون أن يترتب على أدائها دفع مقابل"‪.‬‬

‫وجريمة الرشوة كمثيالتها من الجرائم المالية أو غير المالية تتحدد في العناصر السابق ذكرها‬
‫وهي األركان األساسية للجريمة وهي ‪:‬‬

‫الصفة ‪ :‬حيث ربط المشرع الجنائي نشوء جريمة الرشوة بناء على تصرف صادر من الموظف العمومي‬
‫سواء كان آم ار بالصرف أو محاسبا عموميا أو غيره‪ ،‬فصفة الموظف العمومي عنصر الزم لقيام جريمة‬
‫الرشوة‪ ،‬وتتحقق بتكليفه بأداء وظيفة أو مهمة محددة لصالح الدولة أو إحدى الهيئات التابعة لها لتحقيق‬
‫النفع العام‪.‬‬

‫فالصفة واالخ تصاص الوظيفي هو ما يميز جريمة الرشوة عن جريمة استغالل النفوذ‪ ،‬بحيث إذا كانت‬
‫الخدمة المتقاضى عنها الرشوة خارجة عن اختصاص الموظف ال نكون أمام جريمة الرشوة بل أمام‬
‫‪715‬‬
‫جريمة استغالل النفوذ‪.‬‬

‫الركن المادي ‪ :‬يتحقق الركن المادي في جريمة الرشوة إذا ما طلب الموظف ماال أو هبة أو هدية أو‬
‫فوائد كمقابل عن خدماته الوظيفية‪ ،‬وذلك بغض النظر عن استجابة طالب الخدمة لطلب الموظف من‬

‫الحاج شكرة ‪" :‬الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النشر سليكي إخوان‪ ،2006 ،‬ص ‪.36 :‬‬ ‫‪712‬‬

‫حسن حمودة المهداوي ‪" :‬الموجز في جرائم الموظفين االقتصاديين"‪ ،‬المنشأة العامة للنشر والتوزيع‪ ،‬طرابلس‪ ،1989 ،‬ص ‪.179 :‬‬ ‫‪713‬‬

‫أحمد الخمليشي ‪" :‬القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مذكرات ‪ ،77-76‬الجزء األول نشر وتوزيع مكتبة المعاريف الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1985 ،‬ص ‪:‬‬ ‫‪714‬‬

‫‪.95‬‬
‫أحمد الخمليشي ‪" :‬الرشوة من جرائم اإلخالل بالثقة العامة‪ ،"..................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.20 :‬‬ ‫‪715‬‬

‫‪240‬‬
‫عدمه‪ ،‬فا ألمر سيان بين قبول صاحب الخدمة ورفضه‪ ،‬وسواء نفذ الموظف أمر طالب الخدمة أم لم‬
‫‪716‬‬
‫ينفذها‪.‬‬
‫‪717‬‬
‫وجريمة الرشوة نوعان‪ ،‬الرشوة اإليجابية والرشوة السلبية‪ ،‬وقد ميز الفقه بين هذين النوعين‪،‬‬

‫فاألولى تتحدد في العمل الذي يقوم بمقتضاه الموظف بطلب أو قبول عرض أو وعد بهيبة أو هدية أو‬
‫أية فائدة أخرى لمصلحته أو لفائدة غيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أجل القيام بعمل أو االمتناع‬
‫عن عمل‪ ،‬سواء كان يدخل ضمن وظيفته أو من الممكن أن تسهله هذه الوظيفة‪ ،‬أما الثانية والمتعلقة‬
‫بجريمة الرشوة السلبية‪ ،‬فتكمن في تقديم الغير وعدا أو عرضا أو هبة أو أية فائدة أخرى لكي يحصل على‬
‫المقابل للقيام بعمل أو االمتناع عنه أو الحصول على أية مزية أو فائدة أخرى‪.‬‬

‫الركن المعنوي‪ :‬يتضمن التعريف الشامل لكل جريمة حسب المشرع الجنائي صراحة أو على سبيل‬
‫االستدالل إشارة إلى الركن المعنوي‪ ،‬فإذا تخلف العنصر المعنوي في أي سلوك لتشكيل الجريمة في أية‬
‫قضية كانت‪ ،‬فإن الجريمة بهذا الوصف ال تكون قائمة وواضحة المعالم‪ ،‬فإذا تم تعريف الجريمة بشكل‬
‫‪718‬‬
‫فال يمكن تجريم‬ ‫شامل‪ ،‬فأي شيء أو نية ال ترقى إلى تلك الجريمة ما لم يحتويها ذلك التعريف‪،‬‬
‫شخص ما لم يمكن تجريم قصده‪ .‬فالبد من توافر القصد الجنائي لدى الموظف لقيام جريمة الرشوة وهذا‬
‫‪719‬‬
‫القصد يتحدد في اتجاه إرادة الجاني كاالتجار في أعمال الوظيفة‪ ،‬مع علمه بحقيقة نشاطه اإلجرامي‪،‬‬
‫فالقصد الجنائي يقوم على عنصري العلم واإلرادة‪ ،‬فجريمة الرشوة ال تقوم إال بعلم الموظف أن ما طلبه أو‬
‫قبله أو تسلمه ليس إال ثمنا ومقابال لعمله الوظيفي الذي ال يؤخذ عنه مقابال ماديا وال يفرضه القانون‪.‬‬

‫وهكذا يتبين أن جريمة الرشوة‪ ،‬تعتبر من جرائم اإلخالل بالثقة العامة التي يضعها القانون في‬
‫شخص الموظف العمومي‪ ،‬بحيث تنحرف بسلوك هذا األخير‪ ،‬فتجعله يخل بواجباته ويتحيز في أدائها أو‬
‫على األقل ال يؤديها إال بمقابل‪ ،‬والشك أن هذا التصرف الصادر من المكلفين أو المتصرفين في الشأن‬
‫العام والخدمات العامة يقضي على ثقة األفراد باألجهزة اإلدارية ومرافقها العمومية‪ ،‬ويزعزع اطمئنانهم‬
‫للوصول إلى حقوقهم ونيل الخدمات التي يكفلها لهم القانون‪ ،‬ويمكن إدخال رؤساء المجالس الجماعية‬
‫والمديرون العامون للمؤسسات العمومية في هذا اإلطار‪ ،‬نظ ار للفساد والرشوة المستشرية في هذه المرافق‪،‬‬
‫‪720‬‬
‫شخصا خالل األربع سنوات‬ ‫حيث وصل عدد المتابعين في قضايا الرشوة والفساد إلى ‪29.340‬‬

‫أحمد أجوييد ‪" :‬جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع الجنائي المغربي‪ ،"................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.128 :‬‬ ‫‪716‬‬

‫مبارك سعيد بن القائد ‪" :‬القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مطبعة بابل‪ ،‬الرباط‪ ،1999 ،‬ص ‪.98 :‬‬ ‫‪717‬‬

‫صفية محمود صفوت ‪" :‬القصد الجنائي والمسؤولية المطلقة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ترجمة عبد العزيز صفوت‪ ،‬مراجعة هنري رياض‪ ،‬دار زيدان‪،‬‬ ‫‪718‬‬

‫بيروت‪ ،‬بدون سنة اإلصدار‪ ،‬ص ‪.79 :‬‬


‫إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي‪ ،"............................... ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.40 :‬‬ ‫‪719‬‬

‫يمكن الرجوع إلى بوابة الموقع اإللكتروني الذي وضعته حكومة عباس الفاسي ‪" :‬محاربة الفساد"‪ ،‬على الرابط التالي ‪:‬‬ ‫‪720‬‬

‫‪http://www.makassib.ma/ar/acquis-citoyens.‬‬

‫‪241‬‬
‫األخيرة من سنة ‪ 2008‬إلى ‪ 2011‬بمعدل سنوي يتجاوز ‪ 7000‬شخص‪ ،‬كما تم توقيف وعزل ‪ 50‬رئيس‬
‫جماعة ونوابهم ومنتخبين‪ ،‬وتحريك الدعوى القضائية ضد ‪ 22‬منهم بسبب خروقات وتجاوزات في التسيير‬
‫‪721‬‬
‫‪ 38‬منها ذات طابع‬ ‫المالي ومجال التعمير‪ .‬كما تم تحريك متابعات قضائية بخصوص ‪ 182‬قضية‪،‬‬
‫جنائي‪ ،‬بناء على التقارير السنوية للمجلس األعلى للحسابات حول افتحاص التدبير المالي لإلدارات‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية‪.‬‬

‫ب‪ -‬مفهوم جريمة استغالل النفوذ ‪ : Le Trafic d’influence‬ويقصد بها أن يكون للشخص نوع‬
‫من التقدير لدى بعض رجاالت السلطة الذين بيدهم تحقيق مصلحة ذات شأن‪ ،‬مما يمكن له من حملهم‬
‫على قضائها‪ ،‬وقد يكون ذلك راجعا إلى مركزه العام في المجتمع‪ ،‬وقد يكون بسبب حقوق خاصة تربطه‬
‫‪722‬‬
‫ويتعين لقيام جريمة استغالل النفوذ أن‬ ‫ببعض رجال السلطة كالقرابة أو الصداقة أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫يسعى الجاني بنفوذه سواء لدى رجال السلطة العمومية أو بسبب وظيفته أو جاهه‪ ،‬إلى استمالة جهاز‬
‫السلطة العمومية أو إدارة أو مؤسسة عامة تحت إشرافها‪ ،‬وال يشترط في الجاني أن يكون موظفا بعكس‬
‫جريمة الرشوة‪ .‬إال أن جريمتي استغالل النفوذ والرشوة تجتمعان في الركن المادي وهو الهدف أو‬
‫من القانون الجنائي المغربي "كل‬ ‫‪724‬‬
‫ويعد مرتكبا لجريمة استغالل النفوذ حسب الفصل ‪250‬‬ ‫‪723‬‬
‫الغاية‪.‬‬
‫موظف عمومي الذي استغل نفوذه الحقيقي أو المفترض فطلب أو قبل عرضا أو وعدا أو تسلم هبة أو‬
‫هدية أو أية فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه من الحصول على وسام أو نيشان أو‬
‫رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية أو صفقة‬
‫أو مشروع أو أي ربح ناتج عن اتفاق بعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها؛‬
‫وبصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو اإلدارة‪ ،‬مستغال بذلك نفوذه الحقيقي أو‬
‫المفترض"‪ .‬فجريمة استغالل النفوذ تقع بمجرد الموافقة واالستجابة‪ ،‬وال يشترط أن تكون قد تمت أو تم‬
‫‪725‬‬
‫أو غير الموظف‪ ،‬والشك أن المشرع هدف من وراء ذلك‬ ‫البدء في تنفيذها‪ ،‬وقد ترتكب من الموظف‬
‫‪726‬‬
‫ومن أركان جريمة استغالل يعد مجرد "الطلب" أو‬ ‫الحد من استغالل الموظف لوظيفته أو المتاجرة بها‪.‬‬
‫‪727‬‬
‫على اعتبار مجرد‬ ‫الوعد ركنا ماديا لجرائم الرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬وقد دأب قضاء المجلس األعلى‬

‫كمثال على ذلك أنظر قرار وزير الداخلية رقم ‪ 882-08‬صادر في ‪ 6‬ماي ‪ 2008‬يقضي بتوقيف النائب السادس لرئيس مجلس جماعة سوق‬
‫السبت أوالد النمة بإقليم بني مالل منشور بـ ج‪.‬ر عدد ‪ 5633‬بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪.2008‬‬
‫المصدر ‪ :‬متابعات قضائية وق اررات تأديبية منشورة على موقع مكاسب على الرابط التالي ‪:‬‬ ‫‪721‬‬

‫‪http://www.makassib.ma/ar/acquis-citoyens.‬‬
‫عزت حسنين ‪" :‬الجرائم الماسة بالنزاهة بين الشريعة والقانون"‪ ،‬مطبعة الهيئة المصرية للكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،1987 ،‬ص ‪.63 :‬‬ ‫‪722‬‬

‫خالد بنيس ومحمد عباس السقاط ‪" :‬قانون المحكمة الخاصة للعدل"‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،1999 ،‬ص ‪.103 :‬‬ ‫‪723‬‬

‫نفس التعريف جاءت به المادة ‪ 36‬من قانون المحكمة الخاصة للعدل الملغاة بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪.2004‬‬ ‫‪724‬‬

‫محمد الطاهر العلوي الودغيري ‪" :‬مجال تطبيق قانون المحكمة الخاصة للعدل"‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،27‬سنة ‪ ،1993‬ص‪.89:‬‬ ‫‪725‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ونفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪726‬‬

‫حكم المجلس األعلى عدد ‪ 39‬القضية عدد ‪ 65419‬بتاريخ ‪ 1‬يناير ‪ ، 1979‬مجلة األمن الوطني‪ ،‬جريمة الغدر‪ ،‬ذكره أحمد الخمليشي ‪" :‬الرشوة‬ ‫‪727‬‬

‫من جرائم‪ ،"............................ .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.19 :‬‬

‫‪242‬‬
‫الوعد رشوة واستغالال للنفوذ‪.‬‬

‫فكال من جرائم االختالس‪ ،‬الغدر‪ ،‬الرشوة واستغالل النفوذ ال تتحقق إال بتحقق القصد الجنائي‬
‫الذي يعتبر ركنا معنويا في كل هذه الجرائم‪ ،‬إذ البد من إرادة حرة نابعة من الموظف المتهم بإحدى هذه‬
‫وهذا صعب اإلثبات وبالتالي يتعثر إلحاق الجزاء بالمتهم‪.‬و إذا ما‬ ‫‪728‬‬
‫الجرائم دون إجبار من أي كان‪،‬‬
‫تحققت هذه األركان ‪،‬فماهي طبيعة الجزاء العقابي عن ذلك؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الجزاء التأديبي المترتب عن جرائم المال العام‬


‫‪729‬‬
‫من المرسوم الملكي الصادر‬ ‫لقد حدد المشرع المغربي عناصر المسؤولية الجنائية في الفصل ‪16‬‬
‫بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من آثار ناتجة عن المخالفات‬
‫ذات الطابع الجنائي‪ ،‬وهي غالبا ما تنشأ إما نتيجة لتجاوز المتدخلين في تدبير المال العام الختصاصاتهم‬
‫اإلدارية والمالية كتحصيل مداخيل غير مرخصة‪ ،‬أو إقرار إعفاءات جبائية بدون نص قانوني أو محاولة‬
‫الحصول على منافع شخصية وهو ما نصت عليه فصول القانون الجنائي في هذا المجال خصوصا‬
‫الفصول من ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي‪ ،‬وبالتالي رتب المشرع جزاءات لها طبيعة خاصة (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬وعقوبات عن هذه المخالفات وهي عبارة عن غرامات أو عقوبات حبسية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬طبيعة الجزاءات في مجال المسؤولية الجنائية المالية‬


‫‪730‬‬
‫محاكم استئناف بالمملكة‬ ‫مع اقتراب الشروع بالعمل بأقسام الجرائم المالية المحدثة في أربع‬
‫سوف يتبين طريقة عمل هذه األقسام‪ ،‬ومدى قدرتها على معالجة جرائم المال العام المنصوص عليها في‬
‫الفصول ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي ال يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها‬
‫كالتزوير والشطط وغسل األموال وغيرها‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته أن طبيعة المخالفات المنشئة للمسؤولية المالية المترتبة عن الجرائم‬
‫المنصوص عليها في فصول القانون الجنائي المذكورة أعاله‪ ،‬والجرائم الناشئة عن المخالفات المالية أمام‬
‫المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬هي ذات طبيعة مزدوجة وعمل‬
‫‪731‬‬
‫الباحثين المتخصصين في ميدان الرقابة والتدقيق المالي‬ ‫مكرر للقضاء المالي الجنائي حسب رأي أحد‬

‫عبد الحق دهبي‪ ،‬الطاهر كركري ‪" :‬جرائم المال العام‪ ،‬رصد ألهم المحطات من المحكمة الخاصة للعدل إلى غرف الجنايات"‪ ،‬إديسوفت للنشر‪،‬‬ ‫‪728‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬يوليوز ‪ ،2005‬ص ‪.118 :‬‬


‫ينص الفصل ‪ 16‬من المرسوم الملكي الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم للمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يعتبر محاسبا بحكم القانون كل‬ ‫‪729‬‬

‫شخص يقوم دون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬ويتصرف في قيم تهم هيئة عمومية بغض النظر عن المقتضيات الجنائية المعمول‬
‫بها‪"....‬‬
‫وتجري على الشخص المعتبر محاسبا بحكم الواقع نفس االلتزامات والمراقبات الجارية على محاسب عمومي‪ ،‬ويتحمل نفس المسؤوليات"‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.11.445‬صادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2011‬بتحديد عدد محاكم االستئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪730‬‬

‫عدد ‪ 5995‬بتاريخ ‪ 14‬نونبر ‪.2011‬‬


‫محمد ب ارو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم‪ ،"............................................. ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.238 :‬‬ ‫‪731‬‬

‫‪243‬‬
‫والمحاسبة‪ .‬وبالتالي ينشأ تقاطع بين المسؤولية في ميدان التأديب المالي الخاص بالمحاكم المالية‪،‬‬
‫والمسؤولية الجنائية الخاصة بأقسام الجرائم المالية المحدثة بمحاكم االستئناف األربع‪ ،‬فكل من ظهير ‪3‬‬
‫أبريل ‪ 2002‬المنظم لمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬وظهير ‪ 13‬يونيو‬
‫‪ 2002‬المنظم للمحاكم المالية‪ ،‬قد حددا نوعية الجزاءات وطبيعتها المتربة عن ارتكاب المخالفات المالية‪،‬‬
‫وقد نص عليها المشرع في المادة ‪ 66‬من ظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬وهي غرامات مالية ال يمكن أن تقل‬
‫عن ألف درهم عن كل مخالفة‪ ،‬ودون تجاوز الراتب الصافي السنوي للمخالف بالنسبة لكل مخالفة‪ ،‬على‬
‫أن مبلغ الغرامات ال يمكن أن يتعدى أربع مرات الراتب الصافي للمخالف‪ ،‬أما بالنسبة لقانون ‪61-99‬‬
‫الصادر بالظهير الشريف رقم ‪ 1.02.25‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬فلم يحدد طبيعة الجزاءات وال الغرامات‬
‫المترتبة عن مخالفة اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬بل فقط أشار إلى تعرض هؤالء‬
‫‪732‬‬
‫بصرف النظر عن العقوبات التي يمكن أن يصدرها المجلس‬ ‫للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية‬
‫األعلى أو المجالس الجهوية للحسابات في حقهم‪.‬‬

‫وبالتالي فأغلب مخالفات قواعد االنضباط المالي والمحاسبي تتقاطع مع جرائم االختالس والغدر‬
‫واستغالل النفوذ والرشوة المنصوص عليها في الفصول ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي المغربي‪،‬‬
‫وأغلب هذه التقاطعات تنم على مستوى الطابع الشخصي للمسؤولية الجنائية في مجال طبيعة هذه‬
‫المخالفات‪ .‬فالمسؤولية الجنائية ال تطال إال الذي ارتكب إحدى األفعال أو الوقائع التي حددها المشرع‬
‫على سبيل الحصر طبقا للقاعدة الجنائية التي تقوم على ‪" :‬ال جريمة وال عقوبة وال متابعة وال إدانة إال‬
‫وقد أشار المشرع الجنائي‬ ‫‪733‬‬
‫بنص القانون"‪ .‬فالعقوبة الجنائية ال يمكن أن توقع إال على الفاعل الحقيقي‪،‬‬
‫إلى ذلك في الفصلين ‪ 132‬و‪ 133‬اللذين ينصان على شخصية المسؤولية الجنائية‪ ،‬إال أنه أورد استثناء‬
‫على القاعدة في المادة ‪ 131‬من القانون الجنائي التي تنص على أنه ‪" :‬من حمل شخصا غير معاقب‪،‬‬
‫بسبب ظروفه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة‪ ،‬فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا‬
‫الشخص"‪ .‬وبذلك يكون المشرع الجنائي قد فسح المجال لمساءلة األشخاص جنائيا عن أفعال يرتكبها‬
‫‪734‬‬
‫الغير‪.‬‬

‫إال أن هذا االستثناء ال يمكن أن ينطبق على المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية والتي ال‬
‫يتحمل فيها اآلمرون بالصرف أو المحاسبون العموميون المسؤولية بخصوص الجرائم الجنائية التي‬
‫من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬التي أقرت صراحة‬ ‫‪735‬‬
‫يرتكبها الموظفون التابعون لهم بصريح منطوق المادة ‪7‬‬

‫الفقرة الثانية من المادة األولى من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪732‬‬

‫عبد الواحد العلمي ‪" :‬المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1993 ،‬ص‪.18:‬‬ ‫‪733‬‬

‫عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون‪ ،"..................................................... .‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.188 :‬‬ ‫‪734‬‬

‫تنص المادة السابعة من قانون ‪ 61-99‬على أنه ‪" :‬كل موظف أو عون يوجد تحت إمرة آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي أو يعمل‬ ‫‪735‬‬

‫لحساب أحدهم‪ ،‬يمكن أن يعتبر مسؤوال بصفة شخصية محل اآلمر بالصرف أو المراقب أو المحاسب العمومي إذا ثبت أن الخطأ المرتكب منسوب‬
‫إلى الموظف أو العون المذكور"‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫المسؤولية الشخصية للموظفين التابعين سواء لآلمرين بالصرف أو التابعين للمحاسبين العموميين‪ ،‬وبالتالي‬
‫يسألون بصفتهم الشخصية عن أفعالهم الجرمية ولو تواجدوا تحت إمرة هؤالء‪ ،‬خصوصا إذا ما تصرفوا‬
‫بمحض إرادتهم الشخصية‪ .‬أما إذا تمت هذه الجرائم تنفيذا ألوامر صادرة عن الرؤساء فإنهم يسألون عنهما‬
‫من القانون الجنائي‬ ‫‪736‬‬
‫بصفة شخصية ويعفى الموظف التابع من العقاب حسب المادتين ‪ 225‬و‪258‬‬
‫المغربي‪ .‬وقد سارت مدونة المحاكم المالية الصادرة بظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬على نفس المنوال عندما‬
‫نصت في المادة ‪ 53‬على أنه إذا أدلى مرتكبو المخالفات المشار إليها في المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬بأمر‬
‫كتابي صادر قبل ارتكاب المخالفة عن رئيسهم التسلسلي أو عن أي شخص آخر مؤهل إلصدار هذا‬
‫األمر‪ ،‬تنتقل المسؤولية إلى من أصدر األمر الكتابي‪ .‬إال أن األسبقية تكون للدعوى الجنائية إذا ما تم‬
‫عدة بالموازاة مع تحريك‬ ‫‪737‬‬
‫تحريكها قبل الدعوى العمومية في مادة التأديب المالي وتخص مجاالت‬
‫الدعوى التأديبية والدعوى الجنائية‪738.‬وبعد تحريكها باألولوية تترتب عن ذلك عقوبات معينة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العقوبات المترتبة عن جرائم المال العام‬


‫إن طبيعة المخالفات التي ترتب المسؤولية المالية قد تطرقت إليها مواد نص عليها القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬والتي ترتب عقوبات تطال مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الفصول ‪ 241‬إلى ‪ 256‬بعدما‬
‫تعرضت إلى مجموعة من التعديالت نظ ار لتحولها من نصوص المحكمة الخاصة للعدل التي ألغيت سنة‬
‫‪ ،2004‬وحلت محلها أقسام للجرائم المالية بمحاكم االستئناف بكل من الرباط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬فاس‬
‫ومراكش‪.‬‬

‫فإحداث هذه األقسام المتخصصة بالنظر في جرائم األموال قد يكون له صدى لدى القضاء‬
‫والمتقاضين‪ ،‬بحيث ال زالت المبالغ المحكوم باسترجاعها بسبب هذه الجرائم متعثرة منذ إلغاء محكمة‬
‫العدل الخاصة‪ .‬أما اليوم وفي ظل ربط السلطة بالمحاسبة أصبح بإمكان القضاء الجنائي أو غيره أن‬
‫يضرب بقوة على أيدي المتالعبين بالمال العام وخصوصا في مجال التبديد واالختالس والغدر والرشوة‬

‫لقد نصت المادة ‪ 225‬من القانون الجنائي المغربي في فقرتها الثانية على أنه ‪" :‬لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في‬ ‫‪736‬‬

‫مادة تدخل في نطاق اختصاصهم ويوجب عليه طاعتهم‪ ،‬فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب‪ ،‬وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي‬
‫أصدر األمر وحده‪ ،"...‬أما المادة ‪ 258‬من نفس القانون فقد نصت على أنه ‪" :‬إذا أثبت القاضي أو الموظف العمومي أنه تصرف بناء على أمر‬
‫من رؤسائه في نطاق اختصاصاتهم التي يجب عليه طاعتهم فيها فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب‪ ،‬وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس‬
‫الذي أصدر األمر وحده"‪.‬‬
‫يمكن اإلشارة بهذا الخصوص ‪" :‬األمر باستخالص أموال غير مشروعة أو تتجاوز ما هو مشروع ‪:‬‬ ‫‪737‬‬

‫‪ -‬التسيير الخفي للمال العام‪.‬‬


‫‪ -‬إصدار مستندات مزورة أو اإلشهاد بصحتها‪.‬‬
‫‪ -‬الحصول بصفة غير شرعية على مصالح في مؤسسة متعاملة مع المرفق العام‪.‬‬
‫‪ -‬تحويل االمتياز في ميدان الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬تحويل المال العام للفائدة الشخصية أو للغير‪.‬‬
‫المادة ‪ 111‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪738‬‬

‫‪245‬‬
‫واستغالل النفوذ‪ ،‬ليكسب القضاء هيبته ويساهم في محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة‪ ،‬والمساهمة في‬
‫تقوية ثقة المستثمر في القضاء المغربي وبالتالي المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬فإصالح‬
‫القضاء أصبح اليوم من أولويات المشرع و الفاعلين و المجتمع المدني والهيئات ألنه أساس كل نهضة‬
‫وتقدم‪.‬‬

‫ونفس الشيء قام به المشرع الجنائي الفرنسي‪ ،‬بحيث جاءت المقتضيات القانونية الجديدة المتعلقة‬
‫‪739‬‬
‫‪ 1994‬والتي تضمنت العديد من‬ ‫بالمدونة الجنائية التي دخلت حيز التطبيق في فاتح مارس‬
‫المقتضيات التي تطبق في عمليات الغش التي ترتكب في مجال تدبير الميزانية العامة بفرنسا‪ ،‬إما نتيجة‬
‫عمليات مباشرة كاالختالس أو اإلهمال الذي يؤدي أو يسهل للغير عملية االختالس‪ .‬وقد عدلت المدونة‬
‫الجنائية الفرنسية مقياس عملية االختالس ليس بالنسبة للمحاسبين العموميين فقط أو من في حكمهم‪ ،‬بل‬
‫كل شخص يمثل السلطة العامة كاآلمرين بالصرف أو كل مكلف بمهمة المرفق العام‪ ،‬وذلك حسب ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 15-432‬من المدونة الجنائية الفرنسية التي حلت محل المواد من ‪ 169‬إلى ‪ 173‬من‬
‫وفي نفس الوقت فالتطور التشريعي بالنسبة لجرائم اختالس األموال العمومية‬ ‫‪740‬‬
‫القانون القديم الملغى‪.‬‬
‫والمتابعة والجزاء ال يحتاج إلى تحديد وتأكيد من طرف قاضي الحسابات‪ ،‬فالمادة ‪ 15-432‬أصبحت‬
‫‪741‬‬
‫من المدونة القديمة‬ ‫تعاقب الجاني بالحبس ‪ 10‬سنوات وبغرامة ‪ 150‬ألف أورو بينما كانت المادة ‪169‬‬
‫تعاقب فقط بالحبس من ‪ 10‬إلى ‪ 20‬سنة بدون غرامة‪.‬‬

‫أما المشرع الجنائي المغربي‪ ،‬وبعد حذف المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬فقد أدخل عدة تغييرات على فصول‬
‫القانون الجنائي التي يترتب عنها جرائم المال العام وهي التي جاءت في الفصول ‪ 241‬التي تعاقب‬
‫الجاني بالسجن من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 20‬سنة وبغرامة من ‪ 5000.00‬درهم إلى ‪ 100.000,00‬درهم‪ ،‬وإذا‬
‫كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل عن ‪ 100‬ألف درهم‪ ،‬فإن الجاني يعاقب‬
‫بالحبس من سنتين إلى ‪ 5‬سنوات وبغرامة من ‪ 2.000,00‬درهم إلى ‪ 50‬ألف درهم‪ ،‬وبذلك يكون المشرع‬
‫‪742‬‬
‫وذلك‬ ‫المغربي قد شدد العقوبة رغبة منه في مكافحة االختالسات والمحافظة على المال العام‪،‬‬
‫بتنصيصه على العقوبة باإلضافة إلى الغرامة‪ ،‬إال أن التنفيذ يبقى المشكلة الكبيرة في استرجاع المال‬
‫العام‪ ،‬بالرغم من أن المادة ‪ 247‬من القانون الجنائي تعطي للقضاء الحق بمصادرة األموال والقيم المنقولة‬
‫والممتلكات والعائدات لفائدة خزينة الدولة إما كليا أو جزئيا‪ ،‬من أي شخص كان وأيا كان المستفيد منها‪،‬‬

‫‪739‬‬
‫‪Loi N°93-913 du 19 Juillet 1993 reportant l’entrée en vigeur du nouveau code pénal, JORF N°165 du 20‬‬
‫‪juillet 1993 et la fixant au 1er mars 1994.‬‬
‫‪740‬‬
‫‪J.Claude MORIN : Gestion publique, ……….......................................…..op cit, p : 122.‬‬
‫‪741‬‬
‫‪L’article 169 du code pénal français de 1810 déclare que : "Tout percepteur, tout commis à une perception,‬‬
‫‪dépositaire ou comptable public, qui aura détourné ou soustrait des deniers publics ou privés, ou effets actifs en‬‬
‫‪tenant lieu, ou des pièces, titres, actes, effets mobiliers qui étaient entre ses mains en vertu de ses fonctions, sera‬‬
‫‪puni des travaux forcés à temps, si les choses détournées ou soustraites sont d’une valeur ou dessus de Trois‬‬
‫‪mille Francs".‬‬
‫عبد الحق دهبي‪ ،‬الطاهر كركري ‪" :‬جرائم المال العام‪ ،".......................................... ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.34 :‬‬ ‫‪742‬‬

‫‪246‬‬
‫إال أن الواقع غير ذلك حيث نجد قضايا حكمت فيها المحاكم الجنائية على مستوى العقوبات الحبسية في‬
‫حين أن األموال المختلسة مازالت عالقة أو متعثرة بسبب غموض في مساطر التنفيذ بعد إلغاء المحكمة‬
‫الخاصة للعدل سنة ‪.2004‬‬

‫وفيما يخص جريمة الغدر والتي يمكن أن تشمل جميع الممارسين للسلطة العامة والذين‬
‫يمنحون بصورة من الصور‪ ،‬وألي سبب من األسباب دون إذن وارد في النص التشريعي أو التنظيمي‬
‫إعفاءات أو تخفيضات من الرسوم والضرائب العامة أو يقدمون مجانا منتجات أو خدمات صادرة عن‬
‫مؤسسات الدولة‪ ،‬فقد رفع المشرع الجنائي مبلغ الغرامة من ‪ 250‬درهما إلى ‪ 10‬آالف درهم‪.‬‬

‫أما بالنسبة لجريمة الرشوة فإن العقوبة المقررة لتلك الجناية تطبق على مرتكب جريمة الرشوة‬
‫ومن سلم الرشوة‪ ،‬إال أنه ونظ ار لصعوبة إثبات جريمة الرشوة بعد تجريم الراشي والمرتشي‪ ،‬فقد تراجع‬
‫‪743‬‬
‫المبلغين والشهود عن المرتشين وحمايتهم بحيث‬ ‫المشرع المغربي عن ثنائية عقوبة الرشوة لتشجيع‬
‫متعهم المشرع بعذر معف من العقاب بعد تبليغ السلطات العمومية بحسن نية عن إحدى الجرائم التي‬
‫يعاقب عليها القانون الجنائي ومنها جريمة الرشوة‪ ،‬وقد بلغت الغرامة التي قد يحكم بها على الموظف‬
‫المتهم بهذه الجريمة من ‪ 2000‬درهم إلى ‪ 50‬ألف درهم‪ .‬وإذا كان مبلغ الرشوة يفوق ‪ 100‬ألف درهم‬
‫‪744‬‬
‫تكون العقوبة السجن من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات‪ ،‬والغرامة من ‪ 5‬آالف درهم إلى ‪ 100‬ألف درهم‪.‬‬
‫أما بالنسبة لجريمة استغالل النفوذ‪ ،‬فالعقاب المترتب عنها هو الحبس من سنتين إلى خمس سنوات‪،‬‬
‫وبغرامة من ‪ 5‬آالف درهم إلى ‪ 100‬ألف درهم‪ ،‬وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متوليا مرك از‬
‫‪745‬‬
‫نيابيا‪ ،‬فإن العقوبة ترفع إلى الضعف‪.‬‬

‫فالمالحظة األساسية من خالل هذه العقوبات و الغرامات هي أن المشرع جعل من قيمة‬


‫األموال التي تقع عليها هذه الجرائم وصفة المجرم المعيار المميز الذي يتحدد على أساسه االختصاص‬
‫النوعي بين المحاكم‪ ،‬فالجرائم التي تقل فيها قيمة األموال أو المنافع أو الم ازيا المحصل عليها عن ‪25‬‬
‫ألف درهم يرجع اختصاص النظر فيها إلى المحاكم العادية‪ ،‬في حين أن الجرائم التي تساوي أو تتجاوز‬
‫قيمة األموال فيها الحد المذكور تدخل ضمن اختصاص أقسام الجرائم المالية بمحاكم االستئناف المحدثة‬
‫بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪.2011‬‬

‫أنظر الباب الثالث‪ ،‬المادة ‪ 9-82‬المتعلقة بتعديل القانون الجنائي فيما يخص حماية المبلغين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5988‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪.2011‬‬ ‫‪743‬‬

‫الفصل ‪ 248‬من القانون الجنائي المغربي المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪.79.03‬‬ ‫‪744‬‬

‫الفصل ‪ 250‬من نفس القانون القانون ‪.‬‬ ‫‪745‬‬

‫‪247‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‪:‬‬
‫يعتبر مجال تطبيق المسؤولية المالية على الفاعلين والمتصرفين في المال العام واسع‬
‫ومتشعب‪ ،‬وهكذا يخضع للمساءلة المالية أمام المحاكم المالية باإلضافة إلى اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين باعتبارهم الفاعلين األساسيين في تنفيذ الميزانية‪ ،‬كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد األجهزة‬
‫الخاضعة لرقابة المحاكم المالية‪ ،‬والذي يرتكب إحدى المخالفات التي يعاقب عليها القضاء المالي‪،‬‬
‫باستثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه‬
‫الصفة حسب المادة ‪ 53‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي تارة جعل المسؤولية المالية مشتركة‪ ،‬وتارة جعلها منفردة بين اآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين وتابعيهم‪ ،‬كما جعل مبدأ فصل سلطات هؤالء مبدأ أساسيا لكي يتحمل‬
‫كل مسؤول عن تنفيذ جزء من الميزانية مسؤولية تصرفاته وصالحياته القانونية‪.‬‬

‫إال أن المشرع لم يجعل هذا المبدأ عاما ومطلقا‪ ،‬بل وردت عليه استثناءات وردت في المادة‬
‫الرابعة من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬وهكذا جعل المشرع المسؤولية‬
‫السياسية يتحملها اآلمرون بالصرف الرئيسيون كالوزراء ورؤساء الجماعات الترابية المنتخبون‪ ،‬بصفتهم‬
‫سياسيون بالدرجة األولى وإداريون بالدرجة الثانية‪ ،‬فيسألون عن الهفوات واألخطاء الواردة في مجال‬
‫تدبيرهم للميزانية أمام البرلمان بالنسبة ألعضاء الحكومة‪ ،‬وأمام المجالس التداولية بالنسبة لرؤساء‬
‫الجماعات الترابية المنتخبين‪.‬‬

‫فالمشرع اخترع آليات سياسية لمراقبة تدبير اآلمرين بالصرف الرئيسيين للميزانية من خالل‬
‫ملتمس الرقابة‪ ،‬وسحب الثقة واألسئلة الكتابية والشفوية‪ ،‬ولجن تقصي الحقائق والتصويت على الميزانية‪،‬‬
‫والتصويت على حساب التصفية‪ ،‬وبالنسبة لآلمرين بالصرف الجماعيين اخترع آلية التصويت والمصادقة‬
‫على الميزانية المحلية والحساب اإلداري من خالل التصويت السلبي‪ ،‬وكذا المسؤولية أمام سلطات‬
‫الوصاية منها الوصاية على األعمال والوصاية على األشخاص‪.‬‬

‫أما فيما يخص المحاسبين العموميين فمسؤوليتهم عن تنفيذ الميزانية متعددة الجوانب‪ ،‬فهي‬
‫مسؤولية شخصية ومالية وجنائية تثار عن أفعالهم الشخصية فيما يخص المداخيل والنفقات‪ ،‬كما قد تثار‬
‫عن أفعال الغير من خالل أتباعهم ومرؤوسيهم في إطار المسؤولية المشتركة‪ ،‬ومسؤولية التابع عن أفعال‬
‫المتبوع‪ ،‬وعن عمليات المحاسب الفعلي‪.‬‬

‫وهذه المسؤولية سواء المترتبة عن اآلمرين بالصرف أو المحاسبين العموميين تنشأ عنها‬
‫جزاءات وعقوبات نتيجة ارتكاب المخالفات المالية التي نص عليها المشرع في كل القوانين واألنظمة‬
‫المنظمة للمسؤولية‪ .‬ومنها ما نص عليها في التشريع المدني كقانون االلتزامات والعقود من خالل الفصلين‬
‫‪ 79‬و‪ ،80‬وما نص عليها في التشريع اإلداري من خالل قانون الوظيفة العمومية والتشريعات الموازية‪ .‬أو‬

‫‪248‬‬
‫ما نص عليه في التشريع الجنائي من خالل الفصول المجرمة ألفعال االختالس‪ ،‬والغدر والرشوة‬
‫واستغالل النفوذ التي نصها في الفصول من ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي‪.‬‬

‫أو من خالل ما نصت عليه المحاكم المالية من خالل قانون ‪ 62-99‬أو قانون ‪61-99‬‬
‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫فجميع هذه القوانين والتشريعات جاء بها المشرع لتحصين المال العام من كل تالعب أو عبث‪،‬‬
‫حفاظا على هيبة الدولة وحماية ممتلكاتها‪ ،‬إال أن ما يعاب على كل هذه القوانين والمساطر هو عدم‬
‫تطبيقها وتنفيذ أحكام القضاء‪ ،‬نظ ار لعدم وضوح مسطرة التنفيذ لدى القضاء المغربي‪ ،‬وعدم ربط المسؤولية‬
‫بالمحاسبة‪.‬‬

‫إال أنه اليوم‪ ،‬ومن خالل صدور دستور جديد والذي جاء بمفاهيم ومبادئ جديدة من خاللها‬
‫نزع الغطاء عن كل متستر وراء الحصانة أو الحماية‪ ،‬فإذا ما تم تنزيله بشكل صحيح فسوف لن تبقى‬
‫المسؤولية مجردة عن المحاسبة‪ .‬وبالتالي سيتم تفعيل مثلث الرقابة والمحاسبة المكون من الرقابة البرلمانية‬
‫والرقابة اإلدارية والرقابة العليا التي تمارسها المحاكم المالية على الميزانية العامة‪ ،‬وبالتالي مراقبة السلطة‬
‫التنفيذية بشكل صارم على كل تصرف مالي قد يضر بالمالية العمومية‪ .‬فربط المسؤولية بالمحاسبة أصبح‬
‫اليوم هو المرتكز بالنسبة للمشرع المغربي‪ ،‬بعدما كان غائبا لمدة طويلة‪ .‬فالمسؤولية المالية اليوم أصبحت‬
‫عامة ومشتركة‪ ،‬فبقدر حيز السلطة تقاس درجة المسؤولية كما قال األستاذ براو‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫خاتمة القسم األول ‪:‬‬
‫من خالل خاتمة هذا القسم من البحث حول المسؤولية المالية في مجال تنفيذ الميزانية العامة‬
‫في التشريع و القضاء المغربي‪ ،‬يتبين أن المرجعية القانونية غنية في هذا المجال نظ ار لتعدد قواعد‬
‫ومصادر نظام المسؤولية في المجال المالي‪ .‬فطبيعة تنفيذ الميزانية العامة تمتاز بازدواجية المتدخلين في‬
‫تدبيرها وتنفيذها‪ .‬فالجانب األول يتعلق باآلمرين بالصرف ومن في حكمهم‪ ،‬أما الجانب الثاني فهم‬
‫المحاسبون العموميون‪ .‬ويتميز النظام القانوني لآلمرين بالصرف بتنوع وتعدد األنظمة التي تضبط نظام‬
‫تسييرهم‪ ،‬نظ ار لتعدد أصنافهم وفئاتهم‪ .‬ومن تم تتنوع التزاماتهم القانونية وتصرفاتهم المادية في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬سواء فيما يخص المداخيل أو النفقات‪.‬‬

‫فالنظام القانوني لآلمرين بالصرف‪ ،‬نظام متميز يطغى عليه الطابع السياسي والدستوري في‬
‫أعلى هرم السلطة فهؤالء مسؤولين عن إعداد وتنفيذ الميزانية ومنهم الوزراء ورؤساء الجماعات الترابية‪،‬‬
‫دون أن ننسى الطابع اإلداري الذي يؤهلهم إلصدار الق اررات اإلدارية والمالية‪ .‬فالمشرع المغربي قد اعترف‬
‫لآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ الميزانية العامة بسلطات تقريرية واسعة معززة بسلطة تقديرية مهمة‪ ،‬بما‬
‫فيها تجاوز بعض القواعد القانونية‪ ،‬ومن بين هذه االمتيازات حق التسخير وصرف النظر وتجاوز رفض‬
‫المحاسبين العموميين لصرف بعض النفقات العمومية‪ .‬وعلى خالف هذه الفئة‪ ،‬فإن المحاسبين العموميين‬
‫يتميزون بنظام قانوني خاص‪ ،‬فهم بالدرجة األولى موظفين عموميين‪ ،‬وبالتالي يخضعون للنظام العام‬
‫للوظيفة العمومية ومن جهة أخرى يحملون صفة "محاسب" وبالتالي يديرون أمواال وقيما وسندات‬
‫فيخضعون لقانون المحاسبة العمومية ونظام تحديد مسؤولية المحاسبين العموميين الصادر بقانون ‪-99‬‬
‫‪ ،61‬فنظام المحاسبين يجمع بين قيود والتزامات قانون الوظيفة العمومية وبين قيود والتزامات النظام العام‬
‫للمحاسبة العمومية‪ ،‬لذلك طوقهم المشرع بمجموعة من االلتزامات والشروط قبل تولي المهمة كأداء القسم‬
‫وتشكيل الضمان المالي‪ ،‬وحق امتياز الخزينة على حجز أموال المحاسبين العموميين‪ ،‬حماية لحقوقها‬
‫المادية والمالية‪.‬‬

‫أما فيما يخص الصالحيات بالنسبة لآلمرين بالصرف في مجال الميزانية فهي واسعة ومتعددة‪،‬‬
‫سواء فيما يخص المداخيل أو فيما يخص النفقات فهؤالء هم من يقرر في تحديد الوعاء الخاضع‬
‫للضريبة‪ ،‬وهم من يصدر األوامر بالمداخيل إلى المحاسبين العموميين من أجل التحصيل‪ .‬وعلى مستوى‬
‫النفقات هم من يحدد االلتزام بالنفقة العمومية وتصفيتها وإصدار األمر بأدائها‪ ،‬وهم أيضا من يتحمل‬
‫المسؤولية أثناء وبعد تنفيذ بنود الميزانية فيما يخص هذه المراحل الثالث‪.‬‬

‫وأما فيما يتعلق بالمحاسبين العموميين‪ ،‬فهؤالء أيضا لهم صالحيات ومهمات جسام سواء على‬
‫مستوى التحصيل أو على مستوى صرف وأداء النفقات العمومية‪ .‬فهم يقومون بأدوار مهمة من أجل‬
‫مراقبة وتنفيذ النفقة أو المدخول العمومي إال أنه مع اإلصالحات التي عرفتها الميزانية والقوانين واألنظمة‬
‫المحاسبية األخرى‪ ،‬بحيث تم تعزيز القدرات التدبيرية لآلمرين بالصرف مما جعل دور المحاسبين‬

‫‪250‬‬
‫العموميين مجرد أدوات تنفيذية بيد اآلمرين بالصرف وخصوصا لدى الجماعات الترابية ومنها على وجه‬
‫التحديد العماالت واألقاليم‪.‬‬

‫فاالختالف وعدم التوازن في الصالحيات وفي األنظمة القانونية التي يخضع لها كل من‬
‫اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين جعل األمر ينعكس على مستوى طبيعة السلطة التي يتميز بها‬
‫كل طرف وترجيح كفة اآلمرين بالصرف على حساب المحاسبين العموميين فيما يخص التقرير في النفقة‬
‫أو المدخول‪ ،‬مما إنعكس على مجال المسؤولية سواء أمام األجهزة اإلدارية المختصة من مفتشيات‬
‫وغيرها‪ ،‬أو أمام المحاكم المالية‪ ،‬فالمسؤولية هنا غير متوازية مع مساحة السلطة التي منحها المشرع لكل‬
‫طرف‪ ،‬فالسلطة تدور مع المسؤولية في فلك واحد وجودا وعدما مما يؤثر على أدوار األطراف المتدخلة‬
‫في تنفيذ الميزانية‪.‬إال أنه في مجال العقوبات‪ ،‬فقد قرر المشرع لكل طرف متدخل في تنفيذ الميزانية‬
‫عقوبة معينة ‪،‬باستثناء العقوبات الجنائية التي لم يميز فيها المشرع الجنائي بين هؤالء‬

‫ويبقى القضاء المالي هو المؤهل لتحديد المسؤوليات والكشف عن األخطاء المادية والمالية‬
‫لهؤالء المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪ ،‬وتحديد العقوبة المناسبة لذلك انطالقا من النص القانوني‪ .‬إال أنه‬
‫ومن أجل مسايرة أوراش اإلصالحات الشاملة التي فتحها المغرب من أجل محاربة الفساد و وقف النزيف‬
‫الذي يعرفه المال العام المستباح و تطويق دائرته في أضيق الحدود؛ أصبح لزاما على المشرع إصالح‬
‫المنظومة القانونية والتشريعية المتعلقة بالميزانية وتدبير المال العام‪ ،‬لتساير التطورات المتسارعة و‬
‫المستجدات الحديثة التي عرفها الوضع السياسي و اإلقتصادي و اإلجتماعي بالمغرب و محيطه اإلقليمي‬
‫و الدولي؛ وهو ما سوف نتطرق إليه في القسم الموالي من أطروحتنا‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫القـــــســم الثـانــي‪:‬‬
‫دور القضـاء المـالـي فـي تحــديـد الـمـسؤولـيـة‬
‫الــــــمـــالــيـــة‬
‫وآفـاقـهـا في ظــل اإلصـالحــات الـمـؤسـسـاتيـة‬
‫والتــشريــعــيــــة‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫منذ الخطوات األولى على درب بناء الدولة الوطنية المستقلة‪ ،‬ما فتئت هذه األخيرة تعمد‬
‫إلى اتخاذ كل اإلجراءات التي ترى أن من شأنها أن تساهم في تخليق الحياة العامة وتعزيز آليات‬
‫الوقاية من الفساد ومحاربته‪ ،‬وذلك وعيا منها بما لهذه اآلفة من تأثير ضار على السياسات‬
‫التنموية على جميع األصعدة السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والمالية‪ .‬وفي هذا السياق تدخل‬
‫التدابير الساعية إلى توطيد قيم النزاهة والشفافية والرقابة والمساءلة في مجال تدبير الشأن العام‪،‬‬
‫ومن هذه الرقابة التي تقوم بها أجهزة مختصة هناك الرقابة اإلدارية‪ ،‬الرقابة المحاسبية‪ ،‬الرقابة‬
‫السياسية‪ ،‬الرقابة البرلمانية والرقابة القضائية‪ ،‬والتي يدخل في إطارها دور المحاكم المالية بما فيها‬
‫المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬

‫هذا وقد اتسمت العشرية األولى من القرن الواحد والعشرين بانخراط المملكة المغربية في‬
‫مسلسل يرمي إلى إصالح منظومة التدبير العمومي‪ .‬ففي خضم دينامية اإلصالح هذه التي شملت‬
‫مختلف الميادين المؤسساتية واالقتصادية والمالية‪ ،‬حظيت الرقابة العليا للمالية العمومية بعناية‬
‫خاصة‪ ،‬وذلك على غرار ما هو معمول به في الدول العصرية‪ .‬وقد تجسدت هذه المكانة من خالل‬
‫دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬والصادر األمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بحيث أضحت االستقاللية المؤسساتية للمحاكم المالية الصادرة بقانون ‪62-99‬‬
‫مبدأ دستوريا مضمونا‪ .‬كما تم تكريس دورها في تعزيز وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة‬
‫والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والمؤسسات والمقاوالت العمومية وكذا الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد مكن اإلصالح الدستوري لسنة ‪ 2011‬من خلق دينامية جديدة في التدبير‬
‫العمومي من خالل إرساء العديد من المبادئ في مجال الحكامة الجيدة والتدبير السليم للمال العام‬
‫من قبيل قواعد ربط المسؤولية بالمحاسبة ودسترة مبدأ توازن مالية الدولة الذي يحرص على الحفاظ‬
‫عليه كل من البرلمان والحكومة بمنطوق الفصل ‪ 77‬من الدستور‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬فقد صدرت‬
‫نصوص قبل دستور ‪ 2011‬تتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المقاوالت والمنشآت العامة بواسطة‬
‫قانون ‪ ،00-69‬ونصوص تتعلق بمسؤولية المسيرين العموميين‪ ،‬باإلضافة إلى القوانين الخاصة‬
‫بالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬والميثاق الجماعي وتنظيمه المالي ونظام محاسبته العمومية‬
‫الصادر في ‪ 3‬يناير ‪ ،2010‬كما صدرت مجموعة من النصوص التنظيمية التي ترمي إلى إعادة‬
‫النظر في منظومة المراقبة المالية الداخلية بشكل يسمح بتخفيف الرقابة القبلية إلعطاء هامش‬
‫واسع لمبادرات المسيرين العموميين‪ ،‬وتدعيم الرقابة البعدية التي تكون من اختصاص القضاء‬
‫المالي الذي يتجسد في المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫كما أن هناك أجهزة أخرى تقوم بأدوار مساهمة وفعالة في تعزيز الرقابة والتفتيش حفاظا على‬
‫التدبير الجيد للميزانية العامة‪ ،‬ومنها المفتشية العامة للمالية والمفتشيات القطاعية‪ ،‬بحيث تقوم‬
‫بمراقبة تسيير اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين وبصفة عامة مستخدمي الدولة والجماعات‬
‫الترابية والمؤسسات العامة كما تقوم بتدقيق وتصديق قدرات تدبير اآلمرين بالصرف تنفيذا‬
‫لمقتضيات المرسوم رقم ‪ 1235.07.2‬بتاريخ ‪ 04‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‬
‫والهدف هو تقليص الرقابة القبلية وتدعيم الرقابة البعدية من جهة‪ ،‬واالنتقال من نظام مراقبة‬
‫المشروعية والمطابقة إلى رقابة تدقيق أداء األجهزة المسيرة من جهة أخرى‪ .‬وبالتالي يتم إحالة‬
‫تقارير هذه المفتشيات والتي تكتسي الصبغة النهائية وتتسم بالخطورة على المجلس األعلى‬
‫للحسابات فيما يخص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وعلى األجهزة القضائية العدلية‪،‬‬
‫عندما يتعلق األمر باختالالت خطيرة تستوجب تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬أما بالنسبة لمهام‬
‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬فهي تقوم بمراقبة تسيير الجماعات الترابية والمصالح التابعة لها‪،‬‬
‫وهو ما يعزز دور هذه المؤسسة في الحفاظ على المال العام المحلي وتحصينه من الفساد‪.‬‬
‫وتماشيا مع إرادة المشرع المغربي والمجتمع المدني والرأي العام الوطني والمؤسسات الدستورية في‬
‫التصدي للفساد المالي واإلداري بكل أشكاله وتجلياته‪ ،‬وعلى كل المستويات‪ ،‬فقد بادر المغرب إلى‬
‫التوقيع على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة ‪ 2003‬والمصادقة عليها في سنة ‪،2007‬‬
‫حيث شكل هذا التصديق التزاما جديدا للدولة إزاء مسألة الفساد‪ ،‬والذي تجلى في اتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة من أجل تفعيل بنود االتفاقية على أرض الواقع‪ .‬كما تم خالل سنة ‪ 2011‬وبداية سنة‬
‫‪ 2012‬الشروع في إعداد مشاريع نصوص تشريعية وتنظيمية من أجل مالءمة مقتضيات بعض‬
‫‪746‬‬
‫القوانين مع أحكام الدستور الجديد‪ ،‬نذكر منها مشاريع القوانين المتعلقة بالمسطرة الجنائية‬
‫والمسطرة المدنية‪ ،‬وقضاء القرب‪ ،‬وإحداث أقسام بالمحاكم االستئنافية خاصة بجرائم األموال‪،‬‬
‫‪747‬‬
‫وتعديل قانون محكمة النقض وعددا من النصوص األخرى في طور اإلعداد‪.‬‬
‫إال أن أهم خطوة تهمنا في هذا الصدد هي المرتكزات الدستورية للمالية العمومية وطرق‬
‫حماية المال العام من خالل تحديد المسؤوليات في إطار دولة المؤسسات وربط المسؤولية‬

‫‪ 746‬من خالل الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.164‬صادر في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 37-10‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪-01‬‬
‫‪ 22‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين‪ ،‬فيما يخص جرائم الرشوة واالختالس واستغالل النفوذ وغيرها‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5988‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪.2011‬‬
‫أنظر حصيلة األمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2012‬المنشور على موقعها اإللكتروني ‪ .www.sgg.gov.ma :‬تم تصفحه بتاريخ ‪25‬‬ ‫‪747‬‬

‫يناير‪.2013‬‬

‫‪254‬‬
‫وإلزام الفاعلين في تدبير الشأن العام باحترام القانون‪ ،‬والحياد‪ ،‬والشفافية والنزاهة‬ ‫‪748‬‬
‫بالمحاسبة‪،‬‬
‫والمسؤولية‪ .‬وبالتالي أصبحت المرافق العمومية بكل أصنافها ملزمة بتقديم الحساب عن تدبيرها‬
‫لألموال العمومية‪ ،‬كما أصبحت تخضع للمراقبة والتقييم‪ ،‬ومن جانبها ألزمت فصول دستور ‪2011‬‬
‫كل ممارس للمسؤولية العمومية بالتصريح الكتابي بالممتلكات واألصول التي في حوزته بمجرد‬
‫تسلمه لمهامه وخالل ممارستها وعند االنتهاء منها‪ ،‬وقد أناط بالمجلس األعلى للحسابات مهمة‬
‫مراقبة هذه العمليات حسب الفصل ‪ 147‬من الدستور‪ .‬وبالتالي أصبح تفعيل هذه المقتضيات‬
‫المرتبطة بالشفافية والمسؤولية والمحاسبة في مجال تدبير الميزانية العامة رهين بالدور المحوري‬
‫الذي باتت تضطلع به المحاكم المالية‪ ،‬باعتبارها الهيأة العليا الموكول إليها مراقبة المالية‬
‫العمومية‪ .‬فالقضاء المالي رغم عدم قيامه بالدور المنوط به نظ ار لعدة عوامل منها ضعف اإلرادة‬
‫السياسية في مكافحة الفساد‪ ،‬والتعتيم والسرية المضروبة على نتائج التحقيقات والمراقبات التي‬
‫تجريها هذه المحاكم‪ ،‬وعدم الكشف عن نتائجها‪ ،‬إال أنه –القضاء المالي‪ -‬جاء برؤية شمولية في‬
‫مجال منظومة الرقابة العليا على تنفيذ الميزانيات سواء العامة أو المحلية على اعتبار أن المشرع‬
‫المغربي ينهل من المدارس الالتينية التي نشأت في فرنسا‪ ،‬بحيث أحدث المشرع الفرنسي خالل‬
‫القرن ‪ XIX‬على عهد "نابليون بونابارت" سنة ‪ 1807‬محكمة الحسابات‪.‬‬

‫فقد حدد المشرع المغربي بشكل أدق االختصاصات المخولة للمحاكم المالية بهدف‬
‫ضمان توازن عادل على مستوى المسؤوليات‪ ،‬وتم وضع نظام عقوبات أكثر عدالة بالنسبة‬
‫ل لمسؤولين عن تنفيذ وتحصيل الموارد والنفقات العمومية من آمرين بالصرف ومراقبين ومحاسبين‬
‫عموميين ومن في حكمهم‪ .‬كما حدد طبيعة األجهزة اإلدارية والمؤسساتية الخاضعة للرقابة المالية‬
‫للمحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 51‬من قانون ‪ 62-99‬المحدث للمحاكم المالية لسنة ‪ ،2002‬وهي مرافق الدولة والمؤسسات‬
‫العمومية والشركات والمقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة‬
‫مشتركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬والشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع‬
‫الجماعات الترابية أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ .‬كما يجب أن‬
‫تكون هذه األجهزة والمؤسسات تتوفر على محاسب عمومي‪ ،‬بحيث تفيد المادة ‪ 25‬من القانون‬
‫‪ 99-62‬بأن األجهزة العمومية غير المتوفرة على محاسب عمومي ال تكون ملزمة بالتقديم السنوي‬

‫الفصل ‪ 154‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪748‬‬

‫‪255‬‬
‫للحساب أو البيان المحاسبي‪ .‬وهو أجاب به وزير االقتصاد والمالية ردا على أسئلة قضاة المجلس‬
‫‪749‬‬
‫وقد أثار إخضاع الشركات العامة‬ ‫األعلى للحسابات أثناء إعداد التقرير السنوي لسنة ‪.2009‬‬
‫‪ 00-69‬في بنده ‪ 15‬على أنه "يمكن أن تخضع‬ ‫‪750‬‬
‫للمراقبة االتفاقية إشكاال بحيث نص القانون‬
‫للمراقبة بمقتضى اتفاقية" ولهذا وجب سد الفراغ القانوني في هذا المجال‪ ،‬وبالتالي إلزام الشركات‬
‫والمؤسسات العامة للخضوع لمراقبة القضاء المالي وجوبا في مادة التأديب المالي ومراقبة التسيير‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك ضرورة إعادة النظر في استثناء أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس‬
‫المستشارين من الخضوع الختصاص القضاء المالي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪ ،‬وهو تقليد دأب عليه المشرع المغربي من نظيره الفرنسي من خالل ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 312‬من مدونة المحاكم المالية الفرنسية‪ ،‬فهذا االستثناء قد تترتب عنه نتائج خطيرة على المالية‬
‫العمومية‪ ،‬إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرمان القضاء المالي من ممارسة اختصاصاته الدستورية‬
‫على المالية العمومية بصفة عامة‪ ،‬وبالتالي انفالت العديد من المخالفات واألخطاء المالية من‬
‫اختصاصاته‪ .‬فبعض الق اررات المالية التي قد يتخذها هؤالء المسؤولون قد يكون لها نتائج خطيرة‬
‫على المال العام‪.‬‬

‫إال أنه رغم هذه اإلشكاليات يبقى دور القضاء المالي ممي از في الحسم في أمور كثيرة‬
‫تتعلق بحماية المال العام‪ ،‬نظ ار لما يملكه من صالحيات قانونية وإمكانيات بشرية لتحديد الجهة‬
‫المسؤولة عن المخالفات المالية ونوعيتها‪ ،‬وبالتالي تحديد طبيعة الجزاء والنتائج المترتبة عن ذلك‬
‫(الفصل األول)‪ ،‬إال أن ما يمكن إثارته هو أن الجانب الزجري غير كافي للحد من الفساد المالي‬
‫واإلداري في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬وبالتالي لما وقف المشرع على جوانب الضعف في‬
‫الرقابة على المالية العمومية‪ ،‬بادر إلى إحداث هيئات ومؤسسات بجانب القضاء المالي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى إخراج قوانين وتشريعات موازية لمواكبة التطور الذي يعرفه تدبير النفقات العمومية وتحصيل‬
‫الموارد‪ ،‬من خالل إعادة النظر في النصوص القديمة وإعادة إحيائها من جديد‪ ،‬أو إصدار نصوص‬
‫جديدة لسد الفراغ القانوني ومواكبة التطورات المتسارعة‪ ،‬وهو ما كان سباقا إليه دستور المملكة‬
‫لسنة ‪ 2011‬وما سيواكبه من إخراج قوانين تنظيمية وتشريعات لتنزيل مقتضياته على أرض الواقع‬
‫العملي (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫تقرير منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5932‬مكرر بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪ ،2011‬ص ‪.1372 :‬‬ ‫‪749‬‬

‫يتعلق األمر بالقانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر‬ ‫‪750‬‬

‫‪.2003‬‬

‫‪256‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫دور القضاء المالي في تحديد طبيعة المخالفات المرتبة للمسؤولية المالية‬

‫إن اإلنشغاالت الوظيفية للقضاء المالي بالمغرب هو ترسيخ المبادئ والقواعد القانونية‬
‫والمفاهيم والمساطر للمحددة لطبيعة المخالفات المترتبة عن خرق قواعد االنضباط المالي في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية العامة سواء على المستوى المركزي أو الترابي‪ ،‬فالقضاء المالي من خالل المجلس‬
‫األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات مخول من طرف المشرع النظر في حسابات‬
‫المحاسبين العموميين وتسمى رقابة قضائية وممارسة مراقبة التسيير وتسمى رقابة إدارية‪ ،‬والتأديب‬
‫المالي المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ويسمى قضاء ماليا تأديبيا‪ .‬فالقضاء المالي جهاز رقابي‬
‫مالي دستوري‪ ،‬بحيث تمثله هيئة خاصة مستقلة‪ ،‬ال هي إدارية وال هي برلمانية وال هي سلطة‬
‫قضائية بالمعنى القانوني للسلطة القضائية‪ ،‬بل هي هيئة رقابية على المال العام والمساءلة عليه‬
‫أينما وجد‪ .‬وقد أفتى المجلس الدستوري الفرنسي سنة ‪ 2007‬على أن استقالل المجلس األعلى‬
‫للحسابات ال يجوز مماثلته باستقالل السلطة القضائية أوال‪ ،‬ألنه ليس سلطة قضائية‪ ،‬وثانيا ألن‬
‫المجلس ال يعمل إال في ظل التعاون والتفاعل واإلرتباط الوثيق واالعتماد المتبادل مع كل من‬
‫‪751‬‬
‫فالقضاء المالي قضاء متخصص في القضايا‬ ‫البرلمان والحكومة بخالف السلطة القضائية‪،‬‬
‫المالية العمومية‪.‬‬

‫والواقع أن المجلس األعلى للحسابات يمارس اختصاصا واحدا غير قضائي من خالل ما‬
‫يصدره كل سنة من تقارير عن رقابة التسيير‪ ،‬فالمشرع أسند له بمنطوق الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬من‬
‫دستور ‪ 2011‬مهمة الرقابة والمساءلة‪ ،‬باإلضافة إلى ربط جسر التواصل طيلة السنة مع البرلمان‬
‫لمده بكل المعلومات ويجيب عن األسئلة واالستشارات واالختالالت المتوصل إليها في مجال تدبير‬
‫الشأن العام في ميدان المالية العمومية ‪ ،‬باإلضافة إلى تعاونه مع القضاء والحكومة في مجال‬
‫التأديب والزجر‪ ،‬كما أن مقتضيات الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 148‬من الدستور تنص على كون‬
‫الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات يقدم عرضا عن أعمال المجلس أمام البرلمان ويكون‬
‫متبوعا بمناقشة‪ .‬فتنصيص الدستور على تقديم المساعدة للبرلمان والحكومة من طرف المجلس‬
‫األعلى للحسابات الغرض منه محاولة رسم حدود معينة لتدخل المجلس على اعتبار أن المال العام‬

‫محمد براو ‪" :‬المجلس األعلى للحسابات أمام امتحان االنخراط في العهد الدستوري الجديد"‪ ،‬مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي بتاريخ‬ ‫‪751‬‬

‫‪ ،2012/05/09‬ص‪http://hespress.com/writers .2:‬‬

‫‪257‬‬
‫هو في مجمله مال سياسي يتم رصده من أجل تطبيق برامج حكومية مرخص لها من طرف‬
‫البرلمان‪ ،‬فاألمر يقتضي السرعة في األداء والشفافية في التنفيذ والمسؤولية عن النتائج‪ .‬هذا من‬
‫الناحية الدستورية فيما يخص وظائف القضاء المالي‪ ،‬أما من الناحية التشريعية والقانونية فكل من‬
‫المرسوم الملكي رقم ‪ 66-330‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المتعلق بالنظام العام للمحاسبة العمومية‬
‫ومدونة المحاكم المالية‪ ،‬وقانون مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين قوانين‬
‫يلزمها التعديل والتتميم‪ ،‬لكي تتماشى مع روح الدستور الجديد‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة ‪ 147‬من دستور ‪ 2011‬والتي تنص على أن‬
‫المجلس األعلى للحسابات يتولى ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ويتحقق من‬
‫سالمة العمليات‪ ،‬المتعلقة بمداخيل ومصاريف األجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون‪ ،‬ويقيم‬
‫كيفية تدبيرها لشؤونها‪ ،‬ويتخذ عند االقتضاء عقوبات عن كل إخالل بالقواعد السارية على‬
‫العمليات المذكورة‪ ،‬وبالرجوع إلى الفصل الثالث من المرسوم الملكي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل‬
‫‪ 1967‬المتعلق ب النظام العام للمحاسبة العمومية نجده ينص صراحة على أن العمليات المالية تناط‬
‫باآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬أما الفصل ‪ 32‬فيؤكد أنه يباشر دفع جميع النفقات‬
‫وتصفيتها واألمر بدفعها بمسعى من اآلمر بالصرف‪ ،‬أما الفصل ‪ 41‬فيؤكد أن األداء هو العمل‬
‫الذي تبرئ به المنظمة العمومية ذمتها من الدين‪ ،‬وتتم هذه المرحلة تحت مسؤولية المحاسب‬
‫العمومي‪ .‬أما فيما يخص المحتوى الثاني من الفصل ‪ 147‬من الدستور الذي يؤكد أن المجلس‬
‫يتحقق من سالمة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات األجهزة الخاضعة له‪ ،‬مما يحيلنا‬
‫بالضرورة أيضا على المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية الذي يؤكد في فصله األول أن‬
‫المحاسبة العمومية هي مجموع القواعد التي تسري ما عدا في حالة سن مقتضيات مخالفة على‬
‫العمليات المالية والحسابية للدولة والجماعات المحلية ومؤسساتها وهيآتها والتي تحدد اإللتزامات‬
‫والمسؤوليات المنوطة باألعوان المكلفين بها‪ ،‬مما يؤكد بما ال يدع مجاال للشك أن مهام المجلس‬
‫ذات طابع قضائي والمتعلقة أساسا بالمراقبة القضائية لمحاسبة المحاسبين وهي التدقيق والبت في‬
‫الحسابات والمراقبة القضائية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬والتي كان من‬
‫المف روض أن تشمل فقط الطرف الثاني من المسؤولين في مجال تدبير المال العام حسب ما نص‬
‫عليه المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية أال وهم اآلمرون بالصرف‪ ،‬لكن بالرجوع إلى‬
‫قانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية وخصوصا الفصول ‪ 55-54‬و‪ 56‬التي نصت‬
‫على أن الخاضعين للمجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية هم على التوالي‬

‫‪258‬‬
‫‪ ":‬آمر بالصرف أو آمر مساعد بالصرف أو مسؤول وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت‬
‫سلطتهم أو لحسابهم‪ ،‬وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرة مراقب االلتزام بالنفقات أو المراقب‬
‫المالي أو يعمل لحسابهما‪ ،‬كل محاسب عمومي‪ ،‬وكذا كل موظف أو عون يوجد تحت إمرته أو‬
‫يعمل لحسابه"‪ .‬فبقراءة متأنية لهذه الفصول باإلضافة إلى المادة األولى من قانون رقم ‪61-99‬‬
‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين التي تنص على أنه‬
‫يهدف هذا القانون ‪ :‬إلى تحديد مسؤولية كل من اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬وكذا المؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة‬
‫للمراقبة المالية للدولة بالنسبة للق اررات التي يتخذونها أو يؤشرون عليها أو ينفذونها خالل ممارسة‬
‫مهامهم‪ ،‬ويتعرض اآلمرون بالصرف والمراقبون والمحاسبون العموميون للمسؤولية التأديبية أو‬
‫المدنية أو الجنائية بصرف النظر عن العقوبات التي يمكن أن يصدرها المجلس األعلى أو‬
‫المجالس الجهوية للحسابات في حقهم‪ ،‬يتضح أن هذه القوانين وبعض موادها لم تبق مسايرة لروح‬
‫الدستور الجديد‪ ،‬وأص بحت غير منسجمة مع فصوله‪ .‬أضف إلى ذلك أن المسؤولية عن عمليات‬
‫المداخيل والمصاريف قد حددت بشكل واضح في المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية‪،‬‬
‫وقد تم تكرارها من خالل قانون ‪ 61-99‬وقانون ‪ 62-99‬ما يطرح مشكل تناسق وتطابق‬
‫النصوص القانونية المتعلقة بالتشريع المالي‪.‬‬

‫وباعتبار أن المسؤولية المالية تحددت بشكل واضح من خالل قانون ‪ 61-99‬المتعلق‬


‫بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬وبالتالي حدد األشخاص‬
‫المعنيين بالمساءلة‪ ،‬والعاملين بالدولة والجماعات المحلية وهيئاتها وكذا المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة‪ .‬فإن مدونة المحاكم المالية الصادرة بقانون ‪ 62-99‬فقد‬
‫حددت بشكل دقيق من خالل التحديد الصريح للمخالفات المالية من خالل المادة ‪ 37‬التي تحيل‬
‫على المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬والتي حددت المخالفات المالية على سبيل الحصر‪ .‬كما حددت المعنيين‬
‫بهذه المخالفات وكذا العقوبات المترتبة عن ذلك‪ .‬وأول ما يبدأ به القضاء المالي في مجال تحديد‬
‫طبيعة المخالفات المالية‪ ،‬هو إلزام المحاسب العمومي بتقديم الحسابات‪ ،‬والبيانات المحاسبية‬
‫والمستندات المثبتة في اآلجال المقررة‪ .‬وإذا خالف ذلك جاز للرئيس األول بالتماس من الوكيل‬
‫العام للملك‪ ،‬أن يوجه إلى المحاسب العمومي أوامر بتقديم الوثائق‪ ،‬وإال سوف يحكم عليه بغرامة‬
‫قد تصل في حدها األقصى إلى ألف (‪ )1000‬درهم‪ ،‬باإلضافة إلى الغرامة التهديدية قد تصل في‬
‫أقصاها إلى ‪ 500‬درهم عن كل شهر من التأخير‪ .‬بعد هذا التقديم المقتضب لهذا الفصل ما هي‬

‫‪259‬‬
‫إذن باقي الوظائف الخاصة بالمحاكم المالية التي تجريها على المحاسبين العموميين من جهة ؟‬
‫(المبحث األول)‪ ،‬وما هي الوظائف األخرى التي تجريها على اآلمرين بالصرف من جهة أخرى ؟‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التدقيق والبت في حسابات المحاسبين العموميين‬


‫لقد تطرقت مدونة المحاكم المالية الصادرة بواسطة القانون رقم ‪ 62-99‬من خالل‬
‫اختصاصاتها في مجال التدقيق والبت في الحسابات المتعلقة بالمحاسبين العموميين في المواد من‬
‫‪ 25‬إلى ‪ ،35‬بحيث يلزم المحاسبون العموميون لمرافق الدولة بتقديم حسابات هذه المصالح سنويا‬
‫إلى المجلس األعلى للحسابات حسب الكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‬
‫وتخص هذه البيانات المحاسبية عمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬وكذا عمليات الصندوق التي يتولون‬
‫تنفيذها‪ .‬وإذا رفض المحاسب العمومي اإلدالء بحسابه أو بيانه المحاسبي أو إذا حالت الظروف‬
‫دون أن ي دلي المحاسب المسؤول بحسابه أو مستنداته وجب عليه تبرير ذلك أمام المجلس وإال‬
‫‪752‬‬
‫عن التأخير أو المساءلة أمام المجلس في حالة رفضه المطلق‪ ،‬بناء‬ ‫تعرض للغرامات المالية‬
‫على تقرير يتقدم به المستشار المقرر لرئيس الغرفة الذي يحيله على الوكيل العام للملك لتقديم‬
‫‪753‬‬
‫في الموضوع إلى الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬كما يقوم المستشار المقرر‬ ‫ملتمس‬
‫بإعداد تقريرين اثنين عند انصرام األجل المنصوص عليه في المادة ‪ 31‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫وهو أجل ‪ 60‬يوما ما عدا في حالة تمديد استثنائي يأذن به رئيس الغرفة المختصة‪ .‬فيعرض في‬
‫التقرير األول نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب أو البيان المحاسبي المقدم من طرف المحاسب‬
‫العمومي‪ ،‬ويبرز عند االقتضاء المالحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت مسؤولية‬
‫اآلمر بالصرف‪ ،‬أو المراقب أو المحاسب العمومي في نطاق اختصاصات المجلس القضائية‪،‬‬
‫وذلك في حدود المهام الموكولة لكل واحد منهم‪ ،‬أما في التقرير الثاني‪ ،‬فيعرض المستشار المقرر‬
‫المالحظات المتعلقة بتسيير المرفق أو المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية والخاضعة‬
‫الختصاصات المجلس في مجال مراقبة التسيير‪ ،‬وإذا لم تثبت في حق المحاسب العمومي أية‬
‫‪754‬‬
‫أما إذا ثبت للمجلس‬ ‫مخالفة يبت المجلس في الحساب أو الوضعية المحاسبية بقرار نهائي‪.‬‬
‫وجود مخالفات ناتجة عن عدم تبرير إنجاز العمل أو عدم صحة حسابات التصفية أو غياب‬

‫المادة ‪ 29‬من مدونة المحاكم المالية الصادرة بقانون ‪.62-99‬‬ ‫‪752‬‬

‫المادة ‪ 30‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪753‬‬

‫الفقرة األولى من المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪754‬‬

‫‪260‬‬
‫التأشيرة المسبقة لاللتزام أو عدم احترام قواعد التقادم وسقوط الحق أو عدم مراعاة قواعد إبراء‬
‫التسديد أو عدم اتخاذ اإلجراءات" التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال‬
‫‪755‬‬
‫بتقديم تبريراته كتابة‪ ،‬أو عند‬ ‫تحصيل الموارد‪ ،‬أمر المجلس المحاسب بواسطة قرار تمهيدي‬
‫عدم تقديمها بإرجاع المبالغ التي يصرح بها المجلس كمستحقات للجهاز العمومي‪ ،‬وذلك داخل‬
‫أجل يحدده له المجلس على أال يقل عن ثالثة(‪ )3‬أشهر‪ ،‬وعند انصرام هذا األجل‪ ،‬يتخذ المجلس‬
‫كل إجراء يراه مناسبا في انتظار أن يبت في القضية بقرار نهائي داخل أجل أقصاه سنة‪ ،‬ابتداء‬
‫من تاريخ صدور القرار التمهيدي وإذا تبين من خالل التحقيق في الحساب أو الوضعية المحاسبية‬
‫وجود مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬اتخذت الهيئة بالمجلس‬
‫األعلى للحسابات ق ار ار يتم توجيهه إلى الوكيل العام للملك‪ ،‬لكي يحيل القضية إلى المجلس ‪-‬من‬
‫للمجلس‬ ‫‪756‬‬
‫جديد‪ -‬في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وهذه هي المهمة الثانية‬
‫بعد البت والتحقيق في حسابات المحاسبين العموميين‪ ،‬فهؤالء يخضعون لنظام مزدوج في مجال‬
‫المسؤولية المالية أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬كما يجب التمييز هنا بين مستويين من‬
‫المسؤولية المتعلقة بالمحاسبين العموميين ‪ :‬المستوى األول مركزي ويمثله المحاسبون العموميون‬
‫الخاضعون للمسؤولية أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬والمستوى الثاني محلي ويمثله الخزنة‬

‫لقد عرف نظام مسؤولية المحاسبين العموميين منذ صدور مدونة المحاكم المالية سنة ‪ 2002‬عدة تعديالت‪ ،‬ترتب عنها عموما تقليص‬ ‫‪755‬‬

‫مسؤوليتهم في مادتي البت في الحسابات والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬ففي ‪ 24‬دجنبر ‪ 2004‬صدر المرسوم رقم ‪2.04.797‬‬
‫القاضي بتغيير الفصول ‪ 91-11‬مكرر ‪ 92‬و‪ 93‬من المرسوم الملكي المؤرخ في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬وتعلق هذا‬
‫التعديل بحذف صحة إدراج النفقات في األبواب المتعلقة بها وإثبات العمل المنجز واحترام قواعد التقادم وسقوط الحق من مجال مراقبة صحة النفقات‬
‫التي يكون المحاسبون العموميون مسؤولين عنها‪ ،‬كما تم استبدال عبارة ‪" :‬إعمال المراقبة القانونية السابقة" بعبارة "وجود التأشيرة المسبقة لاللتزام"‪.‬‬
‫وبموجب قانون المالية لسنة ‪ 2005‬رقم ‪ 26-04‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 2004‬جرى تعديل المادة ‪ 6‬من قانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية‬
‫اآلمرين بالصرف والمراقبين العموميين‪ ،‬وذلك قصد تحيينها مع المقتضيات التي جاءت في المرسوم رقم ‪ 2.04.797‬المذكور أعاله‪ ،‬كما تم أيضا‬
‫بمقتضى قانون مالية سنة ‪ 2006‬رقم ‪ 35-05‬بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ 2005‬تعديل المادة ‪ 6‬من جديد من قانون ‪ ،61-99‬وذلك بحذف عبارة سقوط‬
‫الحق من الئحة عناصر صحة النفقة واستبدال عبارة "إعمال المراقبة القانونية السابقة" بوجود التأشيرة المسبقة لاللتزام وفي ‪ 19‬أكتوبر ‪ 2006‬صدر‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.05.1227‬القاضي بتغيير الفصول ‪ 117-67-66-26‬و‪ 118‬من مرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها كما تم تغييره وتتميمه سنة ‪ ،2010‬وقد همت التغييرات التي طرأت على الفصل ‪ 66‬تحديد نوعية المراقبات التي يتعين على الخزنة‬
‫الجماعيين والقباض الجماعيين مباشرتها قبل التأشير من أجل األداء في مادة البت في الحسابات وذلك بحصر عناصر النفقة في صحة حسابات‬
‫التصفية والطابع اإلبرائي للتسديد‪.‬‬
‫وبموجب قانون المالية لسنة ‪ 2008‬رقم ‪ 38-07‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ 2007‬والذي دخلت أحكامه حيز التطبيق ابتداء من فاتح يناير ‪،2008‬‬
‫تم من جهة تغيير وتتميم أحكام المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 62-99‬همت مسؤولية المحاسب العمومي في مجال البت في الحسابات‪ ،‬كما تم تغيير وتتميم‬
‫مقتضيات المادة ‪ 5‬التي تهم مسؤولية المراقبين والمادة ‪ 6‬المتعلقة بمسؤولية المحاسبين العموميين من قانون ‪ .61-99‬وبموجب هذه التعديالت تم‬
‫التخلي عن سرد الحاالت التي تعد مخالفات في مادتي البت في الحسابات‪ ،‬والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية واستبدالها بعبارة عامة تتمثل‬
‫في عدم قيام المحاسب العمومي بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫الفقرة الخامسة من المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية الصادرة بقانون ‪.62-99‬‬ ‫‪756‬‬

‫‪261‬‬
‫الجماعيون والقباض الجماعيون والقباض بمختلف المؤسسات التابعة للجماعات الترابية أمام‬
‫المجالس الجهوية للحسابات ومن هنا تتحدد الجهة المختصة بالمساءلة والبت والتحقيق في‬
‫الحسابات من جهة واألشخاص المسؤولون عن هذه الحسابات من جهة أخرى‪ .‬فقد نصت المادة ‪3‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ 2002‬على ‪" :‬أن المجلس يدقق ويبت في الحسابات التي يقدمها‬
‫المحاسبون العموميون مع مراعاة االختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية‬
‫للحسابات"‪.‬‬

‫فالتدقيق والنظر في حسابات المحاسبين العموميين تعتبر النواة األولى للرقابة المالية التي‬
‫يقوم بها القضاء المالي على مهام المحاسبين العموميين‪ ،‬في ميدان تنفيذ الميزانية‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫االختصاص الثاني في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية إال أن ما يالحظ هو أن‬
‫هذا االختصاص األخير الذي يمارسه المجلس األعلى أو المجالس الجهوية للحسابات في‬
‫المغرب‪ ،‬ال تمارسه نفس الهيئة في بعض البلدان المقارنة كتونس وفرنسا مثال‪ ،‬بل تمارسه‬
‫‪758‬‬ ‫‪757‬‬
‫أخرى مستقلة ومتخصصة‪.‬‬ ‫هيئات‬

‫وما دام المشرع المغربي قد ميز من خالل مدونة المحاكم المالية بين مهام المجلس‬
‫األعلى للح سابات فيما يخص البت والتدقيق في الحسابات (المطلب األول)‪ ،‬ومهام المجالس‬
‫الجهوية للحسابات (المطلب الثاني)‪ ،‬كان لزاما التطرق إلى هذا التمييز‪ ،‬على اعتبار أن المسؤولية‬
‫التي يتحملها المحاسب العمومي أمام القاضي المالي على المستوى المركزي ليست هي المسؤولية‬
‫التي يتحملها المحاسب العمومي على المستوى المحلي تطبيقا لجهة االختصاص وتحديد المهام‬
‫الذي أشار إليه المشرع تسهيال للمراقبة والضبط‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التدقيق والبت في حسابات المحاسبين أمام المجلس األعلى للحسابات‬

‫احميدوش مدني ‪" :‬المحاكم المالية في المغرب‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة فضالة المحمدية‪ ،2003 ،‬ص ‪.250 :‬‬ ‫‪757‬‬

‫من المحاكم المتخصصة في فرنسا نجد ‪:‬‬ ‫‪758‬‬

‫‪Juridictions spécialisées :‬‬


‫‪- Financières :‬‬
‫‪- Cour des comptes.‬‬
‫‪- Cour de discipline budgétaire et financière.‬‬
‫‪- Chambre régionale des comptes‬‬
‫‪- Conseil supérieur‬‬
‫‪- Chambre territoriale des comptes.‬‬
‫)‪- Politique : Haute cour de justice (Président de la République‬‬
‫)‪- Cour de justice de la République (Ministres‬‬
‫‪- Conseil constitutionnel.‬‬

‫‪262‬‬
‫لقد تمت اإلشارة فيما سبق‪ ،‬أنه في مجال البت في حسابات المحاسبين تم التخلي عن‬
‫تحديد مدلول ومكونات صحة النفقة كأساس للمسؤولية المالية والشخصية للمحاسبين العموميين‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية قد أحالت لتحديد عناصر هذه المسؤولية على القوانين‬
‫واألنظمة الجاري بها العمل ومنها المرسوم الملكي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بالنسبة‬
‫لمحاسبي الدولة والمرسوم رقم ‪ 2.76.576‬بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ ،1976‬كما تم تتميمه وتغييره‬
‫بالمرسوم رقم ‪ 1.09.441‬بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بالنسبة لمحاسبي الجماعات الترابية‪ .‬وبالرجوع‬
‫إلى هذه النصوص فقد تم التخلي عن التأكد من تبرير إنجاز الخدمة وعدم احترام قواعد التقادم‬
‫وسقوط الحق‪ ،‬والتي كانت لها أهميتها لدى المحاسب العمومي‪ ،‬نظ ار لكون هذه العناصر تشكل‬
‫ضمانة لمراقبة فعالة للنفقات العمومية اعتبا ار لكون أن األمر يتعلق بقاعدة جوهرية في مجال‬
‫المحاسبة العمومية التي تقضي بعدم أداء نفقة إال بعد التأكد من الوثائق المثبتة للعمل المنجز‪،‬‬
‫‪759‬‬
‫وتحديد القيمة الحقيقية للدين موضوع النفقة في إطار التصفية‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة للتقادم‬
‫وسقوط الحق الذين يهدفان إلى ضمان استقرار المعامالت وتفادي تراكم الديون أو نقلها من سنة‬
‫إلى أخرى‪.‬‬

‫فالنتيجة المترتبة في هذا الحذف والتخلي عن هذه العناصر في مجال المراقبة‪ ،‬هو‬
‫تحويل دور المحاسبين العموميين من مراقبين فعالين لسالمة العمليات المالية والمحاسباتية إلى‬
‫مجرد دور شكلي ينحصر في تسجيل العمليات المالية وأدائها دون التأكد من توافر كافة العناصر‬
‫‪760‬‬
‫التي تتوفر على‬ ‫القانونية لصحة النفقات العمومية‪ ،‬على عكس بعض تشريعات الدول المقارنة‬
‫نظام رقابي ومحاسباتي مشابه لما هو معمول به في المغرب‪ ،‬حيث كرست مسؤولية المحاسب‬
‫العمومي فيما يخص إثبات العمل المنجز واحترام قواعد التقادم وسقوط الحق واإلنتساب المالي‬
‫للنفقة العمومية‪ .‬وبالتالي لم يعد التركيز من طرف المجلس األعلى للحسابات في مجال البت‬
‫والتدقيق في الحسابات على عمل المحاسبين العموميين‪ ،‬ألنه لم يعد لديهم أهمية كبرى في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬وبالتالي التركيز على األطراف األخرى الفاعلة في مجال تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫إال أنه وبالرغم من ذلك‪ ،‬فطبيعة اختصاص النظر والبت في الحسابات من طرف‬

‫أنظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.10‬الصادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 56-03‬المتعلق بتقادم الديون المستحقة على الدولة‬ ‫‪759‬‬

‫والجماعات المحلية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5208‬بتاريخ ‪ 29‬أبريل ‪.2004‬‬


‫ففي فرنسا مثال‪ ،‬وع لى الرغم من اإلصالحات الجارية والمتسارعة في ميدان المالية العمومية وإعادة توزيع المسؤوليات في مجال مراقبتها‪ ،‬ما‬ ‫‪760‬‬

‫يزال االحتفاظ بكل العناصر التي تم التخلي عنها من طرف المشرع المغربي في هذا المجال‪ ،‬ضمن النقاط التي يتوجب على المحاسب العمومي‬
‫االلتزام بها ومراقب تها قبل التأشير على األوامر باألداء بموجب المادتين ‪ 12‬و‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ 1.62.1587‬الصادر سنة ‪ 1962‬المتعلق‬
‫بالنظام العام للمحاسبة العمومية الفرنسي‪ ،‬كما تم تعديله وتتميمه عدة مرات‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫‪761‬‬
‫الفرنسيين‪ ،‬وكذا المغاربة‬ ‫المحاكم المالية لها أهميتها‪ ،‬على اعتبار أن بعض الفقهاء‬
‫‪762‬‬
‫في المالية العمومية والرقابة قد أكدوا على أن هذا االختصاص هو اختصاص‬ ‫المختصين‬
‫مادي ويعد من النظام العام‪ ،‬والمحاكم المالية أو القضاء المالي المتجسد في المجلس األعلى‬
‫للحسابات هو الهيئة المختصة التي يدخل في مجالها مراقبة جميع حسابات المحاسبين العموميين‪،‬‬
‫فالمجلس األعلى للحسابات يمارس رقابته على هؤالء باعتبارهم يباشرون مهامهم باسم مرافق الدولة‬
‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬وكذا المقاوالت التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو‬
‫‪763‬‬
‫بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية في حالة توفر هذه األجهزة‬
‫على محاسب عمومي‪ ،‬إال أن القضاء المالي لم يعط تعريفا واضحا للمحاسب العمومي من خالل‬
‫قانون ‪ 62-99‬بل سكت عن ذلك‪ ،‬بينما في قانون ‪ 62-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬قد قام بتعريف المحاسب العمومي من خالل المادة‬
‫الثانية‪ ،‬بحيث عرفه أنه "كل موظف أو عون مؤهل ألن ينفذ باسم إحدى الهيئات السالفة الذكر‬
‫عمليات المداخيل أو النفقات‪ ،‬أو التصرف في السندات‪ ،‬إما بواسطة أموال وقيم يتولى ح ارستها‪،‬‬
‫وإما بتحويالت داخلية للحسابات‪ ،‬وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية‬
‫لألموال المتوفرة التي يراقب حركتها أو يأمر بها"‪ .‬وبالتالي وسع المشرع من فئة المحاسبين‬
‫‪764‬‬
‫العموميين الملزمين بتقديم حساباتهم إلى الهيئة المكلفة بالرقابة والمساءلة على المال العام‪،‬‬
‫بالرغم من عدم تسميتهم بالمحاسبين‪ ،‬بل أعوانا عموميين أو موظفين عموميين‪ .‬فوظيفة المجلس‬
‫األعلى للحسابات في مجال التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬قد تتجاوز المحاسبين القانونيين لتشمل‬
‫أيضا نوعا آخر من المحاسبين كالمحاسبين الفعليين والمحاسبين بحكم الواقع " ‪Les comptables‬‬
‫‪ ."de fait‬فهؤالء يقومون بعمليات قبض الموارد وصرف النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في‬
‫ملك األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس بدون أن يكونوا مؤهلين لذلك قانونا‪ ،‬ودون تفويض‬
‫من أية جهة‪ ،‬ولهذا سوف نتطرق إلى هذين الصنفين من المحاسبين في فرعين على التوالي (الفرع‬
‫األول) سوف نخصصه للمحاسبين القانونيين‪ ،‬و(الفرع الثاني) سوف نخصصه للمحاسبين بحكم‬
‫الواقع‪.‬‬

‫‪761‬‬
‫‪MAGNET (J) : "Que juge le juge des comptes ? " in R.F.F.P n°28, 1989, p : 115.‬‬
‫‪762‬‬
‫‪OUJEMAA (S) : "Le contrôle des finances publique au Maroc ", Thèse de doctorat d’Etat, Université de Paris‬‬
‫‪I en droit 1988, p : 125.‬‬
‫‪ 763‬المادة ‪ 25‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫كما أشار إلى ذلك األستاذ جاك مانيي في إحدى المقاالت بالمجلة الفرنسية للقانون العام و العلوم السياسية سنة ‪:1973‬‬ ‫‪764‬‬

‫‪"Le ministère public près de la cour des comptes" in : R.F.D.P.S.P, 1973, p : 329. « … Le comptable a lui-même‬‬
‫‪le caractère d’un fonctionnaire ou agent public le contrôle des comptes est d’ordre public… ».‬‬

‫‪264‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬المحاسبون القانونيون ومسألة البت في الحسابات‬
‫لقد اشترطت مدونة المحاكم المالية في المادة ‪ 25‬التي تتعلق بتدقيق حسابات مرافق‬
‫الدولة والمؤسسات العمومية والمقاوالت التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو‬
‫بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية‪ ،‬توفر هذه األجهزة على‬
‫محاسب عمومي كشرط للبت وتدقيق الحسابات من طرف المجلس األعلى للحسابات‪ .‬ففي حالة‬
‫انتفاء هذا الشرط نكون أمام حالة أخرى مخالفة للمادة ‪ 25‬من المدونة‪ ،‬فتقديم الحساب أمام‬
‫المجلس األعلى للحسابات يكون من طرف محاسبين قانونيين تتوفر فيهم الشروط والخصائص‬
‫التي نصت عليها كل من المادة الثالثة من المرسوم الملكي لسنة ‪ 1967‬المتعلق بالنظام العام‬
‫للمحاسبة العمومية وأيضا المادة الثانية من ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتحديد المسؤولية‬
‫المالية‪ .‬فالمحاسبون القانونيون ملزمين بقوة القانون بتقديم حسابات المصالح العمومية التي يتكلفون‬
‫بها حسابيا كل سنة‪ ،‬وفق اآلجال والكيفيات المقررة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪،‬‬
‫كما يجب عليهم أيضا تقديم البيانات المحاسبية عن عمليات المداخيل والنفقات‪ ،‬وكذا عمليات‬
‫الصندوق التي يتولون تنفيذها سنويا‪ ،‬ويسري نفس االلتزام كذلك على المحاسبين العموميين‬
‫لألجهزة العمومية األخرى‪ ،‬ويتكون هذا الحساب من وثائق عامة ومستندات مثبتة‪ ،‬تقدم أثناء فترة‬
‫زمنية محددة يجب احترامها‪ ،‬فبعض مرافق الدولة توجه مستنداتها المثبتة للمداخيل والنفقات من‬
‫طرف المحاسب كل ثالثة أشهر إلى المجلس‪ ،‬والبعض اآلخر من األجهزة يمكن البت وتدقيق‬
‫‪765‬‬
‫فبعد دخول مدونة المحاكم المالية حيز التطبيق‬ ‫حساباتها واإلدالء بالوثائق في عين المكان‪.‬‬
‫سنة ‪ 2003‬قام المجلس األعلى للحسابات بمجهودات جبارة لتدارك التأخير في معالجة تقديم‬
‫الحسابات من طرف المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫وبالتالي قسم المسألة إلى مرحلتين ‪ :‬األولى حصرها في مرحلة ما قبل ‪ 31‬دجنبر ‪2002‬‬
‫والثانية بعد فاتح يناير ‪ 2003‬تاريخ دخول مدونة المحاكم المالية وخاصة الكتاب األول المتعلق‬
‫بالمجلس األعلى للحسابات حيز التطبيق‪ .‬وهكذا قام المجلس خالل سنتي ‪ 2003‬و‪ 2004‬بعملية‬
‫ذات أهمية قصوى بهدف تسوية وضعية المتأخرات التي عرفها تقديم حسابات المحاسبين سنوات‬
‫ما قبل ‪ 2003‬والتي ظلت في إطار سريان القانون في الزمان خاضعة لقانون رقم ‪12-79‬‬
‫المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات الصادر بالظهير الشريف رقم ‪ 1.79.175‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر‬
‫‪ .1979‬وهكذا وإلى حدود نهاية سنة ‪ 2004‬فقد وصل عدد الحسابات المقدمة فعليا إلى المجلس‬

‫حسب ما تنص عليه المادة ‪ 26‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪765‬‬

‫‪265‬‬
‫‪766‬‬
‫حسابا من مجموع‬ ‫األعلى للحسابات بخصوص سنوات ما قبل ‪ 2003‬ما مجموعه ‪6486‬‬
‫‪ 11.865‬حسابا الواجب تقديمه‪.‬‬

‫وقد توزعت هذه الحسابات على الشكل التالي‪:‬‬


‫المجموع‬ ‫‪-98-99‬إلى ‪2003‬‬ ‫‪ 1993‬إلى ‪98/1997‬‬
‫ما يجب‬ ‫ما يجب‬ ‫ما يجب‬
‫ما تم تقديمه‬ ‫ما تم تقديمه‬ ‫ما تم تقديمه‬
‫تقديمه‬ ‫تقديمه‬ ‫تقديمه‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الخزينة العامة للمملكة‬
‫‪63‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الخزينات الجهوية واإلقليمية‬
‫‪1985‬‬ ‫‪3104‬‬ ‫‪566‬‬ ‫‪1588‬‬ ‫‪1419‬‬ ‫‪1516‬‬ ‫القباضات‬
‫الوكاالت المحاسبية لدى الهيئات‬
‫‪769‬‬ ‫‪1351‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪684‬‬ ‫‪638‬‬ ‫‪667‬‬
‫الدبلوماسية والقنصلية‬
‫‪772‬‬ ‫‪1117‬‬ ‫‪267‬‬ ‫‪466‬‬ ‫‪505‬‬ ‫‪671‬‬ ‫مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫‪587‬‬ ‫‪867‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪450‬‬ ‫‪396‬‬ ‫‪417‬‬ ‫مكاتب التسجيل والتمبر‬
‫مكاتب الجمارك والضرائب غير‬
‫‪37‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫المباشرة‬
‫‪204‬‬ ‫‪478‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪319‬‬ ‫‪151‬‬ ‫‪159‬‬ ‫المحافظات العقارية‬
‫الجماعات المحلية وهيئاتها‪:‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الجهات‬
‫‪405‬‬ ‫‪676‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪353‬‬ ‫‪310‬‬ ‫‪323‬‬ ‫العماالت واألقاليم‬
‫‪90‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪70‬‬ ‫المجموعات الحضرية‬
‫‪1531‬‬ ‫‪2482‬‬ ‫‪321‬‬ ‫‪1245‬‬ ‫‪1210‬‬ ‫‪1237‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪4‬‬ ‫‪1.006‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪610‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪396‬‬ ‫نقابات الجماعات‬
‫‪6486‬‬ ‫‪11865‬‬ ‫‪1765‬‬ ‫‪6387‬‬ ‫‪4721‬‬ ‫‪5478‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2004‬‬

‫من خالل هذا الجدول يتضح أن الفترة التي سبقت إحداث المحاكم المالية كانت تعرف‬
‫تراكما في عدد الحسابات المقدمة إلى المجلس األعلى للحسابات في ظل قانون ‪ 12-79‬وابتداء‬
‫من فاتح يناير ‪ 2003‬أصبحت مرافق الدولة واألجهزة العمومية األخرى مطالبة بتقديم حساباتها في‬
‫كل سنة من طرف المحاسبين العموميين‪ ،‬وإال تعرضوا للتأديب والغرامة وهكذا أفضى تدقيق‬
‫‪767‬‬
‫إلى تهييئ ما مجموعه ‪ 1451‬مذكرة مالحظات و‪504‬‬ ‫حسابات المحاسبين خالل سنة ‪2003‬‬
‫فقط خالل سنة ‪ 2004‬مما يعني تقليص عدد المحاسبين العموميين الذين يتملصون من تقديم‬
‫حساباتهم‪.‬‬

‫أما خالل سنة ‪ 2007‬فقد تم البت في ‪7681271‬حسابا توصلت بها المحاكم المالية‪،‬‬

‫انظر تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ، 2004‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪.2006‬‬ ‫‪766‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،5401‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.657 :‬‬ ‫‪767‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2007‬‬ ‫‪768‬‬

‫‪266‬‬
‫أعدت النيابة العامة بالمجلس األعلى للحسابات ‪ 43‬تقري ار من خالل مستنتجاتها‪ ،‬يهم ‪ 245‬منها‬
‫مصالح الدولة و‪ 198‬حسابا يتعلق بالجماعات الترابية‪.‬‬

‫وقد بلغ عدد الحسابات التي تم تدقيقها خالل سنة ‪ 2007‬ما مجموعه ‪ 1339‬حسابا‪،‬‬
‫وتتعلق بالسنوات المالية لما قبل سنة ‪ ،2003‬والجدول التالي يوضح وضعية الحسابات المدققة‬
‫حسب المركز المحاسبي ‪:‬‬
‫عدد الحسابات المدققة‬ ‫المركز المحاسبي‬
‫‪33‬‬ ‫الخزينة الجهوية واإلقليمية‬
‫‪185‬‬ ‫مكاتب التسجيل والقباضات البلدية والخزينات الجماعية‬
‫‪130‬‬ ‫مكاتب التسجيل والتنبر‬
‫‪143‬‬ ‫مكاتب الجمارك والضرائب غير المباشرة‬
‫‪248‬‬ ‫المحافظة على األمالك العقارية‬
‫‪132‬‬ ‫الوكاالت المحاسبية لدى الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‬
‫‪102‬‬ ‫المصالح المسيرة بطريقة مستقلة‬
‫‪13‬‬ ‫الجهات‬
‫‪64‬‬ ‫العماالت واألقاليم‬
‫‪11‬‬ ‫المجموعات الحضرية‬
‫‪278‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪1.339‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2007‬ص ‪.292 :‬‬

‫وقد أفضى تدقيق هذه الحسابات إلى تسجيل مجموعة من المالحظات من طرف المجلس تم‬
‫تبليغها إلى المحاسبين المعنيين من أجل الرد عليها في اآلجال القانونية‪ ،‬حتى يتسنى للمجلس‬
‫وضع تقارير للبت فيها‪ ،‬وهكذا فقد أعد المجلس ‪ 268‬مذكرة مالحظات تم تبليغ ‪ 252‬منها إلى‬
‫مختلف فئات المحاسبين المعنيين بها‪ .‬أما التقارير المعدة للبت النهائي فيها فقد بلغ عددها ‪452‬‬
‫‪769‬‬
‫تقريرا‪.‬‬

‫وابتداء من سنة ‪ 2004‬تم إسناد اختصاص البت في حسابات الجماعات المحلية‬


‫للمجالس الجهوية للحسابات طبقا لمقتضيات القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية مما‬
‫جعل عدد الحسابات المقدمة للمجلس األعلى للحسابات تتقلص‪ ،‬وبالتالي رفع العبء عن هذه‬
‫الهيئة‪ .‬وهكذا وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 126‬من مدونة المحاكم المالية التي تعطي للمجالس‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ، ،2007‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.293 :‬‬ ‫‪769‬‬

‫‪267‬‬
‫الجهوية للحسابات مهمة التدقيق والبت في حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات‬
‫العمومية المحلية المقدمة من طرف المحاسبين العموميين المكلفين بتنفيذ ميزانياتها‪ .‬وهكذا يتعين‬
‫على هؤالء اإلدالء للمجالس الجهوية للحسابات بحسابات الجماعات المحلية وهيئاتها في اآلجال‬
‫‪770‬‬
‫توزيع الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين العموميين‬ ‫القانوني‪ ،‬ويرصد الجدوالن أدناه‬
‫خالل األربع سنوات من سنة ‪ 2004‬إلى سنة ‪ 2007‬و التي صدرت في تقرير المجلس األعلى‬
‫للحسابات برسم سنة ‪ ، 2008‬ثم من سنة ‪ 2008‬إلى ‪ 2010‬و التي صدرت في تقرير المجلس‬
‫برسم سنة ‪.2011‬‬

‫عدد الحسابات المدلى بها موزعة حسب السنوات‬


‫عدد األجهزة‬
‫المالية‬ ‫نوع الجهاز‬
‫الخاضعة‬
‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الجهات‬
‫‪31‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪49‬‬ ‫األقاليم‬
‫‪7‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬ ‫العماالت‬
‫‪127‬‬ ‫‪172‬‬ ‫‪181‬‬ ‫‪185‬‬ ‫‪199‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪739‬‬ ‫‪1093‬‬ ‫‪1149‬‬ ‫‪1201‬‬ ‫‪1297‬‬ ‫الجماعات القروية‬
‫‪37‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪74‬‬ ‫هيئات الجماعات المحلية‬
‫المقاوالت والمؤسسات العمومية المحلية‬
‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪17‬‬
‫المتوفرة على محاسب عمومي‬
‫‪960‬‬ ‫‪1394‬‬ ‫‪1474‬‬ ‫‪1526‬‬ ‫‪1684‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪:‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،2007‬ص ‪293 :‬‬

‫أما الحسابات المدلى بها من طرف الملزمين منذ سنة ‪ 2008‬إلى سنة ‪ 2010‬فقد جاءت‬
‫على التفصيل التالي‪:‬‬

‫عدد الحسابات المدلى بها‬ ‫عدد‬


‫نوع الجهاز‬
‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫الملزمين‬
‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الجهات‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،2008‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬ ‫‪770‬‬

‫‪268‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪58‬‬ ‫األقاليم‬
‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪13‬‬ ‫العماالت‬
‫‪139‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪173‬‬ ‫‪209‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪777‬‬ ‫‪961‬‬ ‫‪1057‬‬ ‫‪1305‬‬ ‫الجماعات القروية‬
‫‪34‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪78‬‬ ‫الهيئات‬
‫المقاوالت والمؤسسات العمومية المحلية‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪23‬‬
‫المتوفرة على محاسب عمومي‬
‫‪1018‬‬ ‫‪1236‬‬ ‫‪1358‬‬ ‫‪1702‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪:‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪2011‬‬

‫فمن خالل الجدولين المشار إليهما أعاله‪ ،‬يتبين أن عملية اإلدالء بالحسابات من طرف‬
‫الملزمين عرفت تطو ار ملحوظا في اتجاه الوعي بالمسؤولية ‪ ،‬خصوصا في الفترة الممتدة من سنة‬
‫‪ 2008‬إلى سنة ‪ 2010‬على عكس السنوات األولى من إحداث المحاكم المالية إلى حدود سنة‬
‫‪ ، 2007‬فقد تقلص عدد الحسابات المدلى بها سنة ‪ 2010‬إلى ‪ 1018‬حسابا بنسبة تفوق ‪℅ 59‬‬
‫همت جميع الجماعات الترابية و الهيئات المحلية‪.‬‬
‫فإدالء المحاسبين العموميين بحساباتهم يعتبر مقتضى قانونيا ملزما يندرج ضمن النظام العام‪،‬‬
‫لذلك عمدت الم جالس الجهوية للحسابات إلى تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بإلزام المحاسبين‬
‫المتقاعسين باإلدالء بحساباتهم عن طريق اتخاذ جملة من التدابير منها‪:‬‬

‫‪ -‬إرسال أوامر إلى المحاسبين المعنيين من أجل اإلدالء بحساباتهم‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه رسائل تذكيرية من طرف رؤساء المجالس الجهوية للحسابات ‪.‬‬

‫‪ -‬تطبيق الغرامة و الغرامات التهديدية أو إحالة ملفاتهم على النيابة العامة‪.‬‬

‫وقد تمت خالل سنة ‪ 2008‬إحالة ‪ 8‬حاالت على النيابة العامة تتعلق بمحاسبين لم يدلوا‬
‫بحساباتهم من أجل تطبيق اإلجراءات القسرية في حقهم‪.‬‬

‫وتعود اإلكراهات التي تجعل المحاسبين العموميين ال يقدمون حساباتهم في الوقت القانوني إلى‬
‫عدة أسباب منها ‪ :‬ارتفاع عدد األجهزة المسيرة من طرف نفس المحاسب‪ ،‬ثم التأخر الحاصل في‬
‫التأشير على سجالت حسابات التسيير من طرف الخزنة الجهويين واإلقليميين‪ ،‬وكذا التأخير الذي‬
‫يشوب المصادقة على الحسابات اإلدارية من طرف سلطات الوصاية؛ ثم مغادرة بعض المحاسبين‬

‫‪269‬‬
‫العموميين للمركز المحاسبي دون توقيع الجزء الذي يهمهم من الحساب ‪ ،‬وتسليم المهام في إطار‬
‫‪771‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫مقتضيات المادة ‪28‬‬

‫وأخي ار صعوبة استرجاع الوثائق المثبتة المتعلقة بالشطر األول من السنة المالية بعد‬
‫إرسالها إلى الخزينة العامة للمملكة‪.‬‬

‫هذا فيما يخص المحاسبين القانونيين‪ ،‬فماذا عن المحاسبين بحكم الواقع ؟‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحاسبون بحكم الواقع ومسألة البث في الحسابات‬


‫القانون "المحاسب" أو المسير بحكم الواقع هو "كل شخص يباشر من‬ ‫‪772‬‬
‫قد عرف بعض فقهاء‬
‫غ ير أن يؤهل لذلك من لدن السلطة المختصة‪ ،‬عمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة‬
‫واستعمال أموال أو قيم في ملك أحد األجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس األعلى للحسابات‬
‫أو المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬أو يقوم هذا الشخص من دون أن تكون له صفة محاسب عمومي‬
‫بعمليات تتعلق بأموال أو قيم ليست في ملك األجهزة المذكورة‪ ،‬بحيث يكلف المحاسبون العموميون‬
‫وحدهم بإنجازها وفقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬كما يمكن بوجه خاص أن يعتبر‬
‫المشارك مسؤوال عن التسيير بحكم الواقع كل شخص موظف أو عون‪ ،‬وكذا كل من هو حاصل‬
‫على طلبات عمومية‪ ،‬والذي يكون بموافقته أو تشجيعه إما عمل على المبالغة في بيانات األثمان‬
‫أو الفاتورات أو على تحريف البيانات الواردة بهذه الوثائق‪ ،‬ويعمد عن علم إلى تحرير أوامر‬
‫‪773‬‬
‫فالهدف من التسيير بحكم الواقع هو تقويم‬ ‫باألداء‪ ،‬أو حواالت أو تبريرات أو أصول صورية"‪.‬‬
‫األشكال المحاسبية‪ ،‬وذلك بإخضاع المحاسب بحكم الواقع لنفس االلتزامات التي يخضع لها‬
‫المحاسب القانوني‪ ،‬وتطبق عليه القواعد الموازية لتلك التي تطبق على المحاسب العمومي‪،‬‬
‫فالمشرع سواء المغربي أو في القانون المقارن ال يفرق بين المحاسب العمومي القانوني والمحاسب‬
‫بحكم الواقع تأسيسا على قاعدة أصولية فقهية تستهدف حماية المال العام مفادها ‪" :‬أن األموال‬
‫العمومية تحرق األيدي التي تمتد إليها"‬
‫’’‪‘’ Les deniers publics brûlent les Doits qui les touchent‬‬

‫تنص المادة ‪ 28‬في فقرتها الثانية والث الثة من مدونة المحاكم المالية على أنه ‪" :‬ويعتبر كل آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي مسؤوال‬ ‫‪771‬‬

‫عن الق اررات التي اتخذها أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استالمه لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها‪ .‬وفي حالة تسيير مجزئ‪ ،‬يبرز الحساب أو‬
‫البيان المحاسبي على حدة العمليات الخاصة بكل محاسب من المحاسبين العموميين المتعاقبين‪.‬‬
‫ويشهد كل محاسب عمومي بصحة الحساب فيما يخص الجزء الذي يهمه‪ ،‬أو يوكل خلفه‪."...‬‬
‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ ،..............‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.141 :‬‬ ‫‪772‬‬

‫حسب تعريف المشرع المغربي في المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪773‬‬

‫‪270‬‬
‫فهذه القاعدة تجسد المسؤولية الجسيمة التي تقع على كاهل المحاسب سواء كان محاسبا‬
‫قانونيا أو محاسبا بحكم الواقع‪ .‬فطبقا لمقتضيات مدونة المحاكم المالية‪ ،‬يمكن للمجلس األعلى أو‬
‫المجالس الجهوية للحسابات التصريح بحاالت المحاسبين بحكم الواقع‪ .‬وهكذا اتخذ المجلس األعلى‬
‫للحسابات منذ دخول المدونة حيز التطبيق‪ ،‬وبالضبط سنة ‪7742004‬تاريخ صدور أول تقرير‬
‫للمجلس بالصيغة الجديدة‪ ،‬ثالثة ق اررات تعلقت بالتسيير بحكم الواقع تهم أشخاصا صرح المجلس‬
‫بأنهم محاسبين بحكم الواقع‪ ،‬ويتعلق األمر بق اررين نهائيين إلبراء الذمة يهمان رئيس جماعة‬
‫حضرية ومقاولين إ ثنين‪ ،‬وقرار تمهيدي يتعلق بوكيل المداخيل لمرفق عمومي تابع للدولة أمره‬
‫المجلس بتبرير أداء نفقات بدون أن يكون مؤهال للقيام بها من طرف السلطة المختصة‪ .‬وفي سنة‬
‫‪775‬‬
‫قضيتين تتعلقان بالتسيير‬ ‫‪ 2007‬أحالت النيابة العامة لدى المجلس الجهوي للحسابات بالرباط‬
‫بحكم الواقع تهم الجماعة الحضرية لسيدي قاسم‪ ،‬تم إصدار الحكم التمهيدي بالتصريح بأربعة‬
‫أشخاص كمسيرين بحكم الواقع أو مشاركين فيه من أجل قيامهم بأعمال متعلقة بتسديد نفقات‬
‫صورية مقابل أشغال وأدوات لم تنجز فعليا‪.‬‬

