You are on page 1of 11

‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬

‫عبد السالم بوهالل‬


‫جامعة موالي إمساعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬املغرب‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تعترب اجلبال املغربية من أهم اجملاالت غنى وتنوعا من حيث املوارد الطبيعية‬
‫واالجتماعية والثقافية… إال أنها تعترب كذلك من أضعف اجملاالت اجلغرافية يف املغرب‬
‫تنمية حيث راكمت العديد من مظاهر التأخر‪ .‬فالسياسات التنموية اليت اتبعتها الدولة‬
‫منذ االستقالل إىل اآلن تعاطت مع هذه اجملاالت من زاوية التهميش رغم بعض‬
‫احملاوالت احملتشمة‪ ،‬وبالتالي ازدادت مشاكل اجلبال استفحاال‪.‬‬

‫إن رد االعتبار هلذه اجملاالت يتطلب من الفاعلني العموميني التخلي عن هذه‬


‫املقاربة االنتقائية يف تعاملهم مع اجملاالت الوطنية وبلورة مشاريع ترابية إجرائية تسعى‬
‫إىل حتقيق التنمية احمللية واملستدامة يف املناطق اجلبلية‪.‬‬

‫الكلمات املفاتيح‪ :‬املناطق اجلبلية‪ ،‬اجملاالت اهلامشية‪ ،‬السياسات التنموية‪ ،‬التنمية‬


‫القروية‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The Moroccan mountains are considered as a diverse and an‬‬
‫‪opulent sector in terms of natural, social and cultural‬‬
‫‪resources….‬‬
‫‪Nevertheless, they are also regarded as one of the lowest-‬‬
‫‪growing geographic fields in Morocco because they have‬‬
‫‪undergone numerous aspects of lateness.‬‬
‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫‪The development policies which have been adopted by the‬‬


‫‪country, since its independence up to now, have marginalised‬‬
‫‪these areas despite some circumscribed tentatives. Hence, this‬‬
‫‪has led to the exacerbation of mountains problems.‬‬
‫‪In order to rehabilitate these zones, officials have to abandon‬‬
‫‪that selective approach when dealing with national areas as well‬‬
‫‪as set up domestic and procedural projects that aim at realising a‬‬
‫‪long lasting local development at the level of mountains‬‬
‫‪territories.‬‬
‫‪Key words:‬‬
‫‪Mountainous areas, marginal areas, development policies, Rural‬‬
‫‪development, Morocco.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫احتلت اجلبال مكانة متميزة يف تاريخ املغرب‪ ،‬وكانت دائما تلعب دورا حموريا يف‬
‫شتى اجملاالت؛ سياسيا‪ :‬منطلق األسر احلاكمة‪...‬؛ اقتصاديا‪ :‬ممرا اجباريا للقوافل‬
‫التجارية بني الصحراء والبحر األبيض املتوسط‪...‬؛ اجتماعيا‪ :‬إطارا متميزا للعيش جيمع‬
‫بني الرعي واستغالل الغابة والزراعة وتربية املاشية‪ ،‬كما يميزت أياا بششعا ديي‬
‫وثقايف هام‪ ...‬هذا الدور املتميز للجبال املغربية سيبدأ يف الرتاجع مع تدهور التجارة‬
‫الصحراوية ووقو البالد حتت االستعمار‪...‬‬

