You are on page 1of 5

‫المحاضرة السادسة‬

‫الحضارة اليونانية‬
‫أول_الشروط البيئية للحضارة اليونانية‬
‫ظهرت في شمال البحر البيض المتوسط في شبه جزيرة البلقان وخليج بحر ايجه‪ ،‬بمنطقة‬
‫استراتيجية‪ ،‬وقد أثرت العوامل الجغرافية في التاريخ اليوناني‬
‫‪ _1‬الطبيعة الجبلية والنهرية لليونان جعلها تنقسم لمجموعة من المناطق المنعزلة عن بعضها‪،‬‬
‫حيث صعبت الجبال عملية التصال بين المدن اليونانية‪ ،‬كما أن النهار لم تكن صالحة للملحة‬
‫حيث عطلت هي الخرى عملية التصال‪ ،‬كل ذلك نتج عنه تكوين شكل سياسي مستقل عرف‬
‫باسم دولة المدينة‪.‬‬
‫‪ _2‬الطبيعة البحرية لليونان ساعد على انتظام الملحة وظهور الموانئ‪ ،‬كما ظهر دور الجزر‬
‫المتناثرة بالمئات ومنها جزر رودوس وكريت وقبرص وغيرها‪ ،‬شكلت جميعها جسور للتواصل‬
‫مع العالم الخارجي‪ ،‬حيث سهلت الطبيعة الجزرية ظهور الملحة المنة وعملية انتقال اليونانيين‬
‫للمناطق القريبة وتأسيس مدن شبيهة بالمدن اليونانية‪ ،‬و سمح ذلك التوسع بالنتقال من دولة‬
‫المدينة للنظام المبراطور ي‪ ،‬وخاصة في مرحلة السكندر المقدوني‪ ،‬فكان البحر عنصرا‬
‫أساسيا في الحياة اليونانية تجارة وملحة وهجرة وتوسع‪.‬‬
‫‪ _3‬قلة الراضي الزراعية و نوعية التربة لم تسمح لنتاج جميع المحاصيل‪ ،‬وشكل سكان الجبال‬
‫عامل ضاغطا على سكان السهول بحثا عن العمل في الفلحة‪ ،‬المر الذي دفع المواطنين‬
‫التوجه نحو الجيش والعمل به كمرتزقة‪ .‬أو الهجرة بحثا عن الغذاء و للتبادل التجاري مع‬
‫مناطق مختلفه من العالم ‪ .‬لكن تربة البلد احتوت معادن مختلفة كالذهب والفضة والنحاس‬
‫والصلصال الضروري للصناعة الفاخرية والرخام اللزم لتزيين البناءات اليونانية‪.‬‬
‫‪ _4‬المناخ المتوسط المعتدل شجع على نمو الحياة الجماعية إذ كان يسمح باللقاءات العامة‬
‫لساعات من النهار المر الذي شكل أداة للحوار والنقاش العام حول قضايا المدينة‪.‬‬
‫ثانيا _ مصادر كتابة التاريخ اليوناني‬
‫‪ _1‬الفكر و الدب اليوناني أهمها ملحمتي اللياذة و الوديسة للشاعر هوميروس‪ .‬وكتابات‬
‫المؤرخين مثل كتاب هيرودوت حول تاريخ اليونان‪ ،‬أو كتب ثوكيديدس الذي ركز على الحرب‬
‫بين أثينا واسبرطه فيما عرف بالحرب البلوبونيزية‪ ،‬وعرفنا بتاريخ مناطق كثيرة‪ ،‬وكان أول من‬
‫اتبع المنهج العلمي التحليلي في كتابة التاريخ‪ .‬وايضا كتب المؤرخ كسينوفون‪ ،‬وماتركه‬
‫السفسطائيون‪ ،‬و مختلف العلماء في مختلف التخصصات العلمية والفلسفة السياسية لمثال‬
‫طاليس‪ ،‬وسقراط وأفلطون وارسطو وغيرهم‪.‬‬
‫‪ _2‬الثار اليونانية المنتشرة في مختلف المناطق التي سادت بها الحضارة اليونانية‪.‬‬
‫ثالثا_ الطار التاريخي للحضارة اليونانية‬
‫عرفت اليونان ثلث مراحل تاريخية مهمة‬
