You are on page 1of 24

‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫المقدمة‬

‫الحمد ﵀ رب العالمين حمداً كثي اًر طيباً مباركاً ‪ ،‬والصالة والسالم عمى أشرف‬
‫أدى األمانة ونصح ليذه األمة حتى قيام الساعة‬ ‫المرسمين سيدنا محمد بمغ الرسالة و َّ‬
‫وعمى آلو وصحبو أجمعين ‪ ،‬ومن اىتدى بيديو إلى يوم الدين ‪ ...‬أما بعد ‪:‬‬

‫ان كتاب ا﵀ تعالى فيو الدواء لمن أراد الشفاء‪ ،‬والعموم لمن رام المعرفة‪ .‬من حفظ‬
‫وتدبر معانيو‪ ،‬وعمل بما فيو كان في الدنيا من عممائيا‪ ،‬وفي‬
‫حروفَوُ‪ ،‬والتزم حدوده‪ّ ،‬‬
‫اآلخرة من سعدائيآ‬
‫ٍ‬
‫عظيمة في معانييا؛ فييا‬ ‫حديث عن سورة من سورة العظيمة‪ ،‬قميمة في حروفيا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وىذا‬
‫العبرة والعظة‪ ،‬والترغيب والترىيب‪ ،‬والتذكير بيوم الوعيد ‪.‬‬

‫ت بو‪ ،‬فيي السورة الجامعة التي جمعت أسباب‬ ‫صْ‬‫اختَ َّ‬ ‫َّ‬
‫فإن ليذه السورة العظيمة فضالً ْ‬
‫ت عميو‪ ،‬والشر فحذرت منو‪ ،‬فمن أخذ بيا فقد أخذ باإلسالم كمو‪َّ ،‬‬
‫إن ىذه‬ ‫الخير فحثَّ ْ‬
‫ت آيتين جمعتا عمل الثقمين من خير وشرٓ‬ ‫السورة ُوصفت بأنيا الجامعة؛ ألنيا َح َو ْ‬
‫َّإنيا تَتَ َح َّد ُ‬
‫ث عن يوم القيامة وما َي ْج ِري فيو من أىوال وعظائم‪ ،‬تبدأ ىذه األىوال بزلزلة‬
‫األرض؛ أي‪ :‬اىتزازىا واضط اربِيا‪ .‬والزالزل‪ :‬ىي ُّ‬
‫أشد ما يشيد العالم من حركة‪ ،‬وقد‬
‫قصورا‪ ،‬وأىمكت‬ ‫جسورا‪ ،‬وحطمت‬ ‫ت زالز ُل حدثت في َّ‬
‫أقل من ربع ثانية فأطاحت‬ ‫شوِى َد ْ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مدنا كاممةٓ‬
‫كثيرا‪ ،‬ودمرت ً‬
‫بشر ً‬ ‫ًا‬
‫َّ‬
‫إن ىذه السورة الشاممة الجامعة ترشد المسمم إلى الخير‪ ،‬وتحذره من الشر ميما كان‬
‫فأي دين‬
‫كثيرا‪ ،‬حتى الذرة ليا وزنيا عند رب العالمين‪ُّ ،‬‬
‫ال‪ ،‬فالقميل مع القميل يصبح ً‬ ‫قمي ً‬
‫عمّم أتباعو ىذه المعاني العظيمة‪ ،‬ورّباىم عمى ىذه الدقة المتناىية‪ ،‬وفي المقابل يجب‬
‫عمى المسمم أال َي ْحتَِق َر قميل الشرٓ‬

‫‪1‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫شيئا يذكر عند زلزال اآلخرة الذي وصف بالعظمة داللة‬ ‫ال الدنيا ليس ً‬ ‫فإن ِزلز َ‬
‫ومع ىذا َّ‬
‫عبر عن ذلك‬ ‫يم ﴾ [البقرة‪ّ .]ٔ :‬‬ ‫ِ‬ ‫عمى قوتو وشدة دماره ‪ ﴿:‬إِ َّن َزْل َزلَةَ الس ِ‬
‫َّاعة َش ْي ٌء َعظ ٌ‬
‫َ‬
‫إيذانا بأن العقول قاصرة عن إدراك ُكْن ِي َيا‪ ،‬والعبارة ال تحيط بيا إال عمى‬ ‫بالشيء العظيم ً‬
‫وجو اإلبيام ‪.‬‬

‫ومن تمك االىمية البالغة كان موضوع بحثي (سورة الزلزلة – دراسة تحميمية) وقد‬
‫قسمتو الى مقدمة ومبحثين وخاتمة وىي عمى النحو االتي‪:‬‬

‫ذكرت في المقدمة اىمية الموضوع وسبب اختياره ٓ‬

‫اما المبحث االول ‪ :‬فكان بعنوان ‪ :‬التعريف بسورة الزلزلة ٓ‬

‫والمبحث الثاني ‪ :‬الدراسة التحميمية لسورة الزلزلة ٓ‬

‫وأما الخاتمة فقد تضمنت خالصة البحث ‪ ،‬وما تم التوصل إليو من نتائج مفيدة ‪.‬‬

‫وا﵀ أسأل أن يكون ىذا البحث خالصًا لوجيو الكريم ‪ ،‬وأن ينفع بو الناس أجمعين ‪،‬‬
‫وا﵀ ولي التوفيقٓ‬

‫وصمي الميم عمى سيدنا محمد وعمى الو وصحبو وسممٓ‬

‫‪2‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المبحث األول‬

‫التعريف بسورة الزلزلة‬

‫المطمب األول‬

‫اسم سورة الزلزلة ومكانتها‬

‫سورة الزلزلة ويقال اذا زلزلت وىي مكية في قول ابن عباس و مجاىد وعطاء ومدنية‬
‫في قول قتادة ومقاتل و استدل لو في االتقان بما اخرجو ابن ابي حاتم عن ابي سعيد‬
‫الخدري (رضي ا﵀ عنو ) قال لما نزلت‬

‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬


‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا يَ َرهُ‬ ‫((فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫(‪ )))8‬الزلزلة (‪)ٛ-ٚ‬‬

‫قمت يا رسول ا﵀ اني لراء عممي ؟ قال << نعم >> قمت ‪ :‬تمك الكبار الكبار ؟ قال‬
‫<< نعم >> قمت ‪ :‬الصغار الصغار ؟ قال << نعم >> قمت ‪ :‬و اتكل امي ؟ قال ‪:‬‬
‫ابشر يا أبا سعيد فان الحسنة بعشر امثاليا ‪)ٔ( .‬‬

‫بإخراج االثقال وبحديث االخبار وما في االخرة بان االيمان بالبعث الذي قررتو ىذه‬
‫السورة ربع االيمان في الحديث الذي رواه الترمذي ( ال يؤمن احدكم حتى يؤمن بأربع ‪:‬‬
‫يشيد ان ال الو اال ا﵀ واني رسول ا﵀ بعثني بالحق ‪ ،‬ويؤمن بالموت ‪ ،‬ويؤمن بالبعث‬
‫‪ ،‬ويؤمن بالقدر ) (ٕ)‬

‫ٔ‪ -‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم –السبع المثاني شياب الدين محمود بن عبد ا﵀‬
‫الحسيني اآللوسي (ت ‪ ، ) ٕٔٚ‬تحقيق ‪ .‬عمي عبد الباري عطية – دار الكتب العممية – بيروت ‪،‬‬
‫ط (٘ٔٗٔ)‬
‫ٕ‪ -‬الجامع الكبير‪ ،‬محمد بن عيسى بن موسى بن الضحاك ‪ ،‬الترمذي ‪ ،‬أبوعيسى ( ت ‪:‬‬
‫‪ ٕٜٚ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق بشار عواد معروف – دار الغرب اإلسالمية – بيروت – ط ‪ ٜٜٔٛ‬م (ٖٖٓ)‬
‫باب (القدر) برقم (ٓٔ)‬
‫‪3‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫سورة الزلزلة مدنية واياتيا ثماني ايات وتسمى سورة الزلزلة لوجود لفظ الزلزال فييا وىو‬
‫قولو – اذا زلزلت األرض زلزاليا – واشتيرت بسورة الزلزلة ‪ .‬ورد انيا تعدل ربع القرآن‬
‫او نصف (ٔ)‬

