You are on page 1of 89

‫وحدة التشريع الضريبي‬

‫تأطير وإشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬

‫السنة اجلامعية‬
‫‪2024/2023‬‬
‫مقدمة‬
‫منذ فجر التاريخ‪ ،‬سعى اإلنسان إىل تنظيم موارده ونفقاته‪ ،‬فمع تطور احلضارات‪ ،‬ظهرت احلاجة إىل أداة‬
‫فعالة لضبط املال العام وضمان استخدامه بكفاءة‪ ،‬حيت برزت "امليزانية" كأداة أساسية للتدبري املايل‬
‫واحملاسيب‪ .‬وقد نشأت امليزانية العامة يف اجنلرتا وتطورت يف فرنسا‪ ،‬قبل أن تظهر يف املغرب‪.‬‬

‫ففي إجنلرتا‪ ،‬اقتضى مبدأ اإلذن أو الرتخيص الربملاين الذي شكل حمط صراع اترخيي بني امللك والربملاانت‬
‫املتعاقبة يف إجنلرتا‪ ،‬ضرورة أن جتمع مجيع نفقات وإيرادات الدولة يف شكل وثيقة ختضع ضرورة لرتخيص‬
‫الربملان‪ .‬وذلك قبل أن ينتزعه الربملان سنة ‪ ،1628‬من خالل إصدار وثيقة إعالن احلقوق اليت أقرت للربملان‬
‫حق املوافقة املسبقة على فرض الضرائب‪ ،‬مث إبصدار دستور احلقوق ‪ ،1688‬الذي وسع نطاق الرتخيص‬
‫الربملاين إبعطاء الربملان حق املوافقة املسبقة على كل أنواع اإليرادات والنفقات بشكل دوري‪.‬‬

‫كما ارتبط ظهور امليزانية بفرنسا‪ ،‬ابمتالك الربملان حق إجازة النفقات واإليرادات‪ ،‬على اعتبار أن هذا‬
‫احلق مل خيول للربملان الفرنسي دفعة واحدة‪ ،‬بل امتلكه بشكل متدرج شأنه شأن الربملان اإلجنليزي‪ ،‬بدءا‬
‫ابمتالك حق إجازة فرض الضرائب‪ ،‬وصوال إىل إجازة كل اإليرادات والنفقات‪ ،‬وابلتايل فإجازة الربملان‬
‫لإليرادات والنفقات يف وثيقة واحدة تتضمنهما معا وتكون هلا صفة دورية متجددة‪ ،‬هو األمر الذي استدعى‬
‫ظهور امليزانية‪.‬‬

‫أما يف املغرب فقد ظل التدبري املايل يرتكز على نظام األمناء إىل حدود بداية القرن العشرين‪ ،‬ومل تظهر‬
‫امليزانية كألية للتدبري املايل واحملاسيب إال خالل فرتة احلماية حيث استعملتها الدولة احلامية أي الفرنسية كوسيلة‬
‫لضبط والتحكم يف األوضاع االقتصادية واملالية‪ ،‬وذلك بوضعها أول ميزانية سنة ‪ ،1914-1913‬من طرف‬
‫املديرية العامة للمالية اليت حلت حمل أمني األمناء‪ ،‬وصدرت هذه امليزانية يف شكل وثيقة مرقمنة مكتوبة ابليد‬
‫مكونة من حوايل ‪ 60‬صفحة تتضمن تقديرات املوارد والنفقات‪.‬‬

‫وقد أوىل املشرع املغريب اهتماما ابلغا منذ السنوات األوىل لالستقالل ابإلصالح املايل و اإلداري وإرساء‬
‫دعائم اقتصاد وطين مبين على أساس السيادة‪ ،‬وهكذا تضمن دستور ‪ 1962‬سلسلة من اإلصالحات‬
‫األساسية على مستوى اإلطار القانوين املؤطر مليزانية الدولة‪ ،‬حيث كرس الفصل ‪ 50‬منه مبدأ الرتخيص‬

‫‪1‬‬
‫امليزانيايت الذي يضطلع به الربملان عرب تصويته على قانون املالية‪ ،‬كما صدر أول قانون تنظيمي سنة‬
‫‪. 1963‬‬
‫‪1‬‬

‫وتوالت مشاهد اإلصالح العمومي عرب املراجعات الدستورية لسنوات ‪1996 1992،1972،1970‬‬
‫مت ‪ 2011‬وكذا إصالح القوانني التنظيمي للمالية العامة والرتابية‪ ،‬على حد السواء ملواصلة البناء املؤسسايت‬
‫وتيسري وترية اإلصالح اهليكلي‪.‬‬

‫ويعد قانون امليزانية فرعا من فروع القانون العام الداخلي‪ ،‬الذي يشكل حقال معرفيا مستقال وقائما بذاته‪،‬‬
‫خيتص بدراسة وحتليل كافة مبادئ وآليات ومساطر ميزانية الدولة يف خمتلف مراحلها‪.‬‬

‫وتعد ميزانية الدولة أداة ال بديل عنها يف تنفيذ وتنزيل السياسات العمومية واالسرتاتيجيات القطاعية‬
‫وغريها من الربامج اهلادفة لتحقيق التنمية يف خمتلف أبعادها‪ ،‬واليت ال يرتبط بلوغها بتوفر سيولة مالية كبرية بيد‬
‫الدولة‪ ،‬بقدر ما هو رهني برتشيد التصرف يف األموال املوجودة والتحكم يف التدبري املايل واحملاسيب وتوفر‬
‫الدولة على تشريع مايل متطور‪ ،‬حيكم كافة العمليات امليزانياتية واحملاسبية املرتبطة بدورة امليزانية‪.‬‬

‫ويعد اإلطار القانوين املنظم مليزانية الدولة يف املغرب إطارا مرجعيا عصراي‪ ،‬بفضل الطريقة التدرجية‬
‫الرتاكمية يف وضعه واليت جعلته مواكبا ومنسجما مع اإلصالحات البنيوية الكربى الرامية إىل تكريس دولة‬
‫احلق والقانون وحتديث اهلياكل االقتصادية واملالية وتعزيز تنافسيتها وحتقيق حكامتها‪ .‬حيت عرفت املبادئ‬
‫واملقارابت امليزانياتية جمموعة من التكييفات والتغيريات‪ ،‬انتقلت ابلتدبري املايل املغريب من أمناطه التقليدية إىل‬
‫أمناطه احلديثة‪.‬‬

‫بدءا مبنشور الوزير األول سنة ‪ ،2001‬الذي حث فيه القطاعات احلكومية بضرورة اعتماد مقاربة‬
‫ج ديدة للتدبري املايل للدولة أساسها ميزانية قائمة على النتائج شاملة االعتمادات‪ ،‬متمتعة برقابة قبلية متسمة‬
‫ابلتخفيف وأخرى بعدية متسمة ابلتشدد‪ .‬والذي شكل أساس اعتماد بعض املقارابت امليزانيانية احلديثة مثل‬
‫مشولية االعتمادات‪ ،‬التدبري املرتكز على النتائج بدل الوسائل‪ ،‬ميزانية النوع االجتماعي‪ ،‬التوزيع اجلهوي‬
‫لالستثمارات العمومية وبعض أنواع مراقبة نفقات الدولة‪ ،‬كمراقبة األداء ومراقبة االلتزام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫منصور عسو‪ ،‬قانون الميزانية العامة‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2005 ،‬الصفحة ‪.12‬‬

‫‪2‬‬
‫غري أن كون هذه اإلصالحات مل تكن مستندة ألساس دستوري أو تشريعي ابعتبارها مستلهمة من‬
‫التشريع الفرنسي‪ ،‬جعلها تفتقد لرؤاي مشولية ومندجمة‪ ،‬وهو النقص الذي صححه دستور ‪ 2011‬الذي عمل‬
‫على تكريس املبادئ واملرتكزات الرئيسية اليت جيب أن تشكل قاعدة إصالح املالية العمومية‪ ،‬واليت ميكن‬
‫إمجاهلا يف مبدأ العدالة يف حتمل التكاليف‪ ،‬ومبدأ التضامن يف حتمل التكاليف غري املتوقعة ومبدأ قانونية‬
‫الضريبة والتكليف‪ ،‬وكذا مبدأ الرتخيص الربملاين ومبدأ التوازن املايل‪ ،‬فضال عن أولوية جملس النواب على‬
‫جملس املستشارين يف املادة املالية‪ ،‬ابإلضافة إىل آليات ومبادئ احلكامة املالية ومبادئ ربط املسؤولية‬
‫ابحملاسبة‪.‬‬

‫هذا وقد أقر دستور ‪ 2011‬ابحلكامة اجليدة كمقاربة عصرية يف صنع القرار والتدبري العمومي‪ ،‬ونظرا‬
‫ألمهيتها يف جودة وحكامة التدبري املايل العمومي وضع هلا جمموعة من املؤسسات واألجهزة الدستورية اليت‬
‫تنضاف إىل املؤسسات واهليئات الرقابية‪ ،‬هبدف تعزيز اآلليات الرقابية بقوة استشارية وتشاركية تكون وظائفها‬
‫مكملة للمؤسسات التقليدية‪.‬‬

‫ونظرا لألمهية اليت حتظى هبا املالية العمومية يف إدارة الدولة وسياساهتا‪ ،‬فقد خص املشرع الدستوري كل‬
‫من الربملان واحلكومة مبهمة العمل على احلفاظ على توازن املايل‪ ،‬حيث لعب دستور ‪ 2011‬دورا أساسيا يف‬
‫تقوية دور الربملان إىل جانب احلكومة‪ ،‬وهو األمر الذي كان مفقودا يف دستور املغرب لسنة ‪.11996‬‬

‫ومتاشيا مع هذا املستجد‪ ،‬اقتضى التدبري اجلديد إعادة النظر يف القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬فتم إبداع‬
‫قانون تنظيمي جديد للمالية حتت رقم ‪ ،2130.13‬والذي اعتمد على مقاربة جديدة ترتكز على النتائج‬
‫من خالل حتسني جناعة األداء‪ ،‬ابعتماد الربجمة املتعددة السنوات يف صياغة السياسات العمومية‪ ،‬وكذا توجيه‬
‫النفقات من خالل منطق النتائج ال منطق الوسائل‪ .‬فضال على أنه محل يف طياته أهداف تقوية دور قانون‬
‫املالية كأداة لتنزيل السياسيات العمومية وحتقيق التوازن املايل‪ ،‬وتعزيز شفافية املالية العمومية وحتقيق مصداقيته‪،‬‬
‫وتيسري مقروئيته‪ ،‬وتدعيم دور الربملان يف جمال مراقبة املالية العمومية وتقييمها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫دستور المغرب لسنة ‪ ،1996‬الصادر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم ‪ 1.96.157‬بتاريخ ‪ 23‬من جمادى األولى ‪ 7( 1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،4420‬ص ‪.2281‬‬
‫‪2‬‬
‫القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪ ،130.13‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.62‬بتاريخ ‪ 14‬شعبان ‪ 2( 1436‬يونيو ‪ ،)2015‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 6370‬بتاريخ فاتح رمضان ‪ 18( 1436‬يونيو ‪ ،)2015‬ص ‪.5810‬‬

‫‪3‬‬
‫فأصبحت امليزانية العامة هي ذلك البيان التقديري املفصل ابلنفقات واإليرادات غري الواردة مبيزانيات‬
‫مرافق الدولة املسرية بصورة مستقلة أو ابحلساابت اخلصوصية للخزينة‪ ،‬واليت أيذن الربملان للحكومة بصرفها يف‬
‫حدود االعتمادات املصادق عليها وحتصيلها برسم سنة مالية مقبلة تنفيذا لسياسة الدولة العامة‪ ،‬وتشمل‬
‫جزأين أحدمها يتعلق ابملوارد ويتعلق األمر بقائمة املوارد الواردة يف املادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي لقانون‬
‫املالية ‪ ،130.13‬واثنيهما يتعلق ابلنفقات اليت تنقسم إىل ثالث أصناف‪ ،‬نفقات التسيري والتجهيز‬
‫والنفقات املتعلقة خبدمة الدين العمومي‪.‬‬

‫واملقصود بقانون املالية كما تنص عليه املادة الثانية من القانون التنظيمي ‪ 130.13‬املتعلق بقانون املالية‬
‫هو كل من قانون املالية السنوي‪ ،‬قوانني املالية املعدلة وقانون التصفية املتعلق بتنفيذ قوانني املالية‪ ،‬وحسب‬
‫املادة ‪ 6‬منه فإن قانون املالية يتضمن أحكاما تتعلق ابملوارد والتكاليف أو هتدف إىل حتسني الشروط املتعلقة‬
‫بتحصيل املداخيل ومراقبة استعمال األموال العمومية‪ ،‬حيث يتضح من خالل التعريف أن هذا القانون خيتص‬
‫أساسا ابألمور املالية‪ ،‬وال ميكن للحكومة أن تقحم ما دون ذلك‪ ،‬وهو ما يعرف ابلفرسان املوازنية ‪les‬‬
‫‪.cavaliers budgétaires‬‬

‫هذا ويرى بعض الفقه أن امليزانية عمل إداري يتخذ شكل القانون‪ ،‬بسبب افتقادها لبعض خصائص‬
‫القاعدة القانونية كاإللزامية والدميومة‪ ،‬بينما يرى بعض آخر من الفقه أهنا قانون شكال وموضوعا‪ ،‬ولو كانت‬
‫ال ختضع لنفس الشكليات املطلوبة يف سن القانون‪ ،‬ألهنا تتضمن أحكاما ال ختتلف عن األحكام القانونية‪،‬‬
‫وهو االجتاه الذي ترجحه األغلبية‪.‬‬

‫وتكمن أمهية هذا املوضوع يف متيز املادة املالية بثوابت يكفلها الدستور بدءا بتوزيع األدوار بني السلطات‬
‫املداخيل وصرف االعتمادات‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫املتدخلة يف اإلعداد والتصويت على قوانني املالية واإلذن ابستخال‬
‫على التوازن‪ ،‬فاملالية العمومية تعد مرآة عاكسة ملدى تطور الدولة وتفعيل مشاريعها وجناعة سياستها وصدقية‬
‫عمل مؤسساهتا‪.‬‬

‫وبناء على ما مت التطرق إليه‪ ،‬يؤول بنا احلديث يف موضوع التأطري التشريعي للمالية العمومية‪ ،‬إىل طرح‬
‫إشكالية حمورية على درجة كبرية من األمهية ميكن صياغتها على الشكل اآليت‪:‬‬

‫إىل أي حد استطاع املشرع أتطري املالية العمومية ابملغرب؟‬


‫‪4‬‬
‫حتيلنا اإلشكالية أعاله إىل طرح التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬جتليات حكامة املالية العمومية يف الدستور املغريب؟‬


‫‪ -‬ما هو اإلطار القانوين املؤطر للمالية العمومية؟‬
‫‪ -‬ماهو دور التشريع املايل يف تدبري املالية العمومية؟‬
‫‪ -‬أين يتجلى دور القضاء املايل يف تدبري املالية العمومية؟‬
‫حماولة منا لإلحاطة ابملوضوع‪ ،‬ابإلجابة عن اإلشكالية واألسئلة أعاله‪ ،‬ارأتينا أن نعتمد التقسيم اآليت‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬الدستور املايل‬

‫املبحث الثاين‪ :‬التشريع والقضاء املايل‬

‫‪5‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الدستور املايل‬
‫املنظمة للمالية العامة وذلك من خالل حتليل املرجعية‬ ‫سنتطرق يف هذا املبحث لقراءة يف النصو‬
‫الدستورية (املطلب األول) واملقتضيات القانونية اليت يتضمنها القانون التنظيمي للمالية (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫املطلب األول ‪:‬مرتكزات تدبري املالية العمومية يف الدستور املغريب‪.‬‬


‫شكل دستور‪ ،2011‬يف جمموعة من فصوله املتعلقة ابملالية العمومية سواء ابلنسبة للدولة أو اجلماعات‬
‫الرتابية‪ ،‬بنية أساسية إلرساء مبادئ الدميقراطية ودولة املؤسسات‪ .‬فباستقراء مضامينه جند أنه وضع األسس‬
‫واملرتكزات اليت تقوم عليها السياسة املالية للدولة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األسس واملبادئ الدستورية املؤطرة لتدبري املالية العمومية‬


‫الدستورية يف‬ ‫لقد حافظ البناء الدستوري على املكانة املتميزة للمالية العمومية‪ ،‬إذ ما فتئت النصو‬
‫التوسع‪ ،‬بفعل تطور املمارسة السياسية والدميقراطية ابملغرب‪ ،‬حيث تضمنت العديد من املبادئ منها احملورية‬
‫(الفقرة األوىل) اليت مل ختضع للتغيري أو للتجاوز وتكتسي صيغة األمر‪ ،‬وأخرى تكميلية (الفقرة الثانية) تستند‬
‫إىل جمموعة من االستثناءات جعلتها تتكيف مع املستجدات سواء الشكلية‪ ،‬العملية‪ ،‬القانونية أو التطبيقية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪:‬األسس احملورية لتدبري املالية العمومية‬


‫إن املبادئ املقصودة يف هذا السياق ليست هي تلك اليت تؤطر امليزانية العامة كمبدأ السنوية والتخصيص‬
‫والشمول والوحدة‪ ،‬وإمنا يقصد هبا تلك القواعد الضابطة واملؤسسة للمالية العمومية بصفة عامة‪ ،‬واليت‬
‫تكتسي يف طياهتا صبغة إلزامية‪ ،‬منها ما مت إقراره يف خمتلف الدساتري اليت عرفتها اململكة ومنها ما مت‬
‫التنصيص عليه ألول مرة يف دستور ‪.2011‬‬

‫‪ .1‬القاعدة الذهبية‬
‫يقصد االقتصاديون القدماء مببدأ التوازن (القاعدة الذهبية) أن تكون التكاليف العامة للدولة يف حدود‬
‫مواردها‪ ،‬حيث مل يعرتف املذهب الكالسيكي بعجز امليزانية‪ ،1‬ويعترب مبدأ التوازن املايل مؤشرا أساسيا على‬
‫جناعة التدبري املايل للدولة‪ ،‬حيث ينص الفصل‪ 77‬من الدستور ‪ " ،2011‬يسهر الربملان واحلكومة على‬

‫‪1‬‬
‫عبد النبي اضريف‪ ،‬قانون ميزانية الدولة‪ ،‬مكتبة المعرفة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سنة ‪ ،2019‬مراكش‪ ،‬الصفحة‪.72‬‬

‫‪6‬‬
‫احلفاظ على توازن مالية الدولة"‪ ،1‬كما اعتربته املادة األوىل من القانون التنظيمي لقانون املالية ‪130.13‬‬
‫قانون املالية السنوي على ضماهنا‪ ،‬حيث جاء فيها‪" :‬حيدد قانون املالية‬ ‫من األمور األساسية اليت حير‬
‫ابلنسبة لكل سنة مالية طبيعة ومبلغ وختصيص جمموع املوارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن امليزانيايت‬
‫واملايل الناتج عنها‪ ،‬وتراعى يف ذلك الظرفية االقتصادية واالجتماعية عند إعداد قانون املالية وكذا‬
‫أهداف ونتائج الربامج اليت حددها هذا القانون‪ ،‬فهو مبدأ عتيق للمالية العمومية التقليدية ذات الوظائف‬
‫احملدودة‪ ،‬اعرتاه القدم وجتاوزه تطور دور الدولة وانتقاهلا حنو مقاربة التدخل االقتصادي يف مرحلة أوىل والرعاية‬
‫االجتماعية يف مرحلة اثنية ‪ ،2‬فمن أجل احلفاظ على توازن مالية الدولة ال جيب أن تتجاوز حصيلة‬
‫االقرتاضات جمموع نفقات االستثمار وسداد أصول الدين برسم السنة املالية‪ ،‬وقد خول املشرع للحكومة‬
‫القيام ابلعمليات الضرورية لتغطيه حاجيات اخلزينة‪.3‬‬

‫ومن املعلوم أن التنسيق بني امليزانية واالقتصاد أصبح أمرا ضروراي يف الوقت احلاضر خاصة وأن الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 75‬من الدستور جتعل من امليزانية أداة لتنفيذ خمططات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪،4‬‬
‫فاملشرع املغريب استعمل مصطلح مالية الدولة "بكل مكوانهتا " كمبدأ أمشل وأعم من توازن امليزانية‪ ،‬هكذا‬
‫نالحظ أن تطور موقع الدولة ومتطلباهتا جعل هذا املبدأ أيخذ منحا جديدا وهو ما أكده دستور‪2011‬‬
‫حيث مت إدخال قاعدة جديدة لتدبري املالية العمومية للدولة‪ ،‬من خالل نصه يف الفقرة الثانية من الفصل‬
‫األول من الدستور على فصل السلط وتعاوهنا‪ ،‬ابضطالع الربملان إىل جانب احلكومة ابلسهر على احلفاظ‬
‫على توازن مالية الدولة‪.5‬‬

‫من خالل قراءتنا للفصل ‪ 77‬من الدستور واملادة ‪ 20‬من القانون التنظيمي‪ ،‬خنلص إىل أن هذه القاعدة‬
‫الذهبية ترتبط مبالية الدولة‪ ،‬وأن مبدأ التوازن مبدأ يلزم كال من اجلهاز التنفيذي والتشريعي ابلسهر على‬
‫احملافظة عليه‪ ،‬بيد أن دسرتة قواعد املالية العمومية ال تكفي يف حد ذاهتا ملنحها وجودا فعليا وحقيقيا‪ ،‬فهناك‬
‫شروط أخرى جيب توفرها‪ ،‬كوجود اإلرادة السياسية ومدى قدرة احملكمة الدستورية على إجراء رقابتها‬

‫‪1‬‬
‫الفصل ‪ 77‬من دستور ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( 1432‬يوليو ‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 30( 1432‬يوليو ‪.)2011‬‬
‫‪2‬‬
‫سي محمد البقالي‪ ،‬سي محمد البقالي‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2019 ،‬الرباط‪ ، ،‬الصفحة ‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 20‬من القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪ ،130.13‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.62‬بتاريخ ‪ 14‬شعبان ‪ 2( 1436‬يونيو‬
‫‪ ،)2015‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6370‬بتاريخ فاتح رمضان ‪ 18( 1436‬يونيو ‪.)2015‬‬
‫‪4‬‬
‫منصور عسو‪ ،‬قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية‪ ،2017 ،‬الطبعة األولى مطبعة الجديدة‪ ،‬الصفحة ‪.83‬‬
‫‪5‬‬
‫تدبير الدين العمومي‪ ،‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ ،2012‬الصفحة ‪.19‬‬

‫‪7‬‬
‫القضائية استنادا ملعايري واضحة‪ ،‬وخنص ابلذكر كذلك التحديد الدقيق للمعيار املادي الذي مبقتضاه يتم تقييم‬
‫عدمه‪.‬‬ ‫وجود التوازن من‬

‫‪ .2‬مبدأ املساواة والتضامن يف حتمل الفرض الضرييب‬


‫يعترب الدستور املصدر األمسى والوثيقة األساسية اليت منها تستمد كل القواعد القانونية‪ ،‬وإذا كان الدستور‬
‫يف فصله السادس قد جعل من املساواة أمام القانون ركيزة دستورية ملزمة للجميع‪ ،‬سواء كانوا أشخاصا ذاتيني‬
‫أو اعتباريني‪ ،1‬فإن املكانة املتميزة اليت تتبوؤها املالية العمومية وخصوصية االلتزامات والتكاليف العمومية اليت‬
‫ترتبها‪ ،‬حتمت على املشرع الدستوري أن حير على أتكيد مبدأ املساواة يف الفصل ‪ 39‬حيث نص على ما‬
‫يلي «على اجلميع أن يتحمل‪ ،‬كل على قدر استطاعته‪ ،‬التكاليف العمومية‪ ،‬اليت للقانون وحده إحداثها وتوزيعها‪،‬‬
‫وفق اإلجراءات املنصوص عليها يف هذا الدستور"‪ .2‬كما نص القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 130.13‬يف املادة‬
‫‪ 12‬منه على أن تكاليف الدولة تشمل‪:‬‬

‫‪ -‬نفقات امليزانية العامة؛‬


‫‪ -‬نفقات ميزانية مرافق الدولة املسرية بصورة مستقلة؛‬
‫‪ -‬نفقات احلساابت اخلصوصية للخزينة‪.‬‬

‫وقد نص الفصل ‪ 40‬من الدستور على مبدأي التضامن والتناسب يف حتمل التكاليف التنموية للبالد‪:‬‬
‫"على اجلميع أن يتحمل‪ ،‬بصفة تضامنية‪ ،‬وبشكل يتناسب مع الوسائل اليت يتوفرون عليها‪ ،‬التكاليف اليت تتطلبها‬
‫تنمية البالد‪ ،‬وكذا تلك الناجتة عن األعباء النامجة عن اآلفات والكوارث الطبيعية اليت تصيب البالد"‪.‬‬

‫على بعض املرتكزات الدستورية للمالية العامة لعل أبرزها املساواة والتضامن‬ ‫واملالحظ أن املشرع حر‬
‫يف حتمل التكاليف العمومية كما أكد على شرط االستطاعة يف توزيع األعباء التنموية وتبعات الظروف‬
‫االستثنائية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الفصل السادس من دستور ‪.2011‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 39‬من دستور ‪.2011‬‬

‫‪8‬‬
‫فمبدأ املساواة وسيلة لتفادي حاالت الشطط‪ ،‬حيث يفرض القاضي الدستوري اعتماد نفس املعاملة‬
‫الضريبية إزاء امللزمني املتواجدين يف نفس الوضعية‪ ،‬وااللتزام ابلتعليل تفاداي للقرارات االستبدادية أو امتيازية‪،‬‬
‫الضرييب‪.‬‬ ‫وخاصة يف حتديد الوعاء‬

‫‪.3‬مبدأ املشروعية الضريبية‬


‫تعترب الضريبة الوسيلة األساسية لتحمل التكاليف العمومية‪ ،‬ولكي تتمتع ابملشروعية‪ ،‬نص املشرع املغريب‬
‫الربملان (ممثل للملزمني) ابلتشريع يف النظام الضرييب ووعاء‬ ‫يف الفصل ‪ 17‬من الدستور على اختصا‬
‫الضرائب ومقدارها وطرق حتصيلها‪ ،‬ويف ذلك ترمجة للقبول الضرييب الذي ترتمجه سنواي عرب املادة األوىل من‬
‫كل قانون مالية السنة والذي يضفي من خالله‪ ،‬ممثلو األمة‪ ،‬الشرعية على املساس ابمللكية الذي جيسده‬
‫االقتطاع الضرييب‪.1‬‬

‫مطلق‪ ،‬عام وشامل‪ ،‬فهو ال يقتصر على ضرائب‬ ‫الضرييب للربملان هو اختصا‬ ‫إن منح االختصا‬
‫الدولة فحسب‪ ،‬بل يشمل كذلك الضرائب الرتابية‪ ،‬حفاظا على وحدة التشريع الضرييب‪ ،‬حيث نص‬
‫الفصل‪ 141‬من الدستور على منح اجلماعات الرتابية موارد مالية ذاتية وأخرى مرصودة من قبل الدولة‪ ،‬كما‬
‫كلف هيئات عليا مبراقبة احلساابت " اجملالس اجلهوية للحساابت" تفعيال لربط املسؤولية ابحملاسبة وذلك‬
‫مبقتضى الفصل ‪ 149‬من الدستور‪.‬‬

‫كما يلعب القضاء الدستوري دورا هاما يف تدعيم عدد من مبادئ املالية العمومية‪ ،‬ففي دفاعه عن مبدأ‬
‫املشروعية استعمل عبارات صرحية وواضحة أضفت على هذا املبدأ مسوا ابرزا‪ ،‬حيث ينص الفصل ‪ 132‬من‬
‫الدستور على عدم قبول ضريبة ال حترتم الدستور‪ ،‬حيث يتم إحالتها للقاضي الدستوري لدراسة مدى‬
‫دستوريتها‪.‬‬

‫وقد سامهت االجتهادات القضائية الدستورية يف تدعيم مبدأ املشروعية حيث جعلته يعرف حتوال انعكس‬
‫على الوظيفة اليت ما فتئت متتد وتتسع‪ ،‬فالتغري الذي طال املشروعية مل يكن فقط كميا‪ ،‬بل هو كيفي أيضا‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪katia Blairon, « Pouvoirs et contre- pouvoirs en matière budgétaire et financière » Maitre de conférences de‬‬
‫‪droit public Nancy université- IRENEE, page 7.‬‬

‫‪9‬‬
‫وقد قال أحد الباحثني أن قواعد القانون ابتت تتضمن وستتضمن عنصرا دستوراي مؤسسا‪ ،‬عنصر يرجع‬
‫حتديده يف املقام األخري للمجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وأتكيد هذه الصالحية‪،‬‬ ‫بدوره على الدفاع عن هذا االختصا‬ ‫وجند القضاء الدستوري املغريب حير‬
‫ولعل القرار رقـم ‪ 950/14‬م‪ .‬د بعدم دستورية الفقرة األخرية من املادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي لقانون املالية‬
‫ينص على أنه " ال ميكن تعديل املقتضيات الضريبية واجلمركية إال‬ ‫تتضمن بندا‬ ‫رقم ‪ 130.13‬اليت كانت‬
‫مبوجب قانون املالية"‪ ،‬خري دليل على أن مبدأ املشروعية أصبح مبدأ مركزاي يكرس مسو القانون وإرادة األمة‪،‬‬
‫مبدا يكتسب قيمة متميزة تسمو على مبادئ أخرى عريقة للمالية العمومية والقانون‪ ،‬وهذا ما نلمسه كذلك‬
‫من خالل قراره التارخيي بشأن دستورية القانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬لقانون املالية لسنة ‪ ،1998‬ويف اجتهاد‬
‫مهم أكد اجمللس الدستوري يف قراره رقم ‪ 250.98‬على أن أنسب طريقة حتافظ احلكومة من خالهلا على‬
‫مبدأ التوازن هي أن" تتجنب تقدمي مشاريع قوانني أو تعديالت ختل به‪ ،‬وأن تدفع استنادا إىل الفصل ‪ 51‬من‬
‫دستور ‪ ،1996‬بعدم قبول أي اقرتاح قانون أو تعديل من نفس القبيل يقدمه أعضاء الربملان‪ ،2‬حبجة عدم‬
‫دستوريته‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬املبادئ التكميلية لتدبري املالية العمومية‬


‫للمالية العمومية مبادئ أصلية وأخرى تبعية تبقى جمرد إانرات للطريق وكوهنا مبادئ ال متس حقا من‬
‫احلقوق وال حرية من احلرايت فهي تبقى قابلة للتليني واالستثناء وهو ما أثبته الزمن السياسي بشكل عام‬
‫وأثرت فيها التحوالت اليت عرفتها طبيعة الدولة وتنوع وظائفها وأنشطتها واعتمادها صور متعددة تنظيمية و‬
‫تدبريية إلداراهتا‪.3‬‬

‫‪ .1‬مبدأ السنوية‬
‫حيدد هذا املبدأ املدة الزمنية اليت تغطيها امليزانية واليت متتد من اليوم األول (فاتح يناير) لبدء تنفيذ‬
‫االعتمادات املقررة إىل اليوم األخري (هناية دجنرب) إلقفاهلا وانتهاء العمل هبا‪ ،‬هذه املدة ال تقل وال تزيد يف‬
‫معظم األحيان عن سنة واحدة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Louis FAVOREU, « l’apport du conseil constitutionnel au droit public » Pouvoirs, revue française d'études‬‬
‫‪constitutionnelles et politiques, n° 13, 1991, page 2.‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار المجلس الدستوري رقم‪ 250.98 .‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1998‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،4641‬بتاريخ ‪ 23‬نونبر ‪ ،1998‬الصفحة ‪.3243‬‬
‫‪ 3‬عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة‪ ،‬دار النشر المغربية‪ 2005 ،‬الصفحة ‪.45‬‬

‫‪10‬‬
‫أوال‪ :‬تربيرات مبدأ السنوية‬

‫إن تطبيق مبدأ السنوية على قانون امليزانية فرضته جمموعة من االعتبارات منها ما هو مايل حيث أن‬
‫خاصية التوقعية لقانون امليزانية جيعل من السنة الفرتة املناسبة لقيام احلكومات بتقديراهتا حول كل العمليات‬
‫املالية اليت ستقوم هبا‪ ،‬فوضع مدة أكثر من السنة يصعب على احلكومة وضع تقديرات دقيقة وجدية‪ ،‬كما أن‬
‫اعتماد مدة أقل من سنة قد يؤدي إىل إرابك وظهور اضطراابت يف الربانمج املايل للدولة‪ ،‬ومنها ما هو تقين‬
‫كإعداد امليزانية ومناقشتها واعتمادها الذي يتطلب وقتا وجهدا كبريا‪ ،‬ومنها ما هو سياسي كضمان فعالية‬
‫الرقابة التشريعية للعمل احلكومي يف اجملال املايل‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬تربيرات االستثناء‬

‫إذا كان مبدأ السنوية متعارف عليه يف اعتماد قانون املالية‪ ،‬فقد تعرف الدولة أحدااث استثنائية وظروفا‬
‫خاصة جتعل مشروع قانون املالية السنوي ال يسلك مسطرة املصادقة والصدور يف املوعد الدستوري كما يف‬
‫حالة احلروب أو اجلائحة أو الكوارث الطبيعية‪ ،‬أو يف حالة أتخر إجراء االنتخاابت الربملانية‪ ،‬وابلتايل أتخر‬
‫تشكيل احلكومة‪ ،‬ويف هذه احلاالت يستثىن اعتماد قانون املالية من مبدأ السنوية‪ ،‬كما ميكن أن حيدث نفس‬
‫الشيء يف الظروف العادية بسبب طبيعة بعض املشاريع أو الربامج اليت ميتد إجنازها على طول عدة سنوات‬
‫فيتم التصويت عليها يف سنة اعتمادها األوىل ليمتد هذا الرتخيص حىت يتم إجنازها وفق ما خطط له مسبقا‪،‬‬
‫ونفس الشيء ينطبق على بعض احلساابت اخلصوصية للخزينة ‪.1‬‬

‫‪ .2‬مبدأ الوحدة‬
‫املقصود ابلوحدة هو أن جمموع املوارد والنفقات العمومية للدولة جيب أن تقدر وتدرج يف وثيقة واحدة‬
‫وتعرض يف مشروع واحد‪ ،‬وتتضمن وحدة التوقع ووحدة الرتخيص‪ ،‬صيغتني األوىل مادية ومعناها جمموع‬
‫العمليات املالية والثانية شكلية ومعناها أن تكون يف وثيقة واحدة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تربيرات اعتماد املبدأ‬

‫‪1‬‬
‫المصطفى معمر‪ ،‬امحمد قزيبر‪ ،‬مدخل لدراسة قانون الميزانية ‪ 2022/2021‬مطبعة سجلماسة مكناس‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ألسباب سياسية تستهدف هذه القاعدة ضمان رقابة الربملان وتسهيلها عرب اإلطالع البسيط على‬
‫حمتوايت الوثيقة وإدراك الوضع املايل ومدى توازنه لكن رغم ذلك فإن املبدأ يتماشى أكثر مع املالية التقليدية‬
‫ومنط الدولة البسيط ببساطة وظائفها أيضا لكن مع توسع الوظائف وتعدد املرافق وحتول البنيات اإلدارية‬
‫ساهم كل من زاويته يف تلطيف هذه القاعدة‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬استثناءات قاعدة الوحدة‬