‫وتشكل حاليا اجلبال حوالي ‪ %26‬من جممو مساحات املغرب وتأوي ما يقرب‬
‫‪ %30‬من الساكنة‪ .‬وتتوفر على‪ %35‬من جمو األراضي الصاحلة للزراعة باملغرب‬
‫وتعترب أياا خزان املغرب من املياه باحتاانها لـ ‪ %70‬من املوارد السطحية وتعد كذلك‬
‫جممعا للثروات املعدنية واملوارد الطاقية‪...‬‬
‫ويعترب احمليط اجلبلي إطارا لتدبري الرتاث الطبيعي اجلماعي‪ ،‬وتراكم املعارف‬
‫واملهارات احمللية‪ .‬كما تعترب اجلبال موطنا متميزا للفنون الشعبية وثقافات حملية‬
‫متنوعة وغنية‪ ،‬تعزز مكانة الرصيد الثقايف الوطي من احلاارة اإلنسانية‪ ،‬يتعني‬
‫صيانتها وتثمينها كرتاث حي‪.‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪9‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫يتاح إذا رغم احتالل اجلبال ملوقع متميز من اجملال الوطي على مستوى املوارد‬
‫والوظيفة و البعد الثقايف واالجتماعي و االقتصادي‪ ،‬فشنها مل تنل حاها الكايف من‬
‫الربامج التنموية‪ ،‬ألن الدولة ركزت جمهوداتها بعد االستقالل على القطاعات و املناطق‬
‫اليت توفر شروط االستثمار املربح والرتاكم املالي ( الساحل األطلسي األوسط‪ ،‬املدارات‬
‫املسقية‪ ،‬مناطق البور املالئم) بينما ظلت باقي املناطق ومن ضمنها اجلبال على اهلامش‬
‫رغم بعض التدخالت احملدودة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬سنعمل يف هذا املقال على إبراز املكانة املتميزة اليت حتتلها املناطق اجلبلية‬
‫يف املغرب ثم التطرق إىل موقع هذه املناطق ضمن السياسيات التنموية‪.‬‬

‫‪ .1‬حتديد املناطق اجلبلية باملغرب وأهميتها‬

‫لقد مت حتديد املناطق اجلبلية باملغرب على أساس االرتفا واالحندار فتم اعتبار‬
‫اجملاالت اليت يفوق ارتفاعها ‪ 500‬مرت وذات تارس مهم جماالت جبلية‪ .1‬ومت‬
‫تقسيم املناطق اجلبلية إىل ثالث مناطق جبال منخفاة ارتفاعها يرتاوح ما بني ‪500‬‬
‫و‪1000‬مرت وجبال متوسطة االرتفا علوها يرتاوح ما بني ‪ 1000‬و‪ 1500‬مرت‬
‫واعتربت املناطق اليت يفوق ارتفاعها ‪ 2000‬مرت جبال عالية‪.‬‬

‫‪1‬يف فرنسا مت حتديد املناطق اجلبلية وفق معيارين اثنني‪:‬‬


‫االرتفا أكثر من ‪ 600‬مرت بالنسبة لكتلة ‪ .Rosgien‬وأكثر من ‪ 700‬مرت بالنسبة‬ ‫‪-‬‬
‫لباقي الكتل‪.‬‬
‫االحندار جيب أال يقل عن ‪.% 20‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-GABRIRL.W -sou la direction- (2001) : Montages et‬‬
‫; ‪civilisation montagnardes, ellipses, édition marketing S.A‬‬
‫‪Paris; p 20‬‬
‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪10‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬
‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫وبناءا على هذا مت حتديد سبع كتل جبلية باملغرب هي‪ :‬الريف‪ ،‬األطلس املتوسط‪،‬‬
‫األطلس الكبري‪ ،‬األطلس الصغري‪ ،‬جبل زرهون‪ ،‬جبيالت‪ ،‬والكتل اجلبلية الشرقية(بي‬
‫يزناسن و دبدو)‪ .‬واعتربت اجلماعات اليت ختاع ثلث مساحتها هلذه املعايري‬
‫"مجاعات تدخل ضمن النطاق اجلبلي"‪ .‬فبلغت بذلك جممو املساحات اجلبلية املغربية‬
‫حوالي ‪ 187741.16‬كلم‪ 2‬أي ‪ %26‬من جممو مساحات املغرب وتأوي ما يقرب‬
‫‪ %30‬من الساكنة‪.2‬‬

