Professional Documents
Culture Documents
أجهزة تحضير مشروع القانون المالي في المغرب
أجهزة تحضير مشروع القانون المالي في المغرب
تنص المادة 46من القانون التنظيمي رقم 130.13لقانون المالية على أن« :يتولى الوزير المكلف
بالمالية ،تحت سلطة رئيس الحكومة ،إعداد مشاريع قوانين المالية طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في
المجلس الوزاري»
كان مشروع قانون مالية السنة ،مثله مثل باقي مشاريع القوانين األخرى في ظل دستور 1996فلقد كان
المجلس الوزاري يقتصر على وضع اللمسات األخيرة عليه وإجازته ليصير نهائيا وقابال ألن يودع لدى
مكتب أحد مجلسي البرلمان.
مسؤولية المجلس الوزاري ودوره في عملية إعداد مشروع قانون مالية السنة ،في ضوء دستور
، 2011أصبحت أدق وأكبر .ففي إطاره تتم بلورة التوجهات الكبرى التي يجب أن يستند إليها إلعداد
مضامين المشروع المذكور .تنص الفقرة 4من الفصل 49من دستور 2011على أن يتداول المجلس
الوزاري ،تحت رئاسة جاللة الملك ،في شأن «التوجهات العامة لمشروع قانون «المالية» .كما تنص
المادة 46من القانون التنظيمي لقانون المالية بشكل واضح على أن الوزير المكلف بالمالية يقوم ،تحت
سلطة رئيس الحكومة ،بإعداد مشاريع قوانين المالية « طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في
المجلس الوزاري» وبذلك ،فإن التوجهات التي يجب أن ترتكز عليها الحكومة في تحضير مشاريع قوانين
مالية ة يجب أن تصدر عن المجلس الوزاري .ممارسة المجلس الوزاري لهذا االختصاص الجديد المنوط
به يفترض منطقيا ،انعقاده قبل انطالق مسلسل تحضير مشروع القانون المالي من قبل الحكومة علما بأنه
ليس هناك ما يحول دون اجتماع المجلس مجددا عند نهاية مسلسل التحضير من أجل تنقيح المشروع
المذكور وتعديله ،إن اقتضى الحال ،والموافقة عليه.
لكن ،على ضوء الممارسة ،يتبين أن المجلس الوزاري ينعقد دائما بعد انتهاء الحكومة من تحضير مشروع
القانون المالي للسنة وليس قبل انطالق عملية التحضير من أجل تحديد التوجهات التي يجب أن يتأسس عليها
مشروع القانون المالي للسنة.
تدعيما لمؤسسة رئيس الحكومة وانسجاما مع التحوالت السياسية والدستورية التي شهدتها بالدنا في السنين
األخيرة من جهة ،وحتى ال تبقى هناك هيمنة لوزارة المالية في مجال تحضير مشروع القانون المالي من
جهة أخرى ،فقد تم التنصيص في إطار القانون التنظيمي لقانون المالية 13-130على أن يتم تحضير
مشاريع قوانين المالية تحت سلطة رئيس الحكومة.
فرئيس الحكومة باعتباره مسؤوال دستوريا عن وضع السياسة الحكومية من خالل البرنامج الحكومي
الذي تنصب الحكومة على أساسه بعد التصويت عليه من قبل مجلس النواب ( الفصل 88من الدستور،
وأن الحكومة تعمل تحت سلطته على تنفيذ البرنامج المذكور (الفصل 89من الدستور) ،يتوفر على نظرة
شمولية ،وليس فقط قطاعية تؤهله لتحديد االختيارات واألولويات االقتصادية واالجتماعية وما تستلزمه
مع تكييفات ألدوات المالية العامة ( ضرائب ،رسوم ،قروض ،نفقات ...تحقيقا للتوازنات االقتصادية
واالجتماعية والمالية المرجو بلوغها من هذا المنطلق فإن رئيس الحكومة يعد بمناسبة الشروع في إعداد
مشروع قانون المالية رسالة توجيهية ،في شكل منشور ،يدعو من خاللها جميع «األمرين بالصرف
إلعداد مقترحاتهم المتعلقة بالمداخيل والنفقات عن السنة المالية الموالية.
