You are on page 1of 5

‫الموقع ‪-:‬‬

‫يقع "بيت السحيمي" في حارة "الدرب األصفر" بمنطقة الجمالية بالقرب من بابي "النصر" و"الفتوح"‪ ،‬وهي‬
‫حارة متفرعة* من شارع "المعز" قلب القاهرة الفاطمية‪.‬‬
‫وقد ُسمي الشارع بهذا االسم نسبة إلى "المعز لدين‬
‫اهلل" الخليفة الفاطمي الذي أرسل قائده "جوهر الصقلي"‬
‫إلى مصر عام ‪ 358‬هجرية – ‪ 969‬ميالدية؛ حيث‬
‫أصبحت مصر تحت الحكم الفاطمي حتى عام ‪ 567‬هـ‬
‫– ‪1171‬م‪ ،‬وقد أصبح المذهب الشيعي هو الرسمي‬
‫للبالد إبان حكم الفاطميين‬
‫وجدير بالذكر أنه في عهد الدولة الفاطمية استقرت‬
‫أسس العمارة والفنون اإلسالمية‪ ،‬وأنشئت العمائر‬
‫الدينية والحربية والمدنية من مساجد ومشاهد وأسوار‬
‫وقصور وبيوت وغيرها‪.‬‬
‫ضا انتشرت في مصر – كما في‬
‫وفي عهد الفاطميين أي ً‬
‫بالد إسالمية عديدة أخرى – زخرفة واجهات العمائر‬
‫بدقة وإتقان بعد أن كادت تخلو من الزخرفة فيما سبق‪.‬‬
‫وقد تعاقبت العصور على شارع المعز من الفاطميين‬
‫إلى األيوبيين إلى المماليك البحرية إلى المماليك‬
‫الجراكسة إلى العثمانيين إلى عهد مصر الحديثة – عصر‬
‫محمد علي باشا الكبير وهكذا أصبح شارع المعز‬
‫أثرا إسالميًا ترصد تاريخ الدول اإلسالمية المتعاقبة على مصر‪.‬‬
‫مفتوحا يضم ‪ً 174‬‬
‫ً‬ ‫متح ًفا‬
‫ويعد "بيت السحيمي" مثاالً فري ًدا للبيوت األرستقراطية في القرن السابع عشر‪ ،‬وواح ًدا من أهم نماذج‬
‫ضا‪ :‬بيت الهراوي‪ ،‬بيت زينب‬
‫البيوت الخاصة التي بقي منها القليل حتى اآلن‪ .‬ونذكر من هذه البيوت أي ً‬
‫خاتون‪ ،‬بيت الكريدلية‪.‬‬
‫وقد بني بيت السحيمي في العصر العثماني‪ ،‬ويتكون من قسمين‪( :‬األول الجنوبي)‪ ،‬وأنشأه الشيخ‪/‬‬
‫عبدالوهاب الطبالوي سنة ‪1058‬هـ – ‪1648‬م‪ ،‬والثاني (الشمالي)‪ ،‬وأنشأه الحاج‪ /‬إسماعيل بن شلبي سنة‬
‫وسمي بيت السحيمي بهذا االسم نسبة إلى آخر من‬
‫‪1211‬هـ – ‪1796‬م‪ ،‬وجعل من القسمين بيتًا واح ًدا‪ُ .‬‬
‫سكن به‪ ،‬وهو الشيخ‪ /‬أمين السحيمي شيخ‪.‬‬
‫رواق األتراك بالجامع األزهر‪ ،‬والمتوفى في الثامن من إبريل‬
‫‪1928‬م‪ .‬وبعد وفاة الشيخ‪ /‬السحيمي اشترت الحكومة‬
‫المصرية البيت بمبلغ (‪ 60009‬جنيه مصري وسجلته كأثر‬
‫إسالمي)‪.‬‬
‫ويشتمل البيت ‪-:‬‬
‫على قاعات تتألف كل منها من إيوانين بينهما (دور قاعة)‪،‬‬
‫وبعضها ذوات واجهات من خشب الخرط تشرف على الحديقة‬
‫الكائنة بوسط البيت‪.‬‬
‫وببعض القاعات فسقية من الرخام‪ ،‬كما أن ببعض أسقف القاعات (مناور) تعلوها (شخشيخة‪ :‬فُتحة تهوية)‬
‫وفي القسم الشمالي من البيت حجرة مركبة على (تختبوش)‪ :‬صالة مفتوحة بالكامل على الحوش‪ ،‬وهي ذات‬
‫سقف محمول على أعمدة أو دعامات‪.‬‬
‫وقد كسيت جدران بعض القاعات من أسفل بوزرات من الخشب المزخرف على هيئة بالطات القاشاني‬
‫وكسيت األرضيات بالرخام‪.‬‬
‫ويشتمل البيت على حمام وساللم تصل بين الطوابق‪ ،‬وبأحد أركان الحديقة طاحونة وساقية*‪.‬‬
‫وتبلغ مساحة البيت أكثر من ألفي متر مربع‪ ،‬ويصل عدد قاعاته وغرفة* ‪ 115‬فراغًا‪.‬‬
‫كما يكفل تصميم* البيت الخصوصية المطلوبة‪ ،‬ففيه‪:‬‬
‫المدخل المنحرف الذي يحجب من بداخل الدار‪.‬‬
‫والفناء الذي يتوسط الدار‪ ،‬وتُطل القاعات عليه‪.‬‬
‫األجنحة المستقلة ذات المناور‪.‬‬
‫القاعات المزينة بالزخارف‪.‬‬
‫التختبوش‪.‬‬