‫إن إمكانية تفكيك ميزانية الدولة إىل ثالثة مكوانت حسب القانون التنظيمي لقانون املالية‪ ،‬ميزانية‬
‫عامة‪ ،‬ميزانية مرافق الدولة املسرية بصورة مستقلة ‪SEGMA‬وميزانية احلساابت اخلصوصية للخزينة‪ ،‬تبدو‬
‫كاستثناء ظاهر للقاعدة‪ ،‬أما االستثناء احلقيقي فيهم النشاط العمومي وخاصة ميزانيات اهليئات املتميزة عن‬
‫الدولة واجلماعات الرتابية واملؤسسات واملقاوالت العمومية ألن ميزانياهتا منفصلة‪ ،‬ومبدئيا جيب أن تغطي‬
‫مواردها ونفقاهتا والفائض والعجز من مسؤوليتها رغم اعتمادها على إمدادات الدولة وكذا الرسوم شبه اجلبائية‬
‫اليت ال تدرج يف قانون املالية‪ ،‬وقد نص عليها القانون التنظيمي يف املادة ‪ ،67‬وهي عمليات هلا تنظيم خا‬
‫تتم يف إطار مستقل عن قانون املالية‪.1‬‬

‫‪ .3‬مبدأ الشمول أو العمومية‬


‫الشمول أو العمومية هو أيضا أحد قواعد املالية العمومية واليت تظهر جبالء يف حمتوى وثيقة امليزانية فصال‬
‫بني املداخيل والنفقات وتعين أن تشمل وثيقة امليزانية كافة تقديرات النفقات العمومية وكافة تقديرات املوارد‬
‫دون مقاصة ودون ختصيص مدخول معني لنفقة معينة وكذا أن تسجل هذه التقديرات بشكل مفصل‬
‫ومنفصل‪ .‬وينقسم هذا املبدأ إىل قاعدتني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عدم املقاصة‬

‫هي تسجيل النفقات واملوارد يف مبلغها اإلمجايل‪ ،‬وهلذه القاعدة مربرات سياسية ملنع ما يسمى ابلصناديق‬
‫السوداء أو إخفاء عمليات معينة عن أنظار الرقابة وذلك لكي يتسىن للربملانيني التعرف على تفاصيل املركز‬
‫املايل للدولة‪ ،‬وإن انفالت عمليات معينة من الرقابة ممكن يف حال إجراء املقاصة بني املداخيل واملصاريف‬

‫‪1‬‬
‫عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.57‬‬

‫‪12‬‬
‫حيث إن أسرفت احلكومة يف النفقات اجلبائية ميكنها إخفاءها وراء مداخليها وإذا استخلصت بعض املرافق‬
‫موارد خاصة ميكنها إنفاقها يف أوجه مل يرخص هلا الربملان‪.‬‬

‫حيث‬ ‫أما املربرات االقتصادية فتتلخص يف جتنب اعتماد معايري املردودية املالية املتبعة يف القطاع اخلا‬
‫يتم فقط االهتمام ابلربح يف حني تعتين املالية العمومية مبعيار املصلحة العامة‪.‬‬

‫هلذه القاعدة أيضا سلبيات كتعقيد املساطر اإلدارية وصعوبة التدبري الفعال ومقتضيات احلكامة اجليدة‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬عدم التخصيص‬

‫تعين إدراج النفقات واملداخيل يف كتلتني دون ختصيص مورد معني لنفقة معينة‪ ،‬وذلك ألسباب سياسية‬
‫تتمثل يف التشبث ابملصلحة العامة يف دولة موحدة متارس وظائفها حبياد اجتاه مؤسساهتا ومرافقها‪ .‬وكما أن‬
‫املكلفني يسامهون حسب قدراهتم يف متويل مجيع النفقات دون ختصيص وهذا تطبيق من تطبيقات مبدأ‬
‫املساواة الدستوري‪ ،‬وقد يشكل أيضا التخصيص سالحا فعاال للحكومة يف خلق ضرائب جديدة وختصيصها‬
‫لنفقة معينة مثال ختصيص رسوم على الكحول لتمويل نفقات الصحة‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬استثناءات مبدأ الشمولية‬

‫تتعدد حاالت االستثناء سواء على مستوى قاعدة عدم املقاصة أو عدم التخصيص فيما خيص عدم‬
‫املقاصة ال توجد سوى ممارسات خفية قد تلجأ إليها بعض املرافق بينما تتعدد حاالت اخلروج عن قاعدة‬
‫عدم التخصيص وبسند قانوين مثل‪:‬‬

‫● حاالت احلساابت اخلصوصية للخزينة وميزانيات مرافق الدولة املسرية بصورة مستقلة كما جاء يف منت‬
‫الفقرة األخرية من املادة الثامنة من القانون التنظيمي ‪.130.13‬‬

‫معنويون أو ذاتيون واهلبات والوصااي‪ ،‬حيث ترصد حسب‬ ‫● أموال املساعدات اليت يدفعها أشخا‬
‫رغبة الواهب‪.‬‬

‫● إعادة فتح االعتمادات نصت املادة ‪35‬على أنه ميكن أن يتم فتح اعتمادات جديدة بشأن املداخيل‬
‫‪1‬‬
‫املتأتية من اسرتجاع الدولة ملبالغ مؤداة بوجه غري قانوين أو بصفة مؤقتة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المصطفى معمر‪ ،‬امحمد قزيبر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحتين ‪ 79‬و‪.80‬‬

‫‪13‬‬
‫الفرع الثاين ‪:‬األسس الدستورية للحكامة اجليدة يف تدبري املالية العمومية‬
‫قد جاء الدستور اجلديد للمملكة بعدة مبادئ حكماتية حيث خص الباب الثاين عشر "للحكامة‬
‫اجليدة" وذلك وعيا أبمهيتها يف ترشيد عمل املرافق العمومية‪ ،‬من بني هذه املبادئ (الفرع األول) جند اجلودة‪،‬‬
‫الشفافية‪ ،‬ربط املسؤولية ابحملاسبة‪ ،‬احرتام القانون‪ ،‬احلياد‪ ،‬النزاهة وغريها من املبادئ‪ ،‬إضافة جملموعة إىل تعزيز‬
‫املقاربة تشاركية يف حتسني أداء املالية العمومية (الفرع الثاين) عرب إرساء آليات املشاركة املواطنة يف تدبري املالية‬
‫العمومية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬مبادئ احلكامة يف تدبري املالية العمومية‬


‫تعد احلكامة اجليدة االطار املالئم لتحليل السياسات العمومية وتقييم مدى التزامها مببادئ الشفافية‬
‫واملسؤولية ومشاركة املواطنني يف اختاد القرارات املعنيني هبا‪ ،‬وعلى مستوى املالية العمومية‪ ،‬تعترب احلكامة‬
‫اجليدة مرتكز رئيسي العتماد تدبري رشيد وانجع للموارد املالية وفق روح مقومات الشفافية واجلودة واملسؤولية‬
‫واحملاسبة يف نطاق التحلي ابلنزاهة واحرتام القانون‪.‬‬

‫‪ .1‬الشفافية‬

‫تعترب الشفافية مبدأ من املبادئ الدستورية الواجب التحلي هبا يف املمارسة السياسية‪ ،‬ومرتكز دستوري‬
‫أساسي يسعى لتخليق جوانب احلياة العامة سواء يف اجملال السياسي أو االجتماعي أو اإلداري أو‬
‫االقتصادي‪ ،‬ويعد جمال املالية العامة جماال خصبا لتكريس آليات الشفافية‪.‬‬

‫وقد كرس دستور ‪ 2011‬مبادئ الشفافية ضمن مقتضياته‪ ،‬ويف هذا السياق فإن املرافق العمومية املكلفة‬
‫ابلتدبري املايل واحملاسبايت متارس مهامها وفق معايري الشفافية‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فان تطبيق قواعد الشفافية يف املالية العمومية يساهم يف تيسري الوصول اىل املعلومات‬
‫ذات الصلة ابلوضعية املالية للدولة والتوازانت االقتصادية للمالية العمومية ‪ ،‬وخنص ابلذكر يف هذا املقام‬
‫متكني املواطنات واملواطنني واهليئات املكلفة ابلرقابة على املال العام من احلصول على خمتلف املعطيات‬
‫االقتصادية اليت ختص مالية الدولة مثل مؤشرات الدين العمومي والتكاليف العمومية واالقرتاض واالستدانة‬
‫انهيك عن املؤشرات املرتبطة ابالستثمار العمومي ‪ ،‬وهذه املظاهر املرتبطة ابلشفافية متكن خمتلف املتدخلني‬

‫‪14‬‬
‫سواء كانوا اشخاصا ذاتيني او اعتباريني من مراقبه شكليات اعداد وختطيط وتدبري املالية العمومية فضال عن‬
‫تقييمها والرقابة عليها‪.‬‬

‫هذه األسس الشفافة متكن من الوقوف على جوانب املالية العمومية وتقييم مدى انعكاسها وأثرها على‬
‫املواطن ابعتباره حمور ارتكاز السياسات العمومية املنزلة يف اجلانب املايل‪.‬‬

‫ويف جمال املالية العمومية‪ ،‬صارت الشفافية رافعة أساسية ومنوذجية لضمان االستمرارية امليزانياتية على‬
‫املدى البعيد‪ ،‬وفق خمطط اسرتاتيجي وبرجمة متعددة السنوات‪ ،1‬وقد جتسد هذا املقتضى ابملوازاة مع دخول‬
‫القانون التنظيمي للمالية ‪ 130.13‬حيز التنفيذ‪ ،‬ويف هذا اإلطار فإن القانون املذكور أرسى أسس الشفافية‬
‫يف املالية العمومية من خالل تضمني قانون املالية السنوي مجلة من املستندات اليت تعطي مصداقية وموثوقية‬
‫للوضعية اليت متيز املالية العمومية‪.‬‬

‫ولعل أبرز هذه املستندات جند‪:2‬‬

‫‪ -‬املذكرات‪:‬‬
‫‪ -‬مذكرة تقدمي ملشروع قانون املالية واليت تتضمن معطيات حول استثمارات امليزانية العامة وحول اآلاثر‬
‫املالية واالقتصادية للمقتضيات الضريبية واجلمركية املقرتحة؛‬
‫‪ -‬مذكرة حول النفقات املتعلقة ابلتكاليف املشرتكة‪.‬‬
‫‪ ‬التقارير‪:‬‬
‫‪ -‬التقرير االقتصادي واملايل؛‬
‫‪ -‬تقرير حول املؤسسات العمومية واملقاوالت العمومية؛‬
‫‪ -‬تقرير حول احلساابت اخلصوصية للخزينة؛‬
‫‪ -‬تقرير حول النفقات اجلبائية؛‬
‫‪ -‬تقرير حول الدين العمومي؛‬
‫‪ -‬تقرير حول امليزانية القائمة على النتائج من منظور النوع؛‬
‫‪ -‬تقرير حول املوارد البشرية واملقاصة وحول العقار العمومي املعبأ لالستثمار‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مجلة المالية‪ ،‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬العدد ‪ ،18‬نونبر ‪ ،2012‬الصفحة ‪.15‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 48‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ومن جتليات إضفاء طابع الشفافية على املالية العمومية جند آلية تصفية امليزانية‪ .‬فمن خالل قانون‬
‫التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية للسنة‪ ،‬يتم إثبات وحصر املبالغ الرمسية والنهائية للمداخيل املقبوضة‬
‫والنفقات املؤشر على األمر بصرفها برسم كل سنة مالية‪.‬‬

‫وقد اجته القانون التنظيمي للمالية اىل أبعد مدى يف تكريس شفافية املالية العمومية لغاية ضمان املصلحة‬
‫العامة من خالل إمكانية قانون التصفية يف إثبات التجاوزات املرصودة يف االعتمادات املفتوحة واإلذن‬
‫بتسويتها انهيك عن إلغاء االعتمادات الغري املستعملة‪.‬‬

‫ومن أبرز مظاهر الشفافية يف املالية العمومية جند إلزامية وضع جمموعة من الواثئق رهن إشارة السلطات‬
‫العمومية مبناسبه إعداد مشروع قانون التصفية‪ ،‬ومن ضمن هذه الواثئق جند ‪:1‬‬

‫‪ ‬احلساب العام للدولة مدعم ابحلصيلة احملاسبية والبياانت املالية االخرى والتقييم‪.‬‬
‫‪ ‬ملحق يتعلق ابالعتمادات االضافية املفتوحة مرفقا بكل االثبااتت الضرورية عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ ‬تقرير حول املوارد املرصدة للجماعات الرتابية‪.‬‬
‫جناعة االداء‪.‬‬ ‫‪ ‬تقرير افتحا‬

‫وبذلك بناء على ما أسهبنا ذكره‪ ،‬فإن مرتكزات الشفافية تسعى اىل ضمان التدبري اجليد واألمثل واملعقلن‬
‫والرشيد للمالية العمومية‪.‬‬

‫ومن جتليات ارساء الشفافية يف الرقابة على املالية العمومية جند إدراج مؤسسات احلكامة اجليدة يف‬
‫‪2‬‬
‫الدستور ودورها يف جتسيد مبدأ الشفافية يف تدبري الشأن العام‪.‬‬

‫وكما سبقت اإلشارة‪ ،‬فإن السياسات العمومية املنزلة يف املالية العمومية‪ ،‬يظل املواطن ابلدرجة األوىل‬
‫حمور ارتكازها‪ ،‬ونظرا ألثرها املباشر على وضعية املواطن‪ ،‬فإن مبدأ الشفافية يعد من املبادئ الدستورية املؤطرة‬
‫يف جانب املالية العمومية مبا يضمن سالمة القرار املايل العمومي‪ ،‬ومن هذا املنطلق فإن ارساء الشفافية يف‬
‫التدبري اجليد واملندمج املتكامل املتعدد االبعاد للمالية العمومية يتجسد من خالل اإلفصاح العلين للمعطيات‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 66‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مجلة المالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.15‬‬

‫‪16‬‬
‫اخلاصة ابمليزانيات العمومية ووضع رؤية اسرتاتيجية للمالية العمومية وتوضيح الروابط املالية بني الدولة‬
‫واجلماعات الرتابية‪.1‬‬

‫هكذا نعترب أ ن شفافية املالية العمومية قوامها تقدمي الوضعيات املالية واحملاسباتية للمرافق العمومية سواء‬
‫كان مجاعات ترابية او مؤسسات عمومية او هيئات عامة او منشآت مكلفة مبهام تدخل يف صميم املرفق‬
‫العام‪ ،‬وذلك من أجل التمكن من القيام مبقارنة يف الزمان واملكان لوضعية املالية العمومية وظرفيتها وتقييمها‪.‬‬

‫أن تكريس مظاهر الشفافية يف املالية العمومية جيعل تدبري هذه األخرية خاضع ملبادئ احلكامة اجليدة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ويتجسد ذلك من خالل الضوابط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬وجود ضماانت للمصداقية والنسجام املعطيات املاكرو اقتصادية واملعطيات ذات الصلة ابمليزانية‪.‬‬
‫‪ ‬وجود ضماانت مرتبطة ابستقاللية اهليئات املكلفة بتقدمي املعطيات السالفة‪.‬‬
‫‪ ‬التحديد الواضح والصريح لالختصاصات والعالقات املالية بني الدولة واجلماعات الرتابية واملؤسسات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫إذن فكل أسس الشفافية اليت تؤطر املالية العمومية تضمن ركائز نظام مايل وحماسبايت شامل وجامع‬
‫ومانع ومندمج‪ ،‬وهذا ما سيجعل السياسة العمومية املتخذة يف املالية العمومية وكذا القرارات املالية العمومية‬
‫املرتتبة عنها‪ ،‬يكون هلا أثر إجيايب على املواطن ابعتباره معين آبليات املالية‪ ،‬وهذا ما سيساهم يف النهوض‬
‫أبوضاعه االقتصادية واملادية واالجتماعية وحتسينها والرفع من مؤشرات جودهتا‪.‬‬

‫‪ .2‬اجلودة‬

‫يعترب مبدأ اجلودة جزء ال يتجزأ من مبادئ احلكامة اجليدة كما تضمنت ذلك الوثيقة الدستورية‪ ،‬وبصفة‬
‫عامة خيضع تدبري وتسيري املرافق العمومية ملعايري اجلودة وفق قواعد وقيم الدميقراطية التشاركية‪ ،‬وجتد اجلودة‬
‫سندها بصفة خاصة يف تدبري املالية العمومية‪ ،‬حيث أن اجلودة تعترب معيارا اساسيا لقياس مدى التدبري‬
‫املعقلن والرشيد للمالية العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مجلة المالية‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ‪.16‬‬
‫‪2‬‬
‫مجلة المالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.16‬‬

‫‪17‬‬
‫وترتبط اجلودة ارتباطا وثيقا بتحديث أمناط التدبري‪ ،1‬ويتجلى ذلك من خالل تعزيز مبادئ وقيم‬
‫الدميقراطية وااللتزام بتدبري خاضع ألحدث معايري التنظيم والتسيري‪.‬‬

‫من هذا املنطلق فإن جودة تدبري املالية العمومية تتأسس وترتكز على فعالية وجناعة األداء املايل وفق‬
‫‪2‬‬
‫منظور متكامل جلودة املالية العمومية‪ ،‬ويف هذا السياق فإننا حنيل على التحلي خباصية اجلودة الشاملة‪.‬‬

‫فقاعدة اجلودة الشاملة متكن الفاعلني واملتدخلني يف جمال املالية العمومية من القيام حبسن االداء املايل‬
‫للمؤسسات االقتصادية واملالية‪ ،‬ومفاد ذلك ان اجلودة الشاملة كأساس دستوري لتدبري املالية العمومية‪ ،‬تعين‬
‫نظام إداري متكامل يشمل كافة االنشطة والعمليات اليت حتقق احتياجات وتوقعات العمالء احلالية‬
‫واملستقبلية‪ ،‬ويتم ذلك بتكامل وتظافر جهود مجيع العاملني يف املؤسسة على اختالف مستوايهتم للعمل على‬
‫‪3‬‬
‫التحسني املستمر للخدمات واإلبداع يف العمل يف كافة اجملاالت‪ ،‬مبا يضمن االداء التنظيمي املتميز‪.‬‬

‫وبناء على ما أسهبنا ذكره‪ ،‬يتضح ان االداء اجليد للمالية العمومية يتحقق وفق مؤشرات اجلودة الشاملة‬
‫الواجب تبنيها من لدن الفاعلني واملتدخلني يف األداء املايل‪ .‬وتتمثل مؤشرات اجلودة الشاملة يف التدبري اجليد‬
‫للمالية العموميه وفق القيام بدراسات اكتوارية لعناصر تكاليف العمومية من قبيل‪: 4‬‬

‫‪ ‬تكاليف الوقاية‪.‬‬
‫‪ ‬تكاليف الكشف واالختبار‪.‬‬
‫‪ ‬تكاليف املعيب (االختالالت)‪.‬‬

‫هكذا اذن نستشف ان مبدأ اجلودة يعترب مرتكز دستوري اىل جانب مبدأ الشفافية‪ ،‬فكالمها يشكالن‬
‫رافعتان حنو تدبري أمثل للمالية العمومية مبا حيقق تنمية مالية مستدامة ذات أثر اجيايب على املواطن‪.‬‬

‫‪ .3‬ربط املسؤولية ابحملاسبة يف تدبري املال العام‬

‫قبل اخلوض يف تطبيقات قاعدة ربط املسؤولية ابحملاسبة يف تدبري املال العام ‪ ،‬فإنه جتدر اإلشارة إىل أن‬
‫ربط املسؤولية ابحملاسبة يعترب من املبادئ الدستورية املهمة يف احلياة السياسية ويف الشأن العام ‪ ،‬وقد تعزز‬

‫‪1‬‬
‫مجلة المالية‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ‪14‬‬
‫‪2‬‬
‫بحري سارة‪ ،‬عطا هللا عبد الحميد‪ ،‬اثر تطبيق مدخل الجودة الشاملة على االداء المالي للمؤسسة االقتصادية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في العلوم المالية‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 2022/2021‬الصفحة ‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫بحري سارة ‪ ،‬عطا هللا عبد الحميد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪.2‬‬
‫‪4‬‬
‫بحري سارة ‪ ،‬عطا هللا عبد الحميد ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة ‪.13‬‬

‫‪18‬‬
‫ذلك من خالل االرتقاء مبكانته الدستورية حيث أشارت اليه الوثيقة الدستورية يف مقتضيات متفرقة ‪ ،‬وما‬
‫يثبت فعليا املكانة الدستورية املهمة ملبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة هو تضمني املشرع الدستوري هلذا املبدأ يف‬
‫الفصل االول من دستور ‪ 1 2011‬حيث أكد على أن النظام الدستوري للمملكة يرتكز على أساس ربط‬
‫املسؤولية ابحملاسبة ابعتبارها مبدائ أساسيا ضمن مبادئ احلكامة اجليدة‪.‬‬

‫وقد وجد مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة تطبيقه وتنزيله يف املالية العمومية نظرا الرتباط هذه األخرية‬
‫ابلتوازانت املاكرو االقتصادية للدولة بشكل عام وأثرها على الوضع االقتصادي واالجتماعي للمواطنني بشكل‬
‫خا ‪.‬‬

‫وقد مت ترسيخ مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة كأساس دستوري لتدبري جيد للمالية العمومية من خالل‬
‫القانون التنظيمي للمالية ‪ 130.13‬حيث اعترب املشرع املايل ربط املسؤولية ابحملاسبة يكرس مسألة التالزم‬
‫بني ممارسة املسؤوليات والوظائف العمومية ابحملاسبة‪. .‬‬

‫ويف هذا اإلطار فقد كرس القانون التنظيمي للمالية ‪ 130.13‬قاعدة ربط املسؤولية ابحملاسبة كمبدأ‬
‫أساسي ضمن احلكامة املالية‪ ،‬بل األكثر من ذلك‪ ،‬فقد اعتمدت فلسفته على إقرار إصالح شامل وعميق‬
‫للسياسات العمومية املعتمدة يف جمال املالية العمومية من خالل إعداد وختطيط وتدبري نزيه ومعقلن وشفاف‬
‫وتشاركي للميزانية العامة‪.‬‬

‫ومن خالل القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 130.13‬جنده قد جعل مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة‬
‫أساسا جوهراي وشرطا الزما يف تدبري جيد للمالية العمومية‪.‬‬

‫ومن جتليات ربط املسؤولية ابحملاسبة يف املالية العمومية‪ ،‬هناك تقوية التدخل الربملاين يف املالية العمومية ‪،‬‬
‫وذلك من خالل ختويل املؤسسة التشريعية صالحية بسط رقابتها على املالية العمومية ‪ ،‬وما دام الربملان يضم‬
‫ممثلي األمة ويتحدث ون ابمسهم ‪،‬فإنه ميارس الرقابة على املالية العمومية من خالل جمموعه من اليات الرقابة ‪،‬‬
‫لعل ابرزها األسئلة الشفوية خالل جلسات الربملان حول السياسات العمومية املتخذة يف اجملال املايل‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬شعبان ‪ 29( 1432‬يوليوز ‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مشروع قانون املالية‬ ‫واللجان املالية مثل جلنة املالية والتنمية االقتصادية واليت تضطلع مبهمة دراسة وافتحا‬
‫قبل عرضه على التصويت واملصادقة‪.‬‬

‫ومن أبرز جتليات ربط املسؤولية ابحملاسبة يف املالية العمومية جند تدخل اجمللس األعلى للحساابت حيث‬
‫أصبح يتوىل هذا االخري اختصاصات تكمن يف تقييم ومحاية مبادئ وقيم احلكامة الرشيدة من خالل فحص‬
‫النفقات املتعلقة ابلعمليات االنتخابية ‪،‬مساعدة الربملان يف اجملاالت املتعلقة مبراقبة املالية العامة‪ ،‬االجابة عن‬
‫االسئلة واالستشارات املرتبطة مبهام الربملان يف التشريع واملراقبة والتقييم املتعلق ابملالية العامة فضال عن‬
‫صالحيته يف اختاذ جزاءات مبناسبة االخالل ابلقواعد املطبقة على العمليات املتعلقة مبداخيل ومصاريف‬
‫‪1‬‬
‫األجهزة اخلاضعة ملراقبته وتقييم شكليات تدبريها لشؤوهنا ‪.‬‬

‫هكذا اذن نستشف ان إقرار مبدأ ربط املسؤولية ابحملاسبة يف تدبري املالية العمومية يعد سندا ومرتكزا ابلغ‬
‫األمهية إلعمال احلكامة اجليدة لتوظيف املال العام يف مشاريع تنموية اسرتاتيجية من شأهنا حتسني الوضع‬
‫االقتصادي واالجتماعي للمواطن الذي يظل يف صلب السياسات العمومية املتخذة يف اجملال املايل‪.‬‬

‫منه يف إقرار حكامة‬ ‫فإىل جانب معياري الشفافية واجلودة‪ ،‬نعترب ربط املسؤولية ابحملاسبة معيارا ال منا‬
‫جيدة يف تدبري جيد للمالية العمومية وفق الركائز الدستورية ‪،‬وهكذا فإعمال قواعد اجلودة والشفافية وربط‬
‫املسؤولية ابحملاسبة سيضع حد هلدر املال العام وتوجيه األموال العمومية حنو املشاريع واألنشطة التنموية‬
‫وتوظيفها يف االوراش االسرتاتيجية اليت هتم وضعية املواطن ابلدرجة األوىل وتساهم يف حتسني وضعه‬
‫االقتصادي واالجتماعي والنهوض به ‪ ،‬وعندئذ ‪ ،‬سنتحدث عن احلكامة املالية اليت تستلهم القواعد‬
‫الدستورية للحكامة اجليدة لغاية التدبري اجليد للمالية العمومية القائم على االهداف والنتائج وليس على‬
‫الوسائل واالشخا ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬املقاربة التشاركية يف حتسني أداء املالية العمومية‪.‬‬


‫كرس اإلصالح الدستوري لسنة ‪ 2011‬متبوعا ابلقوانني التنظيمية اجلديدة املتعلقة ابجلماعات الرتابية‬
‫مبدأ املشاركة املواطنة يف التشريع الوطين واليت أعطت هامشا مهما للمجالس الرتابية املنتخبة يف وضع وتطبيق‬

‫‪1‬‬
‫محمد سكلى‪ ،‬مقال منشور بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 2014‬على موقع العلوم القانونية ‪ Maroc droit‬معنون ب "ربط المسؤولية بالمحاسبة على ضوء التقرير‬
‫االخير للمجلس االعلى للحسابات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫آليات تشاركية للحوار والتشاور خمتلفة األمهية على عدة مستوايت منها‪ :‬اإلخبار‪ ،‬االستشارة والتشاور وكذا‬
‫اإلصدار املشرتك للقرار‪.1‬‬

‫تضمن الفصل ‪ 139‬من الدستور آلية حقيقية لتجسيد نظام االستشارة‪ 2‬الشعبية‪ ،‬حيث جتسد على‬
‫املقاربة التشاركية على مستوى احمللي للمجالس املنتخبة والذي ينص على أنه "تضع جمالس اجلهات وجمالس‬
‫اجلماعات الرتابية األخرى آلية تشاركية للحوار والتشاور لتيسري مسامهات املواطنني واملواطنات واجلمعيات يف‬
‫إعداد برامج التنمية‪ "....‬ترتجم عدة مواد قانونية أخرى هذا التوجه اجلديد للمشرع بناء على أساس رئيسي‬
‫وهو الدميقراطية املواطنة والتشاركية ومبادئ احلكامة اجليدة‪.‬‬

‫ابلنسبة للمستوى اجلماعي وعلى غرار املستوايت الرتابية األخرى فإن درجة اخنراط املواطنني يف تدبري‬
‫الشؤون العامة رهني ابإلرادة السياسية للمجالس اجلماعية واستعدادها ألخذ مبادرة إطالق دينامية للمشاركة‬
‫املباشرة مبا يتطابق مع خصوصيات السياق احمللي‪ ،‬وتتجلى آليات هذه املقاربة التشاركية يف مسامهة اجملتمع‬
‫املدين‪ ،‬واملواطن وكذا اهليئات النقابية لألجراء واملنظمات املمثلة للمشغلني يف دينامية حتسني أداء املالية‬
‫العمومية لتحقيق الشفافية‪ ،‬واحلكامة والنجاعة‪.‬‬

‫‪ .1‬مسامهة اجملتمع املدين‬

‫إن اجملتمع املدين حيتل حاليا مكانة متقدمة يف دستور ‪ ،2011‬حيث يقوم تدخله على العمل‬
‫التطوعي ويشكل رافعة من أجل وضع لبنات التنمية االجتماعية يف فضاء عمومي مفتوح حتكمه قيم املواطنة‬
‫ومبادئ الدميقراطية وحقوق االنسان‪.‬‬

‫ونصت الوثيقة الدستورية مبقتضى الفصل ‪ 12‬على الدور األساسي الذي يلعبه اجملتمع املدين يف إطار‬
‫الدميقراطية التشاركية و أكدت على حقه يف تقدمي العرائض و ملتمسات تشريعية و املسامهة يف بلورة‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬حيث ينص الفصل املذكور وخاصة الفقرة الثالثة منه على أن "تساهم اجلمعيات املهتمة‬
‫بقضااي الشأن العام‪ ،‬واملنظمات غري احلكومية‪ ،‬يف إطار الدميوقراطية التشاركية‪ ،‬يف إعداد قرارات ومشاريع‬
‫لدى املؤسسات املنتخبة والسلطات العمومية‪ ،‬وكذا يف تفعيلها وتقييمها"‪ ،‬وعلى هذه املؤسسات والسلطات‬

‫‪1‬‬
‫تقرير المديرية العامة للجماعات المحلية ‪2017‬حول‪ :‬القرار المشترك نموذج آلية الميزانية التشاركية‪ ،‬منشور ضمن سلسلة المنشورات التي تعنى‬
‫بموضوع الحكامة التشاركية المحلية على البوابة الوطنية للجماعات الترابية‪ ،،‬الصفحة ‪.4‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد أجعون‪ ،‬الجهوية المتقدمة في الدستور المغربي لسنة ‪ ،2011‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬المغرب‪ ،‬الصفحة ‪.80‬‬

‫‪21‬‬
‫تنظيم هذه املشاركة طبق ضوابط و كيفيات حيددها القانون"‪ ،‬كما أكد الفصل ‪ 13‬على "أن السلطات‬
‫العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور‪ ،‬قصد إشراك خمتلف الفاعلني االجتماعيني‪ ،‬يف إعداد‬
‫السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وكرست القوانني التنظيمية اخلاصة ابجلهات‪( 1‬القانون التنظيمي رقم ‪ ،)111.14‬والعماالت واألقاليم‬
‫(القانون التنظيمي رقم ‪ ،)112.14‬وكذا اجلماعات (القانون التنظيمي ‪ ،3)113.14‬على آليات للمشاركة‬
‫الشعبية عرب التنصيص على جمموعة من اهليئات االستشارية‪ 4‬اليت تشكل دعامة أساسية لتطبيق هذا التوجه‪،‬‬
‫وهي هيئات استشارية بشراكة مع فعاليات اجملتمع املدين ختتص بدراسة القضااي املتعلقة بتفعيل مبادئ‬
‫املساواة وتكافؤ الفر ومقاربة النوع‪.‬‬

‫وإن مل تنص هذه القوانني التنظيمية صراحة على مشاركة هذه اهليئات االستشارية على اعتماد امليزانية‬
‫بقواعد احلكامة حبسن تطبيق مبدأ التدبري‬ ‫التشاركية‪ ،5‬إال أن اإلشارة إليها جاءت من خالل القسم اخلا‬
‫احلر‪ ،‬حيث يتوجب إعداد الربامج التنموية احمللية وفق منهج تشاركي‪ ،‬يعتمد على آليات احلوار والتشاور يف‬
‫إعداده وتتبعه وتقييمه وحتيينه‪ ،‬ويتم تفعيل امليزانية التشاركية يف عدد من اجلماعات اليت تتبع جمموعة من‬
‫املراحل يف إعدادها‪ ،‬فتتدخل من خالل آلية الرتافع على ختصيص ميزانيات أتخذ بعني االعتبار مقاربة النوع‪،‬‬
‫سواء على مستوى الربامج التنمية اجلهوية‪ ،‬أو من خالل آليات تقدمي العرائض‪ ،‬حيث خصص الفصل ‪121‬‬
‫من القانون التنظيمي املتعلق ابجلهات كيفيات وشروط تقدمي هذه العرائض من طرف مجعيات اجملتمع املدين‬
‫املعرتف هبا‪.‬‬

‫‪ .2‬دور املواطن‬

‫تتجلى اآلليات الدستورية للدميوقراطية التشاركية أيضا من خالل إشراك املواطنني للمشاركة يف القرارات‬
‫بصفة عامة ويف جتويد أداء املالية بصفة خاصة من خالل املقتضيات الدستورية مبوجب الفصل ‪ 14‬من‬

‫‪1‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.83‬صادر في ‪ 20‬من رمضان ‪ 7( 1436‬يوليوز‬
‫‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،6380‬الصفحة ‪.6585‬‬
‫‪2‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت أواألقاليم‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.84‬صادر في ‪ 20‬من رمضان ‪7( 1436‬‬
‫يوليوز ‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،6380‬الصفحة ‪.6625‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.85‬صادر في ‪ 20‬من رمضان ‪7( 1436‬يوليوز‬
‫‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،6380‬الصفحة ‪.6660‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الحافظ ماموح‪ ،‬اآلليات التشاركية للحوار والتعاون بين الجماعات الترابية والمجتمع المدني (المجلد عدد ‪ ،)07‬لسنة ‪ ،2017‬سلسلة الدراسات‬
‫الدستورية والسياسية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.176‬‬
‫‪5‬‬
‫محمد سويلم‪ ،‬مجلة الواحات للبحوث والدراسات‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2021‬جامعة غرداية الصفحة ‪.347‬‬

‫‪22‬‬
‫الدستور الذي ينص على ما يلي‪« :‬للمواطنات واملواطنني‪ ،‬ضمن شروط وكيفيات حيددها قانون تنظيمي‪،‬‬
‫احلق يف تقدمي ملتمسات يف جمال التشريع»‪ ،‬يف حني تتمثل اآللية الثانية يف الفصل ‪ 15‬من الدستور والذي‬
‫ينص على أن‪« :‬للمواطنات واملواطنني احلق يف تقدمي العرائض‪ ،‬إىل السلطات العمومية‪ .‬وحيدد قانون تنظيمي‬
‫شروط وكيفيات ممارسة هذا احلق»‪.‬‬

‫وتعرف العريضة أهنا كل حمرر يطالبه مبوجبه املواطنون واملواطنات واجلمعيات جملس اجلماعة الرابية حسب‬
‫املستوى‪ ،‬اجلماعة‪ ،‬أو اجلهة أو العمالة أو اإلقليم‪ ،‬إبدراج نقطة التدخل يف صالحياته ضمن جدول أعماله‪،‬‬
‫ويضبط القانون شروط وآليات تفعيل هذه التقنية‪ ،1‬غري أهنا تبقى يف كافة األحوال رهينة لقبول مكتب‬
‫اجمللس إلدراجها جبدول األعمال‪ ،‬ابعتبار أن املكتب ميكن له أن يرفض هذه العريضة‪ ،‬ويتم تبليغ الوكيل أو‬
‫ممثل اجلمعية حسب هبذا الرفض خالل شهرين‪ ،‬من اتريخ توصله ابلعريضة ابلنسبة للجهات وللعماالت‬
‫واألقاليم‪ ،‬أو ثالث أشهر ابلنسبة للجماعات‪.‬‬

