You are on page 1of 12

ISSN:2335-1462 eISSN: 2600-609X

106 151 0719 70 07

‫الرخصة اإلدارية في زواج الجزائريين باألجانب على ضوء اإلجتهاد‬


‫القضائي للمحكمة العليا‬
Administrative license in the marriage of Algerians to foreigners in
light of the jurisprudence of the Supreme Court

Aissa Maiza ‫عي ـ ـس ى مع ـ ـ ـ ـيزة‬


Faculty of Law and Political Science ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
University of Djelfa - Algeria ‫ الجزائر‬-‫جامعة الجلفة‬
E-mail : Aissa_al@yahoo.fr Aissa_al@yahoo.fr :‫االيميل‬

9132/39/ 10 :‫تاريخ القبول‬ 9132/12/ 90 :‫تاريخ االستالم‬

Abstract: :‫ملخص باللغة العربية‬

Article 31 A F L stipulates the ‫ ق أ ج مراعاة األحكام‬36 ‫اشترطت املادة‬


observance of regulatory provisions when ‫التنظيمية عند زواج الجزائريين من األجانب‬
Algerians marry foreigners. This is ،‫األمر الذي يطرح إشكاالت في التطبيق‬،
problematic in the application, for not
‫لعدم صدور أي أحكام تنظيمية ما عدا‬
issuing any regulatory provisions except
directive No. 02 on 11/02/1981, which ‫ والتي‬6026/99/66 ‫ بتاريخ‬99 ‫تعليمة رقم‬
stipulated a prior administrative license, ‫اشترطت رخصة إدارية مسبقة يصدرها‬
but it did not address the issue of ‫إال أنها لم‬، ‫الوالي قبل إبرام عقد الزواج‬
administrative license after entry, how was ‫تعالج مسألة الرخصة اإلدارية بعد الدخول‬
the position of the Supreme Court From ‫فكيف كان موقف املحكمة العليا من آثار‬،
the effects of the failure of the license,
‫تخلف الرخصة خاصة بعد الدخول؟‬
especially after entry?
Keywords: Marriage ; license ; ‫رخصة؛‬ ‫ زواج؛‬:‫كلمات مفتاحية‬
Algerians ; foreigners ; installation ; .‫الجزائريين؛ األجانب؛ تثبيت؛ عرفي‬
customary.

364
‫مقدمـــــــة‪:‬‬
‫اشترط المشرع الجزائري لبعض الزيجات الحصول على رخصة مسبقة‪ ،‬وهذه‬
‫الحاالت تتعلق بموظفي األمن الوطني وفق المادة ‪ 23‬من المرسوم رقم ‪191/93‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1893 /19/13‬التي نصت على أنه‪" :‬ال يمكن لموظفي األمن الوطني‬
‫عقد الزواج بدون ترخيص كتابي سابق من السلطة التي لها صالحية التعيين"‪. 1‬‬
‫وكذلك أفراد الجيش الوطني الشعبي ورجال الدرك الوطني وكل المجندين‬
‫الخاضعين لمصالح الدفاع الوطني‪ ،‬الذي يوجب عليهم الحصول على رخصة مسبقة‬
‫من الجهة المختصة بو ازرة الدفاع الوطني‪ .2‬ورخصة من القاضي لمن لم يكمل سن‬
‫األهلية وفق الفقرة األولى من المادة ‪ 7‬ق أ ج لمصلحة أو ضرورة‪ ،‬متى تأكدت قدرة‬
‫الطرفين على الزواج‪.‬‬
‫وعالوة على ما ذكر‪ ،‬رخصة من رئيس المحكمة في حال رغبة الزوج بأكثر‬
‫من زوجة واحدة بعد موافقة الزوجتين‪ ،‬وأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على‬
‫توفير العدل‪ ،‬والشروط الضرورية للحياة الزوجية وفق المواد ‪ 9 ،9‬مكرر‪ 9 ،‬مكرر‬
‫‪ .1‬والزواج من األجنبي الذي نظم أحكامه قانون األسرة الذي نصت المادة ‪ 31‬منه‬
‫على أنه يخضع زواج الجزائريين والجزائريات باألجانب من الجنسين إلى أحكام‬
‫تنظيمية‪ ،3‬والمقصود هنا رخصة إدارية مسلمة من السيد والي الوالية بناء على‬
‫تعليمة و ازرة الداخلية رقم ‪ 12‬الصادرة بتاريخ ‪ .1891/12/11‬فما هو محتوى هذه‬
‫التعليمة ؟ وهل زواج الجزائري أو الجزائرية من أجنبي بدون الحصول على الرخصة‬
‫يعد زواجا صحيحا ؟ وما هو موقف الفقه والتشريع ؟ وكيف كان اجتهاد المحكمة‬
‫العليا في الموضوع ؟‬

