المقارنة بين أحمد شوقي وألفونس دو المارتين ،أي بين شاعر عربي «تقليدي مجدّد» وشاعر ينتمي الى المدرسة الرومنطيقية الفرنسية؟ هذان الشاعران تباعد بينهما قضايا شعرية عدّة هي أكثر من الشؤون التي تجمع بينهما ،على رغم التقارب الزمني الذي يجعل من المارتين «والدًا» في المعنى الزمني فقط ألحمد شوقي .فعندما توفي المارتين عام 1869كانت مضت سنة على والدة «أمير الشعراء» (.)1868 وعندما سافر شوقي الى فرنسا عام 1887كان مرّ على وفاة المارتين ثماني عشرة سنة .عندما رحل المارتين الى الشرق عام 1832لم يكن شوقي قد ولد ،وكتب الشاعر الفرنسي عقب عودته كتابه الشهير «رحلة الى الشرق» الذي يُعد من أهم ما وضع في أدب الرحالت الى الشرق ،لكن شوقي قصد فرنسا للدراسة وقد أرسله اليها شخصيًا الخديوي توفيق ،فأمضى سنتين في مونبلييه ودرس الحقوق واآلداب في جامعتها ،ثم انتقل الى باريس وقضى فيها سنتين أيضًا وحاز االجازة في الحقوق .الفترة التي أمضاها شوقي بين مدينة مونبلييه والعاصمة الفرنسية باريس لم يُلق عليها ضوء كافٍ ،ولم يُعرف تمامًا ماذا فعل شوقي الشاعر «العباسي» الهوى ،في عاصمة األدب والفن التي كانت تتهيأ العالن ثوراتها المتتالية عشية بزوغ القرن العشرين .جلّ ما عُرف عن شوقي إعجابه الشديد بشعراء فرنسيين ثالثة هم: فيكتور هيغو ،المارتين والفرد دوموسيه ،وثالثتهم ينتمون الى المدرسة الرومنطيقية التي كانت أفلت حينذاك بعد إشراق شمس المدرسة البرناسية والمدرسة الرمزية .وكان شعراء كبار من أمثال بودلير ورامبو وماالرمه قد دقوا المسامير األخيرة في «نعش» المدارس التي سبقتهم ال سيّما الرومنطيقية. وكان الشاعر غيّوم أبولينير باشر في تأسيس المدرسة المافوق -واقعية التي مهدت الطريق أمام الثورة السوريالية التي أطلقها اندريه بروتون الحقًا في مرحلة ما بين الحربين العالميتين .يقول شوقي في معرض كالمه عن «شعرائه» الثالثة« :ولقد كدت أفني هذا الثالوث ويفنيني» .هذا الكالم يعني أن شوقي لم يقرأ إال هؤالء الرومنطيقيين – إن قرأهم كما يجب – متغاضيًا عن الحوادث الجسام التي شهدها المعترك الشعري الفرنسي في تلك اآلونة .أو لعله قصد فرنسا وفي نيته أن يقرأ هؤالء الثالثة الذين كان عرف بهم في مطلع مساره الشعري.هل كان شوقي عاجزًا عن قراءة بودلير أو رامبو؟ أم تراه لم يطّلع على الجديد في الشعر الفرنسي مكتفيًا بالماضي الرومنطيقي؟ لكنّ القراءة الدقيقة لنتاج شوقي الشعري الغزير تبيّن أن شاعر «الشوقيات» لم يسمح لنفسه في أن يتأثر مثالً بشاعر مثل هيغو أو دوموسيه أو المارتين نفسه. فشعره يميل الى «الصناعة» و «الموضوعية» و «المناسبات» التي أبعدته عن مضارب «الذات» التي احتفل بها الشعراء الرومنطيقيون وسبروا أعماقها ورصدوا لواعجها ومآسيها وتجلياتها .ولئن كتب هؤالء الثالثة ال سيما هيغو قصائد «مناسباتية» كثيرة ،فأنّ شعريتهم تبدّت في قصائدهم الذاتية ،ذات البعد الديني والميتافيزيقي والوجداني والفلسفي .