‫أما فيما يخص التقرير األخير للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2011‬فقد رصد ‪6‬‬
‫حاالت من التسيير بحكم الواقع لدى أربع مجالس جهوية للحسابات ‪ ،‬وقد همت ‪ 6‬أجهزة استنادا‬
‫إلى نتائج المراقبة ؛ و الجدول التالي يبين األجهزة المراقبة ‪ ،‬ومصدر اإلحالة و سنواتها‪.‬‬

‫تقدم أطوار المسطرة‬ ‫سنة إيداع‬ ‫السلطة التي‬ ‫األجهزة المراقبة‬


‫الطلب‬ ‫أودعت الطلب‬

‫‪-‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫إحالة داخلية‬ ‫الوكالة المستقلة لتوزيع‬


‫الماء و الكهرباء للعرائش‬

‫حكم مؤقت في ‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫إحالة داخلية‬ ‫الجماعة الحضرية للدار‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ ،2006‬ص ‪.660 :‬‬ ‫‪774‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2008‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2010‬ص ‪.2159 :‬‬ ‫‪775‬‬

‫‪271‬‬
‫البيضاء‬

‫إحالة التقرير إلى النيابة‬ ‫‪2010‬‬ ‫إحالة داخلية‬ ‫الجماعة الحضرية أوالد‬
‫العامة‬ ‫تايمة‬

‫إحالة التقرير إلى النيابة‬ ‫‪2010‬‬ ‫إحالة داخلية‬ ‫الجماعة القروية تامري‬
‫العامة‬

‫في طور التصريح المؤقت‬ ‫‪2010‬‬ ‫النيابة العامة‬ ‫الجماعة الحضرية تمارة‬

‫في طور التصريح المؤقت‬ ‫‪2010‬‬ ‫النيابة العامة‬ ‫الجماعة الحضرية‬


‫الخميسات‬

‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2011‬‬

‫وقد وصل عدد القضايا التي كانت محل متابعات من طرف المحاكم المالية منذ دخول‬
‫مدونة المحاكم المالية حيز التنفيذ إلى ‪ 182‬قضية‪ ،‬منها ‪ 128‬قضية في إطار التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية و‪77612‬قضية في إطار التسيير بحكم الواقع‪.‬‬

‫وفي تقرير المجلس لسنة ‪ 2010‬والذي صدر في ‪ 22‬مارس ‪ ،2012‬وفي إطار‬


‫اختصاصات المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في مادة التدقيق والبت في‬
‫الحسابات‪ ،‬فقد تم التصريح بأشخاص كمحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬ووصل عددهم إلى ‪8‬‬
‫أشخاص‪ )6(777،‬منهم أحيلوا من طرف وكالء الملك على الجهات المختصة ‪.‬‬

‫فالمسطرة التي تجري على المحاسب بحكم الواقع حسب مدونة المحاكم المالية هي نفسها‬
‫التي تجري على المحاسب القا نوني بعد إثبات الحالة من طرف إما المجلس األعلى للحسابات أو‬
‫من طرف المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬لكن القانون ال يفسر الكيفيات اإلجرائية التي تنظم عملية‬
‫‪778‬‬
‫اعتبار شخص ما محاسبا بحكم الواقع‪ ،‬بل اكتفى بإعطاء تعريف مستقى من التعريف الفرنسي‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2009‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5912‬مكرر بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪ ،2011‬ص ‪.1140 :‬‬ ‫‪776‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬صادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2012‬ص ‪.2184 :‬‬ ‫‪777‬‬

‫قد عرفت المادة ‪ 60‬في فقرتها ‪ XI‬من قانون رقم ‪ 63-156‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 1963‬المحاسب الفعلي بأنه ‪:‬‬ ‫‪778‬‬

‫‪"… Toute personne qui, sans avoir la qualité de comptable public ou sans agir sous contrôle et pour le compte‬‬
‫‪d’un comptable public, s’ingère dans le recouvrement des recettes affectées ou destinées à un organisme public‬‬
‫‪doté d’un poste comptable ou dépendant d’un tel poste doit, nonobstant les poursuites qui pourraient être engagé‬‬
‫‪devant les juridictions répressives, rendre compte au juge financier de l’emploi des fonds et valeurs qu’elle a‬‬
‫‪irrégulièrement détenus ou maniés ".‬‬

‫‪272‬‬
‫فيما يخص العناصر المكونة لل تسيير بحكم الواقع‪ ،‬وهو ما يحيل على التجربة الفرنسية من أجل‬
‫تصفية التسيير بحكم الواقع من أجل تكييفها مع القانون المغربي‪ ،‬كما أن المشرع المغربي في‬
‫‪779‬‬
‫إذا ما ثبت أنه مسير بحكم‬ ‫مجال اعتبار الشخص محاسبا بحكم الواقع لم يحدد أجال للتقادم‬
‫الواقع فيما يخص التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬وحتى بالنسبة للمحاسب القانوني أيضا‪.‬‬

‫فسكوت المشرع عن عدم تحديد آجال التقادم هو خيار حكيم‪ ،‬وإن كان ال يخلو من‬
‫‪780‬‬
‫مخاطر وتناقضات حسب بعض فقهاء القانون واألكاديميين والممارسين‪.‬‬

‫هذا فيما يخص التدقيق والبت في الحسابات أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬فماذا عن‬
‫المجالس الجهوية للحسابات بخصوص هذا االختصاص ؟‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التدقيق والبت في حسابات المحاسبين أمام المجالس الجهوية للحسابات‬
‫تعتبر المجالس الجهوية للحسابات سيدة نفسها في مجال التدقيق والبت في الحسابات‬
‫الخاصة بالجماعات الترابية والمؤسسات المحلية التابعة لها‪ ،‬فلها نفس الدور الذي للمجلس األعلى‬
‫للحسابات في هذا المجال‪ .‬وأهم ما يميز مسؤولية المحاسبين العموميين أمام هذه المجالس هو‬
‫خصوصية المسطرة التلقائية التي تلزم محاسبي هذه الهيئات الخاضعة لرقابتها باإلحالة التلقائية‬
‫لحساباتهم السنوية داخل آجال محددة ووفق شكليات منظمة مشفوعة بالوثائق المثبتة والمحددة‬
‫‪781‬‬
‫كما يلتزم محاسبو باقي الهيئات الخاضعة لرقابة المجالس الجهوية‬ ‫بنصوص تنظيمية‪.‬‬
‫للحسابات فيما يخص التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬بتقديم بيانات محاسباتهم السنوية‪ ،‬التي تبين‬
‫‪782‬‬
‫عمليات المداخيل والمصاريف ومختلف عمليات الصندوق بصفة تلقائية ودونما حاجة للتذكير‬
‫بها أو مراسلتهم بهذا الشأن‪.‬‬

‫فعدم تقديم الحساب السنوي وما يلزمه من وثائق وخصوصا "حساب التسيير " ‪Le compte‬‬
‫‪ de gestion‬يرتب و يلقي على كاهل المحاسب العمومي مسؤولية شخصية ومالية كالتعرض‬
‫لغرامات تهديدية وغرامات التأخير حسب ما تنص عليه المادة ‪ 29‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫للخروج من إشكالية عدم تحديد المشرع في قانون ‪ 62-99‬أجال التقادم في مجال التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬يمكن االستئناس بقانون‬ ‫‪779‬‬

‫االلتزامات والعقود والذي حدد مدة التقادم في ‪ 15‬سنة حسب الفصل ‪ 387‬من ق‪.‬ل‪.‬ع لسنة ‪.1913‬‬
‫‪"Toutes les actions naissant d’une obligation sont prescrits par quinze ans, sauf les exceptions ci-après… ".‬‬
‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ .................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.140 :‬‬ ‫‪780‬‬

‫حسب المادتين ‪ 25‬و‪ 126‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪781‬‬

‫عبد اللطيف بروحو ‪" :‬ميزانية الجماعات المحلية"‪ ................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.197 :‬‬ ‫‪782‬‬

‫‪273‬‬
‫‪783‬‬
‫فتقديم الحساب من طرف المحاسبين العموميين إلى المجالس الجهوية للحسابات يعد من النظام‬
‫‪784‬‬
‫وال يجوز االتفاق على مخالفته‪ .‬إال أنه ما تجب اإلشارة إليه قبل‬ ‫العام وال يسقط بالتقادم‪،‬‬
‫التطرق إلى حصيلة المجالس الجهوية للحسابات (الفرع الثاني)‪ ،‬بعد دخول نظامهم القانوني حيز‬
‫التطبيق والذي حدده المشرع في السنة الموالية لتاريخ نشر المرسوم المتعلق بعدد ومقار المجالس‬
‫‪785‬‬
‫وإلى غاية إصدار المرسوم‪ ،‬كان‬ ‫الجهوية للحسابات التي سيتم إحداثها في المرحلة األولى‪،‬‬
‫العام للمملكة هو الذي له الصالحية في مجال البت وتدقيق الحسابات الخاصة ببعض‬ ‫‪786‬‬
‫الخازن‬
‫‪787‬‬
‫‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات (الفرع‬ ‫أصناف المحاسبين في ظل ظهير‬
‫األول)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اختصاصات الخازن العام قبل دخول نظام المجالس الجهوية‬
‫للحسابات حيز التطبيق‪.‬‬

‫بعد حصول المغرب على استقالله‪ ،‬بادر المشرع المغربي إلى إحداث مؤسسة عهد إليها‬
‫‪788‬‬
‫للحسابات مهمتها األساسية‬ ‫بالمراقبة وتتبع األموال العمومية‪ ،‬من خالل إحداث اللجنة الوطنية‬
‫‪789‬‬
‫إلى جانب صالحية رئيس مصلحة القباضات‪،‬‬ ‫هي تصفية حسابات المحاسبين العموميين‪،‬‬
‫‪790‬‬
‫والتي تخضع‬ ‫والذي أصبح بإمكانه تصفية حسابات بعض األجهزة العمومية التي تحدد بمرسوم‬
‫حساباتها للتصفية اإلدارية من قبل مصلحة القباضات في البلديات بما فيها المراكز المستقلة‬
‫والجماعات القروية‪.‬‬

‫‪783‬‬
‫‪OUJEMAA (S): " Le contrôle des finances publiques au Maroc", Edition Wallada, 1995, Casablanca, p : 125.‬‬
‫لقد استخدم المشرع لفظة "التقادم" بالنسبة للمخالفات المنصوص عليها في المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬إذا لم يتم اكتشافها في المادة ‪ 107‬من الكتاب‬ ‫‪784‬‬

‫األول لمدونة المحاكم المالية‪ ،‬وحدد مدتها في ‪ 5‬سنوات من تقديم الحساب في مجال المخالفات المتعلقة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪،‬‬
‫واستعمل لفظة عدم القابلية للتنفيذ بالنسبة لألحكام المتعلقة بالحسابات‪.‬‬
‫الفقرة األولى والثانية من المادة ‪ 164‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪785‬‬

‫تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 164‬المذكورة أعاله على أنه ‪" :‬ويستمر المجلس والخازن العام للمملكة في ممارسة االختصاصات المخولة‬ ‫‪786‬‬

‫للمجالس الجهوية في انتظار دخول هذا الكتاب حيز التنفيذ"‪ .‬وقد صدر المرسوم رقم ‪ 2.02.701‬بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪ 2003‬بتحديد عدد المجالس‬
‫الجهوية للحسابات وتسميتها ومقارها ودوائر اختصاصها بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5080‬بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪.2003‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.79.175‬صادر بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬ ‫‪787‬‬

‫‪ 3490‬مكرر بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.1979‬‬


‫ظهير رقم ‪ 1.59.269‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬المحدث للجنة الوطنية للحسابات ج‪.‬ر عدد ‪ 2478‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪.1960‬‬ ‫‪788‬‬

‫‪789‬‬
‫‪LMIMOUNI (M) : "Les pouvoirs du trésorier général au Maroc "........................, op.cit, p:206.‬‬
‫‪790‬‬
‫‪Décret n°472-62-2 du 20 décembre 1963 fixant la compétance du chef des perceptions en matière‬‬
‫‪d’appurement des comptes des collectivités publiques. B.O. n°2670 du 27/11/1973.‬‬

‫‪274‬‬
‫وبصدور المرسوم الملكي بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪ 1965‬المنظم لقانون المالية التعديلي لسنة‬
‫‪ 1965‬ثم إلغاء مصلحة القباضات‪ ،‬وتحويل اختصاص تصفية الحسابات المتعلقة باألجهزة‬
‫العمومية ومراقبتها إلى الخازن العام‪ ،‬وبالتالي أصبح المحاسبون مسؤولين ماليا أمامه فيما يتعلق‬
‫بالعمليات التي يتضمنها حساب تصرفهم‪ .‬وبالتالي أصبح الخازن العام يتولى في دائرة اختصاصه‬
‫إصدار ق اررات تصفية الحسابات‪ ،‬إما باإلعالن عن تبرئة ذمة المحاسب العمومي‪ ،‬أو اإلعالن عن‬
‫الفائض أو العجز في حسابه‪ .‬وكان بإمكان هذا األخير حق الطعن في ق اررات الخازن العام أمام‬
‫الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪.‬‬

‫وبصدور ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات لم يعد يتوفر‬


‫الخازن العام للمملكة على اختصاص كامل في مجال مساءلة وإجبار المحاسبين العموميين على‬
‫تقديم حساباتهم إلخضاعها للمراقبة‪ ،‬بل أصبح يتوفر فقط على اختصاص مفوض من قبل‬
‫المجلس األعلى للحسابات من خالل الفصل ‪ 26‬من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ ،1979‬هذه األجهزة‬
‫الخاضعة له جاءت الئحتها محددة بموجب مرسوم صادر في ‪ 13‬يناير ‪ 1983‬يتولى فيها الخازن‬
‫العام تصفية حسابات محاسبي هذه األجهزة وإصدار ق اررات بشأنها ففي حالة ثبوت العجز في‬
‫حساب المحاسب يصدر الخازن العام ق ار ار تحفظيا بمبلغ العجز ويحيله إلى المجلس األعلى‬
‫‪791‬‬
‫للحسابات للبت فيه بحكم نهائي‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى هذه المهام المنوطة بالخازن العام‪ ،‬تخضع أيضا مقررات التصفية التي‬
‫يتخذها إلمكانية الطعن فيها إما بالتعديل أو المراجعة‪ ،‬وفي حالة فرض غرامات تهديدية عليه أن‬
‫يرجع إلى المجلس األعلى للحسابات ليلتمس منه الحكم بهذه الغرامات حسب ما ينص عليه‬
‫الفصل ‪ 42‬من قانون ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،1979‬ولهذا األخير‬
‫حق التصدي في كل مرحلة للقضايا المعروضة على الخازن العام ليبت فيها‪ .‬فالمالحظة األساسية‬
‫هنا أن المشرع المغربي أعطى سلطات وصالحيات مهمة للخازن العام‪ ،‬وقيدها أمام المجلس‬
‫األعلى للحسابات في ظل ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬كباقي التشريعات المقارنة‪ ،‬ففي فرنسا مثال‬
‫يملك المجلس األعلى للحسابات كنظيره المغربي حق التصدي اتجاه القضايا اإلدارية والمالية‬

‫حسب الفصل ‪ 43‬من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات الذي ينص على ‪" :‬يصدر الخازن العام بشأن الحسابات‬ ‫‪791‬‬

‫المعروضة عليه مقررات إدارية تثبت أن المحاسب بريء الذمة أو أن في حسابه فائضا أو عجزا‪ .‬وإذا قرر الخازن العام أن المحاسب بريء ‪=-‬‬
‫الذمة أو أن في حسابه فائضا كان لمقرره‪ ،‬مع مراعاة دعاوى الطعن المحتمل تقديمها إلى ا لمجلس نفس المفعول المقرر بخصوص هذه الحالة في‬
‫الفصل ‪ 40‬بالنسبة ألحكام المجلس‪.‬‬
‫وإذا كان عجز في حساب المحاسب حدد الخازن العام مبلغ العجز بصفة تحفظية ووجه الملف إلى المجلس األعلى للحسابات للبت فيه بحكم‬
‫نهائي"‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫والمعروضة على الخازن العام أو محصلي المالية إال أن هذا الحق كان محدد المدة‪ ،‬فال يمكن‬
‫للمجلس أن يمارس حق التصدي إال داخل أجل سنة واحدة من تاريخ اإلعالن عن المقرر المتخذ‬
‫‪792‬‬
‫إال أن ما يميز التشريع المغربي هو حرية التصدي‬ ‫من طرف الخزنة أو محصلي المالية‪،‬‬
‫للقضايا المعروضة على الخازن العام من طرف المجلس األعلى للحسابات في كل وقت وحين‬
‫ومهما كانت المدة التي مرت على الحساب أو القضية المعروضة على المجلس‪.‬‬

‫وبعد صدور المرسوم المتعلق بإحداث المجالس الجهوية للحسابات ومقارها ودوائر‬
‫نفوذها في ‪ 29‬يناير ‪ 2003‬انتهت صالحية الخازن العام في القيام بهذه األدوار‪ ،‬وأصبح فقط يقوم‬
‫بمركزة الحسابات الفردية للمحاسبين العموميين ومقارنتها مع الحساب العام للمملكة بصفته‬
‫المحاسب األسمى‪ ،‬وأصبح بدوره يخضع للمجلس األعلى للحسابات فيما يخص تصفية الميزانية‬
‫‪793‬‬
‫كما أنه‬ ‫العامة أثناء التصريح العام بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة‪.‬‬
‫بعد هذا التاريخ تراكمت حصيلة مهمة لدى هذه المجالس في ميدان التدقيق والبت في الحسابات‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حصيلة المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التدقيق والبت في الحسابات‪.‬‬

‫يمكن إجمال هذه الحصيلة من المنجزات التي قامت بها المجالس الجهوية للحسابات بعد دخول‬
‫مقتضياتها القانونية حيز التنفيذ ابتداء من السنة المالية ‪ ،2004‬وقد جاءت هذه المقتضيات متأخرة‬
‫بسنة عن قانون المجلس األعلى للحسابات المضمن بالكتاب األول الصادر سنة ‪ .2003‬والسؤال‬
‫الذي ينبغي طرحه واإلجابة عليه هو ما مصير حسابات الجماعات المحلية وأجهزتها المحلية‬
‫التابعة لها منذ ‪ 2003‬إلى حدود ‪ 2004‬بالنسبة لالختصاصات و التدقيق والبت في الحسابات من‬
‫طرف المجالس الجهوية للحسابات ؟‬

‫ولإلجابة عن هذا السؤال فمآل سنة ‪ 2003‬تجيب عليه المادة ‪ 164‬من قانون ‪62-99‬‬
‫المتعلق بالمحاكم المالية التي تقضي باستمرار المجلس األعلى للحسابات والخازن العام للمملكة‬
‫في ممارسة االختصاصات المخولة للمجالس الجهوية للحسابات في انتظار دخول مقتضيات‬
‫‪794‬‬
‫الكتاب الثاني حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪792‬‬
‫‪Voir l’article 7 du décrêt loi du 8 Août 1935 cité par Montagnier George : « Le trésorier payeur Général »,‬‬
‫‪L.G.D.J, Paris, 1966, p : 183.‬‬
‫‪ 793‬أنظر على سبيل المثال الظهير الشريف رقم ‪ 1.10.06‬صادر في ‪ 11‬فبراير ‪ 2010‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 18.08‬الخاص بتصفية ميزانية‬
‫سنة ‪ 2006‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬
‫للمزيد من التوضيح والتعمق يمكن الرجوع إلى كتاب المجالس الجهوية للحسابات تنظيمها وتسييرها واختصاصاتها ومساطرها مع تعليق حول‬ ‫‪794‬‬

‫آخر التعديالت لألستاذ محمد براو‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2006 ،‬سلسلة الرقابة على المال العام والمنازعات المالية‪ ،‬ص ‪ 107 :‬وما يليها‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫وهكذا وخالل الخمس سنوات التي تلت إحداث المحاكم المالية‪ ،‬وبعد دخول مهام‬
‫المجالس الجهوية للحسابات حيز التنفيذ‪ ،‬عملت هذه المجالس على حث مختلف المتدخلين في‬
‫التدبير المالي المحلي على اإلدالء بحساباتهم داخل اآلجال القانونية‪ ،‬ليسهل البت فيها والوقوف‬
‫على االختالالت من أجل معالجتها واتخاذ التدابير الالزمة في حق المخالفين‪ .‬وهكذا وإلى حدود‬
‫نهاية سنة ‪ 2007‬سجلت المحاكم المالية بشكل عام االرتياح الكبير في مجال اإلدالء بالحسابات‪،‬‬
‫إذ دأبت أغلب األجهزة الخاضعة لرقابة هذه المحاكم على اإلدالء بحساباتها بشكل دوري ومنتظم‪.‬‬

‫و هكذا وخالل سنة ‪ 2010‬بلغ عدد الحسابات المدلى بها ‪ 1018‬حسابا همت جميع‬
‫الجماعات الترابية حسب تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2011‬‬

‫وابتداء من سنة ‪ 2008‬إلى حدود سنة‪ 2011‬سجلت المجالس الجهوية للحسابات تطو ار‬
‫مهما في مجال الحسابات المدققة‪ ،‬وهكذا وخالل سنة ‪ 2008‬بلغ مجموع الحسابات المدققة من‬
‫‪795‬‬
‫حسابا بمعدل ‪ 105‬حساب لكل مجلس جهوي للحسابات‬ ‫طرف هذه المجالس ما مجموعه ‪944‬‬
‫التسع‪ ،‬وقد احتلت الجماعات القروية المرتبة األولى بما مجموعه ‪ 724‬حسابا متبوعة بالجماعات‬
‫الحضرية بـ‪ 149‬حسابا مدققا‪،‬أما خالل سنة ‪ 2011‬فقد بلغ مجموع الحسابات التي تم تدقيقها من‬
‫طرف المجالس الجهوية للحسابات ‪ 1129‬حسابا أي بمعدل ‪ 125‬حساب لكل مجلس جهوي‬
‫‪796‬‬
‫من مجموع‬ ‫‪،‬منها ‪ 939‬حسابا تتعلق بالجماعات القروية و التي مثلت نسبة أكثر من ‪℅83‬‬
‫الحسابات المدققة خالل هذه السنة‪.‬و تبعا لما أسفرت عنه عملية التدقيق في الحسابات خالل هذه‬
‫السنة ؛ فقد وجهت مختلف المجالس الجهوية للحسابات ما مجموعه ‪ 386‬مذكرة مالحظات و‬
‫توصيات ‪،‬منها ‪ 244‬للمحاسبين العموميين و ‪ 142‬مذكرة لآلمرين بالصرف؛ والجدول التالي‬
‫يوضح وضعية الحسابات المدققة ‪ ،‬و كذا عدد المذكرات المتعلقة بالمالحظات المرسلة للمعنيين‬
‫بها من طرف المجالس الجهوية للحسابات برسم سنة ‪.*2011‬‬
‫عدد مذك ارت المالحظات الموجهة‬ ‫عدد مذكرات المالحظات الموجهة‬
‫الحسابات المدققة‬ ‫األجهزة الخاضعة للتدقيق‬
‫بالصرف‬ ‫إلى اآلمرين‬ ‫إلى المحاسبين العموميين‬
‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫الجهات‬

‫أنظر تقرير المجلس العلى للحسابات برسم سنة ‪ …….2008‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2157 :‬‬ ‫‪795‬‬

‫أنظر تقرير المجلس العلى للحسابات برسم سنة‪ …….2011‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.651 :‬‬ ‫‪796‬‬

‫تنص المادة ‪ 34‬في فقرتها الثالثة من قانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية على أنه ‪" :‬ويتضمن الملف تقرير المستشار المقرر ورأي‬ ‫‪797‬‬

‫المستشار المراجع والمستنتجات المثبتة موضوع المالحظات‪."...‬‬

‫‪277‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪19‬‬ ‫العماالت‬
‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫األقاليم‬
‫‪41‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪126‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪83‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪939‬‬ ‫الجماعات القروية‬
‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪31‬‬ ‫هيئات الجماعات المحلية‬
‫‪142‬‬ ‫‪244‬‬ ‫‪1129‬‬ ‫المجموع‬
‫* المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2011‬ص‪652:‬‬
‫فمن خالل الجدول يتضح تطور الحسابات المدققة من طرف المجالس الجهوية‬
‫للحسابات‪ ،‬نظ ار للوعي والمسؤولية التي أحس بها المحاسبون العموميون‪ ،‬بعد تطبيق اإلجراءات‬
‫القانونية من غرامات وجزاءات‪ ،‬وهكذا فقد سجل وكالء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات‬
‫مستنتجات تهم التقارير المتعلقة بتدقيق الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين حسب ما تنص‬
‫‪798‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية‪ .‬وهكذا واكبت النيابة العامة لدى المجالس الجهوية‬ ‫عليه المادة ‪34‬‬
‫للحسابات الوتيرة التصاعدية التي عرفها التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬بحيث ارتفع عدد التقارير‬
‫ير سنة ‪ 2007‬إلى ‪ 542‬تقرير سنة‬
‫التي وضعت بشأنها النيابة العامة مستنتجاتها من ‪ 324‬تقر ا‬
‫‪ ، 2008‬كما بلغ عدد مستنتجات النيابة العامة من أجل األحكام التمهيدية ‪ 13‬مستنتجا و‪389‬‬
‫حكما نهائيا‪ .‬وبلغ عدد األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات نتيجة لهذه المستنتجات‬
‫برسم سنة ‪ 2008‬ما مجموعه ‪ 420‬حكما نهائيا و‪ 98‬حكما تمهيديا في مجال إثارة مسؤولية‬
‫المحاسبين العموميين‪ ،‬كما صرح بـ‪ 12‬حكم نهائي بعجز في حسابات المحاسبين المعنيين التي‬
‫يتعين أداؤه‪ .‬وقد شكلت نسبة ‪ %3‬من مجموع الحسابات المقدمة للمجالس الجهوية للحسابات التي‬
‫شابتها اختالالت نتجت عنها إثارة المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين العموميين‪ .‬وقد بلغ‬
‫المبلغ اإلجمالي للعجز المصرح به من خالل أحكام المجالس الجهوية للحسابات خالل هذه المدة‬
‫‪799‬‬
‫درهما منها ‪ 13.808.567,00‬درهما تتعلق بالمحاسبين المكلفين‬ ‫ما قدره ‪14.120.691,00‬‬
‫بتنفيذ ميزانيات الجماعات الحضرية‪.‬‬
‫‪800‬‬
‫فقد بلغ عدد الحسابات‬ ‫و في تقرير للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪،2010‬‬
‫المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين لدى المجالس الجهوية للحسابات إلى ‪ 1219‬حسابا‬
‫من أصل ‪ 1670‬حسابا الخاضعة لها‪ ،‬وقد بلغ عدد الحسابات التي تم تدقيقها من طرف هذه‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪....................................... ،2008‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2159 :‬‬ ‫‪799‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2010‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2012‬‬ ‫‪800‬‬

‫‪278‬‬
‫المجالس ما مجموعه ‪ 1157‬حسابا منها ‪ 946‬حسابا تتعلق بالجماعات القروية و‪ 123‬تهم‬
‫الجماعات الحضرية و‪ 39‬تهم العماالت واألقاليم و‪ 9‬تهم الجهات و‪ 34‬تم هيئات الجماعات‪ .‬وقد‬
‫وصل معدل الحسابات المدققة بالنسبة لكل مجلس جهوي التسع ‪ 128‬حسابا مدققا‪ ،‬وقد بلغ عدد‬
‫األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات خالل سنة ‪ 2010‬ما مجموعه ‪ 1324‬حكما‬
‫منها ‪ 1141‬حكما نهائيا و‪ 183‬حكما تمهيديا منها ‪ 60‬حكما نهائيا بالعجز في إطار المسؤولية‬
‫‪801‬‬
‫درهما كما‬ ‫المالية والشخصية للمحاسبين العموميين بمبلغ إجمالي وصل إلى ‪1.995.872,30‬‬
‫تم وضع ‪ 323‬مستنتجا من طرف وكالء الملك من أجل إصدار أحكام تمهيدية و‪ 548‬مستنتجا‬
‫بشأن التقارير التي تم إعدادها قصد إصدار األحكام النهائية‪ ،‬وكانت حصة الجماعات القروية منها‬
‫‪802‬‬
‫مستنتجا‪ ،‬تليها الجماعات الحضرية بـ‪ 63‬مستنتجا ثم العماالت بـ‪ 10‬مستنتجا‪ ،‬فالجهات‬ ‫‪459‬‬
‫بـ‪ 8‬مستنتجا والهيئات التابعة للجماعات الترابية بـ‪ 7‬مستنتجا واألقاليم بمستنتج واحد‪.‬أما برسم سنة‬
‫‪ 2011‬فقد بلغ عدد األحكام الصادرة عن هذه المجالس ما مجموعه ‪ 1345‬حكما ‪ ،‬منها ‪1172‬‬
‫حكما نهائيا و ‪ 173‬حكما تمهيديا‪.‬‬

‫و فيما يتعلق بالمسؤولية المالية و الشخصية للمحاسبين العموميين ‪،‬فقد تضمن ‪65‬‬
‫حكما نهائيا بالعجز بمبلغ إجمالي قدر ب ‪ 5.108.905.66‬درهما منها ‪ 3.626.245.90‬درهما‬
‫تهم المجالس الحضرية ‪.‬و قد تم الطعن في ‪ 12‬حكما من هذه األحكام بالعجز باإلستئناف‪.‬‬

‫و يبين الجدول التالي وضعية الحسابات التي تم تدقيقها و البت فيها من طرف المجالس‬
‫الجهوية للحسابات من خالل تقريرالمجلس األعلى للحسابات الصادر سنة ‪ 2011‬و الذي تبين‬
‫من خالله تسجيل عجز في حسابات الجماعات الترابية القروية و الذي يعزى بالدرجة األولى إلى‬
‫العدد األكبر من هذه الجماعات ‪ ،‬و إلى نقص التجربة في التدبير لدى المسؤولين عن تدبير هذه‬
‫الجماعات سواء بالنسبة لآلمرين بالصرف أو القباض الجماعيين على عكس الجماعات الترابية‬
‫الحضرية التي يتحسن أداؤها اإلداري و المالي سنة بعد سنة نظ ار لتوفرها على األطر و الكفاءات‬
‫في مجال التسيير المالي و اإلداري و التي تتمركز بالوسط الحضري‪.‬و هذا يتبين من خالل هذا‬
‫الجدول‪:‬‬
‫األحكام النهائية‬ ‫األحكام‬ ‫حسابات في‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ .......،2010‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2183 :‬‬ ‫‪801‬‬

‫أنظر جدول مستنتجات السادة وكالء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر‪،‬‬ ‫‪802‬‬

‫ص ‪.2183 :‬‬

‫‪279‬‬
‫طلبات‬ ‫مبلغ العجز بالدرهم‬ ‫عجز‬ ‫تبرئة الذمة‬ ‫التمهيدية‬ ‫طور‬ ‫األجهزة المراقبة‬
‫اإلستئناف‬ ‫التدقيق‬

‫‪1‬‬ ‫‪ 18.741.60‬درهم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الجهات‬


‫‪1‬‬ ‫‪ 43.910.55‬درهم‬ ‫‪2‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪10‬‬ ‫العماالت‬

‫‪-‬‬ ‫‪234.000.00‬درهم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫االقاليم‬


‫‪4‬‬ ‫‪ 3.626.245.90‬درهم‬ ‫‪13‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬
‫‪6‬‬ ‫‪1.186.007.61‬درهم‬ ‫‪48‬‬ ‫‪844‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪222‬‬ ‫الجماعات القروية‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪9‬‬ ‫الهيئات‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫المقاوالت و المؤسسات‬


‫العمومية المحلية التي تتوفر‬
‫على محاسب عمومي‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪ 5.108.905.66‬درهم‬ ‫‪65‬‬ ‫‪1107‬‬ ‫‪173‬‬ ‫‪280‬‬ ‫المجموع‪:‬‬

‫* المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫و فيما يخص النيابة العامة لدى المجالس الجهوية للحسابات فقد وضعت خالل سنة ‪2011‬‬
‫مستنتجاتها على ‪ 798‬تقرير تعلقت بتدقيق الحسابات و الوضعيات المحاسبية المقدمة من طرف‬
‫المحاسبين العموميين كان للمجلس الجهوي لوجدة حصة األسد ب ‪803 164‬مستنتجا يليه المجلس‬
‫الجهوي للعيون ب ‪ 156‬مستنتجا و أقلها المجلس الجهوي للدار البيضاء ب ‪ 20‬مستنتجا متبوع‬
‫بالمجلس الجهوي لسطات ب ‪ 21‬مستنتجا ؛ على عكس النيابة العامة للمجلس األعلى للحسابات‬
‫التي قامت في نفس الفترة بإيداع مستنتجاتها بخصوص جميع التقارير التي أحيلت عليها ‪ ،‬و قد‬
‫بلغ عدد هذه التقارير ‪ 376‬تقري ار يخص ‪ 2673‬حسابا‪ .804‬و قد همت هذه التقارير حسابات تسيير‬
‫مرافق الدولة الخاضعة لمراقبة المجلس األعلى للحسابات و عددها ‪ 2628‬حسابا و الجماعات‬
‫المحلية و هيئاتها ب ‪ 45‬حسابا و التي تعود إلى سنوات ما قبل ‪.2003‬‬

‫و قد جاءت مستنتجات النيابة العامة في ميدان التدقيق و البت في الحسابات برسم سنة‬
‫‪* 2011‬على الشكل التالي و المبينة بالجدول أسفله‪.‬‬

‫عدد المستنتجات‬ ‫عدد التقارير التي حسابات التسيير‬ ‫طبيعة الحساب‬

‫تقرير المجلس االعلى للحسابات برسم سنة ‪............................. 2011‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪653:‬‬ ‫‪803‬‬

‫تقرير المجلس االعلى للحسابات برسم سنة ‪.............................. 2011‬ن‪.‬م‪ ،..‬ص‪396:‬‬ ‫‪804‬‬

‫‪280‬‬
‫بها النيابة‬ ‫توصلت‬
‫العامة‬
‫‪694‬‬ ‫‪2628‬‬ ‫‪694‬‬ ‫حسابات مرافق الدولة‬

‫‪42‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪42‬‬ ‫تسيير‬ ‫حسابات‬


‫الجماعات المحلية و‬
‫هيئاتها‬
‫‪736‬‬ ‫‪2673‬‬ ‫‪736‬‬ ‫المجموع‬

‫* المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2011‬ص‪396:‬‬


‫وقد اعتمد المشرع المغربي في تحديده وتنظيمه لالختصاصات الموكولة للمحاكم المالية‬
‫على مقاربة منهجية‪ ،‬تكتسي طابعا شموليا ومتكامال‪ ،‬من خالل وضع جسور بين مختلف هذه‬
‫االختصاصات سواء كانت قضائية أو غير قضائية‪ .‬و يتعلق األمر بالمراقبة المندمجة التي تنطلق‬
‫من تقديم الحساب أو البيان المحاسبي المقدم من طرف المحاسبين العموميين في ميدان التدقيق‬
‫والبت في الحسابات‪ .‬وفضال عن تقديم نتائج التدقيق والبت في الحساب‪ ،‬يهدف التقرير القضائي‬
‫الذي ينجزه قضاة المجالس الجهوية للحسابات إلى إبراز الوقائع التي قد تشكل مخالفات تندرج في‬
‫نطاق التأديب المالي أو في نطاق التسيير بحكم الواقع‪ ،‬في حين يعرض في تقرير ثاني غير‬
‫قضائي المالحظات التي قد تنم عن وجود اختالالت في تدبير شؤون الجهاز العمومي ‪ ،‬وذلك في‬
‫نطاق مراقبة التدبير‪.‬‬

‫فطبقا للفصل ‪ 147‬من دستور‪ 2011‬الذي أعطى الصالحية للمجلس األعلى للحسابات‬
‫ليمارس اختصاصات قضائية في مجال التدقيق و البت في حسابات المحاسبين العموميين و‬
‫المحاسبين بحكم الواقع ‪ ،‬والتأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ؛ كما أناطه بمهمة مراقبة‬
‫تدبير األجهزة العمومية و استعمال األموال العمومية و مراقبة المالية العمومية؛ كما أضاف‬
‫المشرع الدستوري مهاما أخرى تتعلق بمراقبة و تتبع التصريحات اإلجبارية بالممتلكات و تدقيق‬
‫حسابات األحزاب السياسية و فحص النفقات المتعلقة بالعمليات اإلنتخابية ‪ .‬وهكذا أصبح المجلس‬
‫األعلى للحسابات طبقا ألحكام المادة ‪ 100‬من القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية يقوم بإصدار بيان أو تقرير عن أنشطته القضائية و غير القضائية ‪ ،‬و كذا األنشطة‬

‫‪281‬‬
‫اإلدارية للمحاكم المالية ‪.‬‬

‫فبالنسبة ألنشطة المجلس األعلى للحسابات فهي تضم‪ :‬مراقبة التدبير و استعمال األموال العمومية‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬تتبع التوصيات ‪.‬‬

‫‪ -‬األنشطة المتعلقة بالرقابة القضائية ‪.‬‬

‫‪ -‬األنشطة المتعلقة بالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬و تدقيق حسابات األحزاب السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬ملخص حول تنفيذ قوانين المالية في السنوات السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬الموارد و األنشطة اإلدارية للمحاكم المالية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة ألنشطة المجالس الجهوية للحسابات فتتضمن ‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة و استخدام األموال العمومية المحلية‪.‬‬

‫‪ -‬تتبع التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات للسنوات السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬األنشطة القضائية للمجالس الجهوية للحسابات المتعلقة باآلمرين بالصرف و المحاسبين‬


‫العموميين من خالل اإلدالء بالحسابات‪.‬‬

‫وتكمن أهمية اإلدالء بالحسابات من أجل البت فيها من كون هذه العملية تشكل أحد‬
‫مظاهر تطبيق مبدأ المساءلة في مجال التدبير العمومي‪ ،‬لذلك ألزم المشرع المتدخلين في تدبير‬
‫المال العام المحلي بتقديم حسابات األجهزة العمومية المحلية‪ ،‬التي يتولون تنفيذ ميزانياتها كل‬
‫‪806‬‬ ‫‪805‬‬
‫‪ ،‬إلى المجلس الجهوي الذي يوجد الجهاز المعني في دائرة اختصاصه الترابي‪.‬‬ ‫سنة‬

‫ويمكن اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المجالس الجهوية للحسابات تنفرد عن المجلس‬
‫األعلى للحسابات باختصاص مراقبة اإلجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية الجماعات الترابية وهيئاتها‪.‬‬
‫وهذا االختصاص يعكس رغبة المشرع في إضفاء دور استشاري ومساعد للمجالس التداولية‬
‫والمسيرين المحليين وسلطات الوصاية من أجل القيام بالمهام المنوطة بهم في مجال التدبير المالي‬
‫والمحاسبي للميزانية المحلية‪.‬‬

‫المادة ‪ 25‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪805‬‬

‫المادة ‪ 118‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪806‬‬

‫‪282‬‬
‫‪807‬‬
‫طلب رأي بشأن رفض الحساب‬ ‫وخالل سنة ‪ 2010‬توصلت المجالس الجهوية للحسابات بـ‪43‬‬
‫اإلداري من طرف الهيئات التداولية‪ ،‬مقابل ‪ 24‬إحالة فقط تمت سنة ‪ 2009‬أي بزيادة وصلت إلى‬
‫‪ ، %79‬فضال عن ذلك فقد تمت إحالة الطلبات على كل المجالس الجهوية للحسابات‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬وصلت عدد الملفات المتعلقة بالجماعات القروية إلى ‪ 36‬ملفا مقابل ‪ 7‬ملفات تتعلق‬
‫بالجماعات الحضرية‪،‬و في التقرير األخير برسم سنة ‪ 2011‬سجلت المجالس الجهوية للحسابات‬
‫ارتفاعا في عدد القضايا المتعلقة بمراقبة تنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية؛ و في هذا اإلطار‪،‬‬
‫وصل عدد الطلبات المقدمة لهذه المجالس ‪ 88‬طلبا خالل سنة ‪ 2011‬مقابل ‪ 43‬طلبا برسم‬
‫السنة التي سبقتها ‪ ،‬و يعزى هذا االرتفاع إلى عدد الحسابات اإلدارية التي تم رفضها من طرف‬
‫الهيئات التداولية التابعة للجماعات الترابية ‪ ،‬أغلبها تتعلق بعدم المصادقة على الحساب اإلداري‪.‬‬
‫و قد توصلت المجالس الجهوية للحسابات من خالل تجربتها في مراقبة تنفيذ ميزانيات الجماعات‬
‫الترابية و هيئاتها إلى تحديد اإلشكاليات المتعلقة برفض الحساب اإلداري و منها ‪:‬‬

‫‪ -‬رفض الحساب اإلداري العتبارات سياسية أو شخصية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم الدقة في تحديد أسباب رفض الحساب اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬غياب أو عدم وضوح أسباب رفض الحساب اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود عالقة بين تنفيذ الميزانية و رفض الحساب اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬النقص في ملفات اإلحالة و افتقارها إلى الوثائق المثبتة‪.‬‬

‫كما مكنت هذه المراقبة من تسجيل حاالت متكررة من األخطاء التي تقع فيها الجماعات الترابية‪،‬‬
‫ومنها على الخصوص‪:‬‬

‫‪ -‬عدم احترام القوانين التشريعية و التنظيمية المنظمة للنفقات العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬سوء تدبير الممتلكات الجماعية ‪.‬‬

‫‪ -‬عدم استخالص الرسوم المحلية ‪ ،‬و عدم تحصيل الباقي استخالصه‪.‬‬

‫‪ -‬و التمادي في استهالك اإلعتمادات المالية المخصصة لبعض النفقات كمصاريف البنزين و‬
‫التنقل و غيرها‪.‬‬

‫فهذا االختصاص في مجال مراقبة تنفيذ ميزانية الجماعات الترابية يدخل في إطار المساعدة‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6032‬مكرر‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.613 :‬‬ ‫‪807‬‬

‫‪283‬‬
‫التقنية التي تمنحها المجالس الجهوية للحسابات للسلطات العمومية في ميادين المراقبات الموكولة‬
‫إليها بمقتضى القوانين‪ ،‬بالرغم ما يشوب هذا اإلختصاص من عيوب و انتقادات بحيث تصبح‬
‫المجالس الجهوية للحسابات خصما و حكما في نفس الوقت‪.‬‬

‫كما أن قضية إحالة الحساب اإلداري على المجلس الجهوي للحسابات غالبا ما تتم من طرف‬
‫سلطات الوصاية ‪ ،‬و سنأتي على تقديم نموذجين من هذه اإلجراءات المتعلقة بمراقبة تنفيذ‬
‫الميزانية المحلية بكل من الجماعات الترابية لجهة طنجة و وجدة على سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬
‫السلطة التي عرضت القضية على المجلس الجهوي‬ ‫الجماعة الترابية أو هيئاتها‬ ‫المجلس الجهوي‬
‫للحسابات‬ ‫للحسابات‬

‫‪ -‬والي جهة طنجة تطوان‪.‬‬ ‫‪ -‬الجماعة القروية المالليين (‪)2010‬‬


‫‪ -‬والي جهة طنجة تطوان‪.‬‬ ‫‪ -‬الجماعة القروية سيدي اليمني(‪)2010‬‬ ‫طنجة‬
‫‪ -‬عامل إقليم فحص أنجرة‬
‫‪-‬الجماعة القروية تاغرمت (الحساب اإلداري ‪)2010‬‬
‫‪ -‬عامل إقليم شفشاون‬
‫‪ -‬الجماعة القروية منصورة (‪)2010‬‬
‫‪ -‬عامل إقليم وزان‬
‫‪ -‬الجماعة القروية سيدي بوصبر(‪)2010‬‬

‫المصدر‪:‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة‪.2011‬‬

‫أما النموذج الثاني المتعلق بالجماعات الترابية التابعة للمجلس الجهوي للحسابات لوجدة فكانت‬
‫إحالة الحساب اإلداري كاألتي‪:‬‬
‫الجماعة الحضرية ( الحساب اإلداري‪ 2009‬و وزارة الداخلية‬
‫‪)2010‬‬

‫والي جهة تازة الحسيمة تاونات‬ ‫الجماعة القروية لمريجة‬

‫عامل إقليم جرسيف‬ ‫الجماعة القروية سنادة‬

‫والي جهة تازة الحسيمة تاونات‬ ‫الجماعة القروية نيكور‬ ‫وجدة‬


‫عامل إقليم تاونات‬ ‫الجماعة القروية بوعادل‬

‫والي الجهة الشرقية‬ ‫الجماعة القروية سيدي موسى لحيا‬

‫عامل إقليم تاونات‬ ‫الجماعة القروية بني ونجال تافراوت‬

‫وزير الداخلية‬ ‫الجماعة الحضرية تارجيست‬

‫عامل إقليم تاونات‬ ‫الجماعة القروية جبارة‬

‫عامل إقليم بركان‬ ‫الجماعة القروية لعثامنة‬

‫‪284‬‬
‫عامل إقليم تاونات‬ ‫الجماعة القروية بوشابل‬

‫عامل إقليم تاونات‬ ‫الجماعة القروية عين عيشة‬

‫وزير الداخلية‬ ‫الجماعة الحضرية لعيون سيدي ملوك‬

‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫فالمالحظة المثارة من خالل هذا النموذج هو أن أغلبية رفض المصادقة على الحساب اإلداري تكون‬
‫صادرة عن جماعات ترابية قروية ‪ ،‬و السبب في نظرنا يعود إلى العقلية التي تسير هذه الجماعات و‬
‫التي تنبني على اإلنتماءات العرقية و القبلية و الصراعات الشخصية ‪ ،‬وقلة االقتناع باإلنتماءات السياسية‬
‫و كذلك قلة التكوين و الكفاءات لتدبير الميزانية المحلية‪ ،‬لذا نجد في بعض حاالت الرفض عدم وجود‬
‫عالقة بين تنفيذ الميزانية و رفض الحساب اإلداري‪.‬‬

‫هذا فيما يخص اختصاص المجالس الجهوية للحسابات في مجال مراقبة اإلجراءات المتعلقة‬

‫بتنفيذ الميزانية المحلية و هيئاتها‪ ،‬أما فيما يخص مراقبة التسيير و التي نصت عليها المادة ‪ 75‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية و التي تروم تقديم اقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرق التسيير و الزيادة‬
‫في فعاليته و مردوديته ‪ .‬و منذ االنطالق الفعلي ألنشطة المجالس الجهوية للحسابات في مجال مراقبة‬
‫التسيير ‪،‬قامت هذه المجالس ب ‪ 434‬مهمة ؛ وقد وصل عدد المهام المنجزة في سنة ‪ 2011‬ما مجموعه‬
‫‪ 54‬مهمة ‪ ،‬بينما قام المجلس األعلى للحسابات في إطار مهامه في مراقبة التسيير خالل سنة ‪ 2009‬و‬
‫‪808‬‬
‫‪،‬تم تنفيذ ‪ 276‬منها و‪ 222‬توصية في طور‬ ‫التي شملت ‪ 29‬جها از عموميا ‪ ،‬أصدر ‪ 572‬توصية‬
‫التنفيذ حسب تقرير المجلس برسم ‪.2011‬‬

‫ويلخص الجدول التالي وضعية مهام مراقبة التسيير المنجزة من طرف المجالس الجهوية للحسابات قبل و‬
‫خالل سنة ‪:2011‬‬
‫عدد المهام المنجزة في‬ ‫عدد المهام‬ ‫عدد المهام‬ ‫عدد األجهزة الخاضعة‬
‫‪2011‬‬ ‫المبرمجة في‬ ‫المنجزة قبل‬ ‫لمراقبة التسيير‬
‫األجهزة المراقبة‬
‫‪2011‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الجهات‬

‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪72‬‬ ‫العماالت و األقاليم‬

‫‪17‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪174‬‬ ‫‪212‬‬ ‫الجماعات الحضرية‬

‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪1305‬‬ ‫الجماعات القروية‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪74‬‬ ‫تجمعات الجماعات‬

‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪15‬‬ ‫المقاوالت والمؤسسات العمومية المحلية‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة‪ ، 2011‬ص ‪.393 :‬‬ ‫‪808‬‬

‫‪285‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪246‬‬ ‫التدبير المفوض‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الشركات التي تمتلك فيها الجماعات المحلية‬
‫حصة كبيرة من رأس المال‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫المحاور الموضوعية‬

‫‪54‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪380‬‬ ‫‪1941‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫فالمالحظة األساسية التي يمكن إبرازها فيما يتعلق بمهام مراقبة التسيير التي يقوم بها سواء‬
‫المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات هي عبارة عن توصيات ومالحظات‬
‫حول عيوب التسيير ‪ ،‬و غالبا ما ال تعرف هذه التوصيات طريقها للتنفيذ ؛ وكمثال على ذلك فمن‬
‫‪809‬‬
‫فقط ‪.‬‬ ‫بين ‪ 219‬توصية التي أصدرها المجلس الجهوي لطنجة ‪،‬تم تنفيذ ‪ 75‬توصية‬

‫فإذا كان هذا جانب من اختصاصات المحاكم المالية؛ فسنتناول في المبحث الموالي الجانب‬
‫الثاني من مهام واختصاصات هذه المحاكم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬


‫لقد حددت المادة ‪ 55‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية األشخاص‬
‫الخاضعين لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية إذا ما ارتكبوا أثناء مزاولتهم لمهامهم‬
‫مخالفات نص عليها القانون‪ ،‬فإذا كانت مسطرة التدقيق والبت في الحساب تتعلق بشق من‬
‫اختصاصات المحاسب العمومي‪ ،‬فإن مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬يسري‬
‫على المحاسب العمومي في الشق الثاني من اختصاصاته‪ ،‬كما تسري على اآلمرين بالصرف‬
‫بالدرجة األولى والمراقبين في حدود معينة‪ .‬ولتحريك مجال المسؤولية أمام المحاكم المالية في‬
‫ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬البد أن تجتمع المقومات القانونية والشكلية‬
‫المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية وتتجلى في األجهزة الخاضعة لرقابة المحاكم المالية‬
‫حسب المادة ‪ 51‬وهي محددة على سبيل الحصر‪ ،‬واألشخاص الخاضعون للتأديب المالي الذي‬
‫تمارسه هذه المحاكم‪ ،‬وقد حددهم المشرع في كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد األجهزة‬
‫المذكورة (المطلب األول)‪ ،‬ثم البد من صدور أفعال تجرمها وتعاقب عليها هذه المحاكم في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية‪ ،‬والشؤون المالية في إطار نظام عقوبات محدد ‪ ،‬فالمسطرة المتبعة أمام‬
‫المحاكم المالية تروم بالدرجة األولى تحقيق هدفين أساسيين ‪:‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.... ،2011‬ن‪.‬م‪ ،.‬ص ‪.638 :‬‬ ‫‪809‬‬

‫‪286‬‬
‫يكمن األول في استكمال كل العناصر المتعلقة باألفعال موضوع المتابعات من خالل‬
‫التحقيق في الوثائق المثبتة أو اإلنتقال إلى عين المكان ‪،‬السيما عندما يستوجب إثبات فعل أو نفيه‬
‫معاينة للوقائع أو اإللمام بالظروف و المالبسات المحيطة بارتكاب هذه األفعال قصد تقييم حجم‬
‫مسؤولية المتابعين في ارتكابها و إكراهات التدبير التي جعلتهم يضطرون لمخالفة القوانين و‬
‫األنظمة ‪ .‬أما الهدف الثاني الذي وضعت من أجله المسطرة القانونية في هذا المجال هو كفالة‬
‫حقوق الدفاع من خالل تمكين المتابعين من تقديم تبريراتهم بشأن المنسوب إليهم ‪.‬‬

‫ألجل هذا كرس المشرع المغربي المبادئ األساسية التي تقتضيها المحاكمة العادلة‪،‬كما‬
‫هو متعارف عليها عالميا ؛ من خالل الطرق القانونية في الطعن في المسطرة من طرف المخالفين‬
‫في حالة اكتشاف ما من شأنه التأثير في القضية كطلب المراجعة واالستئناف والتعرض والطعن‬
‫بالنقض (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األجهزة واألشخاص الخاضعون لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية‬


‫والشؤون المالية أمام القضاء المالي‬
‫لقد حددت المادة ‪ 51‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية األجهزة‬
‫الخاضعة لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية حيث نصت على أن المجلس يمارس‬
‫مهمة قضائية في ميدان التأدب المالي بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو عون يعمل بأحد األجهزة‬
‫الخاضعة لرقابته (الفرع األول)‪ ،‬في حدود االختصاصات المخولة له‪ ،‬والذي يرتكب إحدى‬
‫المخالفات المنصوص في المواد ‪ 54‬الخاصة باآلمرين بالصرف أو اآلمرين المساعدين بالصرف‬
‫أو كل مسؤول أو موظف أو عون يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم‪ ،‬والمادة ‪ 55‬المتعلقة بكل‬
‫مراقب لاللتزام بالنفقات وكل مراقب مالي وكل موظف أو عون يعمل تحت إمرتهما أو يعمل‬
‫لحسابهما‪ ،‬والمادة ‪ 56‬الخاصة بالمحاسبين العموميين وكل موظف أو عون يوجد تحت إمرتهم أو‬
‫يعمل لحسابهم (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األجهزة الخاضعة لرقابة المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية و الشؤون المالية‬

‫‪287‬‬
‫لقد تحددت األجهزة الخاضعة لرقابة المحاكم المالية في المادة ‪ 51‬من قانون ‪61-99‬‬
‫المتعلق بمدونة المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وجاءت مرتبة‬
‫تسلسليا على الشكل التالي ‪" :‬مرافق الدولة‪ ،‬المؤسسات العمومية‪ ،‬الشركات أو المقاوالت التي تملك‬
‫فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر‪،‬‬
‫أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار ثم الشركات أو المقاوالت التي تملك‬
‫فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات المحلية أغلبية األسهم في‬
‫‪810‬‬
‫هذا بالنسبة للتأديب المالي أمام المجلس األعلى‬ ‫الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪،‬‬
‫للحسابات‪ ،‬أما فيم ا يخص التأديب المالي أمام المجالس الجهوية للحسابات فيهم الجماعات الترابية‬
‫‪811‬‬
‫والمؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والهيئات وكل الشركات أو‬ ‫وهيئاتها‪،‬‬
‫المقاوالت التي تملك فيها الجماعات الترابية أو الهيئات على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر‬
‫أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار"‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مرافق الدولة‬


‫‪812‬‬
‫ومصالحها الخارجية وممثليها في‬ ‫تتجلى هذه المرافق في الو ازرات واإلدارات العمومية‬
‫الجهات واألقاليم‪ ،‬كما تحتفظ الدولة بكامل الصالحيات إلدارة هذه المرافق أو نقل اختصاصاتها‬
‫إلى سلطات أخرى إما معينة أو منتخبة‪ .‬فهذه المرافق سواء كانت إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية‬
‫أو مالية فهي تخضع للرقابة المالية واإلدارية فيما يخص تنفيذ ميزانية هذه المرافق‪ ،‬ويخضع‬
‫المسؤولون عنها للمسؤولية سواء في مجال التدقيق والبت في الحسابات أو في ميدان التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وتحمل العقوبات الناتجة عنها‪ .‬فاألشخاص الذين يتحملون‬
‫مسؤولية المرافق والمشاريع والبرامج الممولة كليا أو جزئيا من المال العام يساءلون على حصيلتهم‬
‫‪813‬‬
‫وفق ما جاء في الفصل ‪ 155‬من دستور ‪ 2011‬حيث‬ ‫أمام جهاز الرقابة والبرلمان والرأي العام‬
‫يمارس أعوان المرافق العمومية وظائفهم وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة‬
‫والمصلحة العامة‪ ،‬كما تقدم هذه المرافق الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين‬

‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 51‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪810‬‬

‫المادة ‪ 118‬من قانون ‪ ،62-99‬ن‪.‬م‪.‬‬ ‫‪811‬‬

‫الفصل ‪ 91‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪812‬‬

‫محمد براو ‪" :‬الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة‪ ،‬المقومات‪ ،‬الفاعلون‪ ،‬التفاعالت‪ ،‬دراسة مقارنة‬ ‫‪813‬‬

‫مركزة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سلسلة الرقابة على المال العام والمنازعات المالية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط ‪ ،2010‬ص ‪.33 :‬‬

‫‪288‬‬
‫‪814‬‬
‫وتخضع للمراقبة والتقييم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المؤسسات العمومية‬

‫تتميز المؤسسات العمومية بقواعد تتسم باالستقالل المالي واإلداري والشخصية المعنوية‬
‫وترتكز على قواعد التسيير المحاسبي كما هو معمول به بالمقاوالت الخاصة الخاضعة للقانون‬
‫الخاص والقانون التجاري‪ ،‬نظ ار التسام هذه القواعد بالسرعة والبساطة والمرونة تماشيا مع ما‬
‫‪815‬‬
‫والمؤسسات العمومية‪ .‬فالمؤسسات العمومية من‬ ‫تقتضيه طبيعة النشاط الذي تقوم به المقاوالت‬
‫خالل قانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى تهدف‬
‫إلى المتابعة المنتظمة لتسيير الهيئات الخاضعة للمراقبة المالية‪ ،‬والسهر على صحة عملياتها‬
‫االقتصادية والم الية بالنظر إلى أحكام النصوص القانونية والتنظيمية والنظامية المطبقة عليها‪،‬‬
‫وتقييم تسييرها وإنجازاتها االقتصادية والمالية‪ ،‬وكذا مطابقة تسييرها للمهام واألهداف المحددة لها‬
‫مسبقا‪ .‬وتخضع هذه المؤسسات أيضا لمراقبة قبلية يقوم بها الوزير المكلف بالمالية ومراقب الدولة‬
‫أما فيما يخص التنظيم المالي والمحاسبي لهذه المؤسسات‪ ،‬فيحددها‬ ‫‪816‬‬
‫والخازن المكلف باألداء‪.‬‬
‫الوزير المكلف بالمالية من خالل إجراءات تحضير الميزانية والبيانات التوقعية لمدة متعددة‬
‫السنوات وإقرارها والتأشير عليها وطريقة مسك محاسبة اآلمر بالصرف‪ ،‬والمساعي الواجب على‬
‫مراقب الدولة القيام بها‪ ،‬وكذا السجالت والوثائق األخرى المتعين مسكها من لدن الخازن المكلف‬
‫باألداء‪ .‬ويكون مدير المؤسسة العامة أو الشخص المؤهل هو اآلمر بصرف الميزانية‪ ،‬وتناط به‬
‫مهمة االلتزام بالعمليات المنصوص عليها في الميزانية وتصفيتها واألمر بصرفها‪ ،‬ويخضع بهذه‬
‫‪817‬‬
‫والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫الصفة للتشريع المتعلق بمسؤولية اآلمرين بالصرف‬

‫كما يعتبر الخازن المكلف باألداء كمحاسب عمومي مسؤول عن صحة عمليات النفقات‬
‫سواء بالنظر إلى أحكام النصوص القانونية والتنظيمية أو إلى أحكام األنظمة األساسية والمالية‬
‫للهيئ ة التي يعمل بها‪ ،‬ويمكن أيضا أن يؤهل إلجراء مراقبة على المداخيل بناء على قرار للوزير‬
‫‪818‬‬
‫المكلف بالمالية‪.‬‬

‫الفصل ‪ ،156‬الفقرة الثانية من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪814‬‬

‫‪815‬‬
‫‪MIDAOUI Ahmed : "Les entreprises publiques au Maroc et leur participation au développement", Edition‬‬
‫‪Afrique Orient, Casablanca, 1981, p : 76.‬‬
‫‪ 816‬المادة ‪ 3‬من قانون ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 1.03.195‬صادر في ‪11‬‬
‫نونبر ‪ ،2003‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪.2003‬‬
‫المادة ‪ 8‬من نفس القانون رقم ‪.69.00‬‬ ‫‪817‬‬

‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 10‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪818‬‬

‫‪289‬‬
‫كما أن المؤسسات العامة بعضها يخضع لمراقبة قبلية‪ ،‬والبعض اآلخر يخضع للمراقبة‬
‫المواكبة فيما يخص الميزانية‪ ،‬والبيانات التوقعية لمدة متعددة السنوات وتخصيص النتائج‪ ،‬فمقررات‬
‫‪819‬‬
‫مجلس اإلدارة أو الجهاز التداولي ال تصبح نهائية إال بعد موافقة الوزير المكلف بالمالية عليها‪،‬‬
‫كما يمكن أن تخضع بعض المؤسسات للمراقبة بمقتضي اتفاقية أو تعاقد وذلك حسب شكلها‬
‫القانوني وطريقة تسييرها وفق الشروط المنصوص عليها في ظهير ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬المتعلق‬
‫بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬وكذلك الشروط المنصوص عليها في‬
‫القوانين الخاصة بالمقاوالت العامة المعنية‪.‬‬

‫أما فيما يخص تدخل المحاكم المالية‪ ،‬فقد قام المجلس األعلى للحسابات والمجالس‬
‫‪820‬‬
‫‪ 21‬تقرير يتعلق بمراقبة‬ ‫الجهوية للحسابات برسم سنة ‪ 2009‬ووفقا للمادتين ‪ 85‬و‪ 147‬بإنجاز‬
‫تدبير المنشآت العامة وكذا ‪ 4‬تقارير تهم مراقبة التدبير المفوض للمرافق العامة‪ ،‬وقد بلغ العدد‬
‫اإلجمالي للمنشآت العامة التي خضعت لهذا النوع من المراقبة ‪ 87‬منشأة منذ سنة ‪ 2006‬منها ‪15‬‬
‫منشأة برسم سنة ‪ 2006‬و‪ 25‬منشأة برسم ‪ 2007‬و‪ 26‬منشأة برسم سنة ‪ 2008‬و‪ 21‬منشأة برسم‬
‫‪821‬‬
‫وقد تضمنت تقارير أشغال المحاكم المالية إجماال نوعين من المالحظات ‪ :‬النوع‬ ‫سنة ‪،2009‬‬
‫األول يعتبر بمثابة مخالفات قانونية‪ ،‬والنوع الثاني يأخذ شكل توصيات تهدف إلى تحسين األداء‬
‫والتدبير‪.‬‬

‫وتمحورت أهم المخالفات المنبثقة عن تقارير المحاكم المالية حول المجاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬منح امتيازات غير مبررة شخصية أو للغير‪.‬‬

‫‪ -‬عدم احترام النصوص القانونية المتعلقة بالصفقات العمومية وسندات الطلب‪ ،‬كاللجوء‬
‫إلى صفقات محدودة رغم تجاوز مبلغها اإلجمالي للسقف القانوني أو اللجوء غير‬
‫المبرر لطلب عروض محدود‪ ،‬أو تسديد خدمات ال تندرج في إطار موضوع سندات‬
‫الطلب‪.‬‬

‫وخالل سنة ‪ 2011‬قامت المحاكم المالية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية‬
‫بمراقبة مختلف أصناف األجهزة العمومية الخاضعة لرقابتها ‪ ،‬والجدول التالي يوضح عدد القضايا‬
‫و المهمات التي قامت بها بحسب صنف األجهزة العمومية التي ينتمي إليها المتابعون ‪:‬‬

‫المادة ‪ 11‬من قانون‪69-00‬‬ ‫‪819‬‬

‫مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2011‬الجزء الثالث‪ ،‬حكامة المنشآت العامة‪ ،‬ص ‪.90 :‬‬ ‫‪820‬‬

‫مشروع قانون المالية لسنة ‪ ، 2011‬الجزء‪....‬م‪.‬س ص‪. 90 :‬‬ ‫‪821‬‬

‫‪290‬‬
‫المجموع‬ ‫قبل فاتح يناير ‪ 2011‬خالل سنة ‪2011‬‬ ‫صنف األجهزة‬
‫‪34‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪34‬‬ ‫مرافق الدولة‬
‫‪14‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪12‬‬ ‫المؤسسات العمومية‬
‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪10‬‬ ‫الشركات الوطنية‬
‫‪59‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪56‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫فالمجلس األعلى للحسابات من خالل مهامه القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫و الشؤون المالية يقوم بمعاقبة المسؤولين و الموظفين و األعوان العاملين بإحدى األجهزة‬
‫الخاضعة الختصاصه ؛ و الذين قد يرتكبون إحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد ‪ 54‬و‬
‫‪ 55‬و ‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية ؛ أما المالحظات التي تصرح بها‬
‫المحاكم المالية في شكل توصيات‪ ،‬فهي ال تندرج في إطار المخالفات القانونية‪ ،‬ولكنها تهدف إلى‬
‫‪822‬‬
‫المالحظات التي‬ ‫تحسين تدبير المنشآت العامة وأدائها المالي والتقني والتجاري وتمحورت أهم‬
‫أصدرتها المحاكم المالية منذ إنشائها إلى اليوم حول ‪:‬‬

‫‪ -‬غياب اإلستراتيجية ومخططات العمل لدى بعض المؤسسات العامة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم انتظام اجتماعات المجالس اإلدارية لبعض المؤسسات العامة‪.‬‬

‫‪ -‬التنفيذ الكامل أو الجزئي للميزانيات قبل المصادقة عليها من طرف المجالس اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم مراجعة تشكيلة المجالس اإلدارية رغم توسيع نطاق عمل المؤسسة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬غياب محاسبة تحليلية في بعض المنشآت‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود دليل المساطر يحدد المهام‪.‬‬

‫‪ -‬التدبير السيء لخزينة المؤسسة‪.‬‬

‫‪ -‬الوضعية الجبائية غير واضحة لبعض المنشآت العامة‪.‬‬

‫‪ -‬نظام تقييمي غير محفز للموظفين‪.‬‬

‫ول تجاوز هذه النواقص‪ ،‬اقترحت المحاكم المالية التوصيات الضرورية لتحسين التنظيم‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2008‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2010‬ص ‪.1285 :‬‬ ‫‪822‬‬

‫‪291‬‬
‫الداخلي‪ ،‬واألجهزة المكلفة بالمراقبة الداخلية والمواكبة وبمقتضى اتفاقيات من خالل تقوية آليات‬
‫التدقيق ومراقبة التدبير‪ ،‬وتحسين الحكامة من خالل تنشيط عمل الهيئات التداولية وعقد اجتماعاتها‬
‫في اآلجال القانونية‪.‬‬
‫‪823‬‬
‫لحث الرؤساء‬ ‫وفي هذا اإلطار وجه وزير االقتصاد والمالية في سنة ‪ 2008‬مذكرة‬
‫المديرين العامين والمديرين العامين للمنشآت العامة على اقتراح دراسة وتتبع التوصيات الواردة في‬
‫التقارير الخاصة بالمجلس األعلى للحسابات ضمن النقط المدرجة في جدول أعمال المجلس‬
‫اإلداري أو الهيأة التداولية المعنية‪ ،‬ومن جهة أخرى تم العمل على تحسين المتصرفين وأعضاء‬
‫مجالس مراقبة المنشآت العامة التابعين لو ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬وكذا مراقبي الدولة ومندوبي‬
‫‪824‬‬
‫على العمل على إدراج دراسة وتتبع تقارير المحاكم المالية في جدول أعمال اجتماعات‬ ‫الحكومة‬
‫المجالس اإلدارية والهيئات التداولية للمنشآت العامة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة‬
‫مشتركة أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ ،‬والشركات أو المقاوالت التي‬
‫تم لك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية‪ ،‬بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في‬
‫الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار ‪:‬‬

‫فكل هذه األجهزة خاضعة لرقابة المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية بصريح منطوق المادتين ‪ 51‬و‪ 118‬من قانون ‪ ،62-99‬ففي النقطة الرابعة من المادة‬
‫‪ 118‬فيما يخص ممارسة المجالس الجهوية للحسابات الختصاصها القضائي في حدود دائرة‬
‫اختصاصاتها‪ ،‬أكد المشرع صراحة على ممارسة المجالس الجهوية للحسابات للمهمة القضائية في‬
‫ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو مستخدم يعمل‬
‫في هذه األجهزة المذكورة أعاله بما فيهم الوالي أو العامل في الحاالت التي يعمالن فيها باعتبارهما‬
‫آمرين بالصرف لجماعة محلية أو هيئة‪ .‬وبالتالي ميز المشرع بين األجهزة الخاضعة لرقابة‬
‫المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬واألجهزة الخاضعة لرقابة المجالس الجهوية للحسابات في ميدان‬
‫التأديب المالي تجنبا لتداخل االختصاصات‪ .‬فمدونة المحاكم المالية تميزت بالتحديد الحصري‬
‫لالئحة األجهزة العمومية الخاضعة لرقابتها في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬

‫المذكرة الموجهة من طرف وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2/2335‬بتاريخ ‪ 20‬ماي ‪.2008‬‬ ‫‪823‬‬

‫مذكرة مديرية المنشآت العامة والخوصصة رقم ‪ 2-1640‬بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪.2008‬‬ ‫‪824‬‬

‫‪292‬‬
‫من قانون ‪ 12-79‬الذي كان يتميز بالغموض‬ ‫‪825‬‬
‫متجاوزة النص القديم الوارد في الفصل ‪56‬‬
‫وااللتباس من خالل عبارة "أو كل جهاز آخر تجري عليه مراقبة المجلس"‪ .‬فمدونة المحاكم المالية‬
‫من خالل الئحة األجهزة المنصوص عليها في المادتين ‪ 51‬و‪ 118‬قد أخرجت المقاوالت المخولة‬
‫حق االمتياز أو المسيرة لمرافق عمومية من الئحة األجهزة الخاضعة لرقابتها في ميدان التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وأدرجتها ضمن الالئحة الخاضعة لها في ميدان مراقبة التسيير‬
‫على عكس قانون ‪ . 12-79‬وبناء عليه فإن المقاوالت والشركات العامة التي ال تملك فيها الدولة‬
‫أو المؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية على انفراد أو بصفة مشتركة أغلبية األسهم في‬
‫الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار تعتبر خارج دائرة اختصاصات المجلس في ميدان‬
‫‪826‬‬
‫والفيدراليات المهنية وغيرها‪.‬‬ ‫التأديب المالي كالجمعيات والتعاونيات‬

‫وهكذا حاول المشرع المغربي التمييز بين األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس األعلى‬

‫للحسابات واألجهزة الخاضعة لرقابة المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التأديب المتعلق‬

‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي من خالل إحداث محكمة خاصة بالتأديب‬
‫‪827‬‬
‫والتي جاءت برغبة ملحة من الرأي العام الفرنسي من أجل محاسبة ومراقبة‬ ‫المالي سنة ‪1948‬‬
‫‪828‬‬
‫المتصرفين في المال العام‪ ،‬وقد خضعت هذه المحكمة لعدة تغييرات وتنقيحات خالل‬ ‫ومعاقبة‬
‫‪829‬‬
‫وقد حققت محكمة التأديب المالي بفرنسا تطورات‬ ‫سنوات ‪ 1990 ،1980 ،1970‬و‪.1995‬‬
‫مهمة وهكذا عرفت منذ ‪ 2001‬إلى سنة ‪ 2010‬تطور عدد الق اررات واألحكام من بين القضايا‬

‫المسجلة خالل كل سنة والجدول‪830‬التالي يوضح هذا التطور ‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 56‬في فقرته األولى من ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات الملغى فيما يتعلق باختصاصات المجلس‬ ‫‪825‬‬

‫في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على أنه ‪" :‬يمارس المجلس مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫بالنسبة لكل موظف أو مسؤول أو عون جهاز عام وكل مسؤول أو عون بكل جهاز آخر تجري عليه مراقبة المجلس‪."...‬‬
‫‪ 826‬محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.190 :‬‬
‫‪827‬‬
‫‪Loi n°48-1484 du 25 septembre 1948 plusieurs fois modifié avant sa codification en 1995 par loi n°95-851 du‬‬
‫‪24 juillet 1995.‬‬
‫‪828‬‬
‫‪La CDBF est une juridiction administrative spécialisée, de nature répressive, chargée de sanctionner les‬‬
‫‪atteintes aux règles régissant les finances publiques, commises par toute personne intervenant dans la gestion‬‬
‫‪publique, principalement mais pas exclusivement les ordonnateurs. Voir le rapport d’activité de la cour de‬‬
‫‪discipline budgétaire et financière, 2010, p : 1.‬‬
‫‪829‬‬
‫‪Loi n°95-851 du 24 juillet 1995.‬‬
‫‪ 830‬انظرالتفاصيل في التقرير المقدم إلى رئيس الجمهورية الفرنسية‪ ،‬فبراير ‪ 2011‬من طرف محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية برسم‬
‫سنة ‪.2010‬‬

‫‪293‬‬
‫عدد األحكام المصرح بها‬ ‫عدد القضايا المسجلة‬ ‫السنة‬
‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2001‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪ 173‬حكما‬ ‫‪ 514‬قضية مسجلة‬ ‫منذ ‪ 1948‬تاريخ تأسيس المحكمة‬
‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي لمحكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية المقدم إلى رئيس الجمهورية الفرنسية برسم سنة ‪.2010‬‬

‫فمن خالل الجدول يتضح أن عدد األحكام التي صرحت بها هذه المحكمة وصل فقط ‪ 3‬سنة‬
‫‪ ،2010‬بينما وصل عدد القضايا المسجلة بالمحكمة خالل نفس السنة فقط ‪ 8‬قضايا‪ ،‬وهو أقل‬
‫‪831‬‬
‫وتتعلق هذه األحكام‬ ‫عدد عرفته المحكمة بعد التعديل المدخل على المحكمة سنة ‪،2005‬‬
‫‪832‬‬
‫"‪ "SIEMP‬وتلخصت الوقائع في إدانة‬ ‫بالشركة العقارية لالقتصاد المختلط لمدينة باريس‬
‫محكمة التأديب المالي لشركة ‪ SIEMP‬حول ظروف إبرام سندات الخدمات المتعلقة بالحراسة‬
‫ومراقبة المساكن من طرف شركة "‪ "SIEMP‬حسب ما تنص عليه المادة ‪ L313-4‬من مدونة‬
‫المحاكم المالية الفرنسية (‪ )CJF‬المتعلقة بخرق قواعد تنفيذ النفقات وعدم إبرام العقد بدون إشهار‬
‫وال منافسة في غياب تام لقانون الصفقات العمومية‪.‬‬

‫وقد حملت المحكمة المسؤولية الشخصية والمالية لمديرة التسيير المكلفة بتدبير العمارات‬
‫المخولة بصفتها الفاعل الرئيسي في مجال الطلبيات غير القانونية‪ ،‬باإلضافة إلى أربعة أشخاص‬
‫تم تحويلهم إلى المحكمة عن أفعالهم الضارة ومسؤوليتهم عن الحراسة‪ .‬وقد أدانت المحكمة المالية‬
‫مديرة التسيير بالشركة "‪ "SIEMP‬الفاعلة الرئيسية في الطلبيات غير القانونية‪ ،‬بغرامة قدرها‬
‫‪ 1.000‬يورو‪ ،‬وإلزامها بنشر القرار بالجريدة الرسمية عل نفقتها‪.‬‬

‫‪ "Bandol‬وقد تم فيها خرق الفصل ‪L313-4‬‬ ‫‪833‬‬


‫والحكم الثاني يتعلق بجماعة "باندول‬
‫من مدونة المحاكم المالية (‪ )CJF‬المتعلق بنظام تنفيذ نفقات الجماعات المحلية فيما يخص قواعد‬
‫تدبير وكالة النفقات "‪ ،"La Régie de dépenses‬حيث قام وكيل النفقات بأداء خدمات التخييم‬

‫‪831‬‬
‫‪Décret n°2005-677 du 17 juin 2005 modifiant le livre III du code des juridictions financières. Jorf n°141 du‬‬
‫‪18 juin 2005, p : 10367.‬‬
‫‪832‬‬
‫‪Arrêt n°171-603 CDBF 25 Novembre 2010 société immobilière d’économie mixte de la ville de Paris,‬‬
‫‪SIEMP, Rapport d’activité de CDBF, l’année 2010, p:15.‬‬
‫‪833‬‬
‫‪Arrêt n°172-680 CDBF 10 décembre 2010 commune de « Bandol », Rapport d’activité de l’année 2010,‬‬
‫‪CDBF p : 18.‬‬

‫‪294‬‬
‫دون مراعاة القواعد العامة المعمول بها في نصوص الجماعات الترابية ونصوص تسيير وكالة‬
‫النفقات المحدثة سنة ‪ 2002‬بحيث كانت النفقات المؤداة ال تدخل في اختصاص األداءات بواسطة‬
‫وكالة النفقات بحيث تتعدى هذه النفقات ‪ 1000‬يورو‪ ،‬كما أن محاسب اإلرتباط لوكيل النفقات لم‬
‫يدل بأي مالحظة أو تحفظ أثناء مراقبة وكالة النفقات‪ ،‬كما أن المحاسب الذي خلف المحاسب‬
‫المرتبط به الوكيل ‪ Le comptable de Rattachement‬أيضا لم يبد أي مالحظة بمناسبة منح‬
‫التسبيقات للوكيل لهذه الفترة‪ ،‬وبالتالي وفي إطار مهمات المراقبة التي يلتزم بها المحاسبون‬
‫العموميون بالجماعات المحلية‪ ،‬فهم لم يدلوا بأي تحفظ أو مالحظة‪ ،‬ولم يقوموا أيضا بأية مراقبة‬
‫خالل هذه الفترة بعين المكان ‪ ،‬مما جعل المحكمة المالية تدين وكيل النفقات باإلضافة إلى‬
‫المحاسبين اآلخرين‪.‬‬

‫وهكذا أدانت المحكمة المالية وكيل النفقات بالجماعة بغرامة قدرها ‪ 300‬يورو‬
‫والمحاسبين العموميين بغرامة على التوالي ‪ 450‬يورو و‪ 350‬يورو‪ ،‬وبالمقابل إجبارهم على نشر‬
‫الحكم بالجريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪834‬‬
‫فهو يخص الغرفة الجهوية للفالحة (‪)CRAMP‬لمنطقة "ميدي بيريني ‪Midi‬‬ ‫أما الحكم الثالث‬
‫‪ "Pyrénées‬حيث منذ يناير ‪ 2000‬عينت الغرفة موظفا "مستخدما" لتأمين وظيفة المدير‬
‫بالفيدراليات الجهوية لنقابات االستغالل الفالحي "‪ "FRSEA‬تحت مسؤولية وسلطات رئيس‬
‫الفيدرالية‪ ،‬حيث واصل المستخدم االستفادة من التعويضات والمنافع إلى غاية مارس ‪ 2004‬بالرغم‬
‫من تقديم استقالته في نهاية سنة ‪ ، 2003‬وما دام لم يمر وقت التقادم على هذه الحالة وبناء على‬
‫عدة حيثيات تتعلق بخرق قواعد تنفيذ نفقات الغرفة الجهوية للفالحة‪ ،‬ومنها مبدأ خصوصية‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬والنظام العام للمحاسبة العمومية الفرنسي التي تنص عليه المادة ‪L313-4‬‬
‫من مدونة المحاكم المالية (‪ ،)CJF‬وكذا تحصيل منافع غير مبررة واإلضرار بمصالح المنظمة‬
‫العمومية حسب ما تنص عيه المادة ‪ L313-6‬من مدونة المحاكم المالية الفرنسية‪ .‬وبالتالي‬
‫حملت المحكمة المسؤولية الشخصية لرئيس الغرفة الجهوية للفالحة "‪ "CRAMP‬خالل هذه‬
‫المرحلة ومتابعته باإلخالل بااللتزامات غير القانونية عن تنفيذ االتفاقيات المبرمة في عهده خالل‬
‫سنة ‪ 2004‬بصفته اآلمر بالصرف لنفقات الغرفة الفالحية‪ ،‬وبالتالي يتحمل المسؤولية عن الفترة‬
‫غير المتقادمة التي منح فيها الرواتب والمنافع األخرى للمستخدم الذي وضع رهن إشارة الفيدرالية‬

‫‪834‬‬
‫‪Arrêt n°173-666 CDBF 22 décembre 2010, chambre régional d’agriculture de Midi-Pyrénées, .....op.cit, p :‬‬
‫‪21.‬‬

‫‪295‬‬
‫الجهوية لنقابات االستغالل الفالحي "‪ ،"FRSEA‬باإلضافة إلى المبالغ المدفوعة والناتجة عن‬
‫الدعم المقدم برسم سنة ‪ .2004‬فقامت المحكمة من خالل عدم اقتناعها بالدفوعات المقدمة من‬
‫طرف الدفاع بإدانة رئيس الغرفة الجهوية للفالحة بغرامة قدرها ‪ 2.000‬يورو ونشر الحكم بالجريدة‬
‫الرسمية‪ .‬فالمالحظة األساسية فيما يخص محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫‪ CDBF‬بفرنسا هي تقليص عدد األحكام وتراجع عدد القضايا المسجلة بالمحكمة‪ ،‬ويعود سبب‬
‫‪835‬‬
‫قضية‬ ‫ذلك إلى كثرة القضايا المحفوظة "‪ "Classés‬التي وصلت إلى معدل استثنائي بـ‪16‬‬
‫محفوظة سنة ‪ 2009‬منها ‪ 5‬سنة ‪ 2010‬و‪ 7‬سنة ‪ 6 ،2008‬قضايا سنة ‪ 2007‬و‪ 8‬قضايا‬
‫‪836‬‬
‫ق اررات من طرف الوكيل العام‬ ‫محفوظة سنة ‪ . 2006‬أما في سنة ‪ 2012‬فقد تم حفظ ‪9‬‬
‫‪837‬‬
‫و ‪ 7‬األخرى استنادا إلى الفصل‬ ‫للجمهورية منها ق ارران استنادا إلى الفصل ‪L.314-3‬‬
‫‪838‬‬
‫‪L.314-4‬‬

‫و الجدول التالي يوضح تطور عدد القضايا منذ سنة ‪ 2003‬إلى سنة ‪ 2012‬المسجلة‬
‫والمحفوظة و المحكومة ‪ jugées‬ومعدالت حفظ القضايا ‪ taux de classement‬خالل السنة و‬
‫لمدة العشر سنوات األخيرة ‪ ،‬وكذا مجموع عدد هذه القضايا منذ إحداث محكمة التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية و الشؤون المالية الفرنسية سنة ‪.1948‬‬
‫عدد القضايا‬ ‫معدالت‬ ‫عدد األحكام‬ ‫إحاالت‬ ‫عدد‬ ‫عدد القضايا‬ ‫عدد القضايا‬ ‫عدد القضايا‬ ‫مختلف‬ ‫السنوات‬
‫في طور‬ ‫الحفظ‬ ‫المصرح بها‬ ‫أخرى‪(:‬مراجع‬ ‫اإلحاالت‬ ‫المحفوظة في‬ ‫المحفوظة في‬ ‫المحفوظة في‬ ‫القضايا‬
‫التحقيق إلى‬ ‫(خارج قانون‬ ‫ة –طعن‪)...‬‬ ‫المباشرة من‬ ‫المرحلة الثالثة‬ ‫المرحلة الثانية‬ ‫المرحلة األولى‬ ‫المسجلة في‬
‫غاية ‪31‬‬ ‫‪*)80‬‬ ‫طرف الوكيل‬ ‫)‪(Art .L.314-6‬‬ ‫)‪(Art.L.314-4‬‬ ‫)‪(Art.L.314-3‬‬ ‫السنة‬
‫دجنبر‬ ‫العام‬
‫‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫℅‪84,62‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪27‬‬ ‫℅‪66,66‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪23‬‬ ‫℅‪66,66‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪27‬‬ ‫℅‪72,73‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪30‬‬ ‫℅‪60‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪35‬‬ ‫℅‪70‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪835‬‬
‫‪Rapport de la cour de discipline budgétaire et financière, présenté au Président de la République,‬‬ ‫‪Février‬‬
‫‪2011 pour l’année 2010, p : 4.‬‬
‫‪836‬‬
‫‪Rapport de la cour de discipline budgétaire et financière, présenté au Président de la République,Février 2013‬‬
‫‪pour l’année 2012, p : 48.‬‬
‫‪837‬‬
‫‪Les décisions de classement du procureur général peuvent ệtre prises à trois stades de la procédure ;après‬‬
‫‪saisine de la cour (article L.314-3 : « si le procureur général estime qu’il n’ya pas lieu à poursuites ,il procède‬‬
‫‪au classement de l’affaire » après instruction.‬‬
‫‪838‬‬
‫‪L’article L.314-4 : « lorsque l’instruction est terminée , le dossier est soumis au procureur général , qui peut‬‬
‫‪décider le classement de l’affaire s’il estime qu’il n’ya pas lieu à poursuite » ; ou après avis rendu par le‬‬
‫‪ministre ou l’autorité de tutelle des agents mis en cause .‬‬

‫‪296‬‬
‫‪27‬‬ ‫℅‪73‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪26‬‬ ‫℅‪56‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪32‬‬ ‫℅‪50‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪31‬‬ ‫℅‪60‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪187‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪545‬‬ ‫المجموع‬
‫منذ ‪1948‬‬

‫المصدر‪Rapport de la cour de discipline budgétaire et financière présenté au Président de :‬‬


‫‪la République Française ,Février 2013 p :10.‬‬

‫‪* La loi n° 80-539‬‬ ‫‪relative aux astreintes prononcés en‬‬


‫‪du 16 Juillet 1980‬‬
‫‪matière administrative et à l'exécution des jugements par les personnes‬‬
‫‪morales de droit public.‬‬
‫ما يمكن مالحظته من خالل هذا الجدول أن معدالت حفظ القضايا بمحاكم التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية الفرنسية قد عرف بعض التراجع في السنوات الثالث من سنة‬
‫‪ 2010‬إلى ‪ 2012‬و هو دليل على أن القضايا المحالة على هذه المحاكم تكون غير ذات جدوى‬
‫‪ ،‬وبالتالي ال فائدة من متابعة أصحاب هذه القضايا ‪ ،‬فيكون مصيرها الحفظ ‪.‬‬

‫أما فيما يخص محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالمغرب فقد عرفت‬
‫منذ السنوات األولى لتطبيق مقتضياتها تطورات مهمة‪ ،‬وهكذا خالل سنتي ‪ 2003‬و‪ 2004‬قد بلغ‬
‫‪839‬‬
‫ملفا منها ‪ 7‬ملفات سنة ‪ 2003‬والباقي سنة ‪،2004‬‬ ‫عدد الملفات المحالة على المحكمة ‪61‬‬
‫وقد هم التحقيق في هذه الملفات ‪ 312‬شخصا يتقلدون مسؤوليات على مستوى مرافق الدولة‬
‫والمقاوالت والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية وكتاب عامون‪ ،‬مدراء‪ ،‬رؤساء الجماعات‪،‬‬
‫رؤساء المصالح‪ ،‬وكالء مداخيل‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وقد همت المخالفات المسجلة الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عدم احترام قواعد االلتزام بالنفقات كأداء النفقات دون االلتزام المسبق‪.‬‬

‫‪ -‬اإلخفاء الذي من شأنه أن يؤدي إلى خطأ في التنزيل المالي‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزام بالنفقات بدون أهلية أو بدون توفر االعتمادات‪ ،‬أو تجاوز االعتمادات‪.‬‬

‫‪ -‬حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية‪.‬‬

‫‪ -‬إخفاء وثائق أو تقديم مستندات مزورة أو غير صحيحة‪.‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ ،2006‬ص ‪.660 :‬‬ ‫‪839‬‬

‫‪297‬‬
‫‪ -‬عدم احترام القواعد المتعلقة بتنفيذ المداخيل والنفقات‪.‬‬

‫وبرسم سنة ‪ ،2007‬تلقى الوكيل العام للملك من طرف الغرف المختصة أربع (‪ )4‬حاالت تتعلق‬
‫‪840‬‬
‫شخصا أمام المجلس األعلى للحسابات بسبب‬ ‫بالتأديب المالي‪ ،‬وبعد دراستها تقرر متابعة ‪40‬‬
‫تجاهلهم أو خرقهم للنصوص المتعلقة بتحصيل المداخيل أو تنفيذ النفقات أو تدبير األمالك العامة‬
‫أو منح امتيازات غير مبررة للغير أفضت إلى إلحاق ضرر بالجهاز المعني أو الخزينة العامة‪ .‬وقد‬
‫قررت النيابة العامة حفظ ‪ 12‬قضية لغياب األساس القانوني أو الوقائع المبررة لمتابعة المعنيين‬
‫كما تقدمت بـ‪ 30‬مستنتجا بخصوص ‪ 30‬تقري ار توصلت بها وحفظت خمس (‪ )5‬قضايا بعد‬
‫التحقيق‪ .‬كما أحالت النيابة العامة لدى المجلس األعلى للحسابات على وزير العدل ‪8418‬حاالت‬
‫تهم أفعاال من شأنها أن تستوجب المتابعة الجنائية لألشخاص المعنيين طبقا للمادة ‪ 111‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫فاألشخاص الذين يتقلدون المسؤوليات ‪ ،‬يتحملون التبعات ‪ ،‬و هذا محور الفرع الموالي‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األشخاص الخاضعون للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬


‫إذا كانت مسطرة البت في الحسابات تتعلق فقط بشق من اختصاصات المحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬فإن مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية يسري على المحاسبين‬
‫العموميين من جهة في الجانب المتعلق بالتأديب المالي في المجاالت الخاصة بذلك‪ ،‬كما تسري‬
‫على كل متصرف في المال العام سواء كان آم ار بالصرف أو مراقبا أو أي شخص يعمل تحت‬
‫تصرفهم‪ ،‬فهذا النوع من الرقابة التي تجريها المحاكم المالية هي أعم وأشمل من الرقابة التي سبق‬
‫ذكرها من حيث األشخاص المعنيين بأحكامها‪ .‬فطبقا للمادة ‪ 52‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق‬
‫بالمحاكم المالية التي استثنت من اختصاصها القضائي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون‬
‫مهامهم بهذه الصفة؛ أما باقي المتدخلين في تدبير المال العام فهم يخضعون للعقوبات المنصوص‬
‫‪842‬‬
‫صادر قبل ارتكاب‬ ‫عليها في الفصول ‪ 55 ،54‬و‪ 56‬باستثناء حالة إدالئهم بأمر كتابي‬
‫المخالفة عن الرئيس التسلسلي الذي هم تابعون له أو عن أي شخص آخر مؤهل إلصدار هذا‬
‫األمر الكتابي‪ ،‬وبالتالي تنتقل المسؤولية أمام المحكمة المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2007‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.290 :‬‬ ‫‪840‬‬

‫تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪... 2007‬م‪.‬س ص‪.290:‬‬ ‫‪841‬‬

‫المادة ‪ 53‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪842‬‬

‫‪298‬‬
‫إال‬ ‫‪843‬‬
‫والشؤون المالية إلى الشخص مصدر األمر الكتابي إال ما استثناه المشرع في هذا المجال‪.‬‬
‫أن اإلستثناء يخص أهم فئة متصرفة في المال العام‪ ،‬ويتعلق األمر بالوزراء بصفتهم آمرين‬
‫بالصرف رئيسيين‪ ،‬مما يؤثر على نجاعة المحاكم المالية في الرقابة والتأديب المالي‪ ،‬إذ ال مبرر‬
‫موضوعي الستثناء هذه الفئة من هذا النوع من المساءلة‪ ،‬سيما مع محدودية الرقابة السياسية على‬
‫مجاالت تنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ومن خالل المصادقة على قوانين التصفية‪ ،‬وصعوبة إثارة المسؤولية‬
‫الجنائية أمام المحكمة العليا أو أمام األقسام المحدثة مؤخ ار بمحاكم االستئناف المكلفة بزجر الجرائم‬
‫المالية‪ .‬فاليوم لم يعد أي مبرر الستثناء هؤالء من مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫في ظل صدور الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬والذي ينص في الفصل ‪ 154‬على أن المرافق‬
‫العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬باإلضافة إلى الفصل ‪ 156‬الذي‬
‫نص على أن المرافق العمومية تقدم الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين الجاري‬
‫بها العمل‪ ،‬وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم‪ .‬كما يجب على كل شخص‪ ،‬منتخبا كان أو‬
‫معينا يمارس مسؤولية عمومية أن يقدم طبقا للكيفيات المحددة في القانون تصريحا كتابيا‬
‫بالممتلكات واألصول التي في حيازته عند تسلم المهام وعند نهايتها حسب ما نص عليه الفصل‬
‫‪ 158‬من الدستور‪ ،‬فلم يعد مجال الستثناء أي شخص أو مسؤول من تقديم الحساب والمساءلة‬
‫فعهد "الجزر المحصنة عن أعين حراس الشرعية المالية والمحاسبية قد ولى" كما قال األستاذ‬
‫والدكتور المتخصص في الرقابة المالية محمد براو‪ ،‬فالدول األنجلوساكسونية تقر بمراقبة الوزراء‬
‫عبر "مؤسسة مكتب المحاسب العام" الذي يتم تعيينه من طرف البرلمان كموظف سام تمتد رقابته‬
‫إلى الوزراء كما هو معمول به في المملكة المتحدة والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫وعلى كل حال فالمستقبل أمامنا‪ ،‬والتغيير الحاصل سياسيا‪ ،‬اقتصاديا واجتماعيا سوف‬
‫يحول مسار المراقبة من التقليد إلى العصرنة من خالل تفاعالت المجتمع‪ .‬وهكذا فحقل محكمة‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية يشمل فئة من األشخاص الخاضعين لرقابتها ومساءلتها‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬نتيجة ارتكابهم لمخالفات أثناء مزاولة مهامهم (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األشخاص الخاضعون لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫لقد تطرقت المواد ‪ 55 ،54‬و‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية إلى األشخاص الخاضعين‬
‫للتأديب المالي‪ ،‬وحددهم المشرع في اآلمرين بالصرف‪ ،‬واآلمرين المساعدين بالصرف وكل مسؤول‬

‫المادة ‪ 52‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪843‬‬

‫‪299‬‬
‫أو موظف أو عون يعمل تحت سلطة هؤالء أو لحسابهم إذا ما ارتكبوا أثناء مزاولة مهامهم‬
‫المخالفات التي سنتطرق إليها فيما بعد‪ .‬كما شملت هذه المواد كل مراقب لاللتزام بالنفقات وكل‬
‫مراقب مالي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرة مراقب االلتزام بالنفقات أو المراقب المالي‬
‫أو يعمل لحسابهما في إطار المراقبات التي هم ملزمين بها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫المعمول بها‪ .‬أما المادة األخيرة فقد شملت المحاسبين العموميين‪ ،‬وكذا كل موظف أو عون يوجد‬
‫تحت إمرتهم أو يعمل لحسابهم‪ ،‬إذا لم يمارسوا أثناء مزاولة مهامهم المراقبات التي هم ملزمون‬
‫بالقيام بها طبقا للنصوص التنظيمية المطبقة عليهم ‪ ،‬فخالل سنة ‪ 2011‬تمت متابعة ‪214‬‬
‫شخصا في إطار مسطرة التأديب المالي و يلخص الجدول التالي عدد األجهزة و عدد المتابعين‬
‫من طرف المجلس ‪:‬‬

‫المجموع‬ ‫الشركات العامة‬ ‫مرافق الدولة المؤسسات‬


‫العمومية‬
‫‪30‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪15‬‬ ‫عدد األجهزة المعنية‬
‫‪72‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪36‬‬ ‫عدد المتابعين‬

‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة‪.2011‬‬

‫هذا بالنسبة لألشخاص الخاضعين للتأديب المالي أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬أما‬
‫المجالس الجهوية للحسابات فتمارس مهمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة‬
‫لألشخاص الواردة بيانهم في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 118‬إذا ارتكبوا إحدى المخالفات المنصوص‬
‫عليها أيضا في المواد ‪ 55 ،54‬و‪ 56‬من المدونة وهم كل مسؤول أو موظف أو مستخدم يعمل في‬
‫‪:‬‬

‫‪ -‬الجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬

‫‪ -‬المؤسسات العمومية الخاضعة لوصاية هذه الجماعات والهيئات‪.‬‬

‫‪ -‬كل الشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الجماعات المحلية أو الهيئات على انفراد أو‬
‫بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة‬
‫في اتخاذ القرار‪ ،‬كما يخضع كل من الوالي والعامل لقضاء المجلس الجهوي للحسابات في‬

‫‪300‬‬
‫الحاالت التي يعمالن فيها باعتبارهما آمرين بالصرف لجماعة محلية أو هيئة‪ ،‬وفي‬
‫الحاالت األخرى تطبق عليهما مقتضيات الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب األول‬
‫‪844‬‬
‫من هذا القانون‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 52‬من مدونة المحاكم المالية التي استثنت من اختصاص المحاكم‬
‫المالية في ميدان التأديب المالي أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين‬
‫عندما يمارسون مهامهم بصفة إما عضو في الحكومة أو عضو في مجلس النواب أو مجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬فهذه المسؤوليات ذات طابع سياسي تكون مطروحة إما أمام الشعب أو أمام الملك أو‬
‫أمام البرلمان حسب الحالة‪ ،‬أما في حالة ممارستهم لمهام أخرى تخص التدبير المالي واإلداري فهم‬
‫يسألون عن ذلك شخصيا وماليا وإداريا‪ ،‬فالمشرع المغربي قد أدرج اآلمرين بالصرف بالجماعات‬
‫الترابية ضمن اختصاص المتابعة والمساءلة أمام المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التأديب‬
‫‪845‬‬
‫بالمجلس حيث تتم المتابعة بصفة آمر بالصرف‬ ‫المالي‪ ،‬ولو كانوا برلمانيين أو مستشارين‬
‫‪846‬‬
‫أما االستثناء القانوني‬ ‫بالجماعة وليس بصفة نائب برلماني‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي‪.‬‬
‫الوحيد الذي عبر عنه المشرع صراحة هو األمر الكتابي الصادر عن الرئيس التسلسلي إلى‬
‫المرؤوس يطالبه بتنفيذ األمر ولو كان مخالفا للقوانين واألنظمة‪ ،‬ويشترط أن يصدر قبل ارتكاب‬
‫المخالفة من الشخص المؤهل قانونا إلصدار األمر الكتابي أو األمر بالتسخير أو صرف النظر‪.‬‬
‫وبالتالي تنتقل المسؤولية أمام المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫من الصادر إليه األمر الكتابي إلى الرئيس التسلسلي مصدر األمر بالتسخير‪ ،‬وهذا ما أكدت عليه‬

‫يتعلق األمر بالمواد ‪ 55 ،54 ،53 ،52 ،51‬و‪ 56‬الخاصة باألشخاص الخاضعين للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬أمام المجلس‬ ‫‪844‬‬

‫األعلى للحسابات واالستثناءات الواردة عليها‪.‬‬


‫أنظر قرار عدد ‪ 886‬بتاريخ ‪ 2003/12/11‬المجلس األعلى ملف إداري عدد ‪ 1380/4/1/2001‬حول الحصانة البرلمانية‪ ،‬مذكور في كتاب‬ ‫‪845‬‬

‫لمحمد براو ‪" :‬األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي المالي‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ . 143 :‬كما يمكن الرجوع إلى سلسلة حلقات حول مواضيع قانونية‬
‫لألستاذ محمد براو‪ ،‬منشورة بجريدة العلم خالل شهر أكتوبر ‪ 2005‬وخصوصا موضوع ‪" :‬متى تجوز المساءلة المالية للوزراء والبرلمانيين أمام‬
‫القضاء ؟"‪.‬‬
‫‪846‬‬
‫‪Loi n°48-1484 du 25 septembre 1948 tendant à sanctionner les fautes de gestion commises à l’égard de l’Etat‬‬
‫‪et de diverses collectivités et portant création d’une cour de discipline budgétaire et financière.‬‬
‫‪" Toutefois, ne sont pas justiciables de la cour de discipline budgéraire et financière, à raison des actes accomplis‬‬
‫‪dans l’exercice de leurs fonctions :‬‬
‫; ‪- Les membres du gouvernement‬‬
‫‪- Les présidents de conseil régional et, quand ils agissent dans le cadre des dispositions du cinquième alinea‬‬
‫‪(3°) de l’article 37 de la loi n°86-16 du 6 Janvier 1986 relative à l’organisation des régions.‬‬
‫‪- Les présidents de conseil général et, quand ils agissent dans le cadre des dispositions de l’article 31 de la loi‬‬
‫‪du 2 mars 1982, les vice-présidents et autres membres du conseil général.‬‬
‫‪- Les maires et, quand ils agissent dans le cadre des dispositions des articles L.122-11 et L. 122-13 du code‬‬
‫; ‪des communes, les adjoints et autres membres du conseil municipal‬‬
‫‪- Les présidents élus de groupements ou syndicats de collectivités territoriales".‬‬

‫‪301‬‬
‫المادة ‪ 53‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية وكذا المادة الرابعة من ظهير ‪ 3‬أبريل‬
‫‪ 2002‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين لما اعتبرت أن‬
‫اآلمرين بالصرف مسؤولين بصفة شخصية طبقا للقوانين واألنظمة المعمول بها عن أوامر التسخير‬
‫التي استعملوها فيما يخص أداء النفقات العمومية‪ .‬كما أعفت المادة السادسة من نفس الظهير‬
‫المشار إليه أعاله المحاسبين العموميين من المسؤولية المالية في حالة إصدار أمر بالتسخير من‬
‫طرف اآلمرين بالصرف بكيفية مشروعة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المخالفات الخاضعة لمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬

‫يعتبر العنصر المادي أو الموضوعي والعنصر العضوي المتمثل في األجهزة الخاضعة‬


‫لرقابة المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬باإلضافة إلى العنصر‬
‫الشخصي المتمثل في األشخاص الخاضعين لهذه المسطرة‪ ،‬كلها عناصر قانونية أساسية يرتكز‬
‫عليها اختصاص المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وما يهمنا‬
‫في هذه الفقرة هو العنصر المادي المتعلق باألفعال المعتبرة مخالفة لقانون المحاكم المالية‪ ،‬والتي‬
‫تستوجب المتابعة والمساءلة‪ .‬فظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬قد حدد قائمة المخالفات المالية على سبيل‬
‫‪847‬‬
‫وتصنيف المخالفات وطبيعتها‪ ،‬على‬ ‫الحصر‪ ،‬تسهيال للقاضي المالي لكي ال يتيه في البحث‬
‫عكس ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬الذي حدد قائمة المخالفات‬
‫المالية بالصيغة العامة ولم يفصل بالشكل الكافي فيها‪ ،‬مما كان يصعب على القاضي المالي‬
‫التمييز بين المخالفات وبين الجهة المرتكبة لهذه المخالفات‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 54‬من ظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬قد أبرزت من خالل تحديدها للمخالفات المالية‬
‫في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الغاية من تحديد كل مسؤول عن كل مخالفة‬
‫أثناء مزاولة المهام للتمييز بين المجاالت التي تعاقب عليها المحاكم المالية‪ .‬فهذا المجال يتدخل‬
‫فيه ثالثة فئات من األشخاص أثناء تنفيذ العمليات المالية وهم كما سبق وأن تطرقنا إليهم في الفقرة‬
‫األولى أعاله هم اآلمرون بالصرف أو اآلمر بالصرف المساعد وكذا كل مسؤول أو موظف أو‬
‫ثم كل مراقب لاللتزام بالنفقات وكل مراقب مالي وكذا‬ ‫‪848‬‬
‫عون يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم‪،‬‬
‫ثم الفئة الثالثة واألخيرة المحاسبون‬ ‫‪849‬‬
‫كل موظف أو عون يعمل تحت إمرتهم أو لحسابهم‪،‬‬

‫حميدوش مدني ‪" :‬المحاكم المالية في المغرب"‪ .....،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.272 :‬‬ ‫‪847‬‬

‫المادة ‪ 54‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪848‬‬

‫المادة ‪ 55‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪849‬‬

‫‪302‬‬
‫‪850‬‬
‫العموميون وكذا كل موظف أو عون يوجد تحت إمرتهم أو يعمل لحسابهم‪.‬‬

‫فالمخالفات المالية المحددة والموجبة للمسؤولية أمام المحاكم المالية في ميدان التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية جاءت على سبيل الحصر والتخصيص عن كل فئة متدخلة في‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬وسوف نتطرق إلى مخالفات كل فئة من هذه الفئات ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬مخالفات فئة اآلمرين بالصرف ومن في حكمهم‬


‫لقد حددت المادة ‪ 54‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية هذه المخالفات في‬
‫الئحة حصرية تضم ‪ 11‬نوعا من المخالفات وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها ‪:‬‬

‫قد تأتي هذه المخالفة بعد وضع االعتمادات المالية الضرورية تحت تصرف اآلمرين‬
‫بالصرف باإلدارات والمؤسسات والجماعات الترابية‪ ،‬وبعد اإلنجاز الفعلي للنفقات العمومية الذي‬
‫يمر بأول مرحلة وهي "االلتزام بالنفقة ‪ ،"L’engagement‬وقد عرف الفصل ‪ 53‬من المرسوم‬
‫الملكي رقم ‪ 330-66‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬االلتزام‬
‫بكونه "العمل الذي تحدث أو تثبت بموجبه المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل‪ ،‬وال يمكن‬
‫‪851‬‬
‫الذي يعمل وفقا لسلطاته‪ ،‬ويجب أن يبقى في حدود‬ ‫التعهد به إال من طرف اآلمر بالصرف‬
‫الترخيص في الميزانية‪ ،‬وأن يكون متوقفا على المقررات أو اإلعالنات أو التأشيرات المنصوص‬
‫عليها في القوانين واألنظمة‪ ،‬وااللتزام هو من اختصاص اآلمر بالصرف أو من ينوب عنه حسب‬
‫الحاالت‪ ،‬ويخضع االلتزام بالنفقة لمراقبة قبلية تقوم بها مراقبة االلتزام بالنفقات أو المحاسب‬
‫العمومي"‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي جعل المسؤولية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫في مجال المخالفات مبنية وقائمة على نوعين من المخالفات ‪:‬‬

‫‪ -‬النوع األول ‪ :‬يتعلق بالجانب القانوني منها والناتج عن خرق القواعد المالية‬
‫والمحاسبية المتعلقة بتنفيذ الميزانية سواء على مستوى المداخيل أو على مستوى النفقات‪ ،‬وقد ساير‬

‫المادة ‪ 56‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪850‬‬

‫أنظر توصيات المجلس األعلى للحسابات الموجهة إلى الوكالة الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات برسم سنة ‪ 2009‬حول نظام المساطر‬ ‫‪851‬‬

‫المحاسبية في مرحلة االلتزام‪ ،‬حيث تم الوقوف على تدخل عدة مصالح في عملية االلتزام بالنفقات‪ ،‬ويتعلق األمر بقسم التشغيل ومصلحة أداء‬
‫نفقات الموظفين‪ ،‬والقسم المالي والميزانية لباقي النفقات‪ ،‬منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2009‬ص ‪.371 :‬‬

‫‪303‬‬
‫‪852‬‬
‫واألحكام‪ .‬فالجانب االعتباري في هذه المخالفات‬ ‫القضاء هذا االتجاه من خالل بعض الق اررات‬
‫هي أنها تنتج عن عدم احترام النصوص القانونية أو التشريع المالي والمحاسبي‪ ،‬وتتحدد هذه‬
‫المخالفات فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬عدم احترام القواعد النظامية المعمول بها في إطار الوظيفة العمومية فيما يخص التوظيف‬
‫والترقية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم احترام القواعد القانونية المعمول بها في إطار الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم احترام القواعد المتعلقة بإثبات الديون العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التوفر على الصفة بمقتضى النصوص القانونية المعمول بها للتوقيع على اقتراحات‬
‫االلتزام‪.‬‬

‫‪ -‬التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز االعتمادات وإخفاء المستندات أو‬
‫لإلدالء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم مراعاة مشروعية الق اررات المتعلقة باقتناء العقارات وباالتفاقات المبرمة مع الغير وبمنح‬
‫اإلعانات المالية‪.‬‬

‫‪ -‬النوع الثاني ‪ :‬يتعلق بالجانب األخالقي‪ ،‬ويخص المخالفات في مجال اإلخالل وعدم‬
‫الوفاء بالواجبات الوظيفية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بمنح أو حصول الشخص على منفعة غير مبررة‬
‫"نقدية" كانت أو "عينية" أو إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحمل داخله الشخص مسؤولية‪ ،‬نتيجة‬
‫اإلخالل الخطير بالمراقبة التي هو ملزم بممارستها‪ ،‬أو من خالل اإلغفال أو التقصير في القيام‬
‫بالمهام اإلشرافية‪ ،‬وكذلك عدم الوفاء إما تجاهال أو خرقا لمقتضيات النصوص الضريبية بالواجبات‬
‫المترتبة على الملزمين‪ ،‬قصد تقديم امتياز بصفة غير قانونية لهم‪.‬‬

‫وفي مرحلة التصفية "‪ "La liquidation‬والتي تعني حسب ما جاء به الفصل ‪ 34‬من‬

‫لقد جاء في قرار المجلس األعلى رقم ‪973‬ب‪/‬ل بتاريخ ‪ 2002/10/10‬على أنه ‪..." :‬وحيث فيما يخص المخالفة الثانية‪ ،‬فإن مبلغ‬ ‫‪852‬‬

‫‪ 24.200,00‬درهم المقابل لكراء المنزل المخصص لقائد المقاطعة الحضرية األولى عن الفترة الممتدة من ‪ 1994/09/07‬إلى ‪1995/08/05‬قد تم‬
‫صرفه خالفا للقواعد المنظمة لمالية الجماعات المحلية خاصة الفصول ‪ 21‬و‪ 22‬من ظهير ‪ 1.76.584‬بتاريخ ‪ 1976/09/30‬بمثابة قانون يتعلق‬
‫بالتنظيم المالي للجماعات المحلية باعتباره ال يدخل ضمن تحمالت الجماعة المحلية –نفقات تسيير المصالح‪ -‬وال ضمن النفقات الملقاة على عاتق‬
‫الجماعة بموجب قانون أو بموجب مرسوم صادر بتطبيق قانون‪ ،‬وبالتالي يشكل نفقة غير مشروعة –حتى ولو صادقت عليها الجهة الوصية‪ -‬وهي‬
‫المخالفة المتعلقة بتنفيذ عمليات النفقات المدرجة ضمن المخالفات المنصوص عليها في الفصل ‪ 56‬من القانون رقم ‪ 12-79‬المذكور‪ ،‬وحيث لذلك‬
‫يبقى الطعن غير مرتكز على أساس وحليف الرفض"‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية بأنها هي التأكد من حقيقة الدين‪،‬‬
‫وحصر مبلغ التصفية والتي يباشرها اآلمر بالصرف شخصيا أو رئيس المصلحة المختصة وتحت‬
‫مسؤوليته‪ ،‬بعد االطالع على المستندات التي تثبت الحقوق المكتسبة للدائنين‪ ،‬وهي مرحلة‬
‫ضرورية لتأكيد وجود الدين وضبط المبلغ الواجب صرفه‪ .‬ويستثنى من هذه العملية النفقات المؤداة‬
‫والتي تصفى من قبل المحاسب العمومي وليس من طرف اآلمر‬ ‫‪853‬‬
‫بدون أمر سابق بصرفها‬
‫بالصرف‪ .‬والمرحلة األخيرة في مجال النفقة تتعلق "باألمر بالصرف ‪"L’ordre de paiement‬‬
‫من طرف اآلمرين بالصرف‪ ،‬وهي مرحلة ممهدة لألداء الفعلي‪ ،‬وقد عرفها الفصل ‪ 34‬من المرسوم‬
‫الملكي رقم ‪ 330-66‬المتعلق بالمحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬بأنها العمل اإلداري الذي يحتوي‬
‫طبقا لنتائج التصفية على األمر بأداء دين المنظمة العمومية‪ ،‬ويقوم بهذا العمل اآلمر بالصرف‪،‬‬
‫‪854‬‬
‫على‬ ‫وقد نصت المادة ‪ 86‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬المشار إليه أعاله المغير والمتمم‬
‫أن األوامر بالصرف أو الحواالت تصدر معززة باإلثباتات الضرورية من طرف اآلمر بالصرف في‬
‫ستين (‪ )60‬يوما على أبعد تقدير انطالقا من تاريخ تنفيذ الخدمة المنجزة‪ ،‬ويقوم اآلمر بالصرف‬
‫بتوجيهها إلى المحاسب المكلف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مخالفات فئة مراقبي االلتزام بالنفقات أو من يعمل لحسابهم‬


