You are on page 1of 27

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬األزمة االقتصادية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األزمة االقتصادية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع األزمات االقتصادية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أزمة ‪ 2008‬كنموذج‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب حدوثها‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تداعياتها على االقتصاد العالمي‬

‫المطلب األول‪ :‬تداعياتها على الدول المتقدمة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تداعياتها على الدول النامية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬جديد األفكار في األزمة المالية العالمية‬

‫خاتمة‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫شهد االقتصاد العالمي أزمة مالية حادة كان منبع حدوثها القطاع المالي األمريكي‬
‫وبالتحديد االستثمارات المالية في قطاع العقار‪ .‬أدت هذه األزمة إلى حدوث اختالالت اقتصادية‬
‫كبيرة ليس فقط في االقتصاد األمريكي وإنما االقتصاد العالمي ككل‪ ،‬ومن بين هذه االختالالت‬
‫نجد‪ ،‬انتشار البطالة وإفالس المؤسسات الكبرى والبنوك وحدوث ركود وانكماش في االقتصاد‬
‫العالمي‪ .‬لقد أعادت االنهيارات الكبيرة في األسواق المالية بفعل األزمة المالية العالمية إلى‬
‫األذهان كتابات كارل ماركس عن الرأسمالية‪ ،‬كما ان هذه االنهيارات قد دفعت الكثيـرين إلى‬
‫القول بان مبادئ الفكر الرأسمالي أظهرت أنها غير قادرة على الصمود الكافي أمام الهزات‬
‫واألزمات المالية القوية‪.‬‬

‫ومنه نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫فيما تتمثل أهم أسباب ظهور األزمة ‪2008‬؟ وأهم تداعياتها على االقتصاد الدول المتقدمة‬
‫والدول النامية؟‬
‫المبحث األول‪ :‬األزمة االقتصادية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األزمة االقتصادية‬

‫األزمـة االقتصـادية عنـد كينـز"‪ :‬يـرى جـون مـا نـرد كيتـز ان االزمـات االقتصـادية هي تلك‬
‫االزمات التي تنشأ عن نقـص فـي االسـتهالك بمعنـى عـدم كفايـة الطلـب الفعلـي بسبب هبوط‬
‫‪1‬‬
‫الفعالية الحدية لراس المال ‪.‬‬

‫وصـف "فريـديريك انجلـز" األزمـة االقتصـادية إذ قـال " تتوقـف التجـارة وتـزدهم األسـواق وتتـراكم‬
‫البضـائع بكميـات هائلـة ال طريـق لبيعهـا ويختفـي النقـد السـائل (السـيولة النقديـة) كما يختفي‬
‫االئتمان ثم تتوقف المصانع وتفقـد العمـال وسـائل عيشـها لمجـرد أنهمـا كانـت قد انتجت الكثير‬
‫من هذه الوسائل‪ ،‬بعد هـذا تتـالى االفالسـات‪ ،‬كمـا تتـالى عمليـات البيـع القس ــري ويس ــتمر ه ــذا‬
‫االنس ــداد القاس ــي إل ــى س ــنوات طويل ــة‪ ،‬فت ــدمر الق ــوى المنتج ــة والمنتجات اجماال حتى الوقت‬
‫‪2‬‬
‫الذي يستعيد فيه اإلنتاج والتبادل مسيرتها بالتدريج"‬

‫وتعـرف األزمـات االقتصـادية بأنهـا" اضـطراب فجـائي يطـ ار علـى التـوازن االقتصـادي في بلد‬
‫ما أو عدة بلدان فهي تطلق لصفة خاصة على االضطراب الناشـئ عـن اخـتالل التوازن بين‬
‫‪3‬‬
‫اإلنتاج واالستهالك‪.‬‬

‫األزمــة االقتصــادية هــي حالــة حــادة مــن المســار الســيء للحالــة االقتصــادية للــبالد أو اإلقليم‬
‫أو العالم بأسره تبدأ عادة من جراء انهيـار أسـواق المـال وترافقهـا ظـاهرة جهـود أو تــدهور فــي‬

‫دانييل ارلوند‪ :‬تحليل األزمات االقتصادية لألمس واليوم‪ ،‬ترجمة عبد األمير شمس الدين‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪1‬‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪1،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.166‬‬


‫بن السعدي مريم‪ ،‬غمراني فريد‪ ،‬األزمة االقتصادية العالمية ‪1929‬بين المسببات والتداعيات‪ ،‬مذكرة ماستر في التاريخ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫تخصص‪ :‬تاريخ العالم المعاصر‪ ،‬جامعة محمد بوضياف – بالمسيلة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2017-2016 :‬ص ‪.13‬‬
‫بد النبي إسماعيل الطوخي‪ :‬التنبؤ المبكر باألزمات باستخدام المؤشرات المالية القائدة‪ ،‬موقع األبحاث فقه المعامالت‬ ‫‪3‬‬

‫اإلسالمية على الموقع‪http//www.kanatakji.com/fiqu/manage/htn,consulte:‬‬


‫النش ــاط االقتص ــادي تتمي ــز بالبطالــة‪ ،‬واالفــالس والتــوترات االجتماعي ــة وانخفاض القدرة‬
‫‪1‬‬
‫الشرائية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع األزمات االقتصادية‬

‫يمكن كذلك تمييز ثالثة أنواع من األزمات اإلقتصادية التي يتعرض لها االقتصاد الرأسمالي‬
‫‪2‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫األزمة الدورية‪( :‬أزمة فيض اإلنتاج) التي تدعى أحياناً "األزمة العامة" فتصيب تكرار اإلنتاج‪،‬‬
‫وتشمل كل عملية تكرار لإلنتاج‪ ،‬أو الجوانب الرئيسة فيها‪ :‬اإلنتاج والتداول‪ ،‬اإلستهالك‬
‫والتراكم‪ .‬وهذا يعني أن الهزات التي تتولد عن األزمة الدورية تكون أكثر عمقاً إذا ما ووزنت‬
‫بغيرها من األزمات‪.‬‬

‫األزمة الوسيطة‪ :‬فأقل اتساعاً وشموالً‪ ،‬ولكنها مع ذلك تمس جوانب ومجاالت كثيرة في‬
‫اإلقتصاد الوطني‪ .‬وتحدث هذه األزمات نتيجة إلختالالت وتناقضات جزئية في عملية تكرار‬
‫اإلنتاج الرأسمالي‪ :‬فاألزمات الوسيطة ال يمكن أن تحمل طابعاً عالمياً على النحو الذي يميز‬
‫األزمات الدورية العالمية لفيض اإلنتاج‪.‬‬

‫األزمة الهيكلية‪ :‬فتشمل في العادة مجاالت معينة أو قطاعات كبيرة من االقتصاد العالمي‪،‬‬
‫منها‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أزمة الطاقة وأزمة المواد الخام‪ ،‬وأزمة الغذاء‪ ،‬وغيرها‪ .‬وإذا كانت‬
‫األزمة الهيكلية تقتصر على قطاع واحد من قطاعات اإلقتصاد‪ ،‬فإنه البد أن يكون قطاعاً‬
‫مهماً وأساسياً كمصادر الطاقة‪ ،‬أو صناعة الحديد والصلب‪ ،‬أو أزمة الغذاء وما إلى ذلك‪.‬‬
‫فاألزمات في الفروع الصغيرة‪ ،‬ولو إستمرت مدة طويلة‪ ،‬ال يمكن أن تصبح أزمات دورية‪،‬‬
‫ألنها ال تمس جميع جوانب اإلقتصاد األخرى وقطاعاتها‪.‬‬

‫إبراهيم أبو العال وآخرون‪ :‬األزمة المالية العلمية أسباب وحلول من منظور إسالمي‪ ،‬فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعودية‪ ،2009 ،‬ص‪.19‬‬


‫‪ 2‬أ ‪ .‬إ‪ .‬بلجوك‪ ،‬األزمات االقتصادية للرأسمالية المعاصرة ‪ ،‬تعريب علي محمد تقي عبد الحسين القز ويني‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1981 ،‬ص ‪ ،12‬وص ‪.90-88‬‬
‫ويعتقد أغلب اإلقتصاديين بضرورة التفريق بين األزمات الدورية والوسيطة والهيكلية‪ ،‬مستندين‬
‫في ذلك إلى عدد من المعايير‪ ،‬أهمها حتمية ظهورها في سياق الدورة اإلقتصادية أو عدم‬
‫حتمية ذلك‪ ،‬وكذلك عمق األزمة وأثرها في األطر الوطنية‪ ،‬ثم شمولها أو عدم شمولها كل‬
‫قطاعات اإلقتصاد الوطني‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أزمة ‪ 2008‬كنموذج‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب حدوثها‬

