Professional Documents
Culture Documents
1
اإلهداء
أهدي هذا العمل املتواضع
إلى كل من يناضل
من أجل وطن حر
وشعب سعيد .
2
الئحة االختزاالت
ص :الصفحة
3
تقديم:
أضحت الضريبة ،في الدولة الحديثة ،تلعب مجموعة من األدوار االقتصادية واالجتماعية
والسياسية ،متجاوزة بذلك النظرة التقليدية للضريبة؛ املتمثلة في "الحياد الضريبي La neutralité
" fiscaleاملرتبط بحصر وظيفتها في تمويل خزينة الدولة وعدم التدخل في املجاالت التي هي من صميم
املبادرة الخاصة ،إذ أصبحت أداة فعالة للتدخل االقتصادي (تشجيع االستثمار) واالجتماعي (إعادة
توزيع الثروات) ،وهذا الدور غالبا ما يعبرعنه " بالغيراملالي extra fiscal ''1 .
لقد كانت الضريبة لفترة طويلة أداة لتوفير املوارد املالية التي تجبى لصالح الحكام الذين يمتلكون
حق تقريرها ،كما كانت في أحيان أخرى رمزا لالستبداد والتعسف ،ولكن استثمارها تم بشكل آخر في
الدول الحديثة؛ إذ أصبح ينظر للضريبة كأحد عوامل دعم التماسك االجتماعي ،وآلية إلعادة توزيع
الثروات.
ونتيجة ألهمية الضريبة ،والتطورات التي عرفتها ،2لم تعد القرارات الضريبية مجاال محتكرا من
طرف الحكام املستأثرين بالسلطة ،بل أصبحت تقبل التداول والتفاوض ،وبالتالي أضحى إصدارالقرار
الضريبي عمليا يتوخى التوفيق بين العديد من املصالح املتناقضة ،هذا التناقض يجد نفسه في
مرجعيات ورهانات الفاعلين وطبيعتهم في النسق السياس ي.
وبين األهداف املعلنة والرسمية للقرار الضريبي ،والرهانات الخفية الحقيقية التي تحركه ،تتشكل
املسافة التي تبرز عبرها مجموعة من األبعاد السياسية واالجتماعية التي تسم هذا القرار ،وهي مسافة
تتقلص في األنظمة التي ينبني فيها القرار السياس ي على مبادئ العقالنية والشفافية واملشاركة ،في حين
1حميد النهري بم محمد :إشكالية التدخل الجبائي باملغرب .أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،2001-2000 ،ص.4
2أحمد إفقيرن :التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة ،إشكالية إرساء دعائم العدالة الضريبية .أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام
والعلوم السياسية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض ،2019-2018 ،ص.2
4
تكون الهوة سحيقة بين الشعارات التي يتم رفعها وحقيقة ما يسعى القرار الضريبي تحقيقه في ظل
األنظمة التي تقوم على أولوية الضبط السياس ي واالجتماعي ،وتسودها قيم الوالء واملحاباة والزبونية.3
عموما ،فإن القواعد التي تؤطر لنا صناعة القرار الضريبي هي نفسها قواعد اللعبة السياسية التي
ال يجب أن تقرأ من خالل اإلطار الدستوري واملؤسساتي حسب األستاذ ''جون لوكا" ،وإنما من خالل
مقاربة نسقية عالئقية تمكن من الوقوف على كيفية اشتغال النسق القراري .وعن اإلطاراملرجعي لهذا
االشتغال والتغييرات التي تحدث في هذا الوسط والظروف املساهمة في هذه التغييرات.4
وتظل دراسة سلطة الفاعلين في صناعة القرار الضريبي مرتبطة باإلطار التاريخي الذي تبلورت فيه،
وبالواقع االقتصادي واالجتماعي املحيط بها ،هنا تأتي أهمية الوقوف عند التجربة التاريخية للدولة
املغربية ،إذ تشكل مدخال جوهريا لفهم عملية صناعة القرار الضريبي ،ومكانة الفاعلين وطبيعة
العالقات بينهم ،إضافة إلى فهم طبيعة العالقة التي ينسجها املركزالقراري مع املحيط االجتماعي.5
إن تاريخ الضريبة في املغرب هو إلى حد كبير تاريخ تطور الدولة ملا قبل الحماية ،وأثناء الفترة
االستعمارية ثم ملا بعد االستقالل .هذه التحوالت ولدت ،في النهاية ،نظاما ضريبيا حديثا هو تعبير عن
إرادة إدماج االقتصاد الوطني في املسرح العالمي.6
لذا فإن مقاربة الفاعلين املتدخلين في صناعة القرار الضريبي في ارتباط بخصوصية الدولة املغربية
وإرثها التاريخي تسمح برصد رهاناتهم وأهدافهم وتفسيراتجاهاتها وتطوراتها.
3س ي محمد غضبان :السياسات الضريبية باملغرب محاولة في األبعاد السوسيو سياسية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض ،2007-2006 ،ص2
4فرج عادل :القرار العام وبلورة السياسة العامة :مقاربة لسلطة الفاعلين في بلورة السياسة الضريبية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض ،2006-2005 ،ص7
5
كما أن تتبع مسار الفاعلين في صناعة القرار الضريبي بدأ بالحقبة املخزنية ،مرورا بفترة الحماية،
ووصوال إلى مرحلة االستقالل وبناء املؤسسات العصرية ،قد يقودنا للوقوف على مدى حداثية أو
تقليدية النسق القراري وما حافظ عليه من ثوابت ،وما شهده من تغيرات.7
ومن املفاهيم األكثر ارتباطا بصناعة القرار الضريبي في الدولة الحديثة ،نجد مفهوم العدالة
الضريبية ،حيث أصبح يفرض أن يتأسس القرار الضريبي على احترام مقومات العدالة الضريبية.
فعندما يعتقد الخاضعون للضريبة بأن القرارات الضريبية عادلة ومنصفة ،يكونوا أكثر استعداد
لتقبلها ،ومن تم تأدية التزاماتهم الضريبية اتجاه خزينة الدولة ،والعكس بالعكس ،فكلما استشعر
الخاضعون للضريبة بأن القرارات الضريبية ال تراعي مبدأ العدالة الضريبة وبأنها تشكل حيفا ضريبيا
عليهم ،كلما تولد لديهم الشعور والرغبة بمقاومتها.
حاول الباحثون في علم السياسة واالجتماع واإلدارة بلورة تعريف جامع ومانع لصناعة القرار
الضريبي عبرربطه بميكانيزمات وبنية النظام السياس ي من جهة ،ثم بقضايا املجتمع وشؤونه العامة من
جهة ثانية .بيد أنه رغم ذلك لم يستطيعوا أن يخلقوا علما مستقال يهتم بدراسة عناصر صناعة القرار
الضريبي ،حيث ظل هذا األخير تابعا في توجهاته وتمظهراته املنهجية والنظرية كفرع من فروع علم
السياسة وكعلم للدولة والسلطة ،8الش يء الذي يبقي عليه كانشغال جديد في طور التشكل داخل
الحقل املعرفي والعلمي باملغرب ،حيث بقي محكوما إلى حد كبيربالتحليل القانوني املؤسساتي ،ومرتبطا
بالبعد الشكلي أكثر من ارتباطه بالواقع االجتماعي والسياس ي وبسلوكات الفاعلين 9،وذلك لهيمنة
النظرة التقنية في مقاربة الضريبة باملغرب.
9محمد بوجنون :السياسة الضريبية ودورها في ترسيخ دولة الحق والقانون ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،جامعة الحسن األول ،2010-2009 ،ص.1
6
اإلطاراملفاهيمي:
إن تعريف املفاهيم تعريفا دقيقا هو املهمة األولى للمعرفة العلمية ،وحقا إن الوصول بالخطاب
العلمي إلى مستوى الدقة والضبط املنهجي يعني أوال تعريف املفاهيم ،لهذا السبب وجدنا أنه لزاما علينا
أن نحدد معاني املفاهيم 10املرتبطة بموضوع بحثنا.
🗹 الضريبة :تعد الضريبة من بين أكثر املفاهيم تعقيدا ،حيث تناولها الفقهاء بالتعريف والتحديد،
ووضعوا لها مبادئ حسب متطلبات كل مجتمع على حدة ،فاختلفت سماتها حسب سياق الفكر
الضريبي السائد.11
في هذا الصدد عرف "غاستون جيز" الضريبة بكونها مساهمة نقدية تحصل من األشخاص بصورة
إجبارية ونهائية وبدون مقابل وذلك قصد تمويل النفقات العمومية .إن مفهوم الضريبة حسب
تعريف "جيز " طرأت عليه مجموعة من التحوالت بفعل تطور دور الدولة والوظيفة املنوطة
بالضريبة وكذلك بفعل تطور مفهوم دولة الحق والقانون .12وقد عمل أخرون أمثال '' الفريير
وفالين" على تطوير التعريف الذي قدمه "جيز" ،حيث أضافا إليه كون االقتطاع الضريبي يرتكز
على املقدرة التكليفية للمكلفين بها .وعليه تم تعريف الضريبة في هذا اإلطار بأنها اقتطاع نقدي
إجباري ونهائي يتحمله املمول بدون مقابل وفقا ملقدرته التكليفية ،وذلك مساهمة في تحمل األعباء
العمومية.13
وقد عمل األستاذ " أناس بن صالح الزمراني " هوالخرعلى تعريف الضريبة بالقول إنها استقطاع
نقدي تفرضه وتجبيه السلطة العامة عن طريق اإلكراه ،وهدفه تغطية األعباء العامة ،وتنفيذ
األهداف االقتصادية واالجتماعية للدولة ،وتوزيع تلك األعباء بين املواطنين حسب قدراتهم. 14
10ابراهيم اولتيت :القانون الجبائي املغربي والتوازن بين حقوق الخزينة وحقوق الخاضع للضريبة ،مكتبة ومطبعة قرطبة-أكادير ،الطبعة
الثانية ،2017ص11
11عبد السالم أديب :السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية "دراسة تحليلية للنظام الجبائي املغربي ( ،)1956-2000أفريقيا الشرق،
،1998ص11
12محمد شكيري ،القانون الضريبي املغربي " دراسة تحليلية ونقدية" ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،منشورات املجلة املغربية لالدارة
املحلية والتنمية ،العدد ،49دار النشر املغربية-الدار البيضاء ،2004 ،ص33
13عبد السالم أديب ،م س ،ص12
14أناس بن صالح الزمراني :املالية العامة والسياسة املالية ،املطبعة الوراقة الوطنية ،الطبعة األولى ،ص231
7
🗹 صناعة القرارالضريبي :يحيل مفهوم القرارإلى معنى االختيارالذي يؤدي إلى فعل معين ،فهو عملية
حاسمة في إنتاج هذا الفعل ،والسيرورة التي يتم من خاللها اعتماد هذا الخيار الناتج عنه مباشرة
فعال حاسما ،هي ما يصطلح عليه بعملية صناعة القرار.15أما القرار الضريبي ،بشكل مبسط،
فيحيل على كل قاعدة أو تدبيرأو إجراء ضريبي ،يهدف إلى إحداث أو تعديل أو حذف وضعية قانونية
ضريبية معينة ،وذلك كإقرارضريبة جديدة أوإلغاء ضريبة قائمة ،أو تعديل سعرضريبة ما ،أوإقرار
تجريم فعل ضريبي أو منح امتيازضريبي أو إلغائه.16
🗹 العدالة الضريبية :يعتبر تحديد مفهوم العدالة الضريبية أمرا غير يسير ،باعتبار العدالة كقيمة
مرتبطة بالجانب األخالقي ،كما تتعدد وجهات النظر حولها ،فقد يؤسس األفراد مدركاتهم
وتصوراتهم حول العدالة الضريبية انطالقا من مواقعهم السوسيو-اقتصادية ،ويوظفونها من
أجل تدعيم مصالحهم الخاصة ،كأن يذهب املستثمرون للمطالبة بضريبة محدودة على الرأسمال،
كما قد يرغب األجراء الخاضعون للضريبة على الدخل في ضريبة موحدة على مختلف أنواع ومصادر
الدخل ،كما أنه من املمكن أن يدافع الخاضعون للضريبة على ضرورة تأدية الجميع لنفس
الضريبة .األمر الذي أدى بـ''غاستون جيز" إلى اعتبار أن الحديث عن العدالة ال يمكن أن يخلو من
التعقيد وااللتباس بالنظر لكونها ال تملك قيمة مطلقة.17
عموما ،فإن مفهوم العدالة نفسه قد عرف تطورا مهما بالنظر لتضارب النظريات واملرجعيات
الفكرية حول تحديده كمفهوم ،وكذا دوره كأساس للرفع من قيمة اإلنسان وتدعيم مكانته داخل
املجتمع ،ومن بين أقدم من تناول هذا املفهوم نجد " أرسطو " و " كانط" .أما على مستوى الكتابات
املعاصرة التي تناولت العدالة فنجد "جون راولز" في كتابه "العدالة كإنصاف إعادة صياغة" ،الذي
شكل بشهادة العديد من املفكرين تصورا جديدا ورصينا لتأطير املفهوم ،ثم "أمارتيا سن" في كتابه
"فكرة العدلة".18
17حسن بوغش ي :إشكالية عدالة السياسة الضريبية باملغرب ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-أكادير ،جامعة ابن زهر ،2017-2016 ،ص6
18أحمد إفقيرن ،م س ،ص14
8
يذهب "جون راولز" إلى القول بأن العدالة الضريبية هي تلك العدالة التوزيعية القائمة على فكرة
أن املجتمع يجب أن ينظم بمقتض ى هيكلة توزيعية تتسم باإلنصاف ،والتي من شأنها أن تكفل عدم
السماح بالتضحية ببعض أفراد املجتمع باسم تحقيق املنفعة لعدد أكبرمن أفراده. 19
أما "أمارتيا سن" فقد عمل على نقد نظرية " راولز" في العدالة ،ألنه ،في نظره ،يعطي مجموعة فريدة
من مبادئ العدالة ال تعنى إال بإقامة مؤسسات عادلة لتكوين البنية األساسية للمجتمع ،فيما توجب
على الناس أن يكيفوا سلوكهم ليتوافق كليا ومتطلبات العمل السليم لهذه املؤسسات ،بدال من التركيز
على حياة الناس .وللتركيز على طرق الحياة الفعلية للناس في تقييم العدالة كثير من املضامين بعيدة
األثرعلى طبيعة وفكرة العدالة.20
أما مفهوم العدالة الضريبة فيعد نسبيا ،إذ يمكن أن يتولد في كل وقت تصور خاص للعدالة
الضريبة ،وتعتبر مسألة املساواة وإعادة التوزيع محور النقاش السياس ي ،وهذا النقاش يعكس وجهة
نظر تيارين :األول يقول بأهمية سيادة قوى السوق ،ونمو اإلنتاج هو الذي سيسمح في األمد البعيد
بتحسين الدخول ،أما الثاني فيقول بأن النضاالت االجتماعية والسياسية هي التي ستسمح بتخفيف
وتقليص االختالالت االجتماعية الناتجة عن النظام الرأسمالي.21
-األول العدالة في الضريبة ( املساواة) :في هذا النوع يتم التركيز على الجانب املالي للضريبة ،أي
التوزيع العادل لألعباء الضريبة ،مثال :العدالة الضريبة تعني املساواة في القدرة التكليفية:
إسهام كل خاضع في النفقات العامة يتحدد بمقداردخله الذي يتمتع به تحت حماية الدولة.22
-النوع الثاني يتجلى في العدالة بواسطة الضريبة ( اإلنصاف ) :تفسير واسع للعدالة الضريبية
يشمل جميع مراحل فرض الضريبة ( الوعاء ،التصفية والتحصيل) ويمتد إلى استخدام
حصيلتها.
20أمارتيا سن :فكرة العدالة ،تعريب مازن جندلي ،الدار العربية للعلوم ناشرون ش.م.ل ،الطبعة األولى ،2010 ،ص14
21أحمد إفقيرن ،م س ،ص16
22ابراهيم اولتيت ،م س ،ص19
9
الهدف من العدالة هو الحد من االختالالت االقتصادية واالجتماعية ( أي العدالة كإنصاف)
وليس فقط تحقيق توزيع للعبء الضريبي.23
إن اختيار موضوع إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية يعود لعدد من
االعتبارات التي تعطيه األهمية والراهنية ،فجل األبحاث والدراسات التي اشتغلت على موضوع صناعة
القرارالضريبي قاربته من زاوية السياسات العمومية ،وتبقى في مجملها ضئيلة ،ومعظمها اعتمد مقاربة
تقنية تعكس هيمنة النظرة االقتصادية على علم املالية العامة ،ولم تربطها بالنسق السياس ي وآليات
اشتغاله ،وفي دراستنا حاولنا عدم االقتصارعلى الجانب املؤسساتي والعمل السياس ي ،بل أخذنا بعين
االعتباروظائف الفاعلين غيرالرسميين.
كما أن األبحاث التي اشتغلت على املوضوع لم تربطه بمبدأ العدالة الضريبية ،وبذلك ظلت األحكام
التي تعطيها تلك األبحاث أحكاما عامة ،وقد حاولنا في إطارهذا البحث تجاوز النظرة السطحية واألحكام
العامة ،وذلك من خالل االشتغال على نموذج ملموس للقرار الضريبي وبحث واقع العدالة الضريبية
فيه .ألنه لو اشتغلنا فقط على دراسة إشكالية صناعة القرار الضريبي باملغرب فإن الدراسة ستكون
محدودة الجدوى ،لذلك حاولنا ربط إشكالية صناعة القرار الضريبي بإشكالية العدالة الضريبية في
النظام الضريبي املغربي.
ترتبط العدالة الضريبية بالحياة داخل املجتمع ،وتشكل محورا للنقاشات العمومية والعلمية
املتعلقة باالختالالت والتفاوتات التي يعرفها املجتمع ،بالنظر لدورها وأهميتها في تدعيم األسس 24التي
يقوم عليها القرارالضريبي ،والذي يمثل آلية أساسية لتجاوز االختالالت والتفاوتات االجتماعية.
وتتميز صناعة القرار الضريبي بتعدد الفاعلين داخل النسق السياس ي املغربي ،هذا التعدد ينتج عنه
تعدد في الرهانات التي يجب أن يحملها القرارالضريبي.
10
في ضوء ما سبق نطرح اإلشكالية التالية:
إلى أي حد استطاع صناع القرار الضريبي باملغرب استحضار مبدأ العدالة الضريبية في القرار
الضريبي الذي ينتجونه؟
وقد تفرعت عن هذه اإلشكالية العامة مجموعة من التساؤالت املوجهة ملوضوع الدراسة:
املنهج املعتمد:
إن مقاربة موضوع إشكالية صناعة القرارالضريبي ،وسؤال العدالة الضريبية باملغرب ،واإلشكاالت
التي تثيرها هذه الدراسة ،دفعتنا إلى عدم االقتصار على استعمال منهج واحد بقدر ما تحتم ضرورة
االستعانة بمقاربة متعددة املناهج ،خاصة وأن االقتصارعلى استعمال منهج معين يصطدم بمجموعة
من العوائق والحدود املنهجية.
األمر الذي دفعنا إلى االعتماد على املنهج التاريخي بالنظر ألهميته في تحليل الظواهر السياسية
بإعطائها بعدا ومرجعية تاريخية ،حيث قمنا بتتبع سلطة الفاعلين في صناعة القرارالضريبي ،عبراملرور
11
بثالث فترات تاريخية .واستعنا باملنهج النسقي لتحديد الفاعلين في صناعة القرار الضريبي ووظائفهم،
سواء كانوا علنيين أو خفيين ،وسواء كانوا مشاركين أو مؤثرين .وقد مكننا من رصد العالقات الدينامية
بين املركز واملحيط االجتماعي .كما اعتمدنا مقاربة تحليلية حاولنا من خاللها تحليل واقع العدالة
الضريبية في القرارالضريبي لسنة 1984والذي نتج عنه النظام الضريبي املغربي الحديث.
خطة البحث:
انطالقا مما سبق سنتناول إشكالية املوضوع وفقا لخطة البحث التالية:
الفصل األول :القرار الضريبي بين التقليد والتحديث وسؤال الدولة الحديثة
12
الفصل األول :القرارالضريبي بين التقليد
والتحديث وسؤال الدولة الحديثة
إن دراسة القرارالضريبي من خالل الوقوف على املراحل الثالث التي مرت بها الدولة ،قد يمكننا من
تحديد صناع القرار الضريبي ،فمن خالل العودة إلى ما ميز سلطة الفاعلين التقليديين في إطار الدولة
املخزنية ،والتساؤل عن أسباب استئثارالسالطين بالقرارالضريبي والخضوع الذي يبديه باقي الفاعلين
وحدوده ،إضافة إلى طريقة استقبال املحيط املجتمعي للقرارات الضريبية للسالطين .بعدها الوقوف
عند دراسة التحوالت التي طرأت على دور الفاعلين التقليدين في صنع القرارالضريبي مع تزايد الضغوط
األجنبية والتي انتهت بفرض الحماية على املغرب(املبحث األول) ،واالنتقال بعد ذلك لدراسة التطور
الذي عرفه سلوك الفاعلين في صيرورة صنع القرارالضريبي بعد االستقالل ،25وما إذا كان دخول املغرب
مرحلة الدولة الحديثة ،دولة املؤسسات الدستورية والقانونية ،قد غير من منطق اشتغال الفاعلين
الجدد في صنع القرار الضريبي وطبيعة العالقة بينهم وأحدث القطيعة مع مركزة صنع القرارات
الضريبية ،أم أن الدولة الحديثة تخفي وراءها استمرارية تاريخية لطبيعة العالقات والوظائف (
املبحث الثاني ) .
13
شرعيتها في اإلخالص للماض ي .27غير أن ما يهمنا في هذه الدراسة هو الوقوف على عملية صنع القرار
الضريبي في مرحلة الدولة املخزنية ،لتحديد طبيعة الفاعلين التقليديين وأدوارهم في عملية صنع القرار
الضريبي التي يحتكرها السلطان ،والوقوف على عالقة املركز القراري (السلطان) باملحيط االجتماعي
من خالل القرارالضريبي للسلطان ( املطلب األول) ،ثم الوقوف في مرحلة ثانية على التحوالت التي طرأت
على دور الفاعلين التقليدين في صناعة القرار الضريبي ،بما في ذلك املركز القراري ،من خالل محاولة
سلطات الحماية تحديث عملية صناعة القرار الضريبي باملغرب ( املطلب الثاني) ،عن طريق إعادة
تنظيم املخزن وفق أسس جديدة.
14
وقد ورد لفظ " املخزن " ألول مرة بشمال إفريقيا خالل القرن الثامن امليالدي للداللة على الخزينة
ال حديدية التي كانت توضع فيها املداخيل املالية املحصلة من الضرائب قبل بعثها إلى الخليفة العباس ي
من طرف والي إفريقية .وكلف بحراستها أشخاص حملوا اسم "عبيد املخزن" ،وبعد انفصال املغرب عن
املشرق ،أصبح لفظ " املخزن " يدل على معنى إداري ،30حيث أضحى يمثل اإلدارة البدائية للعهد
السلطاني وأسلوبه في الحكم ،فأصبحت حكومة السلطان تسمى " املخزن " ،ألن مهامها تركزت في جمع
الضرائب النقدية والعينية .31واحتكار السلطان لعملية تقرير الضريبة نتيجة طبيعية ألحادية سلطة
املخزن والتي ال تعني في مضمونها إال قدرة مركز السلطة على إخضاع محيطها الذي هو املجتمع
وضبطه.32
والسلطان كمركزتنطلق منه جميع القرارات بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي ،كان حريصا على
توظيف مجموعة من الفاعلين الذين تختلف وتتباين مكانتهم ومرجعياتهم وأدوارهم داخل بنية
املجتمع ،فمنهم فاعلون ينهلون من مرجعيات دينية معرفية ( الزوايا ،العلماء ) والذين شكلوا جهازه
اإليديولوجي ،وفاعلون آخرون استمدوا مشروعيتهم من تطبيق قرارات السلطان وخدمته مرتكزين على
القوة والعنف ( القواد ،األمناء ).33
30محمد جادور :مؤسسة املخزن في تاريخ املغرب ،مؤسسة امللك عبد العزيز-الدار البيضاء ،سلسة أبحاث ،الطبعة األولى ،منشورات عكاظ،
،2011ص 43
31جون واتربوري :أمير املؤمنين ،امللكية والنخبة السياسية املغربية ،تعريب عبد الغني أبو العزم ،عبد األحد السبتي وعبد اللطيف الفلق،
مؤسسة الغني للنشر-الرباط ،الطبعة الثالثة ،دار أبي رقراق-الرباط ،2013 ،ص 57
32فرج عادل ،م س ،ص20
33س ي محمد غضبان ،م س ،ص 26
34فردريرك وايسجربر :على عتبة املغرب الحديث ،تعريب عبد الرحيم حزل ،منشورات دار األمان-الرباط ،الطبعة الثانية ،مطبعة األمنية-
الرباط ،2010 ،ص62
15
-1السلطان
تعتبرالسلطنة كنوع من الحكم املستمد ألسسه وقواعده من النظام اإلسالمي ،فما يميزالسلطنة هو
السيادة الزعيمية للسلطان ، 35ويعتبر بذلك السلطان أعلى سلطة في البالد ،وهو يملك بين يديه تدبير
شؤونها العظمى ،فإليه تعود املسؤوليات الكبرى ،بموجب عقد البيعة الذي يحدد الشروط العامة التي
تقيد هذه السلطة وال تتركها مطلقة .فال مجال له في التشريع فيما يخص القواعد املنصوص عليها في
الكتاب والسنة ،وهي تكاد تشمل كل امليادين وعلى رأسها امليدان الضريبي ،الذي شكل النواة الصلبة
لعقد البيعة ،فكثيرا ما كانت هذه البيعة تقترن باشتراط إلغاء الضرائب غيرالشرعية.36
وقد كانت الضرائب الشرعية حسب " فردريك وايسجربر" تتمثل في " الزكوات واألعشار" الواجبة في
الدخول الفالحية ،ومن "النايبة" وهي نوع من الضريبة العقارية يعود تقديرها إلى مشيئة السلطان،
ومن "الهدية" وهي هدية إجبارية نقدية وعينية تقدمها القبائل واملدن للسلطان في األعياد الدينية،
و"املكوس" وهي حقوق الجمرك واألبواب واألسواق ،و"األتاوات" املؤداة عن استغالل مناجم امللح وعن
صيد سمك الشابل وعن شركات التبغ والكيف والتركات الشاغرة ،و"حصص تناسبية" تقتطع عن
التركات األخرى التي تعود بكاملها إلى الورثة ،و"ناتج الغرامات" التي عوضت معظم العقوبات،
و"الغرامات الجماعية" التي تنزل بالدواويروالقبائل في حالة وقوع سرقة أو قتل في أراضيها ،و"الفديات
الفردية واإلسهامات الحربية" التي تنزل بالقبائل ومن حركات وعائد بيع الوظائف العمومية ومصادرة
األموال التي يكتسبها املوظفون من غيروجه حق ،وهي مصادرة تقع إما عند وفاتهم أو عندما يرى املخزن
أنهم قد " سمنوا " كثيرا على حساب الرعية ".37
ويمثل السلطان النقطة املركزية في اإلدارة املخزنية ،ويحيط به مساعدون يلقبون بالوزراء ،غير أن
هؤالء ال يمتلكون سلطة خاصة بهم ،بل يتوفرون فقط على سلطة مفوضة لهم من قبل السلطان الذي
يمكنه في أي لحظة أن يتراجع عن هذا التفويض.38
35الهادي الهاروي :القبيلة ،اإلقطاع واملخزن ،مقاربة سوسيولوجية للمجتمع املغربي الحديث ،1934-1844الطبعة األولى ،إفريقيا الشرق،
،2004ص141
36هشام مليح :املخزن والجباية في مغرب ما قبل الحماية ،الطبعة األولى ،مطبعة األمنية-الرباط ،2016 ،ص 43-42
37فردريك وايسجربر ،م س ،ص 63
38ميشيل روس ي ،م س ،ص 30-29
16
-2الوزراء
يعتبر من الناحية الرسمية الصدر األعظم ،الوزير األول وموجه السياسة الداخلية للبالد ،وظيفته
كانت أقرب لوظيفة وزيرالداخلية الحالي منها لوظيفة الوزيراألول ،إذ كان يتكلف أساسا بمراقبة رجال
السلطة املحلية من قواد وباشوات ،39باإلضافة إليه نجد وزير البحر ،وقد كان بمثابة وزير الخارجية.