كان شوقي يقول« :الشعر ابن أبوين :التاريخ والطبيعة». وهو أولى التاريخ كبير اهتمام فنظم المطوالت في حوادث تاريخية عدة .وتكفي العودة الى «الشوقيات» للوقوع على هذا الهم التاريخي الذي أرهق شعر شوقي وشعريته .أما الطبيعة فتحضر في ما يمكن تسميته «اللطائف» في ديوانه الضخم ،والمقصود بها تلك القصائد اللطيفة ذات االيقاع الموسيقي السلس والعذب وفيها يتغنّى بالطبيعة وعناصرها .لكن الطبيعة لديه ظلّت «موضوعًا» على خالف عالقة الرومنطيقيين بها وهم جعلوها مرآة للذات االنسانية والذات العليا .ويؤخذ – هنا – على الشاعر المصري فاروق شوشة الذي أعدّ ،في مناسبة «دورة شوقي والمارتين» مختارات من شعر شوقي ،سوء اختياره القصائد الشوقية .فهو أكْثَرَ من قصائد المناسبات الرتيبة والمملة وذات التوجه السياسي واالجتماعي والمديحي والتعليمي ،وقلل من القصائد القصيرة الموسومة بااليقاع الجميل واأللفة والشجو الوجداني. وليت فاروق شوشة ركّز على الوجه الحقيقي ألحمد dعن شعر المناسبات متيحًا الفرصة شوقي وابتعد لقراءة قصائده الجميلة وشبه المجهولة .وكان ينبغي له أن ينطلق من سؤال ملح :ماذا يبقى من أحمد شوقي؟ وعلى هذا السؤال كان في إمكانه أن يجيب من خالل المختارات التي يمكن أن تُقرأ اليوم في منأى عن أي سأم او تململ .وهذا السؤال ال يقلل من أهمية «أمير الشعراء» الذي دخل «متحف» عصر النهضة وبات ملمحًا من مالمح الذاكرة الشعرية العربية. وبدت مختارات شوشة مختلفة في جوهرها ورؤيتها عن «المختارات» التي أنجزها الشاعر بول شاوول للشاعر المارتين بالفرنسية وقدّم لها بمقالة نقدية هي أشبه بمقاربة حديثة لشاعر «البحيرة» ،توليه حقه بقدر ما تأخذ عليه ،بعض الشوائب واضعة إياه في سياقه التاريخي .وعودة الى إقامة شوقي في باريس طوال سنتين يتضح أنه كان يتردد على مسرح «الكوميدي فرانسيز» المتخصص بالمسرح الكالسيكي .ولكن لم يُعرف ماذا شاهد شوقي من مسرحيات أو اذا كان تأثر بها في منظوماته الدرامية مثل «مصرع كليوباترا» و «مجنون ليلى» و «قمبيز» وسواها .وهذه األعمال المأسوية لم تعد تجذب القارئ الجديد وال تثير فيه أي فتنة ،بعدما فقدت وهجها، dالمصطنعة وأسلوبها التقليدي .وهي عطفًا على لغتها أيضًا لم تعد تثير فضول المخرجين المسرحيين العرب، نظرًا الى اغراقها في االنشائية والرتابة .في هذا الصدد يقول طه حسين ،أحد نقاد شوقي« :لسوء حظ األدب الحديث لم يعاشر شوقي قدماء اليونان كما عاشر قدماء العرب ،ولو قد فعل ألهدى الى مصر شاعرها الكامل» .ويأخذ حسين عليه في كتابه «حافظ وشوقي» ضآلة ثقافته االغريقية أو انعدامها .وعن ثقافته الفرنسية يقول حسين إنه أخذ من الثقافة الفرنسية نماذج من الشعر ولم يلتفت الى الفكر والمفكرين .ويرى أنه تأثر بالقديم الفرنسي أكثر مما تأثر بالجديد .