‫) الموتى الذين في جوفيا ‪ ،‬جمع ثقل و ىو‬ ‫( ُزلْ ِزلَ ِ‬


‫ت ) حركت تحريكا عنيفا (أَثْ َقالَ َها‬
‫(وتَ ْح ِم ُل أَثْقَالَ ُك ْم) ( النحل ‪ ) ٚ:‬قال االخفش ( اذا كان الميت‬
‫َ‬ ‫الشيء الثقيل ومنه‬
‫في بطن األرض فيو ثقل ليا ‪ ،‬وان كان فوقيا فيو ثقل عمييا ) ‪ ( .‬يصدر ) ينصرف‬
‫و يخرج ‪ ،‬و الصدور ضد الورود فالوارد االتي و الصادر المنصرف ‪ ( .‬اشتاتا )‬
‫متفرقين ‪)ٕ( .‬‬

‫ض ِزْل َزا َل َها) أي اذا حركت الرض تحريكا عنيفا واضطربت‬ ‫التفسير ‪( :‬إِ َذا ُزْل ِزلَ ِت ْاأل َْر ُ‬
‫اضطرابا شديدا واىتزت بمن عمييا اىت از از يقطع القموب ويفزع االلباب كقولو تعالى‪َ ( :‬يا‬
‫يم ) ( الحج ‪. ) ٔ :‬‬ ‫ِ‬ ‫اع ِة َ‬ ‫اس اتَّقُوا َرَّب ُك ْم إِ َّن َزْل َزلَ َة َّ‬ ‫ُّها َّ‬
‫ش ْي ٌء َعظ ٌ‬ ‫الس َ‬ ‫الن ُ‬ ‫أَي َ‬
‫قال المفسرون انما أضاف الزلزلة الييا (زلزاليا ) تيويال كانو يقول ‪ :‬الزلزلة التي تميق‬
‫بيا عمى عظيم جرميا وذلك عند قيام الساعة تتزلزل تتحرك تحريكا (ٖ)‬

‫سورة الزلزلة مدنية وقيل انيا مكية اياتيا ثمان ايات وفييا اثبت ا﵀ ان الخير ميما كان‬
‫سيجازى عميو صاحبو وان الشر ميما كان سيجازى عميو صاحبو كل ذلك يوم القيامة‬
‫‪ ،‬والمعنى حينما يريد ا﵀ انقضاء الدنيا وقيام الساعة يأمر األرض فتتزلزل وتيتز‬

‫ٔ‪ -‬ايسر التفاسير لكالم العمي الكبير ‪ ،‬جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري‬
‫– مكتبة العموم و الحكم ‪ ،‬المدينة المنورة المممكة العربية السعودية – ط ٘ (ٕٗٗٔىـ ‪ ٕٖٓٓ -‬م‬
‫)‬

‫ٕ‪ -‬صفوة التفاسير ‪ ،‬محمد عمي الصابوني – دار الصابوني لمطباعة والنشر والتوزيع – القاىرة ‪،‬‬
‫ط ٔ (‪ ٔٗٔٚ‬ىـ ‪ٜٜٔٚ -‬م ) ٖ‪ٖ٘ٙ/‬‬

‫ٖ‪ -‬المصدر نفسو‬

‫‪4‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫اىت از از عنيفا لم يكن مألوفا ويخرج دفائنيا واثقاليا من نار وماء و معادن وما بقي من‬
‫جثث (ٔ)‬

‫سميت سورة الزلزلة الفتتاحيا باالخبار عن حدوث الزلزال العنيف قبيل يوم القيامة وىي‬
‫سورة مدنية وقال ابن كثير ‪ :‬ىي مكية فقال ‪ :‬اذا زلزلت األرض زلزاليا أي يكون يوم‬
‫زلزلت األرض ثم انو تعالى أراد ان يزيد في وعيد الكافر فقال اجازيو حينما تزلزل‬
‫( آل عمران ‪:‬‬ ‫)‬ ‫قولو (يَ ْوَم تَ ْب يَض ُو ُجوهٌ َوتَ ْس َود ُو ُجوهٌ‬ ‫األرض فمثل‬
‫ٖ‪ )ٔٓٙ/‬ثم ذكر ما لمطائفتين فقال ‪ :‬فاما الذين اسودت وجوىيم واما الذين ابيضت‬
‫وجوىيم ثم جمع بينيما ىنا في اخر السورة بذكر الذرة من الخير و الشر (ٕ)‬

‫وردت عقب سورة البينة ليبين بيا حصول جزاء الفريقين ومأل الصنفين المذكورين في‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(إِ َّن الَّ ِذين َك َفروا ِمن أَ ْى ِل ال ِ‬
‫اب ) الى ( َشر الْبَ ِريَّة) وقولو تعالى (إِ َّن الذ َ‬
‫ين‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫خ ْي ُر الْبَ ِريَِّة) الى خاتمة السورة ولما كان‬ ‫الصالِح ِ‬
‫ات أُولَئِ َ‬
‫ك ُى ْم َ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا َو َعملُوا َّ َ‬ ‫َ‬
‫حاصل ذلك افتراقيم عمى صنفين ولم يقع تعريف بتباين احواليم اعقب ذلك بمأل‬
‫َّاس‬ ‫الصنفين واستيفاء جزاء الفريقين المجمل ذكرىم فقال تعالى ‪( :‬يَ ْوَمئِ ٍذ يَ ْ‬
‫ص ُد ُر الن ُ‬
‫أَ ْشتَاتًا لِيُ َرْوا أَ ْ‬
‫ع َمالَ ُه ْم) ‪)ٖ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬صفوة التفاسير ‪ ،‬محمد عمي الصابوني – دار الصابوني لمطباعة والنشر والتوزيع – القاىرة ‪،‬‬
‫ط ٔ (‪ ٔٗٔٚ‬ىـ ‪ٜٜٔٚ -‬م ) ٖ‪ٖ٘ٙ/‬‬

‫ٕ‪ -‬التفسير الواضح ‪ ،‬الحجازي ‪ ،‬محمد محمود (د‪ ،‬ت ) دار الجيل الجديد – بيروت ‪ ،‬ط ٓٔ‬
‫(ٖٔٗٔ ىـ )( ٖ‪ٜٕٛ /‬‬

‫التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنيج ‪ ،‬وىبة بن مصطفى الزحيمي – دار الفكر المعاصر –‬
‫دمشق ‪ ،‬طٕ (‪ٖ٘/ٖٓ )ٔٗٔٛ‬‬

‫ٖ‪ -‬البرىان في تناسب سور القرآن ‪ ،‬احمد بن إبراىيم بن الزبير الثقفي الغرناطي ‪ ،‬أبو جعفر (ت‬
‫‪ ٚٓٛ‬ىـ) –تحقيق محمد شعباني – و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية – المغرب (ٓٔٗٔ ىـ ‪-‬‬
‫ٓ‪ ٜٜٔ‬م ) ‪ٖٚٗ/ٔ ،‬‬
‫‪5‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫لما ختم تمك بجزاء الصالح والطالح في دار البقاء عمى ما اسمفوه في مواطن الفناء ‪،‬‬
‫ذكر في ىذه اول مبادئ تمك الدار و أوائل غاياتيا ‪ ،‬و ذكر في القارعة ثواني مبادئيا‬
‫و اخر غاياتيا وابمغ في التحذير باالخبار باظيار ما يكون عميو الجزاء فقال معب ار‬
‫باداة التحقيق الن االمر حتم البد من كونو (اذا ) ‪ .‬ولما كان المخوف الزلزلة ولو لم‬
‫يعمم فاعميا وكان البناء لممفعول بدل عمى سيولة الفعل ويسره جدا ‪ ،‬بنى لممفعول قولو‬
‫ض) أي حركت و اضطربت زلزلة البعث بعد النفخة الثانية بحيث‬
‫ْاْل َْر ُ‬ ‫( ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت‬ ‫‪:‬‬
‫يعميا ذلك ‪)ٔ( .‬‬