‫لقد نصت المادة ‪ 55‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية على خضوع كل‬
‫مراقب لاللتزام بالنفقات وكل مراقب مالي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت سلطتهما أو‬
‫لحسابهما للجزاءات والمساءلة‪ ،‬إذا لم يقوموا بمهامهم في إطار المراقبة التي يجرونها طبقا‬
‫للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪ ،‬على الوثائق والمستندات المتعلقة بااللتزام بالنفقات‬
‫وعلى الوثائق المرتبطة بالمداخيل وذلك قصد التأكد من ‪ :‬توفر االعتمادات‪ ،‬توفر المنصب المالي‬
‫واحترام القواعد النظامية المطبقة على التوظيفات والتعيينات والترقيات في الدرجة‪ .‬مطابقة مشروع‬
‫الصفقة للنصوص المنظمة إلبرام الصفقات العمومية‪ ،‬السيما اإلدالء بالشهادة اإلدارية أو بالتقرير‬
‫المتعلق بتقديم الصفقة المبرر الختيار طريقة إبرام الصفقة‪ ،‬مطابقة صفقة األشغال أو التوريدات‬

‫أنظر قرار لوزير المالية والخوصصة رقم ‪ 1272-07‬صادر في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2007‬بتتميم القرار رقم ‪ 681-67‬الصادر في ‪ 12‬دجنبر ‪1967‬‬ ‫‪853‬‬

‫بتحديد قائمة النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪.‬‬
‫ثم قرار آخر رقم ‪ 1568-09‬صادر في ‪ 18‬يونيو ‪ 2009‬بتتميم قرار وزير المالية رقم ‪ 681-67‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬دجنبر ‪ 1967‬بتحديد قائمة‬
‫النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.07.1237‬صادر في ‪ 26‬ماي ‪ 2009‬بتغيير المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة‬ ‫‪854‬‬

‫العمومية بتغيير وتتميم الفصول ‪ 41 ،17‬و‪ 86‬منه‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5744‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪.2009‬‬

‫‪305‬‬
‫أو الخدمات لقواعد طلب المنافسة على من يعنيهم األمر‪ ،‬مشروعية الق اررات المتعلقة باقتناء العقار‬
‫واالتفاقيات الموقعة مع الغير وبمنح اإلعانات المالية‪ ،‬صفة األشخاص المؤهلين بمقتضى‬
‫النصوص التنظيمي ة المعمول بها للتوقيع على اقتراحات االلتزام بالنفقات ثم مراقبة شمولية مبلغ‬
‫االلتزام المقترح من مجموع النفقة التي تلتزم بها اإلدارة‪ .‬إال أن مراقبي االلتزام بالنفقات والمراقبين‬
‫الماليين ال يخضعون لمقتضيات‪855‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 66‬من قانون ‪ 62-99‬والتي تنص‬
‫على أنه ‪" :‬وإذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة ألحد األجهزة الخاضعة‬
‫لرقابته‪ ،‬قضى على المعني باألمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال‬
‫وفوائد‪ "...‬إال أننا نرى أن هذا المبرر وهذا االستثناء ما كان على المشرع الخوض فيه سيما إذا‬
‫تواطأ مراقبو االلتزام بالنفقات مع اآلمرين بالصرف أو المحاسبين العموميين قصد التغاضي عن‬
‫الشروط الالزمة والقانونية للنفقة قصد تحصيل منافع شخصية لنفسهم أو لغيرهم‪.‬‬

‫فمسؤولية مراقب االلتزام بالنفقات قد تطرح عدة إشكاالت في مجال التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬خصوصا أن دوره قد أصبح غامضا ومتداخال خصوصا بعد إدماج‬
‫‪857‬‬ ‫‪856‬‬
‫المتعلق‬ ‫مراقبة االلتزام بنفقات الدولة مع الخزينة العامة للمملكة وصدور المرسوم‬ ‫مصالح‬
‫بمراقبة نفقات الدولة بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪ ،2008‬والذي أخضع االلتزامات بنفقات الدولة الصادرة عن‬
‫المصالح اآلمرة با لصرف لمراقبة مالية ولمراقبة المشروعية‪ ،‬كما أخضع نفقات الدولة في مرحلة‬
‫األداء لمراقبة صحة النفقة‪ ،‬إال أن المشرع ابتداء من فاتح يناير ‪ 2012‬جعل المراقبة المسبقة‬
‫موضوع تخفيف يدعى "مراقبة تراتبية" وذلك وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها ويقصد بها‬
‫المراقبة المخففة المطبقة على نفقات المصالح اآلمرة بالصرفة التي يجب أن تتوفر على نظام‬
‫مراقبة داخلية تمكنها من التأكد من األمور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬في مرحلة االلتزام ‪:‬‬

‫‪ -‬التأكد من المشروعية بالنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي لاللتزام‬
‫بالنفقات غير تلك المحددة في المادة ‪85813‬من المرسوم المذكور أعاله‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة من المادة ‪ 66‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪855‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.06.52‬الصادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬القاضي بإلحاق المراقبة العامة لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وبتحويل‬ ‫‪856‬‬

‫اختصاصات المراقب العام لاللتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬صادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪.2008‬‬ ‫‪857‬‬

‫لقد استثنت المادة ‪ 13‬من مرسوم ‪ 2.07.1235‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬من المراقبة‪ ،‬نفقات الموظفين المنصوص عليها في الفقرة ‪ 3‬من‬ ‫‪858‬‬

‫المادة ‪ 10‬من هذا المرسوم التي يفوق مبلغها عشرة آالف (‪ )10.000‬درهم‪ ،‬ونفقات المعدات والخدمات التي يفوق مبلغها مائة ألف (‪)100.000‬‬

‫‪306‬‬
‫‪ -‬التأكد من مجموع النفقة التي تلتزم بها اإلدارة طيلة سنة اإلدراج‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من انعكاس االلتزام على استعمال مجموع االعتمادات برسم السنة الجارية والسنوات‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫في مرحلة األمر بالصرف ‪:‬‬

‫‪ -‬التأكد من توفر االعتمادات‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من وجود التأشيرة القبلية لاللتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة‪.‬‬

‫‪ -‬التأكد من عدم األداء المكرر لنفس الدين‪.‬‬

‫وقبل هذه المرحلة‪ ،‬وبالضبط في ‪ 24‬دجنبر ‪ 2004‬صدر المرسوم رقم ‪2.04.797‬‬


‫القاضي بتغيير الفصول ‪ 11‬و‪ 91‬مكرر و‪ 92‬و‪ 93‬من المرسوم الملكي المؤرخ في ‪ 21‬أبريل‬
‫‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬وقد تعلق هذا التعديل بحذف صحة إدراج النفقات في‬
‫األبواب المتعلقة بها‪ ،‬وإثبات العمل المنجز واحترام قواعد التقادم وسقوط الحق في مجال مراقبة‬
‫صحة النفقات‪ ،‬كما تم استبدال عبارة "إعمال المراقبة القانونية السابقة" بعبارة "وجود التأشيرة‬
‫المسبقة لاللتزام"‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 2008‬وبموجب قانون المالية لهذه السنة رقم ‪ 38-07‬بتاريخ ‪ 27‬دجنبر‬
‫وتتميم أحكام المادتين ‪ 55‬و‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬وتتعلق تباعا بمسؤولية‬ ‫‪859‬‬
‫‪ 2007‬تم تغيير‬
‫المراقبين والمحاسبين العموميين في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما تم تغيير‬
‫وتتميم‪860‬مقتضيات المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 61-99‬والتي تهم مسؤولية المراقبين وبموجبها تم التخلي‬
‫عن سرد الحاالت التي تعد مخالفات في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫واستبدالها بعبارة عامة تتمثل في عدم قيام المراقب المالي بالمراقبات التي هو ملزم بالقيام بها‬
‫بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ .‬وبالتالي أصبحت المهام الرقابية التي يلزم المراقب‬
‫المالي القيام بها‪ ،‬والتي يمكن في حالة انتفائها أن تثير مسؤوليته في ميدان التأديب المتعلق‬

‫درهم‪ ،‬والصفقات والعقود الملحقة والق اررات التعديلية المرتبطة بها‪ ،‬والتي تفوق قيمتها‪ ،‬مأخوذة بشكل منفصل أربعمائة ألف (‪ )400.000‬درهم وكذا‬
‫الصفقات التفاوضية مهما كان مبلغها وأخي ار االتفاقيات وعقود القانون العادي التي يفوق مبلغها مائتي ألف (‪ )200.000‬درهم‪.‬‬
‫أنظر المادة ‪ 13‬من القانون المالي لسنة ‪ 2008‬الذي غير وتمم أحكام المواد ‪ 55 ،37‬و‪ 56‬من القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪،‬‬ ‫‪859‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪.2007‬‬


‫أنظر كذلك المادة ‪ 14‬من القانون المالي لسنة ‪ ،2008‬التي غيرت وتممت مقتضيات المادتين ‪ 5‬و‪ 6‬من القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد‬ ‫‪860‬‬

‫مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2007‬‬

‫‪307‬‬
‫الميزانية والشؤون المالية‪ ،‬محددة بمقتضى نصوص تنظيمية وليست تشريعية كما تحددت في‬
‫قانوني ‪ 61-99‬و‪ .62-99‬وهكذا أصبح دور المراقب العام لاللتزام بالنفقات والمراقبين الترابيين‬
‫مسؤولين فقط عن مراقبة وجود االعتمادات المالية بالميزانية في حدود معينة‪ ،‬والمشروعية القانونية‬
‫بالنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫كما أن مقتضيات المادة ‪ 55‬من قانون ‪ 62-99‬تتعلق بمراقبة النفقات التي يجب أن‬
‫تكون نابعة من الشرعية المحاسبية المستمدة من الوثائق‪ ،‬وما يتبعها من عقوبة خاصة‪ ،‬أما‬
‫مقتضيات المادة ‪ 28‬من نفس القانون التي تنص على أنه يعتبر كل آمر بالصرف أو مراقب‪ ،‬أو‬
‫محاسب عمومي مسؤوال عن الق اررات التي اتخذها‪ ،‬أو أشر عليها أو نفذها من تاريخ استالمه‬
‫لمهامه إلى تاريخ انقطاعه عنها ‪ :‬فهي مقتضيات عامة تخص التأشيرة‪ ،‬والتأشيرة تتطلب بالضرورة‬
‫التأكد من صحة المعلومات المتعلقة بالنفقة سواء على الوثائق المدلى بها ومطابقتها مع النصوص‬
‫‪861‬‬
‫وقد شكلت بعض ق اررات المجلس األعلى‬ ‫القانونية والتنظيمية‪ ،‬ومع الواقع موضوع النفقة‪.‬‬
‫للحسابات فيما يخص التأديب المالي المتعلق بالمراقبين الماليين انزعاجا لهم وردود أفعال قوية‬
‫‪862‬‬
‫مراقبي‬ ‫أثناء مناقشة مشروع مدونة المحاكم المالية من خالل جمعيتهم المتمثلة في "جمعية‬
‫االلتزام بال نفقات"‪ ،‬حيث اعتبروا أنفسهم غير معنيين وغير مقصودين بالتأديب المالي المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية خصوصا في ظل قانون ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪،‬‬
‫مستندين في ذلك على الفصل ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.75.839‬الصادر في ‪ 30‬دجنبر ‪1975‬‬
‫بشأن مراقبة االلتزام بنفقات الدولة‪ ،‬والذي ال يلزم المراقب أن يطلع على المعايير والقواعد التي‬
‫يجب أن ت توفر في النفقة من حيث صدقيتها وواقعيتها‪ ،‬بل ينتهي دور المراقب المالي بمجرد‬
‫التأشير على مشروع النفقة دون أن يتعداها إلى التصفية‪.‬‬

‫لكن هذه المزاعم تبخرت بصدور القانون رقم ‪ 62-99‬وقانون ‪ 61-99‬المتعلقان على‬

‫أنظر قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪ ،2001‬قرار تحت عدد ‪ 594‬في ملف عدد ‪ 2000/1/4/1627‬القاضي برفض‬ ‫‪861‬‬

‫طلب النقض ضد قرار المجلس األعلى للحسابات الصادر بتاريخ ‪ 1999/10/20‬في الملف عدد ‪/94/101‬ت منشور بمجلة رسالة المحاماة عدد‬
‫‪ ،25‬سنة ‪ ،2005‬مذكور أيضا في كتاب ‪" :‬األحكام الكبرى"‪ ،‬لمحمد براو‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ .158 :‬وتتلخص وقائع = هذه النازلة في كون المجلس‬
‫األعلى للحسابات وفي إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬قضى بمؤاخذة أحد مراقبي االلتزام بنفقات الدولة من أجل قيامه بالتأشير‬
‫بصفته هاته على نفقة موضوع سند الطلب‪ ،‬رغم كون تلك النفقة غير مقدرة بكيفية صحيحة‪ ،‬والحكم عليه بغرامة ‪ 10‬آالف درهم‪ ،‬ذلك أنه بناء على‬
‫تقرير المفتشية العامة للمالية‪ ،‬وبطلب من وزير المالية فتح تحقيق على التسيير المالي للمديرية اإلقليمية لألشغال العمومية‪ ،‬ومن ضمنها صفقة‬
‫بمقتضى سند طلب من أجل وضع ‪ 520‬حاج از كيلومتريا على مجموعة من الطرق العامة‪ ،‬فتبين أن عدد الكيلومترات ال يتجاوز في مجموع تلك‬
‫الطرق ‪ 177‬كلم‪ ،‬وبمعدل حاجز واحد لكل كيلومتر‪ ،‬ومن تم فإن مجموع الحواجز ال يمكن أن يتجاوز ‪ 177‬حاج از بدل ‪ 520‬حاج از المدفوع ثمنها‬
‫في إطار الصفقة بعد تأشيرة المراقب اإلقليمي لاللتزام بنفقات الدولة‪.‬‬
‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪............... ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ ،213 :‬هامش رقم ‪.368‬‬ ‫‪862‬‬

‫‪308‬‬
‫التوالي بالمحاكم المالية وتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪،‬‬
‫وبالتالي ألغى المشرع كل المقتضيات التي أتى بها المرسوم رقم ‪ 2.75.839‬بشأن مراقبة االلتزام‬
‫بنفقات الدولة؛ كما وقع تتميمه وتعديله بمقتضى المرسوم رقم ‪ 2.01.2678‬المؤرخ في ‪ 31‬دجنبر‬
‫‪863‬‬
‫وكذا المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬المؤرخ في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات‬ ‫‪2001‬‬
‫الدولة‪ .‬وبالتالي سوى المشرع و وازن في مجال المسؤولية بين اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬متجاو از بذلك النقاش الدائر بخصوص التساؤل حول امتداد مفهوم‬
‫المحاسب العمومي إلى المراقب اإلقليمي والمركزي لاللتزام بنفقات الدولة‪ ،‬واإلعفاء من عدمه في‬
‫مجال المسؤولية‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مخالفات فئة المحاسبين العموميين ومن يوجد تحت إمرتهم أو يعمل لحسابهم‬
‫باإلضافة إلى المادة ‪ 28‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية في الفقرة الثانية‬
‫التي اعتبرت كل آمر بالصرف أو مراقب أو محاسب عمومي‪ ،‬مسؤوال عن الق اررات التي اتخذها‬
‫والمعني بها هو اآلمر بالصرف أو أشر عليها والمعنى هو المراقب المالي أو نفذها وهو المحاسب‬
‫العمومي الذي من مهامه األساسية التنفيذ الفعلي للنفقات وتحصيل الموارد‪ ،‬ونجد أيضا المادة ‪56‬‬
‫التي أخضعت كل محاسب عمومي وكذا كل موظف أو عون يعمل لحسابه وتحت سلطته‬
‫للعقوبات المنصوص عليها في القوانين واألنظمة‪ ،‬إذا لم يمارسوا أثناء مزاولة مهامهم المراقبات‬
‫التي هم ملزمون بالقيام بها والتي تتعلق باألمور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬صفة اآلمر بالصرف من خالل التأكد من قرار تعيينه ونظير توقيعه " ‪spécimens de‬‬
‫‪."signature‬‬

‫‪ -‬توفر االعتمادات من خالل مدى وجود الرصيد المالي واالعتماد المخصص للنفقة ومدى‬
‫‪864‬‬
‫كفايته‪ ،‬والمؤشر عليه من طرف المصالح المختصة‪.‬‬

‫‪ -‬صحية تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها من خالل التأكد من إدراج سند األداء‬
‫بأبواب الميزانية المخصص له‪ ،‬وطبيعة النفقة المدرجة بسند األداء‪.‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.01.2678‬صادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2001‬بتغيير وتتميم المرسوم رقم ‪ 2.75.839‬الصادر في ‪ 30‬دجنبر ‪ 1975‬في شأن مراقبة‬ ‫‪863‬‬

‫االلتزام بنفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4965‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2001‬‬


‫قد تكون مصالح و ازرة المالية بالنسبة للميزانية العامة والمؤسسات العمومية ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية‬ ‫‪864‬‬

‫للخزينة بواسطة مديرية الميزانية بو ازرة المالية‪ ،‬وقد تكون باإلضافة إلى مصالح و ازرة المالية مصالح و ازرة أخرى‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للجماعات‬
‫المحلية وهيئاتها التي تؤشر على ميزانياتها باإلضافة إلى و ازرة المالية‪ ،‬وو ازرة الداخلية‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫‪ -‬تقديم الوثائق المثبتة التي يتعين على المحاسبين العموميين طلبها قبل أداء النفقة طبقا‬
‫للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬

‫المادة السادسة من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية‬ ‫‪865‬‬


‫وبعد تعديل وتتميم‬
‫اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬أضيفت عناصر أخرى إلى مهمة المحاسبين‬
‫العموميين يمكن أن يساءلوا عليها إن خالفوا هذه العناصر من المراقبة أو أهملوها وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬المحافظة على األموال والقيم المعهود إليهم حراستها‪.‬‬

‫‪ -‬وضعية الحسابات الخارجية لألموال التي يراقبونها أو يأمرون بحركاتها‪.‬‬

‫‪ -‬القبض القانوني للمداخيل المعهود إليهم بتحصيلها‪.‬‬

‫‪ -‬إعمال مراقبة صحة النفقة التي عليهم القيام بها بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها‬
‫العمل‪ ،‬وكذا األداءات التي يقومون بها‪.‬‬

‫وبالتالي فقد قلص المشرع حاالت المخالفات الموجبة لمسؤولية المحاسبين العموميين في‬
‫‪866‬‬
‫‪8‬‬ ‫ميدان التدقيق والبت في الحسابات فيما يخص تدبير النفقات‪ ،‬فأصبحت ‪ 5‬حاالت عوض‬
‫حاالت‪ ،‬وفيما يخص المداخيل بقيت حالة واحدة وهي القبض القانوني للمداخيل‪.‬‬

‫المادة ‪ 6‬من قانون ‪ 61-99‬جملة مبهمة‬ ‫‪867‬‬


‫كما أضافت الفقرة ما قبل األخيرة من تعديل‬
‫وفضفاضة لما اعتبرت أن المحاسبين العموميين مسؤولين فيما يتعلق بالتأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية وفيما يخص أعمال المراقبة‪ ،‬غير تلك المرتبطة بصحة النفقة التي عليهم القيام بها‬
‫بمقتضى القوانين الجاري بها العمل‪.‬‬

‫وتتميم أحكام المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 62-99‬والتي تهم مسؤولية‬ ‫‪868‬‬


‫كما تم أيضا تغيير‬
‫المحاسب العمومي في ميدان التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬وتم استبدال الحاالت التي تتحدد فيها‬
‫المخالفات بعبارة عامة تتمثل في عدم قيام المحاسبين العموميين بالمراقبات التي هم ملزمون‬

‫قانون مالية ‪ 2008‬رقم ‪ 38-07‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ ،2007‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2007‬‬ ‫‪865‬‬

‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون‪ ،"................................ ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.213 :‬‬ ‫‪866‬‬

‫قانون مالية ‪ 2008‬رقم ‪ ،38-07‬المادة ‪ 14‬الفقرة ما قبل األخيرة‪.‬‬ ‫‪867‬‬

‫تمت إعادة صياغة المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 62-99‬ابتداء من فاتح يناير ‪ 2008‬على الشكل التالي ‪ :‬المادة ‪" : 37‬إذا لم يثبت المجلس أية‬ ‫‪868‬‬

‫مخالفة على المحاسب العمومي بت في الحساب أو الوضعية المحاسبية بقرار نهائي‪.‬‬


‫وإذا ثبت للمجلس وجود مخالفات ناتجة عن عدم اتخاذ اإلجراءات التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد أو عدم‬
‫قيامه بأعمال مراقبة صحة النفقة التي على المحاسب العمومي القيام بها بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬أمر المجلس المحاسب‬
‫العمومي بواسطة قرار تمهيدي‪."...‬‬

‫‪310‬‬
‫بالقيام بها بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وباعتماد المادة ‪ 56‬المعدلة أيضا بقانون‬
‫مالية سنة ‪ 2008‬فيما يخص مسؤولية المحاسب العمومي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬فقد حذف من نطاقها مراقبة كل من صفة اآلمر بالصرف وتوفر االعتمادات‬
‫وصحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها‪ ،‬وتقديم الوثائق المثبتة التي يتعين عليهم‬
‫طلبها قبل أداء النفقات‪ ،‬وأصبحت تشمل صيغة عامة تحيل على القوانين واألنظمة الجاري بها‬
‫العمل فيما يخص تحديد المهام الرقابية‪ ،‬في حين حافظت هذه المادة في فقرتها الثانية‪ ،‬على الفئة‬
‫الثانية من أسباب مسؤولية المحاسب العمومي في مجال التأديب المالي على صيغتها األصلية‬
‫‪869‬‬
‫حاالت وهي ‪ :‬عدم القيام بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل المداخيل‬ ‫والتي تشمل ثالثة‬
‫المرصودة في صناديقهم‪ ،‬وإخفاء المستندات واإلدالء إلى المجلس بوثائق مزورة أو غير صحيحة‬
‫والحصول ألنفسهم أو لغيرهم على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية‪.‬‬

‫هذا فيما يخص األجهزة واألشخاص‪ ،‬فماذا عن المسطرة والعقوبات وطرق الطعن ؟‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسطرة اإلحالة ونظام العقوبات وطرق الطعن أمام المحاكم المالية‬
‫طبقا لمقتضيات مدونة المحاكم المالية لسنة ‪ ،2002‬يقوم المجلس األعلى للحسابات‬
‫بالتدقيق والتحقيق والبت في حسابات مرافق الدولة والمقاوالت والمؤسسات العمومية المتوفرة على‬
‫محاسب عمومي‪ ،‬ويمارس أيضا وظيفة قضائية في مجال التسيير بحكم الواقع والتأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ .‬ويتولى فضال عن ذلك البت في طلبات استئناف األحكام الصادرة‬
‫بصفة نهائية عن المجالس الجهوية للحسابات سواء في مجال البت في الحسابات أو بالنسبة‬
‫للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪.‬‬

‫ومن أجل ضبط مسؤوليات مختلف المتدخلين في تنفيذ العمليات المالية العمومية من‬
‫آمرين بالصرف‪ ،‬مراقبين ومحاسبين عموميين ‪ ،‬جاءت مدونة المحاكم المالية بمستجدات تتمثل في‬
‫تخويل المجلس األعلى للحسابات اختصاص البت في حسابات مرافق الدولة وكذا المقاوالت‬
‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬وليس في حسابات المحاسبين العموميين التي كان منصوصا عليها في‬

‫لقد بقي فقط ثالثة أنواع من المخالفات التي تعاقب عليها المادة ‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬في مجال مسؤولية المحاسبين العموميين في ميدان‬ ‫‪869‬‬

‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بعد تعديلها بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2008‬وباإلحالة على القوانين واألنظمة الجاري بها العمل في‬
‫باقي المخالفات‪ .‬وبالتالي فإن من شأن حذف أو إحالة هذه العناصر على القوانين واألنظمة أن يحول دور المحاسبين العموميين إلى مجرد دور‬
‫شكلي ينحصر في تسجيل العمليات بعد أدائها دون التأكد من توافر كافة العناصر القانونية والشكلية لصحة النفقة‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي‬
‫الذي لم يغير هذه األمور وتركها ضمن مسؤوليات المحاسبين بموكب المادتين ‪ 12‬و‪ 13‬من المرسوم رقم ‪ 1.62.1587‬لسنة ‪ 1962‬المتعلق بالنظام‬
‫العام ل لمحاسبة العمومية الفرنسية‪ ،‬كما تم تعديله وتتميمه‪ ،‬على الرغم من اإلصالحات المتسارعة في ميدان المالية العمومية في فرنسا‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫قانون ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫فإذا ما ارتكب المتدخلون في تنفيذ الميزانية العامة أو المحلية وهم اآلمرون بالصرف‬
‫المادة ‪ 52‬من قانون المحاكم المالية‪ ،‬والمراقبون والمحاسبون‬ ‫‪870‬‬
‫بجميع أصنافهم إال ما استثنته‬
‫العموميون أو من يعمل تحت سلطتهم أو لحسابهم‪ ،‬المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد‬
‫‪ 55 ،54‬و‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية بعدم طرأت عليها بعض التعديالت التي صدرت بقوانين‬
‫مالية؛ ومن تم الحق في القيام باإلجراءات القانونية من أجل تحديد المسؤوليات حسب ما تنص‬
‫عليه المادة ‪ 57‬من قانون ‪ 62-99‬والتي تعطي الحق للوكيل العام للملك من تلقاء نفسه أو بطلب‬
‫من الرئيس األول أو من إحدى الهيئات بالمجلس برفع القضايا إلى المجلس‪ ،‬كما يؤهل كذلك لهذا‬
‫الغرض بواسطة الوكيل العام للملك‪ ،‬بناء على تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق الثبوتية‬
‫كل من الوزير األول –"رئيس الحكومة حاليا"‪ -‬رئيس مجلس النواب‪ ،‬رئيس مجلس المستشارين‬
‫الوزير المكلف بالمالية والوزراء المعنيين فيما يخص األفعال المنسوبة إلى الموظفين أو األعوان‬
‫العاملين تحت سلطتهم‪ ،‬وفيما يخص األفعال المنسوبة إلى المسؤولين واألعوان باألجهزة المعهود‬
‫إليهم بالوصاية عليها‪ .‬وبالتالي فطرح المسؤولية أمام القضاء المالي تتم وفق مسطرة قانونية‬
‫مضبوطة‪ ،‬وتترتب عنها نتائج وعقوبات على من ارتكبها كالغرامات وإرجاع األموال المطابقة‬
‫للخسارة‪ ،‬باإلضافة إلى المسؤوليات الشخصية‪ ،‬المالية‪ ،‬التأديبية والجنائية (الفرع األول)‪ ،‬كما أن‬
‫الق اررات واألحكام الناتجة عن المحاكم المالية سواء في مجال التدقيق والبت في الحسابات أو في‬
‫مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية يمكن الطعن فيها بواسطة وسائل قانونية نص‬
‫عليها المشرع في إطار احترام مبدأ تعدد درجات التقاضي‪ ،‬و قيام المحاكمة العادلة ‪ ،‬وبالتالي تتم‬
‫إما اإلدانة أو اإلعفاء من المسؤولية أو إبراء الذمة على وجه اإلحسان(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مسطرة اإلحالة ونظام العقوبات أمام القضاء المالي‬


‫بخالف مسطرة التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬فإن مسطرة التأدب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية تتميز بمسطرة خاصة فيما يتعلق بطريقة تحريك المتابعة وفي سير المسطرة (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬وترتيب اآلثار (الفقرة الثانية)‪ ،‬فطبقا للمادة ‪ 57‬من قانون المحاكم المالية رقم ‪،62-99‬‬
‫فإن تحريك المتابعة مسند للوكيل العام بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات أو وكيل الملك بالنسبة‬
‫للمجالس الجهوية للحسابات تلقائيا أو بطلب من الرئيس األول أو إحدى هيئات المجلس "اإلحالة‬

‫تنص المادة ‪ 52‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية على أنه ‪" :‬ال يخضع لالختصاص القضائي للمجلس في ميدان التأديب المتعلق‬ ‫‪870‬‬

‫بالميزانية والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة"‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫الداخلية ‪ ،" La saisine interne‬كما يمكن أن يتوصل الوكيل العام بتقارير الرقابة أو التفتيش‬
‫مشفوعة بالوثائق المثبتة تستوجب المتابعة والمحالة من طرف الهيئات التالية ‪ :‬الوزير األول ‪-‬‬
‫رئيس الحكومة حاليا‪ -‬رئيس مجلس النواب‪ ،‬رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬الوزير المكلف بالمالية‬
‫والوزراء‪ .‬وبالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات فإن القضية ترفع بواسطة وكيل الملك إلى المجلس‬
‫الجهوي للحسابات من طرف وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية بعد اإلدالء بتقارير الرقابة أو‬
‫التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة‪ ،‬فاإلحالة تتم عن طريق مسطرة معينة و محددة قانونا‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسطرة اإلحالة و مراحلها‪.‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 138‬من قانون المحاكم المالية فإن اإلحالة نوعان‪":‬اإلحالة الداخلية ‪La‬‬
‫‪ "saisine interne‬و تتم من طرف وكيل الملك بالمجلس الجهوي للحسابات من تلقاء نفسه أو‬
‫بطلب من الرئيس و "اإلحالة الخارجية ‪ "La saisine externe‬و تتم بواسطة وكيل الملك من‬
‫تلقاء نفسه أو بطلب من الرئيس بناء على تقارير الرقابة أو التفتيش‪،‬أو وزير الداخلية أو الوزير‬
‫المكلف بالمالية‪ ،‬فإذا اقتنع الوكيل العام أو وكيل الملك حسب الحالة‪ ،‬بثبوت األفعال في حق‬
‫المعنيين باألمر‪ ،‬فإنه يقوم بالمتابعة ويتقدم إلى رئيس المجلس بملتمس تعيين مستشار مقرر مكلف‬
‫كما يخبر‬ ‫‪871‬‬
‫بالتحقيق ويبلغ المعنيون باألمر بالمتابعة وفقا لقواعد المسطرة المدنية في التبليغ‪،‬‬
‫الوزير المعني ووزير المالية والوزير الوصي على اإلدارة التي يعمل بها المتابع‪ .‬فقد وضعت النيابة‬
‫العامة على سبيل المثال في سنة ‪ 2009‬في إطار مستنتجاتها ‪ 52‬تقري ار أنجزها السادة‬
‫المستشارون المقررون على إثر التحقيقات التي كلفوا بها‪.‬‬

‫أما خالل سنة‪ 2011‬فقد تلقت النيابة العامة ما مجموعه ‪ 77‬تقري ار عقب انتهاء التحقيقات التي‬
‫قام بها المستشارون المقررون ‪ ،‬والجدول التالي يوجز هذه األنشطة في مجال التأديب المتعلق‬
‫‪872‬‬
‫بالميزانية والشؤون المالية برسم ‪.2011‬‬
‫العدد‬ ‫نوع المستنتج‬
‫‪01‬‬ ‫اإلحاالت‬
‫‪8‬‬ ‫ق اررات المتابعة‬
‫‪02‬‬ ‫ق اررات الحفظ‬

‫تعتبر مقتضيات الفصول ‪ 38-37‬و‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية قانونا عاما في سائر إجراءات تبليغ الوثائق القضائية كيفما كان موضوعها‬ ‫‪871‬‬

‫(إال ما استثني على سبيل الحصر) بنصوص خاصة‪ ،‬وللوقوف على األشخاص الذين خصهم القانون بعملية التبليغ ‪ :‬أحد أعوان كتابة الضبط أو‬
‫عن طريق البريد برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل أو بالطريقة اإلدارية‪.‬‬
‫حسب التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2011‬ص ‪.397 :‬‬ ‫‪872‬‬

‫‪313‬‬
‫‪77‬‬ ‫تقارير التحقيق التي تلقتها النيابة العامة‬
‫‪77‬‬ ‫مستنتجات النيابة العامة‬
‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫فخالل سنة ‪ 2011‬أحالت الغرف المختصة بالتأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية‬
‫بالمجلس ‪ 3‬قضايا جديدة تتعلق بالتأديب المالي على النيابة العامة‪ ،‬أصدرت ‪ 36‬ق ار ار بالمتابعة و‬
‫التمست من الرئيس األول للمجلس تعيين مستشار مقرر للتحقيق في المخالفات المنسوبة‬
‫لألشخاص المتابعين‪ .‬كما قررت النيابة العامة بالمجلس حفظ قضيتين لعدم وجود أساس قانوني أو‬
‫واقعي لتحريك المتابعة‪ ،‬فيما أحالت ‪ 8‬قضايا على وزير العدل و الحريات تتعلق بأفعال قد‬
‫تستوجب عقوبة جنائية في حق ‪ 27‬شخصا‪.‬‬

‫و في قضايا اإلستئناف ‪ ،‬توصلت النيابة العامة ب ‪ 9‬قضايا من المجالس الجهوية‬


‫بالمجلس األعلى للحسابات تتعلق‬ ‫من غرفة التأديب المالي‬ ‫للحسابات ‪ ،‬و بقضية واحدة‬
‫باستئناف بعض األحكام الصادرة في ميدان التأديب المالي المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية ‪ .‬و‬
‫قد التمست النيابة العامة في ‪ 10‬ملتمسات من الرئيس األول للمجلس تعيين مستشارين مقررين‬
‫إلجراء التحقيقات الالزمة ؛ كما وضعت النيابة العامة مستنتجاتها بشأن ملفين إثنين‪.‬و الجدول‬
‫التالي يوجز هذه الحاالت ‪:‬‬

‫العدد‬ ‫األنشطة‬
‫‪10‬‬ ‫اإلحاالت‬
‫‪10‬‬ ‫ملتمسات النيابة العامة‬
‫‪2‬‬ ‫تقارير التحقيق التي تلقتها النيابة العامة‬
‫‪2‬‬ ‫مستنتجات النيابة العامة‬

‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2011‬‬

‫أما فيما يخص التدقيق والبت في الحسابات و التي تدخل في إطار األنشطة القضائية للمجلس‬
‫خالل سنة ‪ 2008‬ما‬ ‫األعلى للحسابات ‪ ،‬فقد بلغ عدد الحسابات التي تم البت فيها‬
‫مجموعه‪ 666873‬تقري ار و التي تتعلق بـ‪ 910‬حسابا منها ‪ 242‬حسابا تخص مصالح الدولة و‪668‬‬

‫المصدر ‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة‪ ، ،2011‬ص ‪.551 :‬‬ ‫‪873‬‬

‫‪314‬‬
‫حسابا تتعلق بالجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬

‫وخالل سنة ‪ 2009‬أحالت الغرف المختصة بالمجلس األعلى للحسابات قضيتان على‬
‫النيابة العامة من أجل تمكين هذه الهيئات بالمجلس من إعداد ملفات اإلحالة المشفوعة بالوثائق‬
‫‪874‬‬
‫ق ار ار بالمتابعة والتمست من‬ ‫والمستندات المثبتة‪ .‬وبعد دراسة الملفات‪ ،‬أصدرت النيابة العامة ‪21‬‬
‫الرئيس األول للمجلس تعيين مستشارين مقررين للتحقيق في األفعال المنسوبة لألشخاص‬
‫المتابعين‪ ،‬كما قررت حفظ ملف واحد وقضيتان تهمان شخصان اثنان لعدم وجود أساس قانوني أو‬
‫واقعي لتحريك المتابعة‪ ،‬كما أصدر المجلس خالل نفس السنة ما مجموعه ‪ 1165‬ق ار ار نهائيا و‪27‬‬
‫ق ار ار تمهيديا‪ ،‬أما في تقرير سنة ‪ 2011‬فقد بلغ عدد الحسابات التي تم البت فيها خالل سنة‬
‫و المداخيل البلدية و‬ ‫‪ 2011‬ما مجموعه ‪ 2674‬حسابا منها ‪ 1309‬حسابا تهم القباضات‬
‫الخزينات الجماعية‪ .‬وقد تم تبليغ ‪ 23‬مالحظة من أصل ‪ 48‬تم تسجيلها بمناسبة التدقيق في‬
‫الحسابات ‪ ،‬إلى المحاسبين العموميين الذين يتعين عليهم اإلجابة داخل اآلجال القانونية ؛كما‬
‫أصدر المجلس خالل نفس السنة ما مجموعه ‪ 2768‬ق ار ار نهائيا و ‪ 524‬حسابا توجد في طور‬
‫‪875‬‬
‫وتوزعت على الشكل التالي المبين بالجدول أسفله‪:‬‬ ‫الحكم‬
‫القرارات‬ ‫الحسابات في‬ ‫المالحظات‬ ‫الحسابات‬
‫المركز المحاسبي‬
‫النهائية‬ ‫طور الحكم‬ ‫المبلغة‬ ‫المسجلة‬ ‫المدققة‬
‫‪15‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الخزينة العامة للمملكة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الخزينة الرئيسية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫المؤدية الرئيسية للرواتب‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫خزينة البعثات الدبلوماسية و القنصلية‬


‫‪58‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪59‬‬ ‫الخزينات الجهوية و اإلقليمية‬
‫‪1379‬‬ ‫‪213‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪1309‬‬ ‫القباضات‪ ،‬مداخيل البلديات‪ ،‬الخزينات الجماعية‪.‬‬
‫‪475‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪550‬‬ ‫مداخيل التسجيل والتنبر‬
‫‪212‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪122‬‬ ‫مداخيل الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫‪403‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪483‬‬ ‫مداخيل المحافظات العقارية‬

‫‪176‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪04‬‬ ‫‪04‬‬ ‫‪47‬‬ ‫محاسبو وكاالت الهيئات الدبلوماسية والقنصلية‬
‫‪50‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪88‬‬ ‫مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬

‫انظر الجدول التفصيلي أعاله ‪.‬‬ ‫‪874‬‬

‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم ‪.2011‬‬ ‫‪875‬‬

‫‪315‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الجماعات المحلية‬
‫‪2768‬‬ ‫‪524‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪2674‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وبرسم سنة ‪ 2009‬فقد وضع السادة وكالء الملك‬
‫مستنتجاتهم بشأن ‪ 676‬تقري ار مقابل ‪ 542‬تقري ار خالل سنة ‪ ، 2008‬أما خالل سنة ‪ 2011‬فقد‬
‫وصل عدد القضايا المحالة على المجالس الجهوية للحسابات ما مجموعه ‪ 22‬قضية ‪،‬اتخذت في‬
‫شأنها النيابة العامة قرار المتابعة في ‪ 16‬قضية ؛ كما اتخذت مقرر الحفظ في ‪ 6‬قضايا ؛ فيما‬
‫وصل عدد األشخاص المتابعين ‪ 74‬شخصا‪ ،‬و الجدول التالي يوضح توزيع هذه القضايا و‬
‫‪876‬‬
‫التالي ‪:‬‬ ‫الق اررات على النحو‬

‫العدد‬ ‫ق اررات النيابة العامة‬


‫‪22‬‬ ‫القضايا المرفوعة‬
‫‪16‬‬ ‫ق اررات المتابعة‬
‫‪74‬‬ ‫عدد األشخاص المتابعين‬
‫‪6‬‬ ‫مقررات الحفظ‬
‫‪44‬‬ ‫تقارير التحقيق التي تلقتها النيابة العامة‬
‫‪44‬‬ ‫مستنتجات النيابة العامة‬
‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫فدور النيابة العامة عن طريق الوكيل العام للملك بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات أو‬
‫وكيل الملك بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات في تحريك المسؤولية المالية لدى كل المتدخلين‬
‫في صرف المال العام‪ ،‬دور في غاية األهمية سواء فيما يخص اإلحالة أو المتابعة‪ .‬و في هذا‬
‫اإلطار ‪،‬بلغ عدد القضايا الرائجة أمام المجلس األعلى للحسابات إلى غاية فاتح يناير ‪ 2011‬ما‬
‫مجموعه ‪ 72‬قضية يتابع في إطارها ‪ 292‬شخصا؛ كما رفعت أمام المجلس األعلى للحسابات‬
‫بواسطة الوكيل العام للملك ‪ 3‬قضايا خالل نفس السنة ‪ ،‬فتابعت فيها النيابة العامة ‪ 28‬شخصا‬
‫فيصبح بالتالي عدد القضايا الرائجة أمام المجلس ما مجموعه ‪ 75‬قضية تهم ‪ 320‬متابعا‪.‬‬

‫و قد وصل عدد القضايا الرائجة قبل فاتح يناير ‪ 2011‬ما مجموعه ‪ 56‬قضية و‪ 3‬قضايا خالل‬
‫‪ 2011‬ليصل العدد إلى ‪ 59‬قضية و عدد المتابعين ‪ 214‬شخصا ‪.‬‬

‫المصدر ‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة‪ ،2011‬م‪.‬س ً‬


‫‪....‬ص‪654:‬‬ ‫‪876‬‬

‫‪316‬‬
‫و منذ دخول مدونة المحاكم المالية حيز التنفيذ إلى حدود التقرير األخير للمجلس األعلى‬
‫للحسابات‪ ،‬فإن كل طلبات رفع القضايا التي أحيلت على المجلس تمت من طرف الغرف في إطار‬
‫‪877‬‬
‫من مدونة المحاكم‬ ‫ممارستها الختصاص مراقبة التدبير ‪،‬استنادا إلى مقتضيات المادة ‪84‬‬
‫المالية ‪ .‬و الجدول التالي يوضح توزيع طلبات رفع القضايا في مادة التأديب المتعلق بالميزانية و‬
‫الشؤون المالية منذ دخول المدونة حيز التطبيق ‪،‬بحسب الغرف بالمجلس مصدر اإلحالة‪:‬‬

‫المجموع‬ ‫خالل سنة ‪2011‬‬ ‫قبل فاتح يناير‬ ‫الجهة التي رفعت‬
‫‪2011‬‬ ‫القضية‬
‫‪4‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الغرفة األولى‬
‫‪22‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪20‬‬ ‫الغرفة الثانية‬
‫‪18‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪17‬‬ ‫الغرفة الثالثة‬
‫‪44‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪41‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم ‪.2011‬‬

‫و فيما يتعلق بأنشطة المجالس الجهوية للحسابات ‪ ،‬ومن خالل القضاء الجالس‪،‬فقد تم‬
‫إعداد ‪ 61‬تقري ار من طرف المستشارين المقررين و إصدار الحكم في ‪ 21‬قضية في مادة التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية‪ ،‬و ترتب عن هذه األحكام تطبيق غرامات مالية في حق‬
‫األشخاص المتابعين في مادة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية بقيمة ‪107.400.00‬‬
‫درهما ‪ .‬كما تمت مطالبتهم بإرجاع المبالغ المطابقة لألضرار التي لحقت األجهزة المعنية و التي‬
‫قدرت قيمتها ب ‪ 168.630.00‬درهما‪ .878‬و وصل عدد القضايا المستأنفة ‪ 11‬قضية‪ ،‬والقضايا‬
‫في طور الحكم ‪ 37‬قضية‪.‬‬

‫فالمحاكم المالية من خالل الممارسة عكست تفعيل منهجية المراقبة المندمجة من خالل‬
‫التفاعل الوظيفي بين مختلف االختصاصات القضائية و غير القضائية‪ ،‬األمر الذي مكن من‬
‫إقامة تكامل بين الوظيفة اإلقتراحية في ميدان مراقبة التدبير من خالل التوصيات و الوظيفة‬

‫تنص المادة ‪ 84‬من المدونة على أن الغرفة تتداول بشأن مشروع التقرير الخاص المتضمن للمالحظات التي أسفرت عنها مراقبة تدبير الجهاز‬ ‫‪877‬‬

‫المعني‪،‬و في حالة اكتشافها ألفعال قد تندرج ضمن المخالفات المستوجبة للتأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية و المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 54‬و ‪ 55‬و ‪ 56‬من المدونة ‪،‬أشعرت بذلك الوكيل العام للملك ‪،‬طبقا لمقتضيات المادة‪ 57‬من القانون المذكور‪..‬‬
‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2011‬ص‪655:‬‬ ‫‪878‬‬

‫‪317‬‬
‫الزجرية المتمثلة في العقوبات و الغرامات و ذلك من أجل تحسين طرق و ممارسات التدبير المالي‬
‫العمومي‪.‬‬

‫و يبقى السؤال مطروحا حول مصير هذه الغرامات المحكوم بها على األشخاص المدانين‬
‫؟ باإلضافة إلى إرجاع المبالغ المطابقة لألضرار التي تلحق باألجهزة العمومية‪ ،‬و على أي أساس‬
‫تحتسب ؟ و من يتابع تنفيذ هذه الغرامات؟‬

‫فالجواب يبقى معلقا حتى يتم تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الذي نص على ربط‬
‫المسؤولية بالمحاسبة ‪ ،‬و عدم اإلفالت من المساءلة و العقاب ‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي جعل دور النيابة العامة شديد األهمية فيما يخص تخويل رئيسها من‬
‫تلقاء نفسه رفع القضية إلى الجهات المسؤولة بالتأديب والعقاب وفرض الجزاء؛ غير أن األفعال‬
‫موضوع المالحظات المحالة على النيابة العامة في مادة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون‬
‫المالية تتعلق فقط بتلك التي تتوفر بشأنها قرائن وحجج على كونها تشكل مؤاخذات قد تستوجب‬
‫المتابعة في ميدان التأديب المالي‪ .‬و بالتالي تستهدف مسطرة ممارسة هذا اإلختصاص إلى البت‬
‫في المسؤولية الشخصية للمتابعين بخصوص األفعال المنسوبة إليهم ‪،‬األمر الذي يستوجب إثبات‬
‫األفعال المادية و مدى مخالفتها للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ؛ و إبراز‬
‫العالقة السببية بين الفعل المرتكب و الضرر الذي لحق بمالية األجهزة المعنية ‪.‬‬

‫فالمشرع المغربي قد جعل طريقة رفع القضايا من طرف النيابة العامة إلى المجلس‬
‫مخالفا لما نجده لدى المشرع الفرنسي منذ الوهلة األولى ‪ ،‬بل كان هذا األخير يخوله للوكيل العام‬
‫للجمهورية الفرنسية في رفع القضايا إلى المجلس األعلى للحسابات من تلقاء نفسه‪ .‬وابتداء من‬
‫سنة ‪ 1971‬بموجب قانون رقم ‪ 71-564‬بتاريخ ‪ 13‬يوليوز ‪ 1971‬بعد مرور ثالثة وعشرين سنة‬
‫على تأسيس محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ‪ C.D.B.F‬وبعد هذا التاريخ‬
‫قرر المشرع الفرنسي تمكين جهات جديدة لم يكن يسمح لها القانون‬ ‫‪879‬‬
‫وبالضبط في سنة ‪1995‬‬
‫برفع القضايا إلى المجلس‪ ،‬ومنها مندوب الحكومة لدى الغرف الجهوية للحسابات‪ ،‬وكذا رؤساء‬
‫وأعضاء وممثلي األجهزة الخاضعة لرقابة محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما‬

‫‪879‬‬
‫‪Art. L.314-1 déclare que : « Ont seuls qualité pour saisir la cour par l’organe du Ministère public :‬‬
‫‪- Le président de l’assemblée nationale ; le Président du sénat, le premier ministre, le ministre chargé des‬‬
‫‪finances, les autres membres du gouvernement pour les faits relevés à la charge des fonctionnaires et agents‬‬
‫‪placés sous leurs autorité, la cour des comptes ; les chambres régionales des comptes ; les créanciers pour les‬‬
‫‪faits visés à l’article L.313-12. Le procureur général près la cour des comptes peut également saisir la cour de sa‬‬
‫‪propre initiative.‬‬

‫‪318‬‬
‫سمح المشرع الفرنسي لدائني أحد األجهزة العمومية برفع القضايا أمام المحاكم المالية في حالة‬
‫‪880‬‬
‫وغالبا ما تتعلق‬ ‫رفض اآلمرين بالصرف تنفيذ أحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به‪،‬‬
‫هذه األحكام بأحكام القاضي اإلداري اتجاه اإلدارة التي تخسر الدعوى لفائدة الجهة المدعية ولهذه‬
‫األخيرة حق رفع القضية إلى القضاء‪ ،‬لما يتعذر تنفيذ الحكم القضائي‪ ،‬بتدخل الوكيل العام إلجبار‬
‫‪881‬‬
‫اإلدارة الرافضة للحكم على االمتثال والتنفيذ‪.‬‬

‫وقد ذهب االجتهاد القضائي المالي الفرنسي بالقول إلى أن المشرع عند تنصيصه‬
‫‪882‬‬
‫المسموح لها باإلحالة الخارجية‪ ،‬إنما كان غرضه هو‬ ‫الحصري من حيث العدد والصفة للجهات‬
‫حصر ممارسة هذا الحق واقتصاره على السلطات المذكورة حصريا‪ ،‬واستبعاد أية سلطة أخرى ولو‬
‫المالية لم يتحدث عن الطابع‬ ‫‪883‬‬
‫كانت مفوضة‪ ،‬بينما المشرع المغربي من خالل قانون المحاكم‬
‫الحصري والصريح فيما يخص صفة األشخاص الذين لهم حق اإلحالة‪ ،‬مما يفتح الباب أمام‬
‫التساؤل حول إمكانية التفويض في اإلحالة فيما يخص تفويض اإلمضاء وتفويض السلطة‪.‬‬

‫فاإلحالة تمر بعدة مراحل كالبحث والتحري وجمع المعلومات واالطالع على مختلف‬
‫الوثائق واالستماع إلى الشهود وغيرها‪ ،‬وعند اإلنتهاء من التحقيق يقوم المستشار المقرر الذي‬
‫يعينه الرئيس األول للمجلس إلى توجيه ملف القضية مرفوقا بالتقرير المتعلق بالتحقيق إلى الوكيل‬

‫‪880‬‬
‫‪La loi n°80-539 du 16 juillet 1980, relative à l’application des décisions de justice.‬‬
‫أنظر تقرير محكمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الفرنسية المرفوع إلى رئيس الجمهورية برسم سنة ‪ ،2011‬ص ‪ 24 :‬والذي جاء‬ ‫‪881‬‬

‫في إحدى نقطه ما يلي ‪:‬‬


‫‪Les classements avant instruction :‬‬
‫‪"Au total, 20 décisions de classement ont été prises avant instruction en 2010 (21 en 2009) plus de ¾ d’entre elles‬‬
‫‪trouvent leur explication dans le bon aboutissement des initiatives prises par le parquet général pour obtenir‬‬
‫‪l’exécution de décisions de justice.‬‬
‫‪a- L’inexécution de décision de justice.‬‬
‫‪17 décisions de classement avant instruction ont été prises en 2010 (12 décisions en 2009) pour des affaires‬‬
‫‪déférées en application de la loi du 16 juillet 1980 relative « aux astreintes prononcées en matière administrative‬‬
‫‪et à l’exécution des jugements par les personnes morales de droits publics".‬‬
‫‪882‬‬
‫‪L’art. L314-1 du code des juridictions financières prévoit qu’ont seuls pour saisir la cour par l’organe du‬‬
‫‪Ministère public :‬‬
‫‪- Le président de l’assemblée Nationale.‬‬
‫‪- Le président du sénat.‬‬
‫‪- Le premierMinistre.‬‬
‫‪- Le Ministre chargé des finances.‬‬
‫‪- Les autres membres du gouvernement pour les faits relevés à la charge des fontionnaires et agent placés‬‬
‫‪sous autorité.‬‬
‫‪- La cour des comptes.‬‬
‫‪- Les chambres régionales et territoriales des comptes.‬‬
‫‪- Les créanciers pour les faits visé à l’article L313-1-2.‬‬
‫‪- Le procureur général près de la cour des comptes peut également la saisir de sa propre initiative.‬‬
‫‪ 883‬المادة ‪ 57‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫العام للملك –حسب الحاالت‪ -‬فيقوم هذا األخير إما بحفظ القضية إذا تبين له بأنه ال داعي‬
‫للمتابعة‪ ،‬وهكذا وخالل سنة ‪ 2008‬على سبيل المثال بلغ عدد القضايا المحالة على المجالس‬
‫الجهوية للحسابات ما مجموعه ‪ 40‬قضية‪ ،‬حيث قررت النيابة العامة لدى هذه المجالس حفظ‬
‫‪884‬‬
‫ملفا وإصدار المتابعات بشأن ‪ 12‬ملفا في حين و صل عدد القضايا المحالة خالل سنة‬ ‫‪28‬‬
‫‪ 22 ، 2011‬قضية ‪،‬اتخذت النيابة العامة قرار المتابعة في ‪ 16‬قضية و اتخذت مقرر الحفظ في‬
‫‪ 6‬قضايا‪885‬؛ وفي هذا الصدد تتخذ النيابة العامة بهذا الشأن مقررات معللة تبلغ إلى الجهة التي‬
‫عرضت القضية حسب ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة ‪ 58‬من قانون ‪.62-99‬‬

‫أما في القانون المقارن وفي نفس االتجاه‪ ،‬فقد قرر القضاء المالي الفرنسي عن طريق‬
‫‪887‬‬
‫األحكام‬ ‫الوكيل العام للجمهورية حفظ‪ 22886‬قضية بما فيها القضايا التي تهم عدم تنفيذ‬
‫القضائية سنة ‪.2010‬‬

‫أما في حالة المتابعة وحسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 58‬من قانون ‪ 62-99‬فيلتمس‬
‫الوكيل العام للملك من الرئيس األول تعيين مستشار مقرر يكلف بالتحقيق‪ ،‬كما يخبر األشخاص‬
‫المعنيين حسب الكيفيات المنصوص عليها في الفصول من ‪ 37‬إلى ‪ 39‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية التي تحدد طرق التبليغ و اإلطار القانوني لإلجراءات المتبعة في هذا الشأن ‪ ،‬و بالتالي‬
‫يتم تبليغ هؤالء بأنهم متابعون أمام المجلس‪ ،‬وأنهم مأذون لهم باالستعانة بمحام مقبول لدى‬
‫المج لس األعلى‪ ،‬ويخبر كذلك بالمتابعة الوزير أو السلطة التي ينتمي أو كان ينتمي إليها الموظف‬
‫أو العون المتابع‪ ،‬والوزير المكلف بالمالية وعند االقتضاء الوزير المعهود إليه بالوصاية‪ .‬وهكذا‬
‫تقوم النيابة العامة بوضع مستنتجاتها بشأن التقارير الواردة عليها داخل أجل ‪ 15‬يوما يبتدئ من‬
‫تاريخ توصلها بملف القضية بشأن المؤاخذات المنسوبة إلى المتابعين ‪،‬فتتخذ القرار المناسب في‬
‫حق المعنيين باألمر‪ ،‬إما بعدم المؤاخذة أو اتخاذ ما يناسب من العقوبة المناسبة عن المخالفة‬
‫المرتكبة‪ .‬إال أن ما يمكن مالحظته في ميدان التبليغ هو الصعوبة في إيجاد مكان المتابع ‪،‬‬
‫بسبب تغيير الوضعية االجتماعية و اإلدارية لهذا األخير أثناء سريان المسطرة ؛كاإلحالة على‬

‫التقرير السنوي لسنة ‪ 2008‬الخاص بأنشطة المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬ ‫‪884‬‬

‫‪ 885‬التقرير السنوي لسنة ‪ 2011‬لخاص بأنشطة المجلس األعلى للحسابات‪654 ،‬‬


‫‪886‬‬
‫‪Source : Le rapport présenté au président de la République française par la cour de discipline budgétaire et‬‬
‫‪financière en février 2011, p : 24.‬‬
‫‪Voir aussi : Le rôle du procureur général dans la procédure d’instruction : Stéphane Thébault : " L’ordonnateur‬‬
‫‪en droit public financier ", op.cit, p : 322.‬‬
‫‪887‬‬
‫‪L’art. 314-3 du C.J.F déclare que : " Si le procureur général estime qu’il n’y a pas lieu à poursuites, il procède‬‬
‫‪au classement de l’affaire ".‬‬

‫‪320‬‬
‫التقاعد أو تغيير مكان اإلقامة أو مغادرة التراب الوطني و هذا عامل يساهم في بطء و طول‬
‫المسطرة القضائية ‪ ،‬مما يحد من سرعة وثيرة النظر في الملفات الرائجة أمام المحاكم المالية‪ .‬و قد‬
‫بلغ عدد الحاالت التي اتسمت بصعوبات في التبليغ في إحدى مراحل المسطرة القضائية ‪ 26‬حالة‬
‫نصفها تعثر بسبب عدم التبليغ حسب تقرير المجلس لسنة ‪.2011‬‬

‫وبعد وضع الوكيل العام للملك لمستنتجاته‪ ،‬يوجه الملف كامال إلى كتابة الضبط لوضعه‬
‫رهن إشارة المتابع أو محاميه بهدف اإلطالع عليه و كذا الحصول على نسخ من وثائق الملف‬
‫التي يرغب فيها على نفقته‪ ،‬ويتم إثبات ذلك بكتابة ضبط المجلس‪ .‬ويجوز للمتابع خالل ‪ 30‬يوما‬
‫الموالية الطالعه على الملف ‪،‬تقديم مذكرة كتابية إما شخصيا و إما بواسطة محام ‪ ،‬و تبلغ هذه‬
‫المذكرة إلى الوكيل العام للملك‪.888‬‬

‫و بعد االنتهاء من مرحلة االطالع و انصرام أجل تقديم المذكرة الكتابية ‪ ،‬وبعد جاهزية‬
‫الملف يأمر الرئيس األول بإدراجه في جدول جلسات الغرفة ‪،‬و يوجه كاتب الضبط اإلستدعاءات‬
‫للمتابعين و المحامين و الشهود لحضور الجلسة داخل أجل ‪ 15‬يوما قبل انعقادها طبقا ألحكام‬
‫المادة ‪ 63‬من مدونة المحاكم المالية ‪.‬‬

‫و هكذا‪ ،‬وبعد تالوة المستشار المقرر لملخص تقريره‪ ،‬يقدم المتابع أو محاميه‬
‫التوضيحات و التبريرات بشأن المنسوب إلى المتابع؛ كما يقدم الوكيل العام للملك أو من ينوب‬
‫عنه مستنتجاته و مالحظاته‪ .‬و بعد ذلك يمكن ألعضاء الهيئة إلقاء األسئلة على المتابع بعد إذن‬
‫من رئيس الهيئة الذي يتولى اإلشراف على المناقشات و الحفاظ على النظام العام داخل الجلسة ‪،‬‬
‫و يمكن له أن يتخذ أي قرار أو يأمر بأي إجراء يراه مناسبا‪ .‬كما يجوز للرئيس أن يأذن للشهود‬
‫المقبولين إن وجدوا‪ ،‬بعد أدائهم لليمين القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ‪،.889‬‬
‫و الذين تقدموا بطلب في شأن القضية المنظور في شأنها أن يقدموا شهاداتهم مكتوبة ‪ ،‬وال يمكنهم‬
‫حضور الجلسة ‪ ،‬و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط تالوة الشهادة المكتوبة لهؤالء الشهود‬
‫المأذون لهم بذلك‪ .‬وبعد االنتهاء من المناقشات ‪ ،‬يعلن الرئيس عن حجز الملف للمداولة و يحدد‬
‫تاريخ جلسة النطق بالحكم التي سيصدر فيها المجلس ق ارره ؛ وفي حالة عدم حضور المتابع في‬
‫جلسة الحكم بالرغم من تبليغه ‪ ،‬يستدعى من جديد أو يفوض من ينوب عنه للحضور في جلسة‬

‫‪: 888‬المادة ‪ 60‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬


‫‪:‬لقد نصت المادة ‪ 110‬من قانون المسطرة الجنائية الصادر بموجب ظهير ‪ 28‬شتنبر ‪ ، 1974‬كما تم تتميمه وتعديله على أن يقسم كل‬ ‫‪889‬‬

‫شاهد و يده اليمنى مرفوعة جهة اليمين ‪ ،‬حسب الصيغة التالية ‪ " :‬أقسم باهلل العظيم على أن أشهد بدون حقد و ال خوف ‪ ،‬و على أن أقول الحق‬
‫ال أشهد إال بالحق"‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫‪890‬‬
‫من تاريخ إدراج الملف في المداولة‪ ،‬و في األخير‬ ‫النطق بالحكم في أجل أقصاه شهران‬
‫تصدر الغرفة المختصة قرارها بأغلبية األصوات ‪ ،‬و في حالة تعادلها يرجح الجانب الذي ينتمي‬
‫إليه الرئيس ‪ ،‬و يبلغ القرار إلى المعني باألمر ‪ ،‬و إلى وزير المالية وإلى الوزير المعني باألمر ‪،‬‬
‫و إلى الوكيل العام للملك و إلى الجهة التي رفعت القضية إلى المجلس و إلى الممثلين القانونيين‬
‫لألجهزة المعنية ‪.‬‬

‫و بشأن نتائج ممارسة المجلس لهذه المسطرة خالل سنة ‪،2011‬أسفرت حصيلة عمل‬
‫غرفة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية عن البت في الملفات المتعلقة ب ‪ 72‬متابعا ‪ ،‬و‬
‫ذلك من خالل إصدار ق اررات بشأن مسؤولياتهم عن األفعال المنسوبة إليهم من طرف النيابة‬
‫العامة ؛حيث تراوحت مبالغ الغرامات التي حكم بها المجلس على المتابعين الذين ثبتت مسؤولياتهم‬
‫ما بين ‪ 1000‬درهم و ‪ 65.000‬درهم‪.891‬‬

‫هذا فيما يخص مسطرة اإلحالة و مراحلها‪ ،‬فماذا عن العقوبات و الجزاء أمام المحاكم المالية؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العقوبات أمام قضاء المحاكم المالية‬


‫في مراحل اإلحالة والتحقيق للبت في القضية‪ ،‬قد ال يمتثل المعني باألمر لطلب تقديم‬
‫الوثائق والمستندات أو يرفض االستجابة لالستدعاءات الموجهة إليه أو يرفض أداء اليمين أو أداء‬
‫الشهادة‪ ،‬ففي هذه الحاالت يقوم المستشار المقرر برفع األمر للرئيس األول للبت في األمر طبقا‬
‫من قانون ‪ 62-99‬فطبيعة العقوبات أمام القضاء المالي تختلف باختالف نوعية‬ ‫‪892‬‬
‫للمادة ‪69‬‬
‫المخالفات ومجاالت ثبوت المسؤولية‪ ،‬فالمتدخلون في تنفيذ الميزانية قد يتعرضون للجزاءات‬
‫العقابية إذا ما ارتكبوا إحدى المخالفات المالية المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية في‬
‫ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وقد حصرتها المدونة من خالل المواد ‪55-54‬‬
‫و‪ 56‬في عقوبات ذات طابع مالي محض (أ)‪ ،‬وعقوبات تبعية تكتسي طابعا ردعيا (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬العقوبات ذات الطابع المالي المحض ‪:‬‬

‫تعتبر الغرامة المالية هي العقوبة الوحيدة التي يمتلكها المجلس األعلى والمجالس‬

‫‪890‬المادة ‪ 65‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬


‫‪891‬انظر التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪............ 2011‬م‪.‬س ص‪401:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 69‬من قانون ‪ 62-99‬على أنه ‪" :‬يتعرض المعني األمر والشهود الذين ال يجيبون في األجل المحدد عن طلبات تقديم الوثائق‬ ‫‪892‬‬

‫والمستندات أو ال يستجيبون لالستدعاءات الموجهة إليهم من طرف المجلس‪ ،‬أو يرفضون أداء اليمين‪ ،‬أو يرفضون اإلدالء بشهاداتهم لغرامة من‬
‫خمسمائة (‪ )500‬درهم إلى ألفي (‪ )2000‬درهم وذلك بموجب أمر للرئيس األول"‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫الجهوية للحسابات لزجر المخالفين لقواعد تنفيذ الميزانية‪ ،‬وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة‪ ،‬وهكذا‬
‫يمكن أن تصدر المحاكم المالية عقوبات أو غرامات مالية في إطار الرقابة القضائية في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية في حالة ثبوت مخالفات وتجاوزات مالية منصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪ ،‬إال أن مقدار الغرامة‬
‫التي يمكن أن تحكم بها هذه المحاكم أصبح يخضع للحد األقصى والحد األدنى حسب كل حالة‪،‬‬
‫وهكذا أصبح مبلغ الغرامة ال يقل عن ألف ‪ 1.000‬درهم عن كل مخالفة‪ ،‬ومن غير أن يتجاوز‬
‫مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة األجرة السنوية الصافية للمعني باألمر التي كان يتقاضاها‬
‫عند تاريخ ارتكابه المخالفة‪ ،‬وال يمكن أن يتجاوز مجموع مبالغ الغرامات أربع (‪ )4‬مرات مبلغ‬
‫األجرة السنوية للمعني باألمر‪ ،‬على عكس ما كان معموال به في ظل قانون ‪ 12-79‬المتعلق‬
‫‪893‬‬
‫المرتب السنوي‬ ‫بالمجلس األعلى للحسابات والذي كان مبلغ الغرامة ال يتجاوز ضعف مبلغ‬
‫اإلجمالي لمرتكب المخالفة إذا كان يتقاضى مرتبا‪ ،‬أما إذا لم يكن كذلك‪ ،‬فكانت تقدر الغرامة‬
‫بضعف المرتب السنوي اإلجمالي لعون من أعوان الدولة الذي يستفيد من أعلى رتبة في سلم‬
‫‪894‬‬
‫األجور رقم ‪.11‬‬

‫وبالتالي كانت هزالة الغرامات المالية التي كان يحكم بها المجلس األعلى للحسابات في‬
‫الماضي‪ ،‬بالمقارنة مع الخسارة التي كان يتكبدها الجهاز العمومي‪ ،‬نتيجة المخالفات المرتكبة‬
‫والخطيرة من طرف المتصرفين في المال العام‪ ،‬هي أهم العوائق والمشاكل التي كانت تحد من‬
‫فعالية المجلس وتطوره ‪ ،‬مما جعل المشرع المغربي يعيد النظر في مبلغ الغرامة المالية المحكوم‬
‫بها في ميدان التأديب المتعلق بالمي ازنية والشؤون المالية في ظل ظهير ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬المتعلق‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 62-99‬الخاص بالمحاكم المالية‪ ،‬كما قرر أيضا إرجاع المبالغ المطابقة من‬
‫رأسمال وفوائد للجهاز الذي ألحق به مرتكب المخالفة ضر ار وتحسب على أساس السعر القانوني‬
‫‪895‬‬
‫وليس من تاريخ إصدار القرار أو الحكم‪ ،‬وهذا معطى جديد‬ ‫ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة‬
‫جاء به المشرع لحماية األجهزة العمومية والمال العام من التبذير والتبديد من أجل استغالله في‬
‫مجاالت التنمية االقتصادية واالجتماعية التي يسعى إليها كل بلد‪ ،‬عن طريق فتح األوراش الكبرى‬
‫والمشاريع ذات المردودية التنموية‪ .‬ولهذا فالجزاء األمثل والعقوبة األكثر مالءمة هي التي جاء بها‬
‫المشرع في ظل قانون ‪ 62-99‬إذا عرفت طريقها إلى التطبيق مع صدور الدستور الجديد لسنة‬

‫الفصل ‪ 57‬من قانون ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬ ‫‪893‬‬

‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 58‬من نفس قانون‪.‬‬ ‫‪894‬‬

‫المادة ‪ 66‬من قانون ‪( 62-99‬الفقرة الثالثة)‪.‬‬ ‫‪895‬‬

‫‪323‬‬
‫‪ . 2011‬فليس الغرض هو فرض الغرامات المالية التي تظهر أنها قليلة وضعيفة مقارنة مع حجم‬
‫األموال المتصرف فيها من طرف الفاعلين في األجهزة العمومية‪ .‬فرؤية المشرع كانت صائبة لما‬
‫جعل الحكم على الفاعلين والمتصرفين في المال العام بإرجاع األموال من رأسمال وفوائد من تاريخ‬
‫ارتكاب المخالفة‪ ،‬في الحالة التي يخرقون فيها القواعد القانونية الخاصة بالتصرف في المال العام‪.‬‬
‫و هكذا ف قد أصدر المجلس األعلى للحسابات غرامات مالية في حق األشخاص المتابعين في مادة‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية وصلت قيمتها ‪ 107.400,00‬درهما‪ ،‬كما تمت مطالبة‬
‫الفاعلين بإرجاع المبالغ المطابقة لألضرار التي لحقت األجهزة التي يسيرونها و البالغ قيمتها‬
‫‪ 168.630,00‬درهم‪.896‬‬

‫وبالتالي يكون المشرع المغربي قد حقق السبق في مجال إقرار عقوبة إرجاع األموال‬
‫العامة إلى خزينة الدولة –على الرغم من أننا ال نرى ذلك على أرض الواقع‪ -‬متجاو از نظيره‬
‫الفرنسي‪ ،‬الذي ظل منذ عهود طويلة يشكل المصدر والمرجعية القانونية والتشريعية في المجال‬
‫على سبيل المثال‬ ‫‪897‬‬
‫المالي والمحاسبي بالنسبة للمشرع المغربي وما زال‪ ،‬فقانون ‪ 25‬شتنبر ‪1948‬‬
‫ال يسمح لمجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بأن يحكم بإرجاع المبالغ المطابقة‬
‫لمبلغ الخسارة التي تصيب الجهاز العمومي من جراء المخالفات المالية التي يتسبب فيها الفاعلون‬
‫فيه‪ ،‬وإنما يحكم بدفع الغرامة المالية فقط‪ ،‬وبالرغم من أن القانون الفرنسي قد نص على إمكانية أن‬
‫يصل مبلغ الغرامة إلى ضعف المرتب السنوي اإلجمالي للشخص المدان وقت ارتكاب المخالفة‪،‬‬
‫إال أن الغرامات التي يحكم بها مجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ظلت جد‬
‫‪898‬‬
‫وال تتجاوز في حدها األعلى ‪ 10.000‬فرنك فرنسي‪ .‬وهو مبلغ بسيط مقارنة مع الخسارة‬ ‫زهيدة‪،‬‬
‫‪899‬‬
‫وهذا ما جعل بعض‬ ‫التي قد يتسبب فيها مرتكب المخالفة مما يلحق ضر ار بالخزينة العمومية‪،‬‬
‫يعيبون على قانون مجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عدم‬ ‫‪900‬‬
‫الفقهاء الفرنسيين‬
‫تناسب مبلغ الغرامة مع مبلغ الخسارة التي يتكبدها الجهاز العمومي بسبب المخالفات المالية‬
‫المرتكبة من طرف الفاعلين في الشأن المالي العمومي من آمرين بالصرف ومراقبين ومحاسبين‬
‫عموميين وغيرهم‪ ،‬مما يحد من فعالية األحكام الصادرة عن هذا المجلس‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2011‬ص‪655:‬‬ ‫‪896‬‬

‫‪897‬‬
‫‪Loi n°48.1484 du 25 septembre 1948 portant création d’une cour de discipline budgétaire et financière.‬‬
‫‪898‬‬
‫‪Art. L.313.1 du C.J.F de 1948.‬‬
‫‪Voir aussi (M) Bouvier et autres : « Manuel des finances publiques », L.G.D.J, Paris, 1995, p : 332.‬‬
‫‪899‬‬
‫‪DIQUAL (L) : " Droit de la comptabilité publique"............, op.cit, p : 216.‬‬
‫‪900‬‬
‫‪ORSONI (G) : " Finances publiques ", Edition publisud Paris, 1989, p : 253.‬‬

‫‪324‬‬
‫ب‪ -‬العقوبات التبعية ‪:‬‬

‫باإلضافة إلى العقوبات المالية التي قد تحكم بها المحاكم المالية على المخالفين لقواعد‬
‫نظام تدبير المالية العمومية من طرف المتدخلين في تسييرها‪ ،‬قد تحكم بعقوبات تبعية من خالل‬
‫األفعال التي تستوجب إجراءات غير تلك التي تحكم بها في الغرامات وإرجاع المبالغ المطابقة‬
‫لفائدة الجهاز العمومي من رأسمال وفوائد‪ .‬فإذا ما اكتشفت المحاكم المالية سواء كان المجلس‬
‫‪901‬‬
‫أو جنائيا‪ ،‬يتم‬ ‫األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات أفعاال تستوجب إجراء تأديبيا‬
‫إخبار السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني باألمر الذي ارتكب الفعل من طرف الوكيل‬
‫العام للملك –حسب الحالة‪ -‬ولإلدارة المعنية بالتأديب أجل ‪ 6‬أشهر إلخبار المجلس بالتدابير‬
‫المتخذة في حق المذنب‪ ،‬أما إذا كان األمر يتعلق بأفعال أخطر من األفعال األولى ويظهر بأنها‬
‫تستوجب عقوبة جنائية‪ ،‬يرفع الوكيل العام للملك األمر من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس األول‬
‫‪902‬‬
‫العدل قصد اتخاذ ما يراه مناسبا والذي بدوره يخبر السلطة التي ينتمي إليها الظنين‬ ‫إلى وزير‬
‫‪ 2011‬فقد أحالت النيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة ‪ 111‬من‬ ‫المعني باألمر‪ ،‬فخالل سنة‬
‫مدونة المحاكم المالية على وزير العدل (‪ )8‬قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية في‬
‫‪903‬‬
‫وبعد اتخاذ اإلجراءات المناسبة يتم إخبار المجلس من جديد من طرف وزير‬ ‫حق ‪ 27‬شخصا‬
‫العدل بالتدابير التي اتخذها في حق المتهم‪ ،‬وهكذا جاء في إحصائيات حكومة عباس الفاسي في‬
‫‪904‬‬
‫سنة ‪ 2011‬من خالل موقع مكاسب‬ ‫إطار محاربة الفساد المنشورة على شبكة االنترنيت‬
‫حكومة السيد عالل الفاسي فيما يتعلق بالمتابعات القضائية والق اررات التأديبية ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع عدد المتابعين في قضايا الرشوة والفساد إلى ‪ 29.340‬شخصا خالل األربع سنوات‬
‫األخيرة بمعدل سنوي يتجاوز ‪ 7000‬شخصا‪.‬‬

‫‪ -‬التوقيف والعزل في حق ‪ 50‬رئيس جماعة ونوابهم ومنتخبين‪ ،‬وتحريك الدعوة القضائية ضد‬
‫‪ 22‬منهم بسبب خروقات وتجاوزات في التسيير المالي ومجال التعمير‪.‬‬

‫‪ -‬تحريك المتابعات القضائية بحق ‪ 182‬قضية منها ‪ 38‬ذات طابع جنائي بناء على التقارير‬
‫السنوية للمجلس األعلى للحسابات حول افتحاص التدبير المالي لإلدارات والمؤسسات‬

‫المادة ‪ 66‬من قانون ‪( 62-99‬الفقرة األخيرة)‪.‬‬ ‫‪901‬‬

‫المادة ‪ 111‬من قانون‪.62-99‬‬ ‫‪902‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪............... 2011‬م‪.‬س ص‪397:‬‬ ‫‪903‬‬

‫‪:‬‬ ‫كالتالي‬ ‫هو‬ ‫‪2011-2007‬‬ ‫فترة‬ ‫في‬ ‫حققتها‬ ‫التي‬ ‫المكاسب‬ ‫حول‬ ‫الحكومة‬ ‫أحدثته‬ ‫الذي‬ ‫اإللكتروني‬ ‫الموقع‬ ‫‪904‬‬

‫‪.http://www.makassib.ma/ar/acquis‬‬

‫‪325‬‬
‫العمومية والجماعات المحلية ورصد اختالالتها وتجاوزاتها‪.‬‬

‫وما دمنا نتحدث عن النشر‪ ،‬فقد يعتبر من العقوبات التبعية نشر أسماء المتورطين في‬
‫الجرائم المالية عبر وسائل اإلعالم ‪ ،‬و بالتالي سوف يؤثر هذا النشر على سمعة الشخص‬
‫الذي ينشر اسمه من طرف المجلس األعلى للحسابات أو غيره‪ ،‬خصوصا بعدما نص الدستور‬
‫الجديد لسنة ‪ 2011‬عل حق المواطن في الحصول على المعلومة‪.‬‬

‫وهكذا فقد منح المشرع المغربي في إطار قانون المحاكم المالية رقم ‪ 62-99‬للرئيس‬
‫األول إمكانية نشر الق اررات التأديبية التي يصدرها المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫‪905‬‬
‫والشؤون المالية لما تكتسي األحكام والق اررات صبغة نهائية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى أحكام وق اررات الغرامات المالية األخرى‪،‬يمكن القول أن نشر األحكام‬
‫والق اررات الصادرة عن المحاكم المالية عرفت صعوبة وإشكاالت قانونية خصوصا قبل إصدار‬
‫الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬بحيث تضافرت عدة عوامل في خلق هذه الصعوبات‪ ،‬منها التكتم‪،‬‬
‫عدم االستقاللية الوظيفية بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات إلى حد ما عن المجلس األعلى‬
‫للحسابات في المركز‪ ،‬وعدم التصرف اإلداري والمالي الحر في اإلعتمادات المالية من طرف‬
‫المجالس الجهوية للحسابات مما يكرس التبعية‪ ،‬أضف إلى ذلك عدم إخراج النصوص الخاصة‬
‫بنشر األحكام القضائية‪ .‬مما ينبغي إدخال تعديالت وتغييرات على مدونة المحاكم المالية من أجل‬
‫تنزيل المقتضيات الدستورية الجديدة التي جاء بها دستور ‪ 2011‬في بابه العاشر‪ ،‬والذي نص‬
‫‪906‬‬
‫فضال عن دسترة الوظيفة العقابية‬ ‫صراحة على نشر األحكام وجميع التقارير الخاصة في حينها‬
‫للمجالس الجهوية للحسابات التي لم يكن منصوصا عليها في دستور ‪ 1996‬الملغى‪.‬‬

‫فنشر األحكام الصادرة عن المحاكم المالية في ميدان التأديب المالي سواء كانت عقوبات‬
‫مالية أو عقوبات زجرية تبعية تشكل إحراجا ومضايقة للمدانين بهذه األحكام والق اررات‪ ،‬نظ ار لما‬
‫تخلفه من صدى لدى الرأي العام والمتتبعين للشأن المالي واإلداري‪ ،‬وبالتالي يتم التفكير وضرب‬
‫ألف حساب قبل اإلقدام على األمور المخالفة للقوانين المالية والمحاسبية من طرف المتدخلين في‬
‫تنفيذ الميزانية‪ .‬على عكس ما يجري في فرنسا على سبيل المثال فيما يخص نشر األحكام‬
‫والق اررات التي قد تحكم بها المحاكم المالية ومنها غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪،‬‬

‫المادة ‪ 113‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪905‬‬

‫أنظر حوار مجلة شؤون إستراتيجية مع الدكتور محمد ب ارو الباحث المتخصص في القضاء المالي والمالية العامة حول أسباب الفساد المالي‬ ‫‪906‬‬

‫بالمغرب‪ ،‬العدد ‪ ،6‬فبراير ماي ‪ ،2012‬ص ‪.36 :‬‬

‫‪326‬‬
‫‪907‬‬
‫وعلى‬ ‫والتي قد تحكم بالغرامة المالية‪ ،‬وتأمر أيضا بنشر القرار أو الحكم في الجريدة الرسمية‬
‫نفقة المعني باألمر‪.‬‬

‫ويبقى للمتهم أو الظنين حق الطعن ونفي التهم المنسوبة إليه بالطرق القانونية في إطار‬
‫حق الدفاع‪ ،‬و المحاكمة العادلة وهو ما سوف نعالجه في الفرع الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬طرق الطعن في الق اررات واإلعفاء من المسؤولية ‪.‬‬

‫إن الق اررات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية أو في مجال البت في الحسابات يمكن أن تكون موضوع ثالثة طرق طعن وهي ‪:‬‬
‫اإلستئناف‪ ،‬النقض والمراجعة‪ ،‬أما بخصوص األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫فإنها فقط تستأنف أمام غرفة االستئناف بالمجلس األعلى للحسابات من قبل األشخاص المؤهلين‬
‫قانونا‪ ،‬فقانون المحاكم المالية رقم ‪ 62-99‬قد فتح الباب في إطار احترام مبدأ تعدد درجات‬
‫التقاضي بإمكانية طلب المراجعة في حالة ظهور عنصر جديد في القضية أو استئناف الق اررات‬
‫واألحكام الصادرة مركزيا عن المجلس األعلى للحسابات فضال عن الطعن بالنقض أمام المجلس‬
‫األعلى ضد الق اررات النهائية التي يصدرها استئنافيا المجلس األعلى للحسابات وفقا لألحكام‬
‫والكيفيات والشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 49‬من قانون ‪( 62-99‬الفقرة األولى)‪ ،‬أما فيما‬
‫يخص طرق اإلعفاء من المسؤولية المالية سواء الشخصية أو التأديبية أو الجنائية وإبراء الذمة‪ ،‬فلم‬
‫يتطرق المشرع المغربي في ظل قانون ‪ 62-99‬إلى هذه الحاالت باستثناء حالة فريدة وهي التي‬
‫جاءت في المادة ‪ 137‬من هذا القانون وهو اإلدالء باألمر الكتابي الصادر عن الرؤساء‬
‫التسلسليين أو الصادر عن شخص مؤهل إلصدار هذا األمر قبل ارتكاب المخالفة‪ ،‬إال أن قانون‬
‫‪ 99-62‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين في المادة‬
‫العاشرة قد تطرق إلى إمكانية اإلعفاء من المسؤولية في حاالت معينة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ 907‬نشير هنا إلى حكمين أو ق اررين على سبيل المثال ‪:‬‬


‫‪1- Arrêt n°173-666 CDBF du 22/12/2010 chambre régional d’agriculture de Midi Pyrénées, op.cit, p : 21.‬‬
‫‪2- Arrêt n°172-680 CDBF du 10 décembre 2010 commune de Bandol, cité en Rapport d’activité de la cour‬‬
‫‪de discipline budgétaire et financière de l’année 2010, p : 18.‬‬
‫بحيث أدانت المحكمة المالية وكيل حسابات الجماعة المحلية ‪ le régisseur de dépenses de la commune‬بغرامة ‪ 300‬يورو وباقي‬
‫المحاسبين على التوالي بـ‪ 450‬يورو لألول و‪ 350‬يورو للمحاسب الثاني‪ ،‬ومطالبتهم بالتضامن بنشر القرار بالجريدة الرسمية‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬طرق الطعن في القرارات واألحكام في ميدان التأديب المالي‬
‫إن ق اررات وأحكام المجلس األعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية يمكن الطعن فيها بواسطة ثالثة وسائل قانونية‪ ،‬وهي الطعن باالستئناف (أوال)‪،‬‬
‫الطعن بالنقض (ثانيا)‪ ،‬والطعن من أجل المراجعة (ثالثا)‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة لطرق الطعن في‬
‫مج ال التدقيق والبت في الحسابات ولها نفس مدة التقادم‪ ،‬باستثناء األحكام النهائية التي تحصنت‬
‫‪908‬‬
‫بانصرام أجل الطعن‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الطعن ابالستئناف‬


‫يعتبر الطعن باالستئناف من مستجدات مدونة المحاكم المالية‪ ،‬فالق اررات النهائية الصادرة‬
‫ابتدائيا عن الغرف وفروعها في مجال البت في الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين‬
‫أمام‬ ‫‪909‬‬
‫العموميين‪ ،‬وفي ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية تكون قابلة لالستئناف‬
‫‪910‬‬
‫من طرف المدونة‪ ،‬وذلك في أجل ثالثين (‪ )30‬يوما الموالية‬ ‫هيئة الغرف المشتركة المحدثة‬
‫لتاريخ تبليغ القرار النهائي‪ .‬أما بخصوص األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات فإنها‬
‫تستأنف أمام غرفة االستئناف بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬من قبل األشخاص المؤهلين قانونا‪،‬‬
‫وهم المعني باألمر‪ ،‬الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬الوزير المعني باألمر الوكيل العام للملك والممثلين‬
‫‪911‬‬
‫القانونيين لألجهزة المعنية‪.‬‬

‫أما إذا كان الحكم مشموال بالنفاذ المعجل فال حق للطاعن في االستئناف‪ ،‬حسب ما‬
‫تنص عليه المادة ‪ 70‬في الفقرة الثانية من قانون ‪ ،62-99‬وبمجرد تسجيل عريضة االستئناف‬
‫يشعر الوكيل العام للملك بذلك‪ ،‬ويعين الرئيس األول بعد التماس ذلك من طرف الوكيل العام‬
‫للملك‪ ،‬مستشا ار مقر ار مكلفا بالتحقيق غير المستشار الذي كان قد قام بالتحقيق في القضية ابتدائيا‪.‬‬

‫فبناء على طلب المستشار المقرر‪ ،‬تبلغ عريضة االستئناف إلى األطراف األخرى‬
‫المعنية‪ ،‬التي يمكنها أن تودع مذكرتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس األعلى للحسابات‬
‫داخل أجل الثالثين يوما الموالية لتاريخ التبليغ وعند االقتضاء‪ ،‬كل المستندات المقدمة لدعمها‪،‬‬

‫أحمد الجراري ‪" :‬الرقابة العليا على المال العام بالمغرب‪ ،‬بين النظرية والممارسة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪،‬‬ ‫‪908‬‬

‫كلية الحقوق بطنجة‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪.140 :‬‬
‫‪ 909‬المادة ‪ 70‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ 910‬إن هيئة الغرف المشتركة تتكون من خمسة (‪ )5‬قضاة من بينهم على األقل ثالثة (‪ )3‬رؤساء غرف‪ ،‬هذه المالحظة وردت في تقرير المجلس‬
‫األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ ،2006‬هامش ص ‪.635 :‬‬
‫‪ 911‬الفقرة األولى من المادة ‪ 71‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫وتتابع مسطرة التحقيق والحكم طبقا لمقتضيات المواد ‪ 59‬إلى ‪ 65‬من قانون المحاكم المالية رقم‬
‫‪.99-62‬‬

‫وتقوم هيئة الحكم بعد قبول طلب االستئناف شكال ثم تبت بعد ذلك في الموضوع‪.‬‬

‫و هكذا فقد توصلت النيابة العامة خالل سنة ‪ ، 2011‬بإثنى عشر (‪ )12‬تقري ار بشأن‬
‫استئناف بعض األحكام النهائية الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التدقيق و‬
‫البت في الحسابات ؛ و ‪ 9‬قضايا من المجالس الجهوية للحسابات و بقضية واحدة من المجلس‬
‫األعلى للحسابات تتعلق باستئناف بعض األحكام الصادرة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و‬
‫الشؤون المالية حسب التقرير األخير للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫وبالتالي يكون المشرع المغربي قد قدم أهم ضمانة قانونية لصالح الفاعلين في تنفيذ‬
‫الميزانية العامة المتابعين أمام المحاكم المالية سواء فيما يخص البت في الحسابات أو في مجال‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي الذي أتاح الطعن‬
‫باالستئناف فقط ضد األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬في ميدان التدقيق والبت‬
‫أما ق اررات مجلس التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬ ‫‪912‬‬
‫في حسابات المحاسبين العموميين‪،‬‬
‫المالية‪ ،‬فال يسمح بالطعن فيها إال بالنقض أمام مجلس الدولة الفرنسي أو بطلب المراجعة أمام هذه‬
‫‪913‬‬
‫المجالس نفسها‪.‬‬

‫والجدول التالي يوضح القواعد المختلفة المنظمة لطلبات االستئناف الموجهة ضد الق اررات‬
‫واألحكام الصادرة عن المحاكم المالية بالمغرب‪.‬‬

‫‪912‬‬
‫‪L’article L211-1 du code de juridiction financière de 1948.‬‬
‫‪913‬‬
‫‪CHOUVEL (F) : « Finances publiques .....................», op.cit, p : 184.‬‬

‫‪329‬‬
‫القرارات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات‬ ‫األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‬ ‫األحكام والقرارات‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬ ‫التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫تدقيق حسابات المحاسبين‬ ‫تدقيق حسابات المحاسبين‬
‫المالية‬ ‫والشؤون المالية‬
‫إجراءات االستئناف‬
‫يمكن أن تستأنف أمام الغرفة المختصة بالمجلس األعلى للحسابات (المواد ‪ 134-72‬يمكن أن تستأنف أمام هيئة الغرف المشتركة بالمجلس (المادتان ‪ 45‬و‪ )70‬من‬
‫الهيئة المختصة بالبت في طلبات‬
‫مدونة المحاكم المالية‬ ‫و‪ )140‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫االستئناف‬
‫االستئناف يوقف التنفيذ ما لم يكن القرار أو الحكم الصادر مشموال بالتنفيذ المعجل‬
‫‪ -1‬المحاسب العمومي أو ذوو حقوقه المعني باألمر‪ ،‬والوزير المكلف‬ ‫‪ -1‬المحاسب العمومي أو ذوو حقوقه بصفة المعني باألمر‪ ،‬ووزير‬
‫بالمالية والوزير المعني باألمر‪،‬‬ ‫بصفة شخصية أو بواسطة وكيل‪.‬‬ ‫الداخلية والوزير المكلف‬ ‫شخصية أو بواسطة وكيل‪.‬‬
‫‪ -2‬وزير الداخلية أو الوالي أو العامل‪ ،‬والوزير بالمالية ووكيل الملك (المادة ‪ -2‬الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬والوزير والوكيل العام للملك والممثلين‬
‫الجهات المؤهلة قانونا لتقديم‬
‫المعني باألمر‪ ،‬والوكيل العام للملك القانونيين لألجهزة العمومية المعنية‬ ‫المكلف بالمالية أو الخازن بالجهة أو بالعمالة ‪ ،140‬ف‪.‬الثانية) من مدونة‬
‫طلبات االستئناف‬
‫والممثلين القانونيين باألجهزة (المادة ‪ ،71‬ف‪.‬الثانية) من مدونة‬ ‫أو اإلقليم ووكيل الملك والممثل القانوني المحاكم المالية‬
‫العمومية المعنية (المادة ‪ 45‬المحاكم المالية‬ ‫للجماعة المعنية (المادة ‪ 134‬من مدونة‬
‫ف‪.‬الثانية) من مدونة المحاكم المالية‬ ‫المحاكم المالية)‬
‫على طالب االستئناف إيداع عريضة االستئناف لدى كتابة الضبط بالمجلس المختص خالل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ الحكم النهائي‬ ‫األجل القانوني لتقديم االستئناف‬
‫بمجرد تسجيل عريضة االستئناف بكتابة الضبط يسلم الملف إلى وكيل الملك الذي بمجرد توصل الوكيل العام للملك بالملف الموجه إليه إما من طرف وكيل الملك أو‬
‫يوجهه بدوره إلى الوكيل العام للملك بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ويمكن أن يرفق من كتابة الضبط بالمجلس األعلى‪ ،‬يلتمس من الرئيس األول تعيين مستشار مقرر‬
‫بالملف حساب التصرف (المادة ‪ 48‬الفقرة الثانية والثالثة والمادة ‪ 142‬الفقرة الثانية) يكلف بالتحقيق في الملف غير المستشار الذي قام بالتحقيق في القضية ابتدائيا‪،‬‬
‫(المادة ‪ 48‬من الرابعة والمادة ‪ 71‬ف‪.‬الرابعة)‬ ‫مسطرة التحقيق في طلبات‬
‫تبلغ نسخة عريضة االستئناف إلى األطراف األخرى المعنية التي يمكنها أن تودع مذكراتها الجوابية لدى كتابة الضبط بالمجلس داخل الثالثين يوما الموالية لتاريخ‬ ‫االستئناف‬
‫تبليغها‪ ،‬وعند االقتضاء كل المستندات المقدمة لدعمها‪ ،‬ويمكن للمستشار المقرر أن يلزم األطراف المعنية بتقديم جميع التوضيحات والتبريرات‪ ،‬ويحق له القيام بجميع‬
‫التحريات التي يراها مناسبة من خالل المستندات أو باالنتقال إلى عين المكان (المادة ‪ 45‬الفقرة ‪ 7‬و‪ 8‬والمادة ‪ 48‬الفقرة ‪ 5‬و‪ 6‬والمادة ‪ 70‬والمادة ‪ 72‬الفقرة ‪ )3‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية‬
‫تبت الهيئة أوال في مسألة قبول طلب االستئناف من حيث الشكل‪ ،‬إذا رأت أن طلب االستئناف ال يستوفي جميع الشروط الشكلية المطلوبة ثم تصدر قرارا نهائيا بعدم‬
‫القبول‪ .‬وإذا قبلت طلب االستئناف بثت في الجوهر‪ ،‬وأصدرت في ميدان التأديب حكمها بقرار نهائي‪ .‬أما في ميدان تدقيق الحسابات تبث الهيئة في جوهر الطلب بقرار‬ ‫البت في طلبات االستئناف‬
‫نهائي في حالة تأكيدها للحكم أو القرار المطعون فيه‪ ،‬وإذا كان قرار الهيئة مخالفا للحكم أو القرار المستأنف لجأت إلى تطبيق قاعدة القرار المزدوج‬
‫المصدر ‪ :‬الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي في مجال تنفيذ الميزانية"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.318 :‬‬

‫‪330‬‬
‫والسؤال المطروح في مجال التعرض‪ ،‬هو هل تطرق المشرع المغربي إلى مسطرة محددة‬
‫بهذا الخصوص ؟ وهل أشار إلى األحكام الصادرة غيابيا ؟ وهل يمكن اعتماد قانون المسطرة المدنية‬
‫في غياب مسطرة معينة في مجال التعرض ؟ وبالتالي تطرح مسألة صياغة الحكم هل هو غيابي أم‬
‫حضوري‪914‬حتى يمكن فتح مجال للطعن ؟ كل هذه األسئلة وغيرها لم تجب عليها مدونة المحاكم‬
‫المالية في ظل قانون ‪ 62 -99‬و يبقى من حق المدان طلب الطعن بالنقض‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬الطعن ابلنقض‬


‫يمكن للمحاسب العمومي أو وكيله إذا الحظ خرقا للقانون أو خلال في الشكل أو انعداما‬
‫‪915‬‬
‫أو عدم اختصاص المجلس‪ ،‬طلب الطعن بالنقض داخل أجل ‪ 60‬يوما الموالية لتاريخ‬ ‫في التعليل‬
‫تبليغ القرار النهائي الصادر استئنافيا عن المجلس األعلى للحسابات‪ .‬ونفس الحق يخول لألشخاص‬
‫اآلخرين المؤهلين قانونا لهذا الغرض‪ ،‬وذلك وفق نفس الشروط واآلجال المنصوص عليها في قانون‬
‫‪ 99-62‬وخاصة المادة ‪.49‬‬

‫وإذا كانت طلبات الطعن باالستئناف تتم أمام المجلس األعلى للحسابات نفسه فإن الطعن‬
‫بالنقض ال يتم إال أمام الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‪.‬‬

‫ولقبول الطعن بالنقض ضد ق اررات وأحكام المجلس األعلى للحسابات نص المشرع‬


‫المغربي على بعض الشروط التي ينبغي توافرها في رافع عريضة الطعن بالنقض بحيث يقدم من‬
‫طرف المعني باألمر‪ ،‬أو الوزير المكلف بالمالية أو الوزير المعني بالقطاع أو الوكيل العام للملك أو‬
‫الممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية فيما يخص التأديب المالي المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪ .‬أما فيما يخص الق اررات واألحكام المطعون فيها في مجال التدقيق والبت في الحسابات‪،‬‬
‫يمكن في هذه الحالة للمحاسب العمومي أو لذوي حقوقه أو الخازن العام تقديم طلبات الطعن‬
‫‪916‬‬
‫بالنقض‪.‬‬

‫وقد عمل المشرع المغربي في ظل قانون ‪ 62-99‬على توسيع نطاق ممارسة حق الطعن‬

‫بشرى العلوي ‪" :‬خصوصيات مسطرة التأديب المالي والميزانية‪ ،‬ومدى قابلية األحكام الصادرة ألنواع الطعن"‪ ،‬المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪،‬‬ ‫‪914‬‬

‫المجالس الجهوية للحسابات والحكامة المحلية الجيدة‪ ،‬سلسلة التدبير اإلستراتيجي‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،7‬ص ‪.13 :‬‬
‫قانون رقم ‪ 03-01‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪915‬‬

‫رقم ‪ 1.02.202‬الصادر في ‪ 23‬يوليوز ‪ 2002‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5029‬بتاريخ ‪ ،2002/08/12‬أنظر كذلك منشور الوزير األول رقم ‪ 2011/03‬حول‬
‫تحسين االستقبال واإلرشاد باإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‪ ،‬وخصوصا اإلجراء الرابع حول تعليل الق اررات اإلدارية‪ .‬فما‬
‫يسري على الق اررات اإلدارية يسري على الق اررات واألحكام القضائية‪.‬‬
‫أنظر قرار الطعن بالنقض عدد ‪ 137‬بتاريخ ‪ 1997/02/13‬في الملف عدد ‪ ،1995/04/128‬قضية بوشتى الكيسي ضد المجلس األعلى‬ ‫‪916‬‬

‫للحسابات‪ ،‬حكم منشور بالمجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪ ..........،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.15:‬‬

‫‪331‬‬
‫بالنقض‪ ،‬إذ أصبح يخول باإلضافة إلى المعني باألمر إلى كل من الوزير المكلف بالمالية والوزير‬
‫المعني باألمر والممثلين القانونيين لألجهزة المعنية‪ ،‬بعدما كان يقتصر في ظل قانون ‪12-79‬‬
‫المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات على الوكيل العام للملك لدى المجلس‪ ،‬والذي ال زال يمارس هذا‬
‫الحق في إطار القانون الجديد وفقا ألحكام المادة ‪ ،73‬ويتم تقديم طلب الطعن بالنقض شكال وفقا‬
‫للمادة ‪ 354‬من قانون المسطرة المدنية بواسطة عريضة مكتوبة تودع لدى كتابة الضبط بالمجلس‬
‫‪917‬‬
‫ويوقع عليها المعني باألمر أو‬ ‫األعلى أو توجه إليها برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪،‬‬
‫محام مقبول لدى المجلس األعلى‪ ،‬وال يعفى من هذا الشرط سوى الدولة سواء كانت طالبة أو مطلوبة‬
‫في الدعوى‪ .‬وقد سكت المشرع المغربي في ظل مدونة المحاكم المالية عن أثر الطعن بالنقض أثناء‬
‫التنفيذ‪ ،‬بينما نص الفصل ‪ 361‬من قانون المسطرة المدنية على أن الطعن بالنقض ال يوقف التنفيذ‬
‫إال فيما استثناه النص صراحة‪ .‬ويقدم الطعن بالنقض داخل أجل ‪ 60‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار‬
‫النهائي الصادر استئنافيا عن المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬بينما في فرنسا‪ ،‬فقد حدد مرسوم ‪20‬‬
‫‪918‬‬
‫بالنسبة للمحاسبين العموميين المتواجدين داخل التراب الفرنسي‪ ،‬وأجل‬ ‫شتنبر ‪ 1968‬أجل شهران‬
‫(‪ )3‬أشهر بالنسبة للمحاسبين العموميين الذين يتواجدون خارج التراب الفرنسي‪ .‬ويشكل الطعن‬
‫بالنقض وسيلة للمتضررين للدفاع عن أنفسهم في حالة خرق القانون أو عدم احترام اإلجراءات‬
‫ويتمثل خرق‬ ‫‪919‬‬
‫الشكلية أو خرق حقوق الدفاع‪ ،‬أو انعدام التعليل أو عدم اختصاص المجلس‪.‬‬
‫القانون في حالة تجاهل نص تنظيمي أو تشريعي‪ ،‬أو تفسريهما بشكل خاطئ أو عدم تطبيق مبدأ‬
‫‪920‬‬
‫من المبادئ العامة للقانون‪.‬‬

‫اثلثا ‪ :‬طلب املراجعة‬


‫لقد خول المشرع المغربي في ظل مدونة المحاكم المالية للمعني باألمر الحق في تقديم‬
‫ط لب مراجعة األحكام النهائية الصادرة عن المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬في حالة اكتشاف عنصر جديد في القضية من شأنه تغيير مسار القضية‪ .‬فالمادة‬
‫‪ 50‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية أعطت الحق للمحاسب ولذوي حقوقه إما بصفة‬
‫شخصية أو بواسطة وكيل طلب مراجعة الق اررات واألحكام النهائية الصادرة عن المجلس األعلى‬
‫للحسابات ابتدائيا أو استئنافيا في حالة اكتشاف عنصر جديد بعد النطق بالحكم‪ ،‬في مجال البت في‬

‫عبد المالك زعزاع ‪" :‬طرق الطعن أمام المجلس األعلى"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية العدد ‪ ،103‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.68 :‬‬ ‫‪917‬‬

‫‪918‬‬
‫‪Art. 22 du décret du 20 septembre 1968 relatif à la création de la cour des comptes.‬‬
‫المادة ‪ 49‬من قانون ‪( 62-99‬الفقرة األولى)‪.‬‬ ‫‪919‬‬

‫‪920‬‬
‫‪BENNANI (A) : " L’agent comptable au Maroc ", Edition Manuels et travaux universitaires, 1 ère édition, 1998,‬‬
‫‪p : 228.‬‬

‫‪332‬‬
‫الحسابات‪ ،‬ويخول نفس الحق إلى الوكيل العام للملك وإلى الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني‬
‫باألمر والخازن العام للمملكة‪ .‬أما فيما يخص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬فيمكن‬
‫أيضا للمعني باألمر بعد انصرام األجل المحدد لطلب النقض أن يطلب من المجلس مراجعة القرار‬
‫المتعلق به‪ ،‬والصادر عن المجلس وبعد اكتشاف عنصر جديد في القضية‪ ،‬ويخول نفس الحق إلى‬
‫الوكيل العام للملك من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الوزير المكلف بالمالية أو الوزير المعني باألمر أو‬
‫‪921‬‬
‫والمقصود بالعنصر الجديد هو اكتشاف أو ظهور‬ ‫الممثلين القانونيين لألجهزة العمومية المعنية‪.‬‬
‫وثيقة محاسبية أو مالية أو إدارية‪ ،‬أو قرار كتابي جديد يكتشف بعد صدور القرار أو الحكم القضائي‬
‫عن الجهات المعنية‪ ،‬أما المادة ‪ 135‬من قانون ‪ ،62-99‬وفي حالة اكتشاف عنصر جديد‪ ،‬فقد‬
‫أعطت الحق للمحاسب العمومي أو لذوي حقوقه بصفة شخصية أو بواسطة وكيل‪ ،‬بعد انصرام‬
‫األجل المحدد لالستئناف طلب مراجعة األحكام النهائية الصادرة عن المجلس الجهوي أمام نفس‬
‫المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار‪ ،‬ويخول نفس الحق إلى وكيل الملك وإلى وزير الداخلية أو‬
‫الوالي أو العامل في حدود االختصاصات المخولة لهم تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري‬
‫بها العمل‪ ،‬والوزير المكلف بالمالية أو الخازن بالجهة أو العمالة أو اإلقليم‪ ،‬أو الممثل القانوني‬
‫للجماعات المحلية أو الهيئات أو المؤسسات العمومية المعنية‪ .‬وفي مادة التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬وفي حالة اكتشاف عنصر جديد‪ ،‬يحق للمعني باألمر‪ ،‬بعد انصرام األجل المحدد‬
‫‪922‬‬
‫ويخول نفس‬ ‫لالستئناف أن يطلب من المجلس الجهوي للحسابات مراجعة القرار المتعلق به‪،‬‬
‫الحق في طلب المراجعة أمام المجالس الجهوية للحسابات إلى وكيل الملك من تلقاء نفسه أو بإيعاز‬
‫‪923‬‬
‫من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫ولقبول طلب المراجعة من طرف المجلس األعلى للحسابات يجب أن تكون الق اررات‬
‫االبتدائية والق اررات االستئنافية نهائية‪ ،‬وبعد انصرام أجل ‪ 60‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار النهائي‪،‬‬
‫ويستمر األجل القانوني لتقديم طلب المراجعة قائما إلى حدود ‪ 10‬سنوات ابتداء من تاريخ تبليغ قرار‬
‫المجلس‪ ،‬مع إمكانية تقليصه إلى أربع (‪ )4‬سنوات إذا لم يقدم في صالح الشخص المعني باألمر‪،‬‬
‫ومن خالل األجل يتضح أن المشرع المغربي قد حدد أجلين لطلب المراجعة‪ ،‬األول في صالح‬
‫المعني باألمر إذا حاول المذنب تبرير بعض العمليات المالية التي قام بها ولم يستطع في وقت‬
‫الدعوى إيجاد الوثائق والتبريرات الكافية لنفي التهمة عليه‪ ،‬وقد حدد األجل في ‪ 10‬سنوات‪ ،‬أما‬

‫المادة ‪ 74‬الفقرة الثانية من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪921‬‬

‫الفقرة األولى من المادة ‪ 141‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية‪.‬‬ ‫‪922‬‬

‫الفقرة الثانية من نفس المادة‪.‬‬ ‫‪923‬‬

‫‪333‬‬
‫األجل الثاني فهو مقلص في حدود ‪ 4‬سنوات وهي مدة في صالح المتهم المذنب‪ ،‬حماية له من‬
‫الطعون والمراجعة من طرف األجهزة المعنية التي يمكن أن تالحق المتدخلين في العمليات المالية‬
‫والذين لم يكتشفوا أثناء المتابعة‪.‬‬

‫وبالتالي وحد المشرع أجل طلب المراجعة مع قاعدة التقادم الرباعي للديون العمومية فطلب‬
‫المراجعة يسقط "بالتقادم" بعد انصرام أجل ‪ 4‬سنوات‪ ،‬حتى وإن تم اكتشاف عنصر جديد في القضية‬
‫يثبت تورط أحد المتدخلين في التصرف في المال العام بمخالفات مالية أو محاسبية غير قانونية‪.‬‬
‫وهذا سيف ذو حدين‪ ،‬قد يؤدي إلى اإلفالت من العقاب في حالة عدم اكتشاف األخطاء المادية و‬
‫المالية في الوقت المناسب والقانوني‪ .‬وقد نصت مدونة المحاكم المالية على توحيد آجال التقادم في‬
‫خمس سنوات كاملة تبتدئ من التاريخ الذي اقترفت فيه‪.‬‬

‫أما مسطرة طلب المراجعة‪ ،‬فهي تتم بإيداع الطلب لدى كتابة الضبط بالمجلس المختص‪،‬‬
‫وهو إما المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬ويجب أن يتضمن الطلب‬
‫عرضا للوقائع والوسائل التي يحتج بها طالب المراجعة ويفند بها الحجج الموضوعة بالملف‪ ،‬كما‬
‫يجب أن يكون الطلب مرفقا بنسخة من القرار أو الحكم المطعون فيه‪ ،‬وبالتبريرات المستند إليها من‬
‫وثائق وإق اررات وقرائن دامغة‪ .‬ويبت المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫وفق المسطرة التي يتبعها في التحقيق‪ .‬أما في ميدان البت في الحسابات‪ ،‬فإن الهيئة المختصة تبث‬
‫في الطلب بقرار أو حكم تمهيدي يبلغ إلى األطراف المعنية التي يحدد لها أجل لتقديم توضيحاتها‬
‫وتبريراتها وبعد فحص الوسائل والمستندات المقدمة‪ ،‬وتقديم مستنتجات النيابة العامة‪ ،‬تبت الهيئة في‬
‫طلب المراجعة بقرار نهائي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬طرق اإلعفاء من المسؤولية‬


‫إن المشرع المغربي في ظل قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية لم يحدد طرق اإلعفاء‬
‫من المسؤولية باستثناء طلب المراجعة والطعن بالنقض وطلب االستئناف ولم يحدد أيضا مسطرة‬
‫خاصة بتنفيذ أحكام وق اررات المحاكم المالية‪ ،‬على عكس قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية‬
‫اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين الذي أشار في الفصل ‪ 10‬منه على أنه يمكن أن‬
‫يعفى اآلمر بالصرف الذي يحكم عليه بإرجاع األموال أو المحاسب العمومي الذي ثبت وجود عجز‬
‫في حسابه أو مصرح بمديونيته‪ ،‬وكذا الموظف أو العون المكلف في حالة القوة القاهرة‪ ،‬ويتولى هذا‬
‫األمر الوزير المختص أو السلطة الوصية المكلفة بدراسة طلب اإلعفاء من المسؤولية (أوال)‪ ،‬ويترتب‬
‫عن اإلعفاء من المسؤولية إبراء ذمة صاحب الطلب كليا أو جزئيا من دفع المبلغ المستحق‪ ،‬ويخوله‬

‫‪334‬‬
‫عند االقتضاء حق استرجاع المبالغ التي كان قد أداها استيفاء للدين‪ ،‬وإذا رفض الوزير األول أو‬
‫وزير المالية طلب اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬ال يحرم المعني باألمر من طلب إبراء الذمة على وجه‬
‫اإلحسان (ثانيا)‪.‬‬

‫‪Demande de décharge de la responsabilité:‬‬ ‫أوال ‪ :‬طلب اإلعفاء من املسؤولية‬


‫لقد أعفت المادة ‪ 53‬من قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية في ميدان التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية الموظفين واألعوان المرتكبين للمخالفات المشار إليها في المواد‬
‫‪ 55 ،54‬و‪ 56‬إذا قدموا أم ار كتابيا صاد ار عن رئيسهم التسلسلي الذي له سلطة قانونية عليهم‪ ،‬وفي‬
‫الوقت المناسب‪ ،‬أي أن يكون تاريخ إصدار األمر سابقا عن تاريخ ارتكاب المخالفة‪ .‬على عكس ما‬
‫‪ 60‬التي‬ ‫‪924‬‬
‫صدر في قانون ‪ 12-79‬المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 1979‬في الفصل‬
‫‪925‬‬
‫‪9-‬‬ ‫لم تشر إلى تاريخ إصدار األمر‪ .‬وهذا األمر نصت عليه المحاكم المالية الفرنسية في المادة‬
‫‪ L313‬و التي تستهدف من خالل اإلشارة إلى تاريخ إصدار األمر الكتابي وإلى ظاهرة المصادقة‬
‫الالحقة على تاريخ ارتكاب المخالفات من قبل أعضاء الحكومة المحصنين بالمادة ‪ 52‬من قانون‬
‫‪ 99-62‬وكذا فيما يسمى "بأوامر المحاباة أو المجاملة‪."Les ordres de complaisance926‬‬