‫‪ 1‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ ،31‬ص ‪.2122‬‬


‫‪ 2‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري‪ :‬أحكام الزواج‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬ط ‪ ،2111 ،2‬ج‪ ،1‬ص ‪.227‬‬
‫‪ 3‬القانون رقم ‪ 11/91‬المؤرخ في ‪1891/12/18‬؛ المعدل باألمر رقم ‪ 12/12‬المؤرخ في‬
‫‪2112/12/27‬؛ الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،2112/12/27 ،12‬ص ‪.18‬‬

‫‪365‬‬
‫علما أن المادة ‪ 1/111‬من قانون العقوبات الجزائري قد نصت على أنه‬
‫تعاقب بالحبس من ‪ 11‬ايام على األقل إلى شهرين على األكثر مع الغرامة‪ ،‬إذا ما‬
‫خالف الموثق أو ضابط الحالة المدنية الشروط الواجبة لتحرير عقد الزواج‪ ،‬كما أن‬
‫المادة ‪ 22‬من األمر ‪ 21/71‬المتضمن قانون الحالة المدنية تنص على أن يمارس‬
‫ضباط الحالة المدنية مهامهم تحت مسؤولياتهم المدنية والجنائية ومراقبة النائب العام‪،‬‬
‫فإنه في حال غياب الرخصة المسبقة لعقد الزواج وتم العقد بدونها يتابع الموثق أو‬
‫ضابط الحالة المدنية قضائيا من طرف النيابة العامة (مادة ‪ 3‬مكرر قانون األسرة‪،‬‬
‫‪ 1/111‬قانون العقوبات‪ ،‬و‪ 22‬من األمر ‪. 1)21/71‬‬
‫وسنتبع في التعليق على ق اررات المحكمة العليا المنهج التحليلي االستقرائي‬
‫المقارن في مبحثين‪:‬‬
‫‪ -‬المبحث األول‪ :‬محتوى التعليمة ‪ 12‬وق اررات المحكمة العليا المتعلقة بالتعليمة‪.‬‬
‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬التعليق على ق اررات المحكمة العليا‪.‬‬

‫األول‪ :‬زواج األجانب في الجزائر أو زواج الجزائريين باألجانب حسب‬ ‫المبح‬


‫محتوى التعليمة ‪ 93‬وق اررات المحكمة العليا المتعلقة بالتعليمة‪.‬‬
‫سنتناول في هذا المبحث ما تضمنته تعليمة وزير الداخلية رقم ‪ 12‬حول زواج‬
‫األجانب في الجزائر‪ ،‬أو زواج الجزائريين والجزائريات باألجانب والرخصة اإلدارية‬
‫المسبقة التي يصدرها الوالي قبل عقد الزواج‪ ،‬وكذا الق اررات الصادرة عن المحكمة‬
‫العليا المتعلقة بالرخصة اإلدارية المسبقة في مطلبين‪:‬‬
‫‪ -‬المطلب األول‪ :‬محتوى تعليمة وزراة الداخلية رقم ‪.12‬‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬ق اررات المحكمة العليا حول زواج الجزائري أو الجزائرية‬
‫باألجانب‪.‬‬