‫ختمت سورة البينة قبل ىذه السورة بما يمقى الكافرون من عذاب خالدين في النار و بما‬
‫يمقى المؤمنون من نعيم خالدين فيو خمود مؤبدا في الجنة وجائت سورة الزلزلة محدثة‬
‫بيذا اليوم يجزى فيو كل من الكافر و المؤمن ىذا الجزاء الذي يستحقو كل فريق منيم‬
‫فكان عرض ىذا اليوم ‪ ،‬و اخراج الناس فيو لمحساب من قبورىم كان عرض األرض‬
‫ىذا اليوم منظو ار اليو من خالل صورتي النار و الجنة المتين تحدث عنيما السورة‬
‫السابقة كان ابعث المرىبة منو والخشية من لقائو ‪)ٕ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬نظم الدرر في تناسب ا آليات والسور ‪ ،‬إبراىيم بن عمر بن حسن الرباط بن عمي بن ابي بكر‬
‫( ت ٘‪ ٛٛ‬ىـ ) – دار الكتاب اإلسالمي – القاىرة ٕٕ‪ٕٕٓ/‬‬ ‫البقاعي‬

‫ٕ‪ -‬التفسير القرآني لمقرآن ‪ ،‬عبد الكريم يونس الخطيب (ت ٓ‪ ٖٜٔ‬ىـ ) دار الفكر العربي –‬
‫‪ٜٔٙٗ /ٔٙ‬‬ ‫القاىرة‬

‫‪6‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫أسباب النزول والمكي والمدني فيها‬

‫ِزل َ‬
‫ْزالَ َها) وأبو بكر الصديق‬ ‫ض‬ ‫عن عبد ا﵀ بن عمر قال ‪ :‬نزلت (إِ َذا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬
‫(رضي ا﵀ عنو ) قاعد فبكى أبو بكر فقال لو الرسول ( صمى ا﵀ عميو وسمم ) ما‬
‫يبكيك يا ابى بكر ؟ قال ‪ :‬ابكاني ىذه السورة ‪ ،‬فقال رسول ا﵀ (صمى ا﵀ عميو وسمم )‬
‫‪ ( :‬لوال انكم تذنبون لخمق ا﵀ خمقا يذنبون فيغفر ليم) ‪)ٔ( .‬‬

‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬


‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا‬ ‫قولو تعالى (فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫يَ َرهُ (‪ ، ) )8‬قال مقاتل ‪ :‬نزلت في رجمين كان احدىما ياتيو السائل فيستقل ان يعطيو‬
‫الثمرة والكسرة والجوزة ويقول ما ىذا بشيء وانما نؤجر عمى ما نعطي ونحن نحبو وكان‬
‫االخر من ىذا شيء ‪ ،‬وانما اوعد ا﵀ النار عمى الكبائر فانزل ا﵀ عز وجل – يرغبيم‬
‫في القميل من الخير فانو يوشك ان يكثر خيرىم ويحذرىم من اليسير من الذنب فانو‬
‫يَ َرهُ ) الى اخرىا ‪)ٕ( .‬‬ ‫يوشك ان يكثر (فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخ ْي ًرا‬
‫حبِّ ِو) (االنسان ‪، ) ٛ:‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وعن سعيد بن جبير قال ‪ :‬لما نزلت ( َويُطْع ُمو َن الطَّ َع َ‬
‫ام َعلَى‬
‫كان المسممون يرون انيم ال يالمون عمى الذنب اليسير ‪ :‬الكذبة ‪ ،‬والنظرة ‪ ،‬و الغيبة ‪،‬‬

‫ٔ‪ -‬الجامع الكبير – سنن ال ترمذي ‪ ،‬محمد بن عيسى بن سؤرة بن موسى بن الضحاك الترمذي‬
‫أبو عيسى (ت ‪ ٕٜٚ‬ىـ ) ‪ ،‬بشار عواد معروف ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي – بيروت (‪ ٜٜٔٛ‬م )‬
‫٘‪ٖٜٗ/‬‬

‫ٕ‪ -‬أسباب نزول القرآن ‪ ،‬أبو الحسن عمي بن احمد بن محمد بن عمي الواحدي ‪ ،‬النيسابوري ‪،‬‬
‫الشافعي ‪( ،‬ت ‪ ٗٙٛ‬ىـ ) تحقيق عصام بن عبدالمحسن الحمداني ‪ ،‬دار اإلصالح – الدمام ‪ ،‬طٕ‬
‫(ٕٔٗٔ ىـ ‪ٜٜٕٔ -‬م ) ٔ‪ٕٗٙ/‬‬

‫‪7‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫واشباه ذلك ‪ ،‬و يقولون انما وعد ا﵀ النار عمى الكبائر فانزل ا﵀ تعالى ‪( :‬فَ َم ْن يَ ْع َم ْل‬
‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال َذ َّرةٍ َ‬
‫ش ًّرا يَ َرهُ (‪)ٔ( . ))8‬‬ ‫ِمثْ َق َ‬
‫وذكر ان سبب نزوليا ان الكفار كانوا كثي ار ما يسألون عن يوم الحساب ومتى ىو‬
‫فيقولون ايان يوم القيامة ويقولون متى ىذا الوعد وما اشبو ذلك فذكر ليم الخالق في‬
‫ىذه السورة عالمات ذلك اليوم فقط ليعمموا انو ال سبيل الى تعيين ذلك اليوم الذي‬
‫يعرض الناس فيو عمى ربيم ليجازى كال بعممو ويعاقب المذنبين و يثيب المحسنين وانو‬
‫تعالى سيجازي عمى اصغراالعمال وان خي ار فخير ان ش ار فشر (ٕ)‬

‫ٔ‪ -‬لباب النقول في أسباب النزول ‪ ،‬عبد الرحمن بن ابي بكر ‪ ،‬جالل الدين السيوطي (ت ٔٔ‪ٜ‬‬
‫ىـ ) ‪ ،‬تحقيق أ ‪ .‬احمد عبدالشافي ‪ ،‬دار الكتب العممي – بيروت – لبنان ٔ‪ٕٔ٘/‬‬

‫ٕ‪ -‬تفسير حدائق الروح والريحان في روابي عموم القرآن ‪ ،‬الشيخ العالمة محمد األمين بن عبدا﵀‬
‫االرمي العموي اليرري الشافعي ‪ ،‬اشراف و مراجعة د‪ .‬ىاشم محمد عمي بن حسين ميدي ‪ ،‬دار‬
‫طوق النجاة – بيروت – لبنان طٔ (ٕٔٗٔ ىـ ‪ ٕٓٓٔ -‬م ) ٕٖ ‪ٕٖٔ /‬‬

‫‪8‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المطمب الثالث‬

‫اهداف السورة‬

‫اثبات البعث وذكر اشراطة وما يعتري الناس عند حدوثيا من الفزع وحضور الناس‬
‫لمحشر وجزائيم عمى أعماليم من خير او شر وىو تحريض عمى فعل الخير واجتناب‬
‫الشر‪)ٔ( .‬‬

‫وقال صاحب الظالل عن ىذه السورة انيا ىزة عنيفة لمقموب الغافمة ىزة يشترك فييا‬
‫الموضوع و المشيد و اإليقاع المفظي وصيحة قوية مزلزلة لألرض ومن عمييا ‪ ،‬فما‬
‫يكادون يفيقون حتى يواجييم الحساب و الوزن و الجزاء في بعض فقرات قصار ‪)ٕ( .‬‬

‫والسورة الكريمة من اىم مقاصدىا اثبات ان يوم القيامة حق وبيان ما اشتمل عميو من‬
‫اىوال وتاكيد ان كل انسان سيجازى عمى حسب عممو في الدنيا ‪)ٖ( .‬‬

‫أسموب ىذه السورة المدنية و موضوعيا يشبو أسموب وموضوع السورة المكية الخبارىا‬
‫عن اىوال يوم القيامة وشدائدىا ‪ ،‬ببيان حدوث الزلزال واالضطراب الشديد الرض يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬فينيار كل ما عمييا ‪ ،‬و يخرج الناس الموتى من بطنيا من قبورىم وتشيد‬
‫حينئذ عمى كل انسان بما عمل عمى ظيرىا (اذا زلزلت األرض زلزاليا ) (اآليات ‪-ٔ :‬‬

