Professional Documents
Culture Documents
حكم إبرام عقود الأحوال الشخصية والعقود التجارية عبر الوسائل الإلكترونية د.محمد بن يحيى النجيمي
حكم إبرام عقود الأحوال الشخصية والعقود التجارية عبر الوسائل الإلكترونية د.محمد بن يحيى النجيمي
إعداد
2
إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ،ونعوذ باهلل من شرور
أنفس نا ،وس يئات أعمالن ا ،من يه ده اهلل فال مضل لـه ومن يض لل فال ه ادي لـه،
وأش هد أن ال إله إال اهلل وح ده ال ش ريك لـه ،وأش هد أن حمم ًدا عب ده ورس وله ،
وعلى آله وصحبه ومن اهتدى هبديه إىل يوم الدين ،وبعد:
فال شك أن ه ذا ال دين قد أكمله اهلل ،وجعل لنا ش ريعة مش تملة على
األصول والقواعد العامة اليت تصلح للتطبيق يف كل زمان ومكان ،وتستوعب كل
حادثة وتبني حكم اهلل فيها.
ومبا أن احلي اة يف تط ور دائم ومس تمر ،ف إن ذلك يعين أن مس ائلها س تبقى
متج ددة ،وذلك يقتضي بي ان حكم اهلل والكشف عنه يف مجيعها تلك املس تجدات،
كي تبقى هذه الشريعة هي احلاكمة ألفعال العباد .وبناءً على ما سبق:
فلقد ارتأيت أن يكون موضوع حبثي هذا هو حكم إبرام عقود األحوال
الشخص ية والعق ود التجارية عرب الوس ائل اإللكرتوني ة ،باعتبارها إح دى القض ايا
الطارئ ة ،واليت حيت اج الن اس إىل معرفة حكم اهلل فيه ا .وقد جعلت ه ذا البحث يف
مقدمة ،ومتهيد ،وفصلني:
3
المبحث الث الث :اإلج راءات على عقد ال زواج عن طريق الوس ائل
اإللكرتونية.
المبحث الراب ع :بي ان موقف ق وانني األح وال الشخص ية يف بعض البالد
العربية من التعاقد عرب الوسائل اإللكرتونية كتابة ومهاتفة.
المبحث الخ امس :اإلج راءات املرتتبة على عقد ال زواج بالوس ائل
اإللكرتونية يف قوانني األحوال الشخصية العربية.
الفصل الثاني :حكم إبرام العقود التجارية بالوسائل اإللكترونية.
ويتكون من مباحث:
المبحث األول :حكم إب رام العق ود التجارية كتابة عرب الوس ائل
اإللكرتونية.
المبحث الث اني :حكم إب رام العق ود التجارية مهاتفة عرب الوس ائل
اإللكرتونية.
المبحث الث الث :اإلج راءات املرتتبة على العق ود التجارية عرب الوس ائل
اإللكرتونية.
المبحث الراب ع :بي ان موقف الق وانني الوض عية من التعاقد عن طريق
الكتابة وما يف حكمها من الوس ائل اإللكرتونية كالف اكس
واإلنرتنت وما أشبه ذلك.
المبحث الخ امس :بي ان موقف الق وانني الوض عية من التعاقد عن طريق
اهلاتف والالسلكي واإلنرتنيت وما يشبهها مهاتفة.
وأخيرا خاتمة البحث ونتائجه.
ً
4
تمهي ــد
بصيص ا من
ً مبا أن احلكم على الش يء ف رع عن تص وره فال بد أن ألقي
الض وء على ه ذه الوس ائل احلديثة لالتص االت وكيفية تطورها لنك ون على بيِّنة من
أمرها وعلى بصرية يف تكييفها الشرعي.
حينما تق دمت اجملتمع ات اإلنس انية أض حت حباجة ماسة إىل وس ائل االتص ال
فيما بينها سواء أكانت لالرتباط السياسي ،أو للجانب االجتماعي واالقتصادي ،ولذلك
حبث اإلنس ان عن أس رع وس يلة ممكنة فاكتشف املرايا العاكس ة ،وال دخان ،واحلم ام
الزاجل وغري ذلك...
ويف عصرنا احلديث تقدمت وسائل االتصال بشكل كبري ،فكانت الطفرة
الكربى باكتشاف الالسلكي الذي كسر حاجز املسافة والزمن ،مث تطورت وسائل
االتصال باطراد الزمن ،واالخرتاعات لتصل إىل أعلى مستوياهتا من خالل استخدام
األقم ار الص ناعية ،فك انت القف زة الكب رية يف ع ام 1957م عن دما مت إرس ال القمر
الص ناعي إىل الفض اء اخلارجي لل دوران ح ول األرض؛ إلرس ال املعلوم ات املدنية
والعس كرية ،مث أدت املنافسة يف ه ذا اجملال بني ال دول إىل أن تواجد يف الفض اء
آالف األقمار الصناعية لتجوب الفضاء ليل هنار(.)1
1
() راجع التلكس وكم بيوتر االتص االت الدولية واآللية وضع إدوارد ج ورج ،تنفيذ ف اروق الع امري ،ب ريوت،
دار الراتب اجلامعية 1987م ،ص ،21واألقمار الصناعية وسفن الفضاء لسعيد شعبان ص(،)53 ،52
بريوت ،دا رالفكر العريب1973 ،م.
5
الكهرومغناطيسية من تليفون أو تلكس أو بث تليفزين أو حنو ذلك.)1(» ...
وه ذه الوس ائل منها ما يسري عرب كوابل أرض ية أو حبرية أو حمط ات
الس لكية كب رية تعتمد على أجه زة إرس ال واس تقبال ،وجمموع ات هوائية لكل
منهما ،أو تستخدم األقمار الصناعية وسيلة وسيطة لتحقيق اتصاهلا ،فمثالً التلكس
يتم االتص ال به من خالل جه ازين م رتبطني بوح دة حتكم دويل ينقل كل واحد
منهما إىل اآلخر املعلوم ات املكتوبة دون وج ود وس يط بينهم ا ،حيث إنه ميكن
للمش رتك االتص ال جبميع أحناء الع امل وهو ج الس يف مكتبه من خالل جه از
التلكس ،املرتبط بوحدة حتكم خاصة به ،ودون حاجة إىل االنتقال إىل مكان آخر،
ودون وج ود احتم ال تس رب املعلوم ات ،فض الً عن قدرته على اختص ار ال وقت
وحتقيق قدرة أعلى يف السرعة.
ولكل مشرتك يف هذا اجلهاز رقم خاص مييزه عن بقية املشرتكني ...وهلذا
اجلهاز مفاتيح شبيهة باآللة الكاتبة ،ولكل مفتاح من مفاتيحه رقم يرمز إىل حرف
متع ارف عليه دوليً ا ،وحينما جتتمع فيه األرق ام أي احلروف املقص ودة يق وم اجله از
بتحويلها إىل إشارات كهربائية ليتلقى جهاز التلكس املرسل إليه(.)2
وهن اك اإلرس ال عن طريق الربيد املص ور (الف اكس) ،فإنه من خالل
جه ازين م رتبطني ب اخلطوط اهلاتفي ة ،حيث يضع املرسل الورقة املكتوبة يف اجله از،
ٍ
حينئذ إذا مل يكن ذلك اجله از مشغوالً أو ويضرب األرقام اخلاصة باجلهاز الثاين،
فيه خلل فإنه يق وم بفتح اخلط ليق وم بطبع ص ورة الورقة املرس لة على ورقة خاصة
1
() االتصاالت السلكية والالسلكية يف الوطن العريب ،حبث مقدم من ميسر محدون سليمان ،بريوت،
مركز دراسات الوحدة العربية1982 ،م ،ص(.)337
2
() راجع كيف تعمل الشبكات ،لفرانك درفلرولس فريد ،ترمجة مركز التعريب والرتمجة ،ط ،2بريوت،
الدار العربية للعلوم 1994م ،ص(.)9-8
6
موجودة فيه ،لتظهر الورقة للمرسل إليه كما هو دون تغيري أو تبديل(.)1
وأخ ًريا دخل احلاس وب اآليل (الكم بيوتر) ه ذا املض مار فأص بح كثري من
اإلجراءات التعاقدية تتم من خالله ،فعن طريقه يتم حجز األماكن للسفر والسياحة
وحنومها ،ومن خالله يتم االتص ال بني الش ركات الفرعية والش ركة األم لتنظيم
ال رحالت واالتفاق ات وعن طريقه يتم قطع الت ذاكر ،ويف اآلونة األخ رية دخل
الكم بيوتر األس واق املالية من أوسع أبواهبا ،فأص بح يق وم بتنظيمها وتنظيم العق ود
فيه ا ،وإج راء بعض العق ود والتح ويالت ،كما أنه ميكن ربط الكم بيوتر جبه از
كم بيوتر آخر عن طريق اهلاتف ،أو عن طريق جمموعة اتص ال خاصة ت دعى
اإلن رتنت ( )Internetمث القي ام بربجمة خاصة متكني من خماطبة اجله از اآلخر
أوتوماتيكيًّا أو عمليًّا ،وبالت ايل كتابة رس الة تعاقدية فيه وختزينها مع توجيهه إىل
إرسال نسخة منها إىل اجلهاز الثاين املرتبط باملتعاقد اآلخر أو بالبورصة(.)2
واجلدير بال ذكر أنه ميكن من خالل اإلن رتنت إج راء مكاملات هاتفية
أيض ا
ف اإلنرتنت ميكن تص نيفه مع أجه زة االتص ال احلديثة الناقلة للح روف ،وميكن ً
تص نيفه مع األجه زة الناقلة لألص وات ،ومن أبرزها اهلاتف ال ذي يتم االتص ال من
خالله عن طريق اخلطوط (الكابالت الكهربائية) عرب األرض أو البحر أو عن طريق
األقمار االصطناعية.
إض افة إىل ما س بق فإنه ميكن االتص ال وإب رام العق ود عن طريق جه از
الالس لكي ال ذي يتم من خالله نقل الكالم الص ريح أو الكالم املفه وم عن طريق
الشفرات.
أيض ا إج راء ما س بق عن طريق املذياع والتلف از والتس جيل
وكما ميكن ً
1
() كيف تعمل الشبكات ،ص(.)90-89
2
() ثقافة الكمبيوتر :الوعي والتطبيق والرتمجة /غازي ج .بيرت ،قربص ،سلسلة األحباث اللغوية1987 ،م ،ص(
.)125
7
معا.
و(الفيديو) الناقل للصوت والصورة ً
ومن خالل هذا العرض يتبني لنا أن إنشاء العقود وإبرامها عرب االتصاالت
احلديثة ميكن أن يتم من خالل نقلها للص ورة فقط كاهلاتف والالس لكي واملذياع
والتلف از ...إخل ،أو من خالل نقل احلروف املكتوبة ك التلكس والف اكس واحلاسب
اآليل.
8
الفصل األول
حكم إبرام عقود األحوال الشخصية عبر الوسائل اإللكترونية
9
الفصل األول
حكم إبرام عقود األحوال الشخصية عبر الوسائل اإللكترونية
تمهيــد:
تطويرا هائالً ،وقد مكن هذا
طور العلماء يف هذا العصر وسائل االتصال ً
التطور البشر من التخاطب فيما بينهم على الرغم من بعد الشقة وبعد الديار ،كما
مكنتهم من إرسال املعلومات واألخبار واحلصول عليها بسرعة فائقة.
وك ان لألح وال الشخص ية نص يب من وس ائل االتص االت احلديثة فأص بح
من املمكن إب رام عق ود ال زواج وإيق اع الطالق عن طريق وس ائل االتص االت
احلديث ة،وقد ك ان معروفًا يف الق دمي إج راء العق ود عن طريق الكتابة واملراس لة إىل
جديدا ،وإمنا اجلديد هو
ً الطرف اآلخر ،وعلى ذلك فإن إجراء العقود بالكتابة ليس
الس رعة املذهلة اليت يتم فيها نقل ما يف الكت اب أو ص ورته؛ فال ذي ك ان ينقل يف
ساعة أو ساعات أو أسابيع أو شهور يتم نقله يف ثوان كما نشاهده بالفاكس.
إن إج راء العق ود بني الغ ائبني عن طريق املخاطبة باهلاتف أو عن طريق
الوس ائل اإللكرتونية األخ رى هو منط جديد يف االتص ال وإن ك ان بعض العلم اء
املعاصرين قد قاسه على صورة العقد الذي كان ينقل ألفاظه وسيط بني املتعاقدين.
