Professional Documents
Culture Documents
الرخصة الإدارية في زواج الجزائريين بالأجانب على ضوء الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا
الرخصة الإدارية في زواج الجزائريين بالأجانب على ضوء الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا
364
مقدمـــــــة:
اشترط المشرع الجزائري لبعض الزيجات الحصول على رخصة مسبقة ،وهذه
الحاالت تتعلق بموظفي األمن الوطني وفق المادة 23من المرسوم رقم 191/93
المؤرخ في 1893 /19/13التي نصت على أنه" :ال يمكن لموظفي األمن الوطني
عقد الزواج بدون ترخيص كتابي سابق من السلطة التي لها صالحية التعيين". 1
وكذلك أفراد الجيش الوطني الشعبي ورجال الدرك الوطني وكل المجندين
الخاضعين لمصالح الدفاع الوطني ،الذي يوجب عليهم الحصول على رخصة مسبقة
من الجهة المختصة بو ازرة الدفاع الوطني .2ورخصة من القاضي لمن لم يكمل سن
األهلية وفق الفقرة األولى من المادة 7ق أ ج لمصلحة أو ضرورة ،متى تأكدت قدرة
الطرفين على الزواج.
وعالوة على ما ذكر ،رخصة من رئيس المحكمة في حال رغبة الزوج بأكثر
من زوجة واحدة بعد موافقة الزوجتين ،وأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على
توفير العدل ،والشروط الضرورية للحياة الزوجية وفق المواد 9 ،9مكرر 9 ،مكرر
.1والزواج من األجنبي الذي نظم أحكامه قانون األسرة الذي نصت المادة 31منه
على أنه يخضع زواج الجزائريين والجزائريات باألجانب من الجنسين إلى أحكام
تنظيمية ،3والمقصود هنا رخصة إدارية مسلمة من السيد والي الوالية بناء على
تعليمة و ازرة الداخلية رقم 12الصادرة بتاريخ .1891/12/11فما هو محتوى هذه
التعليمة ؟ وهل زواج الجزائري أو الجزائرية من أجنبي بدون الحصول على الرخصة
يعد زواجا صحيحا ؟ وما هو موقف الفقه والتشريع ؟ وكيف كان اجتهاد المحكمة
العليا في الموضوع ؟
365
علما أن المادة 1/111من قانون العقوبات الجزائري قد نصت على أنه
تعاقب بالحبس من 11ايام على األقل إلى شهرين على األكثر مع الغرامة ،إذا ما
خالف الموثق أو ضابط الحالة المدنية الشروط الواجبة لتحرير عقد الزواج ،كما أن
المادة 22من األمر 21/71المتضمن قانون الحالة المدنية تنص على أن يمارس
ضباط الحالة المدنية مهامهم تحت مسؤولياتهم المدنية والجنائية ومراقبة النائب العام،
فإنه في حال غياب الرخصة المسبقة لعقد الزواج وتم العقد بدونها يتابع الموثق أو
ضابط الحالة المدنية قضائيا من طرف النيابة العامة (مادة 3مكرر قانون األسرة،
1/111قانون العقوبات ،و 22من األمر . 1)21/71
وسنتبع في التعليق على ق اررات المحكمة العليا المنهج التحليلي االستقرائي
المقارن في مبحثين:
-المبحث األول :محتوى التعليمة 12وق اررات المحكمة العليا المتعلقة بالتعليمة.
-المبحث الثاني :التعليق على ق اررات المحكمة العليا.
1بلحاج العربي ،الشهادة الطبية قبل الزواج على ضوء قانون األسرة الجديد ،المحكمة العليا ،مجلة
المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2117العدد األول ،ص.121
366
المطلب األول :محتوى تعليمة وزراة الداخلية رقم .93
التعليمة الصادرة باللغة الفرنسية من طرف السيد وزير الداخلية وموجهة
إلى السادة والة الجمهورية والى السيد المدير العام لألمن الوطني بالتأكيد والحرص
على ضرورة الحصول على الرخصة اإلدارية المسبقة لزواج األجنبي من جزائري
أو جزائرية ،التي يجب أن تقدم لضابط الحالة المدنية صادرة عن والي الوالية
المختص اقليميا .كما أكدت التعليمة على أنه ال يمكن أن يتم عقد الزواج من دون
الحصول على الرخصة اإلدارية.
التعليمة مقسمة إلى ثالث فقرات :الفقرتين "أ" و"ب" تتعلقان بزواج طرفاه
أجنبيان ،أما الفقرة ج تتعلق بزواج جزائري بأجنبي ونصت على أنه ال يمكن للوالي
منح الترخيص لألجنبي المقبل بالزواج من جزائري إال بعد تحقيق وموافقة األجهزة
األمنية المسؤولة حول سلوك األجنبي ،كما نصت التعليمة على أنه يمنع زواج
الجزائرية بأجنبي غير مسلم.
