Professional Documents
Culture Documents
الفصل الأول من دروس المالية العامة
الفصل الأول من دروس المالية العامة
الميزانية ( )budgetكلمة فرنسية االصل من القرون الوسطى " "bougetteو تعني حقيبة ( une
،)sacocheثم انتقلت الى االنجليزية " "a budgetحيث تشير الى الحقيبة الجلدية الصغيرة و التي ينقل
فيها رئيس الحكومة البريطاني الوثائق المالية للبرلمان لغرض العرض و المناقشة .
و إن كان هناك استعمال شائع لمصطلحي " الميزانية " و " قانون المالية " بصورة ترادفية تقريبية ،لكن
اذا أردنا الدقة فهما ال يحمالن نفس المعنى .فدستور الجزائر لسنة 1976مثال أشار الى مصطلح
الميزانية دون االشارة إلى قانون المالية و نفس االمر مع دستور ، 1989حيث يجب علينا أن ننتظر
الى غاية دستور 1996اين ورد فيه مصطلح قانون المالية مع االبقاء على مصطلح الميزانية ضمن
نص الدستور .
و بالرغم من ورود المصطلحين معا ضمن القانون المتعلق بقوانين المالية رقم 17 -84لكنه لم يضبط
بدقة مضامين كل مصطلح باالخص ان دستور 76كما أشرنا لم يتناول صراحة مفهوم قانون المالية ،
وضح الى حد بعيد الفرق بين المصطلحين ،من خالل
لكن القانون العضوي لقانون المالية ّ 15-18
اعتباره الميزانية عمل وصفي للموارد و االعباء المالية للدولة ،في حين يشكل قانون المالية فعل
ترخيص لتحصيل تلك الموارد و تغطية تلك االعباء :تنص المادة الثالثة من القانون 15-18على "
يحدد قانون المالية بالنسبة لسنة مالية طبيعة و مبلغ و تخصيص موارد و أعباء الدولة ،و كذا التوازن
الميزاني و المالي الناتج عنه ،مع مراعاة توازن اقتصادي محدد " ،في حين تنص المادة 14على "
تحدد هذه
تبين في الميزانية على شكل ايرادات و نفقات .و ّ
تقدر موارد ميزانية الدولة و أعباءها و ّ
ّ
الموارد و االعباء و يرخص بها سنويا بموجب قانون المالية ،و توزع حسب االحكام المنصوص عليها
في هذا القانون .تضمن مجموع االيرادات تنفيذ مجموع النفقات ،و يقيد مجموع االيرادات و النفقات
ضمن حساب وحيد يشكل الميزانية العامة للدولة ".
أي ان الميزانية هي مفهوم -محاسبي – أكثر تقييدا في المعنى من مفهوم قانون المالية –السياسي -
تفصل الرخص الممنوحة اجماليا ضمن
تطور و ّ
،فهي ال تمثل االّ مجموعة الحسابات التي تصف و ّ
قانون المالية .
1
-2أصناف قوانين المالية :
قانون المالية للسنة هو قانون توقع يتم اعداده من طرف الحكومة يوضح العديد من األمور المالية بشأن
نشاط و عمل الدولة خالل السنة ،سيقدم توقعات بشأن المداخيل الجبائية المنتظرة ،سيقدم توقعات بشأن
االعتمادات المالية ال موجهة لتغطية النفقات الموزعة على الو ازرات المنفقة ،سيقدم توقعات أيضا
بخصوص التوظيف العمومي ،بخصوص الدين العمومي ايضا ،سيوضح قانون المالية كل السياسة
الجبائية المختارة من طرف الحكومة خالل سنة مالية معينة .
يجب أن تكون توقعات قانون المالية صريحة ( )sincèresاي تحترم مبدأ الصراحة الموازناتية ،كما
نصت عليه المادة 70من القانون العضوي " : 15-18تقدم قوانين المالية موارد و اعباء الدولة بصفة
تقيم هذه الصراحة من خالل المعلومات المتوافرة و التقديرات التي يمكن أن تنتج عنها " ،
صريحة ،و ّ
أي يجب على الحكومة تقديم ن ص صادق مفهوم لمشروع قانون المالية أمام النواب .