‫ٔ‪ -‬التحرير والتنوير ‪ ،‬ت حرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد ‪،‬‬
‫محمد الطاىر بن محمد بن محمد الطاىر بن عاشور التونسي (ت ٖ‪ ٖٜٔ‬ىـ ) – الدار التونسية‬
‫لمنشر – تونس (ٗ‪ ٜٔٛ‬م ) ٖٓ‪ٜٗٓ/‬‬

‫ٕ‪ -‬األساس في التفسير ‪ ،‬سعيد حوى (ت ‪ ٜٔٗٓ‬ىـ) – دار السالم – القاىرة ط ‪ ٕٔٗٗ( ٙ‬ىـ)‬
‫ٔٔ‪ ٖٕٙٙ/‬و ظالل القرآن ‪ ،‬سيد قطب ‪ ،‬تحقيق عمي بن نايف الشحود – دار الشروق لمنشر‬
‫(الطبعة الوحيدة) ‪ ،‬طٖٔ ‪ٜٗ/ٗ ،‬‬

‫ٖ‪ -‬التفسير الوسيط لمقرآن الكريم ‪ ،‬محمد سيد طنطاوي – دار نيضة مصر لمطباعة والنشر و‬
‫التوزيع – الفجالة – القاىرة ‪،‬ط ٔ ‪ٗٚ٘/ٔ٘ ،‬‬

‫‪9‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫٘ ) ‪ ،‬الحديث عن ذىاب الخالئق لموقف العرض و الحساب ثم مجازاتيم عمى‬


‫أعماليم ‪ ،‬و قسمتيم عمى فريقين ‪ :‬سعيد الى الجنة و شقي الى النار ( يوم يصدر‬
‫الناس اشتاتا ) ‪)ٔ( .‬‬

‫ومن أىدافيا قرع القموب الغافمة لميقين بالحساب و الحصاء الدقيق ‪)ٕ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنيج ‪ ،‬وىبة بن مصطفى الزحيمي – دار الفكر‬
‫المعاصر – دمشق ‪ ،‬ط ٕ (‪ ٔٗٔٛ‬ىـ) ‪ٖ٘ٙ/ٖٓ ،‬‬

‫ٕ‪ -‬المختصر في تفسير القرآن الكريم ‪ ،‬جماعة من عمماء التفسير – مركز تفسير الدراسات‬
‫القرآنية ‪ ،‬ط ٖ (‪ ٖٔٗٙ‬ىـ) ٔ‪ٜٜ٘/‬‬

‫‪11‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫الدراسة التحميمية لسورة الزلزلة‬

‫المطمب األول ‪:‬اعراب السورة‬

‫اذا في موضع نصب ظرف زمان ‪ .‬والعامل فييا زلزلت زلزاليا مصدر كما قال ‪:‬‬
‫اكرمتك اكراما والمعنى كرامة و وكذا المعنى زلزلت زلزاليا وحسنت اإلضافة لتتفق‬
‫ض أَثْ َقالَ َها) جمع ثقل و الثقل في االذن ‪َ ( .‬وقَ َ‬
‫ال‬ ‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫اآليات ‪ (.‬وأَ ْخرج ِ‬
‫َ ََ‬
‫سا ُن َما لَ َها) ما في موضع رفع باالبتداء وىو اسم تام ‪( .‬يَ ْوَمئِ ٍذ تُ َحد ُ‬
‫ِّث‬ ‫ِْ‬
‫اْلنْ َ‬
‫ارَىا ) قال أبو جعفر ‪ :‬الن معنى تحدث وتخبر واحد و دل ىذا عمى ان معنى‬ ‫أَ ْخبَ َ‬
‫ك أ َْو َحى لَ َها) ويقال وحي لو واليو فييما ‪( .‬يَ ْوَمئِ ٍذ‬ ‫حدثنا واخبرنا واحد ‪( .‬بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬
‫شتَاتًا لِيُ َرْوا أَ ْع َمالَ ُه ْم) يومئذ يصدر الناس اشتاتا نصب عمى الحال‬ ‫َّاس أَ ْ‬
‫ص ُد ُر الن ُ‬
‫يَ ْ‬
‫‪)ٔ( .‬‬

‫ِزل َ‬
‫ْزالَ َها) العامل في (اذا) جوابيا وىو قولو تعالى‬ ‫ض‬ ‫(إِ َذا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫قال تعالى‬

‫ِّث ) او (يصدر) ‪ .‬و (يومئذ) بدل من (اذا) ‪ .‬وقل ‪ :‬التقدير ‪ :‬اذكر اذا زلزلت ‪،‬‬
‫(تُ َحد ُ‬
‫فعمى ىذا يجوز ان يكون (تحدث) عامال في يومئذ ‪ ،‬وان يكون بدال والزلزال بالكسر ‪:‬‬

‫ك أ َْو َحى لَ َها (‪ )5‬يَ ْوَمئِ ٍذ يَ ْ‬


‫ص ُد ُر‬ ‫تعالى (بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬ ‫المصدر ‪ ،‬وبالفتح االسم ‪ .‬قال‬

‫ٔ‪ -‬اعراب القرآن ‪ ،‬أبو جعفر النحاس ‪ ،‬احمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي النحوي ‪،‬‬
‫(ت ‪ ٖٖٛ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق محمد عمي بيضون – دار الكتب العممية – بيروت ‪ ،‬ط ٔ (ٕٔٗٔ ىـ ) ‪،‬‬
‫٘‪ٔٚٔ/‬‬

‫‪11‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫أَ ْع َمالَ ُه ْم) قولو تعالى (بان ربك) الباء تتعمق ب (تحدث)‬ ‫َّاس أَ ْشتَاتًا لِيُ َرْوا‬
‫الن ُ‬
‫األرض بما أوحى الييا ‪ .‬وقبل ‪ :‬زائدة ‪)ٔ( .‬‬

‫و (ان ) بدل من اخبارىا ز (ليا) بمعنى الييا و قيل ‪ :‬أوحى يتعدى بالالم تارة وبعمى‬
‫أخرى ‪ ( .‬ويومئذ ) الثاني ‪ :‬بدل او عمى تقدير اذكر او ظرف ‪( .‬يصدر) و يق أر‬
‫بتسمية الفاعل وبترك التسمية وىو من رؤية العين ‪ ،‬أي ليروا جزاء أعماليم ‪ .‬قال‬
‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا‬ ‫(فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬ ‫تعالى‬

‫يَ َرهُ)‬

‫قولو تعالى ‪( :‬خي ار ) ‪ ،‬و (شرا) ‪ :‬بدالن من (مثقال ذرة ) ويجوز ان يكون تمي از وا﵀‬
‫اعمم ‪)ٕ( .‬‬
‫ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت) اذا ظرفية شرطية غير جازمة وماضي‬ ‫ض ِزل َْزالَ َها) (إِذَا‬ ‫(إِذَا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬
‫) مفعول مطمق و الجممة في محل‬ ‫ض) نائب فاعل ‪ِ ( ،‬زل َْزالَ َها‬
‫مبني لممجيول ‪ْ ( ،‬اْل َْر ُ‬
‫جر باإلضافة ‪.‬‬

‫أَثْ َقالَ َها) ماض و فاعمو ومفعولو والجممة معطوفة عمى ما قبميا‬ ‫ض‬ ‫(وأَ ْخرج ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫َ ََ‬
‫‪( .‬وقال االنسان ) ماضي و فاعمو والجممة معطوفة عمى ما قبميا ‪( ،‬ما ) اسم استفيام‬
‫مبتدا ‪( ،‬ليا) متعمقان بمحذوف خبر المبتدا والجممة االسمية ‪ ( ،‬يومئذ) ظرف مضاف‬
‫الى مثمو وىو بدل من اذا ‪( ،‬تحدث ) مضارع فاعل مستتر ‪( ،‬اخبارىا ) مفعول بو‬
‫( بأن‬ ‫والجممة جواب اذا ال محل ليا من االعراب ‪( .‬بأن ربك أوحى ليا )‬
‫ربك) الباء حرف جر و أن واسميا (أوحى ) ماضي فاعمو مستتر ‪( ،‬ليا) متعمقان‬