‫المقعد‪:‬‬
‫وهو شرفة تُطل على الفناء تستقبل الرياح البحرية‬
‫‪.‬‬

‫الهواء‪:‬‬ ‫ملقف‬
‫وهو سقف مائل مرتفع موجه ليستقبل الرياح البحرية‬
‫ويدفع بها إلى الحجرات الجنوبية لتلطيف الحرارة‪.‬‬
‫ضا على النجارة التقليدية تتمثل في المشربيات واألسقف واألبواب والدواليب‪ ،‬وكذلك‬
‫كما يشتمل البيت أي ً‬
‫يضم النافورات وفنون الرخام المزخرف والبناء باألحجار وفن النحت في الحجر‪.‬‬
‫وكالعديد من اآلثار اإلسالمية التي تأثرت بزلزال أكتوبر ‪ 1992‬تأثر "بيت السحيمي" وما جاوره من آثار؛‬
‫فجاء قرار مجلس إدارة الصندوق العربي لإلنماء االقتصادي واالجتماعي في أول ديسمبر ‪ 1992‬بمنحة‬
‫قدرها ثالثة ماليين دوالر إلنقاذ هذا األثر النفيس‪ ،‬وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة* المصرية‪.‬‬
‫وقد بدأ الصندوق مشروع الترميم عام ‪ ،1994‬وشمل القرار اآلثار اآلتية‪:‬‬
‫بيت السحيمي ‪1648‬م‬
‫منزل مصطفى جعفر (‪1713‬م)‪ ،‬وهو مجاور لبيت السحيمي‪.‬‬
‫بيت الخرزاني (‪ )1881‬الذي لم يكن مسجالً كأثر؛ فكانت تشغله حوالي (‪ )30‬أسرة فقامت وزارةالثقافة‬
‫بالتعاون مع محافظة القاهرة بتدبير منازل لهم‪ ،‬وتم إخالء المنزل الذي يشترك في حوائطه مع منزل مصطفي‬
‫جعفر وبيت السحيمي‪ .‬سبيل وكتاب قيطاس( (‪1630‬م‪.‬‬
‫وفي إبريل* ‪ 2000‬تم افتتاح الدرب* األصغر كنموذج للحارة في القاهرة المعزية‪ *،‬بعد أن تم‬
‫ترميم اآلثار اإلسالمية* المذكورة‪ ،‬والتي يعد "بيت السحيمي أهمها‪ ،‬والذي كان قد اكتشف به حوالي (‬
‫‪ )14‬ألف شرخ‪ ،‬وتم ما يلى ‪-:‬‬
‫أجريت التجارب على (مونة) البناء األصلية للوصول إلى (مونة) مضاهية* للقديمة‪ ،‬تكون خاليةمن األسمنت‪.‬‬
‫ترميم ما سبق من إصالحات‪.‬‬
‫استخدام أسلوب الفك والتركيب‪ ،‬مثلما حدث في حائطين غائرين إلى مسافة كبيرة‪.‬‬
‫قام أحد أساتذة الجامعة* باختراع سائل كيماوي إلزالة األتربة المتراكمة الملبدة على نقوش السقوف‬
‫والحوائط‪.‬‬
‫تمت االستعانة بخبرات العاملين المتدربين في "معهد المشربية لتنمية فن بالدنا" في ترميم األثاث القديم‪.‬‬
‫ري شجرة الزيتون القديمة القديمة؛ فعادت إلى الحياة مرة أخرى‪.‬‬
‫وعلى مدار ست سنوات تم ّ‬
‫كما تمت االستعانة بخبير – من محافظة الشرقية – إلصالح الساقية القديمة‪.‬‬
‫وقد تزامن ترميم المباني األثرية مع إنشاء البنية األساسية للحارة؛ حيث تم مد خطوط الكهرباء والصرف‬
‫الصحي والمياه والتليفون على أحد جانبي الحارة‪.‬‬
‫ثم تم رصف الحارة باألحجار إلى جانب القيام بطالء جميع العمارات المطلة على الحارة‪ ،‬وتم إخالء وإزالة‬
‫ستة محال أقيمت كتعديات على حوائط اآلثار‪ ،‬فقامت* وزارة الثقافة بتعويض أصحاب هذه المحال‪.‬‬
‫وحاليًا‪ ،‬وبعد أن تحولت حارة "الدرب األصفر" إلى نموذج للحارة العربية ذات الطابع اإلسالمي‪ ،‬سواء في‬
‫آثارها أو توافق مبانيها الحديثة وأرضيتها‪ ،‬بل وطريقة الحياة فيها مع روعة األثر وقيمته‪ ،‬فإن هذه دعوة‬
‫مفتوحة لزيارة المكان الذي يشهد نشاطات ثقافية متعددة‪.‬‬
‫* المصادر‪:‬‬

‫جريدة األهرام القاهرية اليومية – عدد ‪ 15‬إبريل ‪ 2000‬ص ‪.13‬‬

‫جريدة األهرام القاهرية اليومية – عدد ‪ 17‬إبريل ‪ 2000‬ص ‪.13‬‬

You might also like