وربما سمي في بعض األحيان بوزيرالشؤون البرانية .والواقع أن هذا اللقب له ما يبرره في كون املشاغل
الخارجية للمغرب في العصر الحديث كانت من جهة البحر على الخصوص ،سواء في ما يتعلق بشؤون
القرصنة ومشاكلها ،أو بقضايا األسرى وافتكا كهم ،أو بقضايا التجارة عن طريق املراس ي وما صاحب
تزايدها من مشاكل قنصلية وسياسية ،40ووزير الشكايات وهو مكلف بتلقي الشكاوى الصادرة عن
القبائل أو تلك الخاصة بموظفي الدولة والتحقق منها وتبليغها إلى السلطان ،وكان يتولى تسجيل
الظهائر املتعلقة باملسائل الضريبية ،وأمين األمناء أو رئيس املتصرفين وهو شبيه بوزير املالية ،تقتصر
مهامه على تجميع إيرادات بيت املال وتقييد املصاريف من دون اهتمام بوضع امليزانية ،41يعين من طرف
السلطان ،ممن له دراية بالوضعية املالية للدولة دراية واسعة ،ويتولى مهمة تسيير األمالك املخزنية،
كما أنه مطالب بتدقيق الحسابات الواردة عليه من باقي األمناء ،كما يقترح على السلطان األمناء
للمناصب الشاغرة ،42ويأتي في األخير العالف وهو أمين للصندوق مكلف بتدبير رواتب الجنود الذين
يخضعون لسلطة القياد املؤتمرين مباشرة بأوامر السلطان .43أما دور الوزراء األساس ي فيتلخص في
املشاركة في تحضير القرارات السلطانية ،وتبليغ أوامره والسهر على مراقبة تطبيقها من لدن السلطات
املحلية ،كما يمكن للوزراء مباشرة بعض االختصاصات بتفويض من السلطان وتحت مراقبته
الشخصية.44
39عبد اللطيف أكنوش :تاريخ املؤسسات والوقائع االجتماعية باملغرب ،بدون ذكر الطبعة ،إفريقيا الشرق ،بدون ذكر سنة النشر ،ص 122
40مصطفى الشابي :النخبة املخزنية في مغرب القرن التاسع عشر ،منشورات كلية األداب والعلوم اإلنسانية بالرباط ،الطبعة األولى ،مطبعة
فضالة-املحمدية ،1995،ص 33
41فردريك وايسجربر ،م س ،ص 61
42س ي محمد غضبان ،م س ،ص 36
43فردريك وايسجربر ،م ن ،ص 61
44عبد اللطيف أكنوش ،م ن ،ص121
17
-3دواليب داراملخزن
يترأس الحاجب التنظيم الداخلي بدار املخزن ،بينما يتكلف قائد املشور بالعالقات الخارجية
واالستقباالت ،ويرأس التشريفات خالل التظاهرات الرسمية ،ويوجد تحت قيادته الحرس الخاص
بالسلطان ،من مشاة وخيالة .وكان الحاجب مسؤوال عن مشاكل السكن والتموين والنفقات املتعلقة
بالبالط ،واصطبالت القصر ،وما يتعلق بإقامة تنقالت املحلة عبرالبلد.45
وكان الحاجب يتدخل ،إلى جانب اإلشراف على الخدمات داخل القصر ،في قضايا تعود من حيث
االختصاص إلى الوزراء .وكان الجمع بين املهام يزيد من أهمية الحاجب في صف املخزن ،وتتجلى تلك
األهمية في أدواره الحاسمة عند اللجوء إليه قصد الحصول على امتياز أو حل مشكل من املشاكل
املعروضة على أنظاراملخزن.46
وقد شكل سعي املركز القراري " السلطان " الحتواء املجال الخاضع للضريبة ،املبرر املوضوعي
الستعانة املخزن بمجموعة من الفاعلين ،اختلفت مكانتهم ووظيفتهم داخل بنية املجتمع ،كالزوايا
والعلماء ،باإلضافة إلى ابتكاراملخزن املركزي لدوائرترابية لسلطته املادية على املستوى املحلي ،كالقواد
والباشاوات واألمناء.48
18
-1الزوايا
لقد قامت الزوايا من الناحية التاريخية بوظائف متعددة منها التعليمي واالجتماعي واالقتصادي،
وكذلك دورا سياسيا فيما يتعلق بلعب أدوار الوساطة والدعاية للمخزن املركزي ،وفي لحظات أخرى
قيادة املعارضة ضد قراراته.49
والدولة العلوية حسب " جورج دراغ " لم تنشأ على دعم الصلحاء ،كما كان األمرمع الدولة السعدية،
بل إنها ال تدين من حيث نشأتها بش يء للزوايا والصلحاء .فقد انبنت الدولة العلوية على القوة العسكرية
وبناء على تدميرالزاوية الدالئية وتغريب محمد الحاج إلى تلمسان ،ولم تترك الدولة العلوية للزوايا من
اختيارسوى الخضوع أو النفي والقتل.50
وبالنظر للمكانة الهامة التي كانت تلعبها الزوايا داخل بنية املجتمع املغربي وطبيعة األدوار التي تقوم
بها ،كان من الطبيعي أن يعمل املخزن على االستفادة منها لترسيخ سلطته ،حيث تقوم بتجسيد ونقل
الحضور الديني للسلطان للمتخيل القبلي ،كصاحب بركة وضامن لالستقرار.51
-2العلماء
اضطلع علماء املغرب بأدوار متعددة في حياة املجتمع واستطاعوا أن يشكلوا فئة اجتماعية تعد من
جملة أعيان املدن ذوي التأثير الفعلي في تشكيل " الرأي العام " من أجل اتخاذ القرار الضريبي املالئم،
وتصغي إليها وتثق بها شريحة واسعة من املجتمع ،وهو ما أدى إلى تعزيزدورهم االجتماعي والسياس ي من
خالل املكانة التي يحتلها العلماء داخل املجتمع.52
وبذلك شكل العلماء إلى جانب الزوايا مجموعات الضغط على السلطة القرارية للسلطان في املجال
الضريبي ،بالنظر لحضور ما هو سياس ي ضمن البنية املرجعية لهم ،بالرغم من أن دورهم كان ذا طابع
استشاري ،ألن القرار النهائي هو قرار السلطان .ففتاوي الفقهاء وآراؤهم قد تضفي طابع املشروعية أو
19
تنزعها على أي قرار ضريبي يتخذه السلطان ،كما أن السلطان كان في حاجة إلى خلق االعتقاد بمشاركة
العلماء في اتخاذ القرارالضريبي.53
-3القواد
شكل القواد أداة تواصل بين املخزن املركزي وسكان البوادي ،فهم الذين جسدوا رسميا الحضور
املخزني ،وسهروا على خضوع وامتثال القبائل ملختلف القرارات املخزنية بما فيها تلك املرتبطة باملجال
الضريبي ،ولم يكن منصب القائد وراثيا ،لكن املخزن ،كان يفضل األسر التي سبق ألسالفها مباشرة
األمور املخزنية ،األمر الذي جعل بعض األسر تتوارث الخدمة املخزنية ،وكثير من القواد يشيرون في
مراسالتهم إلى سالف خدمة أجدادهم لتزكية والئهم ،وطاعتهم للسلطان.54
وتختلف طاعة القواد في درجتها ،فقد كان التعيين شكليا بالنسبة للبعض ،من قبيل القواد الذين
عينهم موالي الحسن بناحية سوس .واألمر يرجع إلى كون منصب القائد الذي يكون شاغرا ،يتم فيه
تعيين املرشح الذي يدفع أكبر قدر من املال ،ومهمة القائد الرئيسية كانت تنحصر في جباية الضرائب،
وتعبئة الرجال لحساب السلطان ،ولم يكن القائد يتلقى أجرا نظيرهذا املنصب ،بل كان يحتفظ بجزء
من الضرائب التي يجبيها من املنطقة التابعة له.55
وسلطة القائد ليست بسلطة مطلقة فهي معززة بالعسكر املخزني وبالقيادات املجاورة ،وبباشا
املدينة املجاورة طاملا بقيت في خدمة املشروع املخزني ،ويبطل هذا التعزيز بمجرد أن يتخلى عن ذلك
املشروع .فخلق عدة سلط متزاحمة من طرف السلطان :سلطة القائد ،الباشا ،األمين ،سلطة القواد
املجاورين ،يحول دون تمركز السلطة في قطب معين ،األمر الذي يجعل سلطة القواد هشة بالرغم من
قوتها.56
20
-4الباشوات
كان دور الباشا في املدن يوازي دور القائد لدى القبائل ،ويساعده عدد من املقدمين املكلفين بإدارة
أحياء املدينة .57وقد كانت سلطات الباشا واسعة جدا إلى غاية منتصف القرن التاسع عشر .وكانت
سلطة بعضهم تمتد إلى املدينة املجاورة ملدينة مركزه ،ومثل هذا االمتداد يزيد من نفوذ الباشوات على
مختلف الواجهات.
وقد كان الباشا يقوم إلى جانب إشرافه على أمن املدينة والدفاع عنها ،بالفصل في جميع القضايا التي
ال تدخل في صميم العقود واملواريث وغيرها من اختصاصات القاض ي األصلية.58
-5األمناء
شكل األمناء الجهاز املكلف بتدبيراألموال العمومية في الحقبة املخزنية ،وقد تأسس هذا الجهازبأمر
من السلطان املولى سليمان ،وعرف تنظيما أكثرتقدما في عهد السلطان املولى الحسن ،وتتجلى وظيفتهم
في تحصيل ومراقبة جميع العمليات الحسابية والضريبية ،وأداء نفقات الدوائر القرارية
التقليدية .ويقومون بتقديم جرد عام عن تسييرهم املالي من أجل التصديق عليه ،مقابل وصل يتضمن
تبرئة ذممهم ،وتقدم نسخة من حساب األمناء إلى السلطان الذي يخضعها للمراقبة من طرف أمين
األمناء.59
21
قيمتها قصد شراء الخضوع ،أو استعمالها كآلية لسحق املعارضين للقرارات السلطانية ،60وقد لخص
س ي "فضول غرنيط" 61فلسفة املخزن الضريبية دون التواء بقوله " :ريش الطيرقبل ما يطير".62
وسنحاول في هذا اإلطار دراسة عالقة املركز القراري باملحيط من خالل اتجاهين :االتجاه األول يقر
بأن الصراع الضريبي أساس عالقة املركز باملحيطـ ،بينما يرى االتجاه الخر بأن عالقة املركز باملحيط
ارتكزت على التحكيم والتعايش.
وبالد املخزن تتكون من املدن والقبائل ( قبائل الجيش ) املعفاة نسبيا من أداء الضرائب ،وتتمتع
ببعض االمتيازات ،كحق االنتفاع من األراض ي الفالحية ،وتشكل هذه القبائل القوات املسلحة
والحاميات ،وأشهرها؛ األوادية والشراردة تم أوالد جامع وشراركة واملنابهة وايمور وأوالد دليم.63
وتمتد بالد املخزن على ما يقارب ربع مساحة املغرب ،أي على حوالي مائة ألف كيلومتر مربع ،وتضم
نصف ساكنته ،أي أنها تضم مليوني نسمة .وهي تشمل معظم القبائل املستعربة وبعض القبائل
األمازيغية ،وال سيما في الجنوب من اململكة.64
أما بالد السيبة فتتكون من القبائل التي كانت تتمرد على القرار الضريبي للسلطان ،لرفضها أداء
الضرائب بسبب جورها ،أو لعدم قدرتها على الدفع ،وتعد السيبة ظاهرة خاصة بالجبال واألراض ي
القاحلة ،ويتعلق األمر بمناطق وعرة تقطنها قبائل متمردة ،ومع ذلك فقد كان السلطان يمثل سلطة
دينية يعترف بها الجميع.65
22
وتمتد بالد السيبة على األرباع الثالثة األخرى من املغرب ،أي على 300.000كيلومتر مربع ،وتضم
النصف الخر من ساكنته ،أي مليونين من األمازيغ وبعض القبائل املستعربة التي تنتقل بين األطلس
والصحراء.66
والوضعية في بالد السيبة التي وإن كانت تقر في عمومها بالسلطان قائدها الروحي ،فإنها ال تسلم
بسيادته الدنيوية وال تتحمل لديها أيا من أجهزة اإلدارة املخزنية ،والوحدة اإلدارية عندها هي الجماعة،
فهي الجهازالتشريعي والقضائي الساهرعلى تنفيذ العرف وتنظيم شؤون القبيلة والبت في كل أمورها.
وتستمد الجماعة شرعيتها من املجموعة التي فوضت لها سلطة تدبيرشؤونها التي تتجاوز البعد العرفي
إلى ما هو سياس ي ،باعتبارها سلطة تنظم شؤون القبيلة ،67ويلقب الرئيس املنتخب لهذا املجلس ''
الجماعة " ب " أمغار" ،أو ب " الشيخ الرئيس " ،لكنه ال يكون في معظم األحيان إال منفذا للقرارات التي
يتخذها املجلس املذكور.68
والضرائب شكلت أحد األسباب املكونة للصراع بين بالد املخزن وبالد السيبة ،ولتأكيد هذا املوقف
نقدم مجموعة من األحداث التاريخية التي تؤرخ لهذا الصراع ،ومنها السيبة الكبرى التي أعقبت وفاة
محمد بن عبد هللا ،وقد دامت سبع سنوات ( ،)1790-1797واألزمة التي تلت وفاة موالي عبد الرحمن (
،)1864-1859وتلك التي أعقبت وفاة موالي الحسن (.69)1894-1897
ولعل أهم تمظهرات التوتروالعنف ،في عالقة املركزباملحيط هو اللجوء الدائم إلى أسلوب "الحركة"
لجباية الضرائب والرسوم ،لبسط نفوذه في املناطق التي كانت معروفة بتمردها على سلطة املخزن ،إذ
كان من الجاري به العمل أن يقوم كل سلطان جديد -بمجرد مبايعته واستتباب األمر له -باللجوء إلى
ممارسة أسلوب " الحركة" إلنهاء القالقل وإثبات سلطته بالقوة.70
23
وحتى القبائل الداخلة ضمن بالد املخزن ،كان بعضها يضيق ذرعا من التجاوزات فتمتنع عن أداء
الضرائب بدورها وتخرج إلى التمرد ،بيد أنه تمرد يظل في معظم األحيان محصورا في النطاق الجغرافي
املحدد لتلك القبيلة.71
ويمكن االستدالل على عالقة الصراع الضريبي ،أيضا بحدثين هامين يوثقان للتمرد الضريبي:
الحدث األول :تدمرالدباغين سنة 1873من سياسة الحاج محمد بنيس ومن املكوس ألنها غيرشرعية،
وألن بنيس كان أمين األمناء إليه يؤول دخل الضرائب التي لم يأمر بها اإلسالم ،معتقدين أنه هو املوحي
بها ،وأخيرا ألن األحوال االقتصادية واالجتماعية لم تكن في صالح هاته الفئة من الحرفيين.72
أوال :خوضه من طرف هيئة حرفية ذات أهمية اقتصادية واجتماعية بين أهل فاس.
ثانيا :التماس هذه الفئة من موالي الحسن األول بمجرد بيعته إلغاء ضريبة املكوس املفروضة على
مادة الجلد والتي تعتبراملادة االستراتيجية للصناعة التقليدية.73
الحدث الثاني :تمرد اإلسكافيين في 20يناير ،1904عقب إقدام املخزن على تغيير نظام صرف العملة
النحاسية بالعملة الفضية " الريال العزيزي " ،وما رافق ذلك من زيادة ضريبية ،شهدت مدينة مراكش
احتجاجا شعبيا واسعا ،شارك فيه الصناع والتجار وصغار الحرفيين ،وتوج بتجمهر شعبي في ساحة
املشور ،وكان من نتائجه إلغاء رسوم املكوس وسحب العملة الجديدة وإقالة محتسب وباشا املدينة.
ما يميزهذا الحدث هواتساع دائرة الصراع الضريبي في املغرب وانتقاله من إطارفئوي إلى إطارجماهيري
شعبي.74
24
ثانيا :التحكيم والتعايش أساس عالقة املركزباملحيط
على عكس التصور السابق الذي قدمه "جون واتربوري" حول عالقة املركزباملحيط والتي اختزلها في
عالقة العنف والصراع ،نجد " جرمان عياش" يعتبر أن إحدى الوظائف األساسية للمركز من الناحية
التاريخية هي وظيفة التحكيم وإقرارالتوافق في النزاعات والصرعات بين املجموعات املختلفة.75
وفي إطار عالقة املخزن بالقبائل السائبة ،فإن ما يفقده السلطان من ضرائب يربحه على شكل قيم
رمزية تقوي شرعيته السياسية ،وتجعل منه رمز وحدة األمة .فكونه شريفا يتعالى على القبائل
وصراعاتها ،يدفع القبائل السائبة نفسها إلى اللجوء إليه طالبة تحكيمه في نزاعاتها وصراعتها.76
وما يعجز عنه املخزن ،كانت تستثمره الزوايا في نشاطها الذي كان يمتد ليشمل وظيفة التحكيم في
النزاعات بين القبائل ،وهذا الوضع دعمه السلطان من خالل منح االمتيازات للزوايا ،شريطة حصر
أدوارها في املجالين الديني واالجتماعي ،ألنه وجد فيها وسيلة من الوسائل التي يمكنه املراهنة عليها
لتغطية قصوره اإلداري ،77واألمر نفسه مع الشرفاء الذين كانوا يقومون بأدوار التحكيم في النزاعات
والوساطة والشفاعة لدى الحكام ،وهذا األمر حظي بتشجيع السلطان بالنظر ألهميته في تدعيم
سلطته ،وفي تحقيق سعيه الدائم نحو الدمج بين السلطتين الزمنية والروحية ،شريطة أال تزيغ األخيرة
عن مسارها االجتماعي.78
ويتوفر األستاذ " جرمان عياش " على ثالث وثائق تاريخية تترجم دور التحكيم الذي يقوم به املخزن
السلطاني .ففي الحاالت الثالث ،يكون السلطان هو صانع السلم بين القبائل ،ويكون تدخله إما بقرار
سيادي منه ،أو بطلب من املتنازعين .ويعقد هذا السلم كتابة في محضر رسمي بشهادة شرفاء وعلماء
وجنود ورجال السلطة .ويبقى واضحا أن دور التحكيم هذا يقوي من شرعية السلطان الدينية ويعطيه
مكانة متعالية على املجتمع املدني.79
ويرجع "ألبير عياش" التوتر الذي كان يصاحب جبي الضرائب في بعض األحيان إلى تجاوزات القواد
املحليين ،كما ينتقد التمييز الذي دأب مجموعة من الباحثين الكولونياليين على وضعه للمغرب بين
25
"بالد املخزن " و " بالد السيبة " ،وخصوصا حديثهم عن هذه األخيرة باعتبارها بالدا للعصيان
واالنشقاق .فكل ما هنالك أن بعض القبائل رغم اعترافها بالحكم املركزي بوصفه سلطة حاكمة ،فإنه
في نظرها ليس هناك ما يبرر إغراقها بالضرائب ،بينما البعض الخر ينصاع للقرار الضريبي للسلطان،
إما خوفا من سطوته ،أو لقدرته على العطاء.80
وفي سياق تحليله لألسس االجتماعية والثقافية لبنية السلطة في مغرب القرن 19وبداية القرن ،20
يميزاألستاذ " عبد هللا حمودي " بين صورتين متعارضتين للعالقات املشكلة للنسق السياس ي املغربي:81
الصورة األولى :ال تعكس إال االستبداد املطلق بدون حدود ،وعبادة األمير ،ونزوة القرار (وتقلبه)،
وخضوع الرعايا .وحسب هذه الرؤية ،فالرعايا يعيشون عيشة بئيسة ،يسحقهم االبتزازويالحقهم شؤم
الضرائب الثقيلة .وحسب هذه النظرية ترتكز السلطة على جيش وإدارة يغرقان البالد في التعسف
والعنف ،وال تنجومن هذه القبضة الحديدية املشؤومة سوى الجماعات البعيدة عن نفوذ اإلدارة .وهي
الجماعات التي تعيش في املناطق التي يصعب الوصول إليها .وهذه املقابلة أقامتها الكتابات االستعمارية
بين "بالد املخزن '' و "بالد السيبة ''.82
الصورة الثانية :يقدمها املؤرخون واإليديولوجيون ملرحلة ما بعد االستعمار .ففي رأيهم ،يستعمل
السلطان الدبلوماسية في عالقاته برعاياه أكثرمما يستعمل العنف ،كما أن الشريعة تحد من اعتباطية
القرارات .وبالتأكيد هناك جماعات قبلية ترفض الضريبة أو تثور على العمال وأعوان السلطة ،ولكن
هذه الجماعات ،حسب املدافعين على هذه الصورة ،قليال ما تتهم السلطة املركزية أو تقحمها في ذلك.
وعلى كل حال ،فالسواد األعظم يعترف دوما بشرعيتها ويحترم لدنيتها ،كما يلتمس دوما تحكيمها.83
26
املطلب الثاني :سلطات الحماية ومحاولة تحديث النسق القراري
الضريبي
عاشت الدولة املخزنية أزمة خانقة خالل أواخرالقرن التاسع عشر ،وبداية القرن العشرين تجلت في
العديد من املظاهر التي كشفت عن مدى هشاشتها ،وكانت مؤشرا على وجود مشكالت بنيوية في جهاز
الدولة وبرزت كلها في سياق متزامن ومتداخل وحاد ،وقد تحددت مظاهرها في عجزها عن التحكم في
املجال ،وشيوع ظاهرة االنفالت األمني ،84من جهة ،وهشاشتها أمام االختراقات األجنبية من جهة
أخرى ،85األمر الذي خلق نوعا من االرتباك في أدوار الفاعلين التقليدين داخل بنية النسق القراري
التقليدي ،خاصة مع تأزم الوضعية النقدية للمغرب وتزايد وثيرة اللجوء إلى القروض ،ولن يقتصر أثر
هذه الوضعية على أدوار الفاعلين التقليديين بل سيشمل الفاعل املركزي "السلطان" ،الذي حاولت
الحماية تحويله إلى مجرد مركز قراري شكلي ،في إطار محاولتها تحديث النسق القراري الضريبي 86عن
طريق إعادة تنظيم املخزن وفق أسس جديدة .
84عرف املغرب خالل هاته الفترة اندالع مجموعة من االنتفاضات والثورات ،لعل أكثرها قوة تلك التي قادها الجاللي الزرهوني الشهير ببوحمارة
في املغرب الشرقي سنة 1902والريسوني عامل السلطان بالريف سنة .1903
85محمد عروبي ،م س ،ص 89-88
86عادل فرج ،م س ،ص 63
87هشام مليح ،م س ،ص 154
27
أوال :فخ الديون ونظام االمتيازات الضريبية
إن بداية أزمة الديون في املغرب تعود إلى هزيمتي الجيش األول في موقعة إيسلي سنة 1844أمام
القوات الفرنسية ،والثانية بعد احتالل القوات اإلسبانية لتطوان سنة ،1860حيث فرضت إسبانيا
على املغرب غرامة مالية كبيرة ،وأمام عجزه على تسديد تلك الغرامة اضطر للتنازل عن جزء من
مداخيله الجمركية لفائدة املصالح الجمركية اإلسبانية ،88وبسبب ضعف اقتصادها ،أصبحت الدولة
املخزنية في مأزق خطير ،بالنظر لعدم قدرتها على الدفع وضعف مواردها الذاتية ،ومن تم أخذت تتزايد
حاجة الدولة للتمويل فقامت باقتراض مجموعة كبيرة من الديون ،89وأصبح لجوء الدولة املستمر إلى
االستدانة ،يجعل الدول الدائنة تطالبها بضرورة إجراء إصالحات على هياكلها اإلدارية وبنيتها الضريبية.
وفي الداخل ونتيجة األزمة التي كانت تعيشها وبحكم تركيبتها التقليدية ،أضحت الدولة املخزنية في
مواجهة النخبة التقليدية التي ترفض مشاريع اإلصالحات التية من الخارج.90
وسط هذه العالقة املتوترة وجد املخزن نفسه مجبرا 91على الرضوخ للضغوط األجنبية التي تهدف إلى
إبرام إدارة اإليالة الشريف ة مجموعة من املعاهدات التي كرست تبعية املخزن للقوى األوروبية ،ولعل
أهمها تلك التي أنشأت نظام الحماية القنصلية 92التي نصت عليه مختلف املعاهدات التي تم توحيدها
خالل مؤتمرمدريد سنة 1880.93
ويعد نظام الحماية القنصلية في األصل عبارة عن تخويل ممثلي الدول األجنبية من وزراء ونواب
وقناصل مقيمين على تراب دولة أخرى امتيازات خاصة أبرزها بند الدولة املفضلة ،وهو نظام أقر
مجموعة من االمتيازات الضريبية والقضائية ،التي لم تقتصر على البعثات األجنبية ،بل شمل حتى
88عمر العسري :ضغط الديون العمومية وتحديات النموذج التنموي الجديد ،منشورات مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،دار القلم
للطباعة ،2020 ،ص 241
89م ن ،ص 244
90محمد عروبي ،م س ،ص 91
91م ن
92يعرف عبد الوهاب بن منصور الحماية القنصلية :بأن يمنح املمثلون الدبلوماسيون والقنصليون املعتمدون في بلد ما ،حماية دولهم للرعايا،
فيصيرون وهم يحملون جنسية ويقيمون باستمرار فوق أرضه ،غير خاضعين لقوانينه ،وال ملزمين بأداء ما يجب على سائر مواطنيهم أداءه من
ضرائب والقيام بما يتوفرون عليه من خدمات وطنية ،وقد يتم ذلك بموجب اتفاق مبرم بين ممثلي الدول األجنبية والدولة املعتمدين فيها.
-أورده :هشام مليح ،م س ،ص 155
93محمد عروبي ،م ن ،ص 92-91
28
املتعاملين معها ،األمر الذي أسفر عن أنواع متعددة من املحميين :كاملحميين اإلداريين والسياسيين
والسماسرة واملجنسين وشركاء األجانب.94
وقد تحولت مراكز القنصليات في كثيرمن األحيان إلى مراكز للسمسرة في بطائق الحماية التي يتهافت
عليها التجار املحليون ،بل إن هذه املراكز كانت تمنح بطاقات التجنيس لبعض املغاربة الذين أصبح
بإمكانهم بهذه الصفة منح حمايتهم لرعايا مغاربة آخرين ،95األمر الذي أضحت معه ظاهرة الحمايات
القنصلية تشكل خطرا على سيادة الدولة املخزنية واستقاللها وقد علق " ر .لوتورنو" على هذه الظاهرة
قائال " :إنه شرخ جديد فتح في البناء املغربي الهرم ،وهذه املرة ،املغاربة أنفسهم لعبوا اللعبة األوروبية،
وخربوا نظامهم بأنفسهم".96
وهكذا تحولت االمتيازات الضريبية إلى أداة فعالة سخرتها القوى األوروبية لخدمة أهدافها
التوسعية وزعزعة الوضع القائم ،فصارت حسب وجهة الفاعلين املركزيين في اتخاد القرار الضريبي
(السالطين) ،تهديدا للمخزن ،وتقويضا لسلطته السياسية .خاصة بعد أن أصبح املحميون يفرضون
أنفسهم كفاعلين في لعبة ذات رهانات متعددة ومتشابكة بين املخزن والقوى األوروبية.97
ونتيجة لذلك أصبح يالحظ على املستوى االجتماعي تصدع في البنية االجتماعية ،إذ أصبح يالحظ
وجود مجتمع تابع للسلطة املخزنية ،وفئات عديدة ال تخضع لقرارات املخزن وال تعترف بسيادته ،أما
على الصعيد االقتصادي ،فقد أدى نظام الحماية إلى توسيع القاعدة العقارية لألجانب باملغرب ،كما
سمح نظام الحماية للسلطات األجنبية املمثلة في السفراء والقناصل بالتدخل في الشؤون الداخلية
للبالد ،بل ومعاقبة رجاالت املخزن نتيجة سلوك يعتبره السفير أو القنصل إخالال بسيادة دولته ،ومسا
بمصالحها98.
29
ثانيا :تنافس القوى األوروبية على املغرب
إن اصطدام املجتمع املغربي كمجتمع تقليدي بالقوى األوروبية قد أدى إلى اختالالت عميقة في
بنياته السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،األمر الذي انتهى بفقدانه للمبادرة االستراتيجية والقدرة
على التحكم في مصيره ،وبالتالي التعرض لشتى أنواع التأثير الخارجي ،بما في ذلك املساس بالوحدة
السياسية واالقتصادية واالجتماعية الضامنة الستقراره.99
وفي الجانب الخر كان التنافس على أشده عل ى املغرب ،خاصة بين فرنسا وإسبانيا وانجلترا وأملانيا،
فانتهى هذا التنافس باتفاقية بين فرنسا وانجلترا في 8أبريل 1904تنازلت انجلترا بموجبه لفرنسا عن
املغرب مقابل تنازل فرنسا لها عن مصر.
وأمام التنازع بين أملانيا واسبانيا وفرنسا كل يدعي أن له حقوقا في املغرب ،طلب املولى عبد العزيز
عقد مؤتمر دولي ،وقد انعقد في الجزيرة الخضراء في 7أبريل 1906وشاركت فيه 13دولة اتفقت على
تكليف فرنسا واسبانيا بتدريب أهالي البالد على حفظ األمن وتنظيم جهازالبوليس ،كما قررت تأسيس
البنك املخزني ،100وهو جهاز فريد من حيث نشأته وإداراته وامتيازاته ،وهو من الناحية القانونية
مؤسسة دولية ،تكون ميثاقه بموجب البند الثالث من معاهدة الجزيرة الخضراء ،مقره االجتماعي
بطنجة ،ومقره اإلداري بباريس ،ويدار على أساس التشريع الفرنس ي الخاص بالشركات ،أما الدعاوى
التي يقوم بها البنك فتعود إلى محكمة خاصة تتألف من ثالثة قضاة قنصليين ،وإلى املحكمة الفيدرالية
بلوزان عند االستئناف ،ويضم في مجلسه اإلداري عدة دول أجنبية ،101كل ذلك بقصد حماية وتسهيل
التجارة في املغرب والسماح لألوروبيين بشراء العقار فيه خاصة في أهم املوانئ العاملة يومئذ :أصيلة
والقصر وأزمور ،وفي نوفمبر 1911عقدت اتفاقية بين فرنسا وأملانيا تنازلت هذه األخيرة بدورها لفرنسا
عن املغرب واعترفت لها بحرية التصرف ،102وبموجب معاهدة سرية أبرمت بين إسبانيا وفرنسا في 27
نوفمبر 1912تنازلت فرنسا إلسبانيا عن املنطقة الشمالية ،على الرغم من أنها كانت تخضع لسيادة
السلطان باستثناء مدينتي سبتة ومليلية على أساس اعتبارهما جزءا من التراب اإلسباني ،103وفي 30
مارس 1912بفاس وقع املولى عبد الحفيظ معاهدة الحماية مع وزير الخارجية الفرنس ي السيد
30
"رينيو" ،معاهدة أرست قواعد نظام " ،"Regnaultالقائم على رغبة الطرفين في وضع حد لالضطرابات
وانعدام األمن ،وبالتزام فرنسا على تقديم الدعم الكامل للسلطان ضد أي خطر قد يهدده أو يمس
بعرشه ،وباملقابل وبناء على الفصل التمهيدي لنص معاهدة الحماية القاض ي بإحداث حكومة نظامية
باملغرب ،عملت فرنسا على إلغاء الحمايات الفردية بصفتها امتيازات استثنائية وغيرعادية.104
فقد عمدت فرنسا خالل هاته الفترة على نهج استراتيجية مركبة في مسعاها إلخضاع اإلدارة الشريفة
وخدمة مصالحها ،حيث جمعت بين الحفاظ على العناصر التقليدية مع إعادة توظيفها بما يخدم
مصالحها ،105وبين العمل على تحديث اإلدارة الشريفة بإرساء مجموعة من املؤسسات الجديدة التي
ستنهض وفق أساليب حديثة بمجموعة من األنشطة االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي لم تكن
تغطيها اإلدارات التابعة للمخزن بتاتا أو كانت تغطيها بشكل غير كاف ،106وسيكون لهذه االزدواجية
(التحديث-التقليد) ال محالة تأثيركبيرعلى النسق القراري الضريبي.