وهو ما أكدته المادة 1/73من األمر 21/71المتعلق بالحالة المدنية التي
نصت على أنه يجب أن يبين في عقد الزواج المحرر من قبل ضابط الحالة المدنية
أو الموثق بصراحة بأن الزواج قد تم ضمن الشروط المنصوص عليها في القانون،
كما يجب فضال عن ذلك أن يبين فيه المعلومات المنصوص عليها في القانون
والمعلومات المذكورة بالمادة ،ومنها الترخيص بالزواج المنصوص عليه بموجب
القانون عند االقتضاء.1
المطلب الثاني :قرارات المحكمة العليا حول زواج الجزائري أو الجزائرية باألجانب.
وقد صدرت عن المحكمة العليا ثالث ق اررات تتعلق بزواج الجزائري من
أجنبي وهي:
1قانون الحالة المدنية االمر 71-21يتعلق بالحالة المدنية معدل ومتمم بالقانون رقم 19-11
المؤرخ في 18أوت .2111
367
-الملف رقم 1812229قرار بتاريخ 2112/12/13بأن تثبيت الزواج العرفي
بين طرفي العقد من جنسيتين مختلفتين ،دون مراعاة األحكام التنظيمية
المنصوص عليها ،يعد مخالفة للقانون. 1
-الملف رقم 1112911قرار بتاريخ 2112/17/13بأنه توجب األحكام
التنظيمية في زواج الجزائري أو الجزائرية مع األجانب ،الحصول على رخصة
إدارية ،سواء كان ذلك لتسجيل الزواج أو إلثباته. 2
-الملف رقم 1111228قرار بتاريخ 2112/18/17بأنه من المقرر قانونا أن
زواج الجزائريين والجزائريات باألجانب من الجنسين يخضع إلى أحكام تنظيمية.
(قرار غير منشور).
-الملف رقم 1129871قرار بتاريخ 2112 /12/17بأنه ال يمكن الحكم بتثبيت
زواج عرفي ،مبرم بين جزائرية وأجنبي ،دون تقديم الرخصة اإلدارية. 3
وقد أسست المحكمة العليا قرارها على أساس أن المجلس اعتبر أن الرخصة
المسبقة المسلمة لألجنبي قصد الزواج تطلب منه عند تسجيل العقد وليس عند
إبرامه؛ وهو التفسير الذي تعتبره المحكمة العليا خاطئ ومخالف للمبدأ المذكور في
المادة 31ق أ الذي يخضع زواج الجزائري من الجنسين مع األجانب لألحكام
التنظيمية ،وعليه القضاء بتثبيت الزواج العرفي وتسجيله دون طلب الرخصة من
المعنيين هو مخالفة للقانون.4
علماً أن المحاكم االبتدائية والمجالس القضائية قد قامت بتثبيت الزواج
باألجنبي على أسا أن الدخول يجعل من الزواج شرعيا؛ لتوفر جميع األركان
والشروط ،وغياب الرخصة المسبقة فقط التي ال تعتبر ركناً وال شرطاً إلثبات الزواج
الذي لم يرتب على غيابها أي أثر بنص قانوني.
1المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2112العدد ،11ص .131
2المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2112العدد ،12ص .217
3المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2112العدد ،12ص .212-211
368
المبح الثاني :التعليق على ق اررات المحكمة العليا.
ومن خالل هذه الق اررات فإننا نطرح بعض اإلشكاالت التي تثيرها في النقاط
التالية:
أوال :أصلت المحكمة العليا ق ارراتها على مخالفة المادة 31من قانون األسرة السابق
ذكرها التي أحالت إلى مراعاة أحكام التنظيم ،لكن المالحظ أن المادة لم ترتب
جزاء على مخالفة هذه الرخصة ال بالبطالن وال بالفساد ،مما يعني ضمنيا أن
الزواج صحيح ،باعتبار الرخصة ليست ركنا وال شرطا من شروط الزواج ال سيما
وقد توفرت فيه الركن والشروط المنصوص عليها في المواد 8و 8مكرر ،ورتب
الجزاء على مخالفتها في المواد من 32إلى 32بالفسخ أو البطالن أو التثبيت
بعد الدخول مع صداق المثل.
