You are on page 1of 7

‫مدخل‪:‬‬

‫للفلسفة تاريخ طويل منذ نشأتها وإلى اآلن‪ ،‬وهو ما يفيد أن الفلسفة لم ترتبط فقط بالحضارة اليونانية‪.‬‬
‫والن الفلسفة إنتاج إنساني خالص‪ ،‬فهي ليست شرقية وال غربية‪ ،‬بل غنها رسالة من اإلنسان إلى اإلنسان‬
‫أينما حل وارتحل ‪ .‬لقد اختلفت وتنوعت قضايا الفلسفة من مرحلة إلى أخرى حسب الظروف والشروط‬
‫المحيطة باإلنسان وبالعالم ككل‪ .‬وعليه‪ ،‬لقد مرت الفلسفة منذ نشأتها إلى يومنا هذا بأربع مراحل أساسية‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ ‬ما الذي يميز كل مرحلة عن غيرها من المراحل؟‬


‫‪ ‬من هم أهم الفالسفة في كل مرحلة؟‬
‫‪ ‬ما هي أهم المواضيع والقضايا واإلشكاالت التي عالجتا كل مرحلة من مراحل تطور‬
‫الفلسفة؟‬
‫برتراند راسل‪،‬‬ ‫روين ديكارت‪،‬‬ ‫القديس أغسطني‪،‬‬ ‫طاليس‪ ،‬أنكسمنس‪،‬‬
‫كارل بوبر‪،‬‬ ‫إميانويل كانط‪،‬‬ ‫طوما األكويين‪ ،‬أنسليم‪.‬‬ ‫أنكسمندر‪ ،‬سقراط‬
‫طوماس كون‬ ‫جون لوك‬ ‫الكندي‪ ،‬الغزايل‪ ،‬الفارايب‪،‬‬ ‫أفالطون‪ ،‬أرسطو‪...‬‬
‫ديفيد هيوم‪،‬‬ ‫ابن سينا‪ ،‬ابن رشد‪...‬‬
‫ابروخ اسبينوزا‬

‫إشكالية العلم والفلسفة‪:‬‬ ‫إشكالية املنهج‪:‬‬ ‫إشكالية الفلسفة والدين‪:‬‬ ‫البحث يف الوجود‬
‫ما املنهج املالئم‬ ‫ما العالقة بني الفلسفة‬ ‫الطبيعي (الطبيعة)‬
‫للوصول إىل املعرفة وإىل ما طبيعة العالقة بني‬ ‫والدين؟‬ ‫البحث يف أصل‬
‫العلم والفلسفة؟‬ ‫احلقيقة؟‬ ‫األشياء واملوجودات‬
‫ما أهم التيارات الفلسفية‬ ‫ما الفرق بني املنهجني‬
‫خالل الفرتة املعاصرة؟‬ ‫العقالين والتجرييب؟‬
‫لقد سبق وأن ذكرنا بأن الفلسفة ظهرت خالل القرن السادس قبل امليالد ببالد اليونان‪ ،‬وقد سبق‬
‫وأن تعرفنا على بعض الفالسفة والقضية األساسية التي شغلت فكرهم ‪.‬‬

‫المدرسة الطبيعية = الحكماء الطبيعيون= المدرسة الملطية= فالسفة ملطية‪:‬‬


‫لقد ظهرت أول مدرسة فلسفية في مدينة ملطية خالل القرن السادس قبل امليالد‪ ،‬واجه فالسفتها‬

‫الفكر األسطوري الخرافي الذي تغلغل إلى العقليات الذهنية للناس‪ ،‬فسيطر على تفكيرهم‬

‫وسلوكاتهم‪ .‬لقد أرجع فالسفة املدرسة امللطية ظواهر الكون إلى عنصر واحد هو الطبيعة‪ ،‬ذلك أن‬

‫السؤال الذي أرق وقض مضجعهم هو "ما أصل األشياء؟"‬

‫طاليس‪ :‬فيلسوف يوناني عاش خالل القرن السادس قبل امليالد بملطية‪ ،‬وهو أحد الحكماء‬

‫الطبيعيين ومن الحكماء السبعة‪ ،‬أول من ناقض الفكر الخرافي وبنى فكرا جديدا يتأسس على العقل‪،‬‬