10
المبحث األول
إبرام عقد الزواج عن طريق الوسائل اإللكترونية
1
() راجع الشرح الصغري للدردير ،حتقيق كمال املرصفي1410 ،هـ1989-م.)2/350( ،
2
() روضة الطالبني للنووي ،ط ،3بريوت ،املكتب اإلسالمي1412 ،هـ1991-م.)7/37( ،
3
() اإلنصاف للمرداوي ،صححه وحققه حممد حامد الفقي ،بريوت ،دار إحياء الرتاث العريب،
1376هـ1957-م.)8/50( ،
11
الش افعية( ،)1واحلنابلة( ،)2واحلنفية( ،)3ولكن احلنفية ال ذين أج ازوا إج راء العقد
بطريق الكتابة -كما س يأيت -ق الوا :إنه ميكن حتقيق ه ذا الش رط باس تدعاء
العاقد الذي وصله كتاب اإلجياب بدعوة الشهود وإطالعهم على الكتاب أو
إخب ارهم مبض مونه وأنه موافق على ذلك ال زواج وب ذلك يتم اإلش هاد( .)4أما
أيض ا إال أنه جيوز ت أخريه إىل ما قبل ال دخول
املالكية فاإلش هاد ش رط عن دهم ً
ويشرتطون اإلعالم والظهور(.)5
-2أن النك اح لـه خصوص ية؛ حيث إنه حيت اط فيه ما ال حيت اط يف غ ريه حفظًا
للفروج وهذا مقصد من مقاصد الشريعة اإلسالمية.
القول الثانـي:
جييز إج راء عقد ال زواج بالكتاب ة ،وه ذا م ذهب احلنفية( ،)6وميكن أن
يستدل هلم مبا يلي:
على ال رغم من اش رتاط احلنفية الش هود يف النك اح كما اش رتطته بقية
املذاهب ،إال أهنم جعل وا جملس العقد هو س اعة وص ول اخلط اب ال ذي حيمل
اإلجياب إىل الط رف اآلخ ر ،ف إذا وص له ودعا الش هود وأطلعهم على الكت اب أو
1
() راجع روضة الطالبني (.)7/45
2
() راجع املغين البن قدامة ،حتقيق عبداهلل الرتكي ،واحللو ،القاهرة ،مطبعة هجر1410 ،هـ1989 -م (
.)7/339
3
() راجع بدائع الصنائع ،للكاساين ،ط ،2بريوت ،دار الكتاب العريب1402 ،هـ1982 -م ( .)5/138
4
() راجع بدائع الصنائع (.)2/231
5
() راجع حاشية الدسوقي على الشرح الكبري ،القاهرة ،مطبعة مصطفى البايب احلليب ،مكتبة زهران.
6
() راجع بدائع الصنائع ( ،)5/137وحاشية ابن عابدين ،ط ،2القاهرة ،مطبعة البايب احلليب1368 ،هـ-
1949م (.)3/12
12
أخ ربهم مبض مونه وأش هدهم على قب ول النك اح فقد جعل وا جملس العقد هو اجمللس
ال ذي يصل فيه اخلط اب حكم ا ،وعلى ذلك تتم املواالة بني اإلجياب والقب ول
عندهم ويتم اإلشهاد(.)1
وإذا راجعنا حاش ية ابن عاب دين ( )3/12جند أن احلنفية قد اش رتطوا
لصحة عقد الزواج بالكتابة الشروط التالية:
حاضرا بل غائبًا.
ً أ -أال يكون العاقد
ب -أن يشهد العاقد شاهدين على ما يف الكتاب عند إرساله.
جـ -أن يص رح املرسل إليه ب القبول لفظ اً ال كتاب ةً فلو كتب رجل إىل ام رأة
تزوجتك فكتبت إليه قبلت مل ينعقد؛ إذ الكتابة من الطرفني بال قول ال تكفي
ولو يف الغيبة.
د -أن يش هد الغ ائب حني يأتيه الكت اب ش اهدين ،ويع رفهم بواقع احلال ،ويص رح
أم امهم ب القبول ،ف املرأة حني يأتيها اخلط اب ت دعو ش اهدين مث تق رأ عليهما
الكتاب وختربهم مبضمونه وتصرح بقبوهلا النكاح ،وبذلك حيكم السادة احلنفية
أن الشهود مسعوا اإلجياب الذي تضمنه الكتاب ،والقبول الذي تلفظت به املرأة.
المناقشة والترجيح:
الراجح من وجهة نظري -واهلل أعلم -هو مذهب احلنفية الذي جييز عقد
الزواج بالكتابة؛ ذلك أن اعتبارهم جملس العقد وهو ساعة وصول اخلطاب الذي
حيمل اإلجياب إىل الط رف اآلخر ق ول س ديد؛ ألهنا حتقق املواالة بني اإلجياب
والقب ول .ويف اعتق ادي أن بقية املذاهب تعد وقت متام العقد حني يصل املكت وب
سواء كان عن طريق شخص أو عن طريق الفاكس أو اإلنرتنت إىل الشخص الذي
بيعا ويش هد عليه إذا ك ان ٍ
وجه إليه فيقبله يف اجمللس فحينئ ذ ينعقد العقد إذا ك ان ً
1
() راجع بدائع الصنائع ( ،)5/137وحاشية ابن عابدين (.)3/12
13
نكاح ا ،واملتتبع لكتب بقية املذاهب يف قض ايا ال بيع وحنوه من العق ود يلمس ه ذا،
ً
ول وال ض يق ال وقت لنقلت نصوصهم يف هذا .ومن أراد التوسع فل ريجع إىل اجملموع
( ،)9/168وفتح العزيز هبامش اجملم وع ( ،)8/130وروضة الط البني ( ،)3/139
وحاش ية الدس وقي على الش رح الكبري ( ،)3/3واخلرشي ( ،)5/5واإلنص اف
للمرداوي ( ،)4/260والروض املربع (.)4/328
أيض ا
أما قوهلم :إن اإلشهاد شرط يف عقد النكاح فإن احلنفية يقولون بذلك ً
لكنهم جعل وا جملس العقد هو س اعة وص ول اخلط اب ،ف إذا وص له اخلط اب ودعا
الشهود وأطلعهم على الكتاب أو أخربهم مبضمونه وأشهدهم على قبول النكاح فقد
وأيض ا اشرتط احلنفية أربعة شروط لصحة عقد الزواج بالكتابة كما سبق مت النكاح ً
بيانه.
وأما قوهلم :إن النكاح خصوصية حيث إنه يتعلق بالفروج وحيتاط فيها ما ال
حيتاط يف غريها فاجلواب عليه أننا نوافقهم على التحوط يف الفروج ولكنين ال أوافقهم
على املنع ،فالتحوط يلزم اختاذ إجراءات تضمن سالمة إجراء العقود ولكنها ال متنع
من ذل ك ،فيمكن للخ اطب أن ي رى خمطوبته عرب الكم بيوتر املتصل بش بكة اإلن رتنت،
وميكن أن يظهر املتعاق دان وس ائل اإلثب ات اخلاصة بكل منهما كما جيب أن يك ون
الش اهدان يعرف ان الط رفني ،وميكن أن جتهز قاع ات احملاكم بش بكة اإلن رتنت إلض فاء
الص فة الرمسية عليها خاصة وأن عق ود ال زواج الي وم ال تقبل احملاكم توثيقها إال إذا
جرت عن طريق القاضي أو عن طريق من يأذن لـه القاضي بإجراء العقود(.)1
وهبذا يتضح لنا ج واز إج راء عقد النك اح -بش روطه وض وابطه الس الف
ذكرها -عرب الوسائل اإللكرتونية كتابة.
1
() راجع مستجدات فقهية يف قضايا الزواج والطالق ،ألسامة عمر األشقر ،عمان ،دار النفائس،
1420هـ200-م ،ص(.)112
14
ثانيًا :النكاح عن طريق المهاتفة:
بينت من قبل أن عقد ال زواج بني غ ائبني عن طريق األجه زة الس لكية
والالس لكية ص ورة جدي دة مل يكن هلا وج ود يف العص ور الس ابقة ،ولكن بعض
الب احثني( )1ي رى أن لـه نظ ًريا وأق رب مث ال هلذه الص ورة -من وجهة نظ رهم -ما
ذكره النووي من عقد البيع بني متناديني ،بأن يكون العاقدان يف مكانني يسمع كل
منهما ن داء اآلخ ر ،ش اهده أو مل يش اهده ،ويف ذلك يق ول « :لو تناديا ومها
وتبايعا ،صح البيع بال خالف »(.)2
متباعدان ً
وبعد ه ذا التمهيد املختصر ما حكم إج راء عقد ال زواج عربالوس ائل
اإللكرتونية مهاتفة؟ اختلف الفقهاء املعاصرون يف هذه املسألة على قولني:
الق ول األول:جييز إج راء عقد ال زواج مش افهة عن طريق وس ائل االتص االت احلديثة
كاهلاتف واإلن رتنت وممن ذهب ه ذا املذهب الش يخ /مص طفى الزرقا (،)3
و د /وهبة ال زحيلي( ،)4ود /إب راهيم ال دبو( ،)5و د /حممد عقلة( ،)6والش يخ
بدران أبوالعينني بدران(.)7
1
() ذكر ذلك الدكتور علي حميي الدين القرة داغي ضمن جمموعة حبوث إجراء العقود بآالت االتصال
احلديثة ضمن جملة جممع الفقه اإلس المي ،العدد الس ادس ،اجلزء الث اين ،جدة1410 ،هـ1990-م ،ص(
.)935
2
() اجملموع للنووي ،املدينة املنورة ،املكتبة السلفية (.)9/181
3
() راجع حكم إجراء العقود بوسائل االتصاالت احلديثة ،حملمد عقلة ،عمان1406 ،هـ ،1986 -ص( .)113
4
() راجع جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد السادس ،اجلزء الثاين ،ص(.)888
5
() راجع املصدر السابق ،ص(.)867
6
() راجع حكم إجراء العقود بوسائل االتصاالت احلديثة ،حملمد عقلة ،ص(.)113
7
() الزواج والطالق يف اإلسالم ،بدران أبوالعينني ،اإلسكندرية ،مؤسسة شباب جامعة اإلسكندرية ،ص(41
).
15
وميكن أن يستدل هلم مبا يلي:
التعاقد عن طريق الوس ائل اإللكرتونية مهاتفة ت وفرت فيه ش روط عقد
ال زواج كالتلفظ باإلجياب والقب ول ،ومساع كل من العاق دين لآلخر
ومعرفته ب ه ،واملواالة بني اإلجياب والقب ول ،ووج ود ال ويل ،ووج ود
صحيحا.
ً الشهود الذين يسمعون اإلجياب والقبول فيكون العقد
الق ول الث اني:مينع عقد ال زواج بطريق الوس ائل احلديثة الناقلة للكالم نطًقا ومنها التعاقد
عرب ش بكة اإلن رتنت مهاتف ة ،وقد ذهب إىل ه ذا الق ول اللجنة الدائمة
() 2
لإلفت اء( )1باململكة العربية الس عودية ،وأك ثر فقه اء جممع الفقه اإلس المي
جبدة.
وميكن أن يستدل هلم مبا يلي:
-1أن ه ذا الطري ق ،أي املهاتفة قد يدخله خ داع أحد العاق دين للطريق اآلخ ر،
وعقد ال زواج جيب أن حيت اط فيه ما ال حيت اط يف غ ريه حفظًا للف روج وحتقي ًقا
ملقاصد الشريعة اإلسالمية.
-2علل جممع الفقه اإلسالمي املنع بأن عقد الزواج يشرتط اإلشهاد فيه.
المناقشة والترجيح:
الراجح من وجهة نظري -واهلل أعلم -جواز إجراء عقد النكاح بوسائل
االتصاالت احلديثة الناقلة للكالم نط ًقا ومنها شبكة اإلنرتنت؛ وذلك لتوفر شروط
النك اح من تلفظ باإلجياب والقب ول ،ومساع كل من العاق دين لآلخر ومعرفته لـه،
ووج ود ال ويل والش هود ،وك ون العاق دين غ ائبني ال ح رج في ه؛ فالعاق دان غائب ان
1
() الفتاوى ،مجع وترتيب حممد عبدالعزيز املسند جملموعة علماء ،باإلضافة لفتاوى اللجنة الدائمة لإلفتاء
باململكة العربية السعودية ،د .ط ،د .ت (.)2/121
2
() جممع الفقه اإلسالمي ،قرارات وتوصيات اجملمع ،الدورات 1 ( :ص ،)10القرارات ( ،)1/97تنسيق
وتعليق د /عبدالستار أبوغدة -دمشق -دار القلم ،ط1388 ،2هـ1988 /م.
16
بشخص يهما ،ولكنهما يعق دان عقد احلاض رين يس مع كل منهما اآلخ ر ،كما
يسمعهما الشهود حني نطقهما باإلجياب والقبول .وأما قول اللجنة الدائمة لإلفتاء
املوقرة واحملرتمة أنه قد حيصل خ داع أحد الط رفني لآلخ ر ،وإن عقد ال زواج حيت اط
فيه ما ال حيتاط يف غريه .فريد على ذلك أنه ميكن أن يرى املتعاقدان بعضهما البعض
عرب شبكة اإلنرتنت أو عرب اهلاتف الذي يظهر صورة كل من املتحادثني مع وجود
احملرم ،وهبذا ينتفي اخلداع كما أن هناك الشاهدين اللذين يعرفان املتعاقدين ،وأما ما
علل به جممع الفقه اإلس المي املوقر جبدة للمنع بع دم وج ود اإلش هاد فغري مقب ول؛
فالش هود يس معون اخلط اب وهم يش هدون على ما مسعوا وهم يعرف ون املتعاق دين
أيضا .وميكن أن يطلب من املتعاقدين معلومات عن إثبات هويتهما بذكر رقم اهلوية ً
وتارخيها ومكان صدورها ،وهبذا يرتجح لدي إجراء عقد الزواج بواسطة الوسائل
اإللكرتونية مشافهة إذا توفرت الشروط السابقة الذكر .واهلل أعلم وأعلى.