‫أما بخصوص أسباب األزمة المالية فقد اختلف االقتصاديون في تحديد علمي ودقيق‬
‫ألسباب األزمة االقتصادية والمالية الراهنة‪ ،‬غير أن معظمهم صنفها في أسباب مباشرة وغير‬
‫مباشرة تمثلت بالطبيعة غير المستقرة للنظام الرأسمالي وعزوها إلى مجموعة من األسباب لعل‬
‫أبرزها ما يلي(‪:)1‬‬

‫أوال‪ :‬أزمة الرهن العقاري‬


‫ً‬

‫لقد عزى الكثير من الباحثين األزمة إلى أزمة الرهن العقاري‪ ،‬مع العلم أن هذه ليست‬
‫األزمة الوحيدة التي ألمت بالنظام الرأسمالي‪ ،‬بل كان هناك العديد من األزمات تراكمت وتركت‬
‫دون حل أو مراقبة حتى جاءت أزمة الرهن العقاري كفقاعة كبيرة لتكشف مواطن ضعف هذا‬
‫النظام وهشاشته‪ ،‬بحيث تنادى كل أصحاب القرار السياسي لوضع الحلول ولتجنيب أنفسهم‬
‫والعالم كارثة قد يحتاج العالم لعشرات السنين لتجاوزها‪ .‬لقد شهد سوق العقارات في أمريكا‬
‫رواجا ترتب عليه ارتفاع في أسعار العقارات مما دفع بالعديد االستثمار في هذا السوق وذلك‬
‫باالقتراض من البنوك دون ضمانات كافية (تسمى هذه بالقروض الرديئة ألنها دون ضمانات‬
‫كافية وذات معدالت فائدة عالية غير ثابتة لتغطي على المخاطر)‪ .‬ونتيجة للعرض الكبير‬
‫والطلب المتواضع على العقارات دفع بأسعارها نحو االنخفاض مما دفع بالبنوك إلى رفع الفوائد‬

‫(‪ )1‬المومني‪ ،‬رياض‪" ،‬االقتصاد اإلسالمي واألزمة المالية الراهنة"‪ ،‬عن المؤتمر الثاني للعلوم المالية بعنوان (مدى مساهمة العلوم المالية والمحاسبية‬
‫في التعامل مع األزمات المالية العالمية)‪ ،‬جامعة اليرموك‪ /29/8 ،‬نيسان (ابريل)‪ ،2010 ،‬ص ‪.783-780‬‬
‫لمواجهة المخاطر المحتملة مما أسهم في إفالس البعض وإعالنهم بعدم قدرتهم على دفع‬
‫األقساط‪ .‬إن استيالء البنوك على كثير من العقارات وبيعها بالمزاد العلني أسهم بخفض‬
‫العقارات وإفالس مئات اآلالف إضافة إلى عدم تحصيل البنوك لكامل أموالها حتى بعد عمليات‬
‫االستيالء والبيع‪.‬‬

‫من هنا بدأت المشكلة‪ ،‬بنوك ضعفت سيولتها وأفراد ال أموال لديهم إليداعها‪ ،‬مما دفع‬
‫ببعض البنوك إلى إعالن إفالسها‪ ،‬ومن هنا اقبل المودعون على سحب ودائعهم بشكل كبير‬
‫مما دفع بالبنوك إلى االقتراض من بعضها ومن البنك المركزي‪ ،‬وهذا انعكس سلبا على‬
‫أسهمها في األسواق المالية واضعف من رأس مالها إلى أن أعلن البعض اإلفالس والتصفية‪.‬أن‬
‫االنهيار في البنوك يجعل الحصول على القروض صعبا الرتفاع معدالت الفائدة‪ ،‬مما يقلل‬
‫م ن السيولة مع األفراد وهذا بدوره يخفض من الطلب االستهالكي ويكس المنتجات ويقود‬
‫تدريجيا إلى الكساد وأثاره المدمرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الكساد االقتصادي في الواليات المتحدة‬


‫ً‬

‫ويستدل على ذلك بمؤشرات كثيرة منها‪ :‬انكماش االقتصاد األميركي بمعدل ‪،%6.2‬‬
‫وارتفاع عدد طلبات العاطلين عن العمل بشكل قياسي منذ ‪ ،1982‬وانخفاض متوسط سعر‬
‫المنازل في أميركا بنسبة ‪ %9.5‬وهو أكبر انخفاض منذ عام ‪1999‬م‪ ،‬وتوجد اآلن أكثر من‬
‫‪ 4.93‬مليون منزل غير مباع وعموما فان االقتصاد األمريكي هو السبب األساسي وراء‬
‫األزمة؛ فظهور بوادر الكساد االقتصادي في الواليات المتحدة انعكس على صادرات البلدان‬
‫األخرى وعلى أسواقها المالية‪ .‬فقد صرح وزير المالية األلماني بير شتاينبروك بأن الواليات‬
‫المتحدة تتحمل مسؤولية األزمة المالية العالمية(‪ .)1‬ومن المعالم األخرى الدالة على ذلك(‪:)2‬‬

‫(‪ )1‬العتوم ‪ ،‬عامر‪ "،‬دور المصارف اإلسالمية في ظل األزمة المالية العالمية" ‪ ،‬عن المؤتمر الثاني للعلوم المالية بعنوان (مدى مساهمة العلوم المالية‬
‫والمحاسبية في التعامل مع األزمات المالية العالمية)‪ ،‬جامعة اليرموك‪/29/28 ،‬نيسان(ابريل)‪ ، 2010،‬ص‪.722‬‬
‫(‪)2‬موقع الجزيرة نت‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/34BAECB7-FD94-434A-B9BF-9B840271453.htm.‬‬
‫‪ -‬العجز التجاري‪ :‬منذ عام ‪ 1971‬لم يسجل الميزان التجاري أي فائض بل عجز يزداد‬
‫سنوياً وصل في عام ‪ 2006‬إلى ‪ 758‬مليار دوالر‪.‬‬

‫‪ -‬عجز الميزانية‪ :‬حيث قدر في ميزانية عام ‪ 2008‬بمبلغ ‪ 410‬مليار دوالر أي ‪%2.9‬‬
‫من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬

‫‪ -‬تفاقم المديونية‪ :‬أظهرت إحصاءات و ازرة الخزانة األميركية أن الديون العامة تشكل ‪%64‬‬
‫من الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬فخ شركات االئتمان المصرفي العقاري‬


‫ً‬

‫نتيجة لتخفيض سعر الفائدة األمريكي تشجعت العديد من البنوك على منح قروض لشراء‬
‫المساكن بفائدة متدنية وصلت إلى ‪ ،%5‬فانكب المستهلكين على شراء البيوت في مختلف‬
‫أنحاء أمريكيا‪ ،‬ونتيجة توفر السيولة لدى البنوك والفائض النقدي بسبب السياسة التوسعية‬
‫والقدرة على خلق النقود تشجعت البنوك على إعطاء المزيد من القروض العقارية مما أدى إلى‬
‫زيادة غير مسبوقة في أسعار العقارات فاقت المعقول فأصبح المنزل الذي كان سعره ‪150‬‬
‫ألف دوالر مثال يساوي ‪ 300‬ألف دوالر‪.‬‬

‫إن ازدهار سوق العقارات أدى إلى ارتفاع التمويل العقاري‪ ،‬األمر الذي مثل ضغطاً‬
‫إضافياً على الطلب على العقارات بسبب وفرة التمويل وشروطه السهلة‪ .‬ومن جانب آخر قامت‬
‫المؤسسات المالية التي أخذت هذه العقود االئتمانية بطرح هذه القروض كسندات استثمارية‬
‫مما أدى إلى وجود أسواق ثانوية مهمتها التجارة في هذه القروض وبيعها لعدة مرات والنتيجة‬
‫أن الفجوة بين األسعار الحقيقية واألسعار السوقية قد تفاقمت بسبب هذه المضاربات‪ .‬وغاية‬
‫البنك من بيع هذه القروض هي مضاعفة إيراداته‪ ،‬حيث يستفيد من فوائد القروض التي‬
‫يسددها المقترض ويستفيد أيضا من بيع السندات ليحقق دخال إضافيا من العموالت والرسوم‪.‬‬
‫وحينما يرتفع ثمن العقار المرهون يحاول صاحب العقار الحصول على قرض جديد‪ ،‬وذلك‬
‫مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية (الرهون األقل جودة أي أنها أكثر خطورة في حال انخفاض‬
‫ثمن العقار‪ ،‬والواقع أن حجم القروض كان يعطى أولوية على نوع القروض(‪.)1‬‬

