مع أنه كان فى الداخل بعيداً عن تعليم المسيح! عهد إليه المسيح بأمانة الصندوق فصار ُمد ّبراً للمال ول ّيا ً على الفقراء والمساكين وإذ كان ط ّماعا ً نهب ما كان يوضع بالصندوق ولهذا السبب انتقد مريم عندما سكبت الطيب على قدمي يسوع فى بيت سم;عان األبرص (يو)6 :12 فكان يتظاهر بأنه يهتم بالفقراء والمحتاجين وهو يسعى إلهالك أب الفقراء والمساكين ال ننكر أنه كان موضع ثقة التالميذ والدليل أن المسيح عندما أعلن عن ُمسلّمه لم يتوفعوا أنه يقصد يهوذا (مت)21:26 فكيف إذن سقط هذا النجم العظيم؟! كيف الذي وعظ الناس بالم;سيح يسلم المسيح؟! والذي أخرج الشياطين يدخله تحول الحمل إلى ذئب الشيطان؟! لماذا ّ وبدأ يعض راعى الخراف؟! لقد كانت محبة المال تمأل قلبه األسود وهى التى جعلت الثالثين من الفضة أفضل عنده من المسيح ألم يقل بولس الرسول " :محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ إبتغاة قوم ضلوا عن اإليمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة " (1تى)10:6 لقد باع خالق الفضة وهو ال يدرى أن هؤالء األشرار لن يعطوه إالَّ ثمن حبل المشنقة! وهكذا نسى يهوذا أننا " لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا ال نقدر أن نخرج منه بشيء " لكن حبه للمال لم يكن الحافز الوحيد وإالَّ ما اكتفى أن يأخذ من اليهود ثالثين من الفضة; ولكان أفضل له أن يبقى أمينا ً للصندوق يختلس منه ما شاء لكن شهوات أُخرى كانت تتأجج نيرانها فى قلبه فظن أنَّ المسيح جاء ل ُيقيم مملكة أرضية; كسائر الممالك الفانية فطمع فى م;نصب رفيع فل َّما خاب وتحول من تلميذ لعدو ّ أمله عرض عنه ونفر منه; لقد نظر يهوذا إلى ممالك األرض الواسعة ومدن داود وسليمان الرائعة فتخيل المسيح ملكاً وهو أميراً ُيعامل الرومان بقسوة مثلما عاملوا اليهود ت ليؤسس ثم اكتشف أنه لم يأ ِِ مملكة أرضية أو أن ُيحررهم من ذل الرومان واستعبادهم ألن م;ملكته لم تكن سوى مملكة القلب ولهذا تحجر قلب يهوذا عندما كان يسوع يتكلم عن المحبة! ألنَّ الملك تحوّل فى نظره لعازف على القيثارة ليس ّكن حِدة أفكاره ورغم قصد يهوذا الشرير لم يهمله المسيح بل ن ّبهه مرات ورغم إعالنه الويل لمن يسلمه إالّ أنه لم يعدل عن مسلكه (مت)25:20 مزق الرب آخر جزء من وأخيراً ُي ّ القناع الذى كان يخفي وجه الخائن فيقول " هو َذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان اإلسخريوطي " (يو)26:13 كان من الممكن أن يتوب يهوذا لكن إرادته الشريرة تغلبت عليه فانتهى يوم خالصه وابتعدت عنه مالئكة السالمة فى حزن شديد وقد دخله الشيطان بانتصار عظيم أخيراً قال له يسوع " ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة " (يو )27:13فخرج يهوذا وعلى وجهه تتراقص أشباح الموت متهللة وتنبعث نظرات موجعة; من عينيه تتكلم عن مستقبل مر وم;ن صدره تخرج ظلمة; حالكة وقد أفعمت رائحة أنفاسه الهواء بالخيانة فخرج اللص وكان وقت خروجه ليالً ،ليل فى الخارج وليل فى داخله ،وأصـبح هذا الم;خلوق التعـس بجملته أداة ط ّيعة تحت يد شيطان الظلمة ومهيأ الرتكاب أبشع جريمة عرفتها البشرية المرة خرج ليعود ولكن هذه ّ معه; جمع من المجرمين يحملون السالح ليقبضوا على يسوع فلم يكد يسوع يفرغ من صالته فى بستان جثسيمانى حتى ظهرت مصابيح تتألأل بأنوارها من خالل أشجار خ ّيم عليها الحزن وها جماعة من سافكى الدماء المدججين بالسالح من سيوف وعصى تقترب فى اتجاه وادى قدرون وكان يتقدم الجمع رجل بوجه عابس ،وعلى مالمحه شجاعة مصطنعة إ ّنه يهوذا ابن الهالك، الشقي الذي يتغطى برداء التلميذ ويخفى نفسه ّ ذلك فى زي الرسول كما يختفي الخنجر الملوث بالدماء الذهبي ،لقد ك ُملت الخطية فيه وأصبح ّ فى جرابه; اآلن يبغض يسوع كما تبغض الظلمة النور! سألهم يسوع " من تطلبون ؟ " فقالوا " يسوع الناصري " فلما قال لهم " أنا هو" سمعوا صوتا ً صارخا ً َّ كما لو كان خارجا من أحشاء الليل! وضجة هائلة منبثقة من قلب النهار! ولهذا " رجعوا إلى الوراء وسقطوا على األرض " (يو)6-4:18 لقد أسقطهم الرب على وجوههم لعلهم يدركون ألوهيته وكأنما أراد أن يترك للعالم دليالً أنه قد صار ذبيحة ليس تحت ضغط أو إكراه بل بمحض إرادته ويقترب يهوذا تحت ستار الصداقة المزيفة من رحب به بعبارة كلها رياء ويتجرأ و ُي ّلوث سيده و ُي ّ وجه ابن اإلنسان بقُبلة غاشة كلها مكر وخداع " ويصيح الخائن " سالم يا سيدي فكانت هذه الكلمات كطعنة خنجر فى يتقبلها ولم يرفض قلب البار لكنه ّ قُبلته الخبيثة ألنه يعرف أنها قطرة سم ُمزج فى كأس آالمه لقد كان يهوذا يحمل سالما ً من الخارج أما الداخل فسيفا ً مسموما ً بسم الخيانة ،من الظاهر كان كحمامة; وديعة لكنَّ الخفي كان ح ّية مملوءة مكراً ودها ًء وتبدأ مأسـاة الصلب ويـود يهوذا لو استطاع أن يوقف تنفيذ العمل الشرير فيعود مسرعا ً إلى رؤساء الكهنة الذين أعانوه على ارتكاب جريمته البشعة ويعيد لهم الرشوة اللعينة (مت)3:27 جره كما يجر النسر فريسته; التى لكنَّ الشيطان ّ إنقض عليها ولم يسترح حتى انتصر عليه تماما ً فقد مأل قلبه باليأس وجعله; يلقي بنفسه فى أحضان الموت إذ " مضى وخنق نفسه " (مت)5 :27 وينقطع الحبل الذي شنق التعس نفسه به والشجرة التى اختارها لتكون مقصلة يختم عليها حياته تنفضه عنها فى فزع فيسقط المسكين إلى األرض وينشق من الوسط وتنسكب أحشاؤه كلها (أع)8:1 لقد قبضت أصابع الموت على شفتيه واحترق بنار ال نور فيها وأثقلت كاهله رغبة; ال ُملك التي تتعدى البيت والموقد وماذا جنى من الحياة؟ حبل المشنقة! تحركتلقد أنهى حياته الصغيرة التي ّ كالضباب فوق أرض العذاب الم;ستعبدة فما أن مات حتى نزل إلى الجحيم ،في حين أنَّ البار كان يصعد إلى األعالى ليستقر في موضعه الحقيقي عن يمين القوة والعظمة لقد اشتاق يهوذا إلى مملكة يكون فيها أميراً! أما يسوع فأراد مملكة !يكون فيها كل الناس ملوك وأمراء واآلن ،ماذا أقول لو كنت قد عاصرت هذا العبد الشرير؟ كنت سأُشير بيدي نحو القتيل وأصرخ بصوت أجش قائالً: ملعونة هى األيدي التي تمتمد إلى هذا الجسد الملطخ بدماء الخيانة ،وملعونة هى األعين التى تذرف دموع الحزن على هالك حملت الشياطين روحه; إلى الجحيم ،لتبق ج ّثة ابن سدوم وعمورة مطروحة على هذا التراب الدنس حتى تتقاسم الكالب لحم;ه و ُتذرّي الرياح عظامه.. فليهرب الناس من تلك الرائحة النجسة المتصاعدة من داخل قلب دنسته الخطية وسحقته الرذيلة; ولينصرفوا مسرعين قبل أن تلسعهم ألسنة نار جهنم لقد م;ات ابن الهالك الذي لم يكن في العالم الوثني نظيره ولم يكن في إمكانه أن ُينجب ّ ُمجرما ً مثله! وهكذا كل من ُيعانق الشيطان عليه أن ُيعانق الموت أيضاً! ولكننا نعترف بأن الجرثومة التي عملت في يهوذا الزالت موجودة وإن لم نضع أنفسنا بين يدي هللا فإن إبليس الذي يجول كأسد زائر ملتمسا ً من يبتلعه (1بط )8:5سوف ينقض كالوحش علينا ليفترسنا