‫ٔ‪ -‬التباين في اعراب القرآن و أبو البقاء عبد ا﵀ بن الحسين بن عبدا﵀ العكبري (ت ‪ ٙٔٙ‬ىـ )‬
‫تحقيق عمي محمد البجاري ‪ ،‬عيسى البابي الحمبي – ٕ ‪ٕٜٜٔ/‬‬

‫ٕ‪ -‬التباين في اعراب القرآن‪ٕٜٜٔ/ ٕ ،‬‬

‫‪12‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫بالفعل والجممة خبر ان والمصدر المؤول من ان وما بعدىا في محل جر بالباء والجار‬
‫والمجرور متعمقان بتحدث ‪)ٔ( .‬‬

‫أَ ْع َمالَ ُه ْم) (يومئذ) ظرف مضاف الى مثمو وىو‬ ‫َّاس أَ ْشتَاتًا لِيُ َرْوا‬
‫ن‬
‫ُ ُ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫(ي ومئِ ٍ‬
‫ذ‬ ‫َْ َ‬
‫( يصدر الناس ) مضاف وفاعمو ( اشتاتا ) حال ‪( ،‬ليروا )‬ ‫بدل من سابقو ‪،‬‬
‫مبني لممجيول منصوب بأن مضمرة بعد الم التعميل و الواو نائب فاعل ‪( ،‬أعماليم)‬
‫مفعول بو والمصدر المؤول من أن وما بعدىا في محل جر بالالم والجار والمجرور‬
‫متعمقان بالفعل يصدر ‪( ،‬فمن ) الفاء حرف استئناف (من) اسم شرط جازم مبتدأ ‪،‬‬
‫(يعمل ) مضارع مجزوم النو فعل الشرط و الفاعل مستتر ‪ ( ،‬مثقال ذرة ) مفعول بو‬
‫مضاف الى ذرة (خيرا) تمييز ‪( ،‬يره) مضارع مجزوم النو جواب الشرط ال محل ليا‬
‫وجممتا لمشرط والجواب خبر مبتدا وجممة من مستأنفة ال محل ليا ‪( .‬ومن يعمل مثقال‬
‫ذرة ش ار يره ) معطوف عمى ما قبميا من االعراب واضح ‪)ٕ( .‬‬

‫والزلزال ىاىنا ‪ :‬المصدر ‪ ،‬والزلزال االسم مثل القعقاع و القعقاع وىو صوت ‪ ،‬والقمقال‬
‫فيذا النوع المكسور منو ‪ :‬مصدر ‪ ،‬والمفتوح منو ‪:‬اسم فاذا جئت الى تفعال و تفعال ‪،‬‬
‫فالمكسور منو االسم ‪ ،‬اال حرفين وىما تبيان وتمقاء والمفتوح منو المصدر فيذا متمئب ‪،‬‬
‫واالسم مثل تعصار و تمثال وما اشبييا و والمصدر مثل تسيار و ترحال وما اشبييا ‪.‬‬
‫(ٖ)‬

‫ٔ‪ -‬اعراب القرآن الكريم ‪ ،‬احمد عبيد الدعاس ‪ ،‬احمد محمد حميدان ‪ ،‬إسماعيل محمود القاسم –‬
‫دار المنير ودار الفارابي – دمشق ‪ ،‬ط ٔ (ٕ٘ٗٔ ىـ ) ٖ‪ٕٗٙ/‬‬

‫ٕ‪ -‬اعراب القرآن الكريم ‪ ،‬احمد عبيد الدعاس ‪ٕٗٙ/ٖ ،‬‬

‫ٖ‪ -‬ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ‪ ،‬محمد بن عبد الواحد بن ابي ىاشم أبو عمر الزاىد‬
‫المطرز الباوردي ( ت ٖ٘ٗ ىـ) حققو وقدم لو محمد بن يعقوب التركستاني – مكتبة العموم و‬
‫الحكم – السعودية – المدينة المنورة ‪ ،‬طٔ (ٖٕٗٔ ىـ ‪ ٕٕٓٓ -‬م ) ٔ‪ٜ٘ٓ/‬‬

‫‪13‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫األوجه البالغية لمسورة‬

‫زلزاليا اإلضافة لمتيويل ‪ ،‬وزلزلت بينيما جناس االشتقاق ‪ ،‬و أخرجت األرض إظيار‬
‫في مقام االضمار لزيادة التقدير والتوكيد ‪ .‬وقال االنسان ‪ :‬ماليا ؟ استفيام لمتعجب‬
‫واالستغراب او االستيجان فمن يعمل مثقال ذرة خي ار يره ومن يعمل مثقال ذرة ش ار يره‬
‫بينيما مقابمة ‪ ،‬زلزاليا ‪ ،‬اثقاليا ‪ ،‬أوحى لحا ‪ ،‬اخبارىا ‪ ،‬ماليا سجع مرصع من‬
‫المحسنات البديعة ‪ ،‬أوحى ليا تضمين ‪ ،‬ضمن ذلك معنى االذن واالمر ليا ‪)ٔ( .‬‬

‫السجع المرصع كأنو الذىب السبيك او الدر والياقوت مثل (زلزاليا ‪ ،‬اثقاليا ‪ ،‬أوحى ليا‬
‫‪ ،‬اخبارىا ‪ ،‬ما ليا) وىو من المحسنات البديعة ‪ ،‬وسمى رسول ا﵀ ىذه اآلية (فمن‬
‫يعمل مثقال ذرة ) الجامعة الفاذة حين سئل عن زكاة الحمر فقال ما انزل ا﵀ فييا شيئا‬
‫اال ىذه اآلية الفاذة الجامعة (فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخيْ ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل‬
‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا يَ َرهُ (‪)8‬‬‫ِمثْ َق َ‬
‫) ‪)ٕ( .‬‬

‫في السورة إنذار بيوم القيامة وىول وحسابو وحث عمى الخير والتحذير من الشر بصورة‬
‫عامة وقصد ىذه السورة لمتذكير باىوال يوم القيامة والحث عمى الخير واجتناب الشر ‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫والذرة ‪ :‬النممة الصغيرة حمراء رقيقة ‪ ،‬ويقال انيا اصغر ما تكون اذا امضى ليا حول ‪.‬‬

‫ٔ‪ -‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنيج ‪ ،‬وىبة بن مصطفى الزحيمي – دار الفكر‬
‫المعاصر – دمشق ‪ ،‬ط ٕ ‪ ٔٗٔٛ( ،‬ىـ ) ‪ٖ٘ٛ/ٖٓ ،‬‬

‫ٕ‪ -‬صفوة التفاسير ‪ ،‬محمد عمي الصابوني – دار الصابوني لمطباعة والنشر والتوزيع – القاىرة ‪،‬‬
‫ط ٔ (‪ ٔٗٔٚ‬ىـ ‪ٜٜٔٚ -‬م) ‪٘ٙ٘/ٖ ،‬‬

‫ٖ‪ -‬التفسير الحديث ‪ ،‬دروزة محمد عزت – دار احياء الكتب العربية – القاىرة ‪ ،‬ط ٔ (ٖ‪ ٖٔٛ‬ىـ‬
‫) ‪ٔٔٛ/ٙ ،‬‬

‫‪14‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫أَثْ َقالَ َها) جعل ما في بطنيا اثقاال ‪ ،‬وقال النقاش و الزجاج‬ ‫ض‬ ‫(وأَ ْخرج ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫َ ََ‬
‫والقاضي و منذر بن سعيد ‪ ،‬اثقاليا ‪ :‬كنوزىا و موتاىا ورد بان الكنوز انيا تخرج وقت‬

‫اْلنْ َ‬
‫سا ُن‬ ‫ال ِْ‬
‫الدجال ال يوم القيامة ‪ ،‬والزلزال يكون في الدنيا وىو اشراط الساعة ‪َ ( ،‬وقَ َ‬
‫َما لَ َها ) يعني معنى التعجب لما يرى من اليول ‪ ،‬والظاىر عموم االنسان ‪ ،‬وقيل ذلك‬
‫الكافر النو يرى ما لم يقع في ظنو قط وال صدقو ‪ ،‬والمؤمن و ان كان مؤمنا بالبعث‬
‫) بسبب ايحاء ا﵀ ليا ‪)ٔ( .‬‬ ‫ك أ َْو َحى لَ َها‬ ‫فانو استيوى المرأى ‪( .‬بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬

‫ٔ‪ -‬البحر المحيط في التفسير ‪ ،‬أبو حيان محمد بن يوسف بن عمي بن يوسف بن حيان اثير‬
‫الدين االندلسي (ت ٘ٗ‪ ٚ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق صدقي محمد جميل – دار الفكر – بيروت ‪ ،‬ط ٔ‬
‫(ٕٓٗٔ ىـ ) ‪ٕ٘٘/ٔٓ ،‬‬

‫‪15‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المطمب الثالث‬

‫المعنى العام لمسورة‬

‫أَثْ َقالَ َها) اذا كان الميت في بطنيا فيو ثقل ليا و اذا كان فوقيا‬ ‫ض‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫(وأَ ْخرج ِ‬
‫َ ََ‬
‫حى لَ َها) قال العجاج ‪( :‬أوحى ليا فاستقرت ) ‪( ،‬مثقال‬
‫ك أ َْو َ‬ ‫فيو ثقل عمييا (بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬
‫ذرة ) أي زنة ذرة ‪)ٔ( .‬‬

‫اثقاليا جمع ثقل اذا كان الميت في بطن األرض فيو ثقل ليا واذا كان فوقيا فيو ثقل‬
‫عمييا ‪ ،‬و اوحى ليا واوحى الييا واحد أي ليما وفي التفسير ( أوحى ليا ‪ :‬امرىا ) ‪.‬‬
‫(ٕ)‬

‫أَثْ َقالَ َها) أي لفظت ما فييا من ذىب او فضة‬ ‫ض‬


‫ت ْاْل َْر ُ‬ ‫و قولو عز وجل (وأَ ْخرج ِ‬
‫َ ََ‬
‫سا ُن َما لَ َها) ويعني باإلنسان ىا ىنا الكافر (يَ ْوَمئِ ٍذ تُ َحد ُ‬
‫ِّث‬ ‫ال ِْ‬
‫اْلنْ َ‬ ‫او ميت ( َوقَ َ‬
‫حى لَ َها)‬
‫ك أ َْو َ‬ ‫ارَىا) أي تخبر بما عمل عمييا من حسن او سيء (بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬ ‫أَ ْخبَ َ‬
‫يوحى ا﵀ اذنو ليا لتحدث اخبارىا ‪( ،‬ليروا أعماليم ) فيي فييا جاء بو التفسير متأخر‬
‫وىذا موضعيا اعترض بينيما ‪)ٖ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬التبيا ن في تفسير غريب القرآن ‪ ،‬احمد بن محمد بن عماد الدين بن عمي ‪ ،‬أبو العباس شياب‬
‫الدين ابن اليائم (ت ٘ٔ‪ ٛ‬ىـ ) ‪ ،‬د‪ .‬ضاحي عبد الباقي محمد – دار الغرب اإلسالمي – بيروت ‪،‬‬
‫ط ٔ (ٖٕٗٔ ىـ ) ‪ٖٗٛ/ٔ ،‬‬

‫ٕ‪ -‬معاني القرآن ‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدا﵀ بن منظور الدليمي الفراء (ت ‪ ٕٓٚ‬ىـ ) ‪،‬‬
‫احمد يوسف النجاتي ‪ ،‬محمد عمي النجار ‪ ،‬عبد الفتاح إسماعيل الشمبي – دار الكتب المصرية‬
‫لمتأليف والترجمة – مصر ‪ ،‬طٔ ‪ٕٖٛ/ٖ ،‬‬

‫ٖ‪ -‬معاني القرآن واعرابو ‪ ،‬إبراىيم بن السري بن سيل أبو إسحاق الزجاج (ت ٖٔٔىـ ) ‪ ،‬تحقيق‬
‫عبد الجميل عبده شمبي – عالم الكتب – بيروت ‪ ،‬طٔ (‪ ٔٗٓٛ‬ىـ ‪ ٜٔٛٛ -‬م) ‪ٖٕ٘/٘ ،‬‬

‫‪16‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫‪( .‬وأَ ْخرج ِ‬


‫ت‬ ‫ِزل َ‬
‫ْزالَ َها) اذا حركت حركة شديدة‬ ‫ض‬ ‫قولو عزوجل (إِ َذا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫ت ْاْل َْر ُ‬
‫َ ََ‬
‫لَ َها) ىذا قول‬ ‫ال ِْ‬
‫اْلنْ َ‬
‫سا ُن َما‬ ‫( َوقَ َ‬ ‫موتاىا ‪،‬‬ ‫ض أَثْ َقالَ َها) أخرجت كنوزىا و‬ ‫ْاْل َْر ُ‬
‫الكافر النو لم يكن يؤمن بالبعث ‪ ،‬فقال ماليا أي الي شيء زلزاليا ‪( ،‬يَ ْوَمئِ ٍذ تُ َحد ُ‬
‫ِّث‬
‫َّاس أَ ْشتَاتًا لِيُ َرْوا أَ ْ‬
‫ع َمالَ ُه ْم) أي‬ ‫ارَىا) أي تخبر بما عمييا ‪( ،‬يَ ْوَمئِ ٍذ يَ ْ‬
‫ص ُد ُر الن ُ‬ ‫أَ ْخبَ َ‬
‫يصدر متفرقين منيم من عمل صالحا ومنيم من عمل ش ار ‪ ،‬فمن يعمل مثقال ذرة خي ار‬
‫عز وجل قد احصى اعمال العباد من خير وكل يرى عممو‬ ‫يره ) تأويمو ان ا﵀‬
‫فمن احب ا﵀ ان يغفر لو غفر لو ومن احب ان يجازيو جازاه ‪ ،‬وقيل مثقال ذرة خير‬
‫يره في الدنيا وكذلك شر يره في الدنيا وا﵀ اعمم ‪)ٔ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬معاني القرآن واعرابو ‪ٖٕ٘/٘ ،‬‬

‫‪17‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المطمب الرابع‬

‫االحكام المتعمقة بالسورة‬

‫وروى كعب االحبار انو قال ‪ :‬لقد انزل ا﵀ عمى محمد آيتين احصتا ما في التوراة و‬
‫ال ذَ َّرةٍ َخيْ ًرا يَ َرهُ (‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال‬ ‫(فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬ ‫االنجيل اال تجدون‬

‫يَ َرهُ) قال جمساؤه ‪ :‬بمى ‪ ،‬قال فانيما احصتا ما في التوراة واالنجيل ‪ ،‬وذكر‬ ‫َذ َّرةٍ َش ًّرا‬
‫الحديث ‪ ،‬وقد نقد حديث ابي ىريرة عن النبي (صمى ا﵀ عميو وسمم ) (الخيل ثالث ‪:‬‬
‫لرجل اجر ولرجل ستر و عمى رجل وزر) فسئل رسول ا﵀ (الحمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما انزل‬
‫(فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ‬ ‫عمي فييا شيء اال ىذه اآلية الجامعة الفاذة‬

‫يَ َرهُ) وقد اتفق العمماء عمى عموم ىذه اآلية‬ ‫(‪َ )7‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا‬
‫القائمون بالعموم ومن لم يقل بو ‪ ،‬وقد بين ما فسرناه بو ان الرؤية قد تكون في الدنيا‬
‫بالبالء وكما تكون باآلخرة بالجزاء ‪ ،‬وقد بينا ذلك في كتاب المشكمين ‪)ٔ( .‬‬

‫و يجوز ان يحيي ا﵀ الموتى بعد وقوع النفخة األولى ثم تتحرك األرض فتخرج الموتى‬
‫وقد أروا الزلزلة وانشقاق األرض عن الموتى احياء فيقولون من اليول (ما ليا) ومن‬
‫يع مل من الكفار مثقال ذرة خي ار يره في الدنيا وال يثاب عميو في االخرة ‪ ،‬ومن يعمل‬
‫مثقال ذرة من شر عوقب عميو في االخرة ‪ ،‬مع عقاب الشرك ‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة‬