ثانيا :تناقض المحكمة العليا في التعامل مع اشتراط الرخصة في زواج األجنبي
بالجزائري عن زواج العسكريين والشرطة؛ فاعتبرت الرخصة في األخيرة ليست
ركنا وال شرطا في صحة الزواج ،ولم ترتب عليها رفض الدعوى فثبتت الزواج
العرفي للعسكريين والشرطة رغم غياب الرخصة في القضية رقم 327312
بتاريخ 2112/12/11وجاء في حيثياته بأن الرخصة اإلدارية في الزواج،
الممنوحة من بعض الجهات الوصية لموظفيها وأسالكها ،ال تعد عنص ار أساسيا
في الزواج وال تعد ركنا من األركان المنصوص عليها في المادة 18من قانون
األسرة ،بل هي رخصة إدارية يتعلق أمرها بالموظف واإلدارة ال غير.1
فهنا اعتبرت الرخصة اإلدارية المسبقة للعسكريين ال تؤثر تماما على آثار
الزواج ،ويتم تثبيت الزواج العرفي في حال تخلفها أثناء العقد؛ ألنها مجرد وثيقة
إدارية ليست ركنا وال شرطا من أركان وشروط الزواج ،وبالتالي الزواج صحيح
وتترتب عليه جميع اآلثار الشرعية ،وعلى خالفها تم التعامل مع الرخصة اإلدارية
لزواج الجزائري أو الجزائرية بأجنبي إذ رفضت المحكمة العليا في ق ارراتها رفض
369
تثبيت الزواج العرفي لغياب الرخصة اإلدارية المسبقة ،وهذا تناقض من القضاء في
التعامل مع الرخصتين رغم عدم اختالفهما فتم تثبيت األول ورفض تثبيت الثاني
؛وهي ازدواجية في التعامل بدون أي سند قانوني أو مبرر شرعي.
ونفس األمر في تعامل القضاء مع اشتراط الشهادة الطبية للزوجين قبل
العقد ،اشترط قانون األسرة الفحص الطبي قبل الزواج في المادة 7مكرر أنه يتوجب
على طالبي الزواج أن يقدما وثيقة طبية ال يزيد تاريخها عن ثالثة أشهر تثبت
خطر يتعارض مع الزواج ،ومنه
ا خلوهما من أي مرض أو أي عامل قد يشكل
نستنتج ضمنا أنها شرط من شروط الزواج ،لكن في حاالت الزواج العرفي الذي
يتجاهل فيه الطرفان هذه الشهادة فإن القضاء يثبته؛ فلماذا يثبت القضاء هذا الزواج
رغم غياب الشهادة الطبية المنصوص عليها قانونا بنص تشريعي ،واعتبره القضاء
صحيحا لتوفر الركن والشروط فقط دون اعتبار للرخصة الطبية المنصوص عليها
قانونا وليس بمجرد تعليمة إدارية التي يرفض القضاء بغيابها تثبيت الزواج بأجنبي،
وهذا ما يؤكد التناقض في معالجة هذا الموضوع.
ونفس األمر بالنسبة لرخصة التعدد؛ فعدم احترام الرخصة يترتب عليه إثبات
صحة الزواج رغم أنه منصوص عليها بأكثر من مادة قانونية وال تعتبر ركنا ،وليست
فقط تعليمة ،فتم إثبات الزواج العرفي بعد الدخول رغم غياب الرخصة أثناء العقد،
مع تثبيت كل اآلثار المترتبة على هذا الزواج العرفي .فلماذا التمييز بين رخصة
زواج األجنبي عن باقي الرخص في ق اررات المحكمة العليا ؟
كما أن المحكمة العليا خالفت الفقه في ذلك الذي اعتبرها ليست شرطا وال ركنا
في الزواج فيعتبر صحيحا وتترتب عليه جميع اآلثار الشرعية" ،وابرام عقد الزواج من
طرف هؤالء األشخاص دون اإلدالء بالرخصة الواجبة عند إبرام العقد ،ال يعيب العقد
بالبطالن وال بالفساد؛ متى كان قد وقع وفقا للشروط واإلجراءات القانونية .وال يمنع
القاضي من إصدار حكم بإثباته وتسجيله في سجالت الحالة المدنية وفقاً للمادتين
،21و 22من ق أ".1
1عبد العزيز سعد ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،الجزائر ،دار هومة ، 2117 ،ص ص .22-22
371
وذهب األستاذ بلحاج العربي إلى أن هذا الرأي الفقهي يعتبر "رأي سليم؛ ألن
وجوب تقديم بعض الوثائق (بما فيها الرخصة اإلدارية) قبل إبرام العقد ،له صبغة
تنظيمية فقط؛ فهي ال تؤثر في صحة عقد الزواج (المواد 7 ،7مكرر 8 ،8 ،مكرر،
.1")22 ،21 ،19
فلماذا تم التمييز في االجتهاد القضائي بين رخصة زواج األجنبي رغم أنها
رخصة إدارية صادرة عن اإلدارة مثلها مثل الرخص اإلدارية األخرى ،ولماذا تختلف
اآلثار حيث رفضت المحكمة العليا من خالل الق اررات السابقة تثبيت الزواج لغياب
الرخصة.
