You are on page 1of 123

‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام والعلوم السياسية‬

‫تخصص المالية العامة‬


‫تحت عنوان‪:‬‬

‫إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة‬


‫الضريبية بالمغرب‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من إنجاز الطالب الباحث‬


‫عبد الحفيظ اليونسي‬ ‫المهدي السهيمي‬

‫السنة الجامعية‪2021/2020 :‬‬


‫كلمة شكر‬
‫ال يسعني إال أن أتقدم بأخلص عبارات الشكرواالمتنان‪،‬‬
‫وبأصدق معاني التقديرواالحترام إلى أستاذي الدكتور عبد‬
‫الحفيظ اليونس ي‪ ،‬الذي تكرم مشكورا باإلشراف على هذا‬
‫العمل املتواضع‪ ،‬والذي لم يبخل علي بتوجيهاته العلمية‪،‬‬
‫ومالحظاته القيمة‪ ،‬وأحيي فيه روح التعامل واملعاملة الجيدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫اإلهداء‬
‫أهدي هذا العمل املتواضع‬
‫إلى كل من يناضل‬
‫من أجل وطن حر‬
‫وشعب سعيد ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الئحة االختزاالت‬

‫ص‪ :‬الصفحة‬

‫م‪ .‬ن‪ :‬املرجع نفسه‬

‫م‪ .‬س‪ :‬مرجع سابق‬

‫‪3‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫أضحت الضريبة‪ ،‬في الدولة الحديثة‪ ،‬تلعب مجموعة من األدوار االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية‪ ،‬متجاوزة بذلك النظرة التقليدية للضريبة؛ املتمثلة في "الحياد الضريبي ‪La neutralité‬‬
‫‪ " fiscale‬املرتبط بحصر وظيفتها في تمويل خزينة الدولة وعدم التدخل في املجاالت التي هي من صميم‬
‫املبادرة الخاصة‪ ،‬إذ أصبحت أداة فعالة للتدخل االقتصادي (تشجيع االستثمار) واالجتماعي (إعادة‬
‫توزيع الثروات)‪ ،‬وهذا الدور غالبا ما يعبرعنه " بالغيراملالي ‪extra fiscal ''1 .‬‬

‫لقد كانت الضريبة لفترة طويلة أداة لتوفير املوارد املالية التي تجبى لصالح الحكام الذين يمتلكون‬
‫حق تقريرها‪ ،‬كما كانت في أحيان أخرى رمزا لالستبداد والتعسف‪ ،‬ولكن استثمارها تم بشكل آخر في‬
‫الدول الحديثة؛ إذ أصبح ينظر للضريبة كأحد عوامل دعم التماسك االجتماعي‪ ،‬وآلية إلعادة توزيع‬
‫الثروات‪.‬‬

‫ونتيجة ألهمية الضريبة‪ ،‬والتطورات التي عرفتها‪ ،2‬لم تعد القرارات الضريبية مجاال محتكرا من‬
‫طرف الحكام املستأثرين بالسلطة‪ ،‬بل أصبحت تقبل التداول والتفاوض‪ ،‬وبالتالي أضحى إصدارالقرار‬
‫الضريبي عمليا يتوخى التوفيق بين العديد من املصالح املتناقضة‪ ،‬هذا التناقض يجد نفسه في‬
‫مرجعيات ورهانات الفاعلين وطبيعتهم في النسق السياس ي‪.‬‬

‫وبين األهداف املعلنة والرسمية للقرار الضريبي‪ ،‬والرهانات الخفية الحقيقية التي تحركه‪ ،‬تتشكل‬
‫املسافة التي تبرز عبرها مجموعة من األبعاد السياسية واالجتماعية التي تسم هذا القرار‪ ،‬وهي مسافة‬
‫تتقلص في األنظمة التي ينبني فيها القرار السياس ي على مبادئ العقالنية والشفافية واملشاركة‪ ،‬في حين‬

‫‪1‬حميد النهري بم محمد‪ :‬إشكالية التدخل الجبائي باملغرب‪ .‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،2001-2000 ،‬ص‪.4‬‬

‫‪2‬أحمد إفقيرن‪ :‬التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة‪ ،‬إشكالية إرساء دعائم العدالة الضريبية‪ .‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،2019-2018 ،‬ص‪.2‬‬

‫‪4‬‬
‫تكون الهوة سحيقة بين الشعارات التي يتم رفعها وحقيقة ما يسعى القرار الضريبي تحقيقه في ظل‬
‫األنظمة التي تقوم على أولوية الضبط السياس ي واالجتماعي‪ ،‬وتسودها قيم الوالء واملحاباة والزبونية‪.3‬‬

‫عموما ‪ ،‬فإن القواعد التي تؤطر لنا صناعة القرار الضريبي هي نفسها قواعد اللعبة السياسية التي‬
‫ال يجب أن تقرأ من خالل اإلطار الدستوري واملؤسساتي حسب األستاذ ''جون لوكا"‪ ،‬وإنما من خالل‬
‫مقاربة نسقية عالئقية تمكن من الوقوف على كيفية اشتغال النسق القراري‪ .‬وعن اإلطاراملرجعي لهذا‬
‫االشتغال والتغييرات التي تحدث في هذا الوسط والظروف املساهمة في هذه التغييرات‪.4‬‬

‫وتظل دراسة سلطة الفاعلين في صناعة القرار الضريبي مرتبطة باإلطار التاريخي الذي تبلورت فيه‪،‬‬
‫وبالواقع االقتصادي واالجتماعي املحيط بها‪ ،‬هنا تأتي أهمية الوقوف عند التجربة التاريخية للدولة‬
‫املغربية‪ ،‬إذ تشكل مدخال جوهريا لفهم عملية صناعة القرار الضريبي‪ ،‬ومكانة الفاعلين وطبيعة‬
‫العالقات بينهم‪ ،‬إضافة إلى فهم طبيعة العالقة التي ينسجها املركزالقراري مع املحيط االجتماعي‪.5‬‬

‫إن تاريخ الضريبة في املغرب هو إلى حد كبير تاريخ تطور الدولة ملا قبل الحماية‪ ،‬وأثناء الفترة‬
‫االستعمارية ثم ملا بعد االستقالل‪ .‬هذه التحوالت ولدت‪ ،‬في النهاية‪ ،‬نظاما ضريبيا حديثا هو تعبير عن‬
‫إرادة إدماج االقتصاد الوطني في املسرح العالمي‪.6‬‬

‫لذا فإن مقاربة الفاعلين املتدخلين في صناعة القرار الضريبي في ارتباط بخصوصية الدولة املغربية‬
‫وإرثها التاريخي تسمح برصد رهاناتهم وأهدافهم وتفسيراتجاهاتها وتطوراتها‪.‬‬

‫‪3‬س ي محمد غضبان‪ :‬السياسات الضريبية باملغرب محاولة في األبعاد السوسيو سياسية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،2007-2006 ،‬ص‪2‬‬

‫‪4‬فرج عادل‪ :‬القرار العام وبلورة السياسة العامة‪ :‬مقاربة لسلطة الفاعلين في بلورة السياسة الضريبية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،2006-2005 ،‬ص‪7‬‬

‫‪ 5‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪4‬‬


‫‪6‬‬
‫‪Rapport du conseil Economique et social, le systéme fiscal marocain: développement économique et cohesion sociale, auto-‬‬
‫‪saisine n° 9/2012, page49‬‬

‫‪5‬‬
‫كما أن تتبع مسار الفاعلين في صناعة القرار الضريبي بدأ بالحقبة املخزنية‪ ،‬مرورا بفترة الحماية‪،‬‬
‫ووصوال إلى مرحلة االستقالل وبناء املؤسسات العصرية‪ ،‬قد يقودنا للوقوف على مدى حداثية أو‬
‫تقليدية النسق القراري وما حافظ عليه من ثوابت‪ ،‬وما شهده من تغيرات‪.7‬‬

‫ومن املفاهيم األكثر ارتباطا بصناعة القرار الضريبي في الدولة الحديثة‪ ،‬نجد مفهوم العدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬حيث أصبح يفرض أن يتأسس القرار الضريبي على احترام مقومات العدالة الضريبية‪.‬‬
‫فعندما يعتقد الخاضعون للضريبة بأن القرارات الضريبية عادلة ومنصفة‪ ،‬يكونوا أكثر استعداد‬
‫لتقبلها‪ ،‬ومن تم تأدية التزاماتهم الضريبية اتجاه خزينة الدولة‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬فكلما استشعر‬
‫الخاضعون للضريبة بأن القرارات الضريبية ال تراعي مبدأ العدالة الضريبة وبأنها تشكل حيفا ضريبيا‬
‫عليهم‪ ،‬كلما تولد لديهم الشعور والرغبة بمقاومتها‪.‬‬

‫الحقل املعرفي للموضوع‪:‬‬

‫حاول الباحثون في علم السياسة واالجتماع واإلدارة بلورة تعريف جامع ومانع لصناعة القرار‬
‫الضريبي عبرربطه بميكانيزمات وبنية النظام السياس ي من جهة‪ ،‬ثم بقضايا املجتمع وشؤونه العامة من‬
‫جهة ثانية‪ .‬بيد أنه رغم ذلك لم يستطيعوا أن يخلقوا علما مستقال يهتم بدراسة عناصر صناعة القرار‬
‫الضريبي‪ ،‬حيث ظل هذا األخير تابعا في توجهاته وتمظهراته املنهجية والنظرية كفرع من فروع علم‬
‫السياسة وكعلم للدولة والسلطة‪ ،8‬الش يء الذي يبقي عليه كانشغال جديد في طور التشكل داخل‬
‫الحقل املعرفي والعلمي باملغرب‪ ،‬حيث بقي محكوما إلى حد كبيربالتحليل القانوني املؤسساتي‪ ،‬ومرتبطا‬
‫بالبعد الشكلي أكثر من ارتباطه بالواقع االجتماعي والسياس ي وبسلوكات الفاعلين‪ 9،‬وذلك لهيمنة‬
‫النظرة التقنية في مقاربة الضريبة باملغرب‪.‬‬

‫‪ 7‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪4‬‬


‫‪8‬عبد اإلله السطي‪ :‬صناعة القرار السياس ي بحث في املؤسسة واملؤسساتية بالنظام السياس ي املغربي‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫الجديدة‪-‬الرباط‪ ،2017 ،‬ص‪.17‬‬

‫‪ 9‬محمد بوجنون‪ :‬السياسة الضريبية ودورها في ترسيخ دولة الحق والقانون‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،2010-2009 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلطاراملفاهيمي‪:‬‬

‫إن تعريف املفاهيم تعريفا دقيقا هو املهمة األولى للمعرفة العلمية‪ ،‬وحقا إن الوصول بالخطاب‬
‫العلمي إلى مستوى الدقة والضبط املنهجي يعني أوال تعريف املفاهيم‪ ،‬لهذا السبب وجدنا أنه لزاما علينا‬
‫أن نحدد معاني املفاهيم‪ 10‬املرتبطة بموضوع بحثنا‪.‬‬

‫🗹 الضريبة‪ :‬تعد الضريبة من بين أكثر املفاهيم تعقيدا‪ ،‬حيث تناولها الفقهاء بالتعريف والتحديد‪،‬‬
‫ووضعوا لها مبادئ حسب متطلبات كل مجتمع على حدة‪ ،‬فاختلفت سماتها حسب سياق الفكر‬
‫الضريبي السائد‪.11‬‬

‫في هذا الصدد عرف "غاستون جيز" الضريبة بكونها مساهمة نقدية تحصل من األشخاص بصورة‬
‫إجبارية ونهائية وبدون مقابل وذلك قصد تمويل النفقات العمومية‪ .‬إن مفهوم الضريبة حسب‬
‫تعريف "جيز " طرأت عليه مجموعة من التحوالت بفعل تطور دور الدولة والوظيفة املنوطة‬
‫بالضريبة وكذلك بفعل تطور مفهوم دولة الحق والقانون‪ .12‬وقد عمل أخرون أمثال '' الفريير‬
‫وفالين" على تطوير التعريف الذي قدمه "جيز"‪ ،‬حيث أضافا إليه كون االقتطاع الضريبي يرتكز‬
‫على املقدرة التكليفية للمكلفين بها‪ .‬وعليه تم تعريف الضريبة في هذا اإلطار بأنها اقتطاع نقدي‬
‫إجباري ونهائي يتحمله املمول بدون مقابل وفقا ملقدرته التكليفية‪ ،‬وذلك مساهمة في تحمل األعباء‬
‫العمومية‪.13‬‬

‫وقد عمل األستاذ " أناس بن صالح الزمراني " هوالخرعلى تعريف الضريبة بالقول إنها استقطاع‬
‫نقدي تفرضه وتجبيه السلطة العامة عن طريق اإلكراه‪ ،‬وهدفه تغطية األعباء العامة‪ ،‬وتنفيذ‬
‫األهداف االقتصادية واالجتماعية للدولة‪ ،‬وتوزيع تلك األعباء بين املواطنين حسب قدراتهم‪. 14‬‬

‫‪ 10‬ابراهيم اولتيت‪ :‬القانون الجبائي املغربي والتوازن بين حقوق الخزينة وحقوق الخاضع للضريبة‪ ،‬مكتبة ومطبعة قرطبة‪-‬أكادير‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،2017‬ص‪11‬‬
‫‪ 11‬عبد السالم أديب‪ :‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية "دراسة تحليلية للنظام الجبائي املغربي (‪ ،)1956-2000‬أفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص‪11‬‬
‫‪ 12‬محمد شكيري‪ ،‬القانون الضريبي املغربي " دراسة تحليلية ونقدية"‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لالدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،49‬دار النشر املغربية‪-‬الدار البيضاء‪ ،2004 ،‬ص‪33‬‬
‫‪ 13‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ 14‬أناس بن صالح الزمراني‪ :‬املالية العامة والسياسة املالية‪ ،‬املطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪231‬‬

‫‪7‬‬
‫🗹 صناعة القرارالضريبي‪ :‬يحيل مفهوم القرارإلى معنى االختيارالذي يؤدي إلى فعل معين‪ ،‬فهو عملية‬
‫حاسمة في إنتاج هذا الفعل‪ ،‬والسيرورة التي يتم من خاللها اعتماد هذا الخيار الناتج عنه مباشرة‬
‫فعال حاسما‪ ،‬هي ما يصطلح عليه بعملية صناعة القرار‪.15‬أما القرار الضريبي‪ ،‬بشكل مبسط‪،‬‬
‫فيحيل على كل قاعدة أو تدبيرأو إجراء ضريبي‪ ،‬يهدف إلى إحداث أو تعديل أو حذف وضعية قانونية‬
‫ضريبية معينة‪ ،‬وذلك كإقرارضريبة جديدة أوإلغاء ضريبة قائمة‪ ،‬أو تعديل سعرضريبة ما‪ ،‬أوإقرار‬
‫تجريم فعل ضريبي أو منح امتيازضريبي أو إلغائه‪.16‬‬
‫🗹 العدالة الضريبية‪ :‬يعتبر تحديد مفهوم العدالة الضريبية أمرا غير يسير ‪ ،‬باعتبار العدالة كقيمة‬
‫مرتبطة بالجانب األخالقي‪ ،‬كما تتعدد وجهات النظر حولها‪ ،‬فقد يؤسس األفراد مدركاتهم‬
‫وتصوراتهم حول العدالة الضريبية انطالقا من مواقعهم السوسيو‪-‬اقتصادية‪ ،‬ويوظفونها من‬
‫أجل تدعيم مصالحهم الخاصة‪ ،‬كأن يذهب املستثمرون للمطالبة بضريبة محدودة على الرأسمال‪،‬‬
‫كما قد يرغب األجراء الخاضعون للضريبة على الدخل في ضريبة موحدة على مختلف أنواع ومصادر‬
‫الدخل‪ ،‬كما أنه من املمكن أن يدافع الخاضعون للضريبة على ضرورة تأدية الجميع لنفس‬
‫الضريبة‪ .‬األمر الذي أدى بـ''غاستون جيز" إلى اعتبار أن الحديث عن العدالة ال يمكن أن يخلو من‬
‫التعقيد وااللتباس بالنظر لكونها ال تملك قيمة مطلقة‪.17‬‬

‫عموما‪ ،‬فإن مفهوم العدالة نفسه قد عرف تطورا مهما بالنظر لتضارب النظريات واملرجعيات‬
‫الفكرية حول تحديده كمفهوم‪ ،‬وكذا دوره كأساس للرفع من قيمة اإلنسان وتدعيم مكانته داخل‬
‫املجتمع‪ ،‬ومن بين أقدم من تناول هذا املفهوم نجد " أرسطو " و " كانط"‪ .‬أما على مستوى الكتابات‬
‫املعاصرة التي تناولت العدالة فنجد "جون راولز" في كتابه "العدالة كإنصاف إعادة صياغة"‪ ،‬الذي‬
‫شكل بشهادة العديد من املفكرين تصورا جديدا ورصينا لتأطير املفهوم‪ ،‬ثم "أمارتيا سن" في كتابه‬
‫"فكرة العدلة"‪.18‬‬

‫‪ 15‬عبد اإلله السطي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪18‬‬


‫‪16‬عصام القرني‪ :‬صناعة القرار الضريبي باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬‬
‫سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،2016-2015 ،‬ص‪1‬‬

‫‪ 17‬حسن بوغش ي‪ :‬إشكالية عدالة السياسة الضريبية باملغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكادير‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،2017-2016 ،‬ص‪6‬‬
‫‪ 18‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪14‬‬

‫‪8‬‬
‫يذهب "جون راولز" إلى القول بأن العدالة الضريبية هي تلك العدالة التوزيعية القائمة على فكرة‬
‫أن املجتمع يجب أن ينظم بمقتض ى هيكلة توزيعية تتسم باإلنصاف‪ ،‬والتي من شأنها أن تكفل عدم‬
‫السماح بالتضحية ببعض أفراد املجتمع باسم تحقيق املنفعة لعدد أكبرمن أفراده‪. 19‬‬

‫أما "أمارتيا سن" فقد عمل على نقد نظرية " راولز" في العدالة‪ ،‬ألنه‪ ،‬في نظره‪ ،‬يعطي مجموعة فريدة‬
‫من مبادئ العدالة ال تعنى إال بإقامة مؤسسات عادلة لتكوين البنية األساسية للمجتمع‪ ،‬فيما توجب‬
‫على الناس أن يكيفوا سلوكهم ليتوافق كليا ومتطلبات العمل السليم لهذه املؤسسات‪ ،‬بدال من التركيز‬
‫على حياة الناس‪ .‬وللتركيز على طرق الحياة الفعلية للناس في تقييم العدالة كثير من املضامين بعيدة‬
‫األثرعلى طبيعة وفكرة العدالة‪.20‬‬

‫أما مفهوم العدالة الضريبة فيعد نسبيا‪ ،‬إذ يمكن أن يتولد في كل وقت تصور خاص للعدالة‬
‫الضريبة‪ ،‬وتعتبر مسألة املساواة وإعادة التوزيع محور النقاش السياس ي‪ ،‬وهذا النقاش يعكس وجهة‬
‫نظر تيارين‪ :‬األول يقول بأهمية سيادة قوى السوق‪ ،‬ونمو اإلنتاج هو الذي سيسمح في األمد البعيد‬
‫بتحسين الدخول‪ ،‬أما الثاني فيقول بأن النضاالت االجتماعية والسياسية هي التي ستسمح بتخفيف‬
‫وتقليص االختالالت االجتماعية الناتجة عن النظام الرأسمالي‪.21‬‬

‫عموما فإن الدراسات التي تناولت العدالة الضريبة تميزبين نوعين‪:‬‬

‫‪ -‬األول العدالة في الضريبة ( املساواة) ‪ :‬في هذا النوع يتم التركيز على الجانب املالي للضريبة‪ ،‬أي‬
‫التوزيع العادل لألعباء الضريبة‪ ،‬مثال‪ :‬العدالة الضريبة تعني املساواة في القدرة التكليفية‪:‬‬
‫إسهام كل خاضع في النفقات العامة يتحدد بمقداردخله الذي يتمتع به تحت حماية الدولة‪.22‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني يتجلى في العدالة بواسطة الضريبة ( اإلنصاف )‪ :‬تفسير واسع للعدالة الضريبية‬
‫يشمل جميع مراحل فرض الضريبة ( الوعاء‪ ،‬التصفية والتحصيل) ويمتد إلى استخدام‬
‫حصيلتها‪.‬‬

‫‪19‬حسن بوغش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪7‬‬

‫‪20‬أمارتيا سن‪ :‬فكرة العدالة‪ ،‬تعريب مازن جندلي‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون ش‪.‬م‪.‬ل‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص‪14‬‬
‫‪ 21‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪16‬‬
‫‪ 22‬ابراهيم اولتيت‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪19‬‬

‫‪9‬‬
‫الهدف من العدالة هو الحد من االختالالت االقتصادية واالجتماعية ( أي العدالة كإنصاف)‬
‫وليس فقط تحقيق توزيع للعبء الضريبي‪.23‬‬

‫أهمية ودوافع اختياراملوضوع‪:‬‬

‫إن اختيار موضوع إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية يعود لعدد من‬
‫االعتبارات التي تعطيه األهمية والراهنية‪ ،‬فجل األبحاث والدراسات التي اشتغلت على موضوع صناعة‬
‫القرارالضريبي قاربته من زاوية السياسات العمومية‪ ،‬وتبقى في مجملها ضئيلة‪ ،‬ومعظمها اعتمد مقاربة‬
‫تقنية تعكس هيمنة النظرة االقتصادية على علم املالية العامة‪ ،‬ولم تربطها بالنسق السياس ي وآليات‬
‫اشتغاله‪ ،‬وفي دراستنا حاولنا عدم االقتصارعلى الجانب املؤسساتي والعمل السياس ي‪ ،‬بل أخذنا بعين‬
‫االعتباروظائف الفاعلين غيرالرسميين‪.‬‬

‫كما أن األبحاث التي اشتغلت على املوضوع لم تربطه بمبدأ العدالة الضريبية‪ ،‬وبذلك ظلت األحكام‬
‫التي تعطيها تلك األبحاث أحكاما عامة‪ ،‬وقد حاولنا في إطارهذا البحث تجاوز النظرة السطحية واألحكام‬
‫العامة‪ ،‬وذلك من خالل االشتغال على نموذج ملموس للقرار الضريبي وبحث واقع العدالة الضريبية‬
‫فيه‪ .‬ألنه لو اشتغلنا فقط على دراسة إشكالية صناعة القرار الضريبي باملغرب فإن الدراسة ستكون‬
‫محدودة الجدوى‪ ،‬لذلك حاولنا ربط إشكالية صناعة القرار الضريبي بإشكالية العدالة الضريبية في‬
‫النظام الضريبي املغربي‪.‬‬

‫الطرح اإلشكالي للموضوع‪:‬‬

‫ترتبط العدالة الضريبية بالحياة داخل املجتمع‪ ،‬وتشكل محورا للنقاشات العمومية والعلمية‬
‫املتعلقة باالختالالت والتفاوتات التي يعرفها املجتمع‪ ،‬بالنظر لدورها وأهميتها في تدعيم األسس‪ 24‬التي‬
‫يقوم عليها القرارالضريبي‪ ،‬والذي يمثل آلية أساسية لتجاوز االختالالت والتفاوتات االجتماعية‪.‬‬

‫وتتميز صناعة القرار الضريبي بتعدد الفاعلين داخل النسق السياس ي املغربي‪ ،‬هذا التعدد ينتج عنه‬
‫تعدد في الرهانات التي يجب أن يحملها القرارالضريبي‪.‬‬

‫ابراهيم أولتيت‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪19‬‬ ‫‪23‬‬

‫أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪20-19‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪10‬‬
‫في ضوء ما سبق نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫إلى أي حد استطاع صناع القرار الضريبي باملغرب استحضار مبدأ العدالة الضريبية في القرار‬
‫الضريبي الذي ينتجونه؟‬

‫وقد تفرعت عن هذه اإلشكالية العامة مجموعة من التساؤالت املوجهة ملوضوع الدراسة‪:‬‬

‫‪ -‬من هم الفاعلون في صناعة القرارالضريبي باملغرب؟‬


‫‪ -‬وما العالقة التي تربط الفاعلين في صناعة القرار الضريبي؟ أهي عالقة تعاون وتوازن أم عالقة‬
‫هيمنة وإضعاف؟‬
‫‪ -‬وهل الفاعلون داخل املؤسسات السياسية هم الفاعلون الوحيدون في عملية صناعة القرار‬
‫الضريبي باملغرب؟‬
‫‪ -‬ما حدود سلطة الفاعلين داخل املؤسسات السياسية في عملية صناعة القرار الضريبي‬
‫باملغرب؟‬
‫‪ -‬ما دور الفئات املوجودة خارج املؤسسات السياسية في عملية صناعة القرارالضريبي املغربي؟‬
‫‪ -‬وهل يحضرمبدأ العدالة الضريبية في صناعة القرارالضريبي باملغرب؟‬
‫‪ -‬وكيف يتم السهرعلى توزيع العبء الضريبي؟ وما هي أشكال انحرافاته؟‬
‫‪ -‬وما هي أسباب غياب العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي؟‬
‫‪ -‬وكيف يؤثرغياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي؟‬
‫‪ -‬وما هي السبل الكفيلة بتحقيق قرارضريبي يراعي مبدأ العدالة الضريبية؟‬

‫املنهج املعتمد‪:‬‬

‫إن مقاربة موضوع إشكالية صناعة القرارالضريبي‪ ،‬وسؤال العدالة الضريبية باملغرب‪ ،‬واإلشكاالت‬
‫التي تثيرها هذه الدراسة‪ ،‬دفعتنا إلى عدم االقتصار على استعمال منهج واحد بقدر ما تحتم ضرورة‬
‫االستعانة بمقاربة متعددة املناهج‪ ،‬خاصة وأن االقتصارعلى استعمال منهج معين يصطدم بمجموعة‬
‫من العوائق والحدود املنهجية‪.‬‬

‫األمر الذي دفعنا إلى االعتماد على املنهج التاريخي بالنظر ألهميته في تحليل الظواهر السياسية‬
‫بإعطائها بعدا ومرجعية تاريخية‪ ،‬حيث قمنا بتتبع سلطة الفاعلين في صناعة القرارالضريبي‪ ،‬عبراملرور‬

‫‪11‬‬
‫بثالث فترات تاريخية‪ .‬واستعنا باملنهج النسقي لتحديد الفاعلين في صناعة القرار الضريبي ووظائفهم‪،‬‬
‫سواء كانوا علنيين أو خفيين‪ ،‬وسواء كانوا مشاركين أو مؤثرين‪ .‬وقد مكننا من رصد العالقات الدينامية‬
‫بين املركز واملحيط االجتماعي‪ .‬كما اعتمدنا مقاربة تحليلية حاولنا من خاللها تحليل واقع العدالة‬
‫الضريبية في القرارالضريبي لسنة ‪ 1984‬والذي نتج عنه النظام الضريبي املغربي الحديث‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫انطالقا مما سبق سنتناول إشكالية املوضوع وفقا لخطة البحث التالية‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬القرار الضريبي بين التقليد والتحديث وسؤال الدولة الحديثة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬القرار الضريبي والعدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القرارالضريبي بين التقليد‬
‫والتحديث وسؤال الدولة الحديثة‬
‫إن دراسة القرارالضريبي من خالل الوقوف على املراحل الثالث التي مرت بها الدولة‪ ،‬قد يمكننا من‬
‫تحديد صناع القرار الضريبي‪ ،‬فمن خالل العودة إلى ما ميز سلطة الفاعلين التقليديين في إطار الدولة‬
‫املخزنية‪ ،‬والتساؤل عن أسباب استئثارالسالطين بالقرارالضريبي والخضوع الذي يبديه باقي الفاعلين‬
‫وحدوده‪ ،‬إضافة إلى طريقة استقبال املحيط املجتمعي للقرارات الضريبية للسالطين‪ .‬بعدها الوقوف‬
‫عند دراسة التحوالت التي طرأت على دور الفاعلين التقليدين في صنع القرارالضريبي مع تزايد الضغوط‬
‫األجنبية والتي انتهت بفرض الحماية على املغرب(املبحث األول)‪ ،‬واالنتقال بعد ذلك لدراسة التطور‬
‫الذي عرفه سلوك الفاعلين في صيرورة صنع القرارالضريبي بعد االستقالل‪ ،25‬وما إذا كان دخول املغرب‬
‫مرحلة الدولة الحديثة‪ ،‬دولة املؤسسات الدستورية والقانونية‪ ،‬قد غير من منطق اشتغال الفاعلين‬
‫الجدد في صنع القرار الضريبي وطبيعة العالقة بينهم وأحدث القطيعة مع مركزة صنع القرارات‬
‫الضريبية‪ ،‬أم أن الدولة الحديثة تخفي وراءها استمرارية تاريخية لطبيعة العالقات والوظائف (‬
‫املبحث الثاني ) ‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬القرارالضريبي بين التقليد والتحديث‬


‫سنحاول في هذا املبحث‪ ،‬تسليط الضوء على مرحلتين مرت بهما عملية صنع القرار الضريبي‬
‫باملغرب‪ ،‬األولى هي مرحلة التقليد‪ ،‬بينما املرحلة الثانية هي مرحلة التحديث‪ ،‬ويرى األستاذ " عبد هللا‬
‫العروي" بأن جميع التحليالت االجتماعية للتقليد تكون في حقيقة األمر" سلبية "‪ ،‬بكونها تنظرللتقليد‬
‫من زاوية مميزات املجتمع الحديث‪ ،26‬غير أن ما يكون مستحدثا في فترة زمنية معينة‪ ،‬قد يصبح في فترة‬
‫أخرى تقليديا ومتجاوزا‪ ،‬وسلطة املخزن نفسها ش يء مستحدث‪ ،‬بالنظر لكونها نتيجة سلسلة من‬
‫التطورات املتنوعة جدا‪ ،‬ولم تصبح سلطة املخزن تقليدية إال في القرن الثامن عشر‪ ،‬حيث وجدت‬

‫‪ 25‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪14-13‬‬


‫‪ 26‬عبد هللا العروي‪ :‬أزمة املثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية؟‪ ،‬تعريب ذوقان قرقوط‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪ ،1978‬ص‪37‬‬

‫‪13‬‬
‫شرعيتها في اإلخالص للماض ي‪ .27‬غير أن ما يهمنا في هذه الدراسة هو الوقوف على عملية صنع القرار‬
‫الضريبي في مرحلة الدولة املخزنية‪ ،‬لتحديد طبيعة الفاعلين التقليديين وأدوارهم في عملية صنع القرار‬
‫الضريبي التي يحتكرها السلطان‪ ،‬والوقوف على عالقة املركز القراري (السلطان) باملحيط االجتماعي‬
‫من خالل القرارالضريبي للسلطان ( املطلب األول)‪ ،‬ثم الوقوف في مرحلة ثانية على التحوالت التي طرأت‬
‫على دور الفاعلين التقليدين في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬بما في ذلك املركز القراري‪ ،‬من خالل محاولة‬
‫سلطات الحماية تحديث عملية صناعة القرار الضريبي باملغرب ( املطلب الثاني)‪ ،‬عن طريق إعادة‬
‫تنظيم املخزن وفق أسس جديدة‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬القرارالضريبي التقليدي تجسيد إلرادة السلطان‬


‫إن احتكار سلطة تقرير الضريبة من لدن السلطان هو نتيجة ألحادية سلطة املخزن التي ال تعني في‬
‫مضمونها سوى قدرة املركز القراري '' السلطان " على إخضاع املحيط املجتمعي لقراراته الضريبية‪،‬‬
‫وأحادية السلطة هذه من بين ما تقتضيه هو وجود أجهزة مساعدة للسلطان من أجل تجسيد إرادته‬
‫على املحيط املجتمعي بدون أدنى مقاومة‪ ،‬األمر الذي جعل السلطان يتوفر على جهاز إداري تقليدي‬
‫يحتل فيه سلطة األمر والنهي وهو اإلدارة املخزنية وهي ما سنتحدث عليه في (الفقرة األولى)‪ ،‬بينما‬
‫سنخصص (الفقرة الثانية) لدراسة عالقة املركزباملحيط املجتمعي من خالل القرارالضريبي للسلطان‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مركزية السلطان داخل جهاز اإلدارة املخزنية‬


‫تتكون اإلدارة من سلطة مركزية تدعى املخزن‪ ،‬يهيمن عليها كليا السلطان‪ ،28‬و لفظ " املخزن " مشتق‬
‫من فعل " خزن "‪ ،‬يقال‪ :‬خزن فالن بضاعة‪ ،‬إذا اذخرها لنفسه من وقت سابق إلى وقت الحق‪ .‬وكانت‬
‫األموال واألقوات واألسلحة مما يجب حفظه وخزنه‪ ،‬ألنها مرتبطة بحياة الناس عند طروء املجاعات‬
‫واملساغب‪ ،‬ومتعقلة بمصيرهم عند نشوب الفتن واملصائب‪.29‬‬

‫‪ 27‬عبد هللا العروي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪38-37‬‬


‫‪ 28‬ميشيل روس ي‪ :‬املؤسسات اإلدارية املغربية‪ ،‬تعريب إبراهيم زياني واملصطفى أجدبا ونور الدين الراوي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،1993 ،‬ص ‪29‬‬
‫‪ 29‬مصطفى بوشعراء‪ :‬عالقة املخزن بأحواز سال قبيلة بني أحسن (‪ ،)1860-1912‬منشورات كلية األداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪ ،‬سلسلة‬
‫بحوث ودراسات‪ ،‬رقم ‪ ،19‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،1996 ،‬ص ‪39‬‬

‫‪14‬‬
‫وقد ورد لفظ " املخزن " ألول مرة بشمال إفريقيا خالل القرن الثامن امليالدي للداللة على الخزينة‬
‫ال حديدية التي كانت توضع فيها املداخيل املالية املحصلة من الضرائب قبل بعثها إلى الخليفة العباس ي‬
‫من طرف والي إفريقية‪ .‬وكلف بحراستها أشخاص حملوا اسم "عبيد املخزن"‪ ،‬وبعد انفصال املغرب عن‬
‫املشرق‪ ،‬أصبح لفظ " املخزن " يدل على معنى إداري‪ ،30‬حيث أضحى يمثل اإلدارة البدائية للعهد‬
‫السلطاني وأسلوبه في الحكم‪ ،‬فأصبحت حكومة السلطان تسمى " املخزن "‪ ،‬ألن مهامها تركزت في جمع‬
‫الضرائب النقدية والعينية‪ .31‬واحتكار السلطان لعملية تقرير الضريبة نتيجة طبيعية ألحادية سلطة‬
‫املخزن والتي ال تعني في مضمونها إال قدرة مركز السلطة على إخضاع محيطها الذي هو املجتمع‬
‫وضبطه‪.32‬‬

‫والسلطان كمركزتنطلق منه جميع القرارات بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي‪ ،‬كان حريصا على‬
‫توظيف مجموعة من الفاعلين الذين تختلف وتتباين مكانتهم ومرجعياتهم وأدوارهم داخل بنية‬
‫املجتمع‪ ،‬فمنهم فاعلون ينهلون من مرجعيات دينية معرفية ( الزوايا‪ ،‬العلماء ) والذين شكلوا جهازه‬
‫اإليديولوجي‪ ،‬وفاعلون آخرون استمدوا مشروعيتهم من تطبيق قرارات السلطان وخدمته مرتكزين على‬
‫القوة والعنف ( القواد‪ ،‬األمناء )‪.33‬‬

‫أوال‪ :‬اإلدارة املركزية‬


‫يعود تأسيس املخزن املركزي إلى عهد السلطان املوحدي يعقوب املنصور في أواخر القرن الثاني‬
‫عشر‪ ،‬وقد كان شبيها ببالط ملوك فرنسا في ذلك العهد‪ ،34‬ويتكون املخزن املركزي من السلطان ومن‬
‫خدمه ومساعديه‪.‬‬

‫‪ 30‬محمد جادور‪ :‬مؤسسة املخزن في تاريخ املغرب‪ ،‬مؤسسة امللك عبد العزيز‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬سلسة أبحاث‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات عكاظ‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪43‬‬
‫‪ 31‬جون واتربوري‪ :‬أمير املؤمنين‪ ،‬امللكية والنخبة السياسية املغربية‪ ،‬تعريب عبد الغني أبو العزم‪ ،‬عبد األحد السبتي وعبد اللطيف الفلق‪،‬‬
‫مؤسسة الغني للنشر‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار أبي رقراق‪-‬الرباط‪ ،2013 ،‬ص ‪57‬‬
‫‪ 32‬فرج عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪20‬‬
‫‪ 33‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪26‬‬
‫‪34‬فردريرك وايسجربر‪ :‬على عتبة املغرب الحديث‪ ،‬تعريب عبد الرحيم حزل‪ ،‬منشورات دار األمان‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬‬
‫الرباط‪ ،2010 ،‬ص‪62‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -1‬السلطان‬

‫تعتبرالسلطنة كنوع من الحكم املستمد ألسسه وقواعده من النظام اإلسالمي‪ ،‬فما يميزالسلطنة هو‬
‫السيادة الزعيمية للسلطان‪ ، 35‬ويعتبر بذلك السلطان أعلى سلطة في البالد‪ ،‬وهو يملك بين يديه تدبير‬
‫شؤونها العظمى‪ ،‬فإليه تعود املسؤوليات الكبرى‪ ،‬بموجب عقد البيعة الذي يحدد الشروط العامة التي‬
‫تقيد هذه السلطة وال تتركها مطلقة‪ .‬فال مجال له في التشريع فيما يخص القواعد املنصوص عليها في‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وهي تكاد تشمل كل امليادين وعلى رأسها امليدان الضريبي‪ ،‬الذي شكل النواة الصلبة‬
‫لعقد البيعة‪ ،‬فكثيرا ما كانت هذه البيعة تقترن باشتراط إلغاء الضرائب غيرالشرعية‪.36‬‬

‫وقد كانت الضرائب الشرعية حسب " فردريك وايسجربر" تتمثل في " الزكوات واألعشار" الواجبة في‬
‫الدخول الفالحية‪ ،‬ومن "النايبة" وهي نوع من الضريبة العقارية يعود تقديرها إلى مشيئة السلطان‪،‬‬
‫ومن "الهدية" وهي هدية إجبارية نقدية وعينية تقدمها القبائل واملدن للسلطان في األعياد الدينية‪،‬‬
‫و"املكوس" وهي حقوق الجمرك واألبواب واألسواق‪ ،‬و"األتاوات" املؤداة عن استغالل مناجم امللح وعن‬
‫صيد سمك الشابل وعن شركات التبغ والكيف والتركات الشاغرة‪ ،‬و"حصص تناسبية" تقتطع عن‬
‫التركات األخرى التي تعود بكاملها إلى الورثة‪ ،‬و"ناتج الغرامات" التي عوضت معظم العقوبات‪،‬‬
‫و"الغرامات الجماعية" التي تنزل بالدواويروالقبائل في حالة وقوع سرقة أو قتل في أراضيها‪ ،‬و"الفديات‬
‫الفردية واإلسهامات الحربية" التي تنزل بالقبائل ومن حركات وعائد بيع الوظائف العمومية ومصادرة‬
‫األموال التي يكتسبها املوظفون من غيروجه حق‪ ،‬وهي مصادرة تقع إما عند وفاتهم أو عندما يرى املخزن‬
‫أنهم قد " سمنوا " كثيرا على حساب الرعية "‪.37‬‬

‫ويمثل السلطان النقطة املركزية في اإلدارة املخزنية‪ ،‬ويحيط به مساعدون يلقبون بالوزراء‪ ،‬غير أن‬
‫هؤالء ال يمتلكون سلطة خاصة بهم‪ ،‬بل يتوفرون فقط على سلطة مفوضة لهم من قبل السلطان الذي‬
‫يمكنه في أي لحظة أن يتراجع عن هذا التفويض‪.38‬‬

‫‪ 35‬الهادي الهاروي‪ :‬القبيلة‪ ،‬اإلقطاع واملخزن‪ ،‬مقاربة سوسيولوجية للمجتمع املغربي الحديث ‪ ،1934-1844‬الطبعة األولى‪ ،‬إفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪141‬‬
‫‪36‬هشام مليح‪ :‬املخزن والجباية في مغرب ما قبل الحماية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،2016 ،‬ص ‪43-42‬‬
‫‪ 37‬فردريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪ 38‬ميشيل روس ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪30-29‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -2‬الوزراء‬

‫يعتبر من الناحية الرسمية الصدر األعظم‪ ،‬الوزير األول وموجه السياسة الداخلية للبالد‪ ،‬وظيفته‬
‫كانت أقرب لوظيفة وزيرالداخلية الحالي منها لوظيفة الوزيراألول‪ ،‬إذ كان يتكلف أساسا بمراقبة رجال‬
‫السلطة املحلية من قواد وباشوات‪ ،39‬باإلضافة إليه نجد وزير البحر‪ ،‬وقد كان بمثابة وزير الخارجية‪.‬‬
‫وربما سمي في بعض األحيان بوزيرالشؤون البرانية‪ .‬والواقع أن هذا اللقب له ما يبرره في كون املشاغل‬
‫الخارجية للمغرب في العصر الحديث كانت من جهة البحر على الخصوص‪ ،‬سواء في ما يتعلق بشؤون‬
‫القرصنة ومشاكلها‪ ،‬أو بقضايا األسرى وافتكا كهم‪ ،‬أو بقضايا التجارة عن طريق املراس ي وما صاحب‬
‫تزايدها من مشاكل قنصلية وسياسية‪ ،40‬ووزير الشكايات وهو مكلف بتلقي الشكاوى الصادرة عن‬
‫القبائل أو تلك الخاصة بموظفي الدولة والتحقق منها وتبليغها إلى السلطان‪ ،‬وكان يتولى تسجيل‬
‫الظهائر املتعلقة باملسائل الضريبية‪ ،‬وأمين األمناء أو رئيس املتصرفين وهو شبيه بوزير املالية‪ ،‬تقتصر‬
‫مهامه على تجميع إيرادات بيت املال وتقييد املصاريف من دون اهتمام بوضع امليزانية‪ ،41‬يعين من طرف‬
‫السلطان‪ ،‬ممن له دراية بالوضعية املالية للدولة دراية واسعة‪ ،‬ويتولى مهمة تسيير األمالك املخزنية‪،‬‬
‫كما أنه مطالب بتدقيق الحسابات الواردة عليه من باقي األمناء‪ ،‬كما يقترح على السلطان األمناء‬
‫للمناصب الشاغرة‪ ،42‬ويأتي في األخير العالف وهو أمين للصندوق مكلف بتدبير رواتب الجنود الذين‬
‫يخضعون لسلطة القياد املؤتمرين مباشرة بأوامر السلطان‪ .43‬أما دور الوزراء األساس ي فيتلخص في‬
‫املشاركة في تحضير القرارات السلطانية‪ ،‬وتبليغ أوامره والسهر على مراقبة تطبيقها من لدن السلطات‬
‫املحلية‪ ،‬كما يمكن للوزراء مباشرة بعض االختصاصات بتفويض من السلطان وتحت مراقبته‬
‫الشخصية‪.44‬‬

‫‪ 39‬عبد اللطيف أكنوش‪ :‬تاريخ املؤسسات والوقائع االجتماعية باملغرب‪ ،‬بدون ذكر الطبعة‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬بدون ذكر سنة النشر‪ ،‬ص ‪122‬‬
‫‪ 40‬مصطفى الشابي‪ :‬النخبة املخزنية في مغرب القرن التاسع عشر‪ ،‬منشورات كلية األداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫فضالة‪-‬املحمدية‪ ،1995،‬ص ‪33‬‬
‫‪ 41‬فردريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪ 42‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ 43‬فردريك وايسجربر‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪ 44‬عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪121‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -3‬دواليب داراملخزن‬

‫يترأس الحاجب التنظيم الداخلي بدار املخزن‪ ،‬بينما يتكلف قائد املشور بالعالقات الخارجية‬
‫واالستقباالت‪ ،‬ويرأس التشريفات خالل التظاهرات الرسمية‪ ،‬ويوجد تحت قيادته الحرس الخاص‬
‫بالسلطان‪ ،‬من مشاة وخيالة‪ .‬وكان الحاجب مسؤوال عن مشاكل السكن والتموين والنفقات املتعلقة‬
‫بالبالط‪ ،‬واصطبالت القصر‪ ،‬وما يتعلق بإقامة تنقالت املحلة عبرالبلد‪.45‬‬

‫وكان الحاجب يتدخل‪ ،‬إلى جانب اإلشراف على الخدمات داخل القصر‪ ،‬في قضايا تعود من حيث‬
‫االختصاص إلى الوزراء‪ .‬وكان الجمع بين املهام يزيد من أهمية الحاجب في صف املخزن‪ ،‬وتتجلى تلك‬
‫األهمية في أدواره الحاسمة عند اللجوء إليه قصد الحصول على امتياز أو حل مشكل من املشاكل‬
‫املعروضة على أنظاراملخزن‪.46‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلدارة املحلية‬


‫مما ال شك فيه أن السلطان قد استهدف من خالل إقرارإدارة محلية‪ ،‬ممتدة عبراملناطق الخاضعة‬
‫لنفوذه‪ ،‬إثبات حضوره‪ ،‬وقدرته على اختراق املجال بأبعاده املختلفة وضبطه‪ ،‬بقصد تأكيد هيمنته على‬
‫البنيات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإلعادة تنظيم املجال وفقا ملنظور املخزن الخاص الذي ال ينفصل‬
‫عن هاجس الضريبة‪ ،‬وتوفير األمن‪ .‬ولبلوغ هذه الغاية لم يذخر السلطان أي جهد في سبيل تكريس‬
‫الوسائل املادية والبشرية التي تباين حجمها تبعا ألهمية الفضاء الجغرافي‪ ،‬ولوتيرة خضوعه ووالئه‬
‫للسلطان‪.47‬‬