‫عُددت اجلماعات ذات الصبغة اجلبلية يف ‪ 714‬أي ما يعادل من ‪ %46‬من‬


‫جممو اجلماعات‪ ،‬منها ‪ 63‬حارية‪.3‬‬
‫جدول ‪ :01‬توزيع الكتل اجلبلية حسب مساحتها وعدد اجلماعات اليت تتكون منها‬
‫‪2‬‬
‫‪%‬‬ ‫املساحة االمجالية بكلم‬ ‫‪%‬‬ ‫عدد اجلماعات‬ ‫الكتل اجلبلية‬
‫‪14.08‬‬ ‫‪26431.06‬‬ ‫‪28.29‬‬ ‫‪202‬‬ ‫الريف‬
‫‪19.21‬‬ ‫‪36063.00‬‬ ‫‪18.21‬‬ ‫‪130‬‬ ‫األطلس املتوسط‬
‫‪44.41‬‬ ‫‪83382.80‬‬ ‫‪34.87‬‬ ‫‪249‬‬ ‫االطلس الكبري‬
‫‪18.69‬‬ ‫‪35088.00‬‬ ‫‪14.29‬‬ ‫‪102‬‬ ‫األطلس الصغري‬
‫‪3.61‬‬ ‫‪6776.30‬‬ ‫‪4.34‬‬ ‫‪31‬‬ ‫باقي الكتل اجلبلية‬
‫‪100‬‬ ‫‪187741.16‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪714‬‬ ‫اجملمو‬
‫‪Source : Ministère charger des eaux et forêts (2000) : Politique‬‬
‫‪pour la protection et développement de la montagne p10‬‬

‫وتتوفر املناطق اجلبلية على‪ %35‬من جمو األراضي الصاحلة للزراعة باملغرب‬
‫وتعترب أياا خزان املغرب من املياه باحتاانها لـ ‪ %70‬من املوارد السطحية وتعد‬

‫‪2‬وزارة الفالحة(‪ :)2000‬السياسة اخلاصة بتنمية املناطق اجلبلية واحملافظة عليها‪ ،‬املناظرة الوطنية‬
‫للفالحة والتنمية القروية‪ ،‬مطبعة بي يزناسن‪ ،‬ص‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪LAOUINA A (2005) :La montagne dans les plans nationaux sectoriels et‬‬
‫‪dans la vision de l’aménagement du territoire ; FLSH Rabat ; série colloques‬‬
‫‪et séminaires 119 ; p 31‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪11‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫كدلك جممعا للثروات املعدنية واملوارد الطاقية‪ ...‬ويلخص امليثاق الوطي أهمية املناطق‬
‫اجلبلية ب« كما توجد بها جل املساحات الغابوية‪ ،‬و تشكل خزانا للمياه‪ ،‬وحتتضن‬
‫نسبة هامة من الثروة احليوانية و املعدنية‪ ،‬كما تشكل إطارا متميزا للنشاط‬
‫السياحي‪ ،‬باإلضافة إىل اإلنتاج الفالحي الذي يقوم على ركائز متنوعة بفعل‬
‫اخلصائص االيكولوجية للمجال اجلبلي من جهة‪ ،‬وجتدر حضارة قروية عريقة‬
‫بها‪ ،‬مكنت من بلورة أساليب فريدة يف إعداد اجملال الفالحي‪ ،‬ومحاية الرتبة‬
‫وتدبري املوارد املائية‪ ،‬و ترشيد استغالل املراعي والغطاء الغابوي واملتاح من‬
‫الوحيش‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫تبلور‪ ،‬يف إطار اخلاصيات احمللية‪ ،‬رافد من أغنى روافد الثقافية املغربية حيث‬
‫شكل احمليط اجلبلي قاعدة لظهور تنظيمات و تضامنات اجتماعية متميزة شكلت على‬
‫مدى قرون أساسا لالنسجام االجتماعي‪ ،‬وإطارا لتدبري الرتاث الطبيعي اجلماعي‪،‬‬
‫واكبها تراكم املعارف و املهارات احمللية اليت ميكن أن تتخذ يف ظل املصاعب‬
‫الراهنة‪ ،‬كمرتكز السرتاتيجية بديلة للتنمية‪ .‬كما تعترب اجلبال موطنا متيزا للفنون‬
‫الشعبية و ثقافات حملية متنوعة وغنية‪ ،‬تعزز مكانة الرصيد الثقايف الوطين من‬
‫‪4‬‬
‫احلضارة اإلنسانية‪ ،‬يتعني صيانتها وتثمينها كرتاث حي‪».‬‬