وقد ظهرت عدة أطروحات حاولت مالمسة طبيعة الدولة القائمة خالل فترة الحماية ،يجملها "
محمد عروبي" 107في اتجاهين أساسيين:
-االتجاه األول :يعتبرأن الدولة التي قامت بعد دخول االستعمارللمغرب هي دولة كولونيالية على اعتبار
أن الدولة االستعمارية هي ذلك الجمع بين بنيات الزعامة وسلطاتها وبنيات التقنوقراطية وسلطاتها،
وهما بذلك كولونياليان معا ،بحيث ال يصح أن نتصور ،أن هناك بيروقراطية حديثة في مواجهة تنظيم
مغربي تقليدي ومجدد.108
31
-االتجاه الثاني :يرى أن الدولة التي كانت موجودة خالل الحماية هي دولة تراصفية ،109مكونة من
جهازين :واحد تقليدي يتمركز حول السلطان ،والخر عصري يشكل املقيم العام مركزه الرئيس ي ،وهذا
الطرح األخيرهو الذي تبنيناه في إطارهذه الدراسة.
109يحيل مفهوم الدولة التراصفية ‘’ ’‘ Etat Sédimentalإلى دولة تتكون من مكونين مختلفين من حيث البنيات ،واملرجعيات ،والتصورات،
وطرق االشتغال .وهذان املكونان هما :املكون السلطاني الذي أصبح مجرد واجهة مؤسساتية ،ويمثله السلطان ،واملكون الكولونيالي الذي يتحكم
في الدولة التراصفية ،ويمثله املقيم العام.
-أورده :محمد عروبي ،م س ،ص 154
110س ي محمد غصبان ،م س ،ص 63
111ثامر عزام حمد سليم الدليمي ،اإلدارة الفرنسية في املغرب ،1956-1939الطبعة األولى ،دار غيداء للنشر والتوزيع ،2016 ،ص 29
112عادل فرج ،م س ،ص 76-75
113م ن ،ص 76
114محمد عروبي ،م س ،ص 159
32
واملصالح املركزية يمكن تقسيمها حسب األستاذ " ثمار عزام حمد سليم الدليمي "115إلى نوعين هما:
املصالح السياسية ،واملصالح اإلدارية.
-1املصالح السياسية :تكونت من أربع مديريات جمعت في يد مسؤوليها الفرنسيين مفاتيح القرار،
والتفكير ،والتخطيط في املغرب ،وهي:
-1مديرية الداخلية والشؤون السياسية.
-2مديرية املالية.
-3مديرية األشغال العمومية.
-4مديرية الزراعة.
-2املصالح اإلدارية :بلغ عددها ثمان مصالح وهي كالتالي:
-1إدارة الفالحة والتجارة والغابات.
-2إدارة املالية.
-3إدارة األشغال العمومية.
-4إدارة العمل والشؤون االجتماعية.
-5إدارة اإلنتاج الصناعي واملعادن.
-6إدارة البريد والبرق والتليفون.
-7إدارة التعليم العمومي.
-8إدارة الصحة العمومية والعائلة.
إلى جانب املصالح السياسية واإلدارية يضيف األستاذ " ثامر عزام " مصالح أخرى عرفت باإلدارة
الشريفية الجديدة ،وهي اإلدارات الفنية الكبرى التي عملت مبدئيا لحساب الحكومة الشريفية وقامت
بإدارة مصالح عمومية ،وهي تحت السلطة املباشرة لكاتب الحماية العام ،وقد تكونت هذه املصالح من:
-1اإلدارة البلدية؛
-2اإلدارة اإلقليمية؛
-3الهيئات االستشارية ( الغرف املهنية ومجلس الشورى)116؛
33
ثانيا :سلطات الحماية وتوظيف النسق القراري التقليدي خدمة ملصالحها
أدى وضع سلطات الحماية يدها على املغرب إلى تغييرفي مكانة الفاعلين التقليديين في صناعة القرار
الضريبي ،بدءا بتغييرمكانة املركزالقراري(السلطان) ،بحيث لم يصبح فاعال مركزيا في محيطه كما كان
األمرقبل دخول الحماية ،بل أصبح مفعوال به بعدما تم تجريده من سلطاته السياسية وإقامة سلطات
بديلة له (''املقيم العام'' واملالية " البنك املخزني") ،ومن سلطاته اإلدارية من خالل إعادة توظيف
سلطات الحماية للقواد والباشوات بما يخدم مصالحها.117
لقد دخلت فرنسا إلى املغرب مبدئيا لحماية السلطان ،لكن سرعان ما جردت إدارة الحماية املخزن
من كل سلطة أو حكم حقيقي ،ولم تترك له إال بعض املهام التافهة والثانوية ،وفي الوقت ذاته عملت
على االحتفاظ باملظاهرالخارجية للتقاليد القديمة للنظام املخزني ،حتى ال يشعررعايا الدولة الشريفية
والفاعلين التقليديين بأن املخزن القديم قد اختفى وأنهم أمام جهازجديد يلعب فيه املغاربة دورا ثانويا،
أمام استيالء الفرنسيين على النسق القراري.118
فإذا لم يعد للمركزالقراري للدولة الشريفية ''السلطان" أي سلطة بعد تجريده من سلطته ،فما هو
دوره إذن؟ الجواب يقدمه لنا "ريمي لوفو" في كتابه "الفالح املغربي املدافع عن العرش" الذي يعتبربأن
سلطات الحماية استمدت من السلطان مشروعية تدخالتها .أي أن سلطات الحماية قد وظفت
السلطان للتوقيع على الظهائرالتي كانت تعدها سلفا في دواليب الجهازالكولونيالي ،األمرالذي أصبحت
معه وظيفة السلطان شكلية تنحصرفقط في إضفاء املشروعية على قرارات سلطات الحماية.119
ولم تكتف سلطات الحماية فقط بتحويل املركز القراري للدولة املخزنية إلى مجرد فاعل شكلي ،بل
ستعمد أيضا إلى فك العالقة والرابطة التي كانت تجمعه بباقي الفاعلين التقليديين ،وبذلك جردت املركز
القراري من أحد أهم دعائمه التقليدية ،وعملت بعد ذلك إلى االستعانة بهم عبرإعادة توظيفهم وترتيب
أدوارهم ملساعدتها في إخضاع الدولة املخزنية ،وتمرير وتنفيذ قراراتها بما فيها تلك التي تهم املجال
الضريبي.120
34
وال أدل على ذلك من تحالف "ليوطي'' مع الباشوات والقواد من قبيل؛ "الكالوي" و"الغوندافي"
و"املتوكي" منذ سنة ،1912بعد أن منحهم سلطات كبيرة وظروف أمنية جيدة كانت تنقصهم في املاض ي،
حيث كانوا عرضة لثورات القبائل ضد تسلطهم واستبدادهم ،وأصبحوا بمقتض ى التحالف ال
يخضعون لنظام االلتزامات اإلدارية التي فرضتها سلطات الحماية على الصعيد املحلي ،فأصبحوا قواد
أقوياء ،وفوق ذلك أداة طيعة في يد سلطات الحماية الفرنسية.121
واستعانت اإلدارة الفرنسية أيضا بشيوخ الزوايا 122والطرق الصوفية ،لتنفيذ قراراتها ،فعدد من
شيوخ الزوايا قدموا لسلطات الحماية خدمات عديدة تجلت في إضفاء املشروعية على الوجود
الفرنس ي باملغرب ،ذلك أن العديد من شيوخ الزوايا عدوا فرنسا بلدا غير محتل للمغرب ،وإنما هي
مكلفة فقط بإدخال اإلصالحات الضرورية وحماية النظام.123
أما الصدر األعظم فبعد أن صار يتوفر على تفويض عام للسلطة التنظيمية ،أبت سلطات الحماية
إال أن تجعله عمليا من نصيب املقيم العام ،وقد احتفظت سلطات الحماية فيما يتعلق بحكومة املخزن
فقط بوزيراملالية ووزيرالحرب ووزيرالشكايات ،في حين اختفى من الحكومة وزيرالبحرألن املقيم العام
أصبح املشرف على عالقات الدولة الشريفية الخارجية ،وكذا وزير الشكايات بالنظر إلحداثها لتنظيم
قضائي عصري ،124عموما فإن الصدر األعظم أصبح ال يتمتع بأي سلطات شأنه شأن املركز القراري،
ألن سلطات الحماية تولت في الواقع تعيين جميع الوزراء.125
وعلى العموم فإن سلطات الحماية قد عملت على تحديث بنية النظام الضريبي للدولة الشريفية،
حيث أخذت تحول النظام الضريبي املغربي التقليدي املبني في أساسه على أحكام الشريعة اإلسالمية،
إلى نظام جبائي يشبه النظم الضريبية للدول األوربية ،هذا األمر دفع إلى تحول هام في جوهر السلطة،
حيث أصبحت قائمة على أساس وضعي تؤطرها مرجعية غربية ،وتحددها نصوص قانونية غيرمستمدة
من الدين كما كان أثناء قيام الدولة املخزنية ،126األمر الذي أصبح معه نظامنا الضريبي ينقسم إلى
35
مجموعة من الضرائب املباشرة على الدخل ،ومجموعة أخرى من الضرائب غير املباشرة على اإلنفاق.
وقد اتسم الوعاء الضريبي للضرائب على الدخل حسب األستاذ " عبد السالم أديب" 127في بداية
الحماية بهيمنة الثروات العقارية ،كمادة ضريبية ،حيث ظهرت ضريبة الترتيب انطالقا من سنة 1915
لتطبق على املحاصيل الزراعية السنوية ،وعلى األشجار املثمرة ،وعلى املواش ي ،ثم ظهرت الضريبة
الحضرية بتاريخ 25يوليوز ،1918حيث طبقت على القيم الكرائية للمباني ،وجميع أنواع البنايات،
باإلضافة إلى األراض ي املخصصة للصناعة أو التجارة ،كما ظهرت الضريبة املهنية "الباتنتا" ابتداء من
سنة .1920
ومع بداية الحرب العاملية الثانية يضيف األستاذ " عبد السالم أديب" ،أخذ التحول يتجه أكثر نحو
الدخل املنقول كدخل العمل ،أو دخل رأس مال ،حيث ظهرت كل من الضريبة على الرواتب واألجور
بتاريخ 31مارس ،1939ثم الباتنتا اإلضافية بتاريخ 12أبريل ، 1941وقد تم تعديلها سنة 1954لتتخذ
صورة ضريبة على األرباح املهنية.128
إلى جانب الضرائب املباشرة كان يتشكل النظام الضريبي أيضا من ضرائب غير مباشرة ،غير أنها لم
تعرف تطورا مماثال .وكانت تضم نوعين من الضرائب :نوع تقليدي كرسوم الجمارك،ونوع يضم ضرائب
عصرية كرسوم االستهالك وحقوق التسجيل والتنبر ،ورسم فوائض القيمة العقارية ورسم املبادالت.
والنظام الضريبي املغربي خالل فترة الحماية ،ورغم الجهود املبذولة بقصد تحديثه ،انطبع
بالتشتت ،ويبدو أن ذلك يرجع إلى هيمنة الهاجس التمويلي لدى سلطات الحماية ،129حيث أن الواقع
الضريبي ال يضبط إال من خالل ضرائب معقدة وعديدة وضعيفة املردودية ،األمر الذي دفع السلطات
العامة بعد االستقالل للدخول في سلسلة من اإلصالحات الضريبية ،محاولة التوفيق بين هاجس
املردودية والعدالة الضريبية.
36
املبحث الثاني :القرارالضريبي في ظل الدولة الحديثة
تشكلت الدولة الحديثة على أنقاض الدولة التراصفية التي اختفت بمجرد حصول املغرب على
استقالله السياس ي ،واتسمت طبيعة الفاعلين في املجال الضريبي بعد االستقالل بطابع مركب يجمع
بين ما هو تقليدي يضرب بجذوره في عمق الدولة املخزنية ،وما هو تحديثي يظهر من خالل بروز فاعلين
جدد ،داخل عملية صناعة القرار الضريبي ،ومهما اختلفت مرجعيات وأدوار هؤالء الفاعلين ،فإن ما
يمكن تسجيله هو انضباطهم لنسق تقليدي مغلق.130
وتمكننا املطالعة البسيطة لدساتيراململكة من تحديد الفاعلين في عمليات صناعة التشريع في املجال
الضريبي ،وسنقف على ما يوضح صراحة التشريع لثالث جهات محددة ،وهي املؤسسة امللكية،
واملؤسسة التنفيذية ،واملؤسسة التشريعية .وبالتالي ،فالكل يتفاعل مع تأثيرات باقي الفاعلين .لتتخلل
بذلك واقع التشريع مجموعة من التعقيدات التقنية والسياسية ،يفسرها تعدد الفاعلين في التشريع
الضريبي ،ثم املساطر املعقدة ،علما أن أدوار ووظائف وإمكانيات هؤالء الفاعلين الرسميين تتفاوت131
بشكل واضح في مسلسل اتخاذ القرار الضريبي ،الذي ال تكفي دراسته عبر القنوات السياسية من فهم
طبيعته بل ال بد من استحضارباقي املتدخلين غيرالرسميين في صناعته ،حيث يعتبرالقرارالضريبي قرارا
متفاوضا بشأنه بين املكونات السياسية ( امللك ،الحكومة ،البرملان) وفاعلين غير رسميين على رأسهم
مجموعات الضغط ،لكون النظام الضريبي جزء ال يتجزأ من النظام السياس ي ،لذلك يخضع لعدة
مصالح متعارضة ،وبالتالي فإن الشركاء االقتصاديين ال يقبلون القرار الضريبي إال إذا كان يحمل في
طياته بعض االمتيازات لهم.132
37
املطلب األول :القرارالضريبي بين مركزية املؤسسة امللكية وتبعية
الحكومة
استطاعت امللكية عبر التوليف بين التقليد والتحديث تأكيد سموها وتفوقها ،وتحييد-إن لم نقل
توظيف -الدوائر السياسية الحديثة ،مكرسة في النهاية مركزيتها 133في صناعة القرار الضريبي ،وقد برز
تدخل املؤسسة امللكية ( الفقرة األولى) في إطار الدولة الحديثة ما بين 1963-1960في تغيير املوروث
الضريبي بإلغاء ضريبة الترتيب ،وإصدارمجموعة من الظهائر في 5يناير ،1962سعت إلى إصالح النظام
الضريبي ،وجعله مسايرا للمتطلبات الظرفية للدولة.134
إن واقع صناعة القرار الضريبي باملغرب ،وما مر به من محطات يبرز الدور الثانوي للحكومة ،حيث
ينحصر دورها في صناعة القرار الضريبي على تنفيذ وأجرأة االختيارات التي تقررها املؤسسة امللكية135
(الفقرة الثانية).
135
سي محمد غضبان ،م ن ،ص77
136م ن ،ص69
137فرج عادل ،م س ،ص 92
138محمد عروبي ،م س ،ص 213-212
38
هناك أية آلية مؤسساتية تسمح باإلشارة إلى األخطاء التي يمكن أن ترتكبها امللكية ،وباألحرى ضرورة
انتقاد خياراتها التي يتبين أنها غيرمثمرة ،بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي.139
ولقد برز تدخل املؤسسة امللكية في املغرب املستقل ما بين ( ) 1963 -1960في تغيير املوروث
الضريبي ،بإلغاء ضريبة الترتيب ،وإصدار مجموعة من الظهائر في 5يناير 1962همت املجال الضريبي
ويتعلق األمر بكل من :الضريبة الزراعية ،ضريبة املباني ،الضريبة الشخصية ،الضريبة على املنتجات
والضريبة على الخدمات ،الضريبة املهنية ،الضريبة املفروضة على األرباح املهنية ،االقتطاع من
املرتبات واألجور .والهاجس من وراء ذلك كان إصالح النظام الضريبي املغربي ،وجعله مسايرا للمتطلبات
الظرفية للدولة الحديثة.140
وقد توفرت للمؤسسة امللكية في ظل الدولة الحديثة مجموعة من الليات الدستورية والسياسية
التي خولت لها التحكم في عملية صناعة القرارالضريبي ،وتوجيه عمل باقي الفاعلين وحصره في تفعيل
القرارالضريبي للمؤسسة امللكية ،ومن بين هذه الليات نذكر:
139نجيب أقصبي :االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية في املغرب ،تعريب نور الدين سعودي ،مركز بنسعيد آيت إيدر لألبحاث
والدراسات ،الطبعة األولى ،2017 ،ص 112
140أحمد إفقيرن ،م س ،ص125
141الغواطي محمد" :األدوار املالية للملك والحكومة في ضوء الدستور والقانون التنظيمي للمالية" ،مقال منشور على مجلة املتوسط
للدراسات القانونية والقضائية ،العدد ،6سنة ،2018ص150
142الفصل 48من دستور 2011
39
التصويت في املجلس الوزاري ألن امللك يرأسه وال يجوز فرض أي أصوات عليه ،وتطبع اجتماعات
املجلس الوزاري السرية ،وتصدرعموما بيانات رسمية بعد انتهاء اجتماعاته.143
ويتداول املجلس الوزاري في التوجهات العامة ملشروع قانون املالية ،والتوجهات االستراتيجية
بما فيها تلك التي تهم النظام الضريبي ،ووعاء الضرائب، القوانين144 لسياسة الدولة ،ومشاريع
ومقدارها وطرق تحصيلها ،وكذا نظام الجمارك..145الخ.
إن رئاسة امللك للمجلس الوزاري ،وهو اجتماع يضم رئيس الحكومة والوزراء تحت رئاسته ،الذي
يتداول فيه بشأن أهم األنشطة الحكومية ،تمكنه من أن يمارس دورا حاسما على قراراتها ،وذلك من
خالل الراء التي يتقدم بها والتوجيهات والتعليمات ،وتجعل تدابير الحكومة في مختلف املجاالت ومن
بينها املجال الضريبي رهينة باملوافقة امللكية الصريحة عليها.146
واملالحظ أن أغلب القرارات التي تهم املجال الضريبي تكون مبنية في أساسها على توجيهات املؤسسة
امللكية ،ويمكن أن نقدم في هذا الصدد مثالين على ذلك:
143محمد مدني وآخرون :دراسة نقدية للدستور المغربي للعام ،2011منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات ،2012 ،بدون ذكر
المطبعة ،ص31-30
144الفصل 49من دستور ،2011الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91الصادر بتاريخ 29يوليو ،2011املنشور بالجريدة الرسمية
في 30يوليو ،2011عدد 5964مكرر.
145الفصل 71من دستور 2011
146محمد بوجنون ،م س ،ص25
147عصام القرني ،م س ،ص30
40
-املثال األول :خطاب 25شتنبر 2000بالجرف األصفر
وقد هم هذا الخطاب إصالح النظام الضريبي ،حيث جاء فيه ما يلي " :وبالنظرملا للنظام الجبائي من
دور تحفيزي لالستثمار ،فإننا قد أصدرنا تعليماتنا السامية لحكومتنا قصد وضع إصالح جبائي قائم
على الشفافية والتبسيط والعقالنية وإعادة النظرفي الجبايات املحلية ،بشكل تصبح معه الغاية املثلى
للجبايات تشجيع االستثماراملنتج الذي يخلق فرص الشغل".148
وقد هم هذا الخطاب تضريب القطاع الفالحي ،والذي جاء فيه " لقد عمل برنامج املغرب األخضر
على تحديث القطاع الفالحي ،آخذا بعين االعتبار ،االهتمام املوصول بصغارالفالحين ،من أجل تحسين
ظروفهم املعيشية .وحرصا منا على تجسيد رعايتنا لهذه الفئة ،فإننا سنظل نخصها باالستثناء
الضريبي ،الذي سينتهي العمل به في آخرالسنة الجارية ،بالنسبة لالستثمارات الفالحية الكبرى ،وسوف
نحتفظ بسريان هذا االستثناء ،على الفالحة املتوسطة والصغرى''.149
وإذا كانت الخطب امللكية هي الوسيلة التي يلجأ إليها امللك ملخاطبة الشعب بشكل مباشر ،فإن
الرسائل امللكية هي رسائل موضوعية ،غالبا ما يوجهها امللك إلى املشاركين في بعض امللتقيات الوطنية
والدولية ذات األهمية كاملؤتمرات والندوات واملناظرات ،وعلى عكس الخطب امللكية التي تتميز
بالعمومية والشمول ،فالرسائل امللكية تتسم في مقابل ذلك بالتخصص في املوضوع الذي ألقيت في
إطاره الخاص ،150وكمثال على ذلك :الرسالة امللكية التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة
الوطنية األولى للجهوية املتقدمة سنة 2019املنعقدة بأكادير.151
148مقتطف من الكلمة التي ألقاها امللك محمد السادس بالجرف األصفر أمام رؤساء غرف التجارة والصناعة ورؤساء املكاتب الوطنية وعدد
من الفاعلين االقتصاديين ،بتاريخ 25شثنبر ،2000منشورة على موقع البوابة الوطنية للجماعات الترابية www.pncl.gov.maتاريخ االطالع
28.04.2021على الساعة 22:00ليال.
149مقتطف من الخطاب امللكي الذي وجهه امللك محمد السادس إلى األمة بمناسبة ذكرى 14لعيد العرش ،بتاريخ الثالثاء 30يوليوز،2013
منشور على موقع البوابة الوطنية www.maroc.maتاريخ االطالع 28.04.2021على الساعة 23:00ليال.
150عصام القرني ،م س ،ص30
151الرسالة التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية األولى للجهوية املتقدمة ،بتاريخ الجمعة
20دجنبر ،2019منشورة على موقع البوابة الوطنية www.maroc.maتاريخ االطالع 28.04.2021على الساعة 23:30ليال.
41
ثالثا :تبعية التقنوقراط للمؤسسة امللكية
يعود مفهوم التقنوقراط في أصله إلى املجتمع اليوناني ،الذي كان يطلقه على الفئات األكثر علما
وحرفية في مجال تخصصاتهم ،ويعني املفهوم ،في ذلك املجتمع ،معنيين هما لفظ "تقنو" وهو الفني أو
التقني ،و" قراط" وهي كلمة تعبرعن السلطة ،وبهذا فاملقصود بلفظ التقنوقراط هو الحكم على أسس
علمية.152
وسيجد املغرب نفسه بعد خروج املستعمر وما رافق ذلك من تحديات بناء الدولة الحديثة ،وملء
الفراغ الذي تركه انسحاب األطرالفرنسية ،مضطرا للرهان على األطراملغربية سواء تلك املتخرجة من
املدارس أو املعاهد التي أقامتها الدولة آنذاك ،أو تلك التي تلقت تعليمها في الخارج ،فتشكلت بالتالي
النواة األولى لفئة التقنوقراط باملغرب ،153وإن التأمل في التاريخ العائلي املغربي يوضح بما ال يدع مجاال
للشك أن آباء هؤالء التقنوقراطيين وأجدادهم ،قد ظلوا يمنحون خدماتهم للدولة املخزنية بدون
انقطاع منذ القرن 16ويمدونها بالنخبة الحاكمة من وزراء ودبلوماسيين وكتاب وسياسيين ورجال دين..
ينفي الفكرة القائلة بتعدد الطرق لولوج السلطة باملغرب في ظل هذه البنية الجامدة ،وإذا ما نظرنا إلى
الطبقة املهيمنة على كفة الحكم في البالد سنالحظ أن األمر يقتصر على أقلية تتوارث الحكم فيما
بينها ،154وقد ولدت ونمت فئة التقنوقراط في حضن امللكية التي راهنت عليها كإحدى أدواتها املفضلة
لتحقيق رهان الضبط األمني واالجتماعي ،وساهم غياب املؤسسات الديمقراطية وضعف املراقبة
السياسية إلى توسع دور جهاز التقنوقراط الذي وجد نفسه عمليا املسؤول الوحيد عن بلورة
االختيارات الضريبية للمركزالقراري ( امللكية ) و العمل على تنفيذها.155
رابعا :حق طلب قراءة جديدة في مشاريع ومقترحات القوانين وحق إصدارالقوانين
تتمتع امللكية بأداة دستورية مهمة وهي تتجلى في حق املطالبة من مجلس ي البرملان أن يقرآ قراءة
جديدة في كل مشروع أو مقترح قانون بما في ذلك مشاريع ومقترحات القوانين التي تهم املجال الضريبي،
وتطلب القراءة الجديدة بخطاب ملكي ،وال يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة .156وال يحدد
152عالء الدربالي :دور التقنوقراط في صناعة السياسات العمومية في املغرب ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية،مراكش ،جامعة القاض ي عياض ،املوسم الجامعي ،2015-2014ص6
153س ي محمد غضبان ،م س ،ص 92
154عالء الدربالي ،م ن ،ص53
155س ي محمد غضبان ،م ن ،ص 94-93
156الفصل 95من دستور 2011
42
الدستور املهلة الزمنية لهذه القراءة الجديدة ،ولكن طلب امللك يؤدي إلى تعليق مقدمة القانون ،لذا
ليس أمام البرملان والحكومة أي خيارسوى املباشرة بقراءة جديدة.157
ويتدخل امللك في مسلسل اإلنتاج التشريعي ،وفي نفس الن يمارس املراقبة على العمل البرملاني ،عن
طريق سلطة إصدارالقوانين ،بحيث جاء في الفصل 50من الدستور الحالي " يصدرامللك األمر بتنفيذ
القانون خالل الثالثين يوما التالية إلحالته إلى الحكومة بعد تمام املوافقة عليه ،وينشر القانون الذي
صدراألمربتنفيذه ،بالجريدة الرسمية للمملكة ،خالل أجل أقصاه شهرابتداء من تاريخ ظهيرإصداره".
وعملية اإلصدار تعتبر بمثابة اإلعالن عن ميالد النصوص القانونية بعد مرورها من كافة املستويات
وخروجها من املستوى التشريعي وقابليتها للدخول إلى املستوى التطبيقي ،لهذا يشكل غياب اإلصدار
فقدان النص القانوني لوجوده.158
وتتمتع الحكومة من أجل بلوغ اإلرادة امللكية واختياراتها بمجموعة من الليات كحق التصور
والتنسيق والتنفيذ كما نص على ذلك الدستور ،غير أنه غالبا ما يعترض العمل الحكومي معوقات من
43
أهمها ضعف االنسجام داخل الفريق الحكومي ،وعمل اإلدارة الذي يعتبر عقلنة للعمل الحكومي،162
باإلضافة إلى تداخل السياس ي والتقني من حيث املهام واالنتماءات بالنسبة لكل وزير.163
وبالنظر لعدة اعتبارات منها القانوني والعملي فإن املصالح اإلدارية الواقعة تحت إشراف الوزير
املكلف باملالية تلعب دورا محوريا في عملية صناعة القرار الضريبي (أوال) ،هذا ،ويعمل الوزير املكلف
باملالية تحت إشراف السيد رئيس الحكومة الذي يسهرعلى تنسيق النشاط الوزاري (ثانيا).
وبالرغم من أن وزيراملالية ال يتمتع قانونا بمركزأفضل وأسبق من باقي الوزراء الخرين فدوره مهم،
وهو يتمتع من الناحية العملية بسلطة مهمة في مسطرة تحضير وصياغة النص القانوني الذي يهم
162بالرغم من تنصيص املشرع الدستوري في الفصل 89من الوثيقة الدستورية لسنة ،2011على كون اإلدارة موضوعة تحت تصرف
الحكومة ،كما أن هذه األخيرة تمارس اإلشراف والوصاية على املؤسسات واملقاوالت العمومية ،فإن اإلدارة عمليا غير تابعة للحكومة بل إلى
امللك.
163سيدي األشكل :القرار والنشاط العام باملغرب " مساهمة في دراسة الثابت واملتغير في السيرورة القرارية" ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جماعة القاض ي عياض ،السنة الجامعية ،2009ص148
164س ي محمد غضبان ،م س ،ص78
165املنتصر السويني :الدستور املالي والنموذج التدبيري الجديد باملغرب ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،الطبعة األولى،2019 ،
ص131-130
44
املجال الضريبي ،وهذا الدور املهيمن نابع بالدرجة األولى من كون كل اإلدارات املالية واالقتصادية
مرتبطة عضويا بوزارة املالية.166
فحسب املادة 1من مرسوم 2008املتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد واملالية ،167يتولى
الوزير املكلف باملالية إعداد السياسة الجبائية والجمركية وتنفيذها ،وكذا ضمان تحصيل املوارد
العمومية .. .الخ .ويراعي في ذلك االختصاصات املنوطة برئيس الحكومة بشأن تنسيق وتتبع السياسة
الحكومية في مجال العالقات مع املؤسسات التابعة ملجموعة البنك الدولي.
ومن اإلدارات املهمة املرتبطة عضويا بوزارة االقتصاد واملالية ،نجد كل من املديرية العامة
للضرائب ،الخزينة العامة للمملكة ،وإدارة الجمارك والضرائب غيراملباشرة.
تتولى املديرية العامة للضرائب تنفيذ السياسة الجبائية طبقا لتوجيهات وزير االقتصاد واملالية،
ويعهد إليها القيام بما يلي:168
-تقديم كل اقتراح ،والقيام بكل دراسة من شأنها توضيح االختيارات االستراتيجية للوزير في املجال
الضريبي؛
-دراسة وإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الطابع الضريبي؛
-دراسة وإعداد مشاريع االتفاقيات الجبائية املبرمة بين اململكة وسائر الدول األجنبية والسهر على
تطبيق التشريع املتعلق بها؛
-ربط العالقات مع املنظمات الدولية في املجال الضريبي؛
-دراسة وإعداد ونشر املذكرات الدورية التطبيقية بالنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الطابع
الضريبي؛
-تحصيل الرسوم والضرائب الداخلة في اختصاص املديرية العامة للضرائب ،وتدبير املحاسبة
الخاصة بها ..إلى غيرها من االختصاصات املحددة في املادة 8من مرسوم 2008املتعلق بشأن تنظيم
وزارة االقتصاد واملالية.
166رشيد املساوي :املالية العامة ،مطبعة اسبارطيل-طنجة ،الطبعة الرابعة ،2017 ،ص110
167مرسوم رقم 2.07.995الصادر في 23أكتوبر 2008بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد واملالية ،الجريدة الرسمية ،العدد 5680
الصادر بتاريخ 6نوفمبر .2008
168املادة 8من املرسوم السابق الذكر.
45
-2الخزينة العامة للمملكة
تتولى الخزينة العامة للمملكة طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل القيام بما يلي:169
-إعداد مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية املتعلقة باملحاسبة العمومية ،ومراقبة االلتزام
بنفقات الدولة،وبتحصيل الديون العمومية ،وبالسهر على تطبيق األنظمة املرتبطة بهذا امليدان؛
-مراقبة وتنفيذ العمليات املرتبطة باملداخيل ()...؛
-حفظ محفظة الدولة ...إلى غيرها من االختصاصات املنصوص عليها في املادة 7من املرسوم السابق
الذكر.