17
المبحث الثانـي
إجراء الطالق عن طريق الوسائل اإللكترونية
أوالً :الطالق عبر الوسائل اإللكترونية مهاتفة:
إذا طلق الرجل زوجته مشافهة عن طريقة اهلاتف أو الكمبيوتر املرتبط بشبكة
رعا؛ ألن الطالق ال يتوقف على حض ور الزوجة وال اإلن رتنت ف إن الطالق واقع ش ً
رضاها وال علمها ،كما أنه ال يتوقف على اإلشهاد ،فالطالق يقع مبجرد تلفظ الزوج
ب ه ،ولكن يش رتط أن تتأكد الزوجة من أن ال ذي خاطبها هو زوجها وليس هن اك
تزوي ر؛ ألنه يبىن على ذلك اعت داد الزوجة واحتس اهبا لبداية الع دة من وقت ص دور
()1
أيض ا بالنس بة إىل الزوجة املفوضة
الطالق ال ذي خاطبها به ال زوج ويص دق ذلك ً
بالطالق من قبل زوجها حني العقد ،جاز هلا طالق نفسها منه عن هذا الطريق(.)2
1
() التفويض هو جعل أمر الطالق أو متليك الطالق لزوجته بطالق نفسها منه ،ويشرتط لوقوعه عند
الشافعية تطليقها نفسها على الفور.
راجع مغين احملت اج ( 3/285حىت ،)187الق اهرة ،مطبعة الب ايب احلل يب ،امله ذب للش ريازي ،الق اهرة،
مطبعة البايب احلليب (.)2/80
2
() راجع مستجدات فقهية يف قضايا الزواج والطالق ،ص(.)112
3
() احمللى البن حزم ،القاهرة1352 ،هـ (.)10/197
18
ح زم « :ومن كتب إىل امرأته ب الطالق فليس ش يئاً » وق ال :ق ال اهلل تع اىل :
وه َّن لِ ِع دَّتِ ِه َّن ،)2(وال يقع الطَّالَ ُق م َّرتَ ِ
ان ، وقال اهلل تعاىل :فَطَلِّ ُق ُ
()1
َ
يف اللغة اليت خاطبنا اهلل تع اىل هبا ورس وله اسم تطليق على أن
اب ليس طالقًا يكتب إمنا يقع ذلك على اللفظ به فصح أن الكت
حىت يلفظ به إذا مل يوجب ذلك نص ».
وذهب جه ور الفقه اء إىل أن الطالق يقع بالكتابة املس تبينة ،وهي
اليت تبقى بعد كتابتها وميكن قراءاهتا( .)3كما يقع باللفظ مع خالف فيما
بينهم يف اش رتاط النية يف الكتابة أو ع دم اش رتاطها ،وفيما إذا ك انت
بألفاظ صرحية أم كانت بألفاظ كنائية.
1
() سورة البقرة ،آية (.)229
2
() سورة الطالق ،آية (.)1
3
() الروضة الندية شرح الدرر البهية ،للسيد صديق خان ،القاهرة ،املطبعة األمريية ،د .ت.)2/147 ( .
19
مل ينو صدق يف ذلك.
ق ال ابن عاب دين « :وإن ك انت مس تبينة لكنها غري مرس ومة إن
ن وى الطالق يقع وإال ال .وإن ك انت مرس ومة يقع الطالق ن وى أو مل
ينو »(.)1
افعية( ،)3واحلنابلة( ،)4والزيدية( )5إىل أن وذهب املالكية( ،)2والش
الطالق يصح بالكتابة لكن إذا مل ينو بالكتابة الطالق فال يقع به ش يء،
وبعب ارة ص رحية ع دوا الكتابة ب الطالق كناية ولو ك ان اللفظ ص رحيًا يف
الطالق.
ق ال اخلرش ي « :إن ال زوج إذا كتب إىل زوجته أو إىل غريها أنه
طلقها وهو ع ازم على ذلك ف إن الطالق يقع عليه مبج رد فراغه من
الكتابة »(.)6
وج اء يف خمتصر املزين( « :)7ولو كتب بطالقها فال يك ون طالقًا إال
بأن ينويه».
وق ال الن ووي « :ق ال أص حابنا كل تص رف يس تقل به الش خص
1
() حاشية ابن عابدين ،القاهرة ،الطبعة األمريية الثانية (.)2/439
2
() اخلرشي على خمتصر خليل ،القاهرة ،طبعة 1317هـ (.)3/189
3
() خمتصر املزين مطبوع على هامش األم1321 ،هـ ،املطبعة األمريية بالقاهرة (.)4/75
4
() املغين البن قدامة مطبوع على هامشه الشرح الكبري ،القاهرة ،مطبعة املنار1248 ،هـ ( .)8/412
5
() املنتزع املختار للشيخ عبداهلل بن مفتاح ،القاهرة1332 ،هـ (.)2/385
6
() اخلرشي على خمتصر خليل (.)3/189
7
() خمتصر املزين (.)4/75
20
كالطالق والعتاق واإلبراء ينعقد مع النية بال خالف كما ينعقد بالصريح
»(.)1
وقال ابن قدامة يف املغين« :وإن كتب طالق امرأته ونوى طالقها
وقع وإن نوى جتويد خطه أو غم أهله مل يقع»(.)2
ويف املن تزع املخت ار « :والكتابة على ض ربني لفظ وغري لف ظ ،فغري
اللفظ هو كالكتابة املرتس مة » ...وقد ج اء عقب ذلك يف احلاش ية ق ول
الشارح « :سواء كتب صرحيًا أو كناية.)3(»
وعلى ه ذا فالكتابة ل دى الزيدية ُت َع ُّد كناية ال يقع هبا الطالق
إال بالنية.
المناقشة والترجيح:
وال راجح من وجهة نظ ري هو أن الطالق يقع إذا ك انت الكتابة
مس تبينة ومرس ومة وك انت بألف اظ ص رحية ن وى أو مل ين و؛ ألن اللفظ
الصريح ال حيتاج إىل نية فلو ادعى أنه مل ينو طالقًا مل يصدق .وأما إن
ك انت مس تبينة ومرس ومة ولكن ك انت بلفظ غري ص ريح يف الطالق
فتحت اج إىل الني ة .وأما الكتابة غري املرس ومة َفُت َع ُّد من الكناي ات فال يقع
الطالق هبا إال مع النية س واء أك انت بألف اظ ص رحية أم بألف اظ كنائي ة،
فلو ادعى أنه مل ينو طالقًا صدق يف ذلك.
وأما ق ول الظاهرية واجلعفرية أن الطالق ال يقع بالكتاب ة؛ ألن
1
() اجملموع (.)9/166
2
() املغين (.)3/146
3
() املنتزع (.)2/385
21
اسم الطالق ورد يف الق رآن باللفظ ال بالكتابة فه ذا تش دد ال م ربر لـه؛
زوج يف مفارقة زوجته ألن القصد من اللفظ هو التعبري عن إرادة ال
وه ذا التعبري قد يك ون باأللف اظ كما يك ون بالكتابة وخاصة إِن ك ان
الزوج غائبًا.
وأما جعل اجلمه ور من الفقه اء الكتابة ب الطالق كناية ولو ك ان
اللفظ صرحيًا يف الطالق وكانت الكتابة مستبينة ومرسومة فهذا حتكم ال
م ربر لـه؛ ألن الكتابة إذا ك انت مس تبينة ومرس ومة وبلفظ ص ريح يف
الطالق فلماذا ال حنكم بوقوع الطالق؟.
وهبذا يتضح أن الطالق عرب الوس ائل اإللكرتونية كتابة يقع إذا
ك انت الكتابة مس تبينة ومرس ومة وبلفظ ص ريح يف الطالق ،ف إن ك انت
مس تبينة ومرس ومة ولكنها بلفظ غري ص ريح يف الطالق فالبد أن يس أل
املطلق عن نيت ه .وأما إن ك انت الكتابة غري مس تبينة وال مرس ومة ف إن
املطلق يسأل عن نيته فإن أراد الطالق وقع وإال فال.
22
المبحث الثالث
اإلجراءات المترتبة على عقد الزواج عن طريق الوسائل
اإللكترونية
1
() حاشية ابن عابدين ( ،)11-4/100بريوت دار إحياء الرتاث العريب ،د.ت.
2
() املرجع السابق نفسه ،والصفحات نفسها.
3
() كشاف القناع (.)3/148
24
عقد النك اح ب أجهزة االتص ال الناقلة للص وت مباش رة أوالً ،كما ميكن
إبرامه ب األجهزة الناقلة للح روف على اختالف أنواعها ومنها اإلن رتنت
وإن جملس عقد النك اح املراد إبرامه من خالل ه ذه األجه زة ليس هو
جملس وص ول اخلط اب ،كما هو الش أن يف العق ود األخ رى ،بل هو
اجمللس ال ذي يتمكن فيه من وجه إليه اإلجياب من إحض ار ش اهدين
يسمعان قبوله بعد قراءة الكتاب أمامهم حىت يكون هذا العقد مستوفياً
جلميع أركانه ،وذلك نظراً الختصاص هذا العقد بعدم انعقاده أو صحته
إال بعد حتقق الشهادة(.)1
1
() راجع حكم التعاقد عرب أجهزة االتصال احلديثة يف الشريعة اإلسالمية للدكتور /عبدالرزاق اهلييت ،ص(78
) ،عمان ،دار البيارق1421 ،هـ2000-م.
2
() راجع روضة الطالبني للنووي ( ،)3/435ط 3بريوت ،املكتب اإلسالمي1412 ،هـ1991 -م.
3
() راجع املغين (.)4/7
25
ول ما داما يف اجمللس ،إال إذا رجع املوجب عن إجيابه قبل قبوله القب
وهو ما ذهب إليه احلنفية واحلنابلة واشرتط الشافعية يف القبول الفورية(.)1
خالفًا للعق ود األخ رى وخاصة عق ود املعاوض ات املالية ف إن خي ار
اجمللس عند القائلني به ال جيري يف عقود الزواج.
يق ول ابن قدامة املقدس ي « :وال يصح قي اس ال بيع على النك اح؛
ألن النك اح ال يقع غالبًا إال بعد روية ونظر ومتكن فال حيت اج إىل
اخلي ار بع ده ،وألن يف ثب وت اخلي ار مض رة ملا يل زم من رد املرأة بعد
ابتذاهلا بالعقد وذهاب حرمتها بالرد ،وإحلاقًا بالسلع املعيبة »(.)2
أما فيما يتعلق خبي اري الرج وع والقب ول يف حالة املهاتفة وما
يلحق هبا ،فال حيدث هن اك أي إش كال يف حالة التعاقد بني احلاض رين،
لع دم وج ود فاصل زم ين ،وعلى ه ذا فللم وجب حق الرج وع عن إجيابه
والتحلل منه يف أي وقت قبل ص دور القب ول ،وللط رف املوجه إليه
اإلجياب اخلي ار يف القب ول ما دام يف جملس العقد يف املدة الزمنية مع
وجود الشهود ،فإذا صدر منه القبول لزمه العقد.
أيض ا أنه ال حيدث أي إش كال؛ ألن أما يف حالة الكتابة ف أرى ً
وس ائل االتص االت احلديثة حتقق املواالة بني اإلجياب والقب ول يف عقد
الزواج.
ومجهور الفقهاء القدامى الذين منعوا عقد الزواج عن طريق
الكتابة كان منعهم لعدم وجود املواالة ،ووسائل االتصاالت احلديثة حتقق
املواالة سواء يف املشافهة أو الكتابة.
1
() راجع فيما سبق روضة الطالبني ( ،)3/340واملغين البن قدامة ( ،)7/431مواهب اجلليل للحطاب
( )241 ،4/240ط ،1بريوت ،دار الفكر1398 ،هـ1978-م.
2
() املغين البن قدامة (.)4/7
26
المبحث الرابع
بيان موقف قوانين األحوال الشخصية في بعض البالد العربية
من التعاقد عبر الوسائل اإللكترونية كتابة ومهاتفة
1
() راجع مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي للسنهوري ،بريوت ،دار إحياء الرتاث العريب ،د .ط ،د .ت( ،
.)1/49
2
() راجع املدخل الفقهي العام للزرقا ،ط - 9دمشق ،مطابع أ .ب األديب1967 ،م (.)1/348
31
وعلى هذا يكون جملس العقد يف املكاملة اهلاتفية:
هو زمن االتصال ما دام الكالم يف شأن العقد ،فإن انتقل
املتحدثان إىل حديث آخر أو انتهت املكاملة انتهى اجمللس.