‫بالنظر إىل هذه األهمية اليت تتبوؤها اجلبال ضمن اجملال املغربي‪ ،‬كيف تعاملت‬
‫الدولة معها؟ وما حملها من السياسة التنموية الوطنية؟‬

‫‪ .2‬موقع اجلبال ضمن السياسات التنموية املغربية‬

‫لقد ركزت الدولة جمهوداتها بعد االستقالل على القطاعات و املناطق اليت توفر‬
‫شروط االستثمار املربح والرتاكم املالي ( الساحل األطلنتيكي األوسط‪ ،‬املدارات املسقية‪،‬‬
‫مناطق البور املالئم) بينما ظلت باقي املناطق ومن ضمنها اجلبال على اهلامش‪ .‬هذا‬

‫‪4‬وزارة إعداد الرتاب الوطي (‪ :)2001‬امليثاق الوطي إلعداد الرتاب‪ ،‬ص ‪44‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪12‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫املقرتب بُي على منطق اقتصادوي يؤدي يف النهاية إىل توزيع اجملال إىل مناطق منتجة‬
‫نافعة وقابلة ألن تدمج يف االقتصاد العصري‪ ،‬ومناطق هامشية‪ ،‬ال تتوفر فيها هذه‬
‫الشروط‪ .‬لكن اآلن هل هذا املنطق الزال له ما يربره؟ أمل تبطل األسباب اليت خلقته؟ وما‬
‫موقع اجملاالت اجلبلية من كل هذا؟‬
‫إن املنطق الذي حرك املسؤولني لالهتمام باملناطق اجلبيلة كان بهدف‪:‬‬
‫‪ ‬وقاية السافلة‪ ،‬أي العمل على توفري الظروف خلزن أكرب الكميات املمكنة من املاء‪،‬‬
‫خاصة وأن بعض السدود بدأت تشكو من مشكلة التوحل والنقص من إمكانات التخزين‪.‬‬
‫‪ ‬وقاية العالية‪ ،‬أي العمل على احلفاظ على أتربة السفوح من الايا ‪ ،‬وعلى‬
‫اإلمكانات اإلنتاجية هلذه األراضي املنحدرة‪ ،‬بل تقويم مسلسل التدهور ويف الوقت نفسه‬
‫حتسني ظروف عيش السكان بامان إنتاجية عالية أكثر‪.‬‬
‫يتاح أن مشاريع تنمية املناطق اجلبلية كان الغرض األول منها التقليل من عامل‬
‫االجنراف حلماية السافلة‪ ،‬وخاصة التجهيزات املائية والكهربائية‪ ،‬ومل تهدف أساس ًا‬
‫إىل تنمية اجلبل‪ .‬وظلت جل االستثمارات الرمسية موجهة للتجهيز املائي‪ ،‬بينما بقيت‬
‫املرتفعات اجلبلية مهمشة‪ .‬ومنذ أن ظهرت بوادر العجز املائي على املستوى الوطي‪ ،‬بدأ‬
‫اإلحساس بلزوم االهتمام بهذه اجملاالت اهلامشية‪.‬‬
‫ميكن تسجيل جمموعة من املالحظات خبصوص السياسة التنموية املطبقة اجتاه‬
‫املناطق اجلبلية‪:5‬‬
‫‪ -‬هزالة على مستوى املشاريع املوجهة لتنمية املناطق اجلبلية مقارنة مع ما وظف‬
‫باجملاالت احملظوظة طبيعيا‪.‬‬

‫‪5‬حلسن جنان(‪ :)1990‬اشكالية التنمية احمللية يف املناطق اجلبلية وهوامشها‪ ،‬جملة كلية اآلداب‬