‫وعالقة ابعتماد امليزانية التشاركية ينطبق عليها نفس مبدأ اجلمعيات حيث مل تنص القوانني التنظيمية‬
‫بقواعد احلكامة حبسن تطبيق‬ ‫صراحة على مشاركة املواطنني‪ ،‬واكتفت اإلشارة إليها من خالل القسم اخلا‬
‫مبدأ التدبري احلر‪ ،‬حيث يتوجب إعداد الربامج التنموية احمللية وفق منهج تشاركي‪ ،‬يعتمد على آليات احلوار‬
‫والتشاور يف إعداده وتتبعه وتقييمه وحتيينه‪ ،‬ويتم تفعيل امليزانية التشاركية يف عدد من اجلماعات اليت تتبع‬
‫جمموعة من املراحل يف إعدادها‪ ،‬فيتدخل املواطنون على غرار اجلمعيات من خالل انتداب مندويب األحياء أو‬
‫برامج التجهيز‬ ‫ما يعرف مبنتدايت املواطنني‪ ،‬اليت تتم من خالل مشاركة السكان يف حتديد األولوية خبصو‬
‫احمللية‪.2‬‬

‫أما فيما خيص مشاركة املواطنني يف جمال التشريع‪ ،‬وتفعيال لألحكام الدستورية وخاصة الفصلني ‪14‬‬
‫و‪ 15‬من الدستور‪ ،‬فقد صدر القانون التنظيمي رقم ‪ 64.14‬بتحديد شروط وكيفيات تقدمي امللتمسات يف‬
‫جمال التشريع‪ ،3‬حيث عرفتها املادة ‪ 2‬من القانون املذكور أن "امللتمس يف جمال التشريع بقصد به كل مبادرة‬

‫‪1‬‬
‫رضوان لعزيزي‪ ،‬الديموقراطية التشاركية للشأن الجهوي العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬سنة ‪-2017‬‬
‫‪ ،2018‬الصفحة ‪https://hazbane.asso-web.com/uploaded/.pdf ،8‬‬
‫‪2‬‬
‫تقرير المديرية العامة للجماعات المحلية ‪2017‬حول‪ :‬القرار المشترك نموذج آلية الميزانية التشاركية‪ ،‬منشور ضمن سلسلة المنشورات التي تعنى‬
‫بموضوع الحكامة التشاركية المحلية على البوابة الوطنية للجماعات الترابية‪ ،‬الصفحة ‪.27‬‬
‫‪3‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 64.14‬بتحديد شروط وكيفيات تقديم الملتمسات في مجال التشريع‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.108‬صادر في ‪23‬‬
‫من شوال ‪ 28( 1437‬يوليوز ‪ ،)2016‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6492‬الصفحة ‪.6077‬‬

‫‪23‬‬
‫يتقدم هبا مواطنات ومواطنون وفق أحكام هذا القانون التنظيمي هبدف املسامهة يف املبادرة التشريعية‪ ،‬ويشار‬
‫إليها ابسم «امللتمس»"‪ ،‬وقد حددت الفقرة الثانية من نفس املادة أن " أصحاب امللتمس‪ :‬هم املواطنات‬
‫واملواطنون أصحاب امللتمس‪ :‬املقيمون ابملغرب أو خارجه الذين اختذوا املبادرة إلعداد امللتمس ووقعوا عليه‪،‬‬
‫شريطة أن يكونوا متمتعني حبقوقهم املدنية والسياسية ومقيدين يف اللوائح االنتخابية العامة"‪ ،‬إال أن هذا‬
‫القانون يستثين بعض اجملاالت منها القوانني التنظيمية‪.‬‬

‫‪ .3‬اهليئات النقابية لألجراء واملنظمات املمثلة للمشغلني‪.‬‬

‫يكرس القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬املتعلق مبجلس املستشارين‪ 1‬متثيلية اهليئات النقابية لألجراء‬
‫واملنظمات املمثلة للمشغلني‪ ،‬حيث ختصص املادة األوىل من هذا القانون التنظيمي ‪ 08‬مقاعد متثل اهليئات‬
‫املهنية األكثر متثيلية‪ ،‬و ‪ 20‬مقعدا للمنظمات هليئة انخبة مكونة من ممثلي املأجورين‪ ،‬وذلك تنزيال ملقتضيات‬
‫الفصل ‪ 63‬من الدستور وخاصة الفقرة الثانية منه‪ ،‬والذي ينص على أنه يتكون جملس املستشارين من "‬
‫مخسان من األعضاء تنتخبهم‪ ،‬يف كل جهة‪ ،‬هيئات انخبة تتألف من املنتخبني يف الغرف املهنية للمشغلني‬
‫األكثر متثيلية‪ ،‬وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطين‪ ،‬هيئة انخبة مكونة من ممثلي املأجورين"‪.‬‬

‫وحتدد الفقرة الثالثة من نفس املادة شروط وكيفيات متثيلية املنظمات املهنية للمشغلني ويعرف ابملنظمات‬
‫املهنية للمشغلني األكثر متثيلية على الصعيد اجلهوي‪ ،‬كل منظمة مهنية للمشغلني الذين يزاولون نشاطهم يف‬
‫اجلهة أو اجلهات املعنية يف واحد أو أكثر من قطاعات الفالحة أو الصيد البحري أو الصناعة أو التجارة أو‬
‫الصناعة التقليدية أو اخلدمات‪ ،‬تستجيب للمعايري التالية‪:2‬‬

‫‪ -‬أن تؤسس بصفة قانونية وأن تشتغل طبقا للمبادئ الدميقراطية وأنظمتها األساسية؛‬
‫‪ -‬أن يكون مقرها ابجلهة أو إبحدى اجلهات املعنية أو تتوفر على متثيلية هبا‪ ،‬طبقا ألنظمتها‬
‫األساسية‪.‬‬

‫كما حددت الفقرة ‪ IV‬اهليئة الناخبة املكونة من ممثلي املأجورين من جمموع‪:‬‬

‫‪ -‬مندويب املستخدمني يف املنشآت؛‬

‫‪1‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬المتعلق بمجلس المستشارين‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.172‬صادر في ‪ 24‬من ذي الحجة ‪21( 1432‬‬
‫نوفمبر ‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5997‬مكرر‪ ،‬الصفحة ‪.5520‬‬
‫‪2‬‬
‫نفس المرجع‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬ممثلي املستخدمني يف جلان النظام األساس واملستخدمني يف املنشآت املنجمية؛‬
‫عليها يف النظام األساسي‬ ‫‪ -‬ممثلي املوظفني يف اللجان اإلدارية املتساوية االعضاء املنصو‬
‫العام للوظيفة العمومية واألنظمة األساسية اخلاصة مبوظفي اجلماعات ومستخدمي‬
‫املؤسسات العمومية‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بتجويد وحتسني أداء املالية العمومية تساهم هذه اهليئات يف مزاولة الصالحيات املخصصة‬
‫جمللس املستشارين‪ ،‬مبقتضى الفصل ‪ 70‬من الدستور يف ممارسة السلطة التشريعية‪ ،‬والتصويت على القوانني‪،‬‬
‫ومراقبة عمل احلكومة وتقييم السياسات العمومية‪.‬‬

‫القانون من بينها "‪....‬النظام الضرييب‪ ،‬ووعاء الضرائب‬ ‫ومبقتضى الفصل ‪ 71‬الذي حيدد اختصا‬
‫ومقدارها وطرق حتصيلها‪ ،‬النظام القانوين إلصدار العملة ونظام البنك املركزي‪ ،‬نظام اجلمارك‪ ،"...‬وكذا‬
‫الفصل ‪ 86‬حول كيفيات املصادقة على مشاريع القوانني التنظيمية‪ ،‬والفصل ‪ 75‬حول كيفيات التصويت‬
‫على قانون املالية‪.‬‬

‫إن اعتماد آليات املقاربة التشاركية يف الشأن العمومي من شأنه حتسني وجتويد أداء املالية العمومية‪،‬‬
‫وتعزيز مبادئ املساواة والشفافية والنجاعة‪ ،‬وإن وتكريسه من خالل الوثيقة الدستورية والقوانني التنظيمية‬
‫النابعة منه‪ ،‬من شأنه إرساء أرضية مهمة يف الفقه وكذا االجتهاد يف جمال القانون الدستوري املغريب‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القوانني التنظيمية لقانون املالية‬


‫تُنظم املالية العمومية ابملغرب مبجموعة من القوانني التنظيمية‪ ،‬أمهها القانون التنظيمي رقم ‪130-13‬‬
‫لقانون املالية‪ .‬حتدد هذه القوانني مبادئ وأحكام املالية العمومية‪ ،‬مبا يف ذلك إعداد وتنفيذ ومتابعة قانون‬
‫املالية‪ ،‬وتدبري امليزانيات‪ ،‬وحتصيل املوارد املالية‪ ،‬ومراقبة تنفيذ القانون‪ .‬كما تُكمل هذه القوانني النصو‬
‫التشريعية األخرى كمراسيم تنفيذ وإعداد امليزانية وكذلك املراسيم املتعلقة ابملراقبة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القانون التنظيمي للمالية كمصدر لتأطري املالية العمومية‬


‫يُع ّد القانون التنظيمي للمالية أدا ًة أساسيةً لتأطري املالية العمومية يف املغرب‪ ،‬وقد شهد هذا القانون‬
‫ات متعددةً منذ صدوره ألول مرة يف املغرب يف فرتة احلماية اىل غاية صدور اخر قانون تنظيمي لقانون‬ ‫تطور ٍ‬

‫‪25‬‬
‫املالية سنة ‪ .20151‬ومع مرور الزمن‪ ،‬يواجه القانون التنظيمي بعض التحدايت‪ ،‬مثل صعوبة التطبيق وعدم‬
‫مواكبة التطورات‪ .‬لذلك‪ ،‬يُقرتح تطويره من خالل تبسيط النصو ‪ ،‬ومواكبة التطورات العاملية‪ ،‬وتعزيز‬
‫الفعالية‪ ،‬وإشراك الفاعلني‪ ،‬وإجراء تقييم مستمر‪.‬‬
‫شهدت فرتة احلماية الفرنسية على املغرب بزوغ املنظومة املغربية للمالية العمومية‪ ،‬واليت أضفى عليها‬
‫دستور ‪ 1962‬طابعا أكثر عصرية وحداثة‪ .‬ويثبت التاريخ القانوين واملؤسسايت املغريب وجود عالقة ترابطية‬
‫بني املراجعات الدستورية من جهة وإصالح القوانني التنظيمية املؤطرة للميزانية من جهة أخرى‪ ،‬حبيث ينشأ‬
‫هذا الرتابط جراء أتثري التحوالت والتغريات يف السياقات السياسية واالقتصادية واالجتماعية على تطور‬
‫القوانني التنظيمية للمالية‪2.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اإلطار القانوين للمالية العمومية منذ فرتة احلماية اىل سنة ‪1998‬‬
‫خالل فرتة احلماية وغداة االستقالل‬

‫حتوال جذرًاي يف النظام املايل املغريب‪ .‬فقبل احلماية‪،‬‬


‫أحدثت احلماية الفرنسية يف بداية القرن العشرين ً‬
‫كانت املؤسسات املالية التقليدية‪ ،‬مثل "األمناء" و"بيت املال" و"دار عديل" و"خزينة السلطان"‪ ،‬هي‬
‫السائدة‪ ،‬وكانت ذات طابع ديين يف املقام األول‪ .‬غري أن احلماية الفرنسية عملت على استبدال هذه‬
‫املؤسسات مبؤسسات مالية عصرية‪ ،‬مستوحاة من النموذج الفرنسي‪.‬‬
‫ومن أبرز التغيريات اليت فرضتها احلماية‪ ،‬تبين فكرة امليزانية العامة‪ ،‬وإنشاء خزينة عمومية إلدارة األموال‬
‫العامة‪ .‬كما مت تكليف مفتش املالية "‪ "GALLUT‬إبنشاء مديرية عامة للمالية تضم مصاحل متعددة‪،‬‬
‫هبدف تنظيم املالية العامة بشكل أكثر كفاءة‪.‬‬
‫جهازا ملراقبة االلتزام بنفقات‬
‫وملواجهة اخلروقات املالية اليت بدأت يف الظهور‪ ،‬أنشأت السلطات الفرنسية ً‬
‫الدولة‪ ،‬وذلك ملراقبة النفقات العامة بشكل مسبق‪ .‬ولكن‪ ،‬مل تقتصر التغيريات على استحداث مؤسسات‬
‫أيضا بربط مجيع املعامالت واحلساابت املالية املغربية مبركز القرار يف‬
‫جديدة‪ ،‬بل قامت السلطات الفرنسية ً‬
‫فرنسا‪ ،‬من خالل إخضاعها لرقابة احلساابت الفرنسية‪ .‬وهكذا‪ ،‬أدت احلماية الفرنسية إىل إحداث تغيريات‬

‫‪1‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.62‬الصادر في ‪ 14‬من شعبان ‪ 2 /1436‬يونيو ‪ ،2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 6370‬الصادرة في فاتح رمضان ‪ 18 /1436‬يونيو ‪ ،2015‬ص‪.5810 :‬‬
‫‪2‬‬
‫نشأة وتطور القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،https://shorturl.at/ru378 ،‬تاريخ الولوج ‪2024-03-19‬‬

‫‪26‬‬
‫شاملة يف النظام املايل املغريب‪ ،‬ولكن هذه التغيريات مل تكن ابلضرورة إجيابية ابلنسبة للمغرب‪ ،‬حيث أهنا أدت‬
‫إىل ربط اقتصاده وماليته بفرنسا‪ ،‬مما حد من استقالليته يف إدارة شؤونه املالية‪1.‬‬
‫ترتب على رحيل االستعمار‪ ،‬فراغا قانونيا وتنظيما على مستوايت خمتلفة‪ ،‬يهمنا منها اجملال املايل‪،‬‬
‫ذلك أن السلطات املغربية وأمام استحالة استمرار خضوع مالية البالد لرقابة هيئات العليا الفرنسية ملا يف ذلك‬
‫مس ابلسيادة الوطنية‪ ،‬وسعيا من املغرب تكريس االستقالل املايل فقد ابدر إىل أتسيس وزارة لالقتصاد الوطين‬
‫واملالية مبقتضى ظهري ‪ 1956‬على أنقاض املديرية العامة للمالية العامة املؤسسة على عهد احلماية‪2 .‬‬
‫مث أنشئ يف مرحلة اثنية جهازا مركزاي للمراقبة جتسد يف اللجنة الوطنية للحساابت احملدثة بظهري ‪ 14‬أبريل‬
‫‪ ،1960‬اليت أانط هلا املشرع مهمة إجراء املراقبة على احملاسبني العموميني فيما يتعلق ابلنفقات العمومية‪.‬غري‬
‫أن جتربة هذه اللجنة مل تلبث أن فشلت العتبارات متعددة‪ ،‬أمهها حمدودية إطارها القانوين‪ ،‬وضعف وسائلها‬
‫البشرية‪ ،‬فضال عن تبعيتها املباشرة لوزارة املالية‪ ،‬مما حد من دورها وفعاليتها يف القيام ابملهام‪ ،‬اليت حددت هلا‪،‬‬
‫وأمام هذا الوضع‪ ،‬كان البد من التفكري يف خلق جهاز مركزي أكثر استقاللية وفعالية‪ ،‬يتوفر على الصفة‬
‫والوسائل الالزمة اليت جتعل منه جهاز أعلى للرقابة القضائية على املالية العمومية‪ ،‬وهو ماسيتم فعال إبحداث‬
‫اجمللس األعلى للحساابت سنة ‪ ، 1979‬ليكون الوريث الشرعي ملهام وإختصاصات اللجنة املذكورة‪.‬‬
‫القوانني التنظيمية بني سنة ‪ 1963‬و ‪1998‬‬

‫شهدت املالية العمومية يف املغرب منذ االستقالل تطورات مهمة‪ ،‬متثلت يف إصدار جمموعة من‬
‫القوانني التنظيمية اليت شكلت اإلطار القانوين لتدبري امليزانية العامة للدولة‪ .‬وقد مرت هذه القوانني مبراحل‬
‫خمتلفة‪ ،‬تعكس السياقات السياسية واالقتصادية اليت عرفتها البالد‪.‬‬
‫‪ ‬املرحلة األوىل‪ :‬القانون التنظيمي األول للمالية)‪(1963‬‬
‫شكل صدور أول دستور للمملكة بتاريخ ‪ 14‬دجنرب ‪ 1962‬مستهال لسلسلة من اإلصالحات األساسية‬
‫على مستوى اإلطار القانوين املؤطر مليزانية الدولة‪ .‬و كرس الفصل ‪ 50‬من هذا النص الدستوري مبدأ‬
‫الرتخيص امليزانيايت الذي يضطلع به الربملان عرب تصويته على قانون املالية‪ .‬و شكلت ميزانية سنة ‪1963‬‬

‫‪1‬‬
‫‪LE GRAND ÉTAT-MAJOR FINANCIER : LES INSPECTEURS DES FINANCES, Chapitre XI. La place de l’Empire colonial dans‬‬
‫‪les carrières des inspecteurs des Finances, Paris 2011 p. 263-281‬‬
‫‪2‬‬
‫‪René Marchal, “Précis de l’législation financière marocaine”, 3 d, p. 5.‬‬

‫‪27‬‬
‫على ترابط تطوير اإلطار القانوين للمالية العمومية والنهوض‬ ‫فرصة لتفعيل مبدأ الرتخيص الربملاين مع احلر‬
‫ابحلقوق السياسية واالقتصادية واالجتماعية للمواطنني‪1 .‬‬

‫القانونية اليت هتم مالية الدولة‪ ،‬و‬ ‫من انحية أخرى‪ ،‬شكل دستور ‪ 1962‬مرجعا العتماد عدد من النصو‬
‫يتعلق األمر ب‪:‬‬
‫الظهري الشريف رقم ‪ 1.63.326‬الصادر يف ‪ 21‬مجادى الثانية ‪ 9( 1383‬نونرب ‪ )1963‬بشأن القانون‬
‫التنظيمي للمالية‪ .‬و الذي يعترب مبثابة أول دستور مايل للدولة‪ .‬و الذي كرس الرتابط بني قوانني املالية و‬
‫املخططات املعتمدة من طرف الربملان‪ ،‬و الفصل بني القواعد واملبادئ امليزانياتية واملالية و تلك املتعلقة‬
‫ابحملاسبة العامة و نظام الصفقات العمومية‪2.‬‬
‫مرسوم ملكي رقم ‪ 331.66‬بتاريخ ‪ 10‬حمرم ‪ 21( 1387‬أبريل ‪ )1967‬بتطبيق مقتضيات القانون‬
‫التنظيمي للمالية املتعلق بتقدمي قوانني املالية؛‬
‫مرسوم رقم ‪ 2 .79 .512‬بتاريخ ‪ 26‬من مجادى اآلخرة ‪ 12 ( 1400‬مايو ‪ ) 1980‬بتغيري املرسوم‬
‫امللكي رقم ‪ 330 .66‬الصادر يف ‪ 10‬حمرم ‪ 21( 1387‬أبريل ‪ )1967‬بسن نظام عام للمحاسبة‬
‫العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬املرحلة الثانية‪ :‬القوانني التنظيمية للمالية لسنيت ‪1972-1970‬‬


‫جنم عن إعالن حالة االستثناء سنة ‪ 1965‬حل الربملان‪ ،‬مما نتج عنه عودة ظهور امليزانيات بدون ترخيص‬
‫برملاين خالل هذه الفرتة‪ .‬و متخض عن اعتماد دساتري ‪ 1970‬و ‪ ،1972‬اعتماد الظهائر الشريفة رقم‬
‫‪ 1.70.207‬بتاريخ فاتح شعبان ‪ 3( 1390‬أكتوبر ‪ )1970‬مبثابة القانون التنظيمي للمالية و رقم‬
‫‪ 1.72.260‬بتاريخ ‪ 9‬شعبان ‪ 18 ( 1392‬شتنرب ‪ )1972‬مبثابة القانون التنظيمي للمالية‪.‬‬

‫استحدثت هذه القوانني آليات جديدة للتصويت على مشروع قانون املالية‪ ،‬وكرست قانون تصفية موحد‬
‫وهنائي‪ .‬بصفة عامة‪ ،‬تدارك القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1970‬الفراغ القانوين املتعلق مبآل املداخيل يف‬

‫‪1‬‬
‫ميزانية الدولة‪ ،‬منشورات وزارة المالية والخوصصة‪ ،2004 ،‬ص ‪19‬‬
‫‪2‬‬
‫نور السداة حميوي‪ ،‬القوانين التنظيمية بين المشرع الدستوري والسلطة التشريعية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ 103‬مارس – ابريل‬
‫‪ ،2012‬ص ‪57‬‬

‫‪28‬‬
‫القانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ ،1970‬مت‬ ‫حالة رفض أو عدم اعتماد امليزانية يف اآلجال القانونية‪ .‬وخبصو‬
‫حتديد السنة امليزانياتية خبالف السنة املدنية حبيث تبتدأ يوم فاتح يوليوز وتنتهي يوم ‪ 30‬يونيو‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل كون اعتماد القانونني التنظيميني املذكورين وكذا التعديالت اليت حلقتهما‪ ،‬مت يف غياب‬
‫مؤسسة برملانية‪.‬‬

‫‪ ‬املرحلة الثالثة‪ :‬القانون التنظيمي لقانون املالية لسنة ‪1998‬‬


‫عرفت الساحة املؤسساتية والسياسية الوطنية خالل تسعينيات القرن املاضي دينامية منبعثة من التحوالت‬
‫وقد متخض عنه اعتماد دستور ‪ 7‬اكتوبر ‪ 1996‬و كذا نظام الربملان‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫من غرفتني‪.‬‬
‫ومكن القانون التنظيمي لقانون املالية لسنة ‪ 1998‬من جعل املقتضيات القانونية املؤطرة مليزانية الدولة تتالءم‬
‫مع مقتضيات دستور ‪ ،1996‬السيما تلك املتعلقة ابلتخطيط وعودة النظام الربملاين من غرفتني‪ ،‬مع مراعاة‬
‫عدم القطع مع النهج امليزانيايت املعمول به منذ االستقالل ‪.‬‬
‫و لقد أسهم الربملان يف إعداد القانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬لقانون املالية الصادر بتنفيذه الظهري الشريف‬
‫رقم ‪ 1.98.138‬صادر يف ‪ 7‬شعبان ‪ 26(1419‬نوفمرب ‪)1998‬‬
‫كما و قع تغيري وتتميم القانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬ابلقانون التنظيمي رقم ‪ 14.00‬الصادر بتنفيذه الظهري‬
‫الشريف رقم ‪ 1.00.195‬بتاريخ ‪ 14‬من حمرم ‪ 19( 1421‬أبريل ‪ ،)2000‬و الذي مت مبوجبه إحداث‬
‫الفصل الثالث املكرر املتعلق مبصاحل الدولة املسرية بصورة مستقلة‪.‬‬
‫تتعلق أهم األحكام اجلديدة للقانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬لقانون املالية كما و قع تغيريه وتتميمه ب ‪:‬‬
‫‪ o‬عودة مفهوم املخطط عقب أتهيله دستوراي و تعوضه للربانمج االقتصادي واالجتماعي؛‬
‫‪ o‬التكيف مع سياق الربملان ذو الغرفتني فيما خيص إيداع و دراسة مشروع قانون املالية و كذا مسطرة‬
‫التصويت عليه؛‬
‫‪ o‬حذف امليزانيات امللحقة؛‬
‫‪ o‬إدراج مصاحل الدولة املسرية بصورة مستقلة يف قانون املالية للسنة؛‬
‫‪ o‬تقليص عدد أصناف احلساابت اخلصوصية خلزينة من تسعة إىل ستة أصناف‬

‫‪29‬‬
‫‪ o‬توسيع صالحيات احلكومة بشأن فتح اعتمادات إضافية خالل السنة " يف حالة االستعجال‬
‫اعتباريني أو ذاتيني‪ ،‬يف إطار ما‬ ‫والضرورة امللحة " أو يف مقابل األموال املدفوعة من قبل أشخا‬
‫يصطلح عليه " أموال املساعدة"‪ ،‬للمسامهة يف نفقات ذات مصلحة عامة‪:‬‬
‫‪ o‬إرجاء تنفيذ بعض النفقات؛‬
‫‪ o‬إعادة نشر املناصب املالية بني الوزارات وجتميد استعمال بعضها‪.‬‬
‫‪ o‬وضع قيود على املبادرات احلكومية فيما خيص ترحيل االعتمادات من سنة إىل أخرى؛‬
‫‪ o‬توضيح مبادئ املالية العامة‪ :‬السنوية‪ ،‬الشمولية ‪ ،‬الوحدة‪ ،‬التخصص امليزانيايت‪1.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلصالح امليزانيايت والقانون التنظيمي رقم ‪ 13-130‬لقانون املالية‬

‫يعترب القانون التنظيمي رقم ‪ 13-130‬املتعلق بقانون املالية‪ ،‬والذي دخل حيز التنفيذ يف عام‬
‫‪ ،2015‬حجر الزاوية يف اإلصالح امليزانيايت ابملغرب‪ .‬يهدف هذا القانون إىل حتديث وتطوير تدبري املالية‬
‫العمومية‪ ،‬وتعزيز الشفافية واملساءلة يف تدبري املال العام‪.‬‬

‫أهم مزااي اإلصالح امليزانيايت‬

‫يعد القانون التنظيمي للمالية الوعاء التشريعي األنسب لسن جمموعة من القواعد واألحكام اخلاصة‬
‫بتسيري املالية العمومية‪ ،‬خاصة ما يرتبط إبعداد القوانني املالية وتنفيذها مث إجراء الرقابة عليها‪ 2.‬بناء على‬
‫ذلك‪ ،‬لقد عرف املغرب إصدار جمموعة من القوانني التنظيمية للمالية‪ ،‬وذلك قصد ضبط تدبري املالية‬
‫العمومية‪ .‬وبذلك فقد تعددت مزااي اصالح امليزانيايت الذي قام به املغرب من خالل القانون التنظيمي للمالية‬
‫رقم ‪ 130.13‬الذي صدر مبوجب الظهري الشريف ‪ 1.15.62‬بتاريخ ‪ 2‬يونيو ‪ ،2015‬ولعل أوهلا املالئمة‬
‫مع املقتضيات الدستورية اجلديدة اليت تضمنها دستور ‪ 2011‬على األقل من حيث األهداف الكربى املقررة‬
‫بشأن تدبري املالية العمومية ومن خالهلا السياسات العمومية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1-98-138‬صادر في ‪ 7‬شعبان ‪ 26( 1419‬نوفمبر ‪ )1998‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 7-98‬لقانون المالية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عصام القرني‪ :‬األسس الدستورية للمالية العمومية بالمغرب‪ ،‬مجلة العلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2018 ،3‬ص ‪71‬‬

‫‪30‬‬
‫كما أن امليزة الثانية واليت ال تقل أمهية عن األوىل هلا عالقة ابن اإلصالح امليزانيايت لسنة ‪ 2015‬ارتكز على‬
‫سند قوي وملزم جاء يف صيغة قانون تنظيمي مبا متثله هذه الصيغة من أمهية يف أتطري التغيري اجلذري يف‬
‫فلسفة تدبري الشأن املايل العمومي‪ ،‬خبالف اإلصالح امليزانيايت لسنة ‪ 2002‬الذي اكتفى ابالستناد على‬
‫املراسيم واملناشري‪1.‬‬
‫املفاهيم اجلديدة اليت جاء هبا القانون التنظيمي ‪13-130‬‬

‫ومن بني املستجدات اليت جاء هبا القانون التنظيمي ‪ 130.13‬لقانون املالية‪ ،‬التنصيص على التدبري‬
‫امليزانيايت املرتكز على النتائج‪ ،‬الذي يعد من بني أهم القرارات اليت مت اختاذها يف هذا اجملال‪ ،‬وذلك ملواجهة‬
‫اإلشكال القانوين الذي كان مثار بعد تبين التدبري امليزانيايت املرتكز على النتائج مبوجب منشور لوزير األول‬
‫(رئيس احلكومة حاليا) دون التنصيص على ذلك يف القانون التنظيمي لقانون املالية رقم ‪.98.7‬‬
‫إن تبين التدبري امليزانيايت املرتكز على النتائج مبوجب القانون التنظيمي ‪ 130.13‬لقانون املالية دفعت املشرع‬
‫إىل ختصيص جمموعة من مواد هذا القانون لتحكم يف هذا النمط من التدبري‪ ،‬وبذلك فقد تطرق املشرع يف‬
‫القانون التنظيمي ‪ 130.13‬للقانون املالية جملموعة من األسس اليت جيب على السلطات املختصة مراعاهتا يف‬
‫إعداد ميزانياهتا واخلاصة ابلتدبري امليزانيايت املرتكز على النتائج‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫‪ ‬التبويب امليزانيايت‪ :‬تبويبات املوارد‪ ،‬تبويب النفقات‪.‬‬
‫‪ ‬منهجية األداء‪ :‬تعريف اسرتاتيجية الربانمج‪ ،‬حتديد أهداف جناعة األداء‪ ،‬حتديد مؤشرات األداء‪.‬‬
‫‪ ‬تدبري الربامج امليزانياتية‪ :‬الربامج تنزيل االسرتاتيجيات القطاعية يف برامج‪ ،‬األبعاد الثالثة للربانمج‪،‬‬
‫املبادئ املتبعة عند وضع الربامج‪.‬‬
‫‪ ‬الربجمة متعددة السنوات‪2.‬‬

‫وبذلك‪ ،‬فاعتماد التدبري امليزانيايت املرتكز على النتائج مبوجب القانون التنظيمي لقانون املالية سوف حيدث‬
‫تغيريا شامال آلليات العمل العمومي‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فاملنهجية القائمة على النتائج ستحل حمل التدبري القائم على‬

‫‪1‬‬
‫محمد حيمود ‪ :‬اإلصالح الميزانياتي بالمغرب " دراسة على ضوء القانون التنظيمي للمالية ‪ ، 2015‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬ط ‪،1 :‬‬
‫‪ ،2017‬ص ‪47‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 38‬من القانون التنظيمي للمالية ‪ ،130.13‬ج ر‪ ،‬ص ‪5816‬‬

‫‪31‬‬
‫الوسائل واالنتقال من مقاربة قانونية وتقنية للتدبري اإلداري إىل مقاربة قائمة على ثقافة تدبريية يف خدمة‬
‫املواطنني‪1.‬‬
‫إىل جانب ذلك‪ ،‬فالقانون التنظيمي لقانون املالية ‪ ،130.13‬ميكن أن يشكل منحى تطوراي يف‬
‫إصالح مناهج التدبري املايل العام من خالل قدرته على الربط بني القيادة االسرتاتيجية للبعد الزمين والبحث‬
‫عن أفضل اخلدمات اليت من املمكن تقدميها للمواطنني‪2.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬حمدودية القانون التنظيمي للمالية ‪ 13-130‬وسبل تطويره‬


‫استلزم اعتماد الدستور اجلديد سنة‪ 2011‬إصالح القانون التنظيمي رقم ‪ 7.98‬لقانون املالية ليتماشى مع‬
‫املبادئ الدستورية اجلديدة املؤطرة للمالية العمومية ‪.‬‬
‫ويشكل القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون املالية إطارا تشريعيا يرسخ التدابري املتخذة خالل السنوات‬
‫األخرية يف جمال حتديث تدبري املالية العمومية‪ .‬حبيث يكرس مبادئ احملاسبة و التقييم و الشفافية امليزانياتية‬
‫كما مكن هذا القانون التنظيمي من توسيع حق تقدمي التعديالت الربملانية‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬يعترب القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون املالية حتوال ابرزا يف سريورة تدبري املالية العمومية و‬
‫تطورا هاما يف املمارسة امليزانياتية لإلدارة املغربية‪ ،‬إن على املستوى التشريعي أو على مستوى املمارسات‬
‫والسلوكيات‪3.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬حمدودية القانون التنظيمي ‪13-130‬‬


‫ضعف املؤسسة التشريعية يف اجملال املايل‬

‫على الرغم من أن القانون التنظيمي ‪ 13-130‬املنظم لقوانني املالية يف املغرب حيدد آليات مفصلة للنفقات‬
‫صغريا فقط لدور الربملان يف الرقابة على املالية العامة‪.‬‬
‫وحتديد امليزانية‪ ،‬إال أنه خيصص جزءًا ً‬

‫‪1‬‬
‫التدبير المرتكز على النتائج‪ ،‬مقال منشور في الموقع االلكتروني لوزارة االقتصاد و المالية ‪ https://t.ly/umarx‬تمت زيارته في ‪07/04/2024‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد العريف التطور التاريخي للقانون التنظيمي للمالية بالمغرب‪ ،‬مجلة المغربية للمالية العمومية‪ ،‬العدد ‪ ،2010 ،7 :‬من ‪132‬‬
‫‪3‬‬
‫نشأة وتطور القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،https://shorturl.at/ru378 ،‬تاريخ الولوج ‪2024-03-19‬‬

‫‪32‬‬
‫نظرا للمهام الرقابية اهلامة املنوطة ابلربملان‪ ،‬واليت تشمل املشاركة يف إعداد وجتهيز‬
‫تثري هذه احملدودية القلق ً‬
‫قانون املالية‪ ،‬فضالً عن مراقبة تنفيذه‪.‬‬
‫يعاين الربملان من ضيق املدة الزمنية املخصصة لدراسة مشروع قانون املالية‪ ،‬حيث يصعب عليه فحص الواثئق‬
‫والتقارير املصاحبة بسبب حجمها وتعقيدها‪.‬‬
‫كما أن "حق التصويت الواحد" حيد من قدرة الربملان على تعديل مشروع قانون املالية‪ ،‬حيث يصوت اجمللس‬
‫على النص أبكمله أو جزء منه بناءً على طلب احلكومة‪ ،‬مع اقتصار التعديالت على املقرتحات أو املقبولة‬
‫من قبلها‪1 .‬‬
‫يُعترب قانون التصفية أداة رقابية هامة أخرى للربملان‪ ،‬لكنه يعاين من التأخر يف إصداره يف كثري من األحيان‪،‬‬
‫خطريا ملبدأ الرقابة على املال العام‪.‬‬
‫مما يشكل خرقًا ً‬
‫كما حيد الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬من صالحيات الربملان يف جمال املالية العامة‪ ،‬حيث يسمح‬
‫بتصويت الربملان على النفقات املرصودة للربامج التنموية متعددة السنوات مرة واحدة‪ ،‬وال ميكن تغيري هذا‬
‫الرتخيص إال مبقتضى قانون‪.‬‬
‫وابلت ايل‪ ،‬يعاين الربملان من حشو احلكومة لقانون املالية مبختلف املقتضيات اجلبائية واجلمركية‪ ،‬مما جيعل من‬
‫الصعب إجراء إصالح ضرييب شامل‪2 .‬‬
‫تُشري هذه املالحظات إىل وجود قيود كبرية على دور الربملان يف الرقابة على املالية العامة يف املغرب‪ ،‬مما يثري‬
‫خماوف بشأن الشفافية واملساءلة يف إدارة املال العام‪.‬‬
‫هيمنة السلطة التنفيذية يف اجملال املايل‬