‫فباإلضافة إلى األمر الكتابي من أجل اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 10‬من‬
‫ظهير ‪ 13‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف‬
‫والمراقبين والمحاسبين العموميين صراحة إعفاء المخالفين من المسؤولية وفق شروط وإجراءات‬
‫قانونية معينة‪ ،‬بحيث أجازت المادة ‪ 10‬إمكانية إعفاء اآلمرين بالصرف الذين يحكم عليهم بإرجاع‬
‫األموال‪ ،‬أو المحاسبين العموميين الذين ثبت وجود عجز في حسابهم أو المصرح بمديونيتهم‪ ،‬وكذا‬
‫الموظفون أو األعوان المشار إليهم في المادة ‪ 7‬من نفس القانون الذين يتم إعفاؤهم من المسؤولية‬
‫بناء على طلبهم في حالة القوة القاهرة‪ ،‬بشرط أال يكون العمل الذي أدى إلى اتخاذ مقررات إرجاع‬
‫‪927‬‬
‫األموال أو ثبوت العجز أو التصريح بالمديونية قد عاد على أحدهم بمنفعة شخصية‪.‬‬

‫حسب الفصل ‪ 60‬من قانون ‪ 12-79‬الذي ينص على أنه ‪" :‬تب أر ساحة مرتكبي المخالفات المشار إليها في الفصل ‪ 56‬بتقديم أمر كتابي صادر‬ ‫‪924‬‬

‫عن رئيسهم اإلداري أو عن كل شخص مؤهل إلصدار هذا األمر‪.‬‬


‫وفي هذه الحالة تحل مسؤولية الشخص الصادر عنه األمر محل مسؤولية الشخص الذي قام بتنفيذه مع مراعاة أحكام الفصل ‪."59‬‬
‫‪925‬‬
‫‪L’art. L313-9 déclare que : " Les personnes visées à l’article L312-1 ne sont pas passibles d’aucune sanction si‬‬
‫‪elles peuvent exciper d’une ordre écrit de leur supérieur hiérarchique ou de la personne légalement habilitée à‬‬
‫‪donner un tel ordre, dont la responsabilité se substituera dans ce cas à la leur, ou = =donné personnellement par le‬‬
‫‪ministre compétent, dès lors que ces autorités ont été dûment informées sur l’affaire ".‬‬
‫محمد براو ‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ .......................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.200 :‬‬ ‫‪926‬‬

‫المادة ‪ 10‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬ ‫‪927‬‬

‫‪335‬‬
‫إال أن القانون قد اشترط شروطا معينة من أجل اإلعفاء من المسؤولية وذلك وفق مسطرة‬
‫معينة‪ ،‬ومنها الشروط الشكلية‪ ،‬والشروط الموضوعية ‪:‬‬

‫‪ -1‬الشروط الشكلية ‪ :‬لقد جعل المشرع المغربي إثارة اإلعفاء من المسؤولية من‬
‫اختصاص المعني باألمر‪ ،‬وال يتم تلقائيا‪ ،‬وإنما يتم بناء على طلب المعني باألمر الموجه إلى‬
‫السلطة اإلدارية المختصة‪ ،‬وفق شروط شكلية ومسطرية معينة‪ ،‬بحيث يتم تقديم طلب اإلعفاء من‬
‫المسؤولية من لدن المعني باألمر أو من طرف ذوي حقوقه ويوجه إلى الوزير المختص أو السلطة‬
‫‪928‬‬
‫الوصية على الهيئة العمومية المعنية باألمر التي تدرس الملف‪ ،‬وبعد ذلك يبث فيه الوزير األول‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق بباقي الفئات أما فيما يخص طلب اإلعفاء من المسؤولية بالنسبة للمحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬فيتم تقديم الطلب للرؤساء التسلسليين الذين يتولون دراسة الملف من أجل إحالته على‬
‫‪929‬‬
‫من أجل البت فيه‪ .‬وتتطلب مسألة دراسة طلب اإلعفاء من المسؤولية من قبل‬ ‫وزير المالية‬
‫الجهات المختصة إجراء بحث إداري‪ ،‬وتحريات حول الموضوع للوقوف على ظروف ومالبسات‬
‫القضية‪ ،‬التي أدت إلى ارتكاب المخالفة‪ ،‬أو حصول الخصاص أو العجز‪ ،‬وما إذا تم أخذ‬
‫االحتياطات الالزمة للحيلولة دون وقوع الخطأ المتعمد أو اإلهمال‪ ،‬وكذا دراسة تجنب القوة القاهرة‬
‫من عدمها‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن إثارته في هذا اإلطار هو أن قرار اإلعفاء من المسؤولية تتخذه السلطات‬
‫اإلدارية التابع لها المعني باألمر‪ ،‬وليس القضاء المالي الذي يصدر القرار أو الحكم‪ ،‬وبالتالي يفقد‬
‫القضاء المالي في هذه الحالة نوعا من المصداقية في مجال المساءلة والعقاب والمحافظة على المال‬
‫العام في هذه الحاالت‪ .‬فإقرار أو إعفاء المعني باألمر من المسؤولية المالية يترتب عنه تناقض مع‬
‫ق اررات وأحكام القضاء المالي من خالل إمكانية إلغاء القرار القضائي الصادر عن المحاكم المالية‬
‫بقرار إداري الذي تتخذه السلطات اإلدارية في مجال اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬الشيء الذي يثير مدى‬
‫ومدلول طبيعة هذه المسؤولية في مجال اإلعفاء من المسؤولية المالية‪.‬‬

‫ويبقى من جهة أخرى‪ ،‬هل يحق لطالب اإلعفاء من المسؤولية رفع طلب الطعن في ق اررات‬
‫السلطات اإلدارية التي يمثلها كل من الوزير األول ووزير المالية التي لها حق البت في الطلب ؟‬
‫القانون‬ ‫‪930‬‬
‫ولإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬وما دام المشرع قد سكت في هذه الحالة‪ ،‬وحسب بعض فقهاء‬
‫العام‪ ،‬الذين اعتبروا أن قرار رفض طلب اإلعفاء من المسؤولية من طرف السلطات اإلدارية ق ار ار‬

‫الفقرة األولى من المادة ‪ 11‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪928‬‬

‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 12‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪929‬‬

‫‪930‬‬
‫‪BENNANI (A) : « L’agent comptable.......................… », op.cit, p : 241.‬‬

‫‪336‬‬
‫إداريا صاد ار عن سلطة إدارية مختصة‪ ،‬ويبقى من حق طالب اإلعفاء الطعن في القرار باإللغاء‬
‫بسبب الشطط في استعمال السلطة‪ .‬هذا على مستوى الشروط الشكلية‪ ،‬فماذا عن الشروط‬
‫الموضوعية ؟‬

‫‪ -2‬الشروط الموضوعية ‪ :‬حسب ما جاء في المادة ‪ 10‬السابقة الذكر في قانون ‪ ،61-99‬تعتبر‬


‫القوة القاهرة الشرط الموضوعي األساسي لإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬فحتى يتم إعفاء المعنيين‬
‫بالمخالفات‪ ،‬وباستثناء األمر الكتابي الصادر عن الرؤساء التسلسليين‪ ،‬يلزم إثبات قيام حالة من‬
‫حاالت القوة القاهرة‪ ،‬وتبقى القوة القاهرة مصطلحا فضفاضا في ظل غياب التحديد القانوني لها‬
‫ولحاالتها ولمعاييرها‪ ،‬سواء في ظل ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬المتعلق بمسؤولية المحاسبين العموميين‬
‫أو في ظل ظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين‪ .‬وفي غياب التحديد الواضح للقوة القاهرة في التشريع المالي المغربي‪ ،‬يبقى الحل هو‬
‫‪ 269‬من قانون االلتزامات والعقود الذي عرف القوة‬ ‫‪931‬‬
‫الرجوع إلى القانون المدني وخصوصا الفصل‬
‫القاهرة بأنها ‪" :‬كل أمر ال يستطيع اإلنسان أن يتوقعه أو أن يقاومه أو أن يتجنبه كالظواهر الطبيعية‬
‫كالفيضانات‪ ،‬الجفاف‪ ،‬العواصف‪ ،‬الحرائق والجراد وغارات العدو وفعل السلطة"‪ .‬ونفس األمر نجده‬
‫الذي عرف القوة القاهرة بأنها ‪" :‬كل حادث خارج‬ ‫‪932‬‬
‫في القانون المقارن كالقانون المدني الفرنسي‬
‫عن إرادة اإلنسان‪ ،‬ال يمكن توقعه وال يمكن مقاومته"‪ .‬وعلى هذا األساس يمكن إسقاط التعريف الذي‬
‫جاء به القانون المدني في مجال القوة القاهرة على مجال المسؤولية المالية‪ ،‬وقد أكد ذلك مجلس‬
‫‪933‬‬
‫الدولة الفرنسي‪.‬‬

‫فالمخالفات المالية أو العجز في الصندوق أو التنفيذ غير القانوني للموارد أو النفقات‬


‫الناتجة عن الحوادث الخارجية والفجائية التي تكون غير متوقعة‪ ،‬وال يمكن ردها أو مقاومتها تشكل‬
‫سببا من أسباب القوة القاهرة‪ ،‬وبالتالي يترتب عنها اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬وما على السلطات‬
‫اإلدارية المختصة سوى الموافقة على طلب اإلعفاء من المسؤولية بقوة القانون‪ ،‬وإال تعرض قرار‬
‫سكوتها أو رفضها إلى الطعن أمام المحاكم اإلدارية المختصة‪ ،‬أما في حالة رفض الوزير األول أو‬
‫وزير المالية طلب اإلعفاء من المسؤولية بقرار مبرر أو لعدم تقديم الدالئل الكافية لدفع المسؤولية‬
‫‪934‬‬
‫الناتجة عن القوة القاهرة‪ ،‬في هذه الحالة يتم تقديم طلب إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪.‬‬

‫‪ 931‬الفصل ‪ 269‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود المغربي‪.‬‬


‫‪932‬‬
‫‪La force majeure est définie par l’article 1148 du code civil comme un évènement qui réunit trois caractères :‬‬
‫‪extériorité, imprévisibilité et irrésistibilité.‬‬
‫‪933‬‬
‫‪C.E. 13 juillet 1968, Etablissement « SERFATI », R.D.P 1969, p : 123.‬‬
‫‪ 934‬المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫اثنيا ‪ :‬طلب إبراء الذمة على وجه اإلحسان‬
‫حسب المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ ،‬التي أتاحت فرصة ثانية للمعني باألمر من أجل اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬فقد‬
‫أقرت أنه ال يحول رفض الوزير األول أو وزير المالية لطلب اإلعفاء من المسؤولية دون تقديم طلب‬
‫إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ .‬وما على المعني باألمر سوى إثبات وضعيته المادية شريطة أن ال‬
‫يفتعل عسره حسب مدلول المادة ‪ 84‬من قانون ‪ 15-97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪،‬‬
‫فيحق للمعني باألمر سواء كان آم ار بالصرف أو محاسبا عموميا أو غيرهما أن يطلب إبراء الذمة‬
‫على وجه اإلحسان‪ ،‬إال أن األمر يصعب على المحاسب العمومي حسب ما جاء في المادة ‪ 9‬من‬
‫قانون ‪ 61-99‬التي أكدت على أن المحاسبين العموميين ملزمين بإبرام عقد تأمين بصفة فردية أو‬
‫جماعية لدى مقاولة التأمين لتغطية المخاطر المالية خالل مدة مزاولة مهامهم على المسؤولية‬
‫الشخصية والمالية التي يتحملونها‪ ،‬أما باقي المتدخلين فقد أغفلهم المشرع المغربي سواء كان ذلك‬
‫عن قصد أو غير قصد من هذا االلتزام‪.‬‬

‫أما فيما يخص الجهة المختصة باتخاذ قرار إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ ،‬فال قانون‬
‫‪ 99-62‬وال قانون‪ 61-99‬أشار إلى هذه الجهة‪ ،‬بل نجد هذه اإلشارة في الفصل ‪93576‬من قانون‬
‫المحاسبة العمومية لسنة ‪ 1967‬الذي أشار إلى اختصاص الوزير األول في اتخاذ القرار بمرسوم‬
‫يتخذ باقتراح من وزير المالية‪ ،‬على خالف األمر بالنسبة لطلب اإلعفاء من المسؤولية الذي يقدم‬
‫لوزير المالية للبت فيه ويحسم فيه الوزير األول‪ .‬كما أن موضوع الطلب ينبغي أن يكون قائما على‬
‫‪936‬‬
‫باألمر كالظروف االجتماعية‬ ‫أسباب مرتبطة بالوضعية العائلية والحالة الصحية للمعني‬
‫وانعكاساتها‪ ،‬كما يجب أال تكون المخالفة المالية موضوع مساءلة قد عادت على المعني باألمر‬
‫‪937‬‬
‫بمنفعة شخصية‪ ،‬وبدون افتعال ظاهرة العسر‪.‬‬

‫واإلعفاء من المسؤولية المالية وإبراء الذمة على وجه اإلحسان تتطلب شروطا جوهرية‪،‬‬
‫البد من توفرها‪ ،‬قد أكد عليها المشرع المغربي‪ ،‬رغبة منه في إضفاء نوع من المصداقية على هذه‬
‫الحاالت كاعتماد حسن النية قبل تقرير أي إعفاء أو إبراء‪ .‬فطلب إبراء الذمة على وجه اإلحسان البد‬

‫ينص الفصل ‪ 76‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية على أنه ‪" :‬يعلن عن اإلبراء من‬ ‫‪935‬‬

‫الديون بما فيها األصل والفوائد بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من وزير المالية‪.‬‬
‫وتعتبر نسخة من المرسوم بمثابة الورقة المثبتة لتخفيض أو إلغاء المبلغ المتكفل به"‪.‬‬
‫‪936‬‬
‫‪MEDDAH (M) : "Le comptable public, son statut et sa responsabilité ", op.cit, p : 166.‬‬
‫إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.254 :‬‬ ‫‪937‬‬

‫‪338‬‬
‫أن يحظى بالموافقة المسبقة للجهاز التقريري ومنها الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬والمؤسسات‬
‫‪938‬‬
‫والمقاوالت العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة‪.‬‬

‫فاالستعانة برأي وقرار المجالس التداولية في طلب اإلعفاء وإبراء الذمة على وجه اإلحسان تعتبر‬
‫وضعية منافية لمبدأ أساسي منصوص عليه في الفصل الثالث من مرسوم ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المنظم‬
‫للمحاسبة العمومية‪ ،‬والذي أكد على استقاللية المحاسبين العموميين عن اآلمرين بالصرف في مجال‬
‫العمليات المالية‪ .‬كما يثير منح كل من وزير المالية والوزير األول سلطة إعفاء المحاسبين العموميين‬
‫أو كل متدخل في تنفيذ الميزانية إشكالية تداخل االختصاصات‪ ،‬فكان من األفضل واألجدى ترك‬
‫‪939‬‬
‫واعتماد كافة الظروف المحيطة‬ ‫المجال للسلطة القضائية المالية أن تتخذ قرار المتابعة من عدمه‪،‬‬
‫بالمعني باألمر من أجل اإلعفاء من المسؤولية‪ .‬فالتشريع المقارن قد سار في هذا االتجاه‪ ،‬بحيث‬
‫يسند اختصاص البت في طلبات إبراء الذمة في فرنسا إلى وزير المالية‪ ،‬بعد استشارة مجلس الدولة‬
‫‪940‬‬
‫إال أن قرار إبراء الذمة على‬ ‫الفرنسي كلما تجاوز مبلغ الدين أو العجز ‪ 10‬ألف فرنك فرنسي‪.‬‬
‫وجه اإلحسان ال يعتبر حقا مكتسبا بقوة القانون بطلب اإلعفاء من المسؤولية بالنسبة لآلمرين‬
‫بالصرف أو المحاسبين العموميين أو من في حكمهم‪ ،‬فهذا اإلجراء يمارس من طرف الوزير األول‬
‫على وجه اإلحسان والعطف وال حق للمعني باألمر المطالبة به قانونا ولذلك ال يسمح لمقدميه الطعن‬
‫‪941‬‬
‫رفض طلب إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ .‬إال أنه في حاالت كثيرة يلجأ مقدم الطلب‬ ‫في قرار‬
‫إلى افتعال عسره بعد إجباره على أداء ما بذمته من غرامات وديون‪ ،‬فيقوم بتبديد أمواله التي تشكل‬
‫‪942‬‬
‫وتحصيلها لفائدة الخزينة‪ .‬إال أن المادة‬ ‫ضمانا للخزينة لكي ال تخضع إلجراءات الحجز عليها‬
‫‪ 86‬من قانون ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية قد وضعت حدا لهذه األفعال لما‬
‫عاقبت مفتعل العسر بغرامة من ‪ 5‬ألف درهم إلى ‪ 10‬ألف درهم‪ ،‬وبعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ من‬
‫سنة إلى سنتين‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬وفي حالة العود تضاعف الغرامة ومدة الحبس‪ ،‬وتكون‬
‫‪944‬‬ ‫‪943‬‬
‫قد اعترفت للسلطات‬ ‫نافذة‪ .‬فأغلب التشريعات المالية المقارنة‬ ‫العقوبة الحبسية في هذه الحالة‬
‫اإلدارية بصالحية اإل عفاء من المسؤولية أو إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ ،‬وال يعد التشريع المغربي‬
‫استثناء كما جاء في قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬

‫المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين (الفقرة الثانية)‪.‬‬ ‫‪938‬‬

‫‪939‬‬
‫‪BENNANI (A) : "L’agent comptable…..................... ", op.cit, p : 244.‬‬
‫‪940‬‬
‫‪PAUL (M) : "Les financies de l’Etat…...................... ", op.cit, p : 661.‬‬
‫‪941‬‬
‫‪BENNANI (A) : " L’agent comptable…............................ ", op.cit, p : 242.‬‬
‫المادة ‪ 4‬من قانون ‪ 15-97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬ ‫‪942‬‬

‫‪ 943‬المادة ‪ 87‬من قانون ‪ 15-97‬السالف الذكر‪.‬‬


‫‪944‬‬
‫‪Loi n°63-156 du 23 février 1963 surtout l’art. 60 X 1 alinéa (Décharge de responsabilité) et l’art. 60 IX, 2 ème‬‬
‫‪er‬‬

‫‪alinéa (Remise gracieuse) portant la loi de finances française.‬‬

‫‪339‬‬
‫العموميين وخصوصا المادة ‪ 10‬وما بعدها من المواد إلى حدود المادة ‪.17‬‬

‫‪340‬‬
‫خاتمة الفصل األول‪:‬‬
‫لقد دأبت المحاكم المالية متجلية في المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬والمجالس الجهوية‬
‫للحسابات منذ صدور قانونها رقم ‪ ، 62-99‬على تكثيف الجهود من أجل توفير الشروط الضرورية‬
‫لتفعيل دورها وإرساء قواعد مالية ومحاسبية‪ ،‬تحافظ على تدبير المالية العمومية‪ .‬ولقد ركزت المحاكم‬
‫المالية على مراقبة تدبير األجهزة العمومية‪ ،‬والتي ال تنحصر فقط في التأكد من شرعية ومطابقة‬
‫كافة أعمال التدبير اإلداري والمحاسبي والمالي‪ ،‬للنصوص الجاري بها العمل‪ ،‬بل يمتد دورها إلى‬
‫كافة مظاهر هذا التدبير بغرض تقييم أهم المرتكزات التي ينطوي عيها التدبير العمومي‪ ،‬من حيث‬
‫االقتصاد والفعالية والفاعلية والكفاءة التدبيرية التي منحها المشرع لآلمرين بالصرف ومن في حكهم‪،‬‬
‫في ظل المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ .‬وإلى‬
‫جانب مراقبة الشرعية والمطابقة‪ ،‬فقد أضفت المقاربة الجديدة التي جاءت بها المحاكم المالية بعدا‬
‫آخ ار يتجلى في تقييم النتائج المنجزة ودرجة كفاءة األداء بالنظر إلى األهداف المسطرة مبدئيا‪ .‬إال أن‬
‫نجاح المحاكم المالية في مهماتها الرقابية يبقى مرهونا بالتعاون والتجاوب من طرف كافة المتدخلين‪،‬‬
‫والسيما المؤسسات والوحدات العمومية المراقبة‪ .‬فهدف هذه الهيئات جميعها من خالل مختلف‬
‫مهمات التدقيق أو التأديب المالي هو السهر على حماية المال العام‪ ،‬وترسيخ مبادئ وقيم الحكامة‬
‫الجيدة‪ ،‬خصوصا بعد تعزيز هذه المبادئ بالمقتضيات المهمة التي جاء بها دستور فاتح يوليوز‬
‫‪ ، 2011‬بحيث أضحت االستقاللية المؤسساتية للمجلس األعلى للحسابات مبدأ دستوريا مضمونا‪،‬‬
‫كما تم تكريس دور المحاكم المالية في تعزيز وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية‬
‫والمحاسبية‪ ،‬بالنسبة للدولة والمقاوالت العمومية والجماعات الترابية وهيئاتها‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد مكن‬
‫اإلصالح الدستوري من خلق دينامية جديدة في التدبير العمومي من خالل إرساء العديد من مبادئ‬
‫الحكامة الجيدة من قبيل قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬ودسترة مبدأ توازن مالية الدولة الذي‬
‫تحرص على الحفاظ عليه كل مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فقد وقفت المحاكم المالية أثناء إجراءات المراقبة التي تقوم بها سنويا‬
‫على مستوى مرافق الدولة والمقاوالت والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على مجموعة من‬
‫النواقص والمخالفات في إطار المواد ‪ 55 ،54‬و‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬ومن شأن هذه المخالفات إذا‬
‫لم يتم معالجتها أن تحد من فعالية ومجهودات المحاكم المالية في مجال المراقبة والمساءلة وقد‬
‫حاولنا تجسيد ذلك من خالل التقارير السنوية للمجلس األعلى للحسابات من خالل الجداول‬
‫واإلحصائيات ونتائج التقارير‪.‬‬

‫لذلك فالمحاكم المالية مطالبة أكثر من أي وقت مضى باالنخراط في الدينامية المتطورة‬

‫‪341‬‬
‫لتدبير المالية العمومية من خالل السهر على احترام قواعد الحكامة الجيدة‪ ،‬و هو ما حاولت تفعيله‬
‫من خالل اتخاذ اإلجراءات الحازمة‪ ،‬في الحاالت التي تبين لها أن اإلختالالت المكتشفة تشكل خرقا‬
‫لقواعد تنفيذ المداخيل أو النفقات العمومية أو الناجمة عن تصرف سيء من لدن المتدخلين في تنفيذ‬
‫الميزانية‪ ،‬ولذلك اتخذت جميع مساطر المتابعة القضائية سواء في مجال البت في الحسابات‪ ،‬أو في‬
‫إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أو فيما يخص مراقبة التسيير أو مراقبة اإلجراءات‬
‫المتعلقة بتنفيذ ميزانية الجماعات الترابية وهيئاتها بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات بناء على‬
‫المراقبة والتحريات والزيارات الميدانية التي يقوم بها قضاة المحاكم المالية‪ .‬وهكذا وخالل سنة ‪2010‬‬
‫فقد توصلت المجالس الجهوية للحسابات بـمجموعة من طلب الرأي بشأن رفض الحسابات اإلدارية‬
‫من طرف الهيئات التداولية‪ .‬ويكرس هذا االختصاص الذي منحه المشرع للمجالس الجهوية‬
‫للحسابات دور المساعدة التقنية المقدمة للجماعات المحلية وإلى السلطات العمومية في مجال‬
‫المراقبة الموكولة إلى هذه المجالس بمقتضى القوانين واألنظمة‪.‬‬

‫أما فيما يخص المجلس األعلى للحسابات فقد قام خالل السنوات األخيرة برفع عدة قضايا‬
‫تتعلق بأفعال يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية إلى وزير العدل من أجل القيام بتحريك الدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬و هكذا فقد تم في سنة ‪ 2010‬تحريك ‪ 24‬قضية جديدة في مجال التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية أمام المجلس األعلى للحسابات و‪ 83‬قضية أمام المجالس الجهوية‬
‫للحسابات‪ ،‬وبلغ عدد األشخاص المتابعين من طرف النيابة العامة أمام المحاكم المالية ما مجموعه‬
‫‪ 360‬مسؤوال حسب التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ، 2010‬و خالل سنة‬
‫‪ 2011‬و تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 111‬من مدونة المحاكم المالية أحالت النيابة العامة ‪ 8‬ملفات‬
‫على وزير العدل و الحريات تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية في حق ‪ 27‬شخصا ‪ ،‬و تم‬
‫توجيه ‪ 28‬تقري ار تتضمن نتائج التحقيق في الملفات المتعلقة بها إلى النيابة العامة قصد وضع‬
‫مستنتجاتها و إطالع التابعين المعنيين بها باإلضافة إلى ملفات أخرى جاهزة للحكم و أخرى في‬
‫طور استكمال اإلجراءات قصد إدراجها في جدول الجلسات للبت فيها في أقرب اآلجال كما بقي عدة‬
‫ملفات لم تنته بعد اإلجراءات الخاصة بها‪ ،‬فيما ما تزال التحقيقات بشأن ملفات أخرى حسب ما‬
‫جاء في آخر تقرير للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪. 2011‬‬

‫أما في مجال التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬فقد أسفرت التقارير عن إثارة المسؤولية المالية‬
‫للعديد من المحاسبين العموميين بالرغم من كون نظام مسؤولية المحاسبين قد تم تخفيفه من طرف‬
‫المشرع خالل سنوات ‪ 2004‬بالمرسوم رقم ‪ 2.04.797‬القاضي بتغيير الفصول ‪ 11‬و‪ 91‬مكرر‬
‫و‪ 92‬و‪ 93‬من المرسوم الملكي المؤرخ في ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫والمواد ‪ 117-67-66-26‬و‪ 118‬من مرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بسن نظام محاسبة الجماعات‬
‫المحلية وهيئاتها سنة ‪ .2006‬وبموجب قوانين المالية لسنة ‪ 2006 2005‬و‪ 2008‬تم تعديل عدة‬
‫مواد من مسؤولية الفاعلين في تنفيذ الميزانية من آمرين بالصرف و مراقبين و محاسبين عموميين و‬
‫غيرهم‪.‬‬

‫فالمالحظة األساسية حول هذه القوانين التعديلية التي طرأت على نظام المسؤولية المالية‬
‫المتعلقة بمختلف المتدخلين في مسلسل تنفيذ العمليات المالية والمحاسبية هي أنها تمت بشكل مبعثر‬
‫ومتناثر هنا وهناك‪ ،‬مما خلق عدم انسجام وتكامل النصوص القانونية في هذا المجال والمتعلق‬
‫بالمراقبة المالية‪ ،‬مما خلق أيضا عدم توازن وشفافية في تحديد المسؤوليات بين مختلف المتدخلين‬
‫في مسلسل تنفيذ العمليات المالية والمحاسبية بهدف ضمان الفعالية واالقتصاد والكفاءة في التدبير‬
‫المالي العمومي‪.‬‬

‫فقانون المحاكم المالية الصادر سنة ‪ 2002‬ومن خالل المواد ‪ 55-54‬و‪ 56‬التي تنص‬
‫على قائمة المخالفات المالية المرتكبة من قبل المخالفين على التوالي من طرف فئة اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬فهي مصنفة حسب الفئات وطبيعة المخالفات‪ ،‬وهذا ما‬
‫يطمئن األشخاص الخاضعين للمساءلة ويسهل مهمة القضاء المالي‪ .‬أما فيما يخص المسطرة وطرق‬
‫الطعن واإلحالة واإلعفاء من المسؤولية كلها مستجدات جاءت بها المحاكم المالي و قانون تحديد‬
‫مسؤولية اآلمرين بالصرف و المراقبين و المحاسبين العموميين و تتضمن‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد اآلجال لطلب المراجعة‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد مسطرة قانونية واضحة في مجال رفع الدعوى واإلحالة واالستئناف والطعن بالنقض‬
‫وطلب المراجعة‪ .‬واإلعفاء من المسؤولية وإبراء الذمة على وجه اإلحسان‪.‬‬

‫‪ -‬خلق توازن بين مختلف المتدخلين في تنفيذ الميزانية من خالل إرجاع مبلغ العجز أو‬
‫الخصاص بالنسبة للمحاسبين العموميين‪ ،‬وإرجاع مبلغ الخسارة التي تصيب الجهاز العمومي‬
‫بالنسبة لآلمرين بالصرف‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد مبلغ الغرامة بشكل صريح وواضح‪.‬‬

‫وبالتالي يكون المشرع المغربي في ظل قانون ‪ 62-99‬المتعلق بالمحاكم المالية قد حاول‬


‫خلق توازن ومعادلة توفيقية بين حقوق المتدخلين في تدبير الميزانية من خالل طرق الطعن‬
‫واستئناف األحكام والق اررات الصادرة عن المحاكم المالية‪ ،‬وحقوق الخزينة العامة للدولة من خالل‬
‫حماية المال العام الذي يعتبر المحرك األساسي للتنمية على غرار القوانين المقارنة‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫ومحاولة من المشرع المغربي تدارك اإلعفاء من المسؤولية وإبراء الذمة في مجاالت معينة‪،‬‬
‫فقد نص في ظل قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين‬
‫العموميين على هذه اإلمكانيات عن طريق التماس ذلك من السلطات اإلدارية المعنية باإلعفاء من‬
‫المسؤولية والناتجة عن حكم بإرجاع األموال بالنسبة لآلمر بالصرف‪ ،‬والعجز في الحساب أو‬
‫المديونية بالنسبة للمحاسب العمومي‪ ،‬وذلك بناء على طلب في حالة القوة القاهرة شريطة أال يكون‬
‫العمل الذي أدى إلى اتخاذ مقررات إرجاع األموال أو ثبوت العجز أو التصريح بالمديونية قد عاد‬
‫بالمنفعة الشخصية على مرتكب المخالفة‪.‬‬

‫أما في حالة رفض السلطات اإلدارية طلب اإلعفاء من المسؤولية نتيجة قرار مبرر‪ ،‬فما على‬
‫المتضرر أو المذنب إال تقديم طلب آخر يتعلق بإبراء الذمة على وجه اإلحسان طبقا للشروط المقررة‬
‫في النظام العام للمحاسبة العمومية‪ ،‬وبعد الموافقة المسبقة للجهاز التقريري بالنسبة للجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها والمؤسسات والمقاوالت العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة بواسطة قانون ‪.00-69‬‬

‫وفي مجال المراقبة المالية وتحديد المسؤولية ال يمكن للمحاكم المالية أن تحتكر هذا‬
‫المجال‪ ،‬وحتى لو حاولت لن تستطع‪ ،‬نظ ار لكبر الحلقات من سلسلة كبيرة من المسؤوليات التي‬
‫تتطلب مقاربات تشاورية‪ ،‬وصياغة قوانين ردعية موازية من أجل إعادة تأسيس نظام مسؤولية متوازن‬
‫وشفاف يرتكز على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وهذا ما سوف نعالجه في‬
‫الفصل الموالي‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫دور التشريع وتحديث المؤسسات في إعادة تأسيس نظام المسؤولية في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية‪.‬‬

‫لقد اتضح من خالل مسار عمل المحاكم المالية بالمغرب وبعد مرور ‪ 10‬سنوات على‬
‫صدور القانون المنظم لها عن كشف محدودية الرقابة التي يمارسها قضاة هذه المحاكم‪ ،‬لعدم توفيرهم‬
‫على قوة الردع الالزمة‪ .‬وهذا بشهادة الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات أثناء تقديم التقرير‬
‫السنوي للمجلس برسم‪945‬سنة ‪ .2010‬كما أنه وبعد التعديالت الدستورية التي همت الباب العاشر‬
‫الخاص بالمجلس األعلى للحسابات وجب إدخال تعديالت جوهرية على هذه المدونة لتتماشى جميع‬
‫نصوصها مع المستجدات التي جاء بها الدستور الجديد لسنة ‪ ،2011‬والذي جاء بقيم وآليات مهمة‬
‫تتجلى في ربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ قيم الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة‪ ،‬والغاية من‬
‫ذلك تأهيل المحاكم المالية لكي تنخرط في تحديث المؤسسات العمومية للدولة التي جاء بها الدستور‬
‫‪946‬‬
‫فهذه األمور أصبحت حتمية بعد أن نص عليها الدستور الجديد بشكل إلزامي وصريح‪.‬‬ ‫الجديد‪.‬‬

‫وهكذا فإن بناء جهاز للرقابة على المال العام يجب أن يحاط بترسانة من القوانين المتطورة‬
‫والرادعة‪ ،‬وهو ما انخرط فيه المغرب من خالل فتح أوراش اإلصالحات الكبرى‪ ،‬على رأسها صياغة‬
‫وإصدار دستور جديد‪ ،‬يرتكز على ترسيخ دولة الحق والمؤسسات‪ ،‬وتوسيع مجال الحريات الفردية‬
‫والجماعية‪ ،‬وتعزيز منظومة حقوق اإلنسان بأبعادها السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والتنموية‪.‬‬
‫كما تم من خالل الدستور الجديد توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها‪ ،‬وتعميق الديمقراطية وتحديث‬
‫المؤسسات وعقلنتها من خالل تقوية آليات تخليق الحياة العامة‪ ،‬وربط ممارسة السلطة والمسؤولية‬
‫‪947‬‬
‫وتكريس الحكامة الجيدة‪.‬‬ ‫بالمراقبة والمحاسبة‪،‬‬

‫وقد بدأت الخطوات األولى لتحقيق هذه األهداف عبر توعية المجتمع بالمخاطر التي‬
‫يسببها الفساد المالي واإلداري‪ ،‬من خالل العمل على سن قوانين جديدة موازية للدستور الجديد‪،‬‬
‫والعمل على تطبيقها بصورة فعالة‪ ،‬استجابة لنبض الشارع الذي رفع شعارات تنادي بإسقاط الفساد‬

‫أنظر تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2012‬ص ‪.1116 :‬‬ ‫‪945‬‬

‫للمزيد من التوضيح والتعمق يمكن الرجوع إلى تقرير حول اللقاء العلمي الذي نظمه مركز األبحاث والدراسات حول الرقابة والمحاسبة ومكافحة‬ ‫‪946‬‬

‫الفساد‪ ،‬تحت عنوان عشر سنوات على صدور مدونة المحاكم المالية ‪" :‬تقييم واقتراحات"‪ ،‬يوم ‪ 18‬يونيو ‪ 2012‬بمقر هيئة المحامين بحي المحيط‬
‫بالرباط‪ ،‬منشور على الموقع التالي ‪.http://www.marocdroit.com :‬‬
‫أنظر الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪ ، 2011‬منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة نصوص ووثائق العدد ‪ ،241‬ص ‪20 :‬‬ ‫‪947‬‬

‫وما بعدها‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫ورموزه‪ .‬ولم يبق اليوم للسلطات العمومية‪ ،‬سوى العمل على عقلنة التدبير العمومي والحفاظ على‬
‫الموارد العمومية التي ال تأتي سوى عبر الحكامة الجيدة‪ .‬والحكامة الجيدة ال تستقيم إال بتوافر‬
‫أركانها األساسية‪ ،‬والتي من بينها المسؤولية‪ ،‬النزاهة‪ ،‬الشفافية‪ ،‬تقديم الحساب وحكم القانون‪.‬‬

‫فأغلب الثورات التي عرفتها سواء الدول الغربية كبريطانيا سنة ‪ 1214‬أو فرنسا سنة ‪1789‬‬
‫أو الدول العربية مؤخ ار كان سببها ضعف تدبير المالية العمومية‪ ،‬وغياب الشفافية في صرف النفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وغياب العدالة الجبائية في فرض التكاليف العامة وطغيان الفساد المالي و اإلداري‪.‬‬

‫ولهذا يجب إعطاء المالية العمومية المكانة الهامة التي تستحقها في مجال اإلصالح‬
‫الدستوري والتشريعي‪ ،‬على غرار البلدان المتقدمة‪ ،‬وفق معايير المنظمات الدولة‪ ،‬بهدف ضمان‬
‫تطبيق وحماية الحقوق االقتصادية واالجتماعية للمواطن‪ ،‬وفي هذا اإلطار انصبت مراجعة الدستور‬
‫الجديد لسنة ‪ 2011‬لكي تكرس مبادئ عامة في مجال المالية العمومية ترتكز على المسؤولية‬
‫والمحاسبة‪ ،‬ومن فتح نقاش عمومي حول بعض الصناديق السوداء التي كانت ال تشملها المراقبة‬
‫والمحاسبة‪ ،‬فالدستور الجديد جاء بمقتضيات ومبادئ همت نظام المسؤولية المالية أثناء وقبل وبعد‬
‫تنفيذ الميزانية العامة (المبحث األول)‪ ،‬كما أنه نص على آليات مواكبة إلصالح نظام المسؤولية من‬
‫خالل تنزيل هذه المبادئ والمقتضيات موضع التطبيق من طرف مختلف المؤسسات المعنية‬
‫(المبحث الثاني)‪ ،‬فإصالح نمط تدبير المالية العمومية‪ ،‬والتي يبقى إصالح القانون التنظيمي لقانون‬
‫المالية مدخلها الرئيسي‪ ،‬بالنظر لكونه ينظم اإلطار العام لصرف الميزانية العامة انطالقا من‬
‫التخطيط والبرمجة‪ ،‬مرو ار بالتنفيذ ووصوال للمراقبة البعدية وتقديم الحساب‪.‬‬

‫فاإلصالحات الحالية تسعى وبشكل مدقق وواضح إلى تحقيق أهداف عدة‪ ،‬تتمحور حول‬
‫أبعاد أساسية مرتبطة بتكريس قيم الشفافية والحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة والمراقبة‪ ،‬وحق‬
‫الولوج إلى المعلومة من طرف المؤسسات واألفراد لبلوغ أهداف التنمية من خالل ترشيد النفقات‬
‫العمومية عبر تحسين أداء األجهزة اإلدارية‪ ،‬ونظم توزيع االعتمادات وطرق صرفها باقتصاد‬
‫وفعالية‪.‬‬
‫فالدستور الجديد قد حمل المسؤولية للبرلمان والحكومة في السهر على الحفاظ على توازن‬
‫مالية الدولة‪ ،‬رغم أنه خص الحكومة بحق رفض المقترحات والتعديالت التي يتقدم بها أعضاء‬
‫البرلمان بعد بيان األسباب‪ ،‬كما أنه واعتبا ار لمنطق المراقبة والمحاسبة‪ ،‬وفي جانب مسطري‬
‫لإلصالح يجب التأكيد على ضرورة إعادة النظر في الجدولة الزمنية لتقديم قوانين المالية وشكل‬
‫وزمن تقديم قوانين التصفية أمام البرلمان‪ .‬فكل المؤشرات تدل على عزم الحكومة الحالية على‬

‫‪346‬‬
‫إصالح هذه القوانين باإلضافة إلى سن تشريعات أخرى مواكبة لتنزيل مقتضيات الدستور الجديد‬
‫موضع التطبيق وهذا يتطلب منها ومن البرلمان مجهودات مضاعفة‪.‬‬

‫فمن خالل مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2013‬ومن خالل التوجيهات الملكية‬
‫الواردة في الخطابين الذين ألقاهما جاللة الملك على التوالي‪ ،‬بمناسبة عيد العرش وذكرى ثورة الملك‬
‫والشعب بتاريخ ‪ 30‬يوليوز و‪ 20‬غشت ‪ ،2012‬وكذا بناء على االلتزامات التي تعهدت بها الحكومة‬
‫أمام البرلمان في إطار برنامجها الحكومي المقدم بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 2012‬والذي تم التصويت عليه‬
‫من طرف مجلس النواب بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪ ،2012‬ويهدف هذا المشروع بالدرجة األولى إلى تفعيل‬
‫اإلصالحات الهيكلية والمؤسساتية‪ ،‬من خالل مواصلة عملية التحديث المؤسساتي وتعزيز الحكامة‬
‫الجيدة وتوطيد دولة الحق والقانون‪ ،‬وذلك بتسريع وتيرة اإلصالحات وتنزيل القوانين التنظيمية‬
‫والقوانين المتعلقة بإحداث المؤسسات الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد‪ .‬وسوف تهم هذه‬
‫اإلصالحات كال من العدالة والجهوية المتقدمة‪ ،‬والالتركيز اإلداري والقانون التنظيمي للمالية‬
‫ومنظومة الصفقات العمومية‪...‬إلخ‪ .‬وما يهمنا نحن كباحثين في مجال المالية العامة والميزانية‬
‫القانون التنظيمي لقانون الما لية‪ ،‬والذي يأتي إصالحه استجابة لتوجه الحكومة الرامي إلى عصرنة‬
‫التدبير العمومي‪ ،‬ومالءمة النظام المالي مع الدستور الجديد‪ ،‬وكذلك لمواكبة الدينامية الجديدة للمالية‬
‫العمومية وتعزيز شفافية تدبير المال العام وتحسين الدور الرقابي للبرلمان‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬إصالح نظام المسؤولية في مجال تدبير الميزانية في ظل دستور‪2011‬‬


‫لقد جاء الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬بمجموعة من المقتضيات والمرتكزات المتعلقة بالمالية‬
‫العمومية‪ ،‬والتي تم تكرسيها كمبادئ ملزمة لباقي قواعد التدبير المالي العمومي‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫المرتكزات في مجال التدبير المالي في مجموعة من المبادئ المؤسسة للتدبير المالي واإلداري‬
‫والمحاسباتي في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬من خالل مختلف القواعد الدستورية المتعلقة بإعداد‬
‫وتنفيذ قوانين المالية (المطلب األول)‪ ،‬فأولويات إصالح تدبير الميزانية العامة كانت دائما في صلب‬
‫اهتمامات الرأي العام والمهتمين والممارسين والسياسيين‪ ،‬نظ ار لقصور طرق تدبير المالية العمومية‬
‫من خالل الطرق التقليدية الحالية‪ .‬وهذه الطرق كانت دائما هي السبب في تفاقم األزمات المالية التي‬
‫يعرفها المغرب‪ ،‬من خالل العجز المالي في الموازنة وزيادة حجم االستدانة‪ ،‬نظ ار لسوء تدبير المال‬
‫العام من خالل عدم تحقيق أهداف النجاعة المالية والشفافية في تدبير االعتمادات‪ ،‬وعدم المشاركة‬
‫في التدبير من طرف الوحدات الترابية والمؤسسات العمومية‪ ،‬وضبابية المراقبة المالية على ميزانيات‬
‫الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬فالقانون التنظيمي المعمول به حاليا والذي يرجع لسنة ‪ 1998‬والمؤطر‬

‫‪347‬‬
‫لقوانين المالية السنوية‪ ،‬لم يستطع مسايرة أوراش اإلصالح التي فتحتها الدولة‪ .‬في جميع المجاالت‬
‫ولم يساير ظاهرة العولمة‪ ،‬فبقي هذا القانون مرتك از على منطق الوسائل عوض النتائج في تدبير‬
‫المالية العمومية‪ ،‬فهذا القانون يهدف إلى منطق تحقيق أكبر نسبة في استهالك االعتمادات المتوفرة‪،‬‬
‫مخافة تقليصها في السنة الموالية‪ ،‬وهذا يؤدي إلى سوء التدبير وانزالق األهداف والعشوائية في‬
‫اختيار المشاريع‪ .‬وهذا ما أثر على جودة المرافق العمومية وخدماتها‪.‬‬

‫وقد تولد عن هذا النوع من التدبير التقليدي للسياسات العمومية‪ ،‬ومنها تدبير الميزانية‬
‫العمومية‪ ،‬إشكاالت مالية وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية كادت أن تعصف بكيان الدولة‬
‫نتيجة الحركات االجتماعية التي رفعتها جل الشعوب العربية ومنها المغرب من خالل حركة ‪20‬‬
‫فبراير‪.‬‬

‫ومن هنا جاءت مبادرة الفاعل السياسي من أجل إصالح المشهد المالي العام لمواكبة المستجدات‬
‫التي تشهدها الساحة المالية السيما بعد إقرار الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز ‪ .2011‬فهذه الوثيقة‬
‫شكلت ثورة في أسلوب التدبير العمومي من خالل بنوده التي ربطت المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وما‬
‫يستتبع تفعيل هذه المقتضيات من إقرار مبدأ عدم اإلفالت من العقاب‪ ،‬ومن خالل أيضا تقوية‬
‫الشفافية المالية والرقابة عن طريق تقديم الحساب (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المقاربة الجديدة في إعداد وتنفيذ الميزانية في ظل دستور ‪2011‬‬
‫قبل الخوض في المقاربة الجديدة في إعداد و تنفيذ و مراقبة الميزانية في ظل الدستور الحالي‪ ،‬ال بد من‬
‫اإلشارة إلى أنه ال يكتمل تعريف الميزانية بالنظر فقط إلى كونها توقع وبيان تقديري للنفقات واإليرادات لمدة‬
‫سنة تجيزه السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية‪ ،‬بل يتعين في ظل مالية الدول الحديثة اإلشارة إلى المدى‬
‫والبعد الذي تحدثه الميزانية في حياة المجتمع على الصعيد االقتصادي واالجتماعي والسياسي‪ ،‬فالميزانية‬
‫هي اإلطار الذي تتبلور فيه اختيارات الدولة‪ ،‬خصوصا في ظل التدخل في مجاالت األنشطة االقتصادية‬
‫وانتشار المخططات االقتصادية واالجتماعية التنموية‪ .‬فالسلطة التنفيذية تقوم بتحضير وتنفيذ الميزانية عن‬
‫طريق أعوانها من آمرين بالصرف ومحاسبين عموميين فهم بمثابة المنفذين لهذه السياسة‪.‬‬

‫و السؤال الذي يطرح هنا هو حول طبيعة عمل كل من الحكومة التي تحضر الميزانية وعمل‬
‫البرلمان الذي يناقش ويصوت على الميزانية‪ ،‬فهذا العمل هل هو عمل إداري أم تشريعي ؟ أي ما هي‬
‫طبيعة الميزانية من الناحية القانونية ؟ ففي الحقيقة يعد تحديد الطبيعة القانونية للميزانية موضوع خالف بين‬
‫أن "الميزانية تعتبر عمال من أعمال اإلدارة من حيث الشكل والموضوع‪."...‬‬ ‫‪948‬‬
‫الفقهاء‪ ،‬فبينما يرى البعض‬
‫فجل فقهاء المالية لم يطلقوا عليها لفظ قانون‪ ،‬فهي ال تحمل مواصفات قانون بكل معنى الكلمة رغم‬

‫د‪.‬قحطان السيوفي ‪" :‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،1989 ،‬ص ‪.75 :‬‬ ‫‪948‬‬

‫‪348‬‬
‫إذ أنها ال تتضمن جميع خصائص القانون‪ ،‬بل قالوا عنها أنها سند أو صك‬ ‫‪949‬‬
‫إصدارها في صيغة قانون‪،‬‬
‫أو وثيقة أو برنامج أو أنها عمل إداري بحث‪ ،‬فالميزانية في معظم الدول تتألف من قانون الميزانية ومن‬
‫جداول إجمالية وتفصيلية ملحقة به‪ .‬فالميزانية برنامج عمل يعرض على السلطة التشريعية يتضمن تخمينا‬
‫للواردات والنفقات‪ ،‬أما النصوص القانونية التي ترد أحيانا في قانون الميزانية‪ ،‬فليس من الضروري وجودها‬
‫عن قانون الميزانية لكي ال تقع السلطة‬ ‫‪950‬‬
‫فيه‪ ،‬وقد قضى االتجاه العملي الحديث بوجوب إصدارها مستقلة‬
‫التنفيذية في بعض التعديالت التي تخص المال العام فتستوجب مشاريع قوانين مستقلة‪ .‬وبهذا فالميزانية ال‬
‫تعتبر عمال تشريعيا من الناحية الشكلية فقط‪ ،‬أما من الناحية الموضوعية فهي ليست سوى عمال إداريا‬
‫‪951‬‬
‫وال تعطي للحكومة سلطة أو حقا لم يكن لها من قبل‪ ،‬فاإليرادات‬ ‫ألنها ال تتضمن أية قواعد عامة جديدة‬
‫التي تستطيع الحكومة تحصيلها أو النفقات التي يؤذن لها بالقيام بها كلها ناتجة عن قوانين سابقة‪.‬‬

‫فاالتجاه الغالب في الفقه يرى أن الميزانية قانون من حيث الشكل والموضوع وال تخضع فقط‬
‫لنفس الشكليات المطلوبة في سن القوانين‪ ،‬وإنما تتضمن أحكاما ال تختلف عن األحكام القانونية بأي شكل‬
‫‪952‬‬
‫من األشكال‪.‬‬

‫فالميزانية تشكل ترجمة وفية للسياسة الحكومية إذ يمكن استنتاج هذه السياسة من خالل تحليل العديد من‬
‫المعطيات المنبثقة منها مثل بنية الموارد والتحمالت وكيفية توزيع كل من االقتطاعات واالعتمادات على‬
‫مختلف فئات المجتمع وقطاعات األنشطة االقتصادية‪ ،‬وهكذا أصبحت الميزانية هي الوسيلة لتحقيق التوازن‬
‫االقتصادي‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬السياسي والمالي‪.‬‬

‫فاألهمية االقتصادية للميزانية العامة تتجلى من خالل تطور تدخل الدولة في الحياة االقتصادية‬
‫وتوجيه االقتصاد وتأهيله من أجل تحقيق النمو‪ ،‬فال يكاد يخلو أي قطاع من التدخل المباشر أو غير‬
‫المباشر للدولة‪ .‬فعلى مستوى الصفقات العمومية مثال والتي تعتبر نقطة التقاء القطاع الخاص بالقطاع العام‬
‫للدولة‪ ،‬فهذه االخيرة تلعب دو ار ذا أهمية في الحياة االقتصادية‪ ،‬فهي تعتبر المحرك الرئيسي للدورة‬
‫االقتصادية‪ ،‬فميزانية معظم الدول تساعد على إدارة وتوجيه االقتصاد القومي‪ ،‬حيث لم تعد الميزانية مجرد‬
‫أرقام واحتماالت كما كانت في المفهوم التقليدي‪ ،‬بل أصبحت آثارها تنعكس إما إيجابا أو سلبا على اقتصاد‬
‫الدولة‪ .‬فالعالقة وثيقة بين النشاط المالي للدولة من خالل توجهاتها واألوضاع االقتصادية السائدة بها من‬

‫عبد النبي أضريف ‪" :‬قانون المالية أم قانون الميزانية ؟ جدلية العالقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية‪ :‬دراسة تحليلية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬ ‫‪949‬‬

‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،69‬يوليوز غشت ‪ ،2006‬ص ‪.57 :‬‬


‫حسن عواضة ‪" :‬المالية‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.46 :‬‬ ‫‪950‬‬

‫محمد سعيد فرهود ‪" :‬مبادئ المالية‪ ،"...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.377 :‬‬ ‫‪951‬‬

‫فهمي محمود شكري ‪" :‬الموازنة العامة‪ ،‬ماضيها وحاضرها ومستقبلها في النظرية والتطبيق"‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،1999 ،‬‬ ‫‪952‬‬

‫ص ‪.25 :‬‬

‫‪349‬‬
‫نمو وانتعاش أو تضخم و انكماش‪ ،‬بحيث أصبح من الصعب فصل الميزانية العامة عن المخطط‬
‫االقتصادي الذي تسنه الدولة‪ ،‬فالميزانية أصبحت أداة مهمة من أدوات تحقيق أهداف الخطة االقتصادية‬
‫الشاملة لكل بلد‪953‬وهذه الخطة تنعكس على مجاالت أخرى اجتماعية‪،‬سياسية و مالية‪...‬‬

‫و انطالقا من تحول دور الدولة من دور محايد إلى متدخل إثر األزمات االقتصادية واالضطرابات‬
‫االجتماعية التي عرفها العالم ما بين الحربين العالميتين‪ ،‬أصبح لزاما على الدول التدخل عبر الميزانية‬
‫إلنقاذ هذه األوضاع‪ ،‬حيث أصبحت تقوم بدور فعال في حفظ توازن األمم‪ .‬فالميزانية كوثيقة تجمع بين‬
‫طياتها الموارد والنفقات هي بمثابة تعبير عن البرنامج االجتماعي للدولة‪ ،‬وفي هذا اإلطار فالميزانية تقوم‬
‫بدور فعال في حفظ كيان األمة االجتماعي من خالل دورة توزيع الثروة عبر الضرائب و غيرها‬

‫فالضرائب قد تقلل من التفاوت بين ثروات األفراد ودخولهم‪.954‬‬

‫فقانون المالية السنوي يحظى بتتبع واهتمام العديد من الفعاليات والمؤسسات‪ ،‬نظ ار لالنعكاسات‬
‫المباشرة على المواطنين وعلى ظروف عيشهم من خالل الجوانب االقتصادية والمالية واالجتماعية‬
‫والمجالية‪ ،‬وهو ما تعكسه الميزانية السنوية المخصصة لكل قطاع‪ ،‬من صحة وتعليم وسكن‪ ،‬وغيرها‬
‫‪955‬‬
‫فالميزانية تشكل أهم أداة بيد الحكومة لبلوغ األهداف التنموية عن طريق‬ ‫من الخدمات العمومية‪.‬‬
‫السياسة االقتصادية واالجتماعية المنتهجة واألولويات المقررة من خالل االعتمادات المرصودة‪،‬‬
‫والمجهودات المالية للدولة في تدبير الشأن العام من خالل اإلعداد المرتكز على مقاربة التدبير في‬
‫خدمة التنمية عوض إطار المنطق القانوني والمحاسباتي (الفرع األول)‪ ،‬أو من خالل التنفيذ المرتكز‬
‫على مبادئ وآليات الحكامة الجيدة والرقابة والشفافية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإلعداد المرتكز على البعد التنموي‬

‫إذا كانت المبادئ والقواعد الدستورية المرتبطة بتدبير المالية العمومية‪ ،‬قد تطورت وتبلورت‬
‫مع تطور التجربة الدستورية المغربية التي توالت عبر دساتير ‪-1992-1972-1970-1962‬‬
‫‪ 1996‬فإن ما يميز دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬هو تكريسه للبعد التنموي ولقيم الشفافية والمسؤولية‬
‫‪956‬‬
‫في تدبير المال العام الذي يعد عماد كل تنمية اقتصادية واجتماعية ومجالية وغيرها‪.‬‬ ‫والمحاسبة‬

‫وهكذا فقد نص الفصل ‪ 39‬من دستور ‪ 2011‬على أن الجميع يتحمل كل على قدر‬

‫د ‪.‬أعاد حمود القيسي ‪" :‬المالية العامة والتشريع الضريبي"‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان األردن‪ ،2000 ،‬ص ‪.93 :‬‬ ‫‪953‬‬

‫د‪.‬أناس بن صالح الزمراني ‪" :‬المالية العامة والسياسة المالية"‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2002 ،‬ص ‪.14 :‬‬ ‫‪954‬‬

‫ميزانية المواطن‪ ،‬دليل المواطن لقانون المالية لسنة ‪ ،2012‬إصدار و ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬ص ‪.3:‬‬ ‫‪955‬‬

‫الفصل ‪ 154‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪956‬‬

‫‪350‬‬
‫استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها‪ ،‬وفق اإلجراءات المنصوص عليها‬
‫في القوانين واألنظمة ومنها الدستور‪ .‬كما أضاف وأكد الفصل ‪ 40‬على مبدأي التضامن والتناسب‬
‫في تحمل التكاليف التنموية للبالد بشكل يتناسب مع الوسائل المتوفرة لديهم‪ .‬وباإلضافة إلى هذين‬
‫المبدأين األساسيين‪ ،‬نجد مبدأ شرعية التكاليف العمومية والتي ال يمكن إحداثها وتوزيعها إال‬
‫بمقتضى‪957‬القانون‪ .‬وفي هذا اإلطار أكد الفصل ‪ 71‬من الدستور على هذا المقتضى وأصبح يشمل‬
‫النظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها‪ ،‬كما أشار الفصل ‪ 55‬من الدستور إلى‬
‫أن المصادقة على المعاهدات الدولية والتجارية التي تترتب عنها تكاليف مالية تلزم الدولة تتم‬
‫الموافقة عليها بقانون كما أكد الفصل ‪ 77‬من دستور ‪ 2011‬على بند مهم من مبادئ التدبير المالي‬
‫في إطار الموازنة والذي يعتبر مؤش ار على نجاعة التدبير المالي للدولة اليوم‪ ،‬أال وهو مبدأ التوازن‬
‫المالي بحيث ألزم المشرع الدستوري البرلمان والحكومة على حد سواء بالحرص على الحفاظ على‬
‫أن البرلمان والحكومة يسهران على الحفاظ على‬ ‫‪958‬‬
‫توازن مالية الدولة‪ ،‬حيث جاء في هذا الفصل‬
‫توازن مالية الدولة‪ .‬فاسترجاع التوازنات المالية‪ ،‬ورفع نسبة النمو‪ ،‬ودعم القطاعات االجتماعية تعد‬
‫من أهم اإلجراءات المستعجلة في الظرفية الحالية‪ .‬وهكذا حاولت الحكومة من خالل القانون المالي‬
‫لسنة ‪ 2012‬تجاوز سلبيات التدبير المالي العمومي‪ ،‬ووضعت مقاربة جديدة لرفع مردودية عدد من‬
‫القطاعات المنتجة وإعادة إطالق النمو االقتصادي وضبط التوازنات الماكرواقتصادية‪ .‬وهكذا دأبت‬
‫السلطات العمومية على جعل السياسة الميزانياتية محو ار إستراتيجيا ذو أولوية لبلورة األهداف المتمثلة‬
‫في التنمية االقتصادية واالجتماعية من خالل التحكم في النفقات وتحسين التدبير العمومي في إطار‬
‫‪959‬‬
‫واعتماد ترتيب جديد ألبواب الميزانية يأخذ‬ ‫مقاربة تدبير النفقات على المدى المتوسط ‪CDMT‬‬
‫بعين االعتبار البعد الترابي في التنمية وخاصة الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫وهكذا تم الشروع في إعادة النظر في أسس التدبير في القطاع العام من خالل التدبير‬
‫المرتكز على النتائج وقواعد الفعالية والنجاعة‪ ،‬عوض المقاربة الحسابية الضيقة المعتمدة على‬
‫الوسائل التي سارت عليها الميزانيات والمقاربات السابقة لدستور ‪ .2011‬وعليه فإن القيمين على‬
‫تدبير السياسات العمومية سيتمكنون من اتخاذ الق اررات المالية بشأن أفضل الوسائل لبلوغ األهداف‪،‬‬

‫لقد تم توسيع مجال القانون في دستور ‪ 2011‬ليرتفع من ‪ 30‬مجاال التي كانت في دستور ‪ 1996‬إلى ‪ 60‬مجاال في الدستور الحالي لسنة ‪.2011‬‬ ‫‪957‬‬

‫الفصل ‪ 77‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪958‬‬

‫‪959‬‬
‫ما المقصود بـ ‪Qu’est ce qu’un cadre de dépense à Moyen terme (CDMT) ? :‬‬
‫‪Le CDMT est un instrument de programmation triennal glissant permettant de placer la gestion budgétaire dans‬‬
‫‪une perspective pluriannuelle, en vue de :‬‬
‫‪- Améliorer la performance opérationnelle des services publics.‬‬
‫‪- Renforcer la pérennité des politiques publiques.‬‬
‫‪- Renforcer l’efficacité de l’allocation intersectorielle des ressources.‬‬

‫‪351‬‬
‫بحيث منحت لآلمرين بالصرف مرونة واسعة بالنسبة لتوظيف االعتمادات المالية الموضوعة رهن‬
‫إشارتهم‪ ،‬وتم تحميلهم بالمقابل مسؤوليات مباشرة في تحقيق النتائج‪.‬‬

‫وم ن المتوقع أن يصبح مشروع التدبير المندمج للنفقات العمومية قاعدة أساسية وأداة ال‬
‫يستغنى عنها إلنجاز هذه اإلصالحات‪ ،‬بحيث سيسمح بضمان نجاعة مجموعة من األنظمة المالية‬
‫والمحاسبية‪ ،‬ووضع األدوات الكفيلة بالتدبير العصري رهن إشارة اآلمرين بالصرف وأجهزة‬
‫‪960‬‬
‫وبالنسبة للبعد الترابي وعلى مستوى عدم تركيز االعتمادات وتطبيقا لمبدأ النفقات‬ ‫المراقبة‪.‬‬
‫‪961‬‬
‫التكميلية‪ ،‬فينبغي ترسيخ هذا المبدأ تدريجيا بحيث يكون األساس هو التدبير الالمتمركز‬
‫واالستثناء هو التدبير المركزي‪.‬‬

‫فتحديات األلفية الثالثة فرضت العمل بمبادئ تدبير جديدة تساير السرعة في االنفتاح على المحيط‬
‫الخارجي‪ ،‬وفي تحرير المبادالت‪ ،‬وشدة المنافسة في االنفتاح االقتصادي وفي استقطاب االستثمارات‬
‫الخارجية‪ ،‬فكان لزاما على المغرب أن ينهج سياسة الالمركزية في المجال الترابي‪ ،‬فكان من غير‬
‫الممكن للجماعات الترابية في ظل هذا الواقع لكي تكون شريكا أساسيا في التنمية‪ ،‬من غير أن تتوفر‬
‫على اإلمكانيات المادية والبشرية واالستقالل المالي واإلداري لمساعدتها على القيام بالتزاماتها‬
‫التنموية‪ .‬وألجل ذلك هدف المشرع المغربي بالدرجة األولى من خالل اإلصالحات إلى مواءمة‬
‫اإلطار القانوني والمؤسساتي الذي يحكم تدبير الشأن المحلي والعمل على عصرنة وتبسيط إجراءاته‪،‬‬
‫والحد من الكلفة عن طريق استهداف بلوغ غايات أساسية من وراء هذا اإلصالح المالي المحلي‬
‫ويتعلق األمر بـ ‪:‬‬

‫‪ -1‬دعم الفعالية في مجال إعداد وتنفيذ القرار المالي واإلداري‪.‬‬

‫‪ -2‬بلوغ الحكامة في تدبير الشأن المحلي من خالل اإلشراك والشفافية والمحاسبة والمراقبة‪.‬‬

‫‪ -3‬الحد من إجراءات الوصاية اإلدارية والمالية على الق اررات المالية‪ ،‬وتبسيط طرق ممارستها‬
‫وعقلنتها عن طريق إعادة النظر في المساطر المعتمدة في المصادقة على الوثائق المالية‬
‫المحلية‪ ،‬والحد من المراقبات القبلية التي تعرقل عمل الجماعات الترابية وتحد من فعاليته‪.‬‬
‫ودعم المراقبة الداخلية المرتكزة على المردودية والفعالية في استعمال االعتمادات المالية‪.‬‬

‫فالغاية المرجوة من اإلصالح إذن هي جعل اإلطار القانوني يواكب اإلطار المؤسساتي في‬
‫إطار مقاربة مالية ترتكز على منطق الفعالية والجودة واالقتصاد‪ ،‬وترفع من مردودية النفقة العمومية‬

‫سعيد جفري ‪" :‬تدبير المالية العمومية"‪................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.250 :‬‬ ‫‪960‬‬

‫المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية‪ ،‬الملحق العربي لمجلة المالية‪ ،‬العدد ‪ ،4‬يونيو ‪ ،2006‬ص ‪.13 :‬‬ ‫‪961‬‬

‫‪352‬‬
‫المحلية‪ ،‬في اتجاه إقرار مرونة في المساطر واإلجراءات وتوسيع هامش الحرية‪ ،‬وجعل مسؤولية‬
‫اآلمرين بالصرف المحليين أوسع في تدبير شؤون جماعاتهم المحلية‪ ،‬وذلك عن طريق عقلنة‬
‫استعمال الزمن وتدقيق اآلجال المعتمدة في إعداد الميزانيات والمصادقة عليها وتنفيذها‪ .‬كما أن‬
‫تبسيط المساطر والحد من كلفة الرقابات القبلية وتعويضها بمراقبة تتوخى دعم اإلنجازات والفعالية‬
‫والمردودية‪ ،‬كلها مقاربات الهدف منها تجديد وعقلنة التدبير وعصرنته وهذا ما سوف نعالجه في‬
‫الفقرتين المواليتين ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقلنة مساطر اعتماد الميزانية‬


‫نظ ار لكون مسطرة اعتماد الميزانية في القانون الحالي تعتبر مسطرة معقدة بسبب‬
‫اإلجراءات التقنية التي تتطلب إمكانيات هائلة من الموارد البشرية و المادية و اللوجستيكية ‪ ،‬فعلى‬
‫المشرع مستقبال تعديل الجدول الزمني إلعداد و دراسة و إقرار الميزانية ‪ ،‬من خالل مراجعة جزئية‬
‫لهذه المسطرة طبقا للمستجدات التي جاء بها دستور ‪ . 2011‬و سوف تنصب المراجعة المقترحة‬
‫في مشروع إصالح القانون التنظيمي للمالية على جميع مراحل مسطرة اإلعداد و المناقشة و‬
‫المصادقة التي سوف تنصب على اعتماد الميزانية ‪.‬‬

‫قد تختلف مساطر اعتماد الميزانية بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العامة نظ ار‬
‫الختالف الطبيعة وشكل الميزانية المعتمدة‪ ،‬فشكل الدولة ونظامها اإلداري هو المحدد لهذه المساطر‬
‫واإلجراءات‪ .‬وبحكم المقتضيات الدستورية الجديدة ‪ ،‬أصبح اليوم لزاما على الحكومة سلك مسطرة‬
‫خاصة في تقديم مشروع الميزانية العتمادها ‪ ،‬سواء بالنسبة للدولة أو المؤسسات التابعة لها‪.‬‬

‫أ‪ -‬الدولة‪:‬‬

‫يتم تحضير مشروع قوانين المالية السنوية للدولة وفق مجموعة من القواعد والمساطر‬
‫الدستورية التي تحدد طريقة اعتماد الميزانية والتصويت عليها‪.‬‬

‫فقبل إيداع مشروع الميزانية بمكتب مجلس النواب‪ ،‬فهو يمر بمحطتين أساسيتين‪ ،‬يتم في‬
‫‪962‬‬
‫أوالها تداول التوجهات العامة لهذا المشروع في مجلس وزاري يرأسه الملك ويضم رئيس الحكومة‬
‫والوزراء‪ .‬أما المحطة الثانية فترتبط بمجلس الحكومة الذي يعقد بدوره جلسة للمداولة بشأن هذا‬
‫‪963‬‬
‫المشروع‪.‬‬

‫البند ‪ 4‬من الفصل ‪ 49‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪962‬‬

‫البند ‪ 6‬من الفصل ‪ 92‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪963‬‬

‫‪353‬‬
‫وإذا كان مجلس النواب قد أصبح طبقا لمنطوق الفصل ‪ 75‬من الدستور يحظى بقصب‬
‫السبق عند إيداع مشروع الميزانية العامة‪ ،‬فإن عرض وتقديم هذا المشروع يتم في جلسة مشتركة‬
‫للبرلمان بمجلسيه طبقا لمقتضيات المادة ‪96468‬من الدستور الحالي‪ .‬وبعد إيداعه وعرضه على‬
‫أنظار البرلمان تتم مناقشته ثم التصويت ليتم إصداره وفق شروط ينص عليها قانون تنظيمي‪ ،‬إال أن‬
‫هذا القانون يجب إصالحه اليوم ليتماشى مع تصور الدستور الجديد العتماد الميزانية‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬تم تنظيم يوم دراسي حول إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬خالل شهر يونيو ‪2012‬‬
‫بالبرلمان في إطار تصور جديد‪ .‬وهذا التصور سوف يحدد طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات‬
‫الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية السنوي و طرق تدبير الميزانية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجماعات الترابية‪:‬‬

‫أما على المستوى المحلي فيمكن إجمال المساطر التي همت إصالح التنظيم المالي فيما‬
‫يتعلق بمساطر وضع الميزانيات المحلية والتصويت عليها في العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إسناد اختصاص إعداد الميزانية المحلية لآلمر بالصرف بشكل صريح حسب ما نصت‬
‫عليه المادة ‪96516‬من قانون ‪96645-08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬
‫فمنح اختصاص إعداد وثيقة الميزانية المحلية للسلطة التنفيذية بالنسبة للجماعة الترابية يجد مبرراته‬
‫في ‪ :‬كون اآلمر بالصرف هو المسؤول المباشر عن تسيير المرافق الجماعية‪ ،‬وهو األدرى بحجم‬
‫احتياجاتها التنموية‪ ،‬وهو األكفأ بتحديد طرق تمويل هذه االحتياجات‪ .‬كما أنه السلطة األكثر كفاءة‬
‫وتأهيال وقربا من جماعته للقيام بهذه المهمة بحكم إشرافه المباشر على المصالح اإلدارية والمالية‬
‫المحلية‪ ،‬التي تتولى جمع المعطيات والمعلومات الالزمة‪ ،‬واإلعداد التقني ألحكام و معطيات‬
‫الميزانية‪.‬‬

‫وبصفته اآلمر بالصرف فهو المسؤول ماليا وتأديبيا وجنائيا على تنفيذ العمليات المالية من‬
‫مداخيل و مصاريف ‪ ،‬وبالتالي ال يقبل أن يتحمل المسؤولية ويخضع للرقابة المالية والمساءلة على‬
‫تنفيذ بنودها ما لم يتكلف بمهمة إعدادها‪ .‬وبعد ذلك تعرض وجوبا قبل عرضها على الجمع العام‬

‫الحالة الرابعة التي يعقد فيها البرلمان جلسات مشتركة بمجلسيه هي عرض مشروع قانون المالية السنوي‪.‬‬ ‫‪964‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 16‬من قانون ‪ 45-08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها على أنه ‪" :‬تحضر الميزانية من لدن رئيس‬ ‫‪965‬‬

‫المجلس بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية ومجموعاتها ومن طرف اآلمر بالصرف بالنسبة للجهات والعماالت واألقاليم"‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.09.02‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45-08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪966‬‬

‫عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬

‫‪354‬‬
‫أيام قبل افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة‬ ‫‪967‬‬
‫على لجنة مكلفة بشؤون الميزانية والمالية في ظرف ‪10‬‬
‫على الميزانية من طرف المجلس‪ ،‬والتي تعتبر لجنة دائمة يستمر عملها خالل الفترة الفاصلة بين‬
‫الدورات‪ .‬والغاية من عرض مشروع الميزانية المحلية وجوبا على هذه اللجنة هو تمهيد الطريق أمام‬
‫المنتخبين من أجل تقديم الشروحات والتوضيحات الالزمة التي ستساعدهم على دراسة مشروع‬
‫الميزانية بكل شفافية ووضوح‪.‬‬

‫فدستور ‪ 2011‬قد منح الجماعات الترابية‪ ،‬وفي مقدمتها الجهات‪968‬موارد مالية ذاتية‬
‫وأخرى مرصودة من قبل الدولة لتكون قاطرة للتنمية في المستقبل تجر وراءها باقي الجماعات‬
‫األخرى‪ .‬كما أكد الفصل ‪ 142‬من الدستور على إحداث صندوق للتأهيل االجتماعي لسد العجز في‬
‫مجاالت التنمية البشرية والبنيات التحتية‪ .‬وهكذا برمجت الحكومة القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى ضمن أولوياتها وحددت تاريخ ‪ 2013‬موعدا إلعداد هذا المشروع وعرضه‬
‫على البرلمان‪.‬‬

‫وتبقى كل من الميزانية العامة للدولة والميزانيات الجهوية والترابية مفتقرة إلى قوانين‬
‫‪969‬‬
‫فالقوانين التنظيمية الحالية‬ ‫تنظيمية عصرية لمواكبة اإلصالحات الدستورية والقانونية الحالية‪،‬‬
‫أصبحت تفتقر لقواعد الحكامة وألسس ومتطلبات الفعالية والنجاعة في تدبير المالية العمومية والمالية‬
‫الجهوية في المستقبل‪.‬‬

‫ج‪ -‬المؤسسات و المنشآت العامة ‪:‬‬

‫أما فيما يخص المؤسسات و المنشآت العامة والتي تخضع لقانون ‪ 69-00‬المتعلق‬

‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 16‬من قانون ‪.45-08‬‬ ‫‪967‬‬

‫الفصل ‪ 143‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪968‬‬

‫لقد كانت عدة مبادرات من أجل إصالح القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬لكنها لم تر النور باستثناء تعديل بسيط تم سنة ‪ 2000‬بواسطة‬ ‫‪969‬‬

‫القانون التنظيمي رقم ‪ 14-00‬القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم ‪ . 7-98‬إال أن المسألة اليوم أصبحت ضرورة ملحة فرضها الدستور الجديد‬
‫والتزامات الحكومة بعد تسطير مخطط تشريعي يهدف إلى مالءمة القوانين الجارية مع أحكام الدستور الجديد‪.‬‬
‫ومن هذه المبادرات ‪:‬‬
‫‪ -‬يوم دراسي بالرباط حول ‪" :‬إصالح القانون التنظيمي للمالية ضرورة ملحة لمواكبة التحوالت وكسب الرهانات الديمقراطية"‪ ،‬من تنظيم لجنة المالية‬
‫والتنمية االقتصادية بمجلس النواب يوم ‪ 12‬يونيو ‪ 2012‬بالرباط‪.‬‬
‫‪ -‬مقترحات اإلصالح الدستوري والمالية العمومية من خالل مذكرة حزب االستقالل‪ ،‬نظمته مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد‪.‬‬
‫‪ -‬مبادرة و ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬بشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية والمجموعة األوروبية للبحوث في مجال المالية العمومية بتنظيم‬
‫أيام دراسية حول موضوع ‪" :‬انسجام المالية العمومية في المغرب وفرنسا"‪ ،‬يومي ‪ 09‬و‪ 10‬شتنبر ‪ 2011‬بالرباط‪.‬‬
‫‪ -‬وال ننسى أيضا مبادرة فريق العمل الوطني لو ازرة المالية والخوصصة بالمغرب والبنك الدولي حول تقييم تدبير أنظمة المالية العمومية في مارس‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -‬الندوة الدولية حول الحكامة الجديدة للمالية العمومية بالمغرب وفرنسا أية آفاق ؟ التي احتضنتها الرباط يومي ‪ 18‬و‪ 19‬شتنبر ‪.2010‬‬

‫‪355‬‬
‫بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬فقد عرفت عدة اختالالت على مستوى‬
‫اعتماد وتدبير ميزانياتها‪ ،‬وهذا ما كشفته تقارير المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية‬
‫‪970‬‬
‫للحسابات تطبيقا للمادتين ‪ 85‬و‪ 147‬من قانون المحاكم المالية‪ .‬وهكذا فقد تم سنة ‪ 2009‬إنجاز‬
‫‪ 21‬تقري ار يتعلق بمراقبة تدبير المنشآت العامة وكذا ‪ 4‬تقارير تهم مراقبة التدبير المفوض للمرافق‬
‫‪971‬‬
‫فقد قامت المحاكم المالية بـ‪ 120‬مهمة مراقبة على مستوى مرافق‬ ‫العمومية‪ .‬أما سنة ‪2010‬‬
‫الدولة والمقاوالت والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬وتم خاللها رصد مجموعة من النقائص‬
‫التي ما فتئت تعتري نظام حكامة المالية العمومية بالمؤسسات والمقاوالت والمنشآت العامة‪ .‬ومن‬
‫شأن هذه النقائص إذا لم يتم تصحيحها أن تحد من فعالية المجهودات التي تبذلها الدولة قصد تعزيز‬
‫أسس تدبير مالي سليم ومستدام وعصري وفعال‪ .‬وهكذا فقد برمجت الحكومة للفترة ‪2016-2012‬‬
‫إصالحا شامال لمراقبة وترشيد حكامة المنشآت والمؤسسات العمومية وتعميم النظام التعاقدي متعدد‬
‫السنوات بين الدولة والشركات والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار صدرت عدة مناشير للوزير األول كان آخرها منشور رقم ‪،9722002/13‬‬
‫و من الق اررات المهمة أيضا التي تهدف إلى تبسيط المساطر‪ ،‬من أجل أداء نفقات المؤسسات‬
‫‪973‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 2012‬المتعلق بتحديد‬ ‫العمومية قرار وزير االقتصاد و المالية رقم ‪780 -12‬‬
‫قائمة الوثائق و المستندات المثبتة ألداء نفقات المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية و‬
‫النوعية ‪ .‬وقد صدرت قائمة من الوثائق و المستندات المثبتة ألداء نفقات المؤسسات العمومية ملحقة‬
‫بهذا القرار محددة حسب نوعية كل نفقة و المقدمة من طرف اآلمرين بالصرف و اآلمرين بالصرف‬
‫المساعدين إلى الخزنة المكلفين باألداء ‪ ،‬وكذا األعوان المحاسبين‪ .‬و هذه الوثائق و المستندات لها‬
‫ثالثة حاالت وهي‪:‬‬

‫‪ -‬إما الوثائق و المستندات‪ ،‬الواجب اإلدالء بها من طرف اآلمر بالصرف أو اآلمر‬
‫المساعد بالصرف‪ ،‬المدعمة لعمليات نفقات المؤسسة العمومية التي يلتزم بها و يأمر بتنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬إما الوثائق و المستندات ‪ ،‬الواجب اإلدالء بها من طرف المستفيدين من النفقات‬


‫موضوع اإللتزام أو الدائنين إلثبات تبرئة الذمة‪.‬‬

‫مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2011‬الجزء الثالث‪ ،‬حكامة المنشآت العامة‪ ،‬ص ‪.90 :‬‬ ‫‪970‬‬

‫تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2012‬ص ‪.1116 :‬‬ ‫‪971‬‬

‫منشور الوزير األول رقم ‪ 2002/13‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪ ،2002‬حول سير أشغال مجالس اإلدارة ومجالس الرقابة واألجهزة التداولية األخرى‬ ‫‪972‬‬

‫للمؤسسات والمنشآت العامة‪.‬‬


‫‪973‬قرار وزير اإلقتصاد و المالية رقم ‪ 780/12‬صادر بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 2012‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6058‬بتاريخ ‪ 21‬يونيو‪. 2012‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ -‬إما الوثائق و المستندات ‪ ،‬الواجب اإلحتفاظ بها من طرف اآلمر بالصرف أو اآلمر‬
‫المساعد بالصرف المعني لإلدالء بها أمام أي جهاز رقابي طبقا لألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬

‫و يحتفظ اآلمرون بالصرف بأصل الوثائق المثبتة ‪،‬التي توجه إلى المحاسبين العموميين مشفوعة‬
‫بنسخ منها و التي يشهد اآلمر بالصرف بمطابقتها لألصل ‪ .‬وترجع الوثائق األصلية المذكورة‪ ،‬بعد‬
‫التحقق‪ ،‬إلى اآلمر بالصرف من أجل الحفظ‪.‬‬

‫كما تهدف هذه القائمة إلى وضع إطار مرجعي لآلمرين بالصرف و الخزنة المكلفين باألداء و‬
‫األعوان المحاسبين من أجل أداء نفقات المؤسسات العمومية‪ .‬و تشكل األوامر بالتسخير الصادرة‬
‫عن اآلمرين بالصرف بعد رفض معلل من طرف الخزنة المكلفين باألداء ‪ ،‬وثائق مثبتة للنفقات ‪،‬بناء‬
‫على مقتضيات المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت‬
‫العامة و هيئات أخرى ؛ و من طرف األعوان المحاسبين بناء على كل نص تشريعي أو تنظيمي‬
‫آخر يتعلق بهذا الموضوع‪.‬‬

‫فهذه النصوص والق اررات توجه و تسهل طرق الصرف و التحصيل على القائمين على هذه‬
‫المؤسسات العامة‪ ،‬حكم المهام المنوطة بهم في إطار حسن تدبير هذه الهيئات‪ ،‬ومن بين‬
‫المالحظات التي آثارها الوزير األول في المنشور رقم ‪ 2002/13‬المذكور أعاله و في نفس اإلطار‪:‬‬

‫‪ -‬عدم انتظامية االجتماعات والغياب المتكرر لألعضاء‪ ،‬وعدم احترام المعايير المتعلقة بتشكيل‬
‫مجالس اإلدارة‪ .‬وأكد أيضا على تفعيل دور األجهزة التداولية الذي يتجلى في تحديد التوجهات‬
‫اإلستراتيجية والحرص على مالءمة نشاط الهيئة مع المهام المنوطة بها بمقتضى النصوص‬
‫المحدثة لها تماشيا مع السياسة االقتصادية واالجتماعية المحددة من طرف الحكومة‪ ،‬ومع‬
‫الوزرات الوصية‪ .‬كما يجب على الجهاز التداولي أن‬
‫السياسة القطاعية المقررة من طرف ا‬
‫يقيم تدبير المسؤولين على ضوء النتائج التقنية واالقتصادية والمالية المحصلة‪ ،‬وبناء على‬
‫معايير محددة بكيفية مسبقة في عقود البرامج أو في المخططات المتعددة السنوات إن اقتضى‬
‫الحال ذلك‪.‬‬

‫كما حدد المنشور مهمة الجهاز التداولي في ميادين محددة منها ‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد السياسة العامة واألهداف اإلستراتيجية للهيئة وتتبع تنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬المصادقة على الوثائق األساسية‪ ،‬خاصة المخطط المتعدد السنوات‪ ،‬والميزانية‪ ،‬والهيكل‬
‫التنظيمي‪ ،‬والنظام األساسي الخاص بالمستخدمين‪ ،‬ونظام إبرام الصفقات واالقتراضات‬
‫وتخصيص النتائج‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫‪ -‬تحديد ومراقبة سياسة االستثمار التي يجب تدوينها في بيانات توقعية متعددة السنوات‪ ،‬علما‬
‫بأنه يتعين إبراز الجدوى التقنية والمردودية االقتصادية والمالية واالجتماعية وتقويتها بوضوح‬
‫بالنسبة للمشاريع االستثمارية الكبرى‪ ،‬مع السهر على مالءمة تركيبتها المالية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم النصح والمساعدة لمسيري المؤسسات والمنشآت العامة لتمكينهم من تحقيق الغايات‬
‫المرسومة لهم‪.‬‬

‫وعلى مستوى المسؤولية‪ ،‬فقد حمل المنشور المسؤولية لمديري المؤسسات والمنشآت العامة‬
‫من أجل تمكين الجهاز ال تداولي من تقييم جودة تسيير نتائج الطاقم المسير للمؤسسة أو المنشأة‬
‫العامة‪ .‬وهكذا فإن الوزير المكلف باالقتصاد والمالية باشتراك مع الوزير المكلف بالوصاية يقومان‬
‫بتوجيه رسائل توجيهية إلى كل مدير مؤسسة أو منشأة عامة بمناسبة تعيينه أو بمناسبة وقوع حدث‬
‫يؤثر في مسار الهيئة‪.‬‬
‫‪974‬‬
‫الصادرة عن الوزير األول وال‬ ‫فالمالحظة األساسية في هذا المجال هو أن ال المناشير‬
‫تقارير المجلس األعلى للحسابات قد ساهمت في عقلنة التدبير المالي للمقاوالت والمنشآت العمومية‬
‫بالمغرب‪ ،‬واإلشكالية األساسية التي الزالت تعتري تدبير ميزانية المؤسسات والمنشآت والمقاوالت‬
‫العمومية هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬إشكالية الحكامة التي تتجلى في كون هذه االختالالت التي يتم اكتشافها ترجع إما إلى غياب‬
‫الحكامة والشفافية في تدبير هذه المؤسسات أو إلى غياب أو إهمال أو عدم تفعيل دور‬
‫الهيئات التداولية وتهميشها من طرف المدراء المسيرين‪.‬‬

‫‪ -2‬إشكالية جودة اإلنفاق العمومي أو تبذيره من خالل ضرب المجهود المبذول من طرف الدولة‬
‫في مجال اإلستثمار في مختلف القطاعات‪ ،‬وبالتالي ال يتم مواكبة الجهد من طرف‬
‫المسيرين العموميين (المدراء اآلمرون بالصرف) من أجل تحسين جودة اإلنفاق العمومي‪.‬‬
‫وخير دليل هو ما قامت به المحاكم المالية من تقييم لمختلف المشاريع العمومية" التي‬
‫تنجزها المؤسسات والمقاوالت والمنشآت العامة‪ ،‬والسبب يرجع في بعض األحيان إن لم نقل‬
‫في غالب األحيان إلى النقص الحاصل في الموارد البشرية القادرة على التصور والتنفيذ‪،‬‬
‫أضف إلى ذلك إلى غياب ثقافة تدبيرية في معظم المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وكذا‬

‫المناشير رقم ‪/16‬د بتاريخ ‪ 3‬فبراير ‪ ،1987‬ورقم ‪/90‬د بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪ 1993‬ورقم ‪/92‬د بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪ ،1993‬ورقم ‪/9/94‬د بتاريخ ‪15‬‬ ‫‪974‬‬

‫يوليوز ‪ 1994‬ورقم ‪/22‬د بتاريخ ‪ 12‬يونيو ‪ ،1995‬ورقم ‪ 95/38‬بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 1995‬ورقم ‪ 96/5‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ ،1996‬منشور رقم ‪2002/13‬‬
‫بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪ 2002‬وأخي ار منشور رقم ‪ 2012/03‬المتعلق بحكامة المؤسسات والمنشآت العامة بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪.2012‬‬

‫‪358‬‬
‫‪975‬‬
‫الداخلية فيها مما يساهم في استفحال ظاهرة الفساد المالي واإلداري‬ ‫ضعف أنظمة الرقابة‬
‫نتيجة ميل بعض المسيرين إلى البحث عن تحقيق امتيازات خاصة على حساب المصلحة‬
‫‪976‬‬
‫ويبقى الحل المتاح هو الحكامة الجيدة من أجل تعزيز فاعلية تنفيذ السياسة‬ ‫العامة‪.‬‬
‫العامة المرسومة من طرف الدولة عبر بنود الميزانية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الفعالية في تنفيذ الميزانية‬


‫تعد الفعالية في تنفيذ الميزانية الهدف األساسي الذي تطمح إليه كل حكومة ‪ ،‬ففي إطار المالية‬
‫الحديثة لم يعد مبدأ التعادلية المرتكز على تحقيق التساوي العددي و الرقمي بين النفقات و اإليرادات‬
‫مجديا ‪ ،‬بل تم استبدال هذا المفهوم التقليدي بآخر بديل و حديث و المتمثل في" التوازن االقتصادي‬
‫العام "والتي تتجلى مظاهره في نظرية عصرية تسمى "نظرية الموازنة الدورية ‪Théorie du‬‬
‫‪"budget cyclique‬‬

‫و قد اتجهت مختلف الفعاليات التي شاركت في تحديد معالم القانون التنظيمي للمالية الجديد نحو‬
‫اقتراح إجراءات عملية بغية تحقيق التوازن المالي بالميزانية العامة عبر اعتماد قواعد مالية فعالة و‬
‫جديدة من أجل التحكم في التوازن الميزانياتي ‪ ،‬و وضع قواعد معيارية جديدة للنفقات من أجل‬
‫‪ ،‬كتحديد مستوى عجز الميزانية حسب معدل التضخم و معدل النمو‬ ‫‪977‬‬
‫التحكم في توازن الميزانية‬
‫المتوقع للسنة المعنية بمشروع قانون المالية ‪ ،‬وتحديد التوقعات السنوية لتكاليف التسيير بارتباط مع‬
‫معدالت النمو و التضخم المتوقعة للسنة المعنية بمشروع قانون المالية ‪،‬و بالرغم من أن هذا المبدأ‬
‫من الناحية النظرية قد أثبت فعاليته في بعض البلدان ‪ ،‬إال أنه في المغرب عمليا لم ينجح بعد نظ ار‬
‫لتشبث الدولة بتطبيق تقنية تمويل العجز باالقتراض أو عبر نفقات االستثمار ‪.‬‬

‫غالبا ما سوف يتضمن القانون التنظيمي للمالية الذي ننتظره في القريب العاجل والذي‬
‫‪978‬‬
‫مع‬ ‫سوف يرى النور حسب تصريح الوزير المنتدب لدى وزير االقتصاد والمالية المكلف بالميزانية‬

‫أنظر توصيات ومالحظات المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2009‬المدرجة في مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2011‬حول حكامة المنشآت‬ ‫‪975‬‬

‫العامة‪ .........................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.93 :‬‬


‫‪ -‬أنظر كذلك التقرير السنوي برسم سنة ‪ ،2007‬ص ‪.675 :‬‬
‫أتريدي محمد ‪" :‬الرقابة المالية للدولة على المقاوالت العمومية"‪ ،‬مقال منشور على الموقع ‪ http://www.marocdroit.com :‬بتاريخ‬ ‫‪976‬‬

‫‪.2012/06/25‬‬
‫يوسف الزوجال‪ :‬قراءة نقدية في محاور مشروع اصالح القانون التنظيمي للمالية بالمغرب على ضوء المستجدات التشريعية‪،‬منشورات مجلة الحقوق‬ ‫‪977‬‬

‫‪،‬سلسلة األعداد الخاصة ‪، 2013/6،‬ص‪.74:‬‬


‫بموجب المرسوم رقم ‪ 2.12.127‬الصادر في ‪ 7‬مارس ‪ 2012‬وبموجب المادة الثالثة منه تم إحداث منصب الوزير المنتدب لدى وزير االقتصاد‬ ‫‪978‬‬

‫والمالية المكلف بالميزانية‪ ،‬وهذا ما يعزز الميزانية العامة في الحياة االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والسياسية وحساسية المنصب الذي يتواله وزير هذا القطاع‬
‫الهام‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫أو السنة التي تليه‪ ،‬والذي يعتبر بمثابة الموجه‬ ‫دخول القانون المالي لسنة ‪ 2013‬حيز التنفيذ‬
‫المالي للدولة في مجال سياستها المالية و االقتصادية بحيث هو من يحدد شروط وشكل التدبير‬
‫المالي العمومي‪ ،‬وينظم القواعد العامة المتحكمة في المالية العمومية‪ ،‬كما يحدد مجاالت تدخل‬
‫واختصاصات الهيئات والمؤسسات الدستورية سواء على مستوى اإلعداد أو المناقشة أو التنفيذ‪.‬‬
‫فاإلجماع اليوم حاصل على كون القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7-98‬لسنة‪ 1998‬أصبح متجاو از‬
‫بالرغم من تتميمه وتعديله بالقانون رقم ‪ ،14-00‬بل أصبح اليوم عائقا أمام البرلمان والحكومة على‬
‫حد سواء بخصوص تحسين آليات وقواعد إعداد ودراسة وتنفيذ قوانين المالية‪ .‬ونأمل أن يتضمن‬
‫القانون التنظيمي للمالية القادم شروط التدبير الفعال للميزانية العامة‪ ،‬فالقانون التنظيمي الحالي‬
‫التأثير على‬ ‫أعطى دو ار هامشيا للبرلمان في مراقبة الشأن المالي العام‪ ،‬وبالتالي ضعف قدرة‬
‫‪979‬‬
‫مما يشوب‬ ‫الحكومة التي تستفرد بالبناء العام للميزانية‪ ،‬كما تسهر على تنفيذها بطرقها الخاصة‪،‬‬
‫تدبيرها القصور وضعف الفعالية في األداء والنتائج‪ .‬فما نأمله في القانون التنظيمي المرتقب هو‬
‫مسايرة روح الدستور الهادف إلى تحقيق الفعالية‪ ،‬وبالتالي يصير الهدف من صياغة السياسة العامة‬
‫في مجال المالية العامة هو تحقيق الفعالية في صرف النفقات العمومية المبنية على النتائج وليس‬
‫على الوسائل‪ ،‬فاإلعتمادات المالية سوف تصبح مقررة وفق برامج تنموية‪ ،‬األمر الذي سيسمح‬
‫بتجميع الوسائل المسخرة لتحقيق سياسة عمومية تحت سلطة قطاع معين يتولى مسؤولية القيادة‪.‬‬

‫فالدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬قد حقق طفرة نوعية في مجال تكريس دولة الحق والقانون‪ ،‬قوامها‬
‫المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة‪.‬‬

‫وفي مجال المرافق المحلية فإن المشرع المغربي مطالب اليوم بإصدار ميثاق للمرافق‬
‫العمومية المحلية من أجل تعزيز المكاسب الدستورية في مجال الحكامة الجيدة والفعالية والفاعلية‬
‫وكذا القوانين التنظيمية المتعلقة باختصاصات الجماعات الترابية ‪ ،‬فأي إغفال في هذا المجال سوف‬
‫يعد إقصاء للمسؤولين القائمين على الشأن العام المحلي ‪ ،‬فاليوم على المشرع محاولة إيجاد نقطة‬
‫التقاء للربط و التنسيق بين الميزانيات الممركزة قطاعيا و الميزانيات الجهوية مستقبال التي سوف‬
‫يسهر على تنفيذها اآلمرون بالصرف و المحاسبون العموميون ‪ ،‬وبين الميزانيات الترابية التي سوف‬
‫يتكلف بتنفيذها المنتخبون بالجماعات الترابية بغية إنجاح المخططات التنموية المسطرة في إطار‬
‫البرامج الحكومية و المشاريع الكبرى بين المركز و المحيط ‪.‬‬

‫لقد جاء في مشروع قانون ا لمالية لسنة ‪ 2013‬ص ‪ 132‬في مجال التأهيل والمصادقة وفتح اعتمادات إضافية خالل السنة المالية على أن القانون‬ ‫‪979‬‬

‫التنظيمي الحالي ‪ 7-98‬ينص على وجوب االلتزام بالنفقات واألمر بصرفها وأدائها في حدود االعتمادات المفتوحة‪ ،‬واستثناء من هذا المبدأ تنص المادة‬
‫‪ 43‬من هذا القانون على أنه ي مكن في حالة ضرورة ملحة ذات مصلحة وطنية‪،‬أن تفتح اعتمادات إضافية بمرسوم أثناء السنة تطبيقا للفصل ‪ 70‬من‬
‫الدستور لمواجهة حاجيات مستعجلة أو غير متوقعة أثناء إعداد الميزانية‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫أما بالنسبة لميثاق المرافق العمومية سيكون لها آثار هامة في الرقي بتدبير الشأن العام‬
‫سواء على الصعيد المركزي أو الترابي‪ ،‬حيث سيركز على تحديد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة‬
‫بتسيير الجماعات الترابية آخذا في االعتبار البعد الجهوي في الميثاق‪ .‬وهكذا فقد برمجت الحكومة‬
‫في مخططها التشريعي إصدار ميثاق للمرافق العمومية ‪ ،‬والجهات المعنية بإعداده هي و ازرة الوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬و ازرة الداخلية‪ ،‬االقتصاد والمالية وو ازرة الشؤون العامة والحكامة‪.‬‬

‫وبالتالي ينبغي أن يقوم هذا الميثاق على حسن التنظيم والتعاون وتوزيع المسؤوليات بين الوحدات‬
‫الترابية والمركز لتحقيق الفعالية والجودة في تقديم الخدمات‪ ،‬واعتماد رؤية استراتيجية في البرامج‬
‫التنموية‪ ،‬خصوصا بعد منح الجماعات الترابية وفي مقدمتها الجهات موارد مادية ذاتية وأخرى‬
‫مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كما أن نقل الدولة ألي اختصاص لهذه الجهات والجماعات الترابية سوف‬
‫‪980‬‬
‫يكون مقرونا بالموارد المالية الالزمة للتمويل‪.‬‬

‫فبإصدار ميثاق لتدبير المرافق العمومية سيزيد من تعزيز الحكامة بصفة عامة والحكامة‬
‫‪981‬‬
‫المتعلقة بالجماعات الترابية‬ ‫المحلية بصفة خاصة المحلية‪ ،‬كما أن إصدار القوانين التنظيمية‬
‫سيعزز الديمقراطية المحلية والحكامة الترابية‪ ،‬فالفصل ‪ 138‬من الدستور يحتاج إلى قانون تنظيمي‬
‫لتحديد شروط تنفيذ رؤساء مجالس الجهات ورؤساء الجماعات الترابية األخرى لمداوالت المجلس‬
‫ومقرراتها‪ ،‬وكذلك شروط تقديم العرائض المنصوص عليها في الفصل ‪ 139‬من الدستور‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى النظام المالي للجهات والجماعات الترابية األخرى ومصادر الموارد المالية للجهات والجماعات‬
‫الترابية األخرى‪...‬إلخ‪.‬‬

‫فإصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية من شأنه أن يعزز الديمقراطية‬


‫المحلية كنمط لتدبير الشؤون المحلية للساكنة‪ ،‬ولترسيخ الحكامة الترابية والمجالية كأداة حديثة لتوزيع‬
‫وتقاسم االختصاصات بين كل من الدولة والجماعات والهيئات الترابية‪ .‬وهذه القوانين مبرمجة في‬
‫المخطط التشريعي المقدم من طرف الحكومة سنة ‪ 2013‬ويمكن أن يقسم المشرع هذه المقتضيات‬
‫إلى قانونين تنظيميين‪ ،‬يخص األول الجهوية الموسعة‪ ،‬فيما يخص الثاني الجماعات الترابية األخرى‪.‬‬

‫أما فيما يخص المؤسسات والمنشآت العامة‪ ،‬وتنزيال لمقتضيات الدستور الجديد المتعلق‬
‫‪982‬‬
‫يتعلق بحكامة المؤسسات والمنشآت‬ ‫بربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬فقد أصدر رئيس الحكومة منشو ار‬
‫العامة في ‪ 19‬مارس من سنة ‪ 2012‬من خالل وضع ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات‬

‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 141‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪980‬‬

‫الفصل ‪ 146‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪981‬‬

‫منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/3‬بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 2012‬حول حكامة المؤسسات والمنشآت العامة‪.‬‬ ‫‪982‬‬

‫‪361‬‬
‫والمنشآت العامة‪ ،‬يتحدد فيه الممارسات التي يتعين اعتمادها من أجل تقوية دور المجالس التداولية‬
‫لهذه الهيئات ومهنيتها وتجسيد مبدأ الربط بين مسؤولية المسيرين والمحاسبة‪ ،‬وكذا تحديث أدوات‬
‫تسيير المنشأة وتعزيز الشفافية والتواصل والتشاور‪.‬‬

‫وفي إطار الفعالية في التنفيذ وإشكالية القوانين التنظيمية‪ ،‬البد من التطرق إلى إشكال آخر‬
‫دستوري آثاره مشروع قانون المالية السنوي لسنة ‪ 2012‬وسوف نتناول اإلشكال من زاويتين األولى‬
‫حول تطبيق القانون التنظيمي القديم على نصوص دستورية حديثة‪ ،‬ونفس الطرح بالنسبة للقانون‬
‫المالي لسنة ‪ 2013‬والثانية من خالل الجدول الزمني للتصويت على الميزانية أو فتح االعتمادات‬
‫بمرسوم‪ .‬إال أن الحكومة قد وضعت حال لها من خالل مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2013‬بتطبيق‬
‫الفصل ‪ 70‬من الدستور والفصل ‪ 43‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7-98‬وذلك بفتح اعتمادات‬
‫إضافية بمرسوم أثناء السنة المالية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬لقد طرح مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2012‬إشكاال مسطريا وقانونيا‪ ،‬بحيث جاء‬
‫مشروع هذا القانون في إطار وضعية انتقالية عرفها المغرب بعد صدور الدستور الجديد لسنة ‪2011‬‬
‫بعد استفتاء شعبي‪ ،‬بحيث عرف مشروع القانون المالي لسنة ‪ 2012‬مجموعة من المحطات كان‬
‫أبرزها‪ ،‬إيداعه لدى مجلس النواب عن طريق المرسوم رقم ‪ 211-555‬بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪2011‬‬
‫الذي دعا مجلس النواب ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية‪ ،‬ليتم بعد ذلك إيداعه لدى مجلس‬
‫النواب بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ 2011‬بدون أن يعرف طريقه إلى لجنة المالية والتنمية االقتصادية من‬
‫‪983‬‬
‫لتقوم بإيداع هذا المشروع مرة أخرى في إطار‬ ‫أجل دراسته‪ ،‬وبعد ذلك جاء دور الحكومة الجديدة‬
‫دورة استثنائية عن طريق المرسوم رقم ‪ 2.12.124‬الصادر في ‪ 9‬مارس ‪ 2012‬بدعوة مجلس النواب‬
‫ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية ثانية‪.‬‬

‫وبعد كل هذه المراحل الماراطونية‪ ،‬جاء اإلشكال المتمثل في تطبيق القانون التنظيمي‬
‫للمالية القديم رقم ‪ 7-98‬على القانون المالي لسنة ‪ 2012‬في ظل دستور جديد بمضامين جديدة‪،‬‬
‫على الرغم‬ ‫‪985‬‬
‫لقانون المالية يستمد أحكامه وشرعيته من دستور ‪ 1996‬الملغى‬ ‫‪984‬‬
‫فالقانون التنظيمي‬
‫من أن دستور ‪ 2011‬جاء بمجموعة من المقتضيات الجديدة‪ ،‬كما أنه استغنى عن العديد من‬
‫المقتضيات التي كان منصوصا عليها في دستور ‪ .1996‬ومن هذه المقتضيات المادة ‪ 32‬من‬

‫حكومة السيد ابن كيران تم تعيينها بالظهير الشريف رقم ‪ 1.12.01‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2012‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6009‬مكرر بتاريخ‬ ‫‪983‬‬

‫‪ 4‬يناير ‪.2012‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.98.138‬صادر بتاريخ ‪ 26‬نونبر ‪ 1998‬المتعلق بتنفيذ القانون التنظيمي للمالية كما وقع تتميمه وتغييره بالقانون التنظيمي‬ ‫‪984‬‬

‫رقم ‪.14.00‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.157‬المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر ‪.1996‬‬ ‫‪985‬‬

‫‪362‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 7-98‬التي تنص على أنه ‪" :‬يتولى الوزير المكلف بالمالية تحضير مشاريع‬
‫قوانين المالية تحت سلطة الوزير األول"‪ ،‬فمؤسسة الوزير األول لم تعد مذكورة في الدستور الجديد بل‬
‫نص على مؤسسة رئيس الحكومة‪ .‬كما أن الفصل ‪ 84‬في فقرته الثانية يتحدث عن التصويت‬
‫النهائي من طرف مجلس النواب باألغلبية المطلقة ألعضائه الحاضرين‪ ،‬أي األغلبية النسبية وليست‬
‫األغلبية الموصوفة كما هو منصوص عليه في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 34‬من القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ .7-98‬أضف إلى ذلك أن الفقرة األولى من المادة ‪ 35‬التي تحيل على أحكام الفصل ‪ 50‬من‬
‫دستور ‪ 1996‬حيث تنص هذه الفقرة على أنه ‪" :‬إذا لم يتم في ‪ 31‬دجنبر وفقا ألحكام الفصل ‪50‬‬
‫من الدستور‪ ،‬التصويت على قانون المالية للسنة أو صدور األمر بتنفيذه بسبب إحالته على المجلس‬
‫الدستوري طبقا للفصل ‪ ،81‬فإن الحكومة تفتح بمرسوم االعتمادات الالزمة‪ ،"...‬أما فيما يخص‬
‫التوازن المالي فقد نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 40‬من القانون التنظيمي السابق الذكر على أنه ‪:‬‬
‫"تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 51‬من الدستور‪ ،‬يتم بقوة القانون حذف أو رفض المواد اإلضافية أو‬
‫التعديالت الرامية‪ ،‬إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في‬
‫تكليف موجود"‪ .‬فكانت الحكومة دائما ترجع إلى الفصل ‪ 51‬وبشكل متعسف ومبالغ فيه "الفيتو‬
‫الحكومي" لكي ترفض التعديالت التي يتقدم بها النواب بالبرلمان‪ .‬وفي مجال دراسة قوانين المالية فقد‬
‫نصت المادة ‪ 33‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 7-98‬على أنه‪" :‬يودع مشروع قانون المالية للسنة‬
‫بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أبعد تقدير‪."...‬‬
‫وبالتالي كان للحكومة الخيار في تقديم قانون المالية ألحد المجلسين باألسبقية‪ ،‬أما اليوم وحسب‬
‫أحكام الفقرة األولى من الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬لم يبق هذا الخيار ممكنا للحكومة‪ ،‬وبالتالي‬
‫ألزم المشرع الدستوري الحكومة بتقديم مشروع قانون المالية أمام مجلس النواب باألسبقية‪ ،‬وبالتالي‬
‫عزز المشرع من اختصاصات المؤسسة التشريعية بعدما كان دورها مهمشا وثانويا‪.‬‬

‫كما نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 34‬من قانون ‪ 7-98‬على أنه ‪" :‬إذا لم تتمكن اللجنة‬
‫الثنائية المختلطة من اقتراح نص مشترك أو إذا لم يقر المجلسان النص الذي اقترحته تعرض‬
‫الحكومة على مجلس النواب مشروع قانون المالية بعد أن تدخل عليه عند االقتضاء ما تتبناه من‬
‫التعديالت المقترحة خالل المناق شة البرلمانية‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يمكن لمجلس النواب أن يقر نهائيا‬
‫النص المعروض عليه‪ ،‬إال باألغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم"‪ .‬أما الدستور الجديد فقد‬
‫جاء بمنظور مغاير وأصبحت الحكومة مطالبة ببيان األسباب إثر رفضها ألي مقترح أو تعديل يتقدم‬
‫به أعضاء البرلمان‪ ،‬إذا كان قبول هذه التعديالت يؤدي بالنسبة لقانون المالية‪ ،‬إما إلى تخفيض‬

‫‪363‬‬
‫‪986‬‬
‫وبالتالي يتجلى‬ ‫الموارد العمومية‪ ،‬أو إلى إحداث تكليف عمومي‪ ،‬أو الزيادة في تكليف موجود‪.‬‬
‫عدم االنسجام إن لم نقل التناقض بين القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬ودستور ‪.2011‬‬

‫ثانيا ‪ :‬لقد نص الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬في الفقرة ما قبل األخيرة على أنه ‪" :‬إذا لم‬
‫يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية‪ ،‬أو لم يصدر األمر بتنفيذه بسبب إحالته‬
‫‪987‬‬
‫على المحكمة الدستورية‪ ،‬تطبيقا للفصل ‪ 132‬من الدستور‪ ،‬فإن الحكومة تفتح بمرسوم‬
‫االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية‪ ،‬والقيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬على أساس ما هو مقترح‬
‫في الميزانية المعروضة على الموافقة"‪.‬‬

‫فما يمكن قوله في حالة القانون المالي لسنة ‪ 2012‬أنه استثنائي بكل المقاييس فكان من‬
‫المفروض أن يكون مشروع القانون المالي لسنة ‪ 2012‬أمام أنظار البرلمان للتصويت عليه قبل نهاية‬
‫السنة المالية‪ ،‬ال أن يتم إيداعه ثم سحبه قبل أن يحال على لجنة المالية والتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫فمشروع القانون المالي لسنة ‪ 2012‬والعتبارات سياسية لم يتم مناقشته فعليا من طرف مجلس النواب‬
‫‪988‬‬
‫األسبقية فيما يخص مشاريع قوانين المالية‪ ،‬إال بعد إيداعه بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪2012‬‬ ‫الذي له حق‬
‫بعد أن طلب رئيس الحكومة عقد دورة استثنائية للبرلمان بمرسوم‪ ،‬على عكس القانون المالي لسنة‬
‫‪ 2013‬الذي مر حسب القواعد المنصوص عليها قانونا ووفق أجندة مضبوطة‪989‬و تم تنفيذه بظهير‬
‫شريف رقم ‪ 1-12-57‬بتاريخ ‪ 28‬دجنبر‪.2012‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التنفيذ المرتكز على مبدأي الشفافية والمسؤولية‪.‬‬


‫إذا كانت المبادئ والقواعد الدستورية المرتبطة بتدبير الميزانية العامة من خالل قوانين‬
‫المالية‪ ،‬قد عرفت تطورا‪ ،‬وتبلورت التجربة أكثر مع صدور المبادئ الجديدة المنصوص عليها في‬
‫دستور ‪ 2011‬الذي تميز بتكريس قيم الشفافية والمسؤولية والمحاسبة في كل ما يخص تدبير المال‬
‫العام من طرف المتصرفين فيه‪ ،‬إال أن الصعوبة سوف تكمن في تنزيل هذه المبادئ والمقتضيات‬
‫على أرض الواقع ومحو اآلثار السلبية لطرق التدبير القديمة‪ .‬وسوف نتطرق لبعض هذه المبادئ‬

‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 77‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪986‬‬

‫لقد أصدرت الحكومة المرسوم رقم ‪ 2.11.745‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬من أجل فتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام‬ ‫‪987‬‬

‫المنوطة بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6008‬مكرر بتاريخ فاتح يناير ‪.2012‬‬


‫وقد استمر هذا المرسوم إلى غاية صدور الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.10‬بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ 2012‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 22-12‬للسنة المالية ‪2012‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6048‬بتاريخ ‪ 17‬ماي ‪.2012‬‬
‫الفصل ‪ 75‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪988‬‬

‫لقد تم إيداع مشروع القانون المالي لسنة ‪ 2013‬بمجلس النواب بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2012‬محترما بذلك المقتضيات واآلجال الدستورية والقانونية‪،‬‬ ‫‪989‬‬

‫حسب بالغ و ازرة االقتصاد والمالية دخل حيز التنفيذ بعد نشره بالجريدة السمية عدد ‪ 6113‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2012‬‬

‫‪364‬‬
‫الهامة التي جاءت في فصول الدستور الصادر في سنة ‪.2011‬‬

‫وهكذا فقد حدد الفصل ‪ 154‬من الدستور الحالي المبادئ األساسية للحكامة المالية الجيدة‬
‫من خالل معايير الجودة‪ ،‬الشفافية‪ ،‬المسؤولية والمحاسبة‪ ،‬كما ألزم الفصل ‪ 155‬المتصرفين‬
‫والمسؤولين عن المرافق العمومية باحترام القانون والحياد والنزاهة والشفافية والمسؤولية في تدبير‬
‫المصلحة العامة (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫كما ألزم الفصل ‪ 156‬جميع المرافق العمومية من مؤسسات الدولة والجماعات الترابية‬
‫بتقديم الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬كما أنها أصبحت خاضعة للمراقبة والتقييم من طرف‬
‫مؤسسات الرقابة المختصة التي خضعت لعدة إصالحات (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشفافية والمسؤولية في تدبير المالية العمومية‬


‫تتمثل الشفافية المالية في اطالع المواطنين و نواب األمة على المعلومات المتعلقة بكل‬
‫األنشطة المالية التي تقوم بها السلطة التنفيذية بحيث ينص الفصل ‪ 13‬من دستور ‪ 2011‬على" أن‬
‫تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور ‪ ،‬قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين ‪،‬‬
‫في إعداد السياسات العمومية و تفعيلها و تنفيذها و تقييمها"‪ .‬فعند تقديم الحكومة لمشروع قانون‬
‫المالية السنوي من خالل عرض مختلف توقعاتها لصرف النفقات‪ ،‬و استخالص الموارد مع إبراز و‬
‫تحديد األهداف و الفجوة بين التوقع و الحقيقة‪.‬‬

‫و من هنا جاءت المبادرة إلصالح المالية العمومية من خالل تعزيز إصالح تدبير‬
‫الميزانية في إطار مسلسل تحديث اإلدارة الذي يشكل بدوره أحد المحاور األساسية للبرامج الحكومية‬
‫التي سطرتها ضمن أولوياتها‪ ،‬وهكذا فقد اختار المغرب تفعيل مقاربات جديدة لتحديث اإلدارة والعمل‬
‫اإلداري‪ ،‬ومنها قوانين المالية والميزانية‪.‬‬

‫وهكذا احتلت المالية العمومية على مستوى النص الدستوري الحالي المكانة الهامة والمتميزة‬
‫‪990‬‬
‫حول تخليق الحياة العامة‪ ،‬وإعمال مبدأ المسؤولية‬ ‫خاصة وأن تدبيرها يوجد في قلب النقاش‬
‫والمحاسبة‪ ،‬واعتماد قواعد ومبادئ الحكامة الرشيدة‪.‬‬

‫وفي انتظار إخراج قانون تنظيمي للمالية جديد يليق بالمرحلة‪ ،‬ويتماشى مع منظور المشرع‬
‫الدستوري‪ ،‬يبقى تدبير المرحلة الفاصلة صعبا للغاية نظ ار لغياب الخطوط العريضة لإلصالح‪ .‬وعلى‬