يجب أن يودع هذا النص على مكتب المجلس الشعبي الوطني بحسب المادة 71من القانون - 18
15في أجل أقصاه 7اكتوبر من السنة التي تسبق السنة المالية المعنية ،و يعود الى النواب بالغرفة
االولى (المجلس الشعبي الوطني) و ليس نواب الغرفة الثانية (مجلس االمة) اختصاص األولوية في
دراسة مشروع قانون المالية ،و يتم التصويت و المصادقة على مشروع قانون المالية في السنة (ن)1-
ليبدأ تطبيقه ابتداء من 01جانفي من السنة ن ،حيث تنص المادة 146من الدستور(تعديل ) 2020
بتحول
ّ ان البرلمان (بغرفتيه) يصادق على قانون المالية في مدة أقصاها 75يوما من ايداعه ،و
المشروع الى قانون يتم اذن تنفيذه خالل سنة مدنية احتراما لمبدأ السنوية .
يتم التصويت و المصادقة على هذا القانون من طرف البرلمانيين بطلب من الحكومة خالل السنة ن أي
خالل سنة تنفيذ قانون المالية للسنة ،و لقانون المالية التصحيحي هدف أساسي :التعديل أثناء التنفيذ
خالل السنة ن التوقعات األولية التي وضعت ضمن قانون المالية للسنة ن المصوت و المصادق عليه
من طرف البرلمانيين .
2
هناك حالتان رئيسيتان تقرر فيهما الحكومة تبني قانون مالية تصحيحي :
أثناء تنفيذ قانون المالية للسنة ،مواجهة أزمة اقتصادية (االزمة المالية العالمية ل )2008او -
أزمة صحية (جائحة كورونا )2019مستجدة .
-عند تغيير حكومي :في حالة تبني سياسة عامة بديلة (اقتصادية او غيرها) بسبب تعيين رئيس
جمهورية جديد أ و تشكيل حكومة جديدة بسبب أغلبية جديدة بالبرلمان ،حيث يكون الهدف من
اصدار قانون مالية تصحيحي في هذه الحالة ارسال رسالة للشعب ،بوجود قطيعة حقيقية في
المجال المالي و الميزاني مع ممارسات السلطة السابقة.
يمكن كذلك للحكومة ان تطلب التصويت على قانون مالية تصحيحي في حالة ما إذا كان هناك وزراء
(و ازرات) قد استهلكوا االعتمادات المالية للنفقات الممنوحة لهم في قانون المالية للسنة ،و بالتالي يطلبون
اعتمادات موازاناتية جديدة لتغدية نفقات مصالحهم و بالتي ستأتي منطقيا عبر قانون مالية تصحيحي .
يتم التصويت عليه ضمن السنة (ن )1+قبل األول من شهر أوت لتلك السنة بعد االنتهاء من تنفيذ
قانون المالية للسنة ن ،و يهدف قانون تسوية الميزانية الى اعطاء النتيجة في مايخص :
بحيث ستكون لنا تبعا لذلك نتيجة نهائية ستظهر وضعية ميزانية الدولة هل هي عاجزة فائضة ام متوازنة.
هناك مجموعة من الوثائق التي يجب على الحكومة أن ترفقها بمشروع قانون تسوية الميزانية أمام البرمان
،بحسب المادة 87من القانون 15-18تتمثل في :
مالحق تفسيرية تتعلق بنتائج العمليات الموازناتية و الحسابات الخاصة للخزينة و عمليات الخزينة
الحساب العام للدولة :يتضمن هذا الحساب الميزان العام للحسابات (balance génerale des
) ، comptesو حساب النتائج) ، (compte des resultatsو الحصيلة( ، )le bilanو
الملحق أو المالحق) ، (annexesو تقييم اللتزامات الدولة الخارجة عن الحصيلة
3
) ، (engagements hors bilan d’etatو تقرير يوضح على الخصوص التغيرات في
الطرق و القواعد المحاسبية المطبقة خالل السنة المالية .
تقرير وزاري للمردودية :يوضح فيه ظروف تنفيذ قانون المالية للسنة ،مدى بلوغ االهداف
المتوقعة المقاسة بمؤشرات األداء المرتبطة بها ،ماهي النتائج المحققة و ما هو التفسير المقدم
لشرح الفوارق المعاينة .