‫تتجلى هيمنة السلطة التنفيذية يف العملية املالية من خالل سيطرهتا على خمتلف مراحلها‪:‬‬
‫مرحلة التحضري‪ :‬حتتكر السلطة التنفيذية إعداد مشروع امليزانية حبكم امتالكها للكفاءات البشرية واملوارد‬
‫التقنية واملادية والبياانت اإلحصائية الالزمة‪ .‬بينما يقتصر دور السلطة التشريعية على تلقي عرض من وزير‬
‫املالية واملشاركة يف مناقشات غري ملزمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫احميدوش‪ ،‬قراءة نقدية في القانون التنظيمي للمالية الجديد‪ ،‬مقال منشور على مجلة دفاتر الحكامة‪ ،‬العدد‪ ،02‬سنة ‪،2015‬ص ‪49‬‬
‫‪2‬‬
‫سعيد رحو‪ ،‬دور ال برلمان في التشريع المالي في ضوء الدستور والقانون التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬مقال منشور على مجلة المنارة‪ ،‬عدد خاص حول القانون‬
‫الدستوري ‪ ،2019‬ص ‪343‬‬

‫‪33‬‬
‫مرحلة الرتخيص‪ :‬رغم أن السلطة التشريعية مسؤولة رمسياً عن إقرار امليزانية‪ ،‬إال أن السلطة التنفيذية تستخدم‬
‫آليات خمتلفة إلضعاف أتثريها‪ ،‬مبا يف ذلك التحكم يف جدول أعمال الربملان‪ ،‬واستخدام أغلبيتها لتمرير‬
‫امليزانية‪ ،‬واللجوء إىل بند "التصويت ابلثقة‪".‬‬
‫مرحلة التنفيذ‪ :‬تتوىل السلطة التنفيذية تنفيذ امليزانية وإدارة النفقات وحتصيل اإليرادات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تتمتع‬
‫بسلطة تقديرية كبرية لتعديل وحىت اخلروج عن امليزانية املرخصة من خالل تدابري خمتلفة مثل االعتمادات‬
‫الطارئة واالعتمادات اإلضافية وحتويل األموال‪.‬‬
‫مرحلة الرقابة‪ :‬رغم وجود أشكال خمتلفة للرقابة اإلدارية والقضائية والسياسية‪ ،‬إال أن السلطة التنفيذية حتتفظ‬
‫بسيطرة كبرية من خالل هيئاهتا اإلدارية اخلاصة‪ ،‬نظراً ألمهية املالية العامة يف تنفيذ أجندهتا‪.‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬جيادل النص أبن السلطة التنفيذية تتمتع مبوقع مهيمن يف العملية املالية‪ ،‬مما حيد من سلطة التشريع‬
‫ويقوض مبادئ الدميقراطية الربملانية‪1.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مقرتح تعديل القانون التنظيمي ‪13-130‬‬


‫أهداف ومنهجية تعديل القانون التنظيمي ‪13-130‬‬

‫يعد اإلصالح خطوة هامة حنو حتقيق تطلعات اجملتمع وتعزيز الشفافية واملساءلة يف إدارة األموال العامة‪.‬‬
‫األهداف الرئيسية إلصالح قانون التنظيم لقانون املالية يف املغرب‪:‬‬
‫‪ .1‬تعزيز الفعالية والكفاءة‪ :‬يهدف اإلصالح إىل تعزيز الفعالية والكفاءة يف اخلدمات العامة اليت تُقدم‬
‫للمواطنني‪ .‬يتضمن ذلك حتسني العمليات اإلدارية وتبسيط اإلجراءات لتحقيق أقصى قدر من‬
‫الكفاءة‪.‬‬
‫‪ .2‬حتسني استدامة وشفافية األموال العامة‪ :‬يهدف اإلصالح إىل حتسني استدامة األموال العامة وضمان‬
‫توجيهها بشكل فعال حنو حتقيق األهداف الوطنية‪ .‬يشمل ذلك تعزيز الشفافية يف إدارة املوارد املالية‬
‫وتقدمي معلومات دقيقة للجمهور‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد حيمود‪ ،‬اإلصالح الميزانياتي بالمغرب‪،‬الطبعة األولى‪ ،2017‬مطبعة النجاح الجديدة‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ .3‬تعزيز الرقابة الربملانية‪ :‬يهدف اإلصالح إىل تعزيز دور الربملان يف مراقبة األموال العامة والتأكد من‬
‫تنفيذ السياسات العامة بشكل صحيح‪ .‬يشمل ذلك تعزيز التواصل بني احلكومة والربملان ومتكني‬
‫الربملان من متابعة تنفيذ امليزانية‪.‬‬
‫‪ .4‬تعزيز دور قانون املالية كأداة رئيسية لتنفيذ السياسات العامة واالسرتاتيجيات القطاعية‪ :‬يهدف‬
‫اإلصالح إىل تعزيز دور قانون املالية كأداة رئيسية لتنفيذ السياسات العامة واالسرتاتيجيات القطاعية‪.‬‬
‫يتعلق ذلك بتحديد األولوايت وتوجيه اإلنفاق العام حنو حتقيق األهداف احملددة‪1.‬‬
‫مضمون مقرتحات التعديالت‬

‫يف سياق السعي حنو تعزيز احلكامة والشفافية يف تدبري املالية العمومية‪ ،‬أكد الوزير املنتدب املكلف ابمليزانية‪،‬‬
‫مشريا إىل أن هذا التعديل يهدف‬
‫خالل لقاء دراسي ابلرابط‪ ،‬أمهية تعديل القانون التنظيمي لقانون املالية‪ً ،‬‬
‫أيضا مواكبة‬
‫إىل تقوية دور الربملان يف الرقابة على املالية العمومية واحلفاظ على التوازانت املالية‪ .‬ويستهدف ً‬
‫الدينامية اإلصالحية احلالية من خالل توسيع نطاق تطبيق القانون ليشمل املؤسسات العمومية غري التجارية‬
‫وتعزيز املبادئ والقواعد املالية اليت حتكمها‪.‬‬
‫الوزير املنتدب املكلف ابمليزانية أشار إىل أن املقاربة املتبعة يف تعديل القانون تتسم ابلتشاركية‪ ،‬حيث تقوم‬
‫على التنسيق الداخلي ضمن وزارة االقتصاد واملالية واالنفتاح على الشركاء والتجارب الدولية‪ ،‬هبدف صياغة‬
‫تعديالت تليب االحتياجات الفعلية وتعاجل التحدايت القائمة‪.‬‬
‫من بني التعديالت املقرتحة‪ ،‬يربز توسيع نطاق تطبيق القانون ليشمل املؤسسات العمومية غري التجارية‪،‬‬
‫وذلك إلخضاعها للرقابة الربملانية ومبادئ ترشيد النفقات والشفافية‪ .‬كما متت اإلشارة إىل إدراج استثناء‬
‫يتعلق ابلقاعدة الذهبية للدين‪ ،‬يسمح بتجاوزها يف سياقات اقتصادية أو اجتماعية استثنائية‪ ،‬مع توضيح‬
‫آليات تفعيل هذا االستثناء‪.‬‬
‫أيضا توضيح مسطرة دراسة والتصويت على مشروع قانون املالية املعدل‪ ،‬هبدف أتطري‬
‫تشمل التعديالت ً‬
‫اللجوء إىل مشاريع قوانني املالية املعدلة وتقليص اجلدول الزمين للدراسة والتصويت من ‪ 15‬إىل ‪ 5‬أايم‪ ،‬مع‬
‫التأكيد على ضرورة تقدمي مذكرة تربز األسباب املربرة للتعديالت‪.‬‬

‫‪1‬أهداف القانون التنظيمي‪ ،‬الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية‪ https://t.ly/8gocC ،‬تمت زيارته في ‪09.04.2024‬‬

‫‪35‬‬
‫التعديالت ركزت على أمهية هذا اإلصالح يف تعزيز دور قانون املالية كأداة لتحقيق التنمية وحتسني جودة‬
‫اخلدمات العمومية‪ ،‬و ذلك من خالل جتاوز اإلشكاالت اليت أظهرهتا املمارسة العملية وضرورة تقوية الشفافية‬
‫املالية‪.‬‬
‫من خالل هذا التعديل املقرتحة‪ ،‬تسعى احلكومة إىل حتقيق توازن أفضل بني احلاجة إىل االستجابة السريعة‬
‫للتغريات االقتصادية واالجتماعية وبني ضمان التدقيق والشفافية يف تدبري املالية العمومية‪ .‬يظهر هذا النهج‬
‫الشامل والتشاركي رغبة يف تعزيز الدميقراطية التشاركية وحتسني األداء العام للدولة من خالل قانون مالية أكثر‬
‫مرونة وفعالية‪.1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬التشريع و القضاء املايل‬


‫ابإلضافة اىل الدستور والقانون التنظيمي لقانون املالية‪ ،‬جند اطارا تشريعيا للمالة العمومية يشمل جمموعة‬
‫من القوانني واألنظمة واملراسيم اليت أتطر جمال املالية العمومية يف خمتلف ابعاده‪ .‬سنتطرق يف هذا املبحث‬
‫املنظمة للمالية العامة واليت تدخل يف اطار التشريع املايل (املطلب األول) و كذلك يف اطار القضاء‬ ‫للنصو‬
‫املايل (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التشريع املايل‬

‫القانونية املرتبطة ابملالية العمومية‪ ،‬و يبقى أمهها قانون املالية السنوي و‬ ‫التشريع املايل يشمل خمتلف النصو‬
‫القانون املعدل و قانون التصفية‪ ،‬ابإلضافة اىل التشريعات املرتبطة مبداخيل الدولة و نفقاهتا كالتشريع الضرييب‬
‫و اجلمركي‪ ،‬و نظام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عرض دراسي بمجلس النواب حول ورش إصالح القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬

‫‪36‬‬
‫الفرع االول‪ :‬التشريعات املتعلقة بتدبري املالية العمومية والرقابة‬

‫ان السياق العاملي يف جمال املالية العمومية أتثر مبا يعرف ابلعقلنة الربملانية‪ ،‬حيث بدا التفكري يف اعادة تنظيم‬
‫الصالحيات اجلديدة لكل من السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية‪ ،‬مع حتجيم دور السلطة التشريعية‬
‫ابملقارنة مع ابقي السلط‪ .‬وهنا برز الدور اجلديد والفعال للسلطة التنفيذية كشريك اساسي يف انتاج القوانني‪،‬‬
‫أمهها مشروع قانون املالية‪ ،‬حيث اجتهت اغلب احلكومات اىل حتمل مسؤولية اعداده وعرضه بعد ذلك على‬
‫الربملان من اجل املصادقة عليه‪.‬‬

‫و حيظى قانون املالية ابهتمام كبري قبل خمتلف الفاعلني‪ ،‬وأمهيته ليست فقط ابلنسبة للحكومة ابعتبارها هي‬
‫من تتوىل إعداده وإحالته على السلطة التشريعية للمصادقة عليه وتنفيذه فيما بعد‪ ،‬وتضمن من خالله تنفيذ‬
‫سياستها يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬حيث ترتجم الربانمج اليت تسعى احلكومة اىل تنفيذه على ارض الواقع‪ ،‬بل أيضا‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫لكون أتثريه يكون فوراي مباشرة بعد دخوله حيز النفاذ على املعنيني بقراراته‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬قانون املالية أداة لتدبري املالية العمومية‬


‫‪ .1‬املتدخلون يف اعداد قوانني املالية‬

‫يف املغرب‪ ،‬مل حيدد الدستور املغريب اجلهة املكلفة أبعداد مشروع القانون املايل‪ ،‬لكن القانون التنظيمي للمالية‬
‫اسند املهمة اىل وزير املالية حتت مسؤولية الوزير االول يف اعداده‪.‬‬

‫فمشروع قانون املالية يتضمن قسمني‪ ،‬القسم األول يتضمن التعديالت اخلاصة ابلرتسانة املالية من تعديل‬
‫لضريبة أو إلغاءها أو الرفع منها‪ ،‬أو تعديل شروط حتصيل الدين العمومي‪ .‬اما القسم الثاين فيهم امليزانية‬
‫العامة أي املوارد والنفقات‪ .‬الغاية من القانون املالية السنوي هو وضع توقعات مرقمة ومنطقية للموارد‬
‫والنفقات واحلصول على ترخيص الربملان‪ ،‬وهو آلية لرتتيب االختيارات السياسية‪ ،‬وأداة لتنزيل السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬ووسيلة لتتبع عمل احلكومة‪ ،‬و هو ايضا وسيلة للمحاسبة والتقييم‪ .‬و هبذا يشكل قانون مالية‬
‫السنوي حمطة أساسية يف العمل احلكومي والربملاين‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الغواطي‪ ،‬قراءة تقنية في المسطرة التشريعية لمشروع قانون المالية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية و االدارية ‪ ،‬تاريخ الولوج للموقع ‪ 13‬مارس‬
‫‪ ، 2024‬الموقع ‪https://revuealmanara.com‬‬
‫‪2‬‬
‫عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة و رهان الحكامة المالية الجديدة‪ ،‬طبعة اكتوبر ‪ ،2017‬ص ‪25‬‬

‫‪37‬‬
‫يتم اعداد مشروع قانون املالية بواسطة أجهزة خمتصة وفق جدول زمين حمدد و مسطرة حمددة‪ ،‬إذ تنص‬
‫مقتضيات املادة ‪ 46‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ 131-130‬على أنه " يتوىل الوزير املكلف ابملالية‬
‫حتت سلطة رئيس احلكومة إبعداد مشاريع قوانني املالية طبقا للتوجهات العامة املتداول بشأهنا يف اجمللس‬
‫الوزاري"‪ .‬يتوىل اذن الوزير املكلف ابملالية حتضري مشاريع قوانني املالية حتت سلطة رئيس احلكومة‪ ،‬لكن هناك‬
‫فاعلون اخرون يعتربون كمتدخلني يف اعداد قانون املالية‪.‬‬
‫املؤسسة امللكية‪:‬‬

‫الدستورية اليت‬ ‫تلعب املؤسسة امللكية دورا أساسيا يف جمال اإلنتاج التشريعي بوجه عام انطالقا من النصو‬
‫متنح له هذه املهام ‪ ،‬وال شك أن اجملال املايل حيظى أبمهية من قبل املؤسسة امللكية خاصة فيما يتعلق‬
‫التنفيذية‪.‬‬ ‫ابملصادقة عليه وإعطاء األمر بتنفيذه يف إطار عالقة امللك ابلسلطة‬

‫تساهم املؤسسة امللكية يف حتضري مشروع قانون املالية من خالل توجيهاهتا ومالحظاهتا اليت تديل هبا خالل‬
‫اجتماعات اجملالس الوزارية اليت يتمتع جاللة امللك ابحلق الدستوري يف رائستها طبقا للفصل ‪ 48‬من‬
‫الدستور‪ ،‬واليت يتم يف إطارها الدراسة والتداول يف كل القضااي الوطنية األساسية قبل البث فيها بشأن هنائي‪،‬‬
‫ومن ضمنها دراسة التداول حول التوجهات العامة للمشروع قانون املالية قبل إيداعه ابألسبقية لدى جملس‬
‫النواب‪ ،‬كما يتمتع امللك بسلطة التحكيم وحسم اخلالفات ذات الطابع املايل اليت قد تنشأ بني الوزير املكلف‬
‫الوزراء‪.2‬‬ ‫ابملالية وبني ابقي‬

‫إضافة إىل ما سبق‪ ،‬جند الدستور املغريب أقر أيضا جلاللة امللك احلق يف التوجيه عرب اخلطب امللكية و اليت عرب‬
‫عنها ابلتوجيهات ملكية‪ .‬و هبذا قد تستعمل املؤسسة امللكية اخلطب‪ ،‬كوسيلة لتوجيه رسائل احلكومة‪،‬‬
‫والتواصل مباشرة مع الشعب وإصدار تعليماته السامية للسلطات العمومية‪ ،‬بشأن أي إجراء اقتصادي أو‬
‫مايل أو اجتماعي‪ ،‬يتعني تضمينه يف مشروع قانون مالية السنة‪ ،‬حيث أنه يعترب سلطة توجيهية يف جمال إعداد‬
‫سنها‪.3‬‬ ‫للقانون و‬

‫‪1‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم ‪ 1-15-62‬صادر في ‪ 14‬من شعبان ‪ 2( 1436‬يونيو ‪ )2015‬المنشور في‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 6370‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪2015‬‬
‫‪2‬‬
‫فاطمة الزهراء الحاجي‪ ،‬صناعة القرار المالي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية بجامعة‬
‫سيدي محمد بن عبد هللا بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2022-2021‬ص‪.10 :‬‬
‫‪3‬‬
‫فاطمة الزهراء الحاجي‪ ،‬صناعة القرار المالي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪12 :‬‬

‫‪38‬‬
‫رئيس احلكومة‪:‬‬

‫رئيس احلكومة يتوفر على نظرة مشولية وليس فقط قطاعية‪ ،‬واليت تؤهله لتحديد االختيارات واألولوايت‬
‫االقتصادية واالجتماعية وما تستلزمه مع تكيفات ألدوات املالية العامة ( ضرائب‪ ،‬رسوم‪ ،‬قروض‪ ،‬نفقات‪) ..‬‬
‫بلوغها‪.1‬‬ ‫حتقيقا للتوازانت االقتصادية واالجتماعية املرجو‬

‫يعد رئيس احلكومة يف إطار إعداد قانون املالية رسالة توجيهية يف شكل منشور‪ ،2‬يدعو من خالهلا مجيع‬
‫االمرين ابلصرف إلعداد مقرتحاهتم املتعلقة ابملداخيل و النفقات عن السنة املوالية وإعداد مقرتحاهتم املتعلقة‬
‫ابلربجمة امليزانياتية لثالث سنوات‪ ،‬مدعومة أبهداف ومؤشرات جناعة الداء‪ ،‬وبناء عليه ميكن اعتبار رئيس‬
‫احلكومة من الناحية النظرية املوجه إلعداد مشروع قانون املالية‪.‬‬

‫رئيس احلكومة يتوىل أيضا مهام التحكيم بني وزير املالية وابقي الوزراء‪ ،‬خالل خمتلف مراحل اعداد مشروع‬
‫قانون املالية‪ ،‬يف حالة نشوء اخلالفات مرتبطة ابالعتمادات املالية املخصصة لكل وزارة‪ ،‬أو حول عدم مطابقة‬
‫مقرتحات احدى الوزارات للتوجهات احلكومية املتضمنة يف الرسالة التوجيهية لرئيس احلكومة‪.‬‬

‫كما تنضاف إىل مهامه يف جمال املالية العمومية ‪ ،‬رائسة اجمللس احلكومي الذي ينعقد للتداول يف مشروع‬
‫النواب‪.‬‬ ‫القانون املايل قبل ايداعه مبكتب جملس‬
‫الوزارة املكلفة ابملالية‪:‬‬

‫تلعب وزارة املالية مبختلف مديرايهتا دورا حموراي يف اعداد مشروع قانون املالية‪ ،‬و يفسر ذلك بكوهنا املسؤولة‬
‫عن التوازن العام للميزانية‪ ،‬و اهنا املشرفة مباشرة على مجيع املصاحل االدارية املختصة بتحصيل املوارد و‬
‫املختصة بفتح االعتمادات من اجل االلتزام ابلنفقات‪.‬‬

‫هيمنة وزارة املالية يف اعداد قانون املالية راجعة اىل اسباب عدة‪ ،‬ففي إطار الصالحيات املخولة هلا‪ ،‬تتوىل‬
‫الوزارة القضااي املالية والنقدية‪ ،‬مبا يف ذلك كل ما يتعلق بسياسات القرض واملالية اخلارجية‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬متارس الوصاية املالية على املقاوالت واملؤسسات العمومية أو اليت متلك الدولة فيها مسامهة‪ ،‬كما‬

‫‪1‬‬
‫عسو منصور‪ ،‬قانون الميزانية العامة و رهان الحكامة المالية الجديدة‪ ،‬طبعة اكتوبر ‪ ،2017‬ص ‪102‬‬
‫‪2‬‬
‫وفق الفقرة االولى من المادة الرابعة مرسوم رقم ‪ 2.15.426‬صادر في ‪ 28‬من رمضان ‪15) 1436‬يوليوز ‪ )2015‬المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين‬
‫المالية كما تم تغييره و تتميمه بمقتضى المرسوم رقم ‪ 2.17.607‬الصادر في ‪ 30‬من ربيع ااالول ‪ 19)1439‬ديسمبر ‪.(2017‬‬

‫‪39‬‬
‫وذلك طبقا للقوانني التشريعية‬ ‫تساهم إىل حد كبري عند االقتضاء يف حتويلها إىل القطاع اخلا‬
‫اخلوصصة‪.1‬‬ ‫والتنظيمية لعملية‬

‫وعليه ميكن القول أبن مرجعيات اليت يستند عليها قانون املالية تتميز ابلتنوع‪ ،‬وهذا ما يطرح سؤال االنسجام‬
‫بني هذه املعطيات من أجل بلورة سياسات عمومية متكاملة ومنسجمة‪ ،‬كما يطرح تعدد الفاعلني العمومني‬
‫يف هذا اإلطار‪ ،‬أمهية اعتماد مناهج واضحة النتقاء الربامج واملشاريع األكثر إحلاحا الستجابة حلاجيات‬
‫املواطن‪.2‬‬

‫‪ .2‬مراحل اعداد واملصادقة على مشروع قانون املالية السنوي‬


‫إن إعداد قانون املالية خيضع جلدول زمين صارم ‪ ،‬ويشكل مشروع قانون املالية املعروض على أنظار الربملان‬
‫حصيلة عمل ميتد إجنازه عرب اإلثين عشر شهرا السابقة‪ ،‬و مير عرب احملطات التالية‪: 3‬‬
‫يتم إعداد قانون املالية للسنة استنادا إىل برجمة ميزانياتية لثالت سنوات يتم حتينها كل سنة‪ ،‬حيث‬ ‫‪‬‬

‫يدعو رئيس احلكومة كل سنة ويف أجل أقصاه ‪ 15‬مارس‪ ،‬بواسطة منشور‪ ،‬اآلمرين ابلصرف إلعداد‬
‫مقرتحاهتم املتعلقة ابلربجمة امليزانياتية لثالت سنوات‪ ،‬مدعومة أبهداف و مؤشرات جناعة األداء‪ ،‬وتتم دراسة‬
‫هذه املقرتحات قبل ‪ 15‬ماي داخل جلان الربجمة وجناعة األداء اليت تضم ممثلني عن مصاحل الوزارة املكلفة‬
‫؛‬ ‫ابملالية‪ ،‬وممثلني عن مصاحل القطاعات الوزارية‬
‫‪ ‬قبل ‪ 15‬يونيو‪ :‬يقدم الوزير املكلف ابملالية‪ ،‬يف جملس احلكومة عرضا حول تقدم تنفيذ قانون املالية‬
‫اجلاري كما يقدم برجمة موارد و تكاليف الدولة لثالث سنوات ابإلضافة إىل اخلطوط العريضة ملشروع قانون‬
‫املالية للسنة املوالية ؛‬
‫‪ ‬قبل ‪ 31‬يوليو‪ :‬مرحلة التشاور مع الربملان اليت جتسد بقيام الوزير املكلف ابملالية‪ ،‬بعرض أمام‬
‫اللجنتني املكلفتني ابملالية ابلربملان لإلطار العام إلعداد مشروع قانون املالية للسنة املوالية‪ ،‬ويتضمن هذا‬
‫العرض كذلك تطور الوضعية االقتصادية الوطنية‪ ،‬و تقدم تنفيذ قانون املالية للسنة اجلارية إىل حدود ‪30‬‬

‫‪1‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪.2024‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Noureddine Bensouda , pour les finances publique au service des citoyens, colloque organisé par la chambre française‬‬
‫‪de commerce de ď industrise au maroc , casablanca 11 octobre 2018 , p : 5‬‬
‫‪3‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪.2024‬‬

‫‪40‬‬
‫يونيو من نفس السنة و املعطيات املتعلقة ابلسياسة االقتصادية واملالية و كذا الربجمة امليزانياتية االمجالية لثالث‬
‫سنوات؛‬
‫‪ ‬بعد العرض املقدم أمام جلنيت الربملان‪ :‬إعداد منشور السيد رئيس احلكومة الذي مبوجبه يدعوا اآلمرين‬
‫ميزانية السنة املالية املقبلة؛‬ ‫ابلصرف إلعداد مقرتحاهتم املتعلقة ابملداخيل و النفقات خبصو‬
‫‪ ‬خالل شهر شتنرب وبداية شهر أكتوبر‪ :‬جتميع ودراسة مقرتحات القطاعات الوزارية اخلاصة ابملداخيل‬
‫والنفقات واملرفقة مبشاريع جناعة األداء يف إطار اللجان امليزانياتية وإعداد مشروع قانون املالية للسنة والتقارير‬
‫املرافقة له؛‬
‫‪ ‬بداية شهر أكتوبر‪ :‬تتبع املصادقة على التوجهات العامة ملشروع قانون املالية للسنة مبجلس الوزراء واليت‬
‫تتبعها املصادقة على املشروع مبجلس احلكومة‪ ،‬ويف ‪ 20‬أكتوبر يتم إيداع مشروع قانون املالية للسنة‬
‫مبكتب جملس النواب؛‬
‫‪ 30 ‬يوما املوالية إليداع املشروع‪ :‬مواكبة الدراسة والتصويت على مشروع قانون املالية من طرف جملس‬
‫النواب؛‬
‫‪22 ‬يوما املوالية للتصويت على املشروع من طرف جملس النواب أو النصرام األجل السابق‪ :‬مواكبة‬
‫الدراسة والتصويت على مشروع قانون املالية من طرف جملس املستشارين؛‬
‫‪6 ‬أايم املوالية للتصويت على املشروع من طرف جملس املستشارين أو النصرام األجل السابق‪ :‬البث‬
‫النهائي يف مشروع قانون املالية من طرف جملس النواب يف إطار القراءة الثانية؛‬
‫‪ ‬إذا مل يتم يف ‪ 31‬ديسمرب التصويت على قانون املالية للسنة أو مل يصدر األمر بتنفيذه بسبب إحالته إىل‬
‫احملكمة الدستورية‪ :‬إعداد وتتبع املصادقة على مرسوم فتح االعتمادات الالزمة لسري املرافق العمومية على‬
‫املداخيل ابستثناء‬ ‫ابستخال‬ ‫أساس ما هو مقرتح ابمليزانية املعروضة على املوافقة واملرسوم اخلا‬
‫املالية‪.1‬‬ ‫املداخيل املقرتح إلغاؤها يف مشروع قانون‬

‫و حسب املادة ‪ 48‬من القانون التنظيمي ‪ 13-130‬فان مشروع قانون املالية يكون مرفقا مبجموعة من‬
‫الواثئق منها‪ :‬مذكرة تقدمي ملشروع قانون املالية واليت تتضمن معطيات حول استثمارات امليزانية العامة وحول‬

‫‪1‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪.2024‬‬

‫‪41‬‬
‫اآلاثر املالية واالقتصادية للمقتضيات الضريبية واجلمركية املقرتحة ‪ ،‬التقرير االقتصادي واملايل‪ ،‬تقرير حول‬
‫املؤسسات العمومية واملقاوالت العمومية ‪ ،‬تقرير حول مرافق الدولة املسرية بصورة مستقلة ‪ ،‬و تقارير اخرى‪.‬‬

‫من جهة اخرى‪ ،‬و ابإلضافة اىل قانون املالية السنوي جند قانون التصفية و القانون التعديلي ‪ ،‬و كلها قوانني‬
‫الدولة‪.‬‬ ‫سنوية تشكل االطار القانوين للميزانية‬
‫ف قانون التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية هو وثيقة قانونية تثبت وحتصر املبالغ النهائية للمداخيل املقبوضة‬
‫والنفقات املتعلقة بنفس السنة املالية واملؤشر على االمر بصرفها وحتصر كذلك حساب نتيجة السنة ‪ .1‬فهو‬
‫بذلك يوضح الفرق بني توقعات قانون املالية اليت صادقت عليه السلطة التشريعية عند بداية السنة املالية‪ ،‬وما‬
‫بني اإلجنازات اليت حتققت عند هناية السنة‪.‬‬
‫يودع مشروع قانون التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية سنواي ابألسبقية مبكتب جملس النواب يف أجل أقصاه‬
‫هناية الربع االول من السنة الثانية اليت تلي سنة تنفيذ قانون املالية املعين‪ .2‬تشكل املراقبة اليت ميارسها الربملان‬
‫ادانه ‪:3‬‬ ‫واجمللس االعلى للحساابت املرحلة الرابعة من مراحل تدبري امليزانية وفق الرسم التوضيحي‬

‫‪1‬‬
‫حسب المادة ‪ 64‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬القانون المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حسب المادة ‪ 65‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ميزانية المواطن لقانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة ‪ ،2020‬الصادر عن وزارة االقتصاد و المالية‪ ،‬ص‪9‬‬

‫‪42‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التشريعات املتعلقة برقابة املالية العمومية‬
‫امام االهتمام املتزايد للميزانية العمومية وادوارها التنموية‪ ،‬برزت احلاجة للرقابة املالية على تنفيذها للتحقق من‬
‫نتائج التنفيذ ما تضمنته امليزانية من برامج وخمططات مث التحقق من ان عملية التنفيذ تتم طبقا للقواعد‬
‫القانونية واملالية السائدة‪ ،‬ووفقا للتخطيط االسرتاتيجي للدولة‪.‬‬
‫وتعد الرقابة على تنفيذ امليزانية الوسيلة الفعالة ملراقبة كيفية حتصيل االموال العمومية وكيفية انفاقها‪ ،‬ولذلك‬
‫فهي متثل الضمان احلقيقي لتحقيق الصاحل اهلام واالستغالل االمثل للموارد املالية للدولة‪.‬‬
‫‪ .1‬املفتشية العامة للمالية‬

‫جتري الرقابة الدورية بواسطة املفتشية العامة للمالية اليت أتسست مبوجب الظهري رقم ‪1.59.269‬املؤرخ يف‬
‫‪ 14‬أبريل ‪ 1960‬منشور ابجلريدة الرمسية ‪ 2477‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪ .11960‬وقد حل حمل هذا األخري‬
‫مرسوم آخر مبثابة النظام االساسي هليئة التفتيش العام للمالية حتت رقم ‪ 2.93.807‬الصادر يف ‪ 16‬يونيو‬
‫‪.‬‬ ‫‪ 1994‬منشور ابجلريدة الرمسية عدد ‪4262‬بتاريخ ‪ 6‬يوليوز ‪1994‬‬

‫وحتتل املفتشية العامة للمالية مكانة مركزية وموقعا حموراي ضمن أجهزة الرقابة على املال العام ابلنظر إىل مشولية‬
‫أو اجملال حبيث تتسع لتشمل مجيع األموال العمومية أاي كان مصدرها أو قيمتها‬ ‫رقابتها من حيث االختصا‬
‫أو مكانتها‪.‬‬

‫ختضع املفتشية العامة للمالية‪ ،‬إىل سلطة الوزير املكلف ابملالية‪ ،‬حيث ينص الفصل ‪ 1‬من الظهري املذكور‬
‫على أن " تؤسس لدى وزير املالية هيأة عليا للتفتيش تتألف من مفتشي املالية‪ ،‬وجيعل مفتشو املالية حتت‬
‫إشراف مفتش عام خيضع مباشرة لنفوذ الوزير"‪.‬‬

‫التالية‪: 2‬‬ ‫وهكذا فان املفتشية العامة للمالية تتوىل املهام‬

‫‪ ‬مراقبة مصاحل الصندوق واحملاسبة لدى احملاسبني العموميني وموظفي الدولة واجلماعات احمللية ؛‬
‫‪ ‬مراقبة تسيري احملاسبني والتأكد من قانونية العمليات املسجلة يف حساابت اآلمرين ابملداخيل والنفقات‬
‫العمومية وكل متصريف الدولة؛‬

‫‪1‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪2024‬‬
‫‪2‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪2024‬‬

‫‪43‬‬
‫املشاريع العمومية املمولة من طرف اهليئات األجنبية كالبنك الدويل لإلعمــار والتنـ ــمية‬ ‫‪ ‬القيام ابفتحا‬
‫"‪ ،"BIRD‬والبنك اإلفريقي للتنمية "‪ ،"BAD‬وبرانمج األمم املتحدة للتنمية " ‪." PNUD‬‬
‫املاديني و املعنويني املستفيدين بصفة مباشرة او غري مباشرة من دعم مايل من طرف‬ ‫‪ ‬مراقبة مجيع االشخا‬
‫العامة‪.1‬‬ ‫الدولة او اجلماعات احمللية او املنشآت‬
‫‪ ‬مراقبة تسيري املنشآت العامة املشار اليها يف املادة االوىل من القانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق ابملراقبة املالية‬
‫اخرى‪.2‬‬ ‫للدولة على املنشآت العامة و هيأت‬
‫‪ ‬ابإلضافة اىل املهام اليت حددهتا املادة الثانية من نفس القانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق ابملراقبة املالية للدولة‬
‫على املنشآت العامة و هيأت اخرى‪ ،‬و منها "السهر على صحة عملياهتا االقتصادية واملالية ابلنظر إىل‬
‫القانونية والتنظيمية والنظامية املطبقة عليه و تقييم جودة تسيريها واجنازاهتا االقتصادية‬ ‫أحكام النصو‬
‫واملالية وكذا مطابقة تسيريها للمهام واألهداف احملددة هلا"‪.‬‬

‫وختضع تدخالت املفتش العام للمالية لربانمج سنوي مصادق عليه من طرف وزير املالية ‪ ،‬وتطرأ بعض‬
‫التعديالت على هذا الربانمج حسب املهام املستعجلة والطارئة اليت تفرض نفسها‪ .‬كما أن الربانمج السنوي‬
‫املعنية ‪.3‬‬ ‫املذكور أيخذ بعني االعتبار طلبات التدخل املعرب عنها من طرف خمتلف الوزارات‬

‫األخرى‪:4‬‬
‫يف نفس السياق‪ ،‬تتميز املفتشية العامة للمالية خباصيتني متيزها عن ابقي هيئات التفتيش‬
‫اخلاصية األوىل ‪ :‬اختصاصاهتا ذات الطابع العام‪ ،‬وذلك ابعتبار أن املفتشية العامة تتدخل ملراقبة وافتحا‬
‫تدبري مجيع األمرين بتسليم املداخيل ودفع النفقات‪.‬‬
‫اخلاصية الثانية ‪ :‬اختصاصات ذات الطابع األفقي‪ ،‬حيث تشمل مجيع القطاعات الوزارية واجلماعات الرتابية‬
‫واملؤسسات العمومية‪ .‬وكذا مجيع املتصرفني‪.‬‬

‫يلي‪:5‬‬ ‫ابإلضافة إىل ذلك جند أن رقابة املفتشية العامة للمالية تتميز مبا‬

‫‪1‬‬
‫دونية جمال الدين‪ ،‬الفساد المالي و سؤال الحكامة المالية بالمغرب‪ ،‬مؤلف جماعي بعنوان حكامة المالية العامة بالمغرب‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬الطبعة االولى‬
‫‪ ،2019‬ص ‪. 166‬‬
‫‪2‬‬
‫لقانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى ‪،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.03.195‬في (‪ 16‬من‬
‫رمضان ‪ ) 1424‬الموافق ل ‪ 11‬نوفمبر‪ ،2003‬بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5170‬بتاريخ(‪ 23‬شوال ‪18 ) 1424‬ديسمبر‪ ،2003‬ص ‪. 4240‬‬
‫‪3‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية مرجع سابق‬
‫‪4‬‬
‫معاد بوكطيب‪ ،‬الرقابة على المالية العامة‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون و االعمال الدولية‪ ،‬تاريخ النشر ابريل ‪ ،2019‬على الموقع التالي‬
‫‪ /https://www.droitetentreprise.com‬تاريخ التصفح ‪ 23‬مارس ‪2024‬‬
‫‪5‬‬
‫معاد بوكطيب‪ ،‬الرقابة على المالية العامة‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون و االعمال الدولية‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪44‬‬
‫مراقبة بعدية ‪ :‬أي أهنا تتدخل بعد إجناز العمليات املالية واحملاسباتية للتأكد من صحة العمليات‬ ‫‪‬‬