‫وقد شكل سعي املركز القراري " السلطان " الحتواء املجال الخاضع للضريبة‪ ،‬املبرر املوضوعي‬
‫الستعانة املخزن بمجموعة من الفاعلين‪ ،‬اختلفت مكانتهم ووظيفتهم داخل بنية املجتمع‪ ،‬كالزوايا‬
‫والعلماء‪ ،‬باإلضافة إلى ابتكاراملخزن املركزي لدوائرترابية لسلطته املادية على املستوى املحلي‪ ،‬كالقواد‬
‫والباشاوات واألمناء‪.48‬‬

‫جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪62‬‬ ‫‪45‬‬

‫مصطفى الشابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪39‬‬ ‫‪46‬‬

‫محمد جادور‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪104‬‬ ‫‪47‬‬

‫هشام مليح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪66‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -1‬الزوايا‬

‫لقد قامت الزوايا من الناحية التاريخية بوظائف متعددة منها التعليمي واالجتماعي واالقتصادي‪،‬‬
‫وكذلك دورا سياسيا فيما يتعلق بلعب أدوار الوساطة والدعاية للمخزن املركزي‪ ،‬وفي لحظات أخرى‬
‫قيادة املعارضة ضد قراراته‪.49‬‬

‫والدولة العلوية حسب " جورج دراغ " لم تنشأ على دعم الصلحاء‪ ،‬كما كان األمرمع الدولة السعدية‪،‬‬
‫بل إنها ال تدين من حيث نشأتها بش يء للزوايا والصلحاء‪ .‬فقد انبنت الدولة العلوية على القوة العسكرية‬
‫وبناء على تدميرالزاوية الدالئية وتغريب محمد الحاج إلى تلمسان‪ ،‬ولم تترك الدولة العلوية للزوايا من‬
‫اختيارسوى الخضوع أو النفي والقتل‪.50‬‬

‫وبالنظر للمكانة الهامة التي كانت تلعبها الزوايا داخل بنية املجتمع املغربي وطبيعة األدوار التي تقوم‬
‫بها‪ ،‬كان من الطبيعي أن يعمل املخزن على االستفادة منها لترسيخ سلطته‪ ،‬حيث تقوم بتجسيد ونقل‬
‫الحضور الديني للسلطان للمتخيل القبلي‪ ،‬كصاحب بركة وضامن لالستقرار‪.51‬‬

‫‪ -2‬العلماء‬

‫اضطلع علماء املغرب بأدوار متعددة في حياة املجتمع واستطاعوا أن يشكلوا فئة اجتماعية تعد من‬
‫جملة أعيان املدن ذوي التأثير الفعلي في تشكيل " الرأي العام " من أجل اتخاذ القرار الضريبي املالئم‪،‬‬
‫وتصغي إليها وتثق بها شريحة واسعة من املجتمع‪ ،‬وهو ما أدى إلى تعزيزدورهم االجتماعي والسياس ي من‬
‫خالل املكانة التي يحتلها العلماء داخل املجتمع‪.52‬‬

‫وبذلك شكل العلماء إلى جانب الزوايا مجموعات الضغط على السلطة القرارية للسلطان في املجال‬
‫الضريبي‪ ،‬بالنظر لحضور ما هو سياس ي ضمن البنية املرجعية لهم‪ ،‬بالرغم من أن دورهم كان ذا طابع‬
‫استشاري‪ ،‬ألن القرار النهائي هو قرار السلطان‪ .‬ففتاوي الفقهاء وآراؤهم قد تضفي طابع املشروعية أو‬

‫‪ 49‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪27‬‬


‫‪50‬نور الدين الزاهي‪ :‬املدخل لعلم االجتماع املغربي‪ ،‬دفاتر وجهة نظر‪ ،‬العدد ‪ ،20‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2011 ،‬ص ‪47‬‬
‫‪ 51‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪27‬‬
‫‪ 52‬فراج عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪19‬‬
‫تنزعها على أي قرار ضريبي يتخذه السلطان‪ ،‬كما أن السلطان كان في حاجة إلى خلق االعتقاد بمشاركة‬
‫العلماء في اتخاذ القرارالضريبي‪.53‬‬

‫‪ -3‬القواد‬

‫شكل القواد أداة تواصل بين املخزن املركزي وسكان البوادي‪ ،‬فهم الذين جسدوا رسميا الحضور‬
‫املخزني‪ ،‬وسهروا على خضوع وامتثال القبائل ملختلف القرارات املخزنية بما فيها تلك املرتبطة باملجال‬
‫الضريبي‪ ،‬ولم يكن منصب القائد وراثيا‪ ،‬لكن املخزن‪ ،‬كان يفضل األسر التي سبق ألسالفها مباشرة‬
‫األمور املخزنية‪ ،‬األمر الذي جعل بعض األسر تتوارث الخدمة املخزنية‪ ،‬وكثير من القواد يشيرون في‬
‫مراسالتهم إلى سالف خدمة أجدادهم لتزكية والئهم‪ ،‬وطاعتهم للسلطان‪.54‬‬

‫وتختلف طاعة القواد في درجتها‪ ،‬فقد كان التعيين شكليا بالنسبة للبعض‪ ،‬من قبيل القواد الذين‬
‫عينهم موالي الحسن بناحية سوس‪ .‬واألمر يرجع إلى كون منصب القائد الذي يكون شاغرا‪ ،‬يتم فيه‬
‫تعيين املرشح الذي يدفع أكبر قدر من املال‪ ،‬ومهمة القائد الرئيسية كانت تنحصر في جباية الضرائب‪،‬‬
‫وتعبئة الرجال لحساب السلطان‪ ،‬ولم يكن القائد يتلقى أجرا نظيرهذا املنصب‪ ،‬بل كان يحتفظ بجزء‬
‫من الضرائب التي يجبيها من املنطقة التابعة له‪.55‬‬

‫وسلطة القائد ليست بسلطة مطلقة فهي معززة بالعسكر املخزني وبالقيادات املجاورة‪ ،‬وبباشا‬
‫املدينة املجاورة طاملا بقيت في خدمة املشروع املخزني‪ ،‬ويبطل هذا التعزيز بمجرد أن يتخلى عن ذلك‬
‫املشروع‪ .‬فخلق عدة سلط متزاحمة من طرف السلطان‪ :‬سلطة القائد‪ ،‬الباشا‪ ،‬األمين‪ ،‬سلطة القواد‬
‫املجاورين‪ ،‬يحول دون تمركز السلطة في قطب معين‪ ،‬األمر الذي يجعل سلطة القواد هشة بالرغم من‬
‫قوتها‪.56‬‬

‫‪ 53‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪29‬‬


‫‪ 54‬الطيب بياض‪ ،‬املخزن والضريبة واالستعمار ضريبة الترتيب ‪ ،1915-1880‬أفريقيا الشرق‪ -‬الدار البيضاء‪ ،2010 ،‬ص ‪139-138‬‬
‫‪ 55‬جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪ 56‬رحمة بورقية‪ ،‬الدولة والسلطة واملجتمع دراسة في الثابت واملتحول في عالقة الدولة بالقبائل في املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الطليعة للطباعة‬
‫والنشر‪ -‬بيروت‪ ،1991 ،‬ص ‪72‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -4‬الباشوات‬

‫كان دور الباشا في املدن يوازي دور القائد لدى القبائل‪ ،‬ويساعده عدد من املقدمين املكلفين بإدارة‬
‫أحياء املدينة‪ .57‬وقد كانت سلطات الباشا واسعة جدا إلى غاية منتصف القرن التاسع عشر‪ .‬وكانت‬
‫سلطة بعضهم تمتد إلى املدينة املجاورة ملدينة مركزه‪ ،‬ومثل هذا االمتداد يزيد من نفوذ الباشوات على‬
‫مختلف الواجهات‪.‬‬

‫وقد كان الباشا يقوم إلى جانب إشرافه على أمن املدينة والدفاع عنها‪ ،‬بالفصل في جميع القضايا التي‬
‫ال تدخل في صميم العقود واملواريث وغيرها من اختصاصات القاض ي األصلية‪.58‬‬

‫‪ -5‬األمناء‬

‫شكل األمناء الجهاز املكلف بتدبيراألموال العمومية في الحقبة املخزنية‪ ،‬وقد تأسس هذا الجهازبأمر‬
‫من السلطان املولى سليمان‪ ،‬وعرف تنظيما أكثرتقدما في عهد السلطان املولى الحسن‪ ،‬وتتجلى وظيفتهم‬
‫في تحصيل ومراقبة جميع العمليات الحسابية والضريبية‪ ،‬وأداء نفقات الدوائر القرارية‬
‫التقليدية‪ .‬ويقومون بتقديم جرد عام عن تسييرهم املالي من أجل التصديق عليه‪ ،‬مقابل وصل يتضمن‬
‫تبرئة ذممهم ‪ ،‬وتقدم نسخة من حساب األمناء إلى السلطان الذي يخضعها للمراقبة من طرف أمين‬
‫األمناء‪.59‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة املركزباملحيط من خالل القرارالضريبي للسلطان‬


‫من أجل ضبط مجتمع مركب يتسم بالتنوع والتعدد االجتماعي والثقافي وضمان تمريرالقرارالضريبي‬
‫املتخذ من طرف السلطان وحاشيته الذي لم يكن يمر دون مقاومة‪ ،‬عمل املخزن املركزي على نسج‬
‫شبكة من العالقات القائمة في األساس على تبادل املصالح وتداخلها‪ ،‬وقد شكلت الضريبة في هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬آلية تم توظيفها من أجل خلق تحالفات سياسية‪ ،‬وذلك عن طريق اإلعفاء أو التخفيض من‬

‫جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪64‬‬ ‫‪57‬‬

‫مصطفى الشابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪47-46-45‬‬ ‫‪58‬‬

‫س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪36-35‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪21‬‬
‫قيمتها قصد شراء الخضوع‪ ،‬أو استعمالها كآلية لسحق املعارضين للقرارات السلطانية‪ ،60‬وقد لخص‬
‫س ي "فضول غرنيط"‪ 61‬فلسفة املخزن الضريبية دون التواء بقوله‪ " :‬ريش الطيرقبل ما يطير"‪.62‬‬

‫وسنحاول في هذا اإلطار دراسة عالقة املركز القراري باملحيط من خالل اتجاهين‪ :‬االتجاه األول يقر‬
‫بأن الصراع الضريبي أساس عالقة املركز باملحيطـ‪ ،‬بينما يرى االتجاه الخر بأن عالقة املركز باملحيط‬
‫ارتكزت على التحكيم والتعايش‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الصراع الضريبي أساس عالقة املركزباملحيط‬


‫لقد شكلت الضرائب حسب " جون واتربوري "‪ ،‬مثاال حيا عن الصراع الذي طبع العالقة بين املخزن‬
‫والقبائل‪ ،‬ونجده في هذا الصدد قد تبنى التقسيم الذي يقربوجود بلدين؛ بالد املخزن‪ ،‬وبالد السيبة‪.‬‬

‫وبالد املخزن تتكون من املدن والقبائل ( قبائل الجيش ) املعفاة نسبيا من أداء الضرائب‪ ،‬وتتمتع‬
‫ببعض االمتيازات‪ ،‬كحق االنتفاع من األراض ي الفالحية‪ ،‬وتشكل هذه القبائل القوات املسلحة‬
‫والحاميات‪ ،‬وأشهرها؛ األوادية والشراردة تم أوالد جامع وشراركة واملنابهة وايمور وأوالد دليم‪.63‬‬

‫وتمتد بالد املخزن على ما يقارب ربع مساحة املغرب‪ ،‬أي على حوالي مائة ألف كيلومتر مربع‪ ،‬وتضم‬
‫نصف ساكنته‪ ،‬أي أنها تضم مليوني نسمة‪ .‬وهي تشمل معظم القبائل املستعربة وبعض القبائل‬
‫األمازيغية‪ ،‬وال سيما في الجنوب من اململكة‪.64‬‬

‫أما بالد السيبة فتتكون من القبائل التي كانت تتمرد على القرار الضريبي للسلطان‪ ،‬لرفضها أداء‬
‫الضرائب بسبب جورها‪ ،‬أو لعدم قدرتها على الدفع‪ ،‬وتعد السيبة ظاهرة خاصة بالجبال واألراض ي‬
‫القاحلة‪ ،‬ويتعلق األمر بمناطق وعرة تقطنها قبائل متمردة‪ ،‬ومع ذلك فقد كان السلطان يمثل سلطة‬
‫دينية يعترف بها الجميع‪.65‬‬

‫‪ 60‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪37‬‬


‫‪ 61‬محمد املفضل بن محمد غرنيط‪ :‬شغل منصب الصدر األعظم في فترة حكم السلطان عبد العزيز بن الحسن‪.‬‬
‫‪ 62‬جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫‪ 63‬محمد عابد الجابري‪ :‬في غمار السياسة فكرا وممارسة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬سلسلة مواقف من ‪ ،3-1‬الطبعة األولى‪ ،‬الشبكة العربية لألبحاث‬
‫والنشر‪ ،2009 ،‬ص ‪167‬‬
‫‪ 64‬فردريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪ 65‬محمد لويز‪ :‬مقاربة سوسيولوجية ألشكال التنظيم الترابي باملغرب‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 2017 ،‬ص‪53‬‬

‫‪22‬‬
‫وتمتد بالد السيبة على األرباع الثالثة األخرى من املغرب‪ ،‬أي على ‪ 300.000‬كيلومتر مربع‪ ،‬وتضم‬
‫النصف الخر من ساكنته‪ ،‬أي مليونين من األمازيغ وبعض القبائل املستعربة التي تنتقل بين األطلس‬
‫والصحراء‪.66‬‬

‫والوضعية في بالد السيبة التي وإن كانت تقر في عمومها بالسلطان قائدها الروحي‪ ،‬فإنها ال تسلم‬
‫بسيادته الدنيوية وال تتحمل لديها أيا من أجهزة اإلدارة املخزنية‪ ،‬والوحدة اإلدارية عندها هي الجماعة‪،‬‬
‫فهي الجهازالتشريعي والقضائي الساهرعلى تنفيذ العرف وتنظيم شؤون القبيلة والبت في كل أمورها‪.‬‬
‫وتستمد الجماعة شرعيتها من املجموعة التي فوضت لها سلطة تدبيرشؤونها التي تتجاوز البعد العرفي‬
‫إلى ما هو سياس ي‪ ،‬باعتبارها سلطة تنظم شؤون القبيلة‪ ،67‬ويلقب الرئيس املنتخب لهذا املجلس ''‬
‫الجماعة " ب " أمغار"‪ ،‬أو ب " الشيخ الرئيس "‪ ،‬لكنه ال يكون في معظم األحيان إال منفذا للقرارات التي‬
‫يتخذها املجلس املذكور‪.68‬‬

‫والضرائب شكلت أحد األسباب املكونة للصراع بين بالد املخزن وبالد السيبة‪ ،‬ولتأكيد هذا املوقف‬
‫نقدم مجموعة من األحداث التاريخية التي تؤرخ لهذا الصراع‪ ،‬ومنها السيبة الكبرى التي أعقبت وفاة‬
‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬وقد دامت سبع سنوات (‪ ،)1790-1797‬واألزمة التي تلت وفاة موالي عبد الرحمن (‬
‫‪ ،)1864-1859‬وتلك التي أعقبت وفاة موالي الحسن (‪.69)1894-1897‬‬

‫ولعل أهم تمظهرات التوتروالعنف‪ ،‬في عالقة املركزباملحيط هو اللجوء الدائم إلى أسلوب "الحركة"‬
‫لجباية الضرائب والرسوم‪ ،‬لبسط نفوذه في املناطق التي كانت معروفة بتمردها على سلطة املخزن‪ ،‬إذ‬
‫كان من الجاري به العمل أن يقوم كل سلطان جديد‪ -‬بمجرد مبايعته واستتباب األمر له‪ -‬باللجوء إلى‬
‫ممارسة أسلوب " الحركة" إلنهاء القالقل وإثبات سلطته بالقوة‪.70‬‬

‫‪ 66‬فريدريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪37‬‬


‫‪ 67‬رحال بوبريك‪ :‬زمن القبيلة السلطة وتدبير العنف في املجتمع الصحروي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،2012 ،‬ص ‪19‬‬
‫‪ 68‬فريدريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪41-40‬‬
‫‪ 69‬جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪58‬‬
‫‪ 70‬محمد عروبي‪ :‬إشكالية التحديث اإلداري باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،2011-2010 ،‬ص‪90‬‬

‫‪23‬‬
‫وحتى القبائل الداخلة ضمن بالد املخزن‪ ،‬كان بعضها يضيق ذرعا من التجاوزات فتمتنع عن أداء‬
‫الضرائب بدورها وتخرج إلى التمرد‪ ،‬بيد أنه تمرد يظل في معظم األحيان محصورا في النطاق الجغرافي‬
‫املحدد لتلك القبيلة‪.71‬‬

‫ويمكن االستدالل على عالقة الصراع الضريبي‪ ،‬أيضا بحدثين هامين يوثقان للتمرد الضريبي‪:‬‬

‫الحدث األول‪ :‬تدمرالدباغين سنة ‪ 1873‬من سياسة الحاج محمد بنيس ومن املكوس ألنها غيرشرعية‪،‬‬
‫وألن بنيس كان أمين األمناء إليه يؤول دخل الضرائب التي لم يأمر بها اإلسالم‪ ،‬معتقدين أنه هو املوحي‬
‫بها‪ ،‬وأخيرا ألن األحوال االقتصادية واالجتماعية لم تكن في صالح هاته الفئة من الحرفيين‪.72‬‬

‫وتكمن أهمية هذا الصراع في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬خوضه من طرف هيئة حرفية ذات أهمية اقتصادية واجتماعية بين أهل فاس‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التماس هذه الفئة من موالي الحسن األول بمجرد بيعته إلغاء ضريبة املكوس املفروضة على‬
‫مادة الجلد والتي تعتبراملادة االستراتيجية للصناعة التقليدية‪.73‬‬

‫الحدث الثاني‪ :‬تمرد اإلسكافيين في ‪ 20‬يناير ‪ ،1904‬عقب إقدام املخزن على تغيير نظام صرف العملة‬
‫النحاسية بالعملة الفضية " الريال العزيزي "‪ ،‬وما رافق ذلك من زيادة ضريبية‪ ،‬شهدت مدينة مراكش‬
‫احتجاجا شعبيا واسعا‪ ،‬شارك فيه الصناع والتجار وصغار الحرفيين‪ ،‬وتوج بتجمهر شعبي في ساحة‬
‫املشور‪ ،‬وكان من نتائجه إلغاء رسوم املكوس وسحب العملة الجديدة وإقالة محتسب وباشا املدينة‪.‬‬

‫ما يميزهذا الحدث هواتساع دائرة الصراع الضريبي في املغرب وانتقاله من إطارفئوي إلى إطارجماهيري‬
‫شعبي‪.74‬‬

‫‪ 71‬فريدريك وايسجربر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪40‬‬


‫‪ 72‬مصطفى بو شعراء‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫‪ 73‬فراج عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪ 74‬م ن‬

‫‪24‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم والتعايش أساس عالقة املركزباملحيط‬
‫على عكس التصور السابق الذي قدمه "جون واتربوري" حول عالقة املركزباملحيط والتي اختزلها في‬
‫عالقة العنف والصراع‪ ،‬نجد " جرمان عياش" يعتبر أن إحدى الوظائف األساسية للمركز من الناحية‬
‫التاريخية هي وظيفة التحكيم وإقرارالتوافق في النزاعات والصرعات بين املجموعات املختلفة‪.75‬‬

‫وفي إطار عالقة املخزن بالقبائل السائبة‪ ،‬فإن ما يفقده السلطان من ضرائب يربحه على شكل قيم‬
‫رمزية تقوي شرعيته السياسية‪ ،‬وتجعل منه رمز وحدة األمة‪ .‬فكونه شريفا يتعالى على القبائل‬
‫وصراعاتها‪ ،‬يدفع القبائل السائبة نفسها إلى اللجوء إليه طالبة تحكيمه في نزاعاتها وصراعتها‪.76‬‬

‫وما يعجز عنه املخزن‪ ،‬كانت تستثمره الزوايا في نشاطها الذي كان يمتد ليشمل وظيفة التحكيم في‬
‫النزاعات بين القبائل‪ ،‬وهذا الوضع دعمه السلطان من خالل منح االمتيازات للزوايا‪ ،‬شريطة حصر‬
‫أدوارها في املجالين الديني واالجتماعي‪ ،‬ألنه وجد فيها وسيلة من الوسائل التي يمكنه املراهنة عليها‬
‫لتغطية قصوره اإلداري‪ ،77‬واألمر نفسه مع الشرفاء الذين كانوا يقومون بأدوار التحكيم في النزاعات‬
‫والوساطة والشفاعة لدى الحكام‪ ،‬وهذا األمر حظي بتشجيع السلطان بالنظر ألهميته في تدعيم‬
‫سلطته‪ ،‬وفي تحقيق سعيه الدائم نحو الدمج بين السلطتين الزمنية والروحية‪ ،‬شريطة أال تزيغ األخيرة‬
‫عن مسارها االجتماعي‪.78‬‬

‫ويتوفر األستاذ " جرمان عياش " على ثالث وثائق تاريخية تترجم دور التحكيم الذي يقوم به املخزن‬
‫السلطاني‪ .‬ففي الحاالت الثالث‪ ،‬يكون السلطان هو صانع السلم بين القبائل‪ ،‬ويكون تدخله إما بقرار‬
‫سيادي منه‪ ،‬أو بطلب من املتنازعين‪ .‬ويعقد هذا السلم كتابة في محضر رسمي بشهادة شرفاء وعلماء‬
‫وجنود ورجال السلطة‪ .‬ويبقى واضحا أن دور التحكيم هذا يقوي من شرعية السلطان الدينية ويعطيه‬
‫مكانة متعالية على املجتمع املدني‪.79‬‬

‫ويرجع "ألبير عياش" التوتر الذي كان يصاحب جبي الضرائب في بعض األحيان إلى تجاوزات القواد‬
‫املحليين‪ ،‬كما ينتقد التمييز الذي دأب مجموعة من الباحثين الكولونياليين على وضعه للمغرب بين‬

‫‪ 75‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪46‬‬


‫‪ 76‬عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪125‬‬
‫‪ 77‬محمد جادور‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪250‬‬
‫‪ 78‬م ن‪ ،‬ص ‪281‬‬
‫‪ 79‬عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪125‬‬

‫‪25‬‬
‫"بالد املخزن " و " بالد السيبة "‪ ،‬وخصوصا حديثهم عن هذه األخيرة باعتبارها بالدا للعصيان‬
‫واالنشقاق‪ .‬فكل ما هنالك أن بعض القبائل رغم اعترافها بالحكم املركزي بوصفه سلطة حاكمة‪ ،‬فإنه‬
‫في نظرها ليس هناك ما يبرر إغراقها بالضرائب‪ ،‬بينما البعض الخر ينصاع للقرار الضريبي للسلطان‪،‬‬
‫إما خوفا من سطوته‪ ،‬أو لقدرته على العطاء‪.80‬‬

‫وفي سياق تحليله لألسس االجتماعية والثقافية لبنية السلطة في مغرب القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪،20‬‬
‫يميزاألستاذ " عبد هللا حمودي " بين صورتين متعارضتين للعالقات املشكلة للنسق السياس ي املغربي‪:81‬‬

‫الصورة األولى‪ :‬ال تعكس إال االستبداد املطلق بدون حدود‪ ،‬وعبادة األمير‪ ،‬ونزوة القرار (وتقلبه)‪،‬‬
‫وخضوع الرعايا‪ .‬وحسب هذه الرؤية‪ ،‬فالرعايا يعيشون عيشة بئيسة‪ ،‬يسحقهم االبتزازويالحقهم شؤم‬
‫الضرائب الثقيلة‪ .‬وحسب هذه النظرية ترتكز السلطة على جيش وإدارة يغرقان البالد في التعسف‬
‫والعنف‪ ،‬وال تنجومن هذه القبضة الحديدية املشؤومة سوى الجماعات البعيدة عن نفوذ اإلدارة‪ .‬وهي‬
‫الجماعات التي تعيش في املناطق التي يصعب الوصول إليها‪ .‬وهذه املقابلة أقامتها الكتابات االستعمارية‬
‫بين "بالد املخزن '' و "بالد السيبة ''‪.82‬‬

‫الصورة الثانية‪ :‬يقدمها املؤرخون واإليديولوجيون ملرحلة ما بعد االستعمار‪ .‬ففي رأيهم‪ ،‬يستعمل‬
‫السلطان الدبلوماسية في عالقاته برعاياه أكثرمما يستعمل العنف‪ ،‬كما أن الشريعة تحد من اعتباطية‬
‫القرارات‪ .‬وبالتأكيد هناك جماعات قبلية ترفض الضريبة أو تثور على العمال وأعوان السلطة‪ ،‬ولكن‬
‫هذه الجماعات‪ ،‬حسب املدافعين على هذه الصورة‪ ،‬قليال ما تتهم السلطة املركزية أو تقحمها في ذلك‪.‬‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فالسواد األعظم يعترف دوما بشرعيتها ويحترم لدنيتها‪ ،‬كما يلتمس دوما تحكيمها‪.83‬‬

‫‪ 80‬محمد لويز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪53‬‬


‫‪ 81‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪49‬‬
‫‪ 82‬عبد هللا حمودي‪ ،‬الشيخ واملريد النسق الثقافي للسلطة في املجتمعات العربية الحديثة يليه مقالة في النقد والتأويل‪ ،‬تعريب عبد املجيد‬
‫جحفة‪ ،‬سلسة املعرفة االجتماعية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،2010 ،‬ص ‪101-100‬‬
‫‪ 83‬م ن‪ ،‬ص ‪101‬‬

‫‪26‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬سلطات الحماية ومحاولة تحديث النسق القراري‬
‫الضريبي‬
‫عاشت الدولة املخزنية أزمة خانقة خالل أواخرالقرن التاسع عشر‪ ،‬وبداية القرن العشرين تجلت في‬
‫العديد من املظاهر التي كشفت عن مدى هشاشتها‪ ،‬وكانت مؤشرا على وجود مشكالت بنيوية في جهاز‬
‫الدولة وبرزت كلها في سياق متزامن ومتداخل وحاد‪ ،‬وقد تحددت مظاهرها في عجزها عن التحكم في‬
‫املجال‪ ،‬وشيوع ظاهرة االنفالت األمني‪ ،84‬من جهة‪ ،‬وهشاشتها أمام االختراقات األجنبية من جهة‬
‫أخرى‪ ،85‬األمر الذي خلق نوعا من االرتباك في أدوار الفاعلين التقليدين داخل بنية النسق القراري‬
‫التقليدي‪ ،‬خاصة مع تأزم الوضعية النقدية للمغرب وتزايد وثيرة اللجوء إلى القروض‪ ،‬ولن يقتصر أثر‬
‫هذه الوضعية على أدوار الفاعلين التقليديين بل سيشمل الفاعل املركزي "السلطان"‪ ،‬الذي حاولت‬
‫الحماية تحويله إلى مجرد مركز قراري شكلي‪ ،‬في إطار محاولتها تحديث النسق القراري الضريبي‪ 86‬عن‬
‫طريق إعادة تنظيم املخزن وفق أسس جديدة ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االختراق األوروبي للمغرب واالمتيازات الضريبية‬


‫جعلت األزمة البنيوية التي عاشتها الدولة املخزنية‪ ،‬املغرب محط أطماع الدول األوروبية التي عملت‬
‫على الضغط على املركز القراري(السلطان) محاولة تفكيك النسق القراري التقليدي‪ ،‬مستغلة بذلك‬
‫األزمة الداخلية التي شهدتها الدولة املخزنية‪ ،‬وقد شكلت ظاهرة الحماية معضلة كبرى‪ ،‬ساهمت في‬
‫تفكيك روابط املخزن باملحيط‪ ،‬فخلخلت سلطته‪ ،‬وساهمت في إفقاره‪ ،‬وجعله عاجزا عن بسط‬
‫سيطرته على فئات عريضة من املغاربة‪ .‬كما أحدثت تفرقة داخل املجتمع بأن تميز أصحاب االمتيازات‬
‫التي في مجملها إعفاءات ضريبية‪ ،‬وازداد الضغط في املقابل على فئات غيراملحميين‪ ،‬التي وجدت نفسها‬
‫تواجه ثقل الضرائب وآفات الطبيعة‪.87‬‬

‫‪ 84‬عرف املغرب خالل هاته الفترة اندالع مجموعة من االنتفاضات والثورات‪ ،‬لعل أكثرها قوة تلك التي قادها الجاللي الزرهوني الشهير ببوحمارة‬
‫في املغرب الشرقي سنة ‪ 1902‬والريسوني عامل السلطان بالريف سنة ‪.1903‬‬
‫‪ 85‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪89-88‬‬
‫‪ 86‬عادل فرج‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪ 87‬هشام مليح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪154‬‬

‫‪27‬‬
‫أوال‪ :‬فخ الديون ونظام االمتيازات الضريبية‬
‫إن بداية أزمة الديون في املغرب تعود إلى هزيمتي الجيش األول في موقعة إيسلي سنة ‪ 1844‬أمام‬
‫القوات الفرنسية‪ ،‬والثانية بعد احتالل القوات اإلسبانية لتطوان سنة ‪ ،1860‬حيث فرضت إسبانيا‬
‫على املغرب غرامة مالية كبيرة‪ ،‬وأمام عجزه على تسديد تلك الغرامة اضطر للتنازل عن جزء من‬
‫مداخيله الجمركية لفائدة املصالح الجمركية اإلسبانية‪ ،88‬وبسبب ضعف اقتصادها‪ ،‬أصبحت الدولة‬
‫املخزنية في مأزق خطير‪ ،‬بالنظر لعدم قدرتها على الدفع وضعف مواردها الذاتية‪ ،‬ومن تم أخذت تتزايد‬
‫حاجة الدولة للتمويل فقامت باقتراض مجموعة كبيرة من الديون‪ ،89‬وأصبح لجوء الدولة املستمر إلى‬
‫االستدانة‪ ،‬يجعل الدول الدائنة تطالبها بضرورة إجراء إصالحات على هياكلها اإلدارية وبنيتها الضريبية‪.‬‬
‫وفي الداخل ونتيجة األزمة التي كانت تعيشها وبحكم تركيبتها التقليدية‪ ،‬أضحت الدولة املخزنية في‬
‫مواجهة النخبة التقليدية التي ترفض مشاريع اإلصالحات التية من الخارج‪.90‬‬

‫وسط هذه العالقة املتوترة وجد املخزن نفسه مجبرا‪ 91‬على الرضوخ للضغوط األجنبية التي تهدف إلى‬
‫إبرام إدارة اإليالة الشريف ة مجموعة من املعاهدات التي كرست تبعية املخزن للقوى األوروبية‪ ،‬ولعل‬
‫أهمها تلك التي أنشأت نظام الحماية القنصلية‪ 92‬التي نصت عليه مختلف املعاهدات التي تم توحيدها‬
‫خالل مؤتمرمدريد سنة ‪1880.93‬‬

‫ويعد نظام الحماية القنصلية في األصل عبارة عن تخويل ممثلي الدول األجنبية من وزراء ونواب‬
‫وقناصل مقيمين على تراب دولة أخرى امتيازات خاصة أبرزها بند الدولة املفضلة‪ ،‬وهو نظام أقر‬
‫مجموعة من االمتيازات الضريبية والقضائية‪ ،‬التي لم تقتصر على البعثات األجنبية‪ ،‬بل شمل حتى‬

‫‪ 88‬عمر العسري‪ :‬ضغط الديون العمومية وتحديات النموذج التنموي الجديد‪ ،‬منشورات مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬دار القلم‬
‫للطباعة‪ ،2020 ،‬ص ‪241‬‬
‫‪ 89‬م ن‪ ،‬ص ‪244‬‬
‫‪ 90‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪91‬‬
‫‪ 91‬م ن‬
‫‪ 92‬يعرف عبد الوهاب بن منصور الحماية القنصلية ‪ :‬بأن يمنح املمثلون الدبلوماسيون والقنصليون املعتمدون في بلد ما‪ ،‬حماية دولهم للرعايا‪،‬‬
‫فيصيرون وهم يحملون جنسية ويقيمون باستمرار فوق أرضه‪ ،‬غير خاضعين لقوانينه‪ ،‬وال ملزمين بأداء ما يجب على سائر مواطنيهم أداءه من‬
‫ضرائب والقيام بما يتوفرون عليه من خدمات وطنية‪ ،‬وقد يتم ذلك بموجب اتفاق مبرم بين ممثلي الدول األجنبية والدولة املعتمدين فيها‪.‬‬
‫‪ -‬أورده‪ :‬هشام مليح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪155‬‬
‫‪ 93‬محمد عروبي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪92-91‬‬

‫‪28‬‬
‫املتعاملين معها‪ ،‬األمر الذي أسفر عن أنواع متعددة من املحميين‪ :‬كاملحميين اإلداريين والسياسيين‬
‫والسماسرة واملجنسين وشركاء األجانب‪.94‬‬

‫وقد تحولت مراكز القنصليات في كثيرمن األحيان إلى مراكز للسمسرة في بطائق الحماية التي يتهافت‬
‫عليها التجار املحليون‪ ،‬بل إن هذه املراكز كانت تمنح بطاقات التجنيس لبعض املغاربة الذين أصبح‬
‫بإمكانهم بهذه الصفة منح حمايتهم لرعايا مغاربة آخرين‪ ،95‬األمر الذي أضحت معه ظاهرة الحمايات‬
‫القنصلية تشكل خطرا على سيادة الدولة املخزنية واستقاللها وقد علق " ر‪ .‬لوتورنو" على هذه الظاهرة‬
‫قائال‪ " :‬إنه شرخ جديد فتح في البناء املغربي الهرم‪ ،‬وهذه املرة‪ ،‬املغاربة أنفسهم لعبوا اللعبة األوروبية‪،‬‬
‫وخربوا نظامهم بأنفسهم"‪.96‬‬

‫وهكذا تحولت االمتيازات الضريبية إلى أداة فعالة سخرتها القوى األوروبية لخدمة أهدافها‬
‫التوسعية وزعزعة الوضع القائم‪ ،‬فصارت حسب وجهة الفاعلين املركزيين في اتخاد القرار الضريبي‬
‫(السالطين)‪ ،‬تهديدا للمخزن‪ ،‬وتقويضا لسلطته السياسية‪ .‬خاصة بعد أن أصبح املحميون يفرضون‬
‫أنفسهم كفاعلين في لعبة ذات رهانات متعددة ومتشابكة بين املخزن والقوى األوروبية‪.97‬‬

‫ونتيجة لذلك أصبح يالحظ على املستوى االجتماعي تصدع في البنية االجتماعية‪ ،‬إذ أصبح يالحظ‬
‫وجود مجتمع تابع للسلطة املخزنية‪ ،‬وفئات عديدة ال تخضع لقرارات املخزن وال تعترف بسيادته‪ ،‬أما‬
‫على الصعيد االقتصادي‪ ،‬فقد أدى نظام الحماية إلى توسيع القاعدة العقارية لألجانب باملغرب‪ ،‬كما‬
‫سمح نظام الحماية للسلطات األجنبية املمثلة في السفراء والقناصل بالتدخل في الشؤون الداخلية‬
‫للبالد‪ ،‬بل ومعاقبة رجاالت املخزن نتيجة سلوك يعتبره السفير أو القنصل إخالال بسيادة دولته‪ ،‬ومسا‬
‫بمصالحها‪98.‬‬

‫‪ 94‬هشام مليح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪155‬‬


‫‪ 95‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ 96‬أورده‪ :‬خالد فخار‪ :‬السياسة الجبائية عن السلطان الحسن األول (‪ ،)1873-1894‬السلسة املغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،11‬مطبعة األمنية‪ -‬الرباط‪ ،2016 ،‬ص ‪272‬‬
‫‪ 97‬هشام مليح‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪156‬‬
‫‪ 98‬محمد عروبي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪93-92‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنافس القوى األوروبية على املغرب‬
‫إن اصطدام املجتمع املغربي كمجتمع تقليدي بالقوى األوروبية قد أدى إلى اختالالت عميقة في‬
‫بنياته السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬األمر الذي انتهى بفقدانه للمبادرة االستراتيجية والقدرة‬
‫على التحكم في مصيره‪ ،‬وبالتالي التعرض لشتى أنواع التأثير الخارجي‪ ،‬بما في ذلك املساس بالوحدة‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية الضامنة الستقراره‪.99‬‬

‫وفي الجانب الخر كان التنافس على أشده عل ى املغرب‪ ،‬خاصة بين فرنسا وإسبانيا وانجلترا وأملانيا‪،‬‬
‫فانتهى هذا التنافس باتفاقية بين فرنسا وانجلترا في ‪ 8‬أبريل ‪ 1904‬تنازلت انجلترا بموجبه لفرنسا عن‬
‫املغرب مقابل تنازل فرنسا لها عن مصر‪.‬‬

‫وأمام التنازع بين أملانيا واسبانيا وفرنسا كل يدعي أن له حقوقا في املغرب‪ ،‬طلب املولى عبد العزيز‬
‫عقد مؤتمر دولي‪ ،‬وقد انعقد في الجزيرة الخضراء في ‪ 7‬أبريل ‪ 1906‬وشاركت فيه ‪ 13‬دولة اتفقت على‬
‫تكليف فرنسا واسبانيا بتدريب أهالي البالد على حفظ األمن وتنظيم جهازالبوليس‪ ،‬كما قررت تأسيس‬
‫البنك املخزني‪ ،100‬وهو جهاز فريد من حيث نشأته وإداراته وامتيازاته‪ ،‬وهو من الناحية القانونية‬
‫مؤسسة دولية‪ ،‬تكون ميثاقه بموجب البند الثالث من معاهدة الجزيرة الخضراء‪ ،‬مقره االجتماعي‬
‫بطنجة‪ ،‬ومقره اإلداري بباريس‪ ،‬ويدار على أساس التشريع الفرنس ي الخاص بالشركات‪ ،‬أما الدعاوى‬
‫التي يقوم بها البنك فتعود إلى محكمة خاصة تتألف من ثالثة قضاة قنصليين‪ ،‬وإلى املحكمة الفيدرالية‬
‫بلوزان عند االستئناف‪ ،‬ويضم في مجلسه اإلداري عدة دول أجنبية‪ ،101‬كل ذلك بقصد حماية وتسهيل‬
‫التجارة في املغرب والسماح لألوروبيين بشراء العقار فيه خاصة في أهم املوانئ العاملة يومئذ‪ :‬أصيلة‬
‫والقصر وأزمور‪ ،‬وفي نوفمبر ‪ 1911‬عقدت اتفاقية بين فرنسا وأملانيا تنازلت هذه األخيرة بدورها لفرنسا‬
‫عن املغرب واعترفت لها بحرية التصرف‪ ،102‬وبموجب معاهدة سرية أبرمت بين إسبانيا وفرنسا في ‪27‬‬
‫نوفمبر ‪ 1912‬تنازلت فرنسا إلسبانيا عن املنطقة الشمالية‪ ،‬على الرغم من أنها كانت تخضع لسيادة‬
‫السلطان باستثناء مدينتي سبتة ومليلية على أساس اعتبارهما جزءا من التراب اإلسباني‪ ،103‬وفي ‪30‬‬
‫مارس ‪ 1912‬بفاس وقع املولى عبد الحفيظ معاهدة الحماية مع وزير الخارجية الفرنس ي السيد‬

‫‪ 99‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪54‬‬


‫‪ 100‬محمد عابد الجابري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪168‬‬
‫‪ 101‬فرج عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪72‬‬
‫‪ 102‬محمد عابد الجابري‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪168‬‬
‫‪ 103‬جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪30‬‬
‫"رينيو"‪ ،‬معاهدة أرست قواعد نظام "‪ ،"Regnault‬القائم على رغبة الطرفين في وضع حد لالضطرابات‬
‫وانعدام األمن‪ ،‬وبالتزام فرنسا على تقديم الدعم الكامل للسلطان ضد أي خطر قد يهدده أو يمس‬
‫بعرشه‪ ،‬وباملقابل وبناء على الفصل التمهيدي لنص معاهدة الحماية القاض ي بإحداث حكومة نظامية‬
‫باملغرب‪ ،‬عملت فرنسا على إلغاء الحمايات الفردية بصفتها امتيازات استثنائية وغيرعادية‪.104‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات الحماية ومظاهرتحديث النسق القراري الضريبي‬


‫تعتبر فترة الحماية من املراحل التاريخية التي ساهمت في تشكيل الدولة املغربية املعاصرة وطبيعة‬
‫وأدوارالفاعلين داخلها‪ ،‬كما أثرت في بنية املجتمع وثقافته‪.‬‬

‫فقد عمدت فرنسا خالل هاته الفترة على نهج استراتيجية مركبة في مسعاها إلخضاع اإلدارة الشريفة‬
‫وخدمة مصالحها‪ ،‬حيث جمعت بين الحفاظ على العناصر التقليدية مع إعادة توظيفها بما يخدم‬
‫مصالحها‪ ،105‬وبين العمل على تحديث اإلدارة الشريفة بإرساء مجموعة من املؤسسات الجديدة التي‬
‫ستنهض وفق أساليب حديثة بمجموعة من األنشطة االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي لم تكن‬
‫تغطيها اإلدارات التابعة للمخزن بتاتا أو كانت تغطيها بشكل غير كاف‪ ،106‬وسيكون لهذه االزدواجية‬
‫(التحديث‪-‬التقليد) ال محالة تأثيركبيرعلى النسق القراري الضريبي‪.‬‬

‫وقد ظهرت عدة أطروحات حاولت مالمسة طبيعة الدولة القائمة خالل فترة الحماية‪ ،‬يجملها "‬
‫محمد عروبي"‪ 107‬في اتجاهين أساسيين‪:‬‬

‫‪-‬االتجاه األول‪ :‬يعتبرأن الدولة التي قامت بعد دخول االستعمارللمغرب هي دولة كولونيالية على اعتبار‬
‫أن الدولة االستعمارية هي ذلك الجمع بين بنيات الزعامة وسلطاتها وبنيات التقنوقراطية وسلطاتها‪،‬‬
‫وهما بذلك كولونياليان معا‪ ،‬بحيث ال يصح أن نتصور‪ ،‬أن هناك بيروقراطية حديثة في مواجهة تنظيم‬
‫مغربي تقليدي ومجدد‪.108‬‬

‫هشام مليح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪157‬‬ ‫‪104‬‬

‫س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪57‬‬ ‫‪105‬‬

‫ميشيل روس ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪37‬‬ ‫‪106‬‬

‫محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪153‬‬ ‫‪107‬‬

‫عبد هللا حمودي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪145‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪31‬‬
‫‪-‬االتجاه الثاني‪ :‬يرى أن الدولة التي كانت موجودة خالل الحماية هي دولة تراصفية‪ ،109‬مكونة من‬
‫جهازين‪ :‬واحد تقليدي يتمركز حول السلطان‪ ،‬والخر عصري يشكل املقيم العام مركزه الرئيس ي‪ ،‬وهذا‬
‫الطرح األخيرهو الذي تبنيناه في إطارهذه الدراسة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سلطات الحماية وتحديث النسق القراري‬


‫استحدثت سلطات الحماية مجموعة من األجهزة السياسية والقضائية واالقتصادية لضمان‬
‫السيطرة على املغرب وضبط الثروات املغربية‪ ،110‬وقد اشتملت اإلدارة الفرنسية على هيئات عليا‬
‫ومصالح مركزية وإقليمية وإدارة بلدية‪ ،‬تكونت الهيئات العليا من املقيم العام الذي تمتع بسلطات‬
‫واسعة‪ ،111‬يعين من طرف املجلس الوزاري ويرتبط بوزيرالشؤون الشريفة‪ ،‬ويتحكم في الجيش‪ ،‬ويسير‬
‫جميع املصالح اإلدارية‪ ،‬كما عهد إليه بمهمة إصالح الدولة‪ ،‬وله وحده حق إصدار القوانين‪ ،‬حيث ال‬
‫تصبح سارية املفعول بعد أن يصادق عليها السلطان‪ ،‬بل بعد أن ينشرها املقيم العام‪ .‬وقد تحددت‬
‫صالحياته وسلطاته بموجب الفصل الخامس من معاهدة الحماية وبمرسوم من رئيس الجمهورية‬
‫الفرنسية‪ ،112‬ويساعد املقيم العام مندوب اإلقامة العامة الذي يقوم بتعويضه في حالة الغياب أو‬
‫حدوث أي عائق ويمارس نفس صالحياته‪ ،113‬ويساعده أيضا الكاتب العام للحماية الذي تتجلى مهمته‬
‫في دراسة كل القضايا اإلدارية واملدنية التي تتطلب صدور قرارات مقيمية بشأنها‪ ،‬كما يعمل على تنسيق‬
‫تدخالت مختلف املؤسسات اإلدارية‪ ،‬ومتابعة األعمال التشريعية التي تيهئ املراسيم‪ ،‬وباقي األعمال‬
‫التشريعية األخرى التي ترفع إلى السلطان للمصادقة عليها‪ ،‬إضافة إلى مستشار الحكومة املغربية‪،‬‬
‫وتلعب كتابة الحكومة دورا مزدوجا‪ ،‬فهي من جهة أداة اتصال بين اإلقامة العامة واملخزن‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى هي وسيلة ملراقبة دوائراملخزن بكل مكوناته‪.114‬‬