‫وحتى يطمأن المستثمر قامت هذه الشركات بالتأمين على هذه القروض والسندات في‬
‫حالة التعثر وعدم السداد‪ .‬ويتكرر السيناريو والنتيجة المتوقعة والمحتملة أن المدين األول قد‬
‫يعجز عن السداد فيضطر إلى اإلفالس وبيع العقار‪ .‬ونتيجة تخلف العديد عن السداد أصيب‬
‫العديد من المؤسسات المالية بالعسر المالي الحقيقي إضافة إلى تدهور أسواق السندات‬
‫العقارية‪ ،‬وأصبحت تفقد قيمتها السوقية‪ .‬ناهيك عن قيام العديد من مؤسسات القروض المالية‬
‫بإعطاء قرض ثانوي على نفس البيت‪ ،‬وأصبح البيت إما مرهون ألكثر من جهة‪ ،‬أو عليه‬
‫أكثر من رهن‪ .‬وخالصة ذلك أن البنوك أهملت في التحقيق من الجدارة االئتمانية للمقترضين‬
‫ايدا‬
‫طلبا متز ً‬
‫وتوسعت في منح القروض مما خلق ً‬‫وأغرتهم بفائدة بسيطة في األول ثم تزايدت َّ‬
‫على العقارات إلى أن تشبع السوق فانخفضت أسعار العقارات وعجز المقترضون عن السداد‪.‬‬
‫والواضح من ذلك أن مبالغة البنوك في منح القروض انعكست بشكل مباشر على قدرتها على‬
‫خلق الودائع‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الزيادة الهائلة في توريق (تصكيك) الديون العقارية‪:‬‬


‫ً‬

‫يقصد بالتوريق (التصكيك) تحويل الديون (التي اقترضها من اشتروا المنازل) من المقرض‬
‫األساسي (البنك وغيره من المؤسسات المالية المانحة) إلى مقترضين آخرين وذلك في شكل‬
‫أوراق مالية قابلة للتداول في أسواق المال(‪ .)2‬فالبنوك لم تكتف بالتوسع في القروض بل‬
‫استخدمت المشتقات المالية لتوليد مصادر جديدة للتمويل‪ ،‬وبالتالي للتوسع في اإلقراض‪،‬‬
‫وذلك عندما يتجمع لدى البنك محفظة كبيرة من الرهونات العقارية‪ ،‬فإنه يلجأ إلى استخدام‬
‫هذه المحفظة من الرهونات العقارية إلصدار أوراق مالية جديدة يقترض بها من المؤسسات‬

‫)‪(1‬‬
‫نقال عن‪Chapra, Umer, The global financial crisis: can Islamic finance help?,2009‬‬
‫‪http://www.newhorizon-islamicbanking.com/index.cfm?section=academicarticles&action=view&id=10733‬‬
‫(‪)2‬بلوافي احمد‪ ,‬أزمة عقار‪..‬أم أزمة نظام‪ ,‬مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ,‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ,‬جدة‪ ,2009 ,‬ص ‪.263 – 262‬‬
‫المالية األخرى بضمان هذه المحفظة‪ ،‬فكأن البنك لم يكتف باإلقراض األولي بضمان هذه‬
‫العقارات بل أصدر موجة ثانية من األصول المالية بضمان هذه الرهون العقارية‪ ،‬وهكذا فإن‬
‫العقار يعطي مالكه الحق في االقتراض من البنك‪ ،‬ولكن البنك يعيد استخدام نفس العقار‬
‫ضمن محفظة أكبر لالقتراض بموجبها من جديد من المؤسسات المالية األخرى‪ ،‬وتستمر‬
‫العملية موجة بعد موجة حيث يولد اإلقراض طبقات متتابعة من اإلقراض بأسماء المؤسسات‬
‫المالية واحدة بعد األخرى‪ ،‬وهكذا أدى التركز في اإلقراض في قطاع واحد إلى زيادة المخاطر‪.‬‬

‫وقد ساعدت عملية التوريق على نقل المخاطر من القروض المفردة وتجميعها وتوزيعها‬
‫على حائزي األوراق والجهات الضامنة‪ .‬وهكذا تضاءلت حوافز االهتمام بالتقييم الموضوعي‬
‫للمخاطر بل وعدم االكتراث بالدقة في تقييم الضمانات‪ ،‬وهي عادة األصول العقارية الممولة‬
‫بالقروض‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أسباب مباشرة(‪:)1‬‬


‫ً‬

‫‪ -1‬نقص أو انعدام الرقابة أو اإلشراف الكافي على المؤسسات المالية‪ .‬يقول د‪.‬الغزالي"‪ :‬في‬
‫ومن ثم غرق المواطنون في الديون‪،‬‬ ‫الوقت الذي انخفضت فيه أسعار العقارات‪،‬‬
‫وأصبحت المؤسسات النقدية على مشارف اإلفالس‪ ،‬وساعد على هذا الوضع المأزوم‬
‫أربعة عوامل‪ :‬األول يتمثل في شبه غياب الرقابة من قبل السلطات النقدية على العمل‬
‫المصرفي‪...‬وال رابع ينحصر في فساد اإلدارة العليا في كثير من هذه المؤسسات؛ مما‬
‫كثير بالقواعد المصرفية قدر اهتمامها بالمرتبات الخيالية التي كانت‬
‫جعلها ال تهتم ًا‬

‫(‪)1‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬موقع األسواق نت‪http://www.alaswaq.net/views/2008/10/12/. :‬‬

‫‪ -‬زايري بلقاسم‪ ،‬األزمة المالية المعاصرة‪ :‬األسباب والدروس المستفادة‪ ،‬الملتقي الدولي الثالث حول إدارة المخاطر في المؤسسات اآلفاق والتحديات‪،‬‬
‫‪ 26-25‬نوفمبر ‪ ،2005‬جامعة شلف‪ ،‬ص ‪.9-7‬‬
‫تتقاضاها؛ فمثالً بلغت مرتبات ومكافآت رئيس بنك "ليمان براذرز" (‪ )486‬مليون دوالر‬
‫عن عام ‪2007‬م(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬أزمة الثقة‪ :‬إن األمر يصبح خطي ار إذا ُفقدت الثقة أو ضعفت في النظام المالي والذي‬
‫يقوم على ثقة األفراد‪ ،‬ويزداد تعقيدا نتيجة للتداخل بين المؤسسات المالية في مختلف‬
‫الدول‪.‬‬

‫‪ -3‬انتشار الفساد األخالقي مثل‪ :‬االستغالل والكذب والشائعات المغرضة والغش والتدليس‬
‫واالحتكار والمعامالت ‪.‬‬

‫‪ -4‬نظام جدولة الديون بسعر فائدة أعلى‪ ،‬أو استبدال قرض واجب السداد بقرض جديد بسعر‬
‫فائدة مرتفع وهذا يلقى أعباء إضافية على المقترض المدين الذي عجز عن دفع القرض‬
‫األول بسبب سعر الفائدة األعلى‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أسباب أخرى(‪:)2‬‬


‫ً‬

‫‪ -1‬سيادة النزعة االستهالكية المفرطة في المجتمعات الغربية‪.‬‬

‫‪ -2‬الربا (اإلقراض بفائدة) الذي َّ‬


‫مثل اإلطار العقدي الذي يحكم عالقة وحدات العجز بوحدات‬
‫الفائض سواء كانت هذه الوحدات استهالكية أم إنتاجية ‪.‬‬

‫(‪)1‬موقع سوالف سوفت‪ :‬الغزالي األزمة المالية العالمية‪ ..‬التشخيص والمخرج‪:‬‬


‫‪http://www.swalif.net/softs/swalif12/softs244276/‬‬
‫(‪)2‬السبهاني‪ ,‬عبد الجبار‪ ,‬األزمة المالية المعاصرة في عيون طالب اقتصاد إسالمي‪ 27 ,‬تشرين األول ‪.2008‬‬
‫‪http://faculty.yu.edu.jo/Sabhany/.‬‬
‫‪ -‬موقع سوالف سوفت‪ :‬الغزالي األزمة المالية العالمية‪ .‬التشخيص والمخرج‪:‬‬