وجملس العقد يف العقود الكتابية اليت جترى بالوسائل اإللكرتونية
كاإلنرتنت والفاكس هو مكان وصول الرسالة على أن ترسل بوسائل
االتصاالت الفورية .حىت ال يكون هناك زمن فاصل بني الكتابة
والقبول(.)1
1
() راجع مستجدات فقهية يف قضايا الزواج والطالق ألسامة األشقر ،ص(.)116
2
() راجع ضوابط العقود حملمود البعلي ،القاهرة ،مكتبة وهبة ،ص( ،)149ص( ،)151مصادر االلتزام
يف الق انون املص ري واللبن اين ،رمض ان أبوالس عود ،د .م ،املكتبة اجلامعية 1986م ،نقالً عن مس تجدات
32
شخصا يعيش يف اإلمارات مثالً ويرغب يف االرتباط
ً فلو أن
بزوجة ثانية تعيش يف مصر ،فإذا قلنا :إِن العقد ينعقد حني القبول من
طرف املرأة فحينئذ البد من تطبيق نظام األحوال الشخصية يف مصر
الذي يوجب إبالغ الزوجة األوىل ،وعلى العكس من ذلك إذا كان
وقت االنعقاد حني علم املوجب بالقبول فالبد من تطبيق نظام األحوال
الشخصية اإلمارايت الذي ال يشرتط مثل هذه الشروط ،وهذا ميكننا من
إدراك العديد من االختالفات بني القوانني اليت تعد جوهرية يف بعض
األحيان مما يسبب للمتعاقدين الضيق واحلرج.
واحلقيقة اليت جيب معرفتها أن الشريعة اإلسالمية تنتمي إىل
نظرية إعالم القبول( )1يف املعامالت املالية.
أما فيما يتعلق بعقود الزواج ،واليت حيتاط فيها ما ال حيتاط يف
ودفعا لتحقق الضرر يف مثل هذه املسائل اليت ختتلف اختالفًا غريهاً ،
جذريًا عن طبيعة العقود األخرى.
هلذا كله أرى أن الراجح يف األحوال الشخصية هو األخذ
بنظرية العلم بالقبول واليت مبوجبها البد للموجب أن يعلم بقبول الطرف
اآلخر ،حىت نقلل من املشكالت والنـزاعات اليت قد حتدث يف عقود
األحوال الشخصية إذا كانت بالوسائل اإللكرتونية.
وإذا كان التعاقد عن طريق اهلاتف وما أشبهه من الوسائل
اإللكرتونية ،فمن الناحية الزمنية ميكننا األخذ بنظرييت إعالن القبول والعلم
معا ،إال يف حال انقطاع اهلاتف لسبب ما فالبد من العودة إىل بالقبول ً
نظرية العلم بالقبول.
فقهية يف قضايا الزواج والطالق ،ص(.)116
1
() جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد السادس ،حبث علي حمي الدين القرة داغي ( )2/950ص(.)953
33
أما من ناحية التحديد املكاين النعقاد العقد فاإلشكال يف كلتا
احلالتني املكاتبة واملشافهة حاصل ،وقد اختلفت القوانني يف حتديد ذلك.
وميكن إجياز اجتاهات القوانني يف ذلك فيما يلي:
أ -أن حتديد مكان انعقاد العقد يرجع قبل كل شيء إىل مشيئة العاقدين
وإىل تقييم وتقدير القاضي ،حسب الظروف املختلفة اليت حتيط بالعقد
واملتعاقدين.
ب -يتفق حتديد الوقت مع حتديد املكان يف بعض احلاالت.
جـ -خيتلف حتديد الوقت عن حتديد املكان يف حاالت أخرى.
والذي أخذت به يف هذا البحث هو القانون املصري يف حتديده
ملكان وزمان العقد؛ فقد قرر يف املادة ( 97مدين) األخذ بنظرية العلم
بالقبول ،واعتربها أرفق باملوجب وأكثر رعاية ملصاحله ،إال أهنا يف الوقت
ذاته أعطت احلرية يف أن يرجع هذا التحديد إىل قصد املتعاقدين
واتفاقهما فإذا مل يوجد اتفاق يرجع إىل نصوص القانون(.)1
أما فيما يتعلق خبيار اجمللس وخيار الرجوع وخيار القبول فقد
حتدثت عنها يف اجلانب الشرعي.
الفصل الثانـي
حكم إبرام العقود التجارية بالوسائل اإللكترونية
1
() راجع مبادئ االلتزام يف القانون املصري واللبناين ،رمضان أبوالسعود ،ص( .)95والوسيط
للسنهوري ،ص(.)248-247
34
المبحـث األول :حكم إبرام العقود التجارية كتابة بالوسائل اإللكترونية.
اإللكترونية.
المبحث الخ امس :بي ان موقف الق وانين الوض عية من التعاقد عن طريق اله اتف
35
الفصل الثانـي
حكم إبرام العقود التجارية بالوسائل اإللكترونية
المبحث األول
حكم إبرام العقود التجارية كتابة بالوسائل اإللكترونية
الكتابة س واء بس واء؛ فعن طريق الوس ائل اإللكرتونية يتم القي ام بربجمة خاصة متكن
اإلنسان من خماطبة اجلهاز اآلخر أوتوماتيكيًّا أو علميًّا وبالتايل كتابة رسالة تعاقدية
فيه ،وختزينها مع توجيهه بإرسال نسخة منها إىل اجلهاز الثاين املرتبط به.
وعليه ميكننا الق ول :إنه ال يوجد أي ف ارق يف التعاقد من خالل الوس ائل
اختلف الفقهاء رمحهم اهلل يف حكم التعاقد بطريق الكتابة على ثالثة أقوال:
36
الق ول األول :ذهب مجه ور الفقه اء من املالكية( ،)1والش افعية( ،)2واحلنابلة( ،)3إىل
أن الكتابة كاخلط اب؛ فالتعاقد هبا ج ائز س واء أك ان العقد بني حاض رين أم
بني غ ائبني ،وس واء أك ان املتعاق دان ق ادرين على النطق أم ع اجزين عن ه،
لكنهم اس تثنوا من ذلك عقد النك اح خلصوص يته واش رتاط الش هود فيه كما
سبق بيانه ،وقد استدل هؤالء إىل ما ذهبوا إليه مبا يلي:
-2ما ثبت يف األدلة الص حيحة القاطعة من أن رس ول اهلل قد اس تعمل الكتابة
وس يلة من وس ائل نشر ال دعوة اإلس المية؛ فلقد خ اطب رس ول اهلل الرؤس اء
وامللوك ودعاهم إىل الدخول يف اإلسالم عن طريق الكتابة( .)4فإذا كانت الكتابة
القول الثاني :مذهب بعض الفقهاء ،وهو قول للشافعية ( ،) 5إىل أنه ال يصح التعاقد بطريق
إنش اء العق ود بالكتابة غري أنه يس تثىن من ذلك الع اجز عن النطق ال ذي ال
جيد حيلة إىل النطق وال يهتدي إال إىل اإلشارة أو الكتابة(.)1
القول الثالث :ذهب فقهاء احلنفية ( )2إىل أن الكتابة تنـزل منـزلة اخلطاب بالنسبة للغائبني
فقط ،ومل يستثنوا من ذلك حىت عقد النكاح كما سبق توضيح ذلك وبيانه.
استدل احلنفية إىل ما ذهبوا إليه بنفس األدلة اليت استدل هبا أص حاب القول
الث اين ،لكنهم ق الوا :إن احلاجة ماسة بالنس بة للغ ائبني دون احلاض رين ،في رتخص
للغ ائبني دون غ ريهم ،فلم اذا يلجأ إليها احلاض ران ومها ق ادران على النطق ال ذي هو
أقوى.
1
() راجع :مبدأ الرضا في العقود لعلي مح يي ال دين الق رداغي ،ص( ،)947ب يروت ،دار البش ائر 1985
م.
2
() راجع :بدائع الصنائع ( ،)5/138القاهرة ،المطبعة الجمالية 1910م.
38
المناقشة والترجيح:
ال راجح من وجهة نظ ري -واهلل أعلم -هو ما ذهب إليه مجه ور الفقه اء
القائلني جبواز إبرام العقود عن طريق الكتابة مطل ًقا أي سواء أكان العقد بني غائبني
أم حاض رين ،وس واء أك ان املتعاق دان ق ادرين على النطق أم ع اجزين عن ه؛ ألنه
يدعمه ال دليل ويتفق مع قواعد الش ريعة وأص وهلا القاض ية برفع احلرج ومبادئها
اخلاصة ب العقود الدالة على أن األس اس هو الرتاضي دون النظر إىل التقيد بأية
شكلية؛ باإلضافة إىل أن الشرع علق حل أكل األموال على الرتاضي فقال تعاىل :
الَ تَ أْ ُكلُواْ أَم والَ ُكم بينَ ُكم بِالْب ِ
اط ِل إِالَّ أَن تَ ُك و َن تِ َج َار ًة َعن َت َر ٍ
اض ِّم ْن ُك ْم ،)1( ْ َ ْ َْ ْ َ
ومع ذلك مل يفصل يف وس ائل التعبري عنه كما أننا ال جند هلا حتدي ًدا دقيق اً يف اللغة
فين اط حينئذ ب العرف والع رف ج ار ق دميًا وح ديثًا على ص الحية الكتابة للتعبري عن
الرضا واإلرادة ،ولذلك فهي صاحلة إلنشاء العقود(.)2
وأما ما يذكره أصحاب القول الثاين من القول بأن الكتابة ليست وسيلة
من الوسائل املعتربة يف التعبري عن اإلرادة الحتمال التزوير وحتسني اخلط ،فال ميكن
االعتماد عليها يف إثبات العقود إال للعاجز فقط فيجاب عنه :بأنه ال ميكن التسليم
ب ه؛ ألن التعبري عما يف النفس كما ميكن أن يتم عن طريق اخلط اب فإنه ميكن أن
يتم عن طريق الكتاب ة .خاصة وإن الع رف ج ار ق دميًا وح ديثًا على اعتم اد الكتابة
1
() سورة النساء ،آية (.)29
2
() راجع :مبدأ الرضا في العقود (.)2/948
39
وسيلة من وسائل التعبري عن النفس كاخلطاب ودون متييز بينهما.
وأما احتم ال ال تزوير أو التقليد فيه ا :ف إن ذلك االحتم ال يتالشى مع دخ ول
القرائن ،إضافة إىل أن هذا الكالم يدور حول عملية اإلثبات وحنن نتحدث عن الكتابة
كوهنا وسيلة من وسائل التعبري عن اإلرادة وليس عن اإلثبات .وأما قولـهم بأن الكتابة مل
تستعمل وسيلة من وسائل إبرام العقود يف عصر النيب ال نسلم هلم ذلك؛ فاألحاديث
الصحيحة شاهدة على أن الرسول قد استعملها يف رسائله مع امللوك وغريهم للتعبري عما
يري ده منهم من ال دخول يف اإلس الم ،ولو سلم ذلك فال يدل ع دم اس تعماهلا يف عه ده
على عدم جواز استعماهلا؛ وذلك ألن مبىن هذه الدالالت على العرف ،واجلمهور على
عدم التقيد بالصيغ الواردة يف الشرع ما دامت ال تصطدم مع نص شرعي وال دليل على
منع الكتاب ة ,وأما اجلواب عما اس تدل به احلنفية -أص حاب الق ول الث الث -فيمكن أن
جياب عنه بأن النزاع يف الكتابة هل تصلح للداللة على ما يف النفس أم ال؟ فإذا قلنا نعم،
ف أي تقييد يف حقه ا ،وتض ييق لنطاقها مبا بني الغ ائبني ال يتفق مع ه ذا اجلواب ،وال مع
املبدأ السائد يف الشريعة اإلسالمية الغراء ،القاضي بأن أساس العقود هو الرضا! ..وأما إذا
ك ان اجلواب ب النفي فالبد أال نس تثين الغ ائبني ،وأن التعبري عن الرضا ض روري يف إنش اء
العقد حبيث ال يتم بدون ه ،كما أنه ال توجد ض رورة بالنس بة للغ ائبني إذ ميكنهما
التوكيل(.)1
1
() راجع مبدأ الرضا في العقود (.)2/947
40
المبحث الثانـي
حكم إبرام العقود التجارية مهاتفة بالوسائل اإللكترونية
متناهية؛ حيث إنه يسمع كال املتحدثني كالم صاحبه بوضوح وال خيتلف الكالم فيه
عن الكالم املباش ر ،س وى وج ود فاصل مك اين بينهما وع دم إمك ان رؤية أح دمها
لآلخر -وإن ك انت التكنولوجيا احلديثة قد توص لت إىل اخ رتاع جه از ه اتف ينقل
احلالة.
ائل إذا انتهى عقد ما من خالل اهلاتف (املهاتفة بالوس ومن هنا ف
اإللكرتونية) ومت فيه اإلجياب والقبول مع بقية الشروط املطلوبة فإنه صحيح ال غبار
عليه ،غري أن عدم رؤية أحدمها لآلخر جيعل احتمال التزوير وتقليد صوت شخص
واردا ،ول ذلك إذا ص ار ال نزاع ح ول ذلك فالقض اء هو الفيص ل ،وتس مع
آخر ً
دعوى من يدعي ذلك ولكن عليه يقع عبء اإلثبات.
