You are on page 1of 7

‫مستجدات المرسوم ‪ 2.17.

618‬المتعلق‬

‫بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري‬

‫‪ -‬إعداد‪ :‬الرميشي يوسف – باحث بسلك الماستر بكلية العلوم القانونية‬

‫والإقتصادية والإجتماعية ‪ -‬فاس‬

‫‪ -‬المركز الديمقراطي العربي‬

‫يهدف التركيز الإداري إلى تجميع السلطات بمركز القرار الإداري أي‬
‫الوزارات المتمركزة في العاصمة الإدارية للمملكة ولقد أبان هذا النظام‬
‫على العديد من المشاكل تمثلت في تعطيل المشاريع التنموية‪ ،‬وكذا‬
‫تدني الخدمة المقدمة للمواطن‪ .‬مما دفع صناع القرار إلى التفكير‬
‫والتأسيس لمقاربة إدارية تهدف إلى تقريب القرار من المواطن وكذا‬
‫التوطين الفعلي للمصالح على المستوى الترابي‪ ،‬الشيء الذي تبلور مع‬
‫المصادقة على المرسوم رقم ‪.2.05.1369‬‬

‫إذن فنظام الاتمركز الإداري يهدف إلى نقل سلطات الإدارة المركزية إلى‬
‫المستوى المحلي ودلك بمنح المصالح اللاممركزة سلطة اتخاذ القرار‬
‫سواء كانت بالغة أو قليلة الأهمية بنوع من الحرية دون الحاجة إلى‬
‫الرجوع إلى الوزير المختص‪ .‬ورغم تبني المرسوم المشار إليه أعلاه لم‬
‫يتمكن هذا النظام من مواكبة الورش الذي تعرفه أو الذي انخرطت فيه‬
‫المملكة والمتمثل في الجهورية الموسعة المتمركز على التدبير‬
‫اللامركزي للتراب و الذي قطع أشواطا مهمة‪ ،‬فاللاتمركز الإداري يعد‬
‫لازمة أو رافعة للنظام اللامركزي وتربطه به علاقة تكاملية‪ ،‬الشيء الذي‬
‫استلزم إعطاؤه نفسا جديدا ودعمه لكي يواكب هذا النظام ولا يصبح‬
‫أداة فرملة لمشاريعه‪ .‬الشيء الذي ترجمته الإصلاحات الدستورية لسنة‬
‫‪ 2011‬وكذا الخطب الملكية وأبرزها خطاب العرش الأخير والذي أعطى‬
‫تعليمات واضحة بضرورة إصلاح نظام اللاتمركز‪ .‬وهو ماتمت المصادقة‬
‫عليه في ال‪ 25‬من شتنبر‪ 2018‬معنونا بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد فالسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا يتمحور حول‬
‫مستجدات هذا الميثاق‪ ،‬من أجل الإلمام بهذا الموضوع من كافة الجوانب‬
‫سوف نحاول التطرق له في مبحثين ‪:‬‬

‫المبحث الأول ‪ :‬التأطير الدستوري للاتركيز الإداري‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مستجدات الميثاق الوطني للاتركيز‪.‬‬

‫المبحث الأول ‪ :‬التأطير الدستوري للاتركيز الإداري‪.‬‬


‫بالرجوع إلى التأصيل المرجعي والتنظيمي للاتمركز الإداري نجده يستند‬
‫إلى مرجعيات أساسية أهمها ما أكده الفصل‪ 145‬من الإصلاح الدستوري‬
‫الجديد‪ ،‬كما أن هذا الأخير جاء بمستجدين فيما يخص مبدأ اللاتركيز سوف‬
‫نحاول التطرق إليهما فيما يلي‪:‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬تدعيم دور الولاة والعمال‪.‬‬

‫لقد قام دستور ‪ 1966‬بتعزيز دور مؤسسة الوالي والعامل وذلك للدور‬
‫الكبير الذي تلعبه في إرساء دعائم التنظيم الإداري المغربي‪ ،‬كما عرفت‬
‫اهتماما متواصلا بسبب الدور الذي أصبحت تتبوؤه الجهة باعتبارها‬
‫الإطار البيني لتبني وتنزيل السياسات العمومية كما أنها تمثل فضاء‬
‫يتيح لسلطات المركزية حسن مراقبة مصالحها الخارجية وضمان‬
‫استمرارية خدماتها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد قام الفصل ‪ 145‬من الباب التاسع من الإصلاح‬


‫الدستوري الجديد بمأسسة دور الوالي أو العامل باعتباره الساهر على‬
‫ضمان حسن التنسيق بين المصالح اللاممركزة والهيئات اللامركزية وكذا‬
‫التنسيق فيما بينها‪ .‬كما تقوم هذه المؤسسة بالسهر على حسن تطبيق‬
‫القانون ومراقبة هذه المصالح تحت سلطة الوزراء المعنيين‪.‬‬