‫املدرجة يف حساابت األمرين ابلصرف واحملاسبني العموميني‪.‬‬


‫مراقبة انتقائية ‪ :‬إن املفتشية العام ال ميكن أن متارس الرقابة على مجيع املسؤولني واألعوان واألجهزة اليت‬ ‫‪‬‬

‫جتري عليهم املراقبة‪ ،‬وذلك نظرا حملدودية إمكانياهتا ومواردها البشرية‪.‬‬


‫مراقبة وقائية ‪ :‬فهي تساهم يف حتسني أساليب وطرق التدبري وذلك ابملالحظات واالتبااثت اليت تدون‬ ‫‪‬‬

‫يف تقارير التفتيش وكذا ابالقرتاحات اليت يديل هبا مفتشي املالية لتفادي األخطاء املرتبطة ابلتدبري‪ .‬كما‬
‫أهنا تساهم يف إشاعة ثقافة ترشيد وعقلنة التدبري العمومي‪.‬‬
‫على إرسال كل التقارير املتضمنة إلحدى املخالفات يف ميدان التأديب‬ ‫مراقبة زجرية ‪ :‬حيث حتر‬ ‫‪‬‬

‫املتعلق ابمليزانية والشؤون املالية إىل اجلهات املعنية ابألمر حسب نوعية املخالفات من أجل اختاذ‬
‫التدابري الالزمة‪.‬‬
‫مراقبة مفتوحة ‪ :‬ترسل التقارير املنجزة من طرف املفتشية العامة للمالية يف صيغتها األولية إىل املسؤولني‬ ‫‪‬‬

‫واألعوان اخلاضعني للتفتيش قصد إعطائهم الفرصة لإلدالء مبالحظاهتم حول حمتوى التقرير مع إدراج‬
‫هذه املالحظات يف الصيغة النهائية والتعليق عليها إن اقتضى احلال‬
‫جتدر اإلشارة إىل ان هيئة التفتيش العام للمالية‪ ،‬ال ميكنها إال استنتاج املخالفة وإخبار السلطة الرائسية للجهة‬
‫املراقبة ووزير املالية يف حالة ثبوت إخالل خطري‪ ،‬كما أن سلطتها الزجرية تنحصر يف إاثرة مسطرة تعليق‬
‫نشاط احملاسب يف حالة الضرورة‪ ،‬دون أن يتمكن املفتش من تنفيذ العقوبة‪ .‬كما أن التقارير اليت يتوصل هبا‬
‫وزير املالية‪ ،‬تتضمن جممل املالحظات وخالصات العمل حول سري مصاحل وزارة املالية‪ ،‬واإلدارات اليت‬
‫خضعت ملراقبة املفتشية‪ ،‬كما تتضمن املشاكل والعراقيل اليت اعرتضت تطبيق القانون أو عمل مأمورايت‬
‫التفتيش‪.1‬‬

‫‪ .2‬احملاسبة العمومية‬

‫‪1‬‬
‫ص ‪49‬‬ ‫نجيب جيري‪ ،‬الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية‪ ،‬مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬طبعة ‪،2011‬‬

‫‪45‬‬
‫عرف مفهوم احملاسبة العمومية تطورا ملواكبة التطور الدولة ووظائفها‪ ،‬مبا يف ذلك االقتصادية‪ ،‬وما نتج عنها‬
‫من زايدة ملحوظة يف حجم النفقات واختالف جماالهتا‪ ،‬زايدة إىل ذلك منو حجم االيرادات واختالف منابعا‬
‫ومصادرها‪ ،‬فأصبحت احملاسبة العمومية أداة مهمة ملراقبة وتقييم أداء القطاع العمومي يف تسيري املال العام ‪.‬‬
‫أتيت احملاسبة العمومية كآلية للتكفل حبماية املال العام من خالل تطبيق جمموعة من القواعد القانونية والتقنية‬
‫املطبقة على تنفيذ امليزانية العمومية وبيان عملياهتا املالية وعرض حساابهتا ومراقبتها واحملددة لاللتزامات‬
‫العموميني‪.1‬‬ ‫ومسؤوليات األمرين ابلصرف واحملاسبني‬
‫يف املغرب يعد املرسوم امللكي رقم ‪ 66-330‬بتاريخ ‪ 10‬حمرم ‪ 21(1387‬ابريل ‪ )1967‬املتعلق بسن‬
‫نظام احملاسبة العمومية االطار القانوين احملوري يف هذا اجملال‪ ،‬حيث عرف احملاسبة العمومية يف الفصل االول‬
‫منه على اهنا" جمموع القواعد اليت جتري ما عدا يف حالة سن مقتضيات خمالفة على العمليات املالية‬
‫واحلسابية للدولة واجلماعات احمللية ومؤسساهتا وهيأهتا واليت حتدد االلتزامات واملسؤوليات املنوطة ابألعوان‬
‫املكلفني هبا" ‪.‬‬
‫مواد املرسوم تنقسم اىل جزأين ينقسم اىل جزئيني‪ ،‬األول منهما متعلق ابملقتضيات العامة اليت تعترب مبثابة‬
‫بقواعد تطبيق هذه املقتضيات على‬ ‫املبادئ األساسية لنظام احملاسبة العمومية‪ ،‬اما اجلزء الثاين فهو خا‬
‫الدولة وعند االقتضاء الرتخيصات ابملخالفة هلا‪.‬‬
‫و جتدر اإلشارة ان اهم القواعد اليت تقوم عليها الرقابـة يف جوانبـها احملاسبية‪ ،‬تعتمد االجتاه التقليدي املستمد‬
‫من النموذج الفرنسي و الذي يرتكز على قاعدتني اساسيتني مها‪ :‬قاعدة العمل املنجز ‪la règle du‬‬
‫‪ ، service fait‬وقاعدة التسيري الفعلي ‪. La règle de gestion fait‬‬

‫تشكل قاعدة العمل املنجز احد املكوانت الرئيسية للمحاسبة العمومية‪ ،‬ويقصد هبا‪ ،‬أن الدولة كباقي‬
‫العمومية االخرى‪ ،‬ال ميكنها أن تؤدي النفقة املتعلقة ابلعمل او اخلدمة‪ ،‬اال إذا مت إجناز هذا العمل‬ ‫األشخا‬
‫مربرا‪.2‬‬ ‫او اخلدمة‪ ،‬ويف مجيع احلاالت ‪،‬فإن أي اداء مسبق ‪،‬يعد مرفوضا على االطالق ‪،‬إذا مل يكن‬

‫‪1‬‬
‫محمد حيمود‪ ،‬إشكالية تقييم التدبير المحلي‪ :‬مقاربة نقدية على ضوء التوجيهات الرقابية الحديثة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه فـي الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬‬
‫عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضـاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2002، 2001-‬ص‪40 :‬‬
‫‪2‬‬
‫يونس لعروسي‪ ،‬السند القانوني لمشروعية االختصاص الرقابي على األموال العمومية بالمغرب‪ ،‬مجلة مسالك للفكر السياسي و االقتصادي‪ ،‬العدد ‪61 /62‬‬
‫‪ ،‬سنة ‪ ، 2023‬ص ‪58‬‬

‫‪46‬‬
‫ويف هذا الصدد فإن نظام احملاسبة العمومية ‪،‬يؤطر بشكل واضح هذه القاعدة واليت جندها ضمن الفصول‬
‫‪1‬‬

‫التالية‪:‬‬
‫الفصل ‪ ":40‬ال ميكن أداء االوامر ابلصرف أو احلواالت إال بعد التأشري عليها من طرف احملاسب املكلف‬
‫ابلنفقة"‪.‬‬
‫الفصل ‪ " : 41‬األداء هو العمل الذي تربئ به املنظمة العمومية ذمتها من الدين وال ميكن ان يتم هذا االداء‬
‫قبل تنفيذ العمل‪"...‬‬
‫الفصل ‪ " :86‬تصدر األوامر ابلصرف أو احلواالت معززة ابإلثبااتت الضرورية من طرف اآلمر ابلصرف يف‬
‫ستني (‪ )60‬يوما على أبعد تقدير انطالقا من اتريخ تنفيذ اخلدمة املنجزة‪ ،‬ويقوم اآلمر ابلصرف بتوجيهها اىل‬
‫احملاسب املكلف ‪"...‬‬
‫اال انه و مع تزايد تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي ‪،‬وإبرام جمموعة من الصفقات مع املقاوالت اخلاصة‬
‫لتأمني خدمات عمومية ‪،‬جلأت هذه الدولة إىل إعادة ترتيب هذه القاعدة ‪،‬لكوهنا حتول دون االخذ بعني‬
‫االعتبار املعطيات اجلديدة للمتعاقدين‪ ،‬كاالستثمارات املهمة اليت تفرضها املقاوالت قبل الشروع يف االشغال‬
‫كالدراسات و األحباث‪ ،‬لذلك جند أبن قواعد احملاسبة العمومية يف نفس الوقت الذي تؤكد فيه على عدم‬
‫الذين تتعاقد‬ ‫صرف النفقة ‪،‬اال بعد اثبات العمل املنجز ‪،‬فإهنا ال متنع من تقدمي تسبيقات مالية لألشخا‬
‫الدولة أو غريها من مؤسسات القطاع العام إلجناز خدمة معينة ‪،‬مما جعل الرتاجع النسيب لقاعدة العمل املنجز‬
‫‪.2‬‬ ‫يرتبط ابلتطور الوظيفي لدور الدولة‬

‫أما القاعدة الثانية‪ ،‬اليت ترتكز عليها رقابة املشروعية‪ ،‬خاصة يف جانب االموال العمومية املتعلقة ابلتسيري‬
‫الفعلي اليت متت بلورهتا من طرف االجتهاد القضائي حملكمة احلساابت الفرنسية وذلك هبدف محاية جانب‬
‫املشروعية عرب فحص خمتلف العمليات املتعلقة ابألموال العمومية‪ .‬ويف هذا اإلطار‪ ،‬فإن العمليات املنجزة من‬

‫‪1‬‬
‫مرسوم ملكي رقم ‪ 66-330‬بتاريخ ‪ 10‬محرم ‪ 21( 1387‬أبريل ‪ )1967‬المتعلق بسن نظام عام للمحاسبة العمومية المنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 2843‬بتاريخ ‪ ، 26/O4/1967‬ص ‪810‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد حيمود‪ ،‬إشكالية تقييم التدبير المحلي‪ :‬مقاربة نقدية على ضوء التوجيهات الرقابية الحديثة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه فـي الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬‬
‫عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضـاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2002، 2001-‬ص‪40 :‬‬

‫‪47‬‬
‫خالل املال العام‪ ،‬مدعوة لالحرتام تطبيق شكليات معينة‪ ،‬فهي مطالبة أبن تكون موضوع ترخيص من قبل‬
‫‪.1‬‬ ‫امليزانية‪ ،‬وتتطلب يف مرحلة اثنية ضرورة تدخل آمر ابلصرف وحماسب مؤهل قانوان‬

‫ميكن القول اذن‪ ،‬ان احملاسبة هتدف عموما اىل تتبع االذن الذي منحته السلطة املختصة بصرف االعتمادات‬
‫املخصصة و السهر على عدم جتاوزها‪ ،‬و حتصيل املداخيل احملدد اضافة اىل تتبع تنفيذ امليزانية ‪ ،‬و ذلك من‬
‫اجل حتقيق اهداف كربى تتعلق ابحملافظة على التوازن بني املوارد و النفقات و كذا االلتزام ابمليزانية املوضوعة‬
‫العجز‪.2‬‬ ‫و تفادي حصول‬

‫الفرع الثاين‪ :‬التشريعات املتعلقة مبداخيل و نفقات الدولة‬

‫تشمل التشريعات املتعلقة مبداخيل و نفقات الدولة جمموع القوانني اليت تنظم مجيع االيرادات الدولة‪ ،‬مثل‬
‫التشريع الضرييب و اجلمركي و حتصيل الديون العامة و ذلك من اجل الرفع من مردودية االيرادات‪.‬‬

‫اما التشريعات امللحقة بنفقات الدولة فتشمل القوانني اليت تنظم مجيع نفقات الدولة‪ ،‬من امهها القوانني‬
‫الدولة ‪.‬‬ ‫املتعلقة بنظام الصفقات العمومية و ايضا املرسوم املتعلق مبراقبة نفقات‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التشريع الضرييب و اجلمركي وحتصيل الديون العامة‬
‫‪ .1‬التشريع الضرييب و اجلمركي‬
‫التشريع الضرييب‬
‫مع تطور مفهوم الدولة و تدخلها يف احلياة العامة‪ ،‬عرف مفهوم الضريبة و الدور الذي تلعبه تطورا مهما‪ ،‬و‬
‫انتقل من جمرد صورة من صور االيراد العام ذات هدف مايل اىل أداة لتحقيق اهداف اخرى ‪ ،‬فتستخدم‬
‫الضريبة اذن يف الداخل كأداة للقوى االجتماعية املسيطرة سياسيا يف مواجهة الطبقات و الفئات االجتماعية‬
‫األخرى‪ ،‬كما اهنا تستخدم كأداة من أدوات السياسة اخلارجية كما يف حالة الرسوم اجلمركية لتسهيل التجارة‬

‫‪1‬‬
‫يونس لعروسي‪ ،‬السند القانوني لمشروعية االختصاص الرقابي على األموال العمومية بالمغرب‪ ،‬مجلة مسالك للفكر السياسي و االقتصادي‪ ،‬العدد ‪61 /62‬‬
‫‪ ،‬سنة ‪ ، 2023‬ص ‪76‬‬
‫‪2‬‬
‫مالح حميد‪ ،‬الحكامة المالية و ربط المسؤولية بالمحاسبة‪ ،‬مجلة القانون و االعمال‪ ،‬دار المنظومة‪ ،‬عدد ‪ ،40‬الصادرة في يناير ‪.2019‬‬

‫‪48‬‬
‫مع بعض الدول او للحد منها‪ ،‬ابإلضافة اىل دور الضريبة ملواجهة مشكلة التضخم‪ ،‬و هبذا يكون للضريبة‬
‫‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اهداف اجتماعية و سياسية و اقتصادية‬

‫تعترب املدونة العامة للضرائب املرجع األساسي الذي يقوم بعرض القواعد واإلجراءات اليت جيب اتباعها‬
‫لتحديد وحتصيل الضرائب على األفراد والشركات واملؤسسات‪ .‬فهي حتدد أنواع الضرائب‪ ،‬معدالهتا‪،‬‬
‫أيضا مسطرة تطبيق اجلزاءات اجلنائية‬
‫اإلعفاءات‪ ،‬واإلجراءات اخلاصة ابلتصريح والتسوية الضريبية‪ ،‬وتتضمن ً‬
‫على املخالفات‪.‬‬

‫املدونة العامة للضرائب حمدثة مبوجب املادة ‪ 5‬من قانون املالية رقم ‪ 43.06‬للسنة املالية ‪ 2007‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪ 1.06.232‬بتاريخ ‪ 10‬ذي احلجة ‪ 31 )1427‬ديسمرب ‪ .)2006‬و يتم‬
‫حتديثها بشكل دوري ملواكبة التطورات االقتصادية والقانونية‪ ،‬وتعديل القوانني واألنظمة الضريبية حسب‬
‫احلاجة‪ .‬اجلهة املختصة إبصدار وتطبيق هذه القوانني والتشريعات هي وزارة االقتصاد واملالية‪ ،‬ومن اإلدارات‬
‫املباشرة‪.2‬‬ ‫املرتبطة هبا املديرية العامة للضرائب‪ ،‬وإدارة اجلمارك والضرائب غري‬

‫ان االنفتاح التدرجيي لالقتصاد الوطين يستلزم وضع آليات للعمل والتواصل يف امليدان اجلبائي رهن إشارة‬
‫املستثمرين‪ ،‬تتسم ابلوضوح والشمولية والسهولة‪ .‬وقد مكنت املناظرة الوطنية االوىل حول اجلباايت املنعقدة‬
‫التالية‪:3‬‬ ‫يومي ‪ 26‬و‪ 27‬نوفمرب ‪ 1999‬من رسم مسار عملية تدوين املقتضيات اجلبائية واليت مرت ابملراحل‬

‫اجلبائية بواسطة مقتضيات هتدف إىل املالئمة والتبسيط ومسايرة تطور احمليط العام‬ ‫‪ ‬التحيني التدرجيي للنصو‬
‫لالقتصاد ؛‬
‫‪ ‬إصالح واجبات التسجيل سنة ‪2004‬‬
‫‪ ‬إصدار كتاب املساطر اجلبائية سنة ‪2005‬‬
‫‪ ‬إصدار كتاب الوعاء والتحصيل سنة ‪2006‬‬
‫‪ ‬اصدار املدونة العامة للضرائب سنة ‪2007‬‬

‫‪1‬‬
‫الدكتور عبد الفتاج بلخال‪ ،‬الضرائب في المغرب‪ ،‬دار ابي رقراق للطباعة و النشر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،2009‬صفحة ‪9‬‬
‫‪2‬‬
‫لمهدي السهيمي‪ ،‬إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في المالية العامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫السياسية بالسطات‪ ،‬جامعة االحسن األول‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2021/2020‬ص ‪43‬‬
‫‪3‬‬
‫المدونة العامة للضرائب طبعة ‪ 2023‬الصادرة عن وزارة االقتصاد و المالية ‪ ،‬المديرية العامة للضرائب‪ ،‬ص ‪5‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ ‬إصالح واجبات التمرب والضريبة اخلصوصية السنوية على السيارات و إدراجها ابلكتاب الثالث من املدونة سنة‬
‫‪2009‬‬
‫‪ ‬نسخ الرسم على حمور احملرك وإدماجه ضمن مقتضيات الضريبة اخلصوصية السنوية على املركبات سنة ‪2017‬‬
‫‪ ‬ادراج مقتضيات الرسم على عقود التأمني ابلكتاب الثالث من املدونة العامة للضرائب سنة ‪2019‬‬
‫‪ ‬إدراج مقتضيات الرسم اجلو ي للتضامن وإنعاش السياحة ابلكتاب الثالث من املدونة العامة للضرائب سنة‬
‫‪. 2022‬‬

‫وهكذا‪ ،‬مت التدوين يف نص واحد‪ ،‬جلميع مقتضيات الوعاء والتحصيل واملساطر اجلبائية املتعلقة ابلضريبة على‬
‫الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة املضافة وواجبات التسجيل وواجبات التمرب والضريبة‬
‫اخلصوصية السنوية على املركبات والرسم على عقود التأمني والرسم اجلوي للتضامن وإنعاش السياحة ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪:‬‬ ‫وحتتوي هذه املدونة على ثالث كتب‬
‫‪ ‬الكتاب االول ‪ :‬يضم قواعد الوعاء والتحصيل واجلزاءات املتعلقة ابلضريبة على الشركات والضريبة على‬
‫الدخل والضريبة على القيمة املضافة وواجبات التسجيل ؛‬
‫‪ ‬الكتاب الثاين ‪ :‬يتعلق ابملساطر اجلبائية ويضم قواعد املراقبة واملنازعات املتعلقة ابلضرائب والواجبات‬
‫املذكورة‬
‫الكتاب الثالث ‪ :‬خيص واجبات التمرب والضريبة اخلصوصية السنوية على املركبات واملسامهة االجتماعية‬ ‫‪‬‬

‫للتضامن املرتتبة على األرابح واملسامهة االجتماعية للتضامن املطبقة على ما يسلمه الشخص لنفسه من‬
‫السياحة ‪.‬‬ ‫مبىن معد للسكن الشخصي و الرسم على عقود التامني والرسم اجلوي للتضامن وإنعاش‬

‫وقد مت حتيني املدونة العامة للضرائب يف طبعة جديدة للسنة املالية ‪ 2023‬إبدراج التغيريات الواردة يف قانون‬
‫املالية رقم ‪ 50.22‬للسنة املالية ‪ 2023‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم‪ 1.22.75‬صادر يف ‪ 18‬من‬
‫‪. (2022‬‬ ‫مجادى األوىل ‪ 13( 1444‬ديسمرب‬

‫‪1‬‬
‫المدونة العامة للضرائب طبعة ‪ 2023‬الصادرة عن وزارة االقتصاد و المالية ‪ ،‬المديرية العامة للضرائب‪ ،‬ص ‪4‬‬

‫‪50‬‬
‫التشريع اجلمركي‬
‫متثل احلقوق والرسوم اجلمركية مصدرا ماليا هاما ألي دولة‪ ،‬إذ تساهم يف ميزانية الدولة مبوارد مالية جد هامة‪،‬‬
‫الشيء الذي يؤكد أمهية الرقابة اجلمركية ابعتبار أن أي هترب من تسديد احلقوق والرسوم اجلمركية مهما‬
‫اختلفت صوره يشكل نزيفا ملوارد الدولة‪ .‬وهذه الرقابة اجلمركية ال تفرضها االعتبارات املالية فقط وإمنا هناك‬
‫محاية املنتجات الوطنية وجلب رؤوس األموال‬ ‫اعتبارات أخرى ذات طابع اقتصادي منها على اخلصو‬
‫االستثمارات‪.1‬‬ ‫األجنبية‪ ،‬وتشجيع‬
‫حييل التشريع اجلمركي جملموعة االنظمة والقوانني املطبقة عند التصدير واالسترياد‪ ،‬كما يطبق على التداول‬
‫وعبور البضائع رؤوس االموال والوسائل االداء‪ ،‬سواء تعلق االمر بتحصيل الضرائب ورسوم اجلمركية وردها يف‬
‫بعض االحيان‪.‬‬
‫قانونية تشريعية تنظيمية تبني جمال عمل ادارة اجلمارك وتربز دورها يف تطبيق‬ ‫فهو اذن عبارة عن نصو‬
‫القانونية و التنظيمية اجلمركية و هي ‪ :‬مدونة اجلمارك و الضرائب غري مباشرة‪ ،‬قانون تعرفة الرسوم‬ ‫لنصو‬
‫اجلمركية‪.2‬‬ ‫التنظيمية املتعلقة ابجلمارك و كذا اإلجراءات و املساطر‬ ‫اجلمركية عند االسترياد‪ ،‬و النصو‬
‫من جهة أخرى فاإلدارة املعنية تسهر خالل عمليات مراقبة واملتابعة لعملية االسترياد والتصدير لتطبيق‬
‫ابلتجارة اخلارجية والتشريع الذي ينظم العالقات املالية مع اخلارج‪.‬‬ ‫التشريع اخلا‬
‫متثل مدونة قانون اجلمارك والضرائب الغري مباشرة‪ ،‬مبثابة قانون رقم ‪ 1-77-339‬والصادر بتاريخ ‪25‬‬
‫شوال ‪ 1397‬املوافق ل‪ 9‬اكتوبر ‪ ،1977‬مرجعا يتضمن التشريعات والتنظيمات املتعلقة ابلنشاط اجلمركي‪،‬‬
‫ويتم تطبيقه على كامل االقليم اجلمركي‪ .‬مواد املدونة تنظم عمليات االسترياد والتصدير وكذا العالقات‬
‫احلدود‪.3‬‬ ‫التجارية مع اخلارج ومراقبة االنشطة يف املوانئ واملتابعة القضائية ضد املخالفات املرتكبة‪ ،‬وكذا مراقبة‬
‫جتدر االشارة اىل ان االتفاقيات واملعاهدات الدولية تشكل سندا يف دعم التسيري الصحيح للتجارة اخلارجية‬
‫للدولة يف جمال التعاون التجاري والتعريف الدويل‪ .‬ويرجع الفضل يف هذا للمنظمة العاملية للجمارك واملنظمة‬
‫العاملية للتجارة ابإلضافة اىل اتفاق الشراكة مع احتاد االورويب ودول عربية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حسن بوسقيعة‪ ،‬المنازعات الجمركية في ضوء الفقه واجتهاد القضاء والجديد في أحكام قانون ‪ 10-98‬المعدل والمتمم لقانون الجمارك‪ ،‬دار الحكمة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬طبعة ‪ ،2008‬ص ‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد و المالية ‪ /https://www.finances.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪24‬مارس ‪2024‬‬
‫‪3‬‬
‫خديجة بن عبد هللا‪ ،‬التدبير اإلداري و المالي إلدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس اكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2014 2013‬ص‪64‬‬

‫‪51‬‬
‫التشريعية سواء كانت مكملة او‬ ‫كما حتمل قوانني املالية الصادرة يف بداية كل سنة مالية عددا من النصو‬
‫للدولة ‪.‬‬ ‫معدلة و ذلك حسب متطلبات الواقع االقتصادي‬

‫‪ .2‬مدونة حتصيل الديون العامة‬

‫تعترب الديون العمومية من أهم مصادر متويل ميزانية الدول ‪ ،‬من اجل تنفيذ سياستها االقتصادية‬
‫تشريعية وتنظيمية‪ .‬كما يتوجب العمل‬ ‫واالجتماعية ‪ ،‬لذلك وجب اتطريها قانونيا فتصدر هلا نصو‬
‫كلما دعت احلاجة إىل ذلك ‪ ،‬و ذلك لضمان نوع من العدالة يف حتمل األعباء‬ ‫على تغيري هاته النصو‬
‫والتكاليف بني مجيع مواطنيها‪.‬‬
‫عرف املغرب يف العقد األخري من القرن العشرين‪ ،‬قفزة نوعية يف حتديث القوانني املتعلقة بتحصيل الديون‬
‫العمومية وجعلها مسايرة لروح العصر‪ ،‬حيث مت إصدار مدونة لتحصيل الديون العمومية مبقتضى الظهري‬
‫الشريف رقم ‪1.00.175‬الصادر يف ‪28‬من حمرم ‪ 1421‬املوافق ‪ 31‬ماي ‪2000‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪15.97‬مبثابة مدونة حتصيل الديون العمومية‪ ،‬هذه املدونة حلت حمل تشريعات قدمية كان يتم العمل هبا‬
‫‪.11935‬‬ ‫منذ االستعمار‪ ،‬يف مقدمتها ظهري ‪21‬غشت‬
‫مدونة حتصيل الديون جاءت يف اطار اهلدف من حتسني مردود اخلزينة من جهة ‪ ،‬و أتسيس هنج جديد‬
‫يف العالقة بني اإلدارة و املدين من جهة اثنية ‪،‬ومن أهم التعديالت اليت جاء هبا هذا القانون هو جعل‬
‫السابق‪.‬‬ ‫املسطرة اإلدارية مرحلة إجبارية قبل سلك املسطرة القضائية قبل ما كانت اختيارية يف القانون‬
‫و قد عرف املشرع املغريب التحصيل يف املادة األوىل من مدونة حتصيل الديون العمومية‪ ،2‬أبنه‪" :‬جمموع‬
‫العمليات واإلجراءات اليت هتدف إىل محل مديين الدولة واجلماعات احمللية وهيآهتا واملؤسسات العمومية‬
‫على تسديد ما بذمتهم من ديون مبقتضى القوانني واألنظمة اجلاري هبا العمل‪ ،‬أو الناجتة عن أحكام‬
‫وقرارات القضاء أو عن االتفاقات‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد محبوبي‪ ،‬قراءة في مدونة تحصيل الديون العمومية الصادرة في ‪ 3‬ماي ‪ ، 2000‬موقع المركز الوطني للتوثيق التابع للمندوبية السامية للتخطيط ‪،‬‬
‫‪ ، https://urlz.fr/pT7e‬تاريخ التصفح ‪ 14‬مارس ‪2024‬‬
‫‪2‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ ، 1.00.175‬صادر في ‪ 28‬من محرم ‪ 1421‬الموافق ل ‪ 3‬ماي ‪ ، 2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ، 4800‬صادرة في ‪ 28‬صفر ‪ 1421‬الموافق ل ‪ 1‬يونيو ‪.2000‬‬

‫‪52‬‬
‫اما ما يعترب ديوان عمومية‪ ،‬فقدمت حتديدها حسب املادة الثانية من قانون ‪ 15.97‬املتعلق مبدونة حتصيل‬
‫العمومية‪: 1‬‬ ‫الديون‬
‫‪ ‬الضرائب املباشرة للدولة والرسوم املماثلة و كذا الضريبة على القيمة املضافة‬
‫‪ ‬احلقوق والرسوم اجلمركية‬
‫‪ ‬حقوق التسجيل والتمرب والرسوم املماثلة‬
‫‪ ‬مداخيل وعائدات أمالك الدولة‬
‫‪ ‬حصيلة اإلستغالالت واملسامهات املالية الدولة‬
‫‪ ‬الغرامات و اإلداانت النقدية‬
‫‪ ‬ضرائب ورسوم اجلماعات احمللية وهيأهتا‬
‫‪ ‬سائر الديون األخرى لفائدة الدولة واجلماعات احمللية واملؤسسات العمومية اليت يعهد بقبضها‬
‫للمحاسبني املكلفني ابلتحصيل‪ ،‬ابستثناء الديون ذات الطابع التجاري املستحقة لفائدة‬
‫املؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫و حتصيل الديون‪ ،‬كما انه وضع‬ ‫و قد قام املشرع بتأطري ملختلف اجلوانب املتعلقة بعمليات استخال‬
‫جمموعة من االليات القانونية سواء تعلق االمر ابلتحصيل الرضائي للديون او التحصيل اجلربي مبرحلتيه‬
‫النزاعات‪.‬‬ ‫املرحلة االدارية و املرحلة القضائية يف حالة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التشريعات امللحقة بنفقات الدولة‬
‫العمومية ‪:‬‬ ‫نظام الصفقات‬ ‫‪.1‬‬

‫تعترب الصفقات العمومية األداة االسرتاتيجية لألجهزة العمومية لتحقيق التنمية على املستوى الوطين واحمللي‬
‫كما أهنا أداة وظيفية إلعادة توزيع املوارد الوطنية واحمللية‪ ،‬وتعد كذلك من أهم اآلليات التعاقدية لتنزيل‬
‫السياسات العمومية اليت تراهن عليها الدولة‪ ،‬و وسيلة لتوجيه االقتصاد الوطين والعمل على تطويره حىت ميكنه‬
‫العاملي‪.2‬‬ ‫أن يرقى إىل مستوى جيعله منافسا على الصعيد‬

‫‪1‬‬
‫قانون رقم ‪ ، 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عزيز قسومي‪ ،‬حكامة الصفقات العمومية ‪ :‬قراءة تحليلية في المستجدات والرهانات‪ ،‬مجلة مسارات في األبحاث و الدراسات القانونية‪ ،‬عدد ‪, 8‬طبعة‬
‫أكتوبر ‪، 2019‬ص ‪215‬‬

‫‪53‬‬
‫ان امهية الصفقات العمومية تعكسها االرقام‪ ،‬حيث بلغت قيمتها ‪ 245‬مليار درهم يف سنة ‪،2022‬‬
‫حسب تصريح للوزير املنتدب املكلف ابمليزانية‪ 1‬اي ما ميثل ‪ 20%‬من امجايل الناتج الداخلي اخلام‪ .‬و الذى‬
‫عرف ارتفاعا برسم سنة ‪ 2023،‬حيث وصل الغالف الذي تضخه الدولة يف الصفقات العمومية اىل يناهز‬
‫اإلمجايل‪.2‬‬ ‫‪ 300‬مليار درهم‪ ،‬أي حوايل ‪ 21‬يف املائة من الناتج الداخلي‬

‫ونظرا ألمهيتها البالغة‪ ،‬فقد أولت احلكومة اهتماما خاصا لإلطار القانوين واملؤسسي املنظم للصفقات‪ ،‬جلعلها‬
‫أكثر شفافية و فعالية و متسمة بروح املنافسة الشريفة‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد فرضت التغريات العميقة اليت‬
‫شهدها مناخ األعمال الوطين و الدويل يف السنوات األخرية‪ ،‬تكيي ًفا فعليًا لإلطار القانوين والتقين املنظم‬
‫ُ‬
‫للطلبيات العمومية مع التطورات اليت ميزت عامل األعمال وااللتزامات اليت قطعها املغرب يف سياق االتفاقيات‬
‫الدولية‪.3‬‬

‫منها ‪:‬‬ ‫ويف هذا الصدد‪ ،‬فقد مت اعتماد مجلة من اإلصالحات منذ استقال املغرب إىل اليوم ‪ ،‬نذكر‬

‫‪ ‬إبصدار مرسوم ‪ 482-98-2‬بتاريخ ‪ 30‬دجنرب ‪1998‬‬


‫‪ ‬تعديله مبرسوم ‪ 2.6.388‬بتاريخ ‪ 5‬فرباير ‪ 42007‬بشروط وأشكال إبرام صفقات الدولة‬
‫‪ ‬إعتماد القانون رقم ‪ 86.12‬املتعلق بعقود الشراكة بني القطاعني العام واخلا (سنة ‪)2014‬‬
‫)‪5‬‬
‫‪ ‬إعتماد املرسوم رقم ‪ 2.12.349‬املتعلق ابلصفقات العمومية (سنة ‪2013‬‬
‫‪ ‬إعتماد املرسوم القاضي بتحديد آجال األداء و فوائد التأخري املتعلقة ابلطلبيات العمومية لسنة ‪2016‬‬
‫‪ ‬إحداث اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية (سنة ‪)2018‬‬
‫‪ ‬وصوال إىل مرسوم ‪ 2.22.431‬الصادر يف شعبان ‪ 8( 14446‬مارس‪.)2023‬‬

‫‪1‬‬
‫تصريح للوزير المنتدب المكلف بالميزانية خالل الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪.2022‬‬
‫‪2‬‬
‫إصالح منظومة الصفقات العمومية رافعة للنهوض بتدبير المالية العمومية‪ ،‬عن الموقع الرسمي لوكالة المغرب العربي لألنباء‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 24‬اكتوبر‬
‫‪ ،https://www.mapnews.ma/ar/actualites/ ،2023‬تاريخ التصفح ‪ 23‬مارس ‪2024‬‬
‫‪3‬‬
‫تقرير المجلس االقتصادي و االجتماعي حول الصفقات العمومية الصادر سنة ‪ ،2012‬ص ‪5‬‬
‫‪4‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2-06-388‬صادر في ‪ 16‬من محرم ‪ 5( 1428‬فبراير ‪ )2007‬بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة‬
‫بتدبيرها ومراقبتها‪ ،‬و المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5518‬بتاريخ ‪ 19‬ابريل ‪2007‬‬
‫‪5‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية‪ ،‬الصادر في ‪ 8‬جمادى األولى ‪ 20 ( ، 1434‬مارس ‪) 2013‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6140‬بتاريخ ‪ 23‬جماد ى األولى ‪ 1434‬الموافق ( ‪ 4‬أبريل ‪) 2013‬‬
‫‪6‬‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.22.431‬الصادر في ‪ 15‬شعبان ‪ 1444‬الموافق ل ‪ 8‬مارس ‪ 2023‬المتعلق بالصفقات العمومية المنشور في الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ 7176‬بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪2023‬‬