‫ٔ‪ -‬احكام القرآن ‪ ،‬القاضي محمد بن عبدا﵀ أبو بكر بن العربي المعافري االشبيمي المالكي (ت‬
‫ٖٗ٘ ىـ ) ‪ -‬دار الكتب العممية – بيروت – لبنان ‪ ،‬ط ٖ (ٕٗٗٔ ىـ ‪ ٕٖٓٓ -‬م ) ‪ٗٗٓ/ٗ ،‬‬

‫‪18‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫من شر من المؤمنين يره في الدنيا وال يعاقب عميو باآلخرة اذا مات ‪ ،‬ويتجاوز عنو ‪،‬‬
‫وان عمل مثقال ذرة من خير يقبل منو ويضاعف لو في اآلخرة ‪)ٔ(.‬‬

‫اثبت ا﵀ تعالى في ىذه اآلية ان الخير ميما كان سيجازى عميو صاحبو وان الشر‬
‫ميما كان سيجازى عميو صاحبو كل ذلك يوم القيامة ‪ ،‬وكل ما يحصل في الكون فيو‬
‫من قبيل االمر التكويني من ا﵀ ‪ .‬اال ان ىنالك أمور تحصل بال سبب ظاىر فتسند‬
‫لال مر التكويني وما يحصل بسبب عادي ال يسند اليو وان كان في الواقع منو ‪ ،‬يومئذ‬
‫يخرج الناس من قبورىم متفرقين كل عمى حسب عممو ليروا جزاء أعماليم ونضع‬
‫الموازين القسط ليوم القيامة ‪ ،‬فال تظمم نفس شيئا وان كان مثقال حبة خردل اتينا بيا‬
‫وكفى بنا حاسبين ‪)ٕ( .‬‬

‫ٔ‪ -‬الجامع الحكام القرآن ‪ ،‬أبو عبدا﵀ محمد بن احمد بن ابي بكر بن فرح االنصاري الخزرجي ‪،‬‬
‫شمس الدين القرطبي (ت ٔ‪ ٙٚ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق احمد البردوني و إبراىيم اطفيش – دار الكتب‬
‫المصرية – القاىرة ‪ ،‬ط ٕ (ٗ‪ ٖٔٛ‬ىـ ‪ ٜٔٙٗ -‬م) ‪ٔ٘ٓ/ٕٓ ،‬‬

‫ٕ‪ -‬التفسير الواضح ‪ ،‬الجازي محمد محمود – دار الجيل الجديد – بيروت ‪ ،‬ط ٓٔ (ٖٔٗٔ ىـ )‬
‫‪ٜٖٛ/ٖ ،‬‬

‫‪19‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫الخاتمة‬

‫الحمد ﵀ الذي ىدانا ليذا الدين القويم وما كنا لنيتدي لوال أن ىدانا ا﵀ الذي تتم‬
‫بفضمو الصالحات والصالة والسالم عمى رسولنا الحبيب محمد وعمى آلو وصحبو ومن‬
‫استن بسنتو واىتدى بيديو إلى يوم الدين أما بعد ‪:‬‬

‫قبل الختام لخالصة الكالم في بحث عنوان ‪( :‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحميمية) فقد تَ َّم‬
‫التوصل إلى أىم النتائج وىي كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬سورة الزلزلة مدنية واياتيا ثماني ايات وتسمى سورة الزلزلة لوجود لفظ الزلزال‬
‫فييا وىو قولو – اذا زلزلت األرض زلزاليا – واشتيرت بسورة الزلزلة ‪ .‬ورد انيا‬
‫تعدل ربع القرآن او نصفو‪0‬‬
‫‪ -2‬من اىداف السورة اثبات البعث وذكر اشراطة وما يعتري الناس عند حدوثيا‬
‫من الفزع وحضور الناس لمحشر وجزائيم عمى أعماليم من خير او شر وىو‬
‫تحريض عمى فعل الخير واجتناب الشر‪ ،‬ومن أىدافيا قرع القموب الغافمة لميقين‬
‫بالحساب و الحصاء الدقيق‪0‬‬
‫‪ -3‬اثبت ا﵀ تعالى في ىذه السورة الكريمة ان الخير ميما كان سيجازى عميو‬
‫صاحبو وان الشر ميما كان سيجازى عميو صاحبو كل ذلك يوم القيامة ‪ ،‬وكل‬
‫ما يحصل في الكون فيو من قبيل االمر التكويني من ا﵀ ‪ .‬اال ان ىنالك أمور‬
‫تحصل بال سبب ظاىر فتسند لالمر التكويني وما يحصل بسبب عادي ال يسند‬
‫اليو وان كان في الواقع منو ‪ ،‬يومئذ يخرج الناس من قبورىم متفرقين كل عمى‬
‫حسب عممو ليروا جزاء أعماليم ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ‪ ،‬فال تظمم‬
‫نفس شيئا وان كان مثقال حبة خردل اتينا بيا وكفى بنا حاسبين‪0‬‬
‫وصمى اهلل عمى سيدنا محمد وعمى وصحبه اجمعين‬