ويقول أيضًا ،إن شوقي ،لو قرأ األلياذة واألوديسة كاملتين وفهمهما حق الفهم ألنشأ الشعر القصصي في اللغة العربية .ولو قرأ المسرحيات االغريقية واألوروبية المعاصرة له لـ «عني بالتمثيل شعرًا ونثرًا في شبابه وألعطى اللغة العربية من هذا الفنّ حظًا له قيمة صحيحة ،ولتغيّر مثله األعلى في الشعر». «سهام» النقد -: ليس طه حسين وحده مَن وجّه سهام النقد بشدة الى «أمير الشعراء» بل هناك مَن كان أشدّ قسوة منه، على رغم تهكمه أحيانًا من بعض قصائد شوقي ،ال سيما قصيدته التي كتبها في نصر حققته تركيا على اليونان في إحدى المعارك ،وكانت القصيدة في أكثر من مئتين وخمسين بيتًا .رأى عباس محمود العقاد أن «شوقي يزحف الى الشهرة زحف الكسيح وله في كل يوم زفة وعلى كلّ باب وقفة .»...وكتب يخاطبه مرة بلهجة «االستاذ» قائالً« :فاعلم أيها الشاعر العظيم أن الشاعر مَن يشعر بجوهر األشياء ال مَن يعدّدها dوألوانها .»...وسبّب نقد العقاد ويحصي أشكالها لشوقي وعشاقه الكثير من الغصص خصوصًا عندما نزع عن رأسه إكليل االمارة وجعله «شاعرًا من خزف» مثيرًا عليه الشفقة .ولم يوفّر عبدالرحمن شكري وابراهيم المازني وميخائيل نعيمة ومارون عبّود «أمير الشعراء» من نقدهم ،فقسوا عليه حيث يستحق القسوة ومنحوه حقه حين يستحق .وعندما بويع شوقي «إمارة» الشعر عام 1927كتب مارون عبود ساخرًا« :لعنة اهلل على هذه اإلمارة الجوفاء، فهي سخافة بلقاء .»...لكن حافظ ابراهيم نظم فيه قصيدة عصماء يقول في مطلعها« :أمير القوافي قد أتيت مبايعًا /وهذي وفود الشرق قد بايعت معي». وأخذ الكثيرون على شوقي مآخذ سياسية أيضًا ،ومنها عالقته السيئة بالقوى الوطنية التي كانت تنادي حينذاك بالدستور والجالء البريطاني عن مصر ،وكذلك وقوفه الى جانب الخديوي عباس ومهادنته االنكليز. وانتُقد شوقي كثيرًا في مدائحه التي نظمها للسالطين العثمانيين ال سيما قصيدته الطويلة التي مدح فيها السلطان عبدالحميد المعروف بـ «الطاغية» ،وقد وجد شوقي فيه مثاالً للعدل واالنسانية .وأُخذ عليه كذلك التزامه «سياسة الحياد» و «سياسة القصر» وتحاشي كلّ ما يؤذي البريطانيين أو يغضبهم .وقد تجاهل للوهلة األولى حادثة «دنشواي» المأسوية الشهيرة التي هزت مصر عام 1906وحرّضت الجماهير ضد االحتالل البريطاني ،لكنه ما لبث أن كتب بعد سنة قصيدة قصيرة عن الشهداء والمساجين المصريين .وعندما نُفي الى اسبانيا في العام 1915 عقب إقالة البريطانيين الخديوي عباس عن العرش، اصطحب معه عائلته والخدم ،فكان المنفى «رغيدًا»، وفيه عاش شوقي حاالً من االنعتاق الشعري حفزه d على نظم قصائد شخصية ذات منحى غنائي ،وانثيال عاطفي متغنيًا فيها باآلمال الجريحة واالحالم الكئيبة والمشاعر الشجية .ولئن تعرّض شوقي لحمالت نقدية قاسية نالت من شعريته وكادت تحطمه ،فهو عاش المجد مفتوح العينين ،سواء في القصر الخديوي والسلطة ،أم في حياة الشعب المصري .