‫‪ 109‬يحيل مفهوم الدولة التراصفية ‘’ ‪ ’‘ Etat Sédimental‬إلى دولة تتكون من مكونين مختلفين من حيث البنيات‪ ،‬واملرجعيات‪ ،‬والتصورات‪،‬‬
‫وطرق االشتغال‪ .‬وهذان املكونان هما‪ :‬املكون السلطاني الذي أصبح مجرد واجهة مؤسساتية‪ ،‬ويمثله السلطان‪ ،‬واملكون الكولونيالي الذي يتحكم‬
‫في الدولة التراصفية‪ ،‬ويمثله املقيم العام‪.‬‬
‫‪ -‬أورده‪ :‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫‪ 110‬س ي محمد غصبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪ 111‬ثامر عزام حمد سليم الدليمي‪ ،‬اإلدارة الفرنسية في املغرب ‪ ،1956-1939‬الطبعة األولى‪ ،‬دار غيداء للنشر والتوزيع‪ ،2016 ،‬ص ‪29‬‬
‫‪ 112‬عادل فرج‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪76-75‬‬
‫‪ 113‬م ن‪ ،‬ص ‪76‬‬
‫‪ 114‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪159‬‬

‫‪32‬‬
‫واملصالح املركزية يمكن تقسيمها حسب األستاذ " ثمار عزام حمد سليم الدليمي "‪115‬إلى نوعين هما‪:‬‬
‫املصالح السياسية‪ ،‬واملصالح اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -1‬املصالح السياسية‪ :‬تكونت من أربع مديريات جمعت في يد مسؤوليها الفرنسيين مفاتيح القرار‪،‬‬
‫والتفكير‪ ،‬والتخطيط في املغرب‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬مديرية الداخلية والشؤون السياسية‪.‬‬
‫‪ -2‬مديرية املالية‪.‬‬
‫‪ -3‬مديرية األشغال العمومية‪.‬‬
‫‪ -4‬مديرية الزراعة‪.‬‬
‫‪ -2‬املصالح اإلدارية‪ :‬بلغ عددها ثمان مصالح وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬إدارة الفالحة والتجارة والغابات‪.‬‬
‫‪ -2‬إدارة املالية‪.‬‬
‫‪ -3‬إدارة األشغال العمومية‪.‬‬
‫‪ -4‬إدارة العمل والشؤون االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬إدارة اإلنتاج الصناعي واملعادن‪.‬‬
‫‪ -6‬إدارة البريد والبرق والتليفون‪.‬‬
‫‪ -7‬إدارة التعليم العمومي‪.‬‬
‫‪ -8‬إدارة الصحة العمومية والعائلة‪.‬‬

‫إلى جانب املصالح السياسية واإلدارية يضيف األستاذ " ثامر عزام " مصالح أخرى عرفت باإلدارة‬
‫الشريفية الجديدة‪ ،‬وهي اإلدارات الفنية الكبرى التي عملت مبدئيا لحساب الحكومة الشريفية وقامت‬
‫بإدارة مصالح عمومية‪ ،‬وهي تحت السلطة املباشرة لكاتب الحماية العام‪ ،‬وقد تكونت هذه املصالح من‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلدارة البلدية؛‬
‫‪ -2‬اإلدارة اإلقليمية؛‬
‫‪ -3‬الهيئات االستشارية ( الغرف املهنية ومجلس الشورى)‪116‬؛‬

‫‪ 115‬ثامر عزام حمد سليم الدليمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪30-29‬‬


‫‪116‬م ن‪ ،‬ص‪32-31-‬‬

‫‪33‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطات الحماية وتوظيف النسق القراري التقليدي خدمة ملصالحها‬
‫أدى وضع سلطات الحماية يدها على املغرب إلى تغييرفي مكانة الفاعلين التقليديين في صناعة القرار‬
‫الضريبي‪ ،‬بدءا بتغييرمكانة املركزالقراري(السلطان)‪ ،‬بحيث لم يصبح فاعال مركزيا في محيطه كما كان‬
‫األمرقبل دخول الحماية‪ ،‬بل أصبح مفعوال به بعدما تم تجريده من سلطاته السياسية وإقامة سلطات‬
‫بديلة له (''املقيم العام'' واملالية " البنك املخزني")‪ ،‬ومن سلطاته اإلدارية من خالل إعادة توظيف‬
‫سلطات الحماية للقواد والباشوات بما يخدم مصالحها‪.117‬‬

‫لقد دخلت فرنسا إلى املغرب مبدئيا لحماية السلطان‪ ،‬لكن سرعان ما جردت إدارة الحماية املخزن‬
‫من كل سلطة أو حكم حقيقي‪ ،‬ولم تترك له إال بعض املهام التافهة والثانوية‪ ،‬وفي الوقت ذاته عملت‬
‫على االحتفاظ باملظاهرالخارجية للتقاليد القديمة للنظام املخزني‪ ،‬حتى ال يشعررعايا الدولة الشريفية‬
‫والفاعلين التقليديين بأن املخزن القديم قد اختفى وأنهم أمام جهازجديد يلعب فيه املغاربة دورا ثانويا‪،‬‬
‫أمام استيالء الفرنسيين على النسق القراري‪.118‬‬

‫فإذا لم يعد للمركزالقراري للدولة الشريفية ''السلطان" أي سلطة بعد تجريده من سلطته‪ ،‬فما هو‬
‫دوره إذن؟ الجواب يقدمه لنا "ريمي لوفو" في كتابه "الفالح املغربي املدافع عن العرش" الذي يعتبربأن‬
‫سلطات الحماية استمدت من السلطان مشروعية تدخالتها‪ .‬أي أن سلطات الحماية قد وظفت‬
‫السلطان للتوقيع على الظهائرالتي كانت تعدها سلفا في دواليب الجهازالكولونيالي‪ ،‬األمرالذي أصبحت‬
‫معه وظيفة السلطان شكلية تنحصرفقط في إضفاء املشروعية على قرارات سلطات الحماية‪.119‬‬

‫ولم تكتف سلطات الحماية فقط بتحويل املركز القراري للدولة املخزنية إلى مجرد فاعل شكلي‪ ،‬بل‬
‫ستعمد أيضا إلى فك العالقة والرابطة التي كانت تجمعه بباقي الفاعلين التقليديين‪ ،‬وبذلك جردت املركز‬
‫القراري من أحد أهم دعائمه التقليدية‪ ،‬وعملت بعد ذلك إلى االستعانة بهم عبرإعادة توظيفهم وترتيب‬
‫أدوارهم ملساعدتها في إخضاع الدولة املخزنية‪ ،‬وتمرير وتنفيذ قراراتها بما فيها تلك التي تهم املجال‬
‫الضريبي‪.120‬‬

‫س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪60‬‬ ‫‪117‬‬

‫جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪82-81‬‬ ‫‪118‬‬

‫محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪173‬‬ ‫‪119‬‬

‫س ي محمد غضبان‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪61‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪34‬‬
‫وال أدل على ذلك من تحالف "ليوطي'' مع الباشوات والقواد من قبيل؛ "الكالوي" و"الغوندافي"‬
‫و"املتوكي" منذ سنة ‪ ،1912‬بعد أن منحهم سلطات كبيرة وظروف أمنية جيدة كانت تنقصهم في املاض ي‪،‬‬
‫حيث كانوا عرضة لثورات القبائل ضد تسلطهم واستبدادهم‪ ،‬وأصبحوا بمقتض ى التحالف ال‬
‫يخضعون لنظام االلتزامات اإلدارية التي فرضتها سلطات الحماية على الصعيد املحلي‪ ،‬فأصبحوا قواد‬
‫أقوياء‪ ،‬وفوق ذلك أداة طيعة في يد سلطات الحماية الفرنسية‪.121‬‬

‫واستعانت اإلدارة الفرنسية أيضا بشيوخ الزوايا‪ 122‬والطرق الصوفية‪ ،‬لتنفيذ قراراتها‪ ،‬فعدد من‬
‫شيوخ الزوايا قدموا لسلطات الحماية خدمات عديدة تجلت في إضفاء املشروعية على الوجود‬
‫الفرنس ي باملغرب‪ ،‬ذلك أن العديد من شيوخ الزوايا عدوا فرنسا بلدا غير محتل للمغرب‪ ،‬وإنما هي‬
‫مكلفة فقط بإدخال اإلصالحات الضرورية وحماية النظام‪.123‬‬

‫أما الصدر األعظم فبعد أن صار يتوفر على تفويض عام للسلطة التنظيمية‪ ،‬أبت سلطات الحماية‬
‫إال أن تجعله عمليا من نصيب املقيم العام‪ ،‬وقد احتفظت سلطات الحماية فيما يتعلق بحكومة املخزن‬
‫فقط بوزيراملالية ووزيرالحرب ووزيرالشكايات‪ ،‬في حين اختفى من الحكومة وزيرالبحرألن املقيم العام‬
‫أصبح املشرف على عالقات الدولة الشريفية الخارجية‪ ،‬وكذا وزير الشكايات بالنظر إلحداثها لتنظيم‬
‫قضائي عصري‪ ،124‬عموما فإن الصدر األعظم أصبح ال يتمتع بأي سلطات شأنه شأن املركز القراري‪،‬‬
‫ألن سلطات الحماية تولت في الواقع تعيين جميع الوزراء‪.125‬‬

‫وعلى العموم فإن سلطات الحماية قد عملت على تحديث بنية النظام الضريبي للدولة الشريفية‪،‬‬
‫حيث أخذت تحول النظام الضريبي املغربي التقليدي املبني في أساسه على أحكام الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫إلى نظام جبائي يشبه النظم الضريبية للدول األوربية‪ ،‬هذا األمر دفع إلى تحول هام في جوهر السلطة‪،‬‬
‫حيث أصبحت قائمة على أساس وضعي تؤطرها مرجعية غربية‪ ،‬وتحددها نصوص قانونية غيرمستمدة‬
‫من الدين كما كان أثناء قيام الدولة املخزنية‪ ،126‬األمر الذي أصبح معه نظامنا الضريبي ينقسم إلى‬

‫‪ 121‬عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪131‬‬


‫‪ 122‬كان من بين أبرز شيوخ الزوايا الذين تعاونوا مع سلطات الحماية‪ ،‬الشيخ عبد الحي الكتاني‪ ،‬رئيس اتحاد جامعة الطرق الدينية بشمال‬
‫إفريقيا‪.‬‬
‫‪ 123‬ثامر عزام حمد سليم الدليمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪173-172‬‬
‫‪ 124‬محمد معتصم‪ :‬النظام السياس ي الدستوري املغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مؤسسة إيزيس للنشر‪-‬الدار البيضاء‪ ،1992 ،‬الصفحة ‪51-50‬‬
‫‪ 125‬جون واتربوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪81‬‬
‫‪ 126‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪173‬‬

‫‪35‬‬
‫مجموعة من الضرائب املباشرة على الدخل‪ ،‬ومجموعة أخرى من الضرائب غير املباشرة على اإلنفاق‪.‬‬
‫وقد اتسم الوعاء الضريبي للضرائب على الدخل حسب األستاذ " عبد السالم أديب"‪ 127‬في بداية‬
‫الحماية بهيمنة الثروات العقارية‪ ،‬كمادة ضريبية‪ ،‬حيث ظهرت ضريبة الترتيب انطالقا من سنة ‪1915‬‬
‫لتطبق على املحاصيل الزراعية السنوية‪ ،‬وعلى األشجار املثمرة‪ ،‬وعلى املواش ي‪ ،‬ثم ظهرت الضريبة‬
‫الحضرية بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ ،1918‬حيث طبقت على القيم الكرائية للمباني‪ ،‬وجميع أنواع البنايات‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األراض ي املخصصة للصناعة أو التجارة‪ ،‬كما ظهرت الضريبة املهنية "الباتنتا" ابتداء من‬
‫سنة ‪.1920‬‬

‫ومع بداية الحرب العاملية الثانية يضيف األستاذ " عبد السالم أديب"‪ ،‬أخذ التحول يتجه أكثر نحو‬
‫الدخل املنقول كدخل العمل‪ ،‬أو دخل رأس مال‪ ،‬حيث ظهرت كل من الضريبة على الرواتب واألجور‬
‫بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ ،1939‬ثم الباتنتا اإلضافية بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪ ، 1941‬وقد تم تعديلها سنة ‪ 1954‬لتتخذ‬
‫صورة ضريبة على األرباح املهنية‪.128‬‬

‫إلى جانب الضرائب املباشرة كان يتشكل النظام الضريبي أيضا من ضرائب غير مباشرة‪ ،‬غير أنها لم‬
‫تعرف تطورا مماثال‪ .‬وكانت تضم نوعين من الضرائب‪ :‬نوع تقليدي كرسوم الجمارك‪،‬ونوع يضم ضرائب‬
‫عصرية كرسوم االستهالك وحقوق التسجيل والتنبر‪ ،‬ورسم فوائض القيمة العقارية ورسم املبادالت‪.‬‬

‫والنظام الضريبي املغربي خالل فترة الحماية‪ ،‬ورغم الجهود املبذولة بقصد تحديثه‪ ،‬انطبع‬
‫بالتشتت‪ ،‬ويبدو أن ذلك يرجع إلى هيمنة الهاجس التمويلي لدى سلطات الحماية‪ ،129‬حيث أن الواقع‬
‫الضريبي ال يضبط إال من خالل ضرائب معقدة وعديدة وضعيفة املردودية‪ ،‬األمر الذي دفع السلطات‬
‫العامة بعد االستقالل للدخول في سلسلة من اإلصالحات الضريبية‪ ،‬محاولة التوفيق بين هاجس‬
‫املردودية والعدالة الضريبية‪.‬‬

‫‪ 127‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪89-88‬‬


‫‪ 128‬م ن‪ ،‬ص ‪89‬‬
‫‪ 129‬أحمد إدعلي‪ :‬األبعاد السوسيوسياسية للجباية املغربية نموذج الضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل (‪،)1990-2000‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪-2005 ،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪29‬‬

‫‪36‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬القرارالضريبي في ظل الدولة الحديثة‬
‫تشكلت الدولة الحديثة على أنقاض الدولة التراصفية التي اختفت بمجرد حصول املغرب على‬
‫استقالله السياس ي‪ ،‬واتسمت طبيعة الفاعلين في املجال الضريبي بعد االستقالل بطابع مركب يجمع‬
‫بين ما هو تقليدي يضرب بجذوره في عمق الدولة املخزنية‪ ،‬وما هو تحديثي يظهر من خالل بروز فاعلين‬
‫جدد‪ ،‬داخل عملية صناعة القرار الضريبي‪ ،‬ومهما اختلفت مرجعيات وأدوار هؤالء الفاعلين‪ ،‬فإن ما‬
‫يمكن تسجيله هو انضباطهم لنسق تقليدي مغلق‪.130‬‬

‫وتمكننا املطالعة البسيطة لدساتيراململكة من تحديد الفاعلين في عمليات صناعة التشريع في املجال‬
‫الضريبي‪ ،‬وسنقف على ما يوضح صراحة التشريع لثالث جهات محددة‪ ،‬وهي املؤسسة امللكية‪،‬‬
‫واملؤسسة التنفيذية‪ ،‬واملؤسسة التشريعية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالكل يتفاعل مع تأثيرات باقي الفاعلين‪ .‬لتتخلل‬
‫بذلك واقع التشريع مجموعة من التعقيدات التقنية والسياسية‪ ،‬يفسرها تعدد الفاعلين في التشريع‬
‫الضريبي‪ ،‬ثم املساطر املعقدة‪ ،‬علما أن أدوار ووظائف وإمكانيات هؤالء الفاعلين الرسميين تتفاوت‪131‬‬

‫بشكل واضح في مسلسل اتخاذ القرار الضريبي‪ ،‬الذي ال تكفي دراسته عبر القنوات السياسية من فهم‬
‫طبيعته بل ال بد من استحضارباقي املتدخلين غيرالرسميين في صناعته‪ ،‬حيث يعتبرالقرارالضريبي قرارا‬
‫متفاوضا بشأنه بين املكونات السياسية ( امللك‪ ،‬الحكومة‪ ،‬البرملان) وفاعلين غير رسميين على رأسهم‬
‫مجموعات الضغط‪ ،‬لكون النظام الضريبي جزء ال يتجزأ من النظام السياس ي‪ ،‬لذلك يخضع لعدة‬
‫مصالح متعارضة‪ ،‬وبالتالي فإن الشركاء االقتصاديين ال يقبلون القرار الضريبي إال إذا كان يحمل في‬
‫طياته بعض االمتيازات لهم‪.132‬‬

‫‪ 130‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪68‬‬


‫‪ 131‬عبد الرحيم منوري‪ :‬دور البرملان املغربي في التشريع بين منطق الدولة وجماعات الضغط الوالية التشريعية الثامنة ‪ ،2011-2007‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،2015-2014 ،‬ص ‪103‬‬
‫‪ 132‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪72‬‬

‫‪37‬‬
‫املطلب األول‪ :‬القرارالضريبي بين مركزية املؤسسة امللكية وتبعية‬
‫الحكومة‬
‫استطاعت امللكية عبر التوليف بين التقليد والتحديث تأكيد سموها وتفوقها‪ ،‬وتحييد‪-‬إن لم نقل‬
‫توظيف‪ -‬الدوائر السياسية الحديثة‪ ،‬مكرسة في النهاية مركزيتها‪ 133‬في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬وقد برز‬
‫تدخل املؤسسة امللكية ( الفقرة األولى) في إطار الدولة الحديثة ما بين ‪ 1963-1960‬في تغيير املوروث‬
‫الضريبي بإلغاء ضريبة الترتيب‪ ،‬وإصدارمجموعة من الظهائر في ‪ 5‬يناير‪ ،1962‬سعت إلى إصالح النظام‬
‫الضريبي‪ ،‬وجعله مسايرا للمتطلبات الظرفية للدولة‪.134‬‬

‫إن واقع صناعة القرار الضريبي باملغرب‪ ،‬وما مر به من محطات يبرز الدور الثانوي للحكومة‪ ،‬حيث‬
‫ينحصر دورها في صناعة القرار الضريبي على تنفيذ وأجرأة االختيارات التي تقررها املؤسسة امللكية‪135‬‬

‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مركزية املؤسسة امللكية في صناعة القرارالضريبي‬


‫بمجرد حصول املغرب على استقالله عادت امللكية إلى قمة هرم صناعة القرار الضريبي‪ ،‬وكرست‬
‫مكانتها املركزية داخل النظام السياس ي املغربي‪ ،‬وقد خولت لها مكانتها صالحيات واسعة جعلتها في‬
‫وضعية سمو وتوجيه لباقي الفاعلين في املجال الضريبي‪ ،136‬ومركزية املؤسسة امللكية في صناعة القرار‬
‫الضريبي ال تقتض ي مساهمة باقي الفاعلين إلى جانب امللكية‪ ،‬بل تشكل املركز األساس لخلق االعتقاد‬
‫بأهمية ونجاعة هذه القرارات املتخذة من طرف الدولة لصالح األفراد املعنيين بالتضريب‪ ،137‬ولكي‬
‫يضمنوا بقائهم يجدون أنفسهم مجبرين على تأكيد شرعية امللكية و التماهي مع إيديولوجيتها ونظامها‬
‫القيمي‪ ،‬وإال حكموا على أنفسهم بالتهميش‪ ،‬وجميع القرارات التي تتخذها امللكية سواء في شكل ظهائر‬
‫أم خطابات سامية‪..‬الخ تتمتع بالسمو‪ ،‬إذ أنها ال تخضع ألي نوع من أنواع الرقابة أوالتقييم‪ ،138‬وليست‬

‫س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪69‬‬ ‫‪133‬‬

‫أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪125‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪135‬‬
‫سي محمد غضبان‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪77‬‬
‫‪ 136‬م ن‪ ،‬ص‪69‬‬
‫‪ 137‬فرج عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ 138‬محمد عروبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪213-212‬‬

‫‪38‬‬
‫هناك أية آلية مؤسساتية تسمح باإلشارة إلى األخطاء التي يمكن أن ترتكبها امللكية‪ ،‬وباألحرى ضرورة‬
‫انتقاد خياراتها التي يتبين أنها غيرمثمرة‪ ،‬بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي‪.139‬‬

‫ولقد برز تدخل املؤسسة امللكية في املغرب املستقل ما بين ( ‪ ) 1963 -1960‬في تغيير املوروث‬
‫الضريبي‪ ،‬بإلغاء ضريبة الترتيب‪ ،‬وإصدار مجموعة من الظهائر في ‪ 5‬يناير ‪ 1962‬همت املجال الضريبي‬
‫ويتعلق األمر بكل من‪ :‬الضريبة الزراعية‪ ،‬ضريبة املباني‪ ،‬الضريبة الشخصية‪ ،‬الضريبة على املنتجات‬
‫والضريبة على الخدمات‪ ،‬الضريبة املهنية‪ ،‬الضريبة املفروضة على األرباح املهنية‪ ،‬االقتطاع من‬
‫املرتبات واألجور‪ .‬والهاجس من وراء ذلك كان إصالح النظام الضريبي املغربي‪ ،‬وجعله مسايرا للمتطلبات‬
‫الظرفية للدولة الحديثة‪.140‬‬

‫وقد توفرت للمؤسسة امللكية في ظل الدولة الحديثة مجموعة من الليات الدستورية والسياسية‬
‫التي خولت لها التحكم في عملية صناعة القرارالضريبي‪ ،‬وتوجيه عمل باقي الفاعلين وحصره في تفعيل‬
‫القرارالضريبي للمؤسسة امللكية‪ ،‬ومن بين هذه الليات نذكر‪:‬‬

‫أوال‪ :‬رئاسة املجلس الوزاري‬


‫يعتبر انعقاد املجلس الوزاري مظهرا معبرا عن سمو املؤسسة امللكية تجاه الحكومة‪ ،‬حيث أن‬
‫الدساتيرالسابقة على الدستور الحالي‪،‬وإن كانت قد مكنت الوزيراألول من صالحيات‪ ،‬فإنها ال تمارس‬
‫من الناحية القانونية والعملية إال تحت إشراف امللك الذي يرأس املجلس الوزاري‪ .‬واستنادا إلى‬
‫الدستور الحالي‪ 141‬يرأس امللك املجلس الوزاري‪ ،‬الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء‪ ،‬وينعقد‬
‫املجلس الوزاري بمبادرة من امللك‪ ،‬أو بطلب من رئيس الحكومة‪ .‬ويمكن للملك أن يفوض لرئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬بناء على جدول أعمال محدد‪ ،‬رئاسة مجلس وزاري‪ ،142‬وتجدراإلشارة إلى أن أي شخص مفيد‬
‫برأي امللك ( مستشاري امللك أو غيرهم ) يمكنه عمليا حضور اجتماعات املجلس الوزاري‪ ،‬وال يتم‬

‫‪ 139‬نجيب أقصبي‪ :‬االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية في املغرب‪ ،‬تعريب نور الدين سعودي‪ ،‬مركز بنسعيد آيت إيدر لألبحاث‬
‫والدراسات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2017 ،‬ص ‪112‬‬
‫‪ 140‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪125‬‬
‫‪141‬الغواطي محمد‪" :‬األدوار املالية للملك والحكومة في ضوء الدستور والقانون التنظيمي للمالية"‪ ،‬مقال منشور على مجلة املتوسط‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سنة ‪ ،2018‬ص‪150‬‬
‫‪ 142‬الفصل ‪ 48‬من دستور ‪2011‬‬

‫‪39‬‬
‫التصويت في املجلس الوزاري ألن امللك يرأسه وال يجوز فرض أي أصوات عليه‪ ،‬وتطبع اجتماعات‬
‫املجلس الوزاري السرية‪ ،‬وتصدرعموما بيانات رسمية بعد انتهاء اجتماعاته‪.143‬‬

‫ويتداول املجلس الوزاري في التوجهات العامة ملشروع قانون املالية‪ ،‬والتوجهات االستراتيجية‬
‫بما فيها تلك التي تهم النظام الضريبي‪ ،‬ووعاء الضرائب‪،‬‬ ‫القوانين‪144‬‬ ‫لسياسة الدولة‪ ،‬ومشاريع‬
‫ومقدارها وطرق تحصيلها‪ ،‬وكذا نظام الجمارك‪..145‬الخ‪.‬‬

‫إن رئاسة امللك للمجلس الوزاري‪ ،‬وهو اجتماع يضم رئيس الحكومة والوزراء تحت رئاسته‪ ،‬الذي‬
‫يتداول فيه بشأن أهم األنشطة الحكومية‪ ،‬تمكنه من أن يمارس دورا حاسما على قراراتها‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل الراء التي يتقدم بها والتوجيهات والتعليمات‪ ،‬وتجعل تدابير الحكومة في مختلف املجاالت ومن‬
‫بينها املجال الضريبي رهينة باملوافقة امللكية الصريحة عليها‪.146‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخطب والرسائل امللكية‬


‫تعد الخطب امللكية الوسيلة الرسمية التي تعتمدها املؤسسة امللكية من أجل توجيه مسارالسياسة‬
‫التشريعية بشكل عام بما في ذلك السياسة الضريبية‪ ،‬فعن طريق الخطب‪ ،‬التي غالبا ما تلقى في إطار‬
‫تخليد املناسبات الوطنية‪ ،‬أو أثناء ترأسه افتتاح الدورة التشريعية األولى للبرملان‪ ،‬أو تزامنا مع ظرفية‬
‫أو سياق وطني أو إقليمي معين‪ ،‬يتم رسم الخطوط العريضة للسياسة الداخلية والخارجية‪ ،‬والتي من‬
‫املفروض على باقي الفاعلين االنسياق في اتجاهها والعمل على أجرأتها وتنزيلها وتنفيذها‪.147‬‬

‫واملالحظ أن أغلب القرارات التي تهم املجال الضريبي تكون مبنية في أساسها على توجيهات املؤسسة‬
‫امللكية‪ ،‬ويمكن أن نقدم في هذا الصدد مثالين على ذلك‪:‬‬

‫‪ 143‬محمد مدني وآخرون‪ :‬دراسة نقدية للدستور المغربي للعام ‪ ،2011‬منشورات المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات‪ ،2012 ،‬بدون ذكر‬
‫المطبعة‪ ،‬ص‪31-30‬‬
‫‪ 144‬الفصل ‪ 49‬من دستور ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬يوليو‪ ،2011‬املنشور بالجريدة الرسمية‬
‫في ‪ 30‬يوليو ‪ ،2011‬عدد‪ 5964‬مكرر‪.‬‬
‫‪ 145‬الفصل ‪ 71‬من دستور ‪2011‬‬
‫‪ 146‬محمد بوجنون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪25‬‬
‫‪147‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪30‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -‬املثال األول‪ :‬خطاب ‪ 25‬شتنبر‪ 2000‬بالجرف األصفر‬

‫وقد هم هذا الخطاب إصالح النظام الضريبي‪ ،‬حيث جاء فيه ما يلي‪ " :‬وبالنظرملا للنظام الجبائي من‬
‫دور تحفيزي لالستثمار‪ ،‬فإننا قد أصدرنا تعليماتنا السامية لحكومتنا قصد وضع إصالح جبائي قائم‬
‫على الشفافية والتبسيط والعقالنية وإعادة النظرفي الجبايات املحلية‪ ،‬بشكل تصبح معه الغاية املثلى‬
‫للجبايات تشجيع االستثماراملنتج الذي يخلق فرص الشغل"‪.148‬‬

‫‪ -‬املثال الثاني‪ :‬خطاب بمناسبة الذكرى ‪ 14‬لعيد العرش ‪ 30‬يوليوز ‪2013‬‬

‫وقد هم هذا الخطاب تضريب القطاع الفالحي‪ ،‬والذي جاء فيه " لقد عمل برنامج املغرب األخضر‬
‫على تحديث القطاع الفالحي‪ ،‬آخذا بعين االعتبار‪ ،‬االهتمام املوصول بصغارالفالحين‪ ،‬من أجل تحسين‬
‫ظروفهم املعيشية‪ .‬وحرصا منا على تجسيد رعايتنا لهذه الفئة‪ ،‬فإننا سنظل نخصها باالستثناء‬
‫الضريبي‪ ،‬الذي سينتهي العمل به في آخرالسنة الجارية‪ ،‬بالنسبة لالستثمارات الفالحية الكبرى‪ ،‬وسوف‬
‫نحتفظ بسريان هذا االستثناء‪ ،‬على الفالحة املتوسطة والصغرى‪''.149‬‬

‫وإذا كانت الخطب امللكية هي الوسيلة التي يلجأ إليها امللك ملخاطبة الشعب بشكل مباشر ‪ ،‬فإن‬
‫الرسائل امللكية هي رسائل موضوعية‪ ،‬غالبا ما يوجهها امللك إلى املشاركين في بعض امللتقيات الوطنية‬
‫والدولية ذات األهمية كاملؤتمرات والندوات واملناظرات‪ ،‬وعلى عكس الخطب امللكية التي تتميز‬
‫بالعمومية والشمول‪ ،‬فالرسائل امللكية تتسم في مقابل ذلك بالتخصص في املوضوع الذي ألقيت في‬
‫إطاره الخاص‪ ،150‬وكمثال على ذلك‪ :‬الرسالة امللكية التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة‬
‫الوطنية األولى للجهوية املتقدمة سنة ‪ 2019‬املنعقدة بأكادير‪.151‬‬

‫‪ 148‬مقتطف من الكلمة التي ألقاها امللك محمد السادس بالجرف األصفر أمام رؤساء غرف التجارة والصناعة ورؤساء املكاتب الوطنية وعدد‬
‫من الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬بتاريخ ‪ 25‬شثنبر ‪ ،2000‬منشورة على موقع البوابة الوطنية للجماعات الترابية ‪ www.pncl.gov.ma‬تاريخ االطالع‬
‫‪ 28.04.2021‬على الساعة ‪ 22:00‬ليال‪.‬‬
‫‪ 149‬مقتطف من الخطاب امللكي الذي وجهه امللك محمد السادس إلى األمة بمناسبة ذكرى ‪ 14‬لعيد العرش‪ ،‬بتاريخ الثالثاء ‪ 30‬يوليوز‪،2013‬‬
‫منشور على موقع البوابة الوطنية ‪ www.maroc.ma‬تاريخ االطالع ‪ 28.04.2021‬على الساعة ‪ 23:00‬ليال‪.‬‬
‫‪150‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪30‬‬
‫‪ 151‬الرسالة التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية األولى للجهوية املتقدمة‪ ،‬بتاريخ الجمعة‬
‫‪ 20‬دجنبر ‪ ،2019‬منشورة على موقع البوابة الوطنية ‪ www.maroc.ma‬تاريخ االطالع ‪ 28.04.2021‬على الساعة ‪ 23:30‬ليال‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ثالثا‪ :‬تبعية التقنوقراط للمؤسسة امللكية‬
‫يعود مفهوم التقنوقراط في أصله إلى املجتمع اليوناني‪ ،‬الذي كان يطلقه على الفئات األكثر علما‬
‫وحرفية في مجال تخصصاتهم‪ ،‬ويعني املفهوم‪ ،‬في ذلك املجتمع‪ ،‬معنيين هما لفظ "تقنو" وهو الفني أو‬
‫التقني‪ ،‬و" قراط" وهي كلمة تعبرعن السلطة‪ ،‬وبهذا فاملقصود بلفظ التقنوقراط هو الحكم على أسس‬
‫علمية‪.152‬‬

‫وسيجد املغرب نفسه بعد خروج املستعمر وما رافق ذلك من تحديات بناء الدولة الحديثة‪ ،‬وملء‬
‫الفراغ الذي تركه انسحاب األطرالفرنسية‪ ،‬مضطرا للرهان على األطراملغربية سواء تلك املتخرجة من‬
‫املدارس أو املعاهد التي أقامتها الدولة آنذاك‪ ،‬أو تلك التي تلقت تعليمها في الخارج‪ ،‬فتشكلت بالتالي‬
‫النواة األولى لفئة التقنوقراط باملغرب‪ ،153‬وإن التأمل في التاريخ العائلي املغربي يوضح بما ال يدع مجاال‬
‫للشك أن آباء هؤالء التقنوقراطيين وأجدادهم‪ ،‬قد ظلوا يمنحون خدماتهم للدولة املخزنية بدون‬
‫انقطاع منذ القرن ‪ 16‬ويمدونها بالنخبة الحاكمة من وزراء ودبلوماسيين وكتاب وسياسيين ورجال دين‪..‬‬
‫ينفي الفكرة القائلة بتعدد الطرق لولوج السلطة باملغرب في ظل هذه البنية الجامدة‪ ،‬وإذا ما نظرنا إلى‬
‫الطبقة املهيمنة على كفة الحكم في البالد سنالحظ أن األمر يقتصر على أقلية تتوارث الحكم فيما‬
‫بينها‪ ،154‬وقد ولدت ونمت فئة التقنوقراط في حضن امللكية التي راهنت عليها كإحدى أدواتها املفضلة‬
‫لتحقيق رهان الضبط األمني واالجتماعي‪ ،‬وساهم غياب املؤسسات الديمقراطية وضعف املراقبة‬
‫السياسية إلى توسع دور جهاز التقنوقراط الذي وجد نفسه عمليا املسؤول الوحيد عن بلورة‬
‫االختيارات الضريبية للمركزالقراري ( امللكية ) و العمل على تنفيذها‪.155‬‬

‫رابعا‪ :‬حق طلب قراءة جديدة في مشاريع ومقترحات القوانين وحق إصدارالقوانين‬
‫تتمتع امللكية بأداة دستورية مهمة وهي تتجلى في حق املطالبة من مجلس ي البرملان أن يقرآ قراءة‬
‫جديدة في كل مشروع أو مقترح قانون بما في ذلك مشاريع ومقترحات القوانين التي تهم املجال الضريبي‪،‬‬
‫وتطلب القراءة الجديدة بخطاب ملكي‪ ،‬وال يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة‪ .156‬وال يحدد‬

‫‪ 152‬عالء الدربالي‪ :‬دور التقنوقراط في صناعة السياسات العمومية في املغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪،‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ ،2015-2014‬ص‪6‬‬
‫‪ 153‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ 154‬عالء الدربالي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪53‬‬
‫‪ 155‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪94-93‬‬
‫‪ 156‬الفصل ‪ 95‬من دستور ‪2011‬‬

‫‪42‬‬
‫الدستور املهلة الزمنية لهذه القراءة الجديدة‪ ،‬ولكن طلب امللك يؤدي إلى تعليق مقدمة القانون‪ ،‬لذا‬
‫ليس أمام البرملان والحكومة أي خيارسوى املباشرة بقراءة جديدة‪.157‬‬

‫ويتدخل امللك في مسلسل اإلنتاج التشريعي‪ ،‬وفي نفس الن يمارس املراقبة على العمل البرملاني‪ ،‬عن‬
‫طريق سلطة إصدارالقوانين‪ ،‬بحيث جاء في الفصل ‪ 50‬من الدستور الحالي " يصدرامللك األمر بتنفيذ‬
‫القانون خالل الثالثين يوما التالية إلحالته إلى الحكومة بعد تمام املوافقة عليه‪ ،‬وينشر القانون الذي‬
‫صدراألمربتنفيذه‪ ،‬بالجريدة الرسمية للمملكة‪ ،‬خالل أجل أقصاه شهرابتداء من تاريخ ظهيرإصداره"‪.‬‬
‫وعملية اإلصدار تعتبر بمثابة اإلعالن عن ميالد النصوص القانونية بعد مرورها من كافة املستويات‬
‫وخروجها من املستوى التشريعي وقابليتها للدخول إلى املستوى التطبيقي‪ ،‬لهذا يشكل غياب اإلصدار‬
‫فقدان النص القانوني لوجوده‪.158‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكومة كأداة تنفيذية للقرارالضريبي‬


‫تأتي الحكومة في النسق السياس ي املغربي في الطابق الثاني داخل الجهاز التنفيذي بعد املؤسسة‬
‫امللكية‪ ،‬مما يجعل كل السلطات التي تتوفر عليها بالضرورة مفوضة لها‪ ،159‬وبذلك ظلت تشكل العبا‬
‫تابعا في صناعة القرار السياس ي العام للبالد بما في ذلك القرارالضريبي‪ ،‬نظرا للطبيعة الرئاسية لنظام‬
‫الحكم‪ ،‬التي تجعل من املؤسسة امللكية الفاعل املركزي في بلورة وصناعة القرارات التنفيذية التي تهم‬
‫املجال الضريبي‪ ، 160‬وتجعل من الحكومة مجرد جهاز للتسييروليس التقرير‪ ،‬ما دام أن منبع السلطة ال‬
‫يكمن فيها وإنما ينعكس عليها من خالل سلطة أعلى منها‪.161‬‬

‫وتتمتع الحكومة من أجل بلوغ اإلرادة امللكية واختياراتها بمجموعة من الليات كحق التصور‬
‫والتنسيق والتنفيذ كما نص على ذلك الدستور‪ ،‬غير أنه غالبا ما يعترض العمل الحكومي معوقات من‬

‫‪ 157‬محمد مدني وآخرون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪42-41‬‬


‫‪158‬رشيد حجبي‪ :‬قراءة في املداوالت البرملانية حول الضريبة على الدخل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ -‬عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ ،2003-2002‬ص‪264‬‬
‫‪ 159‬البازل بدر‪ :‬السياسة الضريبية باملغرب دراسة سوسيو‪-‬سياسية للنفقات الجبائية العقارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ ،2007-2006‬ص‪78‬‬
‫‪ 160‬عبد اإلله السطي‪ :‬صناعة القرار السياس ي‪ ،‬بحث في املؤسسة واملؤسساتية بالنظام السياس ي باملغرب‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪،‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬طبعة ‪ ،2017‬ص‪84‬‬
‫‪ 161‬البازل بدر‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪78‬‬

‫‪43‬‬
‫أهمها ضعف االنسجام داخل الفريق الحكومي‪ ،‬وعمل اإلدارة الذي يعتبر عقلنة للعمل الحكومي‪،162‬‬
‫باإلضافة إلى تداخل السياس ي والتقني من حيث املهام واالنتماءات بالنسبة لكل وزير‪.163‬‬

‫وبالنظر لعدة اعتبارات منها القانوني والعملي فإن املصالح اإلدارية الواقعة تحت إشراف الوزير‬
‫املكلف باملالية تلعب دورا محوريا في عملية صناعة القرار الضريبي (أوال)‪ ،‬هذا‪ ،‬ويعمل الوزير املكلف‬
‫باملالية تحت إشراف السيد رئيس الحكومة الذي يسهرعلى تنسيق النشاط الوزاري (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الدور املهيمن للوزيراملكلف باملالية في صناعة القرارالضريبي‬


‫يقوم الوزيراملكلف باملالية بدور أساس ي في تنفيذ التوجيهات امللكية في املجال املالي والضريبي‪ ،‬فوزير‬
‫املالية يعتبر نفسه عضوا في حكومة جاللة امللك ال حكومة رئيس الحكومة على اعتبار أن هذا األخير ال‬
‫يقود العمل الحكومي‪ ،‬بل يقتصر دوره على تنسيق النشاط الوزاري طبقا للتعليمات امللكية‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعله في خدمة االختيارات امللكية أكثر من خدمة التشكيلة الحكومية أو البرنامج الحزبي الذي‬
‫ينتمي إليه‪ ،164‬وهذا ما يجعل املؤسسة امللكية تعمل على فصل وزارة املالية عن رئيس الحكومة‪ ،‬حيث‬
‫تبدوا امللكية في هذا الصدد غيرمتحمسة إلعادة تجربة ( الوزير األول‪-‬وزيراملالية ) أو ( رئيس الحكومة‪-‬‬
‫وزيراملالية ) من نفس الحزب‪ ،‬منذ إقالة حكومة عبد الرحمان اليوسفي سنة ‪ ،2002‬هذا دون أن ننس ى‬
‫تجربة اليسار األولى في املغرب وثنائية "عبد هللا إبراهيم‪ -‬عبد الرحيم بوعبيد''‪ ،‬وامللكية أضحت تعمل‬
‫على فصل وزارة املالية عن رئيس الحكومة‪.165‬‬

‫وبالرغم من أن وزيراملالية ال يتمتع قانونا بمركزأفضل وأسبق من باقي الوزراء الخرين فدوره مهم‪،‬‬
‫وهو يتمتع من الناحية العملية بسلطة مهمة في مسطرة تحضير وصياغة النص القانوني الذي يهم‬

‫‪ 162‬بالرغم من تنصيص املشرع الدستوري في الفصل ‪ 89‬من الوثيقة الدستورية لسنة ‪ ،2011‬على كون اإلدارة موضوعة تحت تصرف‬
‫الحكومة‪ ،‬كما أن هذه األخيرة تمارس اإلشراف والوصاية على املؤسسات واملقاوالت العمومية‪ ،‬فإن اإلدارة عمليا غير تابعة للحكومة بل إلى‬
‫امللك‪.‬‬
‫‪ 163‬سيدي األشكل‪ :‬القرار والنشاط العام باملغرب " مساهمة في دراسة الثابت واملتغير في السيرورة القرارية"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جماعة القاض ي عياض‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009‬ص‪148‬‬
‫‪ 164‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪78‬‬
‫‪ 165‬املنتصر السويني‪ :‬الدستور املالي والنموذج التدبيري الجديد باملغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،2019 ،‬‬
‫ص‪131-130‬‬

‫‪44‬‬
‫املجال الضريبي‪ ،‬وهذا الدور املهيمن نابع بالدرجة األولى من كون كل اإلدارات املالية واالقتصادية‬
‫مرتبطة عضويا بوزارة املالية‪.166‬‬

‫فحسب املادة ‪ 1‬من مرسوم ‪ 2008‬املتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد واملالية‪ ،167‬يتولى‬
‫الوزير املكلف باملالية إعداد السياسة الجبائية والجمركية وتنفيذها‪ ،‬وكذا ضمان تحصيل املوارد‬
‫العمومية ‪.. .‬الخ‪ .‬ويراعي في ذلك االختصاصات املنوطة برئيس الحكومة بشأن تنسيق وتتبع السياسة‬
‫الحكومية في مجال العالقات مع املؤسسات التابعة ملجموعة البنك الدولي‪.‬‬

‫ومن اإلدارات املهمة املرتبطة عضويا بوزارة االقتصاد واملالية‪ ،‬نجد كل من املديرية العامة‬
‫للضرائب‪ ،‬الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬وإدارة الجمارك والضرائب غيراملباشرة‪.‬‬

‫‪ -1‬املديرية العامة للضرائب‬

‫تتولى املديرية العامة للضرائب تنفيذ السياسة الجبائية طبقا لتوجيهات وزير االقتصاد واملالية‪،‬‬
‫ويعهد إليها القيام بما يلي‪:168‬‬

‫‪ -‬تقديم كل اقتراح‪ ،‬والقيام بكل دراسة من شأنها توضيح االختيارات االستراتيجية للوزير في املجال‬
‫الضريبي؛‬
‫‪ -‬دراسة وإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الطابع الضريبي؛‬
‫‪ -‬دراسة وإعداد مشاريع االتفاقيات الجبائية املبرمة بين اململكة وسائر الدول األجنبية والسهر على‬
‫تطبيق التشريع املتعلق بها؛‬
‫‪ -‬ربط العالقات مع املنظمات الدولية في املجال الضريبي؛‬
‫‪ -‬دراسة وإعداد ونشر املذكرات الدورية التطبيقية بالنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الطابع‬
‫الضريبي؛‬
‫‪ -‬تحصيل الرسوم والضرائب الداخلة في اختصاص املديرية العامة للضرائب‪ ،‬وتدبير املحاسبة‬
‫الخاصة بها‪ ..‬إلى غيرها من االختصاصات املحددة في املادة ‪ 8‬من مرسوم ‪ 2008‬املتعلق بشأن تنظيم‬
‫وزارة االقتصاد واملالية‪.‬‬

‫‪ 166‬رشيد املساوي‪ :‬املالية العامة‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،2017 ،‬ص‪110‬‬
‫‪167‬مرسوم رقم ‪ 2.07.995‬الصادر في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد واملالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪5680‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 6‬نوفمبر ‪.2008‬‬
‫‪ 168‬املادة ‪ 8‬من املرسوم السابق الذكر‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -2‬الخزينة العامة للمملكة‬

‫تتولى الخزينة العامة للمملكة طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل القيام بما يلي‪:169‬‬

‫‪ -‬إعداد مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية املتعلقة باملحاسبة العمومية‪ ،‬ومراقبة االلتزام‬
‫بنفقات الدولة‪،‬وبتحصيل الديون العمومية‪ ،‬وبالسهر على تطبيق األنظمة املرتبطة بهذا امليدان؛‬
‫‪ -‬مراقبة وتنفيذ العمليات املرتبطة باملداخيل (‪)...‬؛‬
‫‪ -‬حفظ محفظة الدولة ‪...‬إلى غيرها من االختصاصات املنصوص عليها في املادة ‪ 7‬من املرسوم السابق‬
‫الذكر‪.‬‬
‫‪ -3‬إدارة الجمارك والضرائب غيراملباشرة‬

‫تمارس في املجال الضريبي املهام واالختصاصات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تتولى تطبيق الضريبة على القيمة املضافة حين االستيراد طبقا ألحكام املدونة العامة للضرائب؛‬
‫‪ -‬دراسة وصياغة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالجمارك‪ ..‬إلى غيرها من‬
‫االختصاصات املنصوص عليها في املادة ‪ 6‬من املرسوم املشارإليه أعاله‪.‬‬

‫عموما‪ ،‬يمكن القول بأن الدور املؤثر الذي يلعبه الوزير املكلف باملالية في صناعة القرار الضريبي‪،‬‬
‫يستلهمه من إشرافه على مجموعة من املديريات البالغة األهمية والتي تشكل قوة اقتراحية ذات‬
‫ثقل كبير في النسق القراري‪ ،‬وصانع حقيقي للقرار في امليدان الضريبي‪ ،‬ومن املهم اإلشارة إلى أن‬
‫للوزير املكلف باملالية "اختصاص رسمي" التخاذ القرارات التي تنتجها تلك املديريات في املجال‬
‫الضريبي‪.170‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور رئيس الحكومة في صناعة القرارالضريبي‬