‫‪ _1‬العصر المبكر‬
‫يمتد من العصر الحجري الحديث حتى الغزو الدوري للبلد‪ ،‬حوالي ‪110‬‬
‫‪ _ 2‬المرحلة الهللينية‪:‬‬
‫تنسب هذه المرحلة لهيلس السم الذي أطلقه اليونانيون على بلدهم‪ ،‬جوالي ‪110‬‬
‫‪ _3‬المرحلة الهللينستيةة‬
‫وتبدأ لظهور السكندر المقدوني‪ ،‬ولم تعد الحضارة اليونانية خاصية يونانية بحتة‪ ،‬لكنها عبرت‬
‫عن امتزاج حضارات الشرق بالحضارة اليونانية‪ ،‬وقد توسع في هذه المرحلة اليونانيون وحاول‬
‫السكندر المقدوني تجاوز خاصية اليونانيون الذين استقبلوا بمدنهم إلى منطق إمبراطوري بلغ‬
‫لغاية الهند‪ ،‬لكن هذا النمط من الحكم انتهى بوفاته‪.‬‬
‫رابعا_دولة المدينة‬
‫اول_ المدينة والمواطنة‬
‫(لم تعرف اليونان الوحدة السياسية في تاريخها‪ ،‬وانما عرفت نظام مدن صغيرة اطلق عليها‬
‫اسم ‪polis‬‬

‫وتعني دولة المدينة‪.‬‬


‫وقد مرت تجارب حضارية سابقة كما ذكرنا بواقع دولة المدينة التي تطورت لمراحل الدولة‬
‫الكبرى أو مرحلة المبراطورية‪ .‬لكن الذي يميز المدن اليونانية انها اكثر تعقيدا فلم تعرف نظاما‬
‫سياسيا واحدا وانما مرت لشكال مختلفه‪ ،‬كالنظام الملكي ثم النظام الرسطوقراطية‪ ،‬ثم حكم‬
‫القلية‪ ،‬ثم حكومة الطغاة ثم الحكم الديموقراطي‪.).‬‬
‫يقول المفكر العربي حسن صعب‪ (،‬أن الفكر السياسي الشرقي القديم كان يتحرك في‪ ،‬سياق‬
‫إلهي إمبراطوري إقليمي‪ ،‬وتحرك الفكر السياسي اليوناني في سياق دولة المدينة ومنطقها‬
‫ونظامها السياسي ونطاقها الجغرافي‪.).‬‬
‫وحسب القناعة اليونانية فإن النتماء للمدينة هو أهم مايميز هم عن الشعوب الخرى التي‬
‫اعتبروها شعوبا متوحشة وهمجية غير متحضرة لنها لم تعرف الستقرار والدولة المدينة‪ .‬ولزال‬
‫هذا النمط من التفكير يسود العديد من كتابات الغرب غير المنصفة‪ ،‬التي تنظر نظرة دونية‬
‫للحضارات الشرقية‪ ،‬وتقع رهينة المركزية الفلسفية الغربية التي ترى أن الحضارة الحديثة هي‬
‫نتاج غربي خالص مرجعه للحضارتين اليونانية والرومانية‪.‬‬
‫(والمدينة هي الوحدة السياسية المركزية لدى الغريق‪ ،‬تخضع لنظام اداري سياسي موحد‬
‫ومستقل له تشريعاته وآلهته التي كانت سبب نشأتها‪ ،‬فاللهة أثينا هي إلهة دولة مدينة أثينا التي‬
‫منحتها اسمها وحملتها ودافعت عنها ونتواجه إله الحرب آريس او‪ .‬مارس)‪.‬‬
‫والمدينة هي من تصنع هوية المواطن وتمنحه صفة المواطنة‪ ،‬التي يشترط فيها‪.‬‬
‫‪ _1‬الذكورة والبلوغ‬
‫‪ _2‬الصل الثيني أي البوين الثينيين‬
‫‪ _3‬أن يكون مسجل في أحياء أثينا العشرة‪ .‬وعضوية أحد نوادي الشباب فيها‪.‬‬
‫ثانيا_ النظام الجتماعي‬
‫النظام الجتماعي اليوناني نظام طبقي‪ ،‬حيث تتكون المدينة من طبقات ثلث‪.‬‬