-3إدارة الجمارك والضرائب غيراملباشرة
-تتولى تطبيق الضريبة على القيمة املضافة حين االستيراد طبقا ألحكام املدونة العامة للضرائب؛
-دراسة وصياغة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالجمارك ..إلى غيرها من
االختصاصات املنصوص عليها في املادة 6من املرسوم املشارإليه أعاله.
عموما ،يمكن القول بأن الدور املؤثر الذي يلعبه الوزير املكلف باملالية في صناعة القرار الضريبي،
يستلهمه من إشرافه على مجموعة من املديريات البالغة األهمية والتي تشكل قوة اقتراحية ذات
ثقل كبير في النسق القراري ،وصانع حقيقي للقرار في امليدان الضريبي ،ومن املهم اإلشارة إلى أن
للوزير املكلف باملالية "اختصاص رسمي" التخاذ القرارات التي تنتجها تلك املديريات في املجال
الضريبي.170
46
مكانة متقدمة داخل النظام السياس ي املغربي تتجاوز مكانتها االعتبارية في الدساتيرالسابقة على دستور
2011.171
فرئيس الحكومة أصبح يقود العمل الحكومي عن طريق استحواذه على سلطة املبادرة ،إذ كثيرا ما
نجده يتحكم في اتخاذ بعض القرارات بحكم توفره على جهازإداري موضوع رهن تصرفه ،وكذا عن طريق
التنسيق بين مختلف األجهزة الوزارية ،وقد نجد أن املبادرة التي أدت إلى صدور القرار قد انبثقت منه
أو عن بعض األجهزة التي توجد تحت إشرافه.172
وينص الفصل 92من الدستور الحالي على أن رئيس الحكومة يرأس مجلس الحكومة الذي يتداول
في السياسة العامة للدولة أو السياسات العمومية والسياسات القطاعية وكذا مشروع قانون املالية،
وقد ميزهذا الفصل بين نوعين من التداول:
-من جهة ،تداول يفيد التشاور واملناقشة املفضيين إلى اتخاذ القرار النهائي ،دونما إحالة لتلك
النصوص والقضايا على أنظار املجلس الوزاري للبت النهائي فيها ،وبالتالي ،يتمتع مجلس الحكومة
في هذه الحالة بصبغة تقريرية ومستقلة عن املجلس الوزاري ،الذي كان قبل دستور 2011يقرر في
كل ما يعرض على مجلس الحكومة. 173
-ومن جهة أخرى ،تداول يفيد التشاور املفض ي إلى اتخاذ مجرد قرار تمهيدي في النصوص والقضايا
املعروضة عليه ،والتي ال تكتس ي طابعا تقريريا ،وإنما تحتاج إلى ضرورة عرضها على أنظار املجلس
الوزاري بقصد البت النهائي فيها.174
وتؤكد املادة 46من القانون التنظيمي املنظم لقوانين املالية 175على أن إعداد مشاريع القوانين
املالية تتم تحت سلطة رئيس الحكومة ،فهذا األخير يسهر على تحديد االستراتيجية املالية للدولة بناء
على الفرضيات واالختيارات التي أعدها وزير املالية ،ويلعب رئيس الحكومة وظيفة التحكيم في
47
الخالفات التي قد تنشأ بين وزيراملالية وباقي الوزراء ،وهذا التحكيم يتم خالل جلسات مجلس الحكومة
كما يمكن أن يكون سابقا عليه.176
ويظهردور رئيس الحكومة في املجال الضريبي أيضا ،من خالل التصريحات الحكومية التي يتقدم بها
هذا األخير في هذا املجال ،وكمثال على ذلك :تصريح " عفا هللا عما سلف" للسيد رئيس الحكومة "عبد
اإلله بن كيران" بعد إطالق املساهمة اإلبرائية سنة 2014برسم املمتلكات واملوجودات املنشآة بالخارج
واملتعلقة بالصرف والجبايات ،بقصد العفو عن املتهربين من أداء الضرائب ومهربي األموال.177
كما نستشف دور رئيس الحكومة في املجال الضريبي ،من خالل الكلمات التي يتقدم بها في هذا
املجال ،وكمثال على ذلك كلمة السيد رئيس الحكومة "سعد الدين العثماني" بمناسبة انعقاد املناظرة
الوطنية الثالثة حول الجبايات ،والتي تحدث فيها عن الحاجة اليوم إلى املراجعة الشاملة واملتأنية
والعميقة للنظام الضريبي الوطني.178
ومحدودية تدخل الحكومة في صناعة القرار الضريبي ،وضعف تأثيرها ،يأتي من طبيعة األداء
الحكومي الذي ال يعكس الصورة الحقيقية للمطالب الرئيسية بقدر ما يعبر عن إجابات آنية ملشاكل
الساعة والتي تكون محكومة سلفا باإلرادة امللكية ،فيكون الهدف من ذلك هو خلق زبائن جدد أو دعم
الزبائن القدامى للنظام ،179كما يرجع الضعف إلى كون أعضاء الحكومة في النسق السياس ي املغربي
يرتبطون بشخص امللك ،وبناء عليه فالشخص املعين بهذا املنصب يعتبرخادما قبل أن يكون وزيرا حتى
وإن كان ينتمي لهيئة سياسية معينة ،فأعضاء الحكومة بعد تعيينهم يعملون على تنفيذ برنامج حكومي
موضوع سلفا 180أال هو"البرنامج امللكي" ،وهم ال يمتلكون القدرة على ضبط تفاصيله ،وعليهم أن يدبروا
قدراملستطاع تداعيات خيارات لم يشاركوا في تحديدها ،ولم تخضع أبدا للنقاش العمومي ،إنه برنامج
البالد ،ألنه برنامج امللك.181
48
املطلب الثاني :القرارالضريبي بين سيادة التشريع ومصالح جماعات
الضغط
إن االختصاص الحصري للبرملان يعتبر إحدى املبادئ األساسية للقانون العام التي تكمن في سلطة
فرض الضريبة كإحدى تجليات ممارسة السيادة ،أي سلطة سن القانون وإعطاء األمر بتنفيذه،182
ويجد االختصاص البرملاني في املادة الضريبية أساسه في املبدأ املعروف بقبول الضريبة ،باعتبارالبرملان
املمثل الشرعي للشعب ،فإنه يحوز السيادة في املادة الضريبية ،وتعود له سلطة قبول أو رفض
الضريبة ،183ودراسة مسلسل اتخاذ القرارالضريبي عبرالقنوات البرملانية والسياسية ،ال يكفي لإلحاطة
الشاملة بمجموع الفاعلين املتدخلين في صناعة القرار الضريبي ،إذ ال بد من استحضار باقي الفاعلين
في صناعة القرارالضريبي.184
بناء على ما سبق ،سنحاول في هذا املطلب الوقوف على دور البرملان في صناعة القرار الضريبي في
(الفقرة األولى) ،بينما سنخصص ( الفقرة الثانية) للحديث عن دور مجموعات املصالح الداخلية
والخارجية في صناعة القرارالضريبي.
49
النظام السياس ي املعاصر .187هذا ،ونجد تعريفا آخرللسيد " غريغباور " حيث عرفه بكونه ذلك الجهاز
الفريد من نوعه ،الذي يتكون من رجال ونساء انتخبوا لتمثيل الشعب وهم يعتمدون القوانين
ويخضعون الحكومة للمساءلة ،لذلك يمثل املؤسسة املركزية للديمقراطية ويشكل تعبيرا عن سيادة
كل أمة. 188
وارتبط ميالد البرملان املغربي ،حسب األستاذ "محمد معتصم '' ،بكونه قد ولد في أحضان امللكية
بواسطة دستور وضعته بيدها ويعد تجديدا لبيعتها ( دستور 11دجنبر ،)1962األمر الذي يجعل
البرملان ال يتوفرإال على مشروعية ديمقراطية (انتخابية) ،في الوقت الذي يفتقرفيه إلرث تاريخي يجعل
منه مكانا للسلطة والتمثيل الشعبي ،189وتبعا لدستور 1962تشكل أول برملان في تاريخ املغرب امتدت
واليته التشريعية األولى من سنة 1963إلى سنة ،1965وقد تشكل من مجلسين :مجلس النواب والذي
كان يضم 144عضوا انتخبوا باالقتراع العام املباشر ملدة أربع سنوات ،ومجلس املستشارين الذي
تشكل من 120عضوا انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر على أساس تجديد نصف املجلس كل ثالث
سنوات ،190فقبل سنة 1963لم يكن يعرف املغرب برملانا باستثناء تجربة املجلس الوطني االستشاري
الذي أحدثه امللك في 3غشت 1956وقد امتدت تجربته إلى سنة ، 1959غيرأن تجربته لم تشهد تراكما
كفيال بتحويله إلى برملان يمتلك سلطة تقريرية ،حيث ظل طيلة تجربته مجلسا استشاريا للملك ال يتمتع
بأي وظيفة تقريرية أو تشريعية ،فهو عبارة عن مجلس استشاري معين يدلي برأيه في امليزانية العامة
للدولة ،كما يستشار في جميع القضايا السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تعرض عليه ،وما كان
يعاب على هذا املجلس هو ارتباطه بامللكية سواء من حيث تعيين أعضائه ،أو إعفائهم ،أو من حيث حل
املجلس ،أو إيقاف دوراته من قبل امللك.191
وقد تكون البرملان املغربي في النظام السياس ي املغربي من مجلسين ،مجلس النواب ومجلس
املستشارين في الوالية التشريعية األولى ( )1963-1965كما أشرنا إلى ذلك أعاله ،أما في الوالية
187محمد بن شاكر الشريف :املشاركة السياسية في البرملان والوزارة – عرض ونقد،-بدون ذكر دار النشر وتاريخ الطبعة ،ص 33
188غريغباور :التقرير البرملاني العالمي ،طبعة التمثيل البرملاني املتغيرة ،منشورات األمم املتحدة ،سنة ،2012ص 9
موجود على موقع www.dp.orgتاريخ الزيارة 04.05.2021على الساعة 10:00صباحا.
189أورده :رشيد املدور،البرملان على ضوء مستجدات الدستور ،دفاتر في القانون البرملاني املغربي ،العدد األول ،مطبعة شمس برينت-الرباط،
الطبعة األولى ،ص 41-40
190عبد املجيد مصدق:كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء ،جريدة الطريق األسبوعية ،البرملان وإشكالية التشريع باملغرب،
العدد ،2020 ،335ص17
191مولود اسباعي :التشريع الوضعي باملغرب ،قراءة في حصيلة أزيد من مائة سنة ( ،)1913-2016مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-
الرباط ،الطبعة األولى ،2020 ،ص39
50
التشريعية الثانية ( ،)1971 -1970فقد تشكل البرملان من غرفة واحدة بعد دستور ،1970وكان مجلس
النواب يضم 240عضوا انتخب 90منهم باالقتراع العام املباشر ،و 90من ممثلي الجماعات املحلية،
و 60من الغرف املهنية ،وفي الوالية التشريعية الثالثة ( ) 1977-1983وبعد دستور ،1972فقد حافظ
البرملان على نظام الغرفة الواحدة ،حيث تكون مجلس النواب من 264عضوا 176 :منهم تم انتخابهم
باالقتراع العام املباشر ،بينما ثم انتخاب 88منهم باالقتراع الغير املباشر .ونظام البرملان بغرفة واحدة
عرفته أيضا الوالية التشريعية الرابعة ( ،192) 1984-1992حيث تكون مجلس النواب من 306عضوا
انتخب 204منهم باالقتراع العام املباشر ،و 60من مستشاري الجماعات املحلية ،و 42من منتخبي
الغرف املهنية .ونظام البرملان بغرفة واحدة حافظ عليه دستور ،1992ومعه الوالية التشريعية
الخامسة ( ،) 1993-1997حيث تكون مجلس النواب من 333عضوا 222 ،انتخبوا باالقتراع العام
املباشر ،و 111عضوا باالقتراع غير املباشر من لدن هيئة ناخبة تألفت من أعضاء املجالس الحضرية
والقروية ومن لدن هيآت تألفت من املنتخبين في الغرف املهنية وممثلي املأجورين.193
أما الوالية التشريعية السادسة ( ،)1997-2002والتي جاءت بعد دستور 1996الذي أصبح معه
البرملان يتكون من مجلسين :مجلس النواب ومجلس املستشارين ،وأخذ البرملان بنظام الغرفتين ،وقد
تشكل مجلس النواب من 325عضوا ،انتخبوا باالقتراع العام املباشر ،وتحددت مدة واليته في 5
سنوات ،بينما تشكل مجلس املستشارين من 270عضوا انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر ملدة 9
سنوات .194أما فيما يتعلق بالوالية التشريعية السابعة ( ،) 2002-2007وهي الوالية التشريعية الثانية
في ظل دستور ،1996فقد احتفظت بنظام البرملان بغرفتين ،وبنفس تشكيلة الوالية التشريعية
السادسة .195و احتفظت الوالية التشريعية الثامنة ( ،) 2007-2011على نظام البرملان بغرفتين ،وتبعا
لذلك ،تكون مجلس النواب من 325عضوا ،انتخبوا باالقتراع العام املباشرملدة 5سنوات 295 ،عضوا
192خالل هذه الوالية تم إصدار قانون الرفع من الحد األدنى املعفى من االقتطاعات الضريبية على األجور ،إضافة إلى صدور قانون الضريبة
على القيمة املضافة سنة ،1986وقانون الضريبة على الشركات سنة ،1988وقانون الضريبة العامة على الدخل سنة ،1990كما عرفت هذه
الوالية إصدار قانون التنظيم املالي للجماعات املحلية ،وقانون متعلق بالرسوم الجماعية ،وقانون يحدد بموجبه نظام الضرائب املستحقة
للجماعات املحلية وهيئاتها ،قانون متعلق بالضريبة الحضرية ،والقانون رقم 15.85املتعلق باتخاذ تدابير للتشجيع على االستثمارات العقارية،
إضافة إلى قانون االقتطاعات من البتانتا لصالح الغرف املهنية...إلخ.
-لالستزادة يراجع :مولود اسباعي ،م س ،ص 95-94
193عبد املجيد املصدق :كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء ،م س ،ص 17و18
194مولود اسباعي ،م ن ،ص131-130
195حيث تشكل مجلس النواب من 325عضوا ،انتخبوا باالقتراع العام املباشر ،وتحددت مدة واليته في 5سنوات ،بينما تشكل مجلس
املستشارين من 270عضوا ،انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر ملدة 9سنوات.
-لالستزادة يراجع - :مولود اسباعي ،م ن ،ص 151
51
منهم انتخبوا على صعيد الدوائر االنتخابية املحلية ،و 30عضوا على الصعيد الوطني .أما مجلس
املستشارين فتكون من 270عضوا ،انتخبوا ملدة 9سنوات؛ ثالثة أخماس املجلس انتخبتهم في كل جهة
من جهات املغرب هيآت ناخبة مكونة من ممثلي الجماعات املحلية ،أما الخمسان الباقيان من أعضاء
املجلس فانتخبتهم بدورهم هيآت ناخبة من املنتخبين في الغرف املهنية ،وأعضاء انتخبتهم على الصعيد
الوطني هيأة ناخبة من ممثلي املأجورين.196
أما الوالية التشريعية التاسعة ( ،) 2011-2016وهي الوالية التشريعية األولى في ظل دستور ،2011
فقد أستمرالبرملان يعمل بنظام الغرفتين ،وقد تشكل مجلس النواب من 395عضوا انتخبوا باالقتراع
العام املباشرملدة 5سنوات ،أما مجلس املستشارين فقد تشكل من 120عضوا انتخبوا باالقتراع العام
غيراملباشرملدة 6سنوات ،واألمرنفسه استمر في الوالية العاشرة ( ،) 2016-2021وعلى ضوء ما سبق،
ومن خالل استقراء الوثيقة الدستورية لسنة ،2011فإن البرملان املغربي في النسق السياس ي يتكون من
مجلسين :مجلس النواب ومجلس املستشارين ،ويستمد أعضاؤه نيابتهم من األمة ،وحقهم في التصويت
حق شخص ي ال يمكن تفويضه ،كما أن املعارضة تعتبرمكونا أساسيا في املجلسين ،وتشارك في وظيفتي
التشريع واملراقبة ،197هذا ،وينتخب أعضاء مجلس النواب باالقتراع العام املباشرملدة خمس سنوات،
وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبرمن السنة الخامسة التي تلي انتخابهم ،وينتخب النواب رئيسا
للمجلس وأعضاء ملكتبهم ،ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها ،في مستهل الفترة النيابية ،ثم في سنتها
الثالثة عند دورة أبريل ملا تبقى من الفترة املذكورة ،وينتخب أعضاء املكتب على أساس التمثيل النسبي
لكل فريق.198
أما مجلس املستشارين فيتكون من 90عضوا على األقل ،و 120عضوا على األكثر ،ينتخبون
باالقتراع العام غيراملباشر ،ملدة ست سنوات ،على أساس التوزيع التالي:
-ثالثة أخماس األعضاء يمثلون الجماعات الترابية ،يتوزعون بين جهات اململكة بالتناسب مع عدد
سكانها ،ومع مراعاة اإلنصاف بين الجهات .ينتخب املجلس الجهوي على مستوى كل جهة ،من بين
أعضائه ،الثلث املخصص للجهة من هذا العدد ،وينتخب الثلثان املتبقيان من قبل هيئة ناخبة
تتكون على مستوى الجهة ،من أعضاء املجالس الجماعية ومجالس العماالت واألقاليم؛
52
-خمسان من األعضاء تنتخبهم ،في كل جهة ،هيئات ناخبة تتألف من املنتخبين في الغرف املهنية ،وفي
املنظمات املهنية للمشغلين األكثر تمثيلية ،وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني ،هيئة ناخبة
مكونة من ممثلي املأجورين.
وينتخب املستشارين رئيسا للمجلس وأعضاء مكتبهم ،ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها ،في مستهل
الفترة النيابية ،ثم عند انتهاء منتصف الوالية التشريعية للمجلس ،وينتخب أعضاء املكتب على أساس
التمثيل النسبي لكل فريق.199
وقد عمل املشرع الدستوري على إسناد االختصاص الحصري في املجال الضريبي للبرملان وملجال
القانون ،وهذا األمر ليس حكرا على املغرب بل نجده في عموم التشريعات التي تقرن الفرض الضريبي
بقبول من يمثل السيادة الشعبية .200هذا ،ويعتبر إسناد االختصاص الحصري في املجال الضريبي
للبرملان إحدى املبادئ األساسية للقانون العام التي تكمن في سلطة فرض الضريبة كإحدى تجليات
ممارسة السيادة ،أي سلطة سن القانون ،مما يعني االرتباط العضوي بين الضريبة والقانون.201
وقد كرس املشرع الدستوري هذا االرتباط العضوي بين الضريبة والقانون ،بموجب الفصل 71من
الدستور الحالي ،الذي نص على اختصاص القانون ،بالتشريع في النظام الضريبي ،ووعاء الضرائب،
ومقدارها وطرق تحصيلها ،كما نص الفصل 39من دستور ،2011202على أن للقانون وحده أمرإحداث
وتوزيع التكاليف العمومية ،أي أن االختصاص البرملاني يمتد لتحديد القواعد املتعلقة بجميع
الضرائب والرسوم وجميع املساهمات التي يدفعها املواطنون إلى خزينة الدولة.203
والوثيقة الدستورية على العموم تعطي ملؤسسة البرملان عددا من الصالحيات والوسائل التي توحي
بقدرته على املبادرة واملساهمة في صناعة القرار الضريبي ،فنجد املشرع الدستوري قد أعطى له الحق
في مناقشة مشاريع القوانين وإدخال التعديالت عليها ،إضافة إلى ما أوجد له من آليات للرقابة واملتابعة،
53
والتي تصل إلى حد إثارة املسؤولية السياسية للحكومة ،204غير أن الفحص الدقيق الختصاصات
البرملان املغربي وطريقة اشتغاله تظهرأن املغرب قد كرس مجموعة من القيود التي تحد من صالحياته
لصالح الجهاز التنفيذي ،205كالقيد املتعلق بتقزيم دور البرملان في تحديد القواعد املتعلقة بالتكاليف
العمومية وحصره في املادة الضريبية بمفهومها الضيق دون أن تشمل بعض الرسوم واملساهمات التي
تدخل في باب أشباه الضرائب '' "Parafiscalitéواالقتطاعات ذات الصبغة االجتماعية.206
وباملوازاة مع ذلك ،نجد نصوص أخرى تعطي للحكومة صالحية تحضير مشاريع املقتضيات
الضريبية ،حيث ينص الفصل 78من دستور 2011على أن لرئيس الحكومة حق التقدم باقتراح قوانين
بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي ،باإلضافة إلى صالحية الحكومة في التقدم بمشاريع قوانين املالية،
طبقا ملقتضيات الفصل 75من الوثيقة الدستورية ،وهي التي تضم في طياتها أهم املقتضيات
الضريبية ،وبالتالي فإن للحكومة صالحيات واسعة في مضامين هذا القانون ،أما سلطة البرملان
بخصوص تعديل املشروع األصلي لهذا القانون فتبقى ضعيفة ومحدودة.207
إن سحب بساط االختصاص البرملاني في املجال الضريبي عن طريق مشاريع قوانين املالية ذات
الطبيعة الحكومية ،هوما عملت الحكومة على تكريسه ،من خالل املادة 6من القانون التنظيمي املنظم
لقوانين املالية رقم ،130.13حيث نصت هذه املادة في فقرتها األخيرة على أنه " ال يمكن تعديل
املقتضيات الضريبية والجمركية إال بموجب قانون املالية " ،وهو األمرالذي اعتبره املجلس الدستوري
في قراره رقم 14.950م .د ،بعد إحالة رئيس الحكومة للقانون التنظيمي عليه ،بعدم مطابقة الفقرة
األخيرة من املادة 6للدستور ،بالرغم من كون قوانين املالية تتضمن بطبيعتها مقتضيات ضريبية
وجمركية ،باعتبارها جزءا أساسيا من األحكام املتعلقة باملوارد العمومية التي يعود لقوانين املالية
وحدها توقعها وتقييمها واإلذن فيها ،فإن ذلك ال يعني أن تعديل املقتضيات الضريبية والجمركية ،في
عموميتها ،ينحصر في قوانين املالية.
54
حيث إن حصر إمكانية تعديل املقتضيات الضريبية والجمركية في قانون املالية حسب قرار املجلس
الدستوري ،يجعل هذا التعديل خاضعا للشروط والجال املحددة في القانون التنظيمي للمالية،
ويفض ي بالتالي ،دون سند دستوري ،إلى تقييد صالحيات البرملان في التشريع باملجال الضريبي.208
وعموما فإن املمارسة العملية تؤكد الضعف الذي يسم عمل البرملان ،ومحدودية دوره في اتخاذ
قرارات مؤثرة ،فما تتمتع به الحكومة من صالحيات كابحة للمبادرات التشريعية ،إضافة إلى مركزية
املؤسسة امللكية وتوجيهها لعمل البرملان ،يجعل هذا األخير قاصرا عن القيام بدور مستقل ومؤثر ،وهو
ما يظهربجالء في املجال الضريبي.209
55
انطالقا مما سبق ،سنتحدث عن دور االتحاد العام ملقاوالت املغرب في صناعة القرارالضريبي ( أوال )،
فيما سنتحدث عن الدور الذي تلعبه املؤسسات املالية الدولية في توجيه القرار الضريبي بما يتماش ى
وتوجهات هذه املؤسسات (ثانيا).
وتعود نشأة االتحاد العام ملقاوالت املغرب ل 20أكتوبر ،1947حيث كان يحمل اسم '' االتحاد العام
ألرباب العمل باملغرب" ،ثم بعدها حمل اسم '' االتحاد البيمنهي االقتصادي واالجتماعي"في 5أبريل
،1956تلتها تسمية '' االتحاد العام االقتصادي املغربي" في 16أبريل ،1956ثم حمل االسم الحالي
"االتحاد العام ملقاوالت املغرب" سنة ،1995ويمثل االتحاد اليوم 900000عضوا مباشرا ومنخرطا
لدى السلطات العمومية واملؤسساتية ،ويعتبر بذلك أول شبكة ملقاولي املغرب حيث يضم تحت لوائه
33فدرالية مهنية جامعة لشركات وجمعيات مهنية في مختلف القطاعات.213
باإلضافة إلى الفيدراليات ،يتكون االتحاد العام ملقاوالت املغرب من 22لجنة دائمة ،تشكل قوة
للتفكير واالقتراح ،ومن بين هذه اللجان نجد " لجنة الشؤون الضريبية Commission de la fiscalitéé
" املكلفة بدراسة مختلف القضايا واملستجدات املتعقلة باملجال الضريبي ،وتقوم بتقديم االقتراحات
في هذا املجال بما يخدم مصلحة االتحاد ،وفي سبيل ذلك تقوم هذه اللجنة بإعداد الدراسات املتعلقة
بتطبيق اإلجراءات الجاري بها العمل ،أو إعداد مقترحات ترمي إلى تخفيف العبء الضريبي ،أو تلطيف
العالقة بين االتحاد واإلدارة الضريبية ،214فتوفراالتحاد على لجنة مختصة إضافة إلى مركزللدراسات
56
واالستثمارات االقتصادية واالجتماعية ،تجعله يتوفر على معلومات إحصائية وقانونية وضريبية
دقيقة ،تقوي مركزه في التشاور وإقناع الحكومة أو الفرق البرملانية بمواقفه. 215
وكمثال على قوة االتحاد العام ملقاوالت املغرب ومكانته ،نذكر مخرجات االجتماع الذي جمع بين
املدير العام للضرائب السيد "عمر فرج" ،ومكونات االتحاد العام ملقاوالت املغرب ،والذي خصص
ملناقشة العالقة بين اإلدارة الضريبية واملقاوالت وتكثيف املراقبة ،وتدارس استعمال الفصل 221
مكرر من املدونة العامة للضرائب املتعلق بالتصريحات املعدلة ،حيث قام املدير العام للضرائب بعد
هذا االجتماع بإصدارمذكرة توضيحية في هذا الشأن من أجل وضع حد لكل جدل في املوضوع. 216
وما يؤكد قوة االتحاد العام ملقاوالت املغرب في التأثير على القرار الضريبي ضغطه املستمر من أجل
تخفيض السعراألعلى للضريبة على الدخل حيث كان محددا في % 52في بادئ األمر ،ثم طالب االتحاد
بتخفيضه إلى %46ثم بعد ذلك إلى %44ثم إلى ،217%40ثم إلى % 38وهو السعر األعلى املطبق
حاليا.218
ويتقدم االتحاد العام ملقاوالت املغرب عند مناقشة مشاريع قوانين املالية بمجموعة من املقترحات
في املجال الضريبي والتي تخدم مصلحة أعضائه من قبيل تلك املقترحات التي قدمها بشأن مشروع
قانون املالية لسنة ، 2017حيث اقترح فيما يخص الضريبة على الشركات التدرج في احتساب ضريبة
الدخل على الشركات وتبني مفهوم الضرائب على املجموعة من خالل وضع منظومة ضريبية تأخذ بعين
االعتبارخصوصيات املعامالت بين املجموعات وتدعيم إنتاجها.