‫‪54‬‬
‫جيمع املرسوم‪ 168 2.22.431‬مادة موزعة على اثنا عشر اباب‪ .‬الباب األول مثال تناول االحكام العامة‬
‫مثل جمال التطبيق التعاريف و االستثناءات و كذا املبادئ العامة‪ .‬حيث حتدد املادة االوىل منه هذه املبادئ و‬
‫هي حرية الولوج إىل الصفقات العمومية‪ ،‬املساواة يف التعامل مع املتنافسني‪ ،‬ضمان حقوق املتنافسني‪،‬‬
‫الشفافية يف اختيارات صاحب املشروع‪ ،‬ابإلضافة اىل النزاهة و مبادئ احلكامة اجليدة يف ابرام الصفقات‬
‫العمومية‪.‬‬

‫و تتناول املواد مجيع اجلوانب املتعلقة ابلصفقات العمومية‪ ،‬انواعها و امثاهنا‪ ،‬اشكاهلا و مساطر ابرامها‪ ،‬و‬
‫كذا الواثئق و املستندات املتعلقة هبا‪ ،‬ابإلضافة اىل ابب للحكامة و اخر للشكاايت و الطعون‪.‬‬
‫للتذكري فقد جاء املرسوم ‪ 8 2.22.431‬مارس ‪ 2023‬يف اطار تفعيل توصيات اللجنة اخلاصة ابلنموذج‬
‫التنموي اجلديد املتعلقة ابلصفقات العمومية ‪ .‬حيث مت اعتماد اصالح شامل ملنظومة الصفقات العمومية و‬
‫ذلك يف اطار مقاربة تشاركية مجعت بني خمتلف مصاحل الدولة املعنيني يف خمتلف القطاعات و كذا املهنيني و‬
‫الفاعلني‪.‬‬

‫منها‪:1‬‬ ‫يهدف هذا املرسوم اىل حتقيق جمموعة من االهداف‬


‫‪ ‬اعتماد نظام املوحد للصفقات العمومية يطبق على مصاحل الدولة وعلى اجلماعات الرتابية واهليئات‬
‫التابعة هلا وكذا على املؤسسات العمومية وذلك لتوفري رؤية اكثر وضوحا للفاعلني االقتصاديني‪.‬‬
‫‪ ‬ادماج االبعاد االقتصادية واالجتماعية والبيئية والتنمية املستدامة يف جمال الصفقات العمومية‪ ،‬مع‬
‫تعزيز هيئات احلكامة والشفافية‪.‬‬
‫‪ ‬اعاده توجيه اليات التقييم العروض إبقصاء كل عرض منخفض بكيفية غري عادية االحسن مثنا‬
‫ابلنسبة لكل انواع الصفقات‪ ،‬واختيار العرض االحسن مثنا ابلنسبة لثمن مرجعي يتم احتسابه وذلك‬
‫ابلنسبة لصفقات االشغال والتوريدات واخلدمات غري تلك املتعلقة ابلدراسات‬
‫‪ ‬دعم القيمة املضافة احمللية عن طريق تثمني املنتوجات املغربية املنشأ وتعزيز املطابقة مع املعايري املغربية‪.‬‬
‫‪ ‬تكريس اليات تسهيل الولوج املقاوالت الصغرية جدا والصغرى واملتوسطة والتعاونيات واحتاد‬
‫التعاونيات واملقاول الذايت‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫دورية لوزير التجهيز و الماء رقم ‪ 62‬بتاريخ ‪ 3‬ابريل ‪ 2023‬حول المرسوم الجديد رقم ‪ 2.22.431‬المتعلق بالصفقات العمومية و الموجهة الى‬
‫السيدات و السادة المدراء العامين للمؤسسات العمومية التابعة للوزارة ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ ‬تعزيز الية االفضلية الوطنية إلعطاء االولوية للشركات املغربية يف اطار املنافسة‪ ،‬مع مراعاة االلتزامات‬
‫البالد يف اطار االتفاقيات والشراكة االسرتاتيجية والتبادل احلر‪.‬‬
‫‪ ‬احداث مرصد للطلبيات العمومية من اجل توفري املعطيات املتعلقة ابلطلبيات العمومية والرتويج‬
‫وتثمني املعلومات ذات الصلة‪.1‬‬

‫‪ .2‬املرسوم املتعلق مبراقبة نفقات الدولة‬

‫صدر املرسوم ‪ 2.07.1235‬لعام ‪ 2008‬بشأن ضوابط إنفاق الدولة‪ ،‬بناءً على اقرتاح وزير االقتصاد‬
‫واملالية يف ‪ 4‬نوفمرب ‪ 2008‬ونشر يف ‪ 13‬نوفمرب ‪ 2008‬يف اجلريدة الرمسية‪.‬‬

‫حسب املادة االوىل من هذا املرسوم ختضع االلتزامات بنفقات الدولة الصادرة عن املصاحل االمرة ابلصرف‬
‫ملراقبة مالية وملراقبة املشروعية‪ .‬كما ختضع هذه النفقات يف مرحلة االداء ملراقبة صحة النفقة‪.‬‬

‫ويف اطار الرقابة املشروعية فان نفقات الدولة حتدد يف مرحلة االلتزام ابلنفقة‪ ،‬حيث ان مراقبة االلتزام تتم قبل‬
‫اي التزام‪ ،‬يف املادة الثالثة من املرسوم املتعلق مبراقبة نفقات الدولة تنص على ان احملاسب العمومي يقوم مبراقبه‬
‫املشروعية من خالل التأكد من ان مقرتحات االلتزام ابلنفقات مشروعة ابلنظر لألحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫ذات الطبع املايل‪ ،‬مثل توفر االعتمادات و املناصب املالية‪ ،‬االدراج املايل للنفقة‪ ،‬صحة العمليات احلسابية‬
‫غريها ‪.‬‬ ‫ملبلغ االلتزام و‬

‫و تتم مراقبة االلتزام ابلنفقات حسب املادة اخلامسة من نفس املرسوم اما بوضع التأشرية على مقرتح االلتزام‬
‫ابلنفقة‪ ،‬اما إبيقاف التأشرية على املقرتح و إعادة امللف اىل املصلحة االمرة ابلصرف من اجل تسويتها ‪ ،‬و‬
‫اما برفض التأشرية مع التعليل‪.‬‬

‫وهناك جمموعة من االستثناءات يف هذا الصدد ختص صفقات الدولة مبا يف ذلك سندات الطلب واالتفاقيات‬
‫والعقود املربمة يف اطار برامج ومشاريع املستفيدة من اموال املسامهة اخلارجية املقدمة يف شكل هبات تطبيقا‬
‫املرسوم‪.‬‬ ‫التفاقيات ثنائية وذلك حسب املادة ‪ 11‬من نفس‬

‫‪1‬‬
‫دورية لوزير التجهيز و الماء رقم ‪ 62‬بتاريخ ‪ 3‬ابريل ‪ 2023‬حول المرسوم الجديد رقم ‪ 2.22.431‬المتعلق بالصفقات العمومية‪ .‬مرجع ساق‬

‫‪56‬‬
‫املراقبة يف مرحلة االداء فان املادة ‪ 8‬من املرسوم‪ ،‬تنص على انه جيب على احملاسب العمومي‬ ‫اما خبصو‬

‫قبل التأشري من اجل األداء‪ ،‬أن يقوم مبراقبة صحة النفقة وذلك ابلتأكد من‪ :‬صحة حساابت التصفية‪،‬‬

‫وجود التأشرية القبلية عند الضرورة‪ ،‬الصفة اإلبراءية للتسديد و اليت تعين احلصول على أقساط الدين املرتتبة‬

‫و أخريا توفر‬ ‫على الدولة وإبراء ذمة املنظمة العمومية املعنية‪ ،1‬امضاء االمر ابلصفي املؤهل او مفوضه‪،‬‬

‫اعتمادات االداء‪.‬‬

‫ابإلضافة اىل وجوب خضوع النفقات العمومية اىل املرسوم املتعلق مبراقبة نفقات الدولة‪ ،‬فإهنا أيضا جيب ان‬
‫حترتم مقتضيات قرار لوزير االقتصاد واملالية رقم ‪ 3155-14‬املتعلق بتحديد قائمة الواثئق واملستندات املثبتة‬
‫ملقرتحات االلتزامات وأداء نفقات الدولة‪ .‬حيث يفصل هذا القرار الواثئق و املستندات اليت تثنب نفقات‬
‫الدولة يف جزأين‪ ،‬حيث اجلزء األول يتعلق ابلواثئق واملستندات املثبتة ملقرتحات االلتزام واداء نفقات الدولة‬
‫اخلاصة مبوظفي الدولة‪ ،‬و يف اجلزء الثاين جند قائمة الواثئق واملستندات املثبتة ملقرتحات االلتزام واداء نفقات‬
‫الدولة اخلاصة ابملعدات واخلدمات اخلاضعة لاللتزام املسبق‪.‬‬

‫هذا اجلزء ينقسم اىل أبواب مفصلة‪ ،‬يف الباب االول الواثئق واملستندات املثبتة ملقرتحات االلتزام واداء‬
‫النفقات املتعلقة ابلتعويضات املمنوحة ملوظفي الدولة‪ ،‬اما يف الباب الثاين فهو متعلق بصفقات الدولة‪ ،‬و‬
‫ابلواثئق واملستندات املثبتة‬ ‫الباب الثالث متعلق ابلنفقات املعدات واخلدمات االخرى‪ ،‬و الرابع خا‬
‫املتعلقة بتغيري وضياع واثئق او ملف االلتزام ابلنفقة ورفع التقادم‪.‬‬

‫ابلنفقات بدون امر مسبق ابألداء‪ ،‬كاملصاريف القضائية و‬ ‫اما اجلزء الثالث من القرار‪ ،‬فهو خا‬
‫التعويضات‪ ،‬و مصاريف متعلقة بنفقات الدين سواء الدين اخلارجي او الداخلي‪ ،‬و كذلك نفقات بعض‬
‫مثال‪.2‬‬ ‫احلساابت اخلصوصية للخزينة و اليت تغطي حساابت االخنراط يف املنظمات الدولية‬

‫‪1‬‬
‫طارق لباخ الثابت و المتغير في مراقبة المحاسب العمومي لآلمر بالصرف على ضوء مرسوم سنة ‪ 2008‬المتعلق بمراقبة نفقات الدولة مجلة المنارة‬
‫للدراسة القانونية و اإلدارية االلكترونية رابط الصفحة ‪ https://revuealmanara.com‬تم التصفح بتاريخ ‪ 23‬مارس‪2024‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار لوزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 3155-14‬الصادر في ‪ 5‬ذي الحجة ‪ 1435‬الموافق ل ‪ 30‬سبتمبر‪ 2014‬بتحديد قائمة الوثائق والمستندات المثبتة‬
‫لمقترحات االلتزام و أداء نفقات الدولة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪6329‬يناير ‪ 2015‬الصفحة ‪716‬‬

‫‪57‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القضاء املايل‬

‫القضاء املايل يفيد اضطالع جهاز قضائي متخصص او هيئة مستقلة مبسالة الرقابة على تنفيذ امليزانية العامة‪.‬‬
‫وابعتبار ان القضاء هو املعين االول ابلسهر على تطبيق القواعد القانونية‪ ،‬فان وجود سلطة قضائية مستقلة‬
‫وظيفيا تعترب الضمانة الفعلية إلجناح مهام الرقابة املالية واملتمثلة اساسا يف تنفيذ امليزانية والتأكد من ان‬
‫عمليات النفقات وااليرادات قد اجنزت على النحو الصادرة به اجازة السلطة التشريعية‪ ،‬وطبقا للقوانني املالية‬
‫املقررة‪.1‬‬
‫يف هذا املطلب سنتطرق اىل هيئتني أساسيتني يف القضاء املايل ابملغرب‪ ،‬حيث سنتناول القضاء الدستوري و‬
‫دوره يف جمال املالية العمومية (الفرع األول) ‪ ،‬مث سنخصص اجلزء الثاين للمحاكم املالية و دور اجمللس األعلى‬
‫للحساابت يف املالية العمومية و كذا اجملالس اجلهوية ( الفرع الثاين)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪:‬احملكمة الدستورية‪ /‬اجمللس الدستوري‬

‫عرف القضاء الدستوري تطورا مهما‪ ،‬وتدرجا من الغرفة الدستورية اىل اجمللس الدستوري‪ ،‬و صوال اىل احملكمة‬
‫الدستورية‪ .‬هذا التطور يف اهليئة عرف ابلتوازي كذلك تطورا وتوسعا يف االختصاصات‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬نشأة وتطور القضاء الدستوري يف املغرب‬

‫تعود اللبنات االوىل ملبدأ مراقبة دستورية القوانني يف املغرب لسنة ‪ ، 1908‬مبقتضى مشروع دستور لسان‬
‫السيادة وتوحيد القوانني‬
‫املغرب‪ .‬حتمل هذه الوثيقة الكثري من املفاهيم والتصورات احلديثة كاملواطنة واملساواة و ّ‬
‫وحق انتخاب املمثّلني اخل‪ .‬و قد نصت الوثيقة على احداث‬
‫وعقلنة اإلدارة وربط املسؤولية ابحملاسبة ّ‬
‫ُ‬
‫ما يسمى " جملس الشرفاء" ‪ ،‬الذي كانت من بني االختصاصات الرئيسية املوكلة له مبقتضى هذا الدستور‪،‬‬
‫األمة‪."2‬‬ ‫هو القيام مبهمة الرقابة عن مجيع األعمال الصادرة عن" جملس‬
‫لكن إحداث غرفة دستورية لدى اجمللس األعلى‪ ،‬كان مبثابة التفعيل احلقيقي هلذا املبدأ طبقا لدستور ‪1962‬‬
‫‪ ،‬و قد استمر العمل هبا إىل حدود صدور دستور ‪ .1992‬هذا االخري سيؤسس هليئة قضائية مستقلة ذات‬

‫‪1‬‬
‫سعيد شكاك‪ ،‬دراسة بعنوان القضاء المالي بالمغرب ورهان حكامة الميزانية العامة‪ ،‬الميزانية العمومية بالمغرب دينامية اإلصالح و سؤال الحكامة‪ ،‬مجلة‬
‫مسالك في الفكر و السياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ، 61/62‬السنة ‪ ،2020-2023‬ص ‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد نبيل ملين‪ ،‬فكرة الدستور في المغرب‪ ،‬وثائق و نصوص (‪ ، )2011-1901‬تيل كيل ميديا‪ ،‬الصفحة ‪ 42‬و ‪47‬‬

‫‪58‬‬
‫اختصاصات أوسع من سابقتها فيما خيص مراقبة دستورية القوانني‪ .‬مع دستور ‪ 2011‬سيتم االنتقال من‬
‫أمشل‪.‬‬ ‫اجمللس االعلى إىل رتبة ارقى و هي احملكمة دستورية‪ ،‬ذات صالحيات أوسع واختصاصات‬

‫‪ .1‬الغرفة الدستورية ابجمللس االعلى‬

‫تعترب الغرفة الدستورية بداية التجربة مبقتضى الدستور األول للمملكة املغربية بعد االستقالل لسنة ‪، 1962‬‬
‫‪.‬‬ ‫بعض التغيريات الطفيفة يف تشكيلتها مبقتضى دستوري ‪ 1970‬و‪1972‬‬
‫ابلنسبة لالختصاصات الغرفة الدستورية‪ ،‬ينص الفصل (‪ )103‬من دستور ‪ 1962‬على أنه "متارس الغرفة‬
‫الدستورية االختصاصات املسندة إليها بفصول الدستور‪ ،‬وابإلضافة إىل ذلك تبت يف صحة انتخاب أعضاء‬
‫الربملان وصحة عمليات االستفتاء"‪.‬‬
‫وبذلك فقد حصر الدستور اختصاصاهتا من خالل جمموعة من فصوله‪ ،‬و اليت تتمثل اساسا يف البت يف‬
‫صحة انتخاابت اعضاء الربملان و العمليات االستفتاء ‪ ،‬البت يف مطابقة دستورية القانون الداخلي لكل من‬
‫جملس النواب وجملس املستشارين قبل الشروع يف العمل به‪ ،‬مراقبة دستورية القوانني التنظيمية قبل إصدار‬
‫التشريعية مبرسوم ذو صبغة تنظيمية‪ ،‬و اخريا البت يف كل‬ ‫األمر بتنفيذه‪ ،‬و موافقتها على تغيري النصو‬
‫خالف انشئ بني الربملان واحلكومة يف حالة عدم قبول هذه األخرية أي اقرتاح أو تعديل ال يدخل يف‬
‫القانون‪.1‬‬ ‫اختصا‬
‫تكمن امجاال ابرز املالحظات واالنتقادات اليت وجهت اىل الغرفة الدستورية من لدن الفقه الدستوري‪ ،‬يف‬
‫قضااي ضعف ضماانت االستقاللية واملراوحة بني الطبيعة القضائية والطبيعة السياسية‪ ،‬وترتيب غرف‬
‫املسند اليها يف جمال‬ ‫الدستورية وموقعها يف اهلندسة الدستورية املتأخر وداللتها الرمزية‪ .‬وحمدودية االختصا‬
‫‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الرقابة الدستورية وعدم ااتحة الفرصة لألقليات الربملانية للطعن يف دستورية القوانني‬

‫اجمللس الدستوري يف دستوري ‪1996– 1992‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫ايوب ايت حمو‪ ،‬دور ال قضاء الدستوري في المادة الجبائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪-‬‬
‫السويسي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ . 2020-2021‬ص‪10‬‬
‫‪2‬‬
‫رشيد المدور‪ ،‬تطور الرقابة الدستورية في المغرب‪ ،‬مجلة دراسات دستورية تصدرها المحكمة الدستورية‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬يناير‪، 2016‬‬
‫ص ‪55‬‬

‫‪59‬‬
‫عرفت املراجعة الدستورية لسنة ‪ 1992‬تعديالت مرتبطة ابملؤسسة امللكية‪ ،‬وأخرى ترتبط ابحلكومة والربملان‬
‫واملراقبة الدستورية‪ ،‬حيث ارتقى ابلغرفة الدستورية لتصبح جملسا دستوراي قائما بذاته‪ ،‬و ذلك يف ظل احملدودية‬
‫اليت عرفتها كما ذكران سابقا‪ .‬وقد تطرق الدستور يف اببه السادس إىل تركيبة اجمللس الدستوري واختصاصاته‪،‬‬
‫وأحال على قانون تنظيمي فيما يتعلق بتنظيمه وتدبريه‪.‬‬

‫مما شكل منطلقا جديدا ‪،‬ال من انحية توسيع االختصاصات وتقوية الصالحيات‪ ،‬وال من انحية الزايدة يف‬
‫عدد تشكيلته‪ ،‬والعمل على ضمان استقاللية اجمللس جبعله هيأة ذات نظام مستقل‪ ،‬خبالف عن ما كانت‬
‫عليه الغرفة الدستورية‪ ،‬كغرفة من الغرف التابعة للمجلس األعلى‪ .‬إىل جانب دسرتة مبدأ احلجية املطلقة اليت‬
‫تكتسيها قرارات اجمللس الدستوري‪ ،‬سواء يف دستور ‪ 1992‬أو دستور ‪ ، 1996‬حيث نصت الفقرة األخرية‬
‫من الفصل ‪ 81‬الدستور السالف ذكره‪ ،‬على أنه "‪:‬ال تقبل قرارات اجمللس الدستوري أي طريق من طرق‬
‫والقضائية‪".1‬‬ ‫الطعن؛ وتلزم كل السلطات العامة ومجيع اجلهات اإلدارية‬
‫زايدة على االختصاصات اليت كانت ممنوحة للغرفة الدستورية‪ ،‬ستضاف للمجلس الدستوري اختصاصات‬
‫جديدة ستشكل حمور قوته‪ ،‬ولعل أهم هذه االختصاصات‪ ،‬هو مراقبة دستورية القوانني العادية‪ ،‬الذي‬
‫سيشكل الباب الواسع إلغناء االجتهاد اجلبائي‪ ،‬ابعتبار أنه سيتيح إمكانية إحالة قوانني املالية السنوية‬
‫والقوانني التنظيمية للمالية‪ ،‬أو قوانني ذات ارتباط ابملادة اجلبائية على أنظار القضاء الدستوري‪ ،‬وما تتيحه‬
‫اجلبائية‪.2‬‬ ‫هذه املراقبة من اغناء الجتهاد القضائي يف املادة‬

‫‪ .3‬احملكمة الدستورية يف دستور ‪ 2011‬و اختصاصاهتا‬


‫بعد مرور حوايل عقدين من الزمن اال قليال على إحداث اجمللس الدستوري‪ ،‬الذي عوض الغرفة الدستورية‬
‫للمجلس االعلى جاءت املراجعة الدستورية لسنة ‪ ،2011‬لرتتقي مرة أخرى جبهاز مراقبة دستورية القوانني‬
‫من جملس دستوري اىل حمكمة دستورية‪ .‬وقد خصص املشرع الباب الثامن من الدستور ‪ 2011‬بفصوله من‬
‫‪ 129‬اىل ‪ 134‬للمحكمة الدستورية من حيث احداثها وأتليفها واختصاصاهتا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ايوب ايت حمو‪ ،‬دور القضاء الدستوري في المادة الجبائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪-‬‬
‫السويسي‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2020-2021‬ص‪18‬‬
‫‪2‬‬
‫ايوب ايت حمو‪ ،‬دور القضاء الدستوري في المادة الجبائية‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪20‬‬

‫‪60‬‬
‫وجت در االشارة هنا اىل أن ختصيص ابب مستقل للمحكمة الدستورية‪ ،‬منفصل عن الباب املخصص للقضاء‪،‬‬
‫امنا يرمي اىل متييز احملكمة الدستورية عن القضاء ابعتبارها تقع خارج التنظيم القضائي العادي واهنا ال تشكل‬
‫جزءا من اي صنف من اصنافه االخرى وذلك لتكريس انفرادها ابستقالليتها اجتاه مجيع السلطات القضائية‬
‫والتنفيذية‪.‬‬ ‫والتشريعية‬
‫نص الفصل ‪ 132‬من الدستور على ان االختصاصات اليت متارسها احملكمة الدستورية تسند اليها اما بفصول‬
‫الدستور واما أبحكام القوانني التنظيمية‪ .‬اما ابلنسبة الختصاصات اليت تدرج ضمن مهام احملكمة الدستورية‪،‬‬
‫يلي‪:‬‬ ‫فيمكم حتديديها فيما‬
‫‪ ‬المراقبة الدستورية‬
‫التشريعية‬ ‫متارسه احملكمة الدستورية‪ ،‬ويتعلق األمر هنا ابلتأكد من مطابقة النصو‬ ‫وهي أهم اختصا‬
‫واألنظمة الداخلية جمللسي الربملان وبعض املؤسسات الدستورية وكذا االلتزامات الدولية للدستور‪ ،‬وهذه املراقبة‬
‫قد تكون قبلية او بعدية‪.‬‬

‫التالية‪:1‬‬ ‫ابلنسبة للمراقبة القبلية‪ ،‬ميكن ان منيز بني مراقبة الزامية او اختيارية حسب احلاالت‬

‫‪ ‬املراقبة إلزامية فيما خيص‪ :‬القوانيني التنظيمية اليت حتال إىل احملكمة الدستورية بعد مصادقة الربملان عليها‬
‫وقبل إصدار األمر بتنفيذها‪ ،‬األنظمة الداخلية لبعض املؤسسات الدستورية مثل األنظمة الداخلية جمللس‬
‫النواب وجملس املستشارين‪ ،‬واجمللس االقتصادي واالجتماعي والبيئي واجملالس املنظمة بقانون تنظيمي‪.‬‬

‫املراقبة اختيارية فيما خيص‪ :‬القوانني‪ ،‬اليت ميكن أن حتال من لدن جاللة امللك أو رئيس احلكومة أو رئيس‬ ‫‪‬‬
‫جملس النواب أو رئيس جملس املستشارين‪ ،‬أو مخس أعضاء اجمللس األول‪ ،‬أو أربعني عضوا من أعضاء‬
‫اجمللس الثاين قبل دخوهلا حيز التنفيذ‪ .‬إضافة اىل االلتزامات الدولية‪ ،‬حيث ختتص احملكمة الدستورية‬
‫ابلبت يف مطابقتها االلتزامات الدولية للدستور‪.‬‬

‫وجدير ابلذكر‪ ،‬أن جمال املعاهدات يعترب من اجملاالت اخلاصة ابمللك‪ ،‬لكن هناك نوع من املعاهدات تتطلب‬
‫املصادقة عليها احلصول مسبقا على املوافقة عليها بقانون وهي اليت هتم السلم و االحتاد أو رسم احلدود أو‬

‫‪1‬‬
‫الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية‪ ،‬الرابط ‪ ، https://www.cour-constitutionnelle.ma‬تم التصفح ‪ 02‬مارس ‪2024‬‬

‫‪61‬‬
‫معاهدات التجارة أو املعاهدات اليت تؤدي إىل إحداث تكاليف مالية على ميزانية الدولة أو املعاهدات‬
‫األفراد‪.1‬‬ ‫اخلاصة حبقوق وحرايت‬

‫التالية‪:2‬‬ ‫ابلنسبة للمراقبة البعدية او الالحقة‪ ،‬تشمل اساسا احلاالت‬

‫‪ ‬ت نظر احملكمة يف كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون‪ ،‬إذا ما أثري أثناء النظر يف دعوى قائمة أمام القضاء‬
‫ودفع أحد األطراف أبن القانون الذي سيطبق يف النزاع ميس ابحلقوق واحلرايت اليت يضمنها الدستور‬

‫‪ ‬تبت احملكمة يف كل ملتمس حكومي‪ ،‬يرمي إىل تغيري النصو التشريعية من حيث الشكل مبرسوم إذا‬
‫كان مضموهنا يدخل يف جمال من اجملاالت اليت متارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها‬

‫‪ ‬البث يف املنازعات االنتخابية‬

‫قيمة االنتخاابت تتحدد بعائدها الدميقراطي‪ ،‬الذي يـشمل –فضالً عن أبعاد أخرى‪ -‬بقاءها (أي‪:‬‬
‫االنتخاابت) جماالً مفتوحا للتنافس اإلجيـايب بني القوى واملصاحل واألفكار املتباينة بغرض بلوغ األفضل لعموم‬
‫اجملتمع‪ ،‬مـع اإلقرار اجملتمعي أبهنا وسيلة رئيسة للرقابة الشعبية على أداء السلطة السياسية‪ ،‬مث حملاسبة القائمني‬
‫للمواطنني‪.3‬‬ ‫عليها‪ ،‬مبا يضمن التصحيح الدوري لالختيار العام وفـق اإلرادة احلرة‬

‫إال أنه مع األسف غالبا ما تشوب العمليات االنتخابية الكثري من الشوائب تعيق التعبري احلر والسليم لإلرادة‬
‫الشعبية‪ .‬و ملواجهة ذلك أحدثت بعض الدول مؤسسات دستورية أنيط هبا مراقبة العمليات االنتخابية‬
‫وصدقيتها‪.‬‬ ‫وضمان سالمتها‬

‫اىل احملكمة الدستوري‪ ،‬و قد مشل الفرع السادس من القانون‬ ‫من جانبه‪ ،‬اوكل املشرع املغريب هذا االختصا‬
‫التنظيمي رقم ‪ 066.13‬املتعلق ابحملكمة الدستورية املواد املتعلقة ابملنازعات يف انتخاابت أعضاء جملس‬
‫املستشارين‪.4‬‬ ‫النواب و جملس‬

‫‪1‬‬
‫غزال أحمد‪ ،‬قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم ‪ ،06 – 13‬المجلة المغربية لإلدارة و التنمية المحلية‪ ،‬ص ‪74‬‬
‫‪2‬‬
‫الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية‪ ،‬الرابط ‪ ، https://www.cour-constitutionnelle.ma‬تم التصفح ‪ 02‬مارس ‪2024‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح محمد الغزالي‪ ،‬رقابة المجتمع المدني على االنتخابات العربية‪ ،‬مؤلف بعنوان الديمقراطية و االنتخابات في العالم العربي‪ ،‬مؤلف مشترك صادر عن‬
‫المنظمة العربية لحقوق االنسان‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬ص ‪200‬‬
‫‪4‬‬
‫الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية المغربية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ ‬النظر يف الدفع بعدم دستورية قانون‬

‫من الصالحيات اجلديدة للمحكمة الدستورية واليت جاء هبا دستور ‪ ،2011‬صالحية البت يف الدفع بعدم‬
‫دستورية قانون بعد صدور األمر بتنفيذه أثناء النظر يف نزاع معروض أمام القضاء‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد‬
‫األطراف أبن القانون املطبق يف النزاع ميس ابحلقوق واحلرايت اليت يكفلها الدستور‪ .‬فحسب الفصل ‪133‬‬
‫ُ‬
‫من الدستور" ختتص احملكمة الدستورية ابلنظر يف كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون‪ ،‬أثري أثناء النظر يف‬
‫قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف أبن القانون‪ ،‬الذي سيطبق يف النزاع‪ ،‬ميس ابحلقوق وابحلرايت اليت‬
‫يضمنها الدستور‪ .‬حيدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل"‪.‬‬

‫يف هذا االطار‪ ،‬نذكر ان مشروع القانون التنظيمي رقم ‪ 15-86‬املتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع‬
‫بعدم دستورية قانون‪ ،‬املعروض على نظر احملكمة الدستورية‪ ،‬يتكون من ‪ 27‬مادة موزعة على مخسة أبواب‪،‬‬
‫(القراءة األوىل يف يوليوز ‪ 2016‬و القراءة الثانية يف يناير ‪ ، )2018‬قد عرف دراسة ومن طرف احملكمة‬
‫الدستورية اليت اصدرت قرار رقم ‪ 18/70‬املتعلق مبراقبة مشروع قانون ‪ 15-86‬بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪.2018‬‬
‫ليحال مشروع القانون بصيغته النهائية على جلنة العدل و التشريع وحقوق االنسان مبجلس النواب يف ‪18‬‬
‫اثنية‪.1‬‬ ‫فرباير ‪ .2022‬ويف ‪ 2‬يناير ‪ 2023‬متت موافقة جملس النواب على الصيغة النهائية يف اطار قراءة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور القضاء الدستوري يف جمال املالية العمومية‬

‫يتجلى الدور األبرز للقضاء الدستوري يف جمال املالية العمومية‪ ،‬يف اإلحالة الدستورية سواء للقانون التنظيمي‬
‫لقانون املالية‪ ،‬او لقوانني املالية السنوية‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلحالة الدستورية للقوانني التنظيمية لقانون املالية‬

‫‪ ‬مثال‪ :‬حصر امكانية التعديل املقتضيات الضريبية واجلمركية يف قانون املالية‬

‫‪1‬‬
‫الموقع الرسمي لوزارة العدل على الرابط ‪ . /https://justice.gov.ma‬تم التصفح بتاريخ ‪ 02‬ابريل ‪2024‬‬

‫‪63‬‬
‫بعد إحالة مشروع القانون التنظيمي ‪ 13-130‬لقانون املالية على اجمللس الدستوري‪ ،‬اصدر هذا األخري‬
‫قرار رقم ‪ 950‬بتاريخ ‪ 23‬دجنرب ‪ ،2014‬الذي تطرق فيه جملموعة من النقاط‪ ،‬نذكر من بينها حصر‬
‫امكانية التعديل املقتضيات الضريبية واجلمركية يف قانون املالية‪.‬‬
‫فقد ورد يف نص املشروع املادة السادسة منه مقتضى جيعل أي تغري متعلق ابملادة الضريبية او اجلمركية ينحصر‬
‫فقط يف قانون املالية السنوي‪ ،‬لكن اجمللس الدستوري تنبه اىل خطورة حجب حق الربملانيني يف املبادرة‬
‫التشريعية يف املواد املعنية خارج لية قانون املالية‪ ،‬وذلك فيما لو بقي املقتضى على حاله ‪ ،‬مما سيجعله خاضعا‬
‫للشروط واآلجال احملددة يف القانون التنظيمي لقانون املالية‪ ،‬ويفضي ابلتايل‪ ،‬دون سند دستوري اىل تقييد‬
‫التشريع‪.1‬‬ ‫صالحيات الربملان وكذا صالحيات احلكومة يف جمال‬
‫واستند اجمللس الدستوري يف قضائه‪ ،‬على الفصل ‪ 71‬من الدستور الذي جعل مواد النظام الضرييب ووعاء‬
‫الضرائب وحتصيلها وكذا نظام اجلمارك من مشموالت ميادين القانون‪ ،‬واضاف يف حيثيات التعديل على ان‬
‫الفقرة مشوبة بعله عدم الدستورية جاءت خارقة للفصل ‪ 78‬من الدستور الذي سن حق الربملانيني ورئيس‬
‫احلكومة على حد سواء يف التقدم مبقرتحات قوانني‪ .‬وأضاف ايضا‪ ،‬ضرورة ان تعديل املقتضيات الضريبية‬
‫واجلمركية جيب ان يستحضر دائما قاعدة لتوازن مالية الدولة املقررة مبقتضى الفصل ‪ 77‬من الدستور‪.‬‬
‫ومبوجب هذه احليثيات اقر اجمللس ان الفقرة األخرية من املادة السادسة من القانون التنظيمي رقم ‪-130‬‬
‫‪ 13‬لقانون املالية اليت تنص على انه ال ميكن تعديل مقتضيات الضريبية واجلمركية اىل مبوجب قانون املالية‬
‫‪.2‬‬ ‫غري مطابقة للدستور‬

‫‪ ‬مثال‪:‬فتح اعتمادات إضافية مبرسوم يف حالة ضرورة ملحة وغري متوقعة ذات مصلحة وطنية‬
‫و يف نفس القرار رقم ‪ 950‬للمجلس الدستوري‪ ،‬تطرق اىل نقطة ختص فتح اعتمادات إضافية مبوجب‬
‫مرسوم‪ .‬جاء فيه ‪ ،‬تنص املادة ‪ 60‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 13 130‬لقانون املالية على انه طبقا للفصل‬
‫‪ 70‬من الدستور ميكن يف حالة ضرورة ملحة وغري متوقعة ذات مصلحة وطنية ان تفتح اعتمادات اضافية‬
‫مبرسوم اثناء السنة‪ ...‬ومع استحضار خصوصية قانون املالية ال سيما طابعه السنوي وطبيعته والتوقيعية اليت‬
‫دعت املشرع الدستوري اىل اخضاع التصويت على هذا القانون لشروط خاصة اسند حتديدها اىل قانون‬

‫‪1‬‬
‫القرار رقم ‪ 950‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬دجنبر ‪ 2014‬عن المجلس الدستوري المتعلق بإحالة القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون المالية ‪ .‬ص ‪. 280‬‬
‫‪ 2‬الكتاب الجامع لمبادئ وقواعد القضاء الدستوري المغربي من خالل قرارات الغرفة الدستورية (‪ )1994-1963‬والمجلس الدستوري( ‪،)2015-1994‬‬
‫مطبعة األمنية – الرباط ‪ .2015 ،‬ص ‪293‬‬

‫‪64‬‬
‫ضمن استمرارية املرفق‬ ‫تنظيمي وفق احكام الفصل ‪ 75‬من الدستور‪ ،‬ومع استحضار ما يستلزمه ابخلصو‬
‫العمومي طبقا للفصل ‪ 154‬من الدستور‪ ،‬فان مقتضيات املادة املذكورة يعين املادة رقم ‪ 60‬ليس فيها ما‬
‫املالية‪.1‬‬ ‫خيالف الدستور‪ ،‬طاملا ان االذن املمنوحة للحكومة هبذا الصدد يتم وجواب مبوجب قانون‬