‫تطوان‪ ،‬العدد ‪ 4‬خاص بندوة جبال الريف‪ :‬اجملال واالنسان‪ ،‬ص ‪.52/51‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪13‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫‪ -‬رغم اخلصوصية اليت يميز هذه املناطق (الطقس‪ ،‬التارس‪ ،)..‬واليت تقلل من‬
‫إمكانيات االستثمار بها‪ .‬فشن الدولة ال يميزها عن باقي األقاليم بل ختاعها ملبادئ‬
‫سياسة التنمية اليت تطبقها على املناطق السهلية‪.‬‬
‫‪ -‬املشاريع اليت استفادت منها بعض املناطق اجلبلية –وعلى قلتها‪-‬أثبتت حمدودية‬
‫نتائجها‪ ،‬ألنها مل تدخل يف إطار سياسة مشولية لتنمية اجملال اجلبلي‪ ،‬فكانت بذلك‬
‫حمدودة من جهة وانتقائية من جهة أخرى‪.‬‬
‫يتاح إذا‪ ،‬رغم احتالل اجلبال ملوقع متميز من اجملال الوطي على مستوى املوارد‬
‫والوظيفة والبعد الثقايف واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬فشن الدولة اهملت هذه اجملاالت من‬
‫سياستها التنموية‪ 6‬ومل تكن ضمن أولوياتها‪.‬‬
‫لكن تثري السياسة اجلبلية االنتباه إىل بعض الصعوبات والعراقيل اليت حتد من‬
‫تنمية وازدهار اجلبال واملناطق اجلبلية املغربية على رأسها‪:‬‬
‫‪ -‬النمو الالمتكافئ بني اجلبال وبني بقية الرتاب الوطي وخاصة املناطق الساحلية‬
‫والسهول اليت حظيت بتجهيزات أساسية مهمة‪.‬‬
‫‪ -‬التدهور املتسار للموارد الطبيعية باجلبال نتيجة التزايد الدميغرايف وعوامل أخرى‪.‬‬
‫فهناك احنسار للغابة حبوالي ‪ 31‬ألف هكتار سنويا واجنراف حوالي ‪ 100‬مليون طن‬
‫من الرتبة سنويا‪.‬‬
‫وعموما ميكن تلخيـص إشكالـية اجلبال يف ثالثة رهانـات كربى مرتابطة فيما بينها‬
‫هي‪:‬‬

‫‪6‬الناصري حممد (‪ :)2003‬اجلبال املغربية‪ ،‬مركزيتها –هامشيتها‪-‬تنميتها‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‬


‫املغربية الرباط‪ .‬ص‪207‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪14‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫‪ ‬الرهان اجملالي‪ :‬ويرتتب عن التفاوت الصريح‪ ،‬بني التقدم احلاصل يف جتهيز‬


‫وتنمية اجملاالت السهلية والسواحل من جهة‪ ،‬وتأخر اجملاالت اجلبلية من جهة‬
‫ثانية‪.7‬‬
‫‪ ‬الرهان االقتصادي‪ :‬ويتاح يف ضعف وهزالة استثمار املوارد الاخمة اليت تزخر‬
‫بها اجلبال‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل ضعف اإلنتاج وحمدودية فرص الشغل‪ .‬بل ال جتد‬
‫الواردات املالية اخلارجية نفسها اإلطار احمللي الستثمارها‪ .‬لذا جند السكان يفالون‬
‫اهلجرة حنو املدن ويتخلون عن قراهم‪.‬‬
‫‪ ‬الرهان البيئي‪ :‬ويتمثل يف ضيا العديد من املوارد‪ ،‬وتدهور أوساط بيئية‪ ،‬وفقدان‬
‫تراث إيكولوجي وثقايف‪ .‬ومن أخطر ما يصيب اجلبل تناقص الكميات املائية اليت يزود‬
‫بها السهول اجملاورة‪ ،‬األمر الذي يطرح إشكالية مستقبل هذه اجملاالت النامية نفسها‪.‬‬