باالضافة الى تلك الوثائق ،تشير المادة 88من القانون 15-18أن مشروع قانون تسوية الميزانية
معدين من طرف مجلس المحاسبة :
يجب أن يتم ارفاقه بتقريرين ّ
تقرير يتعلق بنتائج تنفيذ قانون المالية للسنة المالية المعنية و بتسيير االعتمادات المالية التي
تمت دراستها (من طرف مجلس المحاسبة) باالخص على ضوء البرامج المنفذة .
تقرير يتعلق بتصديق( )certificationحسابات الدولة حسب مبادئ :النزاهة)، (régularité
يدعم التقرير بتحقيقات جرت في هذا االطار.
الصراحة )(sincéritéو االخالص ( ، )fidélitéو ّ
ال تتم المصادقة على مشروع قانون المالية للسنة ن قبل 31ديسمبر للسنة (ن -
هناك دائما احتمال أ ّ
، ) 1مما يعني شلال ماليا للدولة خالل السنة ن حيث ال يمكن للدولة تمويل مجال النشاط العمومي ،
هناك بالطبع مجموعة من التدابير التي يسمح بها القانون العضوي لقوانين المالية 15-18و المعمول
بها عموما في مجال المالية العمومية ،حيث تشكل استثناء على مبدأ السنوية و تسمح باالستمرار في
تطبيق مضامين قانون المالية للسنة ن 1-خالل السنة ن بصورة مؤقتة ،سواء ما تعلق بجانب اعتمادات
النفقات أو تراخيص تحصيل االيرادات وفق اجراءات وشروط محددة .
4
التصويت االستعجالي على القسم االول من مشروع قانون المالية للسنة ن ،تكون الحكومة
متأكدة من تحصيل االيرادات الضرورية لعمل الجهاز العمومي .
تمرر بصورة
المادة 45من lolfالفرنسي تنص أيضا على امكانية منح الترخيص للحكومة بأن ّ
استعجالية نص قانون يتضمن مادة واحدة فقط :الترخيص بتحصيل الضريبة ضمن تراب االقليم
الوطني ،و يعتبر بمثابة قانون مالية خاص .
نميز ما بين االعتمادات الميزانية للنفقات بناء على الوظيفة التي ستوجه لها
كمعيار ّأول ،يمكن أن ّ
تلك الرخص المالية الموازناتية :
5
-االعتمادات المتضمنة في قانون المالية للسنة :مخصصة للوزراء المنفقين ،و تعتبر بمثابة
اعتمادات ابتدائية ( )crédits initiauxلتغطية نفقات مصالح الدولة .
-االعتمادات المضافة في اطار قانون المالية التصحيحي :و نكون هنا بصدد اعتمادات
تصحيحية اضافية ( ، )crédits réctificatifs additionnelsبسبب خطأ التوقعات االبتدائية
بشأن النفقات ضمن قانون المالية للسنة ،او توافر مداخيل اضافية لسبب من االسباب يمكن
توزيعها.
-االعتمادات الواردة ضمن قانون تسوية الميزانية :و تأتي في اطار قانون تسوية الميزانية
لتغطي لكل برنامج أو حساب خاص الفروقات ما بين االعتمادات المرخصة و االعتمادات
المعاينة ،فنتحدث هنا عن اعتمادات تكميلية (.)crédits complémentaires
-اعتمادات مراسيم التسبيق :و هي اعتمادات لتغطية نفقات غير منصوص عليها في قانون
المالية للسنة و دون انتظار اصدار قانون المالية التصحيحي ،و تكون حصريا في حالة
االستعجال القصوى ،مع ضرورة الموافقة عليها ضمن قانون المالية التصحيحي الموالي .
تقليديا نميز نوعين أساسين من االعتمادات الميزانية الممنوحة للوزراء المنفقين :
-االعتمادات الحصرية (: )les crédits limitatifs
المشرع عكس ذلك ،فإن جميع
ّ قرر
هي اعتمادات القانون العام ،و ذلك يعني أنه ماعدا في حالة ما ّ
االعتمادات الميزانية الممنوحة للوزراء المنفقين في اطار قانون مالية للسنة ستكون اعتمادات حصرية .