‫على سبيل المثال انظر أشغال الدورة السادسة للمنتدى الدولي حول المالية العمومية المنظم حول موضوع ‪" :‬شفافية المالية العمومية نحو نموذج‬ ‫‪990‬‬

‫جديد" المنظم من طرف و ازرة االقتصاد والمالية والمؤسسة الدولية للمالية العامة بدعم من المجلة الفرنسية للمالية العمومية "‪ "FONDAFIP‬بتاريخ ‪07‬‬
‫و‪ 08‬شتنبر ‪ 2012‬منشور بمجلة المالية عدد ‪ 2012/51‬بالفرنسية‪ ،‬ص ‪ 4 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫‪991‬‬
‫هذا األساس‪ ،‬اتخذت ا لحكومة عدة إجراءات وتدابير تدريجية وانتقالية في انتظار جاهزية القوانين‬
‫التنظيمية المنصوص عليها في دستور ‪ .2011‬وهكذا فقد قامت مصالح و ازرة المالية واالقتصاد‬
‫بإدراج مجموعة من اإلجراءات التي شكلت مدخال أساسيا من مداخل اإلصالح المتعلق بتدبير‬
‫المالية العمومية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فقد تم العمل على تخفيف وتبسيط الرقابة المالية القبلية مع تعزيز‬
‫الرقابة الداخلية والرقابة البعدية على تنفيذ الميزانية‪ ،‬ثم إدخال البعد الجهوي في ميزانية الدولة‪ ،‬ودمج‬
‫‪992‬‬
‫العامة للمملكة ومصالح المراقبة العامة لاللتزام بنفقات الدولة‪ ،‬وخلق الخزائن‬ ‫مصالح الخزينة‬
‫الو ازرية وتكريس مبدأ شمولية االعتمادات‪ ،‬وقد تواصل هذا اإلصالح عبر تخفيف مراقبة التطابق‬
‫‪993‬‬
‫وفي هذا اإلطار شملت اإلجراءات بلورة مبدأ الوسيط الوحيد لآلمرين‬ ‫وتعزيز مراقبة األداء‪.‬‬
‫‪994‬‬
‫المعلوماتية‬ ‫بالصرف‪ ،‬والعمل بالمراقبة المكيفة للنفقات والمراجعة الجذرية للمسلسل واألنظمة‬
‫لتعزيز نظام الحماية‪ .‬في تبادل المعلومات والعمليات المالية إلكترونيا‪.‬‬

‫وبصفة عامة تمحورت بوادر اإلصالح التي همت المالية العمومية حول األمور التالية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬عدم تركيز االعتمادات ‪:‬‬

‫على الرغم من اإلجراءات التي تم العمل بها مؤخ ار كتخفيف المراقبة والوصاية من قبل‬
‫المركز ونقلها إلى الوحدات الالمتمركزة فإنه مازال يتعين رفع مستوى عدم تركيز االعتمادات تطبيقا‬
‫لمبدأ النفقات التكميلية‪ ،‬ويجب أن يترسخ لدى السلطات العمومية بشكل تدريجي بأن التدبير‬
‫الالمتمركز هو األساس والتدبير المركزي هو االستثناء‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم اقتراح بعض اإلجراءات‬

‫ويتعلق األمر بالنصوص والتدابير التشريعية التالية ‪:‬‬ ‫‪991‬‬

‫مشاريع القوانين التنظيمية الواجب إعدادها داخل اآلجال الدستورية المحددة في (‪ )5‬سنوات‪ ،‬والتي يصل عددها إلى (‪ )12‬قانونا تنظيميا‪ ،‬من‬ ‫أ‪-‬‬
‫أصل (‪ )17‬قانونا تنظيميا‪.‬‬
‫ب‪ -‬التدابير التشريعية الواجب اتخاذها من أجل مراجعة ومالءمة عدد من التشريعات الحالية مع أحكام الدستور‪ ،‬وتهم (‪ )14‬مجاال تشريعيا‪.‬‬
‫ج‪ -‬التدابير التشريعية الواجب اتخاذها في شكل قوانين جديدة لتطبيق مقتضيات دستورية خاصة‪ ،‬وتهم (‪ )5‬مجاالت تشريعية‪.‬‬
‫د‪ -‬قائمة القوانين الجديدة الواجب اتخاذها والمتعلقة بمؤسسات الحكامة‪ ،‬ويتعلق األمر بـ(‪ )10‬قانونا منها (‪ )7‬قوانين تهم مؤسسات قائمة‪ ،‬و(‪)4‬‬
‫قوانين تهم مؤسسات تم إحداثها بموجب دستور ‪.2011‬‬
‫كما حدد الفصل ‪ 71‬من دستور ‪ ) 30( 2011‬مجاال يتعين اتخاذ تدابير تشريعية من أجل تطبيق كامل ألحكام الدستور‪ ،‬للمزيد من االطالع يمكن‬
‫الرجوع إلى حصيلة األمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2012‬المنشور على موقعها اإللكتروني التالي ‪ www.sgg.gov.ma :‬وكذلك مسودة المخطط‬
‫التشريعي للحكومة للسنوات الخمس القادمة‪.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.06.52‬الصادر في ‪ 13‬فبراير ‪ ،2006‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬ ‫‪992‬‬

‫‪ 993‬للتوسع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى مقال األستاذ رشيد الموساوي حول ‪:‬‬
‫‪« Le nouveau dispositif du contrôle budgétaire et du contrôle de validité des dépenses institué par le décret portant‬‬
‫‪règlement de la comptabilité publique des collectivités locales du 18 février 2010 ».‬‬
‫‪Revue de droit et d’économie n°10/2011, Tangis, Faculté de droit, Tanger, p : 9 et suite.‬‬
‫‪ 994‬أنظر تفاصيل اختالس مليار سنتيم من الخزينة اإلقليمية ألزيالل خالل يونيو ‪ 2010‬حيث قام بهذه العملية موظف انطالقا من منزله باستعمال‬
‫االنترنت بعد أن تمكن من اختراق نظام الحماية المعلوماتية "‪ "GID‬الذي يتميز بحماية ضعيفة‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬جريدة العلم ليوم ‪ 2010/06/15‬العدد ‪.21658 :‬‬

‫‪366‬‬
‫البسيطة التي جاء بها فريق العمل و ازرة المالية والبنك الدولي‪ ،‬والذي يرمي إلى دعم القدرات التدبيرية‬
‫‪995‬‬
‫حيث يمكن لهذه‬ ‫لآلمرين بالصرف المساعدين وهو ما تم الشروع فيه في إطار تخفيف المراقبة‪.‬‬
‫الجهود أن تكلل بالنجاح إذا ما انخرطت فيه جميع الو ازرات بدعم من السلطات السياسية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجب أن يرافق عدم التركيز عملية الالمركزية كما أكدت على ذلك الرسالة الملكية الموجهة إلى‬
‫الوزير األول حول التدبير الالمتركز لالستثمار بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ .2002‬وعلى المستوى المؤسساتي‬
‫سوف يتم إعداد مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وباقي الوحدات الترابية في‬
‫إطار الالتركيز والالمركزية وكذا إصالح أساليب الرقابة بها‪.‬‬

‫ب‪ -‬إصالح المراقبة القبلية في انتظار إلغائها ‪:‬‬

‫كل الميزانيات العامة أو المحلية كانت تخضع ألنظمة رقابة متعددة منها القبلية والبعدية‬
‫‪996‬‬
‫بالمؤسسات العمومية‪ .‬وهذا‬ ‫والمواكبة والجدول التالي يوضح أجهزة المراقبة حسب نوعية الهيئات‬
‫أبسط إجراءات المراقبة فما بالك بإجراءات ميزانية الدولة والجماعات الترابية ؟‬
‫مراقبة قبلية أو مراقبة مواكبة‬
‫موافقة وزير المالية على‬ ‫الخازن المكلف‬
‫مراقب الدولة‬ ‫نوعية المراقبة‬ ‫المنشأة‬
‫العمليات اإلستراتيجية‬ ‫باألداء‬
‫مؤسسات‬
‫نعم الموافقة على عمليات‬ ‫نعم مع سلطة‬
‫نعم‬ ‫مراقبة قبلية‬ ‫عامة غير‬
‫متعددة‬ ‫التأشير‬
‫مؤهلة‬
‫نعم بدون سلطة‬
‫نعم الموافقة على عمليات‬ ‫مؤسسات‬
‫التأشير إال‬ ‫ال‬ ‫مراقبة مواكبة‬
‫محدودة‬ ‫عامة مؤهلة‬
‫استثناء‬
‫نعم بدون سلطة‬ ‫شركات الدولة‬
‫نعم الموافقة على عمليات‬
‫التأشير إال‬ ‫ال‬ ‫ذات المساهمة مراقبة مواكبة‬
‫محدودة‬
‫استثناء‬ ‫المباشرة‬
‫المصدر‪ :‬مديرية المنشآت العامة والخوصصة بو ازرة االقتصاد و المالية‪.‬‬

‫فإصالح المراقبة المالية أصبح ضرورة حتمية‪ ،‬نظ ار لما تتميز به هذه المنظومة من هيمنة‬
‫وروتين وبطء وبيروقراطية ال تتماشى مع السرعة في اتخاذ القرار من أجل تسريع وتيرة النمو‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ .‬وبالتالي أصبح اليوم لزاما على كل المتدخلين في تدبير النظام المالي‬

‫أنظر قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2.292.08‬صادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ 2008‬حول تحديد النظام المرجعي الفتحاص الكفاءة التدبيرية للمصالح‬ ‫‪995‬‬

‫اآلمرة بالصرف‪.‬‬
‫و ازرة االقتصاد و المالية والخوصصة‪ ،‬مديرية المنشآت العامة والخوصصة‪ ،‬نظرة عامة عن القانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة‬ ‫‪996‬‬

‫على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ص ‪.3 :‬‬

‫‪367‬‬
‫العمومي وضع نظام مراقبة مالئم يليق بمستوى الكفاءة التدبيرية لآلمرين بالصرف‪ ،‬وحلول المراقبة‬
‫‪997‬‬
‫والمراقبة البعدية‪ ،‬باستثناء بعض األنواع من الصفقات العمومية التي‬ ‫القبلية محل المراقبة الداخلية‬
‫يجب أن تبقى خاضعة للمراقبة القبلية نظ ار لتأثيرها على االقتصاد الوطني وحساسيتها المفرطة‬
‫بالنسبة للصفقات التي‬ ‫‪998‬‬
‫والمبالغ الكبيرة المخصصة لها‪ .‬وهكذا تكون المراقبات والتدقيقات إجبارية‬
‫يتجاوز مبلغها خمسة ماليين ‪ 5.000.000‬درهم مع احتساب الرسوم‪ ،‬وبالنسبة للصفقات التفاوضية‬
‫التي يتجاوز مبلغها مليون‪ 1.000.000‬درهم مع احتساب الرسوم‪.‬‬

‫ويجب أن تكون المراقبات والتدقيقات موضوع تقرير يرفع إلى الوزير المعني األمر بالنسبة‬
‫لصفقات الدولة‪ ،‬أو مدير المؤسسة العمومية المعنية بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫والهدف من ذا وذاك هو تدعيم آليات الشفافية والنزاهة وتخليق تدبير الصفقات العمومية‬
‫عبر إدخال المعايير التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد محتوى افتحاص الصفقات وأسقف الصفقات المعنية بالنسبة للدولة والمؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها‪.‬‬

‫‪ -‬تأكيد منع وجود تعارض المصالح في مجال الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد محتوى وكيفيات نشر البرامج التوقعية للصفقات المعلن عنها من طرف صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬وذلك من أجل تفعيل أكبر لهذه اآللية في أفق تدعيم أكثر للشفافية وتدبير الطلبيات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد أجل الثالثة أشهر لتحضير تقارير انتهاء تنفيذ الصفقات وتحديد السلطات التي ترسل‬
‫إليها هذه التقارير‪.‬‬

‫فإصالح نظام الصفقات العمومة مدرج بالمخطط التشريعي للحكومة الحالية باإلضافة إلى‬

‫سعيد جفري ‪" :‬تدبير المالية العمومية"‪ ................................... ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.251 :‬‬ ‫‪997‬‬

‫أنظر مشروع المرسوم الذي هيأته و ازرة االقتصاد والمالية المتعلق ب الصفقات العمومية‪ ،‬وينتظر اإلفراج عنه قريبا‪ ،‬توجد نسخة منه على بوابة و ازرة‬ ‫‪998‬‬

‫المالية‪ ،‬ص ‪ 106 :‬و قد تمت مناقشة هذا المشروع في مجلس حكومي حالل دجنبر ‪. 2012‬‬
‫ويشكل هذا المرسوم المتعلق بإصالح الصفقات العمومية موضوع مقاربة منهجية تتويجا الستشارة موسعة تم إطالقها منذ ‪ 2009‬مع الفاعلين‬
‫األساسيين والشركاء المعنيين بالطلبات العمومية‪ ،‬سواء كانوا مشترون عموميون أو مقاوالت أو فيدراليات المقاوالت أو مجتمع مدني أو هيئات مراقبة أو‬
‫مؤسسات دولية متدخلة في مجال الصفقات العمومية‪.‬‬
‫كما تم إغناء مسار االستشارة بمداخالت ونقاشات وتوصيا ت المناظرة الوطنية للصفقات العمومية المنظمة في أبريل ‪ ،2009‬والتي كان أحد أهدافها‬
‫األساسية الوصول إلى تحديد المحاور الرئيسية إلصالح الصفقات العمومية على ضوء االختالالت والنقائص المالحظة على مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪.2007‬‬
‫كما انبنى هذا اإلصالح على اقتراحات و ازرة الداخ لية المتعلقة بخصوصيات الجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬وعلى بعض األنظمة الداخلية المنظمة‬
‫لصفقات المؤسسات والمقاوالت العمومية باإلضافة إلى اقتراحات الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين المتعلقة بأعمال الهندسة المعمارية‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫إصالحات أخرى موازية تهم المراقبة و المحاسبة و التدقيق المالي و اإلداري‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إصالح نظام المراقبة من خالل التدقيق المالي‬


‫ويهدف هذا اإلصالح إلى إدخال مزيد من المرونة والفعالية في تنفيذ النفقات العمومية‬
‫ومالءمة نظام المراقبة مع المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية المرتكزة‪999‬على النتائج‪ .‬كما تواصل‬
‫إصالح المراقبة والتدقيق المالي بشكل مضطرد منذ ‪ 2003‬إلى اليوم على المستويين الداخلي‬
‫والخارجي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬على مستوى التدقيق الداخلي ‪:‬‬

‫بالنسبة للتدقيق الداخلي ‪ ،‬تتواله عدة أجهزة منها ما ينتمي إلى جسم و ازرة المالية كالمفتشية‬
‫العامة للمالية و مراقبة اإللتزام بنفقات الدولة و مصالح الخزينة العامة ‪ ،‬و أخرى ال تنتمي إلى هذا‬
‫القطاع كمكاتب الدراسات المتخصصة في الشؤون المالية و اإلقتصادية‪ ،‬كبنك المغرب و المجلس‬
‫االقتصادي و االجتماعي و البيئي ‪ ،‬وهيئات المجتمع المدني المهتمة بالشأن العام و حماية المال‬
‫العام‪.‬‬

‫فهذا التدقيق الرقابي مهم جدا على مستوى المراقبة و التفتيش ‪،‬وقد شهدت إدارة التدقيق‬
‫المالي بمصالح المحاسبة بالخزينة العامة للمملكة تطو ار ملحوظا‪ ،‬حيث انتقلت من المفهوم التقليدي‬
‫للتفتيش إلى التدقيق المالي من خالل تطوير الوسائل البشرية‪ ،‬وأدوات التدقيق‪ ،‬وتواصل هذا‬
‫اإلصالح عبر تخفيف مراقبة التطابق وتعزيز مراقبة األداء بحيث ابتداء من فاتح يناير ‪ 2012‬تم‬
‫تطبيق مراقبة مخففة تدعى "مراقبة تراتبية ‪."Contrôle modulé de la dépense‬‬

‫ومن جانب آخر فقد عرفت المفتشة العامة للمالية "‪ "I.G.F‬في السنين األخيرة تطو ار كبي ار‬
‫من خالل اعتماد أفضل الممارسات المتعارف عليها دوليا في مجال التدقيق‪ ،‬وهذا باعتراف المجلس‬
‫‪1000‬‬
‫السنوية على أن المحاكم المالية ال تدعي‬ ‫األعلى للحسابات الذي صرح في إحدى تقاريره‬
‫االحتكار في ميدان التدقيق والمراقبة‪ ،‬بل يشاركها في ذلك متدخلون آخرون في إشارة واضحة إلى‬
‫المفتشية العامة للمالية والمفتشيات الو ازرية األخرى‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد رسمت اإلدارة المالية المكلفة بالتدقيق المالي بمصالح الخزينة خطة إستراتيجية‪،‬‬
‫جعلت منها المفتشية العامة للمالية إطا ار منسجما لبرامج تدخالتها في مجال التدقيق والمراقبة‪ ،‬ونظ ار‬

‫مذكرة إخبارية حول موضوع ‪ :‬اإلصالح الجذري للسلطات العمومية‪ ،‬و ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬قسم إصالح وتتبع تنفيذ الميزانية‬ ‫‪999‬‬

‫مصلحة إصالح الميزانية‪.‬‬


‫أنظر التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2007‬ص ‪.3 :‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪369‬‬
‫لما تنتظره السلطات العمومية من المفتشية العامة للمالية من مجهودات‪ ،‬قد أتاحت لها فرصة لعب‬
‫‪1001‬‬
‫من أجل مساعدتها على تطوير منهجية التدقيق‬ ‫دور حاسم لفائدة المفتشيات العامة للو ازرات‬
‫المالي الداخلي المتناسق‪ .‬ومن جانب آخر تنظيم وتنسيق الجهود في إصدار نص تنظيمي من أجل‬
‫المساهمة في تشجيع التدقيق المالي المشترك‪.‬‬

‫ب‪ -‬على مستوى التدقيق الخارجي ‪:‬‬

‫تتوزع آليات الرقابة و التتبع على مستوى التدقيق الخارجي بين الرقابة القضائية و رقابة‬
‫البرلمان ‪ ،‬و قد حققت هذه اآلليات نوعا من النجاعة حول أداء التدبير العمومي بشهادة بعض‬
‫المؤسسات الدولية ‪ ،‬فقد سجل تقرير فريق العمل المشترك لو ازرة المالية والبنك الدولي الصادر سنة‬
‫‪ 2007‬بارتياح جهود المؤسسات القائمة على التدقيق الخارجي من خالل عصرنة وتعزيز مكانة‬
‫المجلس األعلى للحسابات خالل السنوات األخيرة‪ ،‬بحيث أصبحت وسائل عمله تتميز باالستقالل‬
‫والحياد والشفافية تضاهي األنظمة التي تعتمدها الدول العصرية‪ ،‬بشهادة المنظمة الدولية للرقابة‬
‫العليا على المالية العمومية والمحاسبة "‪."INTOSAI‬‬

‫وبالموازاة مع ذلك فقد شهدت المجالس الجهوية للحسابات تطو ار مهما من خالل األنشطة‬
‫التي تقوم بها هذه المجالس في مجال مراقبة التدبير‪ ،‬وكذا تتبع التوصيات المتعلقة بها‪ ،‬إضافة إلى‬
‫األنشطة المتعلقة بالرقابة القضائية ومراقبة اإلجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية‬
‫‪1002‬‬
‫فقد بلغ عدد الحسابات التي تم تدقيقها من طرف المجالس الجهوية للحسابات خالل‬ ‫وهيئاتها‪،‬‬
‫سنة ‪ 2010‬ما مجموعه ‪ 1157‬حسابا منها ‪ 946‬حسابا تتعلق بالجماعات القروية‪ ،‬وفي إطار مراقبة‬

‫لقد نصت المادة الثانية من مرسوم رقم ‪ 2.11.112‬الصادر في ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬ف ي شأن المفتشيات العامة للو ازرات على أنه ‪" :‬تناط بالمفتشية‬ ‫‪1001‬‬

‫العامة مهام تفتيش ومراقبة تدقيق وتقييم تدبير المصالح المركزية والالممركزة للو ازرة كما تناط بها مهمة التنسيق والتواصل والتتبع مع مؤسسة الوسيط‬
‫والتعاون مع كل من المجلس األعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعهد إليها بالخصوص المهام التالية ‪:‬‬
‫* في مجال التفتيش والمراقبة بـ ‪:‬‬
‫‪ -‬إجراء المراقبات والتدقيقات الداخلية المتعلقة بتهييء وإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬ت تبع التوصيات المثبتة في تقارير المحاكم المالية والمفتشية العامة للمالية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪.‬‬
‫* في مجال التدقيق والتقييم بـ ‪:‬‬
‫‪ -‬القيام بعمليات التدقيق وتقديم االقتراحات لتحسين المردودية والفعالية‪.‬‬
‫‪ -‬التدقيق في مسك سجالت جرد العقارات والمعدات والمخازن‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم نتائج أنشطة المصالح المركزية والالممركزة للو ازرة‪ ،‬مقارنة مع األهداف والتكاليف الناتجة عنها‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم االستشارة كلما طلب منها ذلك"‪.‬‬
‫انظر على سبيل المثال أنشطة المجالس الجهوية للحسابات في القسم الثاني من تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬منشور‬ ‫‪1002‬‬

‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2012‬‬

‫‪370‬‬
‫التسيير فقد أنجزت المجالس الجهوية للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬ما مجموعه ‪1003398‬مهمة رقابية‪.‬‬

‫وفيما يخص تلقي وفحص التصاريح اإلجبارية بالممتلكات‪ ،‬فقد تلقت مختلف المجالس‬
‫الجهوية للحسابات ما مجموعه ‪ 79.975‬تصريحا‪ ،‬باإلضافة إلى مهام أخرى كمراقبة اإلجراءات‬
‫المتعلقة بتنفيذ ميزانية الجماعات الترابية وهيئاتها عن طريق الحساب اإلداري بعد عرضه أو إحالته‬
‫من طرف رئيس المجلس التداولي بعد رفض المصادقة عليه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقوية دور الرقابة في مجال المالية العمومية‬


‫إن التطورات المعاصرة والحديثة في اإلعداد الميزانياتي تعتبر من الطرق الحديثة في تدبير‬
‫‪1004‬‬
‫والنتائج التدبيرية‪ ،‬عوض التدبير‬ ‫الميزانية التي ترتكز على االعتبارات المرتبطة باألهداف‬
‫المرتكز على شرعية األعمال وقانونيتها والذي يستلزم ضرورة وجود الوسائل‪ ،‬مما فرض تغيير‬
‫األساليب والطرق عبر اعتماد التدبير المرتكز على النجاعة وحسن األداء الذي يؤدي بالضرورة إلى‬
‫‪1005‬‬
‫النتائج‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس يقوم إصالح الميزانية بالمغرب الذي يعتمد منطق النتائج على دعامتين‬
‫أساسيتين هما اإلطار التنظيمي من خالل تعزيز المبادئ األساسية المنظمة للمالية العمومية‪،‬‬
‫واعتماد قواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي وشفافية تدبير الميزانية‪ ،‬وإطار الرقابة من‬
‫خالل تحديد مسؤولية المتدخلين في تنفيذ النفقات العمومية في إطار نظرة مندمجة للرقابة وإقرار‬
‫‪1006‬‬
‫من خالل التقييم وتقديم‬ ‫رقابة نوعية تتسم بالتبسيط والسرعة‪ ،‬وتعزيز رقابة الفعالية والرقابة الذاتية‬
‫‪1007‬‬
‫الحساب‪.‬‬

‫ويلعب البرلمان دو ار هاما في تعزيز وتقوية الرقابة في مجال المالية العمومية (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬باإلضافة إلى مجموعة من الهيئات المستقلة التي نص عليها دستور ‪ 2011‬كالهيأة الوطنية‬
‫‪1008‬‬
‫والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬والمحاكم المالية ومجلس المنافسة‪.‬‬ ‫للنزاهة‬

‫والشك أن تفعيل مجموع هذه المقتضيات المرتبطة بتقوية الرقابة والمرتبطة بالشفافية‬
‫والمسؤولية والمحاسبة في تدبير المال العام رهين بالدور المحوري الذي بات يضطلع به المجلس‬

‫‪ 1003‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2010‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.2185 :‬‬
‫‪1004‬‬
‫‪Voir réforme des finances publiques, réforme de l’Etat, RFFP n°79, LGDJ, paris, 2001, p : 150.‬‬
‫‪1005‬‬
‫‪ABATE Bernard : « Faut-il changer la gestion de l’Etat ? », in réforme des finances publiques… op.cit, p : 80.‬‬
‫‪ 1006‬المرجع ‪ :‬دليل إصالح الميزانية‪ ،‬و ازرة االقتصاد والمالية سنة ‪ ،2011‬مديرية الميزانية‪ ،‬ص ‪.40 :‬‬
‫محمد حداد ‪" :‬النظام الموازناتي واإلصالحات المرتقبة في المغرب"‪ ،‬إصدار و ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬شتنبر ‪ ،2011‬ص ‪.9 :‬‬ ‫‪1007‬‬

‫الفصل ‪ 36‬من دستور ‪ 2011‬الفقرة األخيرة‪ ،‬كما حدد مهامها الفصل ‪.167‬‬ ‫‪1008‬‬

‫‪371‬‬
‫‪1009‬‬
‫الموكول إليها مراقبة المالية العمومية (الفرع الثاني)‪.‬‬ ‫األعلى للحسابات باعتباره الهيأة العليا‬

‫الفرع األول‪ :‬دور البرلمان في تعزيز الشفافية المالية‬


‫يتجلى دور البرلمان في تعزيز هذه الشفافية من خالل دوره الدستوري الجديد في مجال‬
‫مناقشة ومراقبة تنفيذ الميزانية من خالل تعديل الجدول الزمني لدراسة مشاريع قوانين المالية وقوانين‬
‫التصفية وقوانين المالية التعديلية‪.‬‬

‫فبعد المآخذ التي كان ينعت بها البرلمان المغربي في دستور ‪ 1996‬و ما قبله من خالل‬
‫تكريس صور الضعف في مجال الرقابة المالية ‪ ،‬والتي جعلت منه فضاء للتسجيل والديكور‪ ،‬وليس‬
‫مؤسسة لممارسة سلطة التشريع والرقابة‪ ،‬مقابل هيمنة الحكومة في المجال المالي ‪ ،‬ولتجاوز هذه‬
‫التوصيفات التي كانت لها انعكاسات سلبية وخطيرة على صورة المؤسسة البرلمانية‪ ،‬ومصداقيتها‪،‬‬
‫فقد اتجه المشرع الدستوري إلى تعزيز القوة االقتراحية و رد اإلعتبار والمصداقية لهذه المؤسسة‪،‬‬
‫وذلك عبر االعتراف لها ألول مرة بممارسة السلطة الفعلية في المجال المخصص لها‪ ،‬بحيث نص‬
‫الفصل ‪ 70‬من دستور ‪ 2011‬في فقرتيه األولى والثانية على ممارسة السلطة التشريعية من طرف‬
‫‪1010‬‬
‫البرلمان‪ ،‬كما يصوت على القوانين‪ ،‬ويراقب عمل الحكومة‪ ،‬ويقيم السياسات العمومية‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المقتضيات إضافة إلى مقتضيات دستورية أخرى حقال مهما لتعزيز دور‬
‫المؤسسة البرلمانية في تقوية الشفافية والمراقبة وضبط القوانين سواء المتعلقة بالمالية العمومية أو‬
‫غيرها‪ ،‬وذلك من خالل تقوية شرعيته التمثيلية والرقابية والتشريعية التي فقدها في ظل الدساتير‬
‫السابقة‪ .‬فالبرلمان الذي يفتقد الشرعية ال يعد برلمانا بل ديكو ار ونفس الشيء ينطبق على برلمان‬
‫ومن هذا المنطلق سوف يكون‬ ‫‪1011‬‬
‫شرعي لكنه يعاني من قلة القدرة على اتخاذ الق اررات والمبادرات‪.‬‬
‫لالعتراف للبرلمان بسلطاته تأثير إيجابي على صورته أمام باقي المؤسسات الدستورية وأمام الرأي‬
‫العام‪ ،‬وباإلضافة إلى أداء وظائفه األخرى من تشريع ورقابة وتمثيل خصوصا بعد تمكينه من‬
‫‪1012‬‬
‫اآلليات الدستورية وتخفيف مساطرها وطرقها‪ ،‬والهدف هو رغبة المشرع الدستوري في‬ ‫بعض‬
‫اضطالع البرلمان بمهامه على الوجه األكمل‪ ،‬ومن هذه المهام نذكر آلية تقييم السياسات العمومية‬
‫والتصويت على القوانين ومناقشتها في المجاالت المنصوص عليها على سبيل الحصر في الفصل‬

‫الفصل ‪ 147‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1009‬‬

‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 70‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1010‬‬

‫علي الصاوي ‪" :‬قياس فعالية البرلمان"‪ ،‬م‪.‬ج‪.‬ع‪.‬ن‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص ‪.10 :‬‬ ‫‪1011‬‬

‫م ن بين هذه اآلليات والمساطر في مجال المراقبة البرلمانية نذكر بما جاء به الفصل ‪ 105‬من الدستور الجديد‪ ،‬بحيث تم تقليص النصاب‬ ‫‪1012‬‬

‫القانوني لقبول ملتمس الرقابة الموجه ضد الحكومة قبل التصويت عليه من ربع (‪ )1/4‬األعضاء إلى الخمس (‪ )1/5‬الذين يتألف منهم المجلس‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫‪ 71‬باإلضافة إلى التصويت على مشاريع قوانين المالية وقوانين التصفية‪ ...‬ومن بين المستجدات‬
‫التي جاء بها دستور ‪ 2011‬في مجال الشفافية والمراقبة البرلمانية على عمل الحكومة‪ ،‬هي إحداثه‬
‫‪1013‬‬
‫بحيث يتقدم رئيس الحكومة‬ ‫لجلسة خاصة لألسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للدولة كل شهر‪،‬‬
‫أمام البرلمان لإلجابة عن األسئلة المطروحة من طرف الفرق البرلمانية بالمجلسين‪ ،‬كما تخصص‬
‫‪1014‬‬
‫أما الفصل ‪101‬‬ ‫باألسبقية جلسة في كل أسبوع ألسئلة أعضاء مجلس البرلمان وأجوبة الحكومة‪،‬‬
‫في فقرته الثانية فقد قرر تخصيص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية‬
‫وتقييمها‪ .‬كما تم دسترة مسطرة االستماع إلى مسؤولي اإلدارات والمؤسسات والمقاوالت العمومية من‬
‫‪1015‬‬
‫فهذا‬ ‫طرف نواب األمة‪ ،‬بحضور الوزراء التابعين لهم هؤالء المسؤولين‪ ،‬وتحت مسؤوليتهم‪.‬‬
‫المعطى المهم لم يكن منصوصا عليه في أي دستور سابق‪ ،‬مما جعل بعض المدراء ورؤساء بعض‬
‫الوكاالت والمقاوالت والمؤسسات العمومية خارج المساءلة وتقديم الحساب‪.‬‬

‫أما اليوم فقد تم توضيح الرؤية وتحديد المسؤوليات بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة‬
‫من أجل تحديد األهداف ومالءمتها مع األولويات الحكومية‪ ،‬للمساهمة في توضيح وترشيد العالقات‬
‫المالية بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة‪ ،‬وهكذا فقد تم اإلعالن من طرف الحكومة عن ميثاق‬
‫‪1016‬‬
‫والذي جاء في‬ ‫للممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة في ‪ 21‬مارس ‪2012‬‬
‫‪1017‬‬
‫بالمحاسبة‪ ،‬وتفعيل البرنامج الحكومي‬ ‫إطار تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بربط المسؤولية‬
‫الذي يهدف إلى تطوير نظام حكامة هذه المنشآت وتوطيد دورها في مسلسل التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية وفق مقاربة ترابية تقوم على التوازن و التضامن‪.‬‬
‫‪1018‬‬
‫التعيين في المناصب العليا تطبيقا ألحكام الفصلين ‪49‬‬ ‫كما تم تحديد مبادئ ومعايير‬

‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 100‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1013‬‬

‫الفقرة األولى من نفس الفصل ‪ 100‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1014‬‬

‫الفصل ‪ 102‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1015‬‬

‫تقرير لجنة المالية والتنمية االقتصادية بمجلس النواب‪ ،‬حول مشروع قانون المالية رقم ‪ 22-12‬للسنة المالية ‪ ،2012‬الجزء األول‪ ،‬الدورة‬ ‫‪1016‬‬

‫االستثنائية ‪ ،2012‬السنة التشريعية ‪ ،2012-2011‬ص ‪.88 :‬‬


‫منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/03‬حول حكامة المؤسسات والمنشآت العامة بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪.2012‬‬ ‫‪1017‬‬

‫وقبل مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 02-12‬المتعلق بالتعيين في المناصب العليا بالمؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬ ‫‪1018‬‬

‫استعرض الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة األهداف األساسية لهذا القانون التنظيمي والتي تتمثل حسب‬
‫السيد الوزير فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تحديد الئحة المؤسسات والمقاوالت العمومية اإلستراتيجية وعددها ‪ 39‬مؤسسة ويتم تعيين المسؤولين فيها في المجلس الوزاري باقتراح من رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬وبمبادرة من الوزير المعني‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تتميم الئحة المناصب العليا المنصوص عليها في الفصل ‪ 92‬من الدستور‪ ،‬والتي يتم التداول بشأن التعيين فيها من طرف مجلس الحكومة‪،‬‬
‫وهو ما يعزز اختصاصات المجلس الحكومي في مجال التعيين في المناصب العليا حيث ستشمل ‪ 1181‬منصبا عوض ‪ 17‬منصبا التي كانت في‬
‫السابق‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫و‪ 92‬من الدستور حيث تمت المصادقة على القانون التنظيمي رقم ‪ 02-12‬بتاريخ ‪ 08‬ماي ‪.2012‬‬

‫وفي إطار تعزيز مسلسل تخليق الحياة العامة‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة خطا المشرع‬
‫الدستوري خطوة أكثر جرأة لما ألغى الحصانة الجنائية التي كانت تشكل درعا واقيا لحماية الفساد‬
‫والمفسدين لدى مسؤولي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬فاحتفظ فقط بالحصانة ضد‬
‫‪1019‬‬
‫البرلمان ال‬ ‫المسؤولية التي تكفل فقط حرية الرأي وحرية المناقشة والتعبير وحرية التصويت داخل‬
‫خارجه‪.‬‬

‫ومن اإلجراءات األخرى التي همت اإلصالح المتعلق بقوانين المالية نذكر ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعديل الجدول الزمني لدراسة مشاريع قوانين المالية‪ ،‬وقوانين التصفية وقوانين‬
‫المالية التعديلية ‪:‬‬

‫وقد هدف المشرع من خالل هذه التعديالت مراجعة الجدول الزمني إلعداد مشروع قانون‬
‫المالية من خالل إدراج مراحل جديدة يتم فيها التشاور وإخبار البرلمانيين باختيارات وأولويات‬
‫الميزانية‪ ،‬وذلك قبل تقديم المشروع من خالل تطور االقتصاد الوطني أو ت ارجعه‪ ،‬كما وقع خالل‬
‫التي تم فيه االعتماد على معطيات تغيرت خالل مدة‬ ‫‪1020‬‬
‫تقديم مشروع القانون المالي لسنة ‪2012‬‬
‫‪1021‬‬
‫وتعديله وتزويده بمعطيات جديدة‪ .‬وكذا‬ ‫تقديمه للمناقشة والمصادقة عليه‪ ،‬مما تم سحبه لتنقيحه‬
‫توجهات المالية العمومية من ركود أو ازدهار أو ديون أو غيرها‪ .‬باإلضافة إلى تضمين المشروع‬
‫األهداف اإلستراتيجية‪ ،‬وبرامج العمل األساسية‪ ،‬وتطور التحمالت والموارد العمومية خالل مدة ‪3‬‬
‫سنوات‪.‬‬

‫ويتم إعداد اإلطار المرجعي متعدد السنوات‪ ،‬الذي يجب أن يندرج في إطاره مشروع قانون‬
‫المالية السنوي‪ ،‬خالل فترات محددة‪ ،‬وهي فترة يناير‪-‬مارس يتم فيها برمجة جدول العمليات المالية‬
‫للخزينة متضمنة النفقات العمومية على المدى المتوسط‪ ،‬وفترة أبريل‪-‬ماي يتم فيها تقديم قانون‬

‫ثالثا ‪ :‬تحديد مبادئ ومعايير التعيين في المناصب التي يتم التداول بشأن تعيين مسؤوليها في مجلس الحكومة طبقا للفصل ‪ 92‬من الدستور‪ ،‬والسيما‬
‫منها مبادئ تكافؤ الفرص واالستحقاق والكفاءة والشفافية‪ ،‬والسعي إلى المناصفة‪ .‬وقد اعتبر الوزير أن هذا القانون يندرج في إطار تنزيل مقتضيات‬
‫الدستور‪ ،‬ويكرس مبادئ االستحقاق والكفاءة والشفافية في التعيين‪ ،‬كما يشكل نموذجا متقدما للحكامة الجيدة‪ ،‬ويساهم في الرفع من مستوى أداء القطاع‬
‫العام عبر تطوير المهنية به‪ ،‬واعتماد التعاقد والتدبير بالنتائج‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة"‪.‬‬
‫المصدر موقع بوابة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ‪.http://www.mmsp.gov.ma/ar‬‬
‫الفصل ‪ 64‬من دستور المملكة لسنة ‪.2011‬‬ ‫‪1019‬‬

‫انظر منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2011/9‬حول مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2012‬بتاريخ ‪ 29‬غشت ‪ 2011‬في عهد حكومة عباس الفاسي‪.‬‬ ‫‪1020‬‬

‫أنظر تقرير لجنة المالية والتنمية االقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم ‪ 22-12‬للسنة المالية ‪ .2012‬ثم أيضا مشروع قانون المالية رقم‬ ‫‪1021‬‬

‫‪ 12-115‬للسنة المالية ‪.2013‬‬

‫‪374‬‬
‫المالية إلى المجلس الحكومي وفي فترة يونيو يتم التشاور مع البرلمان من خالل الرسائل التوجيهية‬
‫للحكومة وفي فترة يوليوز‪-‬شتنبر يتم فيها التحكيم الميزانياتي‪ ،‬وإعداد مشروع قانون مالية متوافق عليه‬
‫ومرفق بالتقارير الضرورية‪ ،‬وفي فترة أكتوبر يتم المصادقة عليه من طرف المجلس الوزاري والمجلس‬
‫الحكومي وبعد ذلك إيداع المشروع بالبرلمان على أبعد تقدير في ‪ 22‬من شهر أكتوبر ليتم دراسته‬
‫أما بالنسبة للقانون المقارن‪ ،‬كفرنسا مثال فترسل‬ ‫‪1022‬‬
‫والمصادقة عليه بين أواخر أكتوبر ودجنبر‪.‬‬
‫دائرة الميزانية اعتبا ار من شهر يناير من السنة التقديرية معلومات لوزير المالية تشرح فيها النتائج‬
‫التي حققتها الميزانية السابقة‪ ،‬وتوضح أيضا النفقات واإليرادات المحتملة للسنة المقبلة والوسائل‬
‫الكفيلة بتحقيق التوازن المالي‪ ،‬فتدرس المعلومات من قبل وزير المالية خالل شهر فبراير‪ ،‬ثم يعمم‬
‫الشكل األول للميزانية الجديد على الوزراء‪ ،‬ويدرس وزير المالية مقترحات الوزراء في شهر يوليوز‪،‬‬
‫ويقدم جميع التقديرات إلى مجلس الوزراء‪.‬‬

‫أما فيما يخص قانون المالية التعديلي وفقا لمبدأ صدق الميزانية‪ ،‬وكذا تأطير الجدول‬
‫الزمني لدراسة القانون التعديلي والمصادقة عليه من طرف البرلمان فقد أصبح األجل اإلجمالي يصل‬
‫إلى ‪ 20‬يوما من تاريخ إيداعه من طرف الحكومة بمكتب مجلس النواب‪ .‬وفيما يخص مراجعة‬
‫الجدول الزمني للدراسة والتصويت على مشروع قانون التصفية‪ ،‬فقد أصبح وفقا للفصل ‪ 76‬من‬
‫الدستور إلزام الحكومة بعرض قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية‪ ،‬خالل السنة الثانية التي‬
‫تلي سنة تنفيذ‪1023‬هذا القانون‪ ،‬وبصفة دورية ودائمة‪ .‬على عكس الحاالت السابقة لدستور ‪2011‬‬
‫التي كانت الحكومة تقوم بإيداع مشاريع قوانين التصفية بشكل متأخر يتراوح بين ثالث (‪)3‬‬
‫وأربع‪ ) 4(1024‬سنوات بالمقارنة مع األجل القانوني المحدد لإليداع‪ ،‬والجدول التالي يوضح هذا‬
‫التأخير‪.‬‬

‫تجاوز األجل‬ ‫التاريخ الفعلي لإليداع‬ ‫التاريخ القانوني لإليداع‬ ‫قانون المالية‬
‫‪ 4‬سنوات‬ ‫يونيو ‪2003‬‬ ‫يونيو ‪1999‬‬ ‫‪1997/1996‬‬
‫‪ 3‬سنوات‬ ‫شتنبر ‪2003‬‬ ‫يونيو ‪2000‬‬ ‫‪1998/1997‬‬

‫هذه بعض مقترحات و ازرة المالية واالقتصاد حول إصالح القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬األهداف واإلستراتيجية ومحاور اإلصالح سنة ‪ ،2011‬منشور‬ ‫‪1022‬‬

‫على بواب الموقع اإللكتروني للو ازرة ‪ . http://www.finances.gov.ma/arabe‬وقد التزمت الحكومة فعال باآلجال الدستورية والقانونية بحيث قدمت‬
‫مشروع القانون المالي رقم ‪ 115-12‬في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2012‬بمجلس النواب ثم مجلس المستشارين‪.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 76‬من دستور ‪ 2011‬على أنه ‪" :‬تعرض الحكومة سنويا على البرلمان قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية‪ ،‬خالل السنة‬ ‫‪1023‬‬

‫الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون‪.‬‬


‫ويتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانيات التجهيز التي انتهت مدة نفاذها"‪.‬‬
‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2003‬و‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ ،2006‬ص ‪.662 :‬‬ ‫‪1024‬‬

‫‪375‬‬
‫‪ 3‬سنوات‬ ‫أبريل ‪2004‬‬ ‫يونيو ‪2001‬‬ ‫‪1999/1998‬‬
‫المصدر‪:‬تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪2003‬و‪ ،2004‬ص‪.662:‬‬

‫وقد ع از المجلس األعلى للحسابات أسباب هذا التأخير إلى األمور التالية‪:‬‬

‫‪ -‬غياب مقتضى تنظيمي يحدد بوضوح أجال تحضير وتقديم الحسابات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬بطء مسطرة ترحيل االعتمادات سواء على مستوى تهييء الوضعيات النهائية‬
‫لالعتمادات من طرف مصالح اآلمرين بالصرف‪ ،‬أو على مستوى المصادقة عليها من‬
‫طرف و ازرة المالية‪.‬‬

‫‪ -‬البطء على مستوى تركيز ومعالجة المعطيات المتعلقة بإعداد مشروع قانون التصفية وقد‬
‫بدأ يتقلص هذا التأخير بعد دخول مدونة المحاكم المالية حيز التطبيق‪ ،‬وإلحاح المجلس‬
‫‪1025‬‬
‫واليوم لم يبق‬ ‫األعلى للحسابات على تقديم قوانين التصفية في وقتها القانوني‪،‬‬
‫للحكومة أي مبرر للتأخير في تقديم قوانين التصفية بعد تنزيل مقتضيات الدستور الجديد‬
‫وخصوصا الفصل ‪ 76‬منه‪.‬و هكذا و ألول مرة صدر التقرير السنوي للمجلس األعلى‬
‫للحسابات مستندا على مقتضيات هذا الفصل ‪ ،‬من خالل ملخص تقريره حول تنفيذ‬
‫قانون مالية سنة ‪ .2009‬و بالرغم من ذلك فإن المجلس األعلى للحسابات لم يتمكن من‬
‫تحليل أدق المعطيات المتعلقة ببعض جوانب القانون المالي لهذه السنة نظ ار لألسباب‬
‫التي توصل إليها المجلس بهذا الخصوص و هي‪:‬‬

‫‪ -‬التأخر في تقديم الوثائق الضرورية إلعداد التقرير حول تنفيذ قانون المالية‪.‬‬

‫فحسب الفصل ‪ 76‬من الدستور الحالي ‪ ،‬فإن مشروع قانون التصفية يجب أن يعرض على البرلمان‬
‫قبل متم السنة الثانية الموالية لتنفيذ الميزانية ‪ ،‬إال أن المجلس األعلى للحسابات بالنسبة لقانون‬
‫التصفية برسم سنة ‪ 2009‬لم يتوصل بهذا المشروع وكذا الحساب العام للمملكة ‪ ،‬و كذا الحسابات‬
‫اإلدارية لمختلف الو ازرات إال بتاريخ ‪ 16‬غشت ‪ ، 2011‬و استمرت عملية تقديم الوثائق األخرى‬
‫الضرورية إلنجاز التقرير حول تنفيذ قانون المالية و التصريح العام بالمطابقة من طرف مصالح‬
‫و ازرة المالية إلى غاية دجنبر ‪.2011‬‬

‫لقد تم إيداع مشروع قانون التصفية للسنة المالية ‪ 2006‬بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الثانية الموالية لسنة تنفيذ الميزانية‪،‬‬ ‫‪1025‬‬

‫أي قبل متم سنة ‪ .2008‬وقد توصل المجلس األعلى للحسابات بمشروع قانون التصفية والحساب العام للمملكة والوثائق األخرى بتاريخ ‪ 13‬يونيو‬
‫‪ 2008‬و قد تقلصت المدة اليوم بشكل كبير مقارنة بالماضي ‪،‬حيث تمت تصفية ميزانية ‪ 2009‬بالقانون رقم ‪ 37-12‬بتاريخ ‪.2012/12/24‬‬
‫كما صادق مجلس الحكومة مؤخ ار على مشروع قانون رقم ‪ 37-12‬الذي يتعلق بتصفية ميزانية السنة المالية ‪ ،2009‬وبالتالي تم تقليص مدة إيداع‬
‫قانون التصفية بشكل إيجابي في انتظار احترام اآلجال القانونية لإليداع بعد إخراج القانون التنظيمي للمالية ليتماشى مع مقتضيات دستور ‪.2011‬‬

‫‪376‬‬
‫‪ -‬عدم تقديم حسابات مرافق الدولة طبقا لمقتضيات المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 62-99‬كذا عدم‬
‫توصل المجلس األعلى للحسابات بجميع الحسابات الفردية للمحاسبين العموميين ‪ ،‬إذ أنه برسم سنة‬
‫‪ 2009‬لم يتم التوصل بتلك الحسابات بالرغم من انصرام األجل القانوني ‪.‬‬

‫ب‪ -‬إغناء المعطيات المقدمة للبرلمان حول قانون المالية السنوي ‪:‬‬

‫في إطار حق البرلمان في الوصول إلى المعلومة الميزانياتية و كل المعطيات المالية ‪،‬في‬
‫آجال معقولة و بصور و صيغ واضحة و مقروءة ‪ ،‬و ضمانا للشفافية في تدبير الشأن المالي للدولة‬
‫كان من الضروري أثناء تقديم مشروع قانون المالية السنوي للبرلمان إغناؤه بالمعطيات الضرورية‬
‫واألرقام واإلحصائيات حول المشروع ويتعلق األمر بـ ‪:‬‬

‫مذكرات حول مشروع قانون المالية المراد دراسته‪.‬‬ ‫‪1026‬‬


‫‪ -‬تقديم‬

‫‪ -‬تقرير حول قطاع المؤسسات والمنشآت العامة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول اآلثار المالية و االقتصادية و االجتماعية للمقتضيات الضريبية و الجمركية‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول النفقات الجبائية‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول ميزانية النوع‪.‬‬

‫‪ -‬التقرير االقتصادي والمالي‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول المساعدات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول المقاصة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول ديون الخزينة‪.‬‬

‫‪ -‬تقرير حول كتلة األجور‪.‬‬

‫‪ -‬وتقرير حول مالية الجماعات الترابية وهيئاتها وإبراز البعد الجهوي في القانون المالي‪.‬‬

‫فال تصويت البرلماني على الميزانية أصبح اليوم في ظل الدستور الجديد‪ ،‬يستهدف تجديد‬

‫إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬و ازرة االقتصاد والمالية‪................ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.28 :‬‬ ‫‪1026‬‬

‫‪377‬‬
‫الثقة في المؤسسة البرلمانية عبر المشاركة في الحياة الديمقراطية من أجل تطوير شروط التدبير‬
‫العمومي‪.‬‬

‫لذا على الحكومة أن تقدم الميزانية إلى البرلمان معززة بالتقارير و المعطيات الالزمة‪ ،‬و إرفاق‬
‫القانون المالي بتقارير‪1027‬خاصة بميزانيات الو ازرات حول األداء على أساس توقعات النفقات على‬
‫المدى المتوسط و على البرلمان أن يتأكد من أن الحسابات المقدمة إليه ال تستهدف حجب هذه‬
‫المعطيات ‪ ،‬و إخفاء وقائع كما وقع أثناء تقديم مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2013‬لما تم تسريب‬
‫‪1028‬‬
‫في غفلة من نواب األمة و بعد المصادقة عليه إما عن قصد أو عن غير قصد و األمر‬ ‫وثيقة‬
‫يتعلق بحسابات الخزينة الغير مضمنة بميزانية الدولة ‪ ،‬و التي تصنف من ضمن "الصناديق‬
‫السوداء" و هي صناديق كانت ال تخضع ألية مراقبة بما فيها مراقبة البرلمان و حتى الحكومة‬
‫الحالية لم تستطع إخضاع هذه الصناديق للمراقبة ‪ ،‬بعد المعارضة الشرسة التي تلقتها من طرف‬
‫كبار المستفيدين من تلك الصناديق ‪ ،‬فأجبروا الحكومة على أن ال يشمل قرار المراقبة كل تلك‬
‫الصناديق التي ال يعلم عددها إال أصحابها و المستفيدون من ريعها ‪.‬كما أجبروا الحكومة على‬
‫تأخير قرارها القاضي بإحكام المراقبة على كل األموال العامة أينما وجدت حتى عام ‪ 2015‬بدال من‬
‫‪ 2014‬و بالتالي تم اإلتفاق على صيغة نهائية تمت صياغتها في مادة من مواد قانون المالية‬ ‫‪1029‬‬

‫السنوي الذي صادق عليه البرلمان تحت رقم ‪ 18‬باإلضافة إلى بعض اإلستثناءات الخاصة ببعض‬
‫الصناديق كصندوق الودائع البنكية بالخزينة العامة للمملكة و التي يتحكم فيها الخازن العام للمملكة‬
‫؛ فاكتشاف هذه الصناديق ما دار من لغط حولها كشف عن الوجه السيء للفساد المالي منذ سنوات‬
‫‪1030‬‬
‫الحالية برئاسة حزب العدالة و التنمية الذي رفع‬ ‫‪ ،‬كما كشفت أيضا عن محدودية قدرة الحكومة‬
‫شعار" محاربة الفساد"عن مواجهة لوبي الفساد داخل دواليب اإلدارة ‪.‬‬

‫وبالنسبة لمشروع قانون التصفية‪ ،‬فيتم إرفاقه بتقارير و ازرية حول األداء وأخرى حول االفتحاص‬
‫المتعلقة به‪ ،‬فالفصل ‪ 47‬من القانون التنظيمي للمالية ينص على إرفاق مشروع قانون التصفية‬

‫أنظر مقترحات اإلصالح الدستوري والمالية العمومية من خالل مذكرة حزب االستقالل منشورة على موقع جريدة العلم‬ ‫‪1027‬‬

‫‪.http://www.alam.ma/def‬‬
‫كذلك أنظر برنامج اليوم الدراسي حول موضوع "إصالح القانون التنظيمي للمالية على ضوء مقتضيات الدستور الجديد للمملكة" من تنظيم لجنة المالية‬
‫والتنمية االقتصادية بالبرلمان يوم ‪ 12‬يونيو ‪ 2012‬بمقر مجلس النواب‪ ،‬منشور على الموقع اإللكتروني التالي ‪.www.parlement.ma :‬‬
‫‪1028‬يتعلق األمر باستدراك خطأ مادي وقع بالصفحة رقم ‪ 76‬من مشروع قانون المالية رقم ‪ 12-115‬للسنة المالية ‪ 2013‬يتعلق برصد بعض حسابات‬
‫الخزينة في ميزانية الدولة (المادة ‪ 18‬مكرر في قانون مالية ‪.)2013‬‬
‫‪1029‬للمزيد من التوضيع يمكن الرجوع إلى مقال نجيب جيري ‪:‬تأمالت في حدود إصالح الفعل الرقابي للبرلمان المغربي ‪ :‬نحو مراجعة القانون‬
‫التنظيمي للمالية‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق سلسلة األعداد الخاصة رقم ‪ 2013/ 6‬ص‪ 108:‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪1030‬نجيب جيري ‪ :‬تأمالت في حدود‪...............‬ن‪.‬م‪ :‬ص‪.109:‬‬

‫‪378‬‬
‫بتقرير يعده المجلس األعلى للحسابات حول تنفيذ قانون المالية ‪ ،‬وبالتصريح العام بمطابقة حسابات‬
‫المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة ‪.‬‬

‫ج‪ -‬مراجعة طريقة التصويت على القانون المالي ‪:‬‬

‫إن الهدف األساسي من مراجعة طريقة التصويت على قوانين المالية السنوية هو تمكين‬
‫البرلمان من معطيات إضافية وشاملة حول االعتمادات والوسائل المرصودة لكل و ازرة من أجل إنجاز‬
‫استراتجياتها وأهدافها المتعلقة باألداء‪ ،‬ومن أجل انخراط التصويت البرلماني في المقاربة التشاركية‬
‫والشاملة لحسن األداء‪ ،‬وتحسين قراءة الميزانية‪ ،‬استنادا إلى مؤشرات قياس النجاعة والفاعلية‬
‫والجودة‪1031.‬بخالف القانون التنظيمي الحالي رقم ‪ 7-98‬الذي جعل التصويت البرلماني يتم على‬
‫‪1032‬‬
‫الجزء األول من مشروع قانون المالية‪ ،‬قبل التصويت على الجزء الثاني بطريقة مادة مادة‪.‬‬

‫وفيما يخص نفقات الميزانية العامة فيتم التصويت على كل باب وعلى كل فصل داخل‬
‫نفس الباب‪ ،‬وفي شأن نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪ S.E.G.M.A‬فيجري التصويت‬
‫على ميزانيتها بشكل إجمالي بحسب الو ازرة أو المؤسسة العمومية التابعة لها هذه المرافق‪ ،‬و لإلشارة‬
‫فهذه المرافق كانت تنفلت من مناقشة و مراقبة البرلمان لميزانياتها مما عرف اختالالت خطيرة في‬
‫ميزانية هذا النوع من المرافق و على سبيل المثال ال الحصر ميزانية األحياء الجامعية قبل تحول هذه‬
‫المرافق إلى مكتب وطني‪.‬‬

‫أما في المشروع الحالي‪ ،‬وبعد تنزيل مقتضيات الدستور‪ ،‬فقد تم اشتراط تبرير إحداث‬
‫ميزانية مرفق ما بتحقيق موارد ذاتية متأتية من الخدمات التي تقدمها المصلحة المراد إحداث مرفق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة بها‪ .‬أما فيما يخص التصويت على نفقات الحسابات الخصوصية‬
‫‪1033‬‬
‫للخزينة‪ ،‬فيتم بحسب كل صنف من أصناف هذه الحسابات‪.‬‬

‫إصالح القانون التنظيمي للمالية‪..........،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.4 :‬‬ ‫‪1031‬‬

‫المادة ‪ 37‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 7-98‬لقانون المالية لسنة ‪.1998‬‬ ‫‪1032‬‬

‫لقد تم تحديد أصناف الحسابات الخصوصية حسب المادة ‪ 19‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 7-98‬للمالية فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪1033‬‬

‫‪ -1‬الحسابات المرصودة ألمور خصوصية‪.‬‬


‫‪ -2‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية‪.‬‬
‫‪ -3‬حسابات العمليات النقدية‪.‬‬
‫‪ -4‬حسابات التسبيقات‪.‬‬
‫‪ -5‬حسابات القروض‪.‬‬
‫‪ -6‬حسابات النفقات من المخصصات‪.‬‬
‫ومن المنتظر أن يتم تقليص عدد أصناف الحسابات الخصوصية للخزينة من ‪ 6‬أصناف إلى ‪ 4‬فقط حسب بعض التنبؤات وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الحسابات المرصودة ألمور خصوصية والتي سوف يشترط إلحداثها تخصيص موارد أخرى غير تلك المتأتية من ميزانية الدولة‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫وفيما يخص اقتراحات التعديل فيتعلق األمر بأربع مراحل وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬تصويت البرلمان على نفقات التجهيز التي يتطلبها مجال إنجاز المخططات التنموية‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ -2‬التصويت على جداول التوازن لمختلف مكونات‪1034‬ميزانية الدولة‪.‬‬

‫‪ -3‬التصويت على األغلفة المالية اإلجمالية لنفقات كل مكون من مكونات ميزانية الدولة‪.‬‬

‫‪ -4‬التصويت على سقف كل و ازرة على حدة ‪ :‬سقف فصول النفقات الثالث المتعلقة بها‪،‬‬
‫وكذا سقف اعتمادات التسيير‪ ،‬واعتمادات االستثمار المفتوحة لمرافق الدولة المسيرة‬
‫بصورة مستقلة التابعة لهذه الو ازرة‪ ،‬وكذا على سقف االعتمادات المفتوحة لصالح‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة التابعة لهذه الو ازرة حسب كل صنف من أصناف هذه‬
‫الحسابات‪.‬‬

‫وفي آخر هذه النقطة يجب أن نشير إلى أن دور البرلمان وحده غير كافي لتقوية الرقابة‬
‫والشفافية لتدبير الميزانية‪ ،‬ويبقى دور األجهزة األخرى هاما ومكمال لألول‪ ،‬وهذا ما سوف نتطرق إليه‬
‫في الفرع الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬دور الرقابة العليا في تقوية الشفافية المالية‬


‫تعتبر مظاهر الفساد المالي واإلداري عقبة أمام جهود الدولة والمؤسسات في تحقيق التنمية‬
‫الشاملة‪ ،‬فهذه المظاهر تعمل على تفريغ الخطط التنموية من محتواها وتصرف اتجاهها عن المسار‬
‫الصحيح‪ .‬ويندرج موضوع مكافحة الفساد بشتى أنواعه في اإلطار األوسع لمفهوم الحكامة الجيدة‪،‬‬
‫والذي يمثل أهم عنصر من عناصر التنمية المتوازنة عبر ترسيخ مبادئ الشفافية والرقابة والمساءلة‪.‬‬

‫وتلعب المحاكم المالية كجهاز للرقابة العليا على المالية العمومية دو ار مركزيا في مكافحة‬
‫مظاهر الفساد والوقاية منه‪ ،‬باعتبارها أجهزة متخصصة تعمل على المحافظة على المال العام‪،‬‬
‫وضمان حسن استخدامه‪ ،‬واالرتقاء بأداء مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها بما يخدم عملية التنمية‬
‫الشاملة وتحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ -2‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية‪.‬‬


‫‪ -3‬حسابات العمليات النقدية‪.‬‬
‫‪ -4‬حسابات التمويل‪.‬‬
‫مصطلح الميزانية يشمل ‪ :‬الميزانية العامة‪-‬الميزانيات الملحقة‪-‬الحسابات الخصوصية للخزينة وميزانية مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة و قد‬ ‫‪1034‬‬

‫شكلت الحسابات الخصوصية للخزينة نقاشا واسعااثناء مناقشة قانون مالية سنة ‪ 2013‬النها لم تكن تدرج ضمن مناقشة الميزانية العامة ‪،‬فكانت بمثابة‬
‫صناديق سوداء تخرج عن رقابة البرلمان‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫فالمشرع المغربي قد أفرد حي از هاما في الدستور الجديد لمؤسسة الرقابة العليا على المالية‬
‫العمومية –المحاكم المالية‪ -‬التي اعتبرت هيأة متخصصة في ضبط ومراقبة االختالالت المالية‬
‫بالميزانية‪ .‬فالدستور منحها اختصاصات ذات طبيعة رقابية وقضائية حقيقية من خالل الفصول‬
‫‪1035‬‬
‫إلى ‪ 150‬وخولها مهام جسيمة تتعلق أساسا بمراقبة تنفيذ الميزانية سواء العامة أو المحلية‬ ‫‪147‬‬
‫حسب الحاالت‪ ،‬وبكيفية تدبير المالية العمومية في مجاالتها المتعددة‪ ،‬وكل ما له عالقة بإعداد‬
‫وتنفيذ السياسات العمومية ذات األثر المالي والميزانياتي‪ .‬فقد كرس الفصل ‪ 147‬من دستور ‪2011‬‬
‫المهمة األساسية للمجلس األعلى للحسابات بوصفه جها از مختصا بحماية مبادئ وقيم الحكامة‬
‫الجيدة المتمثلة في الشفافية والمساءلة والعقاب‪ ،‬فهو يؤدي ثالثة وظائف مهنية وهي التدقيق والبت‬
‫في الحسابات ومراقبة التسيير والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما أصبحت له‬
‫صالحيات واسعة في مجال المراقبة القضائية أو في إطار مراقبة التدبير واألداء‪ ،‬وعرض الحصيلة‬
‫حول مختلف التدخالت التي يجريها المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات وباقي‬
‫األنشطة من خالل تقاريرها السنوية‪.‬‬

‫كما أن هذه التدخالت ال تنحصر فقط في التأكد من شرعية ومطابقة كافة أعمال التدبير‬
‫اإلداري والمحاسبي والمالي للنصوص الجاري بها العمل‪ ،‬بل تمتد إلى كافة مظاهر هذا التدبير‬
‫بغرض تقييم أهم المرتكزات التي ينطوي عليها من حيث االقتصاد والفعالية والكفاءة والجوانب‬
‫المتصلة باألخالقيات المعمول بها بالمرافق العامة‪.‬‬

‫فإلى جانب مراقبة الشرعية والمطابقة‪ ،‬أضفت هذه المراقبة الجديدة على مراقبة التدبير بعدا‬
‫آخر يتجلى في تقييم النتائج المنجزة ودرجة كفاءة األداء بالنظر إلى األهداف المسطرة مبدئيا‪ .‬وهكذا‬
‫فقد تم توسيع مجاالت تحريات المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬التي باتت‬
‫تنصب على مختلف المناحي المرتبطة بالتدبير فيما يخص الميزانية واإلنتاج والتمويل ودراسة السوق‬
‫والموارد البشرية والمحاسبية والمالية والتصريح بالممتلكات وتتبع التوصيات‪...‬‬

‫وقد سمحت كل هذه التدابير التي اتخذتها المحاكم المالية بما فيها المجلس األعلى‬
‫للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات ببلوغ نتائج مهمة وذلك ما تعكسه تقاريرها السنوية من‬
‫استجابة لتوصياتها وتنفيذها من قبل مسؤولي جل األجهزة العمومية‪ ،‬وانخراطها بشكل واسع في تبني‬
‫‪1036‬‬
‫هذه التوجيهات التي تستهدف إدراك األبعاد التالية ‪:‬‬

‫لقد خصص المشرع الدستوري للمجلس األعلى للحسابات بابا كام ال وهو الباب العاشر كدليل على أهمية هذه المؤسسة في لعب األدوار المهمة‬ ‫‪1035‬‬

‫في مراقبة تنفيذ الميزانية العامة وميزانيات الجماعات الترابية بمراحلها المختلفة وأجهزتها المتعددة‪.‬‬
‫تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،.........................2007‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2 :‬‬ ‫‪1036‬‬

‫‪381‬‬
‫‪ -‬البعد البيداغوجي ‪ :‬الذي سمح للمحاكم المالية‪ ،‬بفضل تعميق الحوار مع األجهزة المراقبة‬
‫وباقي الشركاء‪ ،‬بتحقيق الهدف األساسي وهو المساءلة‪.‬‬

‫‪ -‬البعد الوقائي ‪ :‬الذي يهدف إلى تقويم بعض االعوجاجات والوضعيات غير السليمة بواسطة‬
‫التوصيات الرامية إلى تحسين جودة التدبير‪.‬‬

‫‪ -‬ثم البعد التأديبي الزجري ‪ :‬ويهدف إلى المساءلة التدبيرية والمالية للمسؤولين‪ ،‬في الحاالت‬
‫التي تكون فيها األفعال المنسوبة إليهم تستدعي متابعتهم في مجال التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية التي يتم على إثرها تطبيق الغرامات المالية ضد المخالفين‪ ،‬أو في حالة‬
‫اكتشاف أفعال خطيرة ذات طابع جنائي‪ ،‬يتم إحالتها على وزير العدل طبقا للمساطر‬
‫واإلجراءات المعمول بها‪.‬‬

‫وفي إطار الشفافية واإلخبار يتم نشر هذه المالحظات والتوصيات المضمنة في التقارير‬
‫السنوية ليطلع عليها الرأي العام‪ ،‬وتبلغ إلى السلطات العمومية المعنية بنتائجها وأشغالها الرقابية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلصالح الذي جاءت به المدونة الجديدة كان فرصة لتقوية وتوسيع‬
‫اختصاصات المحاكم المالية‪ .‬وهكذا فقد أقامت مدونة المحاكم المالية جسو ار بين رقابة التسيير‬
‫واالختصاصات األخرى الممارسة من طرف المحاكم المالية تتمثل في التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية والتسيير بحكم الواقع‪ ،‬كما أقامت كذلك عالقات بينها وبين المتابعات التأديبية‬
‫والجنائية‪..‬‬

‫كما أن المحاكم المالية قد توسعت اختصاصاتها من خالل مراقبة استخدام األموال‬


‫العمومية التي تتلقاها المقاوالت والجمعيات أو كل األجهزة التي تستفيد من مساهمة في الرأسمال أو‬
‫من مساعدة كيفما كان شكلها و التي تلقتها من الدولة أو من مؤسسة عمومية أو من أحد األجهزة‬
‫الخاضعة لرقابة المجلس األعلى للحسابات والهدف من هذه الرقابة هو التأكد من أن األموال‬
‫العمومية التي تم التوصل بها قد تم استخدامها طبقا لألهداف المرسومة للمساهمة أو اإلعانة‪.‬‬

‫وابتداء من سنة ‪ 2010‬بدأت المحاكم المالية في تطبيق النصوص المتعلقة بالتصريح‬


‫اإلجباري بالممتلكات حيث بلغت التصريحات التي تم إيداعها من طرف المسؤولين واألعوان على‬
‫مستوى المجلس األعلى للحسابات ما مجموعه ‪ 15.078‬تصريحا أما المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫فقد تلقت ‪ 79.975‬تصريحا ليصل مجموع التصريحات المودعة لدى المحاكم المالية إلى‬

‫‪382‬‬
‫‪103795.053‬تصريحا‪.‬‬

‫وفضال عن هذا‪ ،‬يقدم المجلس األعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجاالت المتعلقة‬
‫بمراقبة المالية العمومية‪ ،‬كما يقدم مساعدته للحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته‬
‫‪1038‬‬
‫بمقتضى القانون‪ ،‬ويقدم كذلك مساعدته للهيئات القضائية‪.‬‬

‫كما يزاول المجلس األعلى للحسابات بناء على الدستور الجديد والقوانين الجاري بها العمل‬
‫مهام أخرى تتعلق بمراقبة وتتبع التصريحات اإلجبارية بالممتلكات‪ ،‬وتدقيق حسابات األحزاب‬
‫‪1039‬‬
‫وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك يقوم المجلس‬ ‫السياسية‬
‫باإلشهاد على صحة الحسابات المتعلقة بالمشاريع الممولة من طرف المنظمات التابعة لألمم المتحدة‬
‫بالمغرب‪ ،‬مما يقوي ويعزز الشفافية في تدبير المال العام ويقوي الحرص عليه‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلجراءات المواكبة إلصالح نظام المسؤولية المالية‬


‫لقد انصرفت جهود الدولة منذ ‪ 1996‬إلى توطيد األسس التشريعية والتنظيمية والمؤسساتية‬
‫من أجل إصالح وتجديد القوانين والمؤسسات لتواكب تطور العصر وتسارع من أجل اللحاق بقطار‬
‫التنمية‪ .‬ولقد ترسخ االهتمام بهذا الموضوع منذ ‪ ،1999‬حيث عبر المغرب عن انخراطه في إرساء‬
‫‪1040‬‬
‫من خالل إقدامه على مباشرة عدة‬ ‫أسس المنظومة الوطنية للنزاهة والشفافية ومحاربة الرشوة‪،‬‬
‫إصالحات تمثلت أساسا في وضع وإرساء اإلطار المؤسساتي والتنظيمي لمنظومة النزاهة والشفافية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار قال ملك البالد محمد السادس في خطابه غداة افتتاح الدورة األولى من‬
‫السنة التشريعية الخامسة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪" :10412011‬ويظل الرهان المؤسساتي الكبير الذي‬
‫يتوقف عليه تقدم وتحديث بال دنا‪ ،‬هو إصالح وتجديد هياكل الدولة"‪ ،‬وأضاف إلى أنه ‪" :‬وفي نفس‬
‫السياق يندرج توطيد عدالة مستقلة‪ ،‬بإقامة المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والمحكمة الدستورية‪،‬‬
‫ومواصلة اإلصالح العميق والشامل للقضاء ترسيخا لسمو الدستور‪ ،‬وسيادة القانون ومساواة الجميع‬
‫أمامه وضمانا لألمن القضائي‪.‬‬

‫كما أن دمقرطة الدولة والمتجمع‪ ،‬وتحسين مناخ األعمال‪ ،‬يتطلب انتهاج الحكامة الجيدة‪،‬‬

‫تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.................. ،2010‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.1117 :‬‬ ‫‪1037‬‬

‫الفقرة الثانية من الفصل ‪ 148‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1038‬‬

‫الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 147‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1039‬‬

‫انظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.58‬الصادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بنشر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في ‪ 31‬أكتوبر‬ ‫‪1040‬‬

‫‪.2003‬‬
‫هذا الخطاب منشور في موقع البرلمان ومجلس المستشارين على الرابط التالي ‪.www.conseiller.ma :‬‬ ‫‪1041‬‬

‫‪383‬‬
‫بتفعيل المبادئ واآلليات التي ينص عليها الدستور‪ ،‬وعلى رأسها ربط تحمل المسؤولية بالمساءلة‬
‫والمحاسبة‪ ،‬وتخليق الحياة العامة‪ ،‬بالتصدي لكل أشكال الفساد والرشوة‪ ،‬والريع االقتصادي والسياسي‬
‫واالحتكار‪ ،‬وكذا العمل على ضمان تكافؤ الفرص‪ ،‬وحرية المبادرة الخاصة والمنافسة الحرة"‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار بادر المشرع المغربي في مجال التنظيم القضائي للمملكة إلى خلق تغيير‬
‫على مستوى أربعة محاكم استئنافية بكل من الرباط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬فاس ومراكش التي أحدثت بها‬
‫‪1042‬‬
‫الصادر في ‪ 4‬نونبر‬ ‫أقسام متخصصة في قضايا الجرائم المالية حسب المرسوم رقم ‪2.11.445‬‬
‫‪ 2011‬تطبيقا للفصل السادس من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.338‬المتعلق بالتنظيم‬
‫القضائي للمملكة‪ ،‬على اعتبار أن محاربة الفساد خيار إستراتيجي في بناء المجتمع الديمقراطي‬
‫المتطلع إلى تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة‪.‬‬

‫وإذا كانت صيحة األمم المتحدة عن طريق االتفاقية األممية لمحاربة الفساد حاف از لعدد من‬
‫الدول العتبارها كمرجع في تشريعاتها المناهضة للفساد‪ ،‬ومحاربة الرشوة وحماية المال العام‪ ،‬وبناء‬
‫أسس ال حكامة الرشيدة‪ ،‬فإن المغرب قد استشعر هذه المخاطر الجسيمة للرشوة والفساد المالي‬
‫واإلداري‪ ،‬فسارع إلى جعل الوقاية من هذه اآلفة ومحاربتها عن طريق أوراش اإلصالحات القانونية‪،‬‬
‫المؤسساتية والتنموية‪.‬‬

‫وهكذا فقد اعتمد المغرب برنامجا طموحا لنشر ثقافة النزاهة والشفافية ومحاربة الرشوة‪،‬‬
‫وفرض قواعد آمرة لتعزيز الشفافية في تدبير المال العام‪ ،‬وقد عملت الحكومات المتعاقبة منذ سنة‬
‫‪ 2005‬على ترجمة هذه اآلليات وااللتزامات بشكل جدي من خالل جعل مسألة محاربة الفساد‬
‫والرشوة واستغالل النفوذ واالختالس ضمن أولوياتها في المحاربة‪ ،‬وذلك بوضع برنامج عمل شمولي‪،‬‬
‫تمت بلورته بتنسيق بين القطاعات الو ازرية المعنية والفعاليات المجتمعية‪ ،‬ليتم تجسيده على شكل‬
‫خريطة طريق على المدى القريب والمتوسط يتضمن إجراءات أفقية وقطاعية تشمل مقومات الوقاية‪،‬‬
‫‪1043‬‬
‫التحسيس والزجر‪ ،‬وتقف وترتكز على أسس قانونية‪ ،‬مؤسساتية وعملياتية‪.‬‬

‫وقد همت هذه اإلصالحات المواكبة إلصالح نظام المسؤولية المالية في مجال تدبير‬
‫الميزانية هيئات وأجهزة ومؤسسات الرقابة من خالل دورها في محاربة الفساد المالي (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬كما همت أيضا المنظومة القانونية والتشريعية المتعلقة بالوقاية من الرشوة ومحاربة كل‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.11.445‬صادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2011‬بتحديد عدد محاكم االستئناف المحدثة بها أقسام الجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها‪ ،‬ج‪.‬ر‬ ‫‪1042‬‬

‫عدد ‪ 5995‬بتاريخ ‪ 14‬نونبر ‪.2011‬‬


‫أنظر التقرير الوطني حول دعم النزاهة ومحاربة الرشوة‪ ،‬برنامج عمل للوقاية من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬تدابير على األمد القصير ‪،2012-2010‬‬ ‫‪1043‬‬

‫منشورات و ازرة تحديث القطاعات العامة مطبعة الرسالة‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2011‬ص ‪.8 :‬‬

‫‪384‬‬
‫أشكال الفساد المضر بالمال العام واإلدارة عموما (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور الهيئات والمؤسسات في مكافحة الفساد المالي‬
‫لقد جاء دستور ‪ 2011‬بآليات جديدة وخلق هيئات ومؤسسات عهد إليها بتدعيم قيم النزاهة‬
‫واالستحقاق‪ ،‬وتقوية آليات الرقابة‪ ،‬وتعزيز الشفافية في مجال التدبير المالي واإلداري‪ .‬وبالتالي ساهم‬
‫الدستور الجديد في مواصلة إصالح المنظومة القانونية والمؤسساتية المتعلقة بالوقاية من الرشوة‬
‫ومحاربة الفساد‪ ،‬وتشجيع الشراكة والتعاون على المستوى الوطني والدولي‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وبغاية تقوية آليات المنظومة الوطنية للشفافية والنزاهة تمت دسترة جل‬
‫‪1044‬‬
‫من الرشوة‪،‬‬ ‫مؤسسات تخليق الحياة العامة والحكامة الجيدة‪ ،‬ومنها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية‬
‫‪1046‬‬ ‫‪1045‬‬
‫فكل هذه المؤسسات والهيئات إلى جانب المؤسسات‬ ‫ومؤسسة الوسيط‬ ‫ومجلس المنافسة‬
‫الرسمية األخرى تساهم في ترسيخ وتوطين قيم الشفافية ومبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬ونشر ثقافة المرفق‬
‫العام‪ ،‬وإذكاء قيم وروح المواطنة المسؤولة‪.‬‬

‫وتماشيا مع المواثيق الدولية‪ ،‬فقد طور المغرب عالقات التعاون الدولي في مجال الوقاية من الرشوة‬
‫ومحاربة الفساد‪ ،‬من خالل انخراطه في البرامج الدولية المعنية بمكافحة الفساد والوقاية منه‪ ،‬عبر‬
‫‪1047‬‬
‫والمتعددة األطراف‪ ،‬خصوصا بعدما نص الدستور الجديد‬ ‫إبرامه للعديد من االتفاقيات الثنائية‬
‫‪1048‬‬
‫وفي هذا اإلطار جاء تنظيم‬ ‫لسنة ‪ 2011‬على سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية‪،‬‬
‫المغرب "لمؤتمر الدول األطراف في اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد خالل الفترة الممتدة ما بين‬
‫‪ 24‬و‪ 28‬أكتوبر ‪ 2011‬بمراكش‪.‬‬

‫فالمشرع وفي إطار الوعي بجسامة وخطورة التحديات التي تطرحها قضية محاربة الرشوة والفساد‪،‬‬
‫وكذا الرهانات التي يتعين كسبها لتحسين المحيط العام االقتصادي والسياسي واالجتماعي‪ ،‬فقد بادر‬
‫إلى خلق هيئات ومؤسسات عهد إليها بمكافحة الفساد والوقاية منه ومنها الهيأة المركزية للوقاية من‬
‫الرشوة (الفرع األول)‪ ،‬مجلس المنافسة (الفرع الثاني)‪ ،‬مؤسسة الوسيط (الفرع الثالث)‪ ،‬ثم وحدة‬
‫معالجة المعلومات المالية (الفرع الرابع)‪.‬‬

‫الفصل ‪ 167‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1044‬‬

‫الفصل ‪ 166‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1045‬‬

‫الفصل ‪ 162‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1046‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.07.58‬صادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بنشر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في ‪ 31‬أكتوبر ‪،2003‬‬ ‫‪1047‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5596‬بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪.2008‬‬


‫الفقرة األخيرة من تصدير دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 2011‬والتي تنص على ‪" :‬جعل االتفاقيات الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وفي‬ ‫‪1048‬‬

‫نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة‪ ،‬وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو فور نشرها‪ ،‬على التشريعات الوطنية‪."...‬‬

‫‪385‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة‬

‫لقد أحدثت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بموجب مرسوم‪1049‬بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪،2007‬‬
‫في إطار االستجابة التفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد وخصوصا المادة السادسة‪1050‬التي تشير‬
‫إلى تكفل كل دولة طرف في االتفاقية بوجود هيئة وطنية مستقلة تتولى الوقاية من الفساد‪.‬‬

‫فما مدلول الفساد إذن من المنظور القانوني و من منطلق الحكامة الجيدة و المنظور‬
‫التشريعي البرلماني من خالل الرقابة ؟‬

‫على الرغم من وجود اتفاق عام على أن الفساد هو أخطر اآلفات التي تعانيها المجتمعات‬
‫المعاصرة ‪ ،‬إال أنه ال يوجد تعريف جامع مانع لماهية الفساد‪ .‬وتكثر الحيرة حين يتعلق األمر‬
‫بم حاولة اإلجابة عن تساؤالت وثيقة الصلة بقضية الفساد وتوابعها ‪ :‬كاألسباب الجوهرية للفساد‬
‫ومظاهره ومدى انتشاره‪ ،‬وتطور األساليب المعقدة التي تكتنف ممارسات المفسدين لتجنب المحاسبة‬
‫والمالحقة القضائية أو اإلدارية‪ ،‬وانعكاسات ذلك على العمليات االقتصادية والسياسية والمالية‪.‬‬
‫‪1051‬‬
‫حيث‬ ‫فالفساد تتنوع منطلقاته الفكرية في مجال تعريفه‪ ،‬ناهيك عن تباين المصالح السياسية‪،‬‬
‫يصعب تصور تعريف الفساد السياسي بعيدا عن السياسة‪.‬‬

‫ويتحدد تعريف الفساد من خالل ثالثة منطلقات رئيسية‪ ،‬وبالتالي وضع المعايير واألدوات‬
‫لمكافحته‪ ،‬وهي‪ :‬المنطلق أو المفهوم القانوني‪ ،‬ومنطلق الحكم الجيد أو الرشيد‪ ،‬والمنطلق التشريعي‬
‫البرلماني‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الفساد من المنظور القانوني ‪:‬‬

‫يعرف البعض الفساد بأنه‪ ،‬خروج عن القوانين واألنظمة‪ ،‬أو استغالل غيابهما‪ ،‬من أجل‬
‫تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية مالية وتجارية‪ ،‬أو اجتماعية لصالح الفرد أو صالح جماعة‬
‫معينة للفرد له مصالح شخصية معها‪ .‬ويرى آخرون أن الفساد جريمة ناتجة عن ظاهرة اجتماعية‬
‫تتمثل في االستخدام المغرض من قبل الموظف ألجهزة السلطة واإلدارة وصالحياته الوظيفية بهدف‬
‫االغتناء الذاتي وبشكل غير مشروع‪ ،‬ومخالف للقوانين‪.‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.05.1228‬صادر في ‪ 13‬مارس ‪ 2007‬بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5513‬بتاريخ ‪ 02‬أبريل ‪.2007‬‬ ‫‪1049‬‬

‫تنص المادة السادسة الفقرة األولى من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ‪ 2003‬على أنه ‪ -1" :‬تكفل كل دولة طرف‪ ،‬وفقا للمبادئ‬ ‫‪1050‬‬

‫األساسية لنظامها القانوني‪ ،‬وجود هيئة أو هيئات‪ ،‬حسب االقتضاء تتولى منع الفساد"‪.‬‬
‫علي الصاوي ‪" :‬دور المجالس العربية في مكافحة الفساد"‪ ،‬ورقة مقدمة في مؤتمر "برلمانيون عرب ضد الفساد‪ ،‬تعزيز الشفافية والمحاسبة في‬ ‫‪1051‬‬

‫العالم العربي"‪ ،‬الذي نظمته المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد ‪ Gopac‬بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية "‪"Transparency international‬‬
‫وبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي "‪ "UNDP‬والجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية‪ ،‬بيروت ‪ 18‬نونبر ‪ ،2004‬ص ‪.12 :‬‬

‫‪386‬‬
‫وهناك تعريف ثالث‪ ،‬يقول أن الفساد هو سلوك منحرف عن الواجبات الرسمية لوظيفة‬
‫عامة بسبب خاص عائلي أو شخصي أو عصبة خاصة‪ ،‬لتحقيق مكاسب مالية أو مركز مرموق أو‬
‫نفوذ‪ ،‬وذلك بالمخالفة لقواعد القانون‪.‬‬

‫وبشكل عام يمكن إبداء مالحظات في تعريفات الفساد من المنظور القانوني وهي‪:‬‬

‫‪ -‬مخالفة القانون والنظام العام وتعليمات المنصب الوظيفي العام بشكل غير منسجم مع القيم‬
‫‪1052‬‬
‫األخالقية السائدة في المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬سوء استخدام المنصب الوظيفي أو استغالله بهدف خدمة أغراض خاصة أو تحقيق منافع‬
‫شخصية مادية أو معنوية‪ .‬ومن تم فالفساد يلحق حتما الضرر بالمصلحة العامة‪ .‬ومن‬
‫أبرز السلوكيات التي تعبر عن ظاهرة الفساد هناك ‪:‬‬

‫• الرشوة‪ :‬وهي الحصول على أموال أو منفعة من أجل تنفيذ عمل مخالف ألصول المهنة‪.‬‬

‫• المحسوبية ‪ :‬وهي تنفيذ أعمال لصالح أفراد أو جهة ينتمي لها الشخص مثل الحزب‬
‫والعائلة والقبيلة دون أن يكونوا مستحقين لها‪.‬‬

‫• المحاباة‪ :‬وهي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح‬
‫معينة‪.‬‬

‫• الواسطة ‪ :‬وهي التدخل لصالح فرد ما‪ ،‬أو جماعة دون االلتزام بأصول العمل والكفاءة‬
‫الالزمة كتعيين شخص في منصب معين ألسباب تتعلق بالقرابة أو االنتماء الحزبي على‬
‫الرغم من كونه غير كفء‪.‬‬

‫• نهب المال العام‪ :‬وهو الحصول على أموال الدولة والتصرف فيها من غير وجه حق‬
‫بشكل سري بواسطة مسميات وطرق مختلفة‪.‬‬

‫• االبتزاز‪ :‬وهو الحصول على أموال من طرف أو جهة معينة في المجتمع مقابل تنفيذ‬
‫مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المبتز‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف الفساد من منظور الحكامة الجيدة ‪:‬‬

‫من هذا المنظور‪ ،‬يمكن القول أن الفساد هو محاولة شخص ما وضع مصالحه الخاصة‬
‫فوق المصلحة العامة أو فوق القواعد التي تعهد بخدمتها‪.‬‬

‫علي الصاوي ‪" :‬دور المجالس العربية‪ ،".............................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.13 :‬‬ ‫‪1052‬‬

‫‪387‬‬
‫فمنظمة الشفافية الدولية اعتبرت أن الفساد هو ‪" :‬كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب‬
‫العام لتحقيق مصلحة خاصة‪ ،‬أي استغالل المسؤول منصبه من أجل تحقيق منفعة شخصية ذاتية‬
‫لنفسه أو لجماعته"‪.‬‬

‫وتتقاطع الحكامة الجيدة مع عملية مكافحة الفساد في مواضع عدة ألنها تتطلب وجود‬
‫مقاييس ومعايير لتقييم أداء المجتمع في مكافحة الفساد‪ ،‬وأن تتميز هذه المعايير بدرجة عالية من‬
‫سيادة القانون حتى تتمتع بالمصداقية‪ ،‬وتحوز وتحظى بقبول المجتمع‪ ،‬وبالتالي تنجح الدولة في‬
‫إشراكه في تحمل مسؤولية سيادة القانون والنظام‪ ،‬عندما تقوم هذه األخيرة بمحاسبة من ال يحترمون‬
‫هذه المعايير واإلجراءات‪ .‬فالشفافية والحكامة تحتاج إلى المعلومات الوافرة في الوقت المناسب لكي‬
‫يتم مراجعة طرق القضاء على الفساد وتجفيف منابعه‪ .‬فالحياة السياسية تتطلب مشاركة المواطنين‬
‫فيها لتطوير الحكامة‪ ،‬فمن خالل تعزيز قدرة المجتمع على مكافحة الفساد ضمن منظومة سيادة‬
‫القانون‪ ،‬والمساءلة والشفافية يتم القضاء على الفساد المالي واإلداري والسياسي في كل بلد‪.‬‬

‫‪ -3‬تعريف الفساد من منظور برلماني ‪:‬‬

‫بصفة عامة‪ ،‬يرى البعض أن الفساد هو كل إساءة في استخدام المنصب العمومي أو‬
‫السلطة الرسمية أو موارد المجتمع من ضرائب ومساهمات لتحقيق منافع خاصة ذاتية أو للغير‪.‬‬
‫فعيون المجتمع تسلط على المسؤولين العموميين في اإلدارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬وتصرفات‬
‫وسياسات هذه المؤسسات‪ ،‬فإذا كا نت منحازة إلى مصالح خاصة اعتبرها الناس مظه ار من مظاهر‬
‫الفساد‪ ،‬حتى ولو كانت اإلجراءات اإلدارية واألساليب الشكلية مطابقة للقانون‪.‬‬

‫والشك أن هذا الوضع يترك أثره السلبي على نظرة المجتمع إلى النواب البرلمانيين الذين‬
‫يتورطون في االنحراف بالتشريع‪ ،‬وال يقومون بما ينتظره الناس لمكافحة الفساد واستغالل القانون‪،‬‬
‫فالمجتمع ال يتساهل مع النواب في هذه المسألة‪ ،‬فيحملهم مسؤولية استمرار الفساد حتى ولو حاوال‬
‫ألسباب تكون أقوى منهم‪ .‬فالفساد ينتج عن اإلضرار بقيم الديمقراطية التي تحث على‬ ‫‪1053‬‬
‫وفشلوا‬
‫المشاركة السياسية والمساواة‪ .‬فالمساواة لها قيمة عليا في نظرية الديمقراطية واإلخالل بها يعد فسادا‪،‬‬
‫ألنها ترفض النظر إلى المواطنين على أنهم "رعية أو أتباع" وال تفرق بينهم وبين الحكام في المواطنة‬
‫والمساواة أمام القانون وحتى في حاالت "التمييز اإليجابي" لبعض المواطنين كذوي الحاجيات‬
‫الخاصة وأبناء المقاومة فإنه يجب أن يتم بالرضى من المجتمع ويجيزه القانون‪ ،‬وكمثال على ذلك‬
‫تبني بعض الدول اتجاها تمييزيا لصالح المرأة من الناحية االجتماعية والسياسية للنهوض بوضعيتها‬

‫علي الصاوي ‪" :‬دور المجالس العربية في مكافحة الفساد‪ ،‬برلمانيون عرب"‪..................... ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.32 :‬‬ ‫‪1053‬‬

‫‪388‬‬
‫وتقدمها وهنا تغلب الشرعية السياسية وتتجاوز نطاق المشروعية القانونية‪.‬‬

‫وبناء عليه تأتي أهمية البرلمان ودور النواب في التعبير عن إرادة ونظرة الرأي العام ضد‬
‫الفساد‪ ،‬ألنهم أقرب للتعبير عن الرأي العام‪ ،‬وعليهم يقع العبء األكبر في مكافحة الفساد من خالل‬
‫اآلليات والسلطات التي يمتلكونها في مواجهة الحكومة‪ ،‬ألن البرلمان يعبر عن إرادة األمة ‪ ،‬فمراقبته‬
‫مراقبة ضرورية على اعتبار أنه المؤسسة الوحيدة التي يمكن لألمة أن تضع فيها ثقتها عبر‬
‫التصويت لتمثيلها في مراقبة تدبير الشأن العام سواء المالي أو اإلداري و البحث عن بؤر الفساد و‬
‫كشف كل أصنافه ‪ ،‬ويمكن تصنيف الفساد من خالل األنواع التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬الفساد السياسي ‪ :‬وهو إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة ألهداف غير‬
‫مشروعة كالرشوة‪ ،‬االبتزاز‪ ،‬المحسوبية‪ ،‬واالختالس‪.‬‬

‫‪ -‬الفساد المالي‪ :‬ويتمثل في مجمل االنحرافات المالية ومخالفة القواعد واألحكام المالية التي‬
‫تنظم سير العمل اإلداري والمالي في الدولة ومؤسساتها‪.‬‬

‫‪ -‬الفساد اإلداري‪ :‬ويتعلق بمظاهر الفساد واالنحرافات اإلدارية والوظيفية أو التنظيمية‪ ،‬وتلك‬
‫المخالفات التي تصدر عن الموظف العمومي خالل تأديته لمهام وظيفته الرسمية ضمن‬
‫منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية والجماعية‪.‬‬

‫وبالعودة إلى الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة والتي من أهم غاياتها مكافحة الفساد بشتى‬
‫أنواعه داخل اإلدارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬وتتجلى أهم أهدافها ومهامها حسب المادة الثانية من‬
‫‪1054‬‬
‫فيما يلي ‪:‬‬ ‫مرسوم اإلحداث‬

‫‪ -‬تقترح على الحكومة التوجهات الكبرى لسياسة الوقاية من الرشوة‪ ،‬والسيما فيما يتعلق بالتعاون‬
‫بين القطاع العام والقطاع الخاص لمكافحة الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬تقترح التدابير الرامية إلى تحسيس الرأي العام‪ ،‬وتنظيم حمالت إعالمية لهذا الغرض‪.‬‬

‫‪ -‬تساهم بتعاون مع اإلدارات والمنظمات المعنية في تنمية التعاون الدولي في مجال الوقاية من‬
‫الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬تتولى تتبع وتقييم التدابير المتخذة لتنفيذ سياسة الحكومة في هذا المجال وتوجيه توصيات‬

‫تنص المادة الثانية –الفقرة األولى‪ -‬من المرسوم رقم ‪ 2.05.1228‬بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ 2007‬المتعلق بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‬ ‫‪1054‬‬

‫على ما يلي ‪" :‬تناط بالهيئة المركزية مهمة تنسيق سياسات الوقاية من الرشوة واإلشراف عليها والسهر على تتبع تنفيذها وجمع ونشر المعلومات في‬
‫هذا المجال‪."...‬‬

‫‪389‬‬
‫إلى‪1055‬اإلدارات والهيئات العمومية والمقاوالت الخاصة وإلى كل متدخل في سياسة الوقاية من‬
‫الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬تبدي إلى السلطات اإلدارية‪ ،‬بعض اآلراء حول التدابير الممكن اتخاذها للوقاية من الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬تتولى جمع كل المعلومات المرتبطة بظاهرة الرشوة وتدبير قاعدة المعطيات المتعلقة بها‪.‬‬

‫‪ -‬تخبر السلطة القضائية المختصة بجميع األفعال التي تبلغ إلى علمها بمناسبة مزاولة مهامها‬
‫والتي تعتبرها أفعاال من شأنها أن تشكل رشوة يعاقب عليها القانون‪.‬‬

‫فهذه الهيئة تعتبر قوة ضاغطة في اتجاه تفعيل التوصيات والتوجيهات التي تصدرها‬
‫المؤسسات المعنية بمحاربة الرشوة‪ ،‬فهي تتوفر على صالحيات تمكنها من رفع تقارير سنوية إلى‬
‫‪1056‬‬
‫الوزير األول ووزير العدل حول نتائج األشغال ومفعول التوصيات وتقييم المنجزات‪.‬‬

‫وقد تم االرتقاء بهذه الهيئة إلى مصاف الهيئات الدستورية‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 167‬من‬
‫دستور ‪ 2011‬على أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تتولى على الخصوص ‪:‬‬
‫"مهام المبادرة والتنسيق واإلشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتلقي ونشر المعلومات‬
‫في هذا المجال‪ ،‬والمساهمة في تخليق الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق‬
‫العام‪ ،‬وقيم المواطنة المسؤولة"‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار قدمت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة مقترحاتها ذات األولوية في مجال‬
‫الوقاية من الفساد ومكافحته والتي همت على الخصوص‪:‬‬

‫‪ -1‬مقترحات لتطويق الفساد وردع المفسدين‪.‬‬

‫‪ -2‬مقترحات لتعزيز المساءلة وتقديم الحساب‪.‬‬

‫‪ -3‬مقترحات لمكافحة اإلفالت من المتابعة‪.‬‬

‫‪ -4‬مقترحات لمكافحة اإلفالت من العقاب‪.‬‬

‫‪ -5‬مقترحات لمحاربة الريع السياسي‪.‬‬

‫‪ -6‬مقترحات لمنع تحقيق االمتيازات‪.‬‬

‫‪ -7‬مقترحات لتخليق القضاء وترسيخ دوره في مكافحة الفساد‪.‬‬

‫أنظر التقرير السنوي لهذه الهيأة برسم الفترة ‪ 2011-2010‬الصادر سنة ‪.2012‬‬ ‫‪1055‬‬

‫أجهزة الوقاية ودورها في محاربة الفساد‪ ،‬إصدار و ازرة تحديث القطاعات العامة‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2011‬ص ‪.10 :‬‬ ‫‪1056‬‬

‫‪390‬‬
‫‪ -8‬مقترحات لضمان حق وأمن المواطنين في التبليغ عن الفساد ومعاقبته‪.‬‬

‫‪ -9‬مقترحات للنهوض بقدرات المكافحة لدى الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪.‬‬

‫مقترحات لترسيخ البعد االستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد‪.‬‬ ‫‪-10‬‬

‫فحصيلة منجزات الهيئة بعد تنصيبها رسميا يوم ‪ 2‬دجنبر ‪ 2008‬عديدة ومتنوعة‪ ،‬فقد‬
‫قامت بأنشطة همت األمور التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬اعتماد تشخيص يقوم على التحصيل الوثائقي ومؤشرات مالمسة الرشوة الذي مكن من تأكيد‬
‫إجماع مختلف التقارير والتحقيقات على أن رقعة الفساد تتسع باستمرار لتطال العديد من‬
‫‪1057‬‬
‫المغرب‬ ‫القطاعات باالرتباط مع اختالالت الحكامة الشيء الذي ينعكس على تصنيف‬
‫بين الدول في مجال مكافحة الفساد والوقاية من الرشوة‪.‬‬

‫‪ -2‬اعتماد تقييم شمولي للمنجزات أفضى إلى المالحظات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬غياب البعد اإلستراتيجي لمكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪ -‬وجود ترسانة قانونية واسعة ومالئمة لكنها غير كافية على مستوى‪:‬‬

‫اآلليات الزجرية حيث يالحظ على سبيل المثال عدم التنصيص على األغيار الوسطاء والموظفين‬
‫‪1058‬‬
‫العموميين األجانب واألشخاص المعنويين‪.‬‬

‫اآلليات الوقائية حيث يالحظ غياب تشريع يكفل الولوج إلى المعلومات‪ ،‬ومنع تضارب المصالح‪،‬‬
‫إضافة إلى وجود بعض الثغرات تتعلق بقوانين التصريح بالممتلكات واالنتخابات والصفقات العمومية‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫أفاد التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لسنة ‪ ،2011‬بأن المغرب احتل المرتبة ‪ 80‬عالميا من بين ‪ 183‬دولة جرى تصنيفها طبقا لمؤشر‬ ‫‪1057‬‬

‫الشفافية‪ ،‬وقد حصل المغرب على نقطة ‪ 3,4‬على ‪ 10‬في معدل الشفافية واعتبرت "ترانسبارنسي المغرب" على أن المغرب لم يحسن وضعه بخصوص‬
‫محاربة الرشوة خالل سنة ‪ 2011‬مقارنة مع سنة ‪ . 2010‬واعتبرت المنظمة المغربية لمحاربة الرشوة على أن عدم تفعيل نظام النزاهة جعل وضعية‬
‫المغرب خالل التسع سنوات األخيرة ضمن شريحة الدول التي تعد "الرشوة فيها ظاهرة مزمنة" وظل تنقيطه يتراوح ما بين ‪ 3,2‬و‪ 3,5‬على عشرة‪ .‬واعتبر‬
‫تقرير المكتب التنفيذي "لترانسبارنسي المغرب" على أن هذه الوضعية جعلت المغرب خالل سنة ‪ 2011‬يتدحرج من المرتبة الثامنة إلى المرتبة العاشرة‬
‫بين الدول العربية الثمانية عشرة (‪ .) 18‬ومن المؤشرات غياب اإلرادة لدى كل الفاعلين لوضع حد للظاهرة ‪ .‬فقد سجلت "ت ارنسبارنسي المغرب" وكشفت‬
‫عن عدد من فضائح الفساد المالي خالل هذه السنة‪ ،‬وعزته إلى ضعف تحرك القضاء لمحاسبة المتورطين‪ ،‬وفي ذات السياق طالبت بضرورة إعمال‬
‫آليات عدم اإلفالت من العقاب‪ ،‬ومتابعة المتورطين في كل أشكال الفساد‪ ،‬السيما أفعال الرشوة ونهب المال العام‪ ،‬مشددة على أن وضع حد للظاهرة‬
‫يمر عبر بناء نظام وطني للنزاهة‪.‬‬
‫وللمزيد من المعرفة حول اختالس المال العام يمكن الرجوع لكتاب عبد هللا الشرقاوي ‪" :‬قضايا اختالس المال العام في المغرب"‪ ،‬نماذج من ق اررات‬
‫محكمة النقض‪ ،‬رصد اختالسات المال العام‪ ،‬سلسلة ذاكرة وحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،2‬الطبعة الثانية ‪.2012‬‬
‫موالي الحسن العلوي ‪" :‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الخصوصيات‪ ،‬الحصيلة اإلكراهات واآلفاق‪ ،‬االقتصاد الخفي والجرائم المالية ودورها‬ ‫‪1058‬‬

‫في إعاقة التنمية ‪ :‬أوجه الوقاية والمكافحة"‪ ،‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف بالرباط العدد الرابع‪ ،2012 ،‬ص ‪.67 :‬‬

‫‪391‬‬
‫‪ -‬وجود إطار مؤسساتي شامل لكنه يفتقر للتناسق بفعل ‪:‬‬

‫• ضعف المراقبة البرلمانية التي ال توظف بفعالية جميع اآلليات المتاحة لها‪.‬‬

‫• النجاعة المحدودة لهيئات التفتيش والمراقبة‪.‬‬

‫• محدودية فعالية المحاكم المالية‪.‬‬

‫• غياب قضاء متخصص في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬

‫• وجود آليات متنوعة للتواصل والتبليغ عن الفساد لكنها غير متماسكة ومعزولة عن‬
‫بعضها‪ ،‬الشيء الذي أفضى إلى ضعف فعاليتها على خلفية اإلحجام النسبي‬
‫للمواطنين عن التبليغ عن الفساد‪.‬‬

‫‪ -3‬تحديد التوجهات اإلستراتيجية‪:‬‬

‫على ضوء نتائج التقييم الذي قامت به الهيئة‪ ،‬فقد اقترحت على الحكومة اعتماد إستراتيجية‬
‫عامة لمكافحة الرشوة تمحورت حول التوجهات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تعميق التشخيص والتقييم وبرمجة المكافحة‪.‬‬

‫‪ -‬استكمال اآلليات الزجرية‪.‬‬

‫‪ -‬ترسيخ قيم الحكامة الجيدة بالقطاع العام‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز نزاهة وشفافية الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬النهوض بالشفافية والنزاهة في تدبير المالية العمومية والصفقات‪.‬‬

‫‪ -‬تحصين الجهاز القضائي من الفساد وتعزيز دوره في المكافحة‪.‬‬

‫‪ -‬ترسيخ قيم النزاهة والشفافية واألخالقيات بالقطاع العام والخاص‪.‬‬

‫‪ -‬النهوض باإلعالم والتواصل وتعزيز التعاون والشراكة لمكافحة الرشوة‪.‬‬

‫‪ -4‬النهوض بالدور االقتراحي واالستشاري للهيئة المركزية من خالل ‪:‬‬

‫‪ -‬ترجمة التوجهات اإلستراتيجية إلى ‪ 25‬اقت ارحا مبوبا إلى ‪ 113‬إجراء يمكن تلخيصها فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫• إجراءات لتطوير آليات الرصد والتشخيص والتقييم ودعم التخطيط والبرمجة في مجال‬
‫مكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫• إجراءات تتوخى توسيع دائرة التجريم ومراجعة نظام العقوبات المطبق في مجال الفساد‪.‬‬

‫• إجراءات قانونية وعملياتية لتعزيز شفافية اإلدارة العمومية ومواصلة تحجيم مواطن الفساد‬
‫‪1059‬‬
‫وتعزيز الرقابة السياسية وتحسين مستوى التنسيق بين هيئات‬ ‫وتيسير التبليغ عنه‬
‫المراقبة وتعزيز دور المحاكم المالية‪.‬‬

‫• اقتراحات لضمان انخراط الهيئات السياسية في دينامية مكافحة الفساد وتعزيز شفافية‬
‫ممارستها وتدبيرها المالي‪.‬‬

‫• إجراءات لضمان انفتاح الميزانية العمومية وتعزيز فعالية منظومة الصفقات العمومية‪.‬‬

‫• اقتراحات تستهدف تدعيم استقالل القضاء وتعزيز شفافيته وفعاليته والتوجه نحو اعتماد‬
‫قضاء متخصص في مجال مكافحة الفساد‪.‬‬

‫• اقتراحات للنهوض بالممارسات الجيدة لحكامة المقاوالت وإشاعة ثقافة الشفافية والمحاسبة‬
‫لتشمل كافة أنشطتها‪.‬‬

‫• إجراءات تستهدف توسيع دائرة التواصل والتحسيس وتعزيز المشاركة الفعالة والفاعلة‬
‫للمجتمع المدني وتنمية آليات التعاون والشراكة مع الفاعلين المعنيين على المستويين‬
‫الوطني والدولي‪.‬‬

‫• االستجابة لطلبات االستشارة لمواكبة المشاريع الموجودة في طور التحضير والمتعلقة على‬
‫الخصوص بـ ‪:‬‬

‫‪ -‬مشروع إصالح القضاء الذي فتح النقاش بخصوصه هذه السنة‪.‬‬


‫‪1060‬‬
‫‪ -‬مشروع إصالح منظومة الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬مشروع الجهوية الموسعة‪.‬‬

‫أنظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.164‬الصادر في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 37.10‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪22.01‬‬ ‫‪1059‬‬

‫المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين‪ ،‬فيما يخص جرائم الرشوة واالختالس واستغالل النفوذ وغيرها‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 5988‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪.2011‬‬
‫لقد أبان مرسوم ‪ 2.06.388‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة‪ ،‬وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها عن‬ ‫‪1060‬‬

‫ضعف كبير وثغرات واضحة‪ ،‬لذا يجب إغناؤه بمقتضيات إضافية على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪ -‬كالحد من السلطة التقديرية الواسعة المخولة لصاحب المشروع‪ ،‬في مجاالت اختيار مسطرة إبرام الصفقات‪ ،‬وتحرير دفتر التحمالت‪ ،‬ونشر‬
‫التقديرات‪ ،‬واإلجابة على طلبات التوضيح الواردة عن المتنافسين‪.‬‬
‫‪ -‬إحداث آلية مستقلة للحسم في الشكايات والتظلمات‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد المرجعيات األسا سية للمراقبة والتدقيق‪ ،‬ونشر تقارير التدقيق المرفوعة للوزراء أو المسؤولين المعنيين‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫‪1061‬‬
‫‪ -‬الحوار الوطني حول اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -‬تحيين برنامج عمل الحكومة في مجال محاربة الرشوة ومكافحة الفساد‪.‬‬

‫أما فيما يخص اإلكراهات المطروحة على الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة فتتلخص في ‪:‬‬

‫‪ -‬الغموض الذي ال زال يكتنف إطارها القانوني بعد صدور دستور ‪ 2011‬خصوصا على‬
‫مستوى استقاللية التدبير المالي واإلداري وتفعيل مهام التنسيق والتعاون التي تبقى رهينة‬
‫باالنخراط الفعلي لمختلف الجهات المعنية من سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية‪.‬‬

‫‪ -‬غياب التقييم الموضوعي والمنتظم للسياسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬محدودية التفاعل مع مقترحات الهيئة المركزية‪ ،‬حيث تم تسجيل ‪:‬‬

‫• عدم االستجابة لمستلزمات البعد اإلستراتيجي والبرمجة المحكمة للعمل الحكومي‪.‬‬

‫• اختزال البرنامج الحكومي في إجراءات محدودة أغلبها ذات طابع أفقي‪.‬‬

‫• بطء وتيرة تنفيذ المقترحات وتفعيل المقاربة التشاركية‪.‬‬

‫• إشكالية التنسيق والتواصل بين مختلف وحدات القطاع العام‪.‬‬

‫• صعوبة قياس حجم وطبيعة الفساد بمؤشرات موضوعية مضبوطة‪.‬‬

‫فقد جاء تقرير الهيئة برسم سنة ‪ 2011-2010‬بمقاربة شمولية تأسست على مؤشرات‬
‫مباشرة وغير مباشرة تسمح بمالمسة تفشي ظاهرة الفساد وانعكاساتها على الحكامة والتنافسية‪ ،‬ثم‬
‫مقاربة قطاعية سمحت بتشخيص اختالالت الحكامة بالقطاعين العام والخاص وبالحياة السياسية‪،‬‬
‫حيث تم رصد مكامن الخلل على مستوى تدبير األموال والصفقات العمومية‪ ،‬وأخي ار مقاربة جهوية‬
‫تقوم على رصد تجليات الفساد على مستوى ممارسة الشأن المحلي‪ ،‬حيث تم رصد ثالثة أصناف من‬
‫المخالفات‪ ،‬تخص األولى اإلخالل بالضوابط األخالقية‪ ،‬وتهم الثانية اإلخالل بالمقتضيات القانونية‬
‫والتنظيمية‪ ،‬في حين تستهدف الثالثة اإلخالل بقواعد حسن التدبير‪.‬‬

‫وبخصوص تقييم سياسات مكافحة الفساد‪ ،‬أبرز التقرير أهمية المنجزات القانونية‬
‫والمؤسساتية وتالؤمها بشكل عام مع المعايير الدولية المعتمدة‪ ،‬إال أنه وقف بالمقابل على بعض‬
‫مواطن النقص التي يتعين تجاوزها خاصة على مستوى ‪:‬‬

‫انطلق الحوار الوطني حول اإلعالم والمجتمع في ‪ 28‬يناير ‪ 2010‬بمبادرة من البرلمان‪ ،‬وتوج في أكتوبر ‪ 2011‬بكتاب أبيض يتضمن ‪303‬‬ ‫‪1061‬‬

‫توصية‪ ،‬وقد تمت مناقشة واقع ومستقبل مجموع الحقل اإلع المي الوطني وجمع آراء المهنيين والفاعلين المؤسساتيين والجمهور لالرتقاء بمكانة وسائل‬
‫اإلعالم في المجتمع المغربي‪ ،‬وفق ممارسة ديمقراطية لحرية التعبير‪ ،‬وعلى أساس المصداقية في عالقة اإلعالم بالجمهور‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫‪ -‬غياب البعد االستراتيجي الكفيل بإرساء سياسية لمكافحة الفساد فعالة ومندمجة وذات أهداف‬
‫مرسومة ومحددة وقابلة للتتبع والتقييم‪.‬‬

‫‪ -‬عدم مالءمة المنظومة الجنائية والقضائية لمتطلبات مكافحة الفساد‪ ،‬خاصة على مستوى‬
‫قصور دائرة التجريم‪ ،‬ومحدودية األثر الردعي للعقوبات‪ ،‬وتعثر اإلطار القضائي على مستوى‬
‫االستقاللية والنزاهة والفعالية‪ ،‬وقصور فعالية المالحقة والمقاضاة وتنفيذ األحكام‪.‬‬

‫‪ -‬غياب تناسق جهود آليات المساءلة وإعطاء الحساب‪ ،‬نظ ار لضعف عالقاتها المؤسسية‬
‫وقصور تعاونها وتبادلها للخبرات والمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف الحكامة العمومية التي يعزى إلى الهفوات الملحوظة على مستوى منع تضارب‬
‫المصالح وتحجيم اإلثراء غير المشروع‪ ،‬وتدبير الموارد البشرية والمالية والصفقات العمومية‬
‫والعالقات بين اإلدارة والمواطنين‪.‬‬

‫‪ -‬هشاشة الحكامة الترابية الناتجة عن ضعف شفافية التدبير المحلي وتذبذب العالقة بين‬
‫الهيئات المنتخبة والمواطنين وعدم مالءمة أجهزة الوصاية والمراقبة ومحدودية عمل أجهزة‬
‫المساءلة وتقديم الحساب‪.‬‬

‫كما أن الهيئة جاءت بمنظور يعطي األهمية للحكامة من أجل ترسيخ مقومات النزاهة‬
‫والشفافية والمسؤولية كجسر أساسي لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المستدامة؛ حيث وقفت‬
‫في تقريرها هذا على المقتضيات الدستورية التي أصلت لقواعد الحكامة الجيدة الذي أكد على حتمية‬
‫‪1062‬‬
‫التفاعل مع هذه القواعد على مستوى التصريف القانوني والممارسة العملية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬رصد التقرير المقتضيات الدستورية المكرسة لدولة القانون والمؤسسات‪،‬‬
‫خاصة ما يتعلق بضمانات الحق في الوصول إلى المعلومة‪ ،‬كما وقف التقرير على اآلليات الجديدة‬
‫لتعزيز المساءلة وربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬خاصة المقتضيات المتعلقة بملتمس الرقابة‬
‫واللجان النيابية لتقصي الحقائق وإخضاع مسؤولي المؤسسات العمومية للمساءلة المباشرة للبرلمان‪،‬‬
‫وضمان مكانة متميزة للمعارضة وحذف المحكمة العليا لمحاكمة الوزراء ‪ ،‬وتدقيق الحصانة البرلمانية‬
‫وتعزيز دور المجلس األعلى والمجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬

‫كما أكد التقرير على المقتضيات الدستورية المتعلقة بمقومات الحكامة الجيدة‪ ،‬خاصة تلك‬
‫التي تهم دسترة مبادئ المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج للمرافق العمومية وإخضاع‬

‫الملخص التنفيذي لتقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة –رئاسة الحكومة‪ ،2011-2010 -‬ص‪.4:‬‬ ‫‪1062‬‬

‫‪395‬‬
‫تسيرها لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة‪ ،‬وإلزام هذه المرافق بتقديم الحساب عن تدبيرها لألموال‬
‫العمومية‪ .‬وأيضا معالجة قضايا الحكامة الترابية خاصة ما يتعلق منها بمكانة الجهة في عمليات‬
‫إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪ ،‬وتوضيح دور الوالة والعمال الذين يمثلون السلطة المركزية في‬
‫الجماعات الترابية‪.‬‬

‫كما وقف التقرير على آليات محاربة االمتياز ووضعيات االحتكار والهيمنة وزجر االنحرافات‬
‫المتعلقة بمسطرة إبرام الصفقات العمومية ومنع تضارب المصالح‪.‬‬

‫كما قدم التقرير مجموعة من المقترحات والتوصيات‪1063‬من بينها ‪:‬‬

‫‪ -‬تدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة من خالل ‪:‬‬

‫• مراجعة اإلطار القانوني للمفتشيات العامة في اتجاه التنصيص على إلزامية تحريك‬
‫المسطرة التأديبية أو الجنائية على ضوء التجاوزات المرصودة‪ ،‬وعلى القيام بمأموريات‬
‫مباغثة بشكل تلقائي أو بناء على أمر من الوزير‪ ،‬وعلى نشر تقاريرها واضطالعها‬
‫بمهمة تتبع تنفيذ التوصيات الواردة بتقارير المحاكم المالية والهيئة المركزية للوقاية من‬
‫الرشوة‪.‬‬

‫• تعزيز دينامية مراقبة المحاكم المالية خاصة من خالل توسيع اختصاصها في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ليشمل أعضاء الحكومة والبرلمان‪ ،‬وتمكين‬
‫نياباتها العامة من رفع األفعال التي تستوجب عقوبات جنائية مباشرة إلى وكالء الملك‪،‬‬
‫وتفعيل صالحياتها في مجال إصدار األحكام باسترجاع المبالغ المطابقة للخسائر‬
‫المترتبة عن المخالفات المرتكبة‪ ،‬ومراجعة مدة التقادم المنصوص عليها في قانون‬
‫المحاكم المالية‪ ،‬وتعزيز اإلحالة على المجلس األعلى والمجالس الجهوية للحسابات من‬
‫طرف الو ازرات المعنية‪.‬‬

‫• تعزيز شفافية وحكامة اإلدارة المالية خاصة من خالل تطوير جودة وفعالية الميزانية‬
‫واالرتقاء بآليات تتبعها وتقييمها‪ ،‬والرفع من فعالية تقييم وتتبع تنفيذ الميزانية وتطوير‬
‫اآلليات المؤسساتية في هذا المجال‪ ،‬وترسيخ قواعد الشفافية والمنافسة في تدبير‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مجلس المنافسة‬

‫الملخص التنفيذي لتقرير الهيئة المركزية‪ ........................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.6 :‬‬ ‫‪1063‬‬

‫‪396‬‬
‫لقد اختار المغرب نهج اقتصاد السوق منذ السنوات األولى الستقالله وهو اختيار أبانت‬
‫التجربة حكمته وفعاليته‪ ،‬كما أنه اختيار ال رجعة فيه نظ ار لسياسة االنفتاح االقتصادي واالندماج‬
‫داخل السوق الدولية التي ينهجها المغرب‪ ،‬وتعد المنافسة أحد الركائز األساسية لهذا االختيار ودورها‬
‫في تخليق الحياة االقتصادية‪ ،‬وفي تحقيق مقاصد النمو االقتصادي‪ ،‬فهو دور محوري ال يمكن‬
‫تفعيله دون إعطاء األهمية والوسائل القانونية والمادية الالزمة لمؤسسة مجلس المنافسة لكي يسهر‬
‫‪1064‬‬
‫على ضمان احترام هذه الوسائل خصوصا بعد دسترته سنة ‪ 2011‬في الفصل ‪.166‬‬

‫فما هو تكوينه ؟ وما هي مجاالت اختصاصه ؟ وما هي أهدافه ؟‬

‫أ‪ -‬تأليف مجلس المنافسة‪:‬‬

‫يتألف مجلس المنافسة من أعضاء ستة يمثلون اإلدارة في المجلس المنصوص عليه في‬
‫الباب الخامس من القانون رقم ‪ 06-99‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪1065‬وهم‪:‬‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزير المكلف بالعدل‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزير المكلف بالداخلية‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزير المكلف بالمالية‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن األمين العام للحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزير المكلف بالشؤون العامة للحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزير المكلف بالتخطيط‪.‬‬

‫ويعين الممثلون المذكورون أعاله من طرف الوزير األول –رئيس الحكومة حاليا‪ -‬باقتراح‬
‫من السلطة الحكومية التابعين لها‪.‬‬

‫فيعين أعضاء مجلس المنافسة الثالث (‪ )3‬ذوي األهلية في مجال القانون واالقتصاد‬
‫والمنافسة واالستهالك من طرف الوزير األول (رئيس الحكومة)‪.‬‬

‫ويعين األعضاء الثالثة اآلخرين الذين يزاولون أو سبق لهم أن زاولوا نشاطهم في قطاعات‬

‫لقد نص الفصل ‪ 166‬من دستور ‪ 2011‬على أنه ‪" :‬مجلس المنافسة هيئة مستقلة‪ ،‬مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية‬ ‫‪1064‬‬

‫واإلنصاف في العالقات اال قتصادية‪ ،‬خاصة من خالل تحليل وضبط وضعية المنافسة في األسواق‪ ،‬ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات‬
‫التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز االقتصادي واالحتكار"‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.00.854‬صادر في ‪ 17‬شتنبر ‪ 2001‬بتطبيق القانون رقم ‪ 06-99‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4938‬بتاريخ ‪27‬‬ ‫‪1065‬‬

‫شتنبر ‪.2001‬‬

‫‪397‬‬
‫اإلنتاج أو التوزيع أو الخدمات باقتراح من رؤساء جامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات وجامعة‬
‫غرف الصناعة التقليدية وجامعة غرف الصيد البحري وجامعة غرف الفالحة‪.‬‬

‫ويعين رئيس وأعضاء مجلس المنافسة بمرسوم‪1066.‬و هو ما يبين الدور الهام لهذا المجلس‬

‫ب‪ -‬دور وأهداف مجلس المنافسة ‪:‬‬

‫في ظل ظروف االنفتاح االقتصادي والعولمة التي يعرفها العالم‪ ،‬وما يطبعها من تحرير‬
‫للتجارة الدولية ومن حركية رؤوس األموال‪ ،‬ومن تنافس للدول والتجمعات االقتصادية على استقطاب‬
‫االستثمارات وتشجيع اإلبداع وتنمية المبادالت التجارية بحثا عن النمو االقتصادي‪ ،‬وبالتالي فالعالقة‬
‫وطيدة بين التنمية االقتصادية والحكامة الجيدة التي على مجلس المنافسة الحفاظ عليها‪ ،‬من خالل‬
‫الدور المنوط به‪ .‬فتخليق العالقات االقتصادية ومحاربة االحتكار تعد من بين أهم أهداف المجلس‪.‬‬
‫فالتخليق يتطلب تفعيل وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة واالستحقاق داخل العالقات االقتصادية‬
‫بشكل يضمن وضع نظام اقتصادي يشجع اإلبداع واالختراع والمثابرة من جهة‪ ،‬ويعاقب على كل‬
‫األفعال والممارسات التي تخلق نوعا من الربح غير المشروع الذي يتم تحقيقه بوسائل الغش والتدليس‬
‫‪1067‬‬
‫والرشوة والممارسات المنافية للمنافسة‪.‬‬

‫وعلى رأس هذه الممارسات ما يتم في إطار الصفقات العمومية من طرف اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫فتفعيل المنافسة الشريفة والنزيهة ومحاربة كل أشكال االحتكار والريع تعد من بين الركائز‬
‫الهامة لتحقيق الحكامة االقتصادية الجيدة‪ .‬ويسهر على تطبيق هذه المبادئ والركائز بمجلس‬
‫المنافسة عن طريق ‪:‬‬

‫‪ -‬ضبط و زجر الممارسات المنافية لمبادئ حرية المنافسة واإلحتكار‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة التمركزات اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬المرافعة من أجل قضايا المنافسة عن طريق التقييم داخل األسواق‪ ،‬أو التحسيس بأهمية‬
‫المنافسة كأساس للعالقات االقتصادية‪ ،‬والمساهمة في وضع سياسة تنافسية شريفة ونزيهة‪،‬‬
‫وأيضا إبداء الرأي في مشاريع النصوص المعروضة على المجلس‪.‬‬

‫أنظر المرسوم رقم ‪ 2.00.854‬الصادر في ‪ 17‬شتنبر ‪ ،2001‬حول تعيين رئيس مجلس المنافسة وباقي األعضاء‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4938‬بتاريخ ‪27‬‬ ‫‪1066‬‬

‫شتنبر ‪.2001‬‬
‫عبد العالي بنعمور ‪" :‬دور مجلس المنافسة في تخليق العالقات االقتصادية"‪ ،‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬االقتصاد الخفي‪.......،‬‬ ‫‪1067‬‬

‫م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.46 :‬‬

‫‪398‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي والمشورة بخصوص إعانات الدولة‪ ،‬عن طريق دعم بعض القطاعات إال أن‬
‫مجلس المنافسة ال يتوفر على حرية المبادرة‪ ،‬إذ يكتفي فقط باإلجابة على اإلحاالت وطلبات‬
‫الرأي التي يتوصل بها من طرف بعض المؤسسات‪ ،‬وقد حقق بالرغم من ذلك مجموعة من‬
‫المكاسب واإلنجازات‪1068‬والتي همت خمس ميادين أساسية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الدعم المؤسساتي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التحسيس بقضايا المنافسة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إنجاز ونشر دراسات تنافسية بعض القطاعات‪ ،‬وهكذا تم نشر دراسة انكبت على التنافسية في‬
‫الصفقات العمومية قامت بها المنظمة الدولية لتدقيق الحسابات واالستشارة (مازار) لحساب مجلس‬
‫المنافسة‪.‬‬

‫وقد أشارت هذه الدراسة إلى غياب العقوبات عن عدم نشر طلبات العروض التي يقوم بها‬
‫اآلمرون بالصرف‪ ،‬مما يحول دون ولوج متنافسين جدد‪ ،‬ويخلق عدم تنافس شفاف حول الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وقد اقترحت المنظمة صاحبة الدراسة إنشاء رصد للنفقات العمومية من أجل ضمان المزيد‬
‫من التواصل والشفافية على مستوى الصفقات العمومية‪.‬‬

‫كما دعت الدراسة‪ ،‬إلى مراقبة جدوى وفعالية القوانين المنظمة وذلك حتى ال يشكل اإلطار‬
‫التنظيمي عائقا أمام المقاوالت الراغبة في تقديم عروضها في مجال طلبات العروض بالنسبة‬
‫لإلدارات والمؤسسات العمومية‪ .‬كما طالبت المنظمة معدة الدراسة من جهة أخرى‪ ،‬بتعزيز مقتضيات‬
‫قانون المن افسة‪ ،‬وتوطيد المراقبة البعدية‪ ،‬وتخليق تدبير الصفقات العمومية‪ ،‬واالبتعاد عن المحسوبية‬
‫واالنحياز‪.‬‬

‫كما الحظت الدراسة أيضا وجود عدد من الحواجز عند دخول المنافسة بالنسبة للصفقات‬
‫العمومية على المستويات التنظيمية (مساطر معقدة‪ )...‬والهيكلية (غياب الخبرة‪ )...‬وأشارت المنظمة‬
‫صاحبة الدراسة إلى أن العوائق الرئيسية تتمثل في المعايير الختيار العروض والخبرة‪ ،‬مؤكدة على‬
‫أنه يمكن التخفيف من هذه العوائق من خالل إعداد دفاتر تحمالت تحدد بشكل أفضل مواصفات‬
‫طلب العروض‪ .‬كما الحظت الدراسة نفسها أن الصفقات المتعلقة بالخدمات تشوبها محسوبية أكثر‬
‫من قبل اإلدارة العمومية مقارنة مع غيرها من الصفقات‪ ،‬وكذا عدم توفر التدبير المعقلن في صرف‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬وغياب التدقيق حول تنقيط عروض المقاوالت المشاركة في الصفقات العمومية‪.‬‬

‫عبد العالي ب نعمور ‪" :‬دور مجلس المنافسة‪.،".............................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.49 :‬‬ ‫‪1068‬‬

‫‪399‬‬
‫كما خلصت الدراسة إلى أن الصفقات العمومية تشكل عنص ار أساسيا للنمو االقتصادي‪،‬‬
‫أي حوالي ‪ 120‬مليار درهم‪.‬‬ ‫‪1069‬‬
‫خاصة وأن إسهامها في الناتج الداخلي الخام يقدر بنسبة ‪%18‬‬

‫رابعا ‪ :‬اإلجابة على طلبات الرأي واإلحاالت المعروضة على المجلس‪.‬‬


‫‪1070‬‬
‫خامسا ‪ :‬تهييء مشروع قانون يغير ويتمم القانون رقم ‪.06-99‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مؤسسة الوسيط‬


‫تعتبر مؤسسة الوسيط ذات أهمية بالغة في سياق وطني حافل بأوراش اإلصالحات الكبرى‬
‫لتعزيز البناء المؤسساتي وتحديثه‪ ،‬فكيف جاء اإلحداث ؟ ولماذا ؟‬

‫أ‪ -‬اإلحداث ‪:‬‬

‫لقد أحدثت مؤسسة الوسيط في نطاق تحديث مؤسسة ديوان المظالم التي كانت قد أنشئت‬
‫‪1071‬‬
‫وهي مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪ .‬فتعزي از لتطلعات مختلف‬ ‫بتاريخ ‪ 9‬دجنبر ‪،2001‬‬
‫الفعاليات والمؤسسات الوطنية والرأي العام‪ ،‬وتثمينا لما يقوم به المغرب على المستوى الوطني‬
‫واإلقليمي والدولي في مجال الحكامة وتخليق المرفق العمومي ومحاربة الفساد‪ ،‬والسعي لتوطيد‬
‫مبادئ الشفافية والمحاسبة والمساءلة فانخرط المغرب في مسلسل إصالحي شامل إلرساء أسس‬
‫المنظومة الوطنية للنزاهة وتخليق الحياة العامة بالمرافق العمومية‪ ،‬ومؤسسات الدولة تثمينا وتفعيال‬
‫لخطوات انطلقت منذ العقد األخير من القرن الواحد والعشرين‪.‬‬
‫‪1073‬‬ ‫‪1072‬‬
‫من‬ ‫إحداث مؤسسة الوسيط أشه ار قبل دسترته في الفصل ‪162‬‬ ‫وقد خرج ظهير‬
‫دستور ‪ .2011‬ومن األسباب التي جعلت مؤسسة الوسيط ذات أهمية ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬صيانة حريات المواطنين والجماعات والهيئات‪ ،‬وإحقاق الحقوق ورفع المظالم‪.‬‬

‫‪ -‬توطيد ما تحقق من تقدم في مجال تكريس سيادة القانون‪ ،‬وتحقيق العدل واإلنصاف وجبر‬

‫أنظر تقرير المنظمة الدولية لتدقيق الحسابات واالستشارة ‪ MAZAR‬لحساب مجلس المنافسة المقدم بالرباط سنة ‪ 2012‬على الموقع‬ ‫‪1069‬‬

‫‪.http://www.menara.ma/ar‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.225‬صادر في ‪ 5‬يونيو ‪ 2000‬بتنفيذ القانون ‪ 06-99‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4810‬بتاريخ ‪6‬‬ ‫‪1070‬‬

‫يوليوز ‪.2000‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.01.298‬صادر في ‪ 9‬دجنبر ‪ 2001‬بإحداث مؤسسة ديوان المظالم‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 4963‬بتاريخ ‪ 24‬دجنبر ‪.2001‬‬ ‫‪1071‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.25‬صادر في ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬بإحداث مؤسسة الوسيط‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5926‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪.2011‬‬ ‫‪1072‬‬

‫لقد نص الفصل ‪ 162‬من دستور ‪ 2011‬على أن ‪" :‬الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة‪ ،‬مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العالقات‬ ‫‪1073‬‬

‫بين اإلدارة والمرتفقين‪ ،‬واإلسهام في ترسيخ سيادة القانون‪ ،‬وإشاعة مبادئ العدل واإلنصاف‪ ،‬وقيم التخليق والشفافية في تدبير اإلدا ارت والمؤسسات‬
‫العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صالحيات السلطة العمومية"‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫األضرار ورفع المظالم التي قد يعانيها المواطن من جراء االختالالت في سير بعض‬
‫اإلدارات‪ ،‬أو سوء تطبيقها للقانون‪ ،‬بما قد يصدر عن بعض المسؤولين اإلداريين من تعسف‬
‫أو شطط أو تجاوز في استعمال السلطة ومنهم المتدخلون في صرف أو تحصيل المال العام‬
‫بالميزانية العامة للدولة أو الميزانيات المحلية وميزانية المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬الحرص على ترسيخ المكاسب التي حققها المغرب في مجال حماية حقوق وحريات األفراد‬
‫والجماعات‪ ،‬بجعل رعاية مصالح المواطنين وصون حقوقهم‪ ،‬والتواصل معهم‪.‬‬

‫‪ -‬تحديث ديوان المظالم من خالل ترسيخ عمله كمؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة تحمل اسم‬
‫"الوسيط" توطيدا لما حققه ديوان المظالم من مكتسبات‪ ،‬وتأهيال له للنهوض بمهام موسعة‬
‫وهيكلة جديدة تراعي الجهوية الموسعة‪ ،‬لمواكبة اإلصالح المؤسساتي العميق الذي تعرفه‬
‫‪1074‬‬
‫بالدنا‪ ،‬وانسجاما مع المعايير الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ فصل السلط وما يقتضيه من احترام اختصاصات السلطات التشريعية‪ ،‬التنفيذية‬
‫والقضائية‪ ،‬لتمكين هذه المؤسسة من نوع من التجرد التام عند النظر في الشكايات والتظلمات‬
‫المحالة عليها‪ .‬وتتجلى أهم اختصاصاتها فيما يأتي ‪:‬‬

‫ب‪ -‬االختصاصات ‪:‬‬

‫حسب الفصل األول من مادته الخامسة تتولى مؤسسة الوسيط بمبادرة منها‪ ،‬وفق الكيفيات‬
‫التي يحددها نظامها الداخلي‪ ،‬أو بناء على شكايات أو تظلمات تتوصل بها‪ ،‬ثم النظر في جميع‬
‫الحاالت التي يتضرر فيها أشخاص ذاتيون أو اعتباريون مغاربة أو أجانب من جراء أي تصرف‬
‫صادر عن اإلدارة‪ ،‬سواء كان ق ار ار ضمنيا أو صريحا‪ ،‬أو عمال أو نشاطا من أنشطتها‪ ،‬يكون مخالفا‬
‫للقانون خاصة إذا كان متسما بالتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة‪ ،‬أو منافيا لمبادئ العدل‬
‫‪1075‬‬
‫واإلنصاف‪.‬‬

‫كما أبرزت المادة األولى من ظهير اإلحداث المهام المسندة إلى مؤسسة الوسيط والتي‬
‫تصب بمدلولها الشمولي في مجال واسع يعني بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمصالح المواطنين‬
‫وعالقاتهم المتنوعة مع المرافق اإلدارية‪ ،‬باستثناء المجاالت والقضايا التي تدخل في اختصاصات‬
‫هيئات أو مؤسسات أخرى ومنها ‪:‬‬

‫أحمد السراج ‪" :‬دور مؤسسة الوسيط في دعم مبادئ الحكامة الجيدة"‪ ،‬سلسلة ندوات محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬االقتصاد الخفي والجرائم المالية‪،‬‬ ‫‪1074‬‬

‫العدد الرابع‪ ،2012 ،‬ص ‪.37 :‬‬


‫المادة الخامسة من الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.25‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬المتعلق بإحداث مؤسسة الوسيط‪.‬‬ ‫‪1075‬‬

‫‪401‬‬
‫‪ -‬التظلمات الرامية إلى مراجعة حكم قضائي نهائي‪.‬‬

‫‪ -‬الشكايات المتعلقة بالقضايا التي أوكل البت فيها للقضاء ليتخذ فيها ما يلزم من إجراءات أو‬
‫مقررات طبقا للقانون‪.‬‬
‫‪1076‬‬
‫‪ -‬القضايا التي تدخل في اختصاص المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فمؤسسة الوسيط تعتبر بمثابة مرصد حقيقي لرصد جميع االختالالت التي تعتري سير‬
‫المرافق العمومية من خالل ما تتلمسه من تظلمات المواطنين وشكاياتهم‪ ،‬وهو ما يتيح لها المساهمة‬
‫اإليجابية في الحد من عدد من السلبيات التي تعتري سير اإلدارة العمومية ومرافق الدولة في تعاملها‬
‫مع المرتفقين وتفعيل دورها في دعم مبادئ الحكامة الجيدة بما يقتضيه األمر من ترسيخ الشفافية‬
‫‪1077‬‬
‫والمحاسبة وتخليق المرافق العمومية‪.‬‬

‫كما يقدم الوسيط ومندوبوه الخاصون والوسطاء الجهويون المنصوص عليهم في ظهير‬
‫اإلحداث وفي نطاق اختصاصهم‪ ،‬جميع أنواع المساعدة القانونية واإلدارية الالزمة للمشتكين‬
‫الموجودين في وضعية صعبة ألسباب مادية‪ ،‬أو الموجودين في وضعية إعاقة‪ ،‬من أجل تمكينهم من‬
‫تقديم شكاياتهم أو تظلماتهم الرامية إلى رفع الضرر الالحق بهم من جراء أي تصرف صادر عن‬
‫اإلدارة‪ ،‬سواء كان ق ار ار ضمنيا أو صريحا أو عمال أو نشاطا من أنشطة اإلدارة يكون مخالفا للقانون‪،‬‬
‫خاصة إذا كان متسما بالتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة‪ ،‬أو منافيا لمبادئ العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫وإذا تبين للوسيط أن موضوع الشكاية أو التظلم ال يدخل في اختصاصه يقوم بتوجيه المشتكي إلى‬
‫الجهة المختصة أو إرشاده حسب كل حالة على حدة وفق ما يتضمنه موضوع الشكاية أو التظلم‪،‬‬
‫أما إذا اتضح للوسيط أن الشكاية المعروضة عليه قائمة على أسس قانونية سليمة‪ ،‬وتهم الدفاع عن‬
‫مصلحة مشروعة‪ ،‬أو ترمي إلى رفع ضرر من جراء تصرف مخالف للقانون‪ ،‬في هذه الحالة يقوم‬
‫بجميع المساعي واالت صاالت الالزمة مع اإلدارة المعنية قصد حثها على االستجابة لمطلب المشتكي‬
‫في إطار احترام سيادة القانون والضوابط السائدة‪.‬‬

‫وفي إطار نطاق اختصاصاته يؤهل الوسيط ‪ Le médiateur :‬للقيام بإجراء األبحاث‬
‫والتحريات‪ ،‬من أجل التأكد من حقيقة األفعال والوقائع التي بلغت إلى علمه‪ ،‬والوقوف على الضرر‬
‫الذي تعرض له صاحب الشكاية أو التظلم‪ ،‬وكذا القيام بالتكييف القانوني لطبيعة الضرر المرفوع‬
‫إليه من طرف المشتكي‪ .‬كما يمكنه استفسار الجهات المعنية حول األفعال التي كانت موضوع‬

‫المادة السادسة من نفس الظهير الشريف‪.‬‬ ‫‪1076‬‬

‫أحمد السراج ‪" :‬دور مؤسسة الوسيط‪ ،"........................................ ..‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.38 :‬‬ ‫‪1077‬‬

‫‪402‬‬
‫الشكاية أو التظلم‪ ،‬ومطالبتها بموافاته بالتوضيحات الالزمة بشأنها‪ ،‬وبالوثائق والمعلومات المتصلة‬
‫بها‪ ،‬وإذا تأكد الوسيط من صحة المعلومات بعد البحث والتحري في الشكايات والتظلمات المعروضة‬
‫عليه‪ ،‬وحقيقة وجود الضرر الالحق بالمشتكي أو المتظلم‪ ،‬يقدم نتائج تحرياته إلى اإلدارة المعنية‪،‬‬
‫بكل تجرد واستقالل‪ ،‬ولهذه الغاية‪ ،‬يمكنه توجيه توصياته واقتراحاته ومالحظاته إلى اإلدارة المعنية‪،‬‬
‫التي يتعين عليها داخل أجل ‪ 30‬يوما‪ ،‬قابلة للتمديد لمدة إضافية يحددها‪ ،‬القيام باإلجراءات الالزمة‬
‫للنظر في القضايا المحالة عليها‪ ،‬وأن تخبره كتابة بالق اررات أو اإلجراءات التي اتخذتها بشأن‬
‫‪1078‬‬
‫وإذا ما اقتنع الوسيط بناء على أبحاثه وتحرياته بأن التطبيق الصارم لقاعدة‬ ‫توصياته واقتراحاته‪،‬‬
‫قانونية من شأنه خلق أوضاع غير عادلة أو ضارة بالمرتفقين‪ ،‬عرض األمر على الوزير األول –‬
‫رئيس الحكومة حاليا‪ -‬التخاذ اإلجراءات والمساعي الالزمة إليجاد حل عادل ومنصف واقتراح تعديل‬
‫القاعدة القانونية المجحفة‪.‬‬

‫وإذا تبين للوسيط من خالل البحث والتحري أن مصدر التشكي أو التظلم ناتج عن خطأ أو‬
‫‪1079‬‬
‫رفع األمر وأبدى مالحظاته واستنتاجاته في‬ ‫سلوك شخصي ألحد الموظفين أو األعوان‪،‬‬
‫الموضوع إلى رئيس المؤسسة أو اإلدارة التي ينتمي إليها المعني بالشكاية التخاذ اإلجراءات والتدابير‬
‫المناسبة وإخباره بذلك‪ ،‬كما يمكنه أن يوجه إلى اإلدارة المعنية توصية بالمتابعة التأديبية‪ ،‬وإن اقتضى‬
‫الحال‪ ،‬توصية بإحالة الملف على النيابة العامة التخاذ اإلجراءات المنصوص عليها في القوانين‬
‫واألنظمة‪.‬‬

‫وتيسي ار على المواطنين في تقديم تظلماتهم وشكاياتهم نصت مقتضيات الظهير الشريف‬
‫على إحداث مؤسسات جهوية يعين على رأسها وسطاء جهويون‪ ،‬وقد اشترطت المادة الثانية‬
‫والعشرون من الظهير المؤسس أن يتم اختيار الوسطاء الجهويين من بين األطر العليا التابعة للدولة‪،‬‬
‫أو المؤسسات العامة‪ ،‬أو الجماعات الترابية‪ ،‬وحتى من بين األطر العاملة في القطاع الخاص‬
‫المتوفرين على مستوى عال من التكوين والتجربة المهنية في مجاالت اإلدارة أو القضاء أو القانون‬
‫والمشهود لهم بالكفاءة والخبرة واالستقامة والنزاهة‪ ،‬وهي الشروط التي من شأنها بالتأكيد‪ ،‬أن تسهم‬
‫إلى حد كبير في إضفاء الفعالية والترشيد والجودة في سير المرافق العمومية الموضوعة أساسا لخدمة‬
‫المواطن‪ ،‬علما بأن توفر اإلدارات والمصالح العمومية في مجملها على تلك الصفات‪ ،‬مع ما أسند‬
‫لمؤسسة الوسيط في إطار المهام الموكولة إليها‪ ،‬يعد دعامة قوية لحكامة رشيدة ومحو آثار الفساد‬
‫بجميع أنواعه‪ ،‬إذ أن افتعال اإلرشاء واالرتشاء واالختالس وتبديد المال العام أو استغالل النفوذ‬

‫المادة ‪ 14‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1-11-25‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬المتعلق بحداث مؤسسة الوسيط‪.‬‬ ‫‪1078‬‬

‫المادة ‪ 16‬من الظهير الشريف المتلق باحداث مؤسسة الوسيط السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1079‬‬

‫‪403‬‬
‫للحصول على امتيازات ومنافع خارج إطار القانون‪ ،‬تعد كلها من مظاهر الفساد الكبير الذي يتمثل‬
‫في تمرير الصفقات العمومية‪ ،‬أو منح القروض من المال العام أو شبه العام دون مراعاة للشروط‬
‫الموضوعية للحصول على هذه القروض‪ ،‬أو في مشاريع صورية سرعان ما تذوب تاركة وراءها ديونا‬
‫‪1080‬‬
‫على عاتق المستفيدين‪.‬‬

‫وهكذا يعتبر دور الوسيط كقوة اقتراحية لتحسين أداء مختلف المصالح وترسيخ مبادئ‬
‫الحكامة اإلدارية وتحسين أداء المؤسسات العمومية‪ ،‬والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها‪.‬‬

‫فمؤسسة ال وسيط بصفة عامة تساهم في تعزيز البناء الديمقراطي‪ ،‬من خالل العمل على‬
‫تحديث وإصالح هياكل ومساطر اإلدارة‪ ،‬وترسيخ قيمها المواطنة والتشبع بأخالقيات المرفق العام‪،‬‬
‫كما تساهم مؤسسة الوسيط في إحداث شبكات للتواصل والحوار بين الهيئات الوطنية واألجنبية‪ ،‬وكذا‬
‫بين الخب ارء من ذوي اإلسهامات الوازنة في مجال الحكامة اإلدارية الجيدة‪ ،‬من أجل االنفتاح على‬
‫‪1081‬‬
‫مستجدات العصر‪.‬‬
‫‪1082‬‬
‫يالحظ الدور‬ ‫ومن حصيلة هذه المؤسسة التي جاءت في تقريرها برسم سنة ‪،2011‬‬
‫المهم الذي تقوم به في مجال نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية‪.‬‬

‫إال أنها رصدت اختالالت في تعامل بعض اإلدارات مع شكايات ومراسالت المواطنين‬
‫وهذه المؤسسة‪ ،‬ومن بينها ‪:‬‬

‫‪ -‬تأخر بعض اإلدارات أو رؤساء المؤسسات العمومية في موافاة المؤسسة بالجواب عن‬
‫المراسالت داخل األجل المحدد‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تحمل البعض لمسؤولياتهم تجاه المرتفقين والمؤسسة باعتبارهم مفوضين من قبل‬
‫قطاعاتهم التخاذ القرار المناسب‪ ،‬أو التوصل بأجوبة غير مقنعة في معظمها‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف التنسيق والتواصل أحيانا بين بعض القطاعات الحكومية واألجهزة اإلدارية فيما بينها‪،‬‬
‫السيما في القضايا التي تتداخل وتتعدد فيها الجهات المعنية داخل المنظومة الحكومية كو ازرة‬
‫االقتصاد والمالية والقطاعات التابعة لها أو و ازرة الداخلية والجماعات الترابية‪.‬‬

‫وقد توزعت الشكايات من خالل تصنيفها حسب القطاعات اإلدارية المعنية على الشكل‬
‫التالي ‪ :‬وقد جاءت و ازرة الداخلية في مقدمة عدد الشكايات الموجهة ضدها‪ ،‬وذلك بما مجموعه‬

‫أحمد السراج ‪" :‬دور مؤسسة الوسيط‪ ،"...............................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.41 :‬‬ ‫‪1080‬‬

‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 36‬من ظهير إحداث مؤسسة الوسيط بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪.2011‬‬ ‫‪1081‬‬

‫أنظر تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة ‪ 2011‬المرفوع إلى جاللة الملك‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6081‬بتاريخ ‪ 10‬شتنبر ‪.2012‬‬ ‫‪1082‬‬

‫‪404‬‬
‫‪1083‬‬
‫شكاية‪ ،‬ثم يأتي بعدها قطاع االقتصاد والمالية بما مجموعه ‪ 200‬شكاية‪ ،‬ثم و ازرة التشغيل‬ ‫‪655‬‬
‫والتكوين المهني بـ‪ 190‬شكاية‪ ،‬وقطاع التربية والتعليم بما مجموعه ‪ 155‬شكاية من أصل ‪1214‬‬
‫شكاية تدخل في اختصاص مؤسسة الوسيط‪.‬‬

‫وقد أرجعت المؤسسة تصدر و ازرة الداخلية مقدمة الترتيب‪ ،‬إلى كون الشكايات المقدمة ضد‬
‫الجماعات الترابية تدخل ضمن اختصاصاتها بصفتها وصية على هذه الجماعات‪ ،‬بحيث أن هذه‬
‫الجماعات تقدم على مشاريع من غير أن تعير االهتمام لمحدودية الرصيد المالي الذي تتوفر عليه‪،‬‬
‫وما إذا كان كافيا لتغطية متطلبات اقتناء العقارات في إطار نزع الملكية‪ ،‬مما يتعذر معه تعويض‬
‫من انتزعت ملكيته‪ .‬ونفس األمر يتعلق باالعتداء المادي لدى الجماعات الترابية في إطار احتالل‬
‫الملك الخاص دون المرور بالمساطر القانونية لطلب اإلذن بالحيازة‪ .‬وبالتالي يتم الحكم عليها‬
‫بالتعويض عن تصرفاتها غير المشروعة‪ .‬ويزيد من حدة هذا الوضع‪ ،‬محدودية اإلمكانيات المادية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬حيث أن ميزانياتها ال يمكن أن تتحمل التعويضات المحكوم بها‪.‬‬

‫وفي قطاع االقتصاد والمالية‪ ،‬فغالبية الشكايات تتعلق بتسوية الوضعيات اإلدارية والمالية‬
‫للموظفين‪ ،‬ثم المنازعات الجبائية من خالل التخفيض من مبلغ الضريبة المفروضة أو المنازعة في‬
‫الوعاء الضريبي‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته هو أن دور هذه المؤسسة يبقى مرهونا بتفعيل النصوص‬
‫القانونية المحدثة لها وتمكينها من اآلليات القانونية والمادية والمالية للقيام بالمهام المنوطة بها حسب‬
‫منطوق الفصل ‪ 162‬من دستور ‪.2011‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬وحدة معالجة المعلومات المالية‬


‫المتعلق‬ ‫‪1084‬‬
‫تم التنصيص على وحدة معالجة المعلومات المالية في القانون رقم ‪43-05‬‬
‫بمكافحة غسل األموال‪ ،‬والذي أدخل مجموعة من التعديالت على مقتضيات القانون الجنائي‪ ،‬بهدف‬
‫تجريم غسل األموال وتحديد العقوبات المتعلقة بها وسن إجراءات خاصة بالوقاية من غسل األموال‬
‫وتمويل اإلرهاب‪ .‬وهذه الظاهرة تشكل تهديدا مباش ار للمؤسسات المالية الوطنية‪ ،‬بل للمالية‬

‫حسب تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة ‪............................. ،2011‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.4776 :‬‬ ‫‪1083‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.79‬صادر في ‪ 17‬أبريل ‪ 2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 43-05‬المتعلق بمكافحة غسل األموال‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5222‬بتاريخ‬ ‫‪1084‬‬

‫‪ 3‬ماي ‪ 2007‬كما تم تعديله بموجب القانون رقم ‪ 13.10‬الصادر بموجب الظهير رقم ‪ 1.11.02‬بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ ،2011‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5911‬بتاريخ‬
‫‪ 24‬يناير‪.2011‬‬

‫‪405‬‬
‫‪1085‬‬
‫ولقد ساهمت العولمة والتطور التكنولوجي الذي واكبتها في تغيير طبيعة التعامالت‬ ‫العالمية‪،‬‬
‫االقتصادية والمالية‪ ،‬خاصة في القطاعين المالي والبنكي‪ ،‬الشيء الذي فتح الباب لبروز أشكال‬
‫جديدة من الجرائم المالية المنظمة‪ ،‬ومنها غسيل األموال‪ ،‬مما حتم على الدول وعلى المؤسسات‬
‫العالمية تكثيف التعاون فيما بنيها من أجل وضع تشريعات وقوانين ومؤسسات رادعة‪ ،‬وتقوية آليات‬
‫المراقبة والحرص على تطبيق القوانين ذات الصلة‪ ،‬وهكذا نص المشرع الجنائي المغربي في الفصل‬
‫‪ 2-574‬حيث اعتبر فعل الرشوة والغدر واستغالل النفوذ واختالس األموال العامة والخاصة و تزوير‬
‫النقود وسندات القروض العمومية أو وسائل األداء األخرى جرائم تدخل ضمن جرائم غسل األموال‬
‫عندما ترتكب عمدا‪ ،‬وخصص لها عقوبات من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من ‪ 20‬ألف درهم‬
‫إلى ‪ 100‬ألف درهم بالنسبة لألشخاص الطبيعيين ‪ ،‬ويدخل ضمن هذه الفئة مراقبو الحسابات‬
‫والمحاسبون الخارجيون والمستشارون في المجال الضريبي‪ ،‬فدور هذه المؤسسة جديد لذا وجب‬
‫التعريف بها (أ)‪ ،‬وبالدور الذي تقوم به (ب)‪ ،‬وكل هذا يتطلب وسائل ودراية دقيقة ومعارف متطورة‬
‫وموارد بشرية متخصصة ومؤهلة‪.‬‬

‫أ‪ -‬التعريف بالمؤسسة ‪:‬‬

‫ويعرف عموما غسيل األموال بكونه تلك العملية التي ‪" :‬يلجأ إليها الشخص أو من يعمل‬
‫بتجارة المخدرات والجريمة المنظمة أو غير المنظمة إلخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع‪،‬‬
‫‪1086‬‬
‫والقيام بأعمال أخرى للتمويه كي يتم إضفاء الشرعية على الدخل الذي تحقق"‪.‬‬

‫وتتحدد األموال غير المشروعة ‪ :‬في األموال المتحصلة من الرشوة أو الفساد اإلداري‬
‫والمالي أو االختالس‪ ،‬واألموال المتحصلة من التهرب الضريبي‪ ،‬واألموال الناتجة مقابل عمولة‬
‫صفقات األسلحة والمخدرات وأنشطة البغاء والدعارة والتجسس واألموال المتحصلة من تزييف النقد‬
‫وتزوير الشيكات والبطاقات المصرفية‪ ...‬لهذا أصبح االهتمام كبي ار بشكل محاربة الفساد وغسيل‬
‫األموال منذ الثمانينات من القرن الماضي‪ ،‬وهكذا وضعت اللجنة المالية لمحاربة غسيل األموال ‪25‬‬
‫‪1087‬‬
‫لتصنيف الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة غسيل األموال‪ ،‬مما يعطي صورة سلبية‬ ‫معيا ار‬

‫محمد يحيا ‪" :‬قانون مكافحة غسل األموال رقم ‪ 43-05‬وآثاره االقتصادية األبعاد والمضامين ‪ :‬محاولة تقييمية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬ ‫‪1085‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،2007/74‬ص ‪.73 :‬‬


‫محمد نجيب بوليف ‪" :‬اآلثار االقتصادية لغسيل األموال‪ ،‬اإلجرام االقتصادي بالمغرب"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،7‬ص ‪.5 :‬‬ ‫‪1086‬‬

‫فالمعايير األساسية هي العناصر التي ينبغي توفرها إلظهار االلتزام الكامل بالعناصر اإللزامية في كل واحدة من التوصيات‪ ،‬وقد تم ترقيم‬ ‫‪1087‬‬

‫المعايير التي سيتم تقييمها بأرقام متتالية في كل توصية‪ ،‬إال أن تسلسل المعايير ليس مهما‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تم توفير بعض األمثلة لبعض المعايير‪،‬‬
‫في الحاالت التي يمكن أن ينطبق فيها شرط معين‪ ،‬أو التي قد يسمح فيها باستثناءات من االلتزامات المطبقة عادة‪ .‬فهناك أربعة مستويات محتملة‬
‫اللتزام الدولة بكل توصية وهي ‪ :‬ملتزمة‪ ،‬وملتزمة إلى حد كبير‪ ،‬وملتزمة جزئيا وغير ملتزمة‪ ،‬وتستند هذه المستويات إلى المعايير األساسية فقط‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫لهذه الدول‪ ،‬وبالتالي ترتيبها العالمي في سلم النزاهة والشفافية‪ .‬فهذه اللجنة تصدر كل سنة قائمة‬
‫اسمية بترتيب هذه الدول غير المتعاونة‪ .‬كما قام صندوق النقد الدولي بإنشاء قسم خاص لمكافحة‬
‫‪1088‬‬
‫سنة‬ ‫غسيل األموال‪ ،‬إضافة إلى إنشاء وحدات المخابرات المالية لمجموعة "إكمونت كروب"‬
‫‪ 1995‬بهدف التنسيق‪ ،‬وبفعل الضغوط وااللتزامات الدولية في المجال المالي لتبادل المعلومات هي‬
‫من دفعت المملكة المغربية للمصادقة على قانون يهدف إلى مكافحة غسيل األموال سنة ‪2007‬‬
‫بواسطة قانون ‪ .43.05‬فكان الهدف األساسي من هذا القانون هو التشديد على مراقبة فتح الحسابات‬
‫مع خلق وحدة لمعالجة المعلومات المالية لدى الوزير األول‪ ،‬وبالتالي تم ضبط التدفقات المالية غير‬
‫المشروعة المودعة لدى األبناك‪ .‬ويدخل ضمن هذه الفئة ما نصت عليه المادة ‪ 574-2‬من القانون‬
‫الجنائي المغربي‪.‬‬

‫فغسيل األموال له آثار سلبية على اقتصاديات الدول والتي تؤثر على الدخل القومي‬
‫‪1089‬‬
‫المؤسسات كالبرلمان‬ ‫ومستوى العيش بهذه الدول‪ ،‬ويشكل بالتالي خط ار على مصداقية‬
‫‪1090‬‬
‫من طرف‬ ‫والجماعات الترابية والمؤسسات المالية الوطنية‪ ،‬بحيث تصبح هذه المؤسسات مخترقة‬
‫غاسلي األموال‪ ،‬وبالتالي التحكم في مراكز القرار السياسي والمالي‪ .‬وقد عرف المغرب حملة تطهيرية‬
‫واسعة سنة ‪ 1996‬قادها وزير الداخلية آنذاك غايتها مكافحة الفساد المالي‪ ،‬اإلداري واالقتصادي‬
‫إرضاء للشركاء األوروبيين وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫ب‪ -‬مهام المؤسسة ‪:‬‬

‫لقد نصت المادة ‪ 14‬من قانون ‪ 43.05‬على إحداث وحدة لمعالجة المعلومات المالية‪،‬‬
‫وذلك عن طريق نص تنظيمي يصدر عن الوزير األول –رئيس الحكومة حاليا‪ .-‬فالمرسوم التنظيمي‬
‫قد نص من حيث تكوين وحدة معالجة المعلومات المالية من ثالثة عشر عضوا عالوة على الرئيس‬
‫المعين من طرف الوزير األول حسب قانون اإلحداث‪ ،‬وينتسبون إلى و ازرة العدل‪ ،‬و ازرة الداخلية‪،‬‬
‫و ازرة المالية‪ ،‬بنك المغرب‪ ،‬اإلدارة العامة لألمن الوطني‪ ،‬إدارة الجمارك‪ ،‬القيم المنقولة ومكتب‬
‫الصرف‪ ،‬وهو ما يجعل الوحدة مؤهلة لبناء فعال للوقاية من غسل األموال وكشف جميع العمليات‬

‫مجموعة "إجمونت" المنتدى الدولي لوحدات المعلومات المالية وهي هيئة غير رسمية من مهامها تعزيز التعاون الدولي بين وحدات المعلومات‬ ‫‪1088‬‬

‫المالية‪ ،‬وقد تم إنشاؤها من قبل عدد من وحدات المعلومات المالية عام ‪ 1995‬وذلك خالل االجتماع الذي عقدته في قصر "إجمونت" أرتبرغ في‬
‫بروكسيل‪ .‬وقد وضعت المجموعة عددا من اإلجراءات التي يجب أن تمر بها وحدات المعلومات المالية الستيفاء متطلبات تعريف المجموعة لوحدة‬
‫المعلومات المالية التي ترغب أن تكون عضوا في المجموعة‪ ،‬وتضم حاليا المجموعة في عضويتها ‪ 106‬دولة لديها وحدات معلومات مالية عاملة‪.‬‬
‫نجيب جيري ‪" :‬إصالح منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين التقنين و التفعيل ‪،‬مجلة طنجيس للقانون واالقتصاد ‪ ،‬العدد ‪ 2011/10‬كلية الحقوق‬ ‫‪1089‬‬

‫ص‪.197 :‬‬
‫نذكر هنا على سبيل المثال نموذج "بين الويدان" و"الشينوية" التي أوصلها نفوذها إلى اختراق عمق المؤسسة األمنية‪.‬‬ ‫‪1090‬‬

‫‪407‬‬
‫المرتبطة به‪ ،‬خاصة وأنها تتمتع باالستقاللية وبالصالحيات الضرورية للقيام بمهامها على الوجه‬
‫األكمل‪ ،‬بعدما تمت مالءمة إطارها القانوني مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا الشأن‪ .‬ولهذا‬
‫الغرض عهد للوحدة بمجموعة من المهام‪ ،‬من بينها جمع ومعالجة المعلومات المرتبطة بغسل‬
‫األموال‪ ،‬فضال عن إلزامها وبمجرد توصلها بمعلومات تبرر وجود أفعال من شأنها أن تكون جريمة‬
‫غسل األموال بإحالة األمر على النيابة العامة‪ .‬وقد قدم التقرير السنوي لسنة ‪ 2011‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر‬
‫‪ 2012‬إلى رئيس الحكومة‪ ،‬فجرائم غسل األموال لها تأثير مباشر وغير مباشر على ميزانية الدولة‬
‫واقتصادها الوطني‪ ،‬فهو يدخل في إطار دائرة الفساد‪ ،‬لذا على الدولة مجابهته وتطويقه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقوية الترسانة القانونية لتطويق دائرة الفساد‬


‫في إطار تعزيز وتقوية دولة الحق والمؤسسات التي نهجها المشرع المغربي منذ التسعينات‪،‬‬
‫والتي همت الميادين االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والسياسية وقد عمت المؤسسات والمنظومة القانونية‬
‫والتشريعية‪ ،‬وكان محورها اإلدارة ومكوناتها‪ ،‬ألنها تشكل األداة المحورية للتنمية ومصلحة المواطنين‪.‬‬
‫وما نبتغيه هنا كباحثين في مجال اإلدارة والتنمية هو المواكبة والنبش في القوانين والبنيات اإلدارية‬
‫المنظمة لها من أجل الوقوف على بعض الظواهر السلبية التي تعاني منها اإلدارة المغربية‪ ،‬ومنها‬
‫ظواهر الفساد المالي واإلداري والسياسي‪ .‬فالجرائم المالية لها نتائج وخيمة على االقتصاد الوطني‪،‬‬
‫وأداء المرفق العام‪ ،‬وعلى السياسات العمومية في مجال التنمية‪ .‬ولمواجهة هذه الظواهر انخرط‬
‫المغرب في إطار مواجهته لهذا النوع من الجرائم في نهج سياسة اإلصالح وتقوية الترسانة القانونية‬
‫وإخضاع المنظومة التشريعية والمؤسساتية للتقييم والمراجعة من أجل تأهيلها لمحاصرة الفساد والجرائم‬
‫المالية‪ .‬وفي هذا اإلطار تم اعتماد قضاء متخصص في مجال مكافحة الفساد خاصة في ظل‬
‫الضمانات الدستورية الجديدة‪ ،‬بعد التعديالت القانونية الجديدة المتعلقة بإحداث أقسام للجرائم المالية‬
‫ببعض محاكم االستئناف وتقنين عمل الفرق الوطنية والجهوية للشرطة القضائية‪ ،‬ومالءمة تقادم‬
‫الدعوى والعقوبة‪ ،‬وتمك ين وكالء الملك من صالحية االستعانة بأهل الخبرة والمعرفة في المسائل‬
‫الفنية‪.‬‬

‫وفي إطار اإلستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تخليق الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الشفافية‬
‫والنزاهة في تدبير الشأن العام‪ ،‬صادق مجلس الحكومة في اجتماعه المنعقد بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر‬
‫‪ 2010‬على برنامج عمل للوقاية من الرشوة ومحاربتها يتضمن مجموعة تدابير عملية وإجراءات‬
‫ملموسة في هذا المجال‪.‬‬

‫وهكذا فقد تم تكريس قيم األخالقيات المهنية في النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‬

‫‪408‬‬
‫‪1092‬‬ ‫‪1091‬‬
‫في ترسانة قانونية تلزم فئات‬ ‫وتكريس مبدأ التصريح بالممتلكات‬ ‫الصادر سنة ‪،1958‬‬
‫م تعددة من المسؤولين وصناع القرار والموظفين واألعوان‪ ،‬واعتماد الحركية اإلجبارية للمسؤولين‬
‫اإلداريين‪ ،‬وإقرار مبادئ المساءلة والمحاسبة من خالل إرساء أجهزة رقابية مختصة كالرقابة اإلدارية‪،‬‬
‫والرقابة المحاسبية‪ ،‬والرقابة السياسية‪ ،‬والرقابة البرلمانية والرقابة القضائية‪ ،‬فضال عن تجريم جميع‬
‫‪1093‬‬
‫المغربية كالرشوة بمختلف أنواعها وأشكالها‪،‬‬ ‫أفعال الرشوة والفساد في إطار المنظومة الجنائية‬
‫والمحسوبية والشطط في استعمال السلطة‪ ،‬واختالس األموال العمومية‪ ،‬والغدر‪ ،‬وتحصيل منفعة غير‬
‫قانونية واستغالل النفوذ‪ ،‬كما تم تجريم بعض السلوكيات االنتخابية كاالستعمال غير المشروع لألموال‬
‫‪1094‬‬
‫سواء التشريعية أو الترابية‪.‬‬ ‫في االنتخابات‬

‫وفي هذا النطاق‪ ،‬وبغية تقوية آليات المنظومة القانونية لتساير مبادئ الدستور الجديد‪ ،‬فقد‬
‫بادر المشرع المغربي إلى تحيين وتجديد عدة قوانين ومؤسسات لتساير الجيل الجديد من‬
‫اإلصالحا ت‪ ،‬بعد التغيرات السياسية واالقتصادية التي عرفها المحيط الدولي والعربي‪ ،‬وبعد األزمة‬
‫االقتصادية والسياسية التي عرفها العالم بصفة عامة‪.‬‬

‫وهكذا سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتطرق في األول إلى طرق تعزيز الشفافية في مجال‬

‫قد تم تغيير وتتميم الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام للوظيفة العمومية بواسطة الظهير‬ ‫‪1091‬‬

‫الشريف رقم ‪ 1.11.10‬الصادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2010‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 05.05‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪.2011‬‬
‫على سبيل المثال المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬يتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري بالممتلكات ووصل التسلم‬ ‫‪1092‬‬

‫وبالحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5813‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪.2010‬‬
‫وكذلك الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.199‬الصادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 52.06‬المغير والمتمم بموجبه القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق‬
‫بمدونة المحاكم المالية وخصوصا المادتان ‪ 184‬و‪ 185‬المتعلقتين بآجال التصريح بالممتلكات بالنسبة لقضاة المحاكم المالية وعائالتهم‪ ،‬وكذلك طلب‬
‫المعلومات المتعلقة بالممتلكات فيما يخص أموال القضاة وأفراد عائالتهم المشار إليهم في المادة ‪ 184‬من طرف الرئيس األول للمجلس األعلى‬
‫للحسابات‪ .‬هذا القانون منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5679‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪.2008‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.164‬الصادر في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 37.10‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق‬ ‫‪1093‬‬

‫بالمسطرة الجنائية‪ ،‬في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين‪ ،‬فيما يخص جرائم الرشوة واالختالس واستغالل النفوذ وغيرها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 5988‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪.2011‬‬
‫وكذلك المرسوم رقم ‪ 2.11.445‬الصادر في ‪ 4‬نونبر‪ 2011‬بتحديد عدد محاكم استئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 5995‬بتاريخ ‪ 14‬نونبر ‪.2011‬‬
‫وأيضا الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.170‬الصادر في ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 58.11‬المتعلق بمحكمة النقض‪ ،‬المغير بموجبه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.57.223‬الصادر في ‪ 27‬شتنبر ‪ 1957‬بشأن المجلس األعلى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪.2011‬‬
‫أنظر القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 1078.09‬الصادر في ‪ 23‬أبريل ‪ 2009‬يتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد‬ ‫‪1094‬‬

‫لألحزاب السياسية‪ ،‬ثم القانون رقم ‪ 9.97‬المتعلق بمدونة االنتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.83‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬كما تم‬
‫تغييره وتتميمه‪ ،‬وفي نفس اإلطار قضى المجلس الدستوري بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪ 2009‬في ق ارره رقم ‪ 2009-783‬بتجريد أحد األشخاص من عضويته في‬
‫مجلس المستشارين على إثر صدور حكم قضائي في ملف جنحي تلبسي من المحكمة من أجل ارتكاب جنحة الحصول ومحاولة الحصول على‬
‫أصوات ناخبين بفضل تبرعات نقدية والحكم عليه بسنة حبسا نافذا‬
‫=وغرامة قدرها ‪ 70.000‬درهم وبالحرمان من حق الترشح لالنتخابات لمدة انتدابين متواليين‪ ،‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 2009-783‬بتاريخ ‪ 2‬دجنبر‬
‫‪ 2009‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5800‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2009‬‬

‫‪409‬‬
‫التدبير المالي من خالل الصفقات العمومية‪ ،‬والتصريح اإلجباري بالممتلكات وفي الثاني إلى طرق‬
‫تقوية آليات الرقابة الداخلية والخارجية باإلدارات العمومية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬طرق تعزيز الشفافية في مجال التدبير المالي من خالل الصفقات العمومية‬
‫والتصريح اإلجباري بالممتلكات‬
‫لقد بات من المؤكد‪ ،‬بعد إصدار الوثيقة الدستورية الحالية والتي شكلت استجابة استباقية‬
‫لمجموعة من مطالب الحركات االحتجاجية المطالبة بإسقاط الفساد والمزيد من الشفافية‪ .‬ويعد‬
‫الخطاب الملكي لـ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬الذي مهد إلصالحات مهمة من بينها تقوية آليات تخليق الحياة‬
‫العامة‪ ،‬وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة‪ ،‬وتحديث المؤسسات وعقلنتها‬
‫وتحيين القوانين‪ ،‬ومن تم بدأ الشروع في تطبيق هذه اإلصالحات و كان على رأسها إلغاء العمل‬
‫بدستور ‪ 1996‬وإصدار دستور حديث و متطور‪.‬‬

‫فأوراش اإلصالح التي عرفها المشرع المغربي في كل المجاالت‪ ،‬ومنها مجال تدبير‬
‫الميزانية والتي تعكس تعاطيا صحيا مع التحديات التي تطرحها ظاهرة العولمة‪ ،‬واالقتصاد الحر‬
‫وجلب االستثمارات‪ ،‬وبالتالي أصبح القانون التنظيمي للمالية الحالي ال يستجيب لهذه األمور إلى‬
‫درجة أصبح مها هذا القانون متجاو از وأصبحت المسافة تتباعد بشكل كبير بين مقتضياته وأوراش‬
‫اإلصالحات المالية التي فتحتها و ازرة االقتصاد والمالية في مجال تدبير الميزانية‪.‬‬

‫ويتعلق األمر هنا بالمقارنة الجديدة لتدبير الميزانية المرتكزة على النتائج وشمولية‬
‫االعتمادات‪ ،‬والتي أعطت مساحة واسعة لآلمرين بالصرف ومرونة أكبر لتوظيف هذه االعتمادات‬
‫الموضوعة رهن إشارتهم مع إقرار مسؤوليتهم المرتبطة بالمساءلة فيما يخص تحقيق النتائج واألهداف‬
‫المسطرة مسبقا كعقود البرامج والمخططات المتعاقد بشأنها‪ .‬وبالتالي شمل هذا اإلصالح االنتقال من‬
‫منطق الوسائل إلى منطق النتائج‪ ،‬وإذا كان منطق الوسائل كان يهدف إلى صرف االعتمادات‬
‫انطالقا من الموارد المتوفرة‪ ،‬فمنطق النتائج يسعى أساسا إلى فعالية النفقات العمومية واستهداف‬
‫تحسين مستوى عيش المواطن‪ ،‬وذلك انطالقا من الحاجيات واألولويات‪.‬‬

‫وقد ارتكز منطق النتائج على دعامتين أساسيتين ‪ :‬األولى تتمثل في اإلطار التنظيمي‬
‫باعتماد ثالث آليات وهي التعاقد وشمولية االعتمادات والشراكة‪ .‬أما الثانية فهي دعامة هيكلية تتمثل‬
‫‪1095‬‬
‫في إطار تحليلي للواقع االقتصادي واالجتماعي بإدماج مقاربة النوع االجتماعي‪.‬‬

‫المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية‪ ،‬الملحق العربي لمجلة المالية‪ ،‬العدد ‪ ،4‬يونيو ‪ ،2006‬ص ‪.13 :‬‬ ‫‪1095‬‬

‫‪410‬‬
‫ومن جهة أخرى تم إحداث إطار للنفقات على المدى المتوسط بهدف تحديث مساطر‬
‫تدبير الميزانية‪ ،‬وذلك بوضع برمجة على مدى ثالث سنوات يتم تحيينها كل سنة من أجل مالءمتها‬
‫مع تطور الظرفية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬كما ارتكزت إصالحات الميزانية على الدفع بمسلسل‬
‫الالمركزية وعدم التركيز من أجل االستجابة لشروط تحسين التدبير العمومي للميزانية سواء العامة أو‬
‫‪1096‬‬
‫تستحضر خصوصية الجهات وقدراتها التنموية لخلق‬ ‫المحلية‪ ،‬والسيما بعد تبني جهوية موسعة‬
‫نوع من أنماط الحكامة الترابية بالمغرب‪ ،‬وخصت كذلك اإلصالحات مالءمة الرقابة بشتى أنواعها‬
‫مع التدبير المالي والمحاسبي للميزانية‪ ،‬ومنح المدبرين مزيدا من المرونة والفعالية‪ ،‬في انتظار‬
‫التعويض التدريجي للمراقبة القبلية بالمراقبة البعدية‪.‬‬

‫فالدراسة التقييمية التي تكلف بها فريق العمل الوطني لو ازرة االقتصاد والمالية والبنك الدولي‬
‫سنة ‪ 2007‬حول تقييم أنظمة المالية العمومية أظهر قصور هذه األنظمة وعدم مسايرتها لألوضاع‬
‫المالية واالقتصادية واالجتماعية للدولة فأشارت إلى ضرورة مراجعة القانون التنظيمي للمالية رقم‬
‫‪1097‬‬
‫‪ 98-7‬إذا ما رغب المشرع المالي فعال مواصلة اإلصالحات وخصوصا في مجال إصالح‬
‫تدبير الميزانية‪ ،‬لكنه يتطلب اتخاذ عدة تدابير أولية تهم على الخصوص نظام التدبير المندمج‪،‬‬
‫وتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف عند تدبير االعتمادات‪ ،‬وتقليص بشكل ملموس آجال تقديم‬
‫الحسابات‪ ،‬واستبدال المراقبة القبلية بشكل تدريجي بالتدقيق المالي الداخلي‪.‬‬

‫وعلى المشرع المغربي أثناء إعادة صياغة القانون التنظيمي الجديد للمالية أن يضمنه‬
‫شروط التدبير الفعال للمالية العمومية للدولة من خالل إبراز قدرة الدولة على التدبير وتوفير‬
‫المعلومات المالية عن تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬وتقوية دور البرلمان في مناقشة ومراقبة قوانين المالية‬
‫السنوية‪ .‬فالحكومة أو السلطة التنفيذية تستفرد بالبناء العام للميزانية العامة وتنفيذها مما يشوب‬
‫تدبيرها القصور وضعف الفعالية في األداء‪ ،‬نظ ار لغياب دور واضح وفعال للسلطة التشريعية في‬
‫مراقبة ومساءلة الحكومة في مجال تدبير الميزانية‪.‬‬

‫أما اليوم‪ ،‬وبعد صدور الدستور الجديد للمملكة لسنة ‪ ،2011‬ومن خالل الفصل ‪ 75‬منه‪،‬‬
‫لم يعد مجال للتأخر في إصدار القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬حيث نص على أنه يصدر قانون المالية‪،‬‬
‫الذي يودع باألسبقية لدى مجلس النواب‪ ،‬بالتصويت من قبل البرلمان‪ ،‬وذلك طبق الشروط‬
‫المنصوص عليها في قانون تنظيمي‪ ،‬ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق‬

‫ينص الفصل ‪ 136‬من دستور ‪ 2011‬على أنه ‪" :‬يتركز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن‪ ،‬ويؤمن‬ ‫‪1096‬‬

‫مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"‪.‬‬
‫سعيد جفري ‪" :‬تدبير المالية العمومية"‪............................ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.253 :‬‬ ‫‪1097‬‬

‫‪411‬‬
‫مشروع قانون المالية‪ .‬ففي إطار إقرار‬ ‫‪1098‬‬
‫والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول‬
‫وتعزيز الشفافية في الولوج إلى المعلومات المالية وفقا للمعايير الدولية المعمول بها من قبل منظمة‬
‫‪1099‬‬
‫المحاسبة العمومية المعمول به منذ‬ ‫توحيد المعايير المحاسبية للقطاع العام‪ ،‬تمت مراجعة نظام‬
‫‪ ، 1967‬من خالل تبني المخطط المحاسبي العام للدولة الذي يعد ترجمة للمعايير المحاسبية الدولية‬
‫التي تتوخى ترجمة الوضعية المحاسبية الحقيقية للدولة باالنتقال إلى محاسبة الممارسة‪ ،‬ودون‬
‫استبعاد وضعية ممتلكات الدولة من قواعد المحاسبة العامة‪ ،‬إضافة إلى إصالح منظومة مراقبة‬
‫‪1101‬‬ ‫‪1100‬‬
‫الذي وسع هامش مسؤولية‬ ‫المراقبة التراتبية‬ ‫تدبير النفقات العمومية من خالل مرسوم‬
‫اآلمري ن بالصرف‪ ،‬وقلص من صالحيات المحاسبين العموميين‪ .‬وقد تبين ذلك من خالل عدة‬
‫مجاالت ومنها ما ينطبق على مرسوم الصفقات العمومية الذي لم يعد مواكبا لهذه الطفرة من‬
‫اإلصالحات (الفقرة األولى)‪ ،‬إال أن ما يزيد في طرق تعزيز الشفافية في التدبير المالي هو التصريح‬
‫اإلجباري بممتلكات القائمين على تسيير الشأن العام (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬إعادة النظر في نظام الصفقات العمومية‬


‫يعد نظام الصفقات العمومية الصادر بتاريخ ‪ 5‬فبراير‪ 20071102‬القانون المنظم للعالقة‬
‫التعاقدية للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بباقي الشركاء من القطاع الخاص أو العام‬
‫من بداية اإلبرام إلى ما بعد التنفيذ‪ .‬وقد سبق هذا المرسوم‪ ،‬ظهائر ومراسيم أخرى وهي ظهير ‪06‬‬
‫غشت ‪1958‬؛ مرسوم‪ 19‬ماي ‪،1965‬مرسوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 1976‬فهذه اإلصالحات كانت تترجم‬

‫الفقرة األولى من الفصل ‪ 75‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1098‬‬

‫أنظر المرسوم رقم ‪ 2.07.1237‬الصادر في ‪ 26‬ماي ‪ 2009‬بتغيير المرسوم الملكي رقم ‪ 330.66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام‬ ‫‪1099‬‬

‫للمحاسبة الع مومية وخصوصا المادة األولى التي بموجبها تم تغيير وتتميم الفصول ‪ 41 ،17‬و‪ 86‬من المرسوم الملكي رقم ‪ 330-66‬بسن نظام عام‬
‫للمحاسبة العمومية‪ ،‬والمادة الثانية نسخت أحكام الفصل ‪ 90‬من نفس المرسوم‪.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬الصادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر‬ ‫‪1100‬‬

‫‪.2008‬‬
‫يقصد بالمراقبة التراتبية للنفقة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ‪ 2‬من المرسوم رقم ‪ 2.87.1235‬المذكور أعاله المراقبة المخففة‬ ‫‪1101‬‬

‫المطبقة على نفقات المصالح اآلمرة بالصرف التي يجب أن تتوفر عل ى نظام مراقبة داخلية تمكنها من التأكد‪ ،‬من بين عمليات المراقبة المسندة إليها‬
‫وفق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل ‪:‬‬
‫في مرحلة االلتزام ‪ :‬من التأكد من المشروعية بالنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي لاللتزام بالنفقات غير تلك التي تحدد‬ ‫‪-‬‬
‫المادة ‪ 13‬بعده سقفها وطبيعتها‪.‬‬
‫التأكد من مجموع النفقة التي تلتزم بها اإلدارة طيلة سنة اإلدراج‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التأكد من انعكاس االلتزام على استعمال مجموع االعتمادات برسم السنة الجارية والسنوات الالحقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في مرحلة األمر بالصرف ‪ :‬التأكد من توفر االعتمادات‪ ،‬ومن وجود التأشيرة القبلية لاللتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة‪ ،‬ومن عدم‬ ‫‪-‬‬
‫األداء المكرر لنفس الدين‪.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.06.388‬صادر في ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة‪ ،‬وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها‪،‬‬ ‫‪1102‬‬

‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5518‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2007‬‬

‫‪412‬‬
‫مواكبة اإلطار القانوني للصفقات العمومية للتنظيم المؤسسي و اإلداري و المالي آنذاك‪.‬أما الجيل‬
‫الثاني من اإلصالحات فقد جاء مع مرسوم ‪ 2007 ، 1998‬و أخي ار مرسوم ‪ ، 2013‬لتعكس‬
‫اإلنفتاح اإلقتصادي المعتمد على المعايير الدولية ‪ ،‬إلى جانب المبادئ المتعلقة بالشفافية و المنافسة‬
‫و المساواة و الحكامة في ولوج الطلبيات العمومية؛ كما يندرج إصالح نظام إبرام صفات الدولة من‬
‫حين آلخر ليتماشى مع تطور دور الدولة ومواكبة األوراش الكبرى والتي تهدف إلى مواكبة اإلدارة‬
‫العمومية للتغيرات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والتزامات المغرب إزاء شركائه االقتصاديين‬
‫واالجتماعيين‪ ،‬فمتطلبات التحديث تقتضي التوفر على نظام للصفقات العمومية يأخذ بعين االعتبار‬
‫الحكامة الجيدة واالنفتاح االقتصادي وشفافية في الولوج إلى الطلبيات العمومية‪ ،‬وسرعة في فض‬
‫النزاعات المرتبطة بالتعاقدات في إطار الصفقات العمومية من خالل قضاء عادل ونزيه‪ ،‬بعدما نص‬
‫دستور ‪ 2011‬في فصله ‪ 36‬على معاقبة الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في‬
‫العالقات االقتصادية‪ ،‬وكل أشكال االنحراف المرتبطة بإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها‪.‬‬

‫ولهذه الغايات وغيرها يتم حاليا التداول بشأن إعادة النظر في المرسوم المتعلق بإبرام‬
‫الصفقات العمومية الحالي ضمانا للمزيد من الشفافية والمساواة في الولوج إلى الطلبيات العمومية‪،‬‬
‫‪1103‬‬
‫و بتاريخ ‪ 28‬دجنبر ‪2012‬‬ ‫فقامت الهيئات المختصة بصياغة مشروع لمراجعة هذا المرسوم‪،‬‬
‫صادقت الحكومة على المرسوم رقم ‪ 349-12 -2‬المتعلق بالصفقات العمومية الجديد ‪.‬فالمالحظة‬
‫األساسية التي يمكن إبداؤها حول مرسوم الصفقات العمومية ‪ ،‬هو أن اإلطار القانوني لهذا المجال‬
‫غير مستقر حيث عرف عدة مراجعات ‪ ،‬كما يتداخل مع نصوص تنظيمية متعددة ‪ ،‬وأخرى‬
‫تشريعية كقانون المحاسبة و مدونة المحاكم المالية وغيرها‪ .‬فالمراجعات و اإلصالحات التي طالت‬
‫اإلطار القانوني للصفقات تنم عن دينامية إيجابية ‪ ،‬و لعل الطبيعة القانونية للنص المتعلق‬
‫بالصفقات و هو "المرسوم" و الذي يدخل في خانة السلطة التنظيمية و ليس في خانة السلطة‬
‫التشريعية و التي هي من اختصاص البرلمان ‪ ،‬كلها عوامل ساعدت على اإلنتقال من صيغة نص‬
‫إلى آخر بكل سالسة و سهولة ‪ .‬و قد كان مشروع المرسوم الجديد قبل إق ارره قد توقف ليأخذ شكل‬
‫قانون استنادا إلى اإلصالح المرتقب للقانون التنظيمي للمالية ‪ ،‬و الذي كان من المتوقع أن يعيد‬
‫مدونة الصفقات العمومية إلى اختصاصات البرلمان ‪ ،‬لتتقوى سلطته على الصفقات العمومية في‬
‫المراقبة و التتبع ‪.‬‬

‫فكل اإلصالحات السابقة التي عرفتها الصفقات العمومية عرفت خرقا للدستور عبر‬

‫مسودة مشروع ه ذا المرسوم المتعلق بإصالح نظام الصفقات العمومية منشور على موقع و ازرة االقتصاد والمالية‪،‬والخزينة العامة‬ ‫‪1103‬‬

‫للمملكة‪ www.sgg.gov.ma/progets.com،‬و‪.www.tgr.gov.ma‬‬

‫‪413‬‬
‫الحكومات المتعاقبة و ما زالت‪،‬عبراعتماد نظام الصفقات العمومية بمرسوم خارج اإلطار التشريعي ‪،‬‬
‫بحيث كانت تلجأ إلى طريقة ملتوية عبر تسمية المرسوم بالنص المحدد لشروط و أشكال إبرام‬
‫الصفقات العمومية و طرق تنفيذها و مراقبتها و بذلك تتفادى اإلشكال الدستوري‪.‬‬

‫و مازالت الحكومة الحالية تنهج نفس األسلوب من خالل إعداد مشروع مرسوم رقم ‪-2‬‬
‫‪ ، 12-349‬باستثناء المقاربة التشاركية في اإلعداد شارك فيها مختلف الفاعلين و الشركاء و‬
‫المهتمين ‪ .‬كما تم إغناء مسار هذه االستشارة بمداخالت ونقاشات وتوصيات المناظرة الوطنية‬
‫‪1104‬‬
‫والتي كان من أهم أهدافها األساسية الوصول إلى‬ ‫للصفقات العمومية المنظمة في أبريل ‪2009‬‬
‫تحديد المحاور الرئيسية إلصالح الصفقات العمومية على ضوء االختالالت والنقائص المالحظة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى التعرف على انتظارات القطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف الشركاء المتدخلين‬
‫في المجال‪.‬‬

‫كما تم عرض مشروع المرسوم من طرف األمانة العامة للحكومة على مختلف األطراف ‪،‬‬
‫و عموم المواطنين من أجل التعليق عليه عبر بوابتها اإللكترونية‪ .‬و كان الهدف من ذلك تدعيم‬
‫شفافية منظومة حكامة الطلبيات العمومية و التي تلخصت في ‪:‬‬

‫‪ -1‬تقرير تقديم الصفقة‪:‬‬

‫ويجب أن يكون كل مشروع صفقة موضوع تقرير تقديم يعده صاحب المشروع يتضمن‬
‫بالخوص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬طبيعة ومدى الحاجات المراد تلبيتها‪.‬‬

‫‪ -‬عرض حول االقتصاد العام للصفقة وكذا مبلغ تقديرها‪.‬‬

‫‪ -‬األسباب الداعية إلى اختيار طريقة اإلبرام‪.‬‬

‫‪ -‬مبرر اختيار مقاييس انتقاء الترشيحات وتقييم العروض‪.‬‬

‫‪ -‬مبرر اختيار نائل الصفقة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالصفقات التفاوضية‪ ،‬فيبين كذلك تقرير التقديم قدر اإلمكان مبررات‬
‫األثمان المقترحة بالمقارنة مع األثمان المتداولة عادة في المهنة‪.‬‬

‫‪ -2‬تقرير انتهاء تنفيذ الصفقة‪:‬‬

‫تم تنظيم هذه المناظرة من طرف الخزينة العامة للمملكة يومي ‪ 20‬و‪ 21‬من شهر أبريل ‪ 2009‬بالمقر الرئيسي بالرباط‪ ،‬تحت شعار ‪" :‬نظام‬ ‫‪1104‬‬

‫تدبير الصفقات العمومية ‪ :‬واقع وآفاق"‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫درهم يجب أن تكون موضوع تقرير‬ ‫‪1105‬‬
‫كل صفقة يفوق مبلغها مليون ‪1.000.000,00‬‬
‫عن االنتهاء يعده صاحب المشروع‪ ،‬من بين ما يتضمنه البيانات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬موضوع الصفقة‪.‬‬

‫‪ -‬األطراف المتعاقدة‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة األعمال المتعاقد بشأنها من الباطن وهوية األشخاص المتعاقدين من الباطن عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -‬أجل التنفيذ مع بيان تاريخ انطالق وانتهاء األعمال وتبرير التجاوزات المحتملة بالنسبة للتاريخ‬
‫المقرر في األصل النتهاء األعمال‪.‬‬

‫‪ -‬مكان أو أماكن اإلنجاز‪.‬‬

‫‪ -‬الحصيلة المادية والمالية التي تبرز التعديالت التي طرأت على مستوى البرنامج األصلي‪،‬‬
‫والتغيرات في حجم وطبيعة األعمال‪ ،‬وعند االقتضاء مراجعة األثمان‪.‬‬

‫ويوجه هذا التقرير حسب الحالة‪ ،‬إلى الوزير المعني بالنسبة لصفقات الدولة‪ ،‬ووزير‬
‫الداخلية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية المحلية أو إلى مجلس‬
‫اإلدارة بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية‪ ،‬بمجرد انتهاء تنفيذ األعمال وداخل أجل أقصاه ثالثة‬
‫‪1106‬‬
‫الصفقات العمومية‪ .‬إال أن إدارة الدفاع الوطني تعفى من هذا‬ ‫(‪ )3‬أشهر‪ ،‬وينشر كذلك في بوابة‬
‫النشر ألسباب أمنية محضة‪.‬‬

‫‪ -3‬التكوين في ميدان الصفقات العمومية ‪:‬‬

‫من أجل أكثر شفافية وأكثر حكامة في تدبير الصفقات العمومية‪ ،‬على صاحب المشروع‬
‫أن يعمل على تقوية قدرات التسيير في ميدان الصفقات العمومية ومنها الهياكل الخاضعة لسلطته‬
‫‪1107‬‬
‫الصفقات العمومية‬ ‫من مشرفين وتقنيين ومراقبين وخبراء‪ .‬ومن المنتظر بعد تتميم وتعديل مرسوم‬
‫أن يعمل رئيس الحكومة بواسطة مقرر على إحداث مركز للتكوين متخصص في الطلبات العمومية‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 91‬من المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬الصادر في ‪5‬فبراير ‪ 2007‬بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة‬ ‫‪1105‬‬

‫بتدبيرها ومراقبتها‪.‬‬
‫وتسمى البوابة المغربية للصفقات العمومية ورابطها اإللكتروني هو ‪:‬‬ ‫‪1106‬‬

‫‪www.marchespublics.gov.ma.‬‬
‫السبب وراء تأخير إخراج المرسوم الجديد المعدل والمتمم لمرسوم ‪ 2.06.388‬المتعلق بالصفقات العمومية هو برمجة مراجعة قانون المالية الذي‬ ‫‪1107‬‬

‫من المنتظر أن يعرف هو أيضا مراجعة وتعديالت حول قانونه التنظيمي رقم ‪ 7.98‬ليتالءم مع مقتضيات الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬وهي تعديالت‬
‫مبرمجة بالمخطط التشريعي للحكومة الحالية ‪ .2015-2012‬لقد تم إصداره تحت رقم ‪ 2-12-349‬بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪.2013‬‬

‫‪415‬‬
‫‪ -4‬المراقبة والتدقيق‪:‬‬

‫بغض النظر عن المراقبات المحدثة بموجب النصوص القانونية العامة في مجال مراقبة‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬سوف تخضع الصفقات والعقود اإلدارية الملحقة بها‪ ،‬إلى مراقبات وتدقيقات‬
‫‪1108‬‬
‫بمبادرة من الوزير المعني باألمر‪ ،‬وسوف تتعلق هذه المراقبات والتدقيقات بتهييء وإبرام وتنفيذ‬
‫الصفقات وخصوصا ‪:‬‬

‫‪ -‬مشروعية مساطر تهييء وإبرام وتنفيذ الصفقة‪.‬‬

‫‪ -‬جدية‪ ،‬شفافية واحترام القواعد األخالقية طيلة عملية تنفيذ الصفقة‪.‬‬

‫‪ -‬تقييم حقيقة ومادية األعمال المتوفرة‪ ،‬التوريدات المسلمة واألشغال المنجزة‪.‬‬

‫‪ -‬احترام وجوب إعداد ونشر مختلف الوثائق المقررة في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق األهداف المتوخاة‪.‬‬

‫‪ -‬شروط استعمال الوسائل المتوفرة‪.‬‬

‫‪ -‬تقييم ثمن الصفقة بالنظر إلى األثمان المطبقة‪ ،‬وتقييم تكاليف األعمال موضوع الصفقة‪.‬‬

‫‪ -‬جدوى وفائدة المشاريع واألعمال المنجزة في إطار الصفقات‪.‬‬

‫ويتوخى المرسوم الجديد أن تكون المراقبات والتدقيقات إجبارية بالنسبة للصفقات التي‬
‫يتجاوز مبلغها خمسة ماليين ‪ 5.000.000‬درهم مع احتساب الرسوم‪ ،‬وبالنسبة للصفقات التفاوضية‬
‫التي يتجاوز مبلغها مليون ‪ 1.000.000‬درهم مع احتساب الرسوم‪ ،‬ويجب أن تكون المراقبات‬
‫والتدقيقات موضوع تقرير يرفع إلى الوزير المعني باألمر بالنسبة لصفقات الدولة‪ ،‬أو مدير المؤسسة‬
‫العمومية المعنية بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -5‬محاربة الرشوة والغش وتضارب المصالح‪:‬‬

‫يتوخى المرسوم المرتقب الجديد للصفقات العمومية محاربة الغش والرشوة المستشرية في‬
‫‪1109‬‬
‫الحالي‪ ،‬لذا حث على محافظة المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات‬ ‫مجال الصفقات العمومية‬
‫على االستقاللية والنزاهة والحياد في معاملتهم مع المتنافسين‪ ،‬وأال يقبلوا أي امتياز أو منحة أو‬
‫هدية‪ ،‬وأن يمتنعوا عن ربط أية عالقة معهم من شأنها أن تمس بموضوعيتهم ونزاهتهم‪.‬‬

‫من المنتظر كذلك إصالح المرسوم رقم ‪ 1.99.1087‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بدفتر الشروط اإلدارية العامة المطبق على صفقات‬ ‫‪1108‬‬

‫األشغال إلعادة تنظيم العالقة بين اإلدارة صاحبة المشروع والمقاولة صاحبة الصفقة أثناء إبرام العقد وأثناء تنفيذه وبعد انتهائه‪.‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪،2007‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5518‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2007‬‬ ‫‪1109‬‬

‫‪416‬‬
‫كما يتوجب على أعضاء لجان فتح األظرفة‪ ،‬لجان قبول طلبات العروض باالنتقاء المسبق‬
‫أو المباراة ولجان المباراة أو أي شخص موظف أو تقني أو خبير‪ ،‬يدعى للمشاركة في أعمال هذه‬
‫اللجان عدم التدخل بصفة مباشرة أو غير مباشرة في مسطرة إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬عندما تكون‬
‫لديهم مصلحة‪ ،‬سواء بصفة شخصية‪ ،‬أو عن طريق شخص وسيط في إحدى المقاوالت المتعهدة‪،‬‬
‫تحت طائلة بطالن أعمال هذه اللجان‪.‬‬

‫‪ -6‬شكايات المتنافسين والطعون ‪:‬‬

‫في المرسوم المرتقب‪ ،‬سوف يكون من حق كل متنافس أن يقدم شكايته كتابة لدى صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬إذ الحظ أن إحدى قواعد مسطرة إبرام الصفقات لم تحترم‪ .‬ويخبر صاحب المشروع‬
‫المت نافس المعني بالشكاية بالجواب الذي خصص لشكايته خالل أجل ‪ 7‬أيام من تاريخ تسلم الشكاية‪،‬‬
‫وإذا لم يقتنع المتنافس بجواب صاحب المشروع‪ ،‬يمكنه حسب الحالة‪ ،‬أن يرفع شكايته إلى الوزير‬
‫المعني بالنسبة لصفقات الدولة‪ ،‬وزير الداخلية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية ومجموعاتها‬
‫والمؤسسات العمومية المحلية‪ ،‬أو الوزير الذي تخضع له المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية‬
‫بالنسبة لصفقات المؤسسة والمقاوالت العمومية‪ ،‬ويجب على المتنافس في نفس الوقت إخبار صاحب‬
‫المشروع بتقديم هذه الشكاية ليحضر جوابه وبإمكانه طرح المسألة على لجنة الصفقات لتنظر في‬
‫الشكاية‪ .‬فلجنة الصفقات في المرسوم الحالي تقوم بأدوار مهمة فيما يخص الشكايات وطلبات إبداء‬
‫الرأي‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 95‬من المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬المتعلق بالصفقات العمومية الحالي تنص على‬
‫أنه يتعين على المتنافس الذي يشتكي أن يكون قد سبق له أن وجه إلى صاحب المشروع ثم إلى‬
‫الوزير المعني قبل أن يتوجه إلى األمانة العامة للحكومة الستطالع رأي لجنة الصفقات‪ .‬وفي هذا‬
‫‪1110‬‬
‫لجنة الصفقات "حيث بثت لجنة الصفقات خالل‬ ‫اإلطار يمكن إعطاء بعض النماذج من رأي‬
‫الجلسة التي عقدتها بتاريخ ‪ 28‬يناير ‪ 2009‬في الشكاية التي وردت عليها من قبل متنافس يشتكي‬
‫فيها أن شركته قد تم إقصاؤها بشكل تعسفي من طلب العروض الذي طرحته إحدى المديريات‪...‬‬
‫وذلك ألن سبب إبعاد العرض الذي تقدم به المتنافس المعني يكمن في إدالئه بشهادة جبائية وشهادة‬
‫الصندوق الوطني للضمان االجتماعي يحمالن تاريخا انتهت مدة العمل بهما ويزعم أنه كان على‬

‫رأي لجنة الصفقات رقم ‪ 356/09‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 2009‬بشأن إقصاء مرشح من طلب العروض‪ ،‬منشور على الموقع اإللكتروني لألمانة العامة‬ ‫‪1110‬‬

‫للحكومة ‪ www.s.gg.gov.ma‬كما يمكن تقديم نموذج حول رأي لجنة الصفقات بشأن تأجيل تنفيذ صفقة وتوقيف األشغال والتعويض عن الخسائر‬
‫واألضرار في إطار صفقة بالملحق رقم ‪ 13‬تعميما للفائدة ومعرفة طريقة اشتغال لجنة الصفقات ويتعلق األمر بالرأي رقم ‪ 06-306‬ل‪.‬ص بتاريخ ‪6‬‬
‫أبريل ‪ 2006‬وللتذكير فإن رأي اللجنة استشاري فقط‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫لجنة طلب العروض أن تحتفظ بعرضه إلى حين تقديمه شهادتين صالحتين"‪.‬‬

‫وقد سبق للمشتكي أن وجه رسالة في الموضوع إلى المدير المعني تحت رقم ‪ 142‬بتاريخ‬
‫‪ 24‬شتنبر ‪ 2008‬ورسالة بالبريد المضمون إلى السيد الوزير المختص بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2008‬ولم‬
‫يتلق أي جواب من طرف هذا األخير‪ ،‬وبتاريخ ‪ 17‬دجنبر ‪ 2008‬وجه شكاية في نفس الموضوع إلى‬
‫األمانة العامة للحكومة قصد عرضها على لجنة الصفقات‪.‬‬

‫واستنادا إلى المادة ‪ 35‬الفقرة ‪ 10‬من المرسوم ‪ 2.06.388‬التي تنص على أن لجنة طلب‬
‫العروض "إذا عاينت عدم وجود أحد المستندات المكونة للملف اإلداري‪ ،‬باستثناء وصل الضمان‬
‫المؤقت أو شهادة الكفالة الشخصية والتضامنية التي تقوم مقامه أو إذا الحظت أخطاء مادية أو‬
‫اختالفات بين مستندات الملف المذكور‪ ،‬تحتفظ بعرض المتنافس أو المتنافسين المعنيين على أن‬
‫يدلوا بالمستندات المذكورة أو القيام بالتصحيحات الضرورية طبقا للشروط المقررة في المادة ‪."39‬‬

‫واعتبا ار لما سبق فإن لجنة الصفقات قد أبدت الرأي التالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬تذكر بأن نظام الصفقات يعتمد في إبرام الصفقات على مبادئ اللجوء إلى المنافسة في‬
‫أوسع أوجهها والمساواة في الولوج إلى الطلبيات العمومية وألزم أصحاب المشاريع بعدم إبعاد‬
‫عروض لمج رد وجود اختالفات أو أخطاء مادية أو عدم تقديم المتنافسين ألحد المستندات‬
‫المكونة للملف اإلداري باستثناء وصل الضمان المؤقت وتوصي بمراعاة التطور الذي أتى به‬
‫إصالح نظام الصفقات لسنة ‪.2007‬‬

‫‪ -2‬اعتبرت عديمة الوجود كل شهادة جبائية أو شهادة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬
‫تحمل تاريخا تم نفاذه تم تقديمها من طرف أي متنافس ويتعين بالتالي تطبيق بشأنها‬
‫مقتضيات المادة ‪ 35‬من مرسوم الصفقات‪ ،‬وعلى هذا األساس ارتأت أن إقصاء المشتكي‬
‫من طلب العروض المذكور الذي طرحته المديرية المذكورة يشكل عيبا في المسطرة‪.‬‬

‫‪ -3‬كما حثت أصحاب المشاريع بضرورة الرد على شكاوي المترشحين باإليجاب أو بالسلب‪،‬‬
‫وأوصت هؤالء إذا لم يقتنعوا بالرد الموجه إليهم أن يبادروا مباشرة بعد الرد إلى رفع تظلماتهم‬
‫إلى األمين العام للحكومة‪ ،‬إذا ما قرروا ذلك‪ ،‬حتى يتسنى تدارك أي عيب قد تتم معاينته في‬
‫المسطرة‪.‬‬

‫وفي رأي آخر رقم ‪ 399/11‬ل‪.‬ص بتاريخ ‪ 06‬دجنبر ‪ 2011‬يتعلق بشكاية بخصوص‬
‫طلب عروض تقدمت به إحدى الشركات المشاركة في إحدى الصفقات التي أعلنت عنها إحدى‬
‫المديريات ويتعلق األمر بإبداء الرأي بشأن الشكاية التي تقدمت بها هذه الشركة والتي تدعي فيها‬

‫‪418‬‬
‫بأنها ‪" :‬تقدمت بأدنى ثمن غير أن صاحب المشروع بدأ يطالبها بإيعاز من المهندس المعماري‬
‫المكلف بتتبع المشروع والذي له عالقة وطيدة بمقاولة منافسة أخرى‪ ،‬بوثائق تعجيزية‪ ،‬وتدعي فيها‬
‫أيضا بأن المهندس المعماري المذكور هو من قام بفتح األظرفة خالل جلسة طلب العروض رغم‬
‫حضوره في الجلسة بصفة استشارية"‪.‬‬

‫وقد قامت األمانة العامة للحكومة بالتحقيقات الضرورية في هذا الشأن واستطلعت بتاريخ‬
‫‪ 16‬نونبر ‪ 2011‬رأي لجنة الصفقات بهذا الشأن وكان رأيها كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬فيما يتعلق بتركيبة لجنة طلب العروض وحضور المهندس المعماري ضمن أعضائها‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 34‬من المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬الصادر في ‪ 16‬من محرم ‪ 5( 1428‬فبراير‬


‫‪ )2007‬بتحديد شروط وأشكال إبرام الصفقات أن لجنة طلب العروض يمكن أن تضم كذلك‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األعضاء الذين يعتبر حضورهم إلزاميا‪ ،‬وبطلب من صاحب المشروع أو من أحد‬
‫أعضائها‪ ،‬أي شخص آخر‪ ،‬خبي ار أو تقنيا تعتبر مشاركته مفيدة‪.‬‬

‫ويتجلى من مقتضيات المادة سالفة الذكر‪ ،‬أن مشاركة المهندس المعماري ضمن لجنة‬
‫طلب العروض غير مخالفة ألحكام المرسوم وتمت في إطار استشاري‪ ،‬علما بأن ممثل الخزينة‬
‫العامة للمملكة الذي هو عضو ضمن لجنة طلب العروض بإمكانه االعتراض عن وجود المهندس لو‬
‫كان حضور هذا األخير غير قانوني‪.‬‬

‫‪ -2‬فيما يتعلق بفتح أظرفة المتنافسين ‪:‬‬

‫لقد ميزت المادة ‪ 35‬من المرسوم السالف الذكر رقم ‪ 2.06.388‬مهام فتح أظرفة‬
‫المتنافسين بين أعمال يختص بها رئيس لجنة طلب العروض وأخرى تقوم بها اللجنة‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬فإن رئيس لجنة طلب العروض هو المسؤول عن فتح األظرفة والتصريح بمحتواها‪.‬‬

‫ويجدر التذكير أن بإمكان أعضاء اللجنة وكذا المتنافسين إبداء مالحظاتهم واعتراضاتهم‬
‫حول العيوب المحتملة التي قد تشوب مسطرة طلب العروض‪ ،‬ويتعين على الرئيس أن يدون هذه‬
‫المالحظات واالعتراضات في محضر جلسة فحص العروض‪ ،‬وكذا رأي اللجنة حولها‪.‬‬

‫ويتضح من الوثائق المرفقة برد صاحب المشروع حول المؤاخذات التي شكا منها المتنافس‬
‫المعني‪ ،‬أن المحاضر الجزئية لفتح عروض المتنافسين تبين أن رئيس لجنة طلب العروض هو‬
‫الشخص الذي قام بفتح أظرفة المتنافسين وبتالوة محتواها وال تتضمن أي اعتراض أو مالحظة تم‬
‫إبداؤها من طرف أعضاء اللجنة أو من طرف المتنافسين‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫‪ -3‬فيما يتعلق بمطالبة المتنافس المشتكي بوثائق تتعلق بالمحول الكهربائي‪:‬‬

‫خالل فحص العروض المالية للمتنافسين‪ ،‬عاينت لجنة طلب العروض أن الثمن األحادي‬
‫الذي اقترحه المتنافس المشتكي بالنسبة للمحول الكهربائي يقل بنسبة تتجاوز ‪ 25‬في المائة مقارنة‬
‫مع باقي األثمنة والتقدير اإلداري‪ ،‬وبالتالي طالبته باإلدالء بفاتورة شكلية ‪Facture Proforma‬‬
‫تحدد من خاللها عالمة المحول الكهربائي المقترح‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن المادة ‪ 40‬من المرسوم سالف الذكر رقم‬
‫‪ 2.06.388‬تنص على أنه ‪" :‬إذا الحظت اللجنة أن أحد األثمان األحادية‪ ،‬أو عدد منها‪ ،‬الواردة في‬
‫جدول األثمان أو في البيان التقديري المفصل أو فيهما معا‪ ،‬المتعلق بالعرض األفضل‪ ،‬منخفضا‬
‫بكيفية غير عادية أو مفرطا‪ ،‬تدعو اللجنة المعنية لتبرير هذا الثمن ويجوز لها إسناد دراسة هذا‬
‫الثمن إلى لجنة فرعية تقنية‪ .‬وبناء على التقرير الذي وضعته اللجنة تحت مسؤوليتها‪ ،‬يجوز للجنة‬
‫إما أن تقبل العرض المذكور أو تقصيه"‪.‬‬

‫‪ -4‬فيما يتعلق بافتراض وجود عالقة بين المهندس المعماري ومقاولة منافسة ‪:‬‬

‫تفاديا ألي تضارب مصالح‪ ،‬من المفروض على المهندس المعماري أن يحافظ على‬
‫استقاللية مطلقة إزاء أصحاب صفقات األشغال وأال تربطه بهم أية عالقة يمكن أن تعيق استقالليته‪.‬‬

‫وفي مرحلة تمرير الصفقة‪ ،‬فيجدر التذكير أن الق اررات تتخذها اللجنة ويتم إقرارها من‬
‫طرف األعضاء ذوي الحضور اإللزامي (ممثلي صاحب المشروع وممثل الخزينة العامة للمملكة‬
‫وممثل و ازرة المالية عند االقتضاء) أما حضور المهندس المعماري ضمن لجنة طلب العروض‬
‫فيكمن في دور استشاري محض‪ ،‬ويدلي برأيه في النقاط التي تتم استشارته فيها وعلى الخصوص‬
‫تلك التي تتعلق بمهامه بصفته مشرفا على األشغال‪.‬‬

‫أما فيما يخص عالقة المهندس المعماري مع مقاولة منافسة‪ ،‬فال يمكن مؤاخذته عليها إال‬
‫إذا تم تسرب معلومات إلى المقاولة المذكورة دون غيرها أو قبلهم وهو شيء لم تتم اإلشارة إليه إلى‬
‫غاية يومه‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق ترى لجنة الصفقات أنه ال يوجد ما يشوب مسطرة طلب العروض التي‬
‫اتبعتها مديرية‪ ...‬بالنسبة للمؤاخذات سالفة الذكر والتي رفعها مدير شركة‪ ،...‬وذلك بناء على ما يلي‬
‫‪:‬‬

‫‪ -1‬يحق للسلطة المختصة إضافة إلى التركيبة الالزمة للجنة طلب العروض‪ ،‬بصفة استشارية‪،‬‬

‫‪420‬‬
‫كل شخص آخر‪ ،‬خبي ار أو تقنيا ترى مشاركته مفيدة‪ ،‬كما يحق لرئيس اللجنة المذكورة‬
‫استشا رة أي خبير أو تقني ينيرها في اتخاذ ق ارراتها أو تعيين لجنة فرعية (المواد ‪ 35‬و‪36‬‬
‫و‪ 37‬و‪ 39‬من المرسوم السالف الذكر)‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا الحظت لجنة طلب العروض أن أفضل عرض أو أحد أثمانه األحادية منخفض بكيفية‬
‫غير عادية‪ ،‬يحق لها مطالبة صاحبه باإلدالء بالتوضيحات الضرورية بخصوصه وأن‬
‫تتحقق من الوثائق التي يدلي بها في هذا الشأن (المادة ‪ 40‬من المرسوم سالف الذكر)‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تقترح لجنة الصفقات‪ ،‬مع التذكير بأن القرار يعود إلى أعضاء لجنة‬
‫طلب العروض‪ ،‬مطالبة صاحب العرض المعني باإلدالء بشأن المحول الكهربائي الذي يقترحه‬
‫بوثائق وصفية أو بيانات موجزة تبين مواصفاته واسمه التجاري وبناء على ذلك تقرر إما إسناد‬
‫الصفقة إليه أو إقصاءه‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة‪ ،‬يمكن للوزير المعني‪ ،‬أو لوزير الداخلية أو الوزير الذي تخضع له‬
‫المؤسسة العمومية حسب الحالة إما بأن يأمر بتصحيح الخلل الحاصل أو اتخاذ قرار إلغاء المسطرة‪،‬‬
‫‪1111‬‬
‫كحد‬ ‫إال أنه وقبل اتخاذ هذا القرار‪ ،‬يمكنه أن يقرر توقيف مسطرة طلب العروض لمدة ‪ 10‬أيام‬
‫أقصى شريطة أن تكون الشكاية مبنية على أساس وتتضمن مبررات مقبولة تبين أن المتنافس‬
‫سيتحمل ضر ار إذا لم يتم توقيف المسطرة‪ ،‬ثم أال يترتب عن توقيف المسطرة ضرر غير متناسب‬
‫لصاحب المشروع أو المتنافسين اآلخرين‪.‬‬

‫وفي جميع الحاالت يجب على الوزير المعني بالنسبة لصفقات الدولة‪ ،‬ووزير الداخلية‬
‫بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬وكذا المؤسسات العمومية المحلية أو الوزير الذي‬
‫تخضع له المؤسسة العمومية المعنية بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية بحسب الحالة‪ ،‬أن يجيب‬
‫‪1112‬‬
‫ابتداء من تاريخ استالم الشكاية‪ .‬كما‬ ‫على شكاية المتضرر داخل أجل ال يزد عن ‪ 30‬يوما‬
‫يتوجب عليه أن يعتمد سجال لتتبع الشكايات والذي يسجل فيه أسماء المتنافسين الذين تقدموا‬
‫بشكاياتهم وتاريخ االستالم وموضوع الشكاية والمآل الذي آلت إليه الشكاية أو اإلجراء المتخذ‪ ،‬إال أن‬
‫المشرع لم يضع جزاء أو عقوبة على صاحب المشروع الذي لم يتخذ هذا اإلجراء‪ ،‬وبالتالي يبقى هذا‬
‫اإلجراء شكليا ليس إال‪.‬‬

‫المادة ‪ 172‬من مشروع مرسوم الصفقات العمومية الذي سوف ينسخ المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ ،2007‬لقد سبق وأن أحالت‬ ‫‪1111‬‬

‫الحكومة السابقة (حكومة عباس الفاسي) هذا المرسوم على البرلمان إال أنه تمت إعادته لو ازرة االقتصاد والمالية من أجل تحيينه‪ ،‬أنظر المخطط‬
‫التشريعي الذي وضعته حكومة عبد اإلله ابن كيران من أجل مواكبة مقتضيات دستور ‪.2011‬‬
‫أنظر الباب الحادي عشر فيما يخص الشكايات والطعون خصوصا المادة ‪ 172‬من المرسوم المرتقب حول الصفقات العمومية (المقطع ب)‪.‬‬ ‫‪1112‬‬

‫‪421‬‬
‫وإذا لم يقتنع صاحب الشكاية بما آلت إليه شكايته‪ ،‬يمكن له التوجه مباشرة إلى لجنة‬
‫الصفقات بشكاية مفصلة داخل اآلجال المخصصة قانونا‪ ،‬وحسب الكيفيات المحددة بالمرسوم المنظم‬
‫للجنة الصفقات‪ ،‬ويجب أن تهم هذه الشكاية األمور التالية ‪:‬‬

‫عندما تكون المنازعة في قانونية المسطرة أو في نتائج طلب المنافسة أو عند عدم‬
‫االقتناع بالجواب الذي أعطي من طرف صاحب المشروع أو عند غياب جواب الوزير المعني‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحالة على المتنافس المشتكي أن يخبر في نفس الوقت صاحب المشروع بتقديم شكايته إلى‬
‫لجنة الصفقات‪ ،‬وعلى هذه األخيرة أيضا أن تجيب على شكاية المتنافس داخل أجل أقصاه ‪07‬‬
‫‪1113‬‬
‫أيام‪.‬‬

‫وإذا لم يقتنع المتنافس المشتكي بكل هذه الطرق والمساطر عليه التقدم بطعنه إلى المحاكم‬
‫‪1114‬‬
‫المختصة‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته على هذا المشروع أنه متقدم وأكثر شفافية من سابقه‪ ،‬بحيث يعتبر‬
‫وضع مسطرة خاصة بشكايات المتنافسين من الضمانات ذات األهمية البالغة‪ ،‬باإلضافة إلى توفره‬
‫على آليات لتدعيم الرقابة اإلدارية الداخلية فيما يخص سير عملية المنافسة من خالل تمكين‬
‫صاحب المشروع أو الوزير المعني بتوقيف مسطرة إبرام الصفقة فو ار لتصحيح االختالل الذي لحقها‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته أيضا هو ضرورة إخراج مرسوم خاص بالجماعات الترابية فيما يخص الصفقات‪،‬‬
‫نظ ار للمكانة المتميزة التي احتلتها الالمركزية الترابية في دستور ‪ 2011‬حيث خصص لها ‪ 12‬فصال‬
‫في الباب‪1115‬التاسع منه‪ .‬فالتكريس الدستوري لمكانة الالمركزية في المغرب أصبح يفرض على‬
‫السلطة التنظيمية التعجيل بإصدار نظام خاص بالصفقات العمومية المحلية‪ .‬وهكذا قامت لجنة‬
‫الصفقات بإصدار دراسة تتعلق بمشاكل تهم الجماعات الترابية لها عالقة بالمشاكل العامة أو‬
‫الخاصة المرتبطة بتحضير صفقات األشغال أو التوريدات أو الخدمات فيما يخص اإلبرام أو التنفيذ‬
‫أو تسديد المبالغ أو النزاعات المتعلقة بمساطر ونتائج طلبات العروض والمنافسة‪ .‬وقد أصدرت‬
‫توصية تعبر من خاللها على إمكانية إحداث لجنة للصفقات خاصة بمعالجة صفقات الجماعات‬
‫‪1117‬‬
‫وعلى ميثاق جماعي‪،‬‬ ‫‪1116‬‬
‫الترابية‪ ،‬اعتبا ار لكون هذه األخيرة تتوفر على هيئة خاصة بموظفيها‬

‫المادة ‪ 47‬من مرسوم ‪ 2.06.388‬المتعلق بالصفقات العمومية بتاريخ ‪ 05‬فبراير ‪.2007‬‬ ‫‪1113‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 3‬من قانون المحاكم اإلدارية رقم ‪ 41.90‬التي تنص على أنه ‪" :‬ترفع القضايا إلى المحكمة اإلدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل‬ ‫‪1114‬‬

‫في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب‪ ،‬ويتضمن ما لم ينص على خالل ذلك‪ ،‬البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل ‪ 32‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية"‪.‬‬
‫لقد خصص دستور ‪ 2011‬الباب التاسع "للجهات والجماعات الترابية األخرى"‪ ،‬وأفرد لها الفصول من ‪ 135‬إلى ‪.146‬‬ ‫‪1115‬‬

‫لقد حدد الفصل ‪ 48‬من الميثاق الجماعي لسنة ‪ 1976‬األسس القانونية للوظيفة الجماعية‪.‬‬ ‫‪1116‬‬

‫‪422‬‬
‫‪1119‬‬ ‫‪1118‬‬
‫محلية‪ ،‬فما المانع من مرسوم للصفقات العمومية‬ ‫وعلى محاسبة عمومية‬ ‫وعلى مالية محلية‬
‫المحلية أو الترابية ؟ فالمرسوم المرتقب و الذي سيدخل حيز التنفيذ في فاتح يوليوز ‪ 2013‬قد وسع‬
‫من مجال التطبيق ليشمل باإلضافة إلى صفقات الدولة ‪ ،‬صفقات المؤسسات العمومية و الجماعات‬
‫الترابية و مجموعاتها ‪ ،‬مما سيقطع مع عدم انسجام وحدة اإلطار التنظيمي و تشتت النصوص‬
‫القانونية ‪ .‬يبقى إشكال وحيد و هو مدى مراعاة المرسوم الجديد لمشروع الجهوية الموسعة؟ و قد‬
‫أشارت إلى ذلك المادة ‪ 2‬من هذا المرسوم ‪.‬‬

‫أما الجانب الثاني من طرق تعزيز الشفافية في مجال التدبير المالي الذي حاولنا طرحه في هذا الفرع‬
‫هو مجال التصريح بالممتلكات من خالل الفقرة الموالية ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تفعيل مقتضيات قانون التصريح اإلجباري بالممتلكات‬


‫لقد حرص المشرع المغربي على وضع العديد من الضوابط والقيود التي تحول دون‬
‫استشراء الفساد المالي واإلداري لدى المسؤولين اإلداريين‪ ،‬من خالل العديد من التشريعات والقوانين‬
‫المنظمة لمختلف مناصب المسؤولية‪ ،‬ومنها مقتضيات قانون التصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬والذي‬
‫يعتبر إجراء وقائيا في مجال تخليق اإلدارة‪ ،‬والحد من مظاهر الفساد‪ ،‬وترسيخ مبادئ الشفافية‬
‫التدبيرية والمالية‪.‬‬

‫فتفعيل مضامين وآليات هذا القانون سيسهم في دعم وتعزيز الجانب الوقائي وتحصين‬
‫المال العام من مظاهر الفساد المستشرية‪ .‬فمنذ صدور قانون رقم ‪112025.92‬المتعلق بإقرار موظفي‬
‫ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية‪ ،‬وأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس‬
‫النواب والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يمتلكونها أو يملكها أوالدهم‬
‫المتعلق بإحداث‬ ‫‪1122‬‬
‫القاصرين‪ ،‬وكذا صدور الظهير الشريف‪1121‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪54.06‬‬

‫القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪.17.08‬‬ ‫‪1117‬‬

‫القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪.2009‬‬ ‫‪1118‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام المحاسبة العمومية بالجماعات المحلية ومجموعاتها‪.‬‬ ‫‪1119‬‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.92.143‬صادر في ‪ 7‬دجنبر ‪ 1992‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 25.92‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4184‬بتاريخ ‪ 6‬يناير‬ ‫‪1120‬‬

‫‪.1993‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.07.202‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر‪ 2008‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 54.06‬المتعلق بإحداث التصريح اإلجباري لبعض منتخبي‬ ‫‪1121‬‬

‫المجالس المحلية والغرف المهنية‪ ،‬وبعض فئات الموظفين أو األعوان العموميين بممتلكاتهم الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5679‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر‬
‫‪.2008‬‬
‫سوف يتم تعديل هذا القانون فهو مبرمج بالمخطط التشريعي الذي وضعته الحكومة الحالية في رقم ترتيبي رقم ‪ 10‬حول إجبارية التصريح‬ ‫‪1122‬‬

‫بالممتلكات واألصول من لدن المسؤولين العموميين المنتخبين وحدد تاريخ إعداد المشروع في سنة ‪ 2014‬والجهة المعنية بإعداده و ازرة االقتصاد‬
‫والمالية والمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫التصريح اإلجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين‬
‫واألعوان العموميين بممتلكاتهم‪.‬‬

‫فكل هذه القوانين واإلجراءات لم تعرف طريقها إلى التنفيذ والتطبيق نظ ار للصعوبات‬
‫واإلكراهات التي عرفتها هذه القوانين‪ ،‬خصوصا بعد عدم تنصيص المشرع على الكيفية التي سيتم‬
‫بها تنفيذ هذا القانون‪ ،‬والجهة المكلفة بتلقي التصريحات وأطراف المسؤولين عن التصريح‬
‫بالممتلكات‪ ،‬وتفاديا لهذا التأخر وإخراج هذا القانون إلى حيز التطبيق‪ ،‬تم إصدار منشور الوزير‬
‫سنة ‪ 2010‬لفسح المجال أمام المسؤولين لتطبيق هذا القانون خصوصا بعدما صدر‬ ‫‪1123‬‬
‫األول‬
‫‪1124‬‬
‫التصريح ووصل التسلم والحد األدنى لقيمة األموال المنقولة‬ ‫المرسوم المتعلق بتحديد نموذج‬
‫الوزير األول الصادر في ‪ 11‬فبراير ‪.2010‬‬ ‫‪1125‬‬
‫الواجب التصريح بها وهو مضمون قرار‬

‫وبالرجوع إلى أحكام النصوص التشريعية التي صدرت في هذا الشأن‪ ،‬وخصوصا ابتداء‬
‫من الظهير الشريف رقم ‪ 1.74.331‬الصادر في ‪ 23‬أبريل ‪ 1975‬بشأن حالة أعضاء الحكومة‬
‫وتأليف دواوينهم كما وقع تتميمه وتغييره بالظهير الشريف رقم ‪ 1.08.72‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر‬
‫‪ 2008‬وصوال إلى المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬المتعلق بتحديد نموذج‬
‫التصريح اإلجباري بالممتلكات ووصل التسلم وبالحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح‬
‫بها‪ ،‬يتبين أن كل هذه النصوص عرفت تعثرات وصعوبات في تطبيقها‪ ،‬نظ ار لغياب اإلرادة السياسية‬
‫والجرأة في تطبيق هذه المقتضيات‪ ،‬ألسباب يصعب تفسيرها تتعلق بمصالح بعض الفئات التي سوف‬
‫تتضرر مصالحها من تطبيق هذه القوانين‪.‬‬

‫أما اليوم‪ ،‬وبعد حدوث تغييرات سياسية واجتماعية كوصول المعارضة اإلسالمية إلى دواليب السلطة‬
‫وبعد صدور الدستور الجديد للمملكة الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وأناط بالمجلس األعلى‬
‫‪1126‬‬
‫وتتبع التصريح بالممتلكات‪ ،‬بادرت السلطات العمومية من أجل تحقيق‬ ‫للحسابات مهمة مراقبة‬
‫الشفافية في التدبير المالي وتخليق الحياة العامة‪ ،‬إلى إصدار القوانين المتعلقة بتطبيق القوانين‬
‫المتعلقة بالتصريح اإلجباري بالممتلكات ومنها المنشور رقم ‪ 2010/3‬وغايته التذكير باألشخاص‬
‫المعنيين بالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬وتوضيح بعض الجوانب المتعلقة بكيفية التصريح وشروطه‬

‫منشور الوزير األول رقم ‪ 2010/03‬بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪.2010‬‬ ‫‪1123‬‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬المتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5813‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير‬ ‫‪1124‬‬

‫‪.2010‬‬
‫قرار الوزير األول رقم ‪ 3.87.09‬الصادر في ‪ 11‬فبراير ‪ 2010‬الذي يحدد الحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها من طرف‬ ‫‪1125‬‬

‫الخاضعين للتصريح اإلجباري بالممتلكات‪.‬‬


‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 147‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1126‬‬

‫‪424‬‬
‫واآلجال التي يتعين أن يتم فيها‪ ،‬والجهة المسؤولة عن تلقي التصريحات‪.‬‬

‫فمن هم إذن األشخاص المعنيون بالتصريح اإلجباري بالممتلكات ؟ (أ)‪ ،‬وما هي الممتلكات الواجب‬
‫التصريح بها ؟ (ب)‪ ،‬وما هي مسطرة وشروط التصريح ؟ (ج)‪ ،‬وما هي آجاله ؟ (د)‪.‬‬

‫أ‪ -‬األشخاص المعنيون بالتصريح اإلجباري بالممتلكات ‪:‬‬

‫فبناء على الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.72‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬المتمم للظهير‬


‫الشريف رقم ‪ 1.74.331‬الصادر في ‪ 23‬أبريل ‪ 1975‬بشأن حالة أعضاء الحكومة وتأليف دواوينهم‬
‫فإن األشخاص المعنيون بالدرجة األولى بالتصريح اإلجباري بالممتلكات هم‪:‬‬