‫من أجل جتاوز هذا املنطق‪ ،‬البد من وضع سياسة للجبال تعنى خبصوصيات هذه‬
‫اجملاالت‪ ،‬وحتد من تدهور مواردها وتشجع على استعمال تلك املوارد استعماال عقالنيا‬
‫واحملافظة عليها بدال من استنزافها‪ ،‬سياسة تنهض بالتنمية املستدامة للمناطق اجلبلية‬
‫وختلق فااء متمي لساكنة اجلبال وكل من يأتي إليهم من بقية املناطق وبالتالي تقلص‬
‫الفجوة االقتصادية واالجتماعية بني اجلبال وبقية مناطق الرتاب الوطي‪.‬‬
‫وقد أورد امليثاق الوطي إلعداد الرتاب مجلة من احملاور االسرتاتيجية من‬
‫أجل إعداد وتنمية املناطق اجلبلية وهي‪:8‬‬
‫‪ ‬حتسني ظروف عيش وتدعيم فرص االستثمار باملناطق اجلبلية؛‬
‫‪ ‬اعتماد التنمية املندجمة وإقامتها على أساس املشاركة الواسعة للسكان؛‬

‫‪7‬العوينة عبد اهلل(‪ : )2001‬التنو اجملالي‪ :‬حتمية إعداد الرتاب من أجل التكامل بني اجلهات‪،‬‬

‫ورد يف جملة التاريخ العربي‪ ،‬العدد ‪ 17‬شتاء ‪ ،2001‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيااء‪،‬‬
‫ص‪160-159‬‬

‫‪8‬مديرية إعداد الرتاب (‪ :)2001‬امليثاق الوطي إلعداد الرتاب‪ ،‬ص ‪45‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪15‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫‪ ‬تقوية وتنويع القاعدة االقتصادية للمدن اجلبلية؛‬


‫‪ ‬تطوير البحث العلمي حول اجملاالت اجلبيلة‪.‬‬
‫وبغية تطبيق هذه االسرتاتيجية أوصى امليثاق بشحداث‪:‬‬
‫قانون تنمية املناطق اجلبلية؛ املخطط املديري إلعداد وتنمية املناطق اجلبلية؛‬
‫الوكالة الوطنية لتنمية املناطق اجلبلية وجلان الكتل؛ صندوق وطين لتدعيم وتنمية‬
‫باملناطق اجلبلية‪.9‬‬
‫هذه االقرتاحات دعمها التصميم الوطي إلعداد الرتاب بتأكيده على خلق وكالة‬
‫خاصة لتنمية املناطق اجلبلية وإحداث جلنة اجلبل‪.10‬‬
‫واآلن وبعد مرور وقت طويل على هذه التوجهات‪ ،‬الزالت اجملاالت اجلبلية تعيش‬
‫صعوبات عديدة‪ ،‬ومجيع هذه االقرتاحات والتوصيات ظلت حمط نقاش وجتاذبات بني‬
‫العديد من الفاعلني ومل ترى النور بعد‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬

‫إن واقع التنمية باملناطق اجلبلية ببالدنا عامة‪ ،‬حييلنا مباشرة على أوضا‬
‫اجتماعية‪ ،‬اقتصادية وبيئية هشة يف تدهور مستمر يصعب التنبؤ مبستقبلها على األمد‬
‫املتوسط والبعيد ما مل يبادر الساهرين على الشأن العام بالنهوض بأوضا الساكنة‪.‬‬
‫إن تنمية املناطق اجلبلية يستدعي استحاار األبعاد االجتماعية واجملالية وتبي‬
‫مقاربة جديدة قوامها العدالة االجتماعية واليت تشكل دعامة قوية إلعطاء البعد التنموي‬
‫هلذه املناطق اجلبلية مدلوله احلقيقي انطالقا من مبادئ العدل واإلنصاف والتكافل‬
‫االجتماعي والتاامن الوطي‪ .‬وتقتاي كذلك اعتماد اسرتاتيجية وطنية واضحة املعامل‬
‫حمددة الربامج يشارك يف إعدادها خرباء خمتصون‪ ،‬فاعلون اقتصاديون واجتماعيون‪،‬‬
‫ممثلو السكان املعنيني حتى تكون هلذه االسرتاتيجية قوتها ومناعتها ومصداقيتها‬

