You are on page 1of 3

‫تاريخ الفكر السياسي‬

‫السنة أولى جذع مشترك‬


‫الدكتور على لكحل‬
‫المحاضرة األولى‬
‫أهمية الفكر السياسي‬
‫الفكر السياسي بشكل عام يحلل الظواهر السياسية وفق أصول مختلفة‪:‬‬
‫أوال‪ /‬أصول فلسفية أي عرض مجرد نظري لبعض المفاهيم ومثال ذلك الفلسفة اليونانية‬
‫ثانيا‪/‬األصول الدينية المقيدة بالنصوص المقدسة في تفسير الظواهر فنصيح أمام فكر سياسي ديني ومثال ذلك الفكر الديني‬
‫المسيحي‬
‫ثالثا‪/‬األصول الحرة غير الدينية‬
‫والفكر السياسي( كل مايصدر عن العقل االنساني من أفكار ونظريات ووجهات نظر تتعلق بعالم السياسة وظواهره‬
‫وقصاياه)‪.‬‬
‫والفكر نوعان‪ :‬عشوائي يفتقد للمنهج‬
‫ومنهجي منظم‪ ،‬فالمنهج هو الفرق بين العلم و العشوائية‪.‬‬
‫والفكر السياسي( يتجاوز الفلسفة التي تركز على التحليل العقلي‪ ،‬بينما يضيف الفكر السياسي مصادر أخرى للمعرفة منها‬
‫الدين‪ ،‬التقاليد االجتماعية‪ ،‬البحوث العلمية التجريبية)‪.‬‬
‫فالفكر السياسي يعالج نفس‪،‬قضايا الفلسفة لكنه يتجاوزها في المزج بين العقل والنقل والتجربة االنسانية و العلمية‪ ،‬و‬
‫هدفه إيجاد الحلول المثلى للمشكالت المطروحة‪.‬‬
‫وقد شكلت األسطورة ودراسة ماوراء الطبيعة الصفة الغالبة في الفكر السياسي في بداياته واستمرت هذه الصفة مع ظهور‬
‫الفكر السياسي اليوناني‪ ،‬ثم ارتبط بالفلسفة و بحث فيما يجب أن يكون وليس فيما هو كاين‪ .‬ولذلك اقترب من المثالية‬
‫وابتعد عن الواقع‪ .‬وقد تطور الفكر السياسي الحقا ليصل لمرحلة النظرية متأثرا بمناهج العلوم التجريبية‪ .‬فحتى القرن‪17‬‬
‫لم يكن علم السياسة بعيدا عن الفلسفة‪ ،‬إلى ان ظهرت الثورة العلمية والمنهج التجريبي‪ ،‬فاقترب علم السياسة من المناهج‬
‫التجريبية وأخذت العلوم االجتماعية عنها وبدأت في االستقالل عن الفلسفة‪.‬‬
‫وألن السياسة علم القوة كان البد من دراسة عالقتها بالعقل‪ ،‬وهنا يأتي دور الدولة باعتبارها عنصر التوفيق بين العقل‬
‫والقوة‪ ،‬فهي التي التي تخضع القوة للعقل‪ ،‬وقد كان أفالطون أول من بحث هذا التوافق‪ ،‬أي بحث العالقة بين الفكر‬
‫والسلطة السياسية‪ ،‬وهو من أهم مجاالت الفكر السياسي‪.‬‬
‫فالفك ر السياسي يدرس محاوالت المفكرين تنظيم العالقة بين الفكر والسلطةمن خالل التجارب التاريخية‪.‬‬
‫ومنها علم السياسة الذي تخصص في دراسة‪:‬‬
‫اوال_ نظم الحكم المختلفةوعالقتها ببعض‬
‫ثانيا‪ :‬سلطة الدولة على الفرد وسلطة الفرد على الدولة‪.‬‬
‫وعملية تنظيم العالقة بين الفرد والدولة هي مايسمى السياسة‪.‬‬
‫ماذا يقدم الفكر السياسي‬
‫اصبح الفكر السياسي ركيزة الدراسات السياسية‪ ،‬وموضوع لصراع االفكار (الجدل)‪ ،‬والطريق للبحث في تكوين السلطة‬
‫ونشوء الدولة‪ ،‬وناقل لصورة المجتمعات المختلفة‪.‬‬
‫أوال = التحقيق في طبيعة المشكالت التي اعترضت المجتمعات المختلفة في التاريخ اليجاد الحلول لواقعهم‪.‬‬
‫ثانيا= يمنح الفكر السياسي األهمية للجدل والنقد الفكري‪ ،‬فتطور الفكر االنساني ناتج عن فكرة االعتقاد واالنتقاد‪ ،‬وليس‬
‫على الجمود الذي فرضته العديد من النظم القديمة‪ ،‬رافعة شعار اعتقد والتنتقد وهو المدخل‬
‫لتخلفها عن التطور‪.‬‬
‫ففكر أرسطو ناتج عن نقده ألفالطون‪.‬‬
‫والفكر السياسي االسالمي ناتج عن نقده للنظم السابقة وطرحه لمرجعية جديدة‬
‫و الماركسية نتيجة النتقادات كارل ماركس لهيجل ولتناقضات الرأسمالية‪.‬‬
‫فالجدل والنقد والصراع بين االفكار هو محل تطوير االفكار السياسية‪.‬‬
‫ثالثا= الفكر السياسي أثر في مجرى التاريخ‪ ،‬فال يمكن الفصل بين الثورة الفرنسية وتأثيرات االفكار السياسية لمونتيسكيو‬
‫وفولتير‪ ،‬واليمكن الفصل بين الثورة البلشفية عن الفكر السياسي الماركسي‪ ،‬واليمكن الفصل بين الديموقراطية وماقدمه‬
‫منظرو العقد االجتماعي‪ .‬فالفكر أيضا أداة للتغيير االجتماعي والسياسي‪.‬‬
‫والفكر السياسي يحتاج لبقية العلوم سواء في منهجه أو تحليله أو تنبؤاته بالمستقبل‪.‬‬
‫وألننا نتحدث عن تاريخ الفكر السياسي فنحن بحاجة لعلم التاريخ الذي يمدنا بأحداث الماضي ووثائقه الدالة عليها‪ ،‬لكن‬
‫الفكر السياسي يتجاوز التاربخ لدراسة الواقع والمستقبل معتمدا على المعلومات التاريخية‪.‬‬
‫كما يعد المنهج التاريخي من أهم المناهج التي‪ ،‬يستند إليها علم السياسة لتحليل الظواهر السياسية‪.‬‬
‫كما يحتاج الفكر السياسي لفروع العلم المختلفة من أخالق ودين وقانون واقتصاد وفلسفة ونظريات اجتماعية‪ .‬وهو يعمل‬
‫على توظيفها لمعرفة طبيعة النظم االجتماعية والسياسية والدينية واالقتصادية التي أثرت في تطور الفكر السياسي وأثر‬
‫بدوره في تحوالتها على مر العصور‪.‬‬
‫وفي مراجعة كتب المهتمين بتاريخ االفكار السياسية سنجد أن الكتابات الغربية تنقسم إلى قسمين اولها كتابات عنصرية‬
‫تقع تحت تأثير المركزية الفلسفية الغربية التي تؤكد أن المصدر الوحيد للفكر والحضارة هو الغرب فاليونان مصدر‬
‫الفلسفة السياسية و الرومان مصدر القانون‪ ،‬وبالتالي فإن الحضارة الحديثة نتاج مقدمة فلسفية غربية ال أكثر وال أقل‪ .‬وفي‬
‫المقابل نجد كتابات منصفة منفتحة على الحضارات الشرقية‪.‬‬
‫و محتوى المركزية الفلسفية مرتبط بجملة االفكار التالية‪:‬‬
‫‪ _1‬الغرب مركز الثقافة والفكر والحضارة‬