‫‪ -1‬أعضاء الحكومة‪ ،‬وهكذا نص الفصل المكرر ثالث مرات من الظهير الشريف المذكور أعاله‬
‫على أنه ‪" :‬يتعين على العضو في الحكومة أن يصرح داخل أجل التسعين (‪ )90‬يوما‬
‫الموالية لتعيينه‪ ،‬بمجموع نشاطاته المهنية والمهام االنتخابية التي يمارسها والممتلكات التي‬
‫يملكها أو يملكها أوالده القاصرون أو يقوم بتدبيرها‪ ،‬وكذا المداخيل التي استلمها خالل السنة‬
‫السابقة للسنة التي تم تعيينه فيها‪.‬‬
‫‪1127‬‬
‫‪ -2‬الشخصيات المماثلة لهم –أعضاء الحكومة‪ -‬من حيث الوضعية اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -3‬رؤساء دواوين أعضاء الحكومة‪.‬‬

‫‪ -4‬رؤساء مجالس الجهات‪.‬‬

‫‪ -5‬رؤساء مجالس العماالت أو األقاليم‪.‬‬

‫‪ -6‬رؤساء المجالس الجماعية‪.‬‬

‫‪ -7‬رؤساء مجموعة الجماعات الحضرية والقروية‪.‬‬

‫‪ -8‬رؤساء مجموعات الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪ -9‬رؤساء مجالس المقاطعات‪.‬‬

‫‪ -10‬رؤساء الغرف المهنية‪.‬‬

‫‪ -11‬المنتخبون األعضاء في المجالس المحلية والغرف المهنية الذين حصلوا على تفويض‬
‫إمضاء أو تفويض سلطة‪.‬‬

‫منشور الوزير األول رقم ‪ ،2010 /3‬حول التصريح اإلجباري بالممتلكات ص ‪.2 :‬‬ ‫‪1127‬‬

‫‪425‬‬
‫‪ -12‬أعضاء مكاتب المجالس المحلية والغرف المهنية‪.‬‬

‫كما يخضع إلجبارية التصريح بالممتلكات بعض فئات الموظفين أو األعوان العموميين‬
‫ويتعلق األمر بـ ‪:‬‬

‫‪ -1‬األشخاص المعينين في مناصبهم طبقا للفصل ‪112830‬من دستور ‪ 1996‬الملغي والذي‬


‫المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا‬ ‫‪1129‬‬
‫عوضه القانون التنظيمي رقم ‪02.12‬‬
‫ألحكام الفصلين ‪ 49‬و‪ 92‬من دستور ‪.2011‬‬

‫‪ -2‬الموظفون واألعوان التابعين للدولة والجماعات المحلية والمنشآت العامة والهيئات األخرى‬
‫المخول لهم سلطة ومنهم ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اآلمرون بصرف النفقات وقبض المداخيل أو ممارسة مهمة مراقب أو محاسب عمومي‬
‫طبقا ألحكام القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫ب‪ -‬تحديد وعاء الضرائب والرسوم وكل عائد آخر مأذون به بموجب النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫ج‪ -‬قبض وتحصيل الضرائب والرسوم والعائدات والمداخيل واألجرة عن الخدمات المقدمة‬
‫والمخصصة للدولة والجماعات المحلية والمنشآت العامة والهيئات األخرى كما تم‬
‫األولى من القانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة‬ ‫‪1130‬‬
‫تعريفها في المادة‬
‫على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬

‫د‪ -‬اإلذن بمنح امتياز أو تفويت أو باستغالل ملك أو مرفق عمومي أو خاص تابع للدولة‬
‫أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة‪.‬‬

‫ه‪ -‬القيام بتدبير األموال وحفظ القيم والسندات وتسليم الودائع والكفاالت‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 30‬من دستور ‪ 1996‬في فقرته الثانية على أنه ‪" :‬وله حق التعيين (الملك) في الوظائف المدنية والعسكرية‪ ،‬كما له أن يفوض لغيره‬ ‫‪1128‬‬

‫ممارسة هذا الحق"‪.‬‬


‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.20‬صادر في ‪ 17‬يوليوز ‪ 2012‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 02.12‬المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا‬ ‫‪1129‬‬

‫ألحكام الفصلين ‪ 49‬و‪ 92‬من دستور ‪ ،2011‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6066‬بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪.2012‬‬
‫يراد بعبارة الهيئات العامة في قانون رقم ‪ 00-69‬حسب المادة األولى ‪" :‬الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة ‪:‬‬ ‫‪1130‬‬

‫شركات الدولة ‪ :‬الشركات التي تملك هيئات عامة مجموع رأسمالها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشركات التابعة العامة ‪ :‬الشركات التي تملك هيئات عامة أكثر من نصف رأسمالها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشركات المختلطة ‪ :‬الشركات التي تملك هيئات عامة ‪ %50‬من رأسمالها على األكثر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المقاوالت ذات االمتياز ‪ :‬المقاوالت المعهود إليها بتسيير مرفق عام بمقتضى عقد امتياز تكون فيه للدولة صفة السلطة المتعاقدة"‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪426‬‬
‫و‪ -‬مهام المراقبة ومعاينة المخالفات لنصوص تشريعية وتنظيمية خاصة وزجر المخالفات‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫ز‪ -‬تسليم الرخص أو اإلجازات أو األذون أو االعتمادات‪.‬‬

‫ح‪ -‬تسجيل أو تقييد امتياز أو حق عيني أو حق غير مادي‪.‬‬

‫‪ -3‬الموظفون واألعوان‪ ،‬غير أوالئك المشار إليهم فيما سبق‪ ،‬المكلفين بمهمة عمومية‬
‫والحاصلين على تفويض باإلمضاء فيما يتعلق باألعمال واإلجراءات المشار إليها في البند‬
‫‪ 2‬من منشور الوزير األول رقم ‪ 2010/03‬أو بأعمال قد يكون لها أثر مباشر على المال‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ -4‬الموظفون واألعوان العموميون الذين تجعلهم مهامهم أو مسؤولياتهم في وضعية مماثلة‬


‫لألشخاص المشار إليهم في الفقرة الثانية من العنصر ‪ I‬السابق الذكر والذين يمكن للحكومة‬
‫أن تخضعهم للتصريح اإلجباري بالممتلكات آخذا في االعتبار التنظيم الحكومي واإلداري‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الممتلكات الواجب التصريح بها‪:‬‬

‫حسب الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.72‬السابق الذكر في النقطة الثانية من الفصل ‪2‬‬
‫المكرر ثالث مرات تتكون الممتلكات الواجب التصريح بها من جميع العقارات واألموال المنقولة‪،‬‬
‫ويدخل في عداد األموال المنقولة على الخصوص األصول التجارية والودائع في حسابات بنكية‬
‫والسندات والحصص واألسهم في الشركات‪ ،‬والقيم المنقولة األخرى والممتلكات المتحصل عليها عن‬
‫طريق اإلرث والعربات ذات محرك واالقتراضات والتحف الفنية واألثرية والحلي والمجوهرات‪ ،‬ويلزم‬
‫المعنيون باألمر بالتصريح كذلك بالممتلكات المشتركة مع األغيار‪ ،‬وكذا تلك التي يدبرونها‬
‫لحسابهم‪ .‬كما يشمل ممتلكات أوالدهم القاصرين‪ ،‬ويتعين أن يشمل التصريح المداخيل التي استلمها‬
‫المعنيون باألمر خالل السنة السابقة للسنة التي تم تعيينهم أو انتخابهم فيها‪ .‬وقد حدد الحد األدنى‬
‫‪1131‬‬
‫ألف درهم (‪ 300.000‬درهم) لكل‬ ‫لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها في ثالثمائة‬
‫صنف من أصناف األموال المنقولة‪ ،‬عند تاريخ اقتنائها عن طريق الشراء‪ ،‬أو تملكها عن طريق‬
‫اإلرث‪.‬‬

‫وعندما يكون الزوجان كالهما ملزم بتقديم التصريح‪ ،‬فيجب أن يقدم كل واحد منهما‬

‫حسب المادة الرابعة من المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬المتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري بالممتلكات ووصل‬ ‫‪1131‬‬

‫التسلم وبالحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب الت صريح بها‪ ،‬فقد نصت على أنه ‪" :‬يحدد الحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها‬
‫بقرار للوزير األول يتخذ باقتراح من وزير االقتصاد والمالية والوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة"‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫تصريحه على حدة‪ ،‬وأن يقدم األب التصريح الخاص بأوالده القاصرين‪.‬‬

‫د‪ -‬مسطرة التصريح وشروطه‪:‬‬

‫يتم التصريح اإلجباري بالممتلكات وفق نموذج التصريح الملحق بالمرسوم رقم ‪2.08.207‬‬
‫الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬واللوائح المرفقة به حسب كل حالة من الحاالت المذكورة في هذا‬
‫المرسوم‪ .‬فبالنسبة ألعضاء الحكومة والشخصيات المماثلة لهم ورؤساء الدواوين فيتم التصريح بإيداع‬
‫النموذج المعبأ لدى كتابة ضبط المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫ولهذا الغرض يتولى األمين العام للحكومة توجيه قائمة‪1132‬بأسماء هذه الفئات الثالثة وكذا‬
‫التغيرات التي يمكن أن تدخل عليها إلى الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‪ .‬ويشمل هذا‬
‫التصريح مجموع النشاطات المهنية والمهام االنتخابية عند االقتضاء‪ ،‬أما بالنسبة لتصريح بعض‬
‫منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية‪ ،‬فإنه يتعين إيداعه بكتابة الضبط لدى المجالس الجهوية‬
‫للحسابات التابع لها العضو المعني باألمر‪ .‬ولهذه الغاية يقوم وزير الداخلية أو السلطة المفوضة من‬
‫لدنه لهذا الغرض بتوجيه قائمة بأسماء األشخاص المعنيين إلى رئيس المجلس الجهوي للحسابات‬
‫المختص‪ ،‬وكذا كل تغيير يط أر على هذه القائمة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتصريح بالممتلكات الخاص ببعض فئات الموظفين واألعوان العموميين‪ ،‬فيتم إيداعه‬
‫لدى ‪:‬‬

‫‪ -1‬المجلس األعلى للحسابات إذا كان المصرح يمارس صالحياته على مجموع التراب‬
‫‪1133‬‬
‫استنادا إلى الفصلين ‪ 147‬و ‪ 158‬من دستور ‪ ، 2011‬حيث نص على أنه ""‬ ‫الوطني‪.‬‬
‫و تدقيق‬ ‫تناط بالمجلس األعلى للحسابات مهمة مراقبة و تتبع التصريح بالممتلكات‬
‫حسابات األحزاب السياسية ‪ ،‬وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات اإلنتخابية"‪.‬‬

‫كما أكد على أنه "يجب على كل شخص ‪ ،‬منتخبا كان أو معينا ‪ ،‬يمارس مسؤولية عمومية ‪ ،‬أن‬
‫يقدم طبقا للكيفيات المحددة في القانون ‪ ،‬تصريحا كتابيا بالممتلكات و األصول التي في حيازته ‪،‬‬
‫بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمجرد تسلمه لمهامه ‪ ،‬و خالل ممارستها و عند انتهائها"‪.‬‬

‫و كمثال على ذلك ‪ ،‬فخالل سنة ‪ 2011‬قام المجلس األعلى للحسابات بإحصاء التصريحات الواردة‬

‫أنظر منشور األمين العام للحكومة رقم ‪ 2012/01‬حول التصريح اإلجباري بالممتلكات بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ ،2012‬وكذلك المنشور رقم ‪2012/02‬‬ ‫‪1132‬‬

‫حول نفس الموضوع وبنفس التاريخ تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 158‬من دستور ‪ 2011‬حول كيفيات تقديم األشخاص المنتخبين والمعينين‪ ،‬الممارسين‬
‫لمسؤوليات عمومية‪.‬‬
‫انظر نموذج هذا التصريح يتعلق بالباحث بالملحق رقم ‪11 :‬‬ ‫‪1133‬‬

‫‪428‬‬
‫عليه بناء على قوائم الملزمين الصادرة عن السلطات الحكومية المختصة ؛ و التي وصلت إلى غاية‬
‫‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬ما مجموعه ‪ 15.693‬تصريحا منها ‪ 8.395‬تم إيداعها داخل األجل القانوني و‬
‫‪1134 7.298‬تصريحا خارج األجل المذكور‪ .‬و قد أدلى أعضاء المجلس الدستوري البالغ عددهم ‪12‬‬
‫عضوا بتصريحاتهم إلى الهيئة المكلفة بتلقي و مراقبة التصريحات ‪ ،‬كما قام ‪ 394‬عضوا من أصل ‪395‬‬
‫عضوا المكون منهم مجلس النواب باإلدالء بتصريحاتهم ‪ ،‬بينما قام ‪ 246‬عضوا مستشا ار من بين ‪257‬‬
‫عضوا مستشا ار بالتصريح اإلجباري بالممتلكات لدى المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫كما قام جميع قضاة المحاكم المالية طبقا للفقرة األولى من المادة ‪ 184‬من القانون رقم ‪ 52-06‬المغير و‬
‫المتمم بموجبه القانون رقم ‪ 62 -99‬المتعلق بالمحاكم المالية بإيداع تصريحاتهم ‪ ،‬و تضم الالئحة ‪236‬‬
‫ملزما منها ‪ 123‬قاضيا بالمجلس األعلى للحسابات و ‪ 113‬قاضيا بالمجالس الجهوية للحسابات ‪،‬باإلضافة‬
‫إلى تصريح الرئيس األول للمجلس‪.‬‬

‫كما بلغ عدد الملزمين من فئات الموظفين المعينين بظهير ‪ ،‬و الموظفين أو األعوان العموميون الذين‬
‫‪.‬‬ ‫يمارسون صالحيتهم في مجموع التراب الوطني ‪ 15.025‬ملزم‬
‫‪1135‬‬

‫‪ -2‬المجلس الجهوي للحسابات بالنسبة للمصرح الذي يمارس صالحياته داخل الحدود الترابية لجهة أو‬
‫داخل إقليم أو عدة أقاليم أو عمالة أو عدة عماالت أو جماعة أو عدة جماعات خاضعة‬
‫لالختصاص الترابي لنفس الجهة‪ .‬و هكذا فقد تلقت المجالس الجهوية للحسابات ‪ ،‬في نهاية ‪2011‬‬
‫ما مجموعه ‪ 77.734‬تصريحا ‪ ،‬و هو ما يمثل ‪ ℅86‬من مجموع األشخاص الخاضعين للتصريح‬
‫اإلجباري بالممتلكات ‪ ،‬وبقي ‪ 16.905‬تصريحا لم يتم اإلدالء به ‪ ،‬و قد اتخذت المجالس الجهوية‬
‫للحسابات في حق هؤالء عدة إجراءات منها‪:‬‬

‫‪ -‬توجيه إنذارات إلى الملزمين عير المصرحين‪.‬‬

‫‪ -‬توجيه رسائل إلى السلطات الحكومية المعنية من أجل موافاتها باللوائح الشاملة لألشخاص الخاضعين‬
‫للتصريح اإلجباري بالممتلكات طبقا للمادتين ‪ 1‬و‪ 6‬من القانون رقم ‪ 06 -54‬المتعلق بالتصريح‬
‫اإلجباري للممتلكات‪.‬‬

‫د‪ -‬آجال التصريح بالممتلكات ‪:‬‬

‫لقد حددت النصوص التشريعية آجاال معينة لقيام المعنيين بالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن أعضاء الحكومة والشخصيات المماثلة لهم من حيث الوضعية اإلدارية ورؤساء الدواوين ملزمون‬

‫انظر الفصل الرابع من تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2011‬ص‪404:‬‬ ‫‪1134‬‬

‫مرجع سابق‪....‬ص‪404 :‬‬ ‫‪1135‬‬

‫‪429‬‬
‫‪1136‬‬
‫يوما الموالية لتعيينهم‪ ،‬غير أن هذا األجل قد يمتد إلى ستة أشهر‬ ‫بالتصريح داخل أجل التسعين (‪)90‬‬
‫(‪ )6‬ابتداء من ‪ 15‬فبراير ‪ 2010‬تاريخ نشر النصوص التنظيمية الالزمة لتطبيق الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.08.72‬السابق الذكر‪.‬‬

‫و استنادا إلى هذه الفصول‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات في سنة ‪ 2011‬بإحصاء التصريحات الواردة‬
‫عليه‪ ،‬بناء على قوائم الملزمين الصادرة عن السلطات الحكومية المختصة‪ .‬و قد توصل المجلس إلى غاية‬
‫‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬ب ‪ 15.693‬تصريحا منها ‪ 8.395‬تصريحا تم إيداعها داخل األجل القانوني ‪ ،‬و‬
‫‪1137‬‬
‫تم تلقيها خارج األجل القانوني‪.‬‬ ‫‪ 7.298‬تصريحا‬

‫أما منتخبو المجالس المحلية والغرف المهنية‪ ،‬وكذا فئات الموظفين واألعوان العموميين المعنيين بالتصريح‪،‬‬
‫فإنهم ملزمون كقاعدة عامة‪ ،‬بتقديم التصريح داخل أجل ثالثة أشهر الموالية لإلعالن عن انتخابهم أو‬
‫لمباشرة مهامهم حسب الحالة‪ ،‬و قد تلقت المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬في نهاية سنة ‪ ،2011‬ما مجموعه‬
‫‪ 77.734‬تصريحا ‪ ،‬و هو ما مثل ‪ ℅86‬من مجموع األشخاص الخاضعين للتصريح اإلجباري بالممتلكات‬
‫وإذا لم يقدم العضو المعني بالتصريح اإلجباري بالممتلكات ؛ أما بالنسبة للتصاريح التي لم يتم إيداعها ‪ ،‬فقد‬
‫وعدد الخاضعين للتصريح‬ ‫وصل عددها ‪ 16.905‬تصريحا‪ .‬و الجدول التالي يبين كل هذه األرقام‬
‫اإلجباري بالممتلكات حسب المجالس الجهوية للحسابات التسع‪:‬‬
‫غير‬ ‫التصاريح‬ ‫عدد‬ ‫عدد التصاريح المودعة‬ ‫عدد الخاضعين للتصريح‬ ‫المجلس الجهوي‬
‫المودعة‬ ‫للحسابات‬
‫‪1.572‬‬ ‫‪6.458‬‬ ‫‪8.030‬‬ ‫طنجة‬
‫‪2.031‬‬ ‫‪11.252‬‬ ‫‪12.674‬‬ ‫وجدة‬
‫‪1.116‬‬ ‫‪12.790‬‬ ‫‪10.744‬‬ ‫فاس‬
‫‪2.531‬‬ ‫‪12.245‬‬ ‫‪14.776‬‬ ‫الرباط‬
‫‪7.119‬‬ ‫‪9.112‬‬ ‫‪16.231‬‬ ‫الدار البيضاء‬
‫‪833‬‬ ‫‪7.840‬‬ ‫‪6.976‬‬ ‫سطات‬
‫‪0‬‬ ‫‪11.793‬‬ ‫‪11.793‬‬ ‫مراكش‬
‫‪680‬‬ ‫‪1.970‬‬ ‫‪2.296‬‬ ‫أكادير‬

‫أنظر منشور األمين العام للحكومة رقم ‪ 2012/01‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2012‬الموجه إلى كل من وزير الدولة والوزراء يذكرهم بفحوى الظهير الشريف رقم‬ ‫‪1136‬‬

‫‪ 1.08.72‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬لتمكينه من توجيه قائمة بأسماء أعضاء الحكومة وأسماء الشخصيات المماثلة لهم إلى المجلس األعلى للحسابات تطبيقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 2‬من الظهير الشريف السابق الذكر‪ ،‬وأحكام المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬وقرار الوزير األول رقم ‪ 2.87.09‬الصادر في ‪11‬‬
‫فبراير ‪ 2010‬المتعلق بالتصريح اإلجباري بالممتلكات لدى كتابة الضبط للمجلس األعلى للحسابات داخل أجل ‪ 90‬يوما يبتدئ من ‪ 3‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ 1137‬انظر التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ً2011‬ص ‪409:‬‬

‫‪430‬‬
‫‪1.023‬‬ ‫‪4.274‬‬ ‫‪6.097‬‬ ‫العيون‬

‫‪16.905‬‬ ‫‪77.734‬‬ ‫‪89.617‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2011‬‬

‫و من أجل تصحيح الوضع بالنسبة لغير المصرحين في اآلجال القانوني أو لم يصرحوا نهائيا ‪،‬‬
‫اتخذت المجالس الجهوية للحسابات عدة إجراءات قانونية سبق ذكرها‪.‬‬

‫وبالنسبة للذي يقدم تصريحا غير كامل أو غير مطابق لما ينص عليه نموذج التصريح‬
‫يقوم الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بتوجيه تنبيه إلى هذا األخير الحترام أحكام القانون‬
‫داخل أجل يحدده‪ ،‬والذي ال يمكن أن يتجاوز ستين (‪ )60‬يوما ابتداء من تاريخ تسلم التنبيه‪ .‬كما‬
‫يعين الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات مستشا ار مقر ار بقصد دراسة التصريح وتتبعه‪ ،‬ثم يعد‬
‫المستشار المقرر تقري ار داخل أجل ‪ 60‬يوما ابتداء من تاريخ عرض القضية عليه‪ ،‬ويطلع الرئيس‬
‫األ ول للمجلس األعلى للحسابات المعني باألمر على تقرير المستشار المقرر المكلف بدراسة‬
‫تصريحه ويمنحه أجل ‪ 60‬يوما للرد على مالحظات هذا األخير‪.‬‬

‫وإذا ما تبين من تقرير المستشار المقرر وجود أفعال تشكل مخالفات للقانون الجنائي‬
‫‪1138‬‬

‫يحيل الوكيل العام للملك لدى المجلس األعلى للحسابات ملف القضية على القضاء‪ ،‬كما يمكن‬
‫للرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات عند االقتضاء أن يطلب من أي ملزم التصريح بممتلكات‬
‫ومداخيل زوجه‪.‬‬

‫كما يخبر الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات الملك "والوزير األول" باإلجراءات‬
‫المتخذة في شأن تصريحات أعضاء الحكومة وأعضاء دواوينهم الذين لم يقدموا التصريح أو الذين‬
‫قدموا تصريحا غير كامل أو غير مطابق لما ينص عليه القانون‪.‬‬

‫وإذا تعلق األمر باإلخالل بالتصريحات الواجب اإلدالء بها بمناسبة انتهاء المهام يقوم‬
‫الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات بإشعار المعني باألمر بضرورة تقديم تصريحه داخل أجل‬
‫ثالثين (‪ ) 30‬يوما من تاريخ توصله باإلشعار تحت طائلة إحالة ملفه على الجهة القضائية المختصة‬
‫‪1139‬‬
‫للبحث فيه‪.‬‬

‫وقد حدد المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬الصادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬نموذج التصريح اإلجباري‬


‫بالممتلكات‪ ،‬ووصل التسلم‪ ،‬والحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها‪ .‬فمن حسنات‬

‫‪ 1138‬البند ‪ 8‬من الفصل ‪ 2‬المكرر ثالث مرات من الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.72‬الصادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪.2008‬‬
‫الفقرة الثانية من البند ‪ 10‬من الفصل ‪ 2‬المكرر ثالث مرات من نفس الظهير الشريف‪.‬‬ ‫‪1139‬‬

‫‪431‬‬
‫هذا القانون والمراسيم التطبيقية له أنها حددت األشخاص المعنيون بالتصريح اإلجباري بالممتلكات‪،‬‬
‫والحد األدنى لقيمة األموال الواجب التصريح بها‪ ،‬وكيفيات التصريح والمسطرة والشروط واآلجال‬
‫المحددة لهذا التصريح‪ ،‬إال أن ما يعاب عليه هو عدم تفعيله‪ ،‬وعدم تحديد اإلجراءات التأديبية‬
‫والعقوبات الواجبة في حق الرافضين لإلدالء بالتصاريح اإلجبارية لممتلكاتهم‪ ،‬رغم تشديد المشرع‬
‫وتأكيده على مصطلح اإلجبارية‪ ،‬خصوصا لما يتعلق األمر باألشخاص المتمتعين بالحصانة‬
‫كأعضاء الحكومة والبرلمان وباقي الهيئات المنتخبة أو المعينة بظهير‪ .‬هذا جانب من طرق تعزيز‬
‫الشفافية في مجال التدبير المالي سواء في جانبه القانوني أو المؤسساتي‪ ،‬فماذا عن الجانب اآلخر‬
‫من الشفافية المتعلق بالرقابة ؟‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تقوية آليات الرقابة الداخلية والخارجية باإلدارات العمومية‬


‫لقد أصبح االهتمام بإصالح القطاع العام أكثر إلحاحية من ذي قبل من خالل ترشيد‬
‫وعقلنة التدبير العمومي‪ ،‬وجعله قاطرة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهذا االهتمام لن يتأتى إال‬
‫بتقوية آليات الرقابة الداخلية والتفتيش الدوري ومراجعة اإلجراءات واألساليب القديمة‪ ،‬قصد مسايرة‬
‫التحوالت السياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية‪ .‬فاألساليب المتبعة في مجال المراقبة المحاسبية ومراقبة‬
‫المشروعية لم تعد تفي بالغرض من حيث الفعالية والفاعلية‪ .‬فواجب تقديم الحسابات أو المحاسبة هو‬
‫الجانب الذي يبدو أنه ينقصنا أكثر‪ ،‬فآلية المحاسبة وثقافة التقويم باعتبارهما محفزين على الشفافية‬
‫التي تنقصنا‪ ،‬وعليه يجب وضع أسس‬ ‫‪1140‬‬
‫وإرادة المشاركة والتعاون يعدان من صميم مبادئ التنمية‬
‫رقابية وتقويمية غايتها تحقيق أهداف الميزانية وهي االقتصاد والفعالية والمردودية‪.‬‬

‫وقد اتخذت األجهزة العمومية على عاتقها اتخاذ عدة تدابير في هذا المجال تمثلت في‬
‫اعتماد ضوابط ومدونات لسلوك الموظفين على مستوى إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات‬
‫‪1141‬‬
‫في التوظيف‪ ،‬وترسيخ قيم االستحقاق والشفافية في‬ ‫العمومية‪ ،‬من خالل إلزامية تعميم المباراة‬
‫تولي مناصب المسؤولية‪ ،‬وتشجيع الحركية والتناوب على المناصب العمومية‪ ،‬وترسيخ مبادئ‬
‫االستحقاق والشفافية في الترقية باإلدارات العمومية‪ ،‬وتدقيق المقتضيات التشريعية المتعلقة منع‬
‫الجمع بين الوظائف واألجور وتدعيم قاعدة منع تضارب المصالح الشخصية مع المهام المزاولة‬
‫باإلدارات العمومية‪ .‬ولكي تلعب أجهزة الرقابة سواء كانت داخلية أو خارجية الدور المنتظر منها في‬
‫تدعيم المساءلة والمحاسبة‪ ،‬يجب أن تعمل على تحديد أهداف برامج األجهزة الحكومية بوضوح‪ ،‬من‬

‫من تقرير ‪ 50‬سنة من التنمية البشرية بالمغرب لسنة ‪ ،2008‬ص ‪.240 :‬‬ ‫‪1140‬‬

‫على سبيل المثال أنظر منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/14‬حول تدبير مباريات التوظيف في المناصب العمومية الصاد بتاريخ ‪ 19‬يونيو‬ ‫‪1141‬‬

‫‪.2012‬‬

‫‪432‬‬
‫أجل تسهيل المراجعة وتحليل النتائج‪ ،‬وكذا وضع قواعد ومعايير لقياس األداء من قبل األجهزة‬
‫الرقابية‪ .‬ويعتبر وجود هيكل فعال وشفاف للرقابة الداخلية أم ار حيويا وهاما لكي تضمن اإلدارة‬
‫العمومية تحقيق أهدافها (الفقرة األولى)‪ ،‬وفي خضم دينامية اإلصالح التي شملت مختلف الميادين‬
‫المؤسساتية واالقتصادية والمالية‪ ،‬قد حظيت الرقابة العليا للمالية العمومية –الرقابة الخارجية‪ -‬بعناية‬
‫‪1142‬‬
‫وإشاعة الشفافية في مجال تدبير الشأن‬ ‫خاصة‪ ،‬والتي من خاللها أرست دعائم الحكامة الجيدة‬
‫العام بصفة عامة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تقوية آليات الرقابة الداخلية‬


‫تخضع المالية العمومية عادة لنوعين أساسيين من المراقبة ‪ ،‬األولى داخلية باعتبارها رقابة‬
‫ذاتية تمارسها اإلدارة على نفسها بواسطة هيئات إدارية و مالية مختصة تفاديا للوقوع في األخطاء و‬
‫المخالفات ‪ ،‬و تجنبا النتقادات السلطة التشريعية و تبعات الرقابة القضائية ‪ ،‬وتنصب هذه الرقابة‬
‫على العمليات اإلدارية و العمليات المحاسبية‪.‬‬

‫أما الثانية فخارجية تتحدد أوجهها في الرقابة القضائية التي تتوالها المحاكم المالية‪ ،‬والرقابة‬
‫السياسية التي تضطلع بها جهات متعددة أهمها البرلمان و الرأي العام‪.‬‬

‫لقد صدرت مجموعة من النصوص التنظيمية التي ترمي إلى إعادة النظر في منظومة‬
‫الرقابة المالية الداخلية بشكل يسمح بتخفيف الرقابة القبلية‪ ،‬إلعطاء هامش واسع لمبادرات المدبرين‬
‫والمسيرين العموميين من آمرين بالصرف وآمرين بالصرف مساعدين وغيرهم‪ ،‬وتدعيم الرقابة المحلية‬
‫والبعدية‪ .‬وهكذا قامت و ازرة االقتصاد والمالية بإدراج مشروع رؤية موحدة للمراقبة المالية والذي‬
‫شاركت فيه مختلف مديريات و ازرة االقتصاد والمالية والتي تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في‬
‫مراقبة تنفيذ الميزانية‪ ،‬ويتعلق األمر بالمفتشية العامة للمالية‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬المراقبة العامة لاللتزام‬
‫بنفقات الدولة‪ ،‬مديرية المؤسسات العمومية والخوصصة والخزينة العامة للمملكة‪ .‬وقد انبثق هذا‬
‫المشروع الموحد للمراقبة عن إحداث مساطر وآليات التنسيق ين أجهزة المراقبة اإلدارية لتوجيه العمل‬
‫‪1143‬‬
‫وهكذا قامت الحكومة بإعداد إصالح شمولي لنظام مراقبة الدولة‬ ‫الرقابي نحو االندماج والتكامل‪.‬‬
‫يواكب في منطلقاته وتوجهاته‪ ،‬السياسة الهادفة إلى دعم الحكامة الجيدة وتكريس الرغبة في التبسيط‬
‫التدريجي إلجراءات المراقبة القبلية والمواكبة للنفقات‪ ،‬مقابل تقوية القدرات التدبيرية لآلمرين بالصرف‬

‫في هذا المجال أنظر منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/5‬حول تفعيل توصيات تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬بتاريخ ‪26‬‬ ‫‪1142‬‬

‫أبريل ‪.2012‬‬
‫نجيب جيري ‪" :‬إصالح منظومة الرقابة المالية بالمغرب …‪، ….......................‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.178 :‬‬ ‫‪1143‬‬

‫‪433‬‬
‫‪1144‬‬
‫وإقرار نظام‬ ‫في مجال تنفيذ الميزانية وبعد إرساء آليات المراقبة واالفتحاص الداخليين‪،‬‬
‫‪1145‬‬
‫للتدبير يكفل بشكل دقيق وآلي إنجاز كل عمليات المراقبة الداخلية التي تتكفل بها‬ ‫معلوماتي‬
‫المصالح اآلمرة بالصرف‪.‬‬

‫فالرقابة الداخلية تتناول مختلف جوانب تدبير اإلدارة العمومية سواء تعلق األمر بأعمال‬
‫الموظفين اإلداريين أو بأعمال المحاسبين العموميين‪ ،‬وقد سميت هذه الرقابة رقابة إدارية أو ذاتية‪،‬‬
‫‪1146‬‬
‫أو بواسطة جهاز إداري‬ ‫ألن اإلدارة نفسها تمارسها بواسطة موظفيها داخل دوائرها المختلفة‪،‬‬
‫‪1147‬‬
‫متخصص‪.‬‬

‫وتعتبر الرقابة التسلسلية أو الرئاسية التي يجريها الرؤساء على مرؤوسيهم بمختلف‬
‫المصالح سواء منها المركزية أو الالممركزة‪ ،‬وعلى رأسها الوزراء رأس الهرم اإلداري في و ازرتهم‪،‬‬
‫وانتهاء بآخر درجات التسلسل اإلداري في الو ازرة الواحدة مما يعني إن جميع الوزراء يمارسون هذه‬
‫الرقابة‪ ،‬كل في نطاق و ازرته‪ ،‬على جميع أعمال موظفي الو ازرة ويدققون فيها وأهمها عمليات تنفيذ‬
‫الميزانية‪ ،‬فاآلمرون بالصرف يمارسون رقابة داخلية على اآلمرين بالصرف التابعين لهم إما مباشرة‬
‫‪1148‬‬
‫داخل الو ازرة‪ .‬كما يخضع تصرف المحاسبين العموميين‬ ‫أو بواسطة هيئات داخلية للمراقبة‬
‫لمراقبة رؤسائهم بو ازرة المالية أو غيرها وكذا لمراقبة هيئات أخرى‪.‬‬

‫فتقوية آليات الرقابة الداخلية باإلدارات العمومية يمر عبر تفعيل وتقوية دور المفتشيات‬
‫العامة‪ ،‬وتقوية اختصاصاتها في مجاالت التفتيش والمراقبة والتدقيق والتقييم واالختصاص‪ ،‬ثم اعتماد‬
‫هذه المفتشيات كمخاطب للجنة الو ازرية المكلفة بتتبع تنفيذ البرنامج الحكومي في مجال الوقاية من‬
‫الرشوة ومحاربتها‪ ،‬ومن أهم هذه المفتشيات نذكر ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬المفتشية العامة للمالية ‪:‬‬

‫لقد عرفت المفتشة العامة للمالية في السنين األخيرة تطو ار كبيرا‪ ،‬وذلك لكونها اعتمدت‬
‫أفضل الممارسات المتعارف عليها دوليا في مجال التدقيق والمراقبة على الرغم من كون مشروع‬
‫تحيين وتغيير القانون المحدث للهيئة الزال في طور المصادقة لدى األجهزة المختصة‪ .‬فالمفتشية‬

‫منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/20‬حول إصالح نظام مراقبة نفقات الدولة بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ ،2008‬ص ‪.2 :‬‬ ‫‪1144‬‬

‫من بين األنظمة المعلوماتية التي تستعمل في المراقبة هناك نظام التدبير المندمج للنفقات "‪ "GID‬الذي يمكن كافة المتدخلين المعنيين من آمرين‬ ‫‪1145‬‬

‫بالصرف وآمرين بالصرف تابعين وأعضاء البرمجة والمراقبة من تحسين طرق التواصل فيما بينهم‪ ،‬وبالتالي المساهمة في تبسيط اإلجراءات بغرض‬
‫تحقيق سرعة وليونة في إنجاز النفقة العمومية‪.‬‬
‫عبد الفتاح بلخال ‪" :‬علم المالية العامة"‪ .......................................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.337 :‬‬ ‫‪1146‬‬

‫عدنان الضناوي ‪" :‬علم المالية العامة"‪ ،‬دار المعارف العمومية‪ ،‬طرابلس لبنان‪ ،‬ص ‪.345 :‬‬ ‫‪1147‬‬

‫عبد الفتاح بلخال ‪" :‬علم المالية"‪ ............................................. ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.338 :‬‬ ‫‪1148‬‬

‫‪434‬‬
‫‪1149‬‬
‫رقم ‪ 1.59.269‬المؤرخ في ‪14‬‬ ‫العامة للمالية تعتبر هيئة عليا للتفتيش بمقتضى الظهير الشريف‬
‫أبريل ‪ 1960‬المحدث لها‪.‬‬

‫وتقوم بمقتضى هذا الظهير ‪:‬‬

‫‪ -‬بمراقبة تسيير اآلمرين بالصرف والمراقبين وبصفة عامة مستخدمي الدولة والجماعات‬
‫المحلية والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬بإجراء تحقيقات بخصوص مصالح المحاسبة العمومية من محاسبة الصندوق ومحاسبة‬


‫النقود والمواد التي يمسكها المحاسبون العموميون‪.‬‬

‫‪ -‬بمراقبة تسيير المنشآت العامة المحددة بالقانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية‬
‫للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬بمراقبة جميع األشخاص الماديين والمعنويين المستفيدين بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪،‬‬
‫من دعم مالي من طرف الدولة أو الجماعات الترابية أو المنشآت العامة‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى االختصاصات الموكولة إليها بمقتضى الظهير الشريف السالف الذكر‪،‬‬
‫تقوم المفتشية العامة للمالية بالمهام األخرى التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تدقيق وإبداء رأي مهني حول مشروعية وصدق العمليات المتعلقة بحسابات المشاريع الممولة‬
‫من طرف الحكومات أو الهيئات المالية الدولية والجهوية في إطار التعاون الثنائي أو التعاون‬
‫المتعدد األطراف‪.‬‬
‫‪1150‬‬
‫رقم‬ ‫‪ -‬تدقيق وتصديق قدرات تدبير اآلمرين بالصرف تنفيذا لمقتضيات المرسوم‬
‫‪ 2.07.1235‬بتاريخ ‪ 04‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة والذي يهدف إلى تقليص‬
‫الرقابة القبلية وتدعيم الرقابة البعدية من جهة واالنتقال من نظام مراقبة المشروعية والمطابقة‬
‫إلى رقابة تدقيق أداء األجهزة المسيرة من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪1151‬‬
‫بشراكة مع المفتشية‬ ‫‪ -‬تدقيق العمليات المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.59.269‬صادر في ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2478‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪.1960‬‬ ‫‪1149‬‬

‫تنص المادة ‪ 27‬من هذا المرسوم في فقرتها الثانية على أنه ‪" :‬يتم تقييم الكفاءة التدبيرية للمصلحة اآلمرة بالصرف في إطار عملية افتحاص‬ ‫‪1150‬‬

‫تنجزها المفتشية العامة للمالية أو الخزينة العامة للمملكة أو أي جهاز للتفتيش أو المراقبة أو أي ة هيئة مراقبة أو افتحاص معتمدة لهذه الغاية بقرار‬
‫للوزير المكلف بالمالية"‪.‬‬
‫أحدثت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بناء على المادة ‪ 65‬من قانون المالية رقم ‪ 26.04‬للسنة المالية ‪ 2005‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬ ‫‪1151‬‬

‫رقم ‪ 1.04.255‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ ،2004‬والتي تنص على أنه ‪" :‬وفقا ألحكام المادة ‪ 18‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7.98‬لقانون المالية‪ ،‬يؤذن‬

‫‪435‬‬
‫‪1152‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 2.05.1017‬بتاريخ‬ ‫العامة لإلدارة الترابية تنفيذا لمقتضيات المادة ‪13‬‬
‫‪ 19‬يوليوز ‪ 2005‬المتعلق بمساطر تنفيذ نفقات الحساب الخصوصي للمبادرة الوطنية للتنمية‬
‫البشرية‪.‬‬

‫‪ -‬تدقيق أداء األجهزة المسيرة في إطار المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية القائمة على مبادئ‬
‫شمولية االعتمادات وعدم التركيز والتعاقد والشراكة‪.‬‬

‫‪ -‬القيام بتحريات تبعا للشكايات التي تتوصل بها المفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪ -‬إنجاز دراسات ذات طابع مالي وتقييم البرامج والسياسات العمومية من أجل التأكد من مدى‬
‫بلوغ األهداف المسطرة بصفة قبلية ومقارنتها بالنتائج المحققة‪.‬‬

‫وتتدخل المفتشية العامة للمالية وفق برنامج عمل سنوي يصادق عليه وزير االقتصاد‬
‫‪1153‬‬
‫والمالية ويرتكز على مقاربة المخاطر المحتملة‪.‬‬

‫وأثناء التدقيق ومراقبة التسيير الذي تخضع له المصالح المراقبة‪ ،‬يتحقق مفتشو المالية من‬
‫مشروعية وصدق العمليات المدرجة في حسابات المصالح المراقبة وكذا اإلنجاز المادي للخدمات‬
‫المقدمة‪ ،‬والتوريدات المسلمة‪ ،‬واألشغال المنجزة‪ ،‬كما يقيم مفتشو المالية النتائج المحققة بالمقارنة مع‬
‫األهداف المحددة والوسائل المستعملة‪ ،‬ويتأكدون من أن المراقبة الداخلية وأنظمة المعلومات‬
‫والمساطر المطبقة داخل األجهزة تضمن التسيير األمثل لمواردها واستخداماتها وحماية ممتلكاتها‪.‬‬

‫وينجز مفتشو المالية تقارير تكتسي الصبغة النهائية بعد استنفاذ مسطرة حق الرد من‬
‫طرف المصالح الخاضعة للتفتيش‪ .‬وحسب طبيعة وخطورة المالحظات الواردة في التقارير‪ ،‬ويتم‬
‫إحالتها على الوزير المعني‪ ،‬والمصلحة الخاضعة للتفتيش والفرقاء والشركاء في حالة اختالل في‬
‫تسيير المجلس‪ ،‬والى المجلس األعلى للحسابات فيما يخص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪ ،‬واألجهزة القضائية‪ ،‬عندما يتعلق األمر باختالالت خطيرة تستوجب تحريك الدعوى العمومية‪.‬‬

‫ونظ ار لما تنتظره السلطات العمومية من المفتشية العامة للمالية‪ ،‬ولتفادي أي تنازع في‬

‫للحكومة في حالة استعجال وضرورة ملحة أن تحدث بمراسيم خالل السنة المالية‪ ،‬حسابات خصوصية جديدة للخزينة‪ ،‬ويجب أن تعرض الحسابات‬
‫الخصوصية الجديدة على البرلمان للمصادقة عليها في أقرب قانون للمالية"‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 13‬من مرسوم رقم ‪ 2.05.1017‬بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪ 2005‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5338‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ 2005‬على أنه‬ ‫‪1152‬‬

‫‪" :‬تخضع العمليات المنجزة في إطار الحساب الخصوصي لتدقيق مشترك من طرف المفتشية العامة للمالية التابعة للو ازرة المكلفة بالمالية والمفتشية‬
‫العامة لإلدارة الترابية التابعة للو ازرة المكلفة بالداخلية"‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه المخاطر‪ ،‬تتبنى المفتشية العامة للمالية ‪ IGF‬في هذا اإلطار مقاربات برنامج األمم المتحدة للتنمية ‪ PNUD‬وبرنامج ‪BAD‬‬ ‫‪1153‬‬

‫والبنك اإلفريقي ‪.BIRD‬‬

‫‪436‬‬
‫اإلختصاصات‪ ،‬والسيما في مجال التصديق على قدرات اآلمرين بالصرف‪ ،‬يجب إتاحة الفرصة‬
‫للمفتشية من أجل لعب دور حاسم لفائدة المفتشيات العامة للو ازرات من أجل مساعدتها على تطوير‬
‫منهجية تدقيق مالي داخلي متناسق‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ونظ ار لضعف القدرات الحالية للمفتشيات العامة للو ازرات‪ ،‬والسيما على مستوى‬
‫‪1154‬‬
‫ألجل‬ ‫الموارد البشرية‪ ،‬فإنه يتعين على المفتشية العامة للمالية‪ ،‬أن تلعب دو ار أساسيا ومحوريا‬
‫تمكين هذه المفتشيات من اكتساب خبرات ومؤهالت في ميدان المراقبة البعدية أو ما يسمى بالتدقيق‬
‫المالي الداخلي وتقييم أداء النف قات‪ ،‬كما أن دور المفتشية العامة المالية ال يقتصر فقط على الزجر‪،‬‬
‫بل لها دور وقائي آخر من خالل التوصيات التي يدلي بها مفتشو المالية في تقاريرهم قصد تحسين‬
‫‪1155‬‬
‫التدبير وتقليص المخاطر وتدعيم المراقبة الداخلية‪ ،‬وذلك إلى جانب دورها في تدعيم قدرات‬
‫التدبير من خالل أوراش التكوين المنظمة‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته حول المفتشية العامة للمالية هو دورها الباهت منذ إصدار‬
‫ظهيرها الشريف المتقادم إلى اليوم‪ ،‬نظ ار لعدم تفعيل مقتضيات قانونها التأسيسي ونظ ار أيضا‬
‫العتبارات سياسية تحول دون تحريك ملفات الفساد التي تضع عليها يدها أثناء عمليات التفتيش‬
‫والمراقبة‪ ،‬باإلضافة إلى عدم استقاللية الجهاز‪ ،‬وقلة موارده البشرية‪ ،‬فضال عن عدم شفافية أعمال‬
‫المفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪ -2‬المفتشية العامة لإلدارة الترابية ‪:‬‬


‫‪1156‬‬
‫من المرسوم رقم ‪2.94.100‬‬ ‫تختص المفتشية العامة لإلدارة الترابية بموجب المادة ‪2‬‬
‫الصادر في ‪ 16‬يونيو ‪ 1994‬بمثابة نظامها األساسي الخاص بالمراقبة والتدقيق في التسيير اإلداري‬
‫والتقني والمحاسبي لمختلف المصالح التابعة لو ازرة الداخلية‪ ،‬وكذا للجماعات الترابية وهيئاتها على أن‬
‫تراعى في ذلك االختصاصات المخولة للمفتشيات التابعة للو ازرات األخرى‪.‬‬

‫وتتوزع المهام التي تقوم بها المفتشية العامة لإلدارة الترابية على مستوى الجماعات الترابية‬
‫وهيئاتها حسب طبيعتها إلى التفتيش واالفتحاص إضافة إلى تلقي الشكايات من مختلف جهات‬

‫دراسة تقييم تد بير أنظمة المالية العمومية‪ ،‬من إعداد فريق العمل الوطني لو ازرة االقتصاد والمالية بالمغرب والبنك الدولي‪ ،‬مارس ‪ ،2007‬ص ‪:‬‬ ‫‪1154‬‬

‫‪.4‬‬
‫أنظر جلسة العمل التي جمعت وزير االقتصاد والمالية السيد نزار بركة ومفتشي المفتشية العامة للمالية يوم ‪ 20‬فبراير ‪ 2012‬حول سبل االرتقاء‬ ‫‪1155‬‬

‫ب عمل المفتشية العامة للمالية على ضوء مقتضيات الدستور الجديد‪ ،‬منشور على الموقع الرسمي لو ازرة االقتصاد والمالية ‪:‬‬
‫‪http://www.finances.gov.ma/arabe/actualité.‬‬
‫هذا المرسوم منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4264‬بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪.1994‬‬ ‫‪1156‬‬

‫‪437‬‬
‫وأقاليم المملكة ودراستها واتخاذ ما يلزم بشأنها‪.‬‬

‫وبالنسبة لمهام التفتيش‪ ،‬فإن المفتشية العامة لإلدارة الترابية تراقب تسيير الجماعات الترابية‬
‫والمصالح التابعة لها‪ ،‬وكيفية تدبير المكتب المسير لألمالك الجماعية‪ .‬وال ينحصر دور هذا الجهاز‬
‫في مراقبة الشرعية القانونية للق اررات الصادرة عن رئيس المجلس أو نوابه في مختلف المجاالت التي‬
‫يعود لهم االختصاص فيها‪ ،‬بل يتعداه إلى إعمال مراقبة للمشروعية تقيم بموجبها لجان التفتيش مدى‬
‫مالءمة الق اررات المتخذة مع ما يفترضه حسن تدبير الشأن المحلي بالجماعة المعنية‪ ،‬وهو ما يعزز‬
‫دور هذه المؤسسة في الحفاظ على المال العام وتحصينه من الفساد بمختلف تفريعاته وتجلياته‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمهام االفتحاص‪ ،‬فتتلخص في التأكد من نجاعة الرقابة الداخلية‪ ،‬ودراسة‬
‫مساطر التنظيم والتسيير‪ ،‬بهدف دعم وإمداد المسؤولين الترابيين بتوصيات موضوعية وعملية وواقعية‬
‫تروم من خاللها تحسين أدائهم العملي والرفع من مردودية ق ارراتهم‪.‬‬

‫وعلى إثر المهام المنجزة‪ ،‬فإنه يتم اتخاذ مجموعة من اإلجراءات‪ ،‬تتوزع حسب طبيعة‬
‫المخالفة المرتكبة ودرجة خطورتها‪ ،‬بين العقوبات التأديبية‪ ،‬واإلجراءات التقويمية‪ ،‬وكذا اإلحالة على‬
‫الجهات القضائية المختصة‪ .‬ويمكن إعطاء بعض األمثلة على دور المفتشية العامة لإلدارة الترابية‬
‫‪1157‬‬
‫في‬ ‫في تقويم أداء األجهزة المنتخبة حيث قدمت تقري ار حول الخروقات التي ارتكبها رئيس جماعة‬
‫مجال التعمير تلخصت في ‪:‬‬

‫‪ -‬تسليم تراخيص بناء أسوار وتسييج عقارات دون احترام الضوابط المحددة لذلك‪ ،‬والتي استغلت‬
‫لبناء مستودعات تمارس بها أنشطة صناعية متنوعة غير مصرح بها وغير مرخص لها‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى خلق مناطق صناعية عشوائية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم مطابقة بعض البناءات لما هو وارد برخص اإلصالح المسلمة‪ ،‬ثم أن أغلبية‬
‫اإلصالحات والترميمات تمت بدون ترخيص‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تطبيق المسطرة المتبعة من أجل زجر المخالفات في مجال التعمير‪.‬‬

‫وحيث إن رئيس المجلس المذكور أدلى بإيضاحات غير مقنعة بعد استفساره طبقا للقانون‬
‫فقرر وزير الداخلية بتوقيف رئيس هذا المجلس لمدة شهر‪.‬‬

‫أنظر قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 1643-08‬صادر في ‪ 29‬غشت ‪ 2008‬يقضي بتوقيف السيد أحمد هاللي‪ ،‬رئيس مجلس جماعة الشالالت بعمالة‬ ‫‪1157‬‬

‫المحمدية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5685‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪.2008‬‬

‫‪438‬‬
‫‪1158‬‬
‫آخر قام وزير الداخلية بتوقيف نائبه الثاني بعد إطالعه على التقرير الذي‬ ‫وفي قرار‬
‫أعدته المفتشية العامة لإلدارة الترابية حول الخروقات التي ارتكبها النائب الثاني لرئيس المجلس‬
‫المذكور والتي تتنافى واألخالقيات التي يجب أن يتحلى بها المنتخب الجماعي‪.‬‬

‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬ومنذ مطلع سنة ‪ 2008‬وإلى غاية نهاية شهر أبريل من سنة ‪ 2009‬تم‬
‫‪1159‬‬
‫إجراء منه ‪:‬‬ ‫اتخاذ ‪150‬‬

‫‪ 31 -‬إجراء عزل لرؤساء المجالس أو نوابهم‪.‬‬

‫‪ 08 -‬إجراءات عزل في حق مستشارين جماعيين‪.‬‬

‫‪ -‬إحالة ‪ 24‬ملف على المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬

‫‪ -‬حث ‪ 59‬رئيس جماعة على إصالح بعض الهفوات المرتكبة في مجال التسيير‪.‬‬

‫كما تم اتخاذ ‪ 19‬إجراء تأديبيا في حق رجال وأعوان السلطة وبعض الموظفين‪.‬‬

‫‪ -3‬المفتشيات العامة للو ازرات ‪:‬‬

‫تعد المفتشيات العامة للو ازرات من أهم آليات المراقبة والتتبع باإلدارة العمومية وبالنظر إلى‬
‫دورها الحيوي‪ ،‬فقد تمت إعادة النظر في اختصاصاتها لتمكينها من الوسائل الكفيلة باضطالعها‬
‫على الوجه األكمل بمهامها في إشاعة ثقافة جديدة للمساءلة قوامها الشفافية والحكامة الجيدة‪.‬‬
‫‪1160‬‬
‫المحدث للمفتشيات العامة للو ازرات باختصاصات مهمة في مجال‬ ‫وهكذا جاء المرسوم‬
‫التفتيش والمراقبة وكذا التدقيق والتقييم‪.‬‬

‫فالمفتشية العامة للو ازرة تخضع مباشرة لسلطة الوزير‪ ،‬ويسيرها مفتش عام‪ ،‬وتناط بها مهام‬
‫تفتيش ومراقبة وتدقيق وتقييم تدبير المصالح المركزية والالممركزة للو ازرة‪ ،‬كما تناط بها مهمة التنسيق‬
‫والتواصل والتتبع مع مؤسسة الوسيط والتعاون مع كل من المجلس األعلى للحسابات والمفتشية‬
‫العامة للمالية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وفق المقتضيات القانونية المنظمة لذلك‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعهد إلى المفتشية العامة للو ازرة المهام التالية ‪:‬‬

‫قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 1644-08‬صادر في ‪ 29‬غشت ‪ 2008‬يقضي بتوقيف السيد الحسين ربيعة النائب الثاني لرئيس مجلس جماعة‬ ‫‪1158‬‬

‫الشالالت بعمالة المحمدية منشور بنفس العدد من الجريدة الرسمية‪ ،‬ص ‪.4306 :‬‬
‫انظر كذلك قرار لوزير الداخلية رقم ‪ 882.08‬صادر في ‪ 6‬ماي ‪ 2008‬يقضي بتوقيف السيد عمر عمراوي النائب السادس لرئيس مجلس جماعة سوق‬
‫السبت أوالد النمة بإقليم بني مالل‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5633‬بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪.2008‬‬
‫المصدر ‪ :‬التقرير الوطني حول دعم النزاهة ومحاربة الرشوة الصادر في سنة ‪ 2010‬ص ‪.34 :‬‬ ‫‪1159‬‬

‫مرسوم رقم ‪ 2.11.112‬صادر في ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬في شأن المفتشيات العامة للو ازرات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5960‬بتاريخ ‪ 14‬يوليوز ‪.2011‬‬ ‫‪1160‬‬

‫‪439‬‬
‫• في مجال التفتيش والمراقبة ‪:‬‬

‫‪ -‬بالسهر على سالمة تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية وعلى حسن تدبير األموال‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬إجراء المراقبات والتدقيقات الداخلية المتعلقة بتهييء وإبرام وتنفيذ الصفقات العمومية‬
‫طبقا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪ -‬التحري في الشكايات والتظلمات الموجهة إلى الو ازرة من طرف المواطنين أو المتعاملين‬
‫معها‪ ،‬وكذا شكايات وتظلمات الموظفين أو األعوان أو المستخدمين‪.‬‬
‫‪1161‬‬
‫السيما بالكشف عن حاالت تضارب المصالح عند الموظفين‬ ‫‪ -‬تدعيم األخالقيات‪،‬‬
‫وإخبار الوزير بها‪.‬‬

‫‪ -‬تتبع التوصيات المثبتة في تقارير المحاكم المالية والمفتشية العامة للمالية والهيئة‬
‫المركزية للوقاية من الرشوة‪.‬‬

‫• وفي مجال التدقيق والتقييم تقوم بـ ‪:‬‬

‫‪ -‬القيام بعمليات التدقيق وتقديم االقتراحات لتحسين المردودية والفعالية‪.‬‬

‫‪ -‬التدقيق في مسك سجالت جرد العقارات والمعدات والمخازن‪.‬‬

‫‪ -‬تقييم نتائج أنشطة المصالح المركزية والالممركزة للو ازرة‪ ،‬مقارنة مع األهداف والتكاليف‬
‫الناتجة عنها‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم االستشارة كلما طلب منها ذلك‪.‬‬


‫‪1162‬‬
‫يقرره الوزير‬ ‫وتزاول المفتشية العامة للو ازرة المهام المنوطة بها في إطار برنامج سنوي‬
‫باقتراح من المفتش العام أو مأموريات طارئة بأمر من الوزير إن اقتضى األمر ذلك‪.‬‬

‫ويعد هذا األخير تقارير مدعمة بمختلف الوثائق والبيانات الضرورية يحيلها على المصالح‬
‫المعنية لالطالع عليها وتقديم مالحظاتها بشأن التوصيات الواردة فيها‪ ،‬وذلك داخل أجل أقصاه‬

‫في هذا اإلطار فقد صرح وزير العدل خالل ندوة نظمت بالرباط بتاريخ ‪ ، 2011‬على أنه "وفي إطار ترسيخ التخليق في قطاع العدالة‪ ،‬قامت‬ ‫‪1161‬‬

‫المفتشية العامة لو ازرة العدل منذ ‪ 2008‬إلى منتصف ‪ 2011‬بـ‪ 116‬تفتيشا عاما و‪ 327‬بحثا في إطار التفتيش الخاص‪ ،‬انتهت بإحالة عدة حاالت‬
‫على المجلس األعلى لل قضاء صدرت بشأنها عقوبات خالل السنتين األخيرتين تمثلت في ‪ 8‬حاالت عزل و‪ 43‬عقوبة مختلفة أخرى‪ .‬المصدر الموقع‬
‫الرسمي لو ازرة العدل والحريات‪.‬‬
‫المادة الثالثة من المرسوم رقم ‪ 2.11.112‬الصادر في ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬بشأن المفتشيات العامة للو ازرات‪.‬‬ ‫‪1162‬‬

‫‪440‬‬
‫ثالثون يوما ابتداء من تاريخ توصلها بتقرير التفتيش‪ ،‬ويرفع المفتش العام التقارير النهاية ومالحظات‬
‫المص الح المعنية إلى الوزير‪ ،‬كما يعد تقري ار تركيبيا سنويا عن حصيلة أنشطة المفتشية العامة يرفعه‬
‫إلى الوزير قبل ‪ 31‬مارس من السنة الموالية‪ ،‬يتم التركيز فيه على االختالالت التي تكون قد شابت‬
‫سير مصالح الو ازرة‪ ،‬معز از بالتوصيات المقترحة بغاية تحسين وتطوير أدائها ثم يعد تقري ار سنويا‬
‫حول القضايا المعروضة عليه من لدن مؤسسة الوسيط ويرفع هذا التقرير إلى الوزير األول تحت‬
‫‪1163‬‬
‫إشراف الوزير المعني‪.‬‬

‫إال أن ما يمكن مالحظته هو أن حداثة هذه المفتشيات‪ ،‬وعدم تجربتها الطويلة يجعلها‬
‫قاصرة على القيام بمهامها كاملة‪ ،‬بحيث لم تراكم تجارب مهمة في مجال التفتيش والمراقبة والتدقيق‬
‫والتقييم كما هو عليه الحال بالنسبة للمفتشية العامة للمالية التي يعود إحداث قانونها التنظيمي إلى‬
‫‪ 14‬أبريل ‪.1960‬‬

‫ونتمنى مع صدور الدستور الجديد أن تساير هذه المفتشيات المنحى الذي رسمه الدستور‬
‫‪1164‬‬
‫وتفعيل آليات المساءلة وتقديم الحساب‪ ،‬والذي من شأنه أن‬ ‫الجديد‪ ،‬وهو الرفع من فعالية المراقبة‬
‫يساهم في كشف بؤر الفساد وتقديم المفسدين للعدالة‪ ،‬خصوصا بعدما سيتم إعداد قانون تنظيمي‬
‫يكرس الحق في الوصول إلى المعلومة وتحديد مفهوم السر المهني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تفعيل آليات الرقابة الخارجية‬


‫في ال وقت الذي يتدنى ويضعف فيه أداء منظومة الرقابة الداخلية باإلدارات العمومية‪،‬‬
‫وتتقاعس المفتشات العامة عن القيام بدورها‪ ،‬يبقى األمل معلقا على آليات الرقابة الخارجية التي‬
‫تتجلى في رقابة المحاكم المالية ورقابة البرلمان‪ ،‬وهكذا وانسجاما مع ما تم التأكيد عليه في البرنامج‬
‫‪1165‬‬
‫الحكومي للوقاية من الرشوة ومحاربتها على األمد القصير ‪ 2012-2010‬والذي يشمل ‪43‬‬
‫إجراء أفقيا ستتخذ على المستوى األفقي‪ ،‬وستكون معززة بإجراءات أخرى على المستوى القطاعي في‬
‫‪1166‬‬
‫لرئيس الحكومة من‬ ‫نطاق برامج خاصة ومتعددة تعتمدها مختلف القطاعات‪ ،‬ثم إصدار منشور‬
‫أجل تفعيل توصيات تقرير المجلس األعلى للحسابات انسجاما مع التفاعل اإليجابي مع تقارير‬
‫وتوصيات الهيئات الدستورية الساهرة على حماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة‪،‬‬

‫الفقرة األخيرة من المادة الخامسة من المرسوم رقم ‪ 2.11.112‬الصادر في ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬السابق الذكر‪.‬‬ ‫‪1163‬‬

‫ينص الفصل ‪ 156‬من دستور ‪ 2011‬في فقرته الثانية على أنه ‪" :‬تقدم المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين‬ ‫‪1164‬‬

‫الجاري بها العمل وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم"‪.‬‬


‫أنظر برنامج عمل للوقاية من الرشوة ومحاربتها‪ ،‬تدابير على األمد القصير ‪ ،2012-2010‬أكتوبر ‪ ،2011‬من إعداد و ازرة تحديث القطاعات‬ ‫‪1165‬‬

‫العامة‪ ،‬ص ‪.9 :‬‬


‫منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/5‬بتاريخ ‪ 26‬أبريل ‪ 2012‬حول تفعيل توصيات تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪.2010‬‬ ‫‪1166‬‬

‫‪441‬‬
‫وتفعيال لربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬وضمانا لحماية المال العام وتدبيره بشكل سليم وفعال وناجع‪،‬‬
‫وحرصا على تخليق الحياة العامة على كل مستويات التدبير العمومي‪.‬‬

‫فالتقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2010‬جاء بمالحظات تدور‬
‫محاورها حول‪:‬‬

‫‪ -‬تدني مستوى مردودية وفعالية وجودة اإلنفاق العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف أداء منظومة الرقابة الداخلية في اإلدارات العمومية وعدم ترسخ ثقافة التدبير وفق‬
‫النتائج‪ ،‬والنقص في التنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال التدبير العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬النقص في التشاور والمشاركة البناءة على مستوى األجهزة التداولية لبعض المقاوالت‬
‫والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف حكامة المشاريع على مستوى تحديد الحاجات وجدوى الحلول المعتمدة وكفاءة الموارد‬
‫البشرية المكلفة بتدبير االستثمارات‪ ،‬واحترام قواعد الشفافية أثناء إبرام الطلبيات العمومية‬
‫والمراقبة والتنسيق وتتبع األشغال المنجزة‪.‬‬

‫‪ -‬وجود حاالت تنازع المصالح وعدم احترام القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل من قبل‬
‫بعض اإلدارات والمؤسسات والشركات التي تمت مراقبتها‪ ،‬وكذا منح امتيازات وصرف‬
‫تعويضات ومكافآت ومنافع بدون موجب وال سند قانوني‪.‬‬

‫فمن بين المستجدات المهمة التي جاء بها دستور ‪ 2011‬في بابه العاشر هو تقديم الرئيس‬
‫‪1167‬‬
‫األول للمجلس األعلى للحسابات عرضا عن أعمال المجلس أمام البرلمان يكون متبوعا بمناقشة‬
‫‪1168‬‬
‫مجلسي البرلمان يتضمن بيانا عن جميع أعمال المجلس‪.‬‬ ‫كما يرفع تقري ار سنويا إلى رئيسي‬

‫ومن هنا تظهر مسألة نسقية الرقابة والمحاسبة بين المجلس األعلى للحسابات ومؤسسة‬
‫‪1169‬‬
‫البرلمان من خالل التفاعل الوظيفي بين المؤسستين وربط جسور التواصل بينهما طوال السنة‪.‬‬
‫فما دور كل مؤسسة في مجال تفعيل وتقوية آليات الرقابة الخارجية ؟‬

‫‪ -1‬دور مؤسسة البرلمان في الرقابة الخارجية ‪:‬‬

‫إن مسلسل مكافحة الفساد وإشاعة قيم الشفافية والنزاهة‪ ،‬يستدعي اعتماد مقاربة جماعية‬

‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 148‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1167‬‬

‫الفقرة الخامسة من نفس الفصل‪.‬‬ ‫‪1168‬‬

‫محمد براو ‪ :‬في حوار مع مجلة شؤون إستراتيجية‪ ،‬صفحة شؤون اقتصادية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬فبراير ماي ‪ ،2012‬مطبعة الخليج العربي‪ ،‬تطوان‪،‬‬ ‫‪1169‬‬

‫ص ‪.35 :‬‬

‫‪442‬‬
‫وتشاركية تستنهض كافة الفعاليات على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي‪ ،‬وذلك عبر إعمال آليات‬
‫التكامل والتنسيق بين مختلف هيئات المراقبة والمساءلة عن طريق ترسيخ مبدأ اعتبار مخرجات‬
‫أجهزة المراقبة والتقصي هي مدخالت أجهزة المساءلة والمحاسبة‪ ،‬سواء كانت محاكم مالية أو زجرية‬
‫أو غيرها‪.‬‬
‫‪1170‬‬
‫مثلت‬ ‫فقد قسم أحد األساتذة الباحثين في مجال الرقابة والمحاسبة في إحدى حواراته‬
‫الرقابة والمحاسبة المكون من البرلمان والحكومة والمجلس األعلى للحسابات فالبرلمان كمؤسسة رائدة‬
‫في الرقابة والمحاسبة يوجد في قمة المثلث والبرلمان يشترك مع المجلس األعلى للحسابات في وظيفة‬
‫الرقابة والمحاسبة‪ ،‬لكن الدور الذي ينبغي أن يضطلع به البرلمان أهم‪ ،‬لكون عمله ذا طابع سياسي‪،‬‬
‫كما أن وظيفة البرلمان التشريعية باإلضافة إلى وظيفته الرقابية تمنحه إمكانات التدخل في أنظمة‬
‫الرقابة والمحاسبة بشكل فعال إذا ما كان البرلمان قويا‪.‬‬

‫ثم هناك في الضلع األيسر للمثلث المجلس األعلى للحسابات وفي ضلعه األيمن تتواجد‬
‫الحكومة التي تضطلع بوظيفة التنفيذ العملي‪ ،‬أما وسط المثلث فيحتله الرأي العام من خالل المجتمع‬
‫المدني واإلعالم‪ .‬وبالتالي فالحكومة ضمن هذا النسق تعمل والبرلمان يراقبها مستعينا بتقارير‬
‫‪1171‬‬
‫المالية والمحاسبة وتتجلى أهم آليات الرقابة‬ ‫وتوصيات ومساءالت الجهاز األعلى للرقابة‬
‫البرلمانية فيما يلي ‪:‬‬
‫‪1173‬‬
‫المالي وقوانين التصفية‪.‬‬ ‫‪1172‬‬
‫‪ -‬المناقشة والتصويت على القانون‬
‫‪1174‬‬
‫ومن نتائج هذه المسؤولية استقالة الحكومة‬ ‫‪ -‬مناقشة البرنامج الحكومي والتصويت عليه‪،‬‬
‫استقالة جماعية في حالة رفض البرلمان للبرنامج الحكومي‪.‬‬

‫‪ -‬طلب الثقة‪.‬‬

‫‪ -‬ملتمس الرقابة‪ ،‬والذي تم تقليص نصابه القانوني لقبوله من الربع إلى خمس األعضاء المكون‬
‫منهم المجلس‪.‬‬

‫‪ -‬األسئلة الكتابية والشفوية‪.‬‬

‫محمد براو ‪ :‬حوار مجلة شؤون‪ ............................................،‬ن‪.‬م‪ ،‬ص ‪.36 :‬‬ ‫‪1170‬‬

‫محمد براو ‪" :‬الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام"‪ .............................،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.53 :‬‬ ‫‪1171‬‬

‫الفصل ‪ 75‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1172‬‬

‫الفصل ‪ 76‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1173‬‬

‫الفصل ‪ 88‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1174‬‬

‫‪443‬‬
‫‪ -‬الطعن في دستورية القوانين‪.‬‬

‫‪ -‬تشكيل لجن تقصي الحقائق‪.‬‬

‫‪ -‬تخصيص جلسة سنوية لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها‪ ،‬وجلسة شهرية يقدم خاللها‬
‫‪1175‬‬
‫رئيس الحكومة األجوبة المطروحة من طرف المجلس المعني‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية طلب االستماع إلى مسؤولي اإلدارات والمؤسسات والمقاوالت العمومية بحضور‬
‫‪1176‬‬
‫الوزراء التابعين لهم‪ ،‬وتحت مسؤوليتهم‪.‬‬

‫فتفعيل مجموع هذه اآلليات الرقابية رفقة المنظومة اإلجرائية األخرى من شأنها أن تساهم‬
‫بالنه وض بالعمل البرلماني وتطوير الحياة السياسية على الوجه األكمل‪ ،‬والتي من شأنها أيضا أن‬
‫تساهم في كبح بؤر الفساد وتطويقه‪ ،‬خصوصا بعد تعزيز مسلسل تخليق الممارسة البرلمانية‪ ،‬وبعدما‬
‫ألغى المشرع الدستوري الحصانة الجنائية التي كانت تشكل درعا لحماية فساد بعض أعضاء البرلمان‬
‫نفسه‪ ،‬واكتفى بالحصانة ضد المسؤولية التي تكفل للعضو البرلماني حرية الرأي والمناقشة‪ ،‬فالشفافية‬
‫والوضوح يجب أن يبدأ من هذه المؤسسة الرقابية المهمة‪.‬‬

‫‪ -2‬دور المجلس األعلى للحسابات في الرقابة الخارجية ‪:‬‬

‫تعتبر الرقابة العليا على المالية العمومية باإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات‬
‫الترابية وهيئاتها‪ ،‬من مستلزمات الحكامة الجيدة والشفافية والديمقراطية‪ ،‬فالمحاكم المالية كجهاز‬
‫‪1177‬‬
‫‪-‬المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪ -‬تلعب‬ ‫للرقابة العليا للمالية العمومية‬
‫دو ار مركزيا وجهويا في مكافحة الغش والوقاية من الفساد اإلداري والمالي‪ ،‬باعتبارها أجهزة‬
‫متخصصة تعمل على المحافظة على المال العام‪ ،‬وضمان حسن استخدامه‪ ،‬واالرتقاء بأداء مختلف‬
‫أجهزة الدولة ومؤسساتها بما يخدم عملية التنمية الشاملة من أجل تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتتلخص أهم األدوات والوسائل التي تستخدمها أجهزة الرقابة العليا في تعزيز الرقابة‬
‫الخارجية لمكافحة الفساد باإلدارات العمومية فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬اعتماد مبدأ الشفافية ‪ :‬وتعني الشفافية توفير المعلومات واإلجراءات والق اررات والسياسات‬
‫التي تتخذها األجهزة الحكومية وضمان الوصول إليها‪.‬‬

‫من الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 100‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1175‬‬

‫الفصل ‪ 102‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1176‬‬

‫الفصل ‪ 147‬من دستور ‪.2011‬‬ ‫‪1177‬‬

‫‪444‬‬
‫وفي هذا اإلطار تسعى المحاكم المالية إلى ترسيخ مبدأ الشفافية من خالل نشر‬
‫‪1178‬‬
‫السنوية و كلما دعت الضرورة لذلك مما شأنه أن يؤثر و يساهم في ردع الفساد‬ ‫تقاريرها‬
‫والتشهير به وتعزيز الثقة في المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -‬تفعيل المساءلة ‪ :‬تمثل المساءلة مفهوما آخر يعني استفسار ومحاسبة المسؤولين والمدبرين‬
‫باألجهزة الحكومية عن نتائج قيامهم بالمسؤوليات المنوطة بهم‪ ،‬ويقتضي مبدأ المساءلة أن‬
‫تكون لدى المساءلين الصالحيات التي تمكنهم من أداء عملهم والتي على أساسها يتم‬
‫مساءلتهم‪ ،‬ولكي تلعب أجهزة الرقابة العليا الدور المنتظر منها في دعم المساءلة العامة‪،‬‬
‫يجب أن تعمل على توفير ما يلي ‪:‬‬

‫‪-‬تحديد أهداف برامج األجهزة الحكومية بوضوح‪ ،‬من أجل تسهيل مراجعتها وتحليل نتائجها‪.‬‬

‫‪-‬وضع قواعد ومعايير مرضية لقياس األداء من قبل األجهزة الحكومية‪.‬‬

‫ويعتبر وجود هيكل فعال ومناسب للرقابة الداخلية وآخر فعال ومناسب للرقابة الخارجية‬
‫أم ار حيويا لكي تضمن الجهة الحكومية تحقيق أهدافها‪ ،‬كما قال األستاذ براو في إحدى حواراته مع‬
‫‪1179‬‬
‫المجالت بأن ‪" :‬لو تم تفعيل النص الدستوري وتعزيزه ببرلمان مؤهل وجريء وبمجلس‬ ‫إحدى‬
‫أعلى للحسابات مؤهل وجريء ومنفتح لشكل ضمانة لصوغ تجربة مغربية‪-‬مغربية في المراقبة وتوازن‬
‫السلط‪ ،‬فيتقوى البرلمان بذراع رقابي موضوعي ومستقل‪ ،‬ويتقوى المجلس األعلى للحسابات بإضفاء‬
‫المزيد من األهمية والحيوية على مالحظاته واكتشافاته من جهة‪ ،‬مع تأمين المتابعة والمحاسبة‬
‫والمساءلة ذات الطابع السياسي ألعماله ومخرجاته من جهة أخرى"‪ .‬ولن يتعزز هذا الدور الذي يقوم‬
‫به المجلس األعلى للحسابات إال إذا تحقق المبتغى الذي أسس من أجله وهو ‪:‬‬

‫‪ -‬تعزيز صالحيات المجلس والمجالس الجهوية للحسابات وتدعيم استقالليتها إزاء السلطات‬
‫التشريعية‪ ،‬التنفيذية والقضائية‪ ،‬سواء على المستوى العضوي أو الوظيفي من خالل التسيير‪،‬‬
‫البرمجة وسلطات التحري‪....‬‬

‫‪ -‬إرساء آليات الرقابة المندمجة لألجهزة العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم التقارير السنوية في وقتها عن األنشطة التي يمارسها المجلس بما فيها نشر األحكام‬

‫أنظر التقرير األخير برسم سنة ‪ 2010‬حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس‬ ‫‪1178‬‬

‫‪.2012‬‬
‫محمد براو ‪ :‬حوار مع مجلة شؤون ‪ ،.......................................................‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.35 :‬‬ ‫‪1179‬‬

‫‪445‬‬
‫‪1180‬‬
‫القضائية‪ ،‬ونزع هالة الكتمان والسر المهني على هذه المؤسسة‪.‬‬

‫ولهذا ينبغي تنقيح وتعديل مدونة المحاكمة المالية لتتواءم مع مستجدات الدستور الجديد‬
‫وخ صوصا ما جاء في بابه العاشر الذي نص بشكل صريح على نشر األحكام وجمع التقارير‬
‫الخاصة‪ ،‬فضال عن دسترة الوظيفة العقابية للمجالس الجهوية للحسابات التي لم يكن منصوصا‬
‫عليها في دستور ‪.1996‬‬

‫وأخي ار تطبيق مبدأ الرقابة والمحاسبة على المجلس األعلى للحسابات نفسه‪ ،‬وضمان‬
‫شفافية أشغاله ومناقشة البرلمان لتقريره السنوي بشكل جدي‪ ،‬بعد إعادة النظر في طريقة صياغة‬
‫‪1181‬‬
‫السنوي للمجلس نظ ار لما تثيره بعض االتهامات التي توجه إلى مدبري بعض المؤسسات‬ ‫التقرير‬
‫العمومية والجماعات الترابية أثناء صياغة التقرير‪.‬‬

‫نرجو ونتمنى أن يعطي الرئيس األول للمجلس السيد إدريس جطو المعين مؤخ ار دفعة وشحنة قوية لهذه المؤسسة الهامة‪ ،‬بعدما عرفت ركودا‬ ‫‪1180‬‬

‫ورتابة في التدبير‪ ،‬على سبيل المثال بوابة الموقع الرسمي للمجلس‪ ،‬عدم انفتاح المؤسسة على محيطها وإجراءات االستقبال‪...‬إلخ‪.‬‬
‫محمد براو ‪" :‬المجلس األعلى للحسابات في دستور ‪ ،2011‬التحول الكبير"‪ ،‬مقال منشور على موقع ‪ hespress.com :‬بتاريخ ‪ 16‬غشت‬ ‫‪1181‬‬

‫‪.2011‬‬

‫‪446‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني ‪:‬‬
‫من خالل خاتمة هذا الفصل والذي تطرقنا فيه إلى دور القضاء المالي باعتباره الرقيب‬
‫والموجه للسلطات العمومية‪ ،‬حول تنفيذ الميزانية‪ .‬فالمغرب منذ استقالله بادر إلى إحداث مؤسسات‬
‫لمراقبة حسابات الدولة وبصدور دستور ‪ 1996‬تم االرتقاء بهذه المؤسسات إلى مصاف هيئات‬
‫دستورية استجابة لتوصيات العديد من الهيئات الدولية واإلقليمية المهتمة بالرقابة العليا على المال‬
‫العام‪ .‬وعلى إثر ذلك صدر القانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية سنة ‪ .2002‬وقد‬
‫ازدادت أهمية الرقابة المالية مع التطور اإلداري والمالي للدولة الحديثة‪ ،‬بحيث كبر حجم تدخل‬
‫اإلدارة وتعددت أنشطتها الهادفة إلى تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫فمنذ تأسيس المجلس األعلى للحسابات سنة ‪ 1979‬وهو يتولى ممارسة وظائف ثالث‬
‫أساسية‪ ،‬منها ما هو ذو طابع قضائي ومنها ما هو ذو طابع إداري‪ .‬وتهم االختصاصات القضائية‪،‬‬
‫مجال النظر في حسابات المحاسبين العموميين والمحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬ومجال التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬أما الوظيفة اإلدارية للمجلس فتتجلى في رقابة التسيير واستخدام األموال‬
‫العمومية باإلضافة إلى ضرورة تقديم المساعدة للجهاز التنفيذي والسلطة التشريعية‪ ،‬ونفس المهام‬
‫تقريبا يقوم بها جهاز المجالس الجهوية للحسابات في إطار وظائفه التي منحه إياها المشرع المغربي‪.‬‬

‫فالقضاء المالي قام بمهمات وأدوار قضائية وإدارية في مجال مراقبة تنفيذ الميزانية العامة‬
‫والمحلية‪ ،‬من خالل التقارير السنوية التي يصدرها كل سنة‪ .‬فعلى ضوء هذه التقارير يتبين دور هذه‬
‫المؤسسة الدستورية في مجال ترشيد النفقات وطرق تدبير المالية العمومية وحكامتها‪.‬‬

‫فقد حددت مواد المحاكم المالية األشخاص الخاضعين للرقابة والتدقيق في مجال تنفيذ‬
‫الميزانية‪ ،‬منهم اآلمرون بالصرف ومن في حكمهم والمراقبون والمحاسبون العموميون ومن في‬
‫حكمهم‪.‬‬

‫كما تم تحديد المخالفات المالية الموجبة للمسؤولية وتصنيفها وتحديد طبيعتها‪ ،‬فمن طبيعة‬
‫هذه المسؤولية ما يتعلق بالجانب القانوني ومنها ما يتعلق بالجانب األخالقي‪ .‬وقد حدد المشرع‬
‫العقوبات المناسبة لكل مخالفة مالية‪ .‬كما حدد مسطرة اإلحالة ونظام العقوبة وطرق الطعن‪ ،‬واإلعفاء‬
‫من المسؤولية‪ ،‬وإبراء الذمة على وجه اإلحسان وفق شروط محددة‪.‬‬

‫أما في الفصل الثاني فقد حاولنا إبراز محدودية دور القضاء المالي في تحديد طبيعة‬
‫المسؤولية المالية‪ ،‬والحد من الفساد المالي واإلداري الذي تعرفه المالية العمومية‪ ،‬والتي تحد من‬
‫مجهود الدولة في تحقيق التنمية‪ .‬وتعود األسباب وراء ذلك إلى عدم توفر القضاء المالي على‬

‫‪447‬‬
‫الشروط الكافية لردع انتشار الفساد والمفسدين‪.‬‬

‫فمكافحة الفساد وسوء التدبير غير مرتبطة بالقضاء المالي لوحده‪ ،‬بل هناك مؤسسات‬
‫أخرى معنية بترسيخ ثقافة الشفافية وتخليق الحياة العامة موازية للقضاء المالي‪ .‬فبعد صدور الدستور‬
‫الجديد لسنة ‪ 2011‬تم االنتقال إلى مراحل أخرى متطورة في مجال المحافظة على المال العام‬
‫وصيانته في ميدان تنفيذ الميزانية العامة والمحلية‪ .‬فالدستور الجديد قد ركز على ترسيخ دولة الحق‬
‫والمؤسسات من خالل التنصيص على مؤسسات دستورية جديدة تهتم بالحكامة الجيدة بالمرافق‬
‫العمومية‪ ،‬والتي تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ .‬فكل المرافق العمومية اليوم‬
‫أصبحت ملزمة بنصوص الدستور بتقديم الحساب عن تدبيرها لألموال العمومية طبقا للقوانين‬
‫واألنظمة‪ ،‬وتخضع للمراقبة والتقييم‪.‬‬

‫لذلك أصبحت الميزانيات سواء العامة أو المحلية في ظل الدستور الجديد تتوخى مقاربات‬
‫تنموية باألهداف وعقالنية بالوسائل غايتها الفعالية واالقتصاد‪ ،‬خاضعة للتدقيق الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫ولمراقبة البرلمان وفق منظور شمولي وظرف زمني مضبوط‪.‬‬

‫كما أن الدستور الحالي جاء بآليات وهيئات جديدة أسند لها مهمة السهر على مكافحة‬
‫الفساد والوقاية منه‪ ،‬وترسيخ ثقافة الشفافية والحكامة الجيدة ومن هذه الهيئات ذات االهتمام بالتدبير‬
‫المالي للمرافق العمومية‪ ،‬هناك الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة‪ ،‬مجلس المنافسة‪ ،‬ومؤسسة‬
‫الوسيط‪ ،‬ووحدة معالجة المعلومات المالية‪ ،‬باإلضافة إلى المؤسسات الرسمية‪ .‬فالجانب المؤسساتي‬
‫مهم في مكافحة الفساد باإلضافة إلى الجانب القانوني والتشريعي‪ ،‬وإعادة النظر في النصوص‬
‫القانونية الحالية وتهم هذه اإلصالحات مدونة الصفقات العمومية‪ ،‬والتصريح اإلجباري بالممتلكات‪،‬‬
‫إضافة إلى تعزيز دور المفتشية العامة للمالية‪ ،‬والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬والمفتشيات العامة‬
‫للو ازرات‪ ،‬ثم إعادة النظر في دور البرلمان في المراقبة المالية إلى جانب القانون المنظم للمحاكم‬
‫المالية الذي أصبح غير منسجم مع المقتضيات الجديدة التي جاء بها دستور ‪.2011‬‬

‫‪448‬‬
‫خاتمة القسم الثاني ‪:‬‬
‫في خاتمة هذا القسم الذي من خالله حاولنا ربط القسم األول بالثاني تطبيقيا‪ ،‬من خالل‬
‫دور القضاء سواء القضاء العدلي من خالل أحكام المجلس األعلى فيما يخص أحكام النقض في‬
‫المجال المالي‪ ،‬أو من خالل القضاء المالي المتمثل في المحاكم المالية التي تتجسد في المجلس‬
‫األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬من خالل تحديد طبيعة المسؤولية التي يتحملها كل‬
‫متدخل في تنفيذ الميزانيات سواء على المستوى الوطني أو المحلي‪ ،‬وكذا نوعية المخالفات المترتبة‬
‫عن هذه المسؤولية‪ ،‬سواء بالنسبة لآلمرين بالصرف أو نوابهم أو المحاسبين العموميين ومن في‬
‫حكمهم و في جميع مراحل تحريك الدعوى‪.‬‬

‫فمدونة المحاكم المالية الصادرة سنة ‪ 2002‬بواسطة القانون رقم ‪ 62-99‬قد حددت ثالث‬
‫اختصاصات مهمة للقضاء المالي المغربي‪ ،‬األول هو التدقيق والبت في حسابات المحاسبين‬
‫العمومي ين وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات ونتائج‪ .‬ثم اختصاص التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية واألشخاص الخاضعين لها أثناء ارتكابهم لمخالفات مالية تدخل في هذا المجال‪ .‬كما‬
‫تطرقنا إلى مسطرة إحالة القضايا المالية ونظام العقوبات المترتبة عن هذه القضايا وحصيلة والية‬
‫القضاء المالي في السنوات العشر األخيرة من خالل الجداول واألرقام التي حصلنا عليها من خالل‬
‫تقارير المجلس األعلى للحسابات السنوية‪ ،‬ومقارنتها بالقضاء المالي المقارن وخصوصا القضاء‬
‫المالي الفرنسي‪ .‬فالقضاء المالي المغربي قد خطا خطوة مهمة في مجال رقابته على تنفيذ الميزانية‬
‫سواء مركزيا من خالل المجلس األعلى للحسابات أو محليا من خالل المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫فاألرقام والمعطيات التي تصدر في تقاريره تبشر برؤية جديدة نحو ربط المسؤولية بالمحاسبة‬
‫خصوصا بعد صدور دستور ‪ 2011‬والتي تعطى للقضاء المالي مكانة خاصة من خالل بابه‬
‫العاشر‪.‬‬

‫فالدستور الجديد قد غير كل المعطيات في المجال المالي‪ ،‬وخصوصا المالية العامة من‬
‫خالل سن فصول دستورية تنبئ بإعادة تأسيس نظام المسؤولية المالية القائم على معادلة ربط‬
‫المسؤولية في المجال المالي أو غيره بالمحاسبة والمساءلة التي كانت غائبة في الدساتير والتشريعات‬
‫المغربية األخرى‪ .‬فاإلصالح الذي بادر به المشرع المغربي في جميع المجاالت يوحي بتغيير الصورة‬
‫القاتمة نحو األحسن في تدبير المال العام‪.‬‬

‫فالدستور الجديد جاء بمقاربة جديدة في إعداد وتنفيذ الميزانية‪ ،‬وهذه المقاربة مرتكزة على‬
‫البعد التنموي والعقلنة التدبيرية والفعالية واالقتصاد في النفقة العمومية‪ ،‬وهذا لن يتأتى إال بصدور‬
‫مجموعة من القوانين التنظيمية أو إصالح أخرى ومنها القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7 -98‬الذي‬
‫‪449‬‬
‫أصبح متجاو از إن لم نقل عائقا أمام إعداد وتنفيذ ومراقبة الميزانية العامة‪.‬‬

‫كما برمجت الحكومة الحالية مخططا تشريعيا يمتد على سنوات لتنزيل مقتضيات الدستور‬
‫الحالي‪ ،‬ومالءمة القوانين واألنظمة لتنسجم مع الوضع الدستوري الحالي‪.‬‬

‫وفي إطار إعادة االعتبار للمسؤولية المالية في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬قد تم وضع وسن‬
‫مجموعة من القواعد القانونية‪ ،‬تساعد القضاء المالي ومؤسسات الرقابة المالية على الحد من مظاهر‬
‫الفساد والرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬من خالل تعزيز دور البرلمان في الرقابة وتتبع تنفيذ الميزانية‬
‫وتصفيتها‪ ،‬ثم مراجعة طرق التصويت على الميزانية العامة من خالل البرامج التنموية المعززة‬
‫بالمعطيات الملموسة‪.‬‬

‫وبالتالي تم خلق مؤسسات وإصالح قوانين أو تجديدها للحد من الفساد وتطويقه لكي ال‬
‫يتسرب إلى المال العام‪ ،‬ومن بين هذه المؤسسات والهيئات الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة‪،‬‬
‫ومجلس المنافسة ومؤسسة الوسيط ووحدة معالجة المعلومات المالية‪ ،‬فهذه المؤسسات تحد من تفشي‬
‫ظاهرة الفساد المالي واإلداري في دواليب اإلدارة‪ .‬كما تم تقوية الترسانة القانونية من خالل تجديد‬
‫القوانين واألنظمة لتعزيز الشفافية‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة‪ .‬وقد همت هذه‬
‫اإلصالحات كل من المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬والمفتشيات العامة‬
‫للو ازرات‪ ،‬فالمشرع قد بدأ في تفعيل دور هذه المؤسسات بعدما كانت تقريبا معطلة أو عديمة الفائدة‪.‬‬
‫فاليوم أصبحت المسؤولية المالية لها منظور آخر وهو الشفافية والحكامة في صرف المال العام‪ ،‬وما‬
‫غير ذلك سيعرض صاحبه للمساءلة والعقاب‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫خــــــــــاتـــمــة عــــــــــــــامـــــــــــــــــــة‬

‫من خالل خاتمة هذا البحث سوف نحاول إبراز الخالصات األساسية التي توصلنا إليها من‬
‫خالل بسط إشكالية هذه األطروحة‪ ،‬ثم االستنتاجات الرئيسية التي خلصنا إليها من خالل مناقشة وتحليل‬
‫"المسؤولية في مجال تنفيذ الميزانية العامة في التشريع و القضاء المغربي"‪ .‬فمجال تنفيذ الميزانية سواء‬
‫العامة أو المحلية مجال واسع ومتشعب‪ ،‬تتداخل فيه عدة أطراف وقوانين وأنظمة من مرحلة اإلعداد إلى‬
‫التنفيذ إلى التصفية مرو ار بالمراقبة والتدقيق وصوال إلى الجزاء العقابي الذي يفرضه القضاء‪.‬‬

‫فمجال تنفيذ الميزانية لم يكن بالشكل الحالي‪ ،‬بل مر بمراحل وتطورات عبر التاريخ‪ ،‬عرفت‬
‫خاللها صراعات وتجاذبات بين المؤسسة التشريعية واألنظمة الملكية من جهة‪ ،‬والمؤسسة التشريعية‬
‫والتنفيذية من جهة ثانية‪.‬‬

‫وبعد ذلك أخذت بوادر الميزانية تتبلور لما أصبحت السلطة التشريعية هي صاحبة اإلذن بالجباية‬
‫واإلنفاق والحكومة مهمتها التنفيذ‪.‬‬

‫وقد ساهمت عدة مصادر في تطوير قانون الميزانية كالدساتير والتشريع والقوانين والمراسيم‬
‫واالجتهادات القضائية وغيرها‪.‬‬

‫أما طبيعة تنفيذها سواء من حيث الشكل أو المضمون فهي ذات طبيعة مزدوجة تتدخل فيها‬
‫مؤسستين أو سلطتين مختلفتين‪ ،‬سلطة ذات طبيعة إدارية تقريرية يمثلها اآلمرون بالصرف أو من ينوب‬
‫عنهم‪ ،‬وسلطة ذات طبيعة محاسباتية تنفيذية يقوم بها المحاسبون العموميون بمختلف فئاتهم‪ .‬فالنظام‬
‫القانوني لآلمرين بالصرف يختلف عن النظام القانوني للمحاسبين العموميين‪ .‬فاآلمرون بالصرف مصدر كل‬
‫الق اررات والمبادرات فيما يخص اإلنفاق العمومي أو أوامر تحصيل المداخيل‪ ،‬على عكس المحاسبين‬
‫العموميين الذين أصبح دورهم مقلصا فقط في تنفيذ األوامر المتعلقة بصرف النفقات أو تحصيل المداخيل‪.‬‬

‫إال أن مشاركة كل من اآلمرين بالصرف والمحاسبين في مجال واحد وهو تنفيذ الميزانية يقتضي‬
‫توزيع المسؤولية فيما بينهما بقدر مشاركة كل طرف في مسلسل تنفيذ العمليات المالية‪ ،‬حسب السلطة التي‬
‫يمتلكها كل واحد منهما في هذا المجال‪ ،‬فالتشريع المغربي نص على مسؤولية اآلمرين بالصرف والمحاسبين‬
‫العموميين في نص واحد وهو قانون ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين ومن في حكمهم‪ .‬وقد شكلت المسؤولية التأديبية والمدنية والجنائية المجال المشترك‬
‫للمسؤولية‪ .‬في حين أن المسؤولية المالية تفاوتت بينهما حسب اختصاص وصالحية كل طرف‪.‬‬

‫كما أن المشرع المغربي ميز بعض الفئات من اآلمرين بالصرف وخاصة منهم الرئيسيون بأحكام‬
‫خاصة في مجال المسؤولية نظ ار لمهامهم السياسية‪ ،‬مما يؤثر على مسؤولياتهم المالية ومنهم كالوزراء‬

‫‪451‬‬
‫ورؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬فاآلمرون بالصرف أصناف وفئات منها ما هو بحكم القانون ومنها المعين‬
‫والمنتدب والمساعد والنائب‪ .‬فدور هؤالء في مجال تنفيذ الميزانية مهم وذا خطورة سواء فيما يخص إصدار‬
‫األوامر التأسيسية للمداخيل العمومية‪ ،‬أو فيما يخص إصدار أوامر األداء في مجال النفقات العمومية‪ .‬ورغم‬
‫ذلك ال يخضعون اللتزامات قانونية مشددة كالمحاسبين العموميين‪ ،‬فهؤالء بالرغم من الق اررات المالية التي‬
‫يتخذونها في مجال تنفيذ الميزانية‪ ،‬إال أنهم غير ملزمين بالشروط الشكلية والموضوعية التي فرضها المشرع‬
‫على بعض المهمات المالية كالتي فرضها على المحاسبين العموميين كأداء اليمين القانونية‪ ،‬وتقديم الضمان‬
‫المالي وتسجيل امتياز الخزينة على أموالهم الخاصة‪ .‬فما يميز شروط تولي مهمة المحاسبين العموميين هو‬
‫هذه االلتزامات القانونية‪ .‬فالنظام القانوني للمحاسبين العموميين نظام صارم نظ ار الرتباط مهامهم األساسية‬
‫بقبض وصرف األموال العامة بصفتهم أمناء الصندوق‪ .‬وهم أصناف وفئات على رأسهم الخازن العام ثم‬
‫الخزنة الجهويون وخزنة العماالت واألقاليم والقباض ومحاسبو الخزينة بالخارج ومحاسبو إدارة الجمارك‬
‫والضرائب غير المباشرة‪ ،‬ومحاسبو اإلدارات العمومية غير التابعة لو ازرة المالية‪ ،‬ثم المحاسبون بحكم الواقع‪.‬‬
‫فكل هؤالء يخضعون اللتزامات ومسؤوليات شخصية ومالية وتأديبية وجنائية‪.‬‬

‫فالمنظومة القانونية الضابطة لقواعد تنفيذ الميزانية العامة في التشريع المغربي متنوعة ومتعددة‬
‫ومتداخلة‪ .‬أما المسؤولية المالية المترتبة عن قواعد التنفيذ‪ ،‬فهي تختلف بين اآلمرين بالصرف ومن في‬
‫حكمهم والمحاسبين العموميين ونوابهم‪ .‬فمجال الفصل في تطبيق المسؤولية المالية مجال محدد قانونا نظمته‬
‫قواعد المحاسبة العمومية منها العامة والمحلية‪ ،‬وقانون تحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين‪ .‬وقانون المحاكم المالية باإلضافة إلى نصوص قانونية أخرى اهتمت بهذا الموضوع‪،‬‬
‫ومن خاللها تم تحديد الصالحيات المنوطة بكل متدخل في تنفيذ الميزانية مقابل تحمل المسؤوليات‬
‫المنصوص عليها في هذه القوانين واألنظمة‪ .‬إال أن المشرع المغربي تارة جعل المسؤولية المالية مشتركة‪،‬‬
‫وتارة جعلها منفردة‪ .‬كما جعل مبدأ فصل سلطات اآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين مبدأ أساسيا‪،‬‬
‫لكي يتحمل كل مسؤول في مجال تنفيذ المي ازنية جزء من المسؤولية أو المسؤولية كلها‪ .‬فطبيعة تنفيذ‬
‫الميزانية العامة تمتاز بازدواجية المتدخلين في تدبيرها وصرفها‪ ،‬فالجانب األول من العمليات المالية من‬
‫التزام وتصفية وأمر بالصرف يهتم به اآلمرون بالصرف‪ ،‬أما الجانب الثاني من العمليات المالية فيقوم بها‬
‫المحاسبون العموميون‪ .‬فالنظام القانوني لآلمرين بالصرف متعدد األنظمة التي تضبط نظام تدبيرهم‬
‫للميزانية‪ ،‬سواء في مجال المداخيل أو في مجال المصاريف‪ .‬وبالتالي تتنوع التزاماتهم القانونية وتصرفاتهم‬
‫في المجال المالي‪ .‬فجانب من النظام القانوني لآلمرين بالصرف يطغى عليه الطابع السياسي ومنهم الوزراء‬
‫ورؤساء الجماعات الترابية وجانب يطغى عليه الطابع اإلداري كالق اررات اإلدارية والمالية الصادرة في مجال‬
‫تنفيذ العمليات المالية‪ .‬فالتشريع المغربي قد اعترف لآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ الميزانية بسلطات‬
‫تقريرية واسعة معززة بسلطة تقديرية قد تتجاوز القواعد القانونية الضابطة لتدبير وتنفيذ الميزانية كحق‬
‫التسخير أو صرف النظر والتي من خاللها يتجاوزون رفض المحاسبين التأشير على الق اررات المالية‪ .‬أما‬

‫‪452‬‬
‫الطرف اآلخر والذي يتجسد في المحاسبين العموميين فيتميزون بنظام قانوني خاص وصارم يجمع بين‬
‫قانون الوظيفة العمومية وقانون المحاسبة العمومية المطبق على الميزانية العامة ونظام المحاسبة العمومية‬
‫للجماعات الترابية ومجموعاتها المطبق على الميزانية المحلية‪ ،‬لذلك طوق المشرع المحاسبين العموميين‬
‫بمجموعة من الشروط وااللتزامات قبل تولي المهمة ومنها أداء القسم القانونية‪ ،‬وتشكيل الضمان المالي‪،‬‬
‫وحق امتياز الخزينة على أموالهم‪ .‬وبالمقابل منح المشرع المغربي سلطات مهمة للمحاسبين العموميين سواء‬
‫في مجال تحصيل الموارد أو في مجال تنفيذ النفقات العمومية‪ ،‬إال أن هذه السلطات ال ترقى إلى درجة‬
‫مهمة مقابل السلطات الممنوحة لآلمرين بالصرف في المجال المالي‪ ،‬أما االلتزامات فقد حدد المشرع لكل‬
‫طرف التزاماته ومسؤولياته وحدد لها عقوبات معينة بحسب األخطاء المرتكبة كالمسؤولية التأديبية‬
‫والمسؤولية المدنية والشخصية والجنائية وفي كل هذه المسؤوليات‪ ،‬البد من شروط انعقادها ليتم مساءلة‬
‫هؤالء المتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‪ ،‬ومن هذه الشروط الصفة وطبيعة الفعل الجرمي والعالقة السببية‬
‫بين الفعل المرتكب والنتيجة المؤدية للجريمة‪ ،‬ويأتي على رأس هذه الجرائم بالنسبة لآلمرين بالصرف‬
‫والمحاسبين العموميين جرائم الغدر واالختالس والرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬ويترتب عن هذه الجرائم جزاءات‬
‫وعقوبات معينة والتي تدخل في إطار الجرائم المخلة بالثقة العامة والتي تشكل خطورة بالغة تنعكس على‬
‫خدمات الدولة وأمنها الوظيفي والمالي وعلى ثقة األفراد فيها‪ .‬وقد خص المشرع الجنائي المغربي نصوصا‬
‫ومواد خاصة بهذه الجرائم من خالل المواد ‪ 241‬إلى ‪ ،256‬فالمشرع في هذه الجرائم سعى إلى حماية السير‬
‫الطبيعي للمرافق العمومية لكي تؤدي الدور المنوط بها وهو حماية األموال التي يتصرف فيها الفاعلون‬
‫األساسيون في الميزانية العامة أو المحلية من آمرين بالصرف ومراقبين ومحاسبين عموميين‪.‬‬

‫أما الجزاءات التأديبية المترتبة عن المخالفات المالية في مجال تنفيذ الميزانية العامة فقد تم‬
‫تنظيمها بقانوني ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‬
‫و‪ 62-99‬المتلعق بمدونة المحاكم المالية والمنصوص عليها في المواد ‪ 55 ،54‬و‪ ،56‬والتي يسهر على‬
‫تطبيقها القضاء المالي‪ .‬سواء على مستوى المجلس األعلى للحسابات بالنسبة لميزانية الدولة والمؤسسات‬
‫العمومية‪ .‬أو على مستوى المجالس الجهوية للحسابات بالنسبة لميزانية الجماعات الترابية والمؤسسات‬
‫التابعة لها‪ .‬وهكذا فقد بلغ عدد التقارير التي أنجزها المجلس األعلى للحسابات منذ ‪ 2005‬حوالي ‪300‬‬
‫تقرير منها ‪ 50‬تقري ار في سنة ‪ 100 ،2005‬تقرير سنة ‪ 2006‬و‪ 150‬تقري ار سنة ‪ 2007‬وخالل ‪2010‬‬
‫قامت المحاكم المالية بتتبع تنفيذ التوصيات التي أصدرتها خالل سنتي ‪ 2008‬و‪ 2009‬والتي بلغ عددها‬
‫‪ 1136‬توصية منها ‪ 900‬توصية تم تطبيقها‪ .‬حيث في حالة ما إذا تبين أن االختالالت المكتشفة تشكل‬
‫خرقا لقواعد تنفيذ المداخيل أو النفقات أو نجمت عن تصرف بسوء النية من طرف المتدخلين في العمليات‬
‫المالية يتم تحريك مساطر المتابعة القضائية طبقا للمادة ‪ 111‬من قانون ‪.62-99‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات خالل سنة ‪ 2010‬في آخر تقرير له برفع ‪13‬‬
‫قضية تتعلق بأفعال يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية إلى وزير العدل‪ ،‬كما تم تحريك ‪ 24‬قضية جديدة في‬

‫‪453‬‬
‫مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام المجلس األعلى للحسابات و‪ 83‬قضية أمام المجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ .‬وقد بلغ عدد األشخاص الذين توبعوا من طرف النيابة العامة أمام المحاكم المالية خالل‬
‫سنة ‪ 2010‬في مجال التأديب المالي ما مجموعه ‪ 360‬مسؤوال تضمنت باإلضافة إلى نظام العقوبات‬
‫المطبق في هذا المجال غرامات مالية وإرجاع مبالغ الخسارة المالية التي تحملها الجهاز العمومي والتي‬
‫تسبب فيها الشخص المسؤول عن المخالفة‪.‬‬

‫وبالموازاة مع ذلك فقد أسفرت العمليات التي قامت بها المحاكم المالية في إطار اختصاصاتها في‬
‫م جال التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬عن إثارة المسؤولية المالية للعديد من المحاسبين العموميين‪ ،‬على الرغم‬
‫من كون المشرع قد خفف من نظام مسؤوليتهم المالية والشخصية‪ .‬وقد بلغ عدد الحسابات التي تم تدقيقها‬
‫خالل سنة ‪ 2010‬ما مجموعه ‪ 1157‬حسابا‪ .‬وكل هذا يدل على دينامية المحاكم المالية وانخراطها في‬
‫مسلسل اإلصالحات العميقة التي دخلها المغرب‪ ،‬من أجل التنمية ومحاربة الفساد‪.‬‬

‫فالمؤشرات تعكس المجهودات المبذولة من طرف المحاكم المالية من أجل تطهير التدبير‬
‫العمومي وحماية المال العام واالنخراط الجدي في دينامية عقلنة تدبير المالية العمومية‪ ،‬من خالل السهر‬
‫على احترام قواعد الحكامة الجيدة التي جاء بها دستور المملكة لسنة ‪.2011‬‬

‫كما تقوم المجالس الجهوية للحسابات بدور هام بناء على الفصل ‪ 142‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫والذي يتعلق بمراقبة اإلجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية الجماعات الترابية وهيئاتها المحالة من طرف إما وزير‬
‫الداخلية أو الوالي أو العامل بشكل تلقائي أو بناء على طلب من اآلمر بالصرف المعني أو من الطرف‬
‫الرافض للحساب اإلداري وهكذا توصلت المجالس الجهوية للحسابات خالل سنة ‪ 2010‬بـ‪ 43‬طلب رأي‬
‫بشأن رفض الحسابات اإلدارية من طرف الهيئات التداولية‪ .‬ويكرس هذا االختصاص المخول للمجالس‬
‫الجهوية للحسابات دور المساعدة التقنية التي تقدمها هذه المجالس للسلطات العمومية الترابية في ميدان‬
‫المراقبة الموكولة لها بمقتضى القانون‪ .‬إال أن المالحظ أن ميدان المراقبة على المالية العامة فيما يخص‬
‫تنفيذ الميزانية‪ ،‬ال يمكن للمحاكم المالية وحدها أن تقوم بذلك‪ ،‬بل هناك متدخلين آخرين يمكن أن يضطلعوا‬
‫بأدوار مهمة في مجال المراقبة‪ ،‬ومنهم البرلمان والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لإلدارة الترابية‪،‬‬
‫والمفتشيات العامة للو ازرات‪ .‬إال أن كل هذه الجهود المبذولة في خلق هذه المؤسسات الرقابية وحدها‪ ،‬لم‬
‫تكن كافية‪ ،‬بل انصرفت جهود الدولة إلى خلق مؤسسات أخرى موازية من أجل خلق نوع من الشفافية‬
‫والنزاهة في تدبير الشأن العام اإلداري والمالي‪ .‬على اعتبار أن محاربة الفساد وتطويق دائرته أصبح خيا ار‬
‫إستراتيجيا في ظل الدولة الحديثة المتطلعة إلى تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة‪.‬‬

‫وهكذا سارع المشرع المغربي إلى خلق الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة ومجلس المنافسة‬
‫ومؤسسة الوسيط‪ ،‬ووحدة معالجة المعلومات المالية‪ .‬والتي يتجلى دورها في محاربة بؤر الفساد وتطويقه‪،‬‬
‫والنهوض بالحكامة الجيدة وخلق التنافس الشريف في تدبير الشأن العام والمحلي‪ .‬كما حاول المشرع تجديد‬

‫‪454‬‬
‫بعض القوانين واألنظمة لمسايرة نصوص الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬وخصوصا في مجال صرف المال‬
‫العام وتخليق الحياة العامة كنظام الصفقات العمومية‪ ،‬والتصريح اإلجباري بالممتلكات وتعزيز الرقابة‬
‫الداخلية والخارجية باإلدارات العمومية‪ ،‬إال أن القانون التنظيمي للمالية والذي يعتبر محور تدبير المالية‬
‫العمومية لم يحض بعد باإلصالح‪ ،‬وقد برمج في المخطط التشريعي للحكومة بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2012‬أثناء‬
‫انعقاد المجلس الحكومي باإلضافة إلى قوانين أخرى ذات أهمية‪.‬‬

‫فهذه أهم محاور االستنتاجات التي توصلت إليها من خالل تحليل ومناقشة جوانب هذه‬
‫األطروحة‪ ،‬وبقيت توصيات البد من إثارتها سعيا وراء الفائدة العلمية والخالصات المتوصل إليها‪.‬‬

‫فعلى الرغم من التعديالت القانونية وإصالح أو إعادة تنظيم بعض المؤسسات المتدخلة في تنفيذ المالية‬
‫العمومية‪ ،‬وبالرغم من تشديد العقوبات في مجال طرح المسؤولية المالية‪ ،‬إال أن مسؤولية بعض اآلمرين‬
‫بالصرف وخصوصا الرئيسيين ظلت محتفظة باإلعفاءات والمرونة كالوزراء وأعضاء البرلمان الذين يحضون‬
‫باإلعفاء من المسؤولية ولو جردوا من الحصانة حسب المادة ‪ 52‬من مدونة المحاكم المالية‪ .‬فلم يعد بمقدور‬
‫القاضي المالي مساءلة أعضاء البرلمان الذين يتولون تدبير المجالس الترابية‪ .‬مما يعني أن المسؤولية‬
‫المالية أصبحت مرتكزة باألساس على اآلمرين بالصرف الثانويين‪ ،‬وحتى هؤالء يمكن أن يعفوا من‬
‫المسؤولية‪ ،‬إما إذا ما فضل رؤساؤهم التستر عن أخطائهم ومعاقبتهم تأديبيا‪ ،‬أو طلب ذلك إداريا بحسب‬
‫شروط المشرع من خالل طلب اإلعفاء من المسؤولية أو إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪ .‬أو بحسب الطرق‬
‫القضائية كطلب مراجعة القرارات واألحكام‪ ،‬والطعن باالستئناف أو بالنقض إللغاء العقوبات أو الغرامات أو‬
‫الجزاءات المترتبة عن ثبوت المسؤولية المالية‪ .‬أما مسؤولية المحاسبين العموميين فهي منظمة بكيفية‬
‫مضبوطة ودقيقة يسهل طرحها وإثارتها‪ ،‬ورغم محاولة المشرع المغربي إعادة توازن المسؤولية بين اآلمرين‬
‫بالصرف والمحاسبين العموميين‪ ،‬فإنه لم يفلح بعد مما يتحتم معه بذل المزيد من االجتهاد والمثابرة لسد هذا‬
‫الفراغ وخلق توازن حقيقي في مجال التأديب المالي‪.‬‬

‫وانطالقا من نتائج التشخيص والتقييم التي قامت بها المحاكم المالية منذ إحداثها بقانون ‪62-99‬‬
‫سنة ‪ 2002‬وتماشيا مع المقتضيات الدستورية في مجال الحكامة الجيدة‪ ،‬واعتمادا على تقييم الحصيلة في‬
‫ممارسة الرقابة العليا على المالية العمومية وتأسيسا على المقترحات والتوصيات التي سبق للمحاكم المالية‬
‫أن تقدمت بها في إطار تقاريرها السنوية‪ ،‬والتي لم تعرف في غالبيتها طريقها نحو التفعيل‪ ،‬لذلك وجب‬
‫تكريس بعد إستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد المالي واإلداري باالعتماد على ‪:‬‬

‫* تعزيز دينامية مراقبة المحاكم المالية من خالل ‪:‬‬

‫‪ -‬مراجعة المادة ‪ 52‬من مدونة المحاكم المالية بالتنصيص على إخضاع أعضاء الحكومة وأعضاء‬
‫مجلس النواب لالختصاص القضائي للمحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫‪ -‬مراجعة المواد ‪ 162-114-111‬و‪ 163‬من مدونة المحاكم المالية ومالءمة مقتضياتها مع‬
‫مقتضيات المادة ‪ 42‬من المسطرة الجنائية‪ ،‬من أجل تمكين النيابة العامة لدى المحاكم المالية من‬
‫رفع األفعال التي تستوجب عقوبات جنائية مباشرة إلى وكالء الملك‪.‬‬

‫‪ -‬تعميم شرط الضمان المالي وحق االمتياز القانوني للخزينة ليشمل باإلضافة إلى المحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬اآلمرين بالصرف لتكريس مبادئ العدالة واإلنصاف بين المتدخلين في مجال تنفيذ‬
‫الميزانية‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذ األحكام باسترجاع المبالغ المطابقة للخسائر المترتبة عن المخالفات المرصودة من خالل‬
‫التفعيل الكامل لصالحيات المحاكم المالية في ميدان التأديب المالي‪.‬‬

‫‪ -‬الحسم في القضايا المالية المحالة والمتعلقة بالتأديب المالي بين القضاء المالي والقضاء العادي بعد‬
‫إحداث أقسام متخصصة بمحاكم االستئناف في الجرائم المالية‪.‬‬