‫‪ 1‬بلحاج العربي‪ ،‬الشهادة الطبية قبل الزواج على ضوء قانون األسرة الجديد‪ ،‬المحكمة العليا‪ ،‬مجلة‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2117‬العدد األول‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫‪366‬‬
‫المطلب األول‪ :‬محتوى تعليمة وزراة الداخلية رقم ‪.93‬‬
‫التعليمة الصادرة باللغة الفرنسية من طرف السيد وزير الداخلية وموجهة‬
‫إلى السادة والة الجمهورية والى السيد المدير العام لألمن الوطني بالتأكيد والحرص‬
‫على ضرورة الحصول على الرخصة اإلدارية المسبقة لزواج األجنبي من جزائري‬
‫أو جزائرية‪ ،‬التي يجب أن تقدم لضابط الحالة المدنية صادرة عن والي الوالية‬
‫المختص اقليميا ‪.‬كما أكدت التعليمة على أنه ال يمكن أن يتم عقد الزواج من دون‬
‫الحصول على الرخصة اإلدارية‪.‬‬
‫التعليمة مقسمة إلى ثالث فقرات‪ :‬الفقرتين "أ" و"ب" تتعلقان بزواج طرفاه‬
‫أجنبيان‪ ،‬أما الفقرة ج تتعلق بزواج جزائري بأجنبي ونصت على أنه ال يمكن للوالي‬
‫منح الترخيص لألجنبي المقبل بالزواج من جزائري إال بعد تحقيق وموافقة األجهزة‬
‫األمنية المسؤولة حول سلوك األجنبي‪ ،‬كما نصت التعليمة على أنه يمنع زواج‬
‫الجزائرية بأجنبي غير مسلم‪.‬‬
‫وهو ما أكدته المادة ‪ 1/73‬من األمر ‪ 21/71‬المتعلق بالحالة المدنية التي‬
‫نصت على أنه يجب أن يبين في عقد الزواج المحرر من قبل ضابط الحالة المدنية‬
‫أو الموثق بصراحة بأن الزواج قد تم ضمن الشروط المنصوص عليها في القانون‪،‬‬
‫كما يجب فضال عن ذلك أن يبين فيه المعلومات المنصوص عليها في القانون‬
‫والمعلومات المذكورة بالمادة‪ ،‬ومنها الترخيص بالزواج المنصوص عليه بموجب‬
‫القانون عند االقتضاء‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬قرارات المحكمة العليا حول زواج الجزائري أو الجزائرية باألجانب‪.‬‬
‫وقد صدرت عن المحكمة العليا ثالث ق اررات تتعلق بزواج الجزائري من‬
‫أجنبي وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬قانون الحالة المدنية االمر ‪ 71-21‬يتعلق بالحالة المدنية معدل ومتمم بالقانون رقم ‪19-11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪.2111‬‬