‫‪_1‬طبقة العبيد والعمال والحرفيين‪ .‬يشتغلون في المجال الزراعي‪ ،‬وهم عادة من أسرى الحرب‬
‫او فقراء المدينة العاحزين عن تسديد الديون‪ ،‬ليس لهم حق المواطنة ول يمارسون أي نشاط‬
‫سياسي‪.‬‬
‫‪ _2‬الجانب ‪ :‬بالرغم من كونهم أحرارا لكن ليس لهم حق ممارسة النشاط السياسي‪.‬‬
‫‪ _3‬المواطنون‪ :‬يكتسبون صفة المواطنة‪ ،‬ويرثها الذكور منهم بالوراثة عند سن(‪18‬وبعض المدن‬
‫‪ 20‬عاما)‪ ،‬وبالتالي يتمتعون بحق ممارسة النشاط السياسي‪ .‬وقد فرض ملك الراضي نفوذهم‬
‫في اسبرطه‪ ،‬بينما فرض التجار نفوذهم في أثينا‪.‬‬
‫ثالثا_ المؤسسات السياسية للمدن اليونانية (أثينا_اسبرطة)‪.‬‬
‫‪ _1‬المؤسسات السياسية لدولة أثينا‬
‫شكلت أثينا رمز الديموقراطية والحرية‬
‫_ الجمعية العمومية ‪ :‬طريقة للديموقراطية المباشرة للمواطنين الذكور البالغين سن العشرين‪،‬‬
‫من صلحيتها ‪:‬‬
‫_ الموافقه على المشروعات التي يتقدم بها المجلس او تعديلها‪.‬‬
‫_ الموافقه على إعلن الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات وسن القوانين‪.‬‬
‫_ مجلس الشيوخ ‪:‬يتكون من ‪ 500‬عضو ‪ ،‬يختارون بالقرعة من بين المواطنين الذكور البالغين‬
‫‪20‬عاما‪،‬وهم بمثابة جهاز تنفيذي‪ ،‬لكنه يتجاوز صلحياته ليقوم بالتشريع أحيانا‪.‬‬
‫المحاكم‪ :‬وعددهم سنة الف يتم اختيارهم بالقتراع‪ ،‬يشرط سن الثلثين‪ ،‬كانت لديها مهمه‬
‫مايشبه الرقابة الدستورية علي القوانين الصادرة علي‬
‫الجمعية والمجلس‪.‬‬
‫_ الموظف ن العامون‬
‫يختارون بالقرعه لمدة سنة واحدة‪ ،‬وسدس ذكور المدينة البالغين عشرين عاما‪ ،‬يتوبون وظائف‬
‫عامة ضمن منظور لتكافؤ الفرص لمواطني المدينة‪.‬‬
‫وقد حكمت أثينا بالنظام الملكي ثم الرسطوقراطي ثم نظام الطغيان‪ ،‬ثم النظام‬
‫الديموقراطي‪ ،‬ثم العهد الفوضوي‪.‬‬
‫وقد كانت للمحاولة النقلبية التي قام بها أحد النبلء ‪ ،‬شعر الجميع بضرورة الصلح السياسي‪.‬‬
‫ومن هنا جاءت محاولت( دراكون)‪ ،‬ثم إصلحات (سولون)‪ ،‬حيث قسم المجتمع على أساس‬
‫مادي بعيدا عن الصول الطبقة‪ ،‬فمنح بعض المتياز الثرياء‪ ،‬وأسس لول أسس الديموقراطية‬
‫الثينية‪ .‬فقسم المجتمع على الشكل التالي‪:‬‬
‫ا_ طبقة الغنياء‬
‫ب_ طبقة الفرسان‬
‫ج_ طبقة الحرفيين‬
‫د_ طبقة المعدمين‬
‫وأنشأ سولون مجلس شورى من ‪400‬عضو‪ ،‬يمثل القبائل اليونانية‪ ،‬للشراف على شؤون‬
‫الدولة‪ ،‬وأنشأ محاكم شعبية لمحاسبة الهيئة التنفيذية‪ ،‬وألغى قوانين العبودية‪ ،‬وصك عملة قوية‬
‫النهوض بالقتصاد‪ ،‬وعادت في عصره الضطرابات التي عجلت بالثورة‪.‬‬
‫‪ _2‬المؤسسات السياسية في اسبرطه‬
‫ارتكز على أربعة اركان وهي‪:‬‬
‫ا_ الملكية المزدوجة ‪ :‬اي وجود ملكين على رأس الدولة‪ ،‬بدل الملك الواحد لممارسة الرقابة‬