أما فيما يتعلق بالضريبة على القيمة املضافة فقد اقترح االتحاد العمل بخيار النسبتين ،حيث أن
هذا االقتراح من وجهة نظر االتحاد من شأنه مواجهة القطاع غير املهيكل خاصة ،عبر خفض نسبة
الضريبة على القيمة املضافة على بعض املنتوجات والخدمات املستهدفة من قبل القطاع غيراملنظم،
57
وكذا عن طريق حذف الرسوم شبه الضريبية من أجل إدماج القطاع غير املهيكل في النسيج
املقاوالتي.219
إضافة إلى ذلك ،فإن االتحاد العام ملقاوالت املغرب يتوفر على فريق بمجلس املستشارين ،وعن
طريقه يعبر االتحاد عن مواقفه فيما يتعلق باإلجراءات الضريبية التي تحملها مشاريع قوانين املالية
بشكل مؤسساتي عند دراستها والتصويت عليها بمجلس املستشارين ،كما يعقد االتحاد جلسات
تشاورية مع بعض النواب البرملانين أو مع رؤساء الفرق وكذا اللجان البرملانية املختصة ،بل األكثر من
ذلك فهو يمد هذه األطراف بما يدعم اقتراحاته بالنظر إلى عدم توفرها على مراكز دراسية شبيهة بتلك
التي يتوفرعليها االتحاد.220
عموما يمكن القول بأن االتحاد العام ملقاوالت املغرب يلعب دورا هاما في التوجيه والتأثيرعلى القرار
الضريبي ،بما يجعل هذا القرارفي خدمة مصالح أعضائه .غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو
العالقة التي تربط االتحاد العام ملقاوالت املغرب بالسلطة ،خاصة وأن االتحاد ال يتقدم إلى رئاسته إال
مرشح واحد وغالبا ما يطلق عليه مرشح السلطة ،والذي ال يجرؤ أي أحد على مواجهته بناء على هذا
الترخيص " ،" Agrémentاألمرالذي يجعل القطاع الخاص خاضع للمراقبة.221
يرجع '' ريمي لوفو '' في كتابه " الفالح املغربي املدافع عن العرش " مراقبة امللكية للقطاع الخاص إلى
محاولة امللك الرامية إلى شراء التعاطف والوالء خاصة بعد املحاولتين االنقالبيتين لسنتي
1971و ،1972وتجنب قيام أي محاولة انقالبية ناجحة في املستقبل ،خاصة بعد بداية تباعد بعض
املسؤولين السياسيين وكباراملوظفين من نظام الحكم ،حيث قام امللك باستعمال مزيجا من املحفزات
اإليديولوجية ،واملكافآت املادية ،بفتح أبواب املجال االقتصادي في وجه الجيل األول من املسؤولين
السياسيين واإلداريين الذين سبق لهم أن ولجوا إلى ميدان املسؤولية في عقد الستينات .ومن األهمية
أن نشير إلى أن القطاع الخاص الصناعي والتجاري قد ظل في أغلبيته تحت الهيمنة األجنبية إلى حدود
.1973ومن خالل اتخاذ القراربمغربته ،وباسترجاع األراض ي التي كانت بيد الحماية ،أصبح املجال الذي
58
يمكن للملك أن يمنح رخص الولوج إليه بقرارشخص ي مجاال واسعا .222األمرالذي نتج عنه أن ال أحد
من املقاولين املغاربة استطاع أن يتبوأ مكانة مهمة عبر القطاع الخاص بدون املوافقة الشخصية
للملك ،وفي بعض األحيان كان تدخل امللك يتخذ شكل دعوة بتولي املسؤولية في هذه املقاولة أو تلك مع
توفيرالدعم املالي أو الشخص ي من قبل امللك. 223
ويعود تاريخ نشأة كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي إلى سنة 1944على إثراتفاق "برتون
وودز" ،من أجل ضبط االقتصاد العالمي والسهر على استقرار النظام النقدي الدولي ،وكذا تمويل
العجز الذي يعرفه ميزان األداءات لبعض الدول ،وأيضا إعادة بناء االقتصاديات التي دمرتها الحروب
بواسطة قروض لتمويل مشاريع التنمية ،225غيرأن تدخالت املؤسسات الدولية تبدو ،في الواقع ،أشبه
ما تكون بغزوات جيوش متحاربة .ألنها في كل تدخالتها تنتهك سيادة الدول ،وتجبرها على تنفيذ إجراءات
ترفضها األغلبية العظمى من املواطنين ،وتخلف وراءها مساحة عريضة من الخراب االقتصادي
واالجتماعي.226
وقد عرف املغرب أزمات مالية حادة هددت كيان الدولة ،األمر الذي دفع السالطين في نهاية القرن
التاسع عشر وبداية القرن العشرين بالسماح لالستعمار الفرنس ي واالسباني ببسط سيطرته عليه عن
طريق ارتفاع املديونية الخارجية .وبالنظر لعدم قدرته على الدفع ،وبعد مرور قرن من الزمن مازال
املغرب يتأرجح داخل دوامة املديونية.واليوم تغيرت التسميات والفاعلون معها ،وبقيت أداة املديونية
222ريمي لوفو :الفالح املغربي املدافع عن العرش ،تعريب محمد بن الشيخ ،منشورات وجهة نظر ،سلسلة أطروحات وبحوث جامعية(،)2
مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،2011ص 292
223م ن ،ص294
224سامي يوسف كمال محمد :قروض املؤسسات املالية الدولية االستعمار االقتصادي لألمم ،دون ذكر دار النشر ،طبعة ،2019ص4
225أحمد إفقيرن ،م س ،ص137-136
226أرنست فولف :صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العاملية ،ترجمة عدنان عباس علي ،سلسلة عالم املعرفة الصادرة عن املجلس
الوطني للثقافة والفنون واألدب -الكويت ،2016 ،ص20
59
تلعب نفس الدور املتعلق بسلب السيادة السياسية واالقتصادية من الشعوب وتحويلها لصالح مراكز
القراراملالية.227
ومن نماذج تدخل املؤسسات املالية الدولية في الشؤون الداخلية للمغرب ،رفض املؤسسات املالية
الدولية مد حكومة عبد هللا إبراهيم بالقروض املالية التي طلبتها الحكومة ،بالنظر للتوجهات
االقتصادية واالجتماعية التي تقوم عليها ،والتي ال تتماش ى والتوجه االقتصادي لهذه املؤسسات. 228
كما أدى تدهور الوضع االقتصادي سنة 1964إلى تفجير أزمة مالية مهدت الطريق أمام تدخل
املؤسسات املالية في الشؤون الداخلية للبالد ،وتجلت مهمة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في
تقييم إمكانيات التنمية االقتصادية للبالد ،وقد أوص ى تقرير صندوق النقد الدولي باعتماد برنامج
استثماري تغلب على أولوياته البنيات األساسية االقتصادية ،وبعض األنشطة املنتجة التي من شأنها
جلب العملة الصعبة ،وقد صاحبت هذا البرنامج االستثماري سياسات متشددة في مجالي النقد
وامليزانية ،أضافت لتقليص مستوى النفقات العمومية ،ارتفاعا قويا في الضرائب غير املباشرة وغيرها
من الضرائب على االستهالك ،229ولن نبالغ إذا قلنا أن اإلدارة الضريبية في املغرب استخدمت منذ
الستينات ،كل تقنياتها بهدف مالءمة الوعاء الضريبي مع عادات األسر االستهالكية ،بحيث أضحت
الضرائب غيراملباشرة تمس تقريبا جميع املواد االستهالكية.230
ومن نماذج التدخل في الشؤون الداخلية للبالد ،نذكر الدراسة التي أنجزها البنك العالمي بشأن
قروض التقويم الهيكلي وقروض التقويم القطاعي التي منحت إلى 15دولة ما بين 1980و ،1987ومن
ضمنها املغرب الذي صنف ضمن الئحة الدول األكثر مديونية في العالم ،تبين أن قروض البنك العالمي
انصرفت إلى برامج التثبيت في مجاالت الضريبة وامليزانية ،231وانطالقا من هذه التوصيات تم بلورة
قانون إطارلإلصالح الضريبي وافق عليه مجلس النواب في دجنبر ،1982وصدرفي أبريل ،1984وقد جاء
هذا القانون اإلطار لتحديد التوجيهات واملبادئ العامة لإلصالح الضريبي ،وقد دخلت النصوص
" 227نظام املديونية :كيف تخلى املغرب عن سيادته االقتصادية" ،مقال منشور على موقع أطاك املغرب www.attacmaroc.orgتاريخ الزيارة
14.03.2020على الساعة 14:00زوال.
228أحمد إفقيرن ،م س ،ص138
229نجيب أقصبي ،م س ،ص18-17
230حميد نهري بن محمد ،م س ،ص 320
231أحمد إدعلي ،م س286 ،
60
التطبيقية لهذا اإلصالح من خالل الضريبة على القيمة املضافة سنة ،1986والضريبة على الشركات
سنة ،1987ثم أخيرا الضريبة العامة على الدخل والضرائب املحلية سنة 1989.232
إن تدخل املؤسسات املالية في صناعة القرارالضريبي ،جعل هذه املؤسسات منذ سنة 1964تشكل
الطرف الثاني في صناعة جل القرارات داخل املغرب ،األمرالذي جعل األستاذ "نجيب أقصبي" يعتبرهم
إلى جانب امللكية الفاعلين األساسيين صاحبي املخططات والقرارات في املجال الضريبي.233
61
الفصل الثاني :القرارالضريبي والعدالة
الضريبية في النظام الضريبي املغربي
على إثر أزمة املديونية التي عرفها املغرب في أواخر السبعينات من القرن املاض ي ،وبهدف مساعدة
املغرب على تخطي هذه األزمة أوفد صندوق النقد الدولي لجنة ملعاينة الحالة االقتصادية واملالية
للبالد ،واقترح الحلول الكفيلة بتجاوزها .وانتهت هذه اللجنة إلى إعداد تقرير في 22مارس ،1979
يتضمن جرد املساوئ النظام الضريبي القائم واقتراح مشروع إصالح بديل .234وستقوم السلطات
العمومية بإنشاء لجنة مكلفة بدراسة املشروع ومحاولة مغربته ،وبالفعل فقد تمت املوافقة بمجلس
النواب في دجنبر 1982على القانون اإلطار لإلصالح الضريبي ،لكن إصداره لم يتم إال بعد مرور سنتين
أي في أبريل 1984ليدخل في إطار برنامج التقويم الهيكلي ،مستهدفا تحقيق أكبر فائض مالي ممكن
وتوجيهه لسداد الديون املستحقة على الدولة.235
وستتم أجرأة قانون اإلطارلإلصالح الضريبي عبرمجموعة من النصوص التطبيقية والتي اتجهت إلى
تبسيط بنية النظام الضريبي من خالل دمج وتوحيد عدد من الضرائب.236
بناء على ما سبق سنحاول في هذا الفصل دراسة بنية النظام الضريبي املغربي ومعرفة واقع العدالة
الضريبية فيه ( املبحث األول) ،ثم الوقوف على آثار غياب العدالة الضريبة على بنية النظام الضريبي
املغربي ،والسبل التي يمكن عبرها تحقيق نوع من العدالة الضريبة في بنية النظام الضريبي املغربي
(املبحث الثاني).
234رشيدة سيف الدين :سؤال اإلصالح الضريبي باملغرب ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-سطات ،جامعة الحسن األول ،املوسم الجامعي ،2013-2012ص23
235س ي محمد غضبان ،م س ،ص126
236م ن
62
املبحث األول :بنية النظام الضريبي املغربي وواقع العدالة
الضريبية
دخل القانون اإلطارلإلصالح الضريبي حيزالتنفيذ في 23أبريل 1984تزامنا مع دخول برنامج التقويم
الهيكلي لسنة 1983والذي كان من بين أهدافه :تقويم املالية العمومية والتحكم في نسبة النمو،
واللجوء إلى سياسة التقشف من أجل التقليص التدريجي لعجزالخزينة ،مع ضمان تمويل جزء متزايد
من نفقات االستثمار.237
وسنحاول في هذا املبحث ،الوقوف على بنية النظام الضريبي املغربي ،وواقع العدالة الضريبية فيها
(املطلب األول) ،في حين سنخصص ( املطلب الثاني ) للحديث عن أسباب غياب العدالة الضريبة عن
بنية النظام الضريبي املغربي.
وسنحاول من خالل هذا املطلب الوقوف على بنية النظام الضريبي املغربي في ( الفقرة األولى) ،فيما
سنخصص ( الفقرة الثانية) لدراسة واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي.
63
ضريبتين مباشرتين :األولى تهم األشخاص الذاتيين واملتمثلة في الضريبة العامة على الدخل سابقا ،والتي
أصبحت تسمى الضريبة على الدخل بموجب قانون مالية ،2007والثانية تهم األشخاص املعنويين
واملتمثلة في الضريبة على الشركات .أما بالنسبة للضرائب الغير مباشرة فتم تبني قانون الضريبة على
القيمة املضافة.240
ومن خالل قراءة أولية للنص القانوني املنظم للضريبة على الدخل يتبين أن وعاءها يضم خمسة
مصادر اقتصادية ،242وهي كل من الدخول املهنية ،الدخول الناتجة عن املستغالت الفالحية ،األجور
والدخول املعتبرة في حكمها ،الدخول واألرباح العقارية ،والدخول واألرباح الناتجة عن رؤوس األموال
املنقولة.243
-1الدخول املهنية :244وتتمثل في مختلف العوائد والحاصالت املحددة قانونا ،والدخول املحصلة من
املهن التجارية والصناعية والحرفية التي يزاولها األشخاص الذاتيين ،ثم الحاصالت والنتائج التي
يحققها املستثمرون العقاريون ،وتجار األمالك العقارية ومجزئي األراض ي ،ونتائج االستغالل التي
تحققها شركات التضامن ،وشركات التوصية البسيطة ،والشركات الفعلية التي تتألف من شركاء
ذاتيين أو معنويون غيرالخاضعين للضريبة على الشركات.
240حميد النهري بن محمد :محاضرات في النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية باملغرب ،مطبعة سلكي أخوين-طنجة ،الطبعة الثانية،
،2013ص 66
241املادة 21من املدونة العامة للضرائب ،املحدثة بموجب املادة 5من قانون املالية رقم 43.06للسنة املالية 2007الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.06.232بتاريخ 31ديسمبر ،2006طبعة ،2021متوفرة على موقع املديرية العامة للضرائب www.tax.gov.maتاريخ اإلطالع
12.05.2021على الساعة 10:00صباحا.
242حميد النهري بن محمد ،م س ،ص 67
243املادة 22من املدونة العامة للضرائب
244تعرف الدخول املهنية تباينا في أنظمة التقدير ،تبعا لطبيعة النشاط املنهي ،وبحسب حجم رقم املعامالت وبحسب اختيار املكلف إذا كان
القانون يجيز ذلك ،وقد ميز املشرع في إطار الدخول املهنية بين نظام القانون وهو نظام الناتج الصافي الحقيقي ،فضال عن أنظمة استثنائية
تتمثل في نظام املساهمة املهنية املوحدة الذي عوض نظام التقدير الجزافي ،ثم نظام الناتج الصافي املبسط ونظام املقاول الذاتي.
64
-2الدخول الزراعية :245وتتمثل في األرباح املحققة من طرف فالح أومرب للماشية أوهما معا ،واملتأتية
من كل نشاط متعلق باستغالل دورة إنتاج نباتية أوحيوانية أوهما معا تكون منتجاتها معدة لتغذية
اإلنسان أو الحيوان أو هما معا ،وكذا األنشطة املرتبطة بمعالجة تلك املنتجات باستثناء أنشطة
التحويل املنجزة بواسطة وسائل صناعية.246
-3األجور والدخول املعتبرة في حكمها :تتمثل في املرتبات والتعويضات واملكافآت ،واألجور ،واإلعانات
الخاصة ،واملبالغ الجزافية املرجعة عن املصاريف وغيرها من املكافآت املمنوحة ملسيري الشركات،
واملعاشات ،واإليرادات العمرية ،واملنافع النقدية أو العينية املمنوحة زيادة على الدخول السابق
ذكرها.247
-4الدخول واألرباح العقارية :وتتمثل في الدخول املحققة من إيجار العقارات املبنية وغير املبنية،
والعقارات الزراعية ،ويدخل في ذلك املباني واملعدات الثابتة واملتحركة املرتبطة بها ،وكذلك بيع
عقارات واقعة في املغرب ،أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بالعقارات ..إلى غيرها من الدخول
واألرباح املحددة بموجب املادة 62من املدونة العامة للضرائب.
-5الدخول واألرباح الناشئة عن رؤوس األموال املنقولة :وتتمثل في عوائد األسهم وحصص املشاركة
والدخول املعتبرة في حكمها ،والحاصالت من التوظيفات املالية ذات الدخل الثابت ،وعائدات
شهادات الصكوك ...إلى غيرها من األرباح والدخول املحددة بموجب املادة 66من املدونة العامة
للضرائب.
والضريبة على الدخل تفرض كل سنة على مجموع الدخل الذي حصل عليه الخاضع للضريبة خالل
السنة السابقة ،غير أن الضريبة تفرض ،فيما يخص األجور والدخول املعتبرة في حكمها خالل سنة
تملكها مع مراعاة التسوية ،إن اقتض ى الحال ،على أساس الدخل اإلجمالي ،248وتفرض في مكان املوطن
الضريبي للخاضع للضريبة أو مكان مؤسسته الرئيسية ،هذا ويتعين على الخاضع للضريبة إذا لم يكن
له باملغرب موطن ضريبي أن يختارلنفسه موطنا ضريبيا باملغرب.249
245تفرض الضريبة على الدخول الزراعية وفق نظامين؛ نظام الربح الجزافي ،نظام النتيجة الصافية الحقيقية.
246املادة 46من املدونة العامة للضرائب
247املادة 56من املدونة العامة للضرائب
248املادة 71من املدونة العامة للضرائب
249املادة 72من املدونة العامة للضرائب ،والتي تنص أيضا على ضرورة إخبار إدارة الضرائب بكل تغيير يطرأ على املوطن الضريبي أو مكان
املؤسسة الرئيسية في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم أو تسلم إليها مقابل وصل أو بتقديم إقرار محرر على أو وفق مطبوع نموذجي تعده
اإلدارة داخل 30يوما املوالية لتاريخ التغيير ،وفي حالة القيام بذلك ،تفرض الضريبة على الخاضع لها ويتم تبليغه في آخر عنوان معروف له.
65
أما عن سعرالضريبية فيتم تحديده على النحو التالي:
النسبة الشريحة
معفاة من الضريبة شريحة الدخل إلى غاية 30,000درهم
10 % شريحة الدخل من 30,001إلى 50,000درهم
20 % شريحة الدخل من 50,001إلى 60,000درهم
30 % شريحة الدخل من 60,001إلى 80,000درهم
34 % شريحة الدخل من 80,001إلى 180,000درهم
38 % شريحة الدخل التي تزيد عن 180,000درهم
تركيب شخص ي باالعتماد على املادة 73من املدونة العامة للضرائب -
-األولى تتمثل في إلغاء التعددية الضريبية التي كانت تخضع لها الشركات فيما قبل وتجميع مختلف
دخولها في مادة واحدة ( الدخول الكرائية ،الفالحية ،واملهنية) ،وحتى تتكيف مع الواقع الجديد
آنذاك والقاض ي بخلق ضريبة على دخل األشخاص الذاتيين.
-والثانية تهدف األخذ بعين االعتبار التوجهات الجديدة في االقتصاد القائمة على سياسة التقويم
الهيكلي واملتأثرة باألفكار الجديدة التي سادت البالد املصنعة مع بداية عقد الثمانينات .وبالتالي
جعل الضريبة تتالءم أكثر مع الدور املراد أن يلعبه االستثمار الخاص واملبادرة الحرة التي تعتبر
الشركات آليتها املحركة.251
فالضريبة على الشركات ،إذن سعت إلى إحداث أسلوب جديد أكثر تطورا ،ومالئمة ،ثم ذا مردودية،
وذلك رغبة في إنعاش االقتصاد الوطني ،وتشجيع الشركات على االستثمار الذي يعتبر آلية ووسيلة
66
أساسية لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية ،ولتحقيق املردودية املالية التي تعتبر الهاجس
األساس ي الذي أطراإلصالح.252
وتحسب الضريبة على الشركات باعتبار الربح املحقق خالل كل سنة محاسبية والتي ال يمكن أن
تتعدى 12شهرا .فإذا طالت مدة تصفية شركة من الشركات فإن الضريبة تحسب باعتبار النتيجة
املؤقتة لكل فترة من فترات 12شهرا.253
وتفرض الضريبة على الشركات بالنسبة إلى مجموع حاصالتها وأرباحها ودخولها في املكان الذي يوجد
به مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية باملغرب.254
ويتضح من خالل املادة 19من املدونة العامة للضرائب ،أن سعرالضريبة ينقسم إلى أربعة أصناف،
وكل صنف يتضمن سعرا محددا ومختلفا عن الخر ،وهذه األصناف تتمثل في:
-السعرالعادي :ويتكون من ثالثة أسعار ،سعربنسبة ،% 10ثم نسبة ،% 20ثم نسبة . % 31
-السعرالنوعي :يحدد السعرالنوعي للضريبة على الشركات في . % 15
-السعراملحجوز في املنبع :يتكون من ثالثة أسعار ،سعربنسبة ، %10ثم نسبة ، % 15ثم نسبة 20
.%
252أحمد إفقيرن :اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض ،2013-2012 ،ص 28
253املادة 17من املدونة العامة للضرائب ،كما تنص على أنه إذا أبانت النتيجة النهائية للتصفية وجود ربح يفوق مجموع األرباح املفروضة عليها
الضريبة خالل فترة التصفية ،فإن تكملة الضريبة املستحقة تساوي الفرق بين مبلغ الضريبة النهائي واملبالغ التي سبق دفعها .وفي حالة العكس
تسترد الشركة جميع أو بعض هذه املبالغ.
254املادة 18من املدونة العامة للضرائب ،كما تنص على أنه في حالة اختيار الخضوع للضريبة على الشركات:
-تفرض الضريبة على شركات املحاصة في املكان الذي يوجد فيه مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية باملغرب وذلك في اسم
الشريك املؤهل للتصرف باسم كل شركة من هذه الشركات والذي يمكنه إلزامها؛
-تفرض الضريبة على شركات األشخاص فياسم هذه الشركات وفي املكان الذي يوجد به مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية.
67
األنظمة الضريبية .فهي عصرية من حيث ميكانيزماتها ،وهي كذلك من أول الضرائب التي اعتمدت نظام
املعلوميات نظرا ملا تتسم به من مردودية عالية.255
وقد تبنى املشرع فيما يخص أسعار الضريبة على القيمة املضافة نظاما تعدديا ،حيث عمل على
تقليص األسعاروالتي كانت تصل إلى 11سعرا في ظل النظام القديم ( الضريبة على املنتوجات والضريبة
على الخدمات) .وأصبحت حاليا ال تتعدى أربعة أسعار.256
ويتضح من خالل استقرائنا ملقتضيات املدونة العامة للضرائب ،أن املشرع قسم سعرالضريبة على
القيمة املضافة إلى صنفين وفق الشكل التالي:
-السعرالعادي :يحدد السعرالعادي للضريبة على القيمة املضافة بنسبة .257 % 20
-األسعاراملخفضة :تتكون من ثالثة أسعار ،السعراملخفض األول بنسبة ، % 7ثم السعراملخفض
الثاني بنسبة ، %10ثم السعراملخفض الثالث بنسبة .258 % 14
68
ومفهوم العدالة الضريبة في حد ذاته الزال صعب التحديد ،غامضا ،ومعقدا ،وغالبا ما يتم تفسيره على
أسس إيديولوجية.261األمر الذي جعل كل من "جيل .ن .الرين" و " لين التوليب " يتساءالن حول ما هو
األمرالعادل؟ وهل يمكننا استخراج مبادئ موضوعية إلى حد ما ،تسمح بتقييم العدالة الضريبية262؟
هذه املبادئ املوضوعية التي يتحدث عنها الباحثان ،هي التي عمل األستاذ " أورهان " على التأسيس
لها ،من خالل تقسيم مفهوم العدالة الضريبة إلى قسمين:
-العدالة األفقية ،وتعني نفس الضريبة لكل املكلفين الذين يتوفرون على نفس املستوى من الدخل،
أي العدالة أمام الضريبة .واإلجراءات التمييزية تعد تحريفا لهذا املبدأ؛
-العدالة العمودية ،وتقض ي بتمييز املكلفين حسب مقدراتهم التكليفية .وتدخل هنا معايير تمييز
املكلفين ،أي العدالة بواسطة الضريبة ،حيث تمنح تسهيالت ضريبية لصالح الفئات محدودة
الدخل.263
دراسة واقع عموما ،فعدم وضوح مفهوم العدالة الضريبية من الناحية النظرية ،ال يمنعنا من 264
69
فمبدأ العدالة الضريبية داخل الضريبة نفسها مفتقد ،على حد تعبيراألستاذ " نجيب أقصبي" ،ويمكن
أن نقول األمرنفسه عندما نتحدث عن العدالة بواسطة الضريبة .فإذا كنت أجيرا تحصل على 20ألف
درهم ستؤدي ، % 38بينما ستنخفض الضريبة عندما يأتي دخلك من الريع أو املضاربة في البورصة.266
وفيما يتعلق بمقياس الضريبة على الدخل ،فإن التصاعد في املعدل الضريبي على مستوى األشطر
الدنيا واملتوسطة أكبربكثيرمن التصاعد في الدخل نفسه ،وهذا بذاته هو تعريف املقياس غيرالتدرجي،
والذي يميزبعينه النظام الضريبي املغربي غيرالقائم على املساواة.267
إن تركيز التضريب على الطبقتين الدنيا واملتوسطة وبشكل خاص على ذوي الدخول األجرية ،في
الوقت الذي يخضع ذوي الدخول املرتفعة لنسب تصاعدية متدنية إضافة إلى استفادة بعض عناصر
دخلهم ذات املصدراملنهي والرأسمالي من عدة استثناءات ضريبية تفضيلية ،يبرهن لنا أن صانعي القرار
الضريبي قد غلبوا الهاجس املالي على حساب هاجس بلورة نظام ضريبي متوازن يضمن الحد األدنى من
العدالة الضريبية.268
أما على مستوى الحد األدنى املعفى من الضريبة على الدخل والذي يصل إلى 30.000درهم ،فيبقى
ضعيفا إذا ما قورن بحجم الدخل الفردي وغالء أسعاراملواد األساسية التي ما فتأت تتزايد بشكل مهول
دون اكتراث بظروف امللزم املعيشية .هذا مع العلم بأن املغرب يحتل املرتبة 130فيما يخص مستوى
الدخل الفردي.269
266نجيب أقصبي ،نظامنا الضريبي يخدم الرأسمال ويزيد الضغط على األجراء والطبقة املتوسطة ،مقال منشور على موقع www.psu.ma
تاريخ اإلطالع 14.04.2021
267منظمة أوكسفام ،م س ،ص10
268حسن بوغش ي :إشكالية عدالة السياسة الجبائية باملغرب ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-أكادير ،جامعة ابن زهر ،املوسم الجامعي ،2017-2016ص 34
269أحمد مدني حميدوش :إشكالية العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي وسؤال النموذج التنموي املأمول ،املساطر الضريبية بين
تحدي األمن القانوني والقضائي الضريبي وسؤال العدالة والتنمية الجبائية ،مؤلف جماعي ،مطبعة املعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة األولى،
،2021ص 30-29
70
حيث منحى تطورها ،تسيرالضريبة على الشركات في اتجاه تصاعدي ،270حيث ارتفعت حصتها في مجموع
املداخيل الضريبية منتقلة إلى % 24.4ما بين 2006و ،2012مقابل % 17.1ما بين 2001و ،2005مع
تسجيل نسبة عالية بلغت % 27.7سنة ،2008و % 28.8سنة ،2009وذلك رغم التخفيض التدريجي
ملعدل الضريبة من % 35سنة 1995إلى % 30سنة 2008.271
إن السمة الرئيسية للضريبة على الشركات في املغرب هي تركيزها على عدد قليل جدا من الشركات.
فوفقا لتحقيق أجرته مؤسسة " أنفوريسك " 2في عام ،2017فإن أفضل 10شركات مغربية تساهم
بنسبة % 25من إيرادات الضريبة على الشركات .ويرتفع هذا الرقم إلى % 37عندما يتم الحديث عن
أفضل 100شركة في املغرب.272
والعبء الضريبي ،ال سيما في مجال الضريبة على الشركات ،يؤثر على املقاوالت بشكل يفتقد
للمساواة ،وفي الحقيقة ،فإنه ال يطال إال عدد قليال من الشركات ،273بالنظر لكون نسبة كبيرة من
الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات تعلن عن نتائج سلبية أو محايدة ،األمرالذي يعفيها من أداء
هذه الضريبة .ففي سنة ،2010من بين 155000مقاولة خاضعة للضريبة على الشركات ،عمليا 2/3
من الشركات تعلن نتائج سلبية أومحايدة .وفي سنة 2011حيث ارتفع عدد املقاوالت الخاضعة للضريبة
على الشركات إلى ،165740تؤدي % 2من املقاوالت الكبرى ( حوالي 3300مقاولة ) ما قدره % 80من
الضريبة على الشركات ،علما أنه باإلضافة إلى كون % 78من املقاوالت الصغيرة جدا ( أقل من 3ماليين
في رقم أعمالها) ،تصرح % 85منها بالعجز أو ال تؤدي إال املساهمة الدنيا بحسب ما عبر عنه األستاذ
''نجيب أقصبي''.274
هذا دون الحديث عن مستويات التضريب الذي تخضع له الشركات ،حيث إن هناك العديد من
املقاوالت تستفيد من التحفيزات الضريبة التي تتوزع على شكل إعفاءات دائمة وتخفيضات دائمة وبين
إعفاءات مؤقتة وتخفيضات مؤقتة.275
71
ثالثا :الضريبة على القيمة املضافة وسؤال العدالة الضريبية
إن املتتبع لسلسة التعديالت التي همت الضريبة على القيمة املضافة منذ دخولها إلى حيز التطبيق
بداية من فاتح أبريل ،1986يكشف عن خطة املشرع في تغليب هاجس املردودية على حساب العدالة
الضريبية.276
وعلى الرغم من كون الضريبة على القيمة املضافة تعرف بأنها أكثرالضرائب حيفا ،277إال أنها ال تزال
األداة الضريبية الرئيسية في العديد من البلدان عبر العالم بما في ذلك املغرب .حيث تمثل إيرادات
الضريبة على القيمة املضافة ما يقارب نصف اإليرادات الضريبية للبلد كل سنة.278
ومن ناحية املنتوجات ،زادت إيرادات الضريبة على القيمة املضافة بالنسبة للمنتجات الزراعية
والصناعية بشكل أسرع من إيراداتها بالنسبة للخدمات ،هذا الوضع الذي يضاف إلى نسبة استهالك
أعلى لهذه املنتجات بين الفئات األكثر فقرا ،يطرح مشكلة حقيقية من حيث اتساع التفاوتات بالنظر
إلى أن املنتجات الصناعية أوالغذائية الزراعية عموما في حالة املغرب تستهلك أكثرمن قبل األسراألكثر
فقرا مقارنة مع األسراألكثرغنى ،279كما أن هيكلة معدالت الضريبة على القيمة املضافة خطيرة خاصة
على املستوى االجتماعي ومخالفة ملا أعلن عليه صانعي القرارالضريبي من سعيها للتخفيض والحد من
الف قر ،فكيف سنشرح للمواطن البسيط أن مصبرات الطماطم ،الجبن ،املربى تضرب بالسعر العادي
،% 20في حين أن املواد املصنعة من املعادن النفيسة معفية من الضريبة على القيمة املضافة ،ما يؤكد
لنا ذلك هو تطبيق سعر % 10أو % 20على بعض املواد والخدمات التي كانت معفاة قبل قانون مالية
.2014280إن الضريبة على القيمة املضافة تقوم على أسعار قيمية تطبق على الجميع بدون تمييزودون
مراعاة القدرة التكليفية للخاضع للضريبة ،كما تعتبرأسعارالضريبة على القيمة املضافة جد مرتفعة
72
وتشكل حيفا تجاه الفئات الضعيفة اقتصاديا ،وهذا إن دل على ش يء إنما يدل على أولوية الهدف املالي
لصانعي القرارالضريبي على حساب العدالة الضريبية. 281
بناء على ما سبق ،سنحاول دراسة كل من التشجيعات الضريبية في ( الفقرة األولى ) ،ثم التصاعدية
التنازلية التي يعرفها النظام الضريبي املغربي في ( الفقرة الثانية) ،سواء فيما يتعلق بالضرائب املباشرة
أو الضرائب غيراملباشرة.
73
الفقرة األولى :كثرة التشجيعات الضريبية
يتضمن النظام الضريبي املغربي ،عدة إجراءات تشجيعية ( إعفاءات ،أو تخفيضات من الضريبة
،)...تم سنها من طرف املشرع بغية تحقيق أهداف اقتصادية ،تتمثل في تشجيع االدخارأو االستثمار.
ويبقى الطابع األساس ي الذي يميز هذه اإلجراءات هو تنوعها وتشتتها ،كما أنها ال تلقى اهتماما كبيرا
من طرف أغلب الباحثين ،مع أنها تمثل تنازال من طرف الدولة عن إيرادات ضريبية مهمة.284
وقد شملت التشجيعات الضريبية كل بنية النظام الضريبي املغربي ،وعليه سنحاول دراسة تجليات
هذه التشجيعات الضريبية على مستوى كل من الضرائب املباشرة ( أوال) والضرائب غير املباشرة
(ثانيا).