‫‪367‬‬
‫‪ -‬الملف رقم ‪ 1812229‬قرار بتاريخ ‪ 2112/12/13‬بأن تثبيت الزواج العرفي‬
‫بين طرفي العقد من جنسيتين مختلفتين‪ ،‬دون مراعاة األحكام التنظيمية‬
‫المنصوص عليها‪ ،‬يعد مخالفة للقانون‪. 1‬‬
‫‪ -‬الملف رقم ‪ 1112911‬قرار بتاريخ ‪ 2112/17/13‬بأنه توجب األحكام‬
‫التنظيمية في زواج الجزائري أو الجزائرية مع األجانب‪ ،‬الحصول على رخصة‬
‫إدارية‪ ،‬سواء كان ذلك لتسجيل الزواج أو إلثباته‪. 2‬‬
‫‪ -‬الملف رقم ‪ 1111228‬قرار بتاريخ ‪ 2112/18/17‬بأنه من المقرر قانونا أن‬
‫زواج الجزائريين والجزائريات باألجانب من الجنسين يخضع إلى أحكام تنظيمية‪.‬‬
‫(قرار غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -‬الملف رقم ‪ 1129871‬قرار بتاريخ ‪ 2112 /12/17‬بأنه ال يمكن الحكم بتثبيت‬
‫زواج عرفي‪ ،‬مبرم بين جزائرية وأجنبي‪ ،‬دون تقديم الرخصة اإلدارية‪. 3‬‬
‫وقد أسست المحكمة العليا قرارها على أساس أن المجلس اعتبر أن الرخصة‬
‫المسبقة المسلمة لألجنبي قصد الزواج تطلب منه عند تسجيل العقد وليس عند‬
‫إبرامه؛ وهو التفسير الذي تعتبره المحكمة العليا خاطئ ومخالف للمبدأ المذكور في‬
‫المادة ‪ 31‬ق أ الذي يخضع زواج الجزائري من الجنسين مع األجانب لألحكام‬
‫التنظيمية‪ ،‬وعليه القضاء بتثبيت الزواج العرفي وتسجيله دون طلب الرخصة من‬
‫المعنيين هو مخالفة للقانون‪.4‬‬
‫علماً أن المحاكم االبتدائية والمجالس القضائية قد قامت بتثبيت الزواج‬
‫باألجنبي على أسا أن الدخول يجعل من الزواج شرعيا؛ لتوفر جميع األركان‬
‫والشروط‪ ،‬وغياب الرخصة المسبقة فقط التي ال تعتبر ركناً وال شرطاً إلثبات الزواج‬
‫الذي لم يرتب على غيابها أي أثر بنص قانوني‪.‬‬

‫‪ 1‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪ ،11‬ص ‪.131‬‬
‫‪ 2‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪ ،12‬ص ‪.217‬‬
‫‪ 3‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪ ،12‬ص ‪.212-211‬‬

‫‪368‬‬
‫المبح الثاني‪ :‬التعليق على ق اررات المحكمة العليا‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الق اررات فإننا نطرح بعض اإلشكاالت التي تثيرها في النقاط‬
‫التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أصلت المحكمة العليا ق ارراتها على مخالفة المادة ‪ 31‬من قانون األسرة السابق‬
‫ذكرها التي أحالت إلى مراعاة أحكام التنظيم‪ ،‬لكن المالحظ أن المادة لم ترتب‬
‫جزاء على مخالفة هذه الرخصة ال بالبطالن وال بالفساد‪ ،‬مما يعني ضمنيا أن‬
‫الزواج صحيح‪ ،‬باعتبار الرخصة ليست ركنا وال شرطا من شروط الزواج ال سيما‬
‫وقد توفرت فيه الركن والشروط المنصوص عليها في المواد ‪ 8‬و‪ 8‬مكرر‪ ،‬ورتب‬
‫الجزاء على مخالفتها في المواد من ‪ 32‬إلى ‪ 32‬بالفسخ أو البطالن أو التثبيت‬
‫بعد الدخول مع صداق المثل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تناقض المحكمة العليا في التعامل مع اشتراط الرخصة في زواج األجنبي‬
‫بالجزائري عن زواج العسكريين والشرطة؛ فاعتبرت الرخصة في األخيرة ليست‬
‫ركنا وال شرطا في صحة الزواج‪ ،‬ولم ترتب عليها رفض الدعوى فثبتت الزواج‬
‫العرفي للعسكريين والشرطة رغم غياب الرخصة في القضية رقم ‪327312‬‬
‫بتاريخ ‪ 2112/12/11‬وجاء في حيثياته بأن الرخصة اإلدارية في الزواج‪،‬‬
‫الممنوحة من بعض الجهات الوصية لموظفيها وأسالكها‪ ،‬ال تعد عنص ار أساسيا‬
‫في الزواج وال تعد ركنا من األركان المنصوص عليها في المادة ‪ 18‬من قانون‬
‫األسرة‪ ،‬بل هي رخصة إدارية يتعلق أمرها بالموظف واإلدارة ال غير‪.1‬‬
‫فهنا اعتبرت الرخصة اإلدارية المسبقة للعسكريين ال تؤثر تماما على آثار‬
‫الزواج‪ ،‬ويتم تثبيت الزواج العرفي في حال تخلفها أثناء العقد؛ ألنها مجرد وثيقة‬
‫إدارية ليست ركنا وال شرطا من أركان وشروط الزواج‪ ،‬وبالتالي الزواج صحيح‬
‫وتترتب عليه جميع اآلثار الشرعية‪ ،‬وعلى خالفها تم التعامل مع الرخصة اإلدارية‬
‫لزواج الجزائري أو الجزائرية بأجنبي إذ رفضت المحكمة العليا في ق ارراتها رفض‬