‫أضحى رئيس الحكومة في النسق السياس ي املغربي يتمتع بهامش كبير من الصالحيات الدستورية‬
‫التي تخول له رئاسة السلطة التنظيمية‪ ،‬واملشاركة في ممارسة السلطة التنفيذية هووفريقه الحكومي‪،‬‬
‫وتنفيذ البرنامج الحكومي واإلشراف والوصاية على املؤسسات واملقاوالت العمومية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫توسيع الدستور الحالي ملجال التداول داخل املجلس الحكومي‪ ،‬األمر الذي جعل هذه املؤسسة تحتل‬

‫‪ 169‬املادة ‪ 7‬من املرسوم السابق الذكر‪.‬‬


‫‪ 170‬عصام قرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪50-49‬‬

‫‪46‬‬
‫مكانة متقدمة داخل النظام السياس ي املغربي تتجاوز مكانتها االعتبارية في الدساتيرالسابقة على دستور‬
‫‪2011.171‬‬

‫فرئيس الحكومة أصبح يقود العمل الحكومي عن طريق استحواذه على سلطة املبادرة‪ ،‬إذ كثيرا ما‬
‫نجده يتحكم في اتخاذ بعض القرارات بحكم توفره على جهازإداري موضوع رهن تصرفه‪ ،‬وكذا عن طريق‬
‫التنسيق بين مختلف األجهزة الوزارية‪ ،‬وقد نجد أن املبادرة التي أدت إلى صدور القرار قد انبثقت منه‬
‫أو عن بعض األجهزة التي توجد تحت إشرافه‪.172‬‬

‫وينص الفصل ‪ 92‬من الدستور الحالي على أن رئيس الحكومة يرأس مجلس الحكومة الذي يتداول‬
‫في السياسة العامة للدولة أو السياسات العمومية والسياسات القطاعية وكذا مشروع قانون املالية‪،‬‬
‫وقد ميزهذا الفصل بين نوعين من التداول‪:‬‬

‫‪ -‬من جهة‪ ،‬تداول يفيد التشاور واملناقشة املفضيين إلى اتخاذ القرار النهائي‪ ،‬دونما إحالة لتلك‬
‫النصوص والقضايا على أنظار املجلس الوزاري للبت النهائي فيها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يتمتع مجلس الحكومة‬
‫في هذه الحالة بصبغة تقريرية ومستقلة عن املجلس الوزاري‪ ،‬الذي كان قبل دستور ‪ 2011‬يقرر في‬
‫كل ما يعرض على مجلس الحكومة‪. 173‬‬
‫‪ -‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تداول يفيد التشاور املفض ي إلى اتخاذ مجرد قرار تمهيدي في النصوص والقضايا‬
‫املعروضة عليه‪ ،‬والتي ال تكتس ي طابعا تقريريا‪ ،‬وإنما تحتاج إلى ضرورة عرضها على أنظار املجلس‬
‫الوزاري بقصد البت النهائي فيها‪.174‬‬

‫وتؤكد املادة ‪ 46‬من القانون التنظيمي املنظم لقوانين املالية‪ 175‬على أن إعداد مشاريع القوانين‬
‫املالية تتم تحت سلطة رئيس الحكومة‪ ،‬فهذا األخير يسهر على تحديد االستراتيجية املالية للدولة بناء‬
‫على الفرضيات واالختيارات التي أعدها وزير املالية‪ ،‬ويلعب رئيس الحكومة وظيفة التحكيم في‬

‫‪ 171‬عبد اإلله سطي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪85‬‬


‫‪ 172‬محمد بوجنون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪57‬‬
‫‪173‬أحمد أعراب‪ " :‬االرتقاء بالحكومة إلى جهاز تنفيذي فعلي قراءة في الفصل ‪ 92‬من الدستور"‪ ،‬نظام الحكم في املغرب استمرارية أم انتقال إلى‬
‫الديمقراطية؟‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،50-49‬دون ذكر سنة النشر‪ ،‬ص ‪110‬‬
‫‪ 174‬أحمد أعراب‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪111-110‬‬
‫‪ 175‬القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬املنظم لقانون املالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.62‬الصادر في ‪ 2‬يونيو ‪ ،2015‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،6370‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪.2015‬‬

‫‪47‬‬
‫الخالفات التي قد تنشأ بين وزيراملالية وباقي الوزراء‪ ،‬وهذا التحكيم يتم خالل جلسات مجلس الحكومة‬
‫كما يمكن أن يكون سابقا عليه‪.176‬‬

‫ويظهردور رئيس الحكومة في املجال الضريبي أيضا‪ ،‬من خالل التصريحات الحكومية التي يتقدم بها‬
‫هذا األخير في هذا املجال‪ ،‬وكمثال على ذلك‪ :‬تصريح " عفا هللا عما سلف" للسيد رئيس الحكومة "عبد‬
‫اإلله بن كيران" بعد إطالق املساهمة اإلبرائية سنة ‪ 2014‬برسم املمتلكات واملوجودات املنشآة بالخارج‬
‫واملتعلقة بالصرف والجبايات‪ ،‬بقصد العفو عن املتهربين من أداء الضرائب ومهربي األموال‪.177‬‬

‫كما نستشف دور رئيس الحكومة في املجال الضريبي‪ ،‬من خالل الكلمات التي يتقدم بها في هذا‬
‫املجال‪ ،‬وكمثال على ذلك كلمة السيد رئيس الحكومة "سعد الدين العثماني" بمناسبة انعقاد املناظرة‬
‫الوطنية الثالثة حول الجبايات‪ ،‬والتي تحدث فيها عن الحاجة اليوم إلى املراجعة الشاملة واملتأنية‬
‫والعميقة للنظام الضريبي الوطني‪.178‬‬

‫ومحدودية تدخل الحكومة في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬وضعف تأثيرها‪ ،‬يأتي من طبيعة األداء‬
‫الحكومي الذي ال يعكس الصورة الحقيقية للمطالب الرئيسية بقدر ما يعبر عن إجابات آنية ملشاكل‬
‫الساعة والتي تكون محكومة سلفا باإلرادة امللكية‪ ،‬فيكون الهدف من ذلك هو خلق زبائن جدد أو دعم‬
‫الزبائن القدامى للنظام‪ ،179‬كما يرجع الضعف إلى كون أعضاء الحكومة في النسق السياس ي املغربي‬
‫يرتبطون بشخص امللك‪ ،‬وبناء عليه فالشخص املعين بهذا املنصب يعتبرخادما قبل أن يكون وزيرا حتى‬
‫وإن كان ينتمي لهيئة سياسية معينة‪ ،‬فأعضاء الحكومة بعد تعيينهم يعملون على تنفيذ برنامج حكومي‬
‫موضوع سلفا‪ 180‬أال هو"البرنامج امللكي"‪ ،‬وهم ال يمتلكون القدرة على ضبط تفاصيله‪ ،‬وعليهم أن يدبروا‬
‫قدراملستطاع تداعيات خيارات لم يشاركوا في تحديدها‪ ،‬ولم تخضع أبدا للنقاش العمومي‪ ،‬إنه برنامج‬
‫البالد‪ ،‬ألنه برنامج امللك‪.181‬‬

‫‪176‬رشيد املساوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪113-112‬‬


‫‪ 177‬مريم بوتورات‪" :‬الحكومة تطلق حملة '' عفا هللا عما سلف" للمتهربين من الضرائب ومهربي األموال"‪ ،‬مقال منشور على موقع الدار‬
‫اإللكتروني ‪ www.aldar.ma‬تاريخ الزيارة ‪ 02.05.2021‬على الساعة ‪ 10:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 178‬كلمة السيد رئيس الحكومة بمناسبة انعقاد املناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات‪ ،‬منشورة على موقع رئيس الحكومة‬
‫‪ www.cg.gov.ma‬تاريخ الزيارة ‪ 02.05.2021‬على الساعة ‪ 11:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 179‬سيدي األشكل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪150‬‬
‫‪ 180‬م ن‪ ،‬ص‪149‬‬
‫‪ 181‬نجيب أقصبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪108‬‬

‫‪48‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬القرارالضريبي بين سيادة التشريع ومصالح جماعات‬
‫الضغط‬
‫إن االختصاص الحصري للبرملان يعتبر إحدى املبادئ األساسية للقانون العام التي تكمن في سلطة‬
‫فرض الضريبة كإحدى تجليات ممارسة السيادة‪ ،‬أي سلطة سن القانون وإعطاء األمر بتنفيذه‪،182‬‬
‫ويجد االختصاص البرملاني في املادة الضريبية أساسه في املبدأ املعروف بقبول الضريبة‪ ،‬باعتبارالبرملان‬
‫املمثل الشرعي للشعب‪ ،‬فإنه يحوز السيادة في املادة الضريبية‪ ،‬وتعود له سلطة قبول أو رفض‬
‫الضريبة‪ ،183‬ودراسة مسلسل اتخاذ القرارالضريبي عبرالقنوات البرملانية والسياسية‪ ،‬ال يكفي لإلحاطة‬
‫الشاملة بمجموع الفاعلين املتدخلين في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬إذ ال بد من استحضار باقي الفاعلين‬
‫في صناعة القرارالضريبي‪.184‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬سنحاول في هذا املطلب الوقوف على دور البرملان في صناعة القرار الضريبي في‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬بينما سنخصص ( الفقرة الثانية) للحديث عن دور مجموعات املصالح الداخلية‬
‫والخارجية في صناعة القرارالضريبي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور البرملان في صناعة القرارالضريبي‬


‫ترتبط فكرة البرملان بتاريخ الدول الغربية وبمسألة البت في مالية الدولة‪ ،‬حيث كان أمراء وملوك‬
‫القرون الوسطى يركزون على دعم البرملان ومساندته لفرض الضرائب‪ ،‬كما شكل وسيلة لتقييد‬
‫سلطات امللكية املطلقة وإضعافها‪ ،185‬وكلمة برملان مشتقة من لفظة فرنسية‪ ،‬تعني الكالم‬
‫(‪ )parlement‬وقد تعددت املصطلحات التي تدل عليه في السياسة (املؤتمر التشريعي‪ ،‬الهيئة‬
‫التشريعية‪ ،‬املجلس الوطني‪ ،‬الجمعية الوطنية)‪ .186‬ويعرف األستاذ " محمد بن شاكر الشريف "‬
‫البرملان‪ :‬بكونه تلك الهيئة التي تضم عددا قليال جدا من أفراد الشعب الذين يرتبطون تحت مسمى‬
‫الدولة بوصفهم نوابا عن الشعب وممثلين له‪ ،‬وهي املسماة –الهيئة‪ -‬أيضا باملجالس النيابية‪ .‬وتختلف‬
‫هذه املجالس باختالف األنظمة املتعاقبة في البلد الواحد‪ ،‬والبرملان هو املقصود بالسلطة التشريعية في‬

‫‪ 182‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪63‬‬


‫‪ 183‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪131‬‬
‫‪ 184‬محمد شكيري‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪72‬‬
‫‪ 185‬املختار مطيع‪ :‬القانون البرملاني املغربي ( دراسات ووثائق)‪،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2004‬ص ‪11‬‬
‫‪ 186‬خميس البدري‪ :‬مفهوم البرملان‪ ،‬مدخل تاريخي مبسط‪ ،‬مقال منشور على موقع مدارك ‪ www.madarik.org‬تاريخ الزيارة ‪ 12.11.2019‬على‬
‫الساعة التاسعة صباحا‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫النظام السياس ي املعاصر‪ .187‬هذا‪ ،‬ونجد تعريفا آخرللسيد " غريغباور " حيث عرفه بكونه ذلك الجهاز‬
‫الفريد من نوعه‪ ،‬الذي يتكون من رجال ونساء انتخبوا لتمثيل الشعب وهم يعتمدون القوانين‬
‫ويخضعون الحكومة للمساءلة‪ ،‬لذلك يمثل املؤسسة املركزية للديمقراطية ويشكل تعبيرا عن سيادة‬
‫كل أمة‪. 188‬‬
‫وارتبط ميالد البرملان املغربي‪ ،‬حسب األستاذ "محمد معتصم ''‪ ،‬بكونه قد ولد في أحضان امللكية‬
‫بواسطة دستور وضعته بيدها ويعد تجديدا لبيعتها ( دستور ‪ 11‬دجنبر ‪ ،)1962‬األمر الذي يجعل‬
‫البرملان ال يتوفرإال على مشروعية ديمقراطية (انتخابية)‪ ،‬في الوقت الذي يفتقرفيه إلرث تاريخي يجعل‬
‫منه مكانا للسلطة والتمثيل الشعبي‪ ،189‬وتبعا لدستور ‪ 1962‬تشكل أول برملان في تاريخ املغرب امتدت‬
‫واليته التشريعية األولى من سنة ‪ 1963‬إلى سنة ‪ ،1965‬وقد تشكل من مجلسين‪ :‬مجلس النواب والذي‬
‫كان يضم ‪ 144‬عضوا انتخبوا باالقتراع العام املباشر ملدة أربع سنوات‪ ،‬ومجلس املستشارين الذي‬
‫تشكل من ‪ 120‬عضوا انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر على أساس تجديد نصف املجلس كل ثالث‬
‫سنوات‪ ،190‬فقبل سنة ‪ 1963‬لم يكن يعرف املغرب برملانا باستثناء تجربة املجلس الوطني االستشاري‬
‫الذي أحدثه امللك في ‪ 3‬غشت ‪ 1956‬وقد امتدت تجربته إلى سنة ‪ ، 1959‬غيرأن تجربته لم تشهد تراكما‬
‫كفيال بتحويله إلى برملان يمتلك سلطة تقريرية‪ ،‬حيث ظل طيلة تجربته مجلسا استشاريا للملك ال يتمتع‬
‫بأي وظيفة تقريرية أو تشريعية‪ ،‬فهو عبارة عن مجلس استشاري معين يدلي برأيه في امليزانية العامة‬
‫للدولة‪ ،‬كما يستشار في جميع القضايا السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي تعرض عليه‪ ،‬وما كان‬
‫يعاب على هذا املجلس هو ارتباطه بامللكية سواء من حيث تعيين أعضائه‪ ،‬أو إعفائهم‪ ،‬أو من حيث حل‬
‫املجلس‪ ،‬أو إيقاف دوراته من قبل امللك‪.191‬‬

‫وقد تكون البرملان املغربي في النظام السياس ي املغربي من مجلسين‪ ،‬مجلس النواب ومجلس‬
‫املستشارين في الوالية التشريعية األولى ( ‪ )1963-1965‬كما أشرنا إلى ذلك أعاله‪ ،‬أما في الوالية‬

‫‪ 187‬محمد بن شاكر الشريف‪ :‬املشاركة السياسية في البرملان والوزارة – عرض ونقد‪،-‬بدون ذكر دار النشر وتاريخ الطبعة‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪188‬غريغباور‪ :‬التقرير البرملاني العالمي‪ ،‬طبعة التمثيل البرملاني املتغيرة‪ ،‬منشورات األمم املتحدة‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪9‬‬
‫موجود على موقع ‪ www.dp.org‬تاريخ الزيارة ‪ 04.05.2021‬على الساعة ‪ 10:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 189‬أورده‪ :‬رشيد املدور‪،‬البرملان على ضوء مستجدات الدستور‪ ،‬دفاتر في القانون البرملاني املغربي‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مطبعة شمس برينت‪-‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬ص ‪41-40‬‬
‫‪ 190‬عبد املجيد مصدق‪:‬كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء‪ ،‬جريدة الطريق األسبوعية‪ ،‬البرملان وإشكالية التشريع باملغرب‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2020 ،335‬ص‪17‬‬
‫‪ 191‬مولود اسباعي‪ :‬التشريع الوضعي باملغرب‪ ،‬قراءة في حصيلة أزيد من مائة سنة (‪ ،)1913-2016‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2020 ،‬ص‪39‬‬

‫‪50‬‬
‫التشريعية الثانية (‪ ،)1971 -1970‬فقد تشكل البرملان من غرفة واحدة بعد دستور ‪ ،1970‬وكان مجلس‬
‫النواب يضم ‪ 240‬عضوا انتخب ‪ 90‬منهم باالقتراع العام املباشر‪ ،‬و‪ 90‬من ممثلي الجماعات املحلية‪،‬‬
‫و‪ 60‬من الغرف املهنية‪ ،‬وفي الوالية التشريعية الثالثة ( ‪ ) 1977-1983‬وبعد دستور ‪،1972‬فقد حافظ‬
‫البرملان على نظام الغرفة الواحدة‪ ،‬حيث تكون مجلس النواب من ‪ 264‬عضوا‪ 176 :‬منهم تم انتخابهم‬
‫باالقتراع العام املباشر‪ ،‬بينما ثم انتخاب ‪ 88‬منهم باالقتراع الغير املباشر‪ .‬ونظام البرملان بغرفة واحدة‬
‫عرفته أيضا الوالية التشريعية الرابعة ( ‪ ،192) 1984-1992‬حيث تكون مجلس النواب من ‪ 306‬عضوا‬
‫انتخب ‪ 204‬منهم باالقتراع العام املباشر‪ ،‬و‪ 60‬من مستشاري الجماعات املحلية‪ ،‬و‪ 42‬من منتخبي‬
‫الغرف املهنية‪ .‬ونظام البرملان بغرفة واحدة حافظ عليه دستور ‪ ،1992‬ومعه الوالية التشريعية‬
‫الخامسة (‪ ،) 1993-1997‬حيث تكون مجلس النواب من ‪ 333‬عضوا‪ 222 ،‬انتخبوا باالقتراع العام‬
‫املباشر‪ ،‬و‪ 111‬عضوا باالقتراع غير املباشر من لدن هيئة ناخبة تألفت من أعضاء املجالس الحضرية‬
‫والقروية ومن لدن هيآت تألفت من املنتخبين في الغرف املهنية وممثلي املأجورين‪.193‬‬

‫أما الوالية التشريعية السادسة ( ‪ ،)1997-2002‬والتي جاءت بعد دستور ‪ 1996‬الذي أصبح معه‬
‫البرملان يتكون من مجلسين‪ :‬مجلس النواب ومجلس املستشارين‪ ،‬وأخذ البرملان بنظام الغرفتين‪ ،‬وقد‬
‫تشكل مجلس النواب من ‪ 325‬عضوا‪ ،‬انتخبوا باالقتراع العام املباشر‪ ،‬وتحددت مدة واليته في ‪5‬‬
‫سنوات‪ ،‬بينما تشكل مجلس املستشارين من ‪ 270‬عضوا انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر ملدة ‪9‬‬
‫سنوات‪ .194‬أما فيما يتعلق بالوالية التشريعية السابعة ( ‪ ،) 2002-2007‬وهي الوالية التشريعية الثانية‬
‫في ظل دستور ‪ ،1996‬فقد احتفظت بنظام البرملان بغرفتين‪ ،‬وبنفس تشكيلة الوالية التشريعية‬
‫السادسة‪ .195‬و احتفظت الوالية التشريعية الثامنة ( ‪ ،) 2007-2011‬على نظام البرملان بغرفتين‪ ،‬وتبعا‬
‫لذلك‪ ،‬تكون مجلس النواب من ‪ 325‬عضوا‪ ،‬انتخبوا باالقتراع العام املباشرملدة ‪ 5‬سنوات‪ 295 ،‬عضوا‬

‫‪ 192‬خالل هذه الوالية تم إصدار قانون الرفع من الحد األدنى املعفى من االقتطاعات الضريبية على األجور‪ ،‬إضافة إلى صدور قانون الضريبة‬
‫على القيمة املضافة سنة ‪ ،1986‬وقانون الضريبة على الشركات سنة ‪ ،1988‬وقانون الضريبة العامة على الدخل سنة ‪ ،1990‬كما عرفت هذه‬
‫الوالية إصدار قانون التنظيم املالي للجماعات املحلية‪ ،‬وقانون متعلق بالرسوم الجماعية‪ ،‬وقانون يحدد بموجبه نظام الضرائب املستحقة‬
‫للجماعات املحلية وهيئاتها‪ ،‬قانون متعلق بالضريبة الحضرية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 15.85‬املتعلق باتخاذ تدابير للتشجيع على االستثمارات العقارية‪،‬‬
‫إضافة إلى قانون االقتطاعات من البتانتا لصالح الغرف املهنية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬لالستزادة يراجع‪ :‬مولود اسباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪95-94‬‬
‫‪ 193‬عبد املجيد املصدق‪ :‬كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 17‬و‪18‬‬
‫‪ 194‬مولود اسباعي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪131-130‬‬
‫‪195‬حيث تشكل مجلس النواب من ‪ 325‬عضوا‪ ،‬انتخبوا باالقتراع العام املباشر‪ ،‬وتحددت مدة واليته في ‪ 5‬سنوات‪ ،‬بينما تشكل مجلس‬
‫املستشارين من ‪ 270‬عضوا‪ ،‬انتخبوا باالقتراع العام غير املباشر ملدة ‪ 9‬سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬لالستزادة يراجع‪ - :‬مولود اسباعي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪151‬‬

‫‪51‬‬
‫منهم انتخبوا على صعيد الدوائر االنتخابية املحلية‪ ،‬و‪ 30‬عضوا على الصعيد الوطني‪ .‬أما مجلس‬
‫املستشارين فتكون من ‪ 270‬عضوا‪ ،‬انتخبوا ملدة ‪ 9‬سنوات؛ ثالثة أخماس املجلس انتخبتهم في كل جهة‬
‫من جهات املغرب هيآت ناخبة مكونة من ممثلي الجماعات املحلية‪ ،‬أما الخمسان الباقيان من أعضاء‬
‫املجلس فانتخبتهم بدورهم هيآت ناخبة من املنتخبين في الغرف املهنية‪ ،‬وأعضاء انتخبتهم على الصعيد‬
‫الوطني هيأة ناخبة من ممثلي املأجورين‪.196‬‬

‫أما الوالية التشريعية التاسعة ( ‪ ،) 2011-2016‬وهي الوالية التشريعية األولى في ظل دستور ‪،2011‬‬
‫فقد أستمرالبرملان يعمل بنظام الغرفتين‪ ،‬وقد تشكل مجلس النواب من ‪ 395‬عضوا انتخبوا باالقتراع‬
‫العام املباشرملدة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬أما مجلس املستشارين فقد تشكل من ‪ 120‬عضوا انتخبوا باالقتراع العام‬
‫غيراملباشرملدة ‪ 6‬سنوات‪ ،‬واألمرنفسه استمر في الوالية العاشرة ( ‪ ،) 2016-2021‬وعلى ضوء ما سبق‪،‬‬
‫ومن خالل استقراء الوثيقة الدستورية لسنة ‪ ،2011‬فإن البرملان املغربي في النسق السياس ي يتكون من‬
‫مجلسين‪ :‬مجلس النواب ومجلس املستشارين‪ ،‬ويستمد أعضاؤه نيابتهم من األمة‪ ،‬وحقهم في التصويت‬
‫حق شخص ي ال يمكن تفويضه‪ ،‬كما أن املعارضة تعتبرمكونا أساسيا في املجلسين‪ ،‬وتشارك في وظيفتي‬
‫التشريع واملراقبة‪ ،197‬هذا‪ ،‬وينتخب أعضاء مجلس النواب باالقتراع العام املباشرملدة خمس سنوات‪،‬‬
‫وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبرمن السنة الخامسة التي تلي انتخابهم‪ ،‬وينتخب النواب رئيسا‬
‫للمجلس وأعضاء ملكتبهم‪ ،‬ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها‪ ،‬في مستهل الفترة النيابية‪ ،‬ثم في سنتها‬
‫الثالثة عند دورة أبريل ملا تبقى من الفترة املذكورة‪ ،‬وينتخب أعضاء املكتب على أساس التمثيل النسبي‬
‫لكل فريق‪.198‬‬

‫أما مجلس املستشارين فيتكون من ‪ 90‬عضوا على األقل‪ ،‬و‪ 120‬عضوا على األكثر‪ ،‬ينتخبون‬
‫باالقتراع العام غيراملباشر‪ ،‬ملدة ست سنوات‪ ،‬على أساس التوزيع التالي‪:‬‬

‫‪ -‬ثالثة أخماس األعضاء يمثلون الجماعات الترابية‪ ،‬يتوزعون بين جهات اململكة بالتناسب مع عدد‬
‫سكانها‪ ،‬ومع مراعاة اإلنصاف بين الجهات‪ .‬ينتخب املجلس الجهوي على مستوى كل جهة‪ ،‬من بين‬
‫أعضائه‪ ،‬الثلث املخصص للجهة من هذا العدد‪ ،‬وينتخب الثلثان املتبقيان من قبل هيئة ناخبة‬
‫تتكون على مستوى الجهة‪ ،‬من أعضاء املجالس الجماعية ومجالس العماالت واألقاليم؛‬

‫عبد املجيد مصدق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪18‬‬ ‫‪196‬‬

‫الفصل ‪ 60‬من دستور ‪2011‬‬ ‫‪197‬‬

‫الفصل ‪ 62‬من دستور ‪2011‬‬ ‫‪198‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬خمسان من األعضاء تنتخبهم‪ ،‬في كل جهة‪ ،‬هيئات ناخبة تتألف من املنتخبين في الغرف املهنية‪ ،‬وفي‬
‫املنظمات املهنية للمشغلين األكثر تمثيلية‪ ،‬وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني‪ ،‬هيئة ناخبة‬
‫مكونة من ممثلي املأجورين‪.‬‬

‫وينتخب املستشارين رئيسا للمجلس وأعضاء مكتبهم‪ ،‬ورؤساء اللجان الدائمة ومكاتبها‪ ،‬في مستهل‬
‫الفترة النيابية‪ ،‬ثم عند انتهاء منتصف الوالية التشريعية للمجلس‪ ،‬وينتخب أعضاء املكتب على أساس‬
‫التمثيل النسبي لكل فريق‪.199‬‬

‫وقد عمل املشرع الدستوري على إسناد االختصاص الحصري في املجال الضريبي للبرملان وملجال‬
‫القانون‪ ،‬وهذا األمر ليس حكرا على املغرب بل نجده في عموم التشريعات التي تقرن الفرض الضريبي‬
‫بقبول من يمثل السيادة الشعبية‪ .200‬هذا‪ ،‬ويعتبر إسناد االختصاص الحصري في املجال الضريبي‬
‫للبرملان إحدى املبادئ األساسية للقانون العام التي تكمن في سلطة فرض الضريبة كإحدى تجليات‬
‫ممارسة السيادة‪ ،‬أي سلطة سن القانون‪ ،‬مما يعني االرتباط العضوي بين الضريبة والقانون‪.201‬‬

‫وقد كرس املشرع الدستوري هذا االرتباط العضوي بين الضريبة والقانون‪ ،‬بموجب الفصل ‪ 71‬من‬
‫الدستور الحالي‪ ،‬الذي نص على اختصاص القانون‪ ،‬بالتشريع في النظام الضريبي‪ ،‬ووعاء الضرائب‪،‬‬
‫ومقدارها وطرق تحصيلها‪ ،‬كما نص الفصل ‪ 39‬من دستور ‪ ،2011202‬على أن للقانون وحده أمرإحداث‬
‫وتوزيع التكاليف العمومية‪ ،‬أي أن االختصاص البرملاني يمتد لتحديد القواعد املتعلقة بجميع‬
‫الضرائب والرسوم وجميع املساهمات التي يدفعها املواطنون إلى خزينة الدولة‪.203‬‬

‫والوثيقة الدستورية على العموم تعطي ملؤسسة البرملان عددا من الصالحيات والوسائل التي توحي‬
‫بقدرته على املبادرة واملساهمة في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬فنجد املشرع الدستوري قد أعطى له الحق‬
‫في مناقشة مشاريع القوانين وإدخال التعديالت عليها‪ ،‬إضافة إلى ما أوجد له من آليات للرقابة واملتابعة‪،‬‬

‫‪ 199‬الفصل ‪ 63‬من دستور ‪2011‬‬


‫‪ 200‬س ي محمد البقالي‪ :‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية " محاولة لرصد املرتكزات الدستورية لقانون املالية وامليزانية"‪ ،‬مطبعة البصيرة‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ 2017 ،‬ص‪72‬‬
‫‪ 201‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪63‬‬
‫‪ 202‬ينص الفصل ‪ 39‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي " على الجميع أن يتحمل‪ ،‬كل قدر استطاعته‪ ،‬التكاليف العمومية‪ ،‬التي للقانون وحده‬
‫إحداثها وتوزيعها‪ ،‬وفق اإلجراءات املنصوص عليها في هذا الدستور"‪.‬‬
‫‪ 203‬محمد شكيري‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪64‬‬

‫‪53‬‬
‫والتي تصل إلى حد إثارة املسؤولية السياسية للحكومة‪ ،204‬غير أن الفحص الدقيق الختصاصات‬
‫البرملان املغربي وطريقة اشتغاله تظهرأن املغرب قد كرس مجموعة من القيود التي تحد من صالحياته‬
‫لصالح الجهاز التنفيذي‪ ،205‬كالقيد املتعلق بتقزيم دور البرملان في تحديد القواعد املتعلقة بالتكاليف‬
‫العمومية وحصره في املادة الضريبية بمفهومها الضيق دون أن تشمل بعض الرسوم واملساهمات التي‬
‫تدخل في باب أشباه الضرائب '' ‪ "Parafiscalité‬واالقتطاعات ذات الصبغة االجتماعية‪.206‬‬

‫وباملوازاة مع ذلك‪ ،‬نجد نصوص أخرى تعطي للحكومة صالحية تحضير مشاريع املقتضيات‬
‫الضريبية‪ ،‬حيث ينص الفصل ‪ 78‬من دستور ‪ 2011‬على أن لرئيس الحكومة حق التقدم باقتراح قوانين‬
‫بما فيها تلك التي تهم املجال الضريبي‪ ،‬باإلضافة إلى صالحية الحكومة في التقدم بمشاريع قوانين املالية‪،‬‬
‫طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 75‬من الوثيقة الدستورية‪ ،‬وهي التي تضم في طياتها أهم املقتضيات‬
‫الضريبية‪ ،‬وبالتالي فإن للحكومة صالحيات واسعة في مضامين هذا القانون‪ ،‬أما سلطة البرملان‬
‫بخصوص تعديل املشروع األصلي لهذا القانون فتبقى ضعيفة ومحدودة‪.207‬‬

‫إن سحب بساط االختصاص البرملاني في املجال الضريبي عن طريق مشاريع قوانين املالية ذات‬
‫الطبيعة الحكومية‪ ،‬هوما عملت الحكومة على تكريسه‪ ،‬من خالل املادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي املنظم‬
‫لقوانين املالية رقم ‪ ،130.13‬حيث نصت هذه املادة في فقرتها األخيرة على أنه " ال يمكن تعديل‬
‫املقتضيات الضريبية والجمركية إال بموجب قانون املالية "‪ ،‬وهو األمرالذي اعتبره املجلس الدستوري‬
‫في قراره رقم ‪ 14.950‬م ‪ .‬د‪ ،‬بعد إحالة رئيس الحكومة للقانون التنظيمي عليه‪ ،‬بعدم مطابقة الفقرة‬
‫األخيرة من املادة ‪ 6‬للدستور‪ ،‬بالرغم من كون قوانين املالية تتضمن بطبيعتها مقتضيات ضريبية‬
‫وجمركية‪ ،‬باعتبارها جزءا أساسيا من األحكام املتعلقة باملوارد العمومية التي يعود لقوانين املالية‬
‫وحدها توقعها وتقييمها واإلذن فيها‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن تعديل املقتضيات الضريبية والجمركية‪ ،‬في‬
‫عموميتها‪ ،‬ينحصر في قوانين املالية‪.‬‬

‫‪ 204‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪79‬‬


‫‪ 205‬سيدي األشكل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪158‬‬
‫‪ 206‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪207‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪173‬‬

‫‪54‬‬
‫حيث إن حصر إمكانية تعديل املقتضيات الضريبية والجمركية في قانون املالية حسب قرار املجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬يجعل هذا التعديل خاضعا للشروط والجال املحددة في القانون التنظيمي للمالية‪،‬‬
‫ويفض ي بالتالي‪ ،‬دون سند دستوري‪ ،‬إلى تقييد صالحيات البرملان في التشريع باملجال الضريبي‪.208‬‬

‫وعموما فإن املمارسة العملية تؤكد الضعف الذي يسم عمل البرملان‪ ،‬ومحدودية دوره في اتخاذ‬
‫قرارات مؤثرة‪ ،‬فما تتمتع به الحكومة من صالحيات كابحة للمبادرات التشريعية‪ ،‬إضافة إلى مركزية‬
‫املؤسسة امللكية وتوجيهها لعمل البرملان‪ ،‬يجعل هذا األخير قاصرا عن القيام بدور مستقل ومؤثر‪ ،‬وهو‬
‫ما يظهربجالء في املجال الضريبي‪.209‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور جماعات الضغط في صناعة القرارالضريبي‬


‫إن محدودية دور البرملان في صناعة القرار الضريبي‪ ،‬كجهاز كان من املفروض أن يعكس بصدق‬
‫املواقف الحقيقية لكل الفعاليات املجتمعية‪ ،‬إضافة إلى نقاط االستفهام التي تثارحول مدى تمثيليته‬
‫من وجهة نظر ديمقراطية‪ ،‬وكذا محدودية دور األحزاب السياسية وفعاليتها النسبية وقدرتها املحدودة‬
‫على التأثير أو توجيه القرار الضريبي‪ ،‬تعتبر كلها عوامل ساهمت في صعود مجموعات ممثلة لبعض‬
‫شرائح امللزمين‪ ،‬وتزايد دورها في توجيه القرار السياس ي الضريبي أو التأثير فيه مكونة ما يعرف‬
‫بمجموعات املصالح أو الجماعات الضاغطة‪ ،210‬وهي جماعات تسعى إلى الضغط أو التأثير على‬
‫القائمين على عملية صنع القرارالضريبي لحملهم على تبني سياسات معينة تتفق مع مصالحهم‪ ،‬وكذلك‬
‫حملهم على التخلي عن بعض السياسات أو املواقف التي قد تؤثر بصورة سلبية على مصالح هذه‬
‫الجماعات‪ ،211‬ويسجل باملغرب التواجد النسبي والبارز ملجموعات املصالح االقتصادية واملالية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬ويعد التوجيه والتأثيرعلى صناع القرارالضريبي وفق ما يخدم مصالحها الخاصة‪ ،‬إحدى‬
‫األولويات األساسية املميزة لنشاطها‪ .‬إضافة إلى جماعات الضغط الداخلية‪ ،‬نجد هناك جماعات‬
‫ضغط خارجية تؤثر بدورها على القرار الضريبي من أجل جعله يتماش ى ومصالحها‪ ،‬والحديث هنا عن‬
‫املؤسسات املالية الدولية‪.‬‬

‫‪208‬املجلس الدستوري‪ ،‬قرار رقم‪ 14.950:‬م ‪ .‬د‪ ،‬ملف عدد ‪1406.14‬‬


‫‪ 209‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪79‬‬
‫‪ 210‬توفيق الطاهيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪157-156‬‬
‫‪ 211‬هشام محمود األقدحي‪ :‬اللوبي وجماعات الضغط السياس ي ( صراع املصالح والنفوذ واملال )‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪-‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،2012‬ص‪90‬‬

‫‪55‬‬
‫انطالقا مما سبق‪ ،‬سنتحدث عن دور االتحاد العام ملقاوالت املغرب في صناعة القرارالضريبي ( أوال )‪،‬‬
‫فيما سنتحدث عن الدور الذي تلعبه املؤسسات املالية الدولية في توجيه القرار الضريبي بما يتماش ى‬
‫وتوجهات هذه املؤسسات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور االتحاد العام ملقاوالت املغرب في صناعة القرارالضريبي‬


‫يعد االتحاد العام ملقاوالت املغرب واملعروف في األوساط املغربية باسم " الباطرونا " من النماذج‬
‫األقوى لجماعات الضغط باملغرب‪ ،‬لكونه هيئة تضم رجال املال واألعمال املتحكمين في الحركة‬
‫االقتصادية للبالد‪ ،‬وذلك من خالل تملكها ملعظم الشركات واملقاوالت التجارية والصناعية والعقارية‬
‫على املستوى الداخلي والدولي‪ ،‬مستندة في ذلك على اهتمامها بمجال الضريبة عبر مناقشة اتجاهات‬
‫التصويت ومشاريع قوانين املالية إلى حد إشراكها بأشكال مباشرة وغير مباشرة في صناعة القرار‬
‫الضريبي‪.212‬‬

‫وتعود نشأة االتحاد العام ملقاوالت املغرب ل ‪ 20‬أكتوبر‪ ،1947‬حيث كان يحمل اسم '' االتحاد العام‬
‫ألرباب العمل باملغرب"‪ ،‬ثم بعدها حمل اسم '' االتحاد البيمنهي االقتصادي واالجتماعي"في ‪ 5‬أبريل‬
‫‪ ،1956‬تلتها تسمية '' االتحاد العام االقتصادي املغربي" في ‪ 16‬أبريل ‪،1956‬ثم حمل االسم الحالي‬
‫"االتحاد العام ملقاوالت املغرب" سنة ‪ ،1995‬ويمثل االتحاد اليوم ‪ 900000‬عضوا مباشرا ومنخرطا‬
‫لدى السلطات العمومية واملؤسساتية‪ ،‬ويعتبر بذلك أول شبكة ملقاولي املغرب حيث يضم تحت لوائه‬
‫‪ 33‬فدرالية مهنية جامعة لشركات وجمعيات مهنية في مختلف القطاعات‪.213‬‬

‫باإلضافة إلى الفيدراليات‪ ،‬يتكون االتحاد العام ملقاوالت املغرب من ‪ 22‬لجنة دائمة‪ ،‬تشكل قوة‬
‫للتفكير واالقتراح‪ ،‬ومن بين هذه اللجان نجد " لجنة الشؤون الضريبية ‪Commission de la fiscalitéé‬‬
‫" املكلفة بدراسة مختلف القضايا واملستجدات املتعقلة باملجال الضريبي‪ ،‬وتقوم بتقديم االقتراحات‬
‫في هذا املجال بما يخدم مصلحة االتحاد‪ ،‬وفي سبيل ذلك تقوم هذه اللجنة بإعداد الدراسات املتعلقة‬
‫بتطبيق اإلجراءات الجاري بها العمل‪ ،‬أو إعداد مقترحات ترمي إلى تخفيف العبء الضريبي‪ ،‬أو تلطيف‬
‫العالقة بين االتحاد واإلدارة الضريبية‪ ،214‬فتوفراالتحاد على لجنة مختصة إضافة إلى مركزللدراسات‬

‫‪ 212‬عبد الرحيم منوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪176‬‬


‫‪ 213‬املهدي السهيمي‪ " :‬االتحاد العام ملقاوالت املغرب وآليات تدخله في قوانين املالية "‪ ،‬جريدة النهج الديمقراطي‪ ،‬العدد ‪ ،392‬ص‪11‬‬
‫‪214‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪56‬‬
‫واالستثمارات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تجعله يتوفر على معلومات إحصائية وقانونية وضريبية‬
‫دقيقة‪ ،‬تقوي مركزه في التشاور وإقناع الحكومة أو الفرق البرملانية بمواقفه‪. 215‬‬

‫وكمثال على قوة االتحاد العام ملقاوالت املغرب ومكانته‪ ،‬نذكر مخرجات االجتماع الذي جمع بين‬
‫املدير العام للضرائب السيد "عمر فرج"‪ ،‬ومكونات االتحاد العام ملقاوالت املغرب‪ ،‬والذي خصص‬
‫ملناقشة العالقة بين اإلدارة الضريبية واملقاوالت وتكثيف املراقبة‪ ،‬وتدارس استعمال الفصل ‪221‬‬
‫مكرر من املدونة العامة للضرائب املتعلق بالتصريحات املعدلة‪ ،‬حيث قام املدير العام للضرائب بعد‬
‫هذا االجتماع بإصدارمذكرة توضيحية في هذا الشأن من أجل وضع حد لكل جدل في املوضوع‪. 216‬‬

‫وما يؤكد قوة االتحاد العام ملقاوالت املغرب في التأثير على القرار الضريبي ضغطه املستمر من أجل‬
‫تخفيض السعراألعلى للضريبة على الدخل حيث كان محددا في ‪ % 52‬في بادئ األمر‪ ،‬ثم طالب االتحاد‬
‫بتخفيضه إلى ‪ %46‬ثم بعد ذلك إلى ‪ %44‬ثم إلى ‪ ،217%40‬ثم إلى ‪ % 38‬وهو السعر األعلى املطبق‬
‫حاليا‪.218‬‬

‫ويتقدم االتحاد العام ملقاوالت املغرب عند مناقشة مشاريع قوانين املالية بمجموعة من املقترحات‬
‫في املجال الضريبي والتي تخدم مصلحة أعضائه من قبيل تلك املقترحات التي قدمها بشأن مشروع‬
‫قانون املالية لسنة ‪ ، 2017‬حيث اقترح فيما يخص الضريبة على الشركات التدرج في احتساب ضريبة‬
‫الدخل على الشركات وتبني مفهوم الضرائب على املجموعة من خالل وضع منظومة ضريبية تأخذ بعين‬
‫االعتبارخصوصيات املعامالت بين املجموعات وتدعيم إنتاجها‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالضريبة على القيمة املضافة فقد اقترح االتحاد العمل بخيار النسبتين‪ ،‬حيث أن‬
‫هذا االقتراح من وجهة نظر االتحاد من شأنه مواجهة القطاع غير املهيكل خاصة‪ ،‬عبر خفض نسبة‬
‫الضريبة على القيمة املضافة على بعض املنتوجات والخدمات املستهدفة من قبل القطاع غيراملنظم‪،‬‬

‫‪215‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪357‬‬


‫‪ 216‬املهدي السهيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪217‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪95‬‬
‫‪ 218‬تم تعديل السعر بموجب قانون املالية رقم ‪ 48.09‬للسنة املالية ‪ ،2010‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.243‬في ‪ 30‬ديسمبر‬
‫‪ ،2009‬واملنشور بالجريدة الرسمية في ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2009‬عدد ‪ ،5800‬ص‪7‬‬

‫‪57‬‬
‫وكذا عن طريق حذف الرسوم شبه الضريبية من أجل إدماج القطاع غير املهيكل في النسيج‬
‫املقاوالتي‪.219‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن االتحاد العام ملقاوالت املغرب يتوفر على فريق بمجلس املستشارين‪ ،‬وعن‬
‫طريقه يعبر االتحاد عن مواقفه فيما يتعلق باإلجراءات الضريبية التي تحملها مشاريع قوانين املالية‬
‫بشكل مؤسساتي عند دراستها والتصويت عليها بمجلس املستشارين‪ ،‬كما يعقد االتحاد جلسات‬
‫تشاورية مع بعض النواب البرملانين أو مع رؤساء الفرق وكذا اللجان البرملانية املختصة‪ ،‬بل األكثر من‬
‫ذلك فهو يمد هذه األطراف بما يدعم اقتراحاته بالنظر إلى عدم توفرها على مراكز دراسية شبيهة بتلك‬
‫التي يتوفرعليها االتحاد‪.220‬‬

‫عموما يمكن القول بأن االتحاد العام ملقاوالت املغرب يلعب دورا هاما في التوجيه والتأثيرعلى القرار‬
‫الضريبي‪ ،‬بما يجعل هذا القرارفي خدمة مصالح أعضائه‪ .‬غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو‬
‫العالقة التي تربط االتحاد العام ملقاوالت املغرب بالسلطة‪ ،‬خاصة وأن االتحاد ال يتقدم إلى رئاسته إال‬
‫مرشح واحد وغالبا ما يطلق عليه مرشح السلطة‪ ،‬والذي ال يجرؤ أي أحد على مواجهته بناء على هذا‬
‫الترخيص "‪ ،" Agrément‬األمرالذي يجعل القطاع الخاص خاضع للمراقبة‪.221‬‬

‫يرجع '' ريمي لوفو '' في كتابه " الفالح املغربي املدافع عن العرش " مراقبة امللكية للقطاع الخاص إلى‬
‫محاولة امللك الرامية إلى شراء التعاطف والوالء خاصة بعد املحاولتين االنقالبيتين لسنتي‬
‫‪1971‬و‪ ،1972‬وتجنب قيام أي محاولة انقالبية ناجحة في املستقبل‪ ،‬خاصة بعد بداية تباعد بعض‬
‫املسؤولين السياسيين وكباراملوظفين من نظام الحكم‪ ،‬حيث قام امللك باستعمال مزيجا من املحفزات‬
‫اإليديولوجية‪ ،‬واملكافآت املادية‪ ،‬بفتح أبواب املجال االقتصادي في وجه الجيل األول من املسؤولين‬
‫السياسيين واإلداريين الذين سبق لهم أن ولجوا إلى ميدان املسؤولية في عقد الستينات‪ .‬ومن األهمية‬
‫أن نشير إلى أن القطاع الخاص الصناعي والتجاري قد ظل في أغلبيته تحت الهيمنة األجنبية إلى حدود‬
‫‪ .1973‬ومن خالل اتخاذ القراربمغربته‪ ،‬وباسترجاع األراض ي التي كانت بيد الحماية‪ ،‬أصبح املجال الذي‬

‫‪ 219‬املهدي السهيمي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪12‬‬


‫‪220‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪357‬‬
‫‪ 221‬بالل مسجد‪ " :‬الوزير السابق حسن الشامي‪ :‬اليوم هناك ألف سبب وسبب للمقاطعة ‪ ..‬وخلطة املال والسلطة خطيرة على املغرب"‪ ،‬مقال‬
‫منشور على موقع تيلكل عربي ‪ www.telquel.ma‬تاريخ الزيارة ‪ 05.06.2021‬على الساعة ‪ 04:05‬صباحا‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫يمكن للملك أن يمنح رخص الولوج إليه بقرارشخص ي مجاال واسعا‪ .222‬األمرالذي نتج عنه أن ال أحد‬
‫من املقاولين املغاربة استطاع أن يتبوأ مكانة مهمة عبر القطاع الخاص بدون املوافقة الشخصية‬
‫للملك‪ ،‬وفي بعض األحيان كان تدخل امللك يتخذ شكل دعوة بتولي املسؤولية في هذه املقاولة أو تلك مع‬
‫توفيرالدعم املالي أو الشخص ي من قبل امللك‪. 223‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور املؤسسات املالية الدولية في صناعة القرارالضريبي‬