ثالثاً :أن التعليمة ليست لها صفة القانون من حيث اإللزامية والعمومية والتجريد
كالقاعدة القانونية؛ فهي لم تصدر من جهة مختصة في التشريع حسب
الدستور ،ولم تنشر في الجريدة الرسمية ،فنعلم أن القاضي ملزم بتطبيق
القانون؛ والتعليمة ليست لها هذه الخصائص ،وهي في األصل موجهة لجهات
إدارية وملزمة لها تشرح طريقة العمل وتنظمه ،وليست تشريعا موجها للتطبيق
القضائي ،وبالتالي فتأسيس قرار المحكمة العليا على التعليمة في ظل وجود
مواد قانونية يعتبر في نظري تطبيقا غير سليم للقانون.
رابعا :هل رفض المحكمة العليا إلثبات الزواج يترتب عليه رفض إثبات النسب
أيضا؛ رغم توفر شروط وركن الزواج الشرعي ،واإلقرار بالنسب من الطرفين ؟
وفي حال إثباته أال يعتبر تناقضا إثبات النسب دون إثبات الزواج ؟
خامسا :في حال إقرار الزوجين بنسب الولد إلى األجنبي بناء على اإلقرار حسب
المادة 11ق أ ،حيث أنه للمحكمة العليا اجتهاد في الموضوع أنه ال يشترط
ثبوت الزوجية في ثبوت النسب باإلقرار2؛ فليس من شروط إثبات النسب
1وذكر في الهامش أن قانون األسرة وحده هو الذي له صالحية تحديد أركان وشروط صحة العقد،
وليس المنشور الوزاري أو التعليمة الو ازرية أو اإلدارية من هنا وهناك .انظر :بلحاج العربي :المرجع
السابق ،ص .227
2المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،ملف 192112قرار بتاريخ ،2112/13/12السنة ،2112
العدد .11
371
باإلقرار البحث في صحة الزواج ،وال وجود الرخصة اإلدارية ،وانما يشترط في
بأن الولد من زنا وغيرها من شروط اإلقرار ،وبما أن صحته أال يصرح
األجنبي قد أبرم زواجه شرعا بتوفر ركنه وشروطه من رضا وولي وصداق
وشاهدين وغيرها من الشروط المنصوص عليها شرعا وقانونا وتم الدخول ،وولد
الولد خالل المدة الشرعية (أقل مدة الحمل 2اشهر وأقصاها 11أشهر وفق
مواد ق أ ج) ،ولم تتخلف إال الرخصة اإلدارية؛ فإذا قلنا أنه تترتب عليه آثار
الزواج من إثبات نسب وتوارث بين الزوجين والنفقة وغيرها من اآلثار الشرعية؛
فإن هذا يؤدي بنا إلى وجود التناقض بين رفض إثبات الزواج باألجنبي بغياب
الرخصة اإلدارية من جهة ،وفي نفس الوقت قبول اآلثار المترتبة عليه.
سادسا :أن أحكام الشريعة اإلسالمية التي أحالت إليها المادة 222من ق أ ألزمت
القاضي بالرجوع إليها عند غياب النص ،تجيز الزواج باألجنبي المسلم للمرأة،
وبالكتابية للرجل ،ولم تشترط وجود أي رخصة لهذا الزواج عكس ما ذهب إليه
االجتهاد القضائي.
سابعا :أن بعض الوالة رفضوا تسليم الرخصة في حال الزواج العرفي على أساس أنه
تم الزواج ،وأن التعليمة أعاله تتكلم عن حاالت الزواج باألجانب قبل الدخول،
أما بعد الدخول فيصبح الزواج من األجنبي واقعة من اختصاص القضاء
وحده ،للتأكد من توفر األركان والشروط الشرعية قبل الزواج ،وهذا ليس من
صالحيات الجهة اإلدارية ،وفي نفس الوقت بالرجوع إلى الق اررات الماضية،
فقد اعتبرت المحكمة العليا بأن الرخصة اإلدارية لألجنبي شرط إلبرام عقد
الزواج باألجنبي واثباته ،وترفض الجهة القضائية تثبيت الزواج لغياب الرخصة
اإلدارية ،وهذا أيضا إشكال تطرحه االجتهادات القضائية السابقة؛ إذ يستحيل
عليه الحصول عليها.