‫‪ 1‬الملف ‪ 327312‬قرار بتاريخ ‪ ،2112/12/11‬السنة ‪ ،2117‬العدد ‪ ،1‬ص ص ‪.121-121‬‬

‫‪369‬‬
‫تثبيت الزواج العرفي لغياب الرخصة اإلدارية المسبقة‪ ،‬وهذا تناقض من القضاء في‬
‫التعامل مع الرخصتين رغم عدم اختالفهما فتم تثبيت األول ورفض تثبيت الثاني‬
‫؛وهي ازدواجية في التعامل بدون أي سند قانوني أو مبرر شرعي‪.‬‬
‫ونفس األمر في تعامل القضاء مع اشتراط الشهادة الطبية للزوجين قبل‬
‫العقد‪ ،‬اشترط قانون األسرة الفحص الطبي قبل الزواج في المادة ‪ 7‬مكرر أنه يتوجب‬
‫على طالبي الزواج أن يقدما وثيقة طبية ال يزيد تاريخها عن ثالثة أشهر تثبت‬
‫خطر يتعارض مع الزواج‪ ،‬ومنه‬
‫ا‬ ‫خلوهما من أي مرض أو أي عامل قد يشكل‬
‫نستنتج ضمنا أنها شرط من شروط الزواج‪ ،‬لكن في حاالت الزواج العرفي الذي‬
‫يتجاهل فيه الطرفان هذه الشهادة فإن القضاء يثبته؛ فلماذا يثبت القضاء هذا الزواج‬
‫رغم غياب الشهادة الطبية المنصوص عليها قانونا بنص تشريعي‪ ،‬واعتبره القضاء‬
‫صحيحا لتوفر الركن والشروط فقط دون اعتبار للرخصة الطبية المنصوص عليها‬
‫قانونا وليس بمجرد تعليمة إدارية التي يرفض القضاء بغيابها تثبيت الزواج بأجنبي‪،‬‬
‫وهذا ما يؤكد التناقض في معالجة هذا الموضوع‪.‬‬
‫ونفس األمر بالنسبة لرخصة التعدد؛ فعدم احترام الرخصة يترتب عليه إثبات‬
‫صحة الزواج رغم أنه منصوص عليها بأكثر من مادة قانونية وال تعتبر ركنا‪ ،‬وليست‬
‫فقط تعليمة‪ ،‬فتم إثبات الزواج العرفي بعد الدخول رغم غياب الرخصة أثناء العقد‪،‬‬
‫مع تثبيت كل اآلثار المترتبة على هذا الزواج العرفي‪ .‬فلماذا التمييز بين رخصة‬
‫زواج األجنبي عن باقي الرخص في ق اررات المحكمة العليا ؟‬
‫كما أن المحكمة العليا خالفت الفقه في ذلك الذي اعتبرها ليست شرطا وال ركنا‬
‫في الزواج فيعتبر صحيحا وتترتب عليه جميع اآلثار الشرعية‪" ،‬وابرام عقد الزواج من‬
‫طرف هؤالء األشخاص دون اإلدالء بالرخصة الواجبة عند إبرام العقد‪ ،‬ال يعيب العقد‬
‫بالبطالن وال بالفساد؛ متى كان قد وقع وفقا للشروط واإلجراءات القانونية‪ .‬وال يمنع‬
‫القاضي من إصدار حكم بإثباته وتسجيله في سجالت الحالة المدنية وفقاً للمادتين‬
‫‪ ،21‬و‪ 22‬من ق أ"‪.1‬‬