األولى تهم األشخاص الذاتيين واملتمثلة في الضريبة على الدخل ،والثانية تهم األشخاص املعنويين
واملتمثلة في الضريبة على الشركات.285
وسنحاول ،لضرورة منهجية ،دارسة التشجيعات الضريبية املتضمنة في الضريبة على الشركات ،دون
الخوض في تلك املقررة بموجب الضريبة على الدخل.
وعلى وجه العموم ،يمكن القول بأن الوظيفة االقتصادية للضريبة لم تعد تقتصر على تشجيع
االدخارفقط ،بل تهم أيضا تشجيع االستثمار ،والضريبة على الشركات تبقى قبل كل ش يء تهم الرأسمال
وبالتالي يمكن أن تؤثر سلبا على تطور املقاولة واالستثمار إذا كانت قوية .لذلك فهي تتضمن مجموعة
74
من اإلجراءات االستثنائية التي تعتبر تدخال ضريبيا بهدف تخفيف العبء عن املقاوالت وتشجيعها على
االستثمار .وسنحاول في هذه الدراسة التطرق ألهم اإلجراءات الضريبية االستثنائية.286
وقد عملت وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة في إطارالتقريراملتعلق بالنفقات الجبائية املرفق
بمشروع قانون املالية لسنة 2021على إحصاء 58تدبيرهم الضريبة على الشركات ،وقامت بتقييم 47
تدبير ،وحددت كلفتها املالية في 5076مليون درهم ،حيث شكلت % 17.6من حصة التدابيراالستثنائية
التي يعرفها النظام الضريبي املغربي في مجمله.287
وتوزعت هذه التدابيرمن حيث توجهها االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،على النحو التي:
ولضرورة منهجية سنقتصر في حديثنا فقط على بعض النماذج من التدابيراالستثنائية التي تم
تقييمها برسم الضريبة على الشركات.
75
-2املنشآت الصناعية التي تزاول أنشطة محددة بنص
تنظيمي ،برسم رقم أعمالها املحقق من بيع املنتجات
املصنعة إلى املنشآت املصدرة املشارإليها أعاله التي
تقوم بتصديرها.
-3مقدمي الخدمات واملنشآت الصناعية التي تزاول
أنشطة محددة بنص تنظيمي ،برسم رقم أعمالها
املحقق بالعمالت األجنبية مع املنشآت املقامة
بالخارج أو في مناطق التسريع الصناعي واملطابق
للعمليات املتعلقة بمنتجات مصدرة من طرف
منشآت أخرى.
36مليون درهم املادة فرض الضريبة على الشركات بالسعراملخفض % 10بالنسبة تخفيض
12 للمقرات الجهوية أو الدولية لصفة " القطب املالي للدار
البيضاء " وكذا املكاتب التمثيلية للشركات غيراملقيمة
املكتسبة لهذه الصفة وذلك ابتداء من السنة املحاسبية األولى
التي تم فيها الحصول على الصفة املذكورة.
151مليون درهم املادة إمكانية القيام باستهالك تنازلي لسلع التجهيز تسهيالت مالية
10
فرض الضريبة على الشركات بالسعراملخفض % 17.5املطبق املادة 71 6مليون درهم تخفيض
على الشريحة التي يفوق مبلغ الربح الصافي 1.000.000درهم،
خالل الخمس سنوات املحاسبية األولى املتتالية ،ابتداء من
السنة األولى لفرض الضريبة بالنسبة للمستغالت الفالحية
الخاضعة للضريبة التي تحقق رقم أعمال يقل عن
10.000.000درهم ،وذلك ابتداء من فاتح يناير 2018إلى غاية
31ديسمبر.2019
املصدر :تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة 2021 -
انطالقا مما سبق ،يتبين لنا بأن طبيعة الضريبة على الشركات ،جعلتها تتضمن عدة إجراءات
تشجيعية ،تتماش ى في أغلبها مع توجهات مجموعات املصالح الدولية ( املؤسسات املالية الدولية )،
والوطنية ( االتحاد العام ملقاوالت املغرب ) الرامية إلى محاباة الرأسمال .وفي املقابل التضحية
بمجموعة من املبالغ املهمة ،التي من شأن ضخها في خزينة الدولة تحقيق نوع من االكتفاء الذاتي
76
الضريبي .فماذا إذن عن التشجيعات الضريبية املقررة في الضرائب غيراملباشرة ( الضريبة على القيمة
املضافة) 288؟ ! .
على املستوى النظري ال تؤدي الضريبة على القيمة املضافة مفعولها إال إذا كانت شاملة األمرالذي
يشترط حيادها وهو املبدأ الذي يبرر وجودها .أما اإلعفاءات فيعتبرها األستاذ "محمد القدميري"
"جسما غريبا " Un corps étrangerعلى نظام هذه الضريبة ،ويمكن أن تشكل عنصرا مخال بالنظام
االقتصادي خصوصا مع تعددها.291
أما على املستوى العملي فتشكل الضريبة على القيمة املضافة حافزا لالستثمار وعائقا لالستهالك،
ونطاق تطبيقها لم يكن شموليا في جميع الدول حتى في الدول املتقدمة ،إذ غالبا ما تكون هناك إجراءات
استثنائية تجعل قطاعا معينا ،أو منتوجا معينا خارج نظام هذه الضريبة ،ويرتبط ذلك بالسياسة
االقتصادية التي تنهجها الدولة. 292
77
وقد قامت الوزارة املكلفة باملالية ،في إطار تقريرها املرفق بمشروع قانون املالية لسنة
،2021بإحصاء 85تدبيرا استثنائيا يهم الضريبة على القيمة املضافة ،وقد عملت على تقييم 83تدبيرا
منها ،وحددت كلفتها املالية في 13601مليون درهم ،بحيث شكلت أكبر حصة من مجموع التدابير
االستثنائية التي تهم النظام الضريبي املغربي في مجمله بنسبة .293% 47.0
وتتوزع هذه التدابيرمن حيث توجهها االقتصادي واالجتماعي والثقافي على النحو التالي:
-جدول يهم توزيع التدابيراالستثنائية للضريبة على القيمة املضافة من حيث توجهها االقتصادي
واالجتماعي والثقافي:
-جدول يوضح بعض التدابيراالستثنائية في إطارالضريبة على القيمة املضافة التي تم تقييمها :
78
األولية واللفائف غيراملرجعة والخدمات الالزمة للعمليات
املذكورة.
املصدر :تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة 2021 -
انطالقا مما سبق ،يتبين لنا بأن القرارالضريبي لسنة 1984كسياسة عمومية باملغرب قد عمل على
توفير األرضية الالزمة إلنعاش وجلب االستثمارات ،باعتبارها األداة األساسية للتنمية .وتندرج
التشجيعات الضريبية في شكل إعفاءات كلية أو جزئية أو مؤقتة ،أو تخفيضات وتسهيالت مالية
كوسيلة لتحفيزاالستثمار ،لكن هذا أدى إلى جعل الضريبة وسيلة لخدمة فئة دون أخرى وقطاع معين
دون أخر ،في إطارخلق زبائن مفترضين للضريبة وهو ما ضرب عرض الحائط مبادئ املنافسة الشريفية
وكان أحد األسباب التي ساهمت في ال عدالة النظام الضريبي املغربي.294
والتصاعدية تقض ي زيادة سعر الضريبة بازدياد املادة الخاضعة لها ،بحيث يزداد معدل الضريبة
كلما زاد املبلغ الخاضع للضريبة ،وبالتالي تزيد حصيلة الضريبة ،وهذا املبدأ تطبقه معظم التشريعات
الضريبية التي تراعي العدا لة االجتماعية ،فتمتاز الضرائب التصاعدية بتحقيق العدالة واملساواة ألن
أصحاب الدخول العليا يتحملون عبئا أكبر من أصحاب الدخول املتدنية ،كما تؤدي إلى إعادة توزيع
الدخل والثروة وتفادي تمركزها في يد فئة قليلة من أفراد املجتمع.296
وال تعتبر األسعار التصاعدية في الضرائب من بنات الفكر الحديث :فقد دعا إليها "مونتسكيو " في
كتابه " روح القوانين " ،ونادى بها بعض كتاب النظرية التقليدية أمثال " جان باتيست ساي " الذي
قال عنها بأنها ضريبة عادلة ..أضف إلى أن بعض الدول األوروبية قد طبقتها في وقت لم يزل الفهم
79
التقليدي منتشرا فيها .فقد عرفتها فرنسا عام 1914في الدخول ،وعام 1901في الشركات ،وطبقتها
انجلترا كضريبة إضافية عام ،1910وطبقتها النمسا عام ،1896وهولندا عام .1893297
والضريبة التصاعدية تشكل اليوم وسيلة فعالة بيد الدولة من أجل جعل الضريبة متطابقة مع
األوضاع الشخصية واملالية للمكلف بها ،وتقوم هذه الضريبة من الناحية النظرية حسب األستاذ
"حميد النهري بن محمد" ،298على فكرتين:
الفكرة األولى تقول بأن الضرائب يجب أن تكون متناسبة واقتدار كل مكلف ،لذلك البد من اعتماد
معدالت تصاعدية والتي تراعي قدرة الشخص.
والفكرة الثانية تقول بأن الجميع يجب أن يتساووا في تحمل أعباء الضرائب ،وأن السبيل الوحيد إلى
تحقيق هذه املساواة هو اعتماد النسبة التصاعدية ،فيدفع ذوي الدخل املرتفع أكثر من أصحاب
الدخل املحدود لتكون بذلك التضحية متساوية.
ويستند تبرير الضريبة التصاعدية على وفرتها وعدالتها وآثارها االقتصادية ،299بالرغم من أن
صندوق النقد الدولي قد واجه باملعارضة تصاعدية الضريبة ،تحت ذريعة أن لها أثرا سلبيا على تحفيز
االستثمار الخاص وعلى مسلسل تكوين الرأسمال ،باإلضافة إلى كونها ال تدر إيرادات مهمة للدولة300
كأن خبرائه يدعون للعودة إلى الفكر التقليدي الذي يدافع على الضرائب النسبية ،301وعموما فإن
التصاعدية في النظام الضريبي املغربي تتميز بكونها معكوسة ،حيث يرتبط باألسعار التصاعدية وجود
ضرائب على االستهالك شديدة العبء على الفقراء وخفيفة العبء على األغنياء. 302
80
وسنحاول ،من خالل دراسة التصاعدية التنازلية كأحد أسباب غياب العدالة الضريبية عن بنية
النظام الضريبي املغربي ،الوقوف عن محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على الدخل ( أوال)
كضريبة مباشرة ،ثم على مستوى الضريبة على القيمة املضافة ( ثانيا) كضريبة غيرمباشرة.
وبعد نقاشات مستعصية تم التوصل إلى جدول وحيد يضم 7شرائح بدل 10شرائح التي كانت
مقترحة ،وبسعر يتراوح ما بين % 14كسعر أول و 52كسعر أعلى ،وسيعرف هذا الجدول عدة تغييرات
بموجب قوانين املالية الالحقة ،وذلك إرضاء ألصحاب الدخل املرتفع.304
وآخرتعديل عرفه جدول حساب الضريبة على الدخل كان بمقتض ى البند األول من املادة 7من قانون
املالية لسنة 2009ولسنة ،2010وهواملعمول به حاليا بمقتض ى املادة 73من املدونة العامة للضرائب،
وهو على النحو التالي:
النسبة الشريحة
معفاة من الضريبة شريحة الدخل إلى غاية 30,000درهم
10 % شريحة الدخل من 30,001إلى 50,000درهم
20 % شريحة الدخل من 50,001إلى 60,000درهم
30 % شريحة الدخل من 60,001إلى 80,000درهم
34 % شريحة الدخل من 80,001إلى 180,000درهم
38 % شريحة الدخل التي تزيد عن 180,000درهم
املصدر :املادة 73من املدونة العامة للضرائب
81
وإذا كان مبدأ العدالة عن طريق الضريبة يقتض ي جدوال تصاعديا حقيقيا ،فإن جدول أسعارالضريبة
على الدخل املبين أعاله ،من الناحية العملية يسير في اتجاه التضحية بهذه العدالة لصالح املردودية
املالية.305
فالدخول الدنيا أو الشرائح األولى من جدول حساب الضريبة تتعرض ملعدالت ضريبية جد مرتفعة،
كما أن التصاعد بين هذه الشرائح يتم بسرعة قياسية ،انطالقا من % 0إلى % 10بالنسبة للشريحة
األولى ،وينتقل إلى ،% 20أي بزيادة عشرنقاط بالنسبة للشريحة الثانية ،فنسبة ،% 30أي بزيادة عشر
نقاط بالنسبة للشريحة الثالثة ،وهو ما يوضح بأن األسعار املطبقة على هذه الشرائح األولى تعتبر هي
األكثر تصاعدية.306
في حين تخضع الدخول العليا ،ألسعار أقل تصاعدية أو نسب تصاعدية تفضيلية جد منخفضة أو
حسب تعبير MEHL et BELTRAMEتصاعدية تنازلية ،)progressivité régressive )307فقد انحصرت
منذ سنة 2010في 4نقاط فقط عن كل شريحة ،308حيث أن الشريحة ما قبل األخيرة سجلت نسبة 34
%أي بزيادة 4نقاط ،فنسبة ،% 38أي بزيادة أربع نقاط بالنسبة للشريحة األخيرة.
انطالقا مما سبق يمكن القول بكون جدول حساب الضريبة على الدخل يبين بامللموس أن مستوى
التصاعد متمركز باألساس على الشرائح األولى ،والتي يتمركز أغلب املكلفين الخاضعين للضريبة على
الدخل بها .فاألستاذ "نجيب أقصبي "خلص في دراسة تقريبية له حول املوضوع إلى أن نسبة مكلفي هذه
الشرائح تتجاوز % 80من مجموع أصحاب األجور .309باملقابل نجد أن مستوى تصاعدية األسعار
الضريبية يصبح تنازليا ولطيفا ملا يتعلق األمربشرائح الدخل املرتفعة.310
82
ثانيا :محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على القيمة املضافة
تتميز الضريبة على القيمة املضافة باتساع نطاقها .فباستثناء ما يندرج صراحة ضمن اإلعفاءات
املنصوص عليها في املدونة العامة للضرائب ،فإن أغلب املعامالت تشكل موضوعا لهذه الضريبة.311
وقد تم اعتبار تبني املشرع ملبدأ تعدد أسعار الضريبة على القيمة املضافة بمثابة نوع من
التصاعدية ،حيث تتشكل الضريبة على القيمة املضافة من سعرعادي محدد في ، % 20وثالثة أسعار
مخفضة وهي على التوالي % 7و % 10و ، % 14في محاولة إلضفاء نوع من العدالة على هذه الضريبة،
التي تتميزبعدم التفريق بين املستهلكين حسب مستواهم االجتماعي" أغنياء-فقراء " ،312ألن ما يهمها هو
السلعة أو املنتوج أو الخدمة.313
وقد عرفت أسعار الضريبة على القيمة املضافة ،عدة تغييرات خالل سنوات التسعينات .حيث تم
التخلي عن السعر األعلى املحدد في % 30بموجب قانون مالية سنة ،1993والذي كان يهم املواد
الكمالية .باإلضافة إلى تغيير أسعار بعض املواد من السعر املخفض % 7إلى % 14أو السعر العادي
الذي أصبح محددا في %.314 20
وم ن خالل تحليل أسعار الضريبة على القيمة املضافة ،يتبين لنا أن سعر % 20باعتباره السعر
العادي ،يشمل مختلف املواد والخدمات دون تمييزبين ما هو أساس ي وما هو ثانوي .فال يستثنى من هذا
السعر إال املواد والخدمات املعفاة أو الخاضعة لسعر آخر واملحصورة بالنص القانوني .وهذا ما يترتب
عنه تحمل األغنياء لنفس العبء الضريبي الذي يتحمله الفقراء عند اقتناء املواد األساسية .وعلى
العكس من ذلك فإن األغنياء ال يتحملون أي عبء ضريبي إضافي ملا يتعلق األمرباقتناء الكماليات ،التي
تبقى دون متناول الفئات االجتماعية الدنيا ،بالنظرلخضوعها للسعرالعادي كغيرها من املنتجات.315
أما السعر املخفض الثالث املحدد في % 14فيطبق على بعض املواد الغذائية كالزبدة والشاي الذي
يعتبراملشروب األساس ي للعائالت املغربية والذي ال يمكن لعدد كبيرمن املواطنين االستغناء عنه ،ونفس
83
الش يء فيما يتعلق بنقل املسافرين التي تخضع لنفس السعر ،316إلى غير ذلك من األصناف الخاضعة
لهذا السعركالطاقة الكهربائية.317
وفيما يخص السعراملخفض الثاني واملحدد في % 10فهو يطبق بدوره على بعض املواد التي ال يمكن
للمواطن البسيط االستغناء عنها ،كالزيوت السائلة الغذائية وملح الطبخ واألرز املصنع والعجائن
الغذائية ،تم املنتجات البترولية والغاز .كما يطبق على بعض املعامالت املهمة كعملية القرض الفالحي
التي يقوم بها والتي تشكل إجحافا في حق الفالح املغربي البسيط .318واملالحظ أن سعر الزيوت السائلة
في بادئ األمر كانت تخضع إلى سعر % 7ليتم رفعها إلى سعر % 10وقد تم ذلك بموجب قانون مالية
.2005319
أما السعر املنخفض األول واملحدد في % 7فإنه يطبق أيضا على بعض املنتوجات األساسية التي ال
يمكن للمواطن املكلف االستغناء عنها ،كاملنتوجات الصيدلية التي كان من املفروض أن تعفى على غرار
ما يجري به العمل في بعض الدول ،وذلك حتى يتسنى للمرض ى التمتع بحقهم في التطبيب وفق شروط
مادية مناسبة ،بل حتى األطفال الرضع لم يسلموا من تطبيق هذا السعر على مسحوق الحليب،
باإلضافة إلى األدوات املدرسية ،320بل أكثر من ذلك لم تسلم حتى خدمات التطهير املقدمة للمشتركين
من طرف الهيئات املك لفة بالتطهير من الضريبة على القيمة املضافة ،حيث فرضت عليها نسبة ، % 7
األمر الذي يثير نوعا من االستغراب والتساؤل حسب األستاذ "موالي الحسن التمازي" 321حول ما إذا
كان األمريتعلق برسم نظافة جديد غيرمباشر؟!.
وبناء على ما سبق يمكن القول بأن الضريبة على القيمة املضافة هي األخرى تعرف التصاعدية
التنازلية على دخول الفئات املتواضعة .بحكم شمولية أسعارها وعدم مراعاتها للمقدرة التكليفية
للخاضعين لها ،األمرالذي يمكن القول معه بأن الضريبة على القيمة املضافة ال تخرج عن توجه القرار
الضريبي املحابي للفئات امليسورة واملثقل لكاهل ذوي الدخول املتواضعة .وهنا يتجلى طابعها التنازلي،
84
حيث يخف عبؤها باملوازاة مع ارتفاع الدخل وتزيد حدة ثقله كلما انخفض .األمر الذي يحد من
اإلمكانات االدخارية للفئات الدنيا ويكرس تقهقرمستواهم املعيش ي.322
وغياب العدالة الضريبة على بنية النظام الضريبي املغربي كانت له مجموعة من الثارالتي سنحاول
الوقوف عندها في ( املطلب األول) ،فيما سنخصص ( املطلب الثاني) للوقوف على بعض السبل التي
ترمي إلى تحقيق العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي.
85
الفقرة األولى :ضعف التمويل وارتفاع الضغط الضريبي
324إن الريع هو الترجمة الحرفية لكلمة " ،" royaltyوالتي استخدمت لتعني حقوق امللكية ،أو إتاوة استخدام املناجم ( ومنها الحقول
النفطية ) ،أو ترجمة rentعوائد ( إيجارات ) مختلف أنواع امللكيات واألصول .والدخل املتأتي من ذلك ال يكون نتيجة نشاط إنتاجي سواء كان
اإلنتاج لبضائع أو خدمات ،بل يأتي نتيجة امتالك أصول هذا الدخل ( الريع ) ،مثل األراض ي أو العقارات أو األسهم والسندات املالية ،وقد
يكون املالك لهذه األصول أفراد أو دول.
وبسبب عدم وجود عمل أو مجهود في الحصول على هذه املدخوالت ،فإن مالك األصول الذي يحصل عليها يقرن دائما بالفئات الطفيلية غير
املنتجة.
-فؤاد قاسم األمير ،رأسمالية الليبرالية الجديدة ( النيوليبرالية ) ،دار الغد ،طبعة ،2019ص 55
ولالستزادة يراجع- :ديفيد ريكادردو ،مبادئ االقتصاد السياس ي ،ترجمة يحيى العريض ي وحسام الدين خضور ،دار الفرقد ،طبعة ،2015
الفصل الثاني.
325فؤاد قاسم األمير ،م س ،ص 57-56
326تشتمل موارد الدولة حسب املادة 11من القانون التنظيمي رقم 130.13املنظم لقانون املالية على ما يلي " :
-الضرائب والرسوم؛
-حصيلة الغرامات؛
-األجور عن الخدمات املقدمة ،واألتاوى؛
-أموال املساعدة والهبات والوصايا؛
-دخول أمالك الدولة؛
-حصيلة بيع املنقوالت والعقارات؛
-حصيلة االستغالالت واألتاوى وحصص األرباح وكذلك املوارد واملساهمات املالية املتأتية من املؤسسات العمومية واملقاوالت
العمومية؛
-املبالغ املرجعة من القروض والتسبيقات والفوائد املترتبة عليها؛
-حصيلة االقتراضات؛
-الحصائل املختلفة".
86
وتبعا لذلك فإننا سنقوم بدراسة حول مساهمة املوارد الضريبية في ميزانية الدولة باالعتماد على
قوانين املالية للوقوف على مدى ضعف هذه املوارد في تغطية التكاليف العمومية وبالتالي ضعفها في
تمويل ميزانية الدولة.
تبلغ املوارد اإلجمالية مليزانية الدولة برسم قانون املالية لسنة 2021ما قدره 432.09مليار درهم،
موزعة على النحو التي:
انطالقا من األرقام أعاله ،فإن املوارد الضريبية تشكل املصدر األول ملوارد الدولة بنسبة % 60.14
أي بما مقدراه 201.85مليار درهم ،وتساهم في هذا املبلغ الضرائب غير املباشرة ب 95.60مليار درهم
87
كأعلى حصة ،تليها الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة ب 80.71ملياردرهم ،فرسوم التسجيل والتمبر
ب 14.87ملياردرهم ،وأخيرا تساهم الرسوم الجمركية ب 10.67ملياردرهم.
وبالرغم من مساهمة املوارد الضريبية في ميزانية الدولة بنسبة ،% 60.14إال أن هذه املساهمة تظل
ضعيفة مقارنة بإمكانات االقتصاد الوطني ،327وغير قادرة على تحقيق االكتفاء الذاتي الضريبي الذي
يستوجب بأن تغطي املوارد الضريبية نفقات ميزانية الدولة ،وقد كانت املوارد الضريبية تغطي النفقات
في التسعينات في حدود ، % 80بينما ال تتجاوز % 60في قانون مالية ،2021األمرالذي يعني أن مردودية
نظامنا الضريبي قد تراجعت ،328مما يجبر الدولة على اللجوء إلى املؤسسات املالية الدولية من أجل
االقتراض لتغطية نفقاتها مع ما ينتج عن ذلك من فقدان للسيادة.
ويتميز توزيع الضغط الضريبي باملغرب ،بكونه ال يتم وفق كيفية عادلة بين مختلف الفاعلين
االقتصاديين ،فعبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من املقاوالت ( حيث يؤدي % 1من
املقاوالت ما قدره %80من مجموع الضريبة على الشركات) ،كما أن الضريبة على الدخل تعتمد في
األساس على املداخيل املتعلقة بأجور املوظفين والقطاعات املنظمة ( % 73من الضريبة على الدخل
مصدره األجراء ).330
ويرى املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي في تقريره حول '' le systéme fiscal marocain:
،" développement économique et chésionsocileبأن التحليل الدقيق يبين أن الضغط الضريبي
327
La commission spéciale sur modèle de Développement, Recueil des notes thématiques, des paris et projets de Nouveau
Modèle de Développement , Annexe 2, Avril 2021 , page 329
" 328نجيب أقصبي :نظامنا الضريبي يخدم الرأسمال ويزيد الضغط على األجراء والطبقة املتوسطة" ،م س.
329عبد السالم أديب ،م س ،ص 52
330
La commission spéciale sur modèle de Développement, lbid , page 329
88
الناتج عن الضريبة على الدخل يبقى معتدال بالنسبة إلى األجور التي تقل عن 10.000درهم شهريا .وعلى
سبيل املثال ،فإن أجرا قدره 5.000درهم ال تتجاوز الضريبة املوقعة عليه نسبة % 4تقريبا ،وهي نسبة
قد تنخفض إلى ما دون ذلك ،حتى حدود ، % 2إذا أخذنا في االعتبار ما يتم إسقاطه من تلك الضريبة،
في ارتباط بأداء القروض العقارية.
أما األجور التي تبلغ 10.000درهم ،تطبق عليها نسبة % 10تقريبا .وشعور الخاضعين للضريبة من
أصحاب هذا املستوى من األجور بارتفاع الضريبة يعود إلى املساهمات االجتماعية أكثر منه إلى
الضريبة .فضغط االقتطاعات االجتماعية حسب املجلس ،يبلغ % 22بالنسبة لألجور البالغة 5.000
درهم ،وحوالي % 18بالنسبة إلى فئة 10.000درهم شهريا ،ويبلغ مجموع الضغط الضريبي واالجتماعي
ما قدره % 22بالنسبة لألجور القريبة من الحد األدنى لألجر ،ليرتفع إلى % 44بالنسبة إلى مستويات
الدخل املرتفعة.331
في حين يرى األستاذ "نجيب أقصبي" ،بأن الرأسمال ظل غيرمعني كثيرا بالضريبة وعائداته ال تساهم
إال بشكل ضعيف فيها ،بينما تخضع عائدات العمل إلى ضرائب مرتفعة ،ولالقتناع بهذا ،يكفي أن نشير
إلى أن فئة واحدة من ضمن الفئات الخمس املعنية بالضريبة على الدخل ،هي فئة املأجورين ،تساهم
بحوالي ثالثة أرباع إجمالي العائدات من الضريبة على الدخل ،أما الضريبة على الشركات ،فهي موضوع
عمليات غش وتهرب كثيفة ،حيث أن ثلثي الشركات امللزمة بالضريبة ،ال تؤدي عمليا ألنها تعلن بانتظام
أنها في حالة عجز ..بصفة عامة إن من يؤدون الضرائب باملغرب هم أساسا املستهلكون ،واألجراء،
والقليل من املقاوالت.332
331
Rapport du conseil Economique et social, le systéme fiscal marocain: développement économique et cohesion sociale,
auto-saisine n° 9/2012, page 21
332نجيب أقصبي :االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية باملغرب ،م س ،ص 47
333عبد السالم أديب ،م س ،ص 73
89
ويعد التهرب الضريبي ،كأحد أكبرمظاهرالسخط والتمرد على الفرض الضريبي ،ظاهرة من الظواهر
األكثرانتشارا في اقتصاديات الدول الحديثة ،ويؤثرسلبا على مداخيل هذه الدول ،وبالتالي على أنشطتها
ووظائفها املتعددة .وبالتالي فإن مختلف التشريعات تستخدم كل الوسائل القانونية ملكافحة هذه
الظاهرة التي تستهدف مخالفة الواجب الضريبي.334
وقد اختلف فقهاء القانون الضريبي حول وضع تعريف محدد للتهرب الضريبي ،فهناك من ينظرإليه
من زاوية ضيقة تتأسس على استعمال وسائل احتيالية غير مشروعة تخالف مقتضيات النصوص
الضريبية ،وهناك من ينظر إليه على أساس أنه وسيلة يتم بمقتضاها استغالل الثغرات القانونية التي
تركها املشرع الضريبي ،وبالتالي استعمال وسائل مشروعة وقانونية قصد التخلص من االلتزام
الضريبي.335
عموما فإن للتهرب الضريبي عدة مساوئ ،فهو يقود إلى إنقاص حصيلة اإليرادات العامة ،وبالتالي
إلى إتباع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة التي تعد الوسيلة األساسية إلشباع
حاجات املجتمع االقتصادية واالجتماعية والدفاعية ...والتهرب الضريبي يؤدي بالنهاية إلى انخفاض
االستثمارات وهبوط املستوى املعيش ي لألفراد ،ناهيك عن إضعاف مقدرة الدولة في املحافظة على
األمن وإعادة توزيع الدخول ،وال تتوقف مساوئ التهرب الضريبي عند هذا الحد ،336بل إن إنقاص
اإليرادات العامة يؤدي بالدولة إلى االقتراض من املؤسسات املالية بالنظرلضعف املردودية الضريبية،
وبالتالي منح هذه األخيرة فرص للتدخل في صناعة القرارالضريبي.
ويعتبرتحديد العوامل التي تدفع الخاضعين للضريبة إلى السعي وراء تجنب دفع الضرائب ،من أهم
املراحل التي يمكن أن تعطي لنا صورة وفكرة واضحة عن هذه الظاهرة ،لكن الصعوبة التي تعترض أي
باحث في دراسة هذه الظاهرة االجتماعية تتمثل في تعدد األبعاد ،وبالتالي صعوبة التحكم فيها ،أو
اإلحاطة التامة بها من مختلف الجوانب واألبعاد.337
334صفاء البوهالي " :التهرب الضريبي باملغرب :املفهوم األسباب وسبل مكافحتها" ،مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص،
،2020ص 333
335محمد مكو :إشكالية التهرب الضريبي في املغرب " دراسة قانونية " ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية –طنجة ،جامعة عبد املالك السعدي ،املوسم الجامعي ،2008-2007ص10-9
336صباح نعوش :الضرائب في الدول العربية ،املركز الثقافي العربي ،املغرب-الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1987 ،ص115
337أحمد إفقيرن :التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة إشكالية إرساء دعائم العدالة الجبائية ،م س ،ص 190
90
ويتداخل في تحديد أسباب التهرب ما هو قانوني بما هو اقتصادي واجتماعي ونفس ي ،كما أن هذه
العوامل تتقاطع فيما بينها مما يصعب معه تناول كل سبب من هذه األسباب بطريقة معزولة عن
السبب الخر ،غير أننا سنحاول في تحديد أسباب التهرب الضريبي الوقوف عند كل من األسباب
االقتصادية ،الضريبية ،النفسية واالجتماعية.