‫‪ ‬مثال‪ :‬احداث حساابت خصوصية للخزينة خالل السنة املالية مبوجب مراسيم ‪ -‬حالة االستعجال‬
‫والضرورة امللحة وغري املتوقعة‪.‬‬

‫دائما يف نفس القرار‪ ،‬فقد جاء فيه ان املادة ‪ 26‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 13 130‬لقانون املالية يف فقرهتا‬
‫االخرية تنص على انه جيوز يف حاله االستعجال والضرورة امللحة والغري املتوقعة ان حتدث خالل السنة املالية‬
‫حساابت خصوصية للخزينة مبراسم‪ ،‬ومع استحضار ما يستلزمه‪ ،‬ابخلصو ‪ ،‬ضمان استمرارية املرافق العامة‬
‫طبقا للفصل ‪ 154‬من الدستور فان مقتضيات املادة املذكورة ليس فيها ما خيالف الدستور‪ ،‬طاملا ان االذن‬
‫املمنوح للحكومة هبذا الصدد يتم وجواب مبوجب قانون املالية‪ .‬قرار اجمللس الدستوري رقم ‪ 950‬بتاريخ ‪23‬‬
‫‪.2 2014‬‬ ‫دجنرب‬

‫‪ .2‬االحالة الدستورية لقوانني املالية السنوية‬

‫على الرغم من أن جتربة املغرب الزالت متواضعة فيما خيص إحالة قوانني املالية السنوية إىل القضاء الدستوري‪،‬‬
‫إىل أنه مت يف العديد من املناسبات املرتبطة مبناقشة مشروع قانون املالية السنوي داخل املؤسسة التشريعية‬
‫إحالته على أنظار القضاء الدستوري‪ ،‬ونذكر يف هذا الصدد دور القضاء الدستوري يف مواجهة الفرسان‬
‫و ‪.2018‬‬ ‫املوازنية و نستحضر مثالني متعلقني ابلقانون املايل السنوي لسنة ‪2009‬‬
‫ال ميكن لقانون املالية أن يتضمن مواضيع خارجة عن املواضيع احملددة مبوجب املادة السادسة من القانون‬
‫التنظيمي للمالية رقم ‪ 130.13‬واليت تنص على أنه “ال ميكن أن تتضمن قوانني املالية إال أحكاما تتعلق‬
‫ابملوارد والتكاليف أو هتدف إىل حتسني الشروط املتعلقة بتحصيل املداخيل ومبراقبة استعمال األموال‬
‫العمومية ”‪ .‬فالوحدة املوضوعية لقانون املالية تقتضي أن يقتصر هذا األخري على املقتضيات ذات الطابع‬

‫‪1‬‬
‫القرار رقم ‪ 950‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬دجنبر ‪ 2014‬عن المجلس الدستوري المتعلق بإحالة القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون المالية‪ .‬ص‪296‬‬
‫‪2‬‬
‫القرار رقم ‪ 950‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬دجنبر ‪ 2014‬نفس المرجع‪ .‬ص ‪297‬‬

‫‪65‬‬
‫املايل وحذف كل ما ال يرتبط مبواضيعه‪ ،‬حىت ال يتم استغالل قانون املالية كمطية لتمرير فرسان‬
‫برملانية‪.1‬‬ ‫موازنية حكومية أو‬
‫فمصطلح الفرسان يفيد على أهنا “تلك املقتضيات املتضمنة يف مشروع أو مقرتح قانون واملعتربة وفقا‬
‫للضوابط الدستورية و القانونية املؤطرة لقواعد التشريع غري متالئمة مع طبيعته‪ .2‬فالفرسان املوازنية إذن هي‬
‫" املقتضيات املضمنة يف قانون املالية ولكنها ال تتالءم مع طبيعة النص املنظم له‪ ،‬وميكن أن يتم إضافة هذه‬
‫الربملان‪. 3‬‬ ‫املقتضيات مببادرة من احلكومة أو‬
‫قانونية مكتملة‪ ،‬بل قد تثار حىت ولو تعلق األمر ببند‬ ‫فقاعدة فرسان املوازنة إذن ال ترتبط أبنظمة أو نصو‬

‫املالية‪.4‬‬ ‫أو فقرة أو مجلة ال يرتبط مضموهنا مبوضوع قانون‬

‫و يف هذا االطار أصدر القاضي الدستوري قرارين يهمان فحص أحد املواد الواردة يف قانون املالية لسنة‬
‫‪ 2009‬و قانون املالية لسنة ‪ ، 2018‬حيث إن كال االحالتني كاان يهدفان لتصريح القضاء الدستوري أبن‬
‫املالية‪.‬‬ ‫البنود موضوع الطعن خارجة عن مشموالت قانون‬

‫‪ ‬املثال األول‪ :‬قرار رقم ‪ 728/08‬املتعلق إبحالة قانون املالية لسنة ‪2009‬‬
‫ابلنسبة للقرار رقم ‪ ،728/08‬فقد بت اجمللس الدستوري يف املادة الثامنة من قانون املالية رقم ‪40 – 08‬‬
‫لسنة ‪ ،2009‬اليت شكلت موضوع طعن على اعتبار أهنا خمالفة ملقتضى املادة الثالثة من القانون التنظيمي‬
‫للمالية رقم ‪ 7.98‬اليت تنص على نفس مضمون املادة السادسة من القانون التنظيمي للمالية ‪ .13.130‬و‬
‫هو ما يشكل جتاوزا قانونيا او ما يصطلح عليه ابلفرسان املوازنية‪.‬‬
‫وابلرجوع إىل هذه مقتضى املادة موضوع الطعن‪ ،‬جند أنه يرتبط أساسا بتحصيل الغرامات التصاحلية واجلزافية‬
‫حبيث هتدف هذه املادة إىل إحداث مسطرة خاصة لتحصيل الغرامات بشأن املخالفات يف جمال السري‬
‫واجلوالن‪ .‬واعترب اجمللس يف قراره أبن املقتضى السالف الذكر ال ميكن إدراجه حبكم طبيعته ألنه ال يندرج‬
‫‪ 1‬محمد كريم ايت الشيخ و ايوب الصاف‪ ،‬الفرسان الموازنية والقضاء الدستوري المغرب‪ ،‬أية حماية لمبدأ الوحدة الموضوعية لقانون‬
‫المالية‪ ،‬موقع الجامعة القانونية ر‬
‫االفتاضية‪ ،‬عىل الرابط ‪ ، . https://urlz.fr/q8LL :‬تم التصفح بتاريخ ‪ 04‬ابريل ‪.2024‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Raphaël Déchaux, l’évolution de la jurisprudence constitutionnelle en matière de « Cavalier » entre 1996 et‬‬
‫‪2066, « Le terme « cavalier » désigne, dans le jargon légistique, les dispositions contenues dans un projet ou‬‬
‫‪une proposition de loi qui, en vertu des règles constitutionnelles ou organiques régissant la procédure‬‬
‫‪législative, n’ont pas leur place dans le texte dans lequel le législateur a prétendu les faire figurer.. ». Page 1‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد البقالي‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية “ محاولة لرصد المرتكزات الدستورية لقانون المالية والميزانية‪ ،‬مطبعة البصيرة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ .2017‬ص‪82‬‬

‫‪66‬‬
‫عليها يف‬ ‫ضمن األحكام اليت من شأهنا أن هتدف إىل حتسني الشروط املتعلقة بتحصيل املداخيل املنصو‬
‫املادة الثالثة من القانون التنظيمي للمالية ‪ ، 7.98‬األمر الذي جيعل املادة الثامنة خارج نطاق اختصا‬
‫قانون املالية ابلرغم من اعتبار هذه الغرامات التصاحلية واجلزافية تعد من ضمن موارد الدولة طبقا للمادة‬
‫احلادية عشرة من القانون التنظيمي‪ .‬اال أن املراد ابملادة موضوع الطعن ليس املورد وإمنا كذلك إحداث‬
‫التشريعية‪.1‬‬ ‫املسطرة اخلاصة لتحصيل هذه الغرامات األمر الذي يدخل ضمن صلب اختصاصات السلطة‬
‫‪ ‬املثال الثاين‪ :‬قرار رقم ‪ 217/66‬املتعلق إبحالة قانون املالية لسنة ‪2018‬‬

‫يف‬ ‫ابلنسبة للقرار رقم ‪ ،317/66‬فقد بتت احملكمة الدستورية يف ما يرتبط “ابلفرسان املوازنية” ابخلصو‬
‫الفقرة (ب) من املادة السابعة من قانون املالية لسنة ‪ 2018‬واليت مت الطعن فيها وفقا لرسالة اإلحالة‪ .‬ومن‬
‫هذه املادة فيتعلق األمر مبوضوع تعديالت أدخلت على املدونة العامة للضرائب‬ ‫الن احية املوضوعية خبصو‬
‫وتتعلق بشروط االستفادة من إعفاءات االنضمام إىل التعاونيات واجلمعيات السكنية الداعي الذي بنيت‬
‫عليه رسالة اإلحالة كون هذه املادة خمالفة للدستور‪ ،‬وابألساس أهنا تشكل عرقلة حلرية االنضمام إىل‬
‫األصلية املنظمة للعمل اجلمعوي‪ ،‬واإلخالل ابلطابع االجتماعي لنظام‬ ‫اجلمعيات‪ ،‬التضارب مع النصو‬
‫احلكم ابململكة‪.‬‬
‫لكن احملكمة الدستورية ابألخري صرحت بعدم خمالفة املادة موضوع الطعن بناء على حجج لعل من أمهها‬
‫وأكثرها كفاية مسألة املراقبة الدستورية للقوانني كوهنا ال تتم إال قياسا ابلدستور والقوانني التنظيمية وليس‬
‫القوانني العادية املماثلة لقانون املالية‪ ،‬األمر الذي كان موضوع طرح من قبل الطاعنني كون قانون املالية جاء‬
‫خمالفا لقانون له نفس الدرجة القانونية إن مل نقل أقل منه مرتبة (القوانني املتعلقة بتأسيس اجلمعيات‬
‫والتعاونيات)‪ .4‬جاء يف احلجج ايضا‪ ،‬أن األمر يتعلق بتحديد شروط االستفادة من إعفاء قانوين‪ ،‬وهي شروط‬
‫ابلنظر لغاايهتا الرامية إىل حماربة الغش الضرييب واملضاربة العقارية‪ ،‬وارتباطها مبوارد ضريبة جيعلها ابلتايل من‬

‫‪1‬‬
‫قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 08/728‬م د ملف رقم ‪ 08/1120‬بشأن دستورية قانون مالية سنة ‪ 2009‬رقم ‪ ،40.08‬الصادر بمقر المجلس الدستوري بالرباط‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬دجنبر‪2008‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار المحكمة الدستورية رقم ‪ 66/17‬م د ملف رقم ‪ 15/17‬بشأن دستورية قانون مالية سنة ‪ 2018‬رقم ‪ ،18.67‬المحكمة الدستورية بالرباط‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 23‬دجنبر‪ .2017‬لالضطالع على القرار‪https://www.cour-constitutionnelle.ma/Decision?id=1109&Page=Decision :‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار المحكمة الدستورية رقم ‪ 66/17‬م د ملف رقم ‪ 15/17‬بشأن دستورية قانون مالية سنة ‪ 2018‬رقم ‪ ،18.67‬المحكمة الدستورية بالرباط‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 23‬دجنبر‪ .2017‬لالضطالع على القرار‪https://www.cour-constitutionnelle.ma/Decision?id=1109&Page=Decision :‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد كريم ايت الشيخ و ايوب الصافي‪ ،‬الفرسان الموازنية والقضاء الدستوري المغربي‪ ،‬أية حماية لمبدأ الوحدة الموضوعية لقانون المالية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مشموالت قانون املالية‪ .‬وابلتايل فإن املآخذ املستدل هبا للطعن ال تنبين على أي أساس دستوري صحيح‪ ،‬مبا‬
‫الدستور‪.‬‬ ‫تكون معه املقتضيات املذكورة ليس فيها ما خيالف‬

‫الفرع الثاين‪ :‬احملاكم املالية واإلدارية‬


‫تعترب احملاكم املالية واإلدارية يف املغرب جزءًا من النظام القضائي الذي خيتص ابلنظر يف القضااي‬
‫املتعلقة ابلشؤون املالية واإلدارية للدولة‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬احملاكم املالية‬
‫يتوىل كل من اجمللس األعلى واجملالس اجلهوية للحساابت ممارسة مهام ووظائف خمتلفة حيددها القانون املنظم‬
‫هلا حيث تنص املادة الثالثة من قانون رقم ‪ 62-99‬املتعلق مبدونة احملاكم املالية على ما يلي‪" :‬يدقق اجمللس‬
‫ويبت يف احلساابت اليت يقدمها احملاسبون العموميون‪ ،‬وميارس كذلك مهمة قضائية يف ميدان التأديب املتعلق‬
‫عليها يف هذا الكتاب‪ ،‬وبيت يف طلبات‬ ‫ابمليزانية والشؤون املالية‪ ،‬ويتوىل مراقبة تسري األجهزة املنصو‬
‫االستئناف املرفوعة ضد األحكام النهائية الصادرة عن اجملالس اجلهوية للحساابت‪ ،‬ويقوم بصفة مستمرة‬
‫مبهمة التنسيق والتفتيش إزاء اجملالس اجلهوية‪."1‬‬

‫دور اجمللس األعلى للحساابت يف اجملال املايل‬

‫يتوىل هذا اجمللس ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانني املالية‪ ،2‬ويتحقق من سالمة العمليات املتعلقة‬
‫مبداخيل ونفقات األجهزة اخلاضعة لرقابته‪ ،‬ويقيم كيفية قيامها بتدبري شؤوهنا‪ ،‬ويبدي مساعدته للربملان‬
‫واحلكومة يف امليادين‪ ،3‬اليت تدخل يف نطاق اختصاصاته‪ ،‬ويرفع إىل امللك بياانت عن مجيع األعمال اليت‬
‫يقوم هبا‪ ،‬ويصدر اجمللس األعلى للحساابت ثالث أحكام‪( ،‬احلكم ابلفائض‪ ،‬ابخلصا ‪ ،‬إبراء الذمة‬
‫املالية)‪.‬‬

‫يف اطار املهمة الدستورية اليت اوكلها املشرع للمجلس االعلى للحساابت مبقتضى املادة ‪ 147‬من الدستور‬
‫واملتعلقة مبمارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانني املالية‪ ،‬يقوم اجمللس منذ ‪ 2016‬ابعداد تقرير حول تنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫المادة الثالثة من قانون رقم ‪ 62-99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‬
‫‪2‬‬
‫عبد الودود الزباخ‪ ،‬مساهمة المحاكم المالية في إقرار الحكامة المالية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،2022 ،‬ص‪388‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد براو الوسيط في شرح المحاكم المالية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2012‬ص ‪362‬‬

‫‪68‬‬
‫ميزانية السنة املالية املنتهية بناء على املعطيات االولية املتاحة‪ ،‬من اجل مساعدة السلطات العمومية على‬
‫حتسني الربجمة والتوقع والتنفيذ امليزانيات ابلنسبة للسنة املالية اجلديدة‪.‬‬

‫اما ابلنسبة الختصاصات اجمللس االعلى للحساابت يف امليدان املايل فيمكن تلخيصها على الشكل التايل‪:1‬‬
‫‪ ‬ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانني املالية‬
‫‪ ‬لتحقق من سالمة العمليات املتعلقة مبداخيل ومصروفات األجهزة اخلاضعة لرقابته قانوان‪.‬‬
‫‪ ‬بدل املساعدة للربملان واحلكومة‪.‬‬
‫‪ ‬يرفع اىل امللك بياان عن مجيع االعمال اليت يقوم هبا‪.‬‬
‫‪ ‬التدقيق والبث يف حساابت احملاسبني العموميني‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة مهمة قضائية يف ميدان التاديب املتعلق ابمليزانية والشؤون املالية‪.‬‬
‫‪ ‬كما يعترب اجمللس جهة استئنافية ضد االحكام النهائية للمجالس اجلهوية للحساابت‪.‬‬
‫‪ ‬كما يقوم اجمللس مبهمة التنسيق والتفتيش ازاء اجملالس اجلهوية للحساابت‬

‫دور اجملالس اجلهوية للحساابت يف اجملال املايل‬

‫متارس هذه اجملالس على مستوى اجلماعات احمللية وهياهتا‪ ،‬وهلا نفس االختصاصات اليت ميارسها‬
‫اجمللس األعلى للحساابت على مستوى الدولة‪ .‬فقد مت إحداث اجملالس اجلهوية للحساابت اليت تعد نقلة‬
‫نوعية يف جمال الرقابة املالية ابملغرب‪ ،‬واليت جاءت كامتداد لعمل اجمللس األعلى للحساابت‪ ،‬ولكن يقتصر‬
‫عملها على النطاق احمللي‪ ،‬إذ تراقب حساابت اجلماعات احمللية وهيئاهتا وكيفية قيامها بتدبري شؤوهنا‪ ،‬وهي‬
‫بذلك جزء ال يتجزأ من املنظومة الرقابية الوطنية إىل جانب اجمللس األعلى للحساابت وهيئات التفتيش‬
‫واملراقبة الداخلية اليت تدخل يف إطار الرقابة اإلدارية على املال العام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعيد شكاك‪ ،‬دراسة بعنوان القضاء المالي بالمغرب ورهان حكامة الميزانية العامة‪ ،‬الميزانية العمومية بالمغرب دينامية اإلصالح و سؤال الحكامة‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫مسالك في الفكر و السياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ، 62/61‬السنة ‪ .2023-2020‬ص‪52‬‬

‫‪69‬‬
‫فاجملالس اجلهوية للحساابت تتحمل مسؤولية ووظيفة تقومي وتدبري الشأن العام احمللي وحتسني أدائه‬
‫وتطوير مردوديته‪ ،‬وجتاوز العيوب واالختالالت اليت قد تكتنفه‪ ،‬كما أهنا لعبت دورا هاما يف ختفيف العبء‬
‫على اجمللس األعلى للحساابت وعلى موارده البشرية احملدودة خاصة ابلنظر إىل احلقل الشاسع ملراقبة‬
‫اجلماعات احمللية‪.‬‬

‫كما أهنا تساهم يف حل املشاكل املرتبطة ابآلجال اليت يتطلبها نقل واثئق احملاسبة والواثئق اإلدارية من‬
‫اجلماعات احمللية إىل اجمللس األعلى للحساابت‪ ،‬ابإلضافة إىل اهنا تقلص من اللجوء إىل مكاتب اخلربة‬
‫واالستشارة األجنبية من أجل تدقيق مالية وتدبري اجلماعات احمللية‪1.‬‬

‫وعموما فان الدور الذي تلعبه اجملالس اجلهوية للحساابت يعترب أساسيا لبلوغ أهداف التنمية احمللية‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫فهي دعامة أساسية من أجل تطوير الفعالية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وقد جاء التفكري يف إنشاء اجملالس اجلهوية للحساابت‪ ،‬لتعزيز دور اجمللس األعلى للحساابت والذي أنشأ‬
‫سنة ‪ 1979‬مبقتضى قانون ‪ ،79-12‬ومت التنصيص عليها أول مرة يف الدستور املراجع لسنة ‪ 1996‬الذي‬
‫جعل منها مؤسسات دستورية أيضا‪.‬‬
‫وقد شرعت اجملالس اجلهوية للحساابت منذ تنصيبها يف يناير من سنة ‪ ،2004‬يف ممارسة‬
‫االختصاصات القضائية وغري القضائية املوكولة إليها ضمن دائرة نفوذها الرتايب‪ .‬فهي مؤسسات دستورية‬
‫وهيئات قضائية مؤلفة من قضاة ‪ ،3‬وختضع يف إجراءاهتا للمساطر القضائية‪ ،‬وتصدر عنها أحكام ابسم‬
‫جاللة امللك‪4.‬‬

‫كما أهنا مؤسسات رقابية تنصب مهامها على فحص حساابت اجلماعات احمللية وهيئاهتا اء‬
‫واألجهزة العمومية احمللية األخرى يف إطار الرقابة املالية الالحقة على تنفيذ عمليات املداخيل والنفقات‬
‫العمومية احمللية كما أهنا تستهدف تطوير أساليب التدبري احمللي من خالل إعمال قواعد االقتصاد والنجاعة‬

‫‪1‬‬
‫محمد المجيدي‪ ،‬دور المجالس الجهوية للحسابات في تطوير أداء الجماعات المحلية"‪ .‬أطروحة لنيل دكتوراه في القانون العام‪ ،‬السنة الجامعية ‪2008/2007‬‬
‫‪ .،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪2‬‬
‫رشيد المساوي‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،2017‬ص ‪162‬‬
‫‪3‬‬
‫المادة ‪ 19‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫طبقا للفصل ‪ 83‬من الدستور المغربي ‪ 2011‬والمادة ‪ 101‬من مدونة المحاكم المالية‬

‫‪70‬‬
‫والفعالية وغايتها املثلى هي الرفع من مستوى أداء اجلماعات واملرافق العمومية احمللية‪ ،‬كما أهنا تتمتع بوظيفة‬
‫استشارية حيث ميكن أن تعرض عليها القضااي اليت ختص اإلجراءات املتعلقة بتنفيذ ميزانية اجلماعات احمللية‬
‫وهو ما جيعلها تساهم يف الدفع بعجلة التنمية احمللية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬احملاكم اإلدارية‬


‫تعترب احملاكم اإلدارية يف املغرب جزءًا أساسيًا من النظام القضائي‪ ،‬حيث ختتص ابلنظر يف املنازعات‬
‫اليت تنشأ بني األفراد واإلدارة‪ .‬وهتدف هذه احملاكم إىل حتقيق العدالة ومحاية حقوق األفراد وضمان حسن سري‬
‫املرافق العامة‪.‬‬

‫التعريف ابحملاكم اإلدارية وهيكلتها‬


‫تعترب احملاكم اإلدارية ركيزة أساسية يف النظام القضائي املغريب‪ ،‬حيث تضطلع بدور حيوي يف ضمان‬
‫عدالة اإلدارة ومحاية حقوق األفراد واجلماعات يف مواجهة جتاوزات السلطة‪ .‬وتتميز هذه احملاكم هبيكلة‬
‫املشرع املغريب على توفري آليات فعالة‬ ‫متكاملة ومتخصصة‪ ،‬تتوزع على ثالث درجات‪ ،‬مما يعكس حر‬
‫للتقاضي اإلداري‪ .‬مت إنشاء احملاكم اإلدارية مبقتضى القانون رقم ‪ 41.90‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم‬
‫‪ 1.91.225‬بتاريخ ‪ 10‬شتنرب ‪ 1993‬احملني مؤخرا بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪1.2011‬‬
‫‪ ‬هيكلة احملاكم اإلدارية‬
‫‪ .1‬احملاكم اإلدارية (الدرجة األوىل)‪:‬‬

‫تعترب هذه احملاكم مبثابة البوابة األوىل للتقاضي اإلداري‪ ،‬حيث ختتص ابلنظر يف جمموعة واسعة من القضااي‪،‬‬
‫مبا يف ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬طلبات إلغاء القرارات اإلدارية‪ :‬عندما يتضرر األفراد من قرارات إدارية مشوبة بعيب جتاوز السلطة‪،‬‬
‫ميكنهم اللجوء إىل احملاكم اإلدارية لطلب إلغائها‪.‬‬
‫‪ ‬النزاعات املتعلقة ابلعقود اإلدارية‪ :‬ختتص هذه احملاكم ابلفصل يف النزاعات الناشئة عن إبرام وتنفيذ‬
‫العقود اإلدارية بني اإلدارة واألفراد أو الشركات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د عبد الكريم الطالب‪ :‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ط ‪ 2008‬ص ‪29‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ ‬دعاوى التعويض عن األضرار‪ :‬ميكن لألفراد املطالبة ابلتعويض عن األضرار اليت حلقت هبم جراء‬
‫القانون العام‪ ،‬وذلك أمام احملاكم اإلدارية‪.‬‬ ‫أعمال أو نشاطات أشخا‬
‫‪ ‬النزاعات املتعلقة ابلوظيفة العمومية‪ :‬ختتص هذه احملاكم ابلنظر يف النزاعات املتعلقة ابلوضعية الفردية‬
‫للموظفني والعاملني يف القطاع العام‪.‬‬

‫‪ .2‬حماكم االستئناف اإلدارية‪:‬‬

‫تتوىل هذه احملاكم مهمة مراجعة األحكام الصادرة عن احملاكم اإلدارية (الدرجة األوىل)‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫استئناف األحكام االبتدائية‪ .‬كما ختتص ابلنظر يف طلبات املساعدة القضائية املتعلقة ابالستئناف‪.‬‬
‫‪ .3‬حمكمة النقض‪:‬‬

‫تعترب حمكمة النقض أعلى هيئة قضائية يف النظام اإلداري املغريب‪ ،‬حيث ختتص مبراقبة مدى تطبيق القانون من‬
‫طرف حماكم االستئناف اإلدارية‪ .‬كما ختتص ابلنظر ابتدائيا وانتهائيا يف بعض القضااي ذات األمهية اخلاصة‪،‬‬
‫مثل طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن رئيس احلكومة‪.‬‬
‫‪ ‬مكوانت احملاكم اإلدارية‪:‬‬

‫تتشكل احملاكم اإلدارية من عدة مكوانت أساسية‪ ،‬تضمن سري العدالة اإلدارية بكفاءة وحيادية‪:‬‬
‫‪ ‬رئيس احملكمة‪ :‬يتوىل اإلشراف على سري العمل ابحملكمة وتوزيع القضااي على القضاة‪.‬‬
‫‪ ‬القضاة‪ :‬يضطلعون مبهمة الفصل يف القضااي املعروضة على احملكمة‪ ،‬وفقا للقانون واالجتهاد‬
‫القضائي‪.‬‬
‫‪ ‬املفوض امللكي‪ :‬يقدم آراءه القانونية هليئة احلكم‪ ،‬ويساهم يف الدفاع عن القانون واحلق‪ ،‬دون املشاركة‬
‫يف املداوالت‪.‬‬
‫‪ ‬كتابة الضبط‪ :‬تتوىل تلقي الدعاوى وتسجيلها‪ ،‬وتنفيذ األحكام القضائية‪1.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد نميري ‪،‬دور القضاء اإلداري في حماية حقوق الدفاع بالنسبة للموظفين وفي مراقبته لمالءمة العقوبة‪ ،‬مجلة المحاكم اإلدارية‪ ،‬العدد‪ 2:‬منشورات‬
‫جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬أكتوبر ‪.2005‬‬

‫‪72‬‬
‫اما ابلنسبة للمسطرة القضائية‪ ،‬فان إجراءات التقاضي ختضع أمام احملاكم اإلدارية لقواعد قانون املسطرة‬
‫املدنية‪ ،‬مع بعض االستثناءات والتعديالت اليت تراعي خصوصية القضااي اإلدارية‪ .‬وتتميز املسطرة ابلشفوية‬
‫والعلنية‪ ،‬مع إمكانية اللجوء إىل املسطرة الكتابية يف بعض احلاالت‪1.‬‬

‫دور احملاكم اإلدارية يف اجملال املايل‬


‫تُشكل اجتهادات احملاكم اإلدارية يف املادة الضريبية واجلمركية ابملغرب ركيزة أساسية يف حتقيق العدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬حيث تساهم يف تفسري وتطبيق القوانني الضريبية بشكل عادل ومنصف‪ ،‬ومحاية حقوق املكلفني‪.‬‬
‫وأتيت أمهية هذه االجتهادات إىل جانب التشريعات واألنظمة الضريبية كمصدر هام للقانون املايل‪ ،‬خاصة يف‬
‫ظل تعقيد القوانني الضريبية وتطورها املستمر‪.‬‬
‫وقد أظهر القضاة كفاءة وجرأة يف معاجلة القضااي املعروضة عليهم‪ ،‬مما يعزز الثقة يف النظام القضائي‬
‫احملاكم اإلدارية ابلنظر يف املنازعات الضريبية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫الضرييب‪ .‬وينص القانون ‪ 41.90‬على اختصا‬
‫تلك املتعلقة بتحصيل الديون املستحقة للخزينة العامة‪ .‬وعلى الرغم من أن القانون مل يذكر صراحة بعض‬
‫أنواع الضرائب مثل الرسوم اجلمركية والضريبة املهنية‪ ،‬إال أن املادة ‪ 8‬من القانون تُفسر على أهنا متنح احملاكم‬
‫اإلدارية والية عامة للبت يف مجيع أنواع املنازعات الضريبية‪2.‬‬
‫وتندرج املنازعات اجلبائية يف إطار منازعات القضاء الشامل‪ ،‬حيث يتمتع القاضي الضرييب بسلطات‬
‫واسعة متكنه من تغيري مبلغ الضريبة ابلزايدة أو النقصان‪ ،‬وإلزام اإلدارة الضريبية بتصرفات معينة أو االمتناع‬
‫عنها‪ ،‬بل وابحلكم عليها أبداء مبالغ مالية‪ .‬وتتجاوز سلطات القاضي يف بعض األحيان سلطات اإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬مما يعكس أمهية دوره يف حتقيق التوازن بني حقوق الدولة وحقوق املكلفني‪3.‬‬
‫وتساهم اجتهادات احملاكم اإلدارية يف توحيد تطبيق القانون الضرييب على مجيع املكلفني‪ ،‬مما يضمن‬
‫املساواة والعدالة الضريبية‪ .‬كما تُساهم هذه االجتهادات يف تطوير القانون الضرييب من خالل تفسري النصو‬
‫هاما يف‬
‫دورا ً‬
‫وحتديد الثغرات التشريعية‪ ،‬مما يدفع املشرع إىل تعديل القوانني وحتديثها‪ .‬وتلعب احملاكم اإلدارية ً‬
‫‪1‬‬
‫المكي السراجي ‪ ،‬وضعية القضاء اإلداري ودولة الحق بالمغرب‪ ،‬القضاء اإلداري ودولة القانون بالمغرب العربي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة" مواضيع الساعة" الطبعة األولى‪.2008 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪ .‬محمد مرزاق و د‪ .‬عبد الرحمان أبليال وأ العربي كنون ‪ :‬النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب‪ .‬مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 1996 ،‬ص ‪200‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬محمد السماحي ‪ :‬مسطرة المنازعة في الضريبة‪ ،‬مطبعة الصومعة‪ ،1997 ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪3‬‬
‫د مرزاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪8‬‬

‫‪73‬‬
‫محاية حقوق املكلفني من خالل ضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف‪ ،‬والتصدي ألي جتاوزات من‬
‫قبل اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫وابلتايل تُعترب اجتهادات احملاكم اإلدارية ركيزة أساسية يف حتقيق العدالة الضريبية ابملغرب‪ ،‬حيث‬
‫تساهم يف تفسري وتطبيق القوانني الضريبية بشكل عادل ومنصف‪ ،‬ومحاية حقوق املكلفني‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫هاما يف تطوير القانون الضرييب وتعزيز ثقة‬
‫دورا ً‬
‫التحدايت اليت تواجهها‪ ،‬إال أن هذه االجتهادات تلعب ً‬
‫املواطنني يف النظام القضائي‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫شهد اإلطار التشريعي للمالية العمومية يف املغرب تطوراً ملحوظاً على مر السنني‪ ،‬سعياً لتحقيق‬
‫حكامة مالية جيدة وفعالة‪ .‬يعترب دستور ‪ 2011‬مرجعاً أساسياً يف هذا اجملال‪ ،‬حيث يرسخ مبادئ أساسية‬
‫كاملشروعية‪ ،‬واملساواة‪ ،‬والتضامن‪ ،‬والشفافية‪ ،‬وربط املسؤولية ابحملاسبة‪ .‬كما شكل القانون التنظيمي للمالية‬
‫‪ 13-130‬نقلة نوعية يف تدبري املالية العمومية‪ ،‬من خالل إدخال مفاهيم جديدة كالربامج واألداء‪ ،‬وتعزيز‬
‫الشفافية واملساءلة‪.‬‬
‫تتوفر اململكة على جمموعة من القوانني واألنظمة اليت تنظم تدبري املالية العمومية‪ ،‬وحتدد آليات الرقابة‬
‫عليها‪ ،‬كقوانني املالية السنوية‪ ،‬والنظامني الداخليني جمللسي الربملان‪ ،‬وقانون املفتشية العامة للمالية‪ .‬كما توجد‬
‫تشريعات خاصة بتنظيم املداخيل والنفقات العمومية‪ ،‬كالتشريع الضرييب واجلمركي‪ ،‬ومدونة حتصيل الديون‬
‫العامة‪ ،‬ونظام الصفقات العمومية‪ .‬ويلعب القضاء دوراً مهماً يف محاية املال العام‪ ،‬من خالل الرقابة على‬
‫دستورية القوانني املالية‪ ،‬وحماسبة املسؤولني عن تدبري املال العام‪.‬‬
‫ابلرغم من التطور امللحوظ‪ ،‬ال يزال اإلطار التشريعي للمالية العمومية يواجه بعض التحدايت‪ ،‬اليت‬
‫تستدعي املزيد من اإلصالحات‪ .‬يالحظ ضعف دور الربملان يف جمال املالية العمومية‪ ،‬مقارنة ابلسلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬مما يستدعي تعزيز صالحياته الرقابية والتشريعية‪ .‬كما حيتاج القانون التنظيمي ‪ 13-130‬إىل‬
‫مراجعة وتطوير‪ ،‬ملواكبة التطورات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتعزيز مبادئ احلكامة اجليدة‪ .‬رغم التقدم احملرز‪،‬‬

‫‪74‬‬
‫ال تزال هناك حاجة إىل تعزيز الشفافية يف تدبري املالية العمومية‪ ،‬وتفعيل آليات املساءلة واحملاسبة‪ .‬جيب‬
‫العمل على تطوير أداء القضاء املايل واإلداري‪ ،‬وتعزيز استقالليته وفعاليته يف محاية املال العام‪.‬‬
‫ولتطوير اإلطار التشريعي للمالية العمومية‪ ،‬يقرتح القيام مبجموعة من اإلجراءات‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬تعديل القانون التنظيمي للمالية‪ :‬ملراجعة وتعديل القانون التنظيمي ‪ ،13-130‬لتعزيز دور الربملان يف‬
‫جمال املالية العمومية‪ ،‬وتكريس مبادئ احلكامة اجليدة‪ ،‬وتطوير آليات الرقابة واملساءلة‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز دور املؤسسات الرقابية‪ :‬لتعزيز دور املؤسسات الرقابية كاملفتشية العامة للمالية واجمللس األعلى‬
‫للحساابت‪ ،‬وتوفري اإلمكانيات الالزمة لتمكينها من القيام مبهامها على أكمل وجه‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير التشريعات املتعلقة ابملداخيل والنفقات‪ :‬للعمل على تطوير التشريعات املتعلقة ابملداخيل‬
‫والنفقات العمومية‪ ،‬لضمان عدالة وفعالية النظام الضرييب‪ ،‬وترشيد اإلنفاق العمومي‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز الشفافية واملساءلة‪ :‬لتعزيز الشفافية يف تدبري املالية العمومية‪ ،‬من خالل نشر املعلومات املالية‬
‫بشكل دوري‪ ،‬وتفعيل آليات املساءلة واحملاسبة‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير أداء القضاء املايل واإلداري‪ :‬للعمل على تطوير أداء القضاء املايل واإلداري‪ ،‬وتعزيز استقالليته‬
‫وفعاليته يف محاية املال العام‪.‬‬