‫‪ 1‬عبد العزيز سعد‪ ،‬قانون األسرة في ثوبه الجديد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة‪ ، 2117 ،‬ص ص ‪.22-22‬‬

‫‪371‬‬
‫وذهب األستاذ بلحاج العربي إلى أن هذا الرأي الفقهي يعتبر "رأي سليم؛ ألن‬
‫وجوب تقديم بعض الوثائق (بما فيها الرخصة اإلدارية) قبل إبرام العقد‪ ،‬له صبغة‬
‫تنظيمية فقط؛ فهي ال تؤثر في صحة عقد الزواج (المواد ‪ 7 ،7‬مكرر‪ 8 ،8 ،‬مكرر‪،‬‬
‫‪.1")22 ،21 ،19‬‬
‫فلماذا تم التمييز في االجتهاد القضائي بين رخصة زواج األجنبي رغم أنها‬
‫رخصة إدارية صادرة عن اإلدارة مثلها مثل الرخص اإلدارية األخرى‪ ،‬ولماذا تختلف‬
‫اآلثار حيث رفضت المحكمة العليا من خالل الق اررات السابقة تثبيت الزواج لغياب‬
‫الرخصة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن التعليمة ليست لها صفة القانون من حيث اإللزامية والعمومية والتجريد‬
‫كالقاعدة القانونية؛ فهي لم تصدر من جهة مختصة في التشريع حسب‬
‫الدستور‪ ،‬ولم تنشر في الجريدة الرسمية ‪،‬فنعلم أن القاضي ملزم بتطبيق‬
‫القانون؛ والتعليمة ليست لها هذه الخصائص‪ ،‬وهي في األصل موجهة لجهات‬
‫إدارية وملزمة لها تشرح طريقة العمل وتنظمه‪ ،‬وليست تشريعا موجها للتطبيق‬
‫القضائي‪ ،‬وبالتالي فتأسيس قرار المحكمة العليا على التعليمة في ظل وجود‬
‫مواد قانونية يعتبر في نظري تطبيقا غير سليم للقانون‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬هل رفض المحكمة العليا إلثبات الزواج يترتب عليه رفض إثبات النسب‬
‫أيضا؛ رغم توفر شروط وركن الزواج الشرعي‪ ،‬واإلقرار بالنسب من الطرفين ؟‬
‫وفي حال إثباته أال يعتبر تناقضا إثبات النسب دون إثبات الزواج ؟‬
‫خامسا‪ :‬في حال إقرار الزوجين بنسب الولد إلى األجنبي بناء على اإلقرار حسب‬
‫المادة ‪ 11‬ق أ‪ ،‬حيث أنه للمحكمة العليا اجتهاد في الموضوع أنه ال يشترط‬
‫ثبوت الزوجية في ثبوت النسب باإلقرار‪2‬؛ فليس من شروط إثبات النسب‬