-1األسباب االقتصادية
من أهم األسباب التي قد تدفع بامللزمين إلى عدم االلتزام بواجباتهم الضريبية نجد األسباب
االقتصادية والتي يمكن إرجاعها إلى حالتين:
الحالة األولى ترتبط بالوضع االقتصادي الخاص للخاضع أمام الضريبة ،حيث يساعد على تحديد
موقفه من التهرب الضريبي (كلما زاد عبء الضريبة على الخاضع للضريبة كلما ساء مركزه املالي).
أما الحالة الثانية فترتبط بالظروف االقتصادية في مجملها ،مما قد يساعد هو الخرفي التهرب الضريبي
( يظهر ذلك في أوقات األزمات املالية التي تمر بها املشاريع االقتصادية وما يترتب عنها من ضعف في
املداخيل ،األمر الذي يدفع الخاضع للضريبة إلى محاولة تجنب أداء ما عليه من ضرائب للخروج من
األزمة والحفاظ على مؤسسته).
وحسب األستاذ " صباح نعوش " فإذا كانت املهنة الغالبة في مجتمع ما هي املهنة املأجورة ،أصبحت
حصيلة الضرائب كبيرة نظرا لصعوبة ممارسة التهرب الضريبي فيها ،وبمعنى آخر كلما كانت املهن
التجارية والصناعية والحرة مهمة كلما زادت أهمية التهرب الضريبي .ففي املهن املأجورة يمكن لإلدارة
الحصول على جميع املعلومات املتعلقة بأجر املكلف من رب عمله ،ويمكن لإلدارة االعتماد على
االستقطاع من املنبع وبموجبه ال يستطيع صاحب األجرالحصول على دخله إال بعد استقطاع الضريبة
منه ..إن هذه اإلجراءات غيرممكنة اإلتباع في املهن األخرى ،لذلك يكثرفيها التهرب الضريبي.338
-2األسباب الضريبية
تتجلى في عدم االستقرار الذي يعرفه النظام الضريبي املغربي ،والتعديالت املتكررة التي تتضمنها
قوانين املالية السنوية .وهذا ما يجعل النصوص الضريبية تفقد معناها واألهداف املتوخاة منها ،فكثرة
النقائص والثغرات والتعقيدات على مستوى النصوص املنظمة ملختلف الضرائب ،وكذا الصياغة
91
القانونية للنصوص تؤدي دورا في تشجيع الخاضع للضريبة على التهرب الضريبي .فبقدر ما تكون
الصياغة معقدة يكون القانون أقل وضوحا ويترك مجاال أكبر لتدخل اإلدارة في تحديد اإلعفاءات
والتخفيضات ،وهذا ما يؤدي إلى عدم قناعة الخاضع للضريبة بالضريبة املفروضة عليه وإلى محاولة
التهرب منها ،339كذلك الشأن بالنسبة الرتفاع العبء الضريبي على الخاضع للضريبة حيث يعتبرمحفزا
له على التهرب من أداء التزاماته الضريبية.
تخلق الضريبة لدى املكلف شعورا بالضعف تجاه السلطات العامة التي تتمتع بجميع وسائل اإلكراه
إلجباره على دفع جزء من أمواله للدولة ..إن املكلف يدفع من أمواله وال يحصل على ش يء مباشرمقابل
ما دفعه ،األمرالذي يجعله يقارن بين ما يمكن أن يعمله بذلك الجزء من أمواله عند عدم دفعه للدولة
وبين ما تفعله الدولة بذلك الجزء من تمويل لنفقات كمالية أحيانا ،لذلك يستاء الشخص من
الضرائب ويحاول التملص منها.340
على وجه العموم فإن العوامل النفسية تلعب دورا هاما في التهرب من أداء الضريبة ،فكلما زاد الوعي
الضريبي ضعف الباعث وراء التهرب ،وبالعكس من ذلك ،كلما ضعف الوعي الضريبي كان الباعث على
التهرب من الضريبة حاضرا ،341وغياب الوعي الضريبي لدى الخاضعين للضريبة يعتبر ظاهرة عادية في
دول العالم الثالث ،فأغلبية الخاضعين يحاولون ما أمكنهم التملص من أداء الضريبة والتهرب منها،
ونجد بعض الفئات من الخاضعين للضريبة يفاخرون بكونهم ال يؤدونها ،342مع أن العكس هواملفروض
أن يكون ،ألن املواطن الصالح هو الذي يؤدي الضرائب ،ويفاخربأدائها.343
هذا ،ويتصف النظام الضريبي املغربي بالعديد من االختالالت والثغرات القانونية ،وتتمثل هذه
االختالالت في تواجد مجموعة من التكاليف القابلة للخصم التي يستغلها الخاضعون للضريبة للتهرب
339أحمد إفقيرن :اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية ،م س ،ص 77-76
340صباح نعوش ،م س ،ص 120
341محمد كمو ،م س ،ص 57
342يذكر بعض الكتاب أن املتهرب من الضرائب إنما هو " سارق شريف " ألنه ال يسرق سوى الدولة وهي شخص اعتباري.
-صباح نعوش ،م ن ،ص 120
343عبد السالم أديب ،م س ،ص 73
92
من ثقلها ،344حيث يمكن للشركة أن تلجأ إلى هذه املناورات بمساعدة محاسب جيد أو محاسب
قانوني.345
فقد أجاز املشرع بموجب املادة 10من املدونة العامة للضرائب ،خصم بعض التكاليف التي وقع
تحملها أو االلتزام بها ألغراض االستغالل ،بحيث تتحدد الحصيلة الضريبية بعد استنزال مبالغ هذه
الخصومات .ولئن كانت هذه الخصومات تروم من حيث املبدأ تخفيض تكلفة اإلنتاج وتعضيد مسلسل
مراكمة رأس املال داخل الشركات ،لهدف رفع مستويات االستثمارواإلنتاج ،فإن هذه األهداف الظاهرة
يجب أال تغطي على حقيقة األهداف املستترة لهذه الخصومات ،346خاصة حينما تعمد الشركات ،سيما
الكبرى منها ،إلى تضخيم تكاليف االستغالل كاملشتريات واملنتجات ومصاريف املستخدمين واليد
العاملة والتكاليف االجتماعية ،أو خلق مصاريف وهمية وذلك بطرق احتيالية وملتوية .وكذلك يتيح
خصم االندثارات واملخصصات االحتياطية مجاال واسعا للتهرب الضريبي.347
يضاف إلى الحاالت السابقة األعمال التي يقوم بها الخاضع للضريبة من تقديم بيانات غير صحيحة
أو أرباح قليلة ألسباب عديدة ،منها تأخيردفع الضريبة ما أمكن ،حيث يلجأ الخاضع للضريبة إلى إقامة
دعوى ضريبية للحصول على قرار يوقف دفع الفوائد إلى حين البث في الدعوى .كما يقوم الخاضع
للضريبة بترك النشاط ا إلنتاجي الذي يخضع إلى ضريبة مرتفعة ،واالنتقال إلى نشاط آخر خاضع
لضريبة أقل أو معفى من أداء الضرائب.348
إضافة إلى ذلك ،نجد هناك وسيلة أخرى للتهرب من أداء االلتزامات الضريبية ،وهي املتمثلة في تقنية
ترحيل العجز ،فإذا كان الواجب الضريبي يتحدد بعد استنزال مبلغ الخصم ،فإن الواجب ال يفرض إال
في حالة تحقيق ربح .أما في حالة تحقيق العجزنتيجة الصعوبات املالية أوتحملت خالل نشاطها املقاولة
خسارة معينة ،فإنها تنفلت من تحمل عبء الضريبة برسم سنة معينة ،ويكون بإمكانها تأجيل الخصم
إلى أرباح الدورة املحاسبية الالحقة ،في حدود أربع دورات محاسبية التي تلي الدورة التي حصل فيها
93
العجز ،ويشترط أن يتم إثبات الخسارة فعليا وأن يتم نقلها في إطارذات املقاولة وليس من خزينة مقاولة
إلى أخرى ،وطول هذه املدة يفض ي إلى ترحيل الخلل في املحاسبة إلى الدورات الالحقة.349
وأخيرا يالحظ كذلك أن هناك شركات مهمة تنشأ املقراالجتماعي لها في املناطق املعفاة بشكل جزئي،
واملناطق التي تحظى بامتيازات مهمة .لكن هذه الشركات تمارس نشاطاتها في مناطق أخرى خاضعة
للضريبة ،وهذا ما يتضح من خالل قيام العديد من الشركات بتأسيس مقرها االجتماعي في املناطق
الشمالية وكذلك في املناطق الجنوبية ،لكن أغلب إن لم نقل جل نشاطاتها تقوم بها خارج هذه املناطق
املعفية ،مما يطرح إشكالية العدالة الضريبية والتنافسية بين الشركات.350
وقد حددت منظمة " أوكسفام " في تقرير لها حول املغرب " Un Maroc égalitaire, Une Taxation
" Justeتكلفة الخسائرالضريبية التي يتكبدها املغرب كل سنة بسبب التهرب الضريبي للشركات متعددة
الجنسيات ب 24.5مليار درهم ،وهو رقم كبير جدا يتم تفويته سنويا على خزينة الدولة ،حيث يمثل
% 2.34من الناتج املحلي اإلجمالي.351
351
Oxfam, « Un Maroc égalitaire, Une Taxation Juste », 2019, page35
94
الفقرة األولى :دمقرطة عملية صنع القرارالضريبي
ال بد من اإلقرار بأن ال عدالة النظام الضريبي املغربي ،تجعلنا نقف أساسا على عيوب نظام اتخاذ
القرارات املعتمد منذ أزيد من خمسين سنة .وبعبارة أخرى ،إنها في صميم نظام سياس ي هو امللكية
التنفيذية ،حيث امللك يسود ويحكم ،بتوفره على سلطة تقريرية شبه مطلقة على مجمل مجاالت الحياة
العمومية ،بدءا بتلك التي تخص الحياة االقتصادية واالجتماعية.352
وكباقي الدساتير الخمس التي عرفها املغرب ،353فإن دستور 2011لم يقدم الجواب املناسب
والضروري للمشكل 354املتعلق باحتكاراملؤسسة امللكية لسلطة اتخاذ القرار ،فحسب األستاذ " محمد
الساس ي" عمل على تكريس مركزامللك كمتحكم في السلطة التنفيذية ومحدد ملسارات عملها واشتغالها
ومضمون القرارات التي تفيض عنها ،وذلك من خالل رئاسة امللك ملجلس الوزراء .فهذا األخير هو الذي
يتداول في التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة والتوجهات العامة ملشروع قانون املالية ،355وأي قرار
يهم املجال الضريبي .وهذا يعني أن مجلس الحكومة ،حتى وإن تمت دسترته كمؤسسة وتم تخويله حق
البث في مشاريع القوانين العادية واملراسيم التنظيمية بما في ذلك تلك التي تهم املجال الضريبي ،فإن
ذلك يتم في إطارالخضوع للتوجهات االستراتيجية التي رسمها مجلس الوزراء ،فمهمة مجلس الحكومة
هي ترجمة تلك التوجهات إلى قرارات وتدبير االنضباط لسقف ما تقرر في مجلس الوزراء .356وبذلك
يستمرالضبط املؤسساتي لفائدة امللكية التنفيذية .بفعل قوة القانون إذن ،واملمارسة اليومية أيضا،
وعدم السماح بإمكانية مناقشة خطبه وقراراته ،األمر الذي يكرس امللك غير القابل للمساءلة ،بالنظر
لكونه غير مسؤول أمام أي كان ،وال تتم محاسبته على قراراته أمام أية هيئة وأي ناخب .357هذا األمر
يتعارض ونظام الديمقراطية التمثيلية .الذي يتأسس على مكونات ثالثة برهنت فعاليتها حسب األستاذ
"نجيب أقصبي " ،فالصناديق هي التي تعطي املشروعية للسلطة التنفيذية ،وهذه األخيرة تطبق
95
برنامجها بكامل املسؤولية ،وتقدم الحساب عند نهاية واليتها للناخبين الذين صوتوا عليها .هذا النظام
تم اعتماده ليس ألنه ديمقراطي فقط ،ولكن بالنظرلكونه فعال ،أو على األقل مصدرفعالية.358
والصيغة الوحيدة للتوفيق بين الطابع الوراثي للحكم وقواعد الديمقراطية حسب األستاذ " محمد
الساس ي" تتمثل في االنتقال من امللكية التنفيذية إلى امللكية البرملانية.359
والهدف من تطبيق امللكية البرملانية هو تأمين تطبيق القاعدة التالية " :الشعب يحكم من خالل
ممثلين ينتخبهم" ،األمرالذي يقض ي بأن الذي يحكم يتعين عليه أن يكون منتخبا.360
ولتجاوز االختالل وتقوية الطابع البرملاني للنظام السياس ي ،البد من إعادة توزيع األدوار بين
املتدخلين في صناعة القرار الضريبي باملغرب ،وبالعمل على إعادة االعتبار للسلطة التشريعية األصلية
في املجال الضريبي ،عن طريق مراجعة وتقوية سلطة البرملان في املجال الضريبي (361أوال) ،مع العمل
على مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرارالضريبي ( ثانيا ).
ولعل هذا الضعف املميز للعمل البرملاني ،وإن كان يتسم بالحدة على مستوى التشريع الضريبي
واملالي ،إال أنه يعد قاعدة عامة بصمت مساهمة البرملان في التشريع في شتى املجاالت ،وهو أمر مرتبط
96
بطبيعة النظام السياس ي املغربي 362ومجموعة من العناصرالتي سبق أن تطرقنا لها في املحور املخصص
لدراسة دور البرملان في صناعة القرارالضريبي ،والتي جعلت من البرملان مجرد غرفة للتسجيل.
واالرتقاء بمستوى البرملان في ميدان التشريع الضريبي ،يتطلب تقوية وتعزيز وتوسيع صالحيات
البرملان في املجال الضريبي ،إلى جانب تأهيل املؤسسة البرملانية ملمارسة هذه االختصاصات ،363وذلك
بالعمل على تقوية الثقافة الضريبية لدى النخبة السياسية ،األمرالذي سينعكس باإليجاب سواء فيما
يتعلق بدراسة ومناقشة قوانين املالية ،أو على مستوى طرح األسئلة الشفوية والكتابية في املجال
الضريبي داخل البرملان ،أو حتى على مستوى املساهمة في بعض الندوات أو األيام الدراسية أو البرامج
التلفزيونية واإلذاعية364،مع وضع موارد بشرية متخصصة ذات كفاءات عالية في امليادين االقتصادية
والقانونية واملالية والضريبية ،تكون أداة لالستشارة واملساعدة وتقديم الخبرة ،خصوصا في
املقتضيات والنصوص ذات الطابع التقني كاملادة الضريبية ..365والعمل على تخفيف وتفكيك القيود
املفروضة على البرملان في مجال التشريع املالي والضريبي بشكل خاص ،ويتعلق األمر باألساس بمراجعة
املسطرة التشريعية الخاصة بسن قوانين املالية ،وذلك في اتجاه تعزيز مكانة ومساهمة البرملان أمام
هيمنة وتحكم السلطة التنفيذية.
وفي مقدمة هذه القيود التي تفرغ الترخيص البرملاني من كل محتواه التقييمي للنصوص املالية
والضريبية ،الحدود املمارسة على حق التعديل البرملاني ملضمون مشروع القانون املالي ،ذلك أنه في
الغالب ما تصطدم تعديالت البرملانيين مع ( القاعدة الذهبية) املنصوص عليها في الفصل 77من
الدستور واملتمثلة في هاجس الحفاظ على التوازن املالي .366باإلضافة إلى العمل على الحد من اتخاذ
السلطة التنفيذية لقرارات ضريبية بموجب قوانين املالية باستغالل خصوصية مسطرة القانون املالي،
األمرالذي يحد من اختصاص البرملان في املجال الضريبي.
إضافة إلى تجاوز التفسير الضيق لعبارة التكاليف العمومية ،املنصوص عليها بموجب الفصل 39
من دستور ،2011حيث يتم حصرها في املادة الضريبية بمفهومها الضيق دون أن تشمل بعض الرسوم
362م ن
363عصام القرني ،م س ،ص292
364موالي الحسن التمازي :مكانة الثقافة الجبائية لدى النخب املغربية ومطلب اإلصالح ،منشورات حوارات مجلة الدراسات السياسية
واالجتماعية ،سلسلة املجلة الفصلية ،عدد مزدوج 2و،2017 ،3ص276-264
365عصام القرني ،م ن ،ص297
366م ن ،ص293
97
واملساهمات التي تدخل في باب أشباه الضرائب واالقتطاعات ذات الصبغة االجتماعية .وذلك بجعل
االختصاص البرملاني يمتد لجميع الضرائب والرسوم وجميع املساهمات التي يدفعها املواطنين إلى خزينة
الدولة.367
وبناء على كل ذلك ،فاملشرع الدستوري مطالب بإعادة النظر في املقتضيات الدستورية املؤطرة
للضرائب ،األمر الذي يحتاج معه توفر اإلرادة السياسية الحقيقة .وحسب األستاذ " نيغاو سيفاتن "
فإن أي إصالح ضريبي هادف ال يتوفر على الشروط القوية لضمان نجاحه ،وأهمها اإلرادة السياسية
الواضحة ،سيكون مآله الفشل ،ألن التقنيات الضريبية مهما كانت أهميتها ،يبقى أثرها ضعيفا بدون
هذه اإلرادة.368
98
إن تطبيق املقاربة التشاركية في إعداد النصوص الضريبية ،ال يخرج عن كونه يستهدف تجسيد
هدفين أساسيين ،األول يتمثل في البحث عن الفاعلية والفعالية ،والثاني يرتبط بتحقيق الديمقراطية
املثالية ،من خالل االرتكاز على مفهوم التفاوض القانوني ‘’ ،’‘ La négociation Juridiqueومفهوم
املشاركة الناتج عن التعاقد السياس ي.373
ويمكن ملشاركة املواطنين في صنع القرار الضريبي أن تأخذ شكال تلقائيا أو شكال ذا طابع مؤسس ي،
ويمكن بذلك للمشاركة أن تنطلق من القاعدة ،أي مباشرة من املواطنين ،في شكل تصاعديbottom-
) )Upغيرأنه يمكن للمسؤولين السياسيين أيضا طلبها وتأخذ بذلك شكال تنازليا (Top (Down374.
إن عملية صنع القرار الضريبي ،يجب أن تتحول إلى ورش وطني لتسلم االقتراحات من املواطنات
واملواطنين واألحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والجامعات والباحثين املستقلين ،وكل من يمكن
أن يكون له رأي في املوضوع .بعد تسلم هذه االقتراحات من طرف السلطات العمومية ينظم " املؤتمر
الوطني للضرائب " الذي يكون فرصة للحوار بين كل األطراف من أجل إتاحة الفرصة لتالقح وتفاعل
األفكار .375بعد ذلك يتم إعداد مشروع القرارالضريبي املراد اتخاذه ،وعرضه على املواطنين واملواطنات
من أجل التصويت عليه عن طريق آلية " االستفتاء الضريبي" ،األمر الذي سيسمح باالطالع بشكل
مباشرعلى موقف املواطنين من القرارالضريبي املراد اتخاذه ،كما يسمح االستفتاء الضريبي للمواطنين
واملواطنات بالتدخل بشكل مباشرفي اعتماد القرارالضريبي عن طريق املوافقة عليه أورفضه من خالل
التصويت املباشر.376
99
الوعاء ،377وارتفاع الضغط الضريبي يؤدي إلى ارتفاع التهرب الضريبي ،وبالتالي تقليص الحصيلة
الضريبية في اتجاه ال يساعد على تحقيق التنمية ،وتلبية الحاجيات األساسية للمواطنين .وتحقيق
العدالة االجتماعية املرجوة .378لذلك فإن تحقيق العدالة الضريبية رهين بمدى السيرفي اتجاه توسيع
الوعاء الضريبي عن طريق الرفع من شريحة الخاضعين للضريبة وإخضاع جميع املواطنين من أجل
الوفاء بالتزاماتهم الضريبية ،وإدماج األنشطة ذات الدخل املحدود وكذا صغار املنتمين للقطاع غير
املهيكل ،عبر تضريب جزافي يعتبر بمثابة وفاء ضمني بالضريبة ويمنح الحق في الحصول على بعض
الخدمات كالتغطية الصحية والتعويضات العائلية .379باإلضافة إلى كون توسيع الوعاء الضريبي ينبغي
أن يراعي مبدأ اإلنصاف العمودي الذي يتجلى في إقرار ضريبة تصاعدية على الشركات حسب قيمة
األرباح ،وإنصاف أفقي يراعي محتوى مقولة " نفس الدخل ،نفس الضريبة " .380أما فيما يخص
الضريبة على القيمة املضافة فوعاؤها يتطلب إصالحا عميقا لهذه الضريبة يتجلى في إقرار ضريبة
حقيقية على كل قيمة مضافة ،مع فرض سعر مرتفع على الكماليات ،وإعفاء أو فرض معدل خفيف
على األساسيات.381
وتوسيع الوعاء الضريبي -باإلضافة إلى ما تم التطرق إليه -يوجب على الدولة فرض ضرائب جديدة
منطقية وعقالنية تأخذ بعين االعتبار مبدأ العدالة الضريبية بشكل أساس ي .حيثأن توسيع الوعاء
الضريبي سيوفر للدولة املوارد الضريبية الضرورية لتحقيق األهداف التنموية ،وسيساعد على إعادة
توزيع الثروة والدخل بين أفراد املجتمع ،وفي تحقيق العدالة االجتماعية .ومن بين الضرائب التي يجب
على املشرع إقرارها نذكر:382
380حالة األنظمة الضريبية ( املغرب ،األردن ،لبنان ،فلسطين) ،شبكة املنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ،سلسلة أوراق بحثية،2013 ،
ص26
381م ن ،ص27
382أحمد إفقيرن ،م ن ،ص104
100
أوال :الضريبة على الثروات الكبرى
يتضح الهدف االجتماعي لهذه الضريبة من خالل تسميتها ،بحيث لن تهم سوى الثروات الكبرى .وقد
عرف التشريع الفرنس ي هذا النوع من الضريبة سنة ،1982وتم تقديمها آنذاك بأنها '' عادلة من الناحية
االجتماعية ،منطقية اقتصاديا ،وبسيطة من الناحية التقنية ".383
وقد تم تقديم توصية بفرض الضريبة على الثروات الضخمة رسميا ألول مرة من خالل املناظرة
الوطنية حول الجبايات لعام .2013حيث تم اقتراح فرض ضريبة على االستثمارات غير املنتجة ،مثل
األراض ي غير املبنية ،بهدف إعادة توزيع أفضل للثروة وتحقيق توازن بين الضرائب على إيرادات رأس
املال ودخل العمل .ومع ذلك فمن الواضح أنه وبعد مرور عدة سنوات على التوصية ،لم يتم اتخاذ أي
إجراء في هذا االتجاه من طرف صانعي القرارالضريبي.384
وتظهر األهمية االقتصادية لهذه الضريبة من ناحيتين :الناحية األولى تتمثل في كون غياب هذه
الضريبة جعل الكثير من الدول ترفع العبء الضريبي على جميع الدخول بما فيها دخول رأس املال
املنتج ،في حين لو طبقت لخفف العبء عليه .أما الناحية الثانية فتتمثل في أن الضريبة على الثروات
توجه رؤوس األموال نحو األنشطة األكثر فعالية ومردودية ألنها تفرض بغض النظر عن الدخل الناجم
عن هذه األنشطة.385
وكأي ضريبة جديدة تحتاج هذه الضريبة حسب األستاذ "حميد النهري بن محمد" ،386لإلجابة على
ثالث أسئلة :الوعاء الذي ستعتمده ،واملستوى الذي تبدأ منه ،ثم معدالت أسعارها .وهذا ما سنحاول
سبرأغواره.
-األمالك العقارية املبنية وغيراملبنية ( أراض ي فالحية ،عمارات ،أراض ي عقارية ،فيالت )...؛
-بعض األصول غيرالثابتة ( أسهم ،أرصدة مصرفية ،قروض رهنية )...؛
101
-بعض العناصراألخرى التي تعتبرمن مظاهرالثراء ( سيارات فاخرة ،مراكب ترفيهية .)...
وتحتسب الضريبة بناء على القيمة التجارية ( ) La valeur vénaleلعناصرالثروة ،وذلك بعد خصم
كافة الديون املستحقة ،أي أن الثروة الصافية ( ) La fortune netteهي الخاضعة للضريبة.387
ويعتبر إدخال هذه الضريبة ضروريا للغاية ،خصوصا وأنه حسب البيانات املتوفرة لدى '' قاعدة
البيانات العاملية للتفاوت" ،فإن أغنى % 10في املغرب يستحوذون على ما يقرب من نصف الدخل %49
،في حين أن أفقر % 50يتلقون % 15فقط من الدخل ،وهي بالضبط نفس النسبة التي تتركز بين أغنى
% 1في البالد.388
ولكي تكون الضريبة مقبولة البد أن تركزفقط على الثروات الكبرى ،ويرى األستاذ نجيب أقصبي ،أن
مبلغ مليوني درهم كحد أدنى للضريبة يعد أكثر مالءمة ،ويمكن اعتبار هذا الحد مرتفعا مقارنة مع
تجارب بعض األنظمة الضريبية األخرى ،لكن في الحقيقة تطبيقه سيجعل من الضريبة تتفادى
أصحاب الثروات املتوسطة والذين ترجع أسباب ثروتهم إلى ممتلكات عقارية ،تم التضحية بقيمة مهمة
من دخولهم لسنوات عديدة من أجل تحقيقها.389
نظرا لتمركزملكية الثروات في املغرب ،فإن اعتماد تقنية معدالت ضريبية تصاعدية ،يعد مالئما
حتى يتم األخذ بعين االعتبارهذا التفاوت .لكن غياب إحصاءات دقيقة حول توزيع هذه الثروات
يجعل عملية تحديد معدالت الضريبة مسألة تقريبية إن لم نقل صعبة.390
وقد قامت املجموعة النيابية لحزب التقدم واالشتراكية ،بلجنة املالية والتنمية االقتصادية ،أثناء
مناقشة مشروع قانون املالية رقم 65.20برسم السنة املالية 2021391بتحديد معدالت تصاعدية
102
للضريبة على الثروات العليا ،392ويحدد املقترح جدول حساب الضريبة على الثروة املفروضة على
مجموع القيمة اإلجمالية للممتلكات التي توجد في ملكية الخاضع للضريبة على النحو التالي:
ويخضع لهذه الضريبة األشخاص الطبيعيون الذين تتجاوز القيمة اإلجمالية ملمتلكاتهم سقف
عشرة ماليين درهم ،وفق نسب محددة بشكل معقول تؤدى سنويا إلى خزينة الدولة.
وبصفة عامة ،فرغم صعوبة تقييم االنعكاسات املرتقبة لتطبيق الضريبة على الثروات الكبرى،
بسبب غياب املعطيات اإلحصائية حول عدد أصحاب هذه الثروات ( الخاضعين ) ،فاملؤكد هو أن هذه
الضريبة ستساهم في عقلنة النظام الضريبي املغربي .وهو نفس الهدف الذي تتوخاه الضريبة على
التركات.
392تجدر اإلشارة إلى أن هذه املهمة قد قام بها األستاذ نجيب أقصبي في بداية التسعينات ،حيث عمل على تحديد معدالت تصاعدية للضريبة
على الثروات العليا ،حيث اقترح قيمة الثروة الخاضعة للضريبة وأسعارها على النحو التالي:
-بالنسبة للقيمة مابين 2مليون درهم إلى 5ماليين درهم ،فقد حدد لها سعر % 0.5
-أما القيمة مابين 5ماليين درهم إلى 10ماليين درهم ،فقد حدد لها سعر % 1.0
-أما القيمة التي تفوق 10ماليين ،فقد حدد لها سعر % 2.0
-لالستزادة يراجع :حميد النهري بن محمد ،م ن ،ص386-385
393أحمد إفقيرن ،م س ،ص105
103
بدعوى تعارض هذه الضريبة مع تعاليم الدين اإلسالمي ،394خاصة وأن اإلسالم ال يعرف سوى الزكاة
والجزية والخراج والعشور.395
وهذا التبرير هو الذي كان وراء إقبار محاولة تطبيق هذا النوع من الضريبة في املغرب سنة ،1968
حيث استطاعت آنذاك الطبقة األوليغارشية التأثير على العلماء الدينيين ،ودفعهم إلى تبني فكرة
تعارض هذه الضريبة مع اإلسالم. 396
ودون الخوض في هذا النقاش ،فإن إحداث الضريبة على التركات بالنسبة للمغرب سيساعد على
توسيع الوعاء الضريبي الذي يعتبر من اإلشكاالت الكبرى التي يعاني منها النظام الضريبي املغربي،397
وأي إصالح للنظام الضريبي الحالي وعقلنته في اتجاه خدمة العدالة الضريبية يقتض ي تطبيق هذا النوع
من الضرائب ،وسنحاول هنا تحديد بعض الخطوط العريضة لكيفية تطبيق الضريبة على التركات.398
يمكن أن تتألف املادة الضريبية من األموال املنقولة والعقارية كيفما كانت طبيعتها ،بعد خصم كافة
الديون املستحقة عليها وتقرر إعفاءات شخصية ( درا سكنى ،أثاث ،كتب .)...شريطة أال يتجاوز مبلغها
حدا معينا .وأن تفرض الضريبة على حصة كل وارث على حدة.399
وتقتض ي الطبيعة االقتصادية لبعض عناصر التركة ( شركة ،معمل ،مقاولة تجارية أو فالحية ،)...