‫املؤسسات املالية الدولية عبارة عن مؤسسات تعمل في مجال االستثمار والتنمية‪ ،‬وهي مملوكة‬
‫للدول األعضاء بها‪ ،‬وتعمل املؤسسات على توفير التمويل‪ ،‬واملعونة الفنية‪ ،‬واملشورة في مجال‬
‫السياسات واألبحاث وغير ها من أشكال الدعم غير املالي للحكومات من أجل تسهيل استرداد ديونها‪،‬‬
‫ومن بين أهم املؤسسات الدولية املعروفة على نطاق واسع البنك العالمي وصندوق النقد الدولي‪.224‬‬

‫ويعود تاريخ نشأة كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي إلى سنة ‪ 1944‬على إثراتفاق "برتون‬
‫وودز"‪ ،‬من أجل ضبط االقتصاد العالمي والسهر على استقرار النظام النقدي الدولي‪ ،‬وكذا تمويل‬
‫العجز الذي يعرفه ميزان األداءات لبعض الدول‪ ،‬وأيضا إعادة بناء االقتصاديات التي دمرتها الحروب‬
‫بواسطة قروض لتمويل مشاريع التنمية‪ ،225‬غيرأن تدخالت املؤسسات الدولية تبدو‪ ،‬في الواقع‪ ،‬أشبه‬
‫ما تكون بغزوات جيوش متحاربة‪ .‬ألنها في كل تدخالتها تنتهك سيادة الدول‪ ،‬وتجبرها على تنفيذ إجراءات‬
‫ترفضها األغلبية العظمى من املواطنين‪ ،‬وتخلف وراءها مساحة عريضة من الخراب االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪.226‬‬

‫وقد عرف املغرب أزمات مالية حادة هددت كيان الدولة‪ ،‬األمر الذي دفع السالطين في نهاية القرن‬
‫التاسع عشر وبداية القرن العشرين بالسماح لالستعمار الفرنس ي واالسباني ببسط سيطرته عليه عن‬
‫طريق ارتفاع املديونية الخارجية‪ .‬وبالنظر لعدم قدرته على الدفع‪ ،‬وبعد مرور قرن من الزمن مازال‬
‫املغرب يتأرجح داخل دوامة املديونية‪.‬واليوم تغيرت التسميات والفاعلون معها‪ ،‬وبقيت أداة املديونية‬

‫‪222‬ريمي لوفو‪ :‬الفالح املغربي املدافع عن العرش‪ ،‬تعريب محمد بن الشيخ‪ ،‬منشورات وجهة نظر‪ ،‬سلسلة أطروحات وبحوث جامعية(‪،)2‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬ص ‪292‬‬
‫‪ 223‬م ن‪ ،‬ص‪294‬‬
‫‪224‬سامي يوسف كمال محمد‪ :‬قروض املؤسسات املالية الدولية االستعمار االقتصادي لألمم‪ ،‬دون ذكر دار النشر‪ ،‬طبعة ‪ ،2019‬ص‪4‬‬
‫‪ 225‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪137-136‬‬
‫‪ 226‬أرنست فولف‪ :‬صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العاملية‪ ،‬ترجمة عدنان عباس علي‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة الصادرة عن املجلس‬
‫الوطني للثقافة والفنون واألدب‪ -‬الكويت‪ ،2016 ،‬ص‪20‬‬

‫‪59‬‬
‫تلعب نفس الدور املتعلق بسلب السيادة السياسية واالقتصادية من الشعوب وتحويلها لصالح مراكز‬
‫القراراملالية‪.227‬‬

‫ومن نماذج تدخل املؤسسات املالية الدولية في الشؤون الداخلية للمغرب‪ ،‬رفض املؤسسات املالية‬
‫الدولية مد حكومة عبد هللا إبراهيم بالقروض املالية التي طلبتها الحكومة‪ ،‬بالنظر للتوجهات‬
‫االقتصادية واالجتماعية التي تقوم عليها‪ ،‬والتي ال تتماش ى والتوجه االقتصادي لهذه املؤسسات‪. 228‬‬

‫كما أدى تدهور الوضع االقتصادي سنة ‪ 1964‬إلى تفجير أزمة مالية مهدت الطريق أمام تدخل‬
‫املؤسسات املالية في الشؤون الداخلية للبالد‪ ،‬وتجلت مهمة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في‬
‫تقييم إمكانيات التنمية االقتصادية للبالد‪ ،‬وقد أوص ى تقرير صندوق النقد الدولي باعتماد برنامج‬
‫استثماري تغلب على أولوياته البنيات األساسية االقتصادية‪ ،‬وبعض األنشطة املنتجة التي من شأنها‬
‫جلب العملة الصعبة‪ ،‬وقد صاحبت هذا البرنامج االستثماري سياسات متشددة في مجالي النقد‬
‫وامليزانية‪ ،‬أضافت لتقليص مستوى النفقات العمومية‪ ،‬ارتفاعا قويا في الضرائب غير املباشرة وغيرها‬
‫من الضرائب على االستهالك‪ ،229‬ولن نبالغ إذا قلنا أن اإلدارة الضريبية في املغرب استخدمت منذ‬
‫الستينات‪ ،‬كل تقنياتها بهدف مالءمة الوعاء الضريبي مع عادات األسر االستهالكية‪ ،‬بحيث أضحت‬
‫الضرائب غيراملباشرة تمس تقريبا جميع املواد االستهالكية‪.230‬‬

‫ومن نماذج التدخل في الشؤون الداخلية للبالد‪ ،‬نذكر الدراسة التي أنجزها البنك العالمي بشأن‬
‫قروض التقويم الهيكلي وقروض التقويم القطاعي التي منحت إلى ‪ 15‬دولة ما بين ‪ 1980‬و‪ ،1987‬ومن‬
‫ضمنها املغرب الذي صنف ضمن الئحة الدول األكثر مديونية في العالم‪ ،‬تبين أن قروض البنك العالمي‬
‫انصرفت إلى برامج التثبيت في مجاالت الضريبة وامليزانية‪ ،231‬وانطالقا من هذه التوصيات تم بلورة‬
‫قانون إطارلإلصالح الضريبي وافق عليه مجلس النواب في دجنبر‪ ،1982‬وصدرفي أبريل ‪ ،1984‬وقد جاء‬
‫هذا القانون اإلطار لتحديد التوجيهات واملبادئ العامة لإلصالح الضريبي‪ ،‬وقد دخلت النصوص‬

‫‪ " 227‬نظام املديونية‪ :‬كيف تخلى املغرب عن سيادته االقتصادية"‪ ،‬مقال منشور على موقع أطاك املغرب ‪ www.attacmaroc.org‬تاريخ الزيارة‬
‫‪ 14.03.2020‬على الساعة ‪ 14:00‬زوال‪.‬‬
‫‪ 228‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪138‬‬
‫‪ 229‬نجيب أقصبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪18-17‬‬
‫‪230‬حميد نهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪320‬‬
‫‪ 231‬أحمد إدعلي‪ ،‬م س‪286 ،‬‬

‫‪60‬‬
‫التطبيقية لهذا اإلصالح من خالل الضريبة على القيمة املضافة سنة ‪ ،1986‬والضريبة على الشركات‬
‫سنة ‪ ،1987‬ثم أخيرا الضريبة العامة على الدخل والضرائب املحلية سنة ‪1989.232‬‬

‫إن تدخل املؤسسات املالية في صناعة القرارالضريبي‪ ،‬جعل هذه املؤسسات منذ سنة ‪ 1964‬تشكل‬
‫الطرف الثاني في صناعة جل القرارات داخل املغرب‪ ،‬األمرالذي جعل األستاذ "نجيب أقصبي" يعتبرهم‬
‫إلى جانب امللكية الفاعلين األساسيين صاحبي املخططات والقرارات في املجال الضريبي‪.233‬‬

‫‪ 232‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪183‬‬


‫‪ 233‬عبد الواحد بنديبة‪" :‬أقصبي‪ :‬النظام السياس ي في املغرب أصبح عائقا أمام التطور االقتصادي‪ ،‬وامللكية والبنك الدولي هما من يحددان‬
‫سياسة البلد "‪ ،‬مقال منشور على موقع مغرس ‪ www.maghress.com‬تاريخ الزيارة ‪ 15.05.2021‬على الساعة ‪ 21:00‬ليال‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬القرارالضريبي والعدالة‬
‫الضريبية في النظام الضريبي املغربي‬
‫على إثر أزمة املديونية التي عرفها املغرب في أواخر السبعينات من القرن املاض ي‪ ،‬وبهدف مساعدة‬
‫املغرب على تخطي هذه األزمة أوفد صندوق النقد الدولي لجنة ملعاينة الحالة االقتصادية واملالية‬
‫للبالد‪ ،‬واقترح الحلول الكفيلة بتجاوزها‪ .‬وانتهت هذه اللجنة إلى إعداد تقرير في ‪ 22‬مارس ‪،1979‬‬
‫يتضمن جرد املساوئ النظام الضريبي القائم واقتراح مشروع إصالح بديل‪ .234‬وستقوم السلطات‬
‫العمومية بإنشاء لجنة مكلفة بدراسة املشروع ومحاولة مغربته‪ ،‬وبالفعل فقد تمت املوافقة بمجلس‬
‫النواب في دجنبر ‪ 1982‬على القانون اإلطار لإلصالح الضريبي‪ ،‬لكن إصداره لم يتم إال بعد مرور سنتين‬
‫أي في أبريل ‪ 1984‬ليدخل في إطار برنامج التقويم الهيكلي‪ ،‬مستهدفا تحقيق أكبر فائض مالي ممكن‬
‫وتوجيهه لسداد الديون املستحقة على الدولة‪.235‬‬

‫وستتم أجرأة قانون اإلطارلإلصالح الضريبي عبرمجموعة من النصوص التطبيقية والتي اتجهت إلى‬
‫تبسيط بنية النظام الضريبي من خالل دمج وتوحيد عدد من الضرائب‪.236‬‬

‫بناء على ما سبق سنحاول في هذا الفصل دراسة بنية النظام الضريبي املغربي ومعرفة واقع العدالة‬
‫الضريبية فيه ( املبحث األول)‪ ،‬ثم الوقوف على آثار غياب العدالة الضريبة على بنية النظام الضريبي‬
‫املغربي‪ ،‬والسبل التي يمكن عبرها تحقيق نوع من العدالة الضريبة في بنية النظام الضريبي املغربي‬
‫(املبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪ 234‬رشيدة سيف الدين‪ :‬سؤال اإلصالح الضريبي باملغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ ،2013-2012‬ص‪23‬‬
‫‪ 235‬س ي محمد غضبان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪126‬‬
‫‪ 236‬م ن‬

‫‪62‬‬
‫املبحث األول‪ :‬بنية النظام الضريبي املغربي وواقع العدالة‬
‫الضريبية‬
‫دخل القانون اإلطارلإلصالح الضريبي حيزالتنفيذ في ‪ 23‬أبريل ‪ 1984‬تزامنا مع دخول برنامج التقويم‬
‫الهيكلي لسنة ‪ 1983‬والذي كان من بين أهدافه‪ :‬تقويم املالية العمومية والتحكم في نسبة النمو‪،‬‬
‫واللجوء إلى سياسة التقشف من أجل التقليص التدريجي لعجزالخزينة‪ ،‬مع ضمان تمويل جزء متزايد‬
‫من نفقات االستثمار‪.237‬‬

‫وسنحاول في هذا املبحث‪ ،‬الوقوف على بنية النظام الضريبي املغربي‪ ،‬وواقع العدالة الضريبية فيها‬
‫(املطلب األول)‪ ،‬في حين سنخصص ( املطلب الثاني ) للحديث عن أسباب غياب العدالة الضريبة عن‬
‫بنية النظام الضريبي املغربي‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تشخيص بنية النظام الضريبي املغربي‬


‫بعد أن باشرت السلطات الضريبية منذ ‪ 1984‬العمل على إدخال اإلصالح الضريبي حيزالتنفيذ من‬
‫خالل اعتماد القانون اإلطار لإلصالح الضريبي أوال‪ ،‬ثم من خالل مجموعة من النصوص التطبيقية‬
‫لإلصالح الضريبي ثانيا‪ ،238‬فقد أصبح النظام الضريبي املغربي املطبق يرتكز في بنيته على ثالث ضرائب‬
‫رئيسية وأساسية‪.239‬‬

‫وسنحاول من خالل هذا املطلب الوقوف على بنية النظام الضريبي املغربي في ( الفقرة األولى)‪ ،‬فيما‬
‫سنخصص ( الفقرة الثانية) لدراسة واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬بنية النظام الضريبي املغربي‬


‫سنقتصر في دراستنا هاته لبنية النظام الضريبي املغربي على الضرائب الثالث الكبرى التي جاء بها‬
‫اإلصالح الضريبي لسنة ‪ ،1984‬فعلى صعيد الضرائب املباشرة نجد أنه قد تم التمييز بين دخول‬
‫األشخاص املعنويين‪ ،‬ودخول األشخاص الذاتيين‪ ،‬وبالتالي أصبح النظام الضريبي املغربي‪ ،‬يعرف‬

‫رشيدة سيف الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪24‬‬ ‫‪237‬‬

‫عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪28‬‬ ‫‪238‬‬

‫رشيدة سيف الدين‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪25‬‬ ‫‪239‬‬

‫‪63‬‬
‫ضريبتين مباشرتين‪ :‬األولى تهم األشخاص الذاتيين واملتمثلة في الضريبة العامة على الدخل سابقا‪ ،‬والتي‬
‫أصبحت تسمى الضريبة على الدخل بموجب قانون مالية ‪ ،2007‬والثانية تهم األشخاص املعنويين‬
‫واملتمثلة في الضريبة على الشركات‪ .‬أما بالنسبة للضرائب الغير مباشرة فتم تبني قانون الضريبة على‬
‫القيمة املضافة‪.240‬‬

‫أوال‪ :‬الضريبة على الدخل‬


‫تفرض الضريبة على الدخل على دخول وأرباح األشخاص الطبيعيين واملعنويين الذين لم يختاروا‬
‫الخضوع للضريبة على الشركات‪.241‬‬

‫ومن خالل قراءة أولية للنص القانوني املنظم للضريبة على الدخل يتبين أن وعاءها يضم خمسة‬
‫مصادر اقتصادية‪ ،242‬وهي كل من الدخول املهنية‪ ،‬الدخول الناتجة عن املستغالت الفالحية‪ ،‬األجور‬
‫والدخول املعتبرة في حكمها‪ ،‬الدخول واألرباح العقارية‪ ،‬والدخول واألرباح الناتجة عن رؤوس األموال‬
‫املنقولة‪.243‬‬

‫‪ -1‬الدخول املهنية‪ :244‬وتتمثل في مختلف العوائد والحاصالت املحددة قانونا‪ ،‬والدخول املحصلة من‬
‫املهن التجارية والصناعية والحرفية التي يزاولها األشخاص الذاتيين‪ ،‬ثم الحاصالت والنتائج التي‬
‫يحققها املستثمرون العقاريون‪ ،‬وتجار األمالك العقارية ومجزئي األراض ي‪ ،‬ونتائج االستغالل التي‬
‫تحققها شركات التضامن‪ ،‬وشركات التوصية البسيطة‪ ،‬والشركات الفعلية التي تتألف من شركاء‬
‫ذاتيين أو معنويون غيرالخاضعين للضريبة على الشركات‪.‬‬

‫‪ 240‬حميد النهري بن محمد‪ :‬محاضرات في النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية باملغرب‪ ،‬مطبعة سلكي أخوين‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪66‬‬
‫‪241‬املادة ‪ 21‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬املحدثة بموجب املادة ‪ 5‬من قانون املالية رقم ‪ 43.06‬للسنة املالية ‪ 2007‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.06.232‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر‪ ،2006‬طبعة ‪ ،2021‬متوفرة على موقع املديرية العامة للضرائب ‪ www.tax.gov.ma‬تاريخ اإلطالع‬
‫‪ 12.05.2021‬على الساعة ‪ 10:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪242‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪67‬‬
‫‪ 243‬املادة ‪ 22‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 244‬تعرف الدخول املهنية تباينا في أنظمة التقدير‪ ،‬تبعا لطبيعة النشاط املنهي‪ ،‬وبحسب حجم رقم املعامالت وبحسب اختيار املكلف إذا كان‬
‫القانون يجيز ذلك‪ ،‬وقد ميز املشرع في إطار الدخول املهنية بين نظام القانون وهو نظام الناتج الصافي الحقيقي‪ ،‬فضال عن أنظمة استثنائية‬
‫تتمثل في نظام املساهمة املهنية املوحدة الذي عوض نظام التقدير الجزافي‪ ،‬ثم نظام الناتج الصافي املبسط ونظام املقاول الذاتي‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -2‬الدخول الزراعية‪ :245‬وتتمثل في األرباح املحققة من طرف فالح أومرب للماشية أوهما معا‪ ،‬واملتأتية‬
‫من كل نشاط متعلق باستغالل دورة إنتاج نباتية أوحيوانية أوهما معا تكون منتجاتها معدة لتغذية‬
‫اإلنسان أو الحيوان أو هما معا‪ ،‬وكذا األنشطة املرتبطة بمعالجة تلك املنتجات باستثناء أنشطة‬
‫التحويل املنجزة بواسطة وسائل صناعية‪.246‬‬
‫‪ -3‬األجور والدخول املعتبرة في حكمها‪ :‬تتمثل في املرتبات والتعويضات واملكافآت‪ ،‬واألجور‪ ،‬واإلعانات‬
‫الخاصة‪ ،‬واملبالغ الجزافية املرجعة عن املصاريف وغيرها من املكافآت املمنوحة ملسيري الشركات‪،‬‬
‫واملعاشات‪ ،‬واإليرادات العمرية‪ ،‬واملنافع النقدية أو العينية املمنوحة زيادة على الدخول السابق‬
‫ذكرها‪.247‬‬
‫‪ -4‬الدخول واألرباح العقارية‪ :‬وتتمثل في الدخول املحققة من إيجار العقارات املبنية وغير املبنية‪،‬‬
‫والعقارات الزراعية‪ ،‬ويدخل في ذلك املباني واملعدات الثابتة واملتحركة املرتبطة بها‪ ،‬وكذلك بيع‬
‫عقارات واقعة في املغرب‪ ،‬أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بالعقارات‪ ..‬إلى غيرها من الدخول‬
‫واألرباح املحددة بموجب املادة ‪ 62‬من املدونة العامة للضرائب‪.‬‬
‫‪ -5‬الدخول واألرباح الناشئة عن رؤوس األموال املنقولة‪ :‬وتتمثل في عوائد األسهم وحصص املشاركة‬
‫والدخول املعتبرة في حكمها‪ ،‬والحاصالت من التوظيفات املالية ذات الدخل الثابت‪ ،‬وعائدات‬
‫شهادات الصكوك ‪...‬إلى غيرها من األرباح والدخول املحددة بموجب املادة ‪ 66‬من املدونة العامة‬
‫للضرائب‪.‬‬

‫والضريبة على الدخل تفرض كل سنة على مجموع الدخل الذي حصل عليه الخاضع للضريبة خالل‬
‫السنة السابقة‪ ،‬غير أن الضريبة تفرض‪ ،‬فيما يخص األجور والدخول املعتبرة في حكمها خالل سنة‬
‫تملكها مع مراعاة التسوية‪ ،‬إن اقتض ى الحال‪ ،‬على أساس الدخل اإلجمالي‪ ،248‬وتفرض في مكان املوطن‬
‫الضريبي للخاضع للضريبة أو مكان مؤسسته الرئيسية‪ ،‬هذا ويتعين على الخاضع للضريبة إذا لم يكن‬
‫له باملغرب موطن ضريبي أن يختارلنفسه موطنا ضريبيا باملغرب‪.249‬‬

‫‪ 245‬تفرض الضريبة على الدخول الزراعية وفق نظامين؛ نظام الربح الجزافي‪ ،‬نظام النتيجة الصافية الحقيقية‪.‬‬
‫‪ 246‬املادة ‪ 46‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 247‬املادة ‪ 56‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 248‬املادة ‪ 71‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 249‬املادة ‪ 72‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬والتي تنص أيضا على ضرورة إخبار إدارة الضرائب بكل تغيير يطرأ على املوطن الضريبي أو مكان‬
‫املؤسسة الرئيسية في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم أو تسلم إليها مقابل وصل أو بتقديم إقرار محرر على أو وفق مطبوع نموذجي تعده‬
‫اإلدارة داخل ‪ 30‬يوما املوالية لتاريخ التغيير‪ ،‬وفي حالة القيام بذلك‪ ،‬تفرض الضريبة على الخاضع لها ويتم تبليغه في آخر عنوان معروف له‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫أما عن سعرالضريبية فيتم تحديده على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬جدول حساب الضريبة‬

‫النسبة‬ ‫الشريحة‬
‫معفاة من الضريبة‬ ‫شريحة الدخل إلى غاية ‪ 30,000‬درهم‬
‫‪10 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 30,001‬إلى ‪ 50,000‬درهم‬
‫‪20 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 50,001‬إلى ‪ 60,000‬درهم‬
‫‪30 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 60,001‬إلى ‪ 80,000‬درهم‬
‫‪34 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 80,001‬إلى ‪ 180,000‬درهم‬
‫‪38 %‬‬ ‫شريحة الدخل التي تزيد عن ‪ 180,000‬درهم‬
‫تركيب شخص ي باالعتماد على املادة ‪ 73‬من املدونة العامة للضرائب‬ ‫‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬الضريبة على الشركات‬


‫تشكل الضريبة على الشركات الشق الثاني من اإلصالح الضريبي لسنة ‪ ،1984‬وقد أحدثت بموجب‬
‫القانون رقم ‪ ،24.86‬محل الضريبة على األرباح املهنية‪ .‬وقد جاء إحداث هذه الضريبة استجابة‬
‫لضرورتين‪:250‬‬

‫‪ -‬األولى تتمثل في إلغاء التعددية الضريبية التي كانت تخضع لها الشركات فيما قبل وتجميع مختلف‬
‫دخولها في مادة واحدة ( الدخول الكرائية‪ ،‬الفالحية‪ ،‬واملهنية)‪ ،‬وحتى تتكيف مع الواقع الجديد‬
‫آنذاك والقاض ي بخلق ضريبة على دخل األشخاص الذاتيين‪.‬‬
‫‪ -‬والثانية تهدف األخذ بعين االعتبار التوجهات الجديدة في االقتصاد القائمة على سياسة التقويم‬
‫الهيكلي واملتأثرة باألفكار الجديدة التي سادت البالد املصنعة مع بداية عقد الثمانينات‪ .‬وبالتالي‬
‫جعل الضريبة تتالءم أكثر مع الدور املراد أن يلعبه االستثمار الخاص واملبادرة الحرة التي تعتبر‬
‫الشركات آليتها املحركة‪.251‬‬

‫فالضريبة على الشركات‪ ،‬إذن سعت إلى إحداث أسلوب جديد أكثر تطورا‪ ،‬ومالئمة‪ ،‬ثم ذا مردودية‪،‬‬
‫وذلك رغبة في إنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬وتشجيع الشركات على االستثمار الذي يعتبر آلية ووسيلة‬

‫‪250‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪80‬‬


‫‪ 251‬م ن‪ ،‬ص ‪81‬‬

‫‪66‬‬
‫أساسية لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ولتحقيق املردودية املالية التي تعتبر الهاجس‬
‫األساس ي الذي أطراإلصالح‪.252‬‬

‫وتحسب الضريبة على الشركات باعتبار الربح املحقق خالل كل سنة محاسبية والتي ال يمكن أن‬
‫تتعدى ‪ 12‬شهرا‪ .‬فإذا طالت مدة تصفية شركة من الشركات فإن الضريبة تحسب باعتبار النتيجة‬
‫املؤقتة لكل فترة من فترات ‪ 12‬شهرا‪.253‬‬

‫وتفرض الضريبة على الشركات بالنسبة إلى مجموع حاصالتها وأرباحها ودخولها في املكان الذي يوجد‬
‫به مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية باملغرب‪.254‬‬

‫ويتضح من خالل املادة ‪ 19‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬أن سعرالضريبة ينقسم إلى أربعة أصناف‪،‬‬
‫وكل صنف يتضمن سعرا محددا ومختلفا عن الخر‪ ،‬وهذه األصناف تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬السعرالعادي‪ :‬ويتكون من ثالثة أسعار‪ ،‬سعربنسبة ‪ ،% 10‬ثم نسبة ‪ ،% 20‬ثم نسبة ‪. % 31‬‬
‫‪ -‬السعرالنوعي‪ :‬يحدد السعرالنوعي للضريبة على الشركات في ‪. % 15‬‬
‫‪ -‬السعراملحجوز في املنبع‪ :‬يتكون من ثالثة أسعار‪ ،‬سعربنسبة ‪ ، %10‬ثم نسبة ‪ ، % 15‬ثم نسبة ‪20‬‬
‫‪.%‬‬

‫ثالثا‪ :‬الضريبة على القيمة املضافة‬


‫تبنى املشرع املغربي في إطارعصرنة النظام الضريبي‪ ،‬على غرارمشرعي ‪ 153‬دولة في العالم‪ ،‬الضريبة‬
‫على القيمة املضافة‪ .‬وتعتبر هذه الضريبة اختراعا فرنس ي أصيل‪ ،‬وشكلت ثورة عاملية على مستوى‬

‫‪ 252‬أحمد إفقيرن‪ :‬اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪ ،2013-2012 ،‬ص ‪28‬‬
‫‪253‬املادة ‪ 17‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬كما تنص على أنه إذا أبانت النتيجة النهائية للتصفية وجود ربح يفوق مجموع األرباح املفروضة عليها‬
‫الضريبة خالل فترة التصفية‪ ،‬فإن تكملة الضريبة املستحقة تساوي الفرق بين مبلغ الضريبة النهائي واملبالغ التي سبق دفعها‪ .‬وفي حالة العكس‬
‫تسترد الشركة جميع أو بعض هذه املبالغ‪.‬‬
‫‪254‬املادة ‪ 18‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬كما تنص على أنه في حالة اختيار الخضوع للضريبة على الشركات‪:‬‬
‫‪ -‬تفرض الضريبة على شركات املحاصة في املكان الذي يوجد فيه مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية باملغرب وذلك في اسم‬
‫الشريك املؤهل للتصرف باسم كل شركة من هذه الشركات والذي يمكنه إلزامها؛‬
‫‪ -‬تفرض الضريبة على شركات األشخاص فياسم هذه الشركات وفي املكان الذي يوجد به مقرها االجتماعي أو مؤسستها الرئيسية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫األنظمة الضريبية‪ .‬فهي عصرية من حيث ميكانيزماتها‪ ،‬وهي كذلك من أول الضرائب التي اعتمدت نظام‬
‫املعلوميات نظرا ملا تتسم به من مردودية عالية‪.255‬‬

‫وقد تبنى املشرع فيما يخص أسعار الضريبة على القيمة املضافة نظاما تعدديا‪ ،‬حيث عمل على‬
‫تقليص األسعاروالتي كانت تصل إلى ‪ 11‬سعرا في ظل النظام القديم ( الضريبة على املنتوجات والضريبة‬
‫على الخدمات)‪ .‬وأصبحت حاليا ال تتعدى أربعة أسعار‪.256‬‬

‫ويتضح من خالل استقرائنا ملقتضيات املدونة العامة للضرائب‪ ،‬أن املشرع قسم سعرالضريبة على‬
‫القيمة املضافة إلى صنفين وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -‬السعرالعادي‪ :‬يحدد السعرالعادي للضريبة على القيمة املضافة بنسبة ‪.257 % 20‬‬
‫‪ -‬األسعاراملخفضة‪ :‬تتكون من ثالثة أسعار‪ ،‬السعراملخفض األول بنسبة ‪ ، % 7‬ثم السعراملخفض‬
‫الثاني بنسبة ‪ ، %10‬ثم السعراملخفض الثالث بنسبة ‪.258 % 14‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي‬


‫كانت العدالة الضريبية وما زالت مطمحا وهدفا نبيال‪ 259‬تسعى الحكومات‪ ،‬خاصة في البلدان‬
‫النامية‪ ،‬إلى تحقيقه‪ ،‬على الرغم من عدم وجود نموذج جاهز للضريبة العادلة‪ ،‬لكن جميع الحكومات‬
‫تعرف على وجه الدقة جميع العوامل املؤثرة فيها‪ .‬فإذا كانت الضريبة في دولة ما غيرعادلة‪ ،‬فإن ذلك ال‬
‫يعني إطالقا جهل الحكومة للضريبة املالئمة من الناحية االجتماعية‪.260‬‬

‫‪ 255‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪38‬‬


‫‪256‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪87‬‬
‫‪ 257‬املادة ‪ 98‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 258‬املادة ‪ 99‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 259‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪7‬‬
‫‪260‬صباح نعوش‪ :‬الضرائب في الدول العربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬املغرب الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1987 ،‬ص‪136‬‬

‫‪68‬‬
‫ومفهوم العدالة الضريبة في حد ذاته الزال صعب التحديد‪ ،‬غامضا‪ ،‬ومعقدا‪ ،‬وغالبا ما يتم تفسيره على‬
‫أسس إيديولوجية‪.261‬األمر الذي جعل كل من "جيل‪ .‬ن‪ .‬الرين" و " لين التوليب " يتساءالن حول ما هو‬
‫األمرالعادل؟ وهل يمكننا استخراج مبادئ موضوعية إلى حد ما‪ ،‬تسمح بتقييم العدالة الضريبية‪262‬؟‬

‫هذه املبادئ املوضوعية التي يتحدث عنها الباحثان‪ ،‬هي التي عمل األستاذ " أورهان " على التأسيس‬
‫لها‪ ،‬من خالل تقسيم مفهوم العدالة الضريبة إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ -‬العدالة األفقية‪ ،‬وتعني نفس الضريبة لكل املكلفين الذين يتوفرون على نفس املستوى من الدخل‪،‬‬
‫أي العدالة أمام الضريبة‪ .‬واإلجراءات التمييزية تعد تحريفا لهذا املبدأ؛‬
‫‪ -‬العدالة العمودية‪ ،‬وتقض ي بتمييز املكلفين حسب مقدراتهم التكليفية‪ .‬وتدخل هنا معايير تمييز‬
‫املكلفين‪ ،‬أي العدالة بواسطة الضريبة‪ ،‬حيث تمنح تسهيالت ضريبية لصالح الفئات محدودة‬
‫الدخل‪.263‬‬

‫دراسة واقع‬ ‫عموما‪ ،‬فعدم وضوح مفهوم العدالة الضريبية من الناحية النظرية‪ ،‬ال يمنعنا من ‪264‬‬

‫العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الضريبة على الدخل وسؤال العدالة الضريبية‬


‫يظهر تحليل توزيع العبء الضريبي الذي تمثله ضريبة الدخل على األشخاص الطبيعيين حالة من‬
‫الظلم الضريبي بين املوظفين واألجراء ودافعي الضرائب الخرين الذين يعملون كمهنيين مستقلين‪.‬‬
‫ويزداد هذا الظلم تفاقما عندما تؤخذ بعين االعتباراالقتطاعات اإلجبارية للضمان االجتماعي التي تلقي‬
‫بثقلها على األجراء‪.265‬‬

‫‪ 261‬حميد النهري‪ ،‬إشكالية التدخل الجبائي ‪ .،...‬م س‪ ،‬ص ‪304‬‬


‫‪ 262‬جيل‪ .‬ن ‪ .‬الرين و لين التوليب‪ :‬أسس العدالة الجبائية‪ :‬التطور واآلثار‪ ،‬املجلة الفرنسية للمالية العامة‪ ،‬عدد ‪ ،2013 ،124‬تعريب حسن‬
‫بوغش ي‪ ،‬غير منشور‪.‬‬
‫‪263‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪305‬‬
‫‪ 264‬م ن‬
‫‪ 265‬منظمة أوكسفام ‪ ،‬مؤشر العدالة الضريبية " تحليل النظام الضريبي املغربي" ‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2020‬ص‪9‬‬

‫‪69‬‬
‫فمبدأ العدالة الضريبية داخل الضريبة نفسها مفتقد‪ ،‬على حد تعبيراألستاذ " نجيب أقصبي" ‪ ،‬ويمكن‬
‫أن نقول األمرنفسه عندما نتحدث عن العدالة بواسطة الضريبة‪ .‬فإذا كنت أجيرا تحصل على ‪ 20‬ألف‬
‫درهم ستؤدي ‪ ، % 38‬بينما ستنخفض الضريبة عندما يأتي دخلك من الريع أو املضاربة في البورصة‪.266‬‬

‫وفيما يتعلق بمقياس الضريبة على الدخل‪ ،‬فإن التصاعد في املعدل الضريبي على مستوى األشطر‬
‫الدنيا واملتوسطة أكبربكثيرمن التصاعد في الدخل نفسه‪ ،‬وهذا بذاته هو تعريف املقياس غيرالتدرجي‪،‬‬
‫والذي يميزبعينه النظام الضريبي املغربي غيرالقائم على املساواة‪.267‬‬

‫إن تركيز التضريب على الطبقتين الدنيا واملتوسطة وبشكل خاص على ذوي الدخول األجرية‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي يخضع ذوي الدخول املرتفعة لنسب تصاعدية متدنية إضافة إلى استفادة بعض عناصر‬
‫دخلهم ذات املصدراملنهي والرأسمالي من عدة استثناءات ضريبية تفضيلية‪ ،‬يبرهن لنا أن صانعي القرار‬
‫الضريبي قد غلبوا الهاجس املالي على حساب هاجس بلورة نظام ضريبي متوازن يضمن الحد األدنى من‬
‫العدالة الضريبية‪.268‬‬

‫أما على مستوى الحد األدنى املعفى من الضريبة على الدخل والذي يصل إلى ‪ 30.000‬درهم‪ ،‬فيبقى‬
‫ضعيفا إذا ما قورن بحجم الدخل الفردي وغالء أسعاراملواد األساسية التي ما فتأت تتزايد بشكل مهول‬
‫دون اكتراث بظروف امللزم املعيشية‪ .‬هذا مع العلم بأن املغرب يحتل املرتبة ‪ 130‬فيما يخص مستوى‬
‫الدخل الفردي‪.269‬‬

‫ثانيا‪ :‬سؤال العدالة الضريبية في الضريبة على الشركات‬


‫تعتبر الضريبة على الشركات مكونا أساسيا في النظام الضريبي املغربي‪ ،‬وبالفعل‪ ،‬فحصة الضريبة‬
‫تمثل حوالي ‪ % 25‬من اإليرادات الضريبية‪ ،‬وتشكل بذلك مصدرا مهما في تمويل خزينة الدولة‪ .‬ومن‬

‫‪ 266‬نجيب أقصبي‪ ،‬نظامنا الضريبي يخدم الرأسمال ويزيد الضغط على األجراء والطبقة املتوسطة‪ ،‬مقال منشور على موقع ‪www.psu.ma‬‬
‫تاريخ اإلطالع ‪14.04.2021‬‬
‫‪ 267‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪ 268‬حسن بوغش ي‪ :‬إشكالية عدالة السياسة الجبائية باملغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬أكادير‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬املوسم الجامعي ‪ ،2017-2016‬ص ‪34‬‬
‫‪ 269‬أحمد مدني حميدوش‪ :‬إشكالية العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي وسؤال النموذج التنموي املأمول‪ ،‬املساطر الضريبية بين‬
‫تحدي األمن القانوني والقضائي الضريبي وسؤال العدالة والتنمية الجبائية‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪،2021‬ص ‪30-29‬‬

‫‪70‬‬
‫حيث منحى تطورها‪ ،‬تسيرالضريبة على الشركات في اتجاه تصاعدي‪ ،270‬حيث ارتفعت حصتها في مجموع‬
‫املداخيل الضريبية منتقلة إلى ‪ % 24.4‬ما بين ‪ 2006‬و‪ ،2012‬مقابل ‪ % 17.1‬ما بين ‪ 2001‬و‪ ،2005‬مع‬
‫تسجيل نسبة عالية بلغت ‪ % 27.7‬سنة ‪ ،2008‬و ‪ % 28.8‬سنة ‪ ،2009‬وذلك رغم التخفيض التدريجي‬
‫ملعدل الضريبة من ‪ % 35‬سنة ‪ 1995‬إلى ‪ % 30‬سنة ‪2008.271‬‬

‫إن السمة الرئيسية للضريبة على الشركات في املغرب هي تركيزها على عدد قليل جدا من الشركات‪.‬‬
‫فوفقا لتحقيق أجرته مؤسسة " أنفوريسك ‪ " 2‬في عام ‪ ،2017‬فإن أفضل ‪ 10‬شركات مغربية تساهم‬
‫بنسبة ‪ % 25‬من إيرادات الضريبة على الشركات‪ .‬ويرتفع هذا الرقم إلى ‪ % 37‬عندما يتم الحديث عن‬
‫أفضل ‪ 100‬شركة في املغرب‪.272‬‬

‫والعبء الضريبي‪ ،‬ال سيما في مجال الضريبة على الشركات‪ ،‬يؤثر على املقاوالت بشكل يفتقد‬
‫للمساواة‪ ،‬وفي الحقيقة‪ ،‬فإنه ال يطال إال عدد قليال من الشركات‪ ،273‬بالنظر لكون نسبة كبيرة من‬
‫الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات تعلن عن نتائج سلبية أو محايدة‪ ،‬األمرالذي يعفيها من أداء‬
‫هذه الضريبة‪ .‬ففي سنة ‪ ،2010‬من بين ‪ 155000‬مقاولة خاضعة للضريبة على الشركات‪ ،‬عمليا ‪2/3‬‬
‫من الشركات تعلن نتائج سلبية أومحايدة‪ .‬وفي سنة ‪ 2011‬حيث ارتفع عدد املقاوالت الخاضعة للضريبة‬
‫على الشركات إلى ‪ ،165740‬تؤدي ‪ % 2‬من املقاوالت الكبرى ( حوالي ‪ 3300‬مقاولة ) ما قدره ‪ % 80‬من‬
‫الضريبة على الشركات‪ ،‬علما أنه باإلضافة إلى كون ‪% 78‬من املقاوالت الصغيرة جدا ( أقل من ‪ 3‬ماليين‬
‫في رقم أعمالها)‪ ،‬تصرح ‪ % 85‬منها بالعجز أو ال تؤدي إال املساهمة الدنيا بحسب ما عبر عنه األستاذ‬
‫''نجيب أقصبي''‪.274‬‬

‫هذا دون الحديث عن مستويات التضريب الذي تخضع له الشركات‪ ،‬حيث إن هناك العديد من‬
‫املقاوالت تستفيد من التحفيزات الضريبة التي تتوزع على شكل إعفاءات دائمة وتخفيضات دائمة وبين‬
‫إعفاءات مؤقتة وتخفيضات مؤقتة‪.275‬‬

‫‪ 270‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪11‬‬


‫‪ 271‬أحمد مدني حميدوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪28‬‬
‫‪ 272‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ 273‬م ن‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ 274‬أحمد مدني حميدوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪27‬‬
‫‪ 275‬حسن بوغش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪38‬‬

‫‪71‬‬
‫ثالثا‪ :‬الضريبة على القيمة املضافة وسؤال العدالة الضريبية‬
‫إن املتتبع لسلسة التعديالت التي همت الضريبة على القيمة املضافة منذ دخولها إلى حيز التطبيق‬
‫بداية من فاتح أبريل ‪ ،1986‬يكشف عن خطة املشرع في تغليب هاجس املردودية على حساب العدالة‬
‫الضريبية‪.276‬‬

‫وعلى الرغم من كون الضريبة على القيمة املضافة تعرف بأنها أكثرالضرائب حيفا‪ ،277‬إال أنها ال تزال‬
‫األداة الضريبية الرئيسية في العديد من البلدان عبر العالم بما في ذلك املغرب‪ .‬حيث تمثل إيرادات‬
‫الضريبة على القيمة املضافة ما يقارب نصف اإليرادات الضريبية للبلد كل سنة‪.278‬‬

‫ومن ناحية املنتوجات‪ ،‬زادت إيرادات الضريبة على القيمة املضافة بالنسبة للمنتجات الزراعية‬
‫والصناعية بشكل أسرع من إيراداتها بالنسبة للخدمات‪ ،‬هذا الوضع الذي يضاف إلى نسبة استهالك‬
‫أعلى لهذه املنتجات بين الفئات األكثر فقرا‪ ،‬يطرح مشكلة حقيقية من حيث اتساع التفاوتات بالنظر‬
‫إلى أن املنتجات الصناعية أوالغذائية الزراعية عموما في حالة املغرب تستهلك أكثرمن قبل األسراألكثر‬
‫فقرا مقارنة مع األسراألكثرغنى‪ ،279‬كما أن هيكلة معدالت الضريبة على القيمة املضافة خطيرة خاصة‬
‫على املستوى االجتماعي ومخالفة ملا أعلن عليه صانعي القرارالضريبي من سعيها للتخفيض والحد من‬
‫الف قر‪ ،‬فكيف سنشرح للمواطن البسيط أن مصبرات الطماطم‪ ،‬الجبن‪ ،‬املربى تضرب بالسعر العادي‬
‫‪ ،% 20‬في حين أن املواد املصنعة من املعادن النفيسة معفية من الضريبة على القيمة املضافة‪ ،‬ما يؤكد‬
‫لنا ذلك هو تطبيق سعر ‪ % 10‬أو ‪ % 20‬على بعض املواد والخدمات التي كانت معفاة قبل قانون مالية‬
‫‪ .2014280‬إن الضريبة على القيمة املضافة تقوم على أسعار قيمية تطبق على الجميع بدون تمييزودون‬
‫مراعاة القدرة التكليفية للخاضع للضريبة‪ ،‬كما تعتبرأسعارالضريبة على القيمة املضافة جد مرتفعة‬

‫‪ 276‬أحمد مدني حميدوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪33‬‬


‫‪277‬أغلب الباحثين يعتبرون الضريبة على القيمة املضافة ضريبة غير عادلة‪ ،‬وذلك ألن عبئها يتحمله في النهاية املستهلك النهائي‪ ،‬ولكونها ال‬
‫تأخذ بعين االعتبار الظروف االجتماعية واالقتصادية للمكلف‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪58‬‬
‫‪ 278‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪13‬‬
‫‪ 279‬م ن‬
‫‪ 280‬أحميدوش مدني‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪35‬‬

‫‪72‬‬
‫وتشكل حيفا تجاه الفئات الضعيفة اقتصاديا‪ ،‬وهذا إن دل على ش يء إنما يدل على أولوية الهدف املالي‬
‫لصانعي القرارالضريبي على حساب العدالة الضريبية‪. 281‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أسباب غياب العدالة الضريبية في النظام الضريبي‬


‫املغربي‬
‫مما ال شك فيه أن املغرب حاول أن يعتمد على األداة الضريبية منذ اللحظات األولى لحصوله على‬
‫االستقالل‪ ،‬وفي إطار اعتماده على النهج الليبرالي في االقتصاد حاول أن يدفع بمبادرات الخواص من‬
‫أجل توظيف الرساميل االستثمارية لهذه الفئة خدمة للمجاالت التي تعتبرضرورية‪ ،‬وهكذا عمل صناع‬
‫القرارالضريبي على النص على مجموعة من االمتيازات الضريبية من خالل مختلف القرارات الضريبية‬
‫التي عرفها املغرب منذ استقالله‪ .282‬لكي يتمكن القطاع الخاص من االستثمار واملبادرة‪ ،‬ولن يكفي أن‬
‫تؤمن له أفضل الشروط لجني األرباح‪ ،‬بل سيتعين أيضا‪ ،‬السهرعلى تمكينه من االحتفاظ بأعظم قدر‬
‫منها‪ ،‬وذلك باالمتناع عن إثقاله بالضرائب‪ .‬األمرالذي سينتج عنه ال عدالة النظام الضريبي‪ ،‬ألن موقف‬
‫النظام الضريبي املغربي املسبق واإليجابي ( املحاباة ) ثابت إزاء الثروات الكبرى والرواتب العليا‪.283‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬سنحاول دراسة كل من التشجيعات الضريبية في ( الفقرة األولى )‪ ،‬ثم التصاعدية‬
‫التنازلية التي يعرفها النظام الضريبي املغربي في ( الفقرة الثانية)‪ ،‬سواء فيما يتعلق بالضرائب املباشرة‬
‫أو الضرائب غيراملباشرة‪.‬‬

‫‪281‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪59-58‬‬


‫‪ 282‬صميم عزيز‪ :‬التحفيزات الجبائية باملغرب‪ ،‬السلسلة املغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬مطبعة طوب بريس‪-‬الرباط‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2013‬ص‪15‬‬
‫‪ 283‬نجيب أقصبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪44-43‬‬

‫‪73‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬كثرة التشجيعات الضريبية‬
‫يتضمن النظام الضريبي املغربي‪ ،‬عدة إجراءات تشجيعية ( إعفاءات‪ ،‬أو تخفيضات من الضريبة‬
‫‪ ،)...‬تم سنها من طرف املشرع بغية تحقيق أهداف اقتصادية‪ ،‬تتمثل في تشجيع االدخارأو االستثمار‪.‬‬

‫ويبقى الطابع األساس ي الذي يميز هذه اإلجراءات هو تنوعها وتشتتها‪ ،‬كما أنها ال تلقى اهتماما كبيرا‬
‫من طرف أغلب الباحثين‪ ،‬مع أنها تمثل تنازال من طرف الدولة عن إيرادات ضريبية مهمة‪.284‬‬