‫‪http://www.swalif.net/softs/swalif12/softs244276‬‬

‫‪ -‬سامي بن إبراهيم السويلم‪ ،‬األزمة المالية رؤية إسالمية‪ ،‬الملتقي الدولي الثالث حول إدارة المخاطر في المؤسسات اآلفاق والتحديات‪26-25 ،‬‬
‫نوفمبر ‪ ،2005‬جامعة شلف‪.‬‬
‫‪ -3‬رعاية فلسفة النظام ومؤسساته للمضاربات وتعقب فروق األسعار في خروج عبثي للبيوع‬
‫عن مقاصدها‪ ،‬فال ُّ‬
‫تملك وال تمليك وال قبض‪ :‬ال شيء من هذا البتة‪ ،‬فهذه المضاربات‬
‫نشاط طفيلي عقيم‪ ،‬فال قيمة جديدة يضيفها إلى الناتج وال رفاهية يحرزها للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -4‬انتشار استخدام أدوات مالية مبتكرة‪ ،‬وهي المشتقات‪( :‬المستقبليات والخيارات والعقود‬
‫اآلجلة والمبادالت)‪ ،‬بغية التحوط أوال ثم المضاربة على ارتفاع وانخفاض أسعار السلع‬
‫واألسهم والسندات‪ ،‬والتعامل بالهامش يتلخص في قيام المؤسسات المالية وصناديق‬
‫االستثمار بالتعامل في أسواق المال عن طريق االقتراض أي التعامل على محافظ‬
‫استثمارات تفوق ما لدى هذه المؤسسات من سيولة نقدية‪ .‬ومما هو جدير بالذكر أن حجم‬
‫عقود المشتقات على اختالف أصنافها قد بلغ ‪ 25372‬بليون دوالر أمريكي في نهاية‬
‫شهر ‪ ،2009/6‬وهي موزعة كاآلتي (‪ 2470‬بليون دوالر أمريكي عقود مشتقات‬
‫العمالت)‪ 15478( ،‬بليون دوالر أمريكي عقود مشتقات سعر الفائدة)‪ 879( ،‬بليون‬
‫دوالر أمريكي عقود مشتقات األسهم) (‪ 689‬بليون دوالر أمريكي عقود مشتقات السلع)‪،‬‬
‫(‪ 5855‬بليون دوالر أمريكي عقود مشتقات أخرى)(‪ .)1‬أما المبلغ اإلجمالي لجميع‬
‫المشتقات غير المسددة يقدر اآلن من قبل بنك التسويات الدولي بمبلغ ‪ 600‬تريليون‪ ،‬أي‬
‫اكبر بعشر مرات من حجم االقتصاد العالمي(‪.)2‬‬

‫جردت الدول من أي قوامة أو رقابة على األسواق المالية؛‬


‫‪ -5‬سياسات التحرير المالي التي ّ‬
‫فاستطالت هذه األسواق ففسدت وأفسدت‪ ،‬وهو ما كان مباركا من النظام االقتصادي‬
‫العالمي وعلى رأسه صندوق النقد الدولي‪.‬‬

‫‪ -6‬التوسع في منح بطاقات االئتمان (‪ )credit card‬بدون رصيد‪.‬‬

‫(‪)1‬بنك التسويات الدولية‪ ,‬منشورات شهر ‪.2009/12‬‬


‫(‪)2‬شابرا‪ ,‬محمد عمر‪ ,‬األزمة المالية العالمية‪ -‬هل يمكن للتمويل اإلسالمي أن يساعد في حلها‪ ,‬ترجمة د‪.‬رفيق المصري‪ ,‬مركز أبحاث االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ,‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ,‬جدة‪ ,2009 ,‬ص‪.32‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انتشارها في العالم والمجهودات الدولية المبذولة إلحتوائها‬

‫لقد تحولت األزمة المالية والتي بدأت بسوق الرهن العقاري في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫إلى أزمة اقتصادية ومالية وربما اجتماعية عالمية‪ ،‬وليس أدل على ذلك من كالم (روبرت‬
‫ب‪ .‬زوليك) رئيس مجموعة البنك الدولي‪ ،‬والذي أكد فيه على ما يلي(‪:)1‬‬

‫‪ -1‬أن االقتصاد العالمي سينكمش هذا العام (‪ )2009‬بأكثر مما تم تقديره في السابق‪،‬‬
‫وسيستمر تعرض البلدان الفقيرة لموجات شديدة متالحقة من الضغوط االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -2‬أن قدرة البلدان المنخفضة الدخل على االقتراض محدودة نظ ار لضآلة احتياطياتها‪ ،‬ومن‬
‫المتوقع أن تواجه ميزانياتها الوطنية المستنزفة صعوبات خاصة في الحصول على موارد‬
‫تمويلية كافية في السنوات القليلة القادمة‪.‬‬

‫‪ -3‬إن اآلثار والتداعيات الناشئة عن األزمة الراهنة على البلدان الفقيرة قاسية‪ ،‬وتؤدي إلى‬
‫تزايد الطلب على موارد البنك الدولي‪.‬‬

‫‪ -4‬نما الطلب سريعا لدى البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬وهو أحد أعضاء مجموعة البنك‬
‫الدولي الذي يعنى بتقديم المساندة للبلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل المتمتعة باألهلية‬
‫االئتمانية‪.‬‬

‫كما أن األزمة المالية والتي انتقلت عدواها إلى أغلب األسواق المالية في مختلف دول‬
‫العالم لم تكون مقتصرة على قطاع معين‪ ،‬وإنما شملت جميع القطاعات االقتصادية مما‬
‫أثر سلباً على معدالت نمو االقتصاد العالمي نتيجة تراجع االستهالك الذي يشكل في دولة‬
‫مثل الواليات المتحدة ثالثة أرباع االقتصاد‪ .‬كما أن بوادر التباطؤ في معدالت النمو في‬
‫االقتصاد األمريكي انعكس بشكل سلبي على الموازين التجارية للدول األخرى (الصادرات‪،‬‬

‫(‪)1‬موقع البنك الدولي‪:‬‬


‫‪http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/EXTARABICHOME/NEWSARABIC/0,,contentMDK:22209489~p‬‬
‫‪agePK:64257043~piPK:437376~theSitePK:1052299,00.html‬‬
‫والواردات) وعلى أسواقها المالية خاصة إذا علمنا أن واردات الواليات المتحدة األمريكية بلغت‬
‫‪ %15.5‬من الواردات العالمية – حسب إحصائية منظمة التجارة العالمية لعام ‪ .2006‬أما‬
‫ب خصوص الدول التي تتبع في سياساتها النقدية نظام الصرف الثابت مقابل الدوالر‪ ،‬فان‬
‫الهبوط الذي يحدث في قيمة العملة األمريكية نتيجة التدابير التي تنتهجها الحكومة لتخفيف‬
‫حدة األزمة كتخفيض أسعار الفائدة مثالً ستؤدي إلى خسائر نقدية لالستثمارات الدوالرية في‬
‫الواليا ت المتحدة أو خارجها‪ ،‬كما أن الخسائر تحدث بنفس النسبة في الدول التي تعتمد‬
‫عمالتها المحلية على سعر صرف ثابت أمام الدوالر‪ .‬كما ستتعرض االستثمارات األجنبية‬
‫حول العالم للعديد من الهزات نتيجة سوء الوضع االستثماري في الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫فأصحاب رؤوس األموال يحرصون على استثمار أموالهم في عدة أسواق مالية في وقت واحد‬
‫كنوع من توزيع المخاطر‪ ،‬فإذا ما تعرضت أسهمهم في دولة ما للخسارة فإنهم سيقومون‬
‫بسحب أموالهم المستثمرة في دول أخرى لتعويض الخسارة أو تفادي خسائر أخرى‪ ،‬وهو ما‬
‫يعني تصدير األزمة من الواليات المتحدة األمريكية إلى بقية دول العالم نتيجة تصحيح‬
‫األوضاع في البورصات أو تسييل األسهم في األسواق المحلية لتخفيف خسائرهم والمحافظة‬
‫على استثماراتهم الخارجية‪ ،‬مما سيزيد وتيرة االنخفاض في األسواق المحلية(‪ .)1‬كما أن هذه‬
‫األزمة التي يمر بها االقتصاد العالمي قد تؤدي إلى تغيرات هيكلية كبيرة على مستوى القطاع‬
‫المالي العالمي وظهور نظام مالي عالمي جديد تتراجع فيه العملة األمريكية كمقياس عالمي‬
‫للقيمة ويؤدي إلى فقدان الثقة في السياسات االقتصادية األمريكية (االقتصاد الحر)‪ ،‬كما أن‬
‫األزمة ستؤدي إلى تحسين التوازنات بين القوى المالية الجديدة والقوى االقتصادية التقليدية‪.‬‬

‫لقد أقر تقرير آفاق النمو العالمي بأن معظم مخاطر تباطؤ االقتصاد العالمي قد تحققت‪.‬‬
‫وهو ما جعل الصندوق يراجع توقعاته بخصوص االقتصاد العالمي‪ ،‬حيث عاد بمعدالت النمو‬
‫العالمية المتوقعة إلى ‪ 3.8‬بالمائة وهو أدنى معدل في عقدين من الزمن‪ .‬وهذا ما جعل وزراء‬