‫وذلك حينما اعتبر املاء أصال للوجود‪.‬‬

‫أنكسيمندر‪ :‬هو ثاني الحكماء الطبيعيين وهو تلميذ لطاليس‪ ،‬خالف أستاذه وقال إن أصل الوجود‬

‫هو األبيرون = الالمتناهي = الالمحدود‬

‫أنكسيمنس‪ :‬هو ثالث الحكماء الطبيعيين‪ ،‬أرجع أصل الكون إلى الهواء ‪.‬‬
‫لم يقتصر الفكر الفلسفي فقط على الحضارة اليونانية‪ ،‬بل إن إشعاعه امتد ليشمل جميع‬

‫الحضارات والشعوب‪ ،‬من بينها الثقافة اإلسالمية التي شاع فيها التفكير الفلسفي خالل مرحلة‬

‫االزدهار والتفوق خالل ما سمي بالعصر الذهبي‪.‬‬

‫لقد انتقلت الفلسفة من بالد اليونان إلى العالم العربي اإلسالمي‪ ،‬وتعرفنا عليها بفضل عملية الترجمة‬

‫التي باشرها العرب واملسلمون في بيت الحكمة الذي يعتبر أول دار أو مؤسسة علمية وثقافية أسست‬

‫في الحضارة اإلسالمية وكانت مقرا لترجمة ما ألفه اليونانيون‪.‬‬

‫يمكن التمييز في تاريخ الفلسفة اإلسالمية بين لحظتين أساسيتين‬

‫‪‬اللحظة األولى‪ :‬يمكن تسميتها بلحظة النكسة‪ ،‬أي لحظة التراجع واالنحطاط‪ ،‬ويتعلق األمر‬

‫برفض الفلسفة وعدم الحث على دراستها وتدريسها‪ ،‬مخافة من أي خروج عن الدين بسبب تعاليم‬

‫الفلسفة‪ ،‬ظنا من الناس أن الفلسفة تؤدي إلى اإللحاد والخروج عن الدين‪ ،‬ما يعني ذلك أن الفلسفة‬

‫حسب الغزالي تؤثر سلبا على عقول الشباب‪ .‬يمثل أبو حامد الغزالي لهذه اللحظة حيث هاجم في‬

‫كتابه "تهافت الفلفسفة" الفالسفة وكفرهم وأفتى بتحريم الفلسفة واالبتعاد عن دراستها‪.‬‬

‫‪‬اللحظة الثانية‪ :‬يمكن تسميتها بلحظة االحياء واالنبعاث مع ثلة من الفالسفة العرب املسلمين‬

‫أبرزهم أبو الوليد ابن رشد‪ ،‬حيث سيؤلف كتابا يحمل عنوان "تهافت التهافت" يرد فيه على‬
‫أفكار الغزالي‪ ،‬سيدافع في كتابه هذا على العقل وعلى الفلسفة وسيدعو إلى االقبال على فعل‬

‫التفلسف وضرورة تدريس وتعليم الفلسفة‪ ،‬فهي في نظره ال تخالف الدين وال تعارضه‪.‬‬

‫االشتغال على النصوص‪:‬‬

‫نص الكندي ص ‪ :22‬منار الفلسفة‬


‫تعريف الفلسفة حسب الكندي‪:‬‬
‫يرى الكندي أن الفلسفة تعني "علم األشياء بحقائقها بقدر طاقة اإلنسان"‪ ،‬أي أن الفلسفة تعني البحث‬

‫والنظر العقلي الخالص الذي يهدف إلى كشف الحقيقة والوصول إليها والعمل بكل ما هو حق‪ .‬إن الفلسفة في‬
‫هذا شأنها شأن الدين؛ َّ‬
‫ألن الدين يؤدِّي باإلنسان إلى الوقوف على حقائق األشياء‪ .‬وعليه فإن الكندي يقر بأنه‬
‫ال يوجد تعارض بين الفلسفة وبين الدين‪.‬‬

‫نص ابن رشد ص ‪ 26‬في رحاب الفلسفة‬


‫إشكال النص‪ :‬ما العالقة القائمة بين الفلسفة والدين؟ هل هي عالقة توافق أم تعارض؟ هل يدعو الشرع إلى‬
‫فعل التفلسف أم أنه يحرمه؟‬