‫‪ 9‬نفسه ص‪46‬‬

‫‪ 10‬مديرية إعداد الرتاب (‪ :)2004‬التصميم الوطي إلعداد الرتاب‪ ،‬ص‪15‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪16‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

‫وقابليتها للتنفيذ بتعبئة شاملة ومتكاملة للطاقات البشرية واملؤهالت الطبيعية اليت تتوفر‬
‫عليها هذه املناطق اجلبلية‪.‬‬
‫هذه االسرتاتيجية الوطنية من شأنها حتسني ظروف عيش ساكنة املناطق اجلبلية‬
‫والنهوض مبؤهالتها االقتصادية والثقافية والبيئية تعزيزا للتآزر االجتماعي ولتاامن‬
‫اجملالي يف أفق إرساء منوذج جمتمعي متاامن ومتوازن بغية رد االعتبار هلذه املناطق‬
‫اليت ظلت تعاني من التهميش واإلهمال‪ .‬وبلورة مشاريع ترابية إجرائية تسعى إىل حتقيق‬
‫التنمية احمللية واملستدامة يف املناطق اجلبلية‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫‪ )1‬العوينة عبد اهلل(‪ : )2001‬التنو اجملالي‪ :‬حتمية إعداد الرتاب من أجل‬
‫التكامل بني اجلهات‪ ،‬ورد يف جملة التاريخ العربي‪ ،‬العدد ‪ 17‬شتاء‬
‫‪ ،2001‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيااء‪.‬‬
‫‪ )2‬حلسن جنان(‪ :)1990‬اشكالية التنمية احمللية يف املناطق اجلبلية‬
‫وهوامشها‪ ،‬جملة كلية اآلداب تطوان‪ ،‬العدد ‪ 4‬خاص بندوة جبال الريف‪:‬‬
‫اجملال واالنسان‪.‬‬
‫‪ )3‬مديرية إعداد الرتاب (‪ :)2004‬التصميم الوطي إلعداد الرتاب‪.‬‬
‫‪ )4‬وزارة إعداد الرتاب الوطي (‪ :)2001‬امليثاق الوطي إلعداد الرتاب‪.‬‬
‫‪ )5‬وزارة الفالحة(‪ :)2000‬السياسة اخلاصة بتنمية املناطق اجلبلية واحملافظة‬
‫عليها‪ ،‬املناظرة الوطنية للفالحة والتنمية القروية‪ ،‬مطبعة بي يزناسن‪.‬‬
‫‪ )6‬الناصري حممد (‪ :)2003‬اجلبال املغربية‪ ،‬مركزيتها –هامشيتها‪-‬تنميتها‪،‬‬
‫منشورات وزارة الثقافة املغربية الرباط‪.‬‬

‫‪7) GABRIRL.W -sou la direction- (2001) : Montages et‬‬


‫‪civilisation montagnardes, ellipses, édition marketing‬‬
‫‪S.A ; Paris.‬‬
‫‪8) LAOUINA A (2005) : La montagne dans les plans‬‬
‫‪nationaux sectoriels et dans la vision de l’aménagement‬‬

‫‪2016‬‬ ‫العدد اخلامس ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪17‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫اجلبال املغربية ورهانات التنمية‬ ‫عبد السالم بوهالل‬

du territoire ; FLSH Rabat ; série colloques et séminaires


119 .
9) Ministère charger des eaux et forêts(2000) : Politique
pour la protection et développement de la montagne

2016 ‫ ديسمرب‬- ‫العدد اخلامس‬ 18 ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬

You might also like