‫)‪(1‬‬
‫‪html:\\www.etudiantdz.com/vb/t15039.‬‬
‫مالية الدول الصناعية الكبرى يتفقون على خطورة األوضاع وعلى كونها تتطلب اتخاذ إجراءات‬
‫طارئة وغير عادية‪ .‬وذلك في مسعى من هذه الدول إلعادة االستقرار إلى األسواق المالية‬
‫واستئناف عمليات اإلقراض ودعم النمو‪ .‬ومن المتوقع أن تسبب األزمة المالية العالمية كساد‬
‫االقتصاد العالمي فترات طويلة وهو ما يمكن أن يؤسس لالرتفاع في الضرائب ونمو اقتصادي‬
‫بطيء في الدول الصناعية األمر الذي ستكون له تداعياته على المشاريع االجتماعية اإلجبارية‪.‬‬
‫ويتم انتشار األزمة المالية إلى االقتصاد الحقيقي عن طريق ما يعرف في األدبيات االقتصادية‬
‫بـ"أثر الثروة" فحين ترتفع أسعار األصول ترتفع ثروة العائالت المالكة لها والمساهمة في‬
‫الشركات‪ .‬وعندما تصبح العائالت أكثر غنى تزيد من استهالكها وهو ما يدعم نمو الناتج‬
‫المحلي الخام‪ .‬وبالعكس عندما تنفجر فقاعة في السوق المالية تتوقع العائالت – التي تصبح‬
‫فقيرة بفعل تدهور أسعار أصولها – أن مداخليها الدائمة سوف تنخفض وعليه تسعى إلى إعادة‬
‫تكوين ثروتها فتعمل على تقليص االستهالك وزيادة االدخار‪ .‬لقد بدأ نقص االئتمان يجبر‬
‫الكثير من الشركات على تقليص النفقات وتخفيضها‪ .‬ومن المرجح أن تؤثر هذه الضغوط في‬
‫كبار السن من العمال تأثي اًر شديداً من خالل إجبارهم على التقاعد بشكل أكبر‪ .‬وهذا ما يؤدي‬
‫إلى خروج العمال األكثر خبرة من العمل مما سينعكس على جودة العمل وتراجع اإلنتاجية‬
‫ونمو اإليرادات‪ .‬وستستمر هذه الظاهرة طوال العقدين القادمين‪ .‬لقد انخفض حجم االستهالك‬
‫األمريكي الذي يعتبر محرك النمو العالمي‪ .‬وعمل ارتفاع أسعار النفط على التقليل من اإلنفاق‬
‫على السلع غير النفطية‪ .‬لقد قدر بنك انكلت ار حجم الخسائر التي تحملتها االقتصاديات الدولية‬
‫بسبب األزمة الحالية بنحو ‪ 10‬تريليونات دوالر وهو ما يعادل ‪ 6-1‬الناتج العالمي السنوي‬
‫نتيجة تعرض البنوك الدائنة إلى أزمات إفالس جراء عدم قدرة عمالئها على الوفاء بالتزاماتهم‬
‫تجاهها‪ .‬وهو ما يؤدي إلى حدوث بطالة في القطاع المصرفي والشركات الكبرى‪ .‬وعليه هناك‬
‫تخوف من أن تؤدي األزمة إلى فقدان الكثيرينً لمناصبهم األمر الذي دفع برئيس المكتب‬
‫الد ولي للعمل إلى القول‪" :‬نحن في حاجة إلى عمل سريع ومنسق للحكومات لتفادي أزمة‬
‫اجتماعية يمكن أن تكون قاسية مستدامة وعالمية" وأضاف‪" :‬إن عدد الفقراء الذين يعيشون‬
‫بأقل من دوالر في اليوم يمكن أن يرتفع ‪ 40‬مليوناً وأن عدد أولئك الذين يعيشون بدوالرين‬
‫سيرتفع ‪ 100‬مليون"‪.‬‬

‫لقد انتقلت األزمة إلى معظم األسواق المالية العالمية فمباشرة بعد هبوط أسهم بورصة‬
‫وول ستريت انخفض المؤشر العام في أهم البورصات العالمية كما هو مبين في الجدول أدناه‪.‬‬

‫جدول يبين مدى انخفاض المؤشر العام في أهم البورصات العالمية‬

‫بيروت‬ ‫دبي‬ ‫ساو باولو الرياض‬ ‫شنغهاي‬ ‫طوكيو‬ ‫مدريد‬ ‫لندن‬ ‫باريس‬ ‫فرانكفورت‬ ‫البورصة‬

‫انخفاض‬ ‫نسبة‬
‫‪03.00‬‬ ‫‪09.4‬‬ ‫‪09.8‬‬ ‫‪06.00‬‬ ‫‪05.1‬‬ ‫‪03.8‬‬ ‫‪07.5‬‬ ‫‪05.4‬‬ ‫‪06.8‬‬ ‫‪07.1‬‬
‫المؤشر (بالمئة)‬

‫لقد أصابت األزمة حتى أسعار أسهم الشركات غير العاملة في القطاع العقاري ذلك أن‬
‫بوادر الكساد االقتصادي في الواليات المتحدة أثرت في صادرات البلدان األخرى وفي أسواقها‬
‫كون الواليات المتحدة األمريكية أكبر مستورد عالمي‪ .‬ويأتي هذا االنخفاض في أسعار األسهم‬
‫نتيجة سعي حملة األسهم إلى االستثمار في عدة أسواق مالية في آن واحد بهدف توزيع‬
‫المخاطر‪ .‬وهذا ما يدفعهم عند تعرض أسهمهم لخسائر في بورصة إلى سحب أموالهم المستثمرة‬
‫في بلد آخر لتعويض الخسارة أو لتفادي خسارة ثانية‪ .‬كما أدى الخوف من الهبوط الحاد في‬
‫سعر الدوالر إلى خسائر نقدية لالستثمارات في الواليات المتحدة وخارجها وهو ما يحدث‬
‫بالنسبة إلى االقتصاديات التي تعتمد تسعيرة ثابتة أمام الدوالر‪ .‬وهذا ما يؤدي بالمستثمرين عند‬
‫حدوث انخفاض في الدوالر إلى سحب استثماراتهم من الواليات المتحدة وبلدان أخرى قصد‬
‫توظيفها في بلدان ذات عمالت معومة‪ .‬كما عمل استخدام األدوات المالية المعقدة والمنتجات‬
‫التي ال تخضع للرقابة من قبل األجهزة المختصة مثل المشتقات المالية إلى انتشار أثر‬
‫االستثمارات المحفوفة بالمخاطر عبر األسواق المالية وتعثر الكثير من الممارسات دون سابق‬
‫إنذار أو دون مؤشرات تساهم في اتقاء آثارها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تداعياتها على االقتصاد العالمي‬

‫المطلب األول‪ :‬تداعياتها على الدول المتقدمة‬

‫لقد أصبحت األزمة المالية األمريكية أزمة عالمية ‪ ،‬ذلك أن الواليات المتحدة األمريكية هي‬
‫أآبر بلد مستورد في العالم ‪ ،‬حيث تبلغ وارداتها السلعية نحو (‪ )1919‬مليار دوالر أي نسبته‬
‫‪ %15.5‬من الواردات العالمية ‪ ،‬ومن ثم فأن األزمة االقتصادية وظهور بوادر الفساد‬
‫االقتصادي في أمريكا سوف ينعكس على صادرات دول العالم األخرى ‪ ،‬ناهيك عن أن‬
‫أصحاب رؤوس األموال تتركز معظم استثماراتهم في األسواق المالية العالمية ‪ ،‬وقد نتج عن‬
‫‪1‬‬
‫هذه األزمة مشكالت عالمية يمكن أن نوجز منها اآلتي ‪:‬‬

‫‪ 1.‬حدوث خسائر في أصول البنوك خاصة المتعلقة بالقروض واالستثمارات وسندات الرهن‬
‫العقاري وانخفاض أسعار األسهم ‪.‬‬

‫‪ 2.‬تباطؤ معدالت النمو بما أدى إلى تدني الطلب على النفط وانخفاض أسعاره ‪.‬‬

‫‪3.‬انخفاض قيمة العملة المحلية المرتبطة بالدوالر ‪.‬‬

‫‪4.‬الركود االقتصادي إضافة إلى التركيز نحو إنقاذ الصناعة المالية في العالم مما أدى إلى‬
‫انخفاض مستوى المساعدات اإلنسانية إلى الدول النامية ‪.‬‬

‫‪5.‬على مستوى االقتصاد األمريكي أفضت األزمة إلى إفالس العديد من البنوك االستثمارية‬
‫التي لها استثمارات تقد بالمليارات في األسواق المالية ‪.‬‬

‫‪6.‬إفالس شركات التأمين التي عجز زبائنها عن سداد القروض المتحققة وكذلك أقساط التأمين‪.‬‬

‫‪7.‬انتقال العدوى إلى قطاعات أخرى تجارية وصناعية مما أدى إلى تسريح آالف العمال ‪.‬‬