‫أطروحة النص‪ :‬يدافع ابن رشد في هذا النص على ضرورة وأهمية الفلسفة‪ ،‬مبينا العالقة القائمة بين الفلسفة‬
‫والدين والتي هي عالقة توافق وتكامل مادام كالهما يحث على النظر في الموجودات للوصول إلى نفس‬
‫الغاية التي هي إثبات وجود الصانع‪.‬‬

‫تحليل األطروحة (أفكار النص)‪:‬‬

‫‪ ‬لقد استهل ابن رشد نصه هذا بتحديد ماهية الفلسفة وتعريفها بأنها "نظر في الموجودات من‬

‫حيث داللتها على الصانع"‪ ،‬ومعنى ذلك أن الفلسفة هي بحث وتأمل وتدبر وتفكر في‬
‫الموجودات التي تصل بنا إلى تحقيق معرفة تامة عن هللا الصانع الخالق‪...‬ويشرط ابن رشد معرفة‬

‫هللا والوصول إليه بفعل النظر والتأمل في موجودات ومخلوقات الكون‪.‬‬

‫‪ ‬يؤكد ابن رشد على أن الشرع ال يعارض وال يخالف التفكير الفلسفي بل يوجبه وينص ويحث عليه‪،‬‬

‫وذلك بين وواضح من خالل العديد من اآليات القرآنية التي تؤكد على ضرورة النظر والتأمل وإعمال‬

‫العقل في موجودات الصانع‪.‬‬

‫‪ ‬إن غاية الفلسفة والدين واحدة وهي إعمال العقل والتأمل في مخلوقات هذا الكون التي تدل على‬

‫وجود هللا (استنباط المجهول من المعلوم)‪.‬‬

‫‪ ‬يختم ابن رشد نصه هذا بالتأكيد على أن العالقة بين الفلسفة والدين هي عالقة تكامل وانسجام‪،‬‬

‫وليست عالقة تعارض وصراع‪ ،‬فهما معا أي الفلسفة والدين يدعوان إلى النظر والتأمل بالعقل في‬

‫الموجودات ‪ .‬وبشكل عام نقول إن الفلسفة حق والدين حق‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول ابن رشد قولته‬

‫الشهيرة‪ " :‬إن الحق ال يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له" وهو ما يعني أن غاية الفلسفة والدين هي‬

‫واحدة وال فرق بينهما إال من حيث المنهج المتبع‪.‬‬

‫المفاهيم‪:‬‬
‫النظر‪ :‬التأمل‪ ،‬التدبر‪ ،‬التعقل‪...‬‬
‫الندب‪/‬المندوب ‪.‬حكم شرعي يقابله المكروه‪ ،‬أي كل ما هو مستحسن ومستحب‬
‫الوجوب‪/‬الواجب ‪:‬حكم شرعي يقابه النهي‬
‫الموجودات ‪:‬مجموع ظواهر الكون‪ ،‬كل مخلوقات هذا الكون‬
‫القياس ‪:‬استدالل عقلي ننتقل فيه من مقدمتين‪ ،‬بينهما حد وسط‪ ،‬إلى نتيجة متضمنة في المقدمتين‬
‫ـ سقراط فان‬ ‫_ سقراط إنسان‬ ‫مثال‪ :‬كل إنسان فان‬
‫فإن ‪a=c‬‬ ‫وكانت ‪b=c‬‬ ‫إذا كانت ‪a=b‬‬
‫التركيب‬

‫‪ ‬الدين يدعو إلى النظر والتأمل في الكون‪،‬‬ ‫‪ ‬الفلسفة نظر وتأمل في املوجودات‪ ،‬وهذا‬
‫في املوجودات‪ ،‬في املخلوقات‪.‬‬ ‫هو شرط الوصول إلى معرفة الحق‬
‫ومعرفة هللا‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على الوحي باعتباره أساس املعرفة‬ ‫‪ ‬االعتماد على العقل كمصدر أفساس ي‬
‫للمعرفة‬
‫حسب ابن رشد هنالك اختالف بين الفلسفة والدين من حيث المنهج‪ ،‬لكن ال اختالف وال‬
‫تعارض بينهما من حيث الغاية التي هي الوصول إلى معرفة الحق‪.‬‬
‫بشكل عام إن الحقيقة التي يتوصل إليها اإلنسان بإعمال النظر العقلي والتفكير الفلسفي ال‬
‫تخالف الحقيقة الدينية‪ ،‬وبالتالي فالفلسفة ال تخالف ما ورد وما جاء في الدين‬

You might also like