‫إذن فهذا التدعيم الدستوري لمؤسسة الوالي أو العامل ليس من فراغ بل‬
‫لما تلعبه هذه المؤسسة في حسن تنزيل هذا النظام‪ ،‬وكذا باعتبارها‬
‫ضابطا لإيقاعه وكذا السهر على حسن تفعيله‪ .‬الشيء الذي يتطلب من‬
‫هذه المؤسسة التحلي بروح المسؤولية والوطنية لإنجاح هذا المسلسل‬
‫وكذا التخلي عن العقلية المتحجرة والنرجسية وكذا القضاء على النزعة‬
‫المركزية لدى الموظفين قصد الحيلولة دون السقوط في مركزية جهو ية‪،‬‬
‫ومنه فان إنجاح هذا المسلسل يقف على حسن النية وفعالية العمل الذي‬
‫يؤدي إلى حسن تنزيل المخططات والبرامج التنموية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الارتقاء بمند وبيات الوزارات على المستوى الترابي‬

‫في إطار سياسة تحديث الإدارة العمومية المغربية التي تنهجها البلاد‬
‫والمتمثلة في سياسة اللاتركيز الإداري قام التعديل الدستوري الجديد‬
‫بخطوة منه لتدعيم هذا المسلسل وتتمثل في الارتقاء بالمصالح الخارجية‬
‫للوزارات لتصبح مصالح لاممركزة ويعزى هذا الارتقاء إلى الرغبة في‬
‫التمركز على المستوى الجهوي عوض المستوى الإقليمي لأنه يشكل‬
‫المستوى الأنسب لرسم وتنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬وكذا لكونه مجالا‬
‫ضامنا لنجاعة وفعالية البرامج والمخططات‪.‬‬

‫ومنه فان الإدارات العمومية مدعوة إلى تجميع مصالحها وإعادة الانتشار‬
‫على المستوى الجهوي‪ ،‬ذلك لكون العديد من المنضرين يرون أن هذا‬
‫المستوى يمثل الإطار الأمثل لتنزيل سياسة اللاتركيز الإداري كما يسمح‬
‫للإدارة المركزية حسن مراقبة مصالحها وضمان استمرارية أنشطتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مستجدات الميثاق الوطني للاتركيز الإداري‪.‬‬
‫رغبة من المشرع المغربي في تحديث الإدارة العمومية ضمن‬

‫المرسوم رقم ‪ 2.17.618‬بالعديد من المستجدات سواء على مستوى‬


‫مؤسسة الوالي أو على المستوى التنظيمي لهذه المصالح اللاممركزة‪.‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬المستجدات على المستوى التنظيمي للمصالح‬


‫اللاممركزة‪.‬‬

‫بالنسبة لمستجدات الميثاق فيما يخص الشق التنظيمي للمصالح‬


‫اللاممركزة فيتعلق الأمر بإحداث اللجنة الوزارية للاتمركز وكذا التمثيليات‬
‫الإدارية‪.‬‬

‫التمثيليات الإدارية ‪:‬‬

‫تهدف التمثيليات الإدارية الى تبسيط المساطر الإدارية والمساهمة في‬


‫الفعالية والنجاعة في انجاز المشاريع وهي تمثيليات سواء قطاعية أو‬
‫مشتركة بين قطاعين أو أكثر سواء على المستوى الجهوي أو الإقليمي‪.‬‬

‫يتم إحداث التمثيليات الإدارية إما بمبادرة من أو بناءا على اقتراح من ‪:‬‬

‫* اللجنة الوزارية للاتمركز‪.‬‬

‫* من والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم‪.‬‬

‫كما يستند إحداث هذه التمثيليات إلى ‪:‬‬

‫* وحدة عمل المصالح اللاممركزة بما في ذلك حسن التنسيق فيما بينها‬
‫وفعالية الأداء إضافة الى الرفع من جودة الخدمات العمومية المقدمة‪.‬‬

‫* تطبيق مبدأ التعاضد في الوسائل البشرية لضمان حسن ترشيد‬


‫النفقات العمومية‪.‬‬
‫اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري ‪:‬‬

‫تحدث لدى رئيس الحكومة لجنة وزارية للاتمركز الإداري تناط بها مهام‬
‫التدابير اللازمة لتنفيذ التوجيهات العامة لسياسة الدولة في مجال‬
‫اللاتمركز وكذا تتبعها وتقييم نتائجها‪ ،‬وتتولى هذه اللجنة مهام ‪:‬‬

‫* اقتراح إحداث تمثيليات إدارية على المستوى الجهوي والإقليمي‪.‬‬

‫* الدراسة والمصادقة على اقتراحها من قبل الولاة والعمال‪.‬‬

‫* البحث عن التدابير الكفيلة بالرفع من أداء المصالح اللاممركزة‪.‬‬

‫* المصادقة على التصاميم الجهوية للاتمركز الإداري‪.‬‬

‫وفي هذا الإطار ينبغي على السلطات الحكومية المعنية مد اللجنة قبل‬
‫نهاية السنة بتقرير مفصل حول ‪:‬‬