‫ميثل اإلطار التشريعي للمالية العمومية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وضمان‬
‫االستقرار املايل للدولة‪ .‬لذلك‪ ،‬جيب مواصلة اجلهود لتطوير هذا اإلطار‪ ،‬وتعزيز مبادئ احلكامة اجليدة‪،‬‬
‫لضمان استخدام املال العام بكفاءة وفعالية‪ ،‬وحتقيق التنمية املستدامة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫املراجع‬
‫املراجع ابلعربية‪:‬‬

‫الكتب‬
‫‪ ‬املصطفى معمر‪ ،‬احممد قزيرب‪ ،‬مدخل لدراسة قانون امليزانية ‪ 2022/2021‬مطبعة سجلماسة مكناس‬
‫‪ ‬عبد النيب اضريف‪ ،‬قانون ميزانية الدولة‪ ،‬مكتبة املعرفة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سنة ‪ ،2019‬مراكش‪.‬‬
‫سي حممد البقايل‪ ،‬سي حممد البقايل‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪ ،2019 ،‬الرابط‪.‬‬
‫دونية مجال الدين‪ ،‬الفساد املايل و سؤال احلكامة املالية ابملغرب‪ ،‬مؤلف مجاعي بعنوان حكامة املالية‬ ‫‪‬‬
‫العامة ابملغرب‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬الطبعة االوىل ‪،2019‬‬
‫عزيز قسومي‪ ،‬حكامة الصفقات العمومية ‪ :‬قراءة حتليلية يف املستجدات والرهاانت‪ ،‬جملة مسارات يف‬ ‫‪‬‬
‫األحباث و الدراسات القانونية‪ ،‬عدد ‪, 8‬طبعة أكتوبر ‪2019‬‬
‫حممد البقايل‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية “حماولة لرصد املرتكزات الدستورية لقانون املالية‬ ‫‪‬‬
‫وامليزانية‪ ،‬مطبعة البصرية‪ ،‬الرابط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2017‬‬
‫منصور عسو‪ ،‬قانون امليزانية العامة ورهان احلكامة املالية‪ ،2017 ،‬الطبعة األوىل مطبعة اجلديدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الكتاب اجلامع ملبادئ وقواعد القضاء الدستوري املغريب من خالل قرارات الغرفة الدستورية (‪-1963‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1994‬واجمللس الدستوري( ‪ ،)2015-1994‬مطبعة األمنية – الرابط ‪2015 ،‬‬
‫الدكتور عبد الفتاج بلخال‪ ،‬الضرائب يف املغرب‪ ،‬دار ايب رقراق للطباعة و النشر‪ ،‬الطبعة األوىل سنة‬ ‫‪‬‬
‫‪،2009‬‬
‫‪ ‬حسن بوسقيعة‪ ،‬املنازعات اجلمركية يف ضوء الفقه واجتهاد القضاء واجلديد يف أحكام قانون ‪10-98‬‬
‫املعدل واملتمم لقانون اجلمارك‪ ،‬دار احلكمة للنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة ‪2008‬‬
‫‪ ‬صالح حممد الغزايل‪ ،‬رقابة اجملتمع املدين على االنتخاابت العربية‪ ،‬مؤلف بعنوان الدميقراطية و‬
‫االنتخاابت يف العامل العريب‪ ،‬مؤلف مشرتك صادر عن املنظمة العربية حلقوق االنسان‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪. 2008‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ ‬نور السداة محيوي‪ ،‬القوانني التنظيمية بني املشرع الدستوري والسلطة التشريعية‪ ،‬اجمللة املغربية لإلدارة‬
‫‪57‬‬ ‫احمللية والتنمية عدد ‪ 103‬مارس – ابريل ‪،2012‬‬
‫‪ ‬عصام القرين‪ :‬األسس الدستورية للمالية العمومية ابملغرب‪ ،‬جملة العلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪،2018 ،3‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ ‬حممد حيمود ‪ :‬اإلصالح امليزانيايت ابملغرب " دراسة على ضوء القانون التنظيمي للمالية ‪، 2015‬‬
‫‪47‬‬ ‫مطبعة النجاح اجلديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬ط ‪،2017 ،1 :‬‬
‫‪ ‬حممد العريف التطور التارخيي للقانون التنظيمي للمالية ابملغرب‪ ،‬جملة املغربية للمالية العمومية‪،‬‬
‫العدد‪ ،2010 ،7 :‬من ‪132‬‬
‫‪ ‬امحيدوش‪ ،‬قراءة نقدية يف القانون التنظيمي للمالية اجلديد‪ ،‬مقال منشور على جملة دفاتر احلكامة‪،‬‬
‫‪49‬‬ ‫العدد‪ ،02‬سنة ‪،2015‬‬
‫‪ ‬سعيد رحو‪ ،‬دور الربملان يف التشريع املايل يف ضوء الدستور والقانون التنظيمي لقانون املالية‪ ،‬مقال‬
‫‪343‬‬ ‫حول القانون الدستوري ‪،2019‬‬ ‫منشور على جملة املنارة‪ ،‬عدد خا‬
‫‪ ‬حممد حيمود‪ ،‬اإلصالح امليزانيايت ابملغرب‪،‬الطبعة األوىل‪ ،2017‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ -‬الدار‬
‫‪4‬‬ ‫البيضاء‪،‬‬
‫‪ ‬عبد الودود الزابخ‪ ،‬مسامهة احملاكم املالية يف إقرار احلكامة املالية‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة الرابط‪،‬‬
‫‪388‬‬ ‫‪،2022‬‬
‫‪ ‬حممد براو الوسيط يف شرح احملاكم املالية‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرابط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،2012‬‬
‫‪362‬‬
‫‪ ‬سعيد شكاك‪ ،‬دراسة بعنوان القضاء املايل ابملغرب ورهان حكامة امليزانية العامة‪ ،‬امليزانية العمومية‬
‫ابملغرب دينامية اإلصالح وسؤال احلكامة‪ ،‬جملة مسالك يف الفكر والسياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد‬
‫‪52‬‬ ‫‪ ،62/61‬السنة ‪.2023-2020‬‬
‫‪ ‬حممد اجمليدي‪ ،‬دور اجملالس اجلهوية للحساابت يف تطوير أداء اجلماعات احمللية"‪ .‬أطروحة لنيل‬
‫‪.4 :‬‬ ‫دكتوراه يف القانون العام‪ ،‬السنة اجلامعية ‪،2008/2007‬‬
‫‪162‬‬ ‫‪ ‬رشيد املساوي‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪،2017‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪ ‬د عبد الكرمي الطالب‪ :‬الشرح العملي لقانون املسطرة املدنية ط ‪2008‬‬
‫‪77‬‬
‫‪ ‬حممد منريي ‪،‬دور القضاء اإلداري يف محاية حقوق الدفاع ابلنسبة للموظفني ويف مراقبته ملالءمة‬
‫العقوبة‪ ،‬جملة احملاكم اإلدارية‪ ،‬العدد‪ 2:‬منشورات مجعية نشر املعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ ‬املكي السراجي ‪ ،‬وضعية القضاء اإلداري ودولة احلق ابملغرب‪ ،‬القضاء اإلداري ودولة القانون‬
‫ابملغرب العريب‪ ،‬منشورات اجمللة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سلسلة" مواضيع الساعة" الطبعة‬
‫األوىل‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬حممد مرزاق و د‪ .‬عبد الرمحان أبليال وأ العريب كنون ‪ :‬النظام القانوين للمنازعات اجلبائية‬
‫‪ 200‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ابملغرب‪ .‬مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األوىل‪، 1996 ،‬‬
‫‪.193‬‬ ‫‪ ‬د‪ .‬حممد السماحي ‪ :‬مسطرة املنازعة يف الضريبة‪ ،‬مطبعة الصومعة‪،1997 ،‬‬
‫‪‬‬

‫األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫‪ ‬حبري سارة‪ ،‬عطا هللا عبد احلميد‪ ،‬اثر تطبيق مدخل اجلودة الشاملة على االداء املايل للمؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫رسالة لنيل املاسرت يف العلوم املالية‪ ،‬السنة اجلامعية ‪. 2022/2021‬‬
‫‪ ‬فاطمة الزهراء احلاجي‪ ،‬صناعة القرار املايل‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاسرت يف القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية جبامعة سيدي حممد بن عبد هللا بفاس‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-2021‬‬
‫‪2022‬‬
‫‪ ‬ملهدي السهيمي‪ ،‬إشكالية صناعة القرار الضرييب وسؤال العدالة الضريبية ابملغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاسرت‬
‫يف املالية العامة‪ ،‬كلية العلوم القانونية و السياسية ابلسطات‪ ،‬جامعة االحسن األول‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪2020/2021‬‬
‫‪ ‬ايوب ايت محو‪ ،‬دور القضاء الدستوري يف املادة اجلبائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاسرت يف القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ -‬السويسي‪ ،‬جامعة حممد اخلامس ابلرابط‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪2020-2021‬‬
‫‪ ‬خدجية بن عبد هللا‪ ،‬التدبري اإلداري و املايل إلدارة اجلمارك و الضرائب غري املباشرة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫يف القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة حممد اخلامس اكدال‪ ،‬السنة‬
‫اجلامعية ‪2013 2014‬‬
‫‪78‬‬
‫‪ ‬حممد حيمود‪ ،‬إشكالية تقييم التدبري احمللي‪ :‬مقاربة نقدية على ضوء التوجيهات الرقابية احلديثة‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه فـي احلقوق‪ ،‬جامعة احلسن الثاين‪ ،‬عني الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫الدار البيضـاء‪ ،‬السنة اجلامعية ‪2002، 2001-‬‬

‫النصوص القانونية‬
‫‪ ‬دستور ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ابلظهري الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 27‬من شعبان ‪29( 1432‬‬
‫يوليو ‪ ،)2011‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 30( 1432‬يوليو‬
‫‪.)2011‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي لقانون املالية رقم ‪ ،130.13‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪ 1.15.62‬بتاريخ‬
‫‪ 14‬شعبان ‪ 2( 1436‬يونيو ‪ ،)2015‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 6370‬بتاريخ فاتح رمضان ‪18( 1436‬‬
‫يونيو ‪.)2015‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬املتعلق ابجلهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪ 1.15.83‬صادر‬
‫يف ‪ 20‬من رمضان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪.6380‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬املتعلق ابلعماالت أواألقاليم‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم‬
‫‪ 1.15.84‬صادر يف ‪ 20‬من رمضان ‪ 7( 1436‬يوليوز ‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪.6380‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق ابجلماعات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪1.15.85‬‬
‫صادر يف ‪ 20‬من رمضان ‪7( 1436‬يوليوز ‪ ،)2015‬ج‪.‬ر عدد ‪.6380‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 130-13‬لقانون املالية الصادر بتنفيذه الظهري شريف رقم ‪ 1-15-62‬صادر يف‬
‫‪ 14‬من شعبان ‪ 2( 1436‬يونيو ‪ )2015‬املنشور يف اجلريدة الرمسية عدد ‪ 6370‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو‬
‫‪2015‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 64.14‬بتحديد شروط وكيفيات تقدمي امللتمسات يف جمال التشريع‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهري الشريف رقم ‪ 1.16.108‬صادر يف ‪ 23‬من شوال ‪ 28( 1437‬يوليوز ‪ ،)2016‬اجلريدة الرمسية‬
‫عدد ‪.6492‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬املتعلق مبجلس املستشارين‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم‬
‫‪ 1.11.172‬صادر يف ‪ 24‬من ذي احلجة ‪ 21( 1432‬نوفمرب ‪ ،)2011‬اجلريدة الرمسية عدد ‪5997‬‬
‫مكرر‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ ‬قانون رقم ‪ 69.00‬املتعلق ابملراقبة املالية للدولة على املنشآت العامة وهيئات أخرى ‪،‬الصادر بتنفيذه ظهري‬
‫شريف رقم ‪ 1.03.195‬يف (‪ 16‬من رمضان ‪ ) 1424‬املوافق ل ‪ 11‬نوفمرب‪ ،2003‬ابجلريدة الرمسية‬
‫عدد ‪ 5170‬بتاريخ(‪ 23‬شوال ‪18 ) 1424‬ديسمرب‪2003‬‬
‫‪ ‬القانون رقم ‪ 15.97‬مبثابة مدونة حتصيل الديون العمومية‪ ،‬جريدة رمسية عدد ‪ ، 4800‬صادرة يف ‪28‬‬
‫صفر ‪ 1421‬املوافق ل ‪ 1‬يونيو ‪ .2000‬الصادر بتنفيذه الظهري شريف رقم ‪ 28 1.00.175‬من حمرم‬
‫‪ 1421‬املوافق ل ‪ 3‬ماي ‪. 2000‬‬
‫‪ ‬الظهري الشريف رقم ‪ 1.15.62‬الصادر يف ‪ 14‬من شعبان ‪ 2 /1436‬يونيو ‪ ،2015‬بتنفيذ القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون املالية‪ ،‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 6370‬الصادرة يف فاتح رمضان ‪/1436‬‬
‫‪ 18‬يونيو ‪5810 : ،2015‬‬
‫‪ ‬ظهري شريف رقم ‪ 1-98-138‬صادر يف ‪ 7‬شعبان ‪ 26( 1419‬نوفمرب ‪ )1998‬بتنفيذ القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 7-98‬لقانون املالية‪.‬‬
‫‪5816‬‬ ‫‪ ‬املادة ‪ 38‬من القانون التنظيمي للمالية ‪ ،130.13‬ج ر‪،‬‬

‫املراسيم‬
‫‪‬املرسوم رقم ‪ 2.22.431‬الصادر يف ‪ 15‬شعبان ‪ 1444‬املوافق ل ‪ 8‬مارس ‪ 2023‬املتعلق ابلصفقات‬
‫العمومية املنشور يف اجلريدة الرمسية عدد‪ 7176‬بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪2023‬‬
‫‪ ‬مرسوم رقم ‪ 2.15.426‬صادر يف ‪ 28‬من رمضان ‪15) 1436‬يوليوز ‪ )2015‬املتعلق إبعداد وتنفيذ‬
‫قوانني املالية كما مت تغيريه و تتميمه مبقتضى املرسوم رقم ‪ 2.17.607‬الصادر يف ‪ 30‬من ربيع ااالول‬
‫‪ 19)1439‬ديسمرب ‪2017‬‬
‫‪ ‬املرسوم رقم ‪ 2.12.349‬املتعلق ابلصفقات العمومية‪ ،‬الصادر يف ‪ 8‬مجادى األوىل ‪20 ( ، 1434‬‬
‫مارس ‪) 2013‬واملنشور ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 6140‬بتاريخ ‪ 23‬مجاد ى األوىل ‪ 1434‬املوافق ( ‪4‬‬
‫أبريل ‪) 2013‬‬
‫‪ ‬مرسوم رقم ‪ 2-06-388‬صادر يف ‪ 16‬من حمرم ‪ 5( 1428‬فرباير ‪ )2007‬بتحديد شروط وأشكال‬
‫إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد املتعلقة بتدبريها ومراقبتها‪ ،‬و املنشور ابجلريدة الرمسية عدد ‪5518‬‬
‫بتاريخ ‪ 19‬ابريل ‪2007‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ ‬مرسوم ملكي رقم ‪ 66-330‬بتاريخ ‪ 10‬حمرم ‪ 21( 1387‬أبريل ‪ )1967‬املتعلق بسن نظام عام‬
‫للمحاسبة العمومية املنشور ابجلريدة الرمسية عدد ‪ 2843‬بتاريخ ‪ 26‬أبريل‪1967‬‬

‫القرارات‬
‫‪ ‬قرار احملكمة الدستورية رقم ‪ 66/17‬م د ملف رقم ‪ 15/17‬بشأن دستورية قانون مالية سنة ‪ 2018‬رقم‬
‫‪ ،18.67‬احملكمة الدستورية ابلرابط‪ ،‬بتاريخ ‪ 23‬دجنرب‪.2017‬‬
‫‪ ‬القرار رقم ‪ 950‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬دجنرب ‪ 2014‬عن اجمللس الدستوري املتعلق إبحالة القانون التنظيمي‬
‫رقم ‪ 13-130‬لقانون املالية‪.‬‬
‫‪ ‬قرار لوزير االقتصاد واملالية رقم ‪ 3155-14‬الصادر يف ‪ 5‬ذي احلجة ‪ 1435‬املوافق ل ‪30‬‬
‫سبتمرب‪ 2014‬بتحديد قائمة الواثئق واملستندات املثبتة ملقرتحات االلتزام و أداء نفقات الدولة‪ ،‬اجلريدة‬
‫الرمسية عدد ‪ 6329‬يناير ‪2015‬‬
‫‪ ‬قرار اجمللس الدستوري رقم ‪ 08/728‬م د ملف رقم ‪ 08/1120‬بشأن دستورية قانون مالية سنة ‪2009‬‬
‫رقم ‪ ،40.08‬الصادر مبقر اجمللس الدستوري ابلرابط‪ ،‬بتاريخ ‪ 29‬دجنرب‪2008‬‬
‫‪ ‬قرار اجمللس الدستوري رقم‪ 250.98 .‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1998‬اجلريدة الرمسية عدد ‪،4641‬‬
‫بتاريخ ‪ 23‬نونرب ‪.1998‬‬
‫املقاالت‬
‫‪ ‬يونس لعروسي‪ ،‬السند القانوين ملشروعية االختصا الرقايب على األموال العمومية ابملغرب‪ ،‬جملة مسالك‬
‫للفكر السياسي و االقتصادي‪ ،‬العدد ‪ ، 62/ 61‬سنة ‪2023‬‬
‫‪ ‬سعيد شكاك‪ ،‬دراسة بعنوان القضاء املايل ابملغرب ورهان حكامة امليزانية العامة‪ ،‬امليزانية العمومية ابملغرب‬
‫دينامية اإلصالح و سؤال احلكامة‪ ،‬جملة مسالك يف الفكر و السياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ، 62/61‬السنة‬
‫‪2023-2020‬‬
‫‪ ‬مالح محيد‪ ،‬احلكامة املالية و ربط املسؤولية ابحملاسبة‪ ،‬جملة القانون و االعمال‪ ،‬دار املنظومة‪ ،‬عدد ‪،40‬‬
‫الصادرة يف يناير ‪2019‬‬
‫‪ ‬رشيد املدور‪ ،‬تطور الرقابة الدستورية يف املغرب‪ ،‬جملة دراسات دستورية تصدرها احملكمة الدستورية‪ ،‬اجمللد‬
‫الثالث‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬يناير‪2016‬‬
‫‪ ‬أمحد أجعون‪ ،‬اجلهوية املتقدمة يف الدستور املغريب لسنة ‪ ،2011‬اجمللة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2014‬املغرب‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ ‬عبد احلافظ ماموح‪ ،‬اآلليات التشاركية للحوار والتعاون بني اجلماعات الرتابية واجملتمع املدين (اجمللد عدد‬
‫‪ ،)07‬لسنة ‪ ،2017‬سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫‪ ‬جملة املالية‪ ،‬وزارة االقتصاد واملالية‪ ،‬العدد ‪ ،18‬نونرب ‪.2012‬‬
‫‪ ‬حممد سويلم‪ ،‬جملة الواحات للبحوث والدراسات‪ ،‬اجمللد ‪ ،14‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2021‬جامعة غرداية ‪.‬‬
‫‪ ‬جنيب جريي‪ ،‬الرقابة املالية ابملغرب بني احلكامة املالية ومتطلبات التنمية‪ ،‬جملة احلقوق املغربية‪ ،‬دار نشر‬
‫املعرفة‪ ،‬طبعة ‪2011‬‬
‫‪ ‬حممد نبيل ملني‪ ،‬فكرة الدستور يف املغرب‪ ،‬واثئق و نصو (‪ ، )2011-1901‬تيل كيل ميداي‪،‬‬
‫‪ ‬غزال أمحد‪ ،‬قراءة حول اختصاصات احملكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم ‪ ،06 – 13‬اجمللة‬
‫املغربية لإلدارة و التنمية احمللية‬

‫التقارير و اصدارات‪:‬‬
‫‪ ‬املدونة العامة للضرائب طبعة ‪ 2023‬الصادرة عن وزارة االقتصاد و املالية ‪ ،‬املديرية العامة للضرائب‬
‫‪ ‬ميزانية املواطن لقانون التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية لسنة ‪ ،2020‬الصادر عن وزارة االقتصاد واملالية‬
‫‪ ‬تدبري الدين العمومي‪ ،‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحساابت لسنة ‪،2012‬‬
‫‪ ‬تقرير اجمللس االقتصادي و االجتماعي حول الصفقات العمومية الصادر سنة ‪،2012‬‬
‫املواقع اإللكرتونية‪:‬‬
‫‪‬حممد الغواطي‪ ،‬قراءة يف املسطرة التشريعية ملشروع قانون املالية‪ ،‬جملة املنارة للدراسات القانونية و االدارية ‪،‬‬
‫اتريخ الولوج للموقع ‪ 13‬مارس ‪ ، 2024‬املوقع‪https://revuealmanara.com‬‬
‫‪‬حممد كرمي ايت الشيخ و ايوب الصايف‪ ،‬الفرسان املوازنية والقضاء الدستوري املغريب‪ ،‬أية محاية ملبدأ الوحدة‬
‫املوضوعية لقانون املالية‪ ،‬موقع اجلامعة القانونية االفرتاضية‪ ،‬على الرابط ‪https://urlz.fr/q8LL :‬‬
‫‪ ، .‬مت التصفح بتاريخ ‪ 04‬ابريل ‪.2024‬‬
‫‪ ‬معاد بوكطيب‪ ،‬الرقابة على املالية العامة‪ ،‬مقال منشور مبجلة القانون و االعمال الدولية‪ ،‬اتريخ النشر‬
‫ابريل ‪ ،2019‬على املوقع التايل ‪ /https://www.droitetentreprise.com‬اتريخ التصفح‬
‫‪ 23‬مارس ‪2024‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ ‬إصالح منظومة الصفقات العمومية رافعة للنهوض بتدبري املالية العمومية‪ ،‬عن املوقع الرمسي لوكالة املغرب‬
‫‪،2023‬‬ ‫اكتوبر‬ ‫‪24‬‬ ‫النشر‬ ‫اتريخ‬ ‫لألنباء‪،‬‬ ‫العريب‬
‫‪ ،/https://www.mapnews.ma/ar/actualites‬اتريخ التصفح ‪ 23‬مارس‬
‫‪ ‬رضوان لعزيزي‪ ،‬الدميوقراطية التشاركية للشأن اجلهوي العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫جامعة موالي إمساعيل‪ ،‬سنة ‪،2018-2017‬‬
‫‪https://hazbane.asso-web.com/uploaded/.pdf‬‬
‫‪ ‬املوقع الرمسي لوزارة االقتصاد و املالية ‪ ، https://www.finances.gov.ma‬مت التصفح بتاريخ‬
‫‪ 14‬مارس ‪.2024‬‬
‫‪ ‬حممد حمبويب‪ ،‬قراءة يف مدونة حتصيل الديون العمومية الصادرة يف ‪ 3‬ماي ‪ ، 2000‬موقع املركز الوطين‬
‫للتوثيق التابع للمندوبية السامية للتخطيط ‪ ، https://urlz.fr/pT7e ،‬اتريخ التصفح ‪14‬‬
‫مارس ‪2024‬‬
‫‪ ‬تقرير املديرية العامة للجماعات احمللية ‪2017‬حول‪ :‬القرار املشرتك منوذج آلية امليزانية التشاركية‪ ،‬منشور‬
‫ضمن سلسلة املنشورات اليت تعىن مبوضوع احلكامة التشاركية احمللية على البوابة الوطنية للجماعات الرتابية‪.‬‬
‫‪ ‬حممد سكلى‪ ،‬مقال منشور بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 2014‬على موقع العلوم القانونية ‪Maroc droit‬‬
‫معنون ب "ربط املسؤولية ابحملاسبة على ضوء التقرير االخري للمجلس االعلى للحساابت‬
‫‪ ‬طارق لباخ الثابت و املتغري يف مراقبة احملاسب العمومي لآلمر ابلصرف على ضوء مرسوم سنة ‪2008‬‬
‫املتعلق مبراقبة نفقات الدولة جملة املنارة للدراسة القانونية و اإلدارية االلكرتونية رابط الصفحة‬
‫‪ https://revuealmanara.com‬مت التصفح بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪2024‬‬
‫‪ ‬نشأة وتطور القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وزارة االقتصاد واملالية‪،https://shorturl.at/ru378 ،‬‬
‫اتريخ الولوج ‪2024-03-19‬‬
‫‪ ‬التدبري املرتكز على النتائج‪ ،‬مقال منشور يف املوقع االلكرتوين لوزارة االقتصاد واملالية‬
‫‪ https://t.ly/umarx‬متت زايرته يف ‪2024/04/07‬‬
‫‪ ‬نشأة وتطور القانون التنظيمي للمالية‪ ،‬وزارة االقتصاد واملالية‪،https://shorturl.at/ru378 ،‬‬
‫اتريخ الولوج ‪2024-03-19‬‬
‫‪ ‬أهداف القانون التنظيمي‪ ،‬املوقع الرمسي لوزارة االقتصاد واملالية‪ https://t.ly/8gocC ،‬متت زايرته‬
‫يف ‪09.04.2024‬‬

‫‪83‬‬
:‫مراجع أخرى‬
‫ املتعلق‬2.22.431 ‫ حول املرسوم اجلديد رقم‬2023 ‫ ابريل‬3 ‫ بتاريخ‬62 ‫ دورية لوزير التجهيز و املاء رقم‬
‫ابلصفقات العمومية و املوجهة اىل السيدات و السادة املدراء العامني للمؤسسات العمومية التابعة للوزارة‬
‫ تصريح للوزير املنتدب املكلف ابمليزانية خالل الندوة الصحفية اليت أعقبت اجتماع اجمللس احلكومي بتاريخ‬
2022 ‫ يونيو‬9
‫ أكتوبر‬،‫ لقانون املالية‬130.13 ‫ عرض دراسي مبجلس النواب حول ورش إصالح القانون التنظيمي رقم‬
2023

:‫املراجع ابلفرنسية‬
 katia Blairon, « Pouvoirs et contre- pouvoirs en matière
budgétaire et financière » Maitre de conférences de droit public
Nancy université- IRENEE.
 Louis FAVOREU, « l’apport du conseil constitutionnel au
droit public » Pouvoirs, revue française d'études
constitutionnelles et politiques, n° 13, 1991.
 Noureddine Bensouda , pour les finances publique au service
des citoyens, colloque organisé par la chambre française de
commerce de l’industries au Maroc , Casablanca 11 octobre
2018
 Raphaël Déchaux, l’évolution de la jurisprudence
constitutionnelle en matière de « Cavalier » entre 1996 et 2006
Sur le lien suivant :
https://www.conseil-constitutionnel.fr/sites/default/files/as/root
/bank_mm/pdf/Conseil/cavaliers.pdf.
 LE GRAND ÉTAT-MAJOR FINANCIER : LES
INSPECTEURS DES FINANCES, Chapitre XI. La place de
84
l’Empire colonial dans les carrières des inspecteurs des Finances,
Paris 2011 p. 263-281
 René Marchal, “Précis de l’législation financière marocaine”, 3
d, p. 5.

85
‫الفهـ ـ ـ ــرس‬

‫مقدمة ‪1................................................................................................................................................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬الدستور املايل ‪6........................................................................................................................................................‬‬

‫املطلب األول ‪:‬مرتكزات تدبري املالية العمومية يف الدستور املغريب‪6.................................................................................................................. .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األسس واملبادئ الدستورية املؤطرة لتدبري املالية العمومية ‪6.........................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل ‪:‬األسس احملورية لتدبري املالية العمومية ‪6 .....................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬املبادئ التكميلية لتدبري املالية العمومية ‪10 .................................................................................................................‬‬

‫الفرع الثاين ‪:‬األسس الدستورية للحكامة اجليدة يف تدبري املالية العمومية ‪14 .....................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬مبادئ احلكامة يف تدبري املالية العمومية ‪14 ........................................................................................................................‬‬

‫‪ .1‬الشفافية‪14 ..................................................................................................................................................... ..‬‬

‫‪ 2.‬اجلودة‪17 ................................................................................................................................................. .......‬‬

‫‪ 3.‬ربط املسؤولية ابحملاسبة يف تدبري املال العام‪18 ................................................................................................................. ....‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬املقاربة التشاركية يف حتسني أداء املالية العمومية‪20 ....................................................................................................... .‬‬

‫‪ .1‬مسامهة اجملتمع املدين ‪21...............................................................................................................................‬‬

‫‪ .2‬دور املواطن‪22 ............................................................................................................................................... ....‬‬

‫‪ .3‬اهليئات النقابية لألجراء واملنظمات املمثلة للمشغلني‪24 ...................................................................................................... .....‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القوانني التنظيمية لقانون املالية ‪25 ....................................................................................................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القانون التنظيمي للمالية كمصدر لتأطري املالية العمومية ‪25 ........................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اإلطار القانوين للمالية العمومية منذ فرتة احلماية اىل سنة ‪26 ............................................................................................. 1998‬‬

‫خالل فرتة احلماية وغداة االستقالل ‪26 ...............................................................................................................................‬‬

‫القوانني التنظيمية بني سنة ‪ 1963‬و ‪27 ..................................................................................................................... 1998‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلصالح امليزانيايت والقانون التنظيمي رقم ‪ 13-130‬لقانون املالية ‪30 ..........................................................................................‬‬

‫أهم مزااي اإلصالح امليزانيايت ‪30 .......................................................................................................................................‬‬

‫املفاهيم اجلديدة اليت جاء هبا القانون التنظيمي ‪31 ......................................................................................................... 13-130‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬حمدودية القانون التنظيمي للمالية ‪ 13-130‬وسبل تطويره ‪32 ....................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬حمدودية القانون التنظيمي ‪32 ......................................................................................................................... 13-130‬‬

‫ضعف املؤسسة التشريعية يف اجملال املايل‪32 ............................................................................................................................‬‬

‫هيمنة السلطة التنفيذية يف اجملال املايل ‪33 ..............................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مقرتح تعديل القانون التنظيمي ‪34 .................................................................................................................... 13-130‬‬

‫أهداف ومنهجية تعديل القانون التنظيمي ‪34 ..............................................................................................................13-130‬‬

‫‪86‬‬
‫مضمون مقرتحات التعديالت ‪35 ......................................................................................................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬التشريع و القضاء املايل ‪36 ...........................................................................................................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التشريع املايل ‪36 .....................................................................................................................................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬التشريعات املتعلقة بتدبري املالية العمومية والرقابة ‪37 ..............................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬قانون املالية أداة لتدبري املالية العمومية ‪37 ....................................................................................................................‬‬

‫‪ 1.‬املتدخلون يف اعداد قوانني املالية‪37 .......................................................................................................................... .....‬‬

‫املؤسسة امللكية‪38 ................................................................................................................................................... :‬‬

‫رئيس احلكومة‪39 .................................................................................................................................................... :‬‬

‫الوزارة املكلفة ابملالية‪39 .............................................................................................................................................. :‬‬

‫‪ .2‬مراحل اعداد واملصادقة على مشروع قانون املالية السنوي‪40 .......................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشريعات املتعلقة برقابة املالية العمومية ‪43 ..................................................................................................................‬‬

‫‪ 1.‬املفتشية العامة للمالية‪43 ..................................................................................................................................... ....‬‬

‫‪ 2.‬احملاسبة العمومية‪45 ......................................................................................................................................... .....‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬التشريعات املتعلقة مبداخيل و نفقات الدولة ‪48 ....................................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬التشريع الضرييب و اجلمركي وحتصيل الديون العامة‪48 ........................................................................................................‬‬

‫‪ 1.‬التشريع الضرييب و اجلمركي‪48 ................................................................................................................................. ...‬‬

‫التشريع الضرييب ‪48 ....................................................................................................................................................‬‬

‫التشريع اجلمركي ‪51 ...................................................................................................................................................‬‬

‫‪ 2.‬مدونة حتصيل الديون العامة‪52 ............................................................................................................................... ....‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشريعات امللحقة بنفقات الدولة ‪53 ........................................................................................................................‬‬

‫‪ 1.‬نظام الصفقات العمومية ‪53 ................................................................................................................................. ...:‬‬

‫‪ 2.‬املرسوم املتعلق مبراقبة نفقات الدولة‪56 ........................................................................................................................ ....‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬القضاء املايل ‪58 .......................................................................................................................................................‬‬

‫الفرع األول ‪:‬احملكمة الدستورية‪ /‬اجمللس الدستوري ‪58 ...........................................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬نشأة وتطور القضاء الدستوري يف املغرب ‪58 ..................................................................................................................‬‬

‫‪ .1‬الغرفة الدستورية ابجمللس االعلى‪59 ................................................................................................................................‬‬

‫‪ .2‬اجمللس الدستوري يف دستوري ‪59 ............................................................................................................ ..1996– 1992‬‬

‫‪ .3‬احملكمة الدستورية يف دستور ‪ 2011‬و اختصاصاهتا ‪60 ..........................................................................................................‬‬

‫املراقبة الدستورية‪61 .................................................................................................................................... ....‬‬

‫البث يف املنازعات االنتخابية‪62 ........................................................................................................................ ....‬‬

‫النظر يف الدفع بعدم دستورية قانون‪63 ................................................................................................................ .....‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور القضاء الدستوري يف جمال املالية العمومية ‪63 ............................................................................................................‬‬

‫‪ 1.‬اإلحالة الدستورية للقوانني التنظيمية لقانون املالية‪63 .......................................................................................................... ....‬‬

‫‪87‬‬
‫مثال‪ :‬حصر امكانية التعديل املقتضيات الضريبية واجلمركية يف قانون املالية‪63 ................................................................................... ......‬‬

‫مثال‪:‬فتح اعتمادات إضافية مبرسوم يف حالة ضرورة ملحة وغري متوقعة ذات مصلحة وطنية‪64 ................................................................... ......‬‬

‫مثال‪ :‬احداث حساابت خصوصية للخزينة خالل السنة املالية مبوجب مراسيم ‪ -‬حالة االستعجال والضرورة امللحة وغري املتوقعة ‪65 .....................................‬‬

‫‪ 2.‬االحالة الدستورية لقوانني املالية السنوية‪65 ..................................................................................................................... ...‬‬

‫املثال األول‪ :‬قرار رقم ‪ 728/08‬املتعلق إبحالة قانون املالية لسنة ‪66 ................................................................................... ......2009‬‬

‫املثال الثاين‪ :‬قرار رقم ‪ 17/66‬املتعلق إبحالة قانون املالية لسنة ‪67 ................................................................................. ..........2018‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬احملاكم املالية واإلدارية ‪68 ...........................................................................................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬احملاكم املالية‪68 ................................................................................................................................................‬‬

‫دور اجمللس األعلى للحساابت يف اجملال املايل ‪68 ....................................................................................................................‬‬

‫دور اجملالس اجلهوية للحساابت يف اجملال املايل ‪69 ...................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬احملاكم اإلدارية ‪71 .............................................................................................................................................‬‬

‫التعريف ابحملاكم اإلدارية وهيكلتها ‪71 ...............................................................................................................................‬‬

‫دور احملاكم اإلدارية يف اجملال املايل ‪73 ................................................................................................................................‬‬

‫خامتة‪74 ............................................................................................................................................................................. :‬‬

‫املراجع ‪76 ............................................................................................................................................................................‬‬

‫الفهـ ـ ـ ــرس ‪86 .........................................................................................................................................................................‬‬

‫‪88‬‬

You might also like