وفاز بألقاب لم يعرفها شاعر سواه في تاريخ مصر والعرب :نابغة مصر ،شاعر األمير ،أمير البيان ،صاحب الصولجان، أمير دولة البيان ،شاعر النيل الكبير ،نابغة شعراء العصر ،صناجة العرب ...عطفًا على لقب «أمير الشعراء» .لكن هذه األلقاب وما تخللها من حظوة ومجد ،لم تشفع به شعريًا ،فظل في نظر النقد «شاعرًا تقليديًا ينظم أكثر مما يشعر» .غير أن النقد لم يستطع أن يلغي مكانة هذا الشاعر في تاريخ الشعر المصري والعربي ،وال أن ينال من مرتبته المتقدمة في الحركة الشعرية النهضوية ،حتى العقاد نفسه ما لبث أن «امتدحه» في كلمة ألقاها في المهرجان الذي أقيم في القاهرة عام 1958احتفاء بأحمد شوقي ،ويقول في مطلعها« :كان أحمد شوقي علمًا في جيله ،كان علمًا للمدرسة التي انتقلت بالشعر من دور الجمود والمحاكاة اآللية الى دور التصرّف واالبتكار.»... "المارتين" العربي -: لم يحظ شاعر أجنبي بما حظي به dالعربي من ترحابالمارتين في العالم شعري وترجمة أو تعريب ومدائح .فمنذ الثالثينات من القرن المنصرم انطلق االحتفاء بهذا الشاعر الذي سمّاه العرب «أمير الشعراء الفرنسيين» ،وكان الشاعر اللبناني الياس أبو شبكة أول مَن وضع كتابًا عنه حمل اسمه عنوانًا وكان من أربع وتسعين صفحة وصدر في العام .1933وكان الشاعر اللبناني ترجم له ديوان «جوسلين» ( )1926وديوان «سقوط مالك» ( .)1927وبعد بضع سنوات ترجم الكاتب المصري أحمد حسن الزيات كتابين لالمارتين «رفائيل» و «جنفييف» .لكن الظاهرة الفريدة التي تميّز بها dالعربالمارتين تمثلت في إنكباب الشعراء والكتّاب على ترجمة قصيدته الرومنطيقية الشهيرة «البحيرة». فقد عرفت هذه القصيدة نحو عشرين ترجمة أو صيغة معرّبة ،ويقال إن أحمد شوقي هو أول من ترجمها، لكن ترجمته ضاعت أو فقدت ولم يبقَ منها بيت واحد. لكن اختفاء هذه الترجمة يطرح سؤاالً :هل ترجمها شوقي حقًا؟ يسأل سليم سركيس أحمد شوقي مرّة في حوار أجراه معه« :هل ترجمت شيئًا من شعر d االفرنج؟» ،فيجيبه« :إنني أجلّ الترجمة واستعمّ فوائدها ،لكنّ نفسي ال تميل الى التعريب ،بل ميلي كله الى الخلق واالنشاء» .قد يُفهم من هذا الجواب أن شوقي لم يقدم علي أي تعريب وأن ترجمته «البحيرة» عمل لم يتم .ولكن بعيدًا من هذا األمر ،نعمت قصيدة المارتين «البحيرة» بخيرة األقالم الشعرية تتفنّن في تعريبها و «خيانتها» جاعلة منها حافزًا لنظم قصيدة هي في آن واحد ،وفية لألصل وخائنة إياه .ترجمة الشاعر المصري على محمود طه كانت من أولى الترجمات وأشهرها وقد نشرها في جريدة «السياسة» األسبوعية (القاهرة) عام .1926واستهلها بهذا البيت« :ليت شعري أهكذا نحن نمضي /في عباب الى شواطئ غمضِ» .ثم تاله الشاعر المصري ابراهيم ناجي ونشر ترجمته في «السياسة» أيضًا عام 1926 واستهلها« :من شاطئ لشواطئ جدد /يرمي بنا ليل من األبد» .وراح الشعراء يتبارون في تعريب هذه القصيدة التي غدت عربية من فرط ما أعمل المترجمون أقالمهم فيها بالغة وبيانًا وعروضًا .