أما ع دم رؤية أح دمها لآلخر فليس لـه عالقة بص حة العق ود أو ع دمها؛ ألن
41
املطل وب يف ب اب العق ود مساع اإلجياب والقب ول والتقاؤمها ،أو إدراكهما ب أي وس يلة
كانت(.) 1
فالعقد باملهاتفة كالعقد بني شخصني بعي دين ال ي رى أح دمها اآلخ ر ،ولكنه
باإلض افة إىل أن وج ود الس اتر بني العاق دين -بل بن اؤه -ال ي ؤثر حىت يف
بصورة واضحة مفهومة كما تدل على ذلك نصوص الفقهاء ( ،)4وذلك متحقق يف
املهاتف ة؛ حيث إِن التعبري يتم من خالل اللفظ ال ذي هو حمل االتف اق بني الفقه اء،
وما اهلاتف إال وس يلة لتوص يل الص وت فحس ب ،وليس وس يلة جدي دة ،فالقاع دة
األساسية يف العقود حتقيق الرضا للطرفني والتعبري عنه ،وإظهاره بأي وسيلة مفهومة
كما أن الع رف لـه دور أساسي يف ب اب العق ود .يق ول ابن جنيم احلنفي « :واعلم أن
1
() راجع المجموع ( ،)9/181القاهرة ،دار الطباعة المنيرية.
2
() مجلة مجمع الفقه اإلس المي ،ال دورة السادس ة ،الع دد الس ادس -ج دة /مجمع الفقه اإلس المي -
1410هـ1990-م ،بحث الدكتور علي محي الدين القرة داغي -ص(.)929
3
() راجع المجموع (.)9/181
4
() راجع مبدأ الرضا في العقود ( ،)2/994فقد أحال على كثير من المراجع الفقهية.
42
اعتب ار الع ادة والع رف يرجع إليه يف الفقه يف مس ائل كث رية حىت جعل وا ذلك أص الً،
فقالوا يف باب ما ترتك به احلقيقة :ترتك احلقيقة بداللة االستعمال والعادة »(.)1
الرضا عرفًا »( ،)2وج اء يف اجملم وع « :ومل يثبت يف الش رع لفظ لـه -أي للعق د-
بيعا »(.)3
بيعا كان ً
فوجب الرجوع إىل العرف فكل ما عده الناس ً
ويقول ابن قدامة « :إن اهلل أحل البيع ومل يبني كيفيته فوجب الرجوع فيه
ومن هنا فما التليف ون إال آلة مع ربة عرفًا لتوص يل تلك الوس يلة -اللف ظ-
شرعا(.)6
إىل مسع اآلخر فيكون مقبوالً ً
ض وابط ينبغي التنبيه عليها إذا ك ان التعاقد باهلاتف أو الالس لكي وما أش به
1
() األشباه والنظائر البن نجيم ،ص( ،)93القاهرة ،مؤسسة الحلبي 1387هـ1968-م.
2
() الدسوقي على الشرح الكبير ( ،)3/4القاهرة ،عيسى البابي الحلبي وشركاه.
3
() المجموع (.)9/172
4
() المغني البن قدامة ( ،)3/483القاهرة ،مكتبة القاهرة.
5
() الموافقات للشاطبي ( ،)2/87القاهرة ،المكتبة التجارية الكبرى1975 ،م.
6
() راجع مجلة مجمع الفقه اإلسالمي (مرجع س ابق) بحث لل دكتور علي مح يي ال دين الق رة داغي،
ص(.)931
43
ذلك:
أوالً :إن العقود باهلاتف وحنوه إمنا تصح فيما ال يشرتط فيه القبض الفوري ،أما إذا
بيع رب وي مبثله فال يصح العقد باهلاتف ،إال إذا مت القبض ك أن يك ون لكل
واحد منهما وكيل بالتس ليم عند اآلخ ر ،أو عن طريق بنك ل دى كل واحد
منهما فيه رص يد لكليهم ا ،أو حنو ذلك مبا يتعلق مبوض وع القبض( ،)1كما دل
على اش رتاط القبض الف وري األح اديث الثابت ة ،وإمجاع العلم اء من حيث
املب دأ .فمن األح اديث الص حيحة ح ديث عب ادة بن الص امت --أنه ق ال،
ق ال رسول اهلل « :ال ذهب بال ذهب ،والفضة بالفض ة ،والرب ب الرب ،والشعري
بالش عري ،والتمر ب التمر ،وامللح ب امللح ،مثالً مبثل س واء بس واء ي ًدا بي د ،ف إذا
1
() راجع مجلة مجمع الفقه اإلسالمي (مرجع سابق) ،ص(.)942
وانظ ر :فتح الق دير ( ،)5/274الدس وقي على الش رح الكب ير ( ،)3/47الروضة (،)3/377
المغني البن قدامة ( )4/5ى (.)7
2
() أخرجه مس لم في الص حيح -كت اب المس اقاة -ب اب الص رف وبيع ال ذهب ب الورق نق ًدا (
،)3/2211حديث رقم (.)1587
44
اشرتاط التأخري ،حيث ذهب بعضهم إىل فساده ،وبعضهم إىل صحته .أما إذا
1
() راجع مجلة مجمع الفقه اإلسالمي (مرجع سابق) ،ص(.)943-942
وانظ ر :ش رح الخرشي ( ،)5/203وحاش ية ابن عاب دين ( ،)4/208والمغ ني البن قدامة (
.)4/328
45
المبحث الثالث
اإلجراءات املرتتبة على العقود التجارية عرب الوسائل اإللكرتونية
أوالً:
هن اك إج راءات ت رتتب على العق ود التجارية عرب اإلن رتنت س أتناوهلا يف
املسائل التالية:
المسألة األولى :مجلس العقد في التعاقد عبر
الوسائل اإللكترونية كتابة:
عالج الفقه اإلسالمي هذه المسألة عند بحثه مجلس العقد
بين الغائبين سواء كان هذا عن طريق الكتابة أو الرسول،
وإليك بعضًا من نصوصهم من هذه المسألة:
فقد ص رح احلنفية ب أن األصل هو احتاد اجمللس ب أن يقع اإلجياب والقب ول يف
جملس واحد ،ولكن جملس التعاقد بني الغائبني هو جملس وصول اخلطاب أو الرسول.
ق ال الكاس اين « :وأما الكتابة فهي أن يكتب الرجل إىل الرج ل :أما بعد فقد بعت
عب دي فالنًا منك بك ذا فبلغه الكت اب ،فق ال اش رتيت؛ ألن خط اب الغ ائب كتاب ة،
فكأنه حضر بنفسه وخاطب باإلجياب وقبل اآلخر يف اجمللس »(.)1
ويق ول الن ووي « :وإن قلن ا :يصح -أي ال بيع بالكتاب ة -فش رطه أن يقبل
إليه مبجرد اطالعه على الكتابة ...وإذا صححنا البيع بالكتابة جاز القبول بالكتب
وباللف ظ ،ذك ره إم ام احلرمني وغ ريه ...ق ال الغ زايل :إذا ص ححنا ال بيع بالكتاب ة،
فكتب إليه فقبل املكتوب إليه ثبت لـه خيار اجمللس ما دام يف جملس العقد.)2(»
ويظهر من خالل ه ذه النص وص الفقهية وغريها أن جملس العقد بالنس بة
للتعاقد عرب الوسائل اإللكرتونية هو جملس وصول اخلطاب ،فإذا وصل وقرأه وقال
قبلت أو كتب املوافقة فقد انعقد العقد.
1
() بدائع الصنائع (.)5/138
2
() المجموع (.)168-9/167
46
المسألة الثانية :وقت تمام العقد:
إن العقد بالكتابة ومنها التعاقد كتابة عرب الوس ائل اإللكرتونية يتم مبج رد
القب ول الص ادر من الش خص املوجه إلي ه ،وجملس وص ول اخلط اب هو جملس العقد
بل إن فقه اء احلنفية َع دُّوا املكت وب نفسه مبثابة حض ور املوجب الك اتب نفس ه،
فعلى ضوء ذلك فإن احلنفية يقولون بنظرية إعالن القبول.
يقول املرغن اين احلنفي « :والكت اب كاخلطاب ،وك ذا اإلرس ال حىت اعترب
جملس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة »(.)1
وق ال ت اج الش ريعة « :وص ورة الكتابة أن يكتب إىل رج ل ...فلما بلغه
الكتاب وقرأه وفهم ما فيه قبل يف اجمللس صح البيع ،كذا يف العيين.)2(» ...
وك ذلك بقية املذاهب ُت َع ُّد وقت متام العقد حني يصل املكت وب س واء
أكان عن طريق شخص أو عن طريق الوسائل اإللكرتونية إىل الشخص الذي وجه
إليه فيقبله يف اجمللس ،فحينئذ انعقد العقد وإليك بعض النصوص يف هذا املضمار.
يقول النووي « :قال الغزايل :إذا صححنا البيع بالكتابة فكتب إليه ،فقبل
املكت وب إليه ثبت لـه خي ار اجمللس م ادام يف جملس القب ول ،ق ال ويتم ادى خي ار
الكاتب إىل أن ينقطع خيار املكتوب إليه ،حىت ولو علم أنه رجع عن اإلجياب قبل
مفارقة املكتوب إليه جملسه صح رجوعه ومل ينعقد البيع .واهلل أعلم »(.)3
1
() الهداية مع فتح القدير والعناية (.)5/79
2
() الفتاوى الهندية ( ،)3/9القاهرة ،المطبعة األميرية ،د .ت.
3
() المجموع (.)9/168
47
وأما املالكية( )1فم ذهبهم أن اإلجياب مل زم للم وجب بش روطه( ،)2فعليه ال
يتمشى مع قواعد م ذهبهم أن يش رتطوا علم املوجب بقب ول القابل حىت يتم العق د،
بل إن نصوص هم ظ اهرة كل الظه ور ب أن ال بيع وحنوه ينعقد مبج رد القب ول بعد
1
() الخرشي على خليل (.)5/5
2
() الشروط هي -1 :إذا كان إيجابه بصيغة الماضي.
-2أو ك ان األمر يتعلق بالتبرع ات .راجع الدس وقي على الش رح الكب ير ( ،)3/4وش رح الخرشي على
خليل ( .)5/5
3
() المغني (.)3/561
48
-1أن يكون للطرف املخاطب باإلجياب خيار القبول حلني انفضاض اجمللس ،فهو غري
مل زم ب القبول؛ إذ لو ألزمن اه ب ذلك آلل األمر إىل جتارة من غري ت راض وه ذا ال
جيوز.
-3أن يعطي للمتعاق دين خي ار اجمللس ،وه ذا اخلي ار يعين أن لكل عاقد احلق يف
فسخ العقد ولو بعد إبرامه ما داما يف جملس واح د ،ف إذا انفض اجمللس بطل
اخليار.
وخي ار اجمللس حمل خالف بني الفقه اء فقد أثبته كثري من فقه اء الس لف
1
() راجع فتح القدير البن الهم ام ( ،)5/78الروضة للن ووي ( ،)3/339كش اف القن اع للبه وتي (
.)3/147
2
() راجع الجامع ألحكام القرآن للقرطبي ( ،)3/357ط ،3دار الكتب المصرية.
3
() من أراد التوسع ومعرفة أدلة كل ق ول فعليه أن يرجع إلى المراجع الفقهية األص لية ،وبحث
فض يلة ال دكتور /إب راهيم فاضل ال دبو -مجلة مجمع الفقه اإلس المي (مرجع س ابق) ،ص(-856
.)857
4
() راجع الروضة ( ،)3/432منتهى اإلرادات البن النجار (.)1/356
49
فال جيوز ،ومحلوا احلديث على خيار القبول(.)5
والراجح من وجهة نظري الرأي الذي يقول خبيار اجمللس ،وليس ه ذا املق ام
مقام بسط األدلة ،ومن أراد التوسع فعليه أن يرجع إىل املصادر الفقهية القدمية واحلديثة.
إجيابه مادام أنه مل يقرتن به قبول الطرف اآلخر ،وال فرق بني أن يكون العقد بني
حاضرين أم بني غائبني ،وسبق القول بأن هذا اخليار مسلم به بني مجهور الفقهاء
باستثناء فقهاء املالكية.