‫‪8.‬ظهور موارد الكساد االقتصادي وتراجع النمو االقتصادي ‪.‬‬

‫االزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬جامعة سانت كليمنتس العالمية العراق‪ ،‬قسم االقتصاد العام‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2011‬ص ‪.165‬‬
‫‪9.‬ارتفاع معدالت البطالة وانتقال االنهيار نحو أنشطة غير عقارية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تداعياتها على الدول النامية‬

‫إن اثأر العدوى واالنتقال وارد بكل تأكيد فما أصاب الدول المتقدمة ال يمكن أن يخطئ الدول‬
‫النامية سواء كان في أسيا أم أمريكا الالتينية أو أفريقيا وذلك لشدة اندماج وتجاذب أنظمتها‬
‫مع المنظومة المالية العالمية فالبنوك الصينية على سبيل المثال تأتي في مقدمة البنوك العالمية‬
‫كما أن االستثمارات غير المباشرة (في األوراق المالية) للدول المتقدمة حاضرة بقوة في مختلف‬
‫أسواق المال للدول النامية آما إن احتياطي الصرف حطم أرقاما قياسية لبعض البلدان النامية‬
‫‪1‬‬
‫وبالخصوص النفطية والصناعية الجديدة ‪.‬‬

‫جدول رقم ‪ :01‬حجم الصرف لكل من الدول المتقدمة والنامية للمدة ‪2007-2001‬‬

‫مليار دوالر‬

‫االزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪173‬‬ ‫‪1‬‬
‫إن احتياطي الصرف للبلدان النامية يقارب في معدله ‪60‬بالمائة احتياطي الصرف الكلي‬
‫خالل المدة الممتد بين ‪2001\2007‬وهذا ما يعكس قوة العالقة المالية بين الدول الصناعية‬
‫والنامية من خالل صيغ مالية متعددة كالتوظيف على شكل سندات خزينة أو في إطار صناديق‬
‫سيادية آو على شكل قروض في مؤسسات مالية معروفة فعجز الخزينة األمريكية المتوالي‬
‫وبالخصوص خالل السنوات األخيرة تعوضه الفوائض المالية المتدفقة من مختلف دول العالم‬
‫بما فيها الدول النامية ولذلك فانكسار االقتصاديات الصناعية ال يعفي االقتصاديات النامية‬
‫من االنهيار المالي وتراجع معدالت النمو االقتصادي‪.‬‬

‫ومع انخفاض أسعار النفط خالل منتصف ‪2008‬إلى أدنى المستويات مع بقاء أسعار‬
‫المنتجات الزراعية مرتفعة فان كثير من الدول النامية وبالخصوص العربية دفعت وستدفع ثمنا‬
‫باهظا ومضاعفا لما لحق بها على مستوى البورصات أو على مستوى الصناديق السيادية أو‬
‫على مستوى حقوقها المالية في البنوك التي أثرت األزمة على جزء كبير منها وهي تشاهد‬
‫اليوم الدول النفطية تحقق موارد مالية ضخمة تغطي تكاليف اإلنتاج والتوزيع‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬جديد األفكار في األ زمة المالية العالمية‬

‫الفرع األول‪ :‬مجموعة العشرين‬

‫منذ اندالع األزمة واتخاذها منحى خطي ار شمل غالبية دول العالم بنتائجه تحركت لجنة العشرين‬
‫للعمل على سرعة احتواء الموقف وعدم تركة للوصول إلى الهاوية في محاولة إنقاذ سريعة ‪.‬‬

‫وقد عقدت اللجنة عدة اجتماعات واتخذت ق اررات مهمة في هذا الشأن وفي هذا الجزء بعض‬
‫منها بما في ذلك الق اررات المهمة المتخذة في االجتماع المنعقد بلندن – انجلت ار بتاريخ ‪2‬ابريل‬
‫‪2009‬وهي أهم ما اتخذ من ق اررات من جانب هذه اللجنة ‪.‬‬

‫فقد أعلن زعماء المجموعة سلسلة من اإلجراءات منها الفورية ومنها األطول أجال لتحقيق‬
‫استقرار النظام المالي وتنشيط الطلب المحلي ومساعدة االقتصادات الصاعدة والنامية التي‬
‫أضرت بها األزمة وتقوية اإلطار التنظيمي وقالوا إنهم يعتزمون عقد قمة ثانية في موعد غايته‬
‫‪1‬‬
‫‪30‬ابريل من ‪ . 2009‬واكدا وباجتماعهم على المحاور االساسية التالية ‪:‬‬

‫األزمة الحالية أزمة عالمية وتحتاج إلى حل عالمي ‪:‬‬

‫* نواجه التحديات األعظم التي تقف أمام االقتصاد العالمي في العصر الحديث إذ توجد أزمة‬
‫تفاقمت منذ اجتماعنا األخير وتؤثر هذه األزمة على حياة النساء والرجال واألطفال في آل‬
‫قطر ويجب على جميع الدول أن تتكاتف من اجل حلها فاألزمة العالمية تحتاج إلى حل‬
‫عالمي‪.‬‬

‫خطة االنتعاش يجب أن تهتم بأفراد المجتمعات كافة واحتياجاتهم ‪:‬‬

‫* نبدأ من االعتقاد بان الرخاء االقتصادي آل ال يتج أز وانه يجب أن نتشارك في النمو كي‬
‫يكون مستداما وان خطتنا العالمية لالنتعاش يجب أن يكون في أولوياتها التركيز على‬
‫االحتياجات والوظائف الخاصة بالعائالت التي تعمل ليس في الدول المتقدمة وحدها ولكن في‬
‫األسواق الناشئة والدول األكثر فق ار في العالم على السواء ويجب أن‬

‫تعكس هذه الخطة العالمية مصالح المواطنين في الوقت الحالي واألجيال المستقبلية ونعتقد أن‬
‫األساس الوحيد األكيد لعولمه مستدامة ورخاء اقتصادي متنام للجميع هو اقتصاد عالمي مفتوح‬
‫يعتمد على مبادئ السوق وتنظيم فعال ومؤسسات دولية قوية ‪.‬‬

‫اإلجراءات المتخذة لتحقيق االنتعاش والرخاء اإلنساني ‪:‬‬

‫* ولذا نتعهد اليوم ببذل كل ما هو ضروري من اجل ‪:‬‬

‫• استعادة الثقة والنمو الوظائف ‪.‬‬

‫• إصالح النظام المالي الستعادة عملية اإلقراض ‪.‬‬

‫• تعزيز التنظيم المالي لبناء الثقة ‪.‬‬

‫االزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪184-177‬‬ ‫‪1‬‬
‫• تمويل وإصالح مؤسساتنا المالية الدولية من اجل التغلب على األزمة الراهنة ومنع وقوع‬
‫أزمات في المستقبل ‪.‬‬

‫• تعزيز التجارة العالمية واالستثمار ومحاربة السياسات الحمائية ودعم الرخاء‪.‬‬

‫دعم االئتمان ‪:‬‬

‫*ال يمكن لهذه اإلجراءات إن تكون فعالة إال باستعادة اإلقراض المحلي والتدفق المالي الدولي‬
‫ونقدم دعما شامال ومهما لنظمنا المصرفية لتوفير السيولة وإعادة رسملة المؤسسات المالية‬
‫ومعالجة مشاكل األصول المتعثرة بصورة حاسمة ونلتزم باتخاذ اإلجراءات الضرورية الستعادة‬
‫التدفق الطبيعي لالئتمان من خالل النظام المالي وضمان سالمة المؤسسات المهمة من الناحية‬
‫التنظيمية وتنفيذ سياساتنا بما يتماشى مع اإلطار المتفق عليه في مجموعة العشرين الستعادة‬
‫اإلقراض وإصالح‬

‫القطاع المالي ‪.‬‬

‫تقديم دعم للقطاع المالي بمبلغ تريليون دوالر ‪:‬‬

‫* وفي مجملها ستمثل هذه اإلجراءات اكبر حزمة مالية وبرنامج الدعم األكثر شموال للقطاع‬
‫المالي في العصر الحديث ومن شان العمل الجماعي أن يعزز من تأثير هذا البرنامج ويجب‬
‫تنفيذ إجراءات السياسات االستثنائية التي أعلن عنها حتى اآلن دون تأخير واليوم وافقنا على‬
‫أكثر من تريليون دوالر من الموارد اإلضافية لالقتصاد العالمي عن طريق مؤسساتنا المالية‬
‫الدولية وتمويل التجارة ‪.‬‬