‫‪21‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫المصادروالمراجع‬

‫ٔ‪ -‬احكام القرآن ‪ ،‬القاضي محمد بن عبدا﵀ أبو بكر بن العربي المعافري االشبيمي‬
‫‪ -‬دار الكتب العممية – بيروت – لبنان ‪ ،‬ط ٖ‬ ‫المالكي (ت ٖٗ٘ ىـ )‬
‫(ٕٗٗٔ ىـ ‪ ٕٖٓٓ -‬م ) ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬األساس في التفسير ‪ ،‬سعيد حوى (ت ‪ ٜٔٗٓ‬ىـ) – دار السالم – القاىرة ط ‪ٙ‬‬
‫(ٕٗٗٔ ىـ) ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أسباب نزول القرآن ‪ ،‬أبو الحسن عمي بن احمد بن محمد بن عمي الواحدي ‪،‬‬
‫النيسابوري ‪ ،‬الشافعي ‪( ،‬ت ‪ ٗٙٛ‬ىـ ) تحقيق عصام بن عبدالمحسن الحمداني‬
‫‪ ،‬دار اإلصالح – الدمام ‪ ،‬طٕ (ٕٔٗٔ ىـ ‪ٜٜٕٔ -‬م )‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬اعراب القرآن ‪ ،‬أبو جعفر النحاس ‪ ،‬احمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس‬
‫المرادي النحوي ‪( ،‬ت ‪ ٖٖٛ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق محمد عمي بيضون – دار الكتب‬
‫العممية – بيروت ‪ ،‬ط ٔ (ٕٔٗٔ ىـ ) ‪.‬‬
‫٘‪ -‬اعراب القرآن الكريم ‪ ،‬احمد عبيد الدعاس ‪ ،‬احمد محمد حميدان ‪ ،‬إسماعيل‬
‫محمود القاسم – دار المنير ودار الفارابي – دمشق ‪ ،‬ط ٔ (ٕ٘ٗٔ ىـ ) ‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬ايسر التفاسير لكالم العمي الكبير ‪ ،‬جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر أبو‬
‫بكر الجزائري – مكتبة العموم و الحكم ‪ ،‬المدينة المنورة المممكة العربية‬
‫السعودية – ط ٘ (ٕٗٗٔىـ ‪ ٕٖٓٓ -‬م )‪.‬‬
‫‪ -ٚ‬البحر المحيط في التفسير ‪ ،‬أبو حيان محمد بن يوسف بن عمي بن يوسف بن‬
‫حيان اثير الدين االندلسي (ت ٘ٗ‪ ٚ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق صدقي محمد جميل – دار‬
‫الفكر – بيروت ‪ ،‬ط ٔ (ٕٓٗٔ ىـ ) ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫‪ -ٛ‬البرىان في تناسب سور القرآن ‪ ،‬احمد بن إبراىيم بن الزبير الثقفي الغرناطي ‪،‬‬
‫أبو جعفر (ت ‪ ٚٓٛ‬ىـ) –تحقيق محمد شعباني – و ازرة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية – المغرب (ٓٔٗٔ ىـ ‪ ٜٜٔٓ -‬م ) ‪.‬‬
‫‪ -ٜ‬التباين في اعراب القرآن و أبو البقاء عبد ا﵀ بن الحسين بن عبدا﵀ العكبري‬
‫(ت ‪ ٙٔٙ‬ىـ ) تحقيق عمي محمد البجاري ‪ ،‬عيسى البابي الحمبي ‪.‬‬
‫التبيان في تفسير غريب القرآن ‪ ،‬احمد بن محمد بن عماد الدين بن‬ ‫ٓٔ‪-‬‬
‫عمي ‪ ،‬أبو العباس شياب الدين ابن اليائم (ت ٘ٔ‪ ٛ‬ىـ ) ‪ ،‬د‪ .‬ضاحي عبد‬
‫الباقي محمد – دار الغرب اإلسالمي – بيروت ‪ ،‬ط ٔ (ٖٕٗٔ ىـ ) ‪.‬‬
‫التحرير والتنوير ‪ ،‬تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير‬ ‫ٔٔ‪-‬‬
‫الكتاب المجيد ‪ ،‬محمد الطاىر بن محمد بن محمد الطاىر بن عاشور التونسي‬
‫(ت ٖ‪ ٖٜٔ‬ىـ ) – الدار التونسية لمنشر – تونس (ٗ‪ ٜٔٛ‬م ) ‪.‬‬
‫التفسير الحديث ‪ ،‬دروزة محمد عزت – دار احياء الكتب العربية –‬ ‫ٕٔ‪-‬‬
‫القاىرة ‪ ،‬ط ٔ (ٖ‪ ٖٔٛ‬ىـ ) ‪.‬‬
‫التفسير القرآني لمقرآن ‪ ،‬عبد الكريم يونس الخطيب (ت ٓ‪ ٖٜٔ‬ىـ ) دار‬ ‫ٖٔ‪-‬‬
‫الفكر العربي – القاىرة ‪.‬‬
‫التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنيج ‪ ،‬وىبة بن مصطفى الزحيمي‬ ‫ٗٔ‪-‬‬
‫– دار الفكر المعاصر –دمشق ‪ ،‬طٕ (‪. )ٔٗٔٛ‬‬
‫التفسير الواضح ‪ ،‬الحجازي ‪ ،‬محمد محمود (د‪ ،‬ت ) دار الجيل الجديد‬ ‫٘ٔ‪-‬‬
‫– بيروت ‪ ،‬ط ٓٔ (ٖٔٗٔ ىـ ) ‪.‬‬
‫التفسير الوسيط لمقرآن الكريم ‪ ،‬محمد سيد طنطاوي – دار نيضة مصر‬ ‫‪-ٔٙ‬‬
‫لمطباعة والنشر و التوزيع – الفجالة – القاىرة ‪،‬ط ٔ ‪.‬‬
‫تفسير حدائق الروح والريحان في روابي عموم القرآن ‪ ،‬الشيخ العالمة‬ ‫‪-ٔٚ‬‬
‫محمد األمين بن عبدا﵀ االرمي العموي اليرري الشافعي ‪ ،‬اشراف و مراجعة د‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫ىاشم محمد عمي بن حسين ميدي ‪ ،‬دار طوق النجاة – بيروت – لبنان طٔ‬
‫(ٕٔٗٔ ىـ ‪ ٕٓٓٔ -‬م ) ‪.‬‬
‫الجامع الكبير‪ ،‬محمد بن عيسى بن موسى بن الضحاك ‪ ،‬الترمذي ‪،‬‬ ‫‪-ٔٛ‬‬
‫أبوعيسى ( ت ‪ ٕٜٚ :‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق بشار عواد معروف – دار الغرب‬
‫اإلسالمية – بيروت – ط ‪ ٜٜٔٛ‬م ‪.‬‬
‫الجامع الحكام القرآن ‪ ،‬أبو عبدا﵀ محمد بن احمد بن ابي بكر بن فرح‬ ‫‪-ٜٔ‬‬
‫االنصاري الخزرجي ‪ ،‬شمس الدين القرطبي (ت ٔ‪ ٙٚ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق احمد‬
‫البردوني و إبراىيم اطفيش – دار الكتب المصرية – القاىرة ‪ ،‬ط ٕ (ٗ‪ ٖٔٛ‬ىـ‬
‫‪ ٜٔٙٗ -‬م) ‪.‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن العظيم –السبع المثاني شياب الدين‬ ‫ٕٓ‪-‬‬
‫محمود بن عبد ا﵀ الحسيني اآللوسي (ت ‪ ، )ٕٔٚ‬تحقيق ‪ .‬عمي عبد الباري‬
‫عطية – دار الكتب العممية – بيروت ‪ ،‬ط (٘ٔٗٔ) ‪.‬‬
‫صفوة التفاسير ‪ ،‬محمد عمي الصابوني – دار الصابوني لمطباعة‬ ‫ٕٔ‪-‬‬
‫والنشر والتوزيع – القاىرة ‪ ،‬ط ٔ (‪ ٔٗٔٚ‬ىـ ‪ٜٜٔٚ -‬م ) ‪.‬‬
‫ظالل القرآن ‪ ،‬سيد قطب ‪ ،‬تحقيق عمي بن نايف الشحود – دار‬ ‫ٕٕ‪-‬‬
‫الشروق لمنشر (الطبعة الوحيدة) ‪ ،‬طٖٔ ‪. ،‬‬
‫لباب النقول في أسباب النزول ‪ ،‬عبد الرحمن بن ابي بكر ‪ ،‬جالل الدين‬ ‫ٖٕ‪-‬‬
‫السيوطي (ت ٔٔ‪ ٜ‬ىـ ) ‪ ،‬تحقيق أ ‪ -‬احمد عبدالشافي ‪ ،‬دار الكتب العممي –‬
‫بيروت – لبنان ‪.‬‬
‫مجاز القرآن ‪ ،‬أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري (ت ‪ ٕٜٓ‬ىـ‬ ‫ٕٗ‪-‬‬
‫) ‪ ،‬محمد فؤاد سزكين – مكتبة الخانجي – القاىرة ‪ ،‬ط ٔ (ٔ‪ ٖٔٛ‬ىـ ) ‪.‬‬
‫المختصر في تفسير القرآن الكريم ‪ ،‬جماعة من عمماء التفسير – مركز‬ ‫ٕ٘‪-‬‬
‫تفسير الدراسات القرآنية ‪ ،‬ط ٖ (‪ ٖٔٗٙ‬ىـ) ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪‬سورة الزلزلة ‪ -‬دراسة تحليلية ‪-‬‬

‫معاني القرآن ‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدا﵀ بن منظور الدليمي‬ ‫‪-ٕٙ‬‬
‫الفراء (ت ‪ ٕٓٚ‬ىـ ) ‪ ،‬احمد يوسف النجاتي ‪ ،‬محمد عمي النجار ‪ ،‬عبد الفتاح‬
‫إسماعيل الشمبي – دار الكتب المصرية لمتأليف والترجمة – مصر ‪ ،‬طٔ ‪.‬‬
‫معاني القرآن واعرابو ‪ ،‬إبراىيم بن السري بن سيل أبو إسحاق الزجاج‬ ‫‪-ٕٚ‬‬
‫(ت ٖٔٔىـ ) ‪ ،‬تحقيق عبد الجميل عبده شمبي – عالم الكتب – بيروت ‪ ،‬طٔ‬
‫(‪ ٔٗٓٛ‬ىـ ‪ ٜٔٛٛ -‬م) ‪.‬‬
‫نظم الدرر في تناسب اآليات والسور ‪ ،‬إبراىيم بن عمر بن حسن الرباط‬ ‫‪-ٕٛ‬‬
‫( ت ٘‪ ٛٛ‬ىـ ) – دار الكتاب اإلسالمي –‬ ‫بن عمي بن ابي بكر البقاعي‬
‫القاىرة ‪.‬‬
‫ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ‪ ،‬محمد بن عبد الواحد بن ابي‬ ‫‪-ٕٜ‬‬
‫ىاشم أبو عمر الزاىد المطرز الباوردي ( ت ٖ٘ٗ ىـ) حققو وقدم لو محمد بن‬
‫يعقوب التركستاني – مكتبة العموم و الحكم – السعودية – المدينة المنورة ‪ ،‬طٔ‬
‫(ٖٕٗٔ ىـ ‪ ٕٕٓٓ -‬م ) ‪.‬‬

‫‪24‬‬

You might also like