‫‪ 1‬وذكر في الهامش أن قانون األسرة وحده هو الذي له صالحية تحديد أركان وشروط صحة العقد‪،‬‬
‫وليس المنشور الوزاري أو التعليمة الو ازرية أو اإلدارية من هنا وهناك‪ .‬انظر‪ :‬بلحاج العربي‪ :‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ 2‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ملف ‪ 192112‬قرار بتاريخ ‪ ،2112/13/12‬السنة ‪،2112‬‬
‫العدد ‪.11‬‬
‫‪371‬‬
‫باإلقرار البحث في صحة الزواج‪ ،‬وال وجود الرخصة اإلدارية‪ ،‬وانما يشترط في‬
‫بأن الولد من زنا وغيرها من شروط اإلقرار‪ ،‬وبما أن‬ ‫صحته أال يصرح‬
‫األجنبي قد أبرم زواجه شرعا بتوفر ركنه وشروطه من رضا وولي وصداق‬
‫وشاهدين وغيرها من الشروط المنصوص عليها شرعا وقانونا وتم الدخول‪ ،‬وولد‬
‫الولد خالل المدة الشرعية (أقل مدة الحمل ‪ 2‬اشهر وأقصاها ‪ 11‬أشهر وفق‬
‫مواد ق أ ج)‪ ،‬ولم تتخلف إال الرخصة اإلدارية؛ فإذا قلنا أنه تترتب عليه آثار‬
‫الزواج من إثبات نسب وتوارث بين الزوجين والنفقة وغيرها من اآلثار الشرعية؛‬
‫فإن هذا يؤدي بنا إلى وجود التناقض بين رفض إثبات الزواج باألجنبي بغياب‬
‫الرخصة اإلدارية من جهة‪ ،‬وفي نفس الوقت قبول اآلثار المترتبة عليه‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أن أحكام الشريعة اإلسالمية التي أحالت إليها المادة ‪ 222‬من ق أ ألزمت‬
‫القاضي بالرجوع إليها عند غياب النص‪ ،‬تجيز الزواج باألجنبي المسلم للمرأة‪،‬‬
‫وبالكتابية للرجل‪ ،‬ولم تشترط وجود أي رخصة لهذا الزواج عكس ما ذهب إليه‬
‫االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬أن بعض الوالة رفضوا تسليم الرخصة في حال الزواج العرفي على أساس أنه‬
‫تم الزواج‪ ،‬وأن التعليمة أعاله تتكلم عن حاالت الزواج باألجانب قبل الدخول‪،‬‬
‫أما بعد الدخول فيصبح الزواج من األجنبي واقعة من اختصاص القضاء‬
‫وحده‪ ،‬للتأكد من توفر األركان والشروط الشرعية قبل الزواج‪ ،‬وهذا ليس من‬
‫صالحيات الجهة اإلدارية‪ ،‬وفي نفس الوقت بالرجوع إلى الق اررات الماضية‪،‬‬
‫فقد اعتبرت المحكمة العليا بأن الرخصة اإلدارية لألجنبي شرط إلبرام عقد‬
‫الزواج باألجنبي واثباته‪ ،‬وترفض الجهة القضائية تثبيت الزواج لغياب الرخصة‬
‫اإلدارية‪ ،‬وهذا أيضا إشكال تطرحه االجتهادات القضائية السابقة؛ إذ يستحيل‬
‫عليه الحصول عليها‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬حرمان المواطن الجزائري من الزواج باألجنبي يتعارض مع القواعد العامة‬
‫وأحكام الدستور‪ ،‬بحرمانه من حق شخصي‪ ،‬وكل دول العالم ال تمنع مواطنيها‬
‫من هذا الحق‪ ،‬كما أن االتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر التي تمنع‬

‫‪372‬‬
‫التفريق بين البشر بسبب العرق أو الدين أو الجنس‪ ،‬ورفض تثبيت زواج‬
‫الجزائريين باألجانب بسبب الرخصة التي ال يمكن الحصول عليها في حالة‬
‫الزواج العرفي أو االعتراف بآثارها يتناقض مع هذه االتفاقيات‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬يذكر بعض المختصين أن السبب في رفض تثبيت هذا النوع من الزيجات‬
‫وعرقلته بفرض الرخصة اإلدارية لصعوبة الحصول عليها أو استحالته في حالة‬
‫تثبيت الزواج من خالل القضايا المعروضة أمام القضاء هو الحرص على‬
‫األمن القومي‪ ،‬ال سيما أن عددا محدودا من الجنسيات ال سيما من الدول التي‬
‫تعاني مشاكل أمنية بهدف الحصول على اإلقامة والجنسية؛ فهو تحايل فيه‬
‫تهديد لألمن قومي‪ ،‬ال سيما مع تزايد وتضاعف الزيجات العرفية سنويا بأجانب‬
‫من الجنسين‪ ،‬لكن نرد عليهم بأن للدولة أن تتدارك هذا التهديد الخطير بما لها‬
‫من أجهزة أمنية واستعالماتية؛ ألن حرمان الجزائري أو الجزائرية من تثبيت‬
‫زواجه من هذا األجنبي أو حتى الموافقة والترخيص بالزواج هو مس بحق من‬
‫حقوقه الشخصية المكفولة دستوريا‪ ،‬كما أن رفض الزواج في نظري هو تعقيد‬
‫للمشكل وتأزيم له‪ ،‬ال سيما في إثبات نسب األطفال المولودين من هذا الزواج‬
‫وأحد والديه جزائري يحرم من كل حقوقه ألنه بال نسب‪ ،‬وكذا من استق ارراه‬
‫النفسي والمادي واالجتماعي؛ فهو تعقيد لألمور بال طائل‪ ،‬ورفض الترخيص‬
‫بالزواج أو إثباته ليس حال سليماً‪ ،‬وينبغي التفكير في حل أكثر نجاعة‪ ،‬وهو‬
‫تدخل المقنن بتعديل النصوص التشريعية‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫من خالل تعليقنا على الق اررات القضائية السابقة حول الرخصة اإلدارية‬
‫المسبقة لزواج الجزائريين والجزائريات من األجانب أو إثباته بعد الدخول‪ ،‬نتوصل‬
‫إلى أن الحرص على المصلحة الوطنية واألمن القومي هو الدافع إلى رفض تثبيت‬
‫هذا الزواج؛ فكان األجدر على المشرع أن ينص صراحة على اعتبار الرخصة‬
‫إجبارية في هذه الحالة‪ ،‬وركنا من أركان الزواج يترتب على غيابها البطالن‪ ،‬مع‬
‫تنظيم اآلثار المترتبة على الدخول بالزوجة دون رخصة من األجنبي كنسب األوالد‬