‫النمو العالمي يستانف ارتفاعه بنهاية ‪:2010‬‬

‫* قدر صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن النمو العالمي في معاييره الحقيقية سوف‬
‫يستأنف ويرتفع إلى أآثر من ‪2‬في المائة بنهاية ‪2010‬وتحدونا ثقة في أن اإلجراءات التي‬
‫وافقنا عليها والتزامنا الذي ال يحيد بالعمل سويا الستعادة النمو والوظائف في الوقت الذي‬
‫نحافظ فيه على االستدامة المالية طويلة األمد من شانه أن يسرع من العودة إلى النمو في‬
‫االتجاه المطلوب ونلتزم اليوم باتخاذ اإلجراءات الضرورية من اجل تامين هذه المحصلة وندعو‬
‫صندوق النقد الدولي لتقييم اإلجراءات التي تم اتخاذها بصورة منتظمة والنظر في اإلجراءات‬
‫العالمية المطلوبة‪.‬‬

‫وضع االستراتيجيات الالزمة الستقرار األسعار ‪:‬‬

‫* نحن عاقدون العزم على ضمان استدامة مالية طويلة األمد واستقرار في األسعار وسوف‬
‫نضع محل التنفيذ استراتيجيات خروج‬

‫إعادة بناء الثقة في النظام المالي ‪:‬‬

‫* مثلت اإلخفاقات الكبرى في القطاع المالي وفي اإلشراف والتنظيم المالي أسبابا جوهرية في‬
‫األزمة ولن يتم استعادة الثقة حتى نعيد بناء الثقة في نظامنا المالي وسوف نتخذ اإلجراءات‬
‫من اجل أن أقوى يتسم بقدر اكبر من التنظيم والرقابة واالتساق عالميا من اجل القطاع المالي‬
‫المستقبلي الذي سوف يدعم النمو العالمي المستدام ويخدم احتياجات المواطنين واألنشطة‬
‫التجارية ‪.‬‬

‫ضرورة دعم اقتصادات األسواق الناشئة والدول النامية ‪:‬‬

‫* واجه األسواق الناشئة والدول النامية التي كانت محركا للنمو العالمي الحالي تحديات تضاف‬
‫إلى االنهيار الحالي في االقتصاد العالمي وبات من الضروري أن تستمر رؤوس األموال في‬
‫التدفق إليها من اجل الثقة العالمية واالنتعاش االقتصادي األمر الذي يتطلب تعزيز المؤسسات‬
‫المالية الدولية خاصة صندوق النقد الدولي ومن ثم وافقنا على إتاحة ‪850‬مليار دوالر إضافي‬
‫من الموارد عبر المؤسسات المالية العالمية لدعم النمو في األسواق الناشئة والدول النامية عبر‬
‫مساعدتها في تمويل األنفاق التجاري وإعادة هيكلة رأس مال المصارف والبنية التحتية وتمويل‬
‫التجارة ودعم ميزان المدفوعات وإعادة تدوير الديون والدعم االجتماعي ‪.‬‬

‫وقد اتفقنا على زيادة الموارد المتاحة لصندوق النقد الدولي عبر التمويل العاجل من األعضاء‬
‫بـ ‪250‬مليار دوالر وبالتالي المساهمة في اتفاقية اقتراض جديدة أآثر مرونة وتوسعاً لتزيد إلى‬
‫‪500‬مليار ولدراسة سوق اإلقراض إذا ما اقتضت الضرورة ونحن ندعم الزيادة األساسية في‬
‫اإلقراض بـ ‪100‬مليار دوالر على األقل من قبل بنك التنمية المتعدد األطراف التي تضم‬
‫الدول منخفضة الدخل وضمان حصول تلك المصارف على رؤوس أموال مناسبة ‪.‬‬

‫تثمين إجراءات الصندوق المرنة لمنح االئتمان للدول األعضاء ‪:‬‬

‫*من الضروري استخدام الموارد بصورة فاعلة ومرنة لدعم النمو ونحن نرحب في هذا اإلطار‬
‫بالتقدم الذي أحرزه صندوق النقد الدولي من خالل خط االئتمان المرن الجديد وإقراضه المعدل‬
‫وإطار عمل الظرفية التي ستمكن الصندوق منضمان تعامل منشاته بفاعلية مع األسباب‬
‫المهمة الحتياجات تمويل ميزان مدفوعات الدول خاصة تراجع تدفق رأس المال الخارجي في‬
‫قطاعات المصارف والشركات ونحن ندعم قرار المكسيك بالسعي للحصول على ترتيبات خط‬
‫االئتمان المرن ‪.‬‬

‫تحديث المؤسسات المالية الدولية لزيادة فاعليتها ‪:‬‬

‫* لكي تقوم مؤسساتنا بالمساعدة في إدارة األزمة ومنع األزمات المستقبلية ‪ :‬يجب علينا تعزيز‬
‫ارتباطها وفعاليتها وشرعيتها على المدى الطويل لذا فإلى جانب الزيادة الملحوظه في الموارد‬
‫التي تم االتفاق عليها اليوم فنحن مصممون على إصالح وتحديث المؤسسات المالية الدولية‬
‫لضمان إمكانية مساعدتها لألعضاء والمساهمين بفاعلية في التحديات الجديدة التي يواجهونها‬
‫وسوف نقوم بإصالح عملها وأهدافها وإدارتها لتعكس التغيرات في االقتصاد العالمي والتحديات‬
‫الجديدة للعولمة ويجب أن تحظى تلك االقتصادات الناشئة والنامية التي تضم الدول األكثر‬
‫فق ار بصوت وتمثيل اكبر ويجب أن يكون ذلك مصحوبا بعمل لزيادة مصداقية وقابلية تلك‬
‫الهيئات للمحاسبة عبر نظرة إستراتيجية واتخاذ القرار لهذا الهدف ‪.‬‬

‫•نحن نلتزم بتطبيق اتفاق الكوتا الخاص بصندوق النقد الدولي واإلعالن عن التصريحات التي‬
‫تمت الموافقة عليها في ابريل نيسان من عام ‪2008‬وان نطالب صندوق النقد الدولي بإنهاء‬
‫المراجعة التالية للحصص بحلول يناير ‪.2011‬‬
‫•إلى جانب ذلك فأننا نوافق على ضرورة ايالء اهتمام لتدخل محافظي الصندوق في تقديم‬
‫االتجاه االستراتيجي وزيادة قابلية الصندوق للمحاسبة ‪.‬‬

‫•نلتزم بتطبيق إصالحات المصرف الدولي التي تم اإلتفاق عليها في أكتوبر ‪ 2008‬ونتطلع‬
‫إلى الخروج بتوصيات أهم في االجتماعات المقبلة حول التعبير وإصالحات التمثيل في نطاق‬
‫زمني متصارع لتتم الموافقة عليها في اجتماعات صيف ‪.2010‬‬

‫•نحن نوافق على ضرورة تعيين قادة ومديري المؤسسات المالية الدولية عبر عملية اختيار‬
‫مفتوحة وشفافة مبنية على الكفاءة ‪.‬‬

‫•اعتمادا على المراجعات الحالية لكل من صندوق النقد الدولي والمصرف الدولي طلبنا من‬
‫الرئيس العمل مع وزراء مالية مجموعة العشرين للتشاور بصورة موسوعة في عملية شاملة‬
‫وتقديم تقارير عن ذلك في االجتماع القادم مع مقترحات بمزيد من اإلصالحات لتطوير استجابة‬
‫وتكيف المؤسسات المالية الدولية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية المالية اإلسالمية‬

‫تتبارى المصارف والمؤسسات المالية الغربية واألسيوية الكبرى في ظل الطفرة النفطية الجديدة‬
‫إلطالق نوافذ إسالمية لالستفادة باسم الدين بعد اكتشافها إمكانية إن تستفيد من خدمة ‪2.1‬‬
‫مليار مسلم حول العالم ومن منطقة الشرق األوسط التي تت اركم فيها الثروات سنة بعد أخرى‬
‫بفعل االرتفاع القياسي ألسعار النفط والحصول على تمويل للمؤسسات العالمية التي تعاني‬
‫‪1‬‬
‫نقصا في السيولة نتيجة أزمة الرهن العقاري األمريكي ‪.‬‬

‫وأصبحت لندن المركز األوروبي الرئيس للتمويل اإلسالمي ويذك ار ن أول مصرف اسالمي في‬
‫لندن اسمه اسكتلند بنك مصرف يقدم خدمات مالية إسالمية في أوربا في العام ‪2004‬ولديه‬
‫إلف زبون وثمانية فروع في بريطانيا واتخذت وزارة المال البريطانية إجراءات عدة لتسهيل عمل‬
‫المصارف اإلسالمية ضمن النظام المصرفي البريطاني وقررت الحكومة إدارة إجراءات تؤسس‬

