الجلجثة جبل الآلام للراهب كاراس المحرقي بوربوينت

You might also like

You are on page 1of 31

‫ظل موكب المجرمين يسير فى طريق الصليب‬

‫إلى أن وصل إلى قمة جبل إنها الجلجثة تلك البقعة‬


‫القاحلة الجرداء التي يحول كل عابر وجهه عنها‬
‫تخضبت رمالها بدماء القتلى المجرمين‬
‫ّ‬ ‫حيث‬
‫على هذا الجبل مات البار فقُطعت‬
‫الشجرة المثمرة فظهر المخلص متجلياً‬
‫بأعظم تاج فآالم األشرار ضفرت إكليل‬
‫المحبة ووضعته على رأسه‬
‫معناها جمجمة لكثرة ما طُرح فيها من جماجم القتلى‬
‫أو ألن المكان يأخذ شكالً دائرياً يُشبه الجمجمة‬
‫وهناك تقليد يقول‪ :‬إن نوحاً عندما دخل الفلك أخذ‬
‫معه جسد آدم وعندما خرج منه وزع أعضاءه‬
‫على أوالده فكان نصيب سام الذي استقر فى‬
‫أورشليم رأس آدم فأخذها ودفنها فى هذا المكان‬
‫على الجلجثة بدأ فصل جديد‬
‫من مأساة الصليب أال وهو‬
‫تسمير جسد يسوع البار‬
‫فبكل قسوة ينزع المتوحشون ثيابه فيقف‬
‫القدوس بينهم عارياً ال يغطيه سوى الدماء وهو الذي‬
‫ويرصع طرف ردائه نجوم السماء‬ ‫يتسربل بالنور ُ‬
‫ّ‬
‫أما إكليل الشوك فظل كما‬
‫هو يظلل رأسه المقدسة‬
‫ويشدان بعنف ذراعيه المقدستين‬
‫على الصليب فظهر يسوع كطفل‬
‫وديع يريد أن يستقر على ذراعي‬
‫أمه من كثرة العناء‬
‫والقدمان توضعان فوق بعضهما مثلما ُربط إسحق‬
‫الم ّريا لكن الصوت الذي نادى‬
‫ُ‬ ‫جبل‬ ‫على‬ ‫الحطب‬ ‫فوق‬
‫من السماء " ال تمد يدك إلى الغالم وال تفعل به شيئاً ”‬
‫هذا الصوت صامت في الجلجثة!‬
‫ويمسك الجالدون بالمطرقة والمسامير وكأنها‬
‫حماة فى أتون الجحيم وبدون إحساس يدقون‬‫ُم ّ‬
‫المسامير فى أقدس وأطهر يدين ورجلين‬
‫وتنهال ضربات المطرقة الثقيلة لتشهد فى‬
‫أُسلوب مرعب عن خطايا البشر وغضب اهلل‬
‫فتدفقت دماء القدوس من يديه ورجليه‬
‫كان يجب أن ُتس ّمر أرجلهم‬
‫المسرعة في طريق الشر وأيديهم‬
‫التي تلطخت بدماء األبرار‬
‫ولكن ها هم ُيس ّمرون اليدين اللتين باركتا الخمس‬
‫خبزات والسمكتين فأشبعت ألوف ا ً والقدمين اللتين‬
‫جالتا فى شوارعهم لعمل الخير بين الناس‬
‫وأخيراً انتصب الصليب مرتفعا ً إلى‬
‫السماء ليعلن رفض األرض ولفظها‬
‫من فوق سطحها رئيس الحياة!‬
‫سمر‬
‫ّ‬ ‫لي‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫سم‬
‫ّ‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ع‬‫يسو‬ ‫أما‬
‫العالم للبشر بسط ذراعيه على‬
‫الصليب ليمسك أقطار المسكونة‬
‫ويجذب إليه الخطاة‬