‫‪373‬‬
‫وغيرها من اآلثار‪ ،‬خصوصا مع ما يسببه من إشكاالت في تناقض المحكمة العليا‬
‫ال سيما وأن اجتهادات المحكمة العليا على كثرتها كانت مستقرة جميعها باتخاذ نفس‬
‫القرار مما يجعله اجتهادا مبدئياً‪ ،‬وجب على القضاء اتباع نفس االتجاه لغياب النص‬
‫في هذه الحالة‪ ،‬خصوصاً ونحن نعلم أن من مهام المحكمة العليا توحيد االجتهاد‬
‫القضائي على مستوى محاكم الجمهورية وتفسير القانون‪.‬‬
‫‪ ‬التوصيات‪:‬‬
‫أوصي بضرورة تدخل المشرع بالنص على آثار تخلف الرخصة في زواج‬
‫الجزائريين والجزائريات من األجانب ‪،‬مع فرض عقوبات صارمة وغرامات كبيرة في‬
‫حال عقد الزواج العرفي مع األجانب دون رخصة‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الكتب‪.‬‬
‫‪ -‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري‪ :‬أحكام الزواج‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‬
‫م ج‪ ،‬ط‪ ،2111 ،2‬ج‪.1‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز سعد‪ ،‬قانون األسرة في ثوبه الجديد‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2117 ،‬‬
‫‪ -‬بلحاج العربي‪ ،‬الشهادة الطبية قبل الزواج على ضوء قانون األسرة الجديد‪،‬‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬السنة ‪ ،2117‬العدد ‪.11‬‬

‫ثانياً‪ :‬النصوص القانونية‪.‬‬


‫‪ -‬القانون رقم ‪ 11/91‬المؤرخ في ‪1891/12/18‬؛ المعدل باألمر رقم ‪12/12‬‬
‫المؤرخ في ‪2112/12/27‬؛ الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪.2112/12/27 ،12‬‬
‫‪ -‬قانون الحالة المدنية‪ ،‬األمر ‪ 71-21‬يتعلق بالحالة المدنية معدل ومتمم بالقانون‬
‫رقم ‪ 19-11‬المؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪.2111‬‬

‫ثالثاً‪ :‬القرارات القضائية‪.‬‬


‫‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪.11‬‬

‫‪374‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪.12‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪.12‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة ‪ ،2117‬العدد ‪.1‬‬
‫‪ -‬المحكمة العليا‪ :‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬السنة ‪ ،2112‬العدد ‪.11‬‬

‫‪375‬‬

You might also like