‫االزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪205-200‬‬ ‫‪1‬‬
‫لنظام قانوني للخدمات المالية اإلسالمية في ميزانية العام ‪ 2007‬كما أعلن مصرف "وليدز‬
‫تي أس بي" عن بدء تقويم اكبر خدمة مصرفية في أوروبا تتفق مع إحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫وموجهة للشرك ات في محاولة لجذب رؤوس األموال اإلسالمية من خالل فتح "مصرف أوف‬
‫اسكالند" نوافذ إسالمية للخدمات المصرفية اإلسالمية كان أول فروعة في الشرق األوسط في‬
‫البحرين كذلك افتتح أول مصرف إسالمي في ايطاليا في عام ‪.2008‬‬

‫ومع النمو الذي يشهده قطاع المصارف اإلسالمية في أوروبا والذي تصل نسبته إلى ‪%10‬‬
‫سنويا فان هذا القطاع ال يزال غائبا عن السوق الفرنسية ‪ ،‬والتي ال يوجد إي مصرف يوفر‬
‫الخدمات المالية اإلسالمية وذلك في ظل عدم اقتناع المصارف الفرنسية بوجود سوق لهذه‬
‫الخدمات في فرنسا باإلضافة إلى عوائق النظام الضريبي التي تعتقد هندسة الخدمات المالية‬
‫اإلسالمية وعملها ‪ .‬وأصبح تمركز المصارف وتقنيات التمويل المتطابقة مع الشريعة اإلسالمية‬

‫في باريس على جدول اإلعمال من أالن فصاعدا وعلى صعيد االهتمام الفرنسي بالتمويل‬
‫اإلسالمي أيضا عقد أول منتدى فرنسي بباريس جمع مختصين عربا وفرنسيين وناقش آليات‬
‫التعامل االقتصادي اإلسالمي في فرنسا ففي الوقت الذي تتدفق فيه البترودوالرات إلى العاصمة‬
‫البريطانية التي تستأثر بجانب كبير من استثمارات المصارف اإلسالمية والسيما الخليجية منها‬
‫تريد باريس منافسة لندن لعاصمة المالية في أوروبا وأرسال إشارة قوية إلى المستثمرين والزبائن‬
‫في دول الخليج العربي وتأتي هذه المبادرة بعد تردد كبير بالنظر إلى التقاليد الفرنسية العلمانية‬
‫والتي ترفض إدخال الدين في إي من مجاالت الحياة غير إن استئناف العاصمة البريطانية‬
‫لندن حتى أالن دفع الفرنسيين إلى التفكير جديا في فتح نظامهم المصرفي للمصارف‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫إن العالم يبقي مهدد باألزمات المالية و االقتصادية ما دامت الدول المتقدمة تستمر في‬
‫التعالي على سياسات الدول الفقيرة و طمعها الغير فاني في الوصول إلى القمة على حساب‬
‫المؤسسات المالية العالمية الضعيفة‪ ،‬فهل باستطاعة ال ‪.‬و‪.‬م‪.‬أ وأمثالها الخضوع لمبادئ‬
‫المساواة بين المؤسسات المالية‪ ،‬و التخلي عن نواياها االنتهازية و غيرها من األسباب التي‬
‫تجعلها تدوس على غيرها من أجل تمكين مصالحها‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫دانييل ارلوند‪ :‬تحليل األزمات االقتصادية لألمس واليوم‪ ،‬ترجمة عبد األمير شمس الدين‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪1،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫بن السعدي مريم‪ ،‬غمراني فريد‪ ،‬األزمة االقتصادية العالمية ‪1929‬بين المسببات والتداعيات‪،‬‬
‫مذكرة ماستر في التاريخ‪ ،‬تخصص‪ :‬تاريخ العالم المعاصر‪ ،‬جامعة محمد بوضياف –‬
‫بالمسيلة‪ ،‬السنة الجامعية‪2017-2016 :‬‬
‫بد النبي إسماعيل الطوخي‪ :‬التنبؤ المبكر باألزمات باستخدام المؤشرات المالية القائدة‪ ،‬موقع‬
‫الموقع‪:‬‬ ‫على‬ ‫اإلسالمية‬ ‫المعامالت‬ ‫فقه‬ ‫األبحاث‬
‫‪http//www.kanatakji.com/fiqu/manage/htn,consulte‬‬
‫إبراهيم أبو العال وآخرون‪ :‬األزمة المالية العلمية أسباب وحلول من منظور إسالمي‪ ،‬فهرسة‬
‫مكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬ط‪ ،1‬السعودية‪2009 ،‬‬
‫أ ‪ .‬إ‪ .‬بلجوك‪ ،‬األزمات االقتصادية للرأسمالية المعاصرة ‪ ،‬تعريب علي محمد تقي عبد الحسين‬
‫القز ويني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪1981 ،‬‬
‫المومني‪ ،‬رياض‪" ،‬االقتصاد اإلسالمي واألزمة المالية الراهنة"‪ ،‬عن المؤتمر الثاني للعلوم‬
‫المالية بعنوان (مدى مساهمة العلوم المالية والمحاسبية في التعامل مع األزمات المالية‬
‫العالمية)‪ ،‬جامعة اليرموك‪ /29/8 ،‬نيسان (ابريل)‪2010 ،‬‬
‫العتوم ‪ ،‬عامر‪ "،‬دور المصارف اإلسالمية في ظل األزمة المالية العالمية" ‪ ،‬عن المؤتمر‬
‫الثاني للعلوم المالية بعنوان (مدى مساهمة العلوم المالية والمحاسبية في التعامل مع األزمات‬
‫المالية العالمية)‪ ،‬جامعة اليرموك‪/29/28 ،‬نيسان(ابريل)‪.2010،‬‬
‫موقع الجزيرة نت‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/34BAECB7-FD94-434A-‬‬
‫‪B9BF-9B840271453.htm .‬‬
‫‪Chapra ،Umer ،The global financial crisis: can Islamic finance‬‬
‫‪help?,2009‬‬
‫‪http://www.newhorizon-‬‬
‫‪islamicbanking.com/index.cfm?section=academicarticles&action=view‬‬
‫‪&id=10733‬‬
‫بلوافي احمد‪ ،‬أزمة عقار‪..‬أم أزمة نظام‪ ،‬مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد‬
‫العزيز‪ ،‬جدة‪2009 ،‬‬
‫‪ -‬موقع األسواق نت‪http://www.alaswaq.net/views/2008/10/12/. :‬‬
‫‪ -‬زايري بلقاسم‪ ،‬األزمة المالية المعاصرة‪ :‬األسباب والدروس المستفادة‪ ،‬الملتقي الدولي الثالث‬
‫حول إدارة المخاطر في المؤسسات اآلفاق والتحديات‪ 26-25 ،‬نوفمبر ‪ ،2005‬جامعة شلف‪.‬‬
‫موقع سوالف سوفت‪ :‬الغزالي األزمة المالية العالمية‪ ..‬التشخيص والمخرج‪:‬‬
‫‪http://www.swalif.net/softs/swalif12/softs244276 /‬‬
‫السبهاني‪ ،‬عبد الجبار‪ ،‬األزمة المالية المعاصرة في عيون طالب اقتصاد إسالمي‪ 27 ،‬تشرين‬
‫األول ‪.http://faculty.yu.edu.jo/Sabhany/ .2008‬‬
‫موقع سوالف سوفت‪ :‬الغزالي األزمة المالية العالمية‪ .‬التشخيص والمخرج‪:‬‬
‫‪http://www.swalif.net/softs/swalif12/softs244276‬‬
‫سامي بن إبراهيم السويلم‪ ،‬األزمة المالية رؤية إسالمية‪ ،‬الملتقي الدولي الثالث حول إدارة‬
‫المخاطر في المؤسسات اآلفاق والتحديات‪ 26-25 ،‬نوفمبر ‪ ،2005‬جامعة شلف‪.‬‬
‫بنك التسويات الدولية‪ ،‬منشورات شهر ‪.2009/12‬‬
‫شاب ار‪ ،‬محمد عمر‪ ،‬األزمة المالية العالمية‪ -‬هل يمكن للتمويل اإلسالمي أن يساعد في حلها‪،‬‬
‫ترجمة د‪.‬رفيق المصري‪ ،‬مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬جدة‪،‬‬
‫‪2009‬‬
‫موقع البنك الدولي‪:‬‬
‫‪http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/EXTARABICHOME/N‬‬
‫‪EWSARABIC/0,,contentMDK:22209489~pagePK:64257043~piPK:43‬‬
‫‪7376~theSitePK:1052299,00.html‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪html:\\www.etudiantdz.com/vb/t15039.‬‬
‫االزمات المالية العالمية األسباب واآلثار والمعالجات‪ ،‬جامعة سانت كليمنتس العالمية العراق‪،‬‬
‫قسم االقتصاد العام‪2011 ،‬‬

You might also like