‫وهكذا استطاع بمسامير يديه أن‬
‫يثقب مرارة الحية التى تسمى إبليس‬
‫لئال تمأل األرض بغشها المرذول‬
‫انتصب الصليب ليبقى‬
‫يسوع وحده ُمعلقا بين السماء‬
‫واألرض فاتحاً ذراعيه الحتواء‬
‫ظالم الكون وظالم البشر‪،‬‬
‫ناظراً من وراء حجاب الموت‬
‫إلى أعماق الحياة!‬
‫وإ ن كان قد ظهر كشبح ُمكلّل‬
‫باألشواك تغطية ظلمة حالكة إالّ أنه‬
‫فى الحقيقة هو كوكب الصبح المنير‬
‫وتفرق الجمع وأسرعوا إلى مضاجعهم المظلمة‬‫ّ‬
‫ألن ترانيم المالئكة المتموجة فوق شهيد الحب‬
‫ال تدخل آذانهم المسدودة بتراب الحقد والكراهية‬
‫وهرب التالميذ! فما الذى بقى من معلمهم في نظر‬
‫الناس؟ بقايا إنسان وبقايا معلم فشل فشالً ذريعاً‬
‫وصلبت دعوته و ُنزف دمه كما ُنزفت كلماته‬‫ُ‬
‫وهكذا ظنوا أن المأساة انتهت‬
‫وسينزل ستار الليل و ُتطفأ أنوار‬
‫الحقيقة ونسوا أن الحقيقة‬
‫ال ُتخفى والحق ال يموت‬
‫فالصليب انتصب نحو السماء وهذا عالمة‬
‫الرفعة والصالبون واقفون تحت أقدامه عالمة‬
‫عبوديتهم لمن صلبوه! وهل تعاند العين سهما ً‬
‫وال تفقأ؟! أو تناضل اليد سيفا ً وال تقطع؟!‬
‫لقد صار األشرار فى القاع كمستنقعات خبيثة تدب‬
‫فى أعماقها الحشرات وتتلوى في جنباتها األفاعي!‬
‫وإن كانوا قد ظنوا أنهم س ّمروا المحبة وفنوا العدل‬
‫تحت صخرة الظلم ولم يتلو فوق جثمانه صالة األموات‬
‫لكي ال تقوم له قيامة فقد فاتهم أن الحياة تغلب الموت‬
‫ومع القائم ستنتصر القيم التى ال تمسها يد الفناء!‬
‫حقاً ما أعظمك أيتها الجلجثة لقد صرت سماء ارتضى‬
‫الرب أن يسكن فيها‪ ..‬بئراً سكنت فيه دماء المخلص‪..‬‬
‫منبراً من فوقه أُلقيت أعظم عظة عن المحبة والتسامح‬
‫" يا أبتاه أغفر لهم ألنهم ال يدرون ما يفعلون‬
‫ت هى سلم يعقوب‪ ،‬أن ِ‬
‫ت الجبل الذى رفع فيه‬ ‫أن ِ‬
‫إبراهيم إسحق مُحرقة للرب‪ ،‬عليك مات القدوس‬
‫مغردة‬
‫ولكن من قلب المائت كانت تطير عصافير ّ‬
‫أنشودة الحب والفرح والسالم‬
‫إنها دعوى اآلن للعطاشى أن يذهبوا‬
‫إلى الجلجثة ليستقوا ماء الحياة واألشرار‬
‫ليروا كيف آمن اللص والشهداء ليروا‬
‫رجل األوجاع كم احتمل أكثر منهم جميعا ً‬
‫هؤالء الراكضون مع تيار الحياة إلى حيث ال يدرون‬
‫ليتهم يقفون لحظة ويلتفتون إلى الوراء لكي يروا‬
‫المجدلية تغسل بدموعها قطرات الدماء عند قدمي‬
‫رجل بار منتصب بين السماء واألرض!‬
‫لنذهب جميعا ً لكي نرى المحبة وهى تعطي‬
‫نفسها وتلقي بذارها لتنمو فى بستان الحياة‬

You might also like