‫وقد شملت التشجيعات الضريبية كل بنية النظام الضريبي املغربي‪ ،‬وعليه سنحاول دراسة تجليات‬
‫هذه التشجيعات الضريبية على مستوى كل من الضرائب املباشرة ( أوال) والضرائب غير املباشرة‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التشجيعات الضريبية في إطارالضرائب املباشرة ( الضريبة على الشركات‬


‫أنموذجا )‬
‫إن أهم ما جاء به اإلصالح الضريبي لسنة ‪ 1984‬هو تمييزه في إطار الضرائب املباشرة بين دخول‬
‫األشخاص املعنويين‪ ،‬ودخول األشخاص الذاتيين‪ ،‬وبالتالي أصبح النظام الضريبي املغربي‪ ،‬يعرف‬
‫ضريبتين مباشرتين‪:‬‬

‫األولى تهم األشخاص الذاتيين واملتمثلة في الضريبة على الدخل‪ ،‬والثانية تهم األشخاص املعنويين‬
‫واملتمثلة في الضريبة على الشركات‪.285‬‬

‫وسنحاول‪ ،‬لضرورة منهجية‪ ،‬دارسة التشجيعات الضريبية املتضمنة في الضريبة على الشركات‪ ،‬دون‬
‫الخوض في تلك املقررة بموجب الضريبة على الدخل‪.‬‬

‫وعلى وجه العموم‪ ،‬يمكن القول بأن الوظيفة االقتصادية للضريبة لم تعد تقتصر على تشجيع‬
‫االدخارفقط‪ ،‬بل تهم أيضا تشجيع االستثمار‪ ،‬والضريبة على الشركات تبقى قبل كل ش يء تهم الرأسمال‬
‫وبالتالي يمكن أن تؤثر سلبا على تطور املقاولة واالستثمار إذا كانت قوية‪ .‬لذلك فهي تتضمن مجموعة‬

‫‪ 284‬حميد النهري بن محمد‪ :‬إشكالية التدخل الجبائي باملغرب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪25‬‬


‫‪ 285‬م ن‪ ،‬ص‪26‬‬

‫‪74‬‬
‫من اإلجراءات االستثنائية التي تعتبر تدخال ضريبيا بهدف تخفيف العبء عن املقاوالت وتشجيعها على‬
‫االستثمار‪ .‬وسنحاول في هذه الدراسة التطرق ألهم اإلجراءات الضريبية االستثنائية‪.286‬‬

‫وقد عملت وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة في إطارالتقريراملتعلق بالنفقات الجبائية املرفق‬
‫بمشروع قانون املالية لسنة ‪ 2021‬على إحصاء ‪ 58‬تدبيرهم الضريبة على الشركات‪ ،‬وقامت بتقييم ‪47‬‬
‫تدبير‪ ،‬وحددت كلفتها املالية في ‪ 5076‬مليون درهم‪ ،‬حيث شكلت ‪ % 17.6‬من حصة التدابيراالستثنائية‬
‫التي يعرفها النظام الضريبي املغربي في مجمله‪.287‬‬

‫وتوزعت هذه التدابيرمن حيث توجهها االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪ ،‬على النحو التي‪:‬‬

‫‪ -‬جدول خاص بتوزيع التدابيراالستثنائية من حيث توجهها االقتصادي واالجتماعي والثقافي‬

‫أهداف ثقافية‬ ‫أهداف اجتماعية‬ ‫أهداف اقتصادية‬


‫‪0‬‬ ‫‪743‬‬ ‫‪4332‬‬ ‫املبلغ باملليون درهم‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة ‪2021‬‬ ‫‪-‬‬

‫ولضرورة منهجية سنقتصر في حديثنا فقط على بعض النماذج من التدابيراالستثنائية التي تم‬
‫تقييمها برسم الضريبة على الشركات‪.‬‬

‫‪ -‬جدول يوضح بعض التدابيراالستثنائية التي تم تقييمها في إطارالضريبة على الشركات‬

‫املرجع املبلغ سنة ‪2020‬‬ ‫التدابيراالستثنائية‬ ‫طبيعة التدبير‬


‫املادة ‪ 186 6‬مليون درهم‬ ‫إعفاء املستغالت الفالحية التي تحقق رقم أعمال سنوي يقل‬ ‫إعفاء كلي‬
‫عن خمسة ماليين ‪ 5.000.000‬درهم فيما يخص دخولها‬
‫الفالحية‬
‫‪ 1543‬مليون درهم‬ ‫املادة ‪6‬‬ ‫اإلعفاء من مجموع الضريبة على الشركات طيلة خمس‬ ‫إعفاء جزئي‬
‫و‪7‬‬ ‫سنوات متتالية وفرضها بسعرمخفض ‪ ،% 17.5‬يطبق على‬
‫الشريحة التي يفوق فيها مبلغ الربح الصافي ‪ .1.000.000‬درهم‪،‬‬
‫فيما بعد هذه املدة بالنسبة ل‪:‬‬
‫‪ -1‬املنشآت املصدرة للمنتجات أو الخدمات‪ ،‬باستثناء‬
‫املنشآت املصدرة للمعادن املستعملة‪ ،‬التي تحقق في‬
‫السنة رقم أعمال حين التصدير‪.‬‬

‫‪286‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪34‬‬


‫‪ 287‬تقرير حول النفقات الجبائية‪ ،‬مرفق بمشروع قانون مالية ‪ ،2021‬ص‪11‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -2‬املنشآت الصناعية التي تزاول أنشطة محددة بنص‬
‫تنظيمي‪ ،‬برسم رقم أعمالها املحقق من بيع املنتجات‬
‫املصنعة إلى املنشآت املصدرة املشارإليها أعاله التي‬
‫تقوم بتصديرها‪.‬‬
‫‪ -3‬مقدمي الخدمات واملنشآت الصناعية التي تزاول‬
‫أنشطة محددة بنص تنظيمي‪ ،‬برسم رقم أعمالها‬
‫املحقق بالعمالت األجنبية مع املنشآت املقامة‬
‫بالخارج أو في مناطق التسريع الصناعي واملطابق‬
‫للعمليات املتعلقة بمنتجات مصدرة من طرف‬
‫منشآت أخرى‪.‬‬

‫‪ 36‬مليون درهم‬ ‫املادة‬ ‫فرض الضريبة على الشركات بالسعراملخفض ‪ % 10‬بالنسبة‬ ‫تخفيض‬
‫‪12‬‬ ‫للمقرات الجهوية أو الدولية لصفة " القطب املالي للدار‬
‫البيضاء " وكذا املكاتب التمثيلية للشركات غيراملقيمة‬
‫املكتسبة لهذه الصفة وذلك ابتداء من السنة املحاسبية األولى‬
‫التي تم فيها الحصول على الصفة املذكورة‪.‬‬

‫‪ 151‬مليون درهم‬ ‫املادة‬ ‫إمكانية القيام باستهالك تنازلي لسلع التجهيز‬ ‫تسهيالت مالية‬
‫‪10‬‬
‫فرض الضريبة على الشركات بالسعراملخفض ‪ % 17.5‬املطبق املادة ‪ 71 6‬مليون درهم‬ ‫تخفيض‬
‫على الشريحة التي يفوق مبلغ الربح الصافي ‪ 1.000.000‬درهم‪،‬‬
‫خالل الخمس سنوات املحاسبية األولى املتتالية‪ ،‬ابتداء من‬
‫السنة األولى لفرض الضريبة بالنسبة للمستغالت الفالحية‬
‫الخاضعة للضريبة التي تحقق رقم أعمال يقل عن‬
‫‪ 10.000.000‬درهم‪ ،‬وذلك ابتداء من فاتح يناير‪ 2018‬إلى غاية‬
‫‪ 31‬ديسمبر‪.2019‬‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة ‪2021‬‬ ‫‪-‬‬
‫انطالقا مما سبق‪ ،‬يتبين لنا بأن طبيعة الضريبة على الشركات‪ ،‬جعلتها تتضمن عدة إجراءات‬
‫تشجيعية‪ ،‬تتماش ى في أغلبها مع توجهات مجموعات املصالح الدولية ( املؤسسات املالية الدولية )‪،‬‬
‫والوطنية ( االتحاد العام ملقاوالت املغرب ) الرامية إلى محاباة الرأسمال‪ .‬وفي املقابل التضحية‬
‫بمجموعة من املبالغ املهمة‪ ،‬التي من شأن ضخها في خزينة الدولة تحقيق نوع من االكتفاء الذاتي‬

‫‪76‬‬
‫الضريبي‪ .‬فماذا إذن عن التشجيعات الضريبية املقررة في الضرائب غيراملباشرة ( الضريبة على القيمة‬
‫املضافة) ‪ 288‬؟ ! ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التشجيعات الضريبية في إطارالضريبة على القيمة املضافة‬


‫تعتبرالضريبة على القيمة املضافة من الضرائب غيراملباشرة التي تؤدى من طرف املستهلك النهائي‪،‬‬
‫بعد أن تنقل على كاهله داخل سعراملواد أوالخدمات‪ ،‬بينما تحصلها الدولة على مستوى املنتج أومقدم‬
‫الخدمات‪ ،‬وتتشابه الضريبة على رقم األعمال مع الضريبة على املنتوجات والضريبة على الخدمات من‬
‫حيث كونها تحسب على قدراملعامالت‪ ،‬بينما تختلف عنهما من حيث أن امللزم قبل أن يؤديها أوأن ينقلها‬
‫إلى مستهلك آخر له حق خصم أو إسقاط قدر الضرائب التي نقلت على كاهله من خالل مشترياته‬
‫ونفقاته‪ ،‬سواء املتعلقة باملواد األولية‪ ،‬أو املواد الوسطية‪ ،‬أو مواد التجهيز‪ ،‬والخدمات املرتبطة‬
‫باإلنتاج‪ ،289‬ومن هنا يأتي مفهوم الضريبة على القيمة املضافة حسب األستاذ "عبد السالم أديب"‪،290‬‬
‫أي أن قيمتها في آخر األمر‪ ،‬تنتج عن الضريبة التي تؤدى على املبيعات مخصوم منها الضريبة املنقولة‪،‬‬
‫والتي أديت على املشتريات‪.‬‬

‫على املستوى النظري ال تؤدي الضريبة على القيمة املضافة مفعولها إال إذا كانت شاملة األمرالذي‬
‫يشترط حيادها وهو املبدأ الذي يبرر وجودها‪ .‬أما اإلعفاءات فيعتبرها األستاذ "محمد القدميري"‬
‫"جسما غريبا ‪ " Un corps étranger‬على نظام هذه الضريبة‪ ،‬ويمكن أن تشكل عنصرا مخال بالنظام‬
‫االقتصادي خصوصا مع تعددها‪.291‬‬

‫أما على املستوى العملي فتشكل الضريبة على القيمة املضافة حافزا لالستثمار وعائقا لالستهالك‪،‬‬
‫ونطاق تطبيقها لم يكن شموليا في جميع الدول حتى في الدول املتقدمة‪ ،‬إذ غالبا ما تكون هناك إجراءات‬
‫استثنائية تجعل قطاعا معينا‪ ،‬أو منتوجا معينا خارج نظام هذه الضريبة‪ ،‬ويرتبط ذلك بالسياسة‬
‫االقتصادية التي تنهجها الدولة‪. 292‬‬

‫‪288‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪44‬‬


‫‪ 289‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪218‬‬
‫‪ 290‬م ن‬
‫‪291‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪46‬‬
‫‪ 292‬م ن‬

‫‪77‬‬
‫وقد قامت الوزارة املكلفة باملالية ‪،‬في إطار تقريرها املرفق بمشروع قانون املالية لسنة‬
‫‪،2021‬بإحصاء ‪ 85‬تدبيرا استثنائيا يهم الضريبة على القيمة املضافة‪ ،‬وقد عملت على تقييم ‪ 83‬تدبيرا‬
‫منها‪ ،‬وحددت كلفتها املالية في ‪ 13601‬مليون درهم‪ ،‬بحيث شكلت أكبر حصة من مجموع التدابير‬
‫االستثنائية التي تهم النظام الضريبي املغربي في مجمله بنسبة ‪.293% 47.0‬‬

‫وتتوزع هذه التدابيرمن حيث توجهها االقتصادي واالجتماعي والثقافي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬جدول يهم توزيع التدابيراالستثنائية للضريبة على القيمة املضافة من حيث توجهها االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي‪:‬‬

‫األهداف الثقافية‬ ‫األهداف االجتماعية‬ ‫األهداف االقتصادية‬


‫‪114‬‬ ‫‪8318‬‬ ‫‪5169‬‬ ‫املبلغ باملليون درهم‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة ‪2021‬‬
‫وسنحاول في إطارحديثنا عن التدابيراالستثنائية التي تعرفها الضريبة على القيمة املضافة‪،‬‬
‫االقتصارفقط على بعض النماذج من التدابيرالتي تم تقييمها برسم هذه الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬جدول يوضح بعض التدابيراالستثنائية في إطارالضريبة على القيمة املضافة التي تم تقييمها ‪:‬‬

‫املبلغ سنة ‪2020‬‬ ‫املرجع‬ ‫التدابيراالستثنائية‬ ‫طبيعة التدبير‬


‫‪ 2625‬مليون درهم‬ ‫املادة ‪92‬‬ ‫إعفاء عمليات تفويت املساكن االجتماعية املعدة للسكن‬ ‫إعفاء كلي‬
‫الرئيس ي التي تتراوح مساحتها املغطاة ما بين ‪ 50‬و‪ 80‬مترمربع‬
‫وال يتعدى ثمن بيعها ‪ 250.000‬درهم دون احتساب الضريبة‬
‫على القيمة املضافة‬
‫قليل األهمية حسب‬ ‫املادة ‪91‬‬ ‫إعفاء مجموع األنشطة والعمليات التي تقوم بها الجامعات‬ ‫إعفاء مؤقت‬
‫الوزارة‬ ‫الرياضية املعترف لها بصفة املنفعة العامة‪ ،‬وكذا الشركات‬
‫الرياضية‪.‬‬
‫‪ 2805‬مليون درهم‬ ‫املادتين‬ ‫تخضع للضريبة بالسعراملخفض البالغ ‪ % 10‬مع الحق في‬ ‫تخفيض‬
‫‪ 99‬و‪121‬‬ ‫الخصم لعمليات البيع املتعلقة بزيوت النفط أو الصخور‬
‫سواء أكانت خاما أو مصفاة‬
‫‪ 123‬مليون درهم‬ ‫املادة‬ ‫يمكن أن يؤذن للمنشآت املصدرة للمنتجات و الخدمات‪،‬‬ ‫تسهيالت مالية‬
‫‪118‬‬ ‫بناء على طلب منها وفي حدود مجموع رقم األعمال املتعلق‬
‫بعملية التصديراملنجزة‪ ،‬أن تتسلم مع وقف استيفاء‬
‫الضريبة على القيمة املضافة بالداخل‪ ،‬البضائع واملواد‬

‫تقرير حول النفقات الجبائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪11‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪78‬‬
‫األولية واللفائف غيراملرجعة والخدمات الالزمة للعمليات‬
‫املذكورة‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرالنفقات الجبائية لسنة ‪2021‬‬ ‫‪-‬‬
‫انطالقا مما سبق‪ ،‬يتبين لنا بأن القرارالضريبي لسنة ‪ 1984‬كسياسة عمومية باملغرب قد عمل على‬
‫توفير األرضية الالزمة إلنعاش وجلب االستثمارات‪ ،‬باعتبارها األداة األساسية للتنمية‪ .‬وتندرج‬
‫التشجيعات الضريبية في شكل إعفاءات كلية أو جزئية أو مؤقتة‪ ،‬أو تخفيضات وتسهيالت مالية‬
‫كوسيلة لتحفيزاالستثمار‪ ،‬لكن هذا أدى إلى جعل الضريبة وسيلة لخدمة فئة دون أخرى وقطاع معين‬
‫دون أخر‪ ،‬في إطارخلق زبائن مفترضين للضريبة وهو ما ضرب عرض الحائط مبادئ املنافسة الشريفية‬
‫وكان أحد األسباب التي ساهمت في ال عدالة النظام الضريبي املغربي‪.294‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التصاعدية التنازلية‬


‫تستند فكرة الضريبية التصاعدية إلى مبدأ عام هو العدالة الضريبية والقائل بأن تؤخذ بعين‬
‫االعتبارحالة كل مكلف بالضريبة‪ ،‬أي مقدرته املالية في جميع مظاهرها‪.295‬‬

‫والتصاعدية تقض ي زيادة سعر الضريبة بازدياد املادة الخاضعة لها‪ ،‬بحيث يزداد معدل الضريبة‬
‫كلما زاد املبلغ الخاضع للضريبة‪ ،‬وبالتالي تزيد حصيلة الضريبة‪ ،‬وهذا املبدأ تطبقه معظم التشريعات‬
‫الضريبية التي تراعي العدا لة االجتماعية‪ ،‬فتمتاز الضرائب التصاعدية بتحقيق العدالة واملساواة ألن‬
‫أصحاب الدخول العليا يتحملون عبئا أكبر من أصحاب الدخول املتدنية‪ ،‬كما تؤدي إلى إعادة توزيع‬
‫الدخل والثروة وتفادي تمركزها في يد فئة قليلة من أفراد املجتمع‪.296‬‬

‫وال تعتبر األسعار التصاعدية في الضرائب من بنات الفكر الحديث‪ :‬فقد دعا إليها "مونتسكيو " في‬
‫كتابه " روح القوانين "‪ ،‬ونادى بها بعض كتاب النظرية التقليدية أمثال " جان باتيست ساي " الذي‬
‫قال عنها بأنها ضريبة عادلة ‪ ..‬أضف إلى أن بعض الدول األوروبية قد طبقتها في وقت لم يزل الفهم‬

‫‪ 294‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪94‬‬


‫‪295‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪111‬‬
‫‪296‬خالد على وعمر غنام‪ :‬دليل العدالة الضريبية ملنظمات املجتمع املدني في املنطقة العربية‪ ،‬منشورات شبكة املنظمات العربية غير الحكومية‬
‫للتنمية‪ ،2019 ،‬ص‪5‬‬

‫‪79‬‬
‫التقليدي منتشرا فيها‪ .‬فقد عرفتها فرنسا عام ‪ 1914‬في الدخول‪ ،‬وعام ‪ 1901‬في الشركات‪ ،‬وطبقتها‬
‫انجلترا كضريبة إضافية عام ‪ ،1910‬وطبقتها النمسا عام ‪ ،1896‬وهولندا عام ‪.1893297‬‬

‫والضريبة التصاعدية تشكل اليوم وسيلة فعالة بيد الدولة من أجل جعل الضريبة متطابقة مع‬
‫األوضاع الشخصية واملالية للمكلف بها‪ ،‬وتقوم هذه الضريبة من الناحية النظرية حسب األستاذ‬
‫"حميد النهري بن محمد"‪ ،298‬على فكرتين‪:‬‬

‫الفكرة األولى تقول بأن الضرائب يجب أن تكون متناسبة واقتدار كل مكلف‪ ،‬لذلك البد من اعتماد‬
‫معدالت تصاعدية والتي تراعي قدرة الشخص‪.‬‬

‫والفكرة الثانية تقول بأن الجميع يجب أن يتساووا في تحمل أعباء الضرائب‪ ،‬وأن السبيل الوحيد إلى‬
‫تحقيق هذه املساواة هو اعتماد النسبة التصاعدية‪ ،‬فيدفع ذوي الدخل املرتفع أكثر من أصحاب‬
‫الدخل املحدود لتكون بذلك التضحية متساوية‪.‬‬

‫ويستند تبرير الضريبة التصاعدية على وفرتها وعدالتها وآثارها االقتصادية‪ ،299‬بالرغم من أن‬
‫صندوق النقد الدولي قد واجه باملعارضة تصاعدية الضريبة‪ ،‬تحت ذريعة أن لها أثرا سلبيا على تحفيز‬
‫االستثمار الخاص وعلى مسلسل تكوين الرأسمال‪ ،‬باإلضافة إلى كونها ال تدر إيرادات مهمة للدولة‪300‬‬

‫كأن خبرائه يدعون للعودة إلى الفكر التقليدي الذي يدافع على الضرائب النسبية‪ ،301‬وعموما فإن‬
‫التصاعدية في النظام الضريبي املغربي تتميز بكونها معكوسة‪ ،‬حيث يرتبط باألسعار التصاعدية وجود‬
‫ضرائب على االستهالك شديدة العبء على الفقراء وخفيفة العبء على األغنياء‪. 302‬‬

‫‪297‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪80‬‬


‫‪298‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪112‬‬
‫‪299‬صباح نعوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪81‬‬
‫‪300‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪274‬‬
‫‪ 301‬الضرائب النسبية‪ :‬هي ضرائب تفرض بنسبة ثابتة مهما كانت قيمة الدخل الخاضع للضريبة‪ ،‬كأن تفرض ضريبة على الدخل سعرها ‪%10‬‬
‫وينطبق هذا السعر على كل الدخول كبيرها وصغيرها‪ ،‬ومن ثم فهي ال تحقق العدالة الضريبية لعدم وجود مساواة في التضحية بين املكلفين‪،‬‬
‫إذا يكون العبء النسبي للضريبة أكبر على املمولين أصحاب الدخول املنخفضة عنه بالنسبة ألصحاب الدخول املرتفعة‪.‬‬
‫‪ -‬خالد على و عمر غنام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪5‬‬
‫‪302‬صباح نعوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪82‬‬

‫‪80‬‬
‫وسنحاول‪ ،‬من خالل دراسة التصاعدية التنازلية كأحد أسباب غياب العدالة الضريبية عن بنية‬
‫النظام الضريبي املغربي‪ ،‬الوقوف عن محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على الدخل ( أوال)‬
‫كضريبة مباشرة‪ ،‬ثم على مستوى الضريبة على القيمة املضافة ( ثانيا) كضريبة غيرمباشرة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على الدخل‬


‫عرفت مناقشة أسعارالضريبة على الدخل جدال حادا داخل مجلس النواب‪ ،‬الش يء الذي أخرصدور‬
‫مشروع القانون الخاص بالضريبة العامة على الدخل إلى حيز الوجود‪ ،‬فالحكومة كانت قد اقترحت‬
‫جدوال من ‪ 10‬شرائح تبتدئ من ‪ % 14‬بالنسبة للشريحة األولى وتصل حتى ‪ % 64‬بالنسبة للشريحة‬
‫العليا‪ .‬لكن نواب األغلبية آنذاك انتقدوا املعدالت العليا ملشروع القانون‪ ،‬على أساس كون هذه‬
‫املعدالت ستعاقب استخدام الكفاءات وتدفع املكلفين إلى العمل ‪ 7‬أشهرلصالح الدولة و‪ 5‬أشهرفقط‬
‫ألسرهم الش يء الذي سيؤدي إلى هجرة األدمغة‪.303‬‬

‫وبعد نقاشات مستعصية تم التوصل إلى جدول وحيد يضم ‪ 7‬شرائح بدل ‪ 10‬شرائح التي كانت‬
‫مقترحة‪ ،‬وبسعر يتراوح ما بين ‪ % 14‬كسعر أول و ‪ 52‬كسعر أعلى‪ ،‬وسيعرف هذا الجدول عدة تغييرات‬
‫بموجب قوانين املالية الالحقة‪ ،‬وذلك إرضاء ألصحاب الدخل املرتفع‪.304‬‬

‫وآخرتعديل عرفه جدول حساب الضريبة على الدخل كان بمقتض ى البند األول من املادة ‪ 7‬من قانون‬
‫املالية لسنة ‪ 2009‬ولسنة ‪ ،2010‬وهواملعمول به حاليا بمقتض ى املادة ‪ 73‬من املدونة العامة للضرائب‪،‬‬
‫وهو على النحو التالي‪:‬‬

‫النسبة‬ ‫الشريحة‬
‫معفاة من الضريبة‬ ‫شريحة الدخل إلى غاية ‪ 30,000‬درهم‬
‫‪10 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 30,001‬إلى ‪ 50,000‬درهم‬
‫‪20 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 50,001‬إلى ‪ 60,000‬درهم‬
‫‪30 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 60,001‬إلى ‪ 80,000‬درهم‬
‫‪34 %‬‬ ‫شريحة الدخل من ‪ 80,001‬إلى ‪ 180,000‬درهم‬
‫‪38 %‬‬ ‫شريحة الدخل التي تزيد عن ‪ 180,000‬درهم‬
‫املصدر‪ :‬املادة ‪ 73‬من املدونة العامة للضرائب‬

‫أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪115‬‬ ‫‪303‬‬

‫حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪115‬‬ ‫‪304‬‬

‫‪81‬‬
‫وإذا كان مبدأ العدالة عن طريق الضريبة يقتض ي جدوال تصاعديا حقيقيا‪ ،‬فإن جدول أسعارالضريبة‬
‫على الدخل املبين أعاله‪ ،‬من الناحية العملية يسير في اتجاه التضحية بهذه العدالة لصالح املردودية‬
‫املالية‪.305‬‬

‫فالدخول الدنيا أو الشرائح األولى من جدول حساب الضريبة تتعرض ملعدالت ضريبية جد مرتفعة‪،‬‬
‫كما أن التصاعد بين هذه الشرائح يتم بسرعة قياسية‪ ،‬انطالقا من ‪ % 0‬إلى ‪ % 10‬بالنسبة للشريحة‬
‫األولى‪ ،‬وينتقل إلى ‪ ،% 20‬أي بزيادة عشرنقاط بالنسبة للشريحة الثانية‪ ،‬فنسبة ‪ ،% 30‬أي بزيادة عشر‬
‫نقاط بالنسبة للشريحة الثالثة‪ ،‬وهو ما يوضح بأن األسعار املطبقة على هذه الشرائح األولى تعتبر هي‬
‫األكثر تصاعدية‪.306‬‬

‫في حين تخضع الدخول العليا‪ ،‬ألسعار أقل تصاعدية أو نسب تصاعدية تفضيلية جد منخفضة أو‬
‫حسب تعبير ‪ MEHL et BELTRAME‬تصاعدية تنازلية ‪ ،)progressivité régressive )307‬فقد انحصرت‬
‫منذ سنة ‪ 2010‬في ‪ 4‬نقاط فقط عن كل شريحة‪ ،308‬حيث أن الشريحة ما قبل األخيرة سجلت نسبة ‪34‬‬
‫‪ %‬أي بزيادة ‪ 4‬نقاط‪ ،‬فنسبة ‪ ،% 38‬أي بزيادة أربع نقاط بالنسبة للشريحة األخيرة‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق يمكن القول بكون جدول حساب الضريبة على الدخل يبين بامللموس أن مستوى‬
‫التصاعد متمركز باألساس على الشرائح األولى‪ ،‬والتي يتمركز أغلب املكلفين الخاضعين للضريبة على‬
‫الدخل بها‪ .‬فاألستاذ "نجيب أقصبي "خلص في دراسة تقريبية له حول املوضوع إلى أن نسبة مكلفي هذه‬
‫الشرائح تتجاوز ‪ % 80‬من مجموع أصحاب األجور‪ .309‬باملقابل نجد أن مستوى تصاعدية األسعار‬
‫الضريبية يصبح تنازليا ولطيفا ملا يتعلق األمربشرائح الدخل املرتفعة‪.310‬‬

‫‪ 305‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪329-328‬‬


‫‪ 306‬حسن بوغش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪30-29‬‬
‫‪307‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ 308‬حسن بوغش ي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪30‬‬
‫‪309‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ 310‬حسن بوغش ي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪30‬‬

‫‪82‬‬
‫ثانيا‪ :‬محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على القيمة املضافة‬
‫تتميز الضريبة على القيمة املضافة باتساع نطاقها‪ .‬فباستثناء ما يندرج صراحة ضمن اإلعفاءات‬
‫املنصوص عليها في املدونة العامة للضرائب‪ ،‬فإن أغلب املعامالت تشكل موضوعا لهذه الضريبة‪.311‬‬

‫وقد تم اعتبار تبني املشرع ملبدأ تعدد أسعار الضريبة على القيمة املضافة بمثابة نوع من‬
‫التصاعدية‪ ،‬حيث تتشكل الضريبة على القيمة املضافة من سعرعادي محدد في ‪ ، % 20‬وثالثة أسعار‬
‫مخفضة وهي على التوالي ‪ % 7‬و ‪ % 10‬و ‪ ، % 14‬في محاولة إلضفاء نوع من العدالة على هذه الضريبة‪،‬‬
‫التي تتميزبعدم التفريق بين املستهلكين حسب مستواهم االجتماعي" أغنياء‪-‬فقراء "‪ ،312‬ألن ما يهمها هو‬
‫السلعة أو املنتوج أو الخدمة‪.313‬‬

‫وقد عرفت أسعار الضريبة على القيمة املضافة‪ ،‬عدة تغييرات خالل سنوات التسعينات‪ .‬حيث تم‬
‫التخلي عن السعر األعلى املحدد في ‪ % 30‬بموجب قانون مالية سنة ‪ ،1993‬والذي كان يهم املواد‬
‫الكمالية‪ .‬باإلضافة إلى تغيير أسعار بعض املواد من السعر املخفض ‪ % 7‬إلى ‪ % 14‬أو السعر العادي‬
‫الذي أصبح محددا في ‪%.314 20‬‬

‫وم ن خالل تحليل أسعار الضريبة على القيمة املضافة‪ ،‬يتبين لنا أن سعر ‪ % 20‬باعتباره السعر‬
‫العادي‪ ،‬يشمل مختلف املواد والخدمات دون تمييزبين ما هو أساس ي وما هو ثانوي‪ .‬فال يستثنى من هذا‬
‫السعر إال املواد والخدمات املعفاة أو الخاضعة لسعر آخر واملحصورة بالنص القانوني‪ .‬وهذا ما يترتب‬
‫عنه تحمل األغنياء لنفس العبء الضريبي الذي يتحمله الفقراء عند اقتناء املواد األساسية‪ .‬وعلى‬
‫العكس من ذلك فإن األغنياء ال يتحملون أي عبء ضريبي إضافي ملا يتعلق األمرباقتناء الكماليات‪ ،‬التي‬
‫تبقى دون متناول الفئات االجتماعية الدنيا‪ ،‬بالنظرلخضوعها للسعرالعادي كغيرها من املنتجات‪.315‬‬

‫أما السعر املخفض الثالث املحدد في ‪ % 14‬فيطبق على بعض املواد الغذائية كالزبدة والشاي الذي‬
‫يعتبراملشروب األساس ي للعائالت املغربية والذي ال يمكن لعدد كبيرمن املواطنين االستغناء عنه‪ ،‬ونفس‬

‫‪ 311‬حسن بوغش ي‪،‬س ن‪ ،‬ص ‪44‬‬


‫‪312‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ 313‬موالي الحسن التمازي‪ :‬اإلصالح الجبائي املغربي واستراتيجية التنمية البشرية‪ ،‬مقال منشور على املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،69‬سنة ‪ ،2006‬ص‪51‬‬
‫‪314‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪329‬‬
‫‪ 315‬حسن بوغش ي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪46‬‬

‫‪83‬‬
‫الش يء فيما يتعلق بنقل املسافرين التي تخضع لنفس السعر‪ ،316‬إلى غير ذلك من األصناف الخاضعة‬
‫لهذا السعركالطاقة الكهربائية‪.317‬‬

‫وفيما يخص السعراملخفض الثاني واملحدد في ‪ % 10‬فهو يطبق بدوره على بعض املواد التي ال يمكن‬
‫للمواطن البسيط االستغناء عنها‪ ،‬كالزيوت السائلة الغذائية وملح الطبخ واألرز املصنع والعجائن‬
‫الغذائية‪ ،‬تم املنتجات البترولية والغاز‪ .‬كما يطبق على بعض املعامالت املهمة كعملية القرض الفالحي‬
‫التي يقوم بها والتي تشكل إجحافا في حق الفالح املغربي البسيط‪ .318‬واملالحظ أن سعر الزيوت السائلة‬
‫في بادئ األمر كانت تخضع إلى سعر ‪ % 7‬ليتم رفعها إلى سعر ‪% 10‬وقد تم ذلك بموجب قانون مالية‬
‫‪.2005319‬‬

‫أما السعر املنخفض األول واملحدد في ‪ % 7‬فإنه يطبق أيضا على بعض املنتوجات األساسية التي ال‬
‫يمكن للمواطن املكلف االستغناء عنها‪ ،‬كاملنتوجات الصيدلية التي كان من املفروض أن تعفى على غرار‬
‫ما يجري به العمل في بعض الدول‪ ،‬وذلك حتى يتسنى للمرض ى التمتع بحقهم في التطبيب وفق شروط‬
‫مادية مناسبة‪ ،‬بل حتى األطفال الرضع لم يسلموا من تطبيق هذا السعر على مسحوق الحليب‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األدوات املدرسية‪ ،320‬بل أكثر من ذلك لم تسلم حتى خدمات التطهير املقدمة للمشتركين‬
‫من طرف الهيئات املك لفة بالتطهير من الضريبة على القيمة املضافة‪ ،‬حيث فرضت عليها نسبة ‪، % 7‬‬
‫األمر الذي يثير نوعا من االستغراب والتساؤل حسب األستاذ "موالي الحسن التمازي"‪ 321‬حول ما إذا‬
‫كان األمريتعلق برسم نظافة جديد غيرمباشر؟!‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق يمكن القول بأن الضريبة على القيمة املضافة هي األخرى تعرف التصاعدية‬
‫التنازلية على دخول الفئات املتواضعة‪ .‬بحكم شمولية أسعارها وعدم مراعاتها للمقدرة التكليفية‬
‫للخاضعين لها‪ ،‬األمرالذي يمكن القول معه بأن الضريبة على القيمة املضافة ال تخرج عن توجه القرار‬
‫الضريبي املحابي للفئات امليسورة واملثقل لكاهل ذوي الدخول املتواضعة‪ .‬وهنا يتجلى طابعها التنازلي‪،‬‬

‫‪ 316‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪40‬‬


‫‪ 317‬املادة ‪ 99‬من املدونة العامة للضرائب‬
‫‪ 318‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪40‬‬
‫‪ 319‬موالي الحسن التمازي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪51‬‬
‫‪ 320‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪40‬‬
‫‪ 321‬موالي الحسن التمازي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪51‬‬

‫‪84‬‬
‫حيث يخف عبؤها باملوازاة مع ارتفاع الدخل وتزيد حدة ثقله كلما انخفض‪ .‬األمر الذي يحد من‬
‫اإلمكانات االدخارية للفئات الدنيا ويكرس تقهقرمستواهم املعيش ي‪.322‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬آثارغياب العدالة الضريبية على بنية‬


‫النظام الضريبي املغربي وسبل تحقيقها‬
‫إن غياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي‪ ،‬ما هو إال انعكاس ألسس إستراتيجية‬
‫الليبرالية االقتصادية املعتمدة في املغرب‪ ،‬ففي ظل هذه االستراتيجية نجد الرأسمال يعد بمثابة العصا‬
‫السحرية التي بإمكانها أن تحقق التنمية في املغرب‪ ،‬لذلك الحظنا التعامل الحذر للضريبة مع‬
‫الرأسمال‪.323‬‬

‫وغياب العدالة الضريبة على بنية النظام الضريبي املغربي كانت له مجموعة من الثارالتي سنحاول‬
‫الوقوف عندها في ( املطلب األول)‪ ،‬فيما سنخصص ( املطلب الثاني) للوقوف على بعض السبل التي‬
‫ترمي إلى تحقيق العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬آثارغياب العدالة الضريبية على بنية النظام‬


‫الضريبي املغربي‬
‫أدى غياب العدالة الضريبية عن بنية النظام الضريبي املغربي‪ ،‬إلى استفحال مجموعة من الثار في‬
‫النظام الضريبي املغربي‪ ،‬كضعف النظام الضريبي على تمويل النفقات العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى ارتفاع‬
‫الضغط الضريبي ( الفقرة األولى) على الفئات الشعبية‪ ،‬وانتشار ظاهرة التهرب الضريبي ( الفقرة‬
‫الثانية) كنوع من املقاومة الضريبية لنظام ضريبي غيرعادل‪.‬‬

‫حسن بوغش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪49‬‬ ‫‪322‬‬

‫عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪48‬‬ ‫‪323‬‬

‫‪85‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف التمويل وارتفاع الضغط الضريبي‬

‫أوال‪ :‬ضعف املداخيل الضريبة في تمويل ميزانية الدولة‬


‫مثل الدول النفطية وباألخص‬ ‫ريعية‪324‬‬ ‫إن املغرب وكما هو معلوم دولة ضريبية وليس دولة‬
‫الخليجية‪ ،‬حيث تعتمد في تمويل ميزانياتها على ما تحصل عليه من عائدات النفط‪ ،‬وليس لها مصدر‬
‫آخر للتمويل‪ ،‬أو إن املصادر األخرى ضعيفة جدا‪ ،‬فإن املغرب يعتمد في تمويل ميزانياته على‬
‫املدخوالت‪ 325‬املتأتية من الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة‪ ،‬وتلك املتأتية من الضرائب غيراملباشرة‪،‬‬
‫إضافة إلى الرسوم الجمركية‪ ،‬وباقي املوارد األخرى التي نصت عليها املادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي رقم‬
‫‪.‬‬ ‫‪ 130.13‬املنظم لقانون املالية‪326‬‬

‫‪ 324‬إن الريع هو الترجمة الحرفية لكلمة " ‪ ،" royalty‬والتي استخدمت لتعني حقوق امللكية‪ ،‬أو إتاوة استخدام املناجم ( ومنها الحقول‬
‫النفطية )‪ ،‬أو ترجمة ‪ rent‬عوائد ( إيجارات ) مختلف أنواع امللكيات واألصول‪ .‬والدخل املتأتي من ذلك ال يكون نتيجة نشاط إنتاجي سواء كان‬
‫اإلنتاج لبضائع أو خدمات‪ ،‬بل يأتي نتيجة امتالك أصول هذا الدخل ( الريع )‪ ،‬مثل األراض ي أو العقارات أو األسهم والسندات املالية‪ ،‬وقد‬
‫يكون املالك لهذه األصول أفراد أو دول‪.‬‬
‫وبسبب عدم وجود عمل أو مجهود في الحصول على هذه املدخوالت‪ ،‬فإن مالك األصول الذي يحصل عليها يقرن دائما بالفئات الطفيلية غير‬
‫املنتجة‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد قاسم األمير‪ ،‬رأسمالية الليبرالية الجديدة ( النيوليبرالية )‪ ،‬دار الغد‪ ،‬طبعة ‪ ،2019‬ص ‪55‬‬
‫ولالستزادة يراجع‪- :‬ديفيد ريكادردو‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياس ي‪ ،‬ترجمة يحيى العريض ي وحسام الدين خضور‪ ،‬دار الفرقد‪ ،‬طبعة ‪،2015‬‬
‫الفصل الثاني‪.‬‬
‫‪325‬فؤاد قاسم األمير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪57-56‬‬
‫‪ 326‬تشتمل موارد الدولة حسب املادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬املنظم لقانون املالية على ما يلي ‪" :‬‬
‫‪ -‬الضرائب والرسوم؛‬
‫‪ -‬حصيلة الغرامات؛‬
‫‪ -‬األجور عن الخدمات املقدمة‪ ،‬واألتاوى؛‬
‫‪ -‬أموال املساعدة والهبات والوصايا؛‬
‫‪ -‬دخول أمالك الدولة؛‬
‫‪ -‬حصيلة بيع املنقوالت والعقارات؛‬
‫‪ -‬حصيلة االستغالالت واألتاوى وحصص األرباح وكذلك املوارد واملساهمات املالية املتأتية من املؤسسات العمومية واملقاوالت‬
‫العمومية؛‬
‫‪ -‬املبالغ املرجعة من القروض والتسبيقات والفوائد املترتبة عليها؛‬
‫‪ -‬حصيلة االقتراضات؛‬
‫‪ -‬الحصائل املختلفة‪".‬‬

‫‪86‬‬
‫وتبعا لذلك فإننا سنقوم بدراسة حول مساهمة املوارد الضريبية في ميزانية الدولة باالعتماد على‬
‫قوانين املالية للوقوف على مدى ضعف هذه املوارد في تغطية التكاليف العمومية وبالتالي ضعفها في‬
‫تمويل ميزانية الدولة‪.‬‬

‫تبلغ املوارد اإلجمالية مليزانية الدولة برسم قانون املالية لسنة ‪ 2021‬ما قدره ‪ 432.09‬مليار درهم‪،‬‬
‫موزعة على النحو التي‪:‬‬

‫‪ -‬جدول حول املوارد اإلجمالية مليزانية الدولة‬


‫املبلغ ( ملياردرهم )‬ ‫بيان املوارد‬
‫‪335.62‬‬ ‫امليزانية العامة‬
‫‪2.18‬‬ ‫مرافق الدولة املسيرة بصورة مستقلة‬
‫‪94.29‬‬ ‫الحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫‪432.09‬‬ ‫املجموع‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على ميزانية املواطن‪ ،‬قانون املالية رقم ‪ 65.20‬للسنة املالية ‪ ،2021‬ص‪49‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتمثل امليزانية العامة ‪ % 77.67‬من املوارد اإلجمالية‪ ،‬ويلخص الجدول التالي تطور مداخيلها‬
‫الضريبية على مدى أربع سنوات األخيرة بدراسة خمس قوانين املالية‪.‬‬

‫‪-‬تطور املوارد الضريبية ( ملياردرهم )‬


‫قانون‬ ‫قانون قانون‬ ‫قانون‬ ‫قانون‬
‫مالية‬ ‫املالية‬ ‫مالية‬ ‫مالية‬ ‫بيان موارد امليزانية العامة الضريبية مالية‬
‫‪2021‬‬ ‫‪ 2020‬التعديلي‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬
‫‪2020‬‬
‫املبلغ‬ ‫املبلغ‬ ‫املبلغ‬ ‫املبلغ‬ ‫املبلغ‬
‫‪80.71‬‬ ‫‪85.95 103.94‬‬ ‫‪101.37‬‬ ‫‪97.76‬‬ ‫الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة‬
‫‪95.60‬‬ ‫‪83.42 102.24‬‬ ‫‪99.48‬‬ ‫‪93.47‬‬ ‫الضرائب غيراملباشرة‬
‫‪10.67‬‬ ‫‪7.84 10.34‬‬ ‫‪9.54‬‬ ‫‪9.70‬‬ ‫الرسوم الجمركية‬
‫‪14.87‬‬ ‫‪12.77 16.83‬‬ ‫‪18.20‬‬ ‫‪17.47‬‬ ‫رسوم التسجيل والتمبر‬
‫‪201.85‬‬ ‫‪189.98 233.35‬‬ ‫‪228.59‬‬ ‫‪218.4‬‬ ‫املجموع‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على قوانين املالية الواردة في الجدول‬

‫انطالقا من األرقام أعاله‪ ،‬فإن املوارد الضريبية تشكل املصدر األول ملوارد الدولة بنسبة ‪% 60.14‬‬
‫أي بما مقدراه ‪ 201.85‬مليار درهم‪ ،‬وتساهم في هذا املبلغ الضرائب غير املباشرة ب ‪ 95.60‬مليار درهم‬

‫‪87‬‬
‫كأعلى حصة‪ ،‬تليها الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة ب ‪ 80.71‬ملياردرهم‪ ،‬فرسوم التسجيل والتمبر‬
‫ب‪ 14.87‬ملياردرهم‪ ،‬وأخيرا تساهم الرسوم الجمركية ب ‪ 10.67‬ملياردرهم‪.‬‬

‫وبالرغم من مساهمة املوارد الضريبية في ميزانية الدولة بنسبة ‪ ،% 60.14‬إال أن هذه املساهمة تظل‬
‫ضعيفة مقارنة بإمكانات االقتصاد الوطني‪ ،327‬وغير قادرة على تحقيق االكتفاء الذاتي الضريبي الذي‬
‫يستوجب بأن تغطي املوارد الضريبية نفقات ميزانية الدولة‪ ،‬وقد كانت املوارد الضريبية تغطي النفقات‬
‫في التسعينات في حدود ‪ ، % 80‬بينما ال تتجاوز ‪ % 60‬في قانون مالية ‪ ،2021‬األمرالذي يعني أن مردودية‬
‫نظامنا الضريبي قد تراجعت‪ ،328‬مما يجبر الدولة على اللجوء إلى املؤسسات املالية الدولية من أجل‬
‫االقتراض لتغطية نفقاتها مع ما ينتج عن ذلك من فقدان للسيادة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ارتفاع الضغط الضريبي‬


‫يمكن تعريف الضغط الضريبي على أنه العالقة التي تقوم بين االقتطاع الضريبي الذي يتحمله‬
‫شخص طبيعي أو معنوي أو مجموعة اجتماعية أو جماعة ترابية‪ ،‬والدخل الذي يحصل عليه هذا‬
‫الشخص أو هذه املجموع أو الجماعة الترابية‪ ،‬وعلى هذا األساس يرتبط الضغط الضريبي بالبنيات‬
‫السياسية واالقتصادية‪ ،‬كالنظام القائم واملستوى االقتصادي‪ ،‬كما يرتبط ببعض البنيات االجتماعية‬
‫كالعقلية الجماعية والسلوك‪.329‬‬

‫ويتميز توزيع الضغط الضريبي باملغرب‪ ،‬بكونه ال يتم وفق كيفية عادلة بين مختلف الفاعلين‬
‫االقتصاديين‪ ،‬فعبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من املقاوالت ( حيث يؤدي ‪ % 1‬من‬
‫املقاوالت ما قدره ‪ %80‬من مجموع الضريبة على الشركات)‪ ،‬كما أن الضريبة على الدخل تعتمد في‬
‫األساس على املداخيل املتعلقة بأجور املوظفين والقطاعات املنظمة ( ‪ % 73‬من الضريبة على الدخل‬
‫مصدره األجراء )‪.330‬‬

‫ويرى املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي في تقريره حول '' ‪le systéme fiscal marocain:‬‬
‫‪ ،" développement économique et chésionsocile‬بأن التحليل الدقيق يبين أن الضغط الضريبي‬