‫السياسية كلهما على الخر‪ .‬مع توزيع الدوار اثناء الحروب حيث يقودها أحدهم‪ ،‬ويبقى الثاني‬
‫لدارة المدينة‪.‬‬
‫ب_ مجلس الشيوخ السيناتو‪30 :‬عضوا يتجاوز سنهم الستين عاما‪ ،‬من بينهم الملكان‪ ،‬يتم‬
‫اختيارهم من بين الشراف‪ ،‬وهو صاحب السلطة الفعلية في اسبرطه مهمته‪:‬‬
‫تحضير امور الدولة التي تعرض على المجلس‬
‫الفصل في القضايا الجنائية‬
‫النظر في الشؤون الخارجية‬
‫ج _ مجلس العامة' يتكون من كل مواطن اسبارطي بلغ سن الثلثين‪ ،‬يجتمع مرة كل شهر‬
‫بطلب من الملكين‪.‬‬
‫صلحياته‪:‬‬
‫انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ وهيئة المشرفين و تقرير الرسائل الخاصة في‪ ،‬الحرب والسلم‬
‫والسياسة الخارجية‪ ،‬ومسائل وراثة العرش‪ ،‬وكان ركيزة الحكم الديموقراطي‪.‬‬
‫د_ هيئة المشرفين ‪ :‬تتكون من ‪5‬أعضاء يختارون لمدة سنة من طرف الشعب من صلحياتها‪:‬‬
‫_ الرقابة على تصرفات الملوك‬
‫_ المحافظة على النظام العام‬
‫_ تطبيق القانون‬
‫_ النظر في المسائل القضائية‪.‬‬
‫عيوب النظام السبرطي‬
‫_ نظام الملكية المزدوجة سمح بالمنافسة بين الملكين‬
‫_ البطؤ في اتخاذ القرارات‬
‫_فساد النظام السياسي‬
‫_ أدت النتصارات الحربية لتعاظم الغنائم لدى القادة‪ ،‬بينما استمر الفقر في الوساط الشعبية‬
‫_ تحولت الملكيات الكبرى لمكليات صغرى‪ ،‬ومع ذلك ظلت اسبرطه أقوى دول اليونان‪.‬‬
‫والواقع أن النتقال من النظام القبلي إلى النظام الملكي في اليونان‪ ،‬لم تعد فيه المدينة مجرد‬
‫انتماء مكاني لقبيلة يتجاور فيها السكان فقط ‪ ،‬وإنما انتقلت لمفهوم النتماء التنظيمي الذي‬
‫يفترض واجبات وحقوق متبادلة‪.‬‬
‫أما النتقال نحو النظام الرسطوقراطي فيشير لهمية العامل القتصادي في التحول‬
‫السياسي‪ ،‬حيث استطاعت الطبقة الرسطوقراطية من ملك الراضي الستحواذ على‬
‫السلطات المختلفة وانهاء النظام الملكي‪.‬‬
‫الرسطوقراطية نقلت أيضا المدينة من نظرية الحق اللهي في الحكم إلى القانون والشرعية‬
‫النتخابية‪ .‬فالمجلس المنتخب والمحاكم اصبحت مظاهر لهمية القانون في تنظيم المدينة‬
‫الجديد‪.‬‬
‫أما النظام الوليغارشي أو حكم القلة فقد عبر عن طبقة التجار التي أثرت جراء تطور حركة‬
‫الملحة البحرية التي تطورت معها حركة التجارة الخارجية‪ ،‬وتحالفت مع الرسطوقراطية لحقا‬
‫وتمنكت سياسيا من فرض حكم القلة في عديد المدن اليونانية‪.‬‬
‫اما النظام الديموقراطي فكان نتيجة تحول الطبقات العامة من العمل بالرض كمصدر وحيد‬
‫للرزق لدى الرسطوقراطية إلى العمل بالتجارة ومايرتبط بها‪ ،‬حيث أصبح التجار بحاجة للحرف‬
‫وبعض الصناعات للتحارة‬
‫فتطور شأن العامة من الناس ومع التجارب المكتسبة استطاعوا فرض النظام الديموقراطي‪.‬‬

You might also like