تعامال ضريبيا مرنا ،بهدف مساهمة الضريبة في استمرارية هذه األنشطة وتفادي كل تأثير سلبي يمكن
أن يوقف عملها.400
104
-2تصاعدية أسعارالضريبة على التركات
يقتض ي مبدأ العدالة الضريبة حسب األستاذ "نجيب أقصبي" األخذ بعين االعتبار وضعية املكلف
الوارث ،خصوصا املادية منها ،لذلك فجدول أسعارالضريبة يجب أن يكون أكثرتصاعدية بشكل يؤدي
إلى تحمل العبء الضريبي أكثرمن طرف الثروات الكبرى. 401
وقد قدم النائبان "عمربالفريج "و "مصطفى الشناوي" ،عن الحزب االشتراكي املوحد في هذا اإلطار،
تعديال يروم إلى إضافة معدل تصاعدي وفقا للمبالغ املوروثة ،بدال من نسبة % 1الحالية التي تطبق
مهما كانت قيمة التركة ،402وذلك خالل مناقشة مشروع قانون املالية رقم 65.20للسنة املالية ،2021
ويحدد على النحو التالي جدول حساب إحصاء التركات:403
105
خاتمة
بناء على ما سبق ،يمكن القول بأن دراسة صناعة القرارالضريبي من خالل العودة إلى ما ميزسلطة
الفاعلين التقليديين في إطارالدولة املخزنية ،ثم االنتقال إلى فترة الحماية ،وبعدها دراسته في ظل الدولة
الحديثة ،دولة املؤسسات السياسية ،قد مكننا من الوقوف على مجموعة من الخالصات نوردها على
النحو التالي:
أوال :هيمنة السلطان على باقي الفاعلين التقليديين في صناعة القرار الضريبي في ظل الدولة املخزنية،
نتيجة طبيعية ألحادية السلطة .وما ميز هذه الفترة التاريخية هو اعتماد القرار الضريبي على األسس
الشرعية.
ثانيا :تراجع هيمنة السلطان في صناعة القرار الضريبي في ظل الحقبة االستعمارية ،نتيجة لتراجع
مكانته في النسق السياس ي ككل أمام تصاعد مكانة املقيم العام ،حيث عمل هذا األخير على جعل
السلطان مجرد فاعل شكلي ،والعمل على إعادة توظيف باقي الفاعلين التقليديين لخدمة مصالح إدارة
الحماية .وقد عرفت هذه الفترة التاريخية خروج صانعي القرار الضريبي عن األسس الشرعية
واعتمادهم على األسس الوضعية.
ثالثا :عودة املؤسسة امللكية إلى قمة هرم صناعة القرار الضريبي بعد حصول املغرب على االستقالل،
جعلتها تعمل على تكريس مكانتها املحورية داخل النظام السياس ي املغربي ،بحيث خولت لنفسها
صالحيات واسعة جعلتها في وضعية سمو وتوجيه لباقي الفاعلين في صناعة القرار الضريبي.
غير أنه ومنذ سنة 1964ونتيجة لتدهور الوضع االقتصادي الذي أدى إلى تفجير أزمة مالية ،تم
تمهيد الطريق أمام تدخل املؤسسات املالية الدولية في الشؤون الداخلية للبلد ،ومن تم العمل على
توجيه القرار الضريبي بما يخدم مصالحها ،األمر الذي جعلها تشكل إلى جانب امللكية الفاعلين
األساسيين في صناعة القرارالضريبي.
وعلى إثرأزمة املديونية التي عرفها املغرب في أواخرالسبعينات من القرن املاض ي ،وتحت " يافطة "
مساعدة املغرب على تخطي األزمة ،أوفد صندوق النقد الدولي لجنة ملعاينة الحالة االقتصادية واملالية
واقتراح البدائل الكفيلة بتجاوزها ،حيث انتهت اللجنة إلى إعداد تقريرفي 22مارس 1979يتضمن جرد
مساوئ النظام الضريبي القائم واقتراح مشروع إصالح بديل ،بعد ذلك سيقوم مجلس النواب في سنة
106
1982بالتصويت على القانون اإلطار لإلصالح الضريبي .لكن إصداره لم يتم إال بعد مرورسنتين أي إلى
حدود سنة 1984ليدخل في إطار برنامج التقويم الهيكلي .وقد تمت أجرأته عبرمجموعة من النصوص
التطبيقية .وبذلك أصبحت بنية النظام الضريبي على النحو التالي:
أوال :على مستوى الضرائب املباشرة :تم التمييزفيها بين دخول األشخاص املعنويين ودخول األشخاص
الذاتيين ،وبالتالي أصبح يعرف النظام الضريبي املغربي ضريبتين مباشرتين ،األولى تهم األشخاص
الذاتيين واملتمثلة في الضريبة العامة على الدخل والتي أصبحت تسمى بموجب قانون مالية 2007
الضريبة على الدخل ،والثانية تهم األشخاص املعنويين واملمثلة في الضريبة على الشركات.
ثانيا :على مستوى الضرائب غيراملباشرة :تم تبني الضريبة على القيمة املضافة.
وكما هو معلوم فقد جعل هذا اإلصالح من بين أهدافه تحقيق نظام ضريبي فعال يمزج بين هاجس
املردودية وتحقيق العدالة الضريبية.
وقد حاولنا دراسة مدى تحقيق هذا القرارالضريبي لرهان العدالة الضريبية الذي تم اإلعالن عنه،
من خالل دراسة واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي ،وقد توصلنا إلى مجموعة من
الخالصات نوردها على النحو التالي:
أوال :غياب العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي كان نتيجة طبيعية لكون صانعي القرار
الضريبي غلبوا هاجس املردودية على حساب تحقيق العدالة الضريبية.
ثانيا :كثرة التشجيعات الضريبية ،إضافة إلى محاباة الضريبة ألصحاب الرواتب العليا ،كلها عوامل
ساهمت في تكريس الالعدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي ،األمرالذي جعل لهذا األخير مجموعة
من الزبائن املفترضين.
ثالثا :غياب العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي تولدت عنه مجموعة من الثار التي كان
لها وقعها عليه ،ونوردها على النحو التالي:
-1انعدام االكتفاء الذاتي الضريبي ،أي ضعف املداخيل الضريبة وعدم قدرتها على تمويل ميزانية
الدولة.
-2ارتفاع الضغط الضريبي على الفئة االجتماعية الهشة.
-3استفحال ظاهرة التهرب الضريبي كتعبيرعن املقاومة للضريبة غيرالعادلة.
107
كما حاولنا بعد ذلك تقديم مجموعة من الحلول التي من شأن األخذ بها تحقيق العدالة الضريبية
في النظام الضريبي املغربي من خالل:
-1دمقرطة صناعة القرار الضريبي ،بالعمل على تقوية الطابع البرملاني للنظام السياس ي املغربي.
مع ضرورة مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرارالضريبي؛
-2توسيع الوعاء الضريبي ،من خالل تضريب القطاع غير املهيكل ،ثم عن طريق فرض ضرائب
جديدة :كالضريبة على الثروات الكبرى ،والضريبة على اإلرث .باإلضافة إلى مراجعة أسعار
الضرائب الحالية في اتجاه تصاعدي.
عموما ،يمكن القول بأن مطلب دمقرطة صناعة القرار الضريبي ،مع العمل على تحقيق العدالة
الضريبية في النظام الضريبي املغربي يبقى رهين بضرورة توافراإلرادة السياسية.
108
الئحة املراجع
باللغة العربية:
أ -الكتب
ابراهيم اولتيت ،القانون الجبائي املغربي والتوازن بين حقوق الخزينة وحقوق الخاضع -
للضريبة ،مكتبة ومطبعة قرطبة-أكادير ،الطبعة الثانية .2017
-أرنست فولف ،صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العاملية ،ترجمة عدنان عباس
علي ،سلسلة عالم املعرفة ،املجلس الوطني للثقافة والفنون واألدب-الكويت.2016 ،
أمارتيا سن ،فكرة العدالة ،تعريب مازن جندلي ،الدارالعربية للعلوم ناشرون ش.م.ل ،الطبعة -
األولى.2010 ،
أناس بن صالح الزمراني ،املالية العامة والسياسة املالية ،املطبعة الوراقة الوطنية ،الطبعة -
األولى2002 ،
-ثامر عزام حمد سليم الدليمي ،اإلدارة الفرنسية في املغرب ( ،)1939-1956دار غيداء للنشر
والتوزيع ،الطبعة األولى.2016 ،
-جون واتربوري ،أمير املؤمنين '' امللكية والنخبة السياسية املغربية" ،تعريب عبد الغني أبو
العزم ،عبد األحد السبتي وعبد اللطيف الفلق ،مؤسسة الغني للنشر-الرباط ،الطبعة الثالثة،
.2013
-حميد النهري بن محمد ،محاضرات في النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية
باملغرب،مطبعة سلكي أخوين-طنجة ،الطبعة الثانية.2013 ،
-خالد فخار ،السياسة الجبائية عند السلطان الحسن األول ( ،)1873-1894السلسلة املغربية
للعلوم والتقنيات الضريبية ،العدد ،11مطبعة األمنية-الرباط.2016 ،
-ديفيد ريكاردو ،مبادئ االقتصادي السياس ي ،تعريب يحيى العريض ي وحسام الدين خضور،
دارالفرقد.2015 ،
-رحال بوبريك ،زمن القبيلة "السلطة وتدبير العنف في املجتمع الصحروي" ،دار أبي رقراق
للطباعة والنشر ،الطبعة األولى.2012 ،
109
-رحمة بورقية ،الدولة والسلطة واملجتمع دراسة في الثابت واملتحول في عالقة الدولة بالقبائل
في املغرب ،دارالطليعة للطباعة والنشر-بيروت ،الطبعة األولى.1991 ،
-رشيد مساوي ،املالية العامة ،مطبعة اسبارطيل-طنجة ،الطبعة الرابعة.2017 ،
-ريمي لوفو ،الفالح املغربي املدافع عن العرش ،تعريب محمد بن الشيخ ،منشورات وجهة نظر،
سلسلة أطروحات وبحوث جامعية ( ،) 2مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى.2011 ،
-سامي يوسف كمال محمد ،قروض املؤسسات املالية الدولية االستعمار االقتصادي لألمم،
دون ذكردارالنشر.2019 ،
-س ي محمد البقالي ،الكتلة الدستورية للمالية العمومية '' محاولة لرصد املرتكزات الدستورية
لقانون املالية وامليزانية" ،مطبعة البصيرة-الرباط ،الطبعة األولى.2017 ،
صباح نعوش ،الضرائب في الدول العربية ،املركز الثقافي العربي ،املغرب الدار البيضاء، -
الطبعة األولى.1987 ،
-صميم عزيز ،التحفيزات الجبائية باملغرب ،السلسلة املغربية للعلوم والتقنيات الضريبية،
العدد ،3مطبعة طوب بريس -الرباط.2013،
-الطيب بياض ،املخزن والضريبة واالستعمار ضريبة الترتيب ( ،)1880-1915أفريقيا الشرق-
الدارالبيضاء ،الطبعة األولى.2010 ،
-عبد اإلله السطي ،صناعة القرار السياس ي بحث في املؤسسة واملؤسساتية بالنظام السياس ي
املغربي ،سلسلة دراسات وأبحاث ،مطبعة املعارف الجديدة-الرباط.2017 ،
عبد السالم أديب ،السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية "دراسة تحليلية للنظام الجبائي -
-عبد اللطيف أكنوش ،تاريخ املؤسسات والوقائع االجتماعية باملغرب ،إفريقيا الشرق ،بدون
ذكرالطبعة ،ودون ذكرسنة النشر.
-عبد هللا العروي ،أزمة املثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية؟ ،تعريب ذوقان قرقوط ،املؤسسة
العربية للدراسات والنشر ،الطبعة األولة.1978 ،
-عبد هللا حمودي ،الشيخ واملريد " النسق الثقافي للسلطة في املجتمعات العربية الحديثة يليه
مقالة في النقد والتأويل" ،تعريب عبد املجيد جحفة ،سلسلة املعرفة االجتماعية ،دار توبقال
للنشر ،الطبعة الرابعة.2010 ،
110
-فردريك واسيجربر ،على عتبة املغرب الحديث ،تعريب عبد الرحيم حزل ،منشورات داراألمان-
الرباط ،مطبعة األمنية-الرباط ،الطبعة الثانية.2010 ،
-فؤاد قاسم األمير ،رأسمالية الليبرالية الجديدة ( النيبوليبرالية) ،دارالغد.2019 ،
-محمد بن شاكرالشريف ،املشاركة السياسية في البرملان و الوزارة "عرض ونقد" ،بدون ذكر
دارالنشر ،دون ذكرالطبعة.
-محمد جادور ،مؤسسة املخزن في تاريخ املغرب ،مؤسسة امللك عبد العزيز-الدار البيضاء،
سلسلة أبحاث ،منشورات عكاظ ،الطبعة األولى.2011 ،
محمد شكيري ،القانون الضريبي املغربي " دراسة تحليلية ونقدية" ،سلسلة مؤلفات وأعمال -
جامعية ،منشورات املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية ،العدد ،49دارالنشراملغربية-الدار
البيضاء.2004 ،
-محمد عابد الجابري ،في غمارالسياسة فكرا وممارسة ،الكتاب األول ،سلسلة مواقف من -1
،3الشبكة العربية لألبحاث والنشر ،الطبعة األولى.2009 ،
-محمد لويز ،مقاربة سوسيولوجية ألشكال التنظيم الترابي باملغرب ،املطبعة والوراقة
الوطنية ،الطبعة األولى.2017 ،
-محمد معتصم ،النظام السياس ي الدستوري املغربي ،مؤسسة إيزيس للنشر-الدار البيضاء،
الطبعة األولى.1992 ،
-املختارمطيع ،القانون البرملاني (دراسات ووثائق) ،دارالقلم للطباعة والنشروالتوزيع ،الطبعة
الثانية.2004 ،
-مصطفى الشابي ،النخبة املخزنية في مغرب القرن التاسع عشر ،منشورات كلية األداب
والعلوم اإلنسانية-الرباط ،مطبعة فضالة-املحمدية ،الطبعة األولى.1995 ،
-مصطفى بوشعراء ،عالقة املخزن بأحوازسال قبيلة بني أحسن ( ،)1860-1912منشورات كلية
األداب والعلوم اإلنسانية-الرباط ،سلسلة بحوث ودراسات ،رقم ،19مطبعة النجاح الجديدة-
الدارالبيضاء ،الطبعة األولى.1996 ،
-املنتصر السويني ،الدستور املالي والنموذج التدبيري الجديد باملغرب ،مطبعة النجاح
الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة األولى.2019 ،
111
-مولود اسباعي ،التشريع الوضعي باملغرب قراءة في حصيلة أزيد من مائة سنة (،)1913-2016
مكتبة دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع-الرباط ،الطبعة األولى.2020 ،
-ميشيل روس ي ،املؤسسات اإلدارية املغربية ،تعريب إبراهيم زياني واملصطفى أجدبا ونور الدين
الراوي ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة األولى.1993 ،
-نجيب أقصبي ،االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية في املغرب ،تعريب نور الدين
سعودي ،مركزبنسعيد آيتا يدرلألبحاث والدراسات ،الطبعة األولى.2017 ،
-نور الدين الزاهي ،املدخل لعلم االجتماع املغربي ،دفاتروجهة نظر ،العدد ،20مطبعة النجاح
الجديدة ،الطبعة األولى.2011 ،
-الهادي الهاروي ،القبيلة ،اإلقطاع واملخزن '' مقاربة سوسيولوجية للمجتمع املغربي الحديث
( ،)1844-1934إفريقيا الشرق ،الطبعة األولى.2004 ،
-هشام محمود األقداحي ،اللوبي وجماعات الضغط السياس ي '' صراع املصالح والنفوذ
واملال" ،مؤسسة شباب الجامعة-اإلسكندرية.2012 ،
-هشام مليح ،املخزن والجباية في مغرب ما قبل الحماية ،مطبعة األمنية-الرباط ،الطبعة األولى،
.2016
ب -األطاريح والرسائل الجامعية
-األطاريح:
-أحمد إدعلي ،األبعاد السيوسيو سياسية للجباية املغربية نموذج الضريبة على الشركات
والضريبة العامة على الدخل ( ،)1990-2000أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية
العلوم االقتصادية واالجتماعية-أكدال ،جامعة محمد الخامس.2006-2005 ،
-أحمد إفقيرن ،التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة إشكالية إرساء دعائم العدالة
الضريبية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض.2019-2018 ،
-حميد النهري بم محمد ،إشكالية التدخل الجبائي باملغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-أكدال ،جامعة محمد الخامس،
.2000-2001
112
-رشيد حجبي ،قراءة في املداوالت البرملانية حول الضريبة على الدخل ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-عين الشق ،جامعة الحسن
الثاني.2003-2002 ،
-سيدي األشكل ،القراروالنشاط العام باملغرب '' مساهمة في دراسة الثابت واملتغيرفي السيرورة
القرارية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض.2009،
-عبد الرحيم منوري ،دور البرملان في التشريع بين منطق الدولة وجماعات الضغط الوالية
التشريعية الثامنة ( ،)2007-2011أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،جامعة الحسن األول2015-2014 ،
-عصام القرني ،صناعة القرار الضريبي باملغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-سال ،جامعة محمد الخامس.2016-2015 ،
-فرج عادل ،القرار العام وبلورة السياسة العامة :مقاربة لسلطة الفاعلين في بلورة السياسة
الضريبية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية-مراكش ،جامعة القاض ي عياض.2006-2005 ،
-محمد عروبي ،إشكالية التحديث اإلداري باملغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-عين الشق ،جامعة الحسن الثاني-2010 ،
.2011
-الرسائل:
-أحمد إفقيرن ،اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية ،رسالة لنيل دبلوم
املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة
القاض ي عياض.2013-2012 ،
-البازل بدر ،السياسة الضريبية باملغرب دراسة سوسيو سياسية للنفقات الجبائية العقارية،
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-
أكدال ،جامعة محمد الخامس.2007-2006 ،
-حسن بوغش ي ،إشكالية عدالة السياسة الضريبية باملغرب ،رسالة لنيل شهادة املاستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-أكادير ،جامعة ابن زهر،
.2016-2017
113
-رشيدة سيف الدين ،سؤال اإلصالح الضريبي باملغرب ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون
العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،جامعة الحسن األول-2012 ،
.2013
س ي محمد غضبان ،السياسات الضريبية باملغرب محاولة في األبعاد السوسيو سياسية، -
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-
مراكش ،جامعة القاض ي عياض.2007-2006 ،
-عالء الدربالي ،دور التقنوقراط في صناعة السياسات العمومية في املغرب ،رسالة لنيل شهادة
املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-مراكش ،جامعة
القاض ي عياض.2015-2014 ،
-محمد بوجنون ،السياسة الضريبية ودورها في ترسيخ دولة الحق والقانون ،رسالة لنيل دبلوم
املاستر في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،جامعة
الحسن األول.2010-2009 ،
-محمد مكو ،إشكالية التهرب الضريبي في املغرب '' دراسة قانونية" ،رسالة لنيل دبلوم املاستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-طنجة ،جامعة عبد
املالك السعدي.2008-2007 ،
ت -املقاالت والدراسات والدالئل
-أحمد أعراب ،االرتقاء بالحكومة إلى جهازتنفيذي فعلي قراءة في الفصل 92من الدستور ،نظام
الحكم في املغرب استمرارية أم انتقال إلى الديمقراطية؟ ،مجلة مسالك ،عدد مزدوج.50-49
-أحمد جزولي ،بزطام الشعب '' الحكامة في امليزانيات مدخل النموذج التنموي باملغرب" ،أوراق
في السياسات العامة ،شتنبر.2019
-أحمد مدني حميدوش ،إشكالية العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي وسؤال النموذج
التنموي املأمول ،املساطر الضريبية بين تحدي األمن القانوني والقضائي الضريبي وسؤال
العدالة والتنمية الجبائية ،مؤلف جماعي ،مطبعة املعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة األولى،
.2021
-أمحمد املالكي ،الدستور وتنظيم السلط ،منشورات من أجل الديمقراطية وحقوق اإلنسان،
.2014
114
-جيل .ن .الرين ولين التوليب ،أسس العدالة الجبائية :التطور والثار ،املجلة الفرنسية للمالية
العامة ،عدد ،2013 ،124تعريب حسن بوغش ي ،غيرمنشور.
-حالة األنظمة الضريبية ( املغرب ،األردن ،لبنان ،فلسطين) ،شبكة املنظمات العربية غير
الحكومية للتنمية ،سلسلة أوراق بحثية.2013 ،
-خالد على وعمر غنام ،دليل العدالة الضريبية ملنظمات املجتمع املدني في املنطقة العربية،
منشورات شبكة املنظمات العربية غيرالحكومية للتنمية.2019 ،
-صفاء البوهالي،التهرب الضريبي باملغرب :املفهوم األسباب وسبل مكافحتها" ،مجلة املنارة
للدراسات القانونية واإلدارية ،عدد خاص.2020 ،
-عبد املجيد مصدق ،كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء ،جريدة الطريق
األسبوعية ،العدد.2020 ،335
-عمرالعسري ،ضغط الديون العمومية وتحديات النموذج التنموي الجديد ،منشورات مجلة
املنارة للدراسات القانونية واإلدارية ،دارالقلم للطباعة.2020 ،
-الغواطي محمد ،األدوار املالية للملك والحكومة على ضوء الدستور والقانون التنظيمي
للمالية ،مقال منشور على مجلة املتوسط للدراسات القانونية والقصائية ،العدد .2018 ،6
-محمد مدني وآخرون ،دراسة نقدية للدستور املغربي للعام ،2011منشورات املؤسسة الدولية
للديمقراطية واالنتخابات.2012 ،
-مصعب التجاني ،التطور الديقراطي املغربي :الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية
من خالل النص الدستوري ،مجلة العلوم السياسية والقانون ،املركز الديمقراطي العربي:
برلين-أملانيا ،العدد ،18املجلد .2019 ،3
-منظمة أوكسفام ،مؤشرالعدالة الضريبية " تحليل النظام الضريبي املغربي" ،أكتوبر.2020
-املهدي السهيمي ،االتحاد العام ملقاوالت املغرب وآليات تدخله في قوانين املالية ،جريدة النهج
الديمقراطي ،العدد.392
-موالي الحسن التمازي ،اإلصالح الجبائي واستراتيجية التنمية البشرية ،مقال منشور على
املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية ،عدد .2006 ،69
115
-موالي الحسن التمازي ،مكانة الثقافة الجبائية لدى النخب املغربية ومطلب اإلصالح،
منشورات حوارات مجلة الدراسات السياسية واالجتماعية ،سلسلة املجلة الفصلية ،عدد
مزدوج 2و.2017 ،3
ث -الندوات:
-محمد الساس ي :مداخلة في ندوة " النضال الديمقراطي في أفق امللكية البرملانية" ،املنظمة من طرف
اللجنة املحلية للقطاع النسائي التابعة للحزب االشتراكي املوحد بفاس ،يوم السبت 30مارس ، 2019
متوفرة على موقع اليوتيوب.https://www.youtube.com/watch?v=T02p85QVci8 :
أ -التقارير
-تقريرحول النفقات الجبائية ،مرفق بمشروع قانون مالية .2021
-تقرير لجنة املالية والتنمية االقتصادية ،تقرير حول مشروع قانون املالية رقم 65.20برسم
السنة املالية ،2021الجزء األول ،دورة أكتوبر.2020
-غريرباور ،التقريرالبرملاني العالمي ،طبعة التمثيل البرملاني للمتغيرة ،منشورات األمم املتحدة،
.2012
-املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية ( ،) DRIتقرير حول الديمقراطية التشاركية على
املستوى املحلي.
باللغات األجنبية:
116
القانون التنظيمي رقم 130.13املنظم لقانون املالية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم -
1.15.62الصادر في 2يونيو ،2015الجريدة الرسمية ،العدد ،6370الصادر بتاريخ 18يونيو
.2015
قانون املالية رقم 48.09للسنة املالية ،2010الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.243 -
في 30ديسمبر ،2009واملنشور بالجريدة الرسمية في 31ديسمبر ،2009عدد 5800
مرسوم رقم 2.07.995الصادرفي 23أكتوبر 2008بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد -
واملالية ،الجريدة الرسمية ،العدد 5680الصادربتاريخ 6نوفمبر.2008
ت -قرارات وأحكام قضائية
-املجلس الدستوري ،قراررقم 14.950م .د ملف عدد 1406.14
ث -الخطب والرسائل امللكية
-الخطاب امللكي الذي ألقاه امللك محمد السادس بالجرف األصفر أمام رؤساء غرف التجارة
والصناعة ورؤساء املكاتب الوطنية وعدد من الفاعلين االقتصاديين ،بتاريخ 25شتنبر.2000
-الخطاب امللكي الذي وجهه امللك محمد السادس إلى األمة بمناسبة ذكرى 14لعيد العرش،
بتاريخ الثالثاء 30يوليوز 2013
-الرسالة التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية األولى للجهوية ،بتاريخ
الجمعة 20دجنبر.2019
ج -املواقع اإللكترونية
www.pncl.gov.ma -
www.maroc.ma -
www.cg.gov.ma -
www.psu.ma -
www.aldar.ma -
www.madarik.org -
www.dp.org -
www.telquel.ma -
www.attacmaroc.org -
117
www.maghress.com -
www.tizpress.com -
www.alquds.co.uk -
118
الفهرس
كلمة شكر 1 ...........................................................................................
اإلهداء 2 ..............................................................................................
الئحة االختزاالت 3 .....................................................................................
تقديم4 ............................................................................................... :
الفصل األول :القرارالضريبي بين التقليد والتحديث وسؤال الدولة الحديثة 13 .....................
املبحث األول :القرارالضريبي بين التقليد والتحديث 13 ............................................
املطلب األول :القرارالضريبي التقليدي تجسيد إلرادة السلطان 14 ..............................
الفقرة األولى :مركزية السلطان داخل جهاز اإلدارة املخزنية 14 ..................................
أوال :اإلدارة املركزية 15 ..........................................................................
ثانيا :اإلدارة املحلية 18 ..........................................................................
الفقرة الثانية :عالقة املركزباملحيط من خالل القرارالضريبي للسلطان 21 .....................
أوال :الصراع الضريبي أساس عالقة املركزباملحيط22 ...........................................
ثانيا :التحكيم والتعايش أساس عالقة املركزباملحيط 25 ........................................
املطلب الثاني :سلطات الحماية ومحاولة تحديث النسق القراري الضريبي 27 ...................
الفقرة األولى :االختراق األوروبي للمغرب واالمتيازات الضريبية 27 ...............................
أوال :فخ الديون ونظام االمتيازات الضريبية 28 ..................................................
ثانيا :تنافس القوى األوروبية على املغرب 30 .....................................................
الفقرة الثانية :سلطات الحماية ومظاهرتحديث النسق القراري الضريبي 31 ...................
119
أوال :سلطات الحماية وتحديث النسق القراري 32 ...............................................
ثانيا :سلطات الحماية وتوظيف النسق القراري التقليدي خدمة ملصالحها 34 ..................
املبحث الثاني :القرارالضريبي في ظل الدولة الحديثة 37 ...........................................
املطلب األول :القرارالضريبي بين مركزية املؤسسة امللكية وتبعية الحكومة 38 ..................
الفقرة األولى :مركزية املؤسسة امللكية في صناعة القرارالضريبي 38 .............................
أوال :رئاسة املجلس الوزاري 39 ..................................................................
ثانيا :الخطب والرسائل امللكية 40 ...............................................................
ثالثا :تبعية التقنوقراط للمؤسسة امللكية 42 ...................................................
رابعا :حق طلب قراءة جديدة في مشاريع ومقترحات القوانين وحق إصدارالقوانين 42 ...........
الفقرة الثانية :الحكومة كأداة تنفيذية للقرارالضريبي 43 .......................................
أوال :الدور املهيمن للوزيراملكلف باملالية في صناعة القرارالضريبي 44 ..........................
ثانيا :دور رئيس الحكومة في صناعة القرار الضريبي 46 ..........................................
املطلب الثاني :القرارالضريبي بين سيادة التشريع ومصالح جماعات الضغط 49 ................
الفقرة األولى :دور البرملان في صناعة القرار الضريبي 49 ..........................................
الفقرة الثانية :دور جماعات الضغط في صناعة القرارالضريبي 55 .............................
أوال :دور االتحاد العام ملقاوالت املغرب في صناعة القرارالضريبي 56 ............................
ثانيا :دور املؤسسات املالية الدولية في صناعة القرارالضريبي59 ................................
الفصل الثاني :القرارالضريبي والعدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي 62 .....................
املبحث األول :بنية النظام الضريبي املغربي وواقع العدالة الضريبية63 ............................
املطلب األول :تشخيص بنية النظام الضريبي املغربي 63 .........................................
الفقرة األولى :بنية النظام الضريبي املغربي 63 ...................................................
أوال :الضريبة على الدخل64 .....................................................................
120
ثانيا :الضريبة على الشركات 66 ..................................................................
ثالثا :الضريبة على القيمة املضافة 67 ...........................................................
الفقرة الثانية :واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي 68 .......................
أوال :الضريبة على الدخل وسؤال العدالة الضريبية 69 .........................................
ثانيا :سؤال العدالة الضريبية في الضريبة على الشركات 70 .....................................
ثالثا :الضريبة على القيمة املضافة وسؤال العدالة الضريبية 72 ................................
املطلب الثاني :أسباب غياب العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي 73 ...................
الفقرة األولى :كثرة التشجيعات الضريبية 74 ....................................................
أوال :التشجيعات الضريبية في إطارالضرائب املباشرة ( الضريبة على الشركات أنموذجا ) 74 ...
ثانيا :التشجيعات الضريبية في إطارالضريبة على القيمة املضافة 77 ...........................
الفقرة الثانية :التصاعدية التنازلية 79 ..........................................................
أوال :محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على الدخل 81 ...................................
ثانيا :محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على القيمة املضافة 83 .........................
املبحث الثاني :آثار غياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي وسبل تحقيقها 85 ..
املطلب األول :آثارغياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي 85 .................
الفقرة األولى :ضعف التمويل وارتفاع الضغط الضريبي 86 .....................................
أوال :ضعف املداخيل الضريبة في تمويل ميزانية الدولة86 .......................................
ثانيا :ارتفاع الضغط الضريبي 88 ................................................................
الفقرة الثانية :التهرب الضريبي 89 ...............................................................
املطلب الثاني :سبل تحقيق العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي 94 ....................
الفقرة األولى :دمقرطة عملية صنع القرار الضريبي 95 ...........................................
أوال :تقوية دور البرملان في صناعة القرار الضريبي 96 .............................................
121
ثانيا :مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرار الضريبي 98 ...................................
الفقرة الثانية :توسيع الوعاء الضريبي وإعادة توزيع الدخل 99 .................................
أوال :الضريبة على الثروات الكبرى 101 ..........................................................
ثانيا :الضريبة على التركات 103 .................................................................
خاتمة 106 ...........................................................................................
الئحة املراجع 109 ....................................................................................
122