لكن الكالم بالنس بة للتعاقد من خالل الوس ائل اإللكرتونية مهاتفة ي دور
حول مدى امتداد هذا اخليار وبقائه .لقد حبث الفقهاء --رمحهم اهلل --هذه املسألة
وهي :مىت ينقطع خي ار املوجب يف الرج وع عن إجياب ه ،فق الوا :بالنس بة حلال إب رام
العقد عن طريق الكتابة ويتمادى خيار الكاتب إىل أن ينقطع خيار املكتوب إليه حىت
5
() راجع فتح القدير ( ،)5/81بداية المجتهد البن رشد (.)2/139
50
ولو علم أنه رجع عن اإلجياب قبل مفارقة املكت وب إلي ه :صح رجوعه ومل ينعقد
البيع(.)1
وعليه ميكننا الق ول :بأنه حيق للم وجب املتعاقد من خالل اهلاتف الرج وع
عن إجيابه ما دام أن الط رف اآلخر املوجه إليه اإلجياب مل يغ ادر جملس العق د؛ ذلك
وألن فقهاءنا طاملا منحوا هذا احلق يف عقد بني غائبني فمنحه هذا احلق يف
التعاقد من خالل اهلاتف يكون من باب أوىل؛ لقربه من التعاقد بني حاضرين ومثل
هذا احلال يف التعاقد بني حاضرين أمر مسلم به لدى الفقهاء القائلني هبذا اخليار(.)3
ثانيًا:خيار القبول:
لقد وسع الق ائلون هبذا الن وع من أن واع اخلي ار -وهم فقه اء احلنفية
واحلنابلة -دائرة معىن التفرق؛ حيث إهنم اعتربوا جمرد القيام من اجمللس أو االنشغال
عنه بأكل أو حنوه ،بل كل ما يدل عن اإلعراض عن اإلجياب تفرقًا يقطع اخليار.
جاء يف الفتاوى اهلندية « :وأما إذا اشتغل باألكل فيتبدل اجمللس ،فلو ناما
1
() المجموع (.)9/178
2
() الوسيط للسنهوري ( ،)4/46القاهرة ،دار النشر للجامعات المصرية1960 ،م.
3
() حكم التعاقد عبر أجهزة االتصاالت الحديثة في الشريعة اإلسالمية ،ص(.)23
51
مضطجعا فهي فرقة »(.)1
ً أو نام أحدمها إن كان
ه ذا هو الش أن يف العقد املربم بني حاض رين ولكن األمر بالنس بة للتعاقد بني
املتباع دين عرب اهلاتف غري واض ح؛ ل ذلك البد من اس تعراض بعض ما قاله فقهاؤنا هبذا
الشأن.
هن اك مس ألة ش بيهة بالتعاقد عرب الوس ائل اإللكرتونية مهاتف ة ،من حيث
جتدد جملس العقد يف كل منهما وع دم اس تقراره ،وه ذه املس ألة هي التعاقد أثن اء
املشي أو املسري ج اء يف الفت اوى اهلندي ة « :وإن تعاق دا على بيع ومها ميش يان أو
يس ريان على دابة واح دة أو داب تني ف إن أخ رج املخ اطب جوابه متص الً خبط اب
ص احبه مت العقد بينهم ا ،وإن فصل عنه -وإن ق ل -فإنه ال يصح وإن كانا يف حمل
واحد »( .)2فه ذا النص وغ ريه من النص وص اليت مل ن ذكرها نشري إىل أن العقد بني
املاشيني أو الراكبني هو عقد فوري ال خيار فيه ملن وجه إليه اخلطاب خبالف العقد
بني اجلالس ني .ومبا أن املكاملة اهلاتفية شبيهة مبس ألتنا ه ذه من حيث إن جملس العقد
يف كل منهما غري مستقر بل هو متجدد مستمر ،فكما أن جملس العقد بني املاشيني
أو الراكبني يتجدد بتجدد خطواهتما أو خطوات دابتهما فكذلك األمر بالنسبة إىل
املكاملة اهلاتفية وتكرره ا .وعليه فيمكننا الق ول إنه جيب على القابل يف العقد املربم
قياس ا على
من خالل اهلاتف إعالن قبوله ف ور ص دور اإلجياب وال حيق لـه ت أخريه ً
املتعاقدين املاشيني أو الراكبني؛ ذلك ألن احتمال انقطاع االتصال بينهما وارد يف كل
حلظة وعند ذلك يس قط حقه يف إعالن قبوله على اإلجياب املوجه إلي ه ،أما إذا انقطع
خارجا عن إرادهتما -وأبدى القابل رغبته يفاالتصال بينهما حىت -وإن كان انقطاعه ً
عقد الص فقة أع اد املكاملة ثاني ة ،ف إن قبوله يف ه ذه احلالة يك ون إجياب اً جدي ًدا يتوقف
نفاذه على قبول الطرف اآلخر على رأي الفقهاء القائلني جبوار صدور اإلجياب من أي
1
() الفتاوى الهندية ( ،)3/7مصر المطبعة العامرة ،د .ت.
2
() الفتاوى الهندية ( ،)3/7مصر المطبعة العامرة ،د .ت.
52
ط رف من أط راف العق د؛ ذلك ألن التعاقد من خالل اهلاتف هو عقد متج دد يس قط
أساسا على التعاقد بني املاشيني أو الراكبني(.)1
فيه خيار القبول ً
1
() راجع حكم التعاقد عبر أجهزة االتصاالت الحديثة في الشريعة اإلسالمية ،ص(.)26
2
() راجع فتح القدير البن الهمام ( ،)5/78القاهرة ،المطبعة األميرية1316 ،هـ.
53
خيار اجمللس للمتعاقدين يف العقود التجارية ال ميكننا إعطاؤه نفس احلكم من حيث
فرتة امتداد هذا اخليار ،وجعله باقيًا حىت يتفرق كل املتعاقدين من مكاهنما إذا كانا
حاضرين ،أو حىت يتفرق أحد املتعاقدين عن مكان العقد إذا كانا متباعدين.
ذلك ألن ه ذا قي اس مع الف ارق؛ إذ إن املتعاق دين احلاض رين موج ودان يف
مكان واحد ويرى كل منهما صاحبه ،ويدرك التصرفات الصادرة عنه ،وقد يكون
يف بعضها ما يفيد فسخ العقد وإهناء اخليار بينهما ،وكذلك احلال بالنسبة للمتباعدين
اللذين يرى كل منهما صاحبه ،من حيث إن املتحدثني من خالل جهاز اهلاتف الناقل
للص وت فقط مها يف مك انني خمتلفني ،وال ي رى أي منهما ص احبه ،وال يع رف ش ًيئا
عنه وال يربط بينهما سوى جهاز اهلاتف أو ما شاهبه.
وعليه ف إن جملس العقد املربم من خالل جه از اهلاتف أو ما ش اهبه من
أجهزة االتصال األخرى ينعقد من حني صدور اإلجياب أثناء املكاملة اهلاتفية ،وأنه
يستمر ويبقى ما دام الكالم موصوالً بينهما ،حيق فيه للموجب الرجوع عن إجيابه
قائما مادامت املكاملة
مادام أنه مل يقرتن به قبول الطرف اآلخر ،ويبقى جملس العقد ً
بينهما مس تمرة ،ف إذا ما انقطعت املكاملة من قبلهما أو من قبل أح دمها ،أو قطعت
تاما اقرتن فيه القبول باإلجياب فإن العقد يكون حينئذ من قبل غريمها ،وكان العقد ًّ
تاما والزما لكال الطرفني ،وال حيق ألي منهما الرجوع فيه.ًّ
أما إذا انقطعت املكاملة ألي سبب من األسباب بعد صدور اإلجياب وقبل
أيض ا الرج وع عن إجيابه ما دام أنه مل قب ول الط رف اآلخ ر ،فإنه حيق للم وجب ً
يقرتن به قبول الطرف اآلخر .أما الطرف اآلخر املوجه إليه اإلجياب ،فإنه ال حيق لـه
الرج وع عن القب ول حىت ولو مت ذلك من خالل نفس املكاملة؛ ذلك ألن ه ذا العقد
قياس ا على العقد بني املاش يني أو
من العق ود املتع ددة اليت يس قط فيها خي ار القب ول ً
الراكبني.
معا كما هو احلال يف أما إذا ك ان جه از اهلاتف ن اق ًال للص ورة والص وت ً
االتص ال عرب ش بكة اإلن رتنت فإنه يك ون مهاتفة ب دون ص ورة وأحيانًا يك ون بالص وت
54
والص ورة ،ف إن جملس التعاقد فيه ال خيتلف من حيث انته اؤه عن جملس العقد بني
املتباعدين اللذين يرى كل منهما صاحبه أثناء التعاقد ،وميتد بينهما ما دام أنه مل يفارق
أحدمها مكان العقد.
وعليه فإن جملس العقد يعترب منتهيًا بالنسبة ملتعاق دين هبذا النوع من أنواع
األجه زة مبج رد ص دور اإلجياب من أحد املتعاق دين ،ف إن ص در منه ما ي دل على
انش غاله عن العقد أو إعراضه عنه من أكل أو ش رب أو ص الة وما ش ابه ذلك حىت
-ولو ك انت املكاملة ال ت زال مس تمرة -بني املتعاق دين فإنه يعترب منتهيً ا .كما أنه
ينتهي أيض اً يف حالة مشاهدة أحدمها مغادرة صاحبه جملس العقد ،حىت ولو كانت
املكاملة بينهما ال ت زال مس تمرة ،إال إذا ك انت مغ ادرة ذلك املك ان إلحض ار أمر
يتعلق بإبرام العقد ،فإنه يستثىن من ذلك ويتسامح فيه.
وبالت ايل ف إن ح االت انته اء اجمللس بالنس بة جله از اهلاتف الناقل للص وت
معا هي: والصورة ً
-1انتهاء املكاملة اهلاتفية.
-2مش اهدة أي من املتعاق دين ص دور تص رف من ص احبه ي دل على انش غاله عن
العقد أو إعراضه عنه ،حىت ولو كانت املكاملة مستمرة بينهما.
-3مشاهدة أي من املتعاقدين مغادرة صاحبه جملس العقد حىت ولو كانت املكاملة
قائمة ومس تمرة بينهم ا؛ ويس تثىن من ذلك ك ون مغادرته تتعلق بإحض ار أمر
ضروري يتعلق بإبرام العقد(.)1
1
() راجع حكم التعاقد ع بر أجه زة االتص االت الحديثة في الش ريعة اإلس المية ،ص(،)32 ،28
وبحث ال دكتور علي مح يي ال دين الق رة داغي في حكم إج راء العق ود ب آالت االتص ال الحديث ة،
مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ،العدد السادس ،الجزء الثاني ،ص(.)939 -933
55
المبحث الرابع
بيان موقف القوانين الوضعية من التعاقد عن طريق الكتابة
وما في حكمها من الوسائل اإللكترونية كالفاكس واإلنترنت
وما أشبه ذلك
التعاقد عن طريق الكتابة أخ ذت هبا الق وانني املعاص رة ويغلب التعبري على
املوجب كما هو عند الفقه اء ،فعند ه ؤالء س يان أن يك ون العقد قد مت عن طريق
إيفاد رسول يبلغ الرسالة من هذا لذاك أو عن طريق املكاتبة بواسطة الربيد أو عن
فقد نصت املادة ( )90من الق انون املدين املص ري على « :أن التعبري عن
ونص الق انون املدين املغ ريب على « :أَن التعبري الص ريح عن اإلرادة غري خاضع
ألي شكل خاص فيمكن أن يكون كتابيًّا أو شفويًّا وحىت باإلشارة املتداولة عرفًا ».
الثالثة :مسألة مدى التزام املوجب باإلبقاء على إجيابه بعد أن يبعث به إىل املوجب
لـه.
نصت املادة ( )97من الق انون املدين املص ري على ما يلي « :يعترب التعاقد ما
بني الغ ائبني قد مت يف املك ان ويف الزم ان الل ذين يعلم فيهما املوجب ب القبول ما مل
ويف رتض أن املوجب قد علم ب القبول يف املك ان ويف الزم ان الل ذين وصل إليه
وج اء يف األخذ مبذهب العلم بأنه أق رب املذاهب إىل رعاية مص لحة املوجب؛
57
ذلك أَن املوجب هو ال ذي يبت دئ التعاق د ،فهو ال ذي حيدد مض مونه ويعني ش روطه،
فمن الط بيعي واحلال ه ذه ،أن يت وىل حتديد زم ان التعاقد ومكان ه ،ومن الع دل إذا مل
يفعل أن تك ون اإلرادة املفروضة مطابقة ملص لحته عند ع دم االتف اق على ما خيالف
ذل ك؛ فم ذهب العلم هو ال ذي يس تقيم دون غ ريه مع املب دأ القاضي ب أن التعبري عن
اإلرادة ال ينتج أث ره إال إذا وصل إىل من ُو ِّج َه إليه على حنو يت وفر معه إمك ان العلم
ؤدى ذلك أن القب ول بوص فه تعب ًريا عن اإلرادة ال يصح هنائيًّا إال يف
مبض مونه ،وم َّ
تاما إال يف هذا الوقت
الوقت الذي يستطيع فيه املوجب أن يعلم به وال يعترب التعاقد ًّ
»(.)1
« إذا كانت طبيعة املعاملة أو العرف التجاري أو غري ذلك من الظروف تدل
على أَن املوجب مل يكن ينتظر تصرحيًا بالقبول فإن العقد يعترب قد مت إذا مل يرفض
اإلجياب يف وقت مناسب.
ويعترب الس كوت عن ال رد قب والً إذا ك ان هن اك تعامل س ابق بني املتعاق دين
واتصل اإلجياب هبذا التعامل ،أو إذا متحض اإلجياب ملنفعة من ُو ِّجه إليه ».
-1يعترب التعاقد ما بني الغائبني قد مت يف املكان والزمان اللذين يعلم فيهما املوجب
1
() القانون المدني ومجموع األعمال التحضيرية (.)54 ،2/53
58
بالقبول ما مل يوجد اتفاق أو نص قانوين يقضي بغري ذلك.