ومن الذين عرّبوها :عبدالعزيز السيد مطر ،نقوال فياض، محمد أسعد دالية ،الياس عبداهلل طعمة ،فهد بن علي النفيسة ،شحادة عبداهلل اليازجي ،أحمد حسن الزيات، عبدالعزيز صبري ،محمد مهدي البصير ،عبدالرزاق حميدة ،أحمد أمين وزكي نجيب محمود ،محمد غالب، محمد غنيمي هالل ،محمد مندور ،محمد منير العجالني ،رجاء الشلبي ...وقد جعل الشاعر اللبناني نقوال فياض ترجمته البديعة لهذه القصيدة في مستهل ديوانه «رفيف االقحوان» ( ،)1950وكأنه آثرها على قصائده الشخصية .وقد عرّبت هذه القصيدة في صيغ عدة ،موزونة ومقفاة ،شعرًا حرًا وفق نظام التفعيلة ونثرًا .أما قصيدة «الوحدة» أو «العزلة» وهي من قصائد المارتين الشهيرة أيضًا ،فشهدت سبع ترجمات « dالخلود» ست ترجمات ،و «الوادي عربية ،وقصيدة الصغير» أربعًا و «المساء» ثالثًا .هكذا حضر المارتين بين الثالثينات واالربعينات من القرن الماضي ،وكأنه شاعر عربي .وبلغت الحماسة ببعض dالى «تعريب» المارتين الشعراء والنقاد حدًا دفعهم 1935 dكتب أحمد حسن الزيات مقالة نفسه .في العام d في «الرسالة» عنوانها« :هل المارتين عربي؟» وفيها بحث عن جذور «عربية» للشاعر الفرنسي .وردّه بعضهم الحقًا الى بلدة «مارتين» السورية ...واعتمد هؤالء على جملة قالها المارتين وهي« :ولدت شرقيًا وأموت شرقيًا» .ليس المهم أن يكون المارتين فرنسيًا أو عربيًا ،المهم أن أثره كان بينًا في الجيل الرومنطيقي العربي الذي أعقب جيل أحمد شوقي وجميل صدقي الزهاوي وخليل مطران ومعروف الرصافي وسواهم من الشعراء «المقلدين المجددين». ها هو الياس أبو شبكة يكتب عن المارتين وكأنه يتماهى به أو يرتكز عليه ليرسّخ نظرته الخاصة الى العمل الشعري فيقول« :لم يحدث المارتين ثورة في االنشاء أو في الوزن والقافية ،بل أحدث ثورة في المخيالت والقلوب» .وكان أبو شبكة يرى أن الشعر هو ابن «دم القلب» وليس وليد الصنعة والكلفة. وتجلى أثر المارتين أكثر ما تجلّى في شعر الرومنطيقيين العرب ،خافتًا حينًا وصارخًا حينًا آخر. ولم يكن إقبال الشعراء على قراءة شعره وترجمته إال تشبعًا منه ومن روحه الرومنطيقية وحنينه العميق ونزعته الصوفية التي تجلّت في ديوانه «تأمالت dمثل:شعرية» ( )1820وقد ضم أجمل قصائده البحيرة ،العزلة ،الخريف ،الغابة وسواها .وليس من المستغرب أن يلتمع أثر المارتين في بعض قصائد الياس ابو شبكة ،صالح لبكي ،علي محمود طه ،أحمد زكي أبو شادي وسواهم من الشعراء الذين حققوا الثورة التجديدية في الشعر النهضوي .إال أن الشعراء والنقاد الذين «عشقوا» المارتين لم يلتفتوا الى النقد الذي وُجّه اليه وهو يشبه بعض الشبه ما وُجّه من نقد الى احمد شوقي .ويكفي أن يكون من أبرز نقاد المارتين مثالً سانت بوف الذي كان ناقد المرحلة، وستاندال ،وفلوبير الذي قال« :ال ،ليس لديّ أي انجذاب الى هذا الكاتب ...إنه عقل مخصيّ». أما السؤال الذي يطرح بألحاح فهو :كيف نقرأ اليوم هذين الشاعرين ،أحمد شوقي و...