وترفق هذه الرسالة التوجيهية عادة بما يسمى رسالة التأطير» ( )Lettre de cadrageالتي تحدد
األغلفة المالية التي يتعين على مختلف القطاعات الحكومية االلتزام بها عند إعداد مقدرات ميزانياتها
القطاعية برسم السنة المعنية.
كما يتولى رئيس الحكومة ،خالل مختلف مراحل إعداد مشروع القانون المالي التحكيم بين وزير المالية
وباقي الوزراء في شأن الخالفات التي قد تنشأ حول الغالف المالي المخصص لكل وزارة أو حول عدم
مطابقة مقترحات إحدى الوزارات للتوجهات الحكومية المتضمنة في الرسالة التوجيهية لرئيس الحكومة.
وأخيرا فإن رئيس الحكومة يرأس المجلس الحكومي الذي ينعقد للتداول في القانون المالي قبل إيداعه
بمكتب مجلس النواب.
يضطلع وزير المالية بدور محوري في إعداد مشروع القانون المالي .أهمية هذا الدور تعزى إلى كون
وزير المالية هو المسؤول عن التوازنات العامة للميزانية ،وأنه يشرف مباشرة على مختلف المصالح
اإلدارية المختصة بتحصيل الموارد ،وأنه يطلع بصورة دقيقة ،عن طريق المحاسبين العموميين ،على
جميع النفقات الحكومية.
ويقوم وزير المالية بتحضير مشروع القانون المالي بمساعدة اإلدارة المركزية والمصالح الالممركزة التي
تتألف منها وزارة المالية وخاصة «مديرية الميزانية» التي تختص ،طبقا للمادة 9من مرسوم 23أكتوبر
،2008بما يلي:
« تقديم كل اقتراح والقيام بكل دراسة من شأنها تنوير الوزير في اختياراته في مجال السياسة المالية
المرتبطة بالميزانية.
.تحضير مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تتعلق بالميزانية والسهر على تنفيذها.
وتتكون هذه المديرية من خمسة أقسام قطاعية ،يعنى كل واحد منها بأحد القطاعات التالية:
.القطاعات االجتماعية.
القطاعات اإلدارية.
تساهم «مديرية الدراسات والتوقعات المالية بدورها في إعداد مشاريع قوانين المالية .إنها تتولى تقديم
االقتراحات والقيام بكل الدراسات الكفيلة بتوضيح رؤية وزير االقتصاد والمالية فيما يخص السياسة
المالية واالقتصادية واالجتماعية .كما أنها تساهم في إعداد مشروع قانون المالية عن طريق تهيئ اإلطار
الماكرو اقتصادي واإلشراف على التوقعات المالية وإعداد التقرير االقتصادي والمالي لمشروع قانون
المالية الذي يحدد الخطوط العريضة للتوازن االقتصادي والمالي للمشروع»
شكل استفراد الحكومة بإعداد مشروع قانون مالية السنة وإقصاء البرلمان بشكل كامل من المساهمة في
بلورة مضامينه واحدا من أهم سهام النقد التي وجهتها فعاليات برلمانية وفقهية للقوانين التنظيمية لقوانين
المالية السابقة التي كرست دوما هيمنة الحكومة بشكل مطلق على كافة مراحل تحضير المشروع المذكور.
ويكرس القانون التنظيمي الجديد رقم 130.13لقانون المالية نوعا من المشاركة البرلمانية في تحضير
مشاريع قوانين مالية السنة .تنص المادة 43من القانون المذكور على أن« :يعرض الوزير المكلف بالمالية
على اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان
قبل 31يوليوز اإلطار العام إلعداد مشروع قانون المالية للسنة الموالية ،ويتضمن هذا العرض
ب -تقدم تنفيذ قانون المالية للسنة الجارية إلى حدود 30يونيو من نفس السنة
ويالحظ أن الجوانب التي يتناولها عرض الوزير المكلف بالمالية ال تتضمن التوجهات العامة والمؤشرات
االقتصادية والمالية التي سيرتكز عليها مشروع قانون مالية السنة .كما أن عرض المشروع المذكور
ومناقشته يتم في إطار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان وليس في إطار الجلسات العامة التي يعقدها
مجلسا البرلمان والتي تتميز بعموميتها وعلنيتها.