‫‪327‬‬
‫‪La commission spéciale sur modèle de Développement, Recueil des notes thématiques, des paris et projets de Nouveau‬‬
‫‪Modèle de Développement , Annexe 2, Avril 2021 , page 329‬‬
‫‪ " 328‬نجيب أقصبي‪ :‬نظامنا الضريبي يخدم الرأسمال ويزيد الضغط على األجراء والطبقة املتوسطة"‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ 329‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪330‬‬
‫‪La commission spéciale sur modèle de Développement, lbid , page 329‬‬

‫‪88‬‬
‫الناتج عن الضريبة على الدخل يبقى معتدال بالنسبة إلى األجور التي تقل عن ‪ 10.000‬درهم شهريا‪ .‬وعلى‬
‫سبيل املثال‪ ،‬فإن أجرا قدره ‪ 5.000‬درهم ال تتجاوز الضريبة املوقعة عليه نسبة ‪ % 4‬تقريبا‪ ،‬وهي نسبة‬
‫قد تنخفض إلى ما دون ذلك‪ ،‬حتى حدود ‪ ، % 2‬إذا أخذنا في االعتبار ما يتم إسقاطه من تلك الضريبة‪،‬‬
‫في ارتباط بأداء القروض العقارية‪.‬‬

‫أما األجور التي تبلغ ‪ 10.000‬درهم‪ ،‬تطبق عليها نسبة ‪ % 10‬تقريبا‪ .‬وشعور الخاضعين للضريبة من‬
‫أصحاب هذا املستوى من األجور بارتفاع الضريبة يعود إلى املساهمات االجتماعية أكثر منه إلى‬
‫الضريبة‪ .‬فضغط االقتطاعات االجتماعية حسب املجلس‪ ،‬يبلغ ‪ % 22‬بالنسبة لألجور البالغة ‪5.000‬‬
‫درهم‪ ،‬وحوالي ‪ % 18‬بالنسبة إلى فئة ‪ 10.000‬درهم شهريا‪ ،‬ويبلغ مجموع الضغط الضريبي واالجتماعي‬
‫ما قدره ‪ % 22‬بالنسبة لألجور القريبة من الحد األدنى لألجر‪ ،‬ليرتفع إلى ‪ % 44‬بالنسبة إلى مستويات‬
‫الدخل املرتفعة‪.331‬‬

‫في حين يرى األستاذ "نجيب أقصبي"‪ ،‬بأن الرأسمال ظل غيرمعني كثيرا بالضريبة وعائداته ال تساهم‬
‫إال بشكل ضعيف فيها‪ ،‬بينما تخضع عائدات العمل إلى ضرائب مرتفعة‪ ،‬ولالقتناع بهذا‪ ،‬يكفي أن نشير‬
‫إلى أن فئة واحدة من ضمن الفئات الخمس املعنية بالضريبة على الدخل‪ ،‬هي فئة املأجورين‪ ،‬تساهم‬
‫بحوالي ثالثة أرباع إجمالي العائدات من الضريبة على الدخل‪ ،‬أما الضريبة على الشركات‪ ،‬فهي موضوع‬
‫عمليات غش وتهرب كثيفة‪ ،‬حيث أن ثلثي الشركات امللزمة بالضريبة‪ ،‬ال تؤدي عمليا ألنها تعلن بانتظام‬
‫أنها في حالة عجز ‪ ..‬بصفة عامة إن من يؤدون الضرائب باملغرب هم أساسا املستهلكون‪ ،‬واألجراء‪،‬‬
‫والقليل من املقاوالت‪.332‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التهرب الضريبي‬


‫إن وعي الوسط االجتماعي بأهمية الضريبة من العوامل التي تكون مساعدة على تقبله لهذه األخيرة‪،‬‬
‫بينما انعدام العدالة الضريبية والحيف الضريبي يمكنه أن يخلق لدى املواطن إحساسا بأن التهرب من‬
‫أداء الضرائب وسيلة من وسائل الدفاع الشرعي في مواجهة ضرائب غيرعادلة‪.333‬‬

‫‪331‬‬
‫‪Rapport du conseil Economique et social, le systéme fiscal marocain: développement économique et cohesion sociale,‬‬
‫‪auto-saisine n° 9/2012, page 21‬‬
‫‪ 332‬نجيب أقصبي‪ :‬االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية باملغرب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪47‬‬
‫‪ 333‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪73‬‬

‫‪89‬‬
‫ويعد التهرب الضريبي‪ ،‬كأحد أكبرمظاهرالسخط والتمرد على الفرض الضريبي‪ ،‬ظاهرة من الظواهر‬
‫األكثرانتشارا في اقتصاديات الدول الحديثة‪ ،‬ويؤثرسلبا على مداخيل هذه الدول‪ ،‬وبالتالي على أنشطتها‬
‫ووظائفها املتعددة‪ .‬وبالتالي فإن مختلف التشريعات تستخدم كل الوسائل القانونية ملكافحة هذه‬
‫الظاهرة التي تستهدف مخالفة الواجب الضريبي‪.334‬‬

‫وقد اختلف فقهاء القانون الضريبي حول وضع تعريف محدد للتهرب الضريبي‪ ،‬فهناك من ينظرإليه‬
‫من زاوية ضيقة تتأسس على استعمال وسائل احتيالية غير مشروعة تخالف مقتضيات النصوص‬
‫الضريبية‪ ،‬وهناك من ينظر إليه على أساس أنه وسيلة يتم بمقتضاها استغالل الثغرات القانونية التي‬
‫تركها املشرع الضريبي‪ ،‬وبالتالي استعمال وسائل مشروعة وقانونية قصد التخلص من االلتزام‬
‫الضريبي‪.335‬‬

‫عموما فإن للتهرب الضريبي عدة مساوئ‪ ،‬فهو يقود إلى إنقاص حصيلة اإليرادات العامة‪ ،‬وبالتالي‬
‫إلى إتباع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة التي تعد الوسيلة األساسية إلشباع‬
‫حاجات املجتمع االقتصادية واالجتماعية والدفاعية ‪ ...‬والتهرب الضريبي يؤدي بالنهاية إلى انخفاض‬
‫االستثمارات وهبوط املستوى املعيش ي لألفراد‪ ،‬ناهيك عن إضعاف مقدرة الدولة في املحافظة على‬
‫األمن وإعادة توزيع الدخول‪ ،‬وال تتوقف مساوئ التهرب الضريبي عند هذا الحد‪ ،336‬بل إن إنقاص‬
‫اإليرادات العامة يؤدي بالدولة إلى االقتراض من املؤسسات املالية بالنظرلضعف املردودية الضريبية‪،‬‬
‫وبالتالي منح هذه األخيرة فرص للتدخل في صناعة القرارالضريبي‪.‬‬

‫ويعتبرتحديد العوامل التي تدفع الخاضعين للضريبة إلى السعي وراء تجنب دفع الضرائب‪ ،‬من أهم‬
‫املراحل التي يمكن أن تعطي لنا صورة وفكرة واضحة عن هذه الظاهرة‪ ،‬لكن الصعوبة التي تعترض أي‬
‫باحث في دراسة هذه الظاهرة االجتماعية تتمثل في تعدد األبعاد‪ ،‬وبالتالي صعوبة التحكم فيها‪ ،‬أو‬
‫اإلحاطة التامة بها من مختلف الجوانب واألبعاد‪.337‬‬

‫‪ 334‬صفاء البوهالي‪ " :‬التهرب الضريبي باملغرب‪ :‬املفهوم األسباب وسبل مكافحتها"‪ ،‬مجلة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص‪،‬‬
‫‪ ،2020‬ص ‪333‬‬
‫‪ 335‬محمد مكو‪ :‬إشكالية التهرب الضريبي في املغرب " دراسة قانونية "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية –طنجة‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬املوسم الجامعي‪ ،2008-2007‬ص‪10-9‬‬
‫‪336‬صباح نعوش‪ :‬الضرائب في الدول العربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬املغرب‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1987 ،‬ص‪115‬‬
‫‪ 337‬أحمد إفقيرن‪ :‬التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة إشكالية إرساء دعائم العدالة الجبائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪190‬‬

‫‪90‬‬
‫ويتداخل في تحديد أسباب التهرب ما هو قانوني بما هو اقتصادي واجتماعي ونفس ي‪ ،‬كما أن هذه‬
‫العوامل تتقاطع فيما بينها مما يصعب معه تناول كل سبب من هذه األسباب بطريقة معزولة عن‬
‫السبب الخر‪ ،‬غير أننا سنحاول في تحديد أسباب التهرب الضريبي الوقوف عند كل من األسباب‬
‫االقتصادية‪ ،‬الضريبية‪ ،‬النفسية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬األسباب االقتصادية‬

‫من أهم األسباب التي قد تدفع بامللزمين إلى عدم االلتزام بواجباتهم الضريبية نجد األسباب‬
‫االقتصادية والتي يمكن إرجاعها إلى حالتين‪:‬‬

‫الحالة األولى ترتبط بالوضع االقتصادي الخاص للخاضع أمام الضريبة‪ ،‬حيث يساعد على تحديد‬
‫موقفه من التهرب الضريبي (كلما زاد عبء الضريبة على الخاضع للضريبة كلما ساء مركزه املالي)‪.‬‬

‫أما الحالة الثانية فترتبط بالظروف االقتصادية في مجملها‪ ،‬مما قد يساعد هو الخرفي التهرب الضريبي‬
‫( يظهر ذلك في أوقات األزمات املالية التي تمر بها املشاريع االقتصادية وما يترتب عنها من ضعف في‬
‫املداخيل‪ ،‬األمر الذي يدفع الخاضع للضريبة إلى محاولة تجنب أداء ما عليه من ضرائب للخروج من‬
‫األزمة والحفاظ على مؤسسته)‪.‬‬

‫وحسب األستاذ " صباح نعوش " فإذا كانت املهنة الغالبة في مجتمع ما هي املهنة املأجورة‪ ،‬أصبحت‬
‫حصيلة الضرائب كبيرة نظرا لصعوبة ممارسة التهرب الضريبي فيها‪ ،‬وبمعنى آخر كلما كانت املهن‬
‫التجارية والصناعية والحرة مهمة كلما زادت أهمية التهرب الضريبي‪ .‬ففي املهن املأجورة يمكن لإلدارة‬
‫الحصول على جميع املعلومات املتعلقة بأجر املكلف من رب عمله‪ ،‬ويمكن لإلدارة االعتماد على‬
‫االستقطاع من املنبع وبموجبه ال يستطيع صاحب األجرالحصول على دخله إال بعد استقطاع الضريبة‬
‫منه ‪ ..‬إن هذه اإلجراءات غيرممكنة اإلتباع في املهن األخرى‪ ،‬لذلك يكثرفيها التهرب الضريبي‪.338‬‬

‫‪ -2‬األسباب الضريبية‬

‫تتجلى في عدم االستقرار الذي يعرفه النظام الضريبي املغربي‪ ،‬والتعديالت املتكررة التي تتضمنها‬
‫قوانين املالية السنوية‪ .‬وهذا ما يجعل النصوص الضريبية تفقد معناها واألهداف املتوخاة منها‪ ،‬فكثرة‬
‫النقائص والثغرات والتعقيدات على مستوى النصوص املنظمة ملختلف الضرائب‪ ،‬وكذا الصياغة‬

‫‪338‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪116‬‬

‫‪91‬‬
‫القانونية للنصوص تؤدي دورا في تشجيع الخاضع للضريبة على التهرب الضريبي‪ .‬فبقدر ما تكون‬
‫الصياغة معقدة يكون القانون أقل وضوحا ويترك مجاال أكبر لتدخل اإلدارة في تحديد اإلعفاءات‬
‫والتخفيضات‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى عدم قناعة الخاضع للضريبة بالضريبة املفروضة عليه وإلى محاولة‬
‫التهرب منها‪ ،339‬كذلك الشأن بالنسبة الرتفاع العبء الضريبي على الخاضع للضريبة حيث يعتبرمحفزا‬
‫له على التهرب من أداء التزاماته الضريبية‪.‬‬

‫‪ -3‬األسباب النفسية واالجتماعية‬

‫تخلق الضريبة لدى املكلف شعورا بالضعف تجاه السلطات العامة التي تتمتع بجميع وسائل اإلكراه‬
‫إلجباره على دفع جزء من أمواله للدولة ‪ ..‬إن املكلف يدفع من أمواله وال يحصل على ش يء مباشرمقابل‬
‫ما دفعه‪ ،‬األمرالذي يجعله يقارن بين ما يمكن أن يعمله بذلك الجزء من أمواله عند عدم دفعه للدولة‬
‫وبين ما تفعله الدولة بذلك الجزء من تمويل لنفقات كمالية أحيانا‪ ،‬لذلك يستاء الشخص من‬
‫الضرائب ويحاول التملص منها‪.340‬‬

‫على وجه العموم فإن العوامل النفسية تلعب دورا هاما في التهرب من أداء الضريبة‪ ،‬فكلما زاد الوعي‬
‫الضريبي ضعف الباعث وراء التهرب‪ ،‬وبالعكس من ذلك‪ ،‬كلما ضعف الوعي الضريبي كان الباعث على‬
‫التهرب من الضريبة حاضرا‪ ،341‬وغياب الوعي الضريبي لدى الخاضعين للضريبة يعتبر ظاهرة عادية في‬
‫دول العالم الثالث‪ ،‬فأغلبية الخاضعين يحاولون ما أمكنهم التملص من أداء الضريبة والتهرب منها‪،‬‬
‫ونجد بعض الفئات من الخاضعين للضريبة يفاخرون بكونهم ال يؤدونها‪ ،342‬مع أن العكس هواملفروض‬
‫أن يكون‪ ،‬ألن املواطن الصالح هو الذي يؤدي الضرائب‪ ،‬ويفاخربأدائها‪.343‬‬

‫هذا‪ ،‬ويتصف النظام الضريبي املغربي بالعديد من االختالالت والثغرات القانونية‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫االختالالت في تواجد مجموعة من التكاليف القابلة للخصم التي يستغلها الخاضعون للضريبة للتهرب‬

‫‪ 339‬أحمد إفقيرن‪ :‬اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪77-76‬‬
‫‪340‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪120‬‬
‫‪ 341‬محمد كمو‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫‪342‬يذكر بعض الكتاب أن املتهرب من الضرائب إنما هو " سارق شريف " ألنه ال يسرق سوى الدولة وهي شخص اعتباري‪.‬‬
‫‪ -‬صباح نعوش‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪120‬‬
‫‪ 343‬عبد السالم أديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪73‬‬

‫‪92‬‬
‫من ثقلها‪ ،344‬حيث يمكن للشركة أن تلجأ إلى هذه املناورات بمساعدة محاسب جيد أو محاسب‬
‫قانوني‪.345‬‬

‫فقد أجاز املشرع بموجب املادة ‪ 10‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬خصم بعض التكاليف التي وقع‬
‫تحملها أو االلتزام بها ألغراض االستغالل‪ ،‬بحيث تتحدد الحصيلة الضريبية بعد استنزال مبالغ هذه‬
‫الخصومات‪ .‬ولئن كانت هذه الخصومات تروم من حيث املبدأ تخفيض تكلفة اإلنتاج وتعضيد مسلسل‬
‫مراكمة رأس املال داخل الشركات‪ ،‬لهدف رفع مستويات االستثمارواإلنتاج‪ ،‬فإن هذه األهداف الظاهرة‬
‫يجب أال تغطي على حقيقة األهداف املستترة لهذه الخصومات‪ ،346‬خاصة حينما تعمد الشركات‪ ،‬سيما‬
‫الكبرى منها‪ ،‬إلى تضخيم تكاليف االستغالل كاملشتريات واملنتجات ومصاريف املستخدمين واليد‬
‫العاملة والتكاليف االجتماعية‪ ،‬أو خلق مصاريف وهمية وذلك بطرق احتيالية وملتوية‪ .‬وكذلك يتيح‬
‫خصم االندثارات واملخصصات االحتياطية مجاال واسعا للتهرب الضريبي‪.347‬‬

‫يضاف إلى الحاالت السابقة األعمال التي يقوم بها الخاضع للضريبة من تقديم بيانات غير صحيحة‬
‫أو أرباح قليلة ألسباب عديدة‪ ،‬منها تأخيردفع الضريبة ما أمكن‪ ،‬حيث يلجأ الخاضع للضريبة إلى إقامة‬
‫دعوى ضريبية للحصول على قرار يوقف دفع الفوائد إلى حين البث في الدعوى‪ .‬كما يقوم الخاضع‬
‫للضريبة بترك النشاط ا إلنتاجي الذي يخضع إلى ضريبة مرتفعة‪ ،‬واالنتقال إلى نشاط آخر خاضع‬
‫لضريبة أقل أو معفى من أداء الضرائب‪.348‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬نجد هناك وسيلة أخرى للتهرب من أداء االلتزامات الضريبية‪ ،‬وهي املتمثلة في تقنية‬
‫ترحيل العجز‪ ،‬فإذا كان الواجب الضريبي يتحدد بعد استنزال مبلغ الخصم‪ ،‬فإن الواجب ال يفرض إال‬
‫في حالة تحقيق ربح‪ .‬أما في حالة تحقيق العجزنتيجة الصعوبات املالية أوتحملت خالل نشاطها املقاولة‬
‫خسارة معينة‪ ،‬فإنها تنفلت من تحمل عبء الضريبة برسم سنة معينة‪ ،‬ويكون بإمكانها تأجيل الخصم‬
‫إلى أرباح الدورة املحاسبية الالحقة‪ ،‬في حدود أربع دورات محاسبية التي تلي الدورة التي حصل فيها‬

‫‪ 344‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪73‬‬


‫‪ " 345‬أقصبي‪ :‬يتم تضليل املغاربة بأن مشكل الضرائب هو في نسبها على الشركات ( النسب تنبح وال تعض )"‪ ،‬مقال منشور على موقع‬
‫‪ www.psu.ma‬تاريخ الزيارة ‪ 2021.03.20‬على الساعة ‪ 18:00‬مساء‪.‬‬
‫‪ 346‬أحمد إدعلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪63‬‬
‫‪ 347‬م ن‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪ 348‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م ن‪ ،‬ص ‪73‬‬

‫‪93‬‬
‫العجز‪ ،‬ويشترط أن يتم إثبات الخسارة فعليا وأن يتم نقلها في إطارذات املقاولة وليس من خزينة مقاولة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬وطول هذه املدة يفض ي إلى ترحيل الخلل في املحاسبة إلى الدورات الالحقة‪.349‬‬

‫وأخيرا يالحظ كذلك أن هناك شركات مهمة تنشأ املقراالجتماعي لها في املناطق املعفاة بشكل جزئي‪،‬‬
‫واملناطق التي تحظى بامتيازات مهمة‪ .‬لكن هذه الشركات تمارس نشاطاتها في مناطق أخرى خاضعة‬
‫للضريبة‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل قيام العديد من الشركات بتأسيس مقرها االجتماعي في املناطق‬
‫الشمالية وكذلك في املناطق الجنوبية‪ ،‬لكن أغلب إن لم نقل جل نشاطاتها تقوم بها خارج هذه املناطق‬
‫املعفية‪ ،‬مما يطرح إشكالية العدالة الضريبية والتنافسية بين الشركات‪.350‬‬

‫وقد حددت منظمة " أوكسفام " في تقرير لها حول املغرب " ‪Un Maroc égalitaire, Une Taxation‬‬
‫‪ " Juste‬تكلفة الخسائرالضريبية التي يتكبدها املغرب كل سنة بسبب التهرب الضريبي للشركات متعددة‬
‫الجنسيات ب ‪ 24.5‬مليار درهم‪ ،‬وهو رقم كبير جدا يتم تفويته سنويا على خزينة الدولة‪ ،‬حيث يمثل‬
‫‪ % 2.34‬من الناتج املحلي اإلجمالي‪.351‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬سبل تحقيق العدالة الضريبية في النظام الضريبي‬


‫املغربي‬
‫سنحاول من خالل هذا املطلب الوقوف على السبل الكفيلة بتحقيق العدالة الضريبية في بنية‬
‫النظام الضريبي املغربي من خالل دمقرطة عملية صنع القرار الضريبي ( الفقرة األولى)‪ ،‬قصد تجاوز‬
‫عيوب نظام اتخاذ القرارالضريبي املعتمد‪ ،‬مع العمل على توسيع الوعاء الضريبي ( الفقرة الثانية)‪ ،‬ألن‬
‫طبيعة الوعاء الضريبي القائم‪ ،‬ت عد من بين اإلشكاالت الرئيسية التي تساهم في ال عدالة النظام‬
‫الضريبي‪ ،‬بالنظر لضيقه وعدم تغطيته ملجموعة من األنشطة‪ ،‬ومن شأن العمل على توسيع الوعاء‬
‫الضريبي الرفع من شريحة الخاضعين للضريبة‪ ،‬وبالتالي تفادي تمركز الضغط الضريبي على فئة دون‬
‫أخرى‪.‬‬

‫أحمد إدعلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪80‬‬ ‫‪349‬‬

‫أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪74-73‬‬ ‫‪350‬‬

‫‪351‬‬
‫‪Oxfam, « Un Maroc égalitaire, Une Taxation Juste », 2019, page35‬‬

‫‪94‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دمقرطة عملية صنع القرارالضريبي‬
‫ال بد من اإلقرار بأن ال عدالة النظام الضريبي املغربي‪ ،‬تجعلنا نقف أساسا على عيوب نظام اتخاذ‬
‫القرارات املعتمد منذ أزيد من خمسين سنة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬إنها في صميم نظام سياس ي هو امللكية‬
‫التنفيذية‪ ،‬حيث امللك يسود ويحكم‪ ،‬بتوفره على سلطة تقريرية شبه مطلقة على مجمل مجاالت الحياة‬
‫العمومية‪ ،‬بدءا بتلك التي تخص الحياة االقتصادية واالجتماعية‪.352‬‬

‫وكباقي الدساتير الخمس التي عرفها املغرب‪ ،353‬فإن دستور ‪ 2011‬لم يقدم الجواب املناسب‬
‫والضروري للمشكل‪ 354‬املتعلق باحتكاراملؤسسة امللكية لسلطة اتخاذ القرار‪ ،‬فحسب األستاذ " محمد‬
‫الساس ي" عمل على تكريس مركزامللك كمتحكم في السلطة التنفيذية ومحدد ملسارات عملها واشتغالها‬
‫ومضمون القرارات التي تفيض عنها‪ ،‬وذلك من خالل رئاسة امللك ملجلس الوزراء‪ .‬فهذا األخير هو الذي‬
‫يتداول في التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة والتوجهات العامة ملشروع قانون املالية‪ ،355‬وأي قرار‬
‫يهم املجال الضريبي‪ .‬وهذا يعني أن مجلس الحكومة‪ ،‬حتى وإن تمت دسترته كمؤسسة وتم تخويله حق‬
‫البث في مشاريع القوانين العادية واملراسيم التنظيمية بما في ذلك تلك التي تهم املجال الضريبي‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يتم في إطارالخضوع للتوجهات االستراتيجية التي رسمها مجلس الوزراء‪ ،‬فمهمة مجلس الحكومة‬
‫هي ترجمة تلك التوجهات إلى قرارات وتدبير االنضباط لسقف ما تقرر في مجلس الوزراء‪ .356‬وبذلك‬
‫يستمرالضبط املؤسساتي لفائدة امللكية التنفيذية‪ .‬بفعل قوة القانون إذن‪ ،‬واملمارسة اليومية أيضا‪،‬‬
‫وعدم السماح بإمكانية مناقشة خطبه وقراراته‪ ،‬األمر الذي يكرس امللك غير القابل للمساءلة‪ ،‬بالنظر‬
‫لكونه غير مسؤول أمام أي كان‪ ،‬وال تتم محاسبته على قراراته أمام أية هيئة وأي ناخب‪ .357‬هذا األمر‬
‫يتعارض ونظام الديمقراطية التمثيلية‪ .‬الذي يتأسس على مكونات ثالثة برهنت فعاليتها حسب األستاذ‬
‫"نجيب أقصبي "‪ ،‬فالصناديق هي التي تعطي املشروعية للسلطة التنفيذية‪ ،‬وهذه األخيرة تطبق‬

‫‪ 352‬نجيب أقصبي‪ :‬االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية باملغرب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪106‬‬


‫‪ 353‬بعد مرور خمس وخمسين سنة على استقالل املغرب صدرت ‪ 6‬وثائق دستورية ( ‪ )1962،1970،1972،1992،1996،2011‬أي بمعدل‬
‫دستور على رأس كل ‪ 9‬سنوات‪.‬‬
‫‪-‬أمحمد مالكي‪ :‬الدستور وتنظيم السلط‪ ،‬منشورات الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،2014 ،‬ص‪7‬‬
‫‪ 354‬نجيب أقصبي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪111‬‬
‫‪ 355‬محمد الساس ي‪ :‬دستور امللكية غير البرملانية‪ ،‬مقال منشور على موقع تيزبريس‪ www.tizpress.com‬تاريخ اإلطالع ‪ 14.06.2021‬على الساعة‬
‫‪ 10:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 356‬محمد الساس ي‪ ،‬م ن‬
‫‪ 357‬نجيب أقصبي‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪112-111‬‬

‫‪95‬‬
‫برنامجها بكامل املسؤولية‪ ،‬وتقدم الحساب عند نهاية واليتها للناخبين الذين صوتوا عليها‪ .‬هذا النظام‬
‫تم اعتماده ليس ألنه ديمقراطي فقط‪ ،‬ولكن بالنظرلكونه فعال‪ ،‬أو على األقل مصدرفعالية‪.358‬‬

‫والصيغة الوحيدة للتوفيق بين الطابع الوراثي للحكم وقواعد الديمقراطية حسب األستاذ " محمد‬
‫الساس ي" تتمثل في االنتقال من امللكية التنفيذية إلى امللكية البرملانية‪.359‬‬

‫والهدف من تطبيق امللكية البرملانية هو تأمين تطبيق القاعدة التالية‪ " :‬الشعب يحكم من خالل‬
‫ممثلين ينتخبهم"‪ ،‬األمرالذي يقض ي بأن الذي يحكم يتعين عليه أن يكون منتخبا‪.360‬‬

‫ولتجاوز االختالل وتقوية الطابع البرملاني للنظام السياس ي‪ ،‬البد من إعادة توزيع األدوار بين‬
‫املتدخلين في صناعة القرار الضريبي باملغرب‪ ،‬وبالعمل على إعادة االعتبار للسلطة التشريعية األصلية‬
‫في املجال الضريبي‪ ،‬عن طريق مراجعة وتقوية سلطة البرملان في املجال الضريبي‪ (361‬أوال)‪ ،‬مع العمل‬
‫على مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرارالضريبي ( ثانيا )‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقوية دور البرملان في صناعة القرارالضريبي‬


‫تقوية صالحيات وأدوار السلطة التشريعية األصلية في مجال سن السياسة الضريبية‪ ،‬من املداخل‬
‫الرئيسة الالزم تفعيلها من أجل عقلنة صناعة القرار الضريبي‪ ،‬إذ أن املساهمة الفعلية للبرملان‬
‫بمجلسيه في التقريرالضريبي‪ ،‬تتميزبالضعف وال ترقى إلى مستوى االنتظارات الشعبية‪ ،‬وهوما يؤثرسلبا‬
‫على جودة وفعالية القرارالضريبي‪.‬‬

‫ولعل هذا الضعف املميز للعمل البرملاني‪ ،‬وإن كان يتسم بالحدة على مستوى التشريع الضريبي‬
‫واملالي‪ ،‬إال أنه يعد قاعدة عامة بصمت مساهمة البرملان في التشريع في شتى املجاالت‪ ،‬وهو أمر مرتبط‬

‫‪ 358‬نجيب أقصبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪106‬‬


‫‪ 359‬الساس ي‪ :‬ال خيارا ديمقراطيا دون ملكية برملانية واألشعري يرى أن السلطة املغربية تملك مفاتيح ‪ ،2021‬مقال منشور على موقع‬
‫‪ www.Alquds.co.uk‬تاريخ اإلطالع ‪ 14.05.2021‬على الساعة ‪ 14:00‬زوال‪.‬‬
‫‪ 360‬محمد الساس ي‪ :‬مداخلة في ندوة " النضال الديمقراطي في أفق امللكية البرملانية"‪ ،‬املنظمة من طرف اللجنة املحلية للقطاع النسائي التابعة‬
‫للحزب االشتراكي املوحد بفاس‪ ،‬يوم السبت ‪ 30‬مارس ‪ ، 2019‬متوفرة على موقع اليوتيوب‪:‬‬
‫‪.https://www.youtube.com/watch?v=T02p85QVci8‬‬
‫‪361‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪292‬‬

‫‪96‬‬
‫بطبيعة النظام السياس ي املغربي‪ 362‬ومجموعة من العناصرالتي سبق أن تطرقنا لها في املحور املخصص‬
‫لدراسة دور البرملان في صناعة القرارالضريبي‪ ،‬والتي جعلت من البرملان مجرد غرفة للتسجيل‪.‬‬

‫واالرتقاء بمستوى البرملان في ميدان التشريع الضريبي‪ ،‬يتطلب تقوية وتعزيز وتوسيع صالحيات‬
‫البرملان في املجال الضريبي‪ ،‬إلى جانب تأهيل املؤسسة البرملانية ملمارسة هذه االختصاصات‪ ،363‬وذلك‬
‫بالعمل على تقوية الثقافة الضريبية لدى النخبة السياسية‪ ،‬األمرالذي سينعكس باإليجاب سواء فيما‬
‫يتعلق بدراسة ومناقشة قوانين املالية‪ ،‬أو على مستوى طرح األسئلة الشفوية والكتابية في املجال‬
‫الضريبي داخل البرملان‪ ،‬أو حتى على مستوى املساهمة في بعض الندوات أو األيام الدراسية أو البرامج‬
‫التلفزيونية واإلذاعية‪364،‬مع وضع موارد بشرية متخصصة ذات كفاءات عالية في امليادين االقتصادية‬
‫والقانونية واملالية والضريبية‪ ،‬تكون أداة لالستشارة واملساعدة وتقديم الخبرة‪ ،‬خصوصا في‬
‫املقتضيات والنصوص ذات الطابع التقني كاملادة الضريبية‪ ..365‬والعمل على تخفيف وتفكيك القيود‬
‫املفروضة على البرملان في مجال التشريع املالي والضريبي بشكل خاص‪ ،‬ويتعلق األمر باألساس بمراجعة‬
‫املسطرة التشريعية الخاصة بسن قوانين املالية‪ ،‬وذلك في اتجاه تعزيز مكانة ومساهمة البرملان أمام‬
‫هيمنة وتحكم السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وفي مقدمة هذه القيود التي تفرغ الترخيص البرملاني من كل محتواه التقييمي للنصوص املالية‬
‫والضريبية‪ ،‬الحدود املمارسة على حق التعديل البرملاني ملضمون مشروع القانون املالي‪ ،‬ذلك أنه في‬
‫الغالب ما تصطدم تعديالت البرملانيين مع ( القاعدة الذهبية) املنصوص عليها في الفصل ‪ 77‬من‬
‫الدستور واملتمثلة في هاجس الحفاظ على التوازن املالي‪ .366‬باإلضافة إلى العمل على الحد من اتخاذ‬
‫السلطة التنفيذية لقرارات ضريبية بموجب قوانين املالية باستغالل خصوصية مسطرة القانون املالي‪،‬‬
‫األمرالذي يحد من اختصاص البرملان في املجال الضريبي‪.‬‬

‫إضافة إلى تجاوز التفسير الضيق لعبارة التكاليف العمومية‪ ،‬املنصوص عليها بموجب الفصل ‪39‬‬
‫من دستور ‪ ،2011‬حيث يتم حصرها في املادة الضريبية بمفهومها الضيق دون أن تشمل بعض الرسوم‬

‫‪ 362‬م ن‬
‫‪ 363‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪292‬‬
‫‪ 364‬موالي الحسن التمازي‪ :‬مكانة الثقافة الجبائية لدى النخب املغربية ومطلب اإلصالح‪ ،‬منشورات حوارات مجلة الدراسات السياسية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬سلسلة املجلة الفصلية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 2‬و‪،2017 ،3‬ص‪276-264‬‬
‫‪365‬عصام القرني‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪297‬‬
‫‪ 366‬م ن‪ ،‬ص‪293‬‬

‫‪97‬‬
‫واملساهمات التي تدخل في باب أشباه الضرائب واالقتطاعات ذات الصبغة االجتماعية‪ .‬وذلك بجعل‬
‫االختصاص البرملاني يمتد لجميع الضرائب والرسوم وجميع املساهمات التي يدفعها املواطنين إلى خزينة‬
‫الدولة‪.367‬‬

‫وبناء على كل ذلك‪ ،‬فاملشرع الدستوري مطالب بإعادة النظر في املقتضيات الدستورية املؤطرة‬
‫للضرائب‪ ،‬األمر الذي يحتاج معه توفر اإلرادة السياسية الحقيقة‪ .‬وحسب األستاذ " نيغاو سيفاتن "‬
‫فإن أي إصالح ضريبي هادف ال يتوفر على الشروط القوية لضمان نجاحه‪ ،‬وأهمها اإلرادة السياسية‬
‫الواضحة‪ ،‬سيكون مآله الفشل‪ ،‬ألن التقنيات الضريبية مهما كانت أهميتها‪ ،‬يبقى أثرها ضعيفا بدون‬
‫هذه اإلرادة‪.368‬‬

‫ثانيا‪ :‬مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرارالضريبي‬


‫أمام تنامي أزمة الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬برزت الضرورة في إبداع نماذج جديدة لتدبير الشؤون‬
‫من شأنها تدعيم مشاركة املواطنين واملواطنات وهيآت‬ ‫جديدة‪369‬‬ ‫العامة واملحلية وتبني مقاربات‬
‫املجتمع املدني عبر تنويع وتعديد الليات والسياقات‪ ،‬وعلى هذا األساس قامت الديمقراطية‬
‫التشاركية‪ ،370‬التي يمكن تعريفها بكونها تلك اللية العملية املبنية على التبادل االجتماعي والتي يمكن‬
‫من خاللها للمواطنين املشاركة في صنع القرارات السياسية‪ ،‬من خالل التفاعل املباشر مع السلطات‬
‫املعنية لبلورة إجابات عن اإلشكاالت املطروحة‪ .371‬وبذلك فهي تؤسس ملفهوم جديد في تدبير الشأن‬
‫العام يقوم على تعزيز مشروعية القرارات العامة من خالل العمل على مراعاة أهمية إشراك مختلف‬
‫شرائح الفاعلين املجتمعيين في صنع القرار السياس ي وتدبير الشأن العام‪ ،‬وذلك عبر خلق قنوات‬
‫التفاعل بين املواطنين والحكومات‪.372‬‬

‫‪ 367‬محمد شكيري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪64‬‬


‫‪368‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪361‬‬
‫‪ 369‬عبد السالم لعريفي‪ " :‬من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية التشاركية"‪ ،‬مقال منشور على موقع مغرس‪www.maghress.com ،‬‬
‫تاريخ الزيارة ‪ 16.06.2021‬على الساعة ‪ 11:00‬صباحا‪.‬‬
‫‪ 370‬مصعب التجاني‪ :‬التطور الديمقراطي املغربي‪ :‬الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية من خالل النص الدستوري‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫السياسية والقانون‪ ،‬املركز الديمقراطي العربي‪ :‬برلين‪-‬أملانيا‪ ،‬العدد ‪ ،18‬املجلد‪ ،3،2019‬ص‪166-165‬‬
‫‪ 371‬حسن بوغش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪70‬‬
‫‪ 372‬م ن‬

‫‪98‬‬
‫إن تطبيق املقاربة التشاركية في إعداد النصوص الضريبية‪ ،‬ال يخرج عن كونه يستهدف تجسيد‬
‫هدفين أساسيين‪ ،‬األول يتمثل في البحث عن الفاعلية والفعالية‪ ،‬والثاني يرتبط بتحقيق الديمقراطية‬
‫املثالية‪ ،‬من خالل االرتكاز على مفهوم التفاوض القانوني ‘’ ‪ ،’‘ La négociation Juridique‬ومفهوم‬
‫املشاركة الناتج عن التعاقد السياس ي‪.373‬‬

‫ويمكن ملشاركة املواطنين في صنع القرار الضريبي أن تأخذ شكال تلقائيا أو شكال ذا طابع مؤسس ي‪،‬‬
‫ويمكن بذلك للمشاركة أن تنطلق من القاعدة‪ ،‬أي مباشرة من املواطنين‪ ،‬في شكل تصاعدي‪bottom-‬‬
‫)‪ )Up‬غيرأنه يمكن للمسؤولين السياسيين أيضا طلبها وتأخذ بذلك شكال تنازليا (‪Top (Down374.‬‬

‫إن عملية صنع القرار الضريبي‪ ،‬يجب أن تتحول إلى ورش وطني لتسلم االقتراحات من املواطنات‬
‫واملواطنين واألحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والجامعات والباحثين املستقلين‪ ،‬وكل من يمكن‬
‫أن يكون له رأي في املوضوع‪ .‬بعد تسلم هذه االقتراحات من طرف السلطات العمومية ينظم " املؤتمر‬
‫الوطني للضرائب " الذي يكون فرصة للحوار بين كل األطراف من أجل إتاحة الفرصة لتالقح وتفاعل‬
‫األفكار‪ .375‬بعد ذلك يتم إعداد مشروع القرارالضريبي املراد اتخاذه‪ ،‬وعرضه على املواطنين واملواطنات‬
‫من أجل التصويت عليه عن طريق آلية " االستفتاء الضريبي"‪ ،‬األمر الذي سيسمح باالطالع بشكل‬
‫مباشرعلى موقف املواطنين من القرارالضريبي املراد اتخاذه‪ ،‬كما يسمح االستفتاء الضريبي للمواطنين‬
‫واملواطنات بالتدخل بشكل مباشرفي اعتماد القرارالضريبي عن طريق املوافقة عليه أورفضه من خالل‬
‫التصويت املباشر‪.376‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬توسيع الوعاء الضريبي وإعادة توزيع الدخل‬


‫إن تحقيق العدالة الضريبية يقتض ي االهتمام بمسألة توسيع الوعاء الضريبي‪ ،‬ألن طبيعة هذا‬
‫الوعاء تعتبر من بين اإلشكاالت الكبرى التي يعاني منها النظام الضريبي املغربي‪ ،‬بحيث على صعيد‬
‫املساحة ال زال هذا الوعاء ال يشمل بعض القطاعات املهمة‪ ،‬بل أن هذه الوضعية تؤثر سلبا على‬
‫الصعيد االجتماعي‪ ،‬حيث تجعل الضغط الضريبي يقع بشكل كبير على املصادر األخرى التي تدخل في‬

‫‪373‬عصام القرني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪298‬‬


‫‪ 374‬املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية ( ‪ ،) DRI‬تقرير حول الديمقراطية التشاركية على املستوى املحلي‪ ،‬ص‪9‬‬
‫‪ 375‬أحمد جزولي‪ :‬بزطام الشعب '' الحكامة في امليزانيات مدخل النموذج التنموي باملغرب''‪ ،‬أوراق في السياسات العامة‪ ،‬شتنبر ‪ ،2019‬ص‪-6‬‬
‫‪7‬‬
‫عصام القرني‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪310‬‬ ‫‪376‬‬

‫‪99‬‬
‫الوعاء‪ ،377‬وارتفاع الضغط الضريبي يؤدي إلى ارتفاع التهرب الضريبي‪ ،‬وبالتالي تقليص الحصيلة‬
‫الضريبية في اتجاه ال يساعد على تحقيق التنمية‪ ،‬وتلبية الحاجيات األساسية للمواطنين‪ .‬وتحقيق‬
‫العدالة االجتماعية املرجوة‪ .378‬لذلك فإن تحقيق العدالة الضريبية رهين بمدى السيرفي اتجاه توسيع‬
‫الوعاء الضريبي عن طريق الرفع من شريحة الخاضعين للضريبة وإخضاع جميع املواطنين من أجل‬
‫الوفاء بالتزاماتهم الضريبية‪ ،‬وإدماج األنشطة ذات الدخل املحدود وكذا صغار املنتمين للقطاع غير‬
‫املهيكل‪ ،‬عبر تضريب جزافي يعتبر بمثابة وفاء ضمني بالضريبة ويمنح الحق في الحصول على بعض‬
‫الخدمات كالتغطية الصحية والتعويضات العائلية‪ .379‬باإلضافة إلى كون توسيع الوعاء الضريبي ينبغي‬
‫أن يراعي مبدأ اإلنصاف العمودي الذي يتجلى في إقرار ضريبة تصاعدية على الشركات حسب قيمة‬
‫األرباح‪ ،‬وإنصاف أفقي يراعي محتوى مقولة " نفس الدخل‪ ،‬نفس الضريبة "‪ .380‬أما فيما يخص‬
‫الضريبة على القيمة املضافة فوعاؤها يتطلب إصالحا عميقا لهذه الضريبة يتجلى في إقرار ضريبة‬
‫حقيقية على كل قيمة مضافة‪ ،‬مع فرض سعر مرتفع على الكماليات‪ ،‬وإعفاء أو فرض معدل خفيف‬
‫على األساسيات‪.381‬‬

‫وتوسيع الوعاء الضريبي ‪-‬باإلضافة إلى ما تم التطرق إليه‪ -‬يوجب على الدولة فرض ضرائب جديدة‬
‫منطقية وعقالنية تأخذ بعين االعتبار مبدأ العدالة الضريبية بشكل أساس ي‪ .‬حيثأن توسيع الوعاء‬
‫الضريبي سيوفر للدولة املوارد الضريبية الضرورية لتحقيق األهداف التنموية‪ ،‬وسيساعد على إعادة‬
‫توزيع الثروة والدخل بين أفراد املجتمع‪ ،‬وفي تحقيق العدالة االجتماعية‪ .‬ومن بين الضرائب التي يجب‬
‫على املشرع إقرارها نذكر‪:382‬‬

‫‪377‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة للضريبة‪ ،...‬م س‪ ،‬ص‪192‬‬


‫‪ 378‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪103‬‬
‫‪379 La commission spéciale sur modèle de Développement,Recueil des notes thématiques, des paris et projets de Nouveau‬‬

‫‪Modèle de Développement , Annexe 2, Avril 2021, page 331‬‬

‫‪ 380‬حالة األنظمة الضريبية ( املغرب‪ ،‬األردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬فلسطين)‪ ،‬شبكة املنظمات العربية غير الحكومية للتنمية‪ ،‬سلسلة أوراق بحثية‪،2013 ،‬‬
‫ص‪26‬‬
‫‪ 381‬م ن‪ ،‬ص‪27‬‬
‫‪ 382‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪104‬‬

‫‪100‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على الثروات الكبرى‬
‫يتضح الهدف االجتماعي لهذه الضريبة من خالل تسميتها‪ ،‬بحيث لن تهم سوى الثروات الكبرى‪ .‬وقد‬
‫عرف التشريع الفرنس ي هذا النوع من الضريبة سنة ‪ ،1982‬وتم تقديمها آنذاك بأنها '' عادلة من الناحية‬
‫االجتماعية‪ ،‬منطقية اقتصاديا‪ ،‬وبسيطة من الناحية التقنية "‪.383‬‬

‫وقد تم تقديم توصية بفرض الضريبة على الثروات الضخمة رسميا ألول مرة من خالل املناظرة‬
‫الوطنية حول الجبايات لعام ‪ .2013‬حيث تم اقتراح فرض ضريبة على االستثمارات غير املنتجة‪ ،‬مثل‬
‫األراض ي غير املبنية‪ ،‬بهدف إعادة توزيع أفضل للثروة وتحقيق توازن بين الضرائب على إيرادات رأس‬
‫املال ودخل العمل‪ .‬ومع ذلك فمن الواضح أنه وبعد مرور عدة سنوات على التوصية‪ ،‬لم يتم اتخاذ أي‬
‫إجراء في هذا االتجاه من طرف صانعي القرارالضريبي‪.384‬‬

‫وتظهر األهمية االقتصادية لهذه الضريبة من ناحيتين‪ :‬الناحية األولى تتمثل في كون غياب هذه‬
‫الضريبة جعل الكثير من الدول ترفع العبء الضريبي على جميع الدخول بما فيها دخول رأس املال‬
‫املنتج‪ ،‬في حين لو طبقت لخفف العبء عليه‪ .‬أما الناحية الثانية فتتمثل في أن الضريبة على الثروات‬
‫توجه رؤوس األموال نحو األنشطة األكثر فعالية ومردودية ألنها تفرض بغض النظر عن الدخل الناجم‬
‫عن هذه األنشطة‪.385‬‬

‫وكأي ضريبة جديدة تحتاج هذه الضريبة حسب األستاذ "حميد النهري بن محمد"‪ ،386‬لإلجابة على‬
‫ثالث أسئلة‪ :‬الوعاء الذي ستعتمده‪ ،‬واملستوى الذي تبدأ منه‪ ،‬ثم معدالت أسعارها‪ .‬وهذا ما سنحاول‬
‫سبرأغواره‪.‬‬

‫‪ -1‬وعاء الضريبة على الثروات الكبرى‬

‫يمكن أن يشمل وعاء الضريبة على الثروات الكبرى في املغرب ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬األمالك العقارية املبنية وغيراملبنية ( أراض ي فالحية‪ ،‬عمارات‪ ،‬أراض ي عقارية‪ ،‬فيالت ‪)...‬؛‬
‫‪ -‬بعض األصول غيرالثابتة ( أسهم‪ ،‬أرصدة مصرفية‪ ،‬قروض رهنية ‪)...‬؛‬

‫‪ 383‬حميد النهري بن محمد‪ :‬إشكالية التدخل الجبائي باملغرب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪383‬‬