-2ويفرتض أن املوجب قد علم بالقبول يف املكان والزمان اللذين وصل إليه فيهما
وج اء يف الق انون املدين األردين ،املادة ( « :)101إذا ك ان املتعاق دان ال
يضمهما حني العقد جملس واحد يعترب التعاقد قد مت يف املكان والزمان اللذين صدر
ويالحظ يف الق وانني الثالثة املتقدمة أن الق انونني املص ري واإلم ارايت قد تبنَّيا
نظرية العلم ب القبول وهو ما أخ ذت به معظم الق وانني الوض عية كالق انون املدين
العراقي واإلجنليزي.
وأما القانون املدين األردين فقد تبىَّن نظرية إعالن القبول ،وهو بذلك يتفق مع
الفقه اإلسالمي الذي يأخذ بنظرية إعالن القبول كما سبق بيانه(.)1
ول ذا جيوز بنا أن ن بني خالف فقه اء الق انون الوض عي يف وقت متام العق د،
فأقول :ملا كانت مسألة وقت متام العقد بني الغائبني حمل خالف بني فقهاء القانون
وتقضي بأنه إذا قبل من وجه إليه اإلجياب التعبري الص ادر من الط رف اآلخر مت
1
() ينظر :ص( )41من هذا البحث.
59
العقد دون حاجة إىل تأخري ذلك إىل وقت الحق.
والق ائلون هبا يقول ون :إنه البد لتم ام العقد من اق رتان القب ول بإرس ال ذلك
يق ول أص حاب ه ذا االجتاه :إنه ال يكفي لتم ام العقد إعالن القب ول والقي ام
بإرس اله فق ط ،بل البد من وص ول ذلك القب ول إىل الش خص املوجب حىت يتم
العقد.
يق ول أص حاب ه ذه النظري ة :إن العقد ال يكفي لتمامه إعالن القب ول وإرس اله
ووصوله للشخص املوجب ،بل البد لتمام العقد بني الغائبني أن يصحب ذلك كله
ولكل نظرية من ه ذه النظري ات األربع أنص ارها ومؤي دوها ،لكن فض يلة
الدكتور عبدالرزاق اهلييت رجح نظرية إعالن القبول وبرر ذلك بأربعة أمور:
1
() راجع مص ادر االل تزام في الق انون المص ري واللبن اني لل دكتور رمض ان أبوالس عود ،ص(-91
،)92الدار الجامعية ،د .ط1986 ،م ،الوسيط للسنهوري ،ص(.)239-238
60
-1الختالف طبيعة التعاقد بني احلاض رين والغ ائبني ،من حيث زم ان العقد
ومكان ه ،وعليه فإنه ال ميكن إحلاق التعاقد بني الغ ائبني بالتعاقد بني احلاض رين
وإعطائه نفس احلكم يف اش رتاط علم املوجب ب القبول بنفس اجمللس ال ذي
عن ذلك يف جملس وصول اخلطاب؛ ألن العقد ينعقد باقرتان القبول باإلجياب،
-2ص عوبة حتديد وقت متام العقد إذا قلنا بغري نظرية إعالن القب ول؛ ذلك ألنه ال
ميكن حتديد اللحظة اليت يتم فيها إرسال القبول ،أو حلظة وصوله أو العلم به،
مما جيعل األمر غري مس تقر ومنض بط ،بل قد ي ؤدي إىل حص ول الفوضى اليت
-3إن األخذ بنظرية إعالن القبول يؤدي إىل حسم املع امالت والبت فيها بأس رع
وناجزا مبجرد إعالن القبول.
ً تاما
وقت ممكن حيث يصبح العقد ًّ
متاما ما أمجع عليه فقهاؤنا كما
-4إن الق ول بنظرية إعالن القب ول هو ال ذي يتفق ً
سبق بيانه(.)1
أما بالنسبة للمسألة الثالثة وهي :مدى التزام املوجب باإلبقاء على إجيابه ،فقد
1
() ينظر :ص( )41من هذا البحث.
61
« -1إذا عني ميع اد للقب ول ال تزم املوجب بالبق اء على إجيابه إىل أن ينقضي ه ذا
امليعاد.
1
() القانون المدني المصري ومجموعة األعمال التحضيرية (.)2/36
62
المبحث الخامس
بيان موقف القوانين الوضعية من التعاقد عن طريق الهاتف والالسلكي
واإلنترنت وما يشبهها مهاتفة
مل خيتلف فقه اء الق انون يف حتدي دهم لطبيعة ه ذا العقد عما ذهب إليه
فقهاء الشريعة()1؛ فقد قالوا :إن هذا العقد هو عقد بني حاضرين من حيث الزمان
فلقد جاء يف املشروع التمهيدي للقانون املدين املصري مادة رقم ()140
ما يلي « :يعترب التعاقد ب التليفون أو ب أي طريقة مماثلة كأنه مت بني حاض رين فيما
وج اء يف الق انون املدين اإلم ارايت م ادة ( )143ما يلي « :يعترب التعاقد
باهلاتف أو بأية طريقة مماثلة بالنس بة للمك ان كأنه مت بني متعاق دين ال يض مهما جملس
واحد حني العقد أما فيما يتعلق بالزمان ،فيعترب كأنه مت بني حاضرين يف اجمللس ».
وج اء يف املذكرة اإليض احية للق انون املدين اإلم ارايت ما يلي « :وال يثري
التعاقد باهلاتف أو بأية وس يلة مماثلة ص عوبة إال فيما يتعلق بتع يني مك ان انعق اد
1
() انظر :ص( )39من هذا البحث.
2
() راجع الوسيط للسنهوري ،ص(.)239
63
العقد؛ فشأنه من هذه الناحية شأن التعاقد بني الغائبني الذين تفرقهم شقة املكان،
ول ذلك تس ري عليه أحك ام املادة الس ابقة اخلاصة بتع يني مك ان التعاقد بني الغ ائبني
ويعترب التعاقد باهلاتف قد مت يف املكان الذي وصل فيه القبول ما مل يقم الدليل على
عكس ذلك.
أما فيما يتعلق بزم ان انعق اد العقد فالتعاقد باهلاتف ال يف رتق عن التعاقد
ويرتتب على إعطاء التعاقد باهلاتف حكم التعاقد بني احلاضرين فيما يتعلق
بزمان انعقاد العقد ،أن اإلجياب إذا وجه دون حتديد ميعاد لقبوله ومل يصدر القبول
ويقابل ه ذه املادة واليت قبلها املواد ( )101من الق انون املدين األردين و (
)98من القانون املدين العراقي.
وقد علل الش راح ك ون التعاقد هبذا اجله از -أي اهلاتف وما ش اكله من
الوس ائل اإللكرتوني ة -هو تعاقد بني حاض رين من حيث الزم ان ،فق الوا ألن انتق ال
الصوت بالتليفون جيعل الطرفني من حيث الزمان يف جملس واحد ،إذ مبجرد صدور
1
() الم وجز في ش رح الق انون الم دني الع راقي ،ص( 92ح تى )94لل دكتور عبدالمجيد الحكيم
64
وأما بالنسبة ملكان هذا العقد فقالوا :ال شك أنه خمتلف ،حيث إن مكان
كل واحد من العاق دين خمتل ف ،ول ذلك يعترب التعاقد ب التليفون مبثابة التعاقد بني
غائبني ،فيأخذ حكمه ،وعليه يكون مكان التعاقد بواسطة التليفون ،أو بأية وسيلة
مماثلة كالالسلكي مثالً هو املكان الذي يعلمه فيه املوجب ،إذ يف هذا املكان حيصل
وب ذلك أخ ذت مجيع الق وانني العربية باس تثناء الق انون املدين األردين كما
سبق بيانه(.)2
متاما مع
وقد ظهر جبالء أن الق وانني املدنية يف أغلب البل دان العربية تتفق ً
ما ذهب إليه النظر الفقهي اإلس المي من أن العقد من خالل اهلاتف والوس ائل
اإللكرتونية األخ رى املش اهبة هو عقد ف وري يقتضي إعالن القب ول ف ور ص دور
اإلجياب فإن تأخر ذلك القبول ولو قليالً؛ جاز للموجب الرجوع عن إجيابه ،حىت
ولو كانت املكاملة اهلاتفية ال تزال مستمرة بينهما.
بتص رف ،ط ،3بغ داد ،ش ركة الطبع والنشر األهلية 1389هـ1969-م .نقالً عن حكم التعاقد
عبر أجهزة االتصاالت الحديثة في الشريعة اإلسالمية للدكتور عبدالرزاق الهيتي ص(.)49
1
أيض ا نقالً عن حكم التعاقد ع بر أجه زة االتص االت الحديثة في
() المص در الس ابق :بتص رف ً
الشريعة اإلسالمية للدكتور الهيتي ،ص(.)50
2
() انظر :ص ( )50من هذا البحث.
65
خاتمة البحث ونتائجه
-2ذك رت أثن اء ح ديثي عن إب رام عقد ال زواج عن طريق الوس ائل اإللكرتونية
كتابة أن ه ذا الطريق ك ان معروفًا ق دميًا ومل تبت دع وس ائل االتص االت ه ذا
النمط من العق ود اجلدي دة فيها إمنا هو س رعة النق ل .وقد اختلف الفقه اء يف
الق ول الث اني :جييز إج راء عقد ال زواج بالكتاب ة ،وه ذا م ذهب احلنفي ة .وقد
رجحته ذلك أهنم اعت ربوا جملس العقد س اعة وص ول اخلط اب
الذي حيمل اإلجياب إىل الطرف اآلخر ،فإذا وصل اخلطاب ودعا
66
الشهود وأطلعهم على الكتاب وأخربهم مبضمونه وأشهدهم على
يعرفان الطرفني.
-3كما أنه ميكن عقد النك اح عن طريق املهاتفة عرب الوس ائل اإللكرتونية وقد
الق ول األول :جييز إجراء عقد الزواج مشافهة عن طريق وسائل االتصاالت
ومنها التعاقد عرب شبكة اإلنرتنت وقد رجحت جواز إجراء عقد
ال زواج بوس ائل االتص االت احلديثة الناقلة للكالم نط ًقا ومنها
67
بأشخاص هما ولكنهما يعق دان عقد احلاض رين ويس مع كالّ منهما
-4أما فيما يتعلق ب إجراء الطالق عن طريق الوس ائل اإللكرتونية مهاتفة ف إن
تزوي ر؛ ألنه ينبين على ذلك اعت داد الزوجة واحتس اهبا لبداية الع دة من وقت
-5أما الطالق عرب الوسائل اإللكرتونية كتابة فقد اختلف الفقهاء فيه على أقوال:
الق ول الث اني :ذهب مجه ور الفقه اء إىل أن الطالق يقع بالكتابة لكنه إذا مل
ينو بالكتابة الطالق فال يقع به ش يء؛ أي أهنم َع دُّوا الطالق به
ك انت الكتابة مس تبينة وغري مرس ومة فتعد من الكناي ات فال يقع
هبا الطالق إال مع النية س واء أك انت بألف اظ ص رحية أم بألف اظ
68
كنائي ة ،وال راجح من وجهة نظ ري هو م ذهب احلنفية لدقته
ومشوله.
-6أما ما يتعلق باإلجراءات املرتتبة على عقد الزواج عرب الوسائل اإللكرتونية فإن
جملس العقد على ال راجح هو اجمللس ال ذي يتمكن فيه من وجه إليه اإلجياب
من إحضار شاهدين يسمعان قبوله بعد قراءة الكتاب أمامهم حىت يكون هذا
أما ما يتعلق خبيار اجمللس وخيار الرجوع وخيار القبول فإن خيار اجمللس عند
الق ائلني به ال جيرى يف عق ود ال زواج؛ ألن النك اح ال يقع غالبًا إال بعد روية
أما خي ار الرج وع والقب ول يف حالة املهاتفة وما يلحق هبا فليس هن اك أي
إش كال يف حالة التعاقد بني احلاض رين؛ لع دم وج ود فاصل زم ين ،وعلى ه ذا
فللم وجب حق الرج وع عن إجيابه والتحلل منه يف أي وقت قبل ص دور
القب ول ،وللط رف املوجه إليه اإلجياب اخلي ار يف القب ول ما دام يف جملس العقد
يف املدة الزمنية مع وجود الشهود فإذا صدر منه القبول لزمه العقد.
-7أما فيما يتعلق مبوقف ق وانني األح وال الشخص ية يف بعض البالد العربية من
69
التعاقد عرب الوس ائل اإللكرتونية كتابة ومهاتفة ف إن التعاقد عن طريق الكتابة
أخ ذت به معظم ق وانني األح وال الشخص ية يف البالد العربي ة ،وقد ج اء ذلك
يف املادة ( )6ف ( )2من مشروع قانون األحوال الشخصية لدولة اإلمارات
أيضا.
العربية املتحدة ويف املادة ( )7من القانون املذكور يف (جـ) ً
وأيضا يف قانون األحوال الكوييت املادة ( )9ف (ب) واملادة ( )10ف (جـ).