تتميز االعتمادات الحصرية بتشددها حيث تقيد من سلطة الوزراء المنفقين ،حسب نص المادة 31
من القانون 15-18فإنه ال يمكن االلتزام و األمر بصرف أو دفع النفقات المتعلقة باالعتمادات الحصرية
إالّ في حدود االعتمادات المالية المفتوحة من طرف قانون المالية للسنة ،و قد يحدث ان يجد بعض
الوزراء المنفقين أنفسهم قد استعملوا الحجم الكّلي االعتمادات الحصرية التي منحت لهم من طرف قانون
المالية السنوي ،مما يحتّم على الحكومة ان تطلب من البرلمان تمرير قانون المالية التصحيحي .
-االعتمادات التقييمية (: )les crédits evaluatifs
هذا النوع من االعتمادات سيمنح للوزير المنفق مرونة أكبر ،فالمبلغ المسجل في مقابل موضوع االعتماد
يعتبر مجرد تقدير(تقييم) ،و هذا يعني من الناحية القانونية أن الوزير المنفق بامكانه زيادة مبلغ االعتماد
التقييمي فوق السقف المحدد دون طلب رخصة من البرلمان ،مما يجعل هذا النوع من االعتمادات خطيرا
على سالمة مالية الدولة .
6
و لهذا السبب قام القانون العضوي 15-18بتحديد انواع النفقات العمومية التي قد تكون موضوع
اعتمادات تقييمية و حسب نص المادة 32يقتصر االمر فقط على :
أعباء الدين العمومي ،
رد المبالغ المحصلة من غير حق ،
التخفيضات و االستعدادات ،
األعباء المتعلقة بااللتزامات الدولية ،
االعباء المتعلقة بسريان مفعول ضمانات ممنوحة من الدولة .
ال يوجد بالجزائر اقتطاع ضريبي دائم ،فيجب إذن استصدار الرخصة البرلمانية لتحصيل الموارد
العمومية من طرف الحكومة سنويا ،و تكون الرخصة صالحة لسنة مدنية (من أول جانفي الى 31
ديسمبر) و هي مدة تنفيذ قانون المالية للسنة ،و هذا ما تنص عليه المادة 16من القانون .15-18
و يجد اشتراط هذه الرخصة البرلمانية سنويا منشأه ضمن المبدأ الدستوري الذي ينص على الموافقة على
الضريبة ،فالمادة 82من الدستور الجزائري (دستور 1996تعديل )2020تنص على " ال تحدث أي
ضريبة إال بمقتضى قانون" ،تاريخيا يمكن الرجوع بهذا المبدأ الى فرنسا و االعالن العالمي لحقوق
االنسان و المواطن في مادته 14الذي يشترط بدوره حصول الحكومة على موافقة البرلمان مسبقا
لتحصيل الضريبة ،و قبله "الميثاق العظيم" ( )Magna Cartaسنة 1215بانجلت ار الذي نص على
ضرورة استشارة و الموافقة القبلية على الضريبة من طرف من سيدفعونها .
إذا لم يتم التصويت على المادة االولى من الفصل األول من الجزء االول من قانون المالية للسنة
(ترخيص تحصيل االيرادات للسنة) ،فإن الدولة ستجد نفسها مشلولة بدون موارد و وسائل لتسيير الهياكل
و الخدمات العامة ،و لتجنب ذلك نصت المادة 78من القانون 15-18على أنه في حالة عدم
المصادقة على قانون المالية للسنة بحلول تاريخ 01جانفي من السنة المعنية ،يستمر تنفيذ ايرادات
الميزانية العامة بصورة مؤقتة وفق النسب و كيفيات التحصيل السارية تطبيقا لقانون المالية السابق ،و إن
كانت المادة ال تضع حدا زمنيا للترخيص وفق ه ذه العبارة ،لكن هاته الموافقة مرتبطة منطقيا بالمجال
الزمني للرخص المؤقتة الممنوحة لتنفيذ النفقات العامة و هي مدة 03أشهر كحد أقصى .
7
بعد انقضاء هذه المدة لم يضع قانون 15-18حال واضحا لمشكل عدم المصادقة على قانون المالية
للسنة ،في حين نصت المادة 146من الدستور الجزائري (تعديل )2020على انه في حالة عدم
مصادقة البرلمان على قانون المالية في االجال المحددة ( 75يوما من تاريخ ايداعه بمكتب المجلس) فإن
رئيس الجمهورية يقوم باصدار مشروع الحكومة بأمر .
8