‫* الاختصاصات التي تم نقلها خلال السنة والاختصاصات المزمع نقلها‬


‫خلال السنة أو السنوات المقبلة‪.‬‬

‫* تقرير حول توزيع الموارد البشرية بين المركز والمصالح اللاممركزة‬


‫جهويا وإقليميا‪.‬‬

‫* التدابير المقترحة لتعزيز سياسة اللاتمركز الإداري‪.‬‬

‫تتألف اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري تحت رئاسة رئيس الحكومة من ‪:‬‬

‫* السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪.‬‬

‫* الأمين العام للحكومة‪.‬‬

‫* السلطة الحكومية المكلفة بالمالية‪.‬‬

‫* السلطة الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية‪.‬‬

‫* كل سلطة حكومية أخرى معنية بالنقط المطروحة للنقاش‪.‬‬


‫وتجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها مرة كل ثلاثة أشهر وتتولى السلطات‬
‫الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية مهام الكتابة‬
‫الدائمة للجنة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المستجدات على مستوى مؤسسة الوالي أو العامل‪.‬‬

‫لقد خص مشرع هذا الميثاق مؤسسة الوالي أو العامل أيضا بعدة‬


‫مستجدات تعمل على مساعدتها على حسن تأدية المهام التي أناطها بها‬
‫الفصل ‪ 145‬من الإصلاح الدستوري الجديد‪.‬‬

‫اللجنة الجهوية للتنسيق ‪:‬‬

‫من أجل تمكينه من ممارسة المهام المنوطة به والمتمثلة في ضمان‬


‫حسن التنسيق وكذا حسن تطبيق القانون تحدث لدى والي الجهة لجنة‬
‫تسمى اللجنة الجهوية للتنسيق تعمل تحت رئاسته وتتكلف بمهام‬
‫التنسيق بين المصالح اللاممركزة فيما بينها وبينها وبين الهيئات‬
‫اللامركزية بهدف حسن تسطير وتنزيل البرامج وكذا تسهر على مراقبة‬
‫هذه المصالح‪.‬‬

‫وتتكون هذه اللجنة تحت رئاسة والي الجهة من‪:‬‬

‫* عمال العمالات والأقاليم التابعة لنفوذ تراب الجهة‪.‬‬

‫* الكاتب العام لشؤون الجهوية‪.‬‬

‫* رؤساء المصالح اللاممركزة المعنية‪.‬‬

‫* المسؤولون عن المراكز الجهوية للاستثمار والمسؤولون الجهويون‬


‫للمؤسسات العمومية المعنية‪.‬‬
‫الكتابة العامة للشؤون الجهوية‬

‫ضمانا لحسن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 145‬من الدستور تحدث لدى‬


‫مؤسسة الوالي لجنة تسمى الكتابة العامة للشؤون الجهوية يرأسها تحت‬
‫سلطته كاتب عام للشؤون الجهوية يعين من قبل وزير الداخلية‪.‬‬

‫وتتولى هذه اللجنة علاوة على الأمور التي يوكلها إليها الوالي ‪:‬‬

‫* مهام التنسيق والتتبع لمساعدة الوالي على القيام بمهامه‪.‬‬

‫* تحضير اجتماعات اللجنة التنسيقية وتتبع أشغالها‪.‬‬

‫* إنجاز تقرير سنوي حول أعمال المصالح الذي يقدم إلى الوالي بعد‬
‫المصادقة عليه ليرفعه إلى اللجنة الوزارية للاتمركز قبل متم شهر مارس‬
‫كل سنة‪.‬‬

‫اللجنة التقنية للعمالات والأقاليم‬

‫تحدث لدى عامل العمالة أو الإقليم لجنة تسمى اللجنة التقنية تقوم‬
‫بمساعدته على حسن تنفيذ المهام التي وكلها إياه الفصل ‪ 145‬من‬
‫الدستور وتحل محل اللجنة الجهوية للتنسيق‪.‬‬

‫إذن ورغم هذه الترسانة القانونية التي خصت بها هذه المقاربة التدبيرية‬
‫للإدارة‪ ،‬فان انجاحها ومسايرتها للنظام اللامركزي يبقى رهين حسن‬
‫تجسيدها من قبل الفاعلين الأساسين وذلك بتقبل الإدارة المركزية‬
‫للمنطق الجديد لتوزيع الاختصاص بينها وبين مصالحها الخارجية مما‬
‫يفرض عليها تطبيق مبدأ إعادة الانتشار لتوزيع الأطر والكفاءات بمختلف‬
‫المصالح اللاممركزة لتحقيق التوازن‪،‬كما يفترض أن يقوم الولاة والعمال‬
‫بالدور المناط بهم على أكمل وجه والقضاء على النزعة المركزية وكذا‬
‫الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسقط هذا النظام في مركزية جهوية‪.‬‬

You might also like