ً
ويف قانون األحوال القطري مادة ( )14ف (أ).
األح وال الشخص ية املوحد لإلقليمني املص ري والس وري م ادة ( )174فق رة
يف البالد العربية تعرضت لـه مطل ًقا وك ذلك الطالق مهاتف ة .وفيما يتعلق
الشخص ية العربية فقد تعرضت لـه يف مس ألتني ،األولى :حتديد جملس العق د،
70
باحتاد اجمللس هو احتاد ال زمن أو ال وقت ال ذي يك ون املتعاق دان مش تغلني فيه
الرسالة.
يعد من األمهية معرفة الزم ان واملك ان الل ذين مت فيهما ال زواج ملعرفة ال وقت
احملدد لت رتتب اآلث ار الش رعية والقانونية على العق د؛ ألن هن اك اختالف ات بني
ق وانني األح وال الشخص ية العربية تعد جوهرية يف كثري من األحي ان .وبينت
أن املص لحة يف عق ود ال زواج تقتضي األخذ بنظرية العلم ب القبول .واليت
الق ول األول :ذهب مجه ور الفقه اء من املالكي ة ،والش افعية ،واحلنابلة إىل أن
71
الق ول الث اني :م ذهب بعض الفقه اء ،وق ول للش افعية ،إىل أنه ال يصح التعاقد
وال راجح من وجهة نظ ري هو ما ذهب إليه مجهور الفقه اء الق ائلني جبواز
إبرام العقود عن طريق الكتابة مطل ًق ا؛ ألنه يدعمه الدليل ويتفق مع قواعد الشريعة
اإلس المية وأص وهلا القاض ية برفع احلرج ومبادئها اخلاصة ب العقود الدالة على أن
األساس هو الرتاضي.
-9أما حكم إبرام العقود التجارية مهاتفة فإنه إذا مت فيه اإلجياب والقبول مع بقية
الشروط املطلوبة فإنه صحيح ال غيار عليه .أما عدم رؤية أحدمها لآلخر فليس
لـه عالقة بصحة العقود وعدمها؛ ألن املطلوب يف باب العقود مساع اإلجياب
والقبول أو التقاؤمها أو إدراكهما بأي وسيلة كانت.
-10أما ما يتعلق ب اإلجراءات املرتتبة على العق ود التجارية عرب الوس ائل
أ -مجلس العقد :هو احتاد اجمللس ب أن يقع اإلجياب والقب ول يف جملس واحد
ولكن جملس التعاقد بني الغ ائبني هو جملس وص ول اخلط اب أو الرس ول،
72
الوصية من اإليصاء والوكالة والكفالة عند اجلمهور.
ب -وقت تم ام العقد :إن العقد بالكتابة ومنها التعاقد عرب الوس ائل اإللكرتونية
يتم مبج رد القب ول الص ادر من الش خص املوجه إليه وجملس وص ول اخلط اب
جـ -أما الخيارات المتعلقة بمجلس العقد ع بر الوس ائل اإللكترونية فبالنسبة
خلي ار اجمللس فإنه يعطي للمتعاق دين خي ار اجمللس وه ذا يعين أن لكل عاقد
احلق يف فسخ العقد ولو بعد إبرامه ما داما يف جملس العق د،ف إذا انفض
اجمللس بطل اخليار ،وهذا رأي الشافعية ،واحلنابلة ،وهو الراجح من وجهة
إىل أن يص در القب ول أو ينفض اجمللس ،وه ذا رأي مجه ور الفقه اء ،وك ذا
خيار القبول يكون للطرف املخاطب باإلجياب خيار القبول حلني انفضاض
اجمللس فهو غري ملزم بالقبول.
االتص ال األخ رى ينعقد من حني ص دور اإلجياب أثن اء املكاملة اهلاتفية وأنه
يس تمر ويبقى ما دام الكالم موصوالً بينهم ا ،وحيق فيه للم وجب الرجوع
عن إجيابه ما دام أنه مل يق رتن به قب ول الط رف اآلخ ر ،ويبقى جملس العقد
73
قائما ما دامت املكاملة بينهما مس تمرة ،ف إذا ما انقطعت املكاملة من قبلهما
ً
تاما اق رتن فيه
أو من قبل أح دمها أو قطعت من قبل غريمها ،وك ان العقد ً
والزما لكال الطرفني.
تاما ًالقبول باإلجياب فإن العقد يكون حينئذ ً
أما إذا انقطعت املكاملة ألي سبب من األسباب بعد صدور اإلجياب وقبل
الرج وع عن قبوله حىت ولو مت ذلك من خالل نفس املكاملة ،ذلك ألن ه ذا العقد
عن العقد أو إعراضه عنه ،حىت ولو كانت املكاملة مستمرة بينهما.
املكاملة قائمة ومس تمرة بينهم ا ،ويس تثىن من ذلك ك ون مغادرته تتعلق
74
بإحضار أمر ضروري يتعلق بإبرام العقد.
-11التعاقد عن طريق الكتابة يف العقود التجارية أخذت هبا القوانني املعاصرة مثل
-12وفيما يتعلق مبس ألة زم ان انعق اد العقد ومكانه فقد َع دَّت معظم الق وانني
املدنية التعاقد بني الغ ائبني قد مت يف املك ان والزم ان الل ذين يعلمه فيهما
ويف رتض أن املوجب قد علم ب القبول يف املك ان والزم ان الل ذين وصل إليه
فيهما هذا القبول ،وهذا يعين أهنا أخذت مبذهب العلم بالقبول .أما القانون
العلم بالقبول.
عية من التعاقد عن طريق اهلاتف وانني الوض أما فيما يتعلق مبوقف الق
والوس ائل اإللكرتونية فلم خيتلف ش راح الق انون يف حتدي دهم لطبيعة ه ذا
العقد عما ذهب إليه فقه اء الش ريعة فقد ق الوا :إن ه ذا العقد هو عقد بني
-1القرآن الكرمي.
75
-2األح وال الشخص ية يف التش ريع اإلس المي ،ال دكتور أمحد الغن دور ،ط،4
الكويت ،مكتبة الفالح1422 ،هـ2001-م.
-3األشباه والنظائر ،ابن جنيم ،القاهرة ،مؤسسة احلليب1387 ،هـ1968-م.
-4األقمار الصناعية وسفن الفضاء ،سعد شعبان ،بريوت ،دار الفكر1973 ،م.
-5اإلنصاف للمرداوي ،صححه وحققه :حممد حامد الفقي -بريوت ،دار إحياء
الرتاث العريب1376 ،هـ1957-م.
-6االتصاالت السلكية والالسلكية يف الوطن العريب ،حبث مقدم من مليسر محدون
سليمان ،بريوت ،مركز دراسات الوحدة العربية1982 ،م.
-7البحر الزخار ،البن املرتضى ،بريوت ،مؤسسة الرسالة ،د .ت.
-8بدائع الصنائع للكاساين ،القاهرة ،الطبعة اجلمالية1910 ،م ،ط ،2بريوت ،دار
الكتاب العريب1402 ،هـ1982-م.
-9بداية اجملتهد ،مصطفى البايب احلليب ،طبعة رابعة1395 ،هـ.
-10التلكس وكم بيوتر االتص االت ،وضع إداورد ج ورج،تنفيذ ف اروق الع امري،
بريوت ،دار الراتب اجلامعي1987 ،م.
-11ثقافة الكم بيوتر ال وعي والتط بيق والرتمجة ،غ ازي ج بي رت .ق ربص ،سلس لة
األحباث اللغوية1987 ،م.
-12اجلامع ألحكام القرآن ،القرطيب ،ط ،3القاهرة ،دار الكتب املصرية ،د .ت.
-13حاشية ابن عابدين ،ط ،2القاهرة ،املطبعة األمريية ،د.ت ،ط ،2القاهرة ،مطبعة
البايب احلليب1368 ،هـ1949 -م ،بريوت ،دار إحياء الرتاث العريب ،د .ت.
-14حاش ية الدس وقي على الش رح الكب ري ،الق اهرة ،مص طفى الب ايب احلل يب ،د .ت،
القاهرة ،مكتبة زهران ،د .ت.
-15حكم إجراء العقود بوسائل االتصال احلديثة ،حممد عقلة إبراهيم ،دار الضياء
للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن1406 ،هـ1986-م.
76
-16حكم التعاقد عرب أجه زة االتص ال احلديثة يف الش ريعة اإلس المية ،عب دالرزاق
اهلييت ،عمان ،دار البيارق1421 ،هـ2000-م.
-17اخلرشي على خمتصر خليل ،القاهرة1317 ،هـ ،بريوت ،دار صادر ،د.ت.
-18روضة الط البني ،للن ووي ،ط ،3ب ريوت ،املكتب اإلس المي1412 ،هـ-
1991م.
-19الروضة الندية ش رح ال درر البهي ة ،للس يد ص ديق حسن خ ان ،الق اهرة ،املطبعة
األمريية ،د .ت.
-20ال زواج والطالق يف اإلس الم ،ب دران أبوالع نني ،اإلس كندرية ،مؤسسة ش باب
جامعة اإلسكندرية ،د .ت.
-21الش رح الص غري ،لل دردير ،حتقيق كم ال وص في1410 ،هـ1989-م دار
املعارف -القاهرة.
-22ضوابط العقود ،حممود البعلي ،القاهرة ،مكتبة وهبة ،د .ت.
-23الفت اوى اهلندي ة ،الق اهرة ،املطبعة الع امرة ،د .ت ،الق اهرة ،املطبعة األمريي ة،
د.ت.
-24الفتاوى ،مجع وترتيب حممد عبدالعزيز املسند ،جملموعة علماء باإلضافة لفتاوى
اللجنة الدائمة لإلفتاء باململكة العربية السعودية ،د.ت.
-25فتح القدير ،القاهرة ،املطبعة األمريية1316 ،هـ.
-26كشاف القناع ،للبهويت ،الرياض ،مكتبة النصر احلديثة ،د .ت.
-27كيف تعمل الشبكات ،فرانك درفلرولس فريد ،ترمجة مركز التعريب والرتمجة،
بريوت ،الدار العربية للعلوم1994 ،م.
-28مب دأ الرضا يف العق ود ،علي حميي ال دين الق رة داغي ،ب ريوت ،دار البش ائر،
1985م.
-29جممع الفقه اإلس المي ق رارات وتوص يات اجملم ع ،تنس يق وتعليق عبدالس تار
77
أبوغدة ،ط ،2دمشق ،دار القلم1388 ،هـ1988-م.
-30اجملموع للنووي ،القاهرة ،مطبعة العاصمة ،د .ت ،القاهرة ،دار الطباعة املنريية،
د.ت ،املدينة املنورة ،املكتبة السلفية ،د.ت.
-31احمللى البن حزم ،القاهرة1352 ،هـ.
-32خمتصر املزين مطبوع على هامش األم ،القاهرة ،املطبعة األمريية1321 ،هـ.
-33املدخل الفقهي العام للزرقا ،ط ،2دمشق ،مطابع أ.ب األديب1967 ،م.
-34مس تجدات فقهية يف قض ايا ال زواج والطالق ،أس امة عمر األش قر ،عم ان ،دار
النفائس1420 ،هـ2000-م.
-35مشروع قانون األحوال الشخصية املوحد لإلقليمني املصري والسوري ،دمشق،
دار القلم1416 ،هـ1996-م.
-36مص ادر االل تزام يف الق انون املص ري واللبن اين ،رمض ان أبوالس عود ،د.م ،املكتبة
اجلامعية1986 ،م.
-37مصادر احلق يف الفقه اإلسالمي ،للسنهوري ،بريوت ،دار إحياء الرتاث العريب،
د.ت.
-38مغين احملتاج ،القاهرة ،مطبعة البايب احلليب ،د.ت.
-39املغين البن قدام ة ،حتقي ق :عبداهلل ال رتكي واحلل و ،الق اهرة ،مطبعة هج ر،
1410هـ1989-م.
-40املنتزع املختار ،للشيخ عبداهلل مفتاح ،القاهرة1332 ،هـ.
-41منتهى اإلرادات ،عامل الكتب.
-42املهذب للشريازي ،القاهرة ،مطبعة البايب احلليب ،د.ت.
-43املوافقات للشاطيب ،القاهرة ،املكتبة التجارية الكربى1975 ،م.
-44مواهب اجلليل للحطاب ،بريوت ،دار الفكر1398 ،هـ1978-م.
-45املوجز يف الق انون املدين الع راقي ،عبداجمليد احلكيم ،ط ،3بغ داد ،ش ركة الطبع
78
والنشر األهلية1389 ،هـ1969-م.
-46النيل وش فاء العلي ل ،مطب وع على ه امش الش رح ض ياء ال دين الثمي ين ،ط،2
بريوت ،دار الفتح1972 ،م.
-47اهلداية مع فتح القدير ،مطبعة مصطفى حممد -القاهرة.
-48الوسيط للسنهوري ،القاهرة ،دار النشر للجامعات املصرية1960 ،م.
مجــالت:
جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد السادس ،اجلزء الثاين ،جدة1410 ،هـ1990 -م.
79