‫‪ -‬إلغاء اإلعفاءات واالستثناءات المقررة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية لفائدة‬
‫بعض اآلمرين بالصرف‪ ،‬إذ يستثنى من الخضوع للمساءلة المالية أمام القضاء المالي الوزراء‬
‫وأعضاء مجلس النواب والمستشارين والموظفين الذين يتلقون أوامر كتابية من رؤسائهم التسلسليين‪،‬‬
‫مما سيفرغ مفهوم المسؤولية المالية من أي محتوى‪ ،‬وسينزع عن قواعدها الطابع الزجري والهدف‬
‫الذي خلقت من أجله المسؤولية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ -‬حصر مجال مسؤولية المحاسبين العموميين في العمليات المالية التي نفذوها أو أشروا عليها‪ ،‬دون‬
‫أن تمتد إلى العمليات التي نفذها مراقبو االلتزام بالنفقات أو المحاسبون السابقون‪.‬‬

‫‪ -‬إصالح أو تعديل القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 7.98‬وتنصيصه على أجل يحدد من ‪ 6‬أشهر إلى‬
‫سنة بعد انصرام السنة المالية لتقديم قوانين التصفية‪ ،‬ليتمكن المجلس األعلى للحسابات من ممارسة‬
‫مهامه في ضبط صحة وصدق عمليات الحساب اإلداري والحساب الختامي للدولة لتسهيل عمليات‬
‫المراقبة والضبط‪.‬‬

‫‪ -‬التنصيص في مدونة المحاكم المالية على أجل محدد لنشر التقرير السنوي للمجلس والتقارير‬
‫الخاصة عن بعض القطاعات ضمانا لعدم تقادم التوصيات والمالحظات والق اررات‪.‬‬

‫‪ -‬قيام المجلس األعلى للحسابات بالنشر المنتظم لألحكام القضائية طبقا لمقتضيات دستور ‪ 2011‬في‬
‫فصله ‪ 148‬من الباب العاشر‪.‬‬

‫‪ -‬مراجعة المادة ‪ 107‬من مدونة المحاكم المالية التي تنص تقادم المخالفات المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 55 ،54‬و‪ 56‬من قانون ‪ 62-99‬إذا لم يتم اكتشافها من طرف المجلس أو كل سلطة‬
‫مختصة داخل أجل خمس (‪ )5‬سنوات كاملة يبتدئ من التاريخ الذي تكون قد ارتكبت فيه‪ ،‬وذلك‬

‫‪456‬‬
‫للتمييز فيما يخص تحديد مدة التقادم بين المخالفات المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية التي تشكل‬
‫جنحا واألخرى التي قد ترقى إلى جنايات طبقا لمقتضيات المواد من ‪ 648‬إلى ‪ 653‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪ ،‬وتماشيا مع روح مقتضيات المادة ‪ 26‬من االتفاقية األممية لمكافحة الفساد‪.‬‬

‫‪ -‬المبادرة بإحالة ملفات مرتكبي المخالفات المخلة بالضوابط القانونية واألخالقية والتدبيرية على‬
‫المجالس الجهوية للحسابات من طرف وزير الداخلية الوصي على الجماعات الترابية للبت فيها في‬
‫إطار التأديب المالي المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ .‬وتفعيل إجراءات المتابعات الجنائية من قبل‬
‫وزير العدل في حق مرتكبي المخالفات التي ترصدها تقارير المراقبة واالفتحاص في حق المخالفين‬
‫لقواعد االنضباط المالي واإلداري طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 42‬و‪ 51‬من المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫* تدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة من خالل ‪:‬‬

‫‪ -‬تطوير دور المفتشية العامة للمالية لينتقل من مهمة المراقبة التقليدية إلى تدقيق المالية العمومية من‬
‫أجل تقنين التطور الحاصل على مستوى الممارسة‪.‬‬

‫‪ -‬اضطالع المفتشيات العامة للوزارات بمهمة تنفيذ وتفعيل التوصيات المتعلقة بالقطاع الذي تشرف‬
‫عليه والواردة بتقارير المحاكم المالية والمفتشية العامة للمالية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬تقييد السلطة التقديرية للوزير الذي تحال عليه تقارير المفتشيات العامة بإلزامية تحريك المسطرة‬
‫التأديبية أو اإلحالة على النيابة العامة عند االقتضاء على ضوء التجاوزات المرصودة‪.‬‬

‫‪ -‬نشر تقارير المفتشيات العامة مع تضمين مبدأ تتبع مآل التوصيات الصادرة بالتقارير السابقة ضمن‬
‫التقرير التركيبي السنوي‪.‬‬

‫‪ -‬رفع السر المهني عن المفتشين تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد الضامنة لحق الولوج إلى‬
‫المعلومة المنصوص عليها في الفصل ‪ 27‬من الدستور‪ ،‬وتجاوبا مع مقتضيات التعديل الجديد‬
‫للمسطرة الجنائية خصوصا المتعلقة بحماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم‬
‫الرشوة واالختالس واستغالل النفوذ وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬خلق جسور التعاون بين كل من المجلس األعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية‪.‬‬

‫‪ -‬التنصيص على إرساء جسور التعاون بين اإلدارات القادرة بحكم صالحياتها على اكتشاف تطور‬
‫الثروة كإدارة الضرائب ومكتب الصرف واألمالك المخزنية والجمارك والمحافظة العقارية من جهة‬
‫والمحاكم المالية من جهة ثانية‪ ،‬لتمكين المجلس األعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫بناء على المعطيات المقدمة من تحريك مسطرة المساءلة عن مصادر الثروة المتضخمة‪ ،‬بعد اإلقرار‬
‫اإلجباري بالممتلكات وتفعيل مقتضياته‪.‬‬

‫* تعزيز شفافية وحكامة اإلدارة المالية من خالل ‪:‬‬

‫‪457‬‬
‫‪ -‬الرفع من فعالية تقييم وتتبع تنفيذ الميزانية العامة وتطوير اآلليات المؤسساتية في هذا المجال من‬
‫خالل تطوير الممارسة الرقابية للمجلس األعلى للحسابات التي تهدف إلى تقييم مدى فعالية النتائج‬
‫وتشخيص الفجوات بين التوقع واإلنجاز وتقديم التوصيات الالزمة لتطوير النتائج وتقدير اآلثار على‬
‫مستوى التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬مواكبة القانون المالي السنوي بالبرمجة متعددة السنوات للميزانية التي تحدد األهداف على المدى‬
‫المتوسط وتبعاتها المالية‪ ،‬تمكينا للبرلمان من بسط رقابته خاصة على عقود البرامج وعلى مختلف‬
‫التعهدات المالية للدولة والقروض الكبرى‪.‬‬

‫‪ -‬التنصيص على التنسيق الوظيفي بين المجلس األعلى للحسابات والبرلمان في مجال تتبع تنفيذ‬
‫قوانين المالية وتقييم السياسات العمومية تطبيقا لمقتضيات الدستور الجديد في فصله الثامن‬
‫واألربعين بعد المائة‪.‬‬

‫‪ -‬تعديل القانون التنظيمي للمالية وضرورة تنصيصه على إحالة مشروع قانون التصفية في اآلجال‬
‫المالئمة ليتمكن المجلس األعلى للحسابات من ممارسة مهامه الرقابية في ضبط صدقية وصحة‬
‫الحساب الختامي للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬إصالح قانون الصفقات العمومية ليكون أكثر شفافية وتنافسية في الولوج إلى الطلبيات العمومية‪،‬‬
‫وكذلك الحد من السلطة التقديرية الواسعة لصاحب المشروع‪.‬‬

‫‪ -‬إحداث آلية مستقلة تتوفر على سلطة تقريرية للحسم في الشكايات والتظلمات المتعلقة بالصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تقوية فعالية مسطرة تنفيذ األحكام والتسريع بإخراج مشروع القانون المتعلق بإلزام مسؤولي إدارات‬
‫الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بالتقيد بتنفيذ األحكام الصادرة ضدهم‪.‬‬

‫‪ -‬إصدار قانون يحدد غرامات يومية عن التأخير في التنفيذ‪ ،‬ويتضمن آليات زجرية ضد المسؤولين‬
‫المتواطئين في تعطيل التنفيذ أو عرقلة إجراءاته‪.‬‬

‫* تفعيل المساءلة والمحاسبة التي جاء بها دستور ‪ 2011‬من خالل ‪:‬‬

‫‪ -‬تفعيل مقتضيات القانون رقم ‪ 06-54‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬المتعلق بالتصريح اإلجباري‬
‫بممتلكات منتخبي المجالس الترابية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين واألعوان العموميين‬
‫للحفاظ على نظافة الذمة المالية للمسؤولين عن تدبير الشأن المحلي وكذلك الشأن العام من خالل‬
‫التصريح اإلجباري بالممتلكات‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز فعالية المجالس الجهوية للحسابات من خالل تسوية المشاكل المرتبطة باإلدالء بالحسابات‬
‫وسبل تحسين المعلومات المالية المضمنة بها‪ ،‬وتطوير آليات االشتغال باعتماد المراقبة المندمجة‬

‫‪458‬‬
‫التي تشمل مراقبة المشروعية وفعالية أساليب التدبير ومدى تحقيق النتائج واألهداف المسطرة‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز الحكامة المحلية من خالل تتميم المادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي النتخاب أعضاء مجالس‬
‫الجماعات الترابية بمقتضيات هامة تنص على عدم األهلية للترشح بالنسبة لألشخاص الذين أصدر‬
‫في حقهم المجلس األعلى للحسابات أحكاما بالغرامات‪ ،‬أو باستعادة األموال المطابقة للخسائر التي‬
‫كبدوها للمرافق التي تحملوا مسؤولية تدبيرها‪.‬‬

‫‪ -‬األشخاص المحكوم عليهم بحكم نهائي الرتكابهم جرائم األموال المنصوص عليها في القانون‬
‫الجنائي المغربي‪.‬‬

‫‪ -‬األشخاص الذين أصدر المجلس الدستوري ق اررات بإلغاء نجاحهم على خلفية ارتكابهم مناورات‬
‫تدليسية أو تقديمهم ألموال أو منافع قصد التأثير على الناخبين‪.‬‬

‫‪ -‬األشخاص الذين في ذمتهم ديون غير مسددة لفائدة الدولة أو إحدى مؤسساتها‪.‬‬

‫‪ -‬مراجعة المادة ‪ 13‬من القانون التنظيمي لمجلس النواب بالتنصيص على منع الجمع بين مهام‬
‫التمثيلية المحلية والجهوية والتمثيلية التشريعية‪ ،‬لضمان استقاللية الممارسة التشريعية عن أي‬
‫اعتبارات مصلحية‪.‬‬

‫* تعزيز الحكامة البرلمانية من خالل التنصيص في نظامه الداخلي على ‪:‬‬

‫‪ -‬تمكين اللجان الدائمة من إحداث لجنة خاصة لتقييم ومراقبة تنفيذ الميزانية تفتح إمكانية االستعانة‬
‫بخبرات من خارج المؤسسة البرلمانية على غرار بعض التجارب الدولية كفرنسا مثال‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز الدور االستطالعي للجان الدائمة بتمكينها من إحداث لجنة خاصة تتولى مهمة تقييم تطبيق‬
‫القوانين والسياسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تقوية دور مؤسسات اإلعالم والتواصل التي يجب أن تنهض بتعزيز منظومة النزاهة وفضح الفساد‬
‫والمفسدين‪ ،‬وتشجيع التبليغ عنها‪ ،‬ثم تقوية هيئات المجتمع المدني التي يتعين دعم مجهوداتها‬
‫الهادفة إلى إذكاء الوعي العام بظاهرة الفساد ومخاطره‪.‬‬

‫وأخي ار تقييم وقياس المنظومة القانونية والمؤسساتية واإلجراءاتية لتتماشى مع التطور الذي تعرفه المالية‬
‫العمومية من خالل قوانين المالية التي تكتسي أهمية بالغة بصفتها األداة الرئيسية بيد الحكومة إلنجاز‬
‫األهداف المتعلقة بالتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وكذا الوسيلة المثلى لتحديد أولويات اإلنفاق العمومي‪.‬‬

‫وهكذا حثت مقتضيات الدستور الجديد على ربط اإلنفاق العمومي بالنتائج المنتظرة وعلى تقييم‬
‫نجاعة السياسات المعتمدة من أجل ضمان استمرارية موازناتية على المدى البعيد من خالل إصدار قانون‬
‫تنظيمي جديد للمالية لتفعيل آليات الشفافية في تنفيذ الميزانية العمومية‪ ،‬عن طريق نظام معلوماتي مندمج‬
‫ونظام محاسباتي متطور ونظام صفقات شفاف وعادل من خالل إصالح نظام وأجهزة رقابة الدولة ومنها‬
‫‪459‬‬
‫الرقابة البرلمانية من خالل تقييم حسابات الدولة من طرف نواب األمة‪ ،‬والمشاركة في تحضير قانون المالية‬
‫ومناقشته‪ ،‬وكذا تتبع تنفيذه تماشيا مع تجدد تقنيات وآليات المراقبة الحديثة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى اتخاذ مجموعة من اإلجراءات الموازية األخرى التي من شأنها ضمان مزيد من‬
‫المصداقية والشفافية فيما يخص المراقبة المالية والمحاسباتية وذلك بوضع نظام يرتكز على التتبع واليقظة‪،‬‬
‫والعمل على تحقيق ترابط أفضل بين المراقبة المالية والبرمجة المالية للنفقات العمومية‪ ،‬وإعادة هيكلتها عن‬
‫طريق نشر ثقافة المحاسبة السنوية والمحاسبة التحليلية لتكاليف السياسات العمومية ومراقبة ممتلكات الدولة‪،‬‬
‫وممتلكات الساهرين عليها من خالل التصريح اإلجباري عند تحمل المسؤولية وعند نهايتها‪ .‬وبهذا تكون‬
‫الدولة قد بدأت في إرساء قواعد الحكامة الجيدة والشفافية حول سياساتها واختياراتها العمومية وتتبع تنفيذ هذه‬
‫السياسات عن طريق ربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬

‫و يبقى مجال البحث في موضوع المسؤولية المالية مفتوحا و متاحا لمختلف الباحثين ‪ ،‬مادام لم‬
‫يكتشف بعد وصفة عالجية ناجعة لحماية المال العام و صونه من المتالعبين و المتربصين به‪.‬‬

‫‪460‬‬
‫المــالحـــق‬

‫‪461‬‬
462
463
464
465
466
467
468
469
470
‫فـــهـــرس المــالحــق‪.‬‬

‫‪-1‬المـلحـق رقــم ‪ :01‬يتعلق بالقرار المشترك لوزير التعليم العالي و وزير االقتصاد والمالية و الخوصصة‬

‫والسياحة حول اقتراح الباحث محاسبا للحي الجامعي بطنجة خلفا للمحاسب السابق ص‪462........................ :‬‬

‫‪-2‬الملحق رقم ‪ :02‬يتعلق بنموذج تعيين المحاسب العمومي ص‪463 ............................................:‬‬

‫‪-3‬الملحق رقم ‪ :03‬يتعلق بقضية اختالس أموال عمومية بالحي الجامعي بطنجة ص‪464.........................:‬‬

‫‪-4‬الملحق رقم ‪ :04‬يتعلق بنموذج قرار تعيين وكيل المداخيل بالحي الجامعي بطنجة ص‪465 .....................:‬‬

‫‪-5‬الملحق رقم ‪ :05‬يتعلق بنموذج قرار إحداث وكالة المداخيل و النفقات الصادرة بتعليمة وزير المالية لسنة ‪1969‬‬

‫و قرار تحديد سقف المبلغ األقصى الممكن االحتفاظ به بالصندوق أو الخزينة ص‪466 .............................:‬‬

‫‪-6‬الملحق رقم ‪ :06‬يتعلق بقرار إعفاء محاسب الحي الجامعي من مهامه تحت رقم ‪ 2100/11807‬ص‪467........:‬‬

‫‪ -7‬الملحق رقم ‪ :07‬يتعلق بحكم قضائي صادر عن محكمة النقض عدد‪ 847‬بتاريخ ‪ 2011/11/17‬حول عدم‬

‫مشروعية استصدار أمر بالتحصيل ص‪469-468 ....................................................................:‬‬

‫‪-8‬الملحق رقم ‪ :08‬يتعلق بوصل التصريح بالممتلكات لدى المجلس األعلى للحسابات يتعلق بالباحث ص‪470 ..:‬‬

‫‪471‬‬
‫الئــحــة الـمـراجــع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بالـلــغة العـــربيــة‪:‬‬


‫‪ -1‬الكــتــب العــامـــة ‪:‬‬
‫✓ إبراهيم زعيم الماسي‪" :‬المرجع العلمي في االجتهاد القضائي اإلداري"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬السنة ‪.1996‬‬

‫✓ أحمد الخمليشي ‪" :‬الرشوة من جرائم اإلخالل بالثقة العامة"‪ ،‬الجزء األول نشر وتوزيع مكتبة‬
‫المعاريف الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1985 ،‬‬

‫✓ أحمد الخمليشي ‪" :‬القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مذكرات ‪ ،77-76‬الجزء األول نشر وتوزيع مكتبة‬
‫المعاريف الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1985 ،‬‬

‫✓ أحمد بوعشيق ‪" :‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة"‪ ،‬الطبعة السابعة مزيدة‬
‫ومنقحة‪.2002 ،‬‬

‫✓ أعاد حمود القيسي ‪" :‬المالية العامة والتشريع الضريبي"‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‬
‫األردن‪.2000 ،‬‬

‫✓ أمحمد مالكي ‪" :‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬النظم السياسية المعاصرة"‪ ،‬دار وليلي‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مراكش‪.2001 ،‬‬

‫✓ أمينة جبران ‪" :‬القضاء اإلداري‪ ،‬دعوى القضاء الشامل"‪ ،‬المنشورات الجامعية المغاربية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.1994 ،‬‬

‫✓ أن اس بن صالح الزمراني ‪" :‬المالية العامة والسياسة المالية"‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.2002 ،‬‬

‫✓ الحاج شكرة ‪" :‬الوظيفة والموظف في القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬دار النشر سليكي إخوان‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.2006 ،‬‬

‫✓ حسن حمودة المهداوي ‪" :‬الموجز في جرائم الموظفين االقتصاديين"‪ ،‬المنشأة العامة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬طرابلس‪.1989 ،‬‬

‫✓ حسن عواضة ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1981 ،‬‬

‫‪472‬‬
‫✓ حماد حميدي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة بني يزناسن‪ ،‬سال‪.2000 ،‬‬

‫✓ صباح نعوش‪" :‬المالية العامة ومالية الدول النامية"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.1983 ،‬‬

‫✓ عادل أحمد حشيش ‪" :‬أصول المالية العامة"‪ ،‬دراسة تحليلية لمقومات مالية االقتصاد العام‪،‬‬
‫مؤسسة الثقافة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية بدون سنة اإلصدار‪.‬‬

‫✓ عبد الحميد القاضي ‪" :‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬دار الجامعات المصرية‪.1980 ،‬‬

‫✓ عبد السالم بنحدو ‪" :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي"‪ ،‬منشورات إيزيس‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫✓ عبد القادر باينة ‪" :‬الموظفون العموميون في المغرب"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪.2002‬‬

‫✓ عبد القادر باينة ‪" :‬تطبيقات القضاء اإلداري بالمغرب"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪.1988‬‬

‫✓ ع بد هللا اإلدريسي ‪" :‬إصالح التنظيم الجماعي بالمغرب"‪ ،‬التاريخ‪ ،‬التشخيص والحصيلة‪ ،‬مطبعة‬
‫وجدة‪ ،‬طبعة ‪.2003‬‬

‫✓ عبد هللا حارسي ‪" :‬الوجيز في المسؤولية اإلدارية"‪ ،‬مكتبة المعارف الجامعية فاس‪.2006 ،‬‬

‫✓ عبد هللا حداد ‪" :‬المرافق العمومية الكبرى‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية"‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪.2002 ،‬‬

‫✓ عبد الواحد العلمي‪" :‬المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1993 ،‬‬

‫✓ عبد العزيز لوزي‪" :‬المسألة الدستورية والمسار السياسي بالمغرب"‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪.1996 ،‬‬

‫✓ عدنان الضناوي ‪" :‬علم المالية العامة"‪ ،‬دار المعارف العمومية‪ ،‬طرابلس لبنان‪ ،‬بدون سنة‬
‫اإلصدار‪.‬‬

‫✓ عسو منصور ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1995 ،‬‬

‫✓ قحطان السيوفي‪":‬اقتصاديات المالية العامة"‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪.1989 ،‬‬

‫‪473‬‬
‫✓ مأمون الكزبري ‪" :‬نظرية االلتزامات على ضوء االلتزامات والعقود المغربي"‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫مصادر االلتزامات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1972 ،‬‬

‫✓ مبارك سعيد بن القائد‪" :‬القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مطبعة بابل‪ ،‬الرباط‪.1999 ،‬‬

‫✓ محمد اليعكوبي ‪" :‬المسؤولية عن األضرار الناتجة عن ممارسة سلطة الوصاية في حالة‬
‫الحلول"‪ ،‬مطبعة أنفو برينت‪ ،‬دجنبر ‪.1999‬‬

‫✓ محمد سعيد فرهود ‪" :‬مبادئ المالية العامة"‪ ،‬مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ ،‬جامعة حلب‪،‬‬
‫‪.1990‬‬

‫✓ محمد مرزاق‪ ،‬عبد الرحمان أبليال والعربي كنون ‪" :‬النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب"‪،‬‬
‫مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األولى‪.1996 ،‬‬

‫✓ محمد مرغني‪" :‬المبادئ العامة للقانون اإلداري المغربي"‪ ،‬مطبعة دار الساحل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫الرباط‪.1982 ،‬‬

‫✓ محمد معتصم ‪" :‬النظم السياسية المعاصرة"‪ ،‬منشورات إيزيس الدار البيضاء‪.1993 ،‬‬

‫✓ معالل فؤاد ‪" :‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد"‪ ،‬مطبعة اآلفاق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪.1999 ،‬‬

‫✓ مليكة الصروخ ‪" :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،1996 ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫✓ مليكة الصروخ ‪" :‬النظام القانوني للموظف العمومي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪.1994‬‬

‫✓ ميشال روسي ومن معه ‪" :‬القانون اإلداري المغربي"‪ ،‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‪.1988 ،‬‬

‫‪474‬‬
‫‪ -2‬الكــتــب المـتـخـصـصة‪:‬‬
‫✓ أحمد أجوييد ‪" :‬جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي"‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1983 ،‬‬

‫✓ احميدوش مدني ‪" :‬المحاكم المالية في المغرب‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫مطبعة فضالة المحمدية‪.2003 ،‬‬

‫✓ خالد بنيس ومحمد عباس السقاط ‪" :‬قانون المحكمة الخاصة للعدل"‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرباط‪.1999 ،‬‬

‫✓ سعيد جفري ‪" :‬تدبير المالية العمومية بالمغرب"‪ ،‬مطبعة أوماكراف توزيع مكتبة الرشاد‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬سطات‪.2009 ،‬‬

‫✓ صفية محمود صفوت ‪" :‬القصد الجنائي والمسؤولية المطلقة"‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ترجمة عبد العزيز‬
‫صفوت‪ ،‬مراجعة هنري رياض‪ ،‬دار زيدان‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون سنة اإلصدار‪.‬‬

‫✓ عبد الحق دهبي‪ ،‬الطاهر كركري ‪" :‬جرائم المال العام‪ ،‬رصد ألهم المحطات من المحكمة‬
‫الخاصة للعدل إلى غرف الجنايات"‪ ،‬إديسوفت للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يوليوز ‪.2005‬‬

‫✓ عبد الرحمان أبليال ورحيم الطور ‪" :‬تحصيل الضرائب والديون العمومية على ضوء المدونة‬
‫الجديدة"‪ ،‬مطبعة األمنية‪.2000 ،‬‬

‫✓ عبد الفتاح بلخال ‪" :‬علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي"‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫المحمدية‪ ،‬فبراير ‪.2005‬‬

‫✓ عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة المغربية والمقارنة"‪ ،‬قانون الميزانية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬دار النشر الجسور‪ ،‬وجدة ‪.2002‬‬

‫✓ عبد القادر تيعالتي ‪" :‬المالية العامة"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬قانون الميزانية‪ ،‬منشورات المعهد العالي‬
‫للدراسات القانونية والجبائية التطبيقية‪ ،‬الطبعة األولى‪.1995 ،‬‬

‫✓ عبد النبي أضريف ‪" :‬المالية العامة ‪ :‬أسس وقواعد تدبير الميزانية العامة ومراقبتها"‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬دار القرويين الدار البيضاء‪.2007 ،‬‬

‫✓ عبد الوهاب رافع ‪" :‬مقاضاة الدولة والمؤسسات العمومية في التشريع المغربي دراسة تطبيقية"‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش ‪.1987‬‬

‫‪475‬‬
‫✓ عزت حسنين‪" :‬الجرائم الماسة بالنزاهة بين الشريعة والقانون"‪ ،‬مطبعة الهيئة المصرية للكتب‪،‬‬
‫القاهرة‪.1987 ،‬‬

‫✓ عسو منصور ‪" :‬قانون الميزانية العامة"‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪.2005 ،‬‬

‫✓ فهمي محمود شكري‪" :‬الموازنة العامة‪ ،‬ماضيها وحاضرها ومستقبلها في النظرية والتطبيق"‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.1999 ،‬‬

‫✓ كريم لحرش ‪" :‬تدبير مالية الجماعات المحلية بالمغرب على ضوء القانون رقم ‪ ،"45-08‬طوب‬
‫بريس‪ ،‬الطبعة األولى‪.2010 ،‬‬

‫✓ محمد براو ‪" :‬األحكام الكبرى في االجتهاد القضائي المالي بالمغرب"‪ ،‬منشورات المركز المغربي‬
‫للدراسات واألبحاث حول المهن القضائية والقانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة دار القلم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬يناير ‪.2009‬‬

‫✓ محمد براو ‪" :‬الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة‪،‬‬
‫المقومات‪ ،‬الفاعلون‪ ،‬التفاعالت‪ ،‬دراسة مقارنة مركزة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سلسلة الرقابة على المال‬
‫العام والمنازعات المالية‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط ‪.2010‬‬

‫✓ محمد براو ‪" :‬المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬تنظيمها وتسييرها واختصاصاتها ومساطرها مع تعليق‬
‫حول آخر التعديالت"‪ ،‬الطبعة األولى طوب بريس الرباط‪.2006 ،‬‬

‫✓ محمد براو‪" :‬الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫غشت ‪.2004‬‬

‫✓ محمد صالح العادلي ‪" :‬الوجيز في شرح جرائم االعتداء على المصلحة العامة ‪ :‬الرشوة‪ ،‬والتزوير‬
‫واختالس المال العام"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1999 ،‬‬

‫✓ محمد عباس محرزي ‪" :‬اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬النفقات العامة‪ ،‬اإليرادات العامة‪ ،‬الميزانية‬
‫العامة للدولة"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬

‫✓ مرزاق محمد‪ ،‬أبليال عبد الرحمان ‪" :‬المنازعات الجبائية بالمغرب بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪.1998 ،‬‬

‫✓ المهدي بنمير ‪" :‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب"‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫مراكش ‪.1994‬‬
‫األطـــروحــات والـــرسـائــل ‪:‬‬
‫‪476‬‬
‫‪ -1‬األطــــروحـــات ‪:‬‬
‫✓ إبراهيم عقاش ‪" :‬مسؤولية المحاسب العمومي في التشريع المغربي"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪.2003-2002 ،‬‬

‫✓ الحسين الصفراوي ‪" :‬مسؤولية اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي في مجال تنفيذ الميزانية"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق وجدة‪ ،‬جامعة محمد األول‪.2004-2003 ،‬‬

‫✓ ديالوي لحسن ‪" :‬الجماعات الحضرية والقروية بالمغرب ومسألة التواصل"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪.2007-2006 ،‬‬

‫✓ سعيد جفري ‪" :‬الرقابة على المالية المحلية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عين الشق الدار البيضاء‪.2000-1999 ،‬‬

‫✓ عبد اللطيف بروحو ‪" :‬ميزانية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية"‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام اإلدارة والتنمية‪ ،‬كلية الحقوق بطنجة جامعة عبد المالك السعدي‪،‬‬
‫‪.2008-2009‬‬

‫✓ عبد هللا إبراهيم ناصيف ‪" :‬مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪.1981 ،‬‬

‫✓ فريد السموني ‪" :‬مفهوم الموظف في القانون الجنائي المقارن"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬الرباط‪.2002-2001 ،‬‬

‫✓ محمد شكيري ‪" :‬الملزم واإلدارة الضريبية‪ ،‬تقديم األطراف وتحليل أطوار المواجهة"‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫دكتوراه الدولة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء‪.2003 -2002 ،‬‬

‫✓ نعيمة امويني ‪" :‬القابض الجماعي وإشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب"‪،‬‬
‫أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام ‪ -‬المالية العامة‪ -‬كلية الحقوق عين الشق جامعة‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪.2004 -2003 ،‬‬
‫‪ -2‬الرســائـــل‪:‬‬
‫✓ إبراهيم الحرثي ويوسف كنترة ‪" :‬التدبير المالي الجماعي ‪ -‬دور القابض واآلمر بالصرف"‪ ،‬تقرير‬
‫نهاية التدريب‪ ،‬سلك الكتاب العامين للجماعات المحلية‪ ،‬فوج ‪ ،98-97‬مركز التكوين اإلداري‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪.‬‬

‫✓ أحمد الجراري ‪" :‬الرقابة العليا على المال العام بالمغرب‪ ،‬بين النظرية والممارسة"‪ ،‬رسالة لنيل‬

‫‪477‬‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق بطنجة‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪.2008-2007 ،‬‬

‫✓ إسماعيل ناصر ‪" :‬المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي"‪ ،‬حالة قباض الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬سنة ‪.2004-2003‬‬

‫✓ طارق العالم ‪" :‬تنفيذ المداخيل على المستوى المحلي بين التطبيق والمعوقات‪ ،‬حالة جماعة‬
‫سيدي بليوط"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة المالية العامة كلية الحقوق‪ ،‬عين‬
‫الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء ‪.1999-1998‬‬

‫✓ عبد الحكيم موساة ‪" :‬الحكامة المالية للجماعات المحلية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬طنجة ‪.2007-2006‬‬

‫✓ عبد الرحيم ترباوي ‪" :‬العالقة بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي من خالل نفقات التسيير‬
‫وتأثيرها على تدبير المال العام"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة المالية العامة‪،‬‬
‫كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء‪.1999-1998 ،‬‬
‫المــــقــــــاالت‪:‬‬
‫✓ إبراهيم عقاش ‪" :‬الطبيعة القانونية لمسؤولية اآلمرين بالصرف"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد ‪،2007/7‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪68:‬‬

‫✓ إبراهيم عقاش ‪" :‬حجز األموال العمومية بين يدي المحاسب العمومي"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد‬
‫الرابع‪ ،2005 ،‬ص ‪ 62 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫✓ أحمد الحارثي الوردي ‪" :‬مشروع إصالح المحاسبة العمومية"‪ ،‬مجلة ديوان المظالم‪ ،‬العدد ‪ 4‬و‪،5‬‬
‫دجنبر ‪ 2006‬ص‪60:‬‬

‫✓ أحمد السراج ‪" :‬دور مؤسسة الوسيط في دعم مبادئ الحكامة الجيدة"‪ ،‬سلسلة ندوات محكمة‬
‫االستئناف بالرباط‪ ،‬االقتصاد الخفي والجرائم المالية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،2012 ،‬ص‪.67:‬‬

‫✓ أحمد جواهري ‪" :‬حجز ما للمدين لدى القباض الجماعيين ‪ :‬الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬المنازعات‬
‫القضائية في ميدان تحصيل الديون العمومية"‪ ،‬أعمال الدورات التكوينية المنظمة لفائدة قباض‬
‫وأطر الخزينة العامة‪ ،‬إصدارات و ازرة االقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة‪ 2002 ،‬ص‪179:‬‬

‫✓ إدريس جردان ‪" :‬موقع األخالقيات في تدبير الشأن العام المحلي"‪ ،‬مجلة طنجيس للقانون‬

‫‪478‬‬
‫واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،2009/8‬كلية الحقوق طنجة‪ ،‬ص ‪ 11 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫✓ أمال المشرفي ‪" :‬رقابة مالءمة الجزاء التأديبي وسلطات قاضي اإللغاء"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،40‬شتنبر أكتوبر‪ ،2001 ،‬ص ‪.146 :‬‬

‫✓ بشرى العلوي ‪" :‬خصوصيات مسطرة التأديب المالي والميزانية‪ ،‬ومدى قابلية األحكام الصادرة‬
‫ألنواع الطعن"‪ ،‬المجلة المغربية للتدقيق والتنمية‪ ،‬المجالس الجهوية للحسابات والحكامة المحلية‬
‫الجيدة‪ ،‬سلسلة التدبير اإلستراتيجي‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،7‬ص ‪.13 :‬‬

‫✓ زين العابدين ناصر‪" :‬االتجاهات الحديثة في دراسة الميزانية"‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫الرباط‪ ،‬العدد األول‪ 1967 ،‬ص ص‪ 245:‬و ‪253‬‬

‫✓ عبد الحق ذهبي‪" :‬تأمالت في جرائم األموال"‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،2007‬ص‪.56 :‬‬

‫✓ عبد الحميد الحمداني‪":‬قراءة في بعض مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية"‪ ،‬مجلة‬
‫ص‬ ‫المنازعات القضائية في ميدان تحصيل الديون العمومية‪ ،‬الخزينة العامة‪ ،‬سنة ‪2002‬‬
‫‪25:‬‬

‫✓ عبد العالي بنعمور ‪" :‬دور مجلس المنافسة في تخليق العالقات االقتصادية"‪ ،‬سلسلة ندوات‬
‫محكمة االستئناف بالرباط‪ ،‬العدد الرابع‪ ،2012 ،‬ص ‪.46 :‬‬

‫✓ عبد هللا حداد‪" :‬ظاهرة عدم امتثال اإلدارة ألحكام القضاء"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد األول‪ 1995 ،‬ص‪69:‬‬

‫✓ عبد المالك زعزاع ‪" :‬طرق الطعن أمام المجلس األعلى"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية العدد ‪،103‬‬
‫سنة ‪ ،2006‬ص ‪.68 :‬‬

‫✓ عبد النبي أضريف ‪" :‬قانون المالية أم قانون الميزانية ؟ جدلية العالقة بين السلطة التشريعية‬
‫والتنفيذية‪ :‬دراسة تحليلية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،69‬يوليوز غشت‬
‫‪ 2006‬ص ص‪ 57:‬و‪59‬‬

‫✓ علي الصاوي ‪" :‬دور المجالس العربية في مكافحة الفساد"‪ ،‬ورقة مقدمة في مؤتمر "برلمانيون‬
‫عرب ضد الفساد‪ ،‬تعزيز الشفافية والمحاسبة في العالم العربي"‪ ،‬الذي نظمته المنظمة العالمية‬
‫للبرلمانيين ضد الفساد ‪ Gopac‬بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية " ‪Transparency‬‬
‫‪ "international‬وبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي "‪ "UNDP‬والجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية‪،‬‬
‫بيروت ‪ 18‬نونبر ‪ ،2004‬ص ‪.12 :‬‬

‫‪479‬‬
‫✓ علي الصاوي ‪" :‬قياس فعالية البرلمان"‪ ،‬م‪.‬ج‪.‬ع‪.‬ن‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص ‪.10 :‬‬

‫✓ العمراني عبد اللطيف والخروبي محمد ‪" :‬اإلصالح الجديد في ميدان تحصيل الضرائب والديون‬
‫العمومية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 2000 ،22‬ص‪59:‬‬

‫✓ محمد األعرج ‪" :‬العقود اإلدارية" في جزأين‪ ،‬إصدار المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سنة‬
‫‪ 2011‬ص ‪ 140‬و مايليها‪.‬‬

‫✓ محمد األعرج ‪" :‬حلول السلطة المحلية محل رؤساء الجماعات المحلية في مجال الصرف‬
‫المالي"‪ ،‬تعاليق على أحكام‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬يوليوز غشت عدد ‪-75‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪ 143 :‬وص ‪ 147‬و ما بعدها‪.‬‬

‫✓ محمد الطاهر العلوي الودغيري ‪" :‬مجال تطبيق قانون المحكمة الخاصة للعدل"‪ ،‬مجلة الملحق‬
‫القضائي‪ ،‬العدد ‪ 27‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.89 :‬‬

‫✓ محمد الكشبور ‪" :‬المركز القانوني للموظف في القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬مجلة الشؤون اإلدارية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،10‬سنة ‪ 1995‬ص‪25:‬‬

‫✓ محمد الكشبور ‪" :‬المركز القانوني للموظف في القانون الجنائي الخاص"‪ ،‬المجلة المغربية للقانون‬
‫واقتصاد التنمية كلية الحقوق‪ ،‬عين الشق الدار البيضاء عدد خاص رقم ‪ 21‬لسنة ‪ ،1989‬ص‬
‫‪.55 :‬‬

‫✓ محمد النجاري ‪" :‬نظرة حول التقادم الضريبي"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪19‬‬
‫سنة ً‪ 1997‬ص‪83:‬‬

‫✓ محمد براو ‪" :‬المجلس األعلى للحسابات أمام امتحان االنخراط في العهد الدستوري الجديد"‪،‬‬
‫جريدة المساء العدد ‪ 1749‬بتاريخ ‪ ،2012/05/08‬ص ‪ 8‬ومنشور على الموقع اإللكتروني‬
‫لجريدة هيسبريس بتاريخ ‪.2012/05/09‬‬

‫✓ محمد براو ‪" :‬حوار مع مجلة شؤون استراتيجية حول أسباب الفساد المالي بالمغرب"‪ ،‬العدد ‪6‬‬
‫فبراير ماي ‪ ،2012‬ص ‪.36 :‬‬

‫✓ محمد براو‪" :‬متى تجوز المساءلة المالية للوزراء والبرلمانيين أمام القضاء ؟"‪ ،‬حلقات منشورة‬
‫بجريدة العلم‪ ،‬أكتوبر ‪.2005‬‬

‫✓ محمد بوجيدة ‪" :‬تطور الوصاية التقليدية على الجماعات الحضرية والقروية على ضوء الميثاق‬
‫الجماعي الجديد"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 63-62‬ماي غشت‬

‫‪480‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.34:‬‬

‫✓ محمد بوجيدة ‪ :‬قراءة نقدية للقانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بتنقيح الميثاق الجماعي‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،44‬سنة ‪ ،2003‬ص من ‪ 22‬إلى ‪.73‬‬

‫✓ محمد حداد ‪" :‬النظام الموازناتي واإلصالحات المرتقبة في المغرب"‪ ،‬إصدار و ازرة االقتصاد‬
‫والمالية‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬شتنبر ‪ ،2011‬ص ‪.9 :‬‬

‫✓ محمد خيري ‪" :‬األبعاد األخالقية للقسم في بعض المهن"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬ماي يونيو‬
‫‪ ،2000‬عدد ‪ ،82‬هيئة المحامين الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية ص ‪.19‬‬

‫✓ محمد شكيري ‪" :‬القانون الضريبي المغربي"‪ ،‬دراسة تحليلية ونقدية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬العدد ‪ 49‬سنة‪ 2003‬ص‪70:‬‬

‫✓ محمد شكيري ‪" :‬قراءة أولية في قانون ‪ 15-97‬المتعلق بتحصيل الضرائب والديون العمومية"‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ 37‬مارس‪ -‬أبريل ‪ 2000‬ص‪23:‬‬

‫✓ محمد نجيب بوليف‪" :‬اآلثار االقتصادية لغسيل األموال‪ ،‬اإلجرام االقتصادي بالمغرب"‪ ،‬مجلة‬
‫مسالك‪ ،‬العدد ‪ ،2007 ،7‬ص‪.5 :‬‬

‫✓ محمد يحيا ‪" :‬قانون مكافحة غسل األموال رقم ‪ 43-05‬وآثاره االقتصادية األبعاد والمضامين ‪:‬‬
‫محاولة تقييمية"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،2007/74‬ص ‪.73 :‬‬

‫✓ مصطفى دليل‪" :‬المجالس الجماعية بالمغرب وعالقاتها العامة"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،1995 ،3‬ص‪.27 :‬‬

‫✓ منار المصطفى‪" :‬واقع األموال العمومية‪ ،‬بين ضعف البرلمان وهيمنة الحكومة"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لألنظمة القانونية والسياسية‪ ،‬العدد‪ ،7‬سنة ‪ 2006‬ص‪36:‬‬

‫✓ موالي الحسن العلوي ‪" :‬الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪ ،‬الخصوصيات‪ ،‬الحصيلة اإلكراهات‬
‫واآلفاق‪ ،‬االقتصاد الخفي والجرائم المالية ودورها في إعاقة التنمية ‪ :‬أوجه الوقاية والمكافحة"‪،‬‬
‫سلسلة ندوات محكمة االستئناف بالرباط العدد الرابع‪ ،2012 ،‬ص‪.67:‬‬

‫✓ نجيب جيري ‪" :‬إصالح منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين التقنين والتفعيل"‪ ،‬مجلة طنجيس‬
‫للقانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،2011/10‬إصدار كلية الحقوق بطنجة‪ ،‬ص‪.197:‬‬

‫✓ نجيب جيري‪ :‬تأمالت في حدود إصالح الفعل الرقابي للبرلمان المغربي‪ :‬نحو إصالح القانون‬

‫‪481‬‬
‫التنظيمي للمالية‪ ،‬منشو ارت مجلة الحقوق‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ 2013/6،‬ص‪ 108:‬و ما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫✓ يوسف الزوجال‪ :‬قراءة نقدية في محاور مشروع إصالح القانون التنظيمي للمالية بالمغرب على‬
‫منشورات مجلة الحقوق ‪،‬سلسلة األعداد الخاصة ‪2013/6،‬‬ ‫ضوء المستجدات التشريعية‪،‬‬
‫ص‪74:‬‬
‫النـــصـــوص القـــانــونيــــة ‪:‬‬
‫‪ -‬وثــــــائــق رســمــيــة‪:‬‬
‫‪ -1‬الظــــهــائــر‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.041‬صادر في ‪ 6‬غشت ‪ 1958‬بسن نظام المحاسبة العمومية‬
‫للمملكة المغربية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2393‬بتاريخ ‪ 05‬شتنبر ‪.1958‬‬

‫✓ ظهير شريف صادر في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود المغربي صادر‬
‫بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪.1913‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.008‬صادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬بمثابة النظام األساسي العام‬
‫للوظيفة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2372‬بتاريخ ‪ 11‬أبريل ‪.1958‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.72.157‬صادر في ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1972‬يتعلق بإحداث المحكمة الخاصة‬


‫للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3128‬بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪.1972‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.153‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 17.08‬المغير‬


‫والمتمم بموجبه القانون رقم ‪ ،78.00‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.79.175‬صادر بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 1979‬بتنفيذ القانون رقم ‪12.79‬‬
‫المتعلق بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3490‬مكرر بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.1979‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.195‬صادر في ‪ 11‬نونبر ‪ 2003‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق‬


‫بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5170‬بتاريخ ‪ 18‬دجنبر‬
‫‪.2003‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.25‬صادر في ‪ 3‬أبريل ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 61.99‬المتعلق‬


‫بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4999‬بتاريخ‬
‫‪ 19‬أبريل ‪.2002‬‬

‫‪482‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.124‬صادر في ‪ 13‬يونيو ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق‬
‫بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5030‬بتاريخ ‪ 15‬غشت ‪.2002‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬بتنفيذ نص الدستور الجديد‪ ،‬ج‪.‬ر‬


‫عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪.2011‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.98.138‬صادر في ‪ 26‬نونبر ‪ 1998‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 7.98‬لقانون‬


‫المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4644‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪.1998‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.76.584‬بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بمثابة التنظيم المالي الجماعي‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 5333‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪.1976‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.185‬صادر في ‪ 4‬شتنبر ‪ 1997‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪31.97‬‬
‫المتعلق بمجلس النواب‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4516‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر ‪.1997‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.186‬صادر في ‪ 4‬شتنبر ‪ 1997‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪32.97‬‬
‫المتعلق بمجلس المستشارين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4516‬بتاريخ ‪ 11‬شتنبر ‪.1997‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في ‪ 10‬شتنبر ‪ 1993‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪41.90‬‬
‫المحدث بموجبه محاكم إدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4229‬بتاريخ ‪ 17‬نونبر ‪.1993‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.84‬صادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.96‬المتعلق‬


‫بتنظيم الجهات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4470‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪.1997‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.269‬صادر في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬المتعلق‬


‫بتنظيم العماالت واألقاليم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪.2002‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.02‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45.08‬المتعلق‬


‫بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.297‬صادر بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 78.00‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪.2002‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.425‬صادر في ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة‬


‫على المؤسسات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2478‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪.1960‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.175‬صادر في ‪ 3‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪15.97‬‬

‫‪483‬‬
‫بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4800‬بتاريخ فاتح يونيو ‪.2000‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.308‬صادر بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 2003‬المتعلق بتعديل المادة ‪ 3‬من‬
‫مدونة تحصيل الديون العمومية بقانون المالية رقم ‪ 48.03‬لسنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪5174‬‬
‫بتاريخ فاتح يناير ‪.2004‬‬

‫✓ الظهير الشريف الصادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1955‬بشأن مسؤولية المحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 2219‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪.1955‬‬

‫✓ الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬المتعلق بسن نظام للمتابعات في ميدان الضرائب‬
‫المباشرة والرسوم المماثلة والديون األخرى‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 1195‬بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.1935‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.86.187‬صادر في ‪ 21‬نونبر ‪ 1989‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 30.89‬المحدد‬


‫لنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4023‬بتاريخ ‪ 6‬دجنبر‬
‫‪.1989‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.10.06‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 2010‬بتنفيذ القانون رقم ‪18.08‬‬
‫المتعلق بتصفية ميزانية ‪ ،2006‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.202‬صادر في ‪ 23‬يوليوز ‪ 2002‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم‬


‫‪ 03.01‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها‬
‫اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5029‬بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪.2002‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.211‬صادر في ‪ 27‬دجنبر ‪ 2007‬المتعلق بتغيير وتتميم أحكام‬


‫المادة ‪ 55-37‬و‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية بموجب قانون المالية لسنة ‪ 2008‬رقم ‪،38.07‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2007‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.10‬صادر في ‪ 21‬أبريل ‪ 2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 56.03‬المتعلق‬


‫بتقادم الديون المستحقة على الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5208‬بتاريخ ‪ 29‬أبريل‬
‫‪.2004‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.413‬صادر في ‪ 26‬نونبر ‪ 1962‬المتعلق بتنفيذ مجموعة القانون‬


‫الجنائي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 2640‬مكرر بتاريخ ‪ 5‬يونيو ‪.1963‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.10‬صادر في ‪ 18‬فب ارير ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 50.05‬المعدل‬
‫والمتمم للنظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5944‬بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪.2011‬‬

‫‪484‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.164‬صادر في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪37.10‬‬
‫القاضي بتغيير وتتميم القانون ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬في شأن حماية الضحايا‬
‫والشهود والخبراء والمبلغين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5988‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫✓ الظهير رقم ‪ 1.59.269‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬المحدث للجنة الوطنية للحسابات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 2478‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪.1960‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.157‬الصادر في ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1996‬بشأن مراجعة دستور ‪،1996‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 4407‬بتاريخ ‪ 26‬غشت ‪.1996‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.10‬بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ 2012‬القاضي بتنفيذ قانون المالية رقم ‪22.12‬‬
‫للسنة المالية ‪ ،2012‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6048‬بتاريخ ‪ 17‬ماي ‪.2012‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.58‬صادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بنشر اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد الموقعة بنيويورك في ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،2003‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5596‬بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪.2008‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.225‬صادر في يونيو ‪ 2000‬بتنفيذ القانون ‪ 06.99‬المتعلق بحرية‬


‫األسعار والمنافسة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4810‬بتاريخ ‪ 6‬يوليوز ‪.2000‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.01.298‬صادر في ‪ 9‬دجنبر ‪ 2001‬بإحداث مؤسسة ديوان المظالم‪،‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 4963‬بتاريخ ‪ 24‬دجنبر ‪.2001‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.25‬صادر في ‪ 17‬مارس ‪ 2011‬بإحداث مؤسسة الوسيط‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 5926‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪.2011‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.79‬صادر في ‪ 17‬أبريل ‪ 2007‬بتنفيذ القانون ‪ 43.05‬المتعلق‬


‫بمكافحة غسل األموال‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5222‬بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪.2007‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.02‬بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ 2011‬المعدل للقانون ‪ 43.05‬المتعلق بمكافحة‬


‫غسل األموال‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5911‬بتاريخ ‪ 24‬يناير ‪.2011‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.199‬صادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 52.06‬المغير‬


‫والمتمم للقانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5679‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر‬
‫‪.2008‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.170‬صادر في ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪58.11‬‬


‫المتعلق بمحكمة النقض‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫‪485‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.143‬صادر في ‪ 7‬دجنبر ‪ 1992‬بتنفيذ القانون ‪ 25.92‬المتعلق‬
‫بإقرار موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة‪،‬‬
‫وأعضاء مجلس النواب والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يمتلكونها أو‬
‫يملكها أوالدهم القاصرون‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4184‬بتاريخ ‪ 6‬يناير ‪.1993‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.202‬صادر في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2008‬بتنفيذ القانون رقم ‪54.06‬‬


‫المتعلق بإحداث التصريح اإلجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية‪ ،‬وبعض‬
‫فئات الموظفين أو األعوان العموميين بممتلكاتهم‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5679‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪.2008‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.12.20‬صادر في ‪ 17‬يوليوز ‪ 2012‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪02.12‬‬
‫المتعلق بالتعيين في المناصب العليا‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6066‬بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪.2012‬‬

‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.255‬صادر بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 2004‬القاضي بتنفيذ القانون المالي‬
‫رقم ‪ 26.04‬للسنة المالية ‪ 2005‬والقاضي بإحداث الحساب الخصوصي المبادرة الوطنية للتنمية‬
‫البشرية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5338‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪.2005‬‬
‫‪ -2‬المــــــراســـيــــم ‪:‬‬
‫✓ المرسوم الملكي رقم ‪ 330.66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بين نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 2843‬بتاريخ ‪ 26‬أبريل ‪.1967‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬صادر في ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات‬


‫المحلية ومجموعاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪.2010‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.98.401‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 4688‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪.1999‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.00.182‬صادر في ‪ 20‬يونيو ‪ 2000‬المغير والمتمم للمرسوم رقم ‪2.98.401‬‬


‫المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4808‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪.2000‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.06.388‬صادر في ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات‬
‫الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5518‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2007‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.78.539‬صادر في ‪ 22‬نونبر ‪ 1978‬المنظم الختصاصات و ازرة االقتصاد‬


‫والمالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3450‬بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪.1978‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬صادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬المتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري‬

‫‪486‬‬
‫بالممتلكات ووصل التسلم والحد األدنى لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 5813‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪.2010‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.06.52‬صادر في ‪ 13‬فبراير ‪ 2006‬المتعلق بإلحاق المراقبة العامة لاللتزام‬


‫بنفقات الدولة بالخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وبتحويل اختصاصات المراقب العام لاللتزام بنفقات‬
‫الدولة إلى الخازن العام للمملكة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5397‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2006‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.00.292‬صادر في ‪ 20‬نونبر ‪ 2000‬المتمم والمغير للمرسوم الملكي رقم‬


‫‪ 330.66‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬المتعلق بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪4808‬‬
‫بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪.2000‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.64.167‬صادر بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪ 1964‬المتعلق بإلحاق القباض بالخزينة‪،‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 2704‬بتاريخ ‪ 26‬غشت ‪.1964‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.88.485‬صادر في ‪ 8‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بتطبيق ظهير ‪ 9‬نونبر ‪1942‬‬


‫الخاص بأداء اليمين من طرف المحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4036‬بتاريخ ‪ 7‬مارس‬
‫‪.1990‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.03.602‬صادر في ‪ 24‬يونيو ‪ 2004‬المتعلق بتطبيق المادة ‪ 9‬من قانون‬


‫‪ 61.99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 5230‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪.2004‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.09.97‬صادر في ‪ 25‬أكتوبر ‪ 2010‬بتطبيق القانون رقم ‪ 27.06‬المتعلق‬


‫بأعمال الحراسة ونقل األموال‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5888‬بتاريخ ‪ 4‬نونبر ‪.2010‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.07.1235‬صادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 5682‬بتاريخ ‪ 13‬نونبر ‪.2008‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.76.576‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬بسن نظام محاسبة الجماعات‬


‫المحلية وهيئاتها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3335‬بتاريخ فاتح أكتوبر ‪.1976‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.12.127‬صادر في ‪ 7‬مارس ‪ 2012‬بشأن اختصاصات وزير االقتصاد والمالية‬


‫والوزير المنتدب لدى وزير االقتصاد والمالية المكلف بالميزانية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6029‬بتاريخ ‪12‬‬
‫مارس ‪.2012‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.11.745‬صادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2011‬المتعلق بفتح االعتمادات الالزمة لسير‬

‫‪487‬‬
‫المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6008‬مكرر بتاريخ فاتح يناير ‪.2012‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.12.124‬صادر في ‪ 9‬مارس ‪ 2012‬بشأن دعوة مجلس النواب ومجلس‬


‫المستشارين لعقد دورة استثنائية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6029‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪.2012‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.07.995‬صادر في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة‬


‫االقتصاد والمالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5680‬بتاريخ ‪ 6‬نونبر ‪.2008‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.04.161‬صادر في ‪ 2‬يوليوز ‪ 2004‬بتحديد كيفيات ممارسة سلطة الحلول‪،‬‬


‫ج‪.‬ر عدد ‪ 5230‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪.2004‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.10.293‬صادر في ‪ 29‬يونيو ‪ 2010‬القاضي بعزل السيد أحمد البوزيدي رئيس‬
‫مجلس جماعة سيدي حجاج واد حصار بإقليم مديونة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5856‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز‬
‫‪.2010‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.02.580‬صادر في ‪ 06‬غشت ‪ 2002‬القاضي بعزل رئيس مجلس جماعة قلعة‬
‫السراغنة السيد أحمد رحافي البوهالي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5031‬بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪.2002‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.11.212‬صادر بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ 2011‬بشأن المفتشيات العامة للو ازرات‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ 5960‬بتاريخ ‪ 14‬يوليوز ‪.2011‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.64.164‬صادر في ‪ 14‬نونبر ‪ 1963‬المتعلق بالمناصب العليا‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪87‬‬
‫لسنة ‪.1963‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.04.471‬صادر في ‪ 15‬شتنبر ‪ 2004‬المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون‬


‫الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5248‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪.2004‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.11.445‬صادر في ‪ 4‬نونبر ‪ 2011‬المتعلق بتحديد عدد محاكم االستئناف‬


‫المحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5995‬بتاريخ ‪ 14‬نونبر‬
‫‪.2011‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.02.701‬بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪ 2003‬المتعلق بتحديد عدد المجالس الجهوية‬


‫للحسابات وتسميتها ومقارها ودوائر اختصاصها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5080‬بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪.2003‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.07.1237‬صادر في ‪ 26‬ماي ‪ 2009‬بتغيير المرسوم الملكي رقم ‪330.66‬‬


‫الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5744‬بتاريخ‬
‫‪ 18‬يونيو ‪.2009‬‬

‫‪488‬‬
‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.01.2678‬صادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2001‬القاضي بتغيير وتتميم المرسوم رقم‬
‫‪ 2.75.839‬الصادر في ‪ 30‬دجنبر ‪ 1975‬بشأن مراقبة االلتزام بنفقات الدولة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪4965‬‬
‫بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.2001‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.05.1228‬صادر في ‪ 13‬مارس ‪ 2007‬المحدث للهيئة المركزية للوقاية من‬


‫الرشوة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5513‬بتاريخ ‪ 02‬أبريل ‪.2007‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.00.854‬صادر في ‪ 17‬شتنبر ‪ 2001‬بتطبيق القانون رقم ‪ 06.99‬المتعلق‬


‫بحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4938‬بتاريخ ‪ 27‬شتنبر ‪.2001‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 1.99.1087‬الصادر في ‪ 4‬ماي ‪ 2000‬المتعلق بتطبيق الشروط اإلدارية العامة‬


‫في مجال الصفقات العمومية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4800‬بتاريخ ‪ 01‬يونيو ‪.2000‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬صادر في ‪ 8‬دجنبر ‪ 2009‬المتعلق بتحديد نموذج التصريح اإلجباري‬


‫بالممتلكات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5813‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪.2010‬‬

‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.05.1017‬بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪ 2005‬المتعلق بمساطر تنفيذ نفقات الحساب‬


‫الخصوصي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5338‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪.2005‬‬
‫‪ -3‬منــاشــيــر ومـــذكــــرات و دوريــات ‪:‬‬
‫‪ -1‬المـــنــاشـــير‬
‫✓ منشور الوزير األول عدد ‪ 37/98‬بتاريخ ‪ 31‬غشت ‪ 1998‬بشأن تنفيذ األحكام والق اررات‬
‫القضائية‪.‬‬

‫✓ منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/01‬صادر بتاريخ ‪ 4‬فبراير ‪ 2008‬حول تنفيذ األحكام والق اررات‬
‫القضائية ورصد االعتمادات الالزمة لذلك‪.‬‬

‫✓ منشور الوزير األول رقم ‪ 12.01‬بتاريخ ‪ 25‬دجنبر ‪ 2001‬حول مالءمة برمجة ميزانية الدولة‬
‫وتنفيذها مع الالتركيز‪.‬‬

‫✓ منشور الوزير األول رقم ‪ 2002/13‬بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪ 2002‬حول سير أشغال مجالس اإلدارة‬
‫ومجالس الرقابة واألجهزة التداولية األخرى للمؤسسات والمنشآت العامة‪.‬‬

‫✓ منشور الوزير األول رقم ‪ 2010/03‬حول التصريح اإلجباري بالممتلكات بتاريخ ‪ 10‬مارس‬
‫‪.2010‬‬

‫✓ منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2011/9‬حول مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2012‬بتاريخ ‪ 29‬غشت‬

‫‪489‬‬
‫‪.2011‬‬

‫✓ منشور األمين العام للحكومة رقم ‪ 2012/01‬حول التصريح اإلجباري بالممتلكات بتاريخ ‪20‬‬
‫فبراير ‪ 2012‬وكذلك المنشور رقم ‪ 2012/02‬تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 158‬من دستور ‪2011‬‬
‫حول كيفيات التصريح اإلجباري بالممتلكات‪.‬‬

‫✓ منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/5‬حول تفعيل توصيات تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم‬
‫سنة ‪ 2010‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪.2012‬‬

‫✓ منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/14‬حول تدبير مباريات التوظيف في المناصب العمومية‬
‫بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪.2012‬‬

‫✓ منشور الوزير األول رقم ‪ 2008/20‬حول إصالح نظام مراقبة نفقات الدولة بتاريخ ‪ 26‬دجنبر‬
‫‪.2008‬‬

‫✓ منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/03‬حول حكامة المؤسسات والمنشآت العامة بتاريخ ‪19‬‬
‫مارس ‪.2012‬‬

‫‪ -2‬المـــذكــرات‪.‬‬

‫✓ مذكرة الخزينة العامة للمملكة رقم ‪ 116‬خ‪.‬ع‪.‬م بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 1999‬حول سقوط حق‬
‫المحاسبين في التحصيل الجبري‪.‬‬

‫✓ مذكرة مصلحية رقم ‪ 17‬بتاريخ فاتح مارس ‪ 2000‬صادرة عن الخزينة العامة للمملكة حول‬
‫التسهيالت في األداء‪.‬‬

‫✓ مذكرة مصلحية رقم ‪/127‬س‪.‬ب صادرة بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ 1988‬المحددة لسقف األداء النقدي‪.‬‬

‫✓ مذكرة وزير الداخلية عدد ‪ 137‬حول رفض الموافقة على ميزانيات الجماعات القروية بتاريخ‬
‫‪.1999/10/28‬‬

‫✓ المذكرة الموجهة من طرف وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2/2335‬بتاريخ ‪ 20‬ماي‪.2008‬‬

‫✓ مذكرة مديرية المنشآت العامة والخوصصة رقم ‪ 2.1640‬بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪.2008‬‬

‫✓ مذكرة إخبارية حول اإلصالح الجذري للسلطات العمومية‪ ،‬إصدار و ازرة االقتصاد والمالية مديرية‬
‫الميزانية‪ ،‬قسم إصالح وتتبع تنفيذ الميزانية‪ ،‬مصلحة إصالح الميزانية لسنة ‪.2011‬‬

‫✓ اتفاقية فاتح يناير ‪ 1990‬المتعلقة بتأمين محاسبي الخزينة العامة ضد مخاطر التسيير‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫‪ -3‬الــدوريــات‪.‬‬

‫✓ دورية وزير الداخلية حول إعداد ميزانيات الجماعات المحلية لسنة ‪ 2007‬عدد ‪ ،94‬م‪.‬ع‪.‬ج‪.‬م‬
‫بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪.2006‬‬

‫✓ دورية وزير المالية واالقتصاد والخوصصة والسياحة رقم ‪ 483E‬بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ 2002‬حول‬
‫تطبيق المادة ‪ 17‬المكررة من المرسوم ‪ 2.98.401‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 1999‬حول إعداد‬
‫وتنفيذ قوانين المالية‪.‬‬

‫✓ الدورية القانونية عدد ‪ 3‬و‪ 4‬أكتوبر نونبر ‪.1992‬‬

‫✓ تعليمة وزير المالية لسنة ‪ 1969‬المتعلقة بتسيير وكالة المصاريف ووكالة المداخيل العمومية‬
‫للدولة‪.‬‬

‫✓ دراسة تقييم تدبير أنظمة المالية العمومية من إعداد فريق العمل لو ازرة المالية والخوصصة‬
‫بالمغرب والبنك الدولي‪ ،‬مارس ‪.2007‬‬

‫✓ مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 77‬و‪ 78‬يناير‪ ،‬فبراير‪ ،‬مارس وأبريل ‪.1997‬‬

‫✓ مجلة المالية‪ ،‬الملحق العربي‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مارس ‪2005‬‬

‫✓ مجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬اإلصدار الرقمي دجنبر ‪ ،2004‬العدد ‪61‬‬

‫✓ المجلة التونسية للمحاسبة‪ ،‬قانون عدد ‪ 81‬لسنة ‪ 1973‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪.1973‬‬

‫✓ مجلة المالية العدد ‪ 14‬يونيو ‪ 2011‬حول قانون مالية ‪.2011‬‬

‫✓ مجلة القضاء والقانون عدد ‪ 127‬بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪.1978‬‬

‫✓ مجلة رسالة المحاماة عدد ‪ ،25‬سنة ‪.2005‬‬

‫✓ مجلة المالية‪ ،‬الملحق العربي‪ ،‬العدد ‪ 4‬يونيو ‪.2006‬‬

‫✓ منشورات دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ 10‬السنة ‪.2005‬‬

‫✓ ميزانية الدولة‪ ،‬و ازرة المالية والخصوصة‪ ،‬يوليوز ‪.2003‬‬

‫✓ نشرة جمعية المحاسبين العموميين للخزينة العامة للمملكة بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪2000‬‬

‫✓ دراسة تقييم تدبير أنظمة المالية العمومية من إعداد فريق العمل لو ازرة المالية والخوصصة‬
‫بالمغرب والبنك الدولي‪ ،‬مارس ‪.2007‬‬

‫‪491‬‬
‫‪ -4‬الــتـقـاريـر‬

‫✓ التقرير السنوي حول تنفيذ قانون المالية لسنة ‪ 2006‬الخاص بالتصريح العام بمطابقة حسابات‬
‫المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5822‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬

‫✓ تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان بمجلس النواب حول مشروع قانون ‪ 62-99‬المتعلق‬
‫بالمحاكم المالية‪.‬‬

‫✓ تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6032‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬مارس‬
‫‪.2012‬‬

‫✓ تقرير و ازرة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬حصيلة وآفاق ‪.1991-1977‬‬

‫✓ تقرير حول حصيلة األمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2012‬المنشور على موقعها اإللكتروني‪.‬‬

‫✓ تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5401‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪.2006‬‬

‫✓ تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2007‬‬

‫✓ تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2008‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5823‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2010‬‬

‫✓ تقرير المجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ ،2009‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5912‬بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪.2011‬‬

‫✓ التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2010‬‬

‫✓ التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2011‬‬

‫✓ تقرير حول مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2011‬الجزء الثالث‪ ،‬حكامة المنشآت العامة و ازرة‬
‫االقتصاد والمالية‪.‬‬

‫✓ تقرير مقدم إلى رئيس الجمهورية الفرنسية‪ ،‬فبراير ‪ 2011‬من طرف محكمة التأديب المتعلق‬
‫الميزانية والشؤون المالية برسم سنة ‪.2010‬‬

‫✓ تقرير حول اللقاء العلمي الذي نظمه مركز األبحاث والدراسات حول الرقابة والمحاسبة ومكافحة‬
‫الفساد بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪ 2012‬بمقر هيئة المحامين بالرباط‪.‬‬

‫✓ تقرير لجنة المالية والتنمية االقتصادية بمجلس النواب‪ ،‬حول مشروع القانون المالي رقم ‪22-12‬‬
‫للسنة المالية ‪.2012‬‬

‫✓ تقرير حول مشروع قانون التصفية للسنة المالية ‪.2006‬‬

‫‪492‬‬
‫✓ التقرير الوطني حول دعم النزاهة ومحاربة الرشوة ‪ 2012-2010‬من إعداد و ازرة تحديث‬
‫القطاعات العامة‪ ،‬مطبعة الرسالة‪ ،‬أكتوبر ‪.2011‬‬

‫✓ التقرير السنوي للهيأة المركزية للوقاية من الرشوة لسنة ‪ 2012‬للفترة ‪.2011-2010‬‬

‫✓ التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لسنة ‪.2011‬‬

‫✓ تقرير المنظمة الدولية لتدقيق الحسابات واالستشارة لسنة ‪.2012‬‬

‫✓ تقرير مؤسسة الوسيط برسم سنة ‪ 2011‬المرفوع إلى جاللة الملك‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6081‬بتاريخ ‪10‬‬
‫شتنبر ‪.2012‬‬

‫تنظيم‬ ‫✓ تقرير حول المناظرة الوطنية حول نظام تدبير الصفقات العمومية‪ ،‬واقع وآفاق من‬
‫الخزينة العامة للمملكة يومي ‪ 20‬و‪ 21‬أبريل ‪ 2009‬بالرباط‪.‬‬

‫✓ تقرير ‪ 50‬سنة من التنمية البشرية بالمغرب لسنة ‪.2008‬‬

‫✓ الملخص التنفيذي لتقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة‪.2011-2010 ،‬‬

‫‪ -‬نـدوات و أيــام دراسـيـة‪:‬‬

‫✓ الندوة الدولية حول الحكامة الجديدة للمالية العمومية بالمغرب وفرنسا أية آفاق ؟ يومي ‪ 18‬و‪19‬‬
‫شتنبر ‪ 2010‬بالرباط‪.‬‬

‫✓ اليوم الدراسي حول إصالح القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬من تنظيم لجنة المالية والتنمية االقتصادية‬
‫بمجلس النواب يوم ‪ 12‬يونيو ‪ 2012‬بالرباط‪.‬‬

‫✓ األيام الدراسية حول "انسجام المالية العمومية في المغرب وفرنسا من تنظيم و ازرة االقتصاد‬
‫والمالية وجمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية والمجموعة األوروبية للبحوث في المالية‬
‫العمومية يومي ‪ 09‬و‪ 10‬شتنبر ‪ 2011‬بالرباط‪.‬‬

‫✓ جلسة العمل التي جمعت وزير االقتصاد والمالية ومفتشي المفتشية العامة للمالية يوم ‪ 20‬فبراير‬
‫‪ 2012‬حول سبل االرتقاء بعمل المفتشية العامة للمالية على ضوء مقتضيات الدستور الجديد‪.‬‬

‫✓ الحوار الوطني حول اإلعالم والمجتمع المنظم بالبرلمان بتاريخ ‪ 28‬يناير ‪.2010‬‬

‫‪ -5‬خطب ملكية و مراجع خاصة‪.‬‬

‫✓ الخطاب الملكي بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪.2010‬‬

‫‪493‬‬
‫✓ الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية الخامسة بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر‬
‫‪.2011‬‬

‫✓ الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪ 2011‬المنشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية عدد‬
‫‪2011/241‬‬

‫✓ قانون المحاسبة الجزائري المؤرخ في ‪ 5‬ماي ‪ ،1990‬مرسوم تنفيذي رقم ‪.108.93‬‬

‫✓ قانون المالية لسنة ‪ 2008‬رقم ‪ 38.07‬بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ ،2007‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5591‬بتاريخ ‪31‬‬
‫دجنبر ‪.2007‬‬

‫✓ مشروع القانون المالي لسنة ‪ 2013‬المنشور على موقع و ازرة االقتصاد والمالية‪.‬‬

‫✓ نظرة عامة عن قانون ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات‬
‫أخرى‪ ،‬و ازرة االقتصاد والمالية والخوصصة‪ ،‬مديرية المنشآت العامة والخوصصة‪.‬‬

‫✓ دليل إصالح الميزانية‪ ،‬و ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬مديرية الميزانية‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬

‫✓ ميزانية المواطن‪ ،‬دليل المواطن لقانون المالية لسنة ‪ ،2012‬و ازرة االقتصاد والمالية‪.‬‬

‫✓ النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة ‪.1998‬‬

‫✓ مدونة الشغل رقم ‪ 65.99‬المنشورة بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5167‬بتاريخ ‪ 8‬دجنبر ‪.2003‬‬
‫‪ -‬قــرارات وأحــكــام قــضــائـيـة ‪:‬‬
‫‪ -1‬الــقـــــرارات‬
‫✓ قرار وزير المالية والخوصصة رقم ‪ 07.1272‬الصادر في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2007‬حول قائمة النفقات‬
‫التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5550‬بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪.2007‬‬

‫✓ قرار الوزير األول رقم ‪ 3.87.09‬صادر في ‪ 11‬فبراير ‪ 2010‬حول الحد األدنى لقيمة األموال‬
‫المنقولة الواجب التصريح بها من طرف الخاضعين للتصريح اإلجباري بالممتلكات‪.‬‬

‫✓ قرار وزير االقتصاد و المالية رقم ‪ 780/12‬بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 2012‬بتحديد قائمة الوثائق و‬
‫المستندات المثبتة ألداء نفقات المؤسسات العمومية الخاضعة للمراقبة القبلية و النوعية‪.‬‬

‫✓ قرار رقم ‪ 2008/728‬صادر في ‪ 29‬دجنبر ‪ ،2008‬قرار المجلس الدستوري حول الرقابة على‬
‫دستورية قانون المالية لسنة ‪ ،2009‬قرار منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5695‬مكرر بتاريخ ‪31‬‬
‫دجنبر ‪.2008‬‬

‫‪494‬‬
‫✓ قرار وزير العدل رقم ‪ 55-10‬وقرار رقم ‪ 56-10‬صادر في ‪ 6‬يناير ‪ 2010‬بتفويض اإلمضاء‬
‫والمصادقة على الصفقات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5811‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪.2010‬‬

‫✓ قرار وزير الداخلية رقم ‪ 1412.10‬صادر في ‪ 28‬أبريل ‪ 2010‬بتفويض اإلمضاء إلى الكاتب‬
‫العام إلقليم بوجدور نيابة عن وزير الداخلية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5842‬بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪.2010‬‬

‫✓ قرار رقم ‪ 826-12‬بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪ 2012‬وقرار رقم ‪ 827-12‬بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 2012‬حول‬


‫حاالت التنافي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6014‬بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪.2012‬‬

‫✓ قرار الوزير األول رقم ‪ 3.19.10‬صادر في ‪ 26‬أبريل ‪ 2010‬حول تعيين آمر بالصرف مساعد‬
‫ونائبا عنه وتفويض السلطة فيما يتعلق بإدارة الدفاع الوطني‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5849‬بتاريخ ‪ 20‬ماي‬
‫‪.2010‬‬

‫✓ قرار عدد ‪ 886‬بتاريخ ‪ 11‬دجنبر ‪ 2003‬للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ملف إداري عدد‬
‫‪ 2001/1/4/1380‬حول الحصانة البرلمانية‪.‬‬

‫✓ قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 1078.09‬صادر في ‪ 23‬أبريل ‪2009‬‬
‫المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد لألحزاب السياسية‪.‬‬

‫✓ قرار المجلس الدستوري بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪ 2009‬في ق ارره رقم ‪ 2009-783‬حول تجريد أحد‬
‫األشخاص من عضويته في مجلس المستشارين على إثر صدور حكم قضائي في ملف جنحي‬
‫تلبسي‪.‬‬

‫✓ قرار رقم ‪ 3459.12‬لعامل إقليم موالي يعقوب القاضي بإقالة أعضاء بالجماعة القروية سيدي‬
‫داود وسبع رواضي‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 6101‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪.2012‬‬

‫✓ قرار المجلس األعلى عدد ‪597‬ب‪/‬ل بتاريخ ‪ 09‬يونيو ‪ 2004‬حول الصفقات العمومية وقواعد‬
‫االلتزام بالنفقات‪.‬‬

‫✓ قرار وزير المالية والخوصصة رقم ‪ 1568.09‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪ 2009‬المغير لقائمة النفقات‬
‫التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5754‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪.2009‬‬

‫✓ قرار الوزير األول رقم ‪ 311.10‬صادر في ‪ 6‬أبريل ‪ 2010‬القاضي بتعيين قاضي لرئاسة اللجنة‬
‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5835‬بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪.2010‬‬

‫✓ قرار وزير االقتصاد والمالية والخوصصة والسياحة رقم ‪ 758.01‬بتاريخ ‪ 10‬أبريل ‪2001‬‬

‫‪495‬‬
‫القاضي بتغيير القرار رقم ‪ 681.67‬المتعلق بتحديد قائمة النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر‬
‫سابق بصرفها‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4898‬بتاريخ ‪ 10‬ماي ‪.2001‬‬

‫✓ القرار المشترك لوزير الدولة في الداخلية ووزير المالية رقم ‪ 340.77‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪1977‬‬
‫حول تحديد قائمة نفقات الجماعات المحلية وهيئاتها الممكن أداؤها دون وضع حوالة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 3368‬بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪.1977‬‬

‫✓ قرار وزير الداخلية رقم ‪ 1173.02‬بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ 2002‬القاضي بتوقيف رئيس جماعة آيت‬
‫عيسى إقليم الصويرة‪.‬‬

‫✓ قرار وزير الداخلية رقم ‪ 91.89‬بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 1986‬القاضي بتوقيف محمد الوسيني رئيس‬
‫مجلس بلدية القنيطرة لمدة شهر‪.‬‬

‫✓ قرار وزير الداخلية رقم ‪ 882.08‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ 2008‬القاضي بتوقيف السيد عمر عمراوي‬
‫النائب السادس لرئيس مجلس جماعة سوق السبت أوالد النمة بإقليم بني مالل‪.‬‬

‫✓ قرار وزير الداخلية رقم ‪ 1643.08‬صادر في ‪ 29‬غشت ‪ 2008‬القاضي بتوقيف السيد أحمد‬
‫هاللي رئيس مجلس جماعة الشالالت بالمحمدية‪.‬‬

‫✓ قرار وزير االقتصاد والمالية والسياحة رقم ‪ 205‬صادر في ‪ 10‬دجنبر ‪ 2001‬حول تحديد مبلغ‬
‫السيولة الممكن االحتفاظ بها من طرف المحاسبين العموميين‪.‬‬

‫✓ قرار مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬حكم صادر بتاريخ ‪ 1946/12/20‬حول تعريف العاملين بالمرافق‬
‫العمومية‪ ،‬قرار غير منشور‪.‬‬

‫✓ قرار الغرفة األولى بالمجلس األعلى للحسابات بتاريخ ‪ 14‬ماي ‪ 1994‬ملف رقم ‪.1218/94‬‬

‫✓ قرار وزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 2292.08‬صادر في ‪ 19‬دجنبر ‪ 2008‬بتحديد النظام‬


‫المرجعي الفتحاص الكفاءة التدبيرية للمصالح اآلمرة بالصرف‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5705‬بتاريخ ‪2‬‬
‫فبراير ‪.2009‬‬

‫‪ -2‬األحــكــام القـضـائيـة‪:‬‬
‫✓ حكم إدارية الدار البيضاء عدد ‪ 105‬بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 2008‬حول الغرامة التهديدية‪.‬‬

‫✓ حكم عدد ‪ 4508‬بتاريخ ‪ 4‬يونيو ‪ 2001‬ملف جنائي عدد ‪ 1337‬صادر عن المحكمة الخاصة‬
‫للعدل‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫✓ حكم المحكمة الخاصة للعدل عدد ‪ 500‬قضية عدد ‪ 440‬بتاريخ ‪.1977/02/24‬‬

‫✓ حكم إدارية الدار البيضاء عدد ‪ 157‬بتاريخ ‪ 1995/09/25‬ملف عدد ‪.95/51‬‬

‫‪497‬‬
‫ المـراجـع بالـلـغـة الـفـرنـسيـة‬: ‫ثـــانـيـا‬
1- LES OUVRAGES GENERAUX :
✓ BENNANI (A) : " L’agent comptable au Maroc ", Edition Manuels et
travaux universitaires, 1ère édition, 1998.
✓ CADART (J) : "Institutions politiques et droit constitutionnel", L.G.D.J,
Paris, 1973.
✓ CATHENEAU (J) : "Finances publiques", Edition L.G.D.J, 1987.
✓ DUVERGET (M) : "Institutions politiques et droit constitutionnel",
P.U.F, Paris, 1970.
✓ FABRE (F.J) : "Les grands arrêts de la juridiction financière", Edition
Dalloz, année 1996.
✓ FABRE (J.F) : "Les grands arrêts de la juridiction financière", Edition
Sirey, Paris, 1996.
✓ GAUDMET (P.M) : "Finances publiques ; politique financière, "budget et
trésor", Edition Montchrestien, 1977.
✓ HARSI (A) : "La responsabilité administrative", librairie Al Maarif Al
Jadida, Fès, 2006.
✓ HARAKAT(M) : Les Finances publiques et les impératifs de la
performance ; le cas du Maroc, L’armattan, Mai 2011.
✓ HOUDRY (D) : "Gouvernance, Finances publiques et management
intégré", Edition Maghrébines, Casablanca, 2000.
✓ KHOUDRY (D) : "Le contrôle des finances de l'état au Maroc", Edition
Ediprim, 1992.
✓ LASCOMBE (M), VANDENDRIESSCHE (J.M) : droit budgétaire et
comptabilité publique, Edition Dalloz, Paris, 1997.
✓ Le TOURNEAU (PH) Loïc cadiet : Droit de la responsabilité civile,
Edition Dalloz, Paris, 1996.
✓ LOZE (M) : "Les finances de l'Etat", Edition la porte, Rabat, 1971.
✓ MAGNET (J) : "Cours des comptes et les institutions associées : Traité
de la juridiction financière et ses fonctions", Edition Berger Levrault,
2ème édition, Paris, 1971.
✓ MAGNET (J) : "Elément de la comptabilité publique", Edition L.G.D.J,
Paris, 2001.
✓ MARTINEZ (J.C), DIMALTA (P) : "Droit fiscal contemporain", LD

498
Litec, 1988.
✓ MEHL (L) et BELTRAM (P) : "Sciences et techniques fiscal", P.U.F,
Paris, 1984.
✓ MICHEL (P) : "Les finances de l'Etat : Budget-comptabilité",
Economica, 1981.
✓ MIDAOUI (A) : "Les entreprises publiques au Maroc et leur participation
au développement", Edition Afrique Orient, Casablanca, 1981.
✓ MONTAGNIER (G) : "Principes de comptabilité publique", Dalloz,
2ème éd., 1981.
✓ MUSELEC (R) : "Finances locales", Edition Dalloz, 1995.
✓ MUSELEC (R) : "Finances locales", Edition Dalloz, 2002.
✓ ORSONI (G) : " Finances publiques ", Edition publisud Paris, 1989.

✓ OUJEMAA (S) : " Le contrôle des finances au Maroc", Edition Wallada,


Casablanca, 1995.
✓ PAYSANT (A) : "Finances locales", P.U.F, 1993.
✓ PRADA (M), et Bargerye (M) : "La comptabilité publique", 3ème
édition, Berger Levrault, Mai 1988.
✓ SAILLARD (J) : "Les règles de la comptabilité publique", cours de
l'école nationale du Trésor à Paris, 1995.
✓ TROTABAS (L), COTTERET (J.M) : "Droit budgétaire et comptabilité
publique", Edition Dalloz, Paris, 1997.
✓ VEDEL (G) : "Institution financière", cours de droit public en licence,
Paris, 1971.
✓ VEDEL (G), DELVOLVE (P) : "Droit administratif", Edition Presse
Universitaires de France, Themis, année 1991.
✓ VEDEL (G) : "Le conseil constitutionnel français et les droits de
l'homme", In ouvrage collectif sous le thème : Le Maroc et les droits de
l'homme : Positions, réalisation et perspectives", L'Harmattan, 1994.

2- LES OUVRAGES SPECIALISES :


✓ AMSELEK (P) : "Le budget de l'Etat sous la Vème république", L.G.D.J,
1967.
✓ BENNANI (A) : "L'agent comptable au Maroc…", publication Remald,

499
1998.
✓ DIQUAL (L) : "Droit de la comptabilité publique", Edition Armand
Colin, paris, 1971.
✓ HARAKAT (M) : "Les finances publiques et les impératifs de la
performance, le cas du Maroc", L'harmattan, Mai 2011.
✓ MARTINEZ (J.C) et DIMALTA (P) : "Droit fiscal contemporain", Ld.
Litec, 1988.
✓ THEBAULT (S) : "L'ordonnateur en droit public financier", L.G.D.J,
2007.
✓ TROTABAS (L) : "Finances publiques", Dalloz, Paris 1964.

- THESES ET MEMOIRES :
1- THESES :
✓ FIKRI El (K) : "Le Parlement marocain et les finances publiques :
Recherche sur le pouvoir financier", Thèse d'Etat en droit public, Faculté
de droit, Casablanca, 1984-1985.
✓ HARSI (A) : "La responsabilité administrative", Thés de Doctorat d’Etat
en droit public, 1993-1994, université sidi med ben abdellah faculté de
droit Fès.
✓ HMIDI (H) : "La responsabilité administrative", Thèse pour le Doctorat
d'Etat en droit public, Université Mohamed V, Faculté de droit, Rabat,
1988-1989.
✓ OUJMAA (S) : le contrôle des finances publiques ou Maroc, thèse de
doctorat d'Etat, université de Paris I en droit, 1988-1989.

2- MEMOIRES :
✓ ADAOUI (Z) : "Le contrôle de la régularité du finance publique exercé
par la cour des comptes marocaine", Mémoire de D.E.S, Faculté de droit,
Université Mohamed V, Rabat, 1991-1992.
✓ EL MAHI (Z) : "La responsabilité des comptables publics, cas des
comptables du Trésor", Mémoire de D.E.S Droit public, Faculté de droit,
Université Hassan II, Casablanca, 2000-2001.
✓ LMIMOUNI(M):"Les pouvoirs du Trésorier Général au Maroc",
Mémoire de D.E.S, Faculté de droit, université med V, Rabat, 1986-1987.
✓ MEDDAH (M) : "Le comptable public, son statut et sa responsabilité",
500
Mémoire du cycle supérieur de l'ENAP, Rabat, 1981.
✓ OUTERHZOUT (H) : "Budget communal", Mémoire de D.E.S, ENA,
1980-1981.
✓ ZONON (A) : "L'étendue du pouvoir de décision de l'ordonnateur dans
l'autonomie financière du Budget des collectivités locales", Mémoire de
fin de formation, E.N.A, France, 1998-1999.

- ARTICLES :
✓ ABATE (B) : « Faut-il changer la gestion de l’Etat ? », in réforme des
finances publiques, Revue française de finances publique, N°73, Janvier
2001p : 80
✓ Ben ABDELLAH (M.A) : "Ethique et administration", REMALD, n°48-
49, 2003 p : 10 et suite.
✓ BENNANI (A) : "La réforme budgétaire et la responsabilisation des
ordonnateurs", Revue Al Malya n°3, numéro spécial, Février 2007 p : 36.
✓ BOUVIER (M) : "La gestion de fait", Revue française de finances
publiques n°66, 1999 p : 2.
✓ BOUVIER (M) et autres : « Manuel des finances publiques », L.G.D.J,
Paris, 1995 p : 332.
✓ BRAHIMI (M) : "La cour des comptes au Maroc", revue juridique,
politique, économique au Maroc, N°13-14/1993, Rabat p : 120.
✓ CATTORI-JONVILLE (V) : "Aux origines de la gestion de fait gestion
occulte", Revue française de finances publiques, n°66, Juin 1999 p : 11.
✓ CHAPUS (R) : Responsabilité publique et responsabilité privée, les
influences réciproques des jurisprudences administratifs et judiciaires,
Paris, L.G.D.J, 1983 p : 202 et suite.
✓ EL YAAGOUBI (M) : "L'inexécution des décisions de justice
administrative une atteinte intolérable aux droits de l'homme",
REMALD, n°28, Juillet et Septembre 1999 p : 66 et suite.
✓ EVELYNE (W) : "Préparation et exécution du budget de la cour
constitutionnelle, atelier : Le budget de la cour constitutionnelle, contrôle
et gestion", Kiew UKRAINE, 19-21 Janvier 1998 p : 7.
✓ HADDAD (A) : "Le régisseur et son rôle en matière de gestion des
recettes", REMALD, n° double 84-85, Janvier-Avril 2009 p : 115.
✓ HMIDI (H) : "L'exécution des dépenses publiques par voie de régie",
REMALD, n°17, Octobre-Décembre 1996 p : 110.
501
✓ HERTZOG (R) : "Définir les obligations de l'administrateur moderne
pour rénover la responsabilité des ordonnateurs", in R.F.F.P n°92,
Novembre 2005 p : 133 et suite.
✓ HERTZOG (R) : "La responsabilité politique de l'ordonnateur
comptabilité publique continuité et modernité", Colloque tenu à Bercy 25
et 26 Novembre 1993 cheff 1995 p : 302.
✓ HERTZOG (R) : "Le nécessaire réforme de la procédure de gestion de
fait", R.F.F.P, n°66, Juin 1999 p : 94.
✓ L'HORTY (C) : "Pour une nouvelle approche des rapports entre
ordonnateurs et comptables", Revue du Trésor n°2, Février 1996 p : 75.
✓ LISE-ANNE (H) : "Rôles et responsabilités du chef d'établissement et du
comptable en matière de gestion comptable", Circulaire n°2202 du
19/02/2008.p :3
✓ LOUDIYI (A) : "La réforme du contrôle de la dépense publique", Revue
Al Malya, n°3, numéro spécial, Février 2007.P :8
✓ LUDWIG (R) : "Nature juridique et étendue des attributions de
l'ordonnateur secondaire", R.S.F, 1965 p : 673.
✓ MAGNET (J) : "Elément de la comptabilité publique", Edition L.G.D.J,
Paris, 2001 pp : 38- 163.
✓ MAGNET (J) : "le ministère public prés de la cour des comptes", in
R.F.D.P.S.P, 1973.
✓ MAGNET (J) : "Le recouvrement", R.F.F.P, N°07, Edition L.G.D.J,
1984.p :312
✓ MAGNET (J) : "Le recouvrement…", revue française des finances
publiques, Edition L.G.D.J, Paris, 1984 p : 71 et suite.
✓ MAGNET (J) : "Que juge le juge des comptes ?" in R.F.F.P n°28, 1989 p :
115.
✓ MBOUHOU (M) : "Les gestions de fait à coloration pénale", La revue de
Trésor n°8-9, Août-Septembre 2003 pp : 518 - 524.
✓ MELLER (M) : "Parlements : Une étude comparative sur la structure et le
fonctionnement des constitutions représentatives dans cinquante cinq
pays", P.U.F, Paris, 1966 p : 318
✓ MONTAGNIER (G) : « Le trésorier payeur Général », L.G.D.J, Paris,
1966 p : 183.
✓ MORIN (J.C) : "Gestion publique", droit public financier et droit pénal",

502
Finances publiques et droit pénal spécial R.F.F.P, N°92, novembre 2005
p : 122.
✓ MOUSSAOUI (R) : « Le nouveau dispositif du contrôle budgétaire et du
contrôle de validité des dépenses institué par le décret portant règlement
de la comptabilité publique des collectivités locales du 18 février 2010 ».
Revue de droit et d'économie N°10/2011 Tangis, Faculté de droit, Tanger
P : 9 et suite.
✓ PICAVET (G) : "La comptabilité publique, continuité et modernité",
colloque de Bercy, Edition Dalloz, 1995 p : 191.
✓ POUJADE (B) : "Etat des lieux de la responsabilité des ordonnateurs en
droit public financier aujourd'hui", R.F.F.P, n°92, Novembre 2005 p :
101.
✓ REOULES (J) : "La gestion budgétaire des collectivités locales", R.F.F.P,
n°38, 1992 p : 125.
✓ SAIDJ (L) : "Réflexions sur le principe de séparation des ordonnateurs et
des comptables", RFFP, n°41, 1993 p : 66.
✓ WALINE (P.H) : "La comptabilité publique : Quelques réflexions", in
"Comptabilité publique, Modernité et continuité", CHEFF, 1995p :504.
- PUBLICATINS OFFICIELLES :
✓ Arrêt BAS de Matour du 04 février 1988 (Cf. Recueil 1988).
✓ Arrêt n°171-603 CDBF 25 Novembre 2010 et Arrêt N°173-666 CDBF du
225 décembre 2010.
✓ Arrêt n°34919, C. Comptes, 19 décembre 2002, commune de Hillion,
ccas de Hillion.
✓ Arrêt n°35600, C. Comptes, 13 février 2003, TPG des Alpes-de-Haute-
Provence, LASCOMBE (M) et VANDENDRIESCHE (X) : Chronique
Novembre 2003, RDT.
✓ Arrêts de la cour des comptes et jugements des CRC 30 avril 2009, 4ème
chambre-département de l'Isère.
✓ Arrêts de la cour des comptes et jugements des CRC. Cf. Recueil 2008.
✓ Arrêts, jugements et communications des juridictions financières 2003,
n°4496, Edition Journaux officiels, 2005.
✓ Arrêts, jugements et communications des juridictions financières, Cour
des comptes, chambres régionales des comptes, Edition Berger, Levrault,
Paris, 1992.

503
✓ Arrêts, jugements et communications des juridictions financières, Edition
Berger Levrault, année 1989.
✓ C.E. 13 juillet 1968, Etablissement « SERFATI », R.D.P 1969.
✓ C.E. Ministre du budget, 08 juillet 1998.
✓ CE 28 Juin 1912 Manrot.S.1913 L.G.D.J.
✓ CE, 23 Juillet 1909 et 22 Juillet 1910.S.1911.3.121 note M. Hauriou.
✓ CE, 3 Février 1911 arrêt Anguet GAJA.
✓ Cf. Recueil 2007.
✓ cour des comptes, 25 Mai 2000, sivu de la cote ouest, Revue du trésor
2001.
✓ Journal officiel de la République Française, Edition de Juillet 1962.
✓ Rapport de la cour de discipline budgétaire et financière, présenté au
Président de la République française, année 2010.
✓ Le rapport présenté au président de la République française par la cour de
discipline budgétaire et financière en février 2011.
✓ Le rapport présenté au président de la République française par la cour de
discipline budgétaire et financière en février 2013.
✓ Ordonnance du Roi concernant la comptabilité et la justification des
dépenses publiques, du 14 septembre 1822.
✓ Ordonnance du Roi portant règlement général sur la comptabilité
publique du 31 Mai 1838.
- LES TEXTES JURIDIQUES ET REGLEMENTAIRES :
1- LOI :
✓ la loi n°63-156 du 23 février 1963 portant loi de finance pour l'année
1963 fixant la responsabilité des comptables publics en France.
✓ Loi n°80-539 du 16 juillet 1980 relative aux astreintes prononcés en
matière administrative et à l'exécution des jugements par les personnes
morales de droit public.
✓ Loi n°2002-276 du 27 février 2002 paru au J.O. n°50 du 28 février 2002
concernant la loi sur la démocratie de la proximité du 27 février 2002.
✓ loi n°1771-2006 du 30 décembre 2006 qui a modifié l'article 60 de la loi
du 23 février 1963, en France.
✓ Loi n°48-1484 du 25 septembre 1948 plusieurs fois modifié avant sa
codification en 1995 par loi n°95-851 du 24 juillet 1995 en France.

504
✓ loi n°80-539 du 16 juillet 1980, relative à l’application des décisions de
justice.
2- DAHIR :
✓ Dahir n°1-57-068 du 10 Avril 1957 relatif aux délégations de signature
des ministres, secrétaires d'Etat et sous-secrétaires d’état délégués.
✓ Dahir du 28 février 1915 concernant le recouvrement des débets des
comptables. B.O. du 29 mars 1915.
✓ Dahir du 20 Avril 1925 sur le cautionnement des comptables publics.
✓ Dahir du 14/06/1941 relatif à la saisie-arrêt et à la cession des traitements
appointements, soldes et salaires des fonctionnaires de l'Etat, des
municipalités, des offices et établissements publics tel qu'il a été modifié
et complété. B.O. du 22 Août 1941.
3- DECRET :
✓ Décret n°62-1587 du 29 Décembre 1962 portant règlement général de la
comptabilité publique en France, J.O. 30 Déc. 1962.
✓ Décret Royale n°330-66 du 21 avril 1967 portant règlement général de
comptabilité publique.
✓ Décret 2-79-512 du 12 Mai 1980.
✓ Décret 97-1259 du 29 décembre 1997 concernant l'exception la
séparation entre ordonnateur et comptable en France.
✓ Décret du Parlement Wallon, M.B. du 12 Août 2004, et M.B. du 22 mars
2005, Code de la démocratie locale et de la décentralisation de la
Belgique,
✓ Décret n°472-62-2 du 20 décembre 1963 fixant la compétence du chef
des perceptions en matière d’apurement des comptes des collectivités
publiques. B.O. n°2670 du 27/11/1973.
✓ Décret n°2005-677 du 17 juin 2005 modifiant le livre III du code des
juridictions financières. Jorf n°141 du 18 juin 2005.
- LES DOCUMENTS DIVERS :
✓ Al Khazina, Revue de la trésorerie générale du Royaume, n°2, Avril
2004, p : 19.
✓ Note de service n°02/TP/ONOUSC du 16 février 2004 adressée aux
régisseurs de dépenses de l'O.N.O.U.S.C par le Trésorier payeur.
✓ Police d'assurance n°90-200-075 du 1èr janvier 1990.
✓ Circulaire conjointe du Ministère de l'agriculture du développement rural
505
et des eaux et forêts, Ministère de l'économie, des finances, de la
privatisation et du tourisme relative à l'hypothèque du Trésor n°25 (25
mars 2002).
✓ Décision du Ministre des Finances et de la Privatisation et du Tourisme
n°01/1973 du 28 Septembre 2001 sur la Nomenclature de pièces
justificatives de dépenses et de recettes de l'Etat.
✓ Note de service du trésorier général du royaume, N°178/DER du
09/08/1990 relative aux nouvelles polices d’Assurances
✓ Comptabilité publique et exécution budgétaire, Brochure O.N.U, 1952,
N°VXI, p : 3.
✓ Dictionnaire Encyclopédique Illustré, édition Hachette, Paris, 1996.
✓ Note de service n°1459/DC GAC du 21/05/1993.
✓ Note du Trésorier Général du Royaume n°2190/DCGAC du 09/11/1990.
✓ Décision du Ministre des Finances n°126/DCP du 4 octobre 1982.
✓ Note de service du Trésorier Général du Royaume N°603 DCG. AC du
04/06/1990.
✓ Instruction du Ministre des Finances du 15/12/1970 sur l'application du
principe de la séparation entre ordonnateurs et comptables publics.
✓ Note de service du Ministère des finances n°312 I.S.C du 4 mars 1982.
✓ Note du trésorier général, relative au visa et exécution des budgets des
collectivités locales pour l'année 2002, n°27 du 04/01/2002.
✓ Note de service n°1451 du 21 Mai 1993 établie conjointement entre la
Trésorerie Générale du Royaume et la Cour des comptes sur la
Nomenclature de pièces justificatives des dépenses et des recettes des
collectivités locales et de leurs groupements.
✓ Note n°03/0821 du Ministre des finances en Juin 1981 et Note de service
du Trésorier Général du Royaume n°252/D.C.P. du 09/12/1981 relative à
l'apurement par les comptables des retenues d'oppositions juridiques.
✓ Note n°34/DCP du Trésorier Général du Royaume en date de 20
février1987 relatif au contrôle de validité des dépenses publiques par les
comptables.
✓ L'ordonnance du 14 Septembre 1822 concernant la séparation de la
catégorie des ordonnateurs et la catégorie des comptables.
✓ Instruction du Ministre des finances du 15/12/1970 sur l'application du
principe de la séparation entre ordonnateur et comptable.

506
✓ l'instruction du Ministère des finances relative au fonctionnement des
Régies de dépenses et de recettes de l'Etat de 1969.
✓ le rapport de l'assemblée nationale sur le projet de loi n°3089 relatif à la
démocratie de proximité". Rapport n°3113 du 12 juin 2001.
✓ Note de service du Trésorier Général du Royaume n°7/1987 relative au
couverture des déficites de caisse.
✓ Note de service du Trésorier Général du Royaume de 1er juin 1999
relative aux consignes de sécurités des postes comptables.
✓ Note de service n°192 du 6 mars 1992 relative à la responsabilité et
attributions des percepteurs en matière de recouvrement.
✓ Instruction du ministre des finances du 15 décembre 1970 relative à la
comptabilité des receveurs comptables de l'enregistrement et timbre.
✓ Décision du ministre des finances n°127 DCP du 04/10/1982.
✓ Décision du ministre des finances n°128/DCP du 04/10/1982.
✓ Instruction n°161/DCP du 20 Novembre 1982 relative à la production des
comptes de gestion des Receveurs comptables des douanes et impôts
indirectes.
✓ instruction n°162/DCP du 20 Novembre 1982 relative à la production des
comptes de gestion des receveurs comptables de l'enregistrement et
timbre.
✓ Instruction codificatrice n°06-031-A.B-M du 21 avril 2006, Bulletin
officiel de la comptabilité publique, Direction générale de la comptabilité
publique, 5ème sous-direction, Bureau 5B.
✓ rapport d’activité de la cour de discipline budgétaire et financière, 2010.
✓ réforme des finances publiques, réforme de l’Etat, RFFP n°79, LGDJ,
paris, 2001.

- LES SITES WEB :


✓ www.finances.gov.ma/arabe.
✓ www.premierministre.gov.fr.
✓ www.alittihad.press.ma.
✓ www.coursdescomptes.ma.
✓ www.conseil-constitutionnel.ma.
✓ www.marocdroit.com.

507
✓ www.adala.justice.gov.ma/ar/document.
✓ www.alam.ma/déf.asp
✓ www.makassib.ma/ar/acquis-citoyens.
✓ www.sgg.gov.ma.
✓ http://hespress.com//writers.
✓ www.mmsp.gov.ma/ar.
✓ www.parlement.ma.
✓ www.conseiller.ma.
✓ www.menara.ma/ar2012.
✓ www.tgr.gov.ma.
✓ www.marchespublics.gov.ma.

508
‫الــــفـــهــــرس‬
‫المختصرة‪1.....................................................................‬‬ ‫الكلمات‬ ‫دليل‬
‫مـقــدمـ ــة‪2......... ......................................................................... ......‬‬
‫القسـم األول‪ :‬اإلطار القانوني للمسؤوليـة المـالية في مجال تـنفـيذ الميزانية العامة‪29 ............. ...‬‬
‫الفصل األول‪ :‬النظام القانوني وصالحيات المسؤولين عن تنفيذ المـيزانـية الـعامـة ‪33 .................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬النظام القانوني لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين ‪34 .................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬النظام القانوني لآلمرين بالصرف ‪35 ....................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬فئات اآلمرين بالصرف ‪37 .............................................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬اآلمرون بالصرف الرئيسيون ‪38 .......................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اآلمرون بالصرف الثانويون ‪39 ........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اآلمرون المساعدون بالصرف ‪41 ......................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة النظام القانوني لآلمرين بالصرف ‪42 ............................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الطبيعة السياسية للنظام القانوني لآلمرين بالصرف ‪42 ....................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطبيعة اإلدارية للنظام القانوني لآلمرين بالصرف‪44 ......................‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬االلتزامات القانونية لآلمرين بالصرف ‪45 ..................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬النظام القانوني للمحاسبين العموميين ‪46...................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬فئات المحاسبين العموميين ‪49 .........................................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬محاسبو الخزينة العامة ‪50 ...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬محاسبون آخرون ‪54 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬المحاسبون بحكم الواقع ‪55 ..............................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص نظام تعيين المحاسبين العموميين‪57 .........................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط الشكلية لتولي مهمة المحاسب العمومي ‪57 .......................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروط الموضوعية لتولي مهمة المحاسب العمومي ‪62 ...................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬سلطات وصالحيات اآلمرين بالصرف والـمحاسبين العموميين ‪68 ...........‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬نطـاق مبدأ الفـصل بين مـهام اآلمـرين بالصرف والمحاسبين‬
‫العموميين‪69 .........................................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مجال تطبيق مبدأ الفصل بين المهام‪70.................................‬‬

‫‪509‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬آثار مبدأ الفصل بين المهام‪74.........................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الصـالحيات المالية لآلمرين بالصرف والمحاسبين العموميين في مجال‬
‫تنفيذ الميزانية العامة‪76 ...............................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف في المجال المالي‪77 ......................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف على مستوى المداخيل‪79 ....................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬صالحيات اآلمرين بالصرف على مستوى المصاريف ‪84 ..................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬صالحيات المحاسبين العموميين في المجال المالي‪89 ..................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬صالحيات المحاسبين العموميين على مستوى التحصيل ‪89 ............‬‬
‫أوال ‪ :‬التحصيل الحبـي ‪96 ..............................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التحصيل الجبري ‪100 ..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬صالحيات المحاسبين في مجال صرف النفقات العمومية‪111 ..............‬‬
‫خاتمة الفصل األول ‪123 ........................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مجاالت تـحديد المسؤولية و نطاقها المشترك في مجال تنفيذ الميزانية ‪125... ......‬‬
‫الـمبحث األول ‪ :‬مجاالت الفصـل في تطبيق المسؤولية المـالية للمتدخلين في تنفيذ‬
‫المـيزانـي ـ ـ ـة‪128.........................................................‬‬
‫المطلب األول‪:‬غاية و محدودية الفصل بين مهام المتدخلين في تنفيذ الميزانية‪129 ........‬‬
‫الفرع األول ‪:‬غ ـاية الفص ـل بي ـن المـ ـهام ‪129..........................................‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬اإلستثناءات الواردة على مبدأ الفصل ‪131...................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الوكاالت ‪132............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األوامراإلستثنائية الخاصة‪133.............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أبع ـاد المسؤولية السي ـاسية لآلمرين بالصرف في مجال تنفيذ‬
‫الميزانية العامة والمحلية‪135................................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء في المجال المالي‪137 .......................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية السياسية للوزراء أمام البرلمان في المجال المالي‪135 .........‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدى محدودية المسؤولية السياسية في مجال تنفيذ الميزانية ‪140 ... .....‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الترابي عن تنفيذ الميزانية المحلية‪146 ...‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية السياسية لآلمر بالصرف الترابي أمام المجلس التداولي‪147 ...‬‬

‫‪510‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية اآلمر بالصرف الجماعي أمام سلطات الوصاية‪160 . ..........‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬المسؤولـية الشـخصيـة والمـالية للمحـاسبـين العـموميين في مجال تنـفيذ الم ـيزان ـية‬
‫‪167 ..................................................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعالهم الشخصية‪170 ...................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين كأمناء للصندوق ومحافظين على األمـ ـوال‬
‫وال ـ ـق ـيم ‪171 .........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين في مجال تحصيل المداخيل وص ـرف‬
‫الن ـفق ـات‪177 ........................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعال الغير‪192 ........................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن أفعال تابعيهم ‪193 ..................‬‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬مسؤولية المحاسبين العموميين عن عمليات اآلخرين‪198 ................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬النطاق المشترك للمسؤولية المالية للمتدخلين في مجال تنفيذ الميزانية‪210 . ..‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية التأديبية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‪212 ................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬طبيعة المخالفات المالية في مجال تنفيذ الميزانية ‪213 ...................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الجزاءات التأديبية المترتبة عن المخالفات المالية ‪216 ............‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية للمتدخلين في مجال تنفيذ الميزانية العامة‪220 ..........‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬أساس إثارة المسؤولية المدنية ‪221 ......................................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية المدنية عن الخطأ الشخصي‪223 ...............................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية في الجمع بين الخطأين الشخصي والمرفقي‪225 .................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الدفع بعدم المسؤولية المدنية في المجال المالي‪226 .....................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬حلول مسؤولية اإلدارة محل الموظف المسؤول‪227 ........................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حلول مسؤولية الموظف التابع محل المسؤول الرئيسي‪229 .................‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬المسوؤلية الجنائية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية العامة‪232 ................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المساطير اإلجرائية إلثارة المسؤولية الجنائية للمتدخلين في تنفيذ الميزانية‬
‫‪234..... ..........................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الشـروط المـوجبة إلثـارة المسـؤولية الجنـائيـة ‪234 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الجـرائم المالـيـة المـوجبة للمسـؤوليـة الجـنائيـة ‪237 ...........................‬‬

‫‪511‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيـعة الجـزاء التـأديبي المترتب عن جرائم المـال العام ‪243 ..............‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬طبيعة الجزاءات في مجال المسؤولية الجنائية المـالية ‪243 .................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬العق ـوبات المـترتـبة عـن جـ ارئـم المـال العـام‪245 .............................‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني ‪248 ........................................................................‬‬
‫خاتمة القسم األول‪250 ..........................................................................‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬دور القضـاء المـالي فـي تـحديـد المـسؤوليـة المـالية‪ ،‬وآفـاقها فـي ظـل اإلصالحات‬
‫المـؤسساتية والتـشريعـية‪256........................................................................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬دور القضـاء المـالي فـي تـحديـد طبيعة المخـالف ـات المـرتبـة للمـسؤولـيـة الم ـالـي ـة ‪257‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬التدقيق والبت في حسابات المحاسبين العموميين ‪260 .......................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التـدقـيق والـبت في حسابـات المحاسبين أمام المجلس األعلى للحسابات‪262 .‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المحاسبون القانونيون ومسألة البت في الحسابات ‪265 ...................‬‬


‫الفرع الثاني ‪ :‬المحاسبون بحكم الواقع ومسألة البث في الحسابات ‪270 .................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬التدقيق والبت في حسابات المـحاسبيـن أمـام المجالس الجهوية للحسابات‪273.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اختصاصات الخازن العام قبل دخول نظام المجالس الجهوية للحسابات‬
‫حيز التطبيق في مجال التدقيق والبت في الحسابات‪274 ..............‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬حصيلة المجالس الجهوية للحسابات في ميدان التدقيق والبت في‬
‫الحـس ـاب ـ ـات‪276 .....................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪286 ..............................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬األجهزة الخاضعة لـرقابـة المحـاكم المالية في ميدان التأديب المتـعـلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪292 ................. ......................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األشخاص الخاضعون للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪293 .....‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األشـخـاص الخاضعون لمسطرة التأديـب المـتعلق بالم ـيزانية والش ـ ـؤون‬
‫الم ـ ـالـ ـ ـية‪305 ......................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المخـالفات الخاضعة لمسطرة الت ـأديب المتـعلق بالمـيزانيـة والشـؤون‬
‫الم ـاليـ ـ ـة‪308................................‬‬
‫أوال ‪ :‬مخـالفات فئـة اآلمـرين بالصـرف ومـن في حـكمـهم‪309 ..............................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مخ ـالفات مراقبـي االلتـزام بالـنفقـات أو من يعمل لحسابهم‪311 .....................‬‬

‫‪512‬‬
‫ثالثا‪ :‬مخـالـفات فـئة المحـاسبين العموميين ومن يوجد تحت إمرتهم أو يعمل‬
‫لحساب ـهم‪315.....................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مسطرة اإلحـالة ونظام العقـوبات وطرق الطعن أمام المحـاكم المـاليـة‪317 ...‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مسطرة اإلحالة ونظام العقوبات أمام القضاء المالي‪318..................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬مسطـرة اإلحـالة و ح ـ ـاالتـها ‪319 ..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقوب ـات أمـام قضـاء المحاكـم الم ـالية ‪328 ................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬طرق الطعن في الق اررات واإلعفاء من المسؤولية أمام القضاء المالي في‬
‫ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ‪333 .................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬طرق الطعن في الق اررات واألحكام في ميدان التأديب المالي‪334 ...........‬‬
‫أوال ‪ :‬الطعن باالستئناف ‪334 ..................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الطعن بالنقض ‪337 ....................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬طلب المراجعة‪338 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬طرق اإلعفاء من المسؤولية‪340 ..........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬طلب اإلعفاء من المسؤولية ‪341 ........................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬طلب إبراء الذمة على وجه اإلحسان‪344 ................................‬‬
‫خاتمة الفصل األول ‪347 ........................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬دور التشريع و تحديث المؤسسات في إعادة تأسيس نظام المسؤولـية المالية ‪351 ..............‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إصالح نظام المسؤولية في مجال تدبير الميزانية في ظل دستور‪353....2011‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المقاربة الجديدة في إعداد وتنفيذ الميزانية في ظل دستور‪354.......2011‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬اإلعداد المرتكز على البعد التنموي‪357......................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقلنة مساطر اعتماد الميزانية‪359 ........................................‬‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬الفعالية في تنفيذ الميزانية ‪365 ............................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التنفيذ المرتكز على مبدأي الشفافية والمسؤولية ‪371 ......................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مبدأ الشفافية والمسؤولية في تدبير المالية العمومية ‪372 ...................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬إصالح نظام المراقبة من خالل التدقيق المالي‪376 ........................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تقوية دور الرقابة في مجال المالية العمومية‪378 .........................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬دور البرلمان في تعزيز الشفافية المالية‪379 .............................‬‬


‫الفرع الثاني ‪ :‬دور الرقابة العليا في تقوية الشفافية المالية ‪388 .........................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلجراءات المواكبة إلصالح نظام المسؤولية المالية ‪390 ....................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬دور الهيئات والمؤسسات في مكافحة الفساد المالي‪392 ...................‬‬

‫‪513‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة‪393 ...................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مجلس المنافسة‪404 ...................................................‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬مؤسسة الوسيط‪408 ...................................................‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬وحدة معالجة المعلومات المالية ‪413 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تقوية الترسانة القانونية لتطويق دائرة الفساد‪416 ..........................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬طرق تعزيز الشفافية في مجال التدبير المالي من خالل الصفقات العمومية‬
‫والتصريح اإلجباري بالممتلكات‪418 ..................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬إعادة النظر في نظام الصفقات العمومية ‪421 .............................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تفعيل مقتضيات قانون التصريح اإلجباري بالممتلكات ‪432 .................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تقوية آليات الرقابة الداخلية والخارجية باإلدارات العمومية ‪441 ...........‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تقوية آليات الرقابة الداخلية‪442 ..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تفعيل آليات الرقابة الخارجية‪450 .........................................‬‬
‫خـاتـمـة الفـصـل الثاني‪456 .......................................................................‬‬
‫خـاتمة الـقسـم الثـانـي‪458 ........................................................................‬‬
‫خــاتــمـة عـامــة‪451 .............................. ...............................................‬‬
‫المـــالحـــق‪461....................................................................................‬‬
‫فـهرس المـالحـق‪471..............................................................................‬‬
‫ال ئحـة الـمراجع‪472................................................................................‬‬
‫الــفــهـرس‪509....................................................................................‬‬

‫‪514‬‬

You might also like