‫‪ _ 2‬النظرة الدونية للحضارات الشرقية باعتباره فكرا بدائيا‬

‫‪ _3‬جمود النظم االجتماعية‬

‫‪ _ 4‬قدسية النظام االجتماعي( الحاكم باعتباره إلها وليس حاكما)‬

‫‪ _ 5‬اعتبار النظم السياسية القديمة نظما دكتاتورية‪.‬‬

‫‪ _6‬الربط بين التخلف الفكري والتخلف العقلي‪.‬‬

‫وللرد على فكرة المركزية الفلسفية الغربية‬


‫اوال_ الغرب ليس المصدر الوحيد للحضارة االنسانية فهي نتاج لمساهمة جميع الثقافات‪.‬‬
‫ثانيا_ جمود النظم االجتماعية ليست ظاهرة خاصة بالشرق القديم‪ ،‬فحتى المجتمعات االوروبية القديمة ومجتمعات القرون‬
‫الوسطى وحتى مجتمعات حديثة لم يكن التطور محركا لها وانما ارتبط تطورهم باالتصال بالحضارات األخرى‬
‫وانجازاتها‪.‬‬
‫‪ _3‬قدسية ال نظام االجتماعي لم تكن خاصية مشرقية فالحكم باسم االلهة والدين هي خاصية تاريخية غربية أيضا‪.‬‬

‫‪ _ 4‬دكتاتورية النظم القديمة ليست خاصية مشرقية أيضا‪ ،‬فالحضارة الغربية انتجت قديما وحديثا كل المظاهر الدكتاتورية‪،‬‬
‫والنازية والفاشية وظاهرة االستعمار ليست ببعيدة عنا‪ .‬وا لدكتاتورية في بالد الشرق لم تمنع من التطور العلمي فالنموذج‬
‫الفرعوني اليزال يقدم إلى اليوم ابداعات االنسان القديم‪.‬‬
‫‪ _ 5‬الربط بين التخلف الفكري والتخلف العقلي‪ ،‬يفنده العلم فليس لدى الغرب تفوق طبيعي للعقل مقابل تخلف طبيعي للعقل‬
‫الشرقي‪ ،‬و انجازات الشرق اليوم في الصين واليابان والهند وغيرها دالئل على نفي الرؤية الغربية‪.‬‬
‫‪_ 6‬معالم الحضارات الشرقية وانحازاتها العلمية التزال شاهدا على زيف االدعاءات الغربية‪.‬‬

‫‪ _7‬تزييف التاريخ من خالل حركة االستشراق كان في الواقع مقدمة لتبرير حركة االستعمار الذي برر وجوده وتوسعه‪،‬‬
‫تحت شعار التمدين‪.‬‬
‫‪ _ 8‬اهمال التراث الشرقي ناتج عن جهل الغرب به وبلغاته وانجازاته‪ ،‬وبالتالي فالهجوم على الشرق كان يغطي جهل‬
‫هؤالء بلغات الشرق وتاريخه وآثاره‪ ،‬وسرعان ما انهارت االطروحة الغربية بعد االكتشافات المذهلة لعلماء اآلثار‬
‫وتفكيك رموز اللغات القديمة‪.‬‬

You might also like