ثامنا :حرمان المواطن الجزائري من الزواج باألجنبي يتعارض مع القواعد العامة
وأحكام الدستور ،بحرمانه من حق شخصي ،وكل دول العالم ال تمنع مواطنيها
من هذا الحق ،كما أن االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر التي تمنع
372
التفريق بين البشر بسبب العرق أو الدين أو الجنس ،ورفض تثبيت زواج
الجزائريين باألجانب بسبب الرخصة التي ال يمكن الحصول عليها في حالة
الزواج العرفي أو االعتراف بآثارها يتناقض مع هذه االتفاقيات.
تاسعا :يذكر بعض المختصين أن السبب في رفض تثبيت هذا النوع من الزيجات
وعرقلته بفرض الرخصة اإلدارية لصعوبة الحصول عليها أو استحالته في حالة
تثبيت الزواج من خالل القضايا المعروضة أمام القضاء هو الحرص على
األمن القومي ،ال سيما أن عددا محدودا من الجنسيات ال سيما من الدول التي
تعاني مشاكل أمنية بهدف الحصول على اإلقامة والجنسية؛ فهو تحايل فيه
تهديد لألمن قومي ،ال سيما مع تزايد وتضاعف الزيجات العرفية سنويا بأجانب
من الجنسين ،لكن نرد عليهم بأن للدولة أن تتدارك هذا التهديد الخطير بما لها
من أجهزة أمنية واستعالماتية؛ ألن حرمان الجزائري أو الجزائرية من تثبيت
زواجه من هذا األجنبي أو حتى الموافقة والترخيص بالزواج هو مس بحق من
حقوقه الشخصية المكفولة دستوريا ،كما أن رفض الزواج في نظري هو تعقيد
للمشكل وتأزيم له ،ال سيما في إثبات نسب األطفال المولودين من هذا الزواج
وأحد والديه جزائري يحرم من كل حقوقه ألنه بال نسب ،وكذا من استق ارراه
النفسي والمادي واالجتماعي؛ فهو تعقيد لألمور بال طائل ،ورفض الترخيص
بالزواج أو إثباته ليس حال سليماً ،وينبغي التفكير في حل أكثر نجاعة ،وهو
تدخل المقنن بتعديل النصوص التشريعية.
الخاتمة:
من خالل تعليقنا على الق اررات القضائية السابقة حول الرخصة اإلدارية
المسبقة لزواج الجزائريين والجزائريات من األجانب أو إثباته بعد الدخول ،نتوصل
إلى أن الحرص على المصلحة الوطنية واألمن القومي هو الدافع إلى رفض تثبيت
هذا الزواج؛ فكان األجدر على المشرع أن ينص صراحة على اعتبار الرخصة
إجبارية في هذه الحالة ،وركنا من أركان الزواج يترتب على غيابها البطالن ،مع
تنظيم اآلثار المترتبة على الدخول بالزوجة دون رخصة من األجنبي كنسب األوالد
373
وغيرها من اآلثار ،خصوصا مع ما يسببه من إشكاالت في تناقض المحكمة العليا
ال سيما وأن اجتهادات المحكمة العليا على كثرتها كانت مستقرة جميعها باتخاذ نفس
القرار مما يجعله اجتهادا مبدئياً ،وجب على القضاء اتباع نفس االتجاه لغياب النص
في هذه الحالة ،خصوصاً ونحن نعلم أن من مهام المحكمة العليا توحيد االجتهاد
القضائي على مستوى محاكم الجمهورية وتفسير القانون.
التوصيات:
أوصي بضرورة تدخل المشرع بالنص على آثار تخلف الرخصة في زواج
الجزائريين والجزائريات من األجانب ،مع فرض عقوبات صارمة وغرامات كبيرة في
حال عقد الزواج العرفي مع األجانب دون رخصة.
قائمة المراجع:
أوالً :الكتب.
-بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري :أحكام الزواج ،الجزائر ،د
م ج ،ط ،2111 ،2ج.1
-عبد العزيز سعد ،قانون األسرة في ثوبه الجديد ،دار هومة ،الجزائر.2117 ،
-بلحاج العربي ،الشهادة الطبية قبل الزواج على ضوء قانون األسرة الجديد،
المحكمة العليا ،مجلة المحكمة العليا ،السنة ،2117العدد .11
374
-المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2112العدد .12
-المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2112العدد .12
-المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،السنة ،2117العدد .1
-المحكمة العليا :مجلة المحكمة العليا ،السنة ،2112العدد .11
375