‫‪ 384‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪14‬‬
‫‪385‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪44‬‬
‫‪386‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪384‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ -‬بعض العناصراألخرى التي تعتبرمن مظاهرالثراء ( سيارات فاخرة‪ ،‬مراكب ترفيهية ‪.)...‬‬

‫وتحتسب الضريبة بناء على القيمة التجارية ( ‪ ) La valeur vénale‬لعناصرالثروة‪ ،‬وذلك بعد خصم‬
‫كافة الديون املستحقة‪ ،‬أي أن الثروة الصافية ( ‪ ) La fortune nette‬هي الخاضعة للضريبة‪.387‬‬

‫ويعتبر إدخال هذه الضريبة ضروريا للغاية‪ ،‬خصوصا وأنه حسب البيانات املتوفرة لدى '' قاعدة‬
‫البيانات العاملية للتفاوت"‪ ،‬فإن أغنى ‪ % 10‬في املغرب يستحوذون على ما يقرب من نصف الدخل ‪%49‬‬
‫‪ ،‬في حين أن أفقر ‪ % 50‬يتلقون ‪ % 15‬فقط من الدخل‪ ،‬وهي بالضبط نفس النسبة التي تتركز بين أغنى‬
‫‪ % 1‬في البالد‪.388‬‬

‫ولكي تكون الضريبة مقبولة البد أن تركزفقط على الثروات الكبرى‪ ،‬ويرى األستاذ نجيب أقصبي‪ ،‬أن‬
‫مبلغ مليوني درهم كحد أدنى للضريبة يعد أكثر مالءمة‪ ،‬ويمكن اعتبار هذا الحد مرتفعا مقارنة مع‬
‫تجارب بعض األنظمة الضريبية األخرى‪ ،‬لكن في الحقيقة تطبيقه سيجعل من الضريبة تتفادى‬
‫أصحاب الثروات املتوسطة والذين ترجع أسباب ثروتهم إلى ممتلكات عقارية‪ ،‬تم التضحية بقيمة مهمة‬
‫من دخولهم لسنوات عديدة من أجل تحقيقها‪.389‬‬

‫‪ -2‬أسعارالضريبة على الثروات العليا‬

‫نظرا لتمركزملكية الثروات في املغرب‪ ،‬فإن اعتماد تقنية معدالت ضريبية تصاعدية‪ ،‬يعد مالئما‬
‫حتى يتم األخذ بعين االعتبارهذا التفاوت‪ .‬لكن غياب إحصاءات دقيقة حول توزيع هذه الثروات‬
‫يجعل عملية تحديد معدالت الضريبة مسألة تقريبية إن لم نقل صعبة‪.390‬‬

‫وقد قامت املجموعة النيابية لحزب التقدم واالشتراكية‪ ،‬بلجنة املالية والتنمية االقتصادية‪ ،‬أثناء‬
‫مناقشة مشروع قانون املالية رقم ‪ 65.20‬برسم السنة املالية ‪ 2021391‬بتحديد معدالت تصاعدية‬

‫‪ 387‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪385-384‬‬


‫‪ 388‬منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪15‬‬
‫‪389‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪385‬‬
‫‪ 390‬م ن‬
‫‪ 391‬تقرير لجنة املالية والتنمية االقتصادية‪ ،‬تقرير حول مشروع قانون املالية رقم ‪ 65.20‬برسم السنة املالية ‪ ،2021‬الجزء األول‪ ،‬دورة‬
‫أكتوبر ‪ ،2020‬ص‪576-574‬‬

‫‪102‬‬
‫للضريبة على الثروات العليا‪ ،392‬ويحدد املقترح جدول حساب الضريبة على الثروة املفروضة على‬
‫مجموع القيمة اإلجمالية للممتلكات التي توجد في ملكية الخاضع للضريبة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬جدول حساب الضريبة على الثروات العليا‪:‬‬

‫السعر‬ ‫القيمة اإلجمالية للممتلكات بالدرهم‬


‫‪0.5 %‬‬ ‫بين ‪ 10.000.000‬درهم و ‪ 15.000.000‬درهم‬
‫‪0.75 %‬‬ ‫بين ‪ 15.000.001‬درهم و ‪ 30.000.000‬درهم‬
‫‪1%‬‬ ‫بين ‪ 30.000.001‬درهم و ‪60.000.000‬‬
‫‪1.5 %‬‬ ‫القيمة اإلجمالية للممتلكات التي تفوق قيمتها ‪ 60.000.000‬درهم‬
‫املصدر‪ :‬تركيب شخص ي باالعتماد على تقريرلجنة املالية والتنمية االقتصادية السابق الذكر‬ ‫‪-‬‬

‫ويخضع لهذه الضريبة األشخاص الطبيعيون الذين تتجاوز القيمة اإلجمالية ملمتلكاتهم سقف‬
‫عشرة ماليين درهم‪ ،‬وفق نسب محددة بشكل معقول تؤدى سنويا إلى خزينة الدولة‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬فرغم صعوبة تقييم االنعكاسات املرتقبة لتطبيق الضريبة على الثروات الكبرى‪،‬‬
‫بسبب غياب املعطيات اإلحصائية حول عدد أصحاب هذه الثروات ( الخاضعين )‪ ،‬فاملؤكد هو أن هذه‬
‫الضريبة ستساهم في عقلنة النظام الضريبي املغربي‪ .‬وهو نفس الهدف الذي تتوخاه الضريبة على‬
‫التركات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الضريبة على التركات‬


‫إن الضريبة على التركات يمكن أن تكون أداة مهمة في إعادة توزيع الثروات بين أفراد املجتمع‪،393‬‬
‫لكن تطبيق الضريبة على التركات في بلد إسالمي غالبا ما يتعرض لالنتقاد من طرف املالكين الكبار‪،‬‬

‫‪392‬تجدر اإلشارة إلى أن هذه املهمة قد قام بها األستاذ نجيب أقصبي في بداية التسعينات‪ ،‬حيث عمل على تحديد معدالت تصاعدية للضريبة‬
‫على الثروات العليا‪ ،‬حيث اقترح قيمة الثروة الخاضعة للضريبة وأسعارها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للقيمة مابين ‪ 2‬مليون درهم إلى ‪ 5‬ماليين درهم‪ ،‬فقد حدد لها سعر ‪% 0.5‬‬
‫‪ -‬أما القيمة مابين ‪ 5‬ماليين درهم إلى ‪ 10‬ماليين درهم‪ ،‬فقد حدد لها سعر ‪% 1.0‬‬
‫‪ -‬أما القيمة التي تفوق ‪ 10‬ماليين‪ ،‬فقد حدد لها سعر ‪% 2.0‬‬
‫‪ -‬لالستزادة يراجع‪ :‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪386-385‬‬
‫‪ 393‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪105‬‬

‫‪103‬‬
‫بدعوى تعارض هذه الضريبة مع تعاليم الدين اإلسالمي‪ ،394‬خاصة وأن اإلسالم ال يعرف سوى الزكاة‬
‫والجزية والخراج والعشور‪.395‬‬

‫وهذا التبرير هو الذي كان وراء إقبار محاولة تطبيق هذا النوع من الضريبة في املغرب سنة ‪،1968‬‬
‫حيث استطاعت آنذاك الطبقة األوليغارشية التأثير على العلماء الدينيين‪ ،‬ودفعهم إلى تبني فكرة‬
‫تعارض هذه الضريبة مع اإلسالم‪. 396‬‬

‫ودون الخوض في هذا النقاش‪ ،‬فإن إحداث الضريبة على التركات بالنسبة للمغرب سيساعد على‬
‫توسيع الوعاء الضريبي الذي يعتبر من اإلشكاالت الكبرى التي يعاني منها النظام الضريبي املغربي‪،397‬‬
‫وأي إصالح للنظام الضريبي الحالي وعقلنته في اتجاه خدمة العدالة الضريبية يقتض ي تطبيق هذا النوع‬
‫من الضرائب‪ ،‬وسنحاول هنا تحديد بعض الخطوط العريضة لكيفية تطبيق الضريبة على التركات‪.398‬‬

‫‪ -1‬وعاء الضريبة على التركات‬

‫يمكن أن تتألف املادة الضريبية من األموال املنقولة والعقارية كيفما كانت طبيعتها‪ ،‬بعد خصم كافة‬
‫الديون املستحقة عليها وتقرر إعفاءات شخصية ( درا سكنى‪ ،‬أثاث‪ ،‬كتب ‪ .)...‬شريطة أال يتجاوز مبلغها‬
‫حدا معينا‪ .‬وأن تفرض الضريبة على حصة كل وارث على حدة‪.399‬‬

‫وتقتض ي الطبيعة االقتصادية لبعض عناصر التركة ( شركة‪ ،‬معمل‪ ،‬مقاولة تجارية أو فالحية ‪،)...‬‬
‫تعامال ضريبيا مرنا‪ ،‬بهدف مساهمة الضريبة في استمرارية هذه األنشطة وتفادي كل تأثير سلبي يمكن‬
‫أن يوقف عملها‪.400‬‬

‫‪394‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪387‬‬


‫‪395‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪46‬‬
‫‪396‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪388‬‬
‫‪ 397‬أحمد إفقيرن‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪106‬‬
‫‪398‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪388‬‬
‫‪399‬صباح نعوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪50‬‬
‫‪400‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م ن‪ ،‬ص‪389‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -2‬تصاعدية أسعارالضريبة على التركات‬

‫يقتض ي مبدأ العدالة الضريبة حسب األستاذ "نجيب أقصبي" األخذ بعين االعتبار وضعية املكلف‬
‫الوارث‪ ،‬خصوصا املادية منها‪ ،‬لذلك فجدول أسعارالضريبة يجب أن يكون أكثرتصاعدية بشكل يؤدي‬
‫إلى تحمل العبء الضريبي أكثرمن طرف الثروات الكبرى‪. 401‬‬

‫وقد قدم النائبان "عمربالفريج "و "مصطفى الشناوي"‪ ،‬عن الحزب االشتراكي املوحد في هذا اإلطار‪،‬‬
‫تعديال يروم إلى إضافة معدل تصاعدي وفقا للمبالغ املوروثة‪ ،‬بدال من نسبة ‪ % 1‬الحالية التي تطبق‬
‫مهما كانت قيمة التركة‪ ،402‬وذلك خالل مناقشة مشروع قانون املالية رقم ‪ 65.20‬للسنة املالية ‪،2021‬‬
‫ويحدد على النحو التالي جدول حساب إحصاء التركات‪:403‬‬

‫السعر‬ ‫قيمة إحصاء التركات بالدرهم‬


‫‪1%‬‬ ‫إلى غاية ‪ 100.000‬درهم‬
‫‪5%‬‬ ‫من ‪ 100.001‬درهم إلى ‪ 1.000.000‬درهم‬
‫‪10 %‬‬ ‫من ‪ 1.000.001‬درهم إلى ‪ 10.000.000‬درهم‬
‫‪15 %‬‬ ‫من ‪ 10.000.001‬درهم إلى ‪ 50.000.000‬درهم‬
‫‪20 %‬‬ ‫من ‪ 50.000.001‬درهم إلى ‪ 100.000.000‬درهم‬
‫‪30 %‬‬ ‫ما فوق ‪ 100.000.000‬درهم‬
‫املصدر‪ :‬تقريرلجنة املالية والتنمية االقتصادية السابق الذكر‬ ‫‪-‬‬
‫وحسب هذا التعديل فإن املداخيل اإلضافية مليزانية الدولة تقدر ب ‪ 3.000.000.000‬درهم سنويا‪،‬‬
‫وهو مبلغ مهم في نظرنا قد يساهم في تحقيق نوع من االكتفاء الذاتي الضريبي بالنسبة للبلد‪.‬‬

‫‪ 401‬أورده‪ :‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪390‬‬


‫‪ 402‬املادة ‪ 133‬من املدونة العامة للضرائب‪ ،‬الواجبات النسبية‪ ،‬النسب املطبقة ‪ ...‬دال‪ -‬تخضع لنسبة ‪ % 1‬إحصاء التركات ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 403‬تقرير لجنة املالية والتنمية االقتصادية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪596‬‬

‫‪105‬‬
‫خاتمة‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يمكن القول بأن دراسة صناعة القرارالضريبي من خالل العودة إلى ما ميزسلطة‬
‫الفاعلين التقليديين في إطارالدولة املخزنية‪ ،‬ثم االنتقال إلى فترة الحماية‪ ،‬وبعدها دراسته في ظل الدولة‬
‫الحديثة‪ ،‬دولة املؤسسات السياسية‪ ،‬قد مكننا من الوقوف على مجموعة من الخالصات نوردها على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬هيمنة السلطان على باقي الفاعلين التقليديين في صناعة القرار الضريبي في ظل الدولة املخزنية‪،‬‬
‫نتيجة طبيعية ألحادية السلطة‪ .‬وما ميز هذه الفترة التاريخية هو اعتماد القرار الضريبي على األسس‬
‫الشرعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تراجع هيمنة السلطان في صناعة القرار الضريبي في ظل الحقبة االستعمارية‪ ،‬نتيجة لتراجع‬
‫مكانته في النسق السياس ي ككل أمام تصاعد مكانة املقيم العام‪ ،‬حيث عمل هذا األخير على جعل‬
‫السلطان مجرد فاعل شكلي‪ ،‬والعمل على إعادة توظيف باقي الفاعلين التقليديين لخدمة مصالح إدارة‬
‫الحماية‪ .‬وقد عرفت هذه الفترة التاريخية خروج صانعي القرار الضريبي عن األسس الشرعية‬
‫واعتمادهم على األسس الوضعية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عودة املؤسسة امللكية إلى قمة هرم صناعة القرار الضريبي بعد حصول املغرب على االستقالل‪،‬‬
‫جعلتها تعمل على تكريس مكانتها املحورية داخل النظام السياس ي املغربي‪ ،‬بحيث خولت لنفسها‬
‫صالحيات واسعة جعلتها في وضعية سمو وتوجيه لباقي الفاعلين في صناعة القرار الضريبي‪.‬‬

‫غير أنه ومنذ سنة ‪ 1964‬ونتيجة لتدهور الوضع االقتصادي الذي أدى إلى تفجير أزمة مالية‪ ،‬تم‬
‫تمهيد الطريق أمام تدخل املؤسسات املالية الدولية في الشؤون الداخلية للبلد‪ ،‬ومن تم العمل على‬
‫توجيه القرار الضريبي بما يخدم مصالحها‪ ،‬األمر الذي جعلها تشكل إلى جانب امللكية الفاعلين‬
‫األساسيين في صناعة القرارالضريبي‪.‬‬

‫وعلى إثرأزمة املديونية التي عرفها املغرب في أواخرالسبعينات من القرن املاض ي‪ ،‬وتحت " يافطة "‬
‫مساعدة املغرب على تخطي األزمة‪ ،‬أوفد صندوق النقد الدولي لجنة ملعاينة الحالة االقتصادية واملالية‬
‫واقتراح البدائل الكفيلة بتجاوزها‪ ،‬حيث انتهت اللجنة إلى إعداد تقريرفي ‪ 22‬مارس ‪ 1979‬يتضمن جرد‬
‫مساوئ النظام الضريبي القائم واقتراح مشروع إصالح بديل‪ ،‬بعد ذلك سيقوم مجلس النواب في سنة‬

‫‪106‬‬
‫‪ 1982‬بالتصويت على القانون اإلطار لإلصالح الضريبي‪ .‬لكن إصداره لم يتم إال بعد مرورسنتين أي إلى‬
‫حدود سنة ‪ 1984‬ليدخل في إطار برنامج التقويم الهيكلي‪ .‬وقد تمت أجرأته عبرمجموعة من النصوص‬
‫التطبيقية‪ .‬وبذلك أصبحت بنية النظام الضريبي على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬على مستوى الضرائب املباشرة‪ :‬تم التمييزفيها بين دخول األشخاص املعنويين ودخول األشخاص‬
‫الذاتيين‪ ،‬وبالتالي أصبح يعرف النظام الضريبي املغربي ضريبتين مباشرتين‪ ،‬األولى تهم األشخاص‬
‫الذاتيين واملتمثلة في الضريبة العامة على الدخل والتي أصبحت تسمى بموجب قانون مالية ‪2007‬‬
‫الضريبة على الدخل‪ ،‬والثانية تهم األشخاص املعنويين واملمثلة في الضريبة على الشركات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬على مستوى الضرائب غيراملباشرة‪ :‬تم تبني الضريبة على القيمة املضافة‪.‬‬

‫وكما هو معلوم فقد جعل هذا اإلصالح من بين أهدافه تحقيق نظام ضريبي فعال يمزج بين هاجس‬
‫املردودية وتحقيق العدالة الضريبية‪.‬‬

‫وقد حاولنا دراسة مدى تحقيق هذا القرارالضريبي لرهان العدالة الضريبية الذي تم اإلعالن عنه‪،‬‬
‫من خالل دراسة واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي‪ ،‬وقد توصلنا إلى مجموعة من‬
‫الخالصات نوردها على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬غياب العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي كان نتيجة طبيعية لكون صانعي القرار‬
‫الضريبي غلبوا هاجس املردودية على حساب تحقيق العدالة الضريبية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كثرة التشجيعات الضريبية‪ ،‬إضافة إلى محاباة الضريبة ألصحاب الرواتب العليا‪ ،‬كلها عوامل‬
‫ساهمت في تكريس الالعدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي‪ ،‬األمرالذي جعل لهذا األخير مجموعة‬
‫من الزبائن املفترضين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬غياب العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي تولدت عنه مجموعة من الثار التي كان‬
‫لها وقعها عليه‪ ،‬ونوردها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬انعدام االكتفاء الذاتي الضريبي‪ ،‬أي ضعف املداخيل الضريبة وعدم قدرتها على تمويل ميزانية‬
‫الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬ارتفاع الضغط الضريبي على الفئة االجتماعية الهشة‪.‬‬
‫‪ -3‬استفحال ظاهرة التهرب الضريبي كتعبيرعن املقاومة للضريبة غيرالعادلة‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫كما حاولنا بعد ذلك تقديم مجموعة من الحلول التي من شأن األخذ بها تحقيق العدالة الضريبية‬
‫في النظام الضريبي املغربي من خالل‪:‬‬

‫‪ -1‬دمقرطة صناعة القرار الضريبي‪ ،‬بالعمل على تقوية الطابع البرملاني للنظام السياس ي املغربي‪.‬‬
‫مع ضرورة مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرارالضريبي؛‬
‫‪ -2‬توسيع الوعاء الضريبي‪ ،‬من خالل تضريب القطاع غير املهيكل‪ ،‬ثم عن طريق فرض ضرائب‬
‫جديدة‪ :‬كالضريبة على الثروات الكبرى‪ ،‬والضريبة على اإلرث‪ .‬باإلضافة إلى مراجعة أسعار‬
‫الضرائب الحالية في اتجاه تصاعدي‪.‬‬

‫عموما‪ ،‬يمكن القول بأن مطلب دمقرطة صناعة القرار الضريبي‪ ،‬مع العمل على تحقيق العدالة‬
‫الضريبية في النظام الضريبي املغربي يبقى رهين بضرورة توافراإلرادة السياسية‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الئحة املراجع‬
‫باللغة العربية‪:‬‬

‫أ‪ -‬الكتب‬
‫ابراهيم اولتيت‪ ،‬القانون الجبائي املغربي والتوازن بين حقوق الخزينة وحقوق الخاضع‬ ‫‪-‬‬
‫للضريبة‪ ،‬مكتبة ومطبعة قرطبة‪-‬أكادير‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2017‬‬
‫‪ -‬أرنست فولف‪ ،‬صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العاملية‪ ،‬ترجمة عدنان عباس‬
‫علي‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون واألدب‪-‬الكويت‪.2016 ،‬‬
‫أمارتيا سن‪ ،‬فكرة العدالة‪ ،‬تعريب مازن جندلي‪ ،‬الدارالعربية للعلوم ناشرون ش‪.‬م‪.‬ل‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫األولى‪.2010 ،‬‬

‫أناس بن صالح الزمراني‪ ،‬املالية العامة والسياسة املالية‪ ،‬املطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫األولى‪2002 ،‬‬
‫‪ -‬ثامر عزام حمد سليم الدليمي‪ ،‬اإلدارة الفرنسية في املغرب (‪ ،)1939-1956‬دار غيداء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬جون واتربوري‪ ،‬أمير املؤمنين '' امللكية والنخبة السياسية املغربية"‪ ،‬تعريب عبد الغني أبو‬
‫العزم‪ ،‬عبد األحد السبتي وعبد اللطيف الفلق‪ ،‬مؤسسة الغني للنشر‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ -‬حميد النهري بن محمد‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة للضريبة والسياسة الجبائية‬
‫باملغرب‪،‬مطبعة سلكي أخوين‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬خالد فخار‪ ،‬السياسة الجبائية عند السلطان الحسن األول ( ‪ ،)1873-1894‬السلسلة املغربية‬
‫للعلوم والتقنيات الضريبية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬ديفيد ريكاردو‪ ،‬مبادئ االقتصادي السياس ي‪ ،‬تعريب يحيى العريض ي وحسام الدين خضور‪،‬‬
‫دارالفرقد‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬رحال بوبريك‪ ،‬زمن القبيلة "السلطة وتدبير العنف في املجتمع الصحروي"‪ ،‬دار أبي رقراق‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.2012 ،‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ -‬رحمة بورقية‪ ،‬الدولة والسلطة واملجتمع دراسة في الثابت واملتحول في عالقة الدولة بالقبائل‬
‫في املغرب‪ ،‬دارالطليعة للطباعة والنشر‪-‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪.1991 ،‬‬
‫‪ -‬رشيد مساوي‪ ،‬املالية العامة‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬ريمي لوفو‪ ،‬الفالح املغربي املدافع عن العرش‪ ،‬تعريب محمد بن الشيخ‪ ،‬منشورات وجهة نظر‪،‬‬
‫سلسلة أطروحات وبحوث جامعية ( ‪ ،) 2‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬سامي يوسف كمال محمد‪ ،‬قروض املؤسسات املالية الدولية االستعمار االقتصادي لألمم‪،‬‬
‫دون ذكردارالنشر‪.2019 ،‬‬
‫‪ -‬س ي محمد البقالي‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية '' محاولة لرصد املرتكزات الدستورية‬
‫لقانون املالية وامليزانية"‪ ،‬مطبعة البصيرة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.2017 ،‬‬
‫صباح نعوش‪ ،‬الضرائب في الدول العربية‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬املغرب الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة األولى‪.1987 ،‬‬
‫‪ -‬صميم عزيز‪ ،‬التحفيزات الجبائية باملغرب‪ ،‬السلسلة املغربية للعلوم والتقنيات الضريبية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،3‬مطبعة طوب بريس‪ -‬الرباط‪.2013،‬‬
‫‪ -‬الطيب بياض‪ ،‬املخزن والضريبة واالستعمار ضريبة الترتيب ( ‪ ،)1880-1915‬أفريقيا الشرق‪-‬‬
‫الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬عبد اإلله السطي‪ ،‬صناعة القرار السياس ي بحث في املؤسسة واملؤسساتية بالنظام السياس ي‬
‫املغربي‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪.2017 ،‬‬
‫عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية "دراسة تحليلية للنظام الجبائي‬ ‫‪-‬‬

‫املغربي (‪ ،)1956-2000‬أفريقيا الشرق‪.1998 ،‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف أكنوش‪ ،‬تاريخ املؤسسات والوقائع االجتماعية باملغرب‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬بدون‬
‫ذكرالطبعة‪ ،‬ودون ذكرسنة النشر‪.‬‬
‫‪ -‬عبد هللا العروي‪ ،‬أزمة املثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية؟‪ ،‬تعريب ذوقان قرقوط‪ ،‬املؤسسة‬
‫العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة األولة‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬عبد هللا حمودي‪ ،‬الشيخ واملريد " النسق الثقافي للسلطة في املجتمعات العربية الحديثة يليه‬
‫مقالة في النقد والتأويل"‪ ،‬تعريب عبد املجيد جحفة‪ ،‬سلسلة املعرفة االجتماعية‪ ،‬دار توبقال‬
‫للنشر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.2010 ،‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬فردريك واسيجربر‪ ،‬على عتبة املغرب الحديث‪ ،‬تعريب عبد الرحيم حزل‪ ،‬منشورات داراألمان‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬فؤاد قاسم األمير‪ ،‬رأسمالية الليبرالية الجديدة ( النيبوليبرالية)‪ ،‬دارالغد‪.2019 ،‬‬
‫‪ -‬محمد بن شاكرالشريف‪ ،‬املشاركة السياسية في البرملان و الوزارة "عرض ونقد"‪ ،‬بدون ذكر‬
‫دارالنشر‪ ،‬دون ذكرالطبعة‪.‬‬
‫‪ -‬محمد جادور‪ ،‬مؤسسة املخزن في تاريخ املغرب‪ ،‬مؤسسة امللك عبد العزيز‪-‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫سلسلة أبحاث‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الطبعة األولى‪.2011 ،‬‬
‫محمد شكيري‪ ،‬القانون الضريبي املغربي " دراسة تحليلية ونقدية"‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال‬ ‫‪-‬‬
‫جامعية‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪ ،49‬دارالنشراملغربية‪-‬الدار‬
‫البيضاء‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عابد الجابري‪ ،‬في غمارالسياسة فكرا وممارسة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬سلسلة مواقف من ‪-1‬‬
‫‪ ،3‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬محمد لويز‪ ،‬مقاربة سوسيولوجية ألشكال التنظيم الترابي باملغرب‪ ،‬املطبعة والوراقة‬
‫الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬محمد معتصم‪ ،‬النظام السياس ي الدستوري املغربي‪ ،‬مؤسسة إيزيس للنشر‪-‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1992 ،‬‬
‫‪ -‬املختارمطيع‪ ،‬القانون البرملاني (دراسات ووثائق)‪ ،‬دارالقلم للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى الشابي‪ ،‬النخبة املخزنية في مغرب القرن التاسع عشر‪ ،‬منشورات كلية األداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪-‬الرباط‪ ،‬مطبعة فضالة‪-‬املحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪.1995 ،‬‬
‫‪ -‬مصطفى بوشعراء‪ ،‬عالقة املخزن بأحوازسال قبيلة بني أحسن ( ‪ ،)1860-1912‬منشورات كلية‬
‫األداب والعلوم اإلنسانية‪-‬الرباط‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات‪ ،‬رقم ‪ ،19‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬‬
‫الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬املنتصر السويني‪ ،‬الدستور املالي والنموذج التدبيري الجديد باملغرب‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2019 ،‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬مولود اسباعي‪ ،‬التشريع الوضعي باملغرب قراءة في حصيلة أزيد من مائة سنة (‪،)1913-2016‬‬
‫مكتبة دارالسالم للطباعة والنشروالتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬ميشيل روس ي‪ ،‬املؤسسات اإلدارية املغربية‪ ،‬تعريب إبراهيم زياني واملصطفى أجدبا ونور الدين‬
‫الراوي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.1993 ،‬‬
‫‪ -‬نجيب أقصبي‪ ،‬االقتصاد السياس ي والسياسات االقتصادية في املغرب‪ ،‬تعريب نور الدين‬
‫سعودي‪ ،‬مركزبنسعيد آيتا يدرلألبحاث والدراسات‪ ،‬الطبعة األولى‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬نور الدين الزاهي‪ ،‬املدخل لعلم االجتماع املغربي‪ ،‬دفاتروجهة نظر‪ ،‬العدد ‪ ،20‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬الهادي الهاروي‪ ،‬القبيلة‪ ،‬اإلقطاع واملخزن '' مقاربة سوسيولوجية للمجتمع املغربي الحديث‬
‫(‪ ،)1844-1934‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬هشام محمود األقداحي‪ ،‬اللوبي وجماعات الضغط السياس ي '' صراع املصالح والنفوذ‬
‫واملال"‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪-‬اإلسكندرية‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬هشام مليح‪ ،‬املخزن والجباية في مغرب ما قبل الحماية‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2016‬‬
‫ب‪ -‬األطاريح والرسائل الجامعية‬
‫‪ -‬األطاريح‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد إدعلي‪ ،‬األبعاد السيوسيو سياسية للجباية املغربية نموذج الضريبة على الشركات‬
‫والضريبة العامة على الدخل ( ‪ ،)1990-2000‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية واالجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪.2006-2005 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد إفقيرن‪ ،‬التشريع الضريبي وتخليق الحياة العامة إشكالية إرساء دعائم العدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪.2019-2018 ،‬‬
‫‪ -‬حميد النهري بم محمد‪ ،‬إشكالية التدخل الجبائي باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫‪.2000-2001‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬رشيد حجبي‪ ،‬قراءة في املداوالت البرملانية حول الضريبة على الدخل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪.2003-2002 ،‬‬
‫‪ -‬سيدي األشكل‪ ،‬القراروالنشاط العام باملغرب '' مساهمة في دراسة الثابت واملتغيرفي السيرورة‬
‫القرارية"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪.2009،‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم منوري‪ ،‬دور البرملان في التشريع بين منطق الدولة وجماعات الضغط الوالية‬
‫التشريعية الثامنة ( ‪ ،)2007-2011‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة الحسن األول‪2015-2014 ،‬‬
‫‪ -‬عصام القرني‪ ،‬صناعة القرار الضريبي باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪.2016-2015 ،‬‬
‫‪ -‬فرج عادل‪ ،‬القرار العام وبلورة السياسة العامة‪ :‬مقاربة لسلطة الفاعلين في بلورة السياسة‬
‫الضريبية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪.2006-2005 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عروبي‪ ،‬إشكالية التحديث اإلداري باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬عين الشق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪-2010 ،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ -‬الرسائل‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد إفقيرن‪ ،‬اإلصالح الجبائي باملغرب بين املردودية والعدالة الجبائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة‬
‫القاض ي عياض‪.2013-2012 ،‬‬
‫‪ -‬البازل بدر‪ ،‬السياسة الضريبية باملغرب دراسة سوسيو سياسية للنفقات الجبائية العقارية‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬‬
‫أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪.2007-2006 ،‬‬
‫‪ -‬حسن بوغش ي‪ ،‬إشكالية عدالة السياسة الضريبية باملغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكادير‪ ،‬جامعة ابن زهر‪،‬‬
‫‪.2016-2017‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬رشيدة سيف الدين‪ ،‬سؤال اإلصالح الضريبي باملغرب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة الحسن األول‪-2012 ،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫س ي محمد غضبان‪ ،‬السياسات الضريبية باملغرب محاولة في األبعاد السوسيو سياسية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬‬
‫مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪.2007-2006 ،‬‬
‫‪ -‬عالء الدربالي‪ ،‬دور التقنوقراط في صناعة السياسات العمومية في املغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬مراكش‪ ،‬جامعة‬
‫القاض ي عياض‪.2015-2014 ،‬‬
‫‪ -‬محمد بوجنون‪ ،‬السياسة الضريبية ودورها في ترسيخ دولة الحق والقانون‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫املاستر في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن األول‪.2010-2009 ،‬‬
‫‪ -‬محمد مكو‪ ،‬إشكالية التهرب الضريبي في املغرب '' دراسة قانونية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬طنجة‪ ،‬جامعة عبد‬
‫املالك السعدي‪.2008-2007 ،‬‬
‫ت‪ -‬املقاالت والدراسات والدالئل‬
‫‪ -‬أحمد أعراب‪ ،‬االرتقاء بالحكومة إلى جهازتنفيذي فعلي قراءة في الفصل ‪ 92‬من الدستور‪ ،‬نظام‬
‫الحكم في املغرب استمرارية أم انتقال إلى الديمقراطية؟‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬عدد مزدوج‪.50-49‬‬
‫‪ -‬أحمد جزولي‪ ،‬بزطام الشعب '' الحكامة في امليزانيات مدخل النموذج التنموي باملغرب"‪ ،‬أوراق‬
‫في السياسات العامة‪ ،‬شتنبر‪.2019‬‬
‫‪ -‬أحمد مدني حميدوش‪ ،‬إشكالية العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي وسؤال النموذج‬
‫التنموي املأمول‪ ،‬املساطر الضريبية بين تحدي األمن القانوني والقضائي الضريبي وسؤال‬
‫العدالة والتنمية الجبائية‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2021‬‬
‫‪ -‬أمحمد املالكي‪ ،‬الدستور وتنظيم السلط‪ ،‬منشورات من أجل الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫‪.2014‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬جيل‪ .‬ن‪ .‬الرين ولين التوليب‪ ،‬أسس العدالة الجبائية‪ :‬التطور والثار‪ ،‬املجلة الفرنسية للمالية‬
‫العامة‪ ،‬عدد‪ ،2013 ،124‬تعريب حسن بوغش ي‪ ،‬غيرمنشور‪.‬‬
‫‪ -‬حالة األنظمة الضريبية ( املغرب‪ ،‬األردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬فلسطين)‪ ،‬شبكة املنظمات العربية غير‬
‫الحكومية للتنمية‪ ،‬سلسلة أوراق بحثية‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬خالد على وعمر غنام‪ ،‬دليل العدالة الضريبية ملنظمات املجتمع املدني في املنطقة العربية‪،‬‬
‫منشورات شبكة املنظمات العربية غيرالحكومية للتنمية‪.2019 ،‬‬
‫‪ -‬صفاء البوهالي‪،‬التهرب الضريبي باملغرب‪ :‬املفهوم األسباب وسبل مكافحتها"‪ ،‬مجلة املنارة‬
‫للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد خاص‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬عبد املجيد مصدق‪ ،‬كرونولوجيا البرملان املغربي بين االصطدام واالحتواء‪ ،‬جريدة الطريق‬
‫األسبوعية‪ ،‬العدد‪.2020 ،335‬‬
‫‪ -‬عمرالعسري‪ ،‬ضغط الديون العمومية وتحديات النموذج التنموي الجديد‪ ،‬منشورات مجلة‬
‫املنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬دارالقلم للطباعة‪.2020 ،‬‬
‫‪ -‬الغواطي محمد‪ ،‬األدوار املالية للملك والحكومة على ضوء الدستور والقانون التنظيمي‬
‫للمالية‪ ،‬مقال منشور على مجلة املتوسط للدراسات القانونية والقصائية‪ ،‬العدد ‪.2018 ،6‬‬
‫‪ -‬محمد مدني وآخرون‪ ،‬دراسة نقدية للدستور املغربي للعام ‪ ،2011‬منشورات املؤسسة الدولية‬
‫للديمقراطية واالنتخابات‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬مصعب التجاني‪ ،‬التطور الديقراطي املغربي‪ :‬الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية‬
‫من خالل النص الدستوري‪ ،‬مجلة العلوم السياسية والقانون‪ ،‬املركز الديمقراطي العربي‪:‬‬
‫برلين‪-‬أملانيا‪ ،‬العدد‪ ،18‬املجلد ‪.2019 ،3‬‬
‫‪ -‬منظمة أوكسفام ‪ ،‬مؤشرالعدالة الضريبية " تحليل النظام الضريبي املغربي" ‪ ،‬أكتوبر‪.2020‬‬
‫‪ -‬املهدي السهيمي‪ ،‬االتحاد العام ملقاوالت املغرب وآليات تدخله في قوانين املالية‪ ،‬جريدة النهج‬
‫الديمقراطي‪ ،‬العدد‪.392‬‬
‫‪ -‬موالي الحسن التمازي‪ ،‬اإلصالح الجبائي واستراتيجية التنمية البشرية‪ ،‬مقال منشور على‬
‫املجلة املغربية لالدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪.2006 ،69‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬موالي الحسن التمازي‪ ،‬مكانة الثقافة الجبائية لدى النخب املغربية ومطلب اإلصالح‪،‬‬
‫منشورات حوارات مجلة الدراسات السياسية واالجتماعية‪ ،‬سلسلة املجلة الفصلية‪ ،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ 2‬و‪.2017 ،3‬‬
‫ث‪ -‬الندوات‪:‬‬

‫‪-‬محمد الساس ي‪ :‬مداخلة في ندوة " النضال الديمقراطي في أفق امللكية البرملانية"‪ ،‬املنظمة من طرف‬
‫اللجنة املحلية للقطاع النسائي التابعة للحزب االشتراكي املوحد بفاس‪ ،‬يوم السبت ‪ 30‬مارس ‪، 2019‬‬
‫متوفرة على موقع اليوتيوب‪.https://www.youtube.com/watch?v=T02p85QVci8 :‬‬
‫أ‪ -‬التقارير‬
‫‪ -‬تقريرحول النفقات الجبائية‪ ،‬مرفق بمشروع قانون مالية ‪.2021‬‬
‫‪ -‬تقرير لجنة املالية والتنمية االقتصادية‪ ،‬تقرير حول مشروع قانون املالية رقم ‪ 65.20‬برسم‬
‫السنة املالية ‪ ،2021‬الجزء األول‪ ،‬دورة أكتوبر‪.2020‬‬
‫‪ -‬غريرباور‪ ،‬التقريرالبرملاني العالمي‪ ،‬طبعة التمثيل البرملاني للمتغيرة‪ ،‬منشورات األمم املتحدة‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ -‬املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية ( ‪ ،) DRI‬تقرير حول الديمقراطية التشاركية على‬
‫املستوى املحلي‪.‬‬

‫باللغات األجنبية‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪La commission spéciale sur modèle de Développement,Recueil des notes‬‬


‫‪thématiques, des paris et projets de Nouveau Modèle de Développement , Annexe 2,‬‬
‫‪Avril 2021.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Oxfam, « Un Maroc égalitaire, Une Taxation Juste », 2019.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Rapport du conseil Economique et social, le systéme fiscal marocain: développement‬‬


‫‪économique et cohesion sociale, auto-saisine n° 9/2012.‬‬
‫ب‪ -‬النصوص القانونية‬
‫دستور ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادر في ‪ 29‬يوليو ‪،2011‬‬ ‫‪-‬‬
‫املنشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬في ‪ 30‬يوليو ‪ ،2011‬عدد ‪ 5264‬مكرر‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬املنظم لقانون املالية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 1.15.62‬الصادر في ‪ 2‬يونيو ‪ ،2015‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،6370‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬يونيو‬
‫‪.2015‬‬

‫قانون املالية رقم ‪ 48.09‬للسنة املالية ‪ ،2010‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.09.243‬‬ ‫‪-‬‬
‫في ‪ 30‬ديسمبر‪ ،2009‬واملنشور بالجريدة الرسمية في ‪ 31‬ديسمبر‪ ،2009‬عدد ‪5800‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.07.995‬الصادرفي ‪ 23‬أكتوبر‪ 2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة االقتصاد‬ ‫‪-‬‬
‫واملالية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 5680‬الصادربتاريخ ‪ 6‬نوفمبر‪.2008‬‬
‫ت‪ -‬قرارات وأحكام قضائية‬
‫‪ -‬املجلس الدستوري‪ ،‬قراررقم ‪ 14.950‬م ‪ .‬د ملف عدد ‪1406.14‬‬
‫ث‪ -‬الخطب والرسائل امللكية‬
‫‪ -‬الخطاب امللكي الذي ألقاه امللك محمد السادس بالجرف األصفر أمام رؤساء غرف التجارة‬
‫والصناعة ورؤساء املكاتب الوطنية وعدد من الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬بتاريخ ‪ 25‬شتنبر‪.2000‬‬
‫‪ -‬الخطاب امللكي الذي وجهه امللك محمد السادس إلى األمة بمناسبة ذكرى ‪ 14‬لعيد العرش‪،‬‬
‫بتاريخ الثالثاء ‪ 30‬يوليوز ‪2013‬‬
‫‪ -‬الرسالة التي وجهها امللك إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية األولى للجهوية‪ ،‬بتاريخ‬
‫الجمعة ‪ 20‬دجنبر‪.2019‬‬
‫ج‪ -‬املواقع اإللكترونية‬
‫‪www.pncl.gov.ma -‬‬
‫‪www.maroc.ma -‬‬
‫‪www.cg.gov.ma -‬‬
‫‪www.psu.ma -‬‬
‫‪www.aldar.ma -‬‬
‫‪www.madarik.org -‬‬
‫‪www.dp.org -‬‬
‫‪www.telquel.ma -‬‬
‫‪www.attacmaroc.org -‬‬

‫‪117‬‬
www.maghress.com -
www.tizpress.com -
www.alquds.co.uk -

118
‫الفهرس‬
‫كلمة شكر ‪1 ...........................................................................................‬‬
‫اإلهداء ‪2 ..............................................................................................‬‬
‫الئحة االختزاالت ‪3 .....................................................................................‬‬
‫تقديم‪4 ............................................................................................... :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القرارالضريبي بين التقليد والتحديث وسؤال الدولة الحديثة ‪13 .....................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬القرارالضريبي بين التقليد والتحديث ‪13 ............................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬القرارالضريبي التقليدي تجسيد إلرادة السلطان ‪14 ..............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مركزية السلطان داخل جهاز اإلدارة املخزنية ‪14 ..................................‬‬
‫أوال‪ :‬اإلدارة املركزية ‪15 ..........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلدارة املحلية ‪18 ..........................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة املركزباملحيط من خالل القرارالضريبي للسلطان ‪21 .....................‬‬
‫أوال‪ :‬الصراع الضريبي أساس عالقة املركزباملحيط‪22 ...........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم والتعايش أساس عالقة املركزباملحيط ‪25 ........................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬سلطات الحماية ومحاولة تحديث النسق القراري الضريبي ‪27 ...................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختراق األوروبي للمغرب واالمتيازات الضريبية ‪27 ...............................‬‬
‫أوال‪ :‬فخ الديون ونظام االمتيازات الضريبية ‪28 ..................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنافس القوى األوروبية على املغرب ‪30 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬سلطات الحماية ومظاهرتحديث النسق القراري الضريبي ‪31 ...................‬‬

‫‪119‬‬
‫أوال‪ :‬سلطات الحماية وتحديث النسق القراري ‪32 ...............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطات الحماية وتوظيف النسق القراري التقليدي خدمة ملصالحها ‪34 ..................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬القرارالضريبي في ظل الدولة الحديثة ‪37 ...........................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬القرارالضريبي بين مركزية املؤسسة امللكية وتبعية الحكومة ‪38 ..................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مركزية املؤسسة امللكية في صناعة القرارالضريبي ‪38 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬رئاسة املجلس الوزاري ‪39 ..................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخطب والرسائل امللكية ‪40 ...............................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬تبعية التقنوقراط للمؤسسة امللكية ‪42 ...................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬حق طلب قراءة جديدة في مشاريع ومقترحات القوانين وحق إصدارالقوانين ‪42 ...........‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحكومة كأداة تنفيذية للقرارالضريبي ‪43 .......................................‬‬
‫أوال‪ :‬الدور املهيمن للوزيراملكلف باملالية في صناعة القرارالضريبي ‪44 ..........................‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور رئيس الحكومة في صناعة القرار الضريبي ‪46 ..........................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬القرارالضريبي بين سيادة التشريع ومصالح جماعات الضغط ‪49 ................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دور البرملان في صناعة القرار الضريبي ‪49 ..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور جماعات الضغط في صناعة القرارالضريبي ‪55 .............................‬‬
‫أوال‪ :‬دور االتحاد العام ملقاوالت املغرب في صناعة القرارالضريبي ‪56 ............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬دور املؤسسات املالية الدولية في صناعة القرارالضريبي‪59 ................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬القرارالضريبي والعدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي ‪62 .....................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬بنية النظام الضريبي املغربي وواقع العدالة الضريبية‪63 ............................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تشخيص بنية النظام الضريبي املغربي ‪63 .........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬بنية النظام الضريبي املغربي ‪63 ...................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على الدخل‪64 .....................................................................‬‬

‫‪120‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضريبة على الشركات ‪66 ..................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬الضريبة على القيمة املضافة ‪67 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬واقع العدالة الضريبية في بنية النظام الضريبي املغربي ‪68 .......................‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على الدخل وسؤال العدالة الضريبية ‪69 .........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬سؤال العدالة الضريبية في الضريبة على الشركات ‪70 .....................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬الضريبة على القيمة املضافة وسؤال العدالة الضريبية ‪72 ................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أسباب غياب العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي ‪73 ...................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬كثرة التشجيعات الضريبية ‪74 ....................................................‬‬
‫أوال‪ :‬التشجيعات الضريبية في إطارالضرائب املباشرة ( الضريبة على الشركات أنموذجا ) ‪74 ...‬‬
‫ثانيا‪ :‬التشجيعات الضريبية في إطارالضريبة على القيمة املضافة ‪77 ...........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التصاعدية التنازلية ‪79 ..........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على الدخل ‪81 ...................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬محدودية التصاعد على مستوى الضريبة على القيمة املضافة ‪83 .........................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬آثار غياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي وسبل تحقيقها ‪85 ..‬‬
‫املطلب األول‪ :‬آثارغياب العدالة الضريبية على بنية النظام الضريبي املغربي ‪85 .................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف التمويل وارتفاع الضغط الضريبي ‪86 .....................................‬‬
‫أوال‪ :‬ضعف املداخيل الضريبة في تمويل ميزانية الدولة‪86 .......................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬ارتفاع الضغط الضريبي ‪88 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التهرب الضريبي ‪89 ...............................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬سبل تحقيق العدالة الضريبية في النظام الضريبي املغربي ‪94 ....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دمقرطة عملية صنع القرار الضريبي ‪95 ...........................................‬‬
‫أوال‪ :‬تقوية دور البرملان في صناعة القرار الضريبي ‪96 .............................................‬‬

‫‪121‬‬
‫ثانيا‪ :‬مأسسة املقاربة التشاركية في صناعة القرار الضريبي ‪98 ...................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬توسيع الوعاء الضريبي وإعادة توزيع الدخل ‪99 .................................‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة على الثروات الكبرى ‪101 ..........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضريبة على التركات ‪103 .................................................................‬‬
‫خاتمة ‪106 ...........................................................................................‬‬
‫الئحة املراجع ‪109 ....................